مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٣

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل12%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 496

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 496 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 318790 / تحميل: 5274
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

واللسان ، جاء في وصية النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليعليه‌السلام :« لا يقبل الله دعاء قلبٍ ساهٍ » (1) .

وعن الإمام أميرالمؤمينعليه‌السلام :« لا يقبل الله عزَّ وجل دعاء قلبٍ لاهٍ » (2) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام :« إنّ الله عزَّ وجل لا يستجيب دعاءً بظهر قلبٍ قاسٍ » (3) .

17 ـ البكاء والتباكي :

خير الدعاء ما هيجه الوجد والأحزان ، وانتهى بالعبد إلىٰ البكاء من خشية الله ، الذي هو سيد آداب الدعاء وذروتها ، ذلك لأنَّ الدمعة لسان المذنب الذي يفصح عن توبته وخشوعه وانقطاعه إلىٰ بارئه ، والدمعة سفير رقّة القلب الذي يؤذن بالاخلاص والقرب من رحاب الله تعالىٰ.

قال الإمام الصادقعليه‌السلام لأبي بصير :« إنّ خفت أمراً يكون أو حاجة تريدها ، فابدأ بالله ومجّده واثني عليه كما هو أهله ، وصلِّ علىٰ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسل حاجتك ، وتباك ولو مثل رأس الذباب ، إنّ أبي كان يقول: إنّ أقرب ما يكون العبد من الرب عزَّ وجل وهو ساجد باكٍ »(4) .

وفي البكاء من خشية الله من الخصوصيات والفضائل ما لا يوجد في غيره من أنصاف الطاعات ، فهو رحمة مزجاة من الخالق العزيز لعباده تقرّبهم من منازل لطفه وكرمه ، وتتجاوز بهم عقبات الآخرة وأهوالها.

__________________________

(1) الفقيه 4 : 265.

(2) الكافي 2 : 344 / 2.

(3) الكافي 2 : 344 / 4.

(4) الكافي 2 : 350 / 10.

٤١

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :« إذا أحبّ الله عبدا نصب في قلبه نائحةً من الحزن ، فإنّ الله لا يدخل النار من بكىٰ من خشية الله حتىٰ يعود اللبن إلىٰ الضرع » (1) .

وقال الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام :« بكاء العيون وخشية القلوب من رحمة الله تعالىٰ ذكره ، فإذا وجدتموها فاغتنموا الدعاء ، ولو أنّ عبداً بكىٰ في أُمة لرحم الله تعالىٰ ذكره تلك الاُمّة لبكاء ذلك العبد » (2) .

وإذا كان البكاء يفتح القلب علىٰ الله تعالىٰ ، فإنّ جمود العين يعبّر عن قساوة القلب التي تطرد العبد من رحمة الله ولطفه وتؤدي إلىٰ الشقاء.

وكان فيما أوصىٰ به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الإمام عليعليه‌السلام :« يا علي ، أربع خصال من الشقاء : جمود العين ، وقساوة القلب ، وبُعد الأمل ، وحبّ البقاء » (3) .

واعلم أنّ البكاء إلىٰ الله سبحانه فرقاً من الذنوب وصفٌ محبوب لكنّه غير مجدٍ مع عدم الاقلاع عنها والنوبة منها.

قال سيد العابدين الإمام علي بن الحسينعليه‌السلام :« وليس الخوف من بكىٰ وجرت دموعه ما لم يكن له ورع يحجره عن معاصي الله ، وإنّما ذلك خوف كاذب » (4) .

وإذا تهيأت للدعاء ولم تساعدك العينان علىٰ البكاء ، فاحمل نفسك علىٰ البكاء وتشبّه بالباكين ، متذكراً الذنوب العظام ومنازل مشهد اليوم

__________________________

(1) عدة الداعي : 168.

(2) بحار الأنوار 93 : 336.

(3) بحار الانوار 93 : 330 / 9.

(4) عدة الداعي : 176.

٤٢

العظيم ، يوم تُبلىٰ السرائر ، وتظهر فيه الضمائر ، وتنكشف فيه العورات ، عندها يحصل لك باعث الخشية وداعية البكاء الحقيقي والرقة وإخلاص القلب.

وقد ورد في الحديث ما يدلُّ علىٰ استحباب التباكي ولو بتذكّر من مات من الأولاد والأقارب والأحبّة ، فعن إسحاق بن عمار ، قال : قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : أدعو فاشتهي البكاء ولا يجيئني ، وربما ذكرت بعض من مات من أهلي فأرقّ وأبكي ، فهل يجوز ذلك ؟

فقالعليه‌السلام :« نعم ، فتذكّرهم ، فإذا رققت فابكِ ، وادع ربك تبارك وتعالىٰ » (1) .

18 ـ العموم في الدعاء :

ومن آداب الدعاء أن لا يخصّ الداعي نفسه بالدعاء ، بل يذكر إخوانه المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات ، وهو من أهم آداب الدعاء ، لأنّه يدلّ علىٰ التضامن ونشر المودة والمحبة بين المؤمنين ، وازالة أسباب الضغينة والاختلاف فيما بينهم ، وذلك من منازل الرحمة الالهية ، ومن أقوىٰ الأسباب في استجابة الدعاء ، فضلاً عن ثوابه الجزيل للداعي والمدعو له.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :« إذا دعا أحدكم فليعمّ ، فإنّه أوجب للدعاء » (2) .

وقال الإمام الصادقعليه‌السلام :« إذا قال الرجل : اللهمّ اغفر للمؤمنين

__________________________

(1) الكافي 2 : 350 / 7.

(2) الكافي 2 : 354 / 1.

٤٣

والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم وجميع الأموات ؛ ردّ الله عليه بعدد ما مضىٰ ومن بقي من كل إنسان دعوة » (1) .

وقالعليه‌السلام :« دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب يدرُّ الرزق ويدفع المكروه » (2) .

19 ـ التضرُّع ومدّ اليدين :

ومن آداب الدعاء إظهار التضرع والخشوع ، قال تعالىٰ :( وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً ) (3) ، وقد ذمّ الله تعالىٰ الذين لا يتضرعون إليه ، قال تعالىٰ :( وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ) (4) .

عن محمد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله عزَّ وجل :( فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ) فقالعليه‌السلام :« الاستكانة هي الخضوع ، والتضرُّع هو رفع اليدين والتضرُّع بهما » (5) .

وعن الإمام الحسينعليه‌السلام قال :« كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يرفع يديه إذ ابتهل ودعا كما يستطعم المسكين » (6) .

وروي أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يتضرّع عند الدعاء حتىٰ يكاد يسقط رداؤه(7) .

__________________________

(1) بحار الأنوار 93 : 391 / 24.

(2) الكافي 2 : 368 / 2. وأمالي الصدوق : 369 / 1.

(3) سورة الأعراف : 7 / 205.

(4) سورة المؤمنين : 23 / 76.

(5) الكافي 2 : 348 / 2 ، 349 / 6.

(6) بحار الأنوار 93 : 339 / 9.

(7) بحار الأنوار 93 : 339 / 10.

٤٤

والتضرُّع من أسباب استجابة الدعاء ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :« إنّ الله يستحي من العبد أن يرفع إليه يديه فيردّهما خائبتين » (1) .

والعلّة في رفع اليدين هي إظهار الاستكانة والفاقة بين يديه تبارك وتعالى.

وقد سأل أبو قُرّة الإمام الرضاعليه‌السلام : ما بالكم إذا دعوتم رفعتم أيديكم إلىٰ السماء ؟

فقال أبو الحسن الرضاعليه‌السلام :« إنّ الله استعبد خلقه بضروب من العبادة... واستعبد خلقه عند الدعاء والطلب والتضرُّع ببسط الأيدي ورفعهما إلىٰ السماء لحال الاستكانة وعلامة العبودية والتذلل له » (2) .

ولليدين وظائف وهيئات في الدعاء تتغير حسب حال الداعي في الرغبة والرهبة والتضرُّع والتبتُّل والابتهال ، قال الإمام الصادقعليه‌السلام :« الرغبة : تبسط يديك وتظهر باطنهما ، والرهبة : بسط يديك وتظهر ظهرهما ، والتضرُّع : تحرّك السبابة اليمنىٰ يميناً وشمالاً ، والتبتّل : تحرّك السبابة اليسرىٰ ترفعها في السماء رسلاً وتضعها ، والابتهال : تبسط يديك وذراعيك إلىٰ السماء ، والابتهال حين ترىٰ أسباب البكاء » (3) .

ويكره أن يرفع الداعي بصره إلىٰ السماء ، لما روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام عن آبائهعليهم‌السلام ، قال :« مرّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علىٰ رجل وهو رافع بصره

__________________________

(1) بحار الأنوار 93 : 365 / 11.

(2) الاحتجاج : 407.

(3) الكافي 2 : 348 / 4.

٤٥

إلىٰ السماء يدعو ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : غضّ بصرك ، فانك لن تراه » (1) .

20 ـ الأسرار بالدعاء :

ويستحب أن يدعو الإنسان خُفية ليبتعد عن مظاهر الرياء التي تمحق الأعمال وتجعلها هباءً منثوراً ، قال تعالىٰ :( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ) (2) .

قال الإمام الرضاعليه‌السلام :« دعوة العبد سراً دعوة واحدة تعدل سبعين دعوة علانية » .

وفي رواية اُخرىٰ :« دعوة تخفيها أفضل عند الله من سبعين دعوة تظهرها » (3) .

21 ـ التلبّث بالدعاء :

ومن آداب الدعاء أن لا يستعجل الداعي في الدعاء ، بل يدعو مترسّلاً ، ذلك لأنّ العجلة تنافي حالة الاقبال والتوجه إلىٰ الله تعالىٰ ، وما يلزم ذلك من التضرُّع والرقة ، كما أن العجلة قد تؤدي إلىٰ ارتباك في صورة الدعاء أو نسيان لبعض أجزائه.

قال الإمام الصادقعليه‌السلام :« إنّ رجلاً دخل المسجد فصلىٰ ركعتين ، ثم سأل الله عزَّ وجلّ ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عجّل العبد ربّه ، وجاء آخر فصلىٰ ركعتين ثم أثنىٰ علىٰ الله عزَّ وجل وصلىٰ علىٰ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال رسول

__________________________

(1) بحار الأنوار 93 : 307 / 4.

(2) سورة الاعراف : 7 / 55.

(3) الكافي 2 : 345 ـ 346 / 1.

٤٦

الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : سل تعط » (1) .

وقالعليه‌السلام :« إنّ العبد إذا عجّل فقام لحاجته ، يقول الله تبارك وتعالىٰ : أما يعلم عبدي أني أنا الله الذي أقضي الحوائج » (2) .

وقالعليه‌السلام :« إنّ العبد إذا دعا لم يزل الله تبارك وتعالىٰ في حاجته مالم يستعجل » (3) .

22 ـ عدم القنوط :

وعلىٰ الداعي أن لا يقنط من رحمة الله ، ولا يستبطىء الاجابة فيترك الدعاء ، لأنّ ذلك من الآفات التي تمنع ترتّب أثر الدعاء ، وهو بذلك أشبه بالزارع الذي بذر بذراً فجعل يتعاهده ويرعاه ، فلمّا استبطأ كماله وإدراكه تركه وأهمله.

عن أبي بصير ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال :« لا يزال المؤمن بخير ورجاء رحمة من الله عزَّ وجل ما لم يستعجل فيقنط ويترك الدعاء » .

قلتُ : كيف يستعجل ؟

قالعليه‌السلام :يقول قد دعوت منذ كذا وكذا وما أرىٰ الاجابة » (4) .

وعليه يجب علىٰ الداعي أن يفوّض أمره إلىٰ الله ، واثقاً بربه ، راضياً بقضائه سبحانه ، وأن يحمل تأخر الاجابة علىٰ المصلحة والخيرة التي

__________________________

(1) الكافي 2 : 352 / 6.

(2) الكافي 2 : 344 / 2.

(3) الكافي 2 : 344 / 1.

(4) الكافي 2 : 355 / 8.

٤٧

حباها إياه مولاه ، وأن يبسط يد الرجاء معاوداً الدعاء لما فيه من الأجر الكريم والثواب الجزيل.

جاء في وصية الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام لابنه الإمام الحسنعليه‌السلام :« فلا يقنطك إبطاء إجابته ، فإنّ العطية علىٰ قدر النية ، وربما أُخرت عنك الاجابة ليكون ذلك أعظم لأجر السائل ، وأجزل لعطاء الآمل ، وربما سألت الشيء فلا تؤتاه وأُوتيت خيرا منه عاجلاً أو آجلاً ، أو صرف عنك لما هو خير لك ، فلرب أمر قد طلبته فيه هلاك دينك لو أوتيته » (1) .

23 ـ الالحاح بالدعاء :

وعلىٰ الداعي أن يواظب علىٰ الدعاء والمسألة في حال الإجابة وعدمها ؛ لأنّ ترك الدعاء مع الاجابة من الجفاء الذي ذمّه تعالىٰ في محكم كتابه بقوله :( وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ ) (2) .

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام لرجل يعظه :« لا تكن ممن... إنّ أصابه بلاء دعا مضطراً ، وإن ناله رخاء أعرض مغتراً » (3) .

أما في حال تأخر الاجابة فيجب معاودة الدعاء وملازمة المسألة ، لفضيلة الدعاء في كونه مخّ العبادة ، ولأنّه سلاح المؤمن الذي يقيه شر أعدائه من الشيطان وحب الدنيا وهوىٰ النفس والنفس الامارة ، ولربما كان تأخير الاجابة لمصالح لا يعلمها إلّا من يعلم السرّ وأخفىٰ ، فيكون

__________________________

(1) نهج البلاغة ، الكتاب (31).

(2) سورة الزمر : 39 / 8.

(3) نهج البلاغة ، الحكمة (150).

٤٨

الدعاء خيراً للعبد في الآجلة ، أو يدفع عنه بلاءً مقدراً لا يعلمه في العاجلة ، ولعلّ تأخير الاجابة لمنزلته عند الله سبحانه ، فهو يحب سماع صوته والاكثار من دعائه ، فعليه أن لا يترك ما يحبه الله سبحانه.

روي عن الإمام الباقرعليه‌السلام أنّه قال :« إنّ المؤمن يسأل الله عزَّ وجلّ حاجة فيؤخر عنه تعجيل اجابته حبّا لصوته واستماع نحيبه » (1) .

وعليه يجب الالحاح بالدعاء في جميع الأحوال ، ولما في ذلك من الرحمة والمغفرة واستجابة الدعوات.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :« رحم الله عبداً طلب من الله عزَّ وجلَّ حاجةً فألحّ في الدعاء ، استجيب له أو لم يستجب » (2) .

وعن الإمام أبي جعفر الباقرعليه‌السلام أنّه قال :« والله لا يلحُّ عبد مؤمن علىٰ الله عزَّ وجلّ في حاجته إلّا قضاها له » (3) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام :« إنّ عزَّ وجلّ كره إلحاح الناس بعضهم علىٰ بعض في المسألة ، وأحبّ ذلك لنفسه ، إنّ الله عزَّ وجل يحبّ أن يُسأل ويُطلب ما عنده » (4) .

24 ـ التقدّم في الدعاء :

ومن آداب الدعاء أن يدعو العبد في الرخاء علىٰ نحو دعائه في

__________________________

(1) الكافي 2 : 354 / 1. وقرب الاسناد : 171.

(2) الكافي 2 : 345 / 6.

(3) الكافي 2 : 345 / 3.

(4) الكافي 2 : 345 / 4.

٤٩

الشدة ، لما في ذلك من الثقة بالله والانقطاع إليه ، ولفضله في دفع البلاء واستجابة الدعاء عند الشدة.

قال الإمام الصادقعليه‌السلام :« من سرّه أن يستجاب له في الشدة ، فليكثر الدعاء في الرخاء » (1) .

وكان من دعاء الإمام السجادعليه‌السلام :« ولا تجعلني ممّن يبطره الرخاء ، ويصرعه البلاء ، فلا يدعوك إلّا عند حلول نازلة ، ولا يذكرك إلّا عند وقوع جائحة ، فيضرع لك خدّه ، وترفع بالمسألة إليك يده » (2) .

25 ـ التختم بالعقيق والفيروزج :

ويستحب في الدعاء لبس خاتم من عقيق أو من فيروزج ، لقول الإمام الصادقعليه‌السلام :« ما رفعت كفّ إلىٰ الله عزَّ وجل أحبُّ إليه من كفّ فيها عقيق » (3) .

ولقولهعليه‌السلام :« قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قال الله عزَّ وجلّ : إنّي لأستحي من عبد يرفع يده وفيها خاتم فيروزج فأردّها خائبة » (4) .

26 ـ الآداب المتأخرة عن الدعاء :

وهناك جملة آداب متأخرة عن الدعاء ، أكدت عليها النصوص الإسلامية ، وفيما يلي أهمها :

__________________________

(1) الكافي 2 : 343 / 4.

(2) بحار الأنوار 94 : 130.

(3) عدة الداعي : 129.

(4) بحار الأنوار 93 : 321.

٥٠

أ ـ أن يقول الداعي ما شاء الله لا قوة إلّا بالله :

يستحب أن يقال بعد الدعاء : ( ما شاء الله ، لا قوة إلّا بالله ) وفي هذه الكلمة فضل عظيم لما تنطوي عليه من إقرار العبد بالمشيئة المطلقة وانقطاعه عن جميع الأسباب وتعلّقه بحول الله وقوته.

قال الإمام الصادقعليه‌السلام :« إذا دعا الرجل فقال بعدما دعا : ما شاء الله ، لا حول ولا قوة إلّا بالله ، قال الله عزَّ وجل : استبسل عبدي واستسلم لأمري ، اقضوا حاجته » (1) .

وعنهعليه‌السلام :« ما من رجل دعا فختم دعاءه بقول : ما شاء الله لا قوة إلّا بالله ، إلّا أُجيب صاحبه » (2) .

ب ـ الصلاة علىٰ النبي وآله :

قال الإمام الصادقعليه‌السلام :« من كانت له إلىٰ الله عزَّ وجل حاجة فليبدأ بالصلاة علىٰ محمد وآله ، ثمّ يسأل حاجته ، ثمّ يختم بالصلاة علىٰ محمد وآل محمد ، فإنّ الله عزَّ وجل أكرم من أن يقبل الطرفين ويدع الوسط » (3) .

جـ ـ مسح الوجه والرأس باليدين :

ومن الآداب المتأخرة عن الدعاء أن يمسح الداعي وجهه ورأسه بيديه.

قال الإمام الصادقعليه‌السلام :« ما أبرز عبد يده إلىٰ الله العزيز الجبار إلّا

__________________________

(1) الكافي 2 : 378 / 1.

(2) أمالي الصدوق : 166 / 6.

(3) الكافي 2 : 358 / 16.

٥١

استحيا الله عزَّ وجل أن يردّها صفراً حتىٰ يجعل فيها من فضل رحمته ما يشاء ، فإذا دعا أحدكم فلا يردّ يده حتىٰ يمسح علىٰ وجهه ورأسه » (1) .

وفي دعائهمعليهم‌السلام :« ولم ترجع يد طالبة صفرا من عطائك ، ولا خائبة من نحل هباتك » (2) .

د ـ ويستحب أن يقول الداعي في حال استجابة دعائه : الحمدُ الذي بعزته تتمّ الصالحات(3) ، وأن يصلي صلاة الشكر(4) ، وإذا أبطأت عليه الإجابة فليقل : الحمدُ لله علىٰ كلِّ حال ، وأن لا يسأم من الدعاء(5) .

__________________________

(1) الكافي 2 : 342 / 2. والفقيه 1 : 213 / 953.

(2) عدة الداعي : 210.

(3) بحار الأنوار 93 : 370 / 9.

(4) بحار الأنوار 95 : 451 ، وفيه تفصيل لصلاة الشكر وما يقال فيها من ثناء ودعاء.

(5) بحار الأنوار 93 : 370 / 9.

٥٢

الفصل الثالث

استجابة الدعاء

ليس ثمة لذة أعظم من لذة المؤمن وسعادته حينما يرىٰ آثار عمله وإيمانه المترتّبة في استجابة دعائه ، ذلك لأنّه يحسّ بأنّه موضع لطف بارئه تعالىٰ وعنايته ، وأنّه في ارتباط مباشر مع خالقه ، تلك سعادة ليس فوقها سعادة :« وأنلني حسن النظر في ما شكوت ، وأذقني حلاوة الصنع في ما سألت » (1) .

ولكي نعيش لحظات تلك البهجة ونذوق حلاوة السرور ، علينا أن نتعرف علىٰ العوامل المؤثرة في استجابة الدعاء ، فقد يظنّ البعض أنّ السر في استجابة الدعاء يكمن في لفظ الدعاء مجرداً عن باقي العوامل الاُخرىٰ ، فكثيراً ما نجد بعض الناس يتناقلن قطعاً من الدعاء المأثور التي هي مظنّة الاجابة أو نصّ علىٰ أنها تحتوي علىٰ اسم الله الأعظم ، لكنهم يدعون بها فلا يستجاب لهم ، ذلك لأنّهم يأخذون لفظ الدعاء مجرداً عن الشروط والآداب التي يجب أن تقارن الداعي فيستجاب دعاؤه.

الدعاء سلاح المؤمن وجنّته الواقية وسهام الليل التي يسدّدها كيفما

__________________________

(1) بحار الأنوار 95 : 230 / 27 من دعاء الإمام أبي الحسن الهاديعليه‌السلام .

٥٣

يشاء ، والسلاح بضاربه لا بحدّه وحسب ، فإذا كان الفارس قوياً شجاعاً ويمتلك الجرأة والاقدام وكان سلاحه تاماً لا عيب فيه ، استطاع النكاية في العدو ، وإلّا فقد تخلّف الأثر ، وكذلك يحصل الأثر من الدعاء ، فإذا راعي الداعي الآداب والشروط التي نصّت عليها الآيات القرآنية والسُنّة المباركة ، والتزم بالعوامل المؤثرة في استجابة الدعاء ، وانقطع إلىٰ ربّه تعالىٰ متخلياً عن جميع الأسباب الاُخرىٰ ، غير معوّل في تحصيل المطلوب علىٰ غير الله تعالىٰ ، ثم دعا الله تعالىٰ بلسانٍ يقرأ ما في صحيفة القلب ، فإنّ دعاءه مستجاب بإذن الله.

العوامل المؤثرة في استجابة الدعاء :

فيما يلي نذكر أهم العوامل ذات الصلة في تحصيل أثر الدعاء :

1 ـ مراعاة الشروط والآداب الخاصة بالدعاء :

وقد ذكرناها في الفصل الثاني ، ونذكر هنا حديثا مهما عن الإمام الصادقعليه‌السلام يفيد التذكير بها.

عن عثمان بن عيسىٰ ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله الصادقعليه‌السلام قال : قلت له : آيتان في كتاب الله لا أدري ما تأويلهما ؟

فقال : «وما هما ؟ قال: قلت: قوله تعالىٰ :( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) (1) ثم أدعو فلا أرىٰ الاجابة !

قال : فقال لي :أفترىٰ الله تعالىٰ أخلف وعده ؟ قال : قلت : لا.

__________________________

(1) سورة غافر : 40 / 60.

٥٤

قال :فمه ؟ قلت : لا أدري...

فقال :لكني أُخبرك إن شاء الله تعالىٰ ، أما إنّكم لو أطعتموه فيما أمركم به ثمّ دعوتموه لأجابكم ، ولكن تخالفونه وتعصونه فلا يجيبكم ، ولو دعوتموه من جهة الدعاء لأجابكم.

قال : قلت : وما جهة الدعاء ؟

قال :إذا أديت الفريضة مجّدت الله وعظّمته وتمدحه بكلّ ما تقدر عليه ، وتصلّي علىٰ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتجتهد في الصلاة عليه وتشهد له بتبليغ الرسالة ، وتصلّي علىٰ أئمة الهدىٰ عليهم‌السلام ، ثمّ تذكر بعد التحميد لله والثناء عليه والصلاة علىٰ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما أبلاك وأولاك ، وتذكر نعمه عندك وعليك ، وما صنع بك فتحمده وتشكره علىٰ ذلك ، ثم تعترف بذنوبك ذنب ذنب وتقرّ بها أو بما ذكرت منها ، وتجمل ما خفي عليك منها ، فتتوب إلىٰ الله من جميع معاصيك وأنت تنوي ألّا تعود ، وتستغفر الله منها بندامة وصدق نية وخوف ورجاء ، ويكون من قولك : « اللهمّ إني أعتذر إليك من ذنوبي ، واستغفرك وأتوب إليك ، فأعنّي علىٰ طاعتك ، ووفقني لما أوجبت عليَّ من كلِّ ما يرضيك ، فانّي لم أرَ أحداً بلغ شيئاً من طاعتك إلّا بنعمتك عليه قبل طاعتك ، فأنعم عليَّ بنعمة أنال بها رضوانك والجنة » ثمّ تسأل بعد ذلك حاجتك ، فإنّي أرجو أن لا يخيّبك إن شاء الله تعالىٰ... (1) .

2 ـ فقدان موانع الاجابة :

ومن الشروط المهمة التي يجب أن يراعيها الداعي ، هو إزالة الحجب

__________________________

(1) بحار الانوار 93 : 320.

٥٥

والموانع التي تحول دون صعود الدعاء ، كاقتراف المعاصي وأكل الحرام والظلم وعقوق الوالدين وغيرها من الذنوب التي تحبس الدعاء ، ولا يتهيأ للداعي معها الاقبال علىٰ ربِّه ، والاقبال هو الشرط الأساس في استجابة الدعاء ، يقول أمير المؤمنينعليه‌السلام :« خير الدعاء ما صدر عن صدر نقيّ وقلب تقيّ » (1) .

وفيما يلي أهم الموانع التي تحبس الدعاء :

أ ـ اقتراف الذنوب والمعاصي :

قال الإمام أبو جعفرعليه‌السلام :« إنّ العبد يسأل الله الحاجة فيكون من شأنه قضاؤها إلىٰ أجل قريب ، أو إلىٰ وقت بطيء ، فيذنب العبد ذنبا فيقول الله تبارك تعالىٰ للمك : لا تقض حاجته واحرمه إياها ، فإنّه تعرّض لسخطي ، واستوجب الحرمان مني » (2) .

ومن دعاء أمير المؤمنينعليه‌السلام :« اللهمّ إنّي أعوذ بك من ذنبٍ يحبط العمل ، وأعوذ بك من ذنبٍ يعجّل النقم ، وأعوذ بك من ذنبٍ يمنع الدعاء » (3) .

وعن الإمام زين العابدينعليه‌السلام :« والذنوب التي ترد الدعاء : سوء النية ، وخبث السريرة ، والنفاق ، وترك التصدق بالاجابة ، وتأخير الصلوات المفروضات حتىٰ تذهب أوقاتها ، وترك التقرّب إلىٰ الله عزَّ وجل بالبرّ __________________________

(1) الكافي 2 : 340 / 2.

(2) الكافي 2 : 208 / 14.

(3) بحار الأنوار 94 : 93 / 9.

٥٦

والصدقة ، واستعمال البذاء والفحش في القول » (1) .

ب ـ أكل الحرام :

ورد في الحديث القدسي :« فمنك الدعاء وعليَّ الإجابة ، فلا تُحجب عنّي دعوة إلّا دعوة آكل الحرام » (2) .

وروي أنّه قال رجل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا رسول الله أحبُّ أن يستجاب دعائي ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :« طهّر مأكلك ، ولا تدخل بطنك الحرام » (3) .

وعن الإمام أبي عبداللهعليه‌السلام :« من سرّه أن تستجاب له دعوته ، فليطب مكسبه » (4) .

جـ ـ عقوق الوالدين وقطيعة الرحم :

قال الإمام زين العابدينعليه‌السلام :« والذنوب التي تردُّ الدعاء وتظلم الهواء عقوق الوالدين » (5) .

وعن الإمام أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ، قال:« لاتملّ من الدعاء ، فإنّه من الله عزَّ وجلَّ بمكان، وعليك بالصبر وطلب الحلال وصلة الرحم » (6) .

__________________________

(1) معاني الأخبار : 271.

(2) بحار الأنوار 93 : 373.

(3) عدة الداعي : 139.

(4) الكافي 2 : 353 / 9.

(5) معاني الأخبار : 270.

(6) الكافي 2 : 354 / 1. وقرب الاسناد : 171.

٥٧

3 ـ ترصّد الأزمنة الخاصة :

لا بدّ للداعي أن يراعي اختيار الأوقات التي هي مظنّة الاجابة ، فمن تأمل النصوص الإسلامية يلاحظ أنّ الأوقات ليست كلّها سواء ، فمنها ما تفتح فيها أبواب السماء ولا يحجب فيها الدعاء ومنها ما تستنزل فيها الرحمة أكثر من غيرها ، وفيما يلي أهم الأوقات التي ترجىٰ فيها الاجابة :

أ ـ جوف الليل :

جعل الله تعالىٰ لساعات النصف الثاني من الليل من البركة والرحمة ما لم يجعله في الساعات الاُخرىٰ من الليل والنهار ، ففي هذا الوقت يستولي النوم علىٰ غالب الناس ، فيتمكن أولياء الله تعالىٰ من الاقبال عليه بالدعاء والذكر والانقطاع إليه بعيداً عن زحمة الحياة ومشاغلها ، فهذا الوقت إذن هو وقت الخلوة وفراغ القلب للعبادة والدعاء ، وهو يشتمل علىٰ مجاهدة النفس ومهاجرة الرقاد ومباعدة وثير المهاد والانقطاع إلىٰ الواحد الأحد.

عن نوف البكالي ـ في حديث ـ قال : رأيت أمير المؤمنينعليه‌السلام ذات ليلة وقد خرج من فراشه وقال لي :« يا نوف ، إنّ داود عليه‌السلام قام في مثل هذه الساعة من الليل فقال: إنّها ساعة لا يدعو فيها عبدٌ إلّا استُجيب له » (1) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام ، قال :« كان فيما ناجىٰ به موسىٰ بن عمران عليه‌السلام أن قال له : يا بن عمران ، كذب من زعم أنّه يحبّني فإذا جنّه الليل نام عني ، أليس كلّ محبّ يحبّ خلوة حبيبه ؟ ها أنا يا بن عمران مطّلع علىٰ أحبّائي

__________________________

(1) نهج البلاغة ، الحكمة (104).

٥٨

إذا جنّهم الليل حوّلت أبصارهم في قلوبهم ، ومثلت عقوبتي بين أعينهم ، يخاطبوني عن المشاهدة ، ويكلموني عن الحضور.

يا بن عمران ، هب لي من قلبك الخشوع ، ومن بدنك الخضوع ، ومن عينيك الدموع ، وادعني في ظلم الليل ، فإنّك تجدني قريبا مجيباً »(1) .

وعن عبدة السابوري ، قال : قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : إنّ الناس يروون عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال :« إنّ في الليل لساعة لا يدعو فيها عبد مؤمن بدعوة إلّا استجيب له ؟ قال :نعم .

قلتُ : متىٰ هي ؟ قال :ما بين نصف الليل إلىٰ الثلث الباقي .

قلتُ : ليلة من الليالي أو كلّ ليلة ؟ فقال :كل ليلة (2) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال :« من قام من آخر الليل فتطهّر وصلّىٰ ركعتين وحمد الله وأثنىٰ عليه ، وصلّىٰ علىٰ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لم يسأل الله شيئاً إلّا أعطاه ، إمّا أن يعطيه الذي يسأله بعينه ، وإمّا أن يدّخر له ما هو خير له منه » (3) .

ب ـ زوال الشمس :

عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال :« كان أبي إذا طلب الحاجة طلبها عند زوال الشمس ، فإذا أراد ذلك قدّم شيئاً فتصدق به ، وشمّ شيئاً من طيب ،

__________________________

(1) أمالي الصدوق : 292 / 1.

(2) التهذيب 2 : 118 / 444. وأمالي الطوسي 1 : 148.

(3) الكافي 3 : 468 / 5.

٥٩

وراح إلىٰ المسجد ، ودعا في حاجته بما شاء الله » (1) .

وعنهعليه‌السلام قال :« إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء ، وأبواب الجنان ، وقضيت الحوائج العظام ، فقيل لهعليه‌السلام : من أي وقت ؟ قالعليه‌السلام :مقدار ما يصلي الرجل أربع ركعات مترسّلاً » (2) .

جـ ـ الوتر والسحر وما بين طلوع الفجر إلىٰ طلوع الشمس :

روي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال :« خير وقت دعوتم الله عزَّ وجلّ فيه الأسحار ، وتلا هذه الآية في قول يعقوب عليه‌السلام : ( سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي ) (3) ، قال : أخّرهم إلىٰ السحر » (4) .

وقال الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام :« أجيبوا داعي الله ، واطلبوا الرزق فيما بين طلوع الفجر إلىٰ طلوع الشمس ، فإنّه أسرع في طلب الرزق من الضرب في الأرض ، وهي الساعة التي يقسّم فيها الرزق بين عباده... توكّلوا علىٰ الله عند ركعتي الفجر إذا صليتموها ، ففيها تُعطوا الرغائب » (5) .

وقال الإمام أبو جعفرعليه‌السلام :« إنّ الله عزَّ وجل يحبُّ من عباده المؤمنين كلّ دعاءٍ ، فعليكم بالدعاء في السحر إلىٰ طلوع الشمس ، فإنّها ساعة تفتح فيها أبواب السماء ، وتقسم فيها الأرزاق ، وتقضىٰ فيها الحوائج العظام » (6) .

__________________________

(1) الكافي 2 : 347 / 7.

(2) عدة الداعي : 54.

(3) سورة يوسف : 12 / 98.

(4) الكافي 2 : 346 / 6.

(5) الخصال : 615.

(6) الكافي 6 : 347 / 9.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

والله لا أغيّر شيئاً من صدقة رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) عن حالها التي كان عليها في عهد رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ، ولأعملنّ فيها بما عمل به رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) .

فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئاً ، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت ، وعاشت بعد النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) ستة أشهر ، فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلاً ولم يؤذن بها أبا بكر ، وصلى عليها.

وكان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة ، فلما توفيت استنكر علي وجوه الناس ، فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته ولم يكن يبايع تلك الأشهر ، فأرسل إلى أبي بكر : أن إئتنا ولا يأتنا أحد معك ـ كراهية لمحضر عمر ـ فقال عمر : لا والله لا تدخل عليهم وحدك ، فقال أبو بكر : وما عسيتهم أن يفعلوا بي ، والله لآتينّهم.

فدخل عليهم أبو بكر ، فتشهد علي فقال : إنّا قد عرفنا فضلك وما أعطاك الله ، ولم ننفس عليك خيراً ساقه الله إليك ، ولكنك استبددت علينا بالأمر ، وكنّا نرى لقرابتنا من رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) نصيباً ، حتى فاضت عينا أبي بكر ، فلما تكلم أبو بكر قال : والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) أحبّ إليّ أن أصل من قرابتي ، وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال ، فلم آل فيها عن الخير ، ولم أترك أمراً رأيت رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) يصنعه فيها إلا صنعته.

فقال علي لأبي بكر : موعدك العشية للبيعة ، فلما صلّى أبو بكر الظهر رقى على المنبر فتشهد وذكر شأن علي وتخلّفه عن البيعة وعذَرَه بالذي اعتذر إليه ، ثم استغفر ، وتشهد علي فعظّم حق أبي بكر ، وحدث أنه لم يحمله على الذي صنع نفاسةً على أبي بكر ، ولا إنكاراً للذي فضله الله به ، ولكنا نرى لنا في هذا الأمر نصيباً ، فاستبدّ علينا ، فوجدنا في أنفسنا ، فسُر بذلك المسلمون وقالوا : أصبت ، وكان المسلمون إلى علي قريباً حين راجع الأمر بالمعروف.

فهذا الخبر مر نحوه عن عبد الرزاق بسنده عن ابن شهاب ـ الزهري ـ عن

٢٦١

عروة عن عائشة ، وأشرنا تعقيباً عليه أنّ أحمد في مسنده ، والبخاري في صحيحه أوردا الخبر بصورة مهينة ومشينة ، وذكرنا أنّها رواية البخاري(1) في باب مناقب قرابة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولم نشر إلى ما ذكرناه هنا من روايته الثانية بسنده الآخر عن الزهري.

ومع أنها أوفى مما ذكره في باب مناقب قرابة رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ، ففيها تفاوت وفجوات وتساؤلات ، والحديث كله عن الزهري عن عروة عن عائشة ، فلماذا الاختلاف والتفاوت ؟

النص الثالث : أخرج في كتاب الفرائض باب قول النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : لا نورّث ما تركنا صدقة(2) .

قال : حدّثنا عبد الله بن محمد ، حدّثنا هشام ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة أنّ فاطمة والعباسعليهما‌السلام أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ، وهما حينئذٍ يطلبان أرضيهما من فدك ، وسهمهما من خيبر ، فقال لهما أبو بكر : سمعت رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) يقول : لا نورّث ما تركنا صدقة ، إنّما يأكل آل محمد من هذا المال ، قال أبو بكر : والله لا أدع أمراً رأيت رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) يصنعه فيه إلا صنعته ، قال : فهجرته فاطمة فلم تكلمه حتى ماتت.

فهذا الخبر ترويه عائشة كسائر المروي عنها في هذا الباب ، ولا يتفق فيه خبران على صيغة واحدة ، واللافت للنظر في هذه الصورة قولها : ( وهما حينئذٍ يطلبان أرضيهما من فدك ، وسهمهما من خيبر ) وهو يدل على أنّه كانت لكل من فاطمة والعباس أرض مختصة بهما ، ولذا صحت الإضافة إليهما.

كما دلّ على أنّ لكل منهما سهم من خيبر منذ عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأخذ ذلك أبو بكر واستولى عليه فجاءا يطلبان ذلك ، فذكر لهما ما رواه عن سماعه لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول :

__________________

(1) المصدر نفسه 5 : 20 ، باب مناقب قرابة رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم ).

(2) المصدر نفسه ، كتاب الفرائض 8 : 149.

٢٦٢

لا نورّث ما تركنا صدقة ، ولم تذكر لنا عائشة عن فاطمة والعباس ردّهما على ذلك لا نفياً ولا إثباتاً ، واكتفى الراوي بقوله : فهجرته فاطمة فلم تكلمه حتى ماتت.

ولدى مراجعة شروح البخاري كالفتح للعسقلاني ، والإرشاد للقسطلاني ، والدراري للكرماني ، فلم نجد فيها ما يفسّر لنا المراد من قول عائشة : ( وهما حينئذٍ يطلبان أرضيهما من فدك ، وسهمهما من خيبر ) وكيف يصح أن يأخذ أبو بكر أرض القرابة المختصة بهم ، ومالهم من سهم في خيبر بحجة رواية : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ) فإنّ ذلك ليس من الصدقات في شيء ، ولا من الميراث بل هو من مختصاتهم ، كسائر مختصات باقي الناس التي يملكونها.

ثم ما بال أبي بكر لم يخضع سهام باقي الصحابة في خيبر لحجته المزعومة : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ) فيستولي عليها كما استولى على أرضي فاطمة والعباس وسهمهما من خيبر ؟ فإنّ ذكر مقاسم خيبر وأموالها بعد فتحها ذكرته كتب السيرة ، كسيرة ابن إسحاق ، وعنها سيرة ابن هشام وغيرهما ، وجاء فيها : ( وكانت عدة الذين قُسّمت عليهم خيبر من أصحاب رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ألف سهم وثمان مئة سهم ، رجالهم وخيلهم ، الرجال أربع عشرة مئة ، والخيل مِئتا فارس ، فكان لكل فرس سهمان ولفارس سهم ، وكان لكل راجل سهم ، فكان لكل منهم رأس جُمع إليه مئة رجل ، فكانت ثمانية عشر سهماً جُمع ).

قال ابن إسحاق : فكان علي بن أبي طالب رأساً ، والزبير بن العوام ، وطلحة بن عبيد الله ، وعمر بن الخطاب ، وعبد الرحمن بن عوف ، وعاصم بن عدي أخو بني العجلان ، وأسيد بن حضير ، وسهم الحارث بن الخزرج ، وسهم ناعم ، وسهم بني بياضة ، وسهم بني عبيد ، وسهم بني حرام من بني سلمة ، وعبيد السهام ـ قال ابن هشام : إنّما قيل له عبيد السهام لما اشترى من السهام يوم خيبر ـ وسهم ساعدة ، ومنهم غفار وأسلم ، وسهم النجار ومنهم حارثة ، وسهم أوس.

٢٦٣

واستمر ابن هشام نقلاً عن ابن إسحاق بتفصيل كيفية استخراج السهام يومئذٍ إلى أن قال : ( ثم قسّم رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) الكتيبة ـ وهي وادي خاص ـ بين قرابته وبين نسائه ، وبين رجال المسلمين ونساء أعطاهم منها ، فقسم رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) لفاطمة ابنته مئتي وسق ، ولعلي بن أبي طالب مئة وسق ، ولأسامة بن زيد مئتي وسق ، وخمسين وسقاً من نوى ، ولعائشة أم المؤمنين مئتي وسق ، ولأبي بكر بن أبي قحافة مئة وسق ، ولعقيل بن أبي طالب مئة وسق وأربعين وسقاً ، ولبني جعفر خمسين وسقاً ).

ثم ساق أسماء من أعطاهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رجالاً ونساءً إلى أن قال ابن هشام : قمح وشعير وتمر ونوى ، وغير ذلك ، قسمه على قدر حاجتهم ، وكانت الحاجة في بني عبد المطلب أكثر ، ولهذا أعطاهم أكثر(1) .

النص الرابع : أخرج في كتاب فرض الخمس(2) ، حديث مالك بن أوس بن الحدثان في خصومة علي والعباس في الفيء مرتين ، وبين الصورتين تفاوت في اللفظ والسند ، كما أنّ فيهما معاً نقص متعمّد ، كما سيأتي التصريح بذلك نقلاً عن ابن حجر في فتح الباري ، وإلى القارئ صورة الحديث كما في كتاب فرض الخمس ، وما بين القوسين من روايته الثانية ، قال البخاري :

حدّثنا إسحاق بن محمد الفروي ، حدّثنا مالك بن أنس ، عن ابن شهاب ، عن مالك بن أوس بن الحدثان ، وكان محمد بن جبير ذكر لي ذكراً من حديثه ذلك ، فانطلقت حتى أدخل على مالك بن أوس ، فسألته عن ذلك الحديث ، فقال مالك : بينا أنا جالس في أهلي حين متع النهار ، إذا رسول عمر بن الخطاب يأتيني فقال : أجب أمير المؤمنين ، فانطلقت معه حتى أدخل على عمر ، فإذا هو جالس على رحال سرير ليس بينه وبينه فراش ، متكئ على وسادة من أدم ، فسلّمت عليه ثم جلست ، فقال : يا مال انّه قدم علينا من قومك أهل أبيات ، وقد أمرت فيهم برضخ

__________________

(1) السيرة النبوية لابن هشام ق 2 : 350 ـ 352.

(2) صحيح البخاري 4 : 79 ، و 5 : 89.

٢٦٤

فاقبضه فاقسمه بينهم ، فقلت : يا أمير المؤمنين لو أمرت به غيري ، قال : اقبضه أيها المرء.

فبينا أنا جالس عنده أتاه حاجبه يرفأ فقال : هل لك في عثمان ، وعبدالرحمن بن عوف ، والزبير ، وسعد بن أبي وقاص يستأذنون ؟ قال : نعم ، فأذن لهم فدخلوا فسلّموا وجلسوا ، ثم جلس يرفأ يسيراً ، ثم قال : هل لك في علي وعباس ؟ قال : نعم ، فأذن لهما فدخلا ، فسلما فجلسا ، فقال عباس : يا أمير المؤمنين إقض بيني وبين هذا ، وهما يختصمان فيما أفاء الله على رسوله من بني النضير.

فقال الرهط عثمان وأصحابه : يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر ، قال عمر : تيدكم ـ اتئدوا ـ أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض هل تعلمون أنّ رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) قال : لا نورّث ما تركنا صدقة ، يريد رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) نفسه ؟ قال الرهط : قد قال ذلك ، فأقبل عمر على علي وعباس فقال : أنشدكما الله أتعلمان أنّ رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) قد قال ذلك ؟ قالا : قد قال ذلك.

قال عمر : فإنّي أحدثكم عن هذا الأمر ، إنّ الله قد خص رسوله( صلّى الله عليه وسلّم ) في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحداً غيره ، ثم قرأ :( وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَٰكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ وَاللهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (1) ، فكانت فيكم حتى بقي منها هذا المال ، فكان رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال ، ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله ، فعمل رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) بذلك حياته ، أنشدكم بالله هل تعلمون ذلك ؟ قالوا : نعم ، ثم قال لعلي وعباس : أنشدكما بالله هل تعلمان ذلك ؟(2) .

قال عمر : ثم توفى الله نبيه( صلّى الله عليه وسلّم ) ( وأنتما حينئذٍ فأقبل على علي وعباس وقال : تذكران أنّ أبا بكر فيه كما تقولان ، فقال أبو بكر : أنا ولي رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ، فقبضها

__________________

(1) الحشر : 6.

(2) لم يذكر جواب علي وعباس على ذلك ، فهل اقرا له بصدق ما قاله أم ردّا عليه قوله ؟

٢٦٥

أبو بكر فعمل فيها بما عمل رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ، والله يعلم(1) إنّه فيها لصادق بارّ راشد تابع للحق ، ثم توفى الله أبا بكر فكنتُ أنا ولي أبي بكر ، فقبضتها سنتين من إمارتي أعمل فيها بما عمل رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) وما عمل فيها أبو بكر(2) ، والله يعلم إنّي فيها لصادق بارّ راشد تابع للحق ، ثم جئتماني تكلماني وكلمتكما واحدة وأمركما واحد ، جئتني يا عباس تسألني نصيبك من ابن أخيك ، وجاءني هذا ـ يريد علياً ـ يريد نصيب امرأته من أبيها ، فقلت لكما إنّ رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) قال : لا نورّث ما تركنا صدقة ، فلما بدا لي أن أدفعه اليكما ، قلت : إن شئتما دفعتها اليكما على أنّ عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيها بما عمل فيها رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ، وبما عمل فيها أبو بكر ، وبما عملت فيها منذ وليتها ، فقلتما ادفعها إلينا ، فبذلك دفعتها إليكما ، فأنشدكم بالله هل دفعتها إليهما بذلك ؟ قال الرهط : نعم ، ثم أقبل على علي وعباس فقال : أنشدكما بالله هل دفعتها إليكما بذلك ؟ قالا : نعم ، قال : فتلتمسان منّي قضاء غير ذلك ، فوالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض ، لا أقضي فيها قضاء غير ذلك ، فإن عجزتما عنها فادفعاها إليّ فإنّي أكفيكماها.

أقول : هذا الخبر فيه أكثر من علامة استفهام ، تحاشى جلّ شرّاح صحيح البخاري عن التعرض للإجابة عليها ، إلاّ أن ابن حجر في فتح الباري فقد تعقب الخبر في باب فرض الخمس ، وأطال في تعقيبه باذلاً جهده في بيان اختلاف الرواة في ألفاظ الرواية ، ولا يخلو تعقيبه من فوائد منها :

__________________

(1) هنا أسقط جملة : ( وأنتما تزعمان أنّه فيها ظالم فاجر ) ، كما في المصنف لعبد الزراق 5 : 470 ، وعلّق المحقق في الهامش : انّ الحديث في البخاري , ولم يشر إلى تغييب الجملة المذكورة.

(2) وهنا أيضاً أسقطت جملة : ( وأنتما تزعمان أنّي فيها ظالم فاجر ) ، وهي كسابقتها مذكورة في الحديث كما رواه عبد الرزاق في المصنف ؛ ومرّ آنفاً ، ويأتي في حديث مسلم في صحيحه : ( فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً فاجراً ).

٢٦٦

1 ـ قال : ( وليس لمالك بن أوس في البخاري سوى هذا الحديث وآخر في البيوع ).

2 ـ وقال : ( تنبيه : ظنّ قوم أنّ الزهري تفرّد برواية هذا الحديث ، فقال أبو علي الكرابيسي : أنكره قوم وقالوا : هذا من مستنكر ما رواه ابن شهاب ، قال : فإن كانوا علموا أنّه ليس بفرد فهيهات ، وإن لم يعلموا فهو جهل ، فقد رواه عن مالك بن أوس ، وعكرمة بن خالد ، وأيوب بن خالد ، ومحمد بن عمر ، وابن عطاء وغيرهم ).

3 ـ قال : ( زاد شعيب ويونس : فاستب علي وعباس ، وفي رواية عقيل عن ابن شهاب في الفرائض : اقض بيني وبين هذا الظالم ، استبا ، وفي رواية جويرية : وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن ، ولم أر في شيء من الطرق أنّه صدر من علي في حق العباس شيء بخلاف ما يفهم واستصوب المازري صنيع من حذف هذه الألفاظ من هذا الحديث ).

4 ـ قال : ( زاد في رواية عقيل : وانتما حينئذٍ ـ وأقبل على علي وعباس ـ تزعمان أنّ أبا بكر كذا وكذا ، وفي رواية شعيب : كما تقولان فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً خائناً ).

5 ـ قال : ( وكأن الزهري كان يحدث به تارة فيصرّح ، وتارة فيكنّي ، وكذلك مالك ، وقد حذف ذلك في رواية بشر بن عمر عنه عن الإسماعيلي وغيره ، وهو نظير ما سبق من قول العباس لعلي ، وهذه الزيادة من رواية عمر عن أبي بكر حذفت من رواية إسحاق الفروي شيخ البخاري ، وقد ثبتت أيضاً في رواية بشر بن عمر عنه عند أصحاب السنن ، والإسماعيلي وعمرو بن مرزوق وسعيد بن داود كلاهما عند الدارقطني ، كلاهما عن مالك على ما قال جويرية عن مالك ، واجتماع هؤلاء عن مالك يدل على أنّهم حفظوه ، وهذا القدر المحذوف من

٢٦٧

رواية إسحاق ثبت من روايته في موضع آخر من الحديث ، لكن جعل القصة فيه لعمر واقتصر بعض الرواة على ما لم يذكره الآ خر ، ولم يتعرض أحد من الشرّاح لبيان ذلك ).

6 ـ قال : ( وفي ذلك إشكال شديد ، وهو أن أصل القصة صريح في أنّ العباس وعلياً قد علما بأنّه( صلّى الله عليه وسلّم ) قال : لا نورّث ، فإن كان سمعاه من النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فكيف يطلبانه من أبي بكر ؟ وإن كانا إنّما سمعاه من أبي بكر أو في زمنه بحيث أفاد عندهما العلم بذلك ، فكيف يطلبانه بعد ذلك من عمر ؟ والذي يظهر والله أعلم حمل الأمر في ذلك على ما تقدم في الحديث الذي قبله في حق فاطمة ، وأنّ كلاً من علي وفاطمة والعباس اعتقد أنّ عموم قوله ( لا نورّث ) مخصوص ببعض ما يخلّفه دون بعض ، ولذلك نسب عمر إلى علي وعباس أنّهما كانا يعتقدان ظلم من خالفهما في ذلك ).

إلى غير ذلك مما دلّ على مدى تلاعب الرواة بهذا الحديث فيزيد هذا وينقص ذاك ، وكأنّ الأمر الأهم هو تزكية الشيخين فيما فعلا ، وإن جرحهما علي وعباس على ما قاله عمر عنهما بمحضر من وجوه الصحابة كعثمان ، والزبير ، وطلحة ، وسعد بن أبي وقاص ، وعبد الرحمن بن عوف ، فلم ينكر علي وعباس ما نسبه اليهما عمر من رأيهما في أبي بكر : ( فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً خائناً ).

كما لم ينكرا ذلك من رأيهما فيه على نحو رأيهما في أبي بكر ( فرأيتماني كاذباً آثماً غادراً خائناً ) ، كما لم يستنكر ذلك وجوه الصحابة الحضور ، وهذا يعني موافقتهم لعمر في صحة ما نسبه إلى علي وعباس ، إن لم تكن موافقة منهم لرأي علي وعباس في الشيخين.

وفي صحيح مسلم وشروحه ما يؤيّد ما قلناه ، فقد رواه بإسناده إلى مالك بن أوس وساق الحديث ، وفيه فقال عباس : يا أمير المؤمنين إقض بيني وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن (؟).

٢٦٨

وفيه : فرأيتماه ـ يعني أبا بكر ـ كاذباً آثماً غادراً خائناً.

وفيه : فرأيتماني كاذباً آثماً غادراً خائناً.

وعقب القاضي عياض في شرحه على قول العباس في علي بقوله : هذا الكلام لا يليق أن يقع من مثل العباس ، وعلي منزه عن بعضه فضلاً عن كله ، والعصمة وإن كانت لا تثبت إلا لنبي ولمن شهد له بها نبي ، لكنّا مأمورون بتحسين الظن بالصحابة ، ونفي كل رذيلة عنهم ، وقد أسقط بعضهم هذه الألفاظ من نسخته تورّعاً ، ولعله وهم الراوي ، وإن صحت هذه الألفاظ فأوجه ما فيها أن يقال : إنّها صدرت من العباس على وجه الدالة على ابن أخيه ، لأنّه في الشرع بمنزلة أبيه )(1) .

أقول : وعلى هذا كان قول المازري بالنسبة للموردين الآخرين المتعلقين بالشيخين ( فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً خائناً ) فقال : ويجب عندي تأويل قول عمر هذا في أبي بكر ، وقوله على نفسه مثل ذلك ، ثم تكلف في التوجيه ما زاد الحال في الغموض والتمويه(2) .

ما ذكره مسلم بن الحجاج :

تاسعاًً : ماذا عند مسلم بن الحجاج النيسابوري ( ت 261 ه‍ ) ؟

النص الأول : أخرج في كتاب الوصية باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه(3) ، قال : حدّثنا يحيى بن يحيى التميمي ، أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن مالك بن مغول ، عن طلحة بن مصرف قال : سألت عبد الله بن أبي

__________________

(1) راجع إكمال إكمال المعلم للوشتاني الآبي 5 : 74.

(2) المصدر نفسه 5 : 75.

(3) صحيح مسلم 5 : 74.

٢٦٩

أوفى : هل أوصى رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ؟ فقال : لا ، قلت : فلم كتب على المسلمين الوصية ؟ أو فلم أُمِروا بالوصية ؟ قال : أوصى بكتاب الله( عزّ وجلّ ) ، ثم ذكر له أسانيد غير ما سبق.

وهذا الخبر سبق أن ذكرناه فيما رواه ابن هشام في سيرته ، وعقبنا عليه بما وسع له المقام فراجع.

ولشرّاح صحيح مسلم فيه تطبيل وتضليل من غير تحصيل ، فراجع النووي ، والوشتاني الآبي ، والسنوسي الحسيني في شروحهم في المقام.

النص الثاني : وأخرج في كتاب الوصية أيضاً وفي الباب الآنف الذكر(1) ، بسنده عن الأسود بن يزيد قال : ذكروا عند عائشة أنّ علياً كان وصياً ، فقالت : متى أوصى إليه ، فقد كنت مسندته إلى صدري ( أو قالت حجري ) فدعا بالطست ، فلقد انخنث في حجري وما شعرت أنّه مات ، فمتى أوصى إليه ؟!

وهذا الخبر أيضاً تقدم مثله عن أحمد في مسنده ، في النص السابع وذكرنا ما يتعلق به ، ونضيف هنا قول الوشتاني الآبي في شرحه المسمى إكمال اكمال المعلم بشرح صحيح مسلم(2) ، فقد قال : ( قوله : فلم يوص بشيء ، فيه : انّ الشهادة على النفي من العلم مقبولة ، وبهذا المعنى صار قولها حديثاً ، كأنّه بمنزلة قوله : لا أوصي بشيء ، ثم سبب الوصية إنّما هو حدوث المرض لا الانتهاء إلى هذه الحالة ، وحينئذٍ لا يتقرر ما ذكرت دليلاً على أنه لم يوص ، لاحتمال أن يكون أوصى قبل ذلك ).

والشيعة إنّما كانت تقول أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله أوصى إلى علي بولاية الأمر والخلافة في امته من بعده ، وهذا ما أنكرته عائشة وزعمت موتهصلى‌الله‌عليه‌وآله بين حاقنتها وذاقنتها أو بين سحرها نحرها كما مرّ ذلك عنها ، ومرّ تكذيب زعمها عن ابن عباس وعن أم سلمة وعن عمر ، فراجع ذلك في النص السابع عند أحمد.

__________________

(1) المصدر نفسه 5 : 75.

(2) إكمال إكمال المعلم 4 : 352.

٢٧٠

النص الثالث : أخرج أيضاً تلو ما سبق بسنده ، قال : حدّثنا سعيد بن منصور ، وقتيبة بن سعيد ، وأبو بكر بن أبي شيبة ، وعمرو الناقد ( واللفظ لسعيد ) قالوا : حدّثنا سفيان ، عن سليمان الأحول ، عن سعيد بن جبير قال : قال ابن عباس : يوم الخميس وما يوم الخميس ، ثم بكى حتى بلّ دمعه الحصى ، فقلت : يابن عباس وما يوم الخميس ؟ قال : اشتد برسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) وجعه فقال :« إئتوني أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعدي » ، فتنازعوا ، وما ينبغي عند نبي تنازع ، وقالوا : ما شأنه أهجر استفهموه ، قال :« دعوني فالذي أنا فيه خير ، أوصيكم بثلاث : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم » . قال : وسكت عن الثالثة ، أو قالها فأنسيتها. انتهى.

وأردف في هذا الحديث بثان في معناه ولفظه : حدّثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا وكيع ، عن مالك بن مغول ، عن طلحة بن مصرف ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس أنّه قال : يوم الخميس وما يوم الخميس ، ثم جعل تسيل دموعه حتى رأيت على خديه كأنّها نظام اللؤلؤ ، قال : قال رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) :« إئتوني بالكتف والدواة ( أو اللوح والدواة )أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً » ، فقالوا : إنّ رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) يهجر.

وساق الحديث ثالثاً بسند آخر عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال : لما حُضِر رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب ، فقال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : هلمّ أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعده ، فقال عمر : إنّ رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) قد غلب عليه الوجع ، وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله ، فاختلف أهل البيت فاختصموا ، فمنهم من يقول : قرّبوا يكتب لكم رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) كتاباً لن تضلوا بعده ، ومنهم من يقول ما قال عمر ، فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ، قال رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) :« قوموا » .

٢٧١

قال عبيد الله : فكان ابن عباس يقول : إنّ الرزية ما حال بين رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم.

أقول : إنّ هذا الحديث رواه ابن سعد في الطبقات ، وعبد الرزاق في المصنف ، والبخاري في صحيحه مكرراً وفي عدة أبواب ، وغيرهم كثير وهو ( حديث الرزية ) وقد استوفينا طرقه ومتونه باختلاف رواته في موسوعة ( عبدالله بن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن ) ، وذكرنا مختلف آراء العلماء فيه.

والتحقيق أنّ القائل للكلمة الجافية النابية ( إنّه ليهجر ) هو عمر بن الخطاب ، وإنّ الغرض من الكتاب هو النص ( تحريرياً ) على خلافة الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، حسماً للنزاع ، لكن عمر منع من ذلك واعترف بعد حين حيث قال لابن عباس : « واراده رسول الله للأمر فمنعت من ذلك » راجع الموسوعة تجد فيها ما يزيل البهمة ويكشف الغمة ، وقد مرّ في ذيل حديث البخاري في تخاصم علي والعباس عند عمر ما يتعلّق برواية مسلم للحديث ، وفيه ما لم يوجد عند البخاري في روايته فراجع.

ما ذكره ابن شبّة :

عاشراًً : ماذا عند عمر بن شبّة البصري النحوي الأخباري ( ت 262 ه‍ ) ؟

ذكر في كتابه تاريخ المدينة المنورة ( أخبار المدينة المنورة )(1) ( ذكر فاطمة والعباس وعلي( رضي الله عنهم ) وطلب ميراثهم من تركة النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) ) ثم ساق خمسة عشر حديثاً ننتخب منها ما يلي :

النص الأوّل : قال : حدّثنا سويد بن سعيد ، والحسن بن عثمان قالا : حدّثنا الوليد بن محمد ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة : أنّ فاطمة بنت رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم )

__________________

(1) أخبار المدينة المنورة 1 : 122.

٢٧٢

أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) مما أفاء الله على رسوله ، وفاطمة حينئذٍ تطلب صدقة النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) التي بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر ، فقال أبو بكر : إنّ رسول الله قال : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ) إنّما يأكل آل محمد في هذا المال ، وإنّي لا أغيّر شيئاً من صدقة رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ، ولأعملنّ فيها بما عمل رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة( رضي الله عنها ) منها شيئاً ، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك ، فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت ، وعاشت بعد رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ستة أشهر ، فلما توفيت دفنها [ زوجها ] علي ليلاً ، ولم يؤذن بها أبا بكر ، وصلى عليها عليرضي‌الله‌عنه .

النص الثاني : وأيضاً روى تلو ذلك فقال : حدّثنا إسحاق بن إدريس ، قال : حدّثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة : انّ فاطمة والعباس أتيا ابا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ، وهما حينئذٍ يطلبان أرضه من فدك [ وسهمه ] من خيبر ، فقال لهما أبو بكر : انّي سمعت رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) يقول : لا نورّث ، ما تركنا صدقة ، إنّما يأكل آل محمد من هذا المال ، وإنّي والله لا أغير أمراً رأيت رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) يصنعه إلا صنعته ، قال : فهجرته فاطمة( رضي الله عنها ) ، فلم تكلمه في ذلك المال حتى ماتت.

ثالثاً : ، قال(1) : حدّثنا محمد بن عبد الله بن الزبير ، قال : حدّثنا فضيل بن مرزوق ، قال : حدّثني النميري بن حسان ، قال : قلت لزيد بن علي( رحمة الله عليه ) وأنا أريد أن أهجّن أمر أبي بكر : أنّ أبا بكر انتزع من فاطمة( رضي الله عنها ) فدك ، فقال : انّ أبا بكر كان رجلاً رحيماً ، وكان يكره أن يغيّر شيئاً تركه رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) ، فأتته فاطمة فقالت : إنّ رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) أعطاني فدك ، فقال لها : هل لك على هذا

__________________

(1) المصدر نفسه 1 : 124.

٢٧٣

بيّنة ؟ فجاءت بعليرضي‌الله‌عنه فشهد لها ، ثم جاءت بأم أيمن فقالت : أليس تشهد أنّي من أهل الجنة ؟ قال : بلى ـ قال أبو أحمد : يعني أنّها قالت ذاك لأبي بكر وعمر ـ قالت : فأشهد أنّ النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) أعطاها فدك ، فقال أبو بكر : فبرجل وامرأة تستحقينها أو تستحقين بها القضية ؟ قال زيد بن علي : وأيم الله لو رجع الأمر إليّ لقضيت فيها بقضاء أبي بكر.

أقول : وهذا الخبر لا يصح سنداً لجهالة النميري بن حسان الذي خلت معاجم الرجال والتراجم عن ذكره ، مضافاً إلى جرح فضيل بن مرزوق الذي قال فيه ابن حبّان : منكر الحديث جداً ، وقال فيه الحاكم : عيب على مسلم إخراجه في الصحيح ، وسئل ابن أبي حاتم عن حديثه يحتج به ؟ فقال : لا. راجع بشأنه ميزان الاعتدال ، وسير أعلام النبلاء ، والمغني ، والكاشف كلها للذهبي ، وتهذيب التهذيب لابن حجر.

أما نكارة متنه فهو مستبطن لكذبه ، إذ كيف يعقل أن يقول زيد ذلك ، وهو الفقيه في دينه العالم بالأحكام ، وهو يعلم أنّ جده علي بن أبي طالبعليه‌السلام قال فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :« علي مع الحق والحق مع علي » ، مضافاً إلى عصمته بنص آية التطهير ، وكذلك جدته فاطمة الزهراءعليها‌السلام المعصومة بآية التطهير ، وهي بضعة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهي صاحبة اليد ، كل ذلك يمنع من التجاوز على ما تحت يدها ويغني عن طلب البينة ، ودع أم أيمن المشهود لها بالجنة ، واستشهادها لأبي بكر على ذلك فصدقها ، أكل ذلك لا يعرفه زيد ؟

ولو أغمضنا النظر عن جميع ذلك ، ألم يعلم أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر ؛ وأبو بكر هو المدّعي فكان عليه هو أن يقيم البيّنة ، لا السيدة الزهراء صاحبة اليد ؛ لانتزاعه منها فدكاً بنص الخبر ، فكل هذا لا يعرفه زيد ؟ معاذ الله ، ثم خلوّ المصادر الزيدية عن ذكر هذا عن زيدرحمه‌الله يوهن الرواية.

٢٧٤

رابعاً : ذكر خبر مالك بن أوس بن الحدثان في ( خصومة علي والعباسرضي الله عنهما إلى عمررضي‌الله‌عنه )(1) وفيه شهادة عمر على علي والعباس أمامهما وأمام الحضور من وجوه الصحابة : ( تزعمان أنّ أبا بكر فيها ظالم فاجر ) ، وأيضاً : ( فتزعمان أنّي فيها ظالم فاجر ).

وهذا الخبر مرّ بطوله فيما ذكرناه في النص الثامن عن عبد الرزاق من كتابه ( المصنف ) وذكرناه أيضاً عن البخاري فيما أخرجه في صحيحه بدون كلمة الشتيمة ، وعقبنا عليه بما اقتضاه المقام فراجع النص الثالث ماذا عند البخاري ، وقد علّق المحققان على كتاب عمر بن شبه في هامش الخبر بذكر المصادر(2) .

ونحن سوف لا نذكر الخبر بعد هذا مرّة ثالثة ورابعة عن أصحاب تلك المصادر ، كما لا يفوتنا التنبيه على أنّ عمر بن شبة قد ذكر الخبر بعد هذا ست مرّات بتفاوت في الألفاظ مطولاً ومختصراً.

كما روى مكرراً خبر مطالبة الزهراءعليها‌السلام أبا بكر في فدك والصوافي ، وهو يأبى أن يدفع إليها ذلك ، حتى روى في خبر عنها أنّها طالبته واحتجت عليه بآيات الخمس والفيء فلم يستجب لها ، وفي آخر الخبر قال لها : وهذا عمر بن الخطاب ، وأبو عبيدة بن الجراح وغيرهما فاسأليهم عن ذلك ، فانظري هل يوافق

__________________

(1) المصدر نفسه 1 : 126.

(2) أخرجه البخاري : 2904 و 3094 و 4033 و 4885 و 5357 و 5358 و 2728 و 7305.

ومسلم : 757 ح 48 ، 49 و 50 , وأبو داود : 2965 , والترمذي : 1610 , والنسائي 7 : 136 ـ 137 , وأحمد 1 : 25 و 48 و 162 و 164 و 179 و 191 , والبيهقي في السنن 6 : 297 , والبغوي في مصابيح السنة : 2738 , وفي التفسير 4 : 416 , وأبو يعلى 2 : 3 و 4 , والطبري في التفسير : 38 ـ 39 , والمروزي : 1 و 3 , والحميدي : 22 , وعبد الرزاق : 9772 , وابن حبّان : 6608 , وابن سعد 2 : 314 , كلهم بنحو هذا الإسناد مختصراً ومطولاً.

٢٧٥

على ذلك أحد منهم ؟ فانصرفت إلى عمر فذكرت له مثل الذي ذكرت لأبي بكر بقصته وحدوده ، فقال لها مثل الذي كان راجعها به أبو بكر ، فعجبت فاطمة وظنت أنهما قد تذاكرا ذلك واجتمعا عليه.

فهذا الخبر ـ وإسناده حسن كما ذكر المحققان في هامشه ـ جاء في آخره ما أوحى إلى أنّ فاطمةعليها‌السلام عجبت من موافقة عمر لصاحبه حتى ( ظنت قد تذاكرا ذلك واجتمعا عليه ) وهذا يشعر بسوء ظنها فيهما لتأمرهما على غصب النحلة منها ، أليس كذلك!؟

ما ذكره ابن قتيبة :

الحادي عشر : ماذا عند ابن قتيبة ( ت 270 ه‍ ) ؟

النص الأوّل : ذكر في كتابه المعارف ( المحسن ) وقد مرّ بنا في ( نظرة في المصادر ) ما يتعلق به فلا حاجة إلى الإعادة.

النص الثاني : ذكر في كتابه تاريخ الخلفاء الراشدين ( الإمامة والسياسة )(1) ، بيعة السقيفة وما جرى بين أبي بكر والأنصار ، وامتناع سعد بن عبادة عن مبايعة أبي بكر حتى مات ، وإنّ بني هاشم اجتمعت عند بيعة الأنصار إلى علي بن أبي طالب ومعهم الزبير بن العوام ، وكانت أمه صفية بنت عبد المطلب ، وإنّما كان يعدّ نفسه من بني هاشم ، وكان علي ـ كرّم الله وجهه ـ يقول : ما زال الزبير منّا حتى نشأ بنوه فصرفوه عنّا .

واجتمعت بنو أمية إلى عثمان ، واجتمعت بنو زهرة إلى سعد وعبدالرحمن بن عوف ، فكانوا في المسجد الشريف مجتمعين ، فلما أقبل عليهم أبو بكر وأبو عبيدة ـ وقد بايع الناس أبا بكر ـ قال لهم عمر : ما لي أراكم مجتمعين حلقاً شتّى ، قوموا

__________________

(1) الإمامة والسياسة 1 : 11.

٢٧٦

فبايعوا أبا بكر فقد بايعته وبايعه الأنصار ، فقام عثمان بن عفان ومن معه من بني أمية فبايعوه ، وقام سعد وعبد الرحمن بن عوف ومن معهما من بني زهرة فبايعوا.

وأما علي والعباس بن عبد المطلب ومن معهما من بني هاشم ، فانصرفوا إلى رحالهم ومعهم الزبير بن العوام ، فذهب اليهم عمر في عصابة فيهم أسيد بن حضير وسلمة بن اشيم ، فقالوا : انطلقوا فبايعوا أبا بكر ، فأبوا ، فخرج الزبير بن العوام بالسيف ، فأخذ السيف من يده فضرب به الجدار ، وانطلقوا به فبايع ، وذهب بنو هاشم أيضاً فبايعوا.

وفي هذا الخبر تطالعنا ثلاثة أمور لم نقف عليها من قبل فيما عرضناه من المصادر :

الأول : وهو تكتلات سياسية قبلية ، تجمّعت في المسجد الشريف ، وما اجتمعت ، مما يدل على تباين في وجهات النظر.

الثاني : هيمنة عمر بن الخطاب على الموقف المتأزم ، وبمجرد دعوة أولئك النفر المتحلقين المتخلفين إلى بيعة أبي بكر قاموا فبايعوا.

الثالث : بيعة بني هاشم.

وليس في الأمر الأول والثاني ما يستدعي النظر فيهما ، لكن الأمر الثالث وهو بيعة بني هاشم يومئذٍ لافت للنظر ، وهو مما انفرد ابن قتيبة بروايته ، إذ أنّ بني هاشم ما بايعوا حتى بايع الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وهو لم يبايع إلاّ بعد ستة أشهر حيث انصرفت وجوه الناس عنه بعد موت الزهراءعليها‌السلام ، فضرع لفك الحصار الإجتماعي خشية تطوّره إلى المقاطعة ، فيحل به ومعه بنو هاشم مثل ما حلّ بهم من قبل في مكة المكرمة إبان الدعوة الإسلامية ، حين حوصروا في شعب أبي طالبعليه‌السلام .

النص الثالث : قال(1) ( إباية علي ـ كرّم الله وجهه ـ بيعة أبي بكر ).

__________________

(1) المصدر نفسه 1 : 12.

٢٧٧

ثم إنّ علياً ـ كرّم الله وجهه ـ أتي به إلى أبي بكر وهو يقول : أنا عبد الله وأخو رسول الله ، فقيل له : بايع أبا بكر ، فقال : أنا أحق بهذا الأمر منكم ، لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي ، أخذتم هذا الأمر من الأنصار ، واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) ، وتأخذوه منّا أهل البيت غصباً ! ألستم زعمتم للأنصار أنّكم أولى بهذا الأمر منهم لما كان محمد منكم ، فأعطوكم المقادة ، وسلّموا إليكم الإمارة ، فإذاً أحتج عليكم بمثل ما احتججتم على الأنصار ، نحن أولى برسول الله حياً وميّتاً ، فانصفونا إن كنتم تؤمنون ، وإلا فبوؤا بالظلم وأنتم تعلمون.

فقال عمر : إنّك لست متروكاً حتى تبايع ، فقال له علي : احلب حلباً لك شطره ، وشدّ له اليوم يردده عليك غداً ، ثم قال : يا عمر لا أقبل قولك ولا أبايعه ، فقال له أبو بكر : فإن لم تبايع فلا أكرهك.

فقال أبو عبيدة بن الجراح لعلي ـ كرّم الله وجهه ـ : يابن عم إنّك حديث السن وهؤلاء مشيخة قومك ، ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالأمور ، ولا أرى أبا بكر إلا أقوى على هذا الأمر منك ، وأشد احتمالاً واستطلاعاً ، فسلّم لأبي بكر هذا الأمر ، فإنّك إن تعش ويطل بك بقاء فأنت لهذا الأمر خليق وحقيق في فضلك ودينك وعلمك وفهمك وسابقتك ونسبك وصهرك.

قال علي ـ كرّم الله وجهه ـ : الله الله يا معشر المهاجرين ، لا تخرجوا سلطان محمد في العرب من داره وقعر بيته إلى دوركم وقعور بيوتكم ، وتدفعون أهله عن مقامه في الناس وحقه ، فوالله يا معشر المهاجرين لنحن أحق الناس به لأنا أهل البيت ، ونحن أحق بهذا الأمر منكم ، ما كان فينا القارئ لكتاب الله ، الفقيه في دين الله ، العالم بسنن رسول الله ، المتطلع لأمر الرعية ، الدافع عنهم الأمور السيئة ، القاسم بينهم بالسويّة ، والله أنه لفينا فلا تتبعوا الهوى فتضلوا عن سبيل الله فتزدادوا من الحق بُعداً.

٢٧٨

وقال بشير بن سعد الأنصاري : لو كان هذا الكلام سمعته الأنصار منك يا علي قبل بيعتها لأبي بكر ما اختلفت عليك ، قال : وخرج علي ـ كرّم الله وجهه ـ يحمل فاطمة بنت رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) على دابة ليلاً في مجالس الأنصار تسألهم النصرة ، فكانوا يقولون : يا بنت رسول الله قد مضت بيعتنا لهذا الرجل ، ولو أنّ زوجك وابن عمك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا عنه ، فيقول علي ـ كرّم الله وجهه ـ : أفكنت أدعُ رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) في بيته لم أدفنه ، وأخرج أنازع الناس سلطانه ؟

فقالت فاطمة : ما صنع أبو الحسن إلا ما كان ينبغي له ، ولقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم.

النص الرابع : ( كيف كانت بيعة علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه ).

قال(1) : وإنّ أبا بكر تفقد قوماً تخلّفوا عن بيعته عند علي ـ كرّم الله وجهه ـ ، فبعث إليهم عمر فجاء فناداهم في دار علي ، فأبوا أن يخرجوا ، فدعا بالحطب وقال : والذي نفس عمر بيده لتخرجنّ أو لأحرقنّها على مَن فيها ، فقيل له : يا أبا حفص إنّ فيها فاطمة ، قال : وإن.

فخرجوا فبايعوا إلا علياً ، فإنّه زعم أنّه قال : حلفت أن لا أخرج ولا أضع ثوبي على عاتقي حتى أجمع القرآن ، فوقفت فاطمة( رضي الله عنها ) على بابها فقالت : لا عهد لي بقوم حضروا أسوء محضر منكم ، تركتم رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) جنازة بين أيدينا ، وقطعتم أمركم بينكم لم تستأمرونا ولم تردوا لنا حقّاً.

فأتى عمر أبا بكر فقال له : ألا تأخذ هذا المتخلف عنك بالبيعة ، فقال أبو بكر لقنفذ وهو مولى له : إذهب فادع لي علياً ، قال : فذهب إلى علي ، فقال له : ما حاجتك ؟ فقال : يدعوك خليفة رسول الله ، فقال علي : لسريع ما كذبتم على رسول الله ، فرجع فأبلغ الرسالة ، قال : فبكى أبو بكر طويلاً.

__________________

(1) المصدر نفسه 1 : 13.

٢٧٩

فقال عمر الثانية : أن لا تهمل هذا المتخلف عنك بالبيعة ، فقال أبو بكر لقنفذ : عد إليه فقل له : أمير المؤمنين يدعوك لتبايع ، فجاءه قنفذ فأدّى ما أمر به ، فرفع عليّ صوته فقال : سبحان الله لقد ادعى ما ليس له ، فرجع قنفذ فأبلغ الرسالة ، فبكى أبو بكر طويلاً.

ثم قام عمر فمشى معه جماعة حتى أتوا باب فاطمة ، فدقوا الباب ، فلما سمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها : يا أبت يا رسول الله ، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة ؟

فلما سمع القوم صوتها وبكاءها انصرفوا باكين ، وكادت قلوبهم تنصدع وأكبادهم تتفطّر ؛ وبقي عمر ومعه قوم فأخرجوا علياً فمضوا به إلى أبي بكر ، فقالوا له : بايع ، فقال : إن أنا لم أفعل فمه ؟ قالوا : إذاً والله الذي لا إله إلا هو نضرب عنقك ، قال : إذاً تقتلون عبد الله وأخا رسوله ؛ قال عمر : أمّا عبد الله فنعم ، وأمّا أخا رسوله فلا. وأبو بكر ساكت لا يتكلم ، فقال له عمر : ألا تأمر فيه بأمرك ، فقال : لا أكرهه على شيء ما كانت فاطمة إلى جنبه ، فلحق علي بقبر رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) يصيح ويبكي وينادي :« يابن أم إنّ القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني » .

النص الخامس : قال(1) : فقال عمر لأبي بكر : انطلق بنا إلى فاطمة فإنّا قد أغضبناها ، فانطلقا جميعاً فاستأذنا على فاطمة فلم تأذن لهما ، فأتيا علياً فكلّماه فأدخلهما عليها ، فلما قعدا عندها حوّلت وجهها إلى الحائط ، فسلّما عليها فلم تردّعليهما‌السلام ، فتكلم أبو بكر فقال : يا حبيبة رسول الله والله إنّ قرابة رسول الله أحب إليّ من قرابتي ، وإنّك لأحبّ إليّ من عائشة ابنتي ، ولوددت يوم مات أبوك أنّي مت ولا أبقى بعده ، أفتراني أعرفك وأعرف فضلك وشرفك ، وأمنعك حقك وميراثك من رسول الله ، إلا أنّي سمعت أباكِ رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) يقول : لا نورّث ، ما تركنا فهو صدقة.

__________________

(1) المصدر نفسه 1 : 14.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

ضمنه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

[١٥٧٢٤] ٨ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات: عن جابر، أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، خطب الناس، إلى أن قال: ثم يقول: « أتتكم الساعة مصبحكم أو ممساكم، من ترك مالا فلورثته، ومن ترك دينا أو ضياعا فإلي وعلي ».

[١٥٧٢٥] ٩ - الصدوق في المقنع: وإن كان لك على رجل مال وكان معسرا، وأنفق ما أخذه منك في طاعة الله، فانظره(١) إلى ميسرة، وهو أن يبلغ خبره الامام فيقضي عنه دينه، أو يجد الرجل طولا فيقضي دينه، وإن كان أنفق ما أخذه منك في معصية الله، فطالبه بحقك فليس هو من أهل هذه الآية، التي قال الله عز وجل:( فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ ) (٢) .

[١٥٧٢٦] ١٠ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من ترك مالا فلأهله، ومن ترك دينا فعلي ».

١٠ -( باب استحباب الاشهاد على الدين، وكراهة تركه)

[١٥٧٢٧] ١ - تفسير الإمامعليه‌السلام : عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ثلاثة لا يستجيب الله لهم، بل يعذبهم ويوبخهم - إلى أن قال - والثالث: رجل أوصاه الله تعالى بأن يحتاط لدينه بشهود وكتاب، فلم يفعل [ ذلك ](١) ودفع ماله إلى غير ثقة

__________________

٨ - كتاب الغايات ص ٦٩.

٩ - المقنع ص ١٢٦.

(١) في المصدر: فنظرة.

(٢) البقرة ٢: ٢٨٠.

١٠ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٤٢ ح ٥٠.

الباب ١٠

١ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٢٧٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

٤٠١

بغير وثيقة، فجحده أو بخسه، فهو يقول: اللهم(٢) رد علي، فيقول الله عز وجل: [ يا عبدي ](٣) قد علمتك كيف تستوثق لمالك، ليكون محفوظا لئلا يتعرض للتلف فأبيت، وأنت الآن تدعوني وقد ضيعت مالك وأتلفته وخالفت(٤) وصيتي، فلا استجيب لك ».

١١ -( باب أنه لا يلزم الذي عليه الدين بيع ما لا بد منه، من مسكن وخادم، ويلزمه بيع ما يزيد عن كفايته من ذلك، وحكم الضيعة)

[١٥٧٢٨] ١ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن أبي غالب الزراري، عن محمد بن الحسن(١) السجاد، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه قال: كان ابن أبي عمير رجلا بزارا، وكان له على رجل عشرة آلاف درهم، فذهب ماله وافتقر، فجاء الرجل فباع دارا له بعشرة آلاف درهم، وحملها إليه، فدق عليه الباب، فخرج إليه محمد بن أبي عمير، فقال له الرجل: هذا مالك الذي لك علي فخذه، فقال ابن أبي عمير: فمن أين لك هذا المال، ورثته!؟ قال: لا، قال: وهب لك، قال: لا، ولكني بعت داري الفلاني لأقضي ديني، فقال ابن أبي عمير: حدثني ذريح المحاربي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « لا يخرج الرجل من مسقط رأسه بالدين، ارفعها فلا حاجة لي فيها، والله إني محتاج في وقتي هذا إلى درهم، وما يدخل ملكي منها درهم ».

__________________

(٢) في المصدر: « يا رب ».

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) في نسخة: وغيرت.

الباب ١١

١ - الاختصاص ص ٨٦ باختلاف في الألفاظ: ونقله العلامة المجلسي في البحار ج ١٠٣ ص ١٥٥ ح ٤ مطابقا لما في المتن عن علل الشرائع ص ٥٢٩ ح ٢، وذكر في نهايته سند الاختصاص فقط وقال: مثله.

(١) في المصدر: المحسن.

٤٠٢

[١٥٧٢٩] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وروي: أن صاحب الدين يدفع إلى غرمائه، فإن شاؤوا أخذوه، وإن شاؤوا استعملوه، وإن كان له ضيعة أخذ منها(١) بعضها، وترك البعض إلى ميسرة، وروي: أنه لا يباع الدار ولا الجارية عليه ».

١٢ -( باب أن من مات حل دينه)

[١٥٧٣٠] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا كان على رجل دين إلى أجل، فإذا مات الرجل فقد حل الدين ».

١٣ -( باب أن ثمن كفن الميت مقدم على دينه)

[١٥٧٣١] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن محمد قال: حدثني موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أول شئ يبتدأ به من المال الكفن، ثم الدين، ثم الوصية، ثم الميراث ».

وباقي أخبار الباب، تقدم في أبواب الكفن(١) ، ويأتي في كتاب الوصايا(٢) .

__________________

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٤.

(١) في المصدر: منه.

الباب ١٢

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٤.

الباب ١٣

١ - الجعفريات ص ٢٠٤.

(١) تقدم في الباب ٢٣ من أبواب الكفن.

(٢) يأتي في الباب ٢٧ من كتاب الوصايا.

٤٠٣

١٤ -( باب براءة ذمة الميت من الدين، إذا ضمنه ضامن للغرماء ورضوا به)

[١٥٧٣٢] ١ - الصدوق في المقنع: وإذا كان للرجل على رجل مال، فضمنه رجل عند موته وقبل الذي له الحق ضمانه، فقد برئ الميت منه، ولزم الضامن الرد عليه.

[١٥٧٣٣] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن كان لك على رجل مال، وضمنه رجل عند موته وقبلت ضمانه(١) ، فالميت قد برئ منه، وقد لزم الضامن رده عليك ».

[١٥٧٣٤] ٣ - عوالي اللآلي: عن أبي سعيد الخدري قال: كنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في جنازة، فلما وضعت قال: « على صاحبكم من دين » فقالوا: نعم درهمان، فقال: « صلوا على صاحبكم » فقال عليعليه‌السلام : « هما علي يا رسول الله، وأنا [ لهما ](١) ضامن » فقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فصلى عليه، ثم أقبل على عليعليه‌السلام فقال: « جزاك الله عن الاسلام خيرا، وفك رهانك كما فككت رهان أخيك ».

[١٥٧٣٥] ٤ - الشيخ أبو الفتوح في تفسيره: عن أبي قتادة قال: اتي بجنازة فوضعت حتى يصلي عليها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأصحابه: « صلوا عليه فإني لا أصلي عليها »

__________________

الباب ١٤

١ - المقنع ص ١٢٦.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٦.

(١) في الطبعة الحجرية: « ضمانته » وما أثبتناه من المصدر.

٣ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٢٤١ ح ٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

٤ - تفسير أبي الفتوح الرازي الرازي ج ١ ص ٤٨٨.

٤٠٤

فقالوا: ولم يا رسول الله؟ فقال: « لان عليه دينا » فقال أبو قتادة: فأنا أضمن أن أقضي دينه، فقال الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : « بتمامه وكماله » قال: بتمامه وكماله، فصلى عليه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال أبو قتادة: الدين الذي كان عليه سبعة عشر أو ثمانية عشر درهما.

١٥ -( باب عدم جواز بيع الدين بالدين، وحكم ما لو بيع بأقل منه)

[١٥٧٣٦] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى عن الكالئ بالكالئ(١) وهو بيع الدين بالدين، وذلك مثل أن يسلم الرجل في الطعام إلى وقت معلوم، فإذا حضر الوقت لم يجد الذي عليه الطعام طعاما، فيشتريه من الذي هو له عليه بدين إلى أجل آخر، فهذا دين انقلب إلى دين آخر، ومنه أن يسلم الرجل في الطعام، ولا يدفع الثمن، ويبقى دينا عليه.

١٦ -( باب أنه يكره لمن يتقاضى الدين المبالغة في الاستقصاء، ويستحب له إطالة الجلوس، ولزوم السكوت)

[١٥٧٣٧] ١ - سبط الطبرسي في مشكاة الأنوار: عن حماد بن عثمان قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ، إذ دخل عليه رجل من أصحابنا، فقال له أبو عبد اللهعليه‌السلام : « ما لأخيك يشكو منك؟ » قال: يشكوني أني استقصيت حقي منه، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « كأنك إذا استقصيت حقك لم تسئ، أرأيت ما ذكره الله في القرآن( يَخَافُونَ سُوءَ

__________________

الباب ١٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣ ح ٧٠.

(١) الكالئ بالكالئ: بيع النسيئة بالنسيئة والدين بالدين ( لسان العرب ج ١ ص ١٤٧ ).

الباب ١٦

١ - مشكاة الأنوار ص ١٨٧.

٤٠٥

الْحِسَابِ ) (١) أخافوا أن يجور(٢) الله جل ثناؤه عليهم؟، لا والله ما خافوا ذلك، وإنما خافوا الاستقصاء فسماه الله سوء الحساب ».

[١٥٧٣٨] ٢ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « خير الاخوان من لم يكن على إخوانه مستقصيا ».

[١٥٧٣٩] ٣ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال لرجل: « يا فلان ما لك ولأخيك؟ » قال: جعلت فداك، كان لي عليه حق فاستقصيت منه حقي، قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « أخبرني عن قول الله:( وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ) (١) أتراهم خافوا أن يجور عليهم أو يظلمهم!؟ لا والله خافوا الاستقصاء والمداقة(٢) » قال محمد بن عيسى: وبهذا الاسناد، أن أبا عبد اللهعليه‌السلام ، قال لرجل شكاه بعض إخوانه: « ما لأخيك فلان يشكوك؟ » فقال: أيشكوني ان استقصيت حقي؟ قال: فجلس مغضبا، ثم قال: « كأنك إذا استقصيت لم تسئ، أرأيت ما حكى الله تبارك وتعالى:( وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ) أخافوا أن يجور عليهم الله!؟ لا والله ما خافوا إلا الاستقصاء، فسماه الله سوء الحساب، فمن استقصى فقد أساء ».

[١٥٧٤٠] ٤ - علي بن إبراهيم في تفسيره: دخل رجل على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « ما لفلان يشكوك؟ » قال: طالبته بحقي، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « أترى أنك إذا

__________________

(١) الرعد ١٣: ٢١.

(٢) في الطبعة الحجرية: « يخون » وما أثبتناه من المصدر.

٢ - غرر الحكم ج ١ ص ٣٩٠ ح ٥١.

٣ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢١٠ ح ٤٠ و ٤١.

(١) الرعد ١٣: ٢١.

(٢) المداقة: هي الاستقصاء في المحاسبة ( مجمع البحرين - دقق - ج ٥ ص ١٦٢ ).

٤ - تفسير القمي ج ١ ص ٣٦٣.

(١) في المصدر: « وترى ».

٤٠٦

استقصيت عليه لم تسئ به؟ أترى الذي حكى الله عز وجل( وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ) (٢) يخافون أن يجور الله عليهم!؟ والله ما خافوا ذلك، ولكنهم خافوا الاستقصاء، فسماه الله سوء الحساب ».

١٧ -( باب وجوب ارضاء الغريم المطالب، بالاعطاء والملاطفة مع التعذر)

[١٥٧٤١] ١ - الجعفريات: بإسناده عن عليعليه‌السلام : « أن يهوديا يقال له: حويحر كان له على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله دنانير، فتقاضى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال له: يا يهودي ما عندي ما أعطيك فقال: إني لا أفارقك يا محمد حتى تعطيني، فقال: إذا أجلس معك فجلس معه، فصلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك الموضع، الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والغداة، وكان أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يتهددونه ويتوعدونه، ففطن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: ما الذي تصنعون به؟ فقالوا: يا رسول الله، يهودي يحبسك! فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : نهى تبارك وتعالى [ أن ](١) أظلم معاهدا ولا غيره، فلما ترحل النهار قال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وشطر مالي في سبيل الله، أما والله ما فعلت بك الذي فعلت، إلا لأنظر إلى نعتك في التوراة، فإني قرأت في التوراة: محمد بن عبد الله، مولده بمكة، ومهاجرة بطيبة، وملكه بالشام، وليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاف(٢) في الأسواق،

__________________

(٢) الرعد ١٣: ٢١.

الباب ١٧

١ - الجعفريات ص ١٨٢.

(١) أثبتناه لاستقامة المتن.

(٢) كذا في الأصل ولعل صحته ( سخاب )، جاء في النهاية لابن الأثير السخب: الصياح ج ٢ ص ٣٤٩. وقال الطريحيرحمه‌الله : في الحديث « إياك أن تكون سخابا » هو شدة الصوت، والسخب: الصيحة واضطراب الأصوات للخصام ( مجمع البحرين

٤٠٧

ولا مرس(٣) بالفحش، ولا قول الخطأ، أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وهذا مالي فاحكم فيه بما أراك الله تعالى، وكان اليهودي كثير المال ».

[١٥٧٤٢] ٢ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: عن السجادعليه‌السلام ، أنه قال: « وأما حق الغريم الطالب لك، فإن كنت موسرا أوفيته وكفيته وأغنيته، ولم تردده ولم تمطله، فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: مطل الغني ظلم، وإن كنت معسرا أرضيته بحسن القول، أو طلبت إليه طلبا جميلا، ورددته عن نفسك ردا لطيفا، ولم تجمع عليه ذهاب ماله وسوء معاملته، فإن ذلك لؤم ».

١٨ -( باب جواز النزول على الغريم والأكل من طعامه، ثلاثة أيام على كراهية، وتتأكد بعدها)

[١٥٧٤٣] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « لا يأخذ أحدكم ركوب دابة ولا عارية متاع، من أجل قرض أقرضه » وكان يكره أن ينزل الرجل على غريمه، أو يأكل من طعامه، أو يشرب من شرابه، أو يعلف من علفه.

١٩ -( باب جواز قبول الهدية والصلة ممن عليه الدين، وكذا كل منفعة يجرها القرض من غير شرط، واستحباب احتسابها له مما عليه)

[١٥٧٤٤] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ،

__________________

ج ٢ ص ٨١ ).

(٣) كذا في الأصل، ولعل صحته (متمرس) جاء في النهاية: يتمرس بدينه أي يتلعب بدينه ويعبث به ج ٤ ص ٣١٨ فلعل المراد (ولا متلعب بالفحش) كما يعهد ممن لا أخلاق له التفكه والتلذذ بالفحش والقول البذئ.

٢ - تحف العقول ص ١٩٢ ح ٣٥.

الباب ١٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٦١ ح ١٦٦.

الباب ١٩

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٦١ ح ١٧٠.

٤٠٨

أنه سئل عن الرجل يكون له على الرجل الدراهم أو المال، فيهدي إليه الهدية، قال: « لا بأس بها ».

[١٥٧٤٥] ٢ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « كل قرض جر منفعة فهو ربا ».

[١٥٧٤٦] ٣ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل عن الرجل يسلم في بيع عشرين دينارا، على أن يقرض صاحبه عشرة [ دنانير ](١) أو ما أشبه ذلك، قال: « لا يصلح ذلك، لأنه قرض يجر منفعة ».

٢٠ -( باب جواز قضاء الدين بأكثر منه وأجود مع التراضي، من غير شرط سابق، وحكم من دفع عما في ذمته من الدين طعاما أو نحوه، ثم يتغير السعر)

[١٥٧٤٧] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل عن الرجل يقرض الرجل الدراهم الغلة، فيرد عليه الدراهم الطازجية، طيبة بها نفسه، قال: « فلا بأس بذلك ».

[١٥٧٤٨] ٢ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « من أقرض قرضا(١) ورقا لا(٢) يشترط إلا رد مثلها، فإن قضى أجود منها فليقبل ».

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٦١ ح ١٦٧.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٣ ح ١٤٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ٢٠

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٦١ ح ١٦٨.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٦١ ح ١٦٩.

(١) قرضا: ليس في المصدر.

(٢) في المصدر: « فلا ».

٤٠٩

٢١ -( باب جواز اقتراض الخبز والجوز عددا)

[١٥٧٤٩] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام « جدي الصادقعليه‌السلام - وسئل عن الخبز، بعضها أكبر من بعض - قال: لا بأس إذا أقرضته ».

٢٢ -( باب استحباب تحليل الميت والحي من الدين)

[١٥٧٥٠] ١ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن ابن الزبير، أنه قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام : إني وجدت في حساب أبي، أنه له على أبيك ثمانين ألف درهم، فقال له: « إن أباك صادق » فقضى ذلك، ثم جاء فقال: غلطت فيما قلت، إنما كان لوالدك على والدي ما ذكرته لك، فقال: « والدك في حل، والذي قبضته مني هو لك ».

[١٥٧٥١] ٢ - الصدوق في المقنع وإن مات رجل ولك عليه دين، فإن جعلته في حل منه، كان لك بكل درهم عشرة، وإن لم تحلله كان لك بكل درهم درهم.

[١٥٧٥٢] ٣ - الإمام العسكريعليه‌السلام في تفسيره: « عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إن الله تعالى يبعث يوم القيامة أقواما تمتلئ من جهة السيئات موازينهم، فيقال لهم: هذه السيئات، فأين الحسنات؟ فيقولون: يا ربنا ما نعرف لنا حسنات، فإذا النداء من قبل الله عز وجل: لئن لم تعرفوا لأنفسكم عبادي حسنات، فإني أعرفها لكم وأوفرها عليكم، ثم يأتي بصحيفة(١) صغيرة يطرحها في كفة حسناتهم فترجح سيئاتهم، بأكثر

__________________

الباب ٢١

١ - فقه الرضاعليه‌السلام :

الباب ٢٢

١ - المناقب لابن شهرآشوب ج ٢ ص ١١٨.

٢ - المقنع ص ١٢٦.

٣ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٥٤.

(١) في المصدر: يأتي الريح برقعة.

٤١٠

مما بين السماء والأرض، فيقال لأحدهم: خذ بيد أبيك وأمك وإخوانك وأخواتك وخاصتك وقراباتك وأخدانك ومعارفك فأدخلهم الجنة، فيقول أهل المحشر: يا رب أما الذنوب فقد عرفناها، فماذا كانت حسناتهم؟ فيقول الله عز وجل: يا عبادي مشى أحدهم ببقية دينه [ عليه ](٢) لأخيه إلى أخيه، فقال: خذها، فإني أحبك بحب علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فقال الآخر: قد تركتها لك بحبك علياعليه‌السلام ، ولك من مالي ما شئت، فشكر الله تعالى ذلك لهما، فحط به خطاياهم، وجعل ذلك في حشو صحيفتهما وموازينهما، وأوجب لهما ولوالديهما الجنة » الخبر.

٢٣ -( باب جواز انظار المعسر، وعدم جواز معاسرته)

[١٥٧٥٣] ١ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي: عن حميد بن شعيب، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سمعته يقول: « إن نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، طلع ذات يوم من غرفة له، فإذا هو برجل يلزم رجلا، ثم اطلع من العشي فإذا هو ملازمه، ثم إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نزل إليهما، فقال ما يقعدكما(١) هاهنا؟ قال أحدهما: يا رسول الله، إن لي قبل هذا حق قد غلبني عليه، فقال الآخر: يا نبي الله، له علي حق وأنا معسر، ولا والله ما عندي، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أراد أن يظله الله من فوح جهنم، يوم لا ظل إلا ظله، فلينظر معسرا أو يدع له، فقال الرجل عند ذلك: قد وهبت لك ثلثا، وأخرتك بثلث إلى سنة، وتعطيني ثلثا، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أحسن هذا! ».

__________________

(٢) أثبتناه من المصدر.

الباب ٢٣

١ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح ص ٦٩.

(١) في الطبعة الحجرية: « ما يفعل بكما » وما أثبتناه من المصدر.

٤١١

[١٥٧٥٤] ٢ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « من ضيق الخلق، البخل وسوء التقاضي ».

[١٥٧٥٥] ٣ - الصدوق في المقنع: عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال: « إن الله عز وجل يحب إنظار المعسر، ومن كان غريمه معسرا فعليه أن ينظره إلى ميسرة، إن كان أنفق ما أخذ في طاعة الله، وإن كان أنفق ذلك في معصية الله، فليس عليه أن ينظره إلى ميسرة، وليس هو من أهل الآية التي قال الله عز وجل:( فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ ) (١) ».

ورواه في الهداية مثله(٢) .

[١٥٧٥٦] ٤ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: عن أبي هريرة، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من أنظر معسرا أو وضع له، أظله الله تحت ظل عرشه، يوم لا ظل إلا ظله ».

[١٥٧٥٧] ٥ - وعن حذيفة بن اليمان، أنه قال: « إذا كان يوم القيامة يؤتى بعبد فيقول: اللهم إني لا أعلم في حياتي عملا غير أنك وهبتني في الدنيا مالا، فكنت أعين به الفقراء، فإذا لم يكن عندهم ما يقضون به، لم أعسر عليهم، فيقول الله تبارك وتعالى: « أنا أولى بإعانتك فإنك ملهوف، فتجاوزوا عن عبدي » قال أبو مسعود الأنصاري: أشهد أن حذيفة سمع هذا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

[١٥٧٥٨] ٦ - وعن بريدة قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من

__________________

٢ - غرر الحكم ج ٢ ص ٧٢٩ ح ٧٥.

٣ - المقنع: النسخة المطبوعة من المصدر خالية من هذا الحديث.

(١) البقرة ٢: ٢٨٠.

(٢) الهداية ص ٨٠، وعنه في البحار ج ١٠٣ ص ١٥٣ ح ٢٤.

٤ تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٨٧.

٥ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٨٧.

٦ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٨٧.

٤١٢

أقرض وانظر المعسر، يكتب له في كل يوم صدقة، ومن انظر كتب الله له صدقة وله في كل يوم مثله ماله عليه » قلت: يا رسول الله، قلت في الأول: يكتب له في كل يوم صدقة، ثم قلت: يكتب له مثل ماله عليه في كل يوم صدقة، قال: « نعم، قلت الأول قبل الاجل، والثاني بعده ».

[١٥٧٥٩] ٧ - فقه الرضاعليه‌السلام : وارفق بمن لك عليه ( حق، تأخذ )(١) منه في عفاف وكفاف، فإن كان غريمك معسرا، وكان أنفق ما أخذ منك في طاعة الله، فانظره إلى ميسرة، وهو أن يبلغ(٢) خبره الامام فيقضي عنه، أو يجد الرجل طولا فيقضي دينه، وإن كان أنفق ما أخذه منك في معصية الله، [ فطالبه بحقك ](٣) فليس هو من أهل هذه الآية ».

٢٤ -( باب كراهة مطالبة الغريم في الحرم، وحكم من أقرض غيره دراهم، ثم سقطت وجاءت غيرها)

[١٥٧٦٠] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « إن كان لك على رجل حق فوجدته في مكة أو في الحرم، فلا تطالبه ولا تسلم عليه فتفزعه، إلا أن تكون أعطيته حقك في الحرم، فلا بأس أن تطالبه في الحرم ».

٢٥ -( باب أنه إذا كان لاثنين ديون فاقتسماها، فما حصل لهما وما ذهب عليهما)

[١٥٧٦١] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في

__________________

٧ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٦.

(١) في المصدر: « حتى تأخذه ».

(٢) في المصدر: « تبلغ ».

(٣) أثبتناه من المصدر.

الباب ٢٤

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٣.

الباب ٢٥.

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٨٧ ح ٢٦٤.

٤١٣

الشريكين إذا افترقا، واقتسما ما في أيديهما، وبقي الدين والغائب، فتراضيا أن صار لكل واحد [ منهما ](١) حصته في شئ منه، فهلك بعضه قبل أن يصل، قال: « ما هلك فهو عليهما معا، ولا يجوز قسمة الدين ».

٢٦ -( باب استحباب قضاء الدين عن الأبوين، وتأكده بعد الموت)

[١٥٧٦٢] ١ - البحار، عن كتاب الإمامة والتبصرة لعلي بن بابويه: عن أحمد بن علي، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : سيد الأبرار يوم القيامة، رجل بر والديه بعد فوتهما ».

[١٥٧٦٣] ٢ - القطب الراوندي في دعواته: عن الصادقعليه‌السلام قال: « يكون الرجل عاقا لوالديه في حياتهما، فيصوم عنهما بعد موتهما، ويصلي ويقضي عنهما الدين، فلا يزال كذلك حتى يكتب بارا، ويكون بارا في حياتهما فإذا ماتا لا يقضي دينهما، ولا يبرهما بوجه من وجوه البر، فلا يزال كذلك حتى يكتب عاقا ».

٢٧ -( باب جواز تعجيل قضاء الدين بنقيصة منه، أو تعجيل بعضه بزيادة مع أجل الباقي، لا تأخيره بزيادة فيه، وحكم من ترك مطالبة حق له عشر سنين)

[١٥٧٦٤] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل عن

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ٢٦

١ - البحار ج ٧٤ ص ٨٦ ح ١٠٠ بل عن جامع الأحاديث ص ١٤.

٢ - دعوات الراوندي ص ٥٤.

(١) في المصدر: فيقوم.

الباب ٢٧

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٦٢ ح ١٧٥.

٤١٤

الرجل يكون له على الرجل الدين إلى أجل [ مسمى ](١) ، فيأتي غريمه فيقول: عجل لي كذا وكذا، وأضع عنك بقيته، أو أمد لك في الاجل، قال: « لا بأس به إن هو لم يزد(٢) على رأس ماله، ولا بأس أن يحط الرجل دينا له إلى أجل، ويأخذه مكانه ».

٢٨ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب الدين والقرض)

[١٥٧٦٥] ١ - الصدوق في المقنع: وإذا مات الرجل وله دين على رجل، فإن أخذه وارثه منه فهو له، وإن لم يعطه فهو للميت في الآخرة.

[١٥٧٦٦] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : مثله. « وروي أنه شكا رجل إلى العالمعليه‌السلام دينا عليه، فقال له العالم: أكثر من الصلاة ».

[١٥٧٦٧] ٣ - السيد فضل الله الراوندي في نوادره: باسناده الصحيح عن موسى بن جعفر، عن أبيه عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أربعة لا عذر لهم: رجل عليه دين محارف في بلاده، لا عذر له حتى يهاجر في الأرض يلتمس ما يقضي به دينه » الخبر.

[١٥٧٦٨] ٤ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن محمد بن علي قال: حدثنا محمد بن الحسن قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أخي الأصمعي، عن عمه الأصمعي قال: حدثنا بعض أصحابنا، عن عبد الرحمن بن خالد بن أبي الحسن جمهور مولى المنصور قال: أخرج إلى بعض ولد سليمان بن علي كتابا

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: « يزدد ».

الباب ٢٨

١ - المقنع ص ١٢٦.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٤.

٣ - نوادر الراوندي ص ٢٧.

٤ - الاختصاص ص ١٢٣.

٤١٥

بخط عبد المطلب، وإذا شبيه بخط النساء: « بسمك اللهم، ذكر حق عبد المطلب بن هاشم - من أهل مكة - على فلان بن فلان الحميري - من أهل زول(١) صنعاء - عليه ألف درهم فضة طيبة كيلا بالحديد، ومتى دعاه بهذا أجابه، شهد الله والملكان ».

[١٥٧٦٩] ٥ - الجعفريات: أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « صاحب الدين لا يقيد، ولا يضرب، ولا يضيق عليه في شئ ».

__________________

(١) الزول: اسم مكان باليمن وجد بخط عبد المطلب بن هاشم: وأنهم وصلوا إلى زول صنعاء ( معجم البلدان ج ٣ ص ١٥٩ ).

٥ - الجعفريات ص ٤٤.

٤١٦

كتاب الرهن

أبواب كتاب الرهن

١ -( باب جواز الارتهان على الحق الثابت)

[١٥٧٧٠] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: لا بأس أن يأخذ الرهن والكفيل، في بيع السلم والنسيئة ».

[١٥٧٧١] ٢ - البحار، عن بعض كتب المناقب: عن أبي الفرج محمد بن أحمد المكي، عن المظفر بن أحمد بن عبد الواحد، عن محمد بن علي الحلواني، عن كريمة بنت أحمد بن محمد المروزي، وعن محمد(١) بن الحسين البغدادي، عن الحسين بن محمد بن علي الزينبي، عن الكريمة فاطمة بنت أحمد بن محمد المروزية، عن أبي، عن(٢) زاهر بن أحمد، عن معاذ بن يوسف الجرجاني، عن أحمد بن محمد بن غالب، عن عثمان بن أبي شيبة، عن نمير، عن مجالد، عن ابن عباس - في حديث طويل - أنه قال: قالت فاطمةعليها‌السلام لسلمان: « يا سلمان، خذ درعي(٣) هذا ثم امض به إلى شمعون اليهودي، وقل له: تقول لك فاطمة بنت محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله : أقرضني عليه صاعا من تمر، وصاعا من شعير، أرده عليك إن شاء الله » قال: فأخذ سلمان الدرع ثم أتى به إلى شمعون اليهودي فقال له: يا

__________________

كتاب الرهن

الباب ١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٢ ح ١٣٥.

٢ - البحار ج ٤٣ ص ٧٢ ح ٦١.

(١) في الحجرية: « أحمد » وما أثبتناه من المصدر وهو الصواب ( راجع لسان الميزان ج ٥ ص ١٤١ ح ٤٦٩ ).

(٢) في المصدر: علي.

(٣) درع المرأة: قميصها، أو نوع من الثياب واسع ( لسان العرب - درع - ج ٨ ص ٨٢ ومجمع البحرين - درع - ج ٤ ص ٣٢٤ ).

٤١٧

شمعون، هذا درع فاطمة بنت محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، تقول لك: « أقرضني عليه صاعا من تمر، وصاعا من شعير، أرده عليك إن شاء الله(٤) »، فأخذ شمعون الدرع، الخبر.

[١٥٧٧٢] ٣ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن فاطمةعليها‌السلام أنها رهنت كسوة لها عند امرأة زيد اليهودي في المدينة واستقرضت الشعير، الخبر.

[١٥٧٧٣] ٤ - الشيخ أبو الفتوح في تفسيره: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه ابتاع طعاما من يهودي نسيئة، ورهن عليه درعه.

[١٥٧٧٤] ٥ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: وفي الحديث الصحيح، ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، رهن درعه من يهودي، بشعير أخذه لقوت أهله.

٢ -( باب كراهة الارتهان من المؤمن المأمون)

[١٥٧٧٥] ١ - الصدوق في كتاب الاخوان: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « من كان الرهن عنده أوثق من أخيه، فالله منه برئ ».

[١٥٧٧٦] ٢ - الشيخ الطبرسي في مجمع البيان: عن أبي رافع قال: نزل برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ضيف، فبعثني إلى يهودي فقال: « قل: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقول: بعني كذا وكذا من الدقيق، وأسلفني إلى هلال رجب » فأتيته فقلت له، فقال: والله لا أبيعه ولا أسلفه إلا برهن، فأتيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبرته، فقال: « والله

__________________

(٤) في المصدر زيادة: قال.

٣ - المناقب ج ٣ ص ٣٣٩.

٤ - تفسير أبي الفتوح ج ١ ص ٤٩٦.

٥ - درر اللآلي ص ١ ح ٣٢٥.

الباب ٢

١ - مصادقة الإخوان ص ٧٢.

٢ - مجمع البيان:

٤١٨

لو باعني وأسلفني لقضيته، وإني لأمين في السماء، وأمين في الأرض، اذهب بدرعي الحديد إليه» الخبر.

٣ -( باب اشتراط القبض في الرهن، وجواز كون قيمته أقل من الدين بكثير وأكثر ومساويا)

[١٥٧٧٧] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « لا يكون الرهن إلا مقبوضا ».

[١٥٧٧٨] ٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « لا بأس برهن الدور والأرضين المشاع منها والمقسوم، ولا بأس برهن الحلي والطعام والأموال كلها إذا قبضت، وإن لم تقبض فليس برهن ».

٤ -( باب عدم جواز بيع الرهن إذا غاب صاحبه، وجواز بيعه إن لم يعلم لمن هو بعد التعريف، ويحفظ فاضل الثمن حتى يجئ صاحبه)

[١٥٧٧٩] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا كان الرهن إلى أجل وغاب الراهن، لم يبع الرهن إلا أن يحضر، أو يكون له وكيل، أو جعل بيعه أن غاب عن وقت الاجل إلى من هو في يده(١) ، أو إلى غيره ».

__________________

الباب ٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٨٢ ح ٢٤٤.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٨٢ ح ٢٤٥.

الباب ٤

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٨٣ ح ٢٤٩.

(١) في المصدر: يديه.

٤١٩

٥ -( باب أن الرهن إذا تلف من غير تفريط من المرتهن لم يضمنه، ولم يسقط من حقه شئ، وحكم خيانة العبد المرهون)

[١٥٧٨٠] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا هلك الرهن فهو من مال الراهن، والدين بحاله ».

[١٥٧٨١] ٢ - الصدوق في المقنع: وإن رهن عنده مملوكا فأجذم، أو رهن عنده متاعا فلم ينشر المتاع ولم يحركه ولم يتعاهده فانفسد، فان ذلك لم ينقص من ماله شيئا، وإن رهن عنده رهنا فضاع أو أصابه شئ، رجع بماله عليه، واعلم أنه متى ما رهن رجل عند رجل رهنا، فضاع من غير أن يضيعه، فهو من مال الراهن، ويرتجع المرتهن عليه بماله.

٦ -( باب أنه إذا تلف بعض الرهن من غير تفريط المرتهن لم يضمنه، وكان الباقي رهنا على جميع الحق)

[١٥٧٨٢] ١ - الصدوق في المقنع: وإن رهن رجل عند رجل دارا فاحترقت أو انهدمت، فإن ماله في تربة الأرض.

وإن رهن عنده رهنا فصدع أو أصابه شئ، رجع بماله عليه، فإن هلك بعضه وبقي بعضه، فإن حقه فيما بقي.

٧ -( باب أن الرهن إذا تلف بتفرط المرتهن، لزمه ضمانه وترادا الفضل بينهما)

[١٥٧٨٣] ١ - الصدوق في المقنع: فإن ضيعه المرتهن من غير أن ضاع، فإن عليه

__________________

الباب ٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٨٣ ح ٢٤٧.

٢ - المقنع ص ١٢٨.

الباب ٦

١ - المقنع ص ١٢٨.

الباب ٧

١ - المقنع ص ١٢٩.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496