وسائل الشيعة الجزء ٢٠

وسائل الشيعة10%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 586

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 586 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 417368 / تحميل: 6581
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ٢٠

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

ورواه الصدوق بأسانيده عن الفضيل بن يسار ومحمّد بن مسلم وزرارة وبريد بن معاوية(١) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٢) .

[ ٢٥١٤١ ] ٣ - وعن الحسين بن محمّد، عن معليّ بن محمّد، عن أبان، عن عبد الرحمن بن أبي عبدالله، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: تزوّج المرأة من شاءت إذا كانت مالكة لامرها فإن شاءت جعلت وليّاً.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٣) .

٤٥ - باب انه لا يجوز الدخول بالزوجة حتّى تبلغ تسع سنين فإن فعل قبل ذلك فعيبت أو أفضاها ضمن وحكم الدخول بالامة قبل ذلك

[ ٢٥١٤٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال: إذا تزوّج الرجل الجارية وهي صغيرة فلا يدخل بها حتّى يأتي لها تسع سنين.

[ ٢٥١٤٣ ] ٢ - وعن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن

____________________

(١) الفقيه ٣: ٢٥١ / ١١٩٧.

(٢) التهذيب ٧: ٣٧٧ / ١٥٢٥.

٣ - الكافي ٥: ٣٩٢ / ٣، واورده في الحديث ٨ من الباب ٣ من أبواب عقد النكاح.

(٣) يأتي في الباب ٣ وفي الحديث ١ من الباب ٥ وفي الحديث ٨ من الباب ٩ من أبواب عقد النكاح.

الباب ٤٥

فيه ١٠ احاديث

١ - الكافي ٥: ٣٩٨ / ٢.

٢ - الكافي ٥: ٣٩٨ / ٣، والتهذيب ٧: ٤٥١ / ١٨٠٦.

١٠١

صفوان بن يحيى، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: لا يدخل بالجارية حتّى يأتي لها تسع سنين أو عشرّ سنين.

ورواه الصدوق بإسناده عن موسى بن بكر(١) .

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، مثله وزاد قال: إني سمعته يقول: تسع سنين أو عشرّ سنين(٢) .

ورواه الصدوق في( الخصال ): عن أبيه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، مثله(٣) مع الزيادة.

[ ٢٥١٤٤ ] ٣ - قال الكلينيّ: وعنه عن زكريا المؤمن أو بينه وبينه رجل لا أعلمه إلّا حدثني عن عمّار السجستاني قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول لمولى له: انطلق فقل للقاضي: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : حد المرأة أن يدخل بها على زوجها ابنة تسع سنين.

[ ٢٥١٤٥ ] ٤ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الكريم بن عمرو، عن أبي بصير، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: لا يدخل بالجارية حتّى يأتي لها تسع سنين أو عشرّ سنين.

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(٤) ، وكذا الحديثان قبله.

____________________

(١) الفقيه ٣: ٢٦١ / ١٢٤٠.

(٢) التهذيب ٧: ٤١٠ / ١٦٣٧.

(٣) الخصال: ٤٢٠ / ١٥.

٣ - الكافي ٥: ٣٩٨ / ٤، والتهذيب ٧: ٣٩١ / ١٥٦٧ و ٤٥١ / ١٨٠٧.

٤ - الكافي ٥: ٣٩٨ / ١، والتهذيب ٧: ٣٩١ / ١٥٦٦.

(٤) التهذيب ٧: ٤٥١ / ١٨٠٥.

١٠٢

[ ٢٥١٤٦ ] ٥ - وبإسناده عن محمّد بن(١) خالد، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من وطئ امرأته قبل تسع سنين فأصابها عيب فهو ضامن.

ورواه الصدوق في( الخصال ): عن محمّد بن الحسن، عن الصفّار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، مثله(٢) .

[ ٢٥١٤٧ ] ٦ - وعنه عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ( عليهم‌السلام ) قال: من تزوّج بكراً فدخل بها في أقل من تسع سنين فعيبت ضمن.

[ ٢٥١٤٨ ] ٧ - وعنه، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ( عليهم‌السلام ) قال: لا توطأ جارية لاقل من عشرّ سنين، فإن فعل فعيبت فقد ضمن.

أقول: هذا محمول على استحباب التأخير أو على الدخول في أوّل السنة العاشرة.

[ ٢٥١٤٩ ] ٨ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) إن من دخل بامرأة قبل أن تبلغ تسع سنين فأصابها عيب فهو ضامن.

[ ٢٥١٥٠ ] ٩ - وبإسناده عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيّوب، عن حمران،

____________________

٥ - التهذيب ٧: ٤١٠ / ١٦٣٨.

(١) في نسخة زيادة: ابي « هامش المخطوط ».

(٢) الخصال: ٤٢٠ / ١٦.

٦ - التهذيب ٧: ٤١٠ / ١٦٣٩.

٧ - التهذيب ٧: ٤١٠ / ١٦٤٠.

٨ - الفقيه ٣: ٢٦١ / ١٢٤١.

٩ - الفقيه ٣: ٢٧٢ / ١٢٩٤، واورده في الحديث ١ من الباب ٣٤ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

١٠٣

عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سئل عن رجل تزوّج جارية بكراً لم تدرك، فلمّا دخل بها اقتضها فأفضاها؟ فقال: إن كان دخل بها حين دخل بها ولها تسع سنين فلا شيء عليه، وإن كانت لم تبلغ تسع سنين أو كان لها أقل من ذلك بقليل حين دخل بها فاقتضها فإنّه قد أفسدها وعطّلها على الازواج فعلى الامام أن يغرمه ديتها، وإن أمسكها ولم يطلقها حتّى تموت فلا شيء عليه.

[ ٢٥١٥١ ] ١٠ - وفي( الخصال ): عن أبيه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: حد بلوغ المرأة تسع سنين.

أقول: ويأتي ما يدلّ على حكم الامة في محله، إن شاء الله(١) .

٤٦ - باب كراهة تزويج الصغار

[ ٢٥١٥٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) أو أبي الحسن( عليهما‌السلام ) قال: قيل له: إنّا نزوّج صبياننا وهم صغار، فقال: إذا زوّجوا وهم صغار لم يكادوا أن يأتلفوا(٢) .

____________________

١٠ - الخصال: ٤٢١ / ١٧.

(١) يأتي في الباب ٣ من أبواب نكاح العبيد والاماء وفي الباب ٤٤ من موجبات الضمان، والباب ٢٦ من ديات الاعضاء وما يدلّ على الحرمة الابدية في الباب ٣٤ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة، وتقدّم في الاحاديث ٢ و ٣ و ٥ من الباب ٤ من أبواب مقدمة العبادات.

الباب ٤٦

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٥: ٣٩٨ / ١.

(٢) في نسخة: يتألفوا « هامش المخطوط ».

١٠٤

٤٧ - باب استحباب اتيان الزوجة لمن نظر إلى اجنبيّة فأعجبته فإن لم يكن له أهل صلى ركعتين ورفع نظره إلى السماء وسأل الله من فضله

[ ٢٥١٥٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن علي، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: رأى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) امرأة فأعجبته فدخل إلى أُمّ سلمة وكان يومها فأصاب منها، وخرج إلى الناس ورأسه يقطر، فقال: أيها الناس انّما النظر من الشيطان فمن وجد من ذلك شيئاً فليأت أهله.

ورواه الصدوق مرسلا، إلّا أنه حذف صدره إلى قوله: يقطر(١) .

[ ٢٥١٥٤ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمون، عن عبدالله بن عبد الرحمن، عن مسمع، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إذا نظر أحدكم إلى المرأة الحسناء فليأت أهله فإن ألذّي معها مثل ألذّي مع تلك، فقام رجل فقال: يا رسول الله فإن لم يكن له أهل فما يصنع؟ قال: فليرفع نظره إلى السماء وليراقبه وليسأله من فضله.

[ ٢٥١٥٥ ] ٣ - محمّد بن عليّ بن الحسين في( الخصال ): بإسناده الآتي(٢) عن عليّ( عليه‌السلام ) - في حديث الأربعمائة - قال: إذا رأى أحدكم امرأة تعجبه

____________________

الباب ٤٧

فيه ٤ احاديث

١ - الكافي ٥: ٤٩٤ / ١.

(١) الفقيه ٤: ١٢ / ٨.

٢ - الكافي ٥: ٤٩٤ / ٢.

٣ - الخصال: ٦٣٧.

(٢) يأتي في الفائدة الاولى من الخاتمة برمز ( ر ).

١٠٥

فليأت أهله فإنّ عند أهله مثل ما رأى فلا يجعلنّ للشيطان على قلبه سبيلا ليصرف بصره عنها فاذا لم يكن له زوجة فليصلّ ركعتين ويحمد الله كثيراً وليُصلّ على النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ثمّ يسأل الله من فضله فإنّه ينتج(١) له من رأفته ما يغنيه.

[ ٢٥١٥٦ ] ٤ - محمّد بن الحسين الرضي في( نهج البلاغة ): عن أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) ، أنّه كان جالساً في أصحابه إذ مرّت بهم امرأة جميلة فرمقها القوم بأبصارهم، فقال( عليه‌السلام ) : انّ عيون(٢) هذه الفحول طوامح، وإنّ ذلك سبب هبابها(٣) فاذا نظر أحدكم إلى امرأة تعجبه فليلامس أهله، فإنما هي امرأة كامرأة، فقال رجل من الخوارج: قاتله الله كافراً ما أفقهه، فوثب القوم ليقتلوه فقال( عليه‌السلام ) : رويداً فإنّما هو سبّ بسبّ أو عفو عن ذنب.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٤) .

٤٨ - باب كراهية الرهبانية وترك الباه وكذا اللحم والطيّب (*)

[ ٢٥١٥٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدّاح، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: جاءت امرأة عثمان بن مظعون إلى النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ )

____________________

(١) في نسخة: يفتح - هامش المخطوط - وفي المصدر: يبيح، وفي نسخة منه: يتيح.

٤ - نهج البلاغة ٣: ٢٥٣ / ٤٢٠.

(٢) في المصدر: ابصار.

(٣) الهباب: شهوة الجماع. ( الصحاح ١: ٢٣٦ ).

(٤) تقدم في الحديث ٦ من الباب ٣٦ من هذه الأبواب.

الباب ٤٨

فيه ٣ احاديث

* - عنوان الباب موافق لعبارة الكلينيّ والكراهة في كلام المتقدمين وفي الاحاديث يطلق على التحريم كما في قول الكلينيّ في باب طبقات الائمة وكراهة القول فيهم بالنبوة، وغير ذلك فتدبر، ( منه قده ).

١ - الكافي ٥: ٤٩٤ / ١.

١٠٦

فقالت: يا رسول الله، انّ عثمان يصوم النهار ويقوم الليل، فخرج رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) مغضباً يحمل نعليه حتّى جاء إلى عثمان فوجدّه يصلّي فانصرف عثمان حين رأى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، فقال له: يا عثمان، لم يرسلني الله بالرهبانيّة، ولكن بعثني بالحنيفية السمحة، أصوم واصلي وألمس أهلي، فمن أحبّ فطرتي فليستنّ بسنتي، ومن سنتي النكاح.

[ ٢٥١٥٨ ] ٢ - وعن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن أبي داود المسترقّ، عن بعض رجاله، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: ان ثلاث نسوة أتين رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فقالت: إحداهن: ان زوجي لا يأكل اللحم، وقالت الاخرى: ان زوجي لا يشمّ الطيب، وقالت الاخرى: ان زوجي لا يقرب النساء فخرج رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : يجر رداءه حتّى صعد المنبر فحمد الله واثنى عليه، ثمّ قال: ما بال أقوام من أصحابي لا يأكلون اللحم ولا يشمون الطيّب ولا يأتون النساء، إمّا إني آكل اللّحم وأشمّ الطيب وآتي النساء، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي.

[ ٢٥١٥٩ ] ٣ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمون، عن عبدالله بن عبد الرحمن، عن مسمع، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من أحبّ أن يكون على فطرتي فليستنّ بسنّتي وانّ من سنّتي النكاح.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

____________________

٢ - الكافي ٥: ٤٩٦ / ٥.

٣ - الكافي ٥: ٤٩٦ / ٦.

(١) تقدم في الباب ٤ من أبواب المندوب، وفي الحديثين ٤ و ٧ من الباب ١ من أبواب آداب السفر، وفي الحديث ٧ من الباب ٢ من أبواب المواقيت، وفي الباب ٢٩ من أبواب احكام المساجد، وفي الباب ١ و ٢ و ٣ من هذه الأبواب وفي الباب ٨٩ و ٩٠ و ٩١ و ٩٣ و ٩٤ و ٩٥ و ٩٧ من أبواب آداب الحمام.

(٢) يأتي في الباب ٤٩ من هذه الأبواب، وفي الحديث ٢٥ من الباب ١٠ وفي الحديث ١٤ من الباب ١١ وفي الباب ١٢ من أبواب الاطعمة المباحة.

١٠٧

٤٩ - باب استحباب اتيان الزوجة عند ميلها إلى ذلك

[ ٢٥١٦٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد، عن عبدالله بن القدّاح، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) لرجل: أصبحت صائماً؟ فقال: لا، قال: فأطعمت مسكيناً؟ قال: لا، قال: فارجع إلى أهلك فإنّه منك عليهم صدقة.

ورواه الصدوق مرسلاً(١) .

ورواه في( ثواب الأعمال ): عن محمّد بن موسى بن المتوكل، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبدالله بن ميمون، مثله، إلّا أنّه زاد فيهما قبل قوله: « فأطعمت مسكيناً »: فعدت مريضا؟ قال: لا، قال: فاتبعت جنازة؟ قال: لا، وقال في آخره: فارجع إلى أهلك فأصبهم(٢) .

[ ٢٥١٦١ ] ٢ - وعنهم، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد الجوهري، عن إسحاق بن إبراهيم الجعفي قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: ان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) دخل بيت ام سلمة فشم ريحا طيبة، فقال: أتتكم الحولاء، فقالت: هوذا هي تشكو زوجها فخرجت عليه الحولاء فقالت: بأبي أنت وامي انّ زوجي عنّي معرض، فقال: زيديه يا حولاء، فقالت: لا أترك شيئاً طيباً ممّا أتطيب له به وهو(٣) معرض، فقال: إمّا لو يدرى ماله باقباله عليك، قالت: وماله باقباله عليّ؟

____________________

الباب ٤٩

فيه ٤ احاديث

١ - الكافي ٥: ٤٩٥ / ٢، واورده في الحديث ٦ من الباب ٨ من أبواب الصدقة.

(١) الفقيه ٣: ١٠٩ / ٤٦٠.

(٢) ثواب الاعمال: ١٦٨.

٢ - الكافي ٥: ٤٩٦ / ٤.

(٣) في المصدر زيادة: عني.

١٠٨

فقال: أما انّه اذا أقبل اكتنفه ملكان وكان كالشاهر سيفه في سبيل الله، فاذا هو جامع تحات عنه ألذّنوب كما يتحات ورق الشجر، فإذا هو اغتسل انسلخ من ألذّنوب.

[ ٢٥١٦٢ ] ٣ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن سماعة، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: فضّلت المرأة على الرجل بتسعة وتسعين من اللذة، ولكنّ الله عزّ وجلّ ألقى عليها الحياء.

[ ٢٥١٦٣ ] ٤ - عبدالله بن جعفر في( قرب الإِسناد ): عن هارون بن مسلم، عن مسعدّة بن صدقة، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه( عليهم‌السلام ) ان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال لرجل من أصحابه يوم جمعة: هل صمت اليوم؟ قال: لا، قال: فهل صدقت(١) اليوم بشيء؟ قال: لا، قال له: قم فأصب من أهلك فإنّه منك صدقة عليها.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

٥٠ - باب كراهة الجماع في مكان لا يوجد فيه الماء للغسل إلّا لضرورة، وعدم تحريمه وان كان الباعث مجرد اللذة

[ ٢٥١٦٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، وعن أبي عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن الرجل يكون معه أهله في سفر لا

____________________

٣ - الفقيه ٣: ٣٦٤ / ١٧٣٣، واورده عن الكافي في الحديث ١٠ من الباب ٢٣ من هذه الأبواب.

٤ - قرب الإِسناد: ٣٢.

(١) في المصدر: تصدقت.

(٢) تقدم في الباب ٢٣ من هذه الأبواب.

(٣) يأتي في الباب ٧١ من هذه الأبواب.

الباب ٥٠

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٥: ٤٩٥ / ٣.

١٠٩

يجد الماء، يأتي أهله؟ قال: ما أُحبّ أن يفعل إلّا ان يخاف على نفسه، قلت: فيطلب بذلك اللذة أو يكون شبقاً إلى النساء، فقال: ان الشبق يخاف على نفسه، قال: قلت: طلب بذلك اللذة، قال: هو حلال، قلت: فإنّه يروى عن النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أن أباذر سأله عن هذا فقال: ائت أهلك تؤجر، فقال: يا رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، آتيهم واُؤجر؟ فقال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : كما انك إذا أتيت الحرام ازرت، وكذلك إذا أتيت الحلال اجرت، فقال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : إلّا ترى أنّه إذا خاف على نفسه فأتى الحلال اجر؟

محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن إسحاق بن عمّار، مثله(١) إلى قوله: إلّا أن يخاف على نفسه.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الطهارة(٢) .

٥١ - باب جواز تقبيل الرجل قبل زوجته ومباشرته امته بأي عضو كان من بدنه لتلذّذ به لا بغير بدنه

[ ٢٥١٦٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن اسماعيل بن همام، عن عليّ بن جعفر قال: سألت أبا الحسن موسى( عليه‌السلام ) عن الرجل يقبّل قبل امرأته(٣) ؟ قال: لا بأس.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٤) .

____________________

(١) التهذيب ٧: ٤١٨ / ١٦٧٧.

(٢) تقدم في الباب ٢٧ من أبواب التيمم.

الباب ٥١

فيه ٣ احاديث

١ - الكافي ٥: ٤٩٧ / ٤.

(٣) في المصدر: المرأة.

(٤) التهذيب ٧: ٤١٣ / ١٦٥٠.

١١٠

[ ٢٥١٦٦ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن علي، عن الحكم بن مسكين، عن عبيد بن زرارة قال: كان لنا جار شيخ له جارية فارهة قد أعطى بها ثلاثين ألف درهم، وكان لا يبلغ منها ما يريد وكانت تقول: اجعل يدك كذا بين شفريّ فإنّي أجدُ لذلك لذّة، وكان يكره أن يفعل ذلك فقال لزرارة: سل أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن هذا؟ فسأله فقال: لا بأس أن يستعين بكل شيء من جسده عليها، ولكن لا يستعين بغير جسده عليها.

[ ٢٥١٦٧ ] ٣ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الصفّار، عن( محمّد بن حكيم) (١) ، عن الحكم بن مسكين، عن عبيد بن زرارة قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : الرجل يكون عنده جوار فلا يقدر على أن يطأهن يعمل لهنّ شيئاً يلذذهن به قال: إمّا ما كان من جسده فلا بأس به.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك عموماً(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

٥٢ - باب استحباب تخفيف مؤنة التزويج وتقليل المهر وكراهة تكثيره

[ ٢٥١٦٨ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده، عن عليّ بن الحسن بن فضّال، عن

____________________

٢ - الكافي ٥: ٤٩٧ / ١.

٣ - التهذيب ٧: ٤٥٧ / ١٨٢٩.

(١) في المصدر: معاوية بن حكيم.

(٢) تقدم في الباب ٣ من هذه الأبواب.

(٣) ياتي في الباب ٥٦ و ٥٧ وفي الحديث ٢ من الباب ٨٦ من هذه الأبواب.

الباب ٥٢

فيه ٤ احاديث

١ - التهذيب ٧: ٣٩٩ / ١٥٩٣، اخرج مثله عن المعاني بطريق آخر في الحديث ١٠ من الباب ٥ من المهور.

١١١

محمّد وأحمد ابني الحسن، عن أبيهما، عن عبدالله بن بكير، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: الشؤم في ثلاثة اشياء: في الدابة، والمرأة، والدار، فإمّا المرأة فشؤمها غلاء مهرها وعسر ولدها(١) ، وإمّا الدابّة فشؤمها كثرة عللها وسوء خلقها، وإمّا الدار فشؤمها ضيقها وخبث جيرانها.

[ ٢٥١٦٩ ] ٢ - وبالإِسناد عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من بركة المرأة خفة مؤنتها( وتيسير ولدها) (٢) ، ومن شؤمها شدّة مؤنتها وتعسير ولدها(٣) .

ورواه الصدوق بإسناده عن عبدالله بن بكير، مثله، إلّا أنّه قال: ولادتها(٤) .

[ ٢٥١٧٠ ] ٣ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : أفضل نساء امتي أصبحهن وجها واقلهنّ مهراً.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٥) .

ورواه الصدوق بإسناده عن إسماعيل بن مسلم السكوني، مثله(٦) .

[ ٢٥١٧١ ] ٤ - قال الصدوق: وروي أنّ من بركة المرأة قلة مهرها، ومن شؤمها كثرة مهرها.

____________________

(١) في المصدر: ولادتها.

٢ - التهذيب ٧: ٣٩٩ / ١٥٩٤، واخرجه عن الكافي في الحديث ٣ من الباب ٥ من المهور.

(٢) في المصدر: وتيسر ولادتها.

(٣) في المصدر: ولادتها.

(٤) الفقيه ٣: ٢٤٥ / ١١٥٩.

٣ - الكافي ٥: ٣٢٤ / ٤، واورده في الحديث ٨ من الباب ٦ من هذه الأبواب، وعن الفقيه في الحديث ٩ من الباب ٥ من المهور.

(٥) التهذيب ٧: ٤٠٤ / ١٦١٥.

(٦) الفقيه ٣ / ٢٤٣ / ١١٥٦.

٤ - الفقيه ٣: ٢٤٥ / ١١٦٠، اورده في الحديث ٨ من الباب ٥ من أبواب المهور.

١١٢

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٥٣ - باب استحباب صلاة ركعتين لمن اراد التزويج والدعاء بالمأثور عند ذلك

[ ٢٥١٧٢ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن مثنّى بن الوليد الحناط، عن أبي بصير قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : إذا تزوّج أحدكم، كيف يصنع؟ قال: قلت له: ما أدري جعلت فداك، قال: فإذا همّ بذلك فليصلّ ركعتين ويحمد الله ويقول: « اللهمّ انّي أُريد أن أتزوّج، اللهم فاقدر لي من النساء أعفهنّ فرجاً واحفظهنّ لي في نفسها وفي مالي، وأوسعهنّ رزقاً وأعظمهن بركة، واقدر لي منها ولداً طيّباً تجعله خلفاً صالحاً في حياتي وبعد موتي » فاذا ادخلت عليه فليضع يده على ناصيتها ويقول: « اللهم على كتابك تزوجتها، وفي أمانتك أخذتها، وبكلماتك استحللت فرجها فان قضيت في رحمها شيئاً(٣) فاجعله مسلماً سوياً، ولا تجعله شرك شيطان » قلت: وكيف يكون شرك شيطان؟ فقال: ان الرجل إذا دنا من المرأة وجلس مجلسه حضره الشيطان، فان هو ذكر اسم الله تنحى الشيطان عنه وان فعل ولم يسمّ أدخل الشيطان ذكره فكان العمل منهما جميعاً والنطفة واحدة، قلت: فبأيّ شيء يعرف هذا جعلت فداك؟ قال: بحبّنا وبغضنا.

ورواه الكلينيّ عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه

____________________

(١) تقدم في الحديث ٢ من الباب ١٥ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الباب ٥ من أبواب المهور.

الباب ٥٣

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٧: ٤٠٧ / ١٦٢٧.

(٣) في المصدر: ولداً.

١١٣

الحسن بن راشد، عن أبي بصير، مثله إلى قوله: والنطفة واحدة(١) .

ورواه الصدوق بإسناده عن مثنّى بن الوليد، نحوه إلى قوله: وبعد موتي(٢) .

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٣) .

٥٤ - باب كراهة التزويج والقمر في العقرب وفي محاق الشهر (*)

[ ٢٥١٧٣ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى(٤) ، عن إسماعيل بن منصور، عن إبراهيم بن محمّد بن حمران، عن أبيه، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من تزوّج امرأة والقمر في العقرب(٥) لم ير الحسنى.

ورواه المفيد في( المقنعة) مرسلاً (٦) .

محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن محمّد بن حمران عن أبيه مثله(٧) .

____________________

(١) الكافي ٥: ٥٠١ / ٣، وأورد صدره في الحديث ١ من الباب ٣٦ من الصلوات المندوبة.

(٢) الفقيه ٣: ٢٤٩ / ١١٨٧.

(٣) يأتي في الحديث ٤ من الباب ٥٥ وسائر احاديثه وفي الباب ٦٨ من هذه الأبواب ما يدلّ على استحباب الدعاء عند الجماع.

الباب ٥٤

فيه ٣ احاديث

* - المحاق من الشهر: ليال من آخره. ( الصحاح للجوهري ٤: ١٥٥٣ ).

١ - التهذيب ٧: ٤٦١ / ١٨٤٤.

(٤) في نسخة من التهذيب ٧: ٤٠٧ / ١٦٢٨ زيادة: عن عليّ بن اسباط. وكتب في هامش المصححة ما نصه: ( عن عليّ بن اسباط، نسخة وفي موضع آخر ) كذا صورة خطه في الاصل.

(٥) العقرب: برج في السماء. ( الصحاح للجوهري ١: ١٨٨ ).

(٦) المقنعة: ٧٩.

(٧) الفقيه ٣: ٢٥٠ / ١١٨٨.

١١٤

[ ٢٥١٧٤ ] ١ - قال: وروى أنّه يكره التزويج في محاق الشهر.

[ ٢٥١٧٥ ] ٣ - وفي( عيون الأخبار) وفي( العلل) عن محمّد بن أحمد السناني، عن محمّد بن أبي عبدالله الكوفيّ، عن سهل بن زياد، عن عبد العظيم بن عبدالله الحسني، عن عليّ بن محمّد العسكرّي، عن آبائه( عليهم‌السلام ) - في حديث - قال: من تزوّج والقمر في العقرب لم ير الحسنى، وقال: من تزوّج في محاق الشهر فليسلم لسقط الولد.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الحج(١) .

٥٥ - باب استحباب الدخول على طهر وصلاة ركعتين والدعاء بالمأثور، ووضع اليد على ناصيتها واستقبال القبلة حال الدعاء

[ ٢٥١٧٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله جميعاً، عن ابن محبوب، عن جميل، عن أبي بصير قال: سمعت رجلاً وهو يقول لابي جعفر( عليه‌السلام ) : اني رجل قد اسننت وقد تزوجت امرأة بكراً صغيرة ولم أدخل بها، وأنا أخاف إذا دخلت عليّ فرأتني(٢) أن تكرهني لخضابي وكبري، فقال أبوجعفر( عليه‌السلام ) : إذا دخلت فمرهم قبل أن تصل إليك أن تكون متوضّئة، ثمّ أنت لا تصل إليها حتّى توضّأ وصّل ركعتين، ثمّ مجّد الله وصلّ

____________________

٢ - الفقيه ٣: ٢٥٠ / ١١٨٩.

٣ - عيون اخبار الرضا (عليه‌السلام ) ١: ٢٨٨ / ٣٥، علل الشرائع: ٥١٤ / ٤ اورد صدره في الحديث ٦ من الباب ٦٤ من هذه الأبواب.

(١) تقدم في الباب ١١ من أبواب آداب السفر.

الباب ٥٥

فيه ٥ احاديث

١ - الكافي ٥: ٥٠٠ / ١.

(٢) في المصدر: تراني.

١١٥

على محمّد وآل محمّد، ثمّ ادع الله ومرمن معها أن يؤمّنوا على دعائك، وقل: « اللّهم ارزقني إلفها وودّها ورضاها، وارضني بها واجمع بيننا بأحسن اجتماع وآنس ائتلاف فإنك تحبّ الحلال وتكره الحرام » ثمّ قال: واعلم أنّ الإلف من الله، والفرك(١) من الشيطان ليكره ما أحلّ الله.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسن بن محبوب، نحوه(٢) .

[ ٢٥١٧٧ ] ٢ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن( أبي أيّوب الخرّاز) (٣) ، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إذا دخلت باهلك فخذ بناصيتها واستقبل القبلة وقل: اللهم بأمانتك أخذتها، وبكلماتك استحللتها، فإن قضيت لي منها ولداً فاجعله مباركاً تقيّاً من شيعة آل محمّد، ولا تجعل للشيطان فيه شركاً ولا نصيباً.

ورواه الصدوق مرسلاً، نحوه(٤) .

[ ٢٥١٧٨ ] ٣ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أبي يوسف، عن الميثميّ رفعه قال: أتى رجل أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) فقال له: اني قد تزوّجت فادع الله لي، فقال: قل: اللهم بكلماتك استحللتها، وبأمانتك أخذتها، اللهم اجعلها ولوداً ودوداً لا تفرك تأكل ما راح ولا تسأل عمّا سرح.

[ ٢٥١٧٩ ] ٤ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن

____________________

(١) الفرك: البغض ولم يسمع إلا في الزوجين.( هامش المخطوط )، ( الصحاح للجوهري ٤: ١٦٠٣ ).

(٢) التهذيب ٧: ٤٠٩ / ١٦٣٦.

٢ - الكافي ٥: ٥٠٠ / ٢.

(٣) في المصدر: ابي ايوب الخزاز.

(٤) الفقيه ٣: ٢٥٤ / ١٢٠٥.

٣ - الكافي ٥: ٥٠١ / ٤.

٤ - الكافي ٥: ٥٠١ / ٥.

١١٦

أبان، عن عبد الرحمن بن أعين قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: إذا أراد الرجل أن يتزوّج المرأة فليقل: أقررت بالميثاق ألذّي أخذ الله إمساك بمعروف او تسريح باحسان.

[ ٢٥١٨٠ ] ٥ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن(١) خالد، عن محمّد بن عيسى، عن أبان، عن حريز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: إذا أردت الجماع فقل: اللهم ارزقني ولداً واجعله تقيّاً زكياً ليس في خلقه زيادة ولا نقصان واجعل عاقبته إلى خير.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) .

٥٦ - باب استحباب المكث واللبث وترك التعجيل عند الجماع

[ ٢٥١٨١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر ابن محمّد الأشعريّ، عن ابن القدّاح، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إذا جامع أحدكم أهله فلا يأتيهنّ كما يأتي الطير ليمكث وليلبث، قال بعضهم: وليتلبّث.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(٣) .

[ ٢٥١٨٢ ] ٢ - وعنهم، عن سهل، عن ابن شمون، عن الأصمّ، عن

____________________

٥ - التهذيب ٧: ٤١١ / ١٦٤١.

(١) في المصدر: محمّد بن ابي خالد.

(٢) تقدم في الباب ٥٣ من هذه الأبواب، ويأتي ما يدلّ عليه في الباب ٦٨ من هذه الأبواب.

الباب ٥٦

فيه ٤ احاديث

١ - الكافي ٥: ٤٩٧ / ٢.

(٣) التهذيب ٧: ٤١٢ / ١٦٤٨.

٢ - الكافي ٥: ٥٦٧ / ٤٨.

١١٧

مسمع، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إذا أراد أحدكم أن يأتي أهله فلا يعجّلها.

[ ٢٥١٨٣ ] ٣ - محمّد بن عليّ بن الحسين قال: قال الصادق( عليه‌السلام ) : ان أحدكم ليأتي أهله فتخرج من تحته، فلو أصابت زنجيّاً لتشبّثت به فاذا أتى أحدكم أهله فليكن بينهما مداعبة فانّه أطيب للامر.

[ ٢٥١٨٤ ] ٤ - وفي( الخصال) بإسناده عن عليّ( عليه‌السلام ) - في حديث الأربعمائة - قال: إذا أراد أحدكم أن يأتي زوجته فلا يعجلها فإنّ للنساء حوائج(١) .

٥٧ - باب استحباب ملاعبة الزوجة ومداعبتها

[ ٢٥١٨٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن أبي عليّ الأشعريّ، عن أحمد بن اسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: ليس شيء تحضره الملائكة إلّا الرهان وملاعبة الرجل أهله.

[ ٢٥١٨٦ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن عليّ بن إسماعيل رفعه قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : ارموا واركبوا وأن ترموا أحبّ إليّ من أن تركبوا، ثمّ قال: كلّ لهو المؤمن باطل إلّا في ثلاث: في

____________________

٣ - الفقيه ٣: ٣٦٤ / ١٧٣٢.

٤ - الخصال: ٦١٠ - ٦٣٧ / ١٠، ويأتي ما يدلّ على ذلك في الباب ٥٧ من هذه الأبواب.

(١) كذا في المخطوط، لكن في المصححة ( جوائح ).

الباب ٥٧

فيه ٣ احاديث

١ - الكافي ٥: ٥٥٤ / ١، واورده في الحديث ١ من الباب ٢، وباسناد آخر في الحديث ٤ من الباب ١ من أبواب السبق والرماية.

٢ - الكافي ٥: ٥٠ / ١٣، وأورد تمامة عنه وعن التهذيب في الحديث ٣ من الباب ٥٨ من أبواب جهاد العدو، وقطعة في الحديث ٥ من الباب ١ من أبواب السبق والرماية وفي الحديث ٣ من الباب ١٧ من أبواب احكام الدواب.

١١٨

تأديبه الفرس، ورميه عن القوس، وملاعبته امرأته فانّهنّ حقّ.

[ ٢٥١٨٧ ] ٣ - عبدالله بن جعفر في( قرب الإِسناد ): عن السنديّ بن محمّد، عن أبي البختري، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، عن أبيه،( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : ثلاثة من الجفا: أن يصحبّ الرجل الرجل فلا يسأله عن اسمه وكنيته، وأن يدعى الرجل إلى طعام فلا يجيب وأن يجيب فلا يأكل، ومواقعة الرجل أهله قبل الملاعبة.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٥٨ - باب جواز الجماع عارياً على كراهية، وفي الحمام، وفي الماء

[ ٢٥١٨٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن إبراهيم بن أبي بكر النحّاس، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) في الرجل يجامع فيقع عنه ثوبه قال: لا بأس.

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد ابن يعقوب، مثله(٣) .

[ ٢٥١٨٩ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن العيص(٤) أنه سأل أبا عبدالله( عليه

____________________

٣ - قرب الإِسناد: ٧٤، اخرجه في الحديث ٤ من الباب ١٠١ من أبواب احكام العشرة.

(١) تقدم في الحديث ١ من الباب ١٠١ من أبواب احكام العشرة، وفي الباب ٥٦ من هذه الأبواب

(٢) يأتي في الحديث ٢ من الباب ٨٦ من هذه الأبواب.

الباب ٥٨

فيه ٣ احاديث

١ - الكافي ٥: ٤٩٧ / ٣.

(٣) التهذيب ٧: ٤١٣ / ١٦٤٩.

٢ - التهذيب ٧: ٤١٢ / ١٦٤٦.

(٤) في نسخة: الفيض ( هامش المخطوط ).

١١٩

السلام) فقال له: أُجامع وأنا عريان؟ فقال: لا ولا مستقبل القبلة ولا مستدبرها.

[ ٢٥١٩٠ ] ٣ - محمّد بن عليّ بن الحسين في( العلل ): عن أبيه، عن أحمد بن إدريس عن محمّد بن أحمد، عن إبراهيم بن هاشم، عن الحسين بن الحسن القزوينيّ، عن سليمان بن جعفر البصري، عن عبدالله بن الحسين بن زيد العلوي، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه( عليهم‌السلام ) عن النبى( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال: إذا تجامع الرجل والمرأة فلا يتعرّيان فعل الحمارين فإنّ الملائكة تخرج من بينهما إذا فعلا ذلك.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على الحكمين الاخيرين في آداب الحمام(١) .

٥٩ - باب جواز النظر إلى جميع بدن الزوجة حتّى الفرج في حال الجماع على كراهية فيها

[ ٢٥١٩١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رجل، عن إسحاق بن عمّار، عن أبى عبدالله( عليه‌السلام ) في الرجل ينظر إلى امرأته وهي عريانة، قال: لا بأس بذلك، وهل اللذة إلّا ذلك.

[ ٢٥١٩٢ ] ٢ - وعن عليّ بن محمّد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبدالله،( عن أبيه) (٢) ، عن أحمد بن النضر، عن محمّد بن سكين(٣) الحنّاط، عن أبي حمزة

____________________

٣ - علل الشرائع: ٥١٨ / ٨.

(١) تقدم في اكثر احاديث الباب ١٥ من أبواب آداب الحمام.

الباب ٥٩

فيه ٨ احاديث

١ - الكافي ٥: ٤٩٧ / ٦، والتهذيب ٧: ٤١٣ / ١٦٥٢.

٢ - الكافي ٥: ٤٩٧ / ٥.

(٢) ليس في التهذيب.

(٣) في المصدر: مسكين.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

ما وجب معه عليه الطلب والخروج. فلما انعكس ذلك وظهرت أمارات الغدر فيه وسوء الاتفاق ، رام الرجوع والمكافّة والتسليم كما فعل أخوه ، فمنع من ذلك وحيل بينه وبينه. فالحالان متفقان ، إلا أن التسليم والمكافّة عند ظهور أسباب الخوف لم يقبلا منه ، ولم يجب إلى الموادعة ، وطلبت نفسه فمنع منها بجهده ، حتّى مضى كريما إلى جنة الله ورضوانه ، وهذا واضح لمتأمله (انتهيكلام السيد المرتضى).

٢٨٧ ـ تعليق العلامة المجلسي :(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٢٦)

قال المحقق المحدث المجلسي بعد نقل كلام السيد المرتضى :

وقد مضى في كتابه (الإمامة) وكتاب (الفتن) أخبار كثيرة دالة على أن كلا منهمعليه‌السلام كان مأمورا بأمور خاصة ، مكتوبة في الصحف السماوية النازلة على الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فهم كانوا يعملون بها. ولا ينبغي قياس الأحكام المتعلقة بهم على أحكامنا. وبعد الاطلاع على أحوال الأنبياءعليهم‌السلام وأن كثيرا منهم كانوا يبعثون فرادى في ألوف من الكفرة ، ويسبّون آلهتهم ويدعونهم إلى دينهم ، ولا يبالون بما ينالهم من المكاره والضرب والحبس والقتل والإلقاء في النار ، ولا ينبغي الاعتراض على أئمة الدين في أمثال ذلك ، مع أنه بعد ثبوت عصمتهم بالبراهين والنصوص المتواترة ، لا مجال للاعتراض عليهم ، بل يجب التسليم لهم في كل ما صدر عنهم.

على أنك لو تأملت حق التأمل علمت أنهعليه‌السلام فدى بنفسه المقدسة دين جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولم تنزلزل أركان دولة بني أمية إلا بعد شهادته ، ولم يظهر للناس كفرهم وضلالتهم إلا عند فوزه بسعادته. ولو كان يسالمهم ويوادعهم كان يقوى سلطانهم ويشتبه على الناس أمرهم ، فتعود بعد حين أعلام الدين طامسة وآثار الهداية مندرسة. مع أنه قد ظهر لك من الأخبار السابقة أنهعليه‌السلام هرب من المدينة خوفا من القتل.

إلى مكة ، وكذا خرج من مكة بعد ما غلب على ظنه أنهم يريدون غيلته وقتله ، حتّى لم يتيسّر له أن يتمّ حجّه ، فتحلل وخرج منها خائفا يترقب. وقد كانوا ضيّقوا عليه جميع الأقطار ولم يتركوا له موضعا للفرار.

ولقد رأيت في بعض الكتب المعتبرة أن يزيد أنفذ عمرو بن سعيد بن العاص في عسكر عظيم ، وولاه أمر الموسم ، وأمّره على الحاج كلهم ، وكان قد أوصاه بقبض

٢٨١

الحسينعليه‌السلام سرا ، وإن لم يتمكن منه بقتله غيلة. ثم إنه دسّ مع الحاج في تلك السنة ثلاثين رجلا من شياطين بني أمية ، وأمرهم بقتل الحسينعليه‌السلام على أي حال اتفق. فلما علم الحسينعليه‌السلام بذلك حلّ من إحرام الحج وجعلها عمرة مفردة.

وقد روي بأسانيد معتبرة ، أنهعليه‌السلام لما منعه محمّد بن الحنفية عن الخروج

إلى الكوفة ، قال : «والله يا أخي لو كنت في جحر هامّة من هوام الأرض ، لاستخرجوني منه حتّى يقتلونني». بل الظاهر أنه لو كان يسالمهم ويبايعهم لا يتركونه ، لشدة عداوتهم وكثرة وقاحتهم ، بل كانوا يغتالونه بكل حيلة ويدفعونه بكل وسيلة. وإنما كانوا يعرضون البيعة عليه أولا لعلمهم بأنه لا يوافقهم في ذلك.ألا ترى مروان ابن الحكم كيف كان يشير على والي المدينة بقتله قبل عرض البيعة عليه؟. وكان عبيد الله بن زياد يقول : اعرضوا عليه فلينزل على أمرنا ، ثم نرى فيه رأينا؟.

ألا ترى كيف أمنّوا مسلم بن عقيل ، ثم قتلوه؟!.

فأما معاوية فإنه مع شدة عداوته وبغضه لأهل البيتعليهم‌السلام كان ذا دهاء ونكراء وحزم ، وكان يعلم أن قتلهم علانية يوجب رجوع الناس عنه وذهاب ملكه وخروج الناس عليه ، فكان يداريهم ظاهرا على كل حال. ولذا صالحه الحسنعليه‌السلام ولم يتعرض له الحسينعليه‌السلام . ولذا كان معاوية يوصي ولده اللعين بعدم التعرض للحسينعليه‌السلام لأنه كان يعلم أن ذلك يصير سببا لذهاب دولته (انتهى كلام العلامة المجلسي).

٢٨٨ ـ لماذا خرج الحسينعليه‌السلام بعياله إلى العراق؟ :(مقتل المقرم ص ١٢٥)

ان الكلمة السديدة الناضجة في وجه حمل الحسين عياله إلى العراق مع علمه بما يقدم عليه ومن معه على القتل ، هو أنهعليه‌السلام لما علم بأن قتلته سوف تذهب ضياعا لو لم يتعقبها لسان ذرب(١) وجنان ثابت ، يعرّفان الأمة ضلال ابن ميسون(يزيد) وطغيان ابن مرجانة (ابن زياد) ، باعتدائهما على الذرية الطاهرة الثائرة في وجه المنكر ، ودحض ما ابتدعاه في الشريعة المقدسة.

وعرف سيد الشهداءعليه‌السلام من حرائر الرسالةعليه‌السلام الصبر على المكاره وملاقاة

__________________

(١) ذرب اللسان : ذو لسان حادّ. ولسان ذرب : أي فصيح.

٢٨٢

الخطوب والدواهي بقلوب أرسى من الجبال ، فلا يفوتهن تعريف الملأ المغمور بالترّهات والأضاليل ، نتائج أعمال هؤلاء المضلين ، وما يقصدونه من هدم الدين ، وأن الشهداء أرادوا بنهضتهم مع إمامهم إحياء شريعة جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وفي الحقيقة لقد أدت عقائل الوحي هذه الرسالة الجوهرية الخطيرة ، بجرأة وإخلاص ، وثبات ورباطة جأش ، رغم تفاقم الخطب وعظم المصيبة وقساوة المحنة فهاهي عقيلة الوحي زينبعليها‌السلام أخت الحسينعليه‌السلام تقف بجرأة وحزم أمام ابن زياد الجبار المتهور ، تفرغ عن لسان أبيها ، تقول له بكلام أنفذ من السهم ، وتلقمه حجرا وهي تقول :

«هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم ، وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاجّ وتخاصم ، فانظر لمن الفلج (أي الفوز) ثكلتك أمك يابن مرجانة».ثم لا ننسى خطبها في الكوفة ومواقفها في الشامعليها‌السلام .

وها هي فاطمة بنت الحسين وأم كلثوم وسكينةعليهم‌السلام يتحدثن بمثل ما تحدثت به عمتهن زينبعليها‌السلام ، في ذلك الموقف الرهيب المحفوف بسيوف الخسف والغدر والجور ، فما يستطيع أحد أن يتفوه بكلمة واحدة مهما أوتي من الجرأة والثبات والصمود ، ومهما بلغ من القوة والمنعة والمنزلة ، فكيف بهنّ وقد أعلنّ للملأ أجمع عن كل موبقات ابن ميسون وابن مرجانة.

هذا على أنه وإن وضع الله الجهاد ومكافحة الأعداء عن المرأة وأمرها بلزوم بيتها ، فذاك فيما إذا قام بتلك المكافحة غيرها من الرجال ، وأما إذا توقف إقامة الحق عليها فقط ، بحيث لولا قيامها لدرست أسس الشريعة وذهبت الغاية من تضحية الصفوة ، كان الواجب القيام به.

ينتج من هذا أن جهاد العقيلات في معركة كربلاء كان في طرف موازنة مع جهاد الشهداء.

وجاء في (اللهوف) ص ٤٧ : ومما يمكن أن يكون سببا لحمل الحسينعليه‌السلام عياله ، أنه إن تركها بالحجاز أو غيرها من البلاد ، كان يزيد بن معاوية قد أنفذ ليأخذهن إليه ، وصنع بهن من الاستئصال وسيّئ الأعمال ، ما يمنع الحسين من الجهاد والشهادة.

٢٨٣

٥ ـ هل ألقى الحسينعليه‌السلام بيده إلى التهلكة؟

٢٨٩ ـ هل عرّض الحسينعليه‌السلام نفسه للتهلكة؟ :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٩)

يقول السيد عبد الرزاق المقرّم عن استشهاد الأئمةعليهم‌السلام :

وليس في إقدامهم على الشهادة إعانة على إزهاق نفوسهم القدسية وإلقائها في التهلكة الممنوع منه بنص الذكر المجيد ، فإن الإبقاء على النفس والحذر من إيرادها مورد الهلكة إنما يجب إذا كان مقدورا لصاحبها أو لم يقابل بمصلحة أهمّ من حفظها. وأما إذا وجدت هنا لك مصلحة تكافىء تعريض النفس للهلاك ، كما في الجهاد والدفاع عن النفس ، مع العلم بتسرب القتل إلى فئة من المجاهدين ، فيجب عندها بذل النفس والتضحية بها. ولقد أمر الله الأنبياء والمرسلين والمؤمنين فمشوا إليه قدما موطّنين أنفسهم على القتل وكم فيهم سعداء ، وكم من نبي قتل في سبيل دعوته ولم يبارح قوله دعوته حتّى أزهقت نفسه الطاهرة!. وقد تعبّد الله طائفة من بني إسرائيل بقتل أنفسهم فقال :( إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ ) [البقرة : ٥٤].

وقد أثنى سبحانه على المؤمنين في إقدامهم على القتل والمجاهدة في سبيل تأييد الدعوة الإلهية ، فقال تعالى :( إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ) [التوبة : ١١١] وقال تعالى :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ ) [البقرة : ٢٠٧] وقال تعالى :( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) (١٦٩) [آل عمران : ١٦٩].

٢٩٠ ـ التعبّد بالقتل أسمى درجات السعادة ، وليس هو إلقاء إلى التهلكة :

(اللهوف للسيد ابن طاووس ، ص ١٢)

يقول السيد ابن طاووس : ولعل بعض من لا يعرف حقائق شرف السعادة بالشهادة ، يعتقد أن الله لا يتعبّد بمثل هذه الحالة. أما سمع في القرآن الصادق المقال ، أنه تعبّد قوما بقتل أنفسهم ، فقال تعالى :( إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ ) [البقرة : ٥٤] أنه هو القتل ، وليس الأمر كذلك ، وإنما التعبد به من أبلغ درجات السعادة.

٢٨٤

ثم يعرض تفسير آية التهلكة بما ذكره الإمام الصادقعليه‌السلام ، وهو أن بعض الصحابة تخلّفوا عن نصرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأقاموا في بيوتهم لإصلاح أحوالهم ، فنزلت الآية :( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) [البقرة : ١٩٥] ومعناه : إن تخلّفتم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأقمتم في بيوتكم ألقيتم بأيديكم إلى التهلكة وسخط الله عليكم فهلكتم. وليست هذه الآية في رجل يحرّض على العدو أو يطلب الشهادة بالجهاد في سبيل الله رجاء الثواب والآخرة.

٢٩١ ـ دفع شبهة : هل ألقى الحسينعليه‌السلام بنفسه إلى التهلكة؟ :

(الأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري ، ج ٢ ص ٢٣٦)

يقول السيد نعمة الله الجزائري :

واعلم أن جماعة من مخالفينا أورد واهنا شبهة ، بل وربما قاله بعض الجهال فينا ، وهو أن الحسينعليه‌السلام كان عالما بأن يجري عليه ما جرى قبل مسيره إلى العراق ، فلم سار إليها حتّى صار كالمعين على نفسه؟. وهذه شبهة ركيكة ، والجواب عنها من وجوه :

الوجه الأول : أن الإمام إذا وجد الأعوان وجب عليه القيام بأمر الجهاد ، ولا يجوز له التقاعد عنه لظنه بهم الخذلان له ، كما لم يجز للأنبياءعليهم‌السلام ترك الجهاد لهذه المظنّة ، بل قاموا بالدعوة حتّى أصيبوا من الأمة بالمصائب العظام ، كما وقع لأولي العزم وغيرهم ، استتماما لحجة الله تعالى على الخلائق.

الوجه الثاني : أنهعليه‌السلام لو لم يسر إلى العراق لما تركوه ، ولو ذهب إلى المكان البعيد ، مصداقا لقولهعليه‌السلام لأخيه محمّد بن الحنفية ، حين نصحه بأن يلحق بالرمال من اليمن حتّى ينظر بواطن أهل العراق ، فقال له : يا أخي نعم ما رأيت من الصلاح ، ولكن هؤلاء القوم ما يسكتون عن طلبي أينما ذهبت حتّى يسفكوا دمي ، فعند ذلك يلبسهم الله ذلّ الدنيا والآخرة.

الوجه الثالث : أن الأنبياء والأئمةعليهم‌السلام قد خصّهم الله تعالى بأنواع من التكاليف ، فلعل هذا ـ وهو الإلقاء إلى التهلكة ـ منها ، نظرا إلى الحكم والمصالح الإلهية.

فإن قلت : كيف لم يبايع ليزيد حتّى لا يصل إليه الضرر ، كما بايع أخوه الحسنعليه‌السلام ؟ قلت : هذا مجرد كلام ، والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين. وذلك

٢٨٥

أنهعليه‌السلام رأى أخاه الحسنعليه‌السلام لما سالم معاوية ، وكيف فعل به أولا ، وكيف غدر به آخرا ، حتّى قتله مسموما. فما كان يصنع ابنه يزيد مع الحسينعليه‌السلام إلا أسوأ من هذا ، لأن معاوية كان فيه الدهاء ، وما كان يتجرأ على قتل الحسينعليه‌السلام ظاهرا ، ولهذا أوصى عند موته ليزيد ، أنك [إن] تظفر بالحسينعليه‌السلام فلا تقتله ، واذكر فيه القرابة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٢٩٢ ـ بين هجرة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهجرة السبطعليه‌السلام :

(من وحي الثورة الحسينية لهاشم معروف الحسني ، ص ٣١)

يقول السيد هاشم معروف الحسني :

هناك هجرتان من أجل الإسلام ورسالة الإسلام :

الأولى منهما : كانت فرارا من الموت الّذي استهدف رسالة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بشخصه ، وقد نفّذها الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأمر من ربه ، ليتابع رسالته وينقذها من مشركي مكة وجبابرة قريش وعلى رأسهم أبو سفيان.

والثانية : قام بها سبطه الزكي الحسين بن عليعليه‌السلام ولكنها كانت للشهادة ، بعد أن أدرك أن الأخطار المحدقة برسالة جده ، لا يمكن تفاديها وتجاوزها إلا بشهادته.

لقد هاجر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من مكة إلى المدينة لأجل رسالته ، بعد أن تآمرت قريش على قتله لتتخلص منها ، لأن بقاءها وانتشارها مرهون بحياته ، وبعد أن وجدت أن جميع وسائل العنف التي استعملتها معه خلال ثلاثة عشر عاما لم تغير من موقفه شيئا ، كما لم تجدها جميع الاغراءات والعروض السخية. وكان ردّه الأخير على عروض أبي سفيان وأبي جهل ومغرياتهما أن قال : «والله لو وضعتم الشمس في يميني ، والقمر في شمالي ، على أن أترك هذا الأمر ما تركته ، حتّى يحكم الله أو أهلك دونه».

وظل الحزب الأموي بقيادة أبي سفيان وأبنائه يتحيّن الفرص ويستغل المناسبات ليجهض على الإسلام وعلى قادة الإسلام ، بعد أن عملوا بكل جهدهم لإفراغ الإسلام من مضمونه الحقيقي واتخاذه أداة ظاهرية للوصول إلى الحكم.

وحين عادت الجاهلية تعصف برياحها على بلاد الإسلام ، وتلقي بظلها على المسلمين ، سطع ضوء في الظلام ومن بين ركام الإسلام المتداعي ، وأضاءت للملأ

٢٨٦

ملامح أمل جديد في دياجي ذلك الظلام المطبق ، وبدا للعالم إنسان يخطّ على التراب بدمه هذه الكلمات :

«ألا وإني لا أرى الموت إلا سعادة ، والحياة مع الظالمين إلا برما».

إنه الحسين ، ابن علي وفاطمة الزهراءعليهم‌السلام سبط ذلك الرسول الّذي هاجر [الهجرة الأولى] من مكة إلى المدينة ، لأجل رسالته ولا نقاذها من الشرك والوثنية.جاء يهاجر [الهجرة الثانية] لأجل نفس الرسالة ولانقاذها من الشذوذ والانحراف والجور والفساد. خرج من مدينة جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى عاصمة أبيه الكوفة ، خرج مهاجرا لإحياء دين جده ورسالته ، وإيقاظ الآمال في نفوس الفقراء والمستضعفين ، الذين باتوا يساقون كالأنعام بيد الولاة والحكام.

ولقد رضي الحسينعليه‌السلام أن يقدّم نفسه وأهله قربانا لهذه الرسالة ، حين رأى الموت والشهادة أحلى إلى قلبه من العقد الّذي يزيّن جيد الفتاة ، وحين أدرك أن لا عزّة ولا كرامة إلا بالجهاد والفداء.

لقد هاجر الحسينعليه‌السلام من مدينة جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أرض الشهادة والخلود ، ليقدّم دمه الزكي ودماء إخوته وأنصاره ثمنا لإحياء شريعة جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإنقاذها من الضياع والاندثار.

وهكذا كانت نهضة الحسينعليه‌السلام الامتداد الطبيعي لرسالة جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وجهاد الحسينعليه‌السلام امتدادا لجهاد جده وأبيهعليه‌السلام ، مصداقا لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«حسين مني وأنا من حسين». فعقيدة الحسين هي من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ورسالة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحيى وتبقى بالحسينعليه‌السلام .

٦ ـ معالم النهضة المقدسة

٢٩٣ ـ ثلاثة مشاعل من رسالة الحسينعليه‌السلام :

(مجلة الإسلام في معارفه وفنونه للشيخ حبيب آل إبراهيم ، بعلبك ،

السنة العاشرة ، العدد الأول ، نيسان ١٩٦٨)

ماهي رسالة الحسينعليه‌السلام ؟

تعال نسأل عنها الإمام الحسين نفسه

في يوم شهادته بالذات رفع الشهيد شعارات ثلاثة ،

٢٨٧

كانت خير عنوان للرسالة التي خرج يؤديها بدمه ،

ودم الشهداء الذين معه.

هذه الشعارات هي : المسؤولية ـ التصميم ـ العزّة.

١ ـ المسؤولية :

قال الإمام الحسينعليه‌السلام : «إني لم أخرج أشرا ولا بطرا ، ولا مفسدا ولا ظالما ، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ، ومن ردّ عليّ هذا أصبر حتّى يحكم الله وهو خير الحاكمين».

هذه الكلمات مشاعل ، تضيء الطريق للسالكين ، بها يحدد سيد الشهداء أغراض نهضته : إنه لم يخرج طمعا بمنصب ولا عن انحراف ، إنما خرج يطلب الإصلاح في دين جده خاتم الرسلصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يريد أمرا بمعروف ونهيا عن منكر.

ها هنا مشعل!. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. إنه المسؤولية ؛ مسؤولية المسلم عن عقيدته وممارستها.

ولقد كان أبو عبد الله الحسينعليه‌السلام حيثما سار وثار ، نموذجا مثاليا للمسلم حين تحيق بعقيدته الآفات والأخطار.

ثم قال الحسينعليه‌السلام : «فمن قبلني بقبول الحق ، فالله أولى بالحق ، ومن ردّ عليّ هذا أصبر ، حتّى يحكم الله ، وهو خير الحاكمين».

إنه ينادي : أيها الناس لا يكن ميزان قبولكم إياي شخصي ، إنما اقبلوني لأني أمثّل حقا. فمن قبلني فإنما يقبل الحق ، ومن ردّ عليّ فإنما يردّ على الحق هكذا ترتفع المبادئ فوق الأشخاص. وحينذاك تضيع النفوس وحاجاتها ، ويبقى المبدأ هو القائم البارز. ونعم ، يبقى الشخص بمقدار ما يمثّل من مبدأ.

٢ ـ التصميم :

وقالعليه‌السلام : «ألا وإن الدعيّ ابن الدعيّ ، قد ركز بين اثنتين : بين السّلةّ والذلة ، وهيهات منا الذلة ، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون ، وجدود طابت ، وحجور طهرت ، وأنوف حميّة ، ونفوس أبيّة ، لا تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام».

٢٨٨

ها هو الحسينعليه‌السلام يعلن تصميمه على أداء رسالته ، وأنه لن يتراجع. وأنه يؤثر أن يموت ميتة الكرام في سبيل الرسالة ، على أن يطيع اللئام ولكن لماذا؟. من أين ينبع هذا التصميم؟.

من الله ورسوله ، ومن تربيته ، ومن نفسه. فلا الله يرضى له التراجع ولا رسوله ، ولا حقّ من ربّوه ، ولا نفسه.

مزيج من الدوافع ، لا أشمل ولا أكمل : الدين والتربية والنفسية. كلها تدفعه لأن يعلنها صريحة مدوّية : أنه لن يتراجع عن أداء رسالته ، ولو كلّفه ذلك مصرعه ...والدين في المقدمة.

وهذا مشعل!. الدين حافز لا يرضى التراجع ، ولا يقبل بأنصاف الحلول.

٣ ـ العزّة :

ثم قالعليه‌السلام : «لا والله ، لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل ، ولا أقرّ إقرار العبيد».

كلمات تنضح بالعزة

إنه لن يسكت ذليلا ، ولن يسكت عبدا والمنحرفون يريدونه ذليلا وعبدا معا. ولو أنه ذل واستعبد لربما أنالوه ما يرضيه ؛ ولكنه عزّ ، وإذ عزّ ثار ولكم تكلّف.

العزة غاليا( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) [المنافقون : ٨].

وهذا مشعل!. الإيمان عزّ ، ولا ذلّ مع الإيمان.

٧ ـ أهداف نهضة الحسينعليه‌السلام

* مدخل :

قبل أن يسير الحسينعليه‌السلام من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة ، دعا بدواة وبياض وكتب وصية تاريخية لأخيه محمّد بن الحنفية. وهذه الوصية هي أفضل وثيقة صادرة عن صاحب النهضة ، يوضح فيها بجلاء أهداف نهضته المباركة ، يقول فيها :

«إني لم أخرج أشرا (أي فرحا) ولا بطرا ، ولا مفسدا ولا ظالما ، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن

٢٨٩

المنكر ، وأسير بسيرة جدي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وسيرة أبي علي بن أبي طالبعليه‌السلام .فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ، ومن ردّ عليّ هذا أصبر حتّى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق ، ويحكم بيني وبينهم وهو خير الحاكمين».

ففي هذه الوثيقة يبيّن الحسينعليه‌السلام ما يلي :

١ ـ أن نهضته ليس غرضها السلطان والدنيا وما يلازمها من الفرح والبطر ، ولا الإفساد والظلم.

٢ ـ أن نهضته تنطلق من مبدأ وجوب الإصلاح لكل فاسد ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

٣ ـ أن غايته الأولى والأخيرة إحقاق الحق الّذي أبطله المتحكمون والمبطلون ، المتمثل بسيرة جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبيه عليعليه‌السلام .

٤ ـ أنه سوف يعمل جاهدا لتطبيق مبادئه السامية مستعينا بأنصار الحق ، وسوف يبذل في سبيل ذلك كل غال ورخيص ، ويصبر على تنفيذ ذلك ولو ضحّى بنفسه وما يملك.

والحسينعليه‌السلام رغم علمه بمصيره وشهادته ، التي وصلت حدّ الاشتهار ، إلا أنه كان يعمل وفق تكليفه الشرعي المبني على ظواهر الأمور.

٢٩٤ ـ هدفان رئيسيان للنهضة :

(الوثائق الرسمية لثورة الحسين لعبد الكريم الحسيني القزويني ، ص ١٢)

لو تصفحنا الوثائق الأولى لقائد هذه الثورة ـ الحسينعليه‌السلام ـ لرأيناها تحمل الهدفين التاليين :

١ ـ الثورة على حكم يزيد ، أي تغيير الجهاز الحاكم.

٢ ـ إقامة الشريعة الاسلامية وتطبيقها ، في مقابل المخالفات التي أشاعها الحكام آنذاك.

٢٩٥ ـ الحسينعليه‌السلام فاتح وليس مغامرا :(مقتل الحسين للمقرم ، ص ٥٦)

كان الحسينعليه‌السلام يعتقد في نهضته أنه فاتح منصور ، لما في شهادته من إحياء دين الرسول وإماتة البدعة وتفظيع أعمال المناوئين وتفهيم الأمة أنه أحق بالخلافة من غيره ، وإليه يشير في كتابه إلى بني هاشم :

٢٩٠

«من لحق بي منكم استشهد ، ومن تخلفّ لم يبلغ الفتح»(١) .

فإنهعليه‌السلام لم يرد بالفتح إلا ما يترتب على نهضته وتضحيته من نقض دعائم الضلال وكسح أشواك الباطل عن الشريعة المطهرة ، وإقامة أركان العدل والتوحيد ، وأن الواجب على الأمة القيام في وجه المنكر.

وهذا معنى كلمة الإمام زين العابدينعليه‌السلام لإبراهيم بن طلحة بن عبيد الله

لما سأله حين رجوعه إلى المدينة : «من الغالب؟». فقال السجّادعليه‌السلام : إذا دخل وقت الصلاة فأذّن وأقم ، تعرف الغالب!(٢) .

فإنه يشير إلى تحقّق الغاية التي ضحّى سيد الشهداء بنفسه القدسية من أجلها ، وفشل يزيد بما سعى له من إطفاء نور الله تعالى ومحو ذكر أهل البيتعليهم‌السلام ، وما أراده أبوه من نقض مساعي الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإمائة الشهادة له بالرسالة ، بعد أن كان الواجب على الأمة في أوقات الصلوات الخمس الإعلان بالشهادة لنبي الإسلام ، ذلك الّذي هدم صروح الشرك وأبطل عبادة الأوثان. كما وجب على الأمة الصلاة على النبي وعلى آله الطاهرين في التشهدين ، وأن الصلاة عليه بدون الصلاة على آله : بتراء(٣) .

كما أن العقيلة زينبعليها‌السلام أشارت إلى هذا الفتح بقولها ليزيد : «فكد كيدك ، واسع سعيك ، وناصب جهدك ، فو الله لا تمحو ذكرنا ، ولا تميت وحينا ، ولا تدرك أمدنا ، ولا يرحض عنك عارها وشنارها».

تصريحات الفيلسوف الألماني ماربين

٢٩٦ ـ أسرار شهادة الحسينعليه‌السلام للفيلسوف الألماني (ماربين):

(ذكرى الحسين للشيخ حبيب آل إبراهيم ، ج ٨ ص ٥٢)

قال الحكيم الألماني ماربين في كتابه (السياسة الإسلامية) من جملة كلام طويل :

لا يشك صاحب الوجدان إذا دقّق النظر في أوضاع ذاك العصر ، وكيفية نجاح بني

__________________

(١) كامل الزيارات ، ص ٧٥ ؛ وبصائر الدرجات للصفار ، ج ١٠ ص ١٤١.

(٢) أمالي الشيخ الطوسي.

(٣) الصواعق المحرقة ، ص ٨٧.

٢٩١

أمية في مقاصدهم واستيلائهم على جميع طبقات الناس وتزلزل المسلمين ، أن الحسين قد أحيا بقتله دين جده وقوانين الإسلام. ولو لم تقع تلك الواقعة ، ولم تظهر تلك الحسّيات الصادقة بين المسلمين لأجل قتل الحسين ، لم يكن الإسلام على ماهو عليه الآن قطعا ، بل كان من الممكن ضياع رسومه وقوانينه حيث كان يومئذ حديث العهد.

عزم الحسينعليه‌السلام على إنجاح هذا المقصد وإعلان الثورة ضد بني أمية من يوم توفي والده ، فلما قام يزيد مقام معاوية خرج الحسينعليه‌السلام من المدينة ، وكان يظهر مقصده العالي ، ويبث روح الثورة في المراكز الإسلامية المهمة كمكة والعراق وأينما حل ، فازدادت نفرة قلوب المسلمين ، التي هي مقدمة الثورة على بني أمية ، ولم يكن يجهل يزيد مقاصد الحسينعليه‌السلام ، وكان يعلم أن الثورة إذا أعلنت في جهة والحسين قائدها مع تنفر المسلمين عموما من حكومة بني أمية وميل القلوب وتوجه الانظار إلى الحسينعليه‌السلام ، عمّت جميع البلدان ، وفي ذلك زوال ملكهم وسلطانهم ، فعزم يزيد قبل كل شيء من يوم بويع على قتل الحسينعليه‌السلام . ولقد كان هذا أعظم خطأ سياسي صدر من بني أمية ، فجعلهم نسيا منسيا ولم يبق منهم أثر ولا خبر.

وأعظم الأدلة على أن الحسينعليه‌السلام أقدم على قتل نفسه ولم تكن من غرضه سلطنة ولا رئاسة ، هو أنه مضافا إلى ما كان عليه من العلم والسياسة والتجربة التي وقف عليها زمن أبيه وأخيه في قتال بني أمية ، كان يعلم أنه مع عدم تهيئة الأسباب له واقتدار يزيد ، لا يمكنه المقاومة والغلبة.

وكان يقول من يوم توفي والده إنه يقتل وأعلن يوم خروجه من المدينة أنه يمضي إلى القتل ، وأظهر ذلك لأصحابه والذين أتبعوه من باب إتمام الحجة ، حتى يتفرق الذين التفوا حوله طمعا بالدنيا ، وطالما كان يقول «وخير لي مصرع أنا لاقيه». ولو لم يكن قصده ذلك ولم يكن عالما عامدا ، لجمع الجنود ولسعى في تكثير أصحابه وزيادة استعداده ، لا أن يفرق الذين كانوا معه. ولكن لما لم يكن له قصد إلا القتل مقدمة لذلك المقصد العالي ، وإعلان الثورة المقدسة ضد يزيد ، رأى أن خير الوسائل إلى ذلك (الانفراد والمظلومية) ، فإنّ أثر هذه المصائب أشد وأكثر في القلوب.

من الظاهر أن الحسينعليه‌السلام مع ما كانت له من المحبوبية في قلوب المسلمين

٢٩٢

في ذلك الزمان ، لو كان يطلب قوة واستعدادا لأمكنه أن يخرج إلى حرب يزيد جيشا جرارا ، ولكنه لو صنع ذلك لكان قتله في سبيل السلطة والإمارة ، ولم يفز (بالمظلومية) التي انتجت تلك الثورة العظيمة. هذا هو الذي جعله لا يبقي معه إلا الذين لا يمكن انفكاكهم عنه ، كأولاده وإخوانه وبني أخوته وبني أعمامه وجماعة من خواص أصحابه ، حتى أنه أمر هؤلاء أيضا بمفارقته ، ولكنهم أبوا عليه ذلك ، وهؤلاء أيضا كانوا من المعروفين بين المسلمين بجلالة القدر وعظم المنزلة وقتلهم معه مما يزيد في عظم المصيبة وأثر الوقعة. نعم إن الحسينعليه‌السلام بمبلغ علمه وحسن سياسته بذل كمال جهده في إفشاء ظلم بني أمية وإظهار عداوتهم لبني هاشم وسلك في ذلك كل طريق.

ولما كان يعلم الحسينعليه‌السلام عداوة بني أمية له ولبني هاشم ، ويعرف أنهم بعد قتله يأسرون عياله وأطفاله ـ وذلك يؤيد مقصده ويكون له أثر عظيم في قلوب المسلمين سيما العرب كما قد وقع ـ حملهم معه وجاء بهم من المدينة.

نعم إن ظلم بني أمية وقساوة قلوبهم في معاملاتهم مع حرم محمد وصباياه أثّر في قلوب المسلمين تأثيرا عظيما لا ينقص عن أثر قتله وأصحابه. ولقد أظهر في عمله هذا عقيدة بني أمية في الإسلام وسلوكهم مع المسلمين سيما ذراري نبيهم. لهذا كان الحسين يقول في جواب أصحابه والذين كانوا يمنعونه عن هذا السفر : «إني أمضي إلى القتل» ولما كانت أفكار المانعين محدودة وأنظارهم قاصرة لا يدركون مقاصد الحسينعليه‌السلام العالية ، لم يألوا جهدهم في منعه ، وآخر ما أجابهم به أن قال لهم «شاء الله ذلك وجدي أمرني به». فقالوا إن كنت تمضي إلى القتل فما وجه حملك النسوة والأطفال ، فقال : «إن الله شاء أن يراهن سبايا». ولما كان الحسين بينهم رئيسا روحانيا لم يكن لهم بدّ من السكوت.

ومما يدل على أنه لم يكن له غرض إلا ذلك المقصد العالي الذي كان في نفسه ، ولم يتحمل تلك المصائب لسلطنة وإمارة ولم يقدم على هذا الخطر من غير علم ودارية ـ كما تصوره بعض المؤرخين منا ـ أنه قال لبعض ذوي النباهة قبل الواقعة بأعوام كثيرة ، على سبيل السلوة : إنه بعد قتلي وظهور تلك المصائب المحزنة ، يبعث الله رجالا يعرفون الحق من الباطل ، يزورون قبورنا ، ويبكون على مصابنا ، ويأخذون بثأرنا من أعدائنا ، أولئك جماعة ينشرون دين الله وشريعة جدي ، وأنا وجدي نحبهم وهو يحشرون معنا يوم القيامة. وليتأمل المتأمل في كلام

٢٩٣

الحسينعليه‌السلام وحركاته يرى أنه لم يترك طريقا من السياسة إلا سلكه في إظهار شنائع بني أمية وعداوتهم القلبية لبني هاشم ومظلومية نفسه ، وهذا مما يدل على حسن سياسته وقوة قلبه وتضحية نفسه ، في طريق الوصول إلى المقصد الذي كان في نظره ، حتى أنه في آخر ساعات حياته عمل عملا حير عقول الفلاسفة ، ولم يصرف نظره عن ذلك المقصد العالي مع تلك المصائب المحزنة والهموم المتراكمة وكثرة العطش والجراحات ، وهو قصة (عبد الله الرضيع). فلما كان الحسينعليه‌السلام يعلم أن بني أمية لا يرحمون له صغيرا رفع طفله الصغير تعظيما للمصيبة على يده أمام القوم وطلب منهم أن يأتوه بشربة من الماء فلم يجيبوه إلا بالسهم.

ويغلب على الظن أن غرض الحسينعليه‌السلام من هذا العمل تفهيم العالم بشدة عداوة بني أمية لبني هاشم وأنها إلى أي درجة بلغت. ولا يظن أحد أن يزيد كان مجبورا على تلك الأعمال المفجعة لأجل الدفاع عن نفسه ، لأن قتل الطفل الرضيع في تلك الحال بتلك الكيفية ، ليس هو إلا توحش وعداوة سبعية ، منافية لقواعد كل دين وشريعة ، ويمكن أن تكون هذه الفاجعة كافية لافتضاح بني أمية ورفع الستار عن قبائح أعمالهم ونياتهم السيئة بين العالم ، سيما المسلمين ، وأنهم يخالفون الإسلام في حركاتهم بل يسعون بعصبية جاهلية إلى إبادة آل محمد وجعلهم أيدي سبأ.

ونظرا لتلك المقاصد العالية التي كانت في نظر الحسينعليه‌السلام مضافا إلى وفور علمه وسياسته التي كان لا يشك فيها اثنان لم يرتكب أمرا يوجب إجبار بني أمية للدفاع عن أنفسهم ، حتى أنه مع ذلك النفوذ والاقتدار الذي كان له في ذلك العصر لم يسع في تسخير البلاد الإسلامية وضمها إليه ولا هاجم ولاية من ولايات يزيد إلى أن حاصروه في واد غير ذي زرع ، قبل أن تبدو منه أقل حركة عدائية أو تظهر منه ثورة ضد بني أمية لم يقل الحسينعليه‌السلام سأكون ملكا أو سلطانا أو أصبح صاحب سلطة. نعم كان يبث روح الثورة في المسلمين بنشره شنائع بني أمية واضمحلال الدين إن دام ذلك الحال ، وكان يخبر بقتله ومظلوميته وهو مسرور. ولما حوصر في تلك الأرض القفراء أظهر لهم من باب إتمام الحجة بأنهم لو تركوه لرحل بعياله وأطفاله وخرج من سلطة يزيد ، ولقد كان لهذا الإظهار الدال على سلامة نفس الحسينعليه‌السلام في قلوب المسلمين غاية التأثير.

لقد قتل قبل الحسينعليه‌السلام ظلما وعدوانا كثير من الرؤساء الروحانيين وأرباب

٢٩٤

الديانات وقامت الثورة بعد قتلهم بين تابعيهم ضد الأعداء ، كما وقع مكررا في بني إسرائيل ، وقصة يحيى من أعظم الحوادث التاريخية ، ومعاملة اليهود مع المسيح لم ير نظيرها إلى ذلك العهد ، ولكن واقعة الحسينعليه‌السلام فاقت الجميع لم يرشدنا التاريخ إلى أحد من الروحانيين وأرباب الديانات أنه أقدم على قتل نفسه عالما عامدا لمقاصد عالية لا تنجح إلا بقتله ، فإن كل واحد من أرباب الديانات الذين قتلوا ، ثار عليهم أعداؤهم وقتلوهم ظلما ، وبمقدار مظلوميتهم قامت الثورة بعدهم ، ومقاصد الحسينعليه‌السلام كانت على علم وحكمة وسياسة وليس لها نظير في التاريخ ، فإنه لم يزل يوالي السعي في تهيئة أسباب قتله نظرا لذلك المقصد العالي ، ولم نجد في التاريخ رجلا ضحّى بحياته عالما عامدا لترويج ديانته من بعده إلا الحسينعليه‌السلام .

المصائب التي تحمّلها الحسينعليه‌السلام في طريق إحياء دين جده تفوق على مصائب أرباب الديانات السابقين ، ولم ترد على أحد منهم. نعم إن هناك رجالا قتلوا في طريق إحياء الدين ولكنهم لم يكونوا كالحسين ، فإنه ضحّى بنفسه العزيزة في طريق إحياء دين جده وفداه بأولاده وإخوانه وأقربائه وأحبابه وأمواله وعياله ، ولم تقع هذه المصائب دفعة واحدة حتى تكون في حكم مصيبة واحدة ، بل وقعت متوالية واحدة بعد أخرى ، ويختص الحسينعليه‌السلام دون غيره بتواتر أمثال هذه المصائب كما يشهد له التاريخ.

لم تنته المصائب التي وردت على الحسينعليه‌السلام من قتله وقتل أصحابه وتسيير نسائه وبناته ، إلا وانكشف الغطاء عن سرائر بني أمية وقبائح أعمالهم ، وظهرت بين المسلمين الحسيات السياسية ، وتوطدت أسباب الثورة ضد سلطنة يزيد وبني أمية ، وعلم الجميع أن بني أمية مخربو الإسلام ، وصار الجميع يرفض بدعهم وتقولاتهم ، وعرفوا بالظلم والغصب ، بالعكس من بني هاشم فإنهم عرفوا بالمظلومية وأن لهم الرئاسة الروحانية بالاستحقاق ، وإليهم تنمى الحقيقة الروحانية.

كأن المسلمين بعد قتل الحسينعليه‌السلام قد دخلوا في دور جديد وظهرت الروحانية الإسلامية بأجلى مظاهرها وتجددت بعد أن كانت مندرسة غائبة عن أذهان المسلمين وكما أنه لا يشك اثنان في تفوق مصائب الحسينعليه‌السلام على جميع مصائب روحاني السلف ، فكذلك لا يشك في الثورة التي حدثت بعده بأنها فاقت جميع الثورات السالفة وأن امتدادها وأثرها أكثر ، وأن بها ظهرت للعالم (مظلومية

٢٩٥

آل محمد) فكانت أولى نتائج هذه الثورة اختصاص الرئاسة الروحانية التي لها أهمية عظمى في عالم السياسة ببني هاشم ، وخصوصا في أولاد الحسينعليه‌السلام (فكان منهم أئمة الشيعة) ونظرة عموم المسلمين إلى بني هاشم سيما أولاد الحسين نظرهم إلى الروحانيين. ولم يطل العهد حتى نزعت تلك السلطة من بني أمية وزالت السلطة والقدرة من آل يزيد في أقل من قرن ، واندرست آثارهم على وجه لم يبق منهم عين ولا أثر. وأينما ذكرت أسماؤهم في متون الكتب قرنها المسلمون بكلمة الشماتة ، وكل ذلك نتيجة سياسة الحسين الذي يمكن أن يقال إنه لم يأت في أرباب الديانات والروحانيين رجل عرف عواقب الأمور مع بعد نظر وحسن سياسة كالحسينعليه‌السلام .

قبل أن تصل سبايا الحسين إلى الشام قامت الثورة ضد يزيد وظهرت بمظلومية الحسين سرائر بني أمية ، وكشف الغطاء عن نياتهم وتوجه اللوم على يزيد حتى من أهل بيته وحرمه(١) . وصار يزيد يسمع تقديس الحسينعليه‌السلام وأولاد علي وعظمتهم ومظلوميتهم بعد أن لم يكن يمكن ذكرهم عنده بخير. وكان يصعب عليه ذلك إلا أنه لم يكن له بدّ غير السكوت ، ولما أراد تبرئة نفسه من تلك الأعمال ألقى المسؤولية على عماله ولم يزل يسمع محامد الحسينعليه‌السلام . قال يزيد ذات يوم : إن سلطنة الحسين كانت أهون عليّ من هذا المقام العالي الذي فاز به آل علي وبنو هاشم.

وأخيرا فشيعة الحسينعليه‌السلام لم يزالوا يستفيدون من هذه الثورات ، وتزيد قوة بني هاشم وعظمتهم حتى لم يمض أقل من قرن إلا وصارت السلطنة الإسلامية الوسيعة في بني هاشم من دون مزاحم ، وأبادوا بني أمية على وجه لم يبق منهم اسم ولا رسم. (انتهى كلام ماربين).

__________________

(١) قال السيد عبد الرزاق المقرم في مقتله صفحة ٢٠ : ولقد فشا الانكار على يزيد حتى من حريمه وأهل بيته ، حتى أن زوجته هند بنت عمرو بن سهيل وكان زوجة عبد الله بن عامر بن كريز ، فأجبره معاوية على طلاقها لرغبة يزيد فيها فإنها لما أبصرت الرأس مصلوبا على باب دارها ، والأنوار النبوية تتصاعد منه إلى عنان السماء ، وشاهدت الدم يتقاطر طريا ويشم منه رائحة طيبة ، عظم مصابه في قلبها فلم تتمالك أن دخلت على يزيد في مجلسه مهتوكة الحجاب وهي تصيح : رأس ابن بنت رسول الله مصلوب على دارنا. فقام إليها وغطاها وقال لها : أعولي على الحسين فإنه صريخة بني هاشم ، عجّل عليه ابن زياد قصد بذلك تعمية الامر وإبعاد السبة عنه وذلك بإلقاء التبعة على عامله

٢٩٦

إنها لكلمات حرة صادقة جاءت على لسان رجل غربي مدقق مطّلع. ومن المؤسف أن نرى أمثال هذا الفيلسوف من الغربيين أشد إنصافا ودفاعا عن الحق ، حتى من علماء العرب أنفسهم (وإن تتولّوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) صدق الله العظيم.

٢٩٧ ـ مختصر ما حصل للحسينعليه‌السلام حتّى مقتله :

(تاريخ الخلفاء للسيوطي ، ص ٢٠٧)

يقول السيوطي : فأما ابن الزبير فلم يبايع ، ولا دعا إلى نفسه.

وأما الحسينعليه‌السلام فكان أهل الكوفة يكتبون إليه يدعونه إلى الخروج إليهم زمن معاوية ، وهو يأبى. فلما بويع يزيد أقام على ما هو مهموما ، يجمع الإقامة مرة ، ويريد المسير إليهم أخرى. فأشار عليه ابن الزبير بالخروج.

وكان ابن عباس يقول له : لا تفعل.

وقال له ابن عمر : «لا تخرج ، فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خيّره الله بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة. وإنك بضعة منه ، ولا تنالها (أي الدنيا).

(وفي رواية تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني ، ج ٢ ص ٣٥٧) : «لا ينالها أحد منكم ، وما صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير ، فأبى».

واعتنقه [ابن عمر] وبكى ، وقال : أستودعك الله من قتيل!. فكان ابن عمر يقول :غلبنا حسين بالخروج ، ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة.

وكلّمه في ذلك أيضا جابر بن عبد الله الأنصاري وأبو سعيد الخدري وأبو واقد الليثي وغيرهم ، فلم يطع أحدا منهم.

وصمم على المسير إلى العراق. فقال له ابن عباس : والله إني لأظنك ستقتل بين نسائك وبناتك كما قتل عثمان ، فلم يقبل منه. فبكى ابن عباس وقال : أقررت عين ابن الزبير.

وبعث أهل العراق إلى الحسينعليه‌السلام الرسل والكتب يدعونه إليهم ، فخرج من مكة إلى العراق في عشر ذي الحجة ، ومعه طائفة من آل بيته ، رجالا ونساء وصبيانا.

فكتب يزيد إلى واليه بالعراق عبيد الله بن زياد بقتاله ، فوجّه إليه جيشا من أربعة آلاف ، عليهم عمر بن سعد بن أبي وقاص ، فخذله أهل الكوفة ، كما هو شأنهم مع

٢٩٧

أبيه من قبله. فلما رهقه السلاح عرض عليهم الاستسلام والرجوع ، والمضي إلى يزيد فيضع يده في يده [هذه الدعوى مغلوطة من وضع الإعلام الأموي] فأبوا إلا قتله!. فقتل وجيء برأسه في طست ، حتّى وضع بين يدي ابن زياد ؛ لعن الله قاتله ، وابن زياد معه ويزيد أيضا.

ويتابع السيوطي حديثه فيقول : وكان قتله بكربلاء. وفي قتله قصة فيها طول ، لا يحتمل القلب ذكرها ، فإنا لله وإنا إليه راجعون. وقتل معه ستة عشر رجلا من أهل بيته

ولما قتل الحسينعليه‌السلام وبنو أمية ، بعث ابن زياد برؤوسهم إلى يزيد ، فسرّ بقتلهم أولا ، ثم ندم لمّا مقته المسلمون على ذلك ، وأبغضه الناس ، وحقّ لهم أن يبغضوه. اه

٨ ـ ثمرات النهضة الحسينية

٢٩٨ ـ نهضة الحسينعليه‌السلام تحقق أهدافها القريبة والبعيدة ، ثمرات نهضة الحسينعليه‌السلام :

(الأئمة الاثنا عشر لعادل الأديب ، ص ١٣٦)

لقد استطاعت ثورة الحسينعليه‌السلام أن تحقق من قيامها الثمرات التالية :

١ ـ وضع الحدّ الفاصل أمام الجماهير ، بين الإسلام الصحيح والحكم الأموي الخادع ، وتحطيم الإطار الديني المزيّف الّذي كان الأمويون يحيطون به سلطانهم ، وبيان مدى بعده عن الدين.

٢ ـ الشعور بالإثم : ولّد استشهاد الحسينعليه‌السلام المفجع في كربلاء في ضمير كل مسلم استطاع أن ينصره فلم ينصره ، بعد أن عاهده على الثورة ولّد فيهم الشعور بالإثم ، ولزوم التكفير عن ذلك التقصير.

ولقد قدّر لهذا الشعور بالإثم أن يظل دائم الأوار ، حافزا دائما إلى الثورة والانتقام ، من رؤوس الفتنة والانحراف ، وقدّر له أن يدفع الناس إلى الثورات على الأمويين والظالمين كلما سنحت الفرصة.

٣ ـ تنمية الروح النضالية في الإنسان المسلم ، وتحطيم كل الحواجز النفسية والاجتماعية التي حالت دون الثورة.

٢٩٨

ولكي نخرج بفكرة واضحة عن مدى تأثير ثورة الحسينعليه‌السلام في بعث روح الثورة والنضال في المجتمع الإسلامي ، يحسن بنا أن نلاحظ أن هذا المجتمع خلال عشرين عاما من مقتل الإمام عليعليه‌السلام وحتى ثورة الحسينعليه‌السلام أخلد إلى السكون ولم يقم بأي ثورة أو احتجاج جدّي جماعي على ألوان الاضطهاد والظلم والقتل وسرقة أموال الأمة ، التي كان يقوم بها الأمويون وأعوانهم ، بل خلد إلى الخنوع والنوم والتسليم.

أما بعد ثورة الحسينعليه‌السلام واستشهاده ، فقد اندلعت الثورات على يد الجماهير وتوثّبت الروح النضالية فيهم ، وبدؤوا يبحثون عن زعيم يقودهم لنزع قيد الخنوع والاستسلام ، وإرجاع الحياة والحركة للإسلام. ونلاحظ هذه الروح الثورية في كل الثورات التي حملت شعار الثأر لدم الحسينعليه‌السلام والتي هي في واقعها تثأر لكرامة الإسلام والمسلمين.

٢٩٩ ـ ثورات على خطّ الحسينعليه‌السلام :(المصدر السابق ، ص ١٣٩)

ونجمل هنا ذكر بعض هذه الثورات :

١ ـ ثورة التوابين : التي اندلعت في الكوفة بقيادة الصحابي سليمان بن صرد الخزاعي ، وكانت ردّ فعل مباشر لمقتل الحسينعليه‌السلام ، وانطلقت من مبدأ الشعور بالإثم والتقصير في نصرة الحسينعليه‌السلام . وكانت سنة ٦٥ ه‍.

٢ ـ ثورة أهل المدينة : وكانت تهدف إلى تقويض سلطان الأمويين الظالم اللاإسلامي ، وقد بدأت هذه الثورة بطرد حاكم يزيد من المدينة ، ومعه كل الأمويين وعددهم ألف شخص. فكان من نتيجة ذلك أن بعث يزيد بالمجرم السفّاك مسلم بن عقبة المرّي ، الّذي اشتهر باسم (مسرف) من شدة ما أسرف في قتل أهل المدينة من أبناء الصحابة والتابعين. وقد سبى المدينة ثلاثة أيام ، حتّى أن جيشه افتضّ ألف فتاة عذراء من بنات الصحابة الأجلاء.

٣ ـ ثورة المختار الثقفي : الّذي خرج من العراق طالبا الأخذ بالثأر من قتلة الحسينعليه‌السلام ، وذلك سنة ٦٦ ه‍. فتتبّع المختار قتلة الحسينعليه‌السلام وآله ، وقتلهم ومثّل بهم. فقتل منهم في يوم واحد مائتين وثمانين رجلا ، حتّى قتل منهم الآلاف.ولم ينج منه أحد ، حتّى عبيد الله بن زياد وعمر بن سعد وشمر بن ذي الجوشن وأضرابهم.

٢٩٩

٤ ـ ثورة ابن الأشعث : وفي سنة ٨١ ه‍ ثار عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث على الحجاج في العراق ، وخلع عبد الملك بن مروان. وقد استمرت ثورته إلى سنة ٨٣ ه‍ ، وأحرزت انتصارات عسكرية ، ثم قضى عليها الحجاج بمساعدة جيوش شامية.

٥ ـ ثورة الشهيد زيد بن علي : وفي سنة ١٢٢ ه‍ ثار في الكوفة على طغيان الأمويين زيد بن علي ، وهو ابن الإمام زين العابدينعليه‌السلام . ولكن سرعان ما أخمدت ثورته ، وقتل وصلبرحمه‌الله .

وكان من نتيجة هذه الثورات تقويض ملك بني أمية خلال تسعين سنة ، وقد كان يتوقع له أن يستمر مئات السنين.

فلسفة الابتلاء

٣٠٠ ـ الدنيا دار ابتلاء :

(الأنوار النعمانية للسيد نعمة الله الجزائري ، ج ٢ ص ٢٣٦)

يقول السيد نعمة الله الجزائري : اعلم أيّدك الله أن البلاء إنما كتب على المؤمن ، وأن الدنيا ليست بدار ثواب ولا بدار عقاب ، لم يرض سبحانه بأن يجعل ثواب المؤمن فيها ولا عقاب الكافر فيها ، وذلك لقلة أيامها ونقصان الأعمار فيها ، ومن ثم بعث الدواهي والمصائب فيها إلى أحبابه وأقاربه.

ولا مصيبة مثل مصيبة مولانا الحسينعليه‌السلام ، فإنها هدّت أركان الدين وصدّعت قواعد الشرع المبين ، وأبكت الأجفان وأقرحت القلوب. ولعمري إنها المصيبة التي يتسلى بها المؤمن عن كل مصاب ، والداهية المنسية له مفارقة الخلان والأحباب.

٣٠١ ـ المؤمن أشدّ ابتلاء :

(المنتخب للطريحي ، ص ١٦٨)

روي أن رجلا جاء إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوقف بين يديه ، فقال : يا رسول الله إني أحب اللهعزوجل ، فقال : استعدّ للبلاء!. فقال : يا رسول الله وإني أحبك ، فقال له : استعدّ للفقر!. فقال : وإني أحبّ علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فقال : استعدّ لكثرة الأعداء!.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586