مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٣

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل12%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 496

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 496 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 318989 / تحميل: 5283
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

إليك، فقير إلى ما في يديك، وأنت غني عنه، وأنت به خبير عليم( وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّـهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّـهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) (١) ( إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ) (٢) ( إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ) (٣) ( وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ) (٤) ».

[١٤٦٨٤] ٨ - ابن أبي جمهور في عوالي اللآلي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، انه شكا إليه رجل قلة الرزق، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ادم الطهارة يدم عليك الرزق » ففعل الرجل ذلك فوسع عليه الرزق.

[١٤٦٨٥] ٩ - وفي درر اللآلي العمادية: عن عبد الله بن سلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من توضأ لكل حدث، ولم يكن دخالا على النساء في البيوتات، ولم يكن يكتسب مالا بغير حق، رزق من الدنيا بغير حساب ».

[١٤٦٨٦] ١٠ - الشيخ إبراهيم الكفعمي في الجنة: رأيت في بعض كتب أصحابنا ما ملخصه: ان رجلا جاء إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال: يا رسول الله، اني كنت غنيا فافتقرت، وصحيحا فمرضت، وكنت مقبولا عند الناس فصرت مبغوضا، وخفيفا على قلوبهم فصرت ثقيلا، وكنت فرحانا فاجتمعت علي الهموم، وقد ضاقت علي الأرض بما رحبت، وأجول طول نهاري في طلب الرزق فلا أجد ما أتقوت به، كأن اسمي قد محي من ديوان الأرزاق - إلى أن قال - فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « اتق الله وأخلص ضميرك، وادع بهذا الدعاء، وهو دعاء الفرج:

بسم الله الرحمن الرحيم: إلهي طموح الآمال قد خابت الا لديك،

__________________

(١، ٤) الطلاق ٦٥ الآية ٣، ٢.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) الانشراح ٩٤ الآية ٦.

٨ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢٦٨.

٩ - درر اللآلي ج ١ ص ٦.

١٠ - الجنة الواقية « المصباح » ص ٩٥ « الهامش » وعنه في البحار ج ٩٥ ص ٢٠٣ ح ٣٧.

٤١

ومعاكف الهمم قد تقطعت الا عليك، ومذاهب العقول قد سمت الا إليك، فإليك الرجاء، واليك الملتجأ، يا أكرم مقصود، ويا أجود مسؤول، هربت إليك نفسي يا ملجأ الهاربين، باثقال الذنوب احملها على ظهري، وما أجد لي إليك شافعا سوى معرفتي بأنك أقرب من رجاه الطالبون، ولجأ إليه المضطرون، وأمل ما لديه الراغبون، يا من فتق العقول بمعرفته، وأطلق الألسن بحمده، وجعل ما امتن به على عباده كفاية لتأدية حقه، صل على محمد وآله، ولا تجعل للهموم على عقلي سبيلا، ولا للباطل على عملي دليلا، وافتح لي بخير الدنيا(١) يا ولي الخير » فلما دعا به الرجل وأخلص النية عاد إلى ( حسن الإجابة )(٢) .

١٣ -( باب كراهة زيادة الاهتمام بالرزق)

[١٤٦٨٧] ١ - القطب الراوندي في قصص الأنبياء: باسناده إلى الصدوق، عن محمد ابن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن محمد القاساني، عن القاسم بن محمد الأصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري(١) ، عن حفص بن غياث النخعي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « من اهتم لرزقه كتب عليه خطيئة، ان دانيالعليه‌السلام كان في زمن ملك جبار، فاخذه وطرحه في الجب وطرح معه السباع لتأكله، فلم تدن إليه، فأوحى الله تعالى جلت عظمته إلى نبي من أنبيائه ( صلوات الله عليهم ): ان ائت دانيال بطعام، قال: يا رب وأين دانيال؟ قال: تخرج من القرية فيستقبلك ضبع فيدلك عليه، فخرج فانتهى به الضبع إلى ذلك الجب، فإذا بدانيالعليه‌السلام فيه فأدلى له الطعام، فقال دانيال: الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره، والحمد لله الذي لا يخيب من دعاه والحمد لله الذي يجزي بالاحسان احسانا وبالصبر نجاة، ثم قال أبو عبد الله

__________________

(١) في المصدر زيادة: والآخرة.

(٢) في المصدر والبحار: أحسن حالاته.

الباب ١٣

١ - قصص الأنبياء ص ٢٣٥، وعنه في البحار ج ١٤ ص ٣٦٢ ح ٤.

(١) في المصدر: المقرئ.

٤٢

صلوات الله عليه: أبي الله أن يجعل أرزاق المؤمنين(٢) الا من حيث لا يحتسبون، وأبي الله ان يقبل شهادة لأوليائه في دولة الظالمين ».

[١٤٦٨٨] ٢ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا بن مسعود، لا تهتمن(١) للرزق، فان الله تعالى يقول: ( وما من دابة في الأرض الا على الله رزقها )(٢) وقال: ( وفي السماء رزقكم وما توعدون )(٣) وقال: ( وان يمسسك اله بضر فلا كاشف له الا هو وان يمسسك بخير فهو على كل شئ قدير )(٤) ».

[١٤٦٨٩] ٣ - الديلمي في ارشاد القلوب عن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ثلاثة يدخلون الجنة بغير حساب رجل يغسل قميصه وليس(١) له بدل، ورجل لم يطبخ على مطبخ قدرين، ورجل كان عنده قوت يوم ولم يهتم لغد ».

١٤ -( باب كراهة كثرة النوم والفراغ)

[١٤٦٩٠] ١ - نهج البلاغة: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « ما انقض النوم لعزائم الأمور(١) ! ».

__________________

(٢) في المصدر: المتقين.

٢ - مكارم الأخلاق ص ٤٥٥.

(١) في المصدر: لا تهتم.

(٢) هود ١١ الآية ٦.

(٣) الذاريات ٥١ الآية ٢٢.

(٤) الانعام ٦ الآية ١٧.

٣ - إرشاد القلوب ص ١٩٦.

(١) في المصدر: ولم يكن.

الباب ١٤

١ - نهج البلاغة ج ٢ ص ٢٦٢ رقم ٢٣٦ و ج ٣ ص ٢٥٨ رقم ٤٤٠.

(١) في المصدر: اليوم.

٤٣

[١٤٦٩١] ٢ - الآمدي في الغرر: عنهعليه‌السلام قال: « ( ويح النائم )(١) ما أخسره! قصر عمله(٢) وقل أجره ».

وقالعليه‌السلام : « بئس الغريم النوم، يفني قصير العمر، ويفوت كثير الاجر »(٣) .

[١٤٦٩٢] ٣ - العياشي في تفسيره: عن ابن أبي حمزة قال: قلت لأبي الحسنعليه‌السلام : ان أباك أخبرنا بالخلف من بعده، فلو أخبرتنا به، فاخذ بيدي فهزها ثم قال: «( مَا كَانَ اللَّـهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّىٰ يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ ) (١) قال: فخفقت، فقال: مه، لا تعود عينيك كثرة النوم، فإنها أقل شئ في الجسد شكرا ».

وباقي اخبار الباب تقدم في أبواب التعقيب.

١٥ -( باب كراهة الكسل في أمور الدنيا والآخرة)

[١٤٦٩٣] ١ - كتاب العلاء بن رزين: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « اني لأبغض الرجل يكون كسلان عن امر دنياه، فهو عن امر آخرته أكسل ».

ورواه في دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام مثله(١) .

__________________

٢ - غرر الحكم ج ٢ ص ٢٨٢ ح ٣٠.

(١) في المصدر: ويل للنائم.

(٢) في المصدر: عمره.

(٣) نفس المصدر ج ١ ص ٣٤٢ ح ٣٣.

٣ - تفسير العياشي ج ٢ ص ١١٥.

(١) التوبة ٩ الآية ١١٥.

الباب ١٥

١ - كتاب العلاء بن رزين ص ١٥٣.

(١) دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٤ ح ٢.

٤٤

[١٤٦٩٤] ٢ - الجعفريات بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام : « للكسلان ثلاث علامات: يتوانى حتى يفرط، ويفرط حتى يضيع، ويضيع حتى يأثم ».

[١٤٦٩٥] ٣ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « الكسل يفسد الآخرة ».

وقالعليه‌السلام (١) : « آفة النجح الكسل ».

وقالعليه‌السلام (٢) : « من دام كسله خاب أمله »(٣) .

وقالعليه‌السلام (٤) : « من التواني يتولد الكسل ».

١٦ -( باب كراهة الضجر والمنى)

[١٤٦٩٦] ١ - الشيخ المفيد في أماليه: عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار(١) ، عن فضالة بن أيوب، عن ( عجلان أبي صالح )(٢) قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد ( صلوات الله عليهما ) في حديث: « وإياك والكسل والضجر، فان أبي بذلك كان يوصيني، وبذلك كان يوصيه أبوه، وكذلك في صلاة الليل، انك إذا

__________________

٢ - الجعفريات ص ٢٣٢.

٣ - غرر الحكم: (١) نفس المصدر ج ١ ص ٣٠٨ ح ٥٣.

(٢) نفس المصدر ج ٢ ص ٦٢٣ ح ٢٦٣.

(٣) في المصدر زيادة: وساء عمله.

(٤) نفس المصدر ج ٢ ص ٧٢٦ ح ٣٦.

الباب ١٦

١ - أمالي المفيد ص ١٨١ ح ٤.

(١) كان في السند زيادة: « عن علي »وهي مقحمة.

(٢) في الطبعة الحجرية: « عجلان ابن أبي صالح »وما أثبتناه من المصدر.

٤٥

كسلت لم تؤد إلى ( أحد حقا )(٣) ، وعليك بالصدق والورع وأداء الأمانة، وإذا وعدت فلا تخلف ».

[١٤٦٩٧] ٢ - السيد علي بن طاووس في كشف المحجة: نقلا من رسائل الكلينيرحمه‌الله : باسناده إلى جعفر بن عنبسة، عن عباد بن زياد الأسدي، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في وصيته لولده الحسنعليه‌السلام : إياك والاتكال على المنى، فإنها بضائع النوكى(١) ، وتثبط(٢) عن الآخرة والدنيا ».

وقالعليه‌السلام : « أشرف الغنى ترك المنى ».

[١٤٦٩٨] ٣ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تمني الا في خير كثير ».

[١٤٦٩٩] ٤ - وبهذا الاسناد قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من تمنى شيئا هو لله تعالى رضى، لم يمت من الدنيا حتى يعطاه ».

[١٤٧٠٠] ٥ - وبهذا الاسناد عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام قال: « إذا تمنى أحدكم، فليكن مناه في الخير وليكثر، فان الله واسع كريم ».

__________________

(٣) في المصدر: الله حقه.

٢ - كشف المحجة ص ١٦٧.

(١) النوكى: جمع أنوك وهو الأحمق ( لسان العرب - نوك - ج ١٠ ص ٥٠١ ).

(٢) في الطبعة الحجرية: « ومطل » وما أثبتناه من المصدر.

(٣) نفس المصدر: لم نجده، ورواه في نهج البلاغة ج ٣ ص ١٥٩ رقم ٣٤ وعنه في البحار ج ٧٣ ص ١٦٦.

٣ - الجعفريات ص ١٥٤.

٤ - المصدر السابق ص ١٥٤.

٥ - المصدر السابق ص ١٥٥.

٤٦

[١٤٧٠١] ٦ - وبهذا الاسناد عن عليعليه‌السلام كما في نسخة الشهيدرحمه‌الله ، قال: « من تمنى شيئا من فضول الدنيا، من مراكبها وقصورها أو رياشها، عنى نفسه، ولم يشف غيظه، ومات بحسرته ».

[١٤٧٠٢] ٧ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: عن الصادقعليه‌السلام أنه قال لعبد الله بن جندب في وصيته له: « ولا تنظر [ الا ](١) إلى ما عندك، ولا تتمن ما لست تناله فان من قنع شبع، ومن لم يقنع لم يشبع ».

[١٤٧٠٣] ٨ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه قال: « الأماني شيمة الحمقى ».

وقالعليه‌السلام : « الأماني بضائع النوكى، والآمال غرور الحمقاء »(١) .

وقالعليه‌السلام : « الأماني همة الجهال »(٢) .

وقالعليه‌السلام : « الأماني تخدعك، وعند الحقائق تخذلك »(٣) .

وقالعليه‌السلام : « إياك والمنى، فإنها بضائع النوكى »(٤) .

وقالعليه‌السلام : « أقبح العي الضجر »(٥) .

[١٤٧٠٤] ٩ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: عن رسول الله ( صلى الله

__________________

٦ - الجعفريات: لم نجده في نسختنا.

٧ - تحف العقول ص ٢٢٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

٨ - غرر الحكم ودرر الكلم ج ١ ص ١٨ ح ٤٩٠.

(١) نفس المصدر ج ١ ص ٢٤ ح ٦٨١ و ٦٨٢.

(٢) نفس المصدر ص ٢٣ « الطبعة الحجرية ».

(٣) نفس المصدر ج ١ ص ٥٤ ح ١٤٩١، وفيه « تدعك » بدل « تخذلك ».

(٤) نفس المصدر

(٥) نفس المصدر ج ١ ص ١٧٨ ح ٨٦.

٩ - تحف العقول ص ٢٩.

٤٧

عليه وآله )، أنه قال لرجل من بني تميم: « ولا تضجر، فان الضجر يمنعك من الآخرة والدنيا » الخبر.

١٧ -( باب استحباب العمل في البيت للرجل والمرأة)

[١٤٧٠٥] ١ - عبد الله بن جعفر في قرب الإسناد عن السندي بن محمد، عن أبي البختري، عن أبي عبد الله، عن أبيهعليهما‌السلام قال: « تقاضى علي وفاطمة صلوات الله عليهما إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الخدمة، فقضى على فاطمة بخدمة ما دون الباب، وقضى على عليعليه‌السلام بما خلفه قال: فقالت فاطمةعليهما‌السلام : فلا يعلم ما داخلني من السرور الا الله، بكفائي(١) رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تحمل رقاب الرجال ».

[١٤٧٠٦] ٢ - جامع الأخبار: عن عليعليه‌السلام قال: « دخل علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وفاطمةعليه‌السلام جالسة عند القدر، وأنا أنقي العدس، قال: يا أبا الحسن، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: اسمع(١) وما أقول الا ما امر ربي، ما من رجل يعين امرأته في بيتها الا كان له بكل شعرة على بدنه، عبادة سنة صيام نهارها وقيام ليلها، وأعطاه الله من الثواب ما أعطاه الله الصابرين، وداود النبي ويعقوب وعيسىعليهم‌السلام ، يا علي من كان في خدمة عياله(٢) في البيت ولم يأنف، كتب الله اسمه في ديوان الشهداء، وكتب الله [ له ](٣) بكل يوم وليلة ثواب ألف شهيد، وكتب له بكل قدم ثواب حجة وعمرة، وأعطاه الله تعالى بكل عرق في جسده مدينة في الجنة.

__________________

الباب ١٧

١ - قرب الإسناد ص ٢٥.

(١) في المصدر باكفائي.

٢ - جامع الأخبار ص ١١٩.

(١) في المصدر زيادة: مني.

(٢) في المصدر: العيال.

(٣) أثبتناه من المصدر.

٤٨

يا علي، ساعة في خدمة البيت، خير من عبادة ألف سنة، وألف حج، وألف عمرة، وخير من عتق ألف رقبة، وألف غزوة، وألف مريض عاده، وألف جمعة، وألف جنازة، وألف جائع يشبعهم، وألف عار يكسوهم، وألف فرس يوجهه في سبيل الله، وخير له من ألف دينار يتصدق على المساكين، وخير له من أن يقرأ التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، ومن ألف أسير اشتراها فأعتقها، وخير له من ألف بدنة يعطي للمساكين، ولا يخرج من الدنيا حتى يرى مكانه من الجنة.

يا علي، من لم يأنف من خدمة العيال دخل الجنة بغير حساب، يا علي خدمة العيال كفارة للكبائر، ويطفئ غضب الرب، ومهور حور العين، ويزيد في الحسنات والدرجات، يا علي، لا يخدم العيال الا صديق أو شهيد أو رجل يريد الله به خير الدنيا والآخرة ».

١٨ -( باب استحباب مرمة(*) المعاش، واصلاح المال)

[١٤٧٠٧] ١ - ثقة الاسلام في الكافي عن بعض أصحابنا رفعه عن هشام بن الحكم، عن موسى بن جعفر، أنه قال: « قال الحسن بن عليعليهما‌السلام في حديث واستثمار المال تمام المروءة ».

[١٤٧٠٨] ٢ - أبو علي في أماليه: عن أبيه، عن المفيد، عن الحسين بن محمد التمار، عن محمد بن القاسم الأنباري، عن أحمد بن عبيد، عن عبد الرحيم بن قيس الهلالي، عن العمري، عن أبي حمزة السعدي، عن أبيه قال: أوصى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى الحسن بن عليعليهما‌السلام فقال فيما أوصى به إليه: « يا بني لا فقر أشد من الجهل - إلى أن قال - وليس للمؤمن بد من أن

__________________

الباب ١٨

(*) الرم: اصلاح ما فسد ولم ما فرق ( النهاية ج ٢ ص ٢٦٨ ).

١ - الكافي ج ١ ص ١٥ ح ١٢.

٢ - أمالي الطوسي ج ١ ص ١٤٥.

٤٩

يكون شاخصا في ثلاث: مرمة لمعاش، وخطوة لمعاد، ولذة في غير محرم ».

[١٤٧٠٩] ٣ - الصدوق في معاني الأخبار: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد، رفعه عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن الحارث الأعور قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام للحسن ابنهعليه‌السلام : « يا بني، ما المروءة؟ فقال العفاف واستصلاح(١) المال ».

[١٤٧١٠] ٤ - نهج البلاغة: في وصيته للحسنعليه‌السلام : « وحفظ ما في يدك، أحب إلي من طلب ما في يد غيرك ».

[١٤٧١١] ٥ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واجتهدوا أن يكون زمانكم أربع ساعات: ساعة لله(١) لمناجاته، وساعة لامر المعاش، وساعة لمعاشرة الاخوان الثقات »، الخبر.

١٩ -( باب استحباب الاقتصاد، وتقرير المعيشة)

[١٤٧١٢] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث: وما عال امرؤ في اقتصاد ».

[١٤٧١٣] ٢ - وبهذا الاسناد قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا أراد الله

__________________

٣ - معاني الأخبار ص ٢٥٧ ح ٤.

(١) في المصدر: اصلاح.

٤ - نهج البلاغة ج ٣ ص ٥٨ رقم ٣١.

٥ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٥.

(١) في المصدر: منه.

الباب ١٩

١ - الجعفريات ص ١٤٩.

٢ - المصدر السابق ص ١٤٩.

٥٠

بأهل بيت خير فقههم في الدين، ورزقهم الرفق في معايشهم، والقصد في شأنهم »، الخبر.

[١٤٧١٤] ٣ - العياشي في تفسيره: عن ابن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ ) (١) قال: فضم يده، وقال هكذا، فقال:( وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ ) (٢) وبسط راحته وقال: « هكذا ».

[١٤٧١٥] ٤ - وعن عجلان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في حديث ذكر فيه أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أعطى قميصه السائل، قال: « فأدبه الله على القصد فقال:( وَلَا تَجْعَلْ ) » الآية.

[١٤٧١٦] ٥ - وعن عامر بن جذاعة قال: دخل على أبي عبد اللهعليه‌السلام رجل فقال: يا أبا عبد الله، قرضا إلى ميسرة، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « إلى غلة تدرك » فقال: لا والله، فقال: « إلى تجارة تؤدى »، فقال: لا والله، قال: « فإلى عقدة تباع » فقال: لا والله، فقال: « فأنت إذا ممن جعل الله له في أموالنا حقا » فدعا أبو عبد اللهعليه‌السلام بكيس فيه دراهم، فادخل يده فناوله قبضة ثم قال: « اتق الله، ولا تسرف ولا تقتر، وكن بين ذلك قواما، ان التبذير من الاسراف، قال الله تعالى:( وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ) (١) (٢) ان الله تعالى لا يعذب على القصد ».

[١٤٧١٧] ٦ - وعن علي بن جذاعة قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « اتق الله، ولا تسرف ولا تقتر، وكن بين ذلك قواما، ان التبذير من

__________________

٣ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٩ ح ٦٠.

(١) الاسراء ١٧ الآية ٢٩.

(٢) الاسراء ١٧ الآية ٢٩.

٤ - المصدر السابق ج ٢ ص ٢٨٩ ح ٥٩.

٥ - المصدر السابق ج ٢ ص ٢٨٨ ح ٥٦.

(١) الاسراء ١٧ الآية ٢٦.

(٢) في المصدر زيادة: وقال.

٦ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٨ ح ٥٥.

٥١

الاسراف، وقال الله تعالى:( وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ) (١) ان الله لا يعذب على القصد ».

[١٤٧٢٨] ٧ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ان المؤمن أخذ من الله أدبا، إذا وسع عليه اقتصد، وإذا اقتر عليه اقتصر ».

[١٤٧١٩] ٨ - كتاب حسين بن عثمان: عمن ذكره وغير واحد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « لا يصلح المرء الا على ثلاث(١) : التفقه في الدين، وحسن التقدير في المعيشة، والصبر على النائبة ».

[١٤٧٢٠] ٩ - أحمد بن محمد بن فهد في عدة الداعي: عن عيسى بن موسى قال: قال الصادقعليه‌السلام : « يا عيسى، المال مال الله، جعله ودائع عند خلقه، وأمرهم أن يأكلوا منه قصدا، ويشربوا منه قصدا ويلبسوا منه قصدا، وينكحوا منه قصدا، ويركبوا منه قصدا، ويعودوا بما سوى ذلك على فقراء المؤمنين، فمن تعدى ذلك كان [ ما ](١) أكله حراما، وما شرب منه حراما، وما لبسه(٢) منه حراما، وما نكحه(٣) منه حراما، وما ركبه(٤) منه حراما ».

[١٤٧٢١] ١٠ - القطب الراوندي في القصص: باسناده إلى الصدوق، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود، عن حماد

__________________

(١) الاسراء ١٧ الآية ٢٦.

٧ - كتاب الأخلاق: مخطوط.

٨ - كتاب حسين بن عثمان ص ١٠٨.

(١) في المصدر زيادة: خصال.

٩ - عدة الداعي: لم نجده، وأخرجه العلامة المجلسي في البحار ج ١٠٣ ص ١٦ ح ٧٤ عن اعلام الدين ص ٨٤، علما بأن الأحاديث التي تسبقه منقولة عن عدة الداعي فتأمل.

(١) أثبتناه من البحار.

(٢) في الطبعة الحجرية: ألبسه، وما أثبتناه من المصدر.

(٣) في الطبعة الحجرية: أنكحه، وما أثبتناه من المصدر.

(٤) في الطبعة الحجرية: أركبه، وما أثبتناه من المصدر.

١٠ - قصص الراوندي ص ١٩٩.

٥٢

ابن عيسى، عن الصادقعليه‌السلام أنه قال: « قال لقمان لابنه في حديث: وكن مقتصدا، ولا تمسكه تقتيرا، ولا تعطه تبذيرا ».

[١٤٧٢٢] ١١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وليكن نفقتك على نفسك وعيالك قصدا، فإن الله يقول:( يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ) (١) والعفو: الوسط، وقال الله تعالى:( وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا ) (٢) إلى آخره، وقال العالمعليه‌السلام : ضمنت لمن اقتصد أن لا يفتقر ».

[١٤٧٢٣] ١٢ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « الكمال كل الكمال الفقه(١) في الدين، والصبر على النائبة، والتقدير في المعيشة ».

[١٤٧٢٤] ١٣ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « الاقتصاد ينمي القليل ».

وقالعليه‌السلام : « الاقتصاد ينمي اليسير »(١) .

وقالعليه‌السلام : « الاقتصاد نصف المؤونة »(٢) .

وقالعليه‌السلام : « لن يهلك من اقتصد »(٣) .

وقالعليه‌السلام : « ليس في الاقتصاد تلف »(٤) .

__________________

١١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٤.

(١) البقرة ٢ الآية ٢١٩.

(٢) الفرقان ٢٥ الآية ٦٧.

١٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٥٥ ح ٩٦٩.

(١) في المصدر: التفقه.

١٣ - غرر الحكم ج ١ ص ١٥ ح ٣٨٩.

(١) نفس المصدر ج ١ ص ٢١ ح ٥٦٧.

(٢) نفس المصدر ج ١ ص ٢٢ ح ٦١٥.

(٣) نفس المصدر ج ٢ ص ٥٩٢ ح ٤٤.

(٤) نفس المصدر ج ٢ ص ٥٩٦ ح ٦١.

٥٣

وقالعليه‌السلام : « من لم يحسن الاقتصاد أهلكه الاسراف »(٥) .

وقالعليه‌السلام : « من اقتصد خفت عليه المؤن »(٦) .

وقالعليه‌السلام : « من اقتصد(٧) في الغنى والفقر، فقد استعد لنوائب الدهر »(٨) .

وقالعليه‌السلام : « من صحب الاقتصاد، دامت صحبة الغنى له، وجبر الاقتصاد فقره وخلله »(٩) .

وقالعليه‌السلام : « من المروّة ان تقتصد(١٠) فلا تسرف، وتعد فلا تخلف »(١١) .

٢٠ -( باب وجوب الكد على العيال من الرزق الحلال)

[١٤٧٢٥] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « ما غدوة أحدكم في سبيل الله، بأعظم من غدوته يطلب لولده وعياله ما يصلحهم ».

[١٤٧٢٦] ٢ - الصدوق في الهداية: روي: ان الكاد على عياله من حلال، كالمجاهد في سبيل الله.

[١٤٧٢٧] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم أن نفقتك على نفسك وعيالك

__________________

(٥) غرر الحكم ج ٢ ص ٦٤١ ح ٥٥١.

(٦) نفس المصدر ج ٢ ص ٥٤٩ ح ٦٧٠.

(٧) في المصدر: قصد.

(٨) نفس المصدر ج ٢ ص ٧٠٨ ح ١٣٨٣.

(٩) نفس المصدر ج ٢ ص ٧١٨ ح ١٤٦٣.

(١٠) في المصدر: تقصد.

(١١) نفس المصدر ج ٢ ص ٧٣٤ ح ١٤٠.

الباب ٢٠

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٥ ح ٩.

٢ - الهداية ص ١٢.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٤.

٥٤

صدقة، والكاد على عياله من حل، كالمجاهد في سبيل الله ».

[١٤٧٢٨] ٤ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من طلب الدنيا حلالا، استعفافا عن المسألة، وسعيا على عياله، وتعطفا على جاره، لقي الله ووجهه كالقمر ليلة البدر ».

[١٤٧٢٩] ٥ - ابن أبي جمهور في عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « الكاد على عياله، كالمجاهد في سبيل الله ».

[١٤٧٣٠] ٦ - وفي درر اللآلي: عن ثوبان قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أفضل دينار، دينار أنفقه الرجل على عياله، ودينار أنفقه على دابته في سبيل الله، ودينار أنفقه على أصحابه في سبيل الله، ثم قال: وأي رجل أعظم أجرا، من رجل سعى على عياله صغارا، يعفهم ويغنيهم الله به! ».

[١٤٧٣١] ٧ - مجموعة الشهيدرحمه‌الله : عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: « ومن سعى في نفقة عياله ووالديه، فهو كالمجاهد في سبيل الله ».

٢١ -( باب استحباب شراء العقار، وكراهة بيعه الا ان يشتري بثمنه بدله، وكون العقارات متفرقة)

[١٤٧٣٢] ١ - البحار، عن دلائل الطبري: بإسناده عن موسى بن جعفرعليهما‌السلام قال: حدثني أبي، عن جدهعليه‌السلام : « ان بائع الضيعة ممحوق(١) ، ومشتريها مرزوق ».

__________________

٤ - لب اللباب: مخطوط.

٥ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢٦٨ ح ٧٣.

٦ - درر اللآلي ج ١ ص ١٥.

٧ - مجموعة الشهيد: مخطوط.

الباب ٢١

١ - البحار ج ١٠٢ ص ٦٩ ح ٢٧ عن دلائل الإمامة ص ١٥١.

(١) المحق: النقصان وذهاب البركة ( لسن العرب - محق - ج ١٠ ص ٣٣٨ ).

٥٥

[١٤٧٣٣] ٢ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: « قيل: يا رسول الله اي المال خير؟ - إلى أن قال - فأي المال بعد البقر(١) أفضل؟ قال: الراسخات في الوحل، المطعمات في المحل، نعم المال النخل، من باعها فلم يخلف مكانها، فان ثمنها بمنزلة رماد على رأس شاهقة، اشتدت به الريح في يوم عاصف ».

٢٢ -( باب استحباب مباشرة كبار الأمور، كشراء العقار والرقيق والإبل، والاستنابة فيها سواها، واختيار معالي الأمور، وترك حقيرها)

[١٤٧٣٤] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، انه أوصى بعض أصحابه فقال: « لا تكن دوارا في الأسواق، ولا تل شراء دقائق الأشياء بنفسك، فإنه لا ينبغي(١) للمرء المسلم ذي الدين والحسب ان يشتري دقائق الأشياء بنفسه، خلا ثلاثة أشياء: الغنم، والإبل، والرقيق ».

[١٤٧٣٥] ٢ - ونظر علي(١) عليه‌السلام إلى رجل من أصحابه يحمل بقلا على يده، فقال: « انه يكره للرجل السري ان يحمل الشئ الدنئ، لئلا يتجرأ عليه ».

[١٤٧٣٦] ٣ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله بن محمد، أخبرنا محمد بن محمد قال:

__________________

٢ - الجعفريات ص ٢٤٦.

(١) في المصدر: البقرة.

الباب ٢٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧ ح ١٨.

(١) في المصدر زيادة: لكم ولا.

٢ - المصدر السابق ج ٢ ص ١٧ ح ١٨.

(١) ليس في المصدر.

٣ - الجعفريات ص ١٩٦.

٥٦

حدثني موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهما‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ان الله عز وجل جواد يحب الجود ومعالي الأمور، ويكره سفسافها ».

٢٣ -( باب كراهة طلب الحوائج من مستحدث النعمة)

[١٤٧٣٧] ١ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن داود الرقي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال: يا داود لئن تدخل يدك في فم التنين(١) إلى المرفق، خير لك من طلب الحوائج ممن لم يكن فكان ».

[١٤٧٣٨] ٢ - الشهيد في الدرة الباهرة: « عن الرضاعليه‌السلام ، أنه قال: « فوت الحاجة، أهون من طلبها إلى غير أهلها ».

[١٤٧٣٩] ٣ - وعن الكاظمعليه‌السلام ، أنه قال: « من ولده الفقر أبطره الغنى ».

٢٤ -( باب عدم جواز ترك الدنيا التي لا بد منها للآخرة، وبالعكس)

[١٤٧٤٠] ١ - القطب الراوندي في قصص الأنبياء: باسناده إلى الصدوق، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن درست، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: « كان لقمان يقول لابنه: يا بني ان الدنيا بحر وقد غرق فيها جبل كثير - إلى أن قال - يا

__________________

الباب ٢٣

١ - الاختصاص ص ٢٣٢، وعنه في البحار ج ١٠٣ ص ٨٦ ح ١٥.

(١) التنين: ضرب من الحيات من أعظمها ( لسان العرب - تنن - ج ١٣ ص ٧٤ ).

٢ - الدرة الباهرة: النسخة المطبوعة خالية من هذا الحديث، ورواه في نهج البلاغة ج ٣ ص ١٦٥ رقم ٦٦، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ١٥٧ ح ٣٦.

٣ - المصدر السابق ص ٣٦، وعنه في البحار ج ١٠٣ ص ٨٦ ح ١٨.

الباب ٢٤

١ - قصص الأنبياء ص ١٩١.

٥٧

بني خذ من الدنيا بلغة، ولا تدخل فيها دخولا يضر بآخرتك، ولا ترفضها فتكون عيالا على الناس » الخبر.

[١٤٧٤١] ٢ - الجعفريات بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كفى بالمرء اثما أن يضيع من يقوت ».

[١٤٧٤٢] ٣ - الخزاز في كفاية الأثر: عن محمد بن وهبان، عن داود بن الهيثم، عن جده إسحاق بن بهلول، عن أبيه بهلول، عن طلحة بن زيد الرقي، عن الزبير ابن عطا، عن عمير بن ( هانئ العنسي )(١) ، عن جنادة بن أبي أمية، عن الحسن ابن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا »، الخبر.

[١٤٧٤٣] ٤ - الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب الزهد: عن محمد بن أبي عمير، عن ( علي الأحمسي )(١) ، عمن أخبره، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه كان يقول: « نعم العون الدنيا على الآخرة ».

٢٥ -( باب استحباب الاغتراب في طلب الرزق، والتبكير إليه، والاسراع في المشي)

[١٤٧٤٤] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه، عن

__________________

٢ - الجعفريات ص ١٦٥.

٣ - كفاية الأثر ص ٢٢٧.

(١) في الطبعة الحجرية: « ماني العبسي » وفى المصدر « هانئ العيسى » وما أثبتناه هو الصواب ( راجع تقريب التهذيب ج ٢ ص ٨٧ ح ٧٦٥ ).

٤ - كتاب الزهد ص ٥١ ح ١٣٦.

(١) في الطبعة الحجرية: « علي الأحمصي » وفى المصدر: « علي الأحمص » وما أثبتناه هو الصواب ( راجع جامع الرواة ج ١ ص ٥٥٤ ).

الباب ٢٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢ ح ١.

٥٨

أمير المؤمنينعليهم‌السلام : ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « إذا أعسر أحدكم(١) فليضرب في الأرض يبتغي من فضل الله، ولا يغم نفسه(٢) ».

الجعفريات: باسناده، عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله مثله(٣) .

[١٤٧٤٥] ٢ - الشيخ المفيد في أماليه: عن أبي بكر الجعابي، عن أحمد بن محمد بن عقدة، عن جعفر بن عبد الله، عن أخيه، عن محمد بن إسحاق بن جعفر، عن محمد بن هلال قال: قال لي أبوك جعفر بن محمد الصادقعليهما‌السلام : « إذا كانت لك حاجة فاغد فيها، فان الأرزاق تقسم قبل طلوع الشمس، وان الله تبارك وتعالى بارك لهذه الأمة في بكورها، وتصدق بشئ عند البكور، فان البلاء لا يتخطى الصدقة ».

[١٤٧٤٦] ٣ - صحيفة الرضاعليه‌السلام : بأسانيدها قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اللهم بارك لامتي في بكورها: سبتها، وخميسها ».

[١٤٧٤٧] ٤ - القطب الراوندي في فقه القرآن: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ان الله تبارك وتعالى بارك لامتي في خميسها وسبتها، لأجل الجمعة ».

٢٦ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب مقدمات التجارة)

[١٤٧٤٨] ١ - ابن أبي الحديد في شرح النهج: عن أبي عمر قال: كان سلمان يسف الخوص وهو أمير على المدائن، ويبيعه ويأكل منه، ويقول: لا أحب ان آكل الا

__________________

(١) في المصدر زيادة: فليخرج من بيته.

(٢) في المصدر زيادة: وأهله.

(٣) الجعفريات ص ١٦٥.

٢ - أمالي المفيد ص ٥٣ ح ١٦.

٣ - صحيفة الرضاعليه‌السلام ص ٤٤ ح ٤٩.

٤ - فقه القران ج ١ ص ١٤٧.

الباب ٢٦

١ - شرح النهج ج ١٨ ص ٣٥، وعنه في البحار ج ٢٢ ص ٣٩٠.

٥٩

من عمل يدي، وقد كان تعلم سف الخوص من المدينة.

[١٤٧٤٩] ٢ - أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في الاحتجاج: في كتاب سلمان إلى عمر بن الخطاب، في جواب كتاب كتبه إليه إلى، ان قال: واما ما ذكرت اني أقبلت على سف الخوص واكل الشعير، فما هما مما يعير به مؤمن ويؤنب عليه، وأيم الله - يا عمر - لاكل الشعير، وسف الخوص، والاستغناء به عن رفيع المطعم والمشرب، وعن غصب مؤمن، وادعاء ما ليس له بحق، أفضل وأحب إلى الله عز وجل، وأقرب للتقوى، ولقد رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذا أصاب الشعير أكله وفرح به ولم يسخطه ..، الخبر.

[١٤٧٥٠] ٣ - أبو عمرو الكشي في رجاله: قال: كان محمد بن مسلم رجلا موسرا جليلا، فقال له أبو جعفرعليه‌السلام : « تواضع » فأخذ قوصرة(١) فوضعها على باب المسجد، وجعل يبيع التمر، فجاء قومه فقالوا: فضحتنا، فقال: أمرني مولاي بشئ فلا أبرح حتى أبيع(٢) ، فقالوا: اما إذا أبيت الا هذا، فاقعد في الطحانين، ثم سلموا إليه رحى فقعد على بابه وجعل يطحن. قال أبو النضر: سألت عبد الله بن محمد بن خالد، عن محمد بن مسلم، فقال: كان رجلا شريفا موسرا، فقال له أبو جعفرعليه‌السلام : « تواضع » فلما انصرف إلى الكوفة، اخذ قوصرة من تمر مع الميزان، وجلس على باب المسجد(٣) وجعل ينادي عليه، فأتاه قومه فقالوا: فضحتنا، فقال إن مولاي أمرني بأمر فلن أخالفه، ولن أبرح حتى أفرغ من بيع(٤) هذه القوصرة، فقال له قومه: إذا أبيت

__________________

٢ - الاحتجاج ص ١٣١.

٣ - رجال الكشي ج ١ ص ٣٨٨ ح ٢٧٨.

(١) قوصرة: هي وعاء من قصب يعمل للتمر، ويشدد ويخفف ( النهاية - قوصر - ج ٤ ص ١٢١ )، وفى المصدر: قوصرة من تمر.

(٢) في المصدر زيادة: هذه قوصرة.

(٣) في المصدر زيادة: الجامع.

(٤) في المصدر زيادة: باقي.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

ذلك فيما يرويه المؤرخون أن معاوية أراد عزله عن الكوفة فبلغه ذلك ، فرأى أن يسافر الى دمشق ويبادر بتقديم استقالته عن منصبه حتى لا تكون عليه حزازة ، وليرى الناس أنه كاره للإمارة والحكم ، ولما وصل الى دمشق عنّ له أن يلتقي بيزيد قبل التقائه بمعاوية فيحبذ له الخلافة من بعد أبيه ليتخذ من اغرائه وسيلة الى اقراره فى الحكم ، كما أدلى بذلك لأصحابه ولما التقى بيزيد قال له :

« إنه قد ذهب أعيان أصحاب محمد (ص) وكبراء قريش وذوو أسنانهم ، وإنما بقي أبناؤهم وأنت من أفضلهم ، وأحسنهم رأيا ، وأعلمهم بالسنة والسياسة ، ولا أدري ما يمنع أمير المؤمنين أن يعقد لك البيعة؟. »

ولما سمع ذلك يزيد الطائش المغرور طار لبه فرحا وسرورا فانبرى إليه قائلا :

« أو ترى ذلك يتم؟ »

« نعم ».

ومضى يزيد مستعجلا الى أبيه فأخبره بمقالة المغيرة ، فارتاح معاوية بذلك وبعث بالوقت خلفه فعرض عليه مقالته ليزيد فأجابه بصدور ذلك منه ثم انبرى إليه يحفزه على تحقيق هذه الفكرة قائلا له مقال المنافق الذي لا يعرف الخير ولا يفكر به :

« يا أمير المؤمنين ، قد رأيت ما كان من سفك الدماء والاختلاف بعد عثمان. وفي يزيد منك خلف فاعقد له ، فان حدث بك حدث كان كهفا للناس وخلفا منك ، ولا تسفك دماء ، ولا تكون فتنة!! »

وأصابت هذه الكلمات الهدف المقصود لمعاوية فقال له مخادعا ومستشيرا :

« ومن لي بهذا؟ »

٤٢١

« أكفيك أهل الكوفة ، ويكفيك زياد أهل البصرة ، وليس بعد هذين المصرين أحد يخالفك. »

فاستحسن معاوية رأيه ، وأجازه على ذلك فأقره فى عمله ، ثم أمره بالخروج الى الكوفة ليعمل على تحقيق ذلك ، ولما انصرف عنه اجتمع بقومه فبادروه بالسؤال عن مصيره فأجابهم بما جلبه من البلاء والفتن لعموم المسلمين من أجل غايته قائلا :

« لقد وضعت رجل معاوية فى غرز بعيد الغاية على أمة محمد (ص) وفتقت عليهم فتقا لا يرتق أبدا » وتمثل :

بمثلي شاهد النجوى وغالى

بي الأعداء والخصم الغضابا

وسار المغيرة حتى انتهى الى الكوفة ، ففاوض بمهمته جماعة ممن عرفهم بالولاء والإخلاص للبيت الأموي فأجابوه الى ما أراد فأوفد منهم عشرة الى معاوية بعد أن أرشاهم بثلاثين ألف درهم ، وجعل عليهم عميدا ولده موسى ، فلما انتهوا الى معاوية حبذوا له الأمر ودعوه الى انجازه فشكرهم معاوية ، وأوصاهم بكتمان الأمر ، ثم التفت الى ابن المغيرة فساره قائلا :

« بكم اشترى أبوك من هؤلاء دينهم؟ »

ـ بثلاثين ألف درهم.

فضحك معاوية وقال :

« لقد هان عليهم دينهم »(1) .

لقد توصل معاوية الى تحقيق ذلك بشراء الأديان والضمائر والى الاعتماد

__________________

(1) تأريخ الطبري 6 / 169 ، الكامل لابن الأثير 3 / 214 ، وكان قدوم المغيرة على معاوية في سنة 45 ، ففي هذه السنة عمل معاوية مقدمات البيعة لولده.

٤٢٢

على الوسائل التي لم يألفها المسلمون ، ولم يقرها الدين.

وفود الأمصار :

ووجه معاوية دعوة رسمية الى جميع الشخصيات الرفيعة فى العالم الإسلامى يدعوهم الى الحضور في دمشق ليفاوضهم في أمر البيعة ليزيد ، فلما حضروا عنده دعا الضحاك بن قيس الفهري سرّا وقال له :

« إذا جلست على المنبر ، وفرغت من بعض موعظتي وكلامى ، فاستاذني للقيام ، فاذا أذنت لك فاحمد الله تعالى ، واذكر يزيد وقل فيه الذي يحق له عليك ، من حسن الثناء عليه ، ثم ادعني الى توليته من بعدي فاني قد رأيت وأجمعت على توليته ، فاسأل الله في ذلك ، وفى غيره الخيرة وحسن القضاء ».

ثم دعا فريقا آخر من الأذناب والعملاء الذين هان عليهم دينهم فباعوه بأبخس الأثمان ، فأمرهم بتصديق مقالة الضحاك وتأييد فكرته ، وهم : عبد الرحمن بن عثمان الثقفي ، وعبد الله بن مسعدة الفزاري ، وثور بن معن السلمي ، وعبد الله بن عصام الأشعري ، فاستجابوا لدعوته ، ونزى معاوية على المنبر فحدث الناس بما شاء أن يتحدث به ، وبعد الفراغ من حديثه انبرى إليه الضحاك فاستأذنه بالكلام فأذن له ، فقال بعد حمد الله والثناء عليه : « أصلح الله أمير المؤمنين ، وأمتع به ، إنا قد بلونا الجماعة والألفة والاختلاف ، والفرقة ، فوجدناها ألمّ لشعثنا ، وأمنة لسبلنا ، وحاقنة لدمائنا وعائدة علينا فى عاجل ما نرجو ، وآجل ما نؤمل ، مع ما ترجو به الجماعة من الألفة ، ولا خير لنا أن نترك سدى ، والأيام عوج رواجع والله يقول : « كل يوم هو في شأن » ، ولسنا ندري ما يختلف به العصران ، وأنت

٤٢٣

يا أمير المؤمنين ميت كما مات من كان قبلك من أنبياء الله وخلفائه ، نسأل الله بك المتاع ، وقد رأينا من دعة يزيد بن أمير المؤمنين ، وحسن مذهبه وقصد سيرته ، ويمن نقيبته ، مع ما قسم الله له من المحبة في المسلمين ، والشبه بأمير المؤمنين ، في عقله ، وسياسته وشيمته المرضية ، ما دعانا الى الرضا به في امورنا ، والقنوع به في الولاية علينا ، فليوله أمير المؤمنين ـ أكرمه الله ـ عهده ، وليجعله لنا ملجأ ومفزعا بعده ، نأوي إليه إن كان كون ، فانه ليس أحد أحق بها منه ، فاعزم على ذلك عزم الله لك في رشدك ، ووفقك في امورنا ».

ودل هذا الكلام على أن صاحبه رجل سوء ونفاق ، فقد عمد الى سحق جميع القيم الإنسانية في سبيل أطماعه ومنافعه.

ولما فرغ الضحاك من مقالته انبرى من بعده زملاؤه فأيدوا مقالته ، وأخذوا ينسبون ليزيد فضائل المحسنين ، ويضفون عليه مواهب العبقريين ، ويطلقون عليه الألقاب الضخمة ، والنعوت الشريفة التي اتصف بعكسها ، وأخذوا يموهون على المجتمع أنهم إنما تكلموا من صالحه واسعاده ، وهم ـ يعلم الله ـ إنما أرادوا هلاكه وتحطيمه ، والقضاء على نواميسه ومقدساته وبعد ما انتهى حديث هؤلاء التفت معاوية الى الوفد العراقي ليسمع رأيه وكان شخصية الوفد الأحنف بن قيس حليم العرب وسيد تميم فطلب منه معاوية الرأي فى الأمر ، فقام الأحنف خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم التفت الى معاوية قائلا :

« أصلح الله أمير المؤمنين ، ان الناس قد أمسوا فى منكر زمان قد سلف ، ومعروف زمان مؤتنف ، ويزيد بن أمير المؤمنين ، نعم الخلف وقد حلبت الدهر أشطره يا أمير المؤمنين فاعرف من تسند إليه الأمر من

٤٢٤

بعدك ، ثم اعص أمر من يأمرك ، لا يغررك من يشير عليك ، ولا ينظر لك وأنت أنظر للجماعة ، وأعلم باستقامة الطاعة ، مع أن أهل الحجاز وأهل العراق لا يرضون بهذا ، ولا يبايعون ليزيد ما كان الحسن حيا » :

لقد منح الأحنف النصيحة الى معاوية وأرشده الى الحق فأشار عليه بعدم سماع أقوال المرتزقين الذين ينظرون الى صالح أنفسهم أكثر مما ينظرون لصالحه ، وبيّن له أن العراقيين والحجازيين لا يرضون بهذه البيعة ما دام حفيد الرسول وسبطه الأول حيا ، وقد اثارت هذه الكلمات غضب النفعيين والمرتشين الذين تذرع معاوية بهم الى تحقيق هدفه فقام إليه الضحاك بن قيس فندد بمقالته وشتم العراقيين وهذا نص كلامه :

« أصلح الله أمير المؤمنين ، إن أهل النفاق من أهل العراق مروءتهم في أنفسهم الشقاق ، والفتهم في دينهم الفراق ، يرون الحق على أهوائهم كأنما ينظرون بأقفائهم ، اختالوا جهلا وبطرا ، لا يرقبون من الله راقبة ، ولا يخافون وبال عاقبة ، اتخذوا ابليس لهم ربا ، واتخذهم ابليس حزبا ، فمن يقاربوه لا يسروه ، ومن يفارقوه لا يضروه ، فادفع رأيهم يا أمير المؤمنين فى نحورهم ، وكلامهم في صدورهم ، ما للحسن وذوي الحسن في سلطان الله الذي استخلف به معاوية في أرضه؟ هيهات لا تورث الخلافة عن كلالة ، ولا يحجب غير الذكر العصبة ، فوطنوا أنفسكم يا أهل العراق على المناصحة لإمامكم ، وكاتب نبيكم وصهره ، يسلم لكم العاجل ، وتربحوا من الآجل ».

ولم نحسب أن العراق قد ذم بمثل هذا الذم الفظيع ، أو وصم بمثل هذه الامور ، ولكن العراقيين هم الذين جروا لأنفسهم هذا البلاء وتركوا هذا الوغد وأمثاله يحط من كرامتهم ، ويتطاول عليهم.

٤٢٥

وعلى أي حال ، فان الأحنف لم يذعن لمعاوية ولم يعتن بمقالة الضحاك فقد انبرى يهدد معاوية باعلان الحرب إن أصرّ على تنفيذ فكرته قائلا :

« يا أمير المؤمنين ، إنا قد فررنا(1) عنك قريشا فوجدناك أكرمها زندا ، وأشدها عقدا ، وأوفاها عهدا ، قد علمت أنك لم تفتح العراق عنوة ، ولم تظهر عليها قعصا ، ولكنك أعطيت الحسن بن علي من عهود الله ما قد علمت ليكون له الأمر من بعدك ، فان تف فأنت أهل الوفاء وإن تغدر تعلم ، والله إن وراء الحسن خيولا جيادا ، وأذرعا شدادا ، وسيوفا حدادا ، إن تدن له شبرا من غدر ، تجد وراءه باعا من نصر ، وإنك تعلم أن أهل العراق ما أحبوك منذ أبغضوك ، ولا أبغضوا عليا وحسنا منذ أحبوهما ، وما نزل عليهم فى ذلك غير من السماء ، وإن السيوف التي شهروها عليك مع علي يوم صفين لعلى عواتقهم ، والقلوب التي أبغضوك بها لبين جوانحهم ، وأيم الله إن الحسن لأحب لأهل العراق من علي ».

لقد بالغ الأحنف فى نصح معاوية ، وذكر له تمسك العراقيين بولاء أهل البيت (ع) وان اخلاصهم للإمام الحسن أكثر من أبيه ، وهم على استعداد الى مناجزته إن نفذ بيعة يزيد ، وانطلق عبد الرحمن بن عثمان فندد بمقالة الأحنف ، وحرض معاوية على تنجيز مهمته قائلا له :

« أصلح الله أمير المؤمنين ، ان رأي الناس مختلف ، وكثير منهم منحرف ، لا يدعون أحدا الى رشاد ، ولا يجيبون داعيا الى سداد ، مجانبون لرأي الخلفاء ، مخالفون لهم في السنة والقضاء ، وقد وقفت ليزيد فى أحسن القضية وأرضاها لحمل الرعية ، فاذا خار الله لك فاعزم ثم اقطع قالة الكلام فان يزيد أعظمنا حلما وعلما ، وأوسعنا كنفا ، وخيرنا سلفا ، قد

__________________

(1) فررنا : أي بحثنا وفتشنا.

٤٢٦

أحكمته التجارب ، وقصدت به سبل المذاهب فلا يصرفنك عن بيعته صارف ، ولا يقفن بك دونها واقف ، ممن هو شاسع عاص ينوص للفتنة كل مناص لسانه ملتو ، وفي صدره داء دوّى ، إن قال فشر قائل ، وإن سكت فذو دغائل ، قد عرفت من هم أولئك وما هم عليه لك من المجانبة للتوفيق والكلف للتفريق فاجعل ببيعته عنا الغمة ، واجمع به شمل الأمّة ، فلا تحد عنه إذا هديت له ، ولا تنش عنه إذا وقفت له ، فان ذلك الرأي لنا ولك ، والحق علينا وعليك ، اسأل الله العون وحسن العاقبة لنا ولك ».

وصورت لنا هذه الكلمات ضميرا قلقا ، ونفسا أثيمة ، قد اعتنقت الشر ، وابتعدت عن الخير ، وانبرى معاوية يهدد من لا يوافقه على رغبته ليفرض على المجتمع الخضوع لفكرته ، والرضا ببيعة يزيد قائلا :

« أيها الناس : إن لإبليس إخوانا وخلاّنا ، بهم يستعد ، وإياهم يستعين ، وعلى ألسنتهم ينطق ، إن رجوا طمعا أو جفوا ، وإن استغنى عنهم أرجفوا ، ثم يلحقون الفتن بالفجور ، ويشققون لها حطب النفاق ، عيابون مرتابون ، إن ولوا عروة أمر حنقوا ، وإن دعوا الى غي أسرفوا وليسوا أولئك بمنتهين ، ولا بمقلعين ، ولا متعظين ، حتى تصيبهم صواعق خزي وبيل ، وتحل بهم قوارع أمر جليل ، تجتث اصولهم كاجتثاث اصول الفقع(1) فأولى لأولئك ثم أولى ، فانا قد قدما وأنذرنا إن أغنى التقدم شيئا أو نفع النذر ».

بمثل هذا الإرهاب الفظيع الذي لم يعهد له نظير تذرع معاوية الى تحقيق فكرته ، ثم استدعى الضحاك بن قيس فولاه الكوفة جزاء لكلامه

__________________

(1) الفقع : بالفتح والكسر ، البيضاء الرخوة من الكماة.

٤٢٧

بعد هلاك المغيرة ، واستدعى عبد الرحمن فولاه الجزيرة ، وقام يزيد بن المقفع رافعا عقيرته قائلا :

« أمير المؤمنين هذا ـ وأشار الى معاوية ـ ».

ثم قال : « فإن هلك ، فهذا ـ وأشار الى يزيد ـ ».

ثم قال : « فمن أبى ، فهذا ـ وأشار الى السيف ـ!!! »

فاستحسن معاوية كلامه وقال له :

« اجلس ، فأنت سيد الخطباء وأكرمهم!! »

بهذا اللون من الإرهاب فرض معاوية ابنه الفاسق الفاجر خليفة على المسلمين ، فلولا السيف لما وجد الى ذلك سبيلا. ولما رأى الأحنف بن قيس تصميم معاوية على فكرته وعدم تنازله عنها انبرى إليه قائلا :

« يا أمير المؤمنين : أنت أعلمنا بليله ونهاره ، وبسره وعلانيته ، فان كنت تعلم أنه خير لك فوله واستخلفه ، وإن كنت تعلم أنه شر لك ، فلا تزوده الدنيا وأنت صائر الى الآخرة ، فانه ليس لك من الآخرة إلا ما طاب ، واعلم أنه لا حجة لك عند الله إن قدمت يزيد على الحسن والحسين وأنت تعلم من هما ، وإلى ما هما ، وإنما علينا أن نقول : سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير »(1) .

ولم يعتن معاوية بمقالة الأحنف ونصحه ، ولم يفكر في مصير المسلمين إذا استخلف عليهم ولده قرين الفهود والمدمن على الخمور ، وأخذ معاوية ولده يزيد فأجلسه فى قبة حمراء وبايعه بولاية العهد وأمر الناس بمبايعته ، وأقبل بعض العملاء فسلم عليهما ثم أقبل على معاوية فقال له :

« يا أمير المؤمنين : اعلم انك لو لم تول هذا ـ وأشار الى يزيد ـ

__________________

(1) الامامة والسياسة 1 / 174 ـ 180.

٤٢٨

أمور المسلمين لاضعتها ».

فالتفت معاوية الى الأحنف :

« ما بالك لا تقول يا أبا بحر؟ »

ـ أخاف الله إذا كذبت ، وأخافكم إذا صدقت.

ـ جزاك الله على الطاعة خيرا.

وخرج الأحنف فلقيه ذلك الرجل بعد أن أجزل له معاوية بالعطاء فقال للأحنف معتذرا من مقالته :

« يا أبا بحر : إني لأعلم ان شر من خلق الله هذا وابنه ـ يعنى معاوية ويزيد ـ ولكنهم استوثقوا من هذه الأموال بالأبواب والأقفال ، فليس يطمع في استخراجها إلا بما سمعت »(1) .

لقد أحدث معاوية بهذه البيعة المشومة صدعا في الإسلام ، وقد صور لنا الشاعر الموهوب عبد الله بن هشام السلولي بمقطوعته الرائعة جزعه وجزع خيار المسلمين من خلافة يزيد بقوله :

فان تأتوا برملة أو بهند

نبايعها أميرة مؤمنينا

إذا ما مات كسرى قام كسرى

نعد ثلاثة متناسقينا

فيا لهفا لو أن لنا ألوفا

ولكن لا نعود كما عنينا

إذا لضربتموا حتى تعودوا

بمكة تلعقون بها السخينا

خشينا الغيظ حتى لو شربنا

دماء بني أميّة ما روينا

لقد ضاعت رعيتكم وأنتم

تصيدون الأرانب غافلينا(2)

لقد ذعر المسلمون في جميع أقطار الأرض من هذا الحادث الخطير

__________________

(1) تاريخ ابن خلكان 1 / 230 ، التمدن الإسلامى 4 / 76 ـ 77.

(2) مروج الذهب 2 / 339.

٤٢٩

لأن الخلافة عندهم ليست كسروية ولا قيصرية حتى تورث بل أمرها شورى بين المسلمين يختارون لخلافتهم من أحبوا وذلك عند الجمهور من أبناء السنة والجماعة ، وأما عند الشيعة فإنها حق شرعي لأمير المؤمنين وأولاده الطيبين كما نصّ النبي (ص) على ذلك.

ومهما يكن من شيء فإن معاوية بعد ما أخذ البيعة ليزيد من أهل دمشق رفع مذكرة الى جميع عماله يطلب فيها أخذ البيعة ليزيد من جميع المواطنين ، واستجاب جميع عماله لذلك سوى مروان بن الحكم فإنه قد ورم أنفه لصرف الأمر عنه وهو شيخ الأمويين بعد معاوية ، وتوجّه فورا بحاشيته الى دمشق ، فلما مثل عند معاوية انبرى إليه وهو مغيظ قائلا :

« أقم الامور يا ابن أبي سفيان ، واعدل عن تأميرك الصبيان ، واعلم أن لك من قومك نظراء ، وأن لك على مناوءتهم وزراء ».

فاندفع إليه معاوية يخادعه قائلا له بناعم القول :

« أنت نظير أمير المؤمنين ، وعدته في كل شديدة ، وعضده ، والثاني بعد ولي عهده. »

ثم أعطاه ولاية العهد حيلة منه ومكرا وأخرجه من عاصمته مكرما فلما وصل الى يثرب عزله عن منصبه(1) وجعل مكانه سعيد بن العاص وقيل الوليد بن عاقبة ، وكتب إليه أن يأخذ البيعة من أهل المدينة لولده إلا انه فشل أخيرا فى أداء مهمته فقد أصرت الجماهير على رفض دعوة معاوية وعدم طاعته في شأن خليفته الجديد ، خصوصا الشخصيات الرفيعة من أبناء المهاجرين والأنصار فإنهم قد شجبوا ذلك وأعلنوا سخطهم وإنكارهم على معاوية ، فإنهم كانوا يحقرون يزيد ويأنفون أن يعد في مصافهم ،

__________________

(1) مروج الذهب 2 / 330.

٤٣٠

فضلا عن أن يكون خليفة عليهم.

سفرة معاوية الاولى بشرب :

ورأى معاوية بعد امتناع المدنيين عن بيعة يزيد واجماعهم على رفضها أن ينطلق بنفسه الى المدينة ليفاوض أهل الحل والعقد ، وليشتري الذمم والضمائر بالأموال ، ويتوعد ويرهب من لم يخضع للمادة ليفوز ولده بالخلافة وسافر من أجل هذه الغاية الى يثرب وذلك سنة خمسين من الهجرة ، فلما انتهى إليها بعث فورا نحو عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن جعفر ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن الزبير. فلما حضروا عنده أمر حاجبه أن لا يسمح لأحد بالدخول عليه حتى يخرج هؤلاء النفر من عنده ثم التفت إليهم قائلا :

« الحمد لله الذي أمرنا بحمده ، ووعدنا عليه ثوابه ، نحمده كثيرا كما أنعم علينا كثيرا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله.

أما بعد : فإني قد كبر سني ، ووهن عظمي ، وقرب أجلي ، وأوشكت أن أدعى فأجيب ، وقد رأيت أن أستخلف بعدي يزيد ، ورأيته لكم رضا ، وأنتم عبادلة قريش وخيارهم ، وأبناء خيارهم ، ولم يمنعني أن أحضر حسنا وحسينا إلا أنهما أولاد أبيهما علي ، على حسن رأيي فيهما ، وشديد محبتي لهما فردوا على أمير المؤمنين خيرا ، رحمكم الله ».

وقد احتوى كلامه على اللين والمدح والثناء ، ولكن هؤلاء الأبطال الذين هم نخبة العرب والمسلمين رأيا وإقداما ، لم يذعنوا لمعاوية وردوا عليه مقاله وعرفوه بمن هو أهل للخلافة وأول من تكلم منهم حبر الأمّة عبد الله

٤٣١

ابن عباس فقال :

« الحمد لله الذي ألهمنا أن نحمده ، واستوجب علينا الشكر على آلائه وحسن بلائه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وصلى الله على محمد وآل محمد.

أما بعد : فانك قد تكلمات فأنصتنا ، وقلت فسمعنا ، وإن الله جل ثناؤه ، وتقدست أسماؤه اختار محمدا (ص) لرسالته ، واختاره لوحيه ، وشرّفه على خلقه ، فأشرف الناس من تشرف به ، وأولاهم بالأمر أخصهم به ، وإنما على الأمّة التسليم لنبيها ، إذا اختاره الله لها ، فإنه إنما اختار محمدا (ص) بعلمه ، وهو العليم الخبير ، واستغفر الله لي ولكم ».

وتكلم من بعده عبد الله بن جعفر فقال :

« الحمد لله أهل الحمد ومنتهاه : نحمده على إلهامنا حمده ، ونرغب إليه في تأدية حقه ، وأشهد أن لا إله إلا الله واحدا صمدا ، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، وأن محمدا عبده ورسوله (ص).

أما بعد : فان هذه الخلافة إن أخذ فيها بالقرآن ، فأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ، وإن أخذ فيها بسنة رسول الله (ص) فأولو رسول الله (ص) ، وإن أخذ فيها بسنة الشيخين أبي بكر وعمر فأي الناس أفضل وأكمل وأحق بهذا الأمر من آل الرسول؟ وأيم الله لو ولوه بعد نبيهم لوضعوا الأمر موضعه لحقه وصدقه ، ولأطيع الرحمن وعصي الشيطان ، وما اختلف في الأمّة سيفان ، فاتق الله يا معاوية ، فانك قد صرت راعيا ، ونحن رعية ، فانظر لرعيتك ، فانك مسئول عنها غدا ، وأما ما ذكرت من ابني عمي ، وتركك أن تحضرهما ، فو الله ما أصبت الحق ، ولا يجوز لك ذلك إلا بهما ، وإنك لتعلم انهما معدن العلم

٤٣٢

والكرم ، فقل أودع واستغفر الله لي ولكم ».

وبيّن عبد الله بن جعفر استحقاق أهل البيت (ع) للخلافة على جميع الوجوه فان كان مدرك استحقاقها القرآن الكريم فأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض ، وإن كانت السنة المقدسة قال الرسول أولى بالأمر من غيرهم ، وإن كانت سنة الشيخين قال الرسول (ص) أولى بالأمر وذلك لمواهبهم وكمالهم وتقدمهم على غيرهم بالعلم والفضل ، ثم بيّن الأضرار الناجمة من ترك الأمّة لهم وعدم اتباعهم ، وانبرى من بعده عبد الله بن الزبير فقال :

« الحمد لله الذي عرفنا دينه ، وأكرمنا برسوله ، أحمده على ما أبلى وأولى ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله.

أما بعد : فان هذه الخلافة لقريش خاصة ، تتناولها بمآثرها السنية وأفعالها المرضية ، مع شرف الآباء وكرم الأبناء ، فاتق الله يا معاوية وأنصف نفسك ، فإن هذا عبد الله بن عباس ابن عم رسول الله (ص) ، وهذا عبد الله بن جعفر ذي الجناحين ابن عم رسول الله (ص) ، وأنا عبد الله بن الزبير ابن عمة رسول الله ، وعلي خلف حسنا وحسينا وأنت تعلم من هما ، وما هما ، فاتق الله يا معاوية ، وأنت الحاكم بيننا وبين نفسك ».

وقد رشح ابن الزبير هؤلاء النفر للخلافة ، وحفزهم لمعارضة معاوية وإفساد مهمته ، وانبرى من بعده عبد الله بن عمر فقال :

« الحمد لله الذي أكرمنا بدينه ، وشرفنا بنبيه (ص).

أما بعد : فإن هذه الخلافة ليست بهرقلية ، ولا قيصرية ، ولا كسروية يتوارثها الأبناء عن الآباء ، ولو كان كذلك كنت القائم بها بعد أبي ، فو الله ما أدخلنى مع الستة من أصحاب الشورى إلا على أن الخلافة ليست

٤٣٣

شرطا مشروطا ، وإنما هي في قريش خاصة ، لمن كان لها أهلا ممن ارتضاه المسلمون لأنفسهم ممن كان أتقى وأرضى ، فإن كنت تريد الفتيان من قريش فلعمري إن يزيد من فتيانها ، واعلم انه لا يغني عنك من الله شيئا ».

لقد شجب ابن عمر بيعة يزيد ولكنه لم يلبث أن سمع وأطاع وبايع له لأن معاوية قد أرشاه بمائة ألف دينار(1) وبذلك فقد باع عليه ضميره ودينه.

ومهما يكن من شيء فان معاوية قد ثقل عليه كلام هؤلاء النفر فلقد جابهوه بعدم صلاحية ابنه للخلافة ، وانهم أولى بها منه ، وانبرى إليهم مجيبا :

« قد قلت وقلتم ، وإنه قد ذهبت الآباء وبقيت الأبناء ، فابني أحب إلي من أبنائهم ، مع ان ابني إن قاولتموه وجد مقالا ، وإنما كان هذا الأمر لبني عبد مناف لأنهم أهل رسول الله (ص) فلما مضى رسول الله ولىّ الناس أبا بكر وعمر من غير معدن الملك والخلافة ، غير أنهما سارا بسيرة جميلة ثم رجع الملك الى بني عبد مناف فلا يزال فيهم الى يوم القيامة وقد أخرجك الله يا ابن الزبير وأنت يا ابن عمر منها ، فأما ابنا عمي هذان فليسا بخارجين من الرأي إن شاء الله ».

وعلى أي حال فقد فشل معاوية فى مهمته ونزح عن يثرب وولى الى عاصمته ، وأعرض عن ذكر بيعة يزيد(2) فلقد عرف انها لا تتم ما دام الحسن حيا ، فأخذ يطيل التفكير في كيفية اغتيال الإمام حتى يتم له الأمر وقد توصل الى ما أراد ، فاغتاله بالسم كما سنبينه عند نهاية المطاف من هذا الكتاب.

__________________

(1) سنن البيهقي 8 / 159 ، تأريخ ابن كثير 8 / 137 ، فتح الباري 13 / 59.

(2) الامامة والسياسة 1 / 180 ـ 183 ، جمهرة الخطب 2 / 233 ـ 236.

٤٣٤

لقد اتخذ معاوية بعد اغتياله للإمام جميع التدابير ، واعتمد على جميع الوسائل فى ارغام المسلمين على بيعة يزيد ، وفرضه حاكما عليهم ، وقد راسل الوجوه من أبناء المهاجرين والأنصار يدعوهم الى ذلك ، وذكر المؤرخون نصوص رسائله مع أجوبتهم له ، وقد كتب الى الإمام الحسينعليه‌السلام ما نصه :

« أما بعد : فقد انتهت إلي منك امور ، لم أكن أظنك بها رغبة عنها ، وإن أحق الناس بالوفاء لمن أعطى بيعة من كان مثلك ، في خطرك وشرفك ، ومنزلتك التي أنزلك الله بها ، فلا تنازع الى قطيعتك ، واتق الله ، ولا تردن هذه الأمّة في فتنة ، وانظر لنفسك ودينك وأمّة محمد ، ولا يستخفنك الذين لا يوقنون »

وأجابه أبو الشهداء (ع) فذكر له الاحداث الجسام التي ارتكبها وعرض عليه ما مني به المسلمون من الظلم والجور فى دوره ، وقد استشهدنا ببعض فصوله للاستدلال به على شجب الإمام الحسين (ع) لموبقات معاوية وقد جاء فى آخر جوابه ما لفظه :

« وقلت فيما قلت : لا ترد هذه الأمّة في فتنة. وإني لا أعلم فتنة لها أعظم من امارتك عليها.

وقلت فيما قلت : انظر لنفسك ولدينك ، ولأمّة محمد ، وإني والله ما أعرف أفضل من جهادك ، فإن أفعل فإنه قربة الى ربي ، وإن لم أفعل فأستغفر الله لذنبي وأسأله التوفيق لما يحب ويرضى.

وقلت فيما قلت : متى تكدني أكدك ، فكدني يا معاوية فيما بدا لك فلعمري لقديما يكاد الصالحون ، وإني لأرجو أن لا تضر إلا نفسك ، ولا تمحق إلا عملك ، فكدني ما بدا لك.

٤٣٥

واتق الله يا معاوية ، واعلم أن لله كتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها! واعلم أن الله ليس بناس لك ، قتلك بالظنة ، وأخذك بالتهمة وامارتك صبيا يشرب الخمر ، ويلعب بالكلاب!! ما أراك إلا وقد أوبقت نفسك ، وأهلكت دينك ، وأضعت الرعية والسلام. »(1)

ولم يجد مع ابن هند النصح ، ولا التحذير من عقوبة الله ، فقد راح يعمل بوحي من جاهليته الى ضرب الإسلام ، والى ارغام المسلمين على مبايعة يزيد المستحل لجميع ما حرم الله.

سفره الثاني الى يثرب :

ولما رأى معاوية أن خيار الصحابة ، وأبناء المهاجرين والأنصار لم يستجيبوا لدعوته ، وأصروا على رفض بيعة يزيد سافر مرة أخرى الى يثرب ، وقد أحاط نفسه بالقوى العسكرية ليرغم الجبهة المعارضة على الاستجابة له ، وفي اليوم الثاني من قدومه أرسل الى الإمام الحسين ، والى عبد الله بن عباس ، وسبق ابن عباس فأجلسه معاوية عن يساره وشاغله بالحديث حتى أقبل الحسين (ع) فأجلسه عن يمينه وسأله عن بني الحسن وعن أسنانهم فاخبره بذلك ، وخطب معاوية خطبة أشاد فيها بيزيد ، وذكر علمه بالقرآن والسنة ، وحسن سياسته ، ثم دعاهم الى بيعته والى الاستجابة لقوله.

خطبة الامام الحسين :

وقام أبي الضيم بعد خطاب معاوية فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :

__________________

(1) الإمامة والسياسة 1 / 188 ـ 190.

٤٣٦

« أما بعد : يا معاوية ، فلن يؤدي القائل وإن أطنب في صفة الرسول (ص) من جميع جزءا ، وقد فهمت ما لبست به الخلف بعد رسول الله (ص) من ايجاز الصفة ، والتنكب عن استبلاغ النعت ، وهيهات هيهات يا معاوية ، فضح الصبح فحمة الدجى ، وبهرت الشمس أنوار السرج ، ولقد فضلت حتى أفرطت ، واستأثرت حتى أجحفت ، ومنعت حتى بخلت ، وجرت حتى جاوزت ، ما بذلت لذي حق من اسم حقه من نصيب ، حتى أخذ الشيطان حظه الأوفر ، ونصيبه الأكمل.

وفهمت ما ذكرته عن يزيد من اكتماله وسياسته لأمّة محمد ، تريد أن توهم الناس في يزيد ، كأنك تصف محجوبا ، أو تنعت غائبا ، أو تخبر عما كان مما احتويته بعلم خاص ، وقد دل يزيد من نفسه على موقع رأيه ، فخذ ليزيد فيما أخذ به من استقرائه الكلاب المهارشة عند التحارش والحمام السبّق لأترابهن ، والقيان ذوات المعازف ، وضروب الملاهي تجده ناصرا.

ودع عنك ما تحاول!! فما أغناك أن تلقي الله بوزر هذا الخلق بأكثر مما أنت لاقيه ، فو الله ما برحت تقدح باطلا في جور ، وحنقا في ظلم ، حنى ملأت الأسقية ، وما بينك وبين الموت إلا غمضة ، فتقدم على عمل محفوظ في يوم مشهود ، ولات حين مناص ، ورأيتك عرضت بنا بعد هذا الأمر ، ومنعتنا عن آبائنا تراثا ، ولقد لعمر الله أورثنا الرسول (ص) ولادة ، وجئت لنا بها ما حججتم به القائم عند موت الرسول فاذعن للحجة بذلك ، ورده الإيمان الى النصف ، فركبتم الأعاليل ، وفعلتم الأفاعيل وقلتم كان ويكون حتى أتاك الأمر يا معاوية من طريق كان قصدها لغيرك فهناك فاعتبروا يا اولي الأبصار.

٤٣٧

وذكرت قيادة الرجل القوم بعهد رسول الله (ص) وتأميره له ، وقد كان ذلك ، ولعمرو بن العاص يومئذ فضيلة بصحبة الرسول وبيعته له ، وما صار لعمر الله يومئذ مبعثهم حتى أنف القوم إمرته ، وكرهوا تقديمه ، وعدوا عليه أفعاله ، فقال (ص) : لا جرم معشر المهاجرين لا يعمل عليكم بعد اليوم غيري ، فكيف تحتج بالمنسوخ من فعل الرسول فى أوكد الأحكام ، وأولاها بالمجتمع عليه من الصواب؟ أم كيف صاحبت بصاحب تابعا ، وحولك من لا يؤمن في صحبته ، ولا يعتمد فى دينه وقرابته وتتخطاهم الى مسرف مفتون ، تريد أن تلبس الناس شبهة يسعد بها الباقي فى دنياه ، وتشقى بها في آخرتك ، إن هذا لهو الخسران المبين ، واستغفر الله لي ولكم. »

وذهل معاوية فنظر الى ابن عباس فقال له :

« ما هذا يا ابن عباس؟؟ »

« لعمر الله إنها لذرية الرسول ، وأحد أصحاب الكساء ، ومن البيت المطهر ، قاله عما تريد ، فإن لك في الناس مقنعا حتى يحكم الله بأمره وهو خير الحاكمين »(1) .

وانصرف الإمام (ع) وترك الأسى يحر في نفس معاوية ، واعتمد معاوية بعد ذلك على جميع وسائل العنف والإرهاب ، فقد روى المؤرخون أنه لما كان في مكة أحضر الإمام الحسين ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الرحمن ابن أبي بكر ، وابن عمر وقال لهم : إني أتقدم إليكم ، إنه قد أعذر من أنذر ، إني كنت أخطب فيكم ، فيقوم إليّ القائم منكم فيكذبني على رءوس الناس ، فأحمل ذلك وأصفح. وإني قائم بمقالة ، فأقسم بالله لئن ردّ عليّ

__________________

(1) الإمامة والسياسة 1 / 195 ـ 196.

٤٣٨

أحدكم كلمة فى مقامى هذا ، لا ترجع إليه كلمة غيرها حتى يسبقها السيف الى رأسه ، فلا يبقينّ رجل إلا على نفسه!

ودعا صاحب حرسه بحضورهم فقال له : أقم على رأس كل رجل من هؤلاء رجلين ومع كل واحد سيف ، فان ذهب رجل يردّ عليّ كلمة بتصديق أو تكذيب فليضرباه بسيفيهما؟!

وخرج وخرجت الجماعة معه فنزى على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :

« إن هؤلاء الرهط سادة المسلمين وخيارهم ، لا يبتز أمر دونهم ، ولا يقضى إلا عن مشورتهم ، وانهم قد رضوا وبايعوا يزيد ، فبايعوا على اسم الله »(1) .

وبهذه الوسائل الرهيبة ، والكذب السافر حمل معاوية المسلمين على بيعة يزيد وقد انتهك بذلك الحرمات ، والقى المسلمين فى الفتن والبلاء.

عائشة وبيعة يزيد :

ولم تعارض عائشة هذه البيعة المشومة ، ولم تعمل أي عمل إيجابي ضد هذه الكارثة الكبرى التي روع بها المسلمون ، وانتهكت بها حرمة الإسلام ، فقد كانت تدلي بالرأي لمعاوية في حمل المعارضين على الطاعة فقد أوصته بالرفق بهم ، واللين معهم ليستجيبوا له قائلة :

« وارفق بهم ـ أي بالمعارضين ـ فإنهم يصيرون الى ما تحب إن شاء الله!! »(2)

__________________

(1) الكامل لابن الأثير وغيره.

(2) الإمامة والسياسة.

٤٣٩

لقد وقفت عائشة هذا الموقف المؤسف من بيعة يزيد الماجن الخليع وهي من دون شك تعلم بفسقه ، وبلعبه بالفهود والقرود ، واستباحته لما حرم الله ، إن الفكر ليقف حائرا أمام موقفها هذا ، وموقفها من بيعة أمير المؤمنين (ع) الذي هو أخو النبي وأبو سبطيه ، وباب مدينة علمه ، فإنها لما أخبرت ببيعته انهارت أعصابها ، وهتفت وهي حانقة مغيظة ، وبصرها يشير الى السماء ثم ينخفض فيشير الى الأرض قائلة :

« والله ليت هذه انطبقت على هذه إن تمّ الأمر لابن أبي طالب!! »

وقفلت راجعة الى مكة تحفز الجماهير لحرب الإمام رائد العدالة الاجتماعية الكبرى في الأرض ، فقادت الجيوش لمناجزته حتى أغرقت الأرض بالدماء ، وأشاعت الثكل والحزن والحداد بين المسلمين للإطاحة بحكمه.

وعلى أي حال ، فإن موقف عائشة من بيعة يزيد ، وتأييد ابن عمر وسائر القوى النفعية لها قد أخلد للمسلمين الفتن والمصاعب وجرّ لهم الويلات والخطوب ، فقد سارت الخلافة الإسلامية تنتقل بالوراثة الى الطلقاء وأبنائهم الذين لم يألوا جاهدا في الكيد للإسلام ، وفى نشر البغي والفساد في الأرض.

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496