وسائل الشيعة الجزء ٢٠

وسائل الشيعة10%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 586

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 586 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 429616 / تحميل: 6733
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ٢٠

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) : أينظر الرجل إلى فرج امرأته وهو يجامعها؟ قال: لا بأس.

محمّد بن الحسن بإسناده، عن محمّد بن يعقوب، مثله(١) ، وكذا ألذّي قبله.

[ ٢٥١٩٣ ] ٣ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن الحسن، عن زرعة، عن سماعة قال: سألته عن الرجل ينظر في فرج المرأة وهو يجامعها؟ قال: لا بأس به إلّا أنه يورث العمى(٢) .

[ ٢٥١٩٤ ] ٤ - محمّد بن عليّ بن الحسين قال: قال الصادق( عليه‌السلام ) : الخيرات الحسان من نساء أهل الدنيا وهنّ أجمل من الحور العين، ولا بأس أن ينظر الرجل إلى امرأته وهي عريانة.

[ ٢٥١٩٥ ] ٥ - وبإسناده عن أبي سعيد الخدري - في وصيّة النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) لعليّ( عليه‌السلام ) قال: ولا ينظر أحد إلى فرج امرأته، وليغضّ بصره عند الجماع فانّ النظر إلى الفرج يورث العمى في الولد.

ورواه في( العلل) و( الأمالي) مثله (٣) .

____________________

(١) التهذيب ٧: ٤١٣ / ١٦٥١.

٣ - التهذيب ٧: ٤١٤ / ١٦٥٦.

(٢) في المصدر زيادة: في الولد.

٤ - الفقيه ٣: ٢٩٩ / ١٤٣٢.

٥ - الفقيه ٣: ٣٥٩ / ١٧١٢، وأورد قطعات منه في الحديث ٣ من الباب ١٩ من أبواب الجنابة، وفي الحديث ٣ من الباب ٦٠، وفي الحديث ٢ من الباب ٦٣، وفي الحديث ٥ من الباب ٦٤، وفي الحديث ١ من الباب ١٤٧، وفي الحديث ١ من الباب ١٤٨، وفي الحديث ١ من الباب ١٤٩، وفي الحديث ١ من الباب ١٥١ من هذه الأبواب.

(٣) علل الشرائع: ٥١٥ / ٥، امالي الصدوق: ٤٥٤ / ١.

١٢١

[ ٢٥١٩٦ ] ٦ - وبإسناده عن سليمان بن جعفر البصريّ، عن عبدالله بن الحسين بن زيد بن عليّ بن أبي طالب، عن أبيه، عن الصادق( عليه‌السلام ) عن آبائه قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) - في حديث -: وكره النظر إلى فروج النساء، وقال: إنّه يورث العمى، وكره الكلام عند الجماع، وقال: إنّه يورث الخرس، وكره المجامعة تحت السماء.

ورواه في( المجالس) بالإِسناد المشار إليه (١) .

[ ٢٥١٩٧ ] ٧ - وبإسناده عن حمّاد بن عمرو وأنس بن محمّد، عن أبيه جميعاً، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه( عليهم‌السلام ) - في وصيّة النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) لعليّ( عليه‌السلام ) - قال: يا عليّ، كره الله لأمّتي العبث في الصلاة، والمنّ في الصدقة، وإتيان المساجد جنباً، والضحك بين القبور، والتطلع في الدور، والنظر إلى فروج النساء لانه يورث العمى، وكره الكلام عند الجماع لأنّه يورث الخرس.

[ ٢٥١٩٨ ] ٨ - عبدالله بن جعفر في( قرب الإِسناد ): عن السندي بن محمّد، عن أبي البختري، عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ( عليهم‌السلام ) وابن عبّاس أنّهما قالا: النظر إلى الفرج عند الجماع يورث العمى.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على بعض المقصود(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) .

____________________

٦ - الفقيه ٣: ٣٦٣ / ١٧٢٧، واورده في الحديث ١٧ من الباب ٤٩ من أبواب ٤٩ من أبواب جهاد النفس.

(١) امالي الصدوق: ٢٤٨ / ٣.

٧ - الفقيه ٤: ٢٥٨ / ٨٢٢.

٨ - قرب الإِسناد: ٦٦.

(٢) تقدم في الحديث ٢ من الباب ٦ من هذه الأبواب.

(٣) ياتي في الحديث ٤ من الباب الاتي.

١٢٢

٦٠ - باب كراهة الكلام عند الجماع بغير ذكر الله والدعاء

[ ٢٥١٩٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب،( عن علىّ بن محمّد بن بندار) (١) ، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن أبيه، عن عبدالله بن القاسم، عن عبدالله بن سنان قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : اتقوا الكلام عند ملتقى الختانين فإنّه يورث الخرس.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(٢) .

[ ٢٥٢٠٠ ] ٢ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن الصادق، عن آبائه( عليهم‌السلام ) - في حديث المناهي - قال: نهى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أن يكثر الكلام عند المجامعة، وقال يكون منه خرس الولد.

[ ٢٥١٠١ ] ٣ - وبإسناده عن أبي سعيد الخدري في وصيّة النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) لعليّ( عليه‌السلام ) ، أنّه قال: يا عليّ، لا تتكلم عند الجماع فإنّه إن قضى بينكما ولد لا يؤمن أن يكون أخرس.

( وفي العلل) (٣) و( الأمالي) (٤) مثله.

____________________

الباب ٦٠

فيه ٤ احاديث

١ - الكافي ٥: ٤٩٨ / ٧.

(١) في التهذيب: عن عليّ بن محمّد عن ابن بندار.

(٢) التهذيب ٧: ٤١٣ / ١٦٥٣.

٢ - الفقيه ٤: ٣ / ١.

٣ - الفقيه ٣: ٣٥٩ / ١٧١٢.

(٣) علل الشرائع: ٥١٥ / ٥.

(٤) امالي الصدوق: ٢٤٨ / ٣.

١٢٣

[ ٢٥٢٠٢ ] ٤ - وفى( الخصال ): بإسناده عن عليّ( عليه‌السلام ) - في حديث الاربعمائة - قال: إذا أتى أحدكم زوجته فليقل الكلام فإنّ الكلام عند ذلك يورث الخرس، لا ينظرنّ أحدكم إلى باطن فرج امرأته فلعله يرى ما يكره ويورث العمى.

أقول: وتقدّم في الخلا ما يدلّ على ذلك، وعلى استحباب التسمية والدعاء عند الجماع(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٦١ - باب كراهة جماع المختضب وجماع المراة المختضبة حتّى يبلغ الخضاب

[ ٢٥٢٠٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محسن بن أحمد عن أبان، عن مسمع بن عبد الملك قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: لا يجامع المختضب قلت: جعلت فداك، لم لا يجامع المختضب؟ قال: لانه محتصر(٣) .

[ ٢٥٢٠٤ ] ٢ - محمّد بن الحسن بإسناده عن عليّ بن إبراهيم(٤) ، عن

____________________

٤ - الخصال: ٦٣٧.

(١) تقدم في الباب ٧ من أبواب احكام الخلوة وتقدّم في الحديث ٦، ٧ من الباب ٥٩ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الباب ٦٨ من هذه الأبواب.

الباب ٦١

فيه ٣ احاديث

١ - الكافي ٥: ٤٩٨ / ٨.

(٣) اللبن محتضر، ومحضور: كثير الافة او ان الجن تحضره وقوله: واعوذ بك ربي ان يحضرون اي تصيبني الشياطين - هامش المخطوط - الصحاح ٢: ٦٣٤.

٢ - التهذيب ٧: ٤١٣ / ١٦٥٤.

(٤) في المصدر زيادة: عن ابيه.

١٢٤

محسن بن أحمد، عن أبان، عن مسمع بن عبد الملك قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: لا يجامع المختضب، قلت: لا يجامع المختضب؟ فقال: لا.

[ ٢٥٢٠٥ ] ٣ - الحسين بن بسطان في( طبّ الأئمة ): عن محمّد بن جعفر النرسيّ، عن محمّد بن يحيى الارمني، عن محمّد بن سنان، عن يونس بن ظبيان، عن إسماعيل بن أبي زينب، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، أنّه قال لرجل من أوليائه: لا تجامع أهلك وأنت مختضب فإنك ان رزقت ولداً كان مخنّثاً.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الجنابة(١) .

٦٢ - باب كراهة الجماع ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ومن مغيب الشمس إلى مغيب الشفق، ويوم كسوف الشمس، وليلة خسوف القمر وفي اليوم ألذّي يكون فيه ريح سوداء أو حمراء أو صفراء أو زلزلة، وكذا الليلة التي يكون فيها شيء من ذلك

[ ٢٥٢٠٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن سالم، عن أبيه، عن ابى جعفر( عليه‌السلام ) قال: قلت له: هل يكره الجماع في وقت من الاوقات وإن كان حلالاً؟ قال: نعم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ومن مغيب الشمس إلى مغيب الشفق، وفي اليوم ألذّي تنكسف فيه الشمس، وفى الليلة التي ينكسف فيها

____________________

٣ - طب الأئمة: ١٣٢.

(١) تقدم في الباب ٢٢ من أبواب الجنابة وفي الحديث ٨ من الباب ٣٩ من أبواب لباس المصلي.

الباب ٦٢

فيه حديثان

١ - الكافي ٥: ٤٩٨ / ١.

١٢٥

القمر، وفي الليلة وفي اليوم اللذين يكون فيهما الريح السوداء، والريح الحمراء، والريح الصفراء، واليوم والليلة اللذين يكون فيهما الزلزلة، ولقد بات رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) عند بعض أزواجه في ليلة انكسف(١) فيها القمر فلم يكن منه في تلك الليلة ما يكون(٢) منه في غيرها حتّى أصبح، فقالت له: يا رسول الله ألبغض كان هذا منك في هذه الليلة؟ قال: لا، ولكن هذه الآية ظهرت في هذه الليلة فكرهت أن أتلذّذ وألهو فيها وقد عيّر الله في كتابه أقوإمّا فقال:( وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ * فَذَرْهُمْ حَتَّىٰ يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ ألذّي فِيهِ يُصْعَقُونَ ) (٣) ثمّ قال أبوجعفر( عليه‌السلام ) : وأيم الله لا يجامع أحد في هذه الأوقات التي نهى عنها رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) وقد انتهى إليه الخبر فيرزق ولدا فيرى في ولده ذلك ما يحبّ.

ورواه البرقي في( المحاسن) عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن سالم، مثله (٤) .

[ ٢٥٢٠٧ ] ٢ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيّوب، عن عمرو بن عثمان، عن أبي جعفر قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : أيكره الجماع في ساعة من الساعات؟ فقال: نعم، يكره في الليلة التي ينكسف فيها القمر، واليوم ألذّي تنكسف فيه الشمس، وفيما بين غروب الشمس إلى أن يغيب الشفق، ومن طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، وفي الريح السوداء والصفراء والحمراء(٥) والزلزلة، ولقد بات رسول الله( صلى الله

____________________

(١) الكسفة: القطعة من الشيء، يقال اعطني كسفة من ثوبك والجمع كسف. الصحاح ٤: ١٤٢١ - هامش المخطوط -.

(٢) وفي نسخة: كان - هامش المخطوط -.

(٣) الطور ٥٢: ٤٤ - ٤٥.

(٤) المحاسن: ٣١١.

٢ - التهذيب ٧: ٤١١ / ١٦٤٢.

(٥) كتب في المصححة على ( الحمراء ) علامة نسخة.

١٢٦

عليه وآله) عند بعض النساء وانكسف القمر في تلك الليلة، فلم يكن فيها شيء فقالت له زوجته: يا رسول الله بأبي أنت وأمّي كلّ هذا البغض؟ فقال لها: ويحك هذا الحادث في السماء فكرهت ان أتلذّذ وادخل في شيء ولقد عير الله قوماً فقال:( وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ ) (١) وايم الله لا يجامع في هذه الساعات التي وصفت فيرزق من جماعه ولداً وقد سمع بهذا الحديث فيرى ما يحب.

ورواه الصدوق ايضاً بإسناده عن الحسن بن محبوب(٢) .

٦٣ - باب كراهة الجماع في محاق الشهر

[ ٢٥٢٠٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن بكر بن صالح، عن سليمان بن جعفر الجعفري، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) قال: من أتى أهله في محاق الشهر فليسلم لسقط الولد.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(٣) .

محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن سليمان بن جعفر الجعفري، مثله(٤) .

[ ٢٥٢٠٩ ] ٢ - وبإسناده عن أبي سعيد الخدري في وصيّة النبيّ( صلى الله عليه

____________________

(١) الطور ٥٢: ٤٤.

(٢) الفقيه ٣: ٢٥٥ / ١٢٠٧.

الباب ٦٣

فيه حديثان

١ - الكافي ٥: ٤٩٩ / ٢.

(٣) التهذيب ٧: ٤١١ / ١٦٤٣.

(٤) الفقيه ٣: ٢٥٤ / ١٢٠٦.

٢ - الفقيه ٣: ٣٦٠ / ١٧١٢، علل الشرائع: ٥١٦ / ٥، امالي الصدوق: ٤٥٦ / ١.

١٢٧

وآله) لعليّ( عليه‌السلام ) ، أنّه قال: يا عليّ، لا تجامع أهلك في آخر درجة(١) إذا بقي يومان فإنه ان قضي بينكما ولد يكون عشاراً وعوناً للظالمين ويكون هلاك فئام من الناس على يده.

٦٤ - باب كراهة الجماع في أول الشهر إلّا شهر رمضان فيستحبّ ويكره في نصف الشهر وفي آخره.

[ ٢٥٢١٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبيه، عمّن ذكره، عن أبي الحسن موسى( عليه‌السلام ) : عن أبيه، عن جدّه قال: فيما أوصى به رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) عليّاً( عليه‌السلام ) قال: يا علي، لا تجامع أهلك في أول ليلة من الهلال ولا في ليلة النصف ولا في آخر ليلة فإنّه يتخوف على ولد من يفعل ذلك الخبل فقال عليّ( عليه‌السلام ) : ولم ذاك يا رسول الله؟( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ؟ فقال: ان الجن يكثرون غشيان نسائهم في أوّل ليلة من الهلال وليلة النصف وفي آخر ليلة إمّا رايت المجنون يصرع في أوّل الشهر وفي وسطه وفي آخره.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(٢) .

[ ٢٥٢١١ ] ٢ - وعنهم، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمون، عن عبدالله بن عبد الرحمن، عن مسمع بن أبي سيار، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أكره: لأُمّتي ان يغشى الرجل أهله(٣) في النصف من الشهر او في غرّة الهلال فإنّ مردة الجنّ

____________________

(١) في المصدر زيادة: منه.

الباب ٦٤

فيه ١٠ احاديث

١ - الكافي ٥: ٤٩٩ / ٣.

(٢) التهذيب ٧: ٤١١ / ١٦٤٤.

٢ - الكافي ٥: ٤٩٩ / ٥.

(٣) في نسخة: امرأته - هامش المخطوط -.

١٢٨

والشياطين تغشي بني آدم فيجيئون(١) ويخبلون إمّا رأيتم المصاب يصرع في النصف من الشهر وعند غرّة الهلال.

[ ٢٥٢١٢ ] ٣ - محمّد بن عليّ بن الحسين قال: قال الصادق( عليه‌السلام ) : لا تجامع في أول الشهر ولا في وسطه ولا في آخره فاه من فعل ذلك فليسلم لسقط الولد ثمّ قال:(٢) أوشك أن يكون مجنوناً ألا ترى أن المجنون أكثر ما يصرع في أول الشهر ووسطه وآخره.

[ ٢٥٢١٣ ] ٤ - قال وقال على( عليه‌السلام ) يستحبّ ان يأتي الرجل أهله أول ليلة من شهر رمضان لقول الله عزّ وجلّ:( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ) (٣) والرفث المجامعة.

[ ٢٥٢١٤ ] ٥ - وبإسناده عن أبي سعيد الخدري في وصيّة النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) لعليّ( عليه‌السلام ) ، أنّه قال: يا علي، لا تجامع امرأتك في أوّل الشهر ووسطه وآخره فإن الجنون والجذام والخبل يسرع اليها والى ولدها.

ورواه في( العلل) (٤) و( الأمالي) (٥) مثله.

[ ٢٥٢١٥ ] ٦ - وفي( العلل) وفي( عيون الأخبار )، عن محمّد بن أحمد السناني، عن محمّد بن أبي عبدالله، عن سهل بن زياد، عن عبد العظيم الحسني، عن عليّ بن محمّد العسكري عن أبيه، عن آبائه( عليهم‌السلام )

____________________

(١) في المصدر: فيجننون.

٣ - الفقيه ٣: ٢٥٥ / ١٢٠٨.

(٢) في المصدر زيادة: فإن تم.

٤ - الفقيه ٣: ٣٠٣ / ١٤٥٥.

(٣) البقرّة ٢: ١٨٧.

٥ - الفقيه ٣: ٣٥٩ / ١٧١٢.

(٤) علل الشرائع: ٥١٥ / ٥.

(٥) امالي الصدوق: ٤٥٥ / ١.

٦ - علل الشرائع: ٥١٤ / ٤، عيون اخبار الرضا (عليه‌السلام ) : ٢٨٨ / ٣٥.

١٢٩

قال: يكره للرجل أن يجامع أهله في أوّل ليلة من الشهر وفي وسطه وفي آخره فانه من فعل ذلك خرج الولد مجنوناً إلّا ترى المجنون أكثر ما يصرع في أول الشهر وفي وسطه وفى آخره، الحديث.

[ ٢٥٢١٦ ] ٧ - وفي( الخصال) بإسناده عن عليّ( عليه‌السلام ) في حديث الاربعمائة قال: إذا أراد أحدكم ان يأتي أهله فليتوقّ أوّل الاهلة وأنصاف الشهور فان الشيطان يطلب الولد في هذين الوقتين والشياطين يطلبون الشرك فيهما فيجيئون ويخبلون(١) .

[ ٢٥٢١٧ ] ٨ - الحسين بن بسطام واخوه عبدالله في( طب الائمة ): عن محمّد بن خلف عن الوشاء، عن محمّد بن الجهم، عن سعد المولى قال: قال لي أبو عبدالله( عليه‌السلام ) ايّاك والجماع في الليلة التي يهلّ فيها الهلال فإنّك ان فعلت ثمّ رزقت ولداً كان مخبوطاً(٢) ، قلت ولم تكرهون ذلك؟ قال: إمّا ترى المصروع أكثرهم لا يصرعون إلّا في رأس الهلال.

[ ٢٥٢١٨ ] ٩ - وعن أحمد بن الحسن النيسابوري، عن النضر بن سويد، عن فضّالة بن أيوب، عن عبد الرحمن بن سالم قال: قلت لأبي جعفر( عليه‌السلام ) : لم تكرهون الجماع عند مستهلّ الهلال وفى النصف من الشهر؟ فقال: لان المصروع أكثر ما يصرع في هذين الوقتين، قلت: قد عرفت مستهلّ الهلال فما بال النصف من الشهر؟ قال: ان الهلال يتحول من حالة إلى حالة يأخذ في النقصان فان فعل ذلك ثمّ رزق ولداً كان مقلاً فقيراً ضئيلاً ممتحناً.

____________________

٧ - الخصال: ٦٣٧.

(١) في المصدر: يحبلون.

٨ - طب الائمة: ١٣١.

(٢) الخُباط: مرض كالجنون، ومنه تخبطه الشيطان ( الصحاح ٣: ١١٢٢ ).

٩ - طب الائمة: ١٣٢.

١٣٠

[ ٢٥٢١٩ ] ١٠ - الحسن بن عليّ بن شعبة في( تحف العقول ): عن النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، أنه قال لعليّ( عليه‌السلام ) : يا علي، لا تجامع أهلك ليلة النصف ولا ليلة الهلال إمّا رأيت المجنون يصرع في ليلة الهلال وليلة النصف كثيراً. يا علي، إذا ولد لك غلام او جارية فأذن في اذنه اليمنى وأقم في اليسرى فإنّه لا يضرّه الشيطان أبداً.

أقول وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الصوم(١) .

٦٥ - باب انه يكره للمسافر أن يطرق أهله ليلاً حتّى يعلمهم

[ ٢٥٢٢٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد عن صفوان، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: يكره للرجل إذا قدم من سفره ان يطرق أهله ليلاً حتّى يصبح.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٢) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في آداب السفر(٣) .

٦٦ - باب كراهة جماع الحرة عند الحرة وجواز جماع الأمة عند الأمة

[ ٢٥٢٢١ ] ١ - الحسين بن بسطام واخوه في( طبّ الأئمة ): عن المنذر بن

____________________

١٠ - تحف العقول: ١٠

(١) تقدم في الباب ٣٠ من أبواب احكام شهر رمضان.

الباب ٦٥

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٥: ٤٩٩ / ٤.

(٢) التهذيب ٧: ٤١٢ / ١٦٤٥.

(٣) تقدم في الحديث ٢، ٣ من الباب ٥٦ من أبواب آداب السفر.

الباب ٦٦

فيه حديث واحد

١ - طب الأئمة: ١٣٣.

١٣١

محمّد،( عن سالم بن محمّد، عن عليّ بن اسباط، عن خلف بن سلمة) (١) ، عن علان بن محمّد، عن ذريح عن أبيّ عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال الباقر( عليه‌السلام ) : لا تجامع الحرة بين يدي الحرّة فإمّا الإِماء بين يدي الاماء فلا بأس.

أقول: ويأتي ما يدلّ على استحباب التستر بالجماع(٢) .

٦٧ - باب كراهة جماع المرأة والجارية وفي البيت صبى او صبية ترى وتسمع او خادم، واستحباب زيادة التستر بالجماع

[ ٢٥٢٢٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد الجوهري، عن إسحاق بن إبراهيم، عن أبي أيّوب(٣) ، عن ابن راشد(٤) ، عن أبيه قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: لا يجامع الرجل امرأته ولا جاريته وفى البيت صبيّ فانّ ذلك مما يورث الزنا.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٥) .

ورواه البرقي في( المحاسن) عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، مثله (٦) .

____________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) يأتي في الباب ٦٧ من هذه الأبواب.

الباب ٦٧

فيه ١٠ احاديث

١ - الكافي ٥: ٤٩٩ / ١.

(٣) « عن ابن راشد » ليس في الكافي.

(٤) في نسخة من التهذيب: ابن ابي راشد وفي المحاسن: ابن رشيد ( هامش المخطوط ).

(٥) التهذيب ٧: ٤١٤ / ١٦٥٥.

(٦) المحاسن: ٣١٧ / ٤٢.

١٣٢

[ ٢٥٢٢٣ ] ٢ - وعنه، عن أبيه، عن عبدالله بن الحسين بن زيد، عن أبيه، عن أبى عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : وألذّي نفسي بيده لو أنّ رجلاً غشي امرأته وفى البيت صبيّ مستقيظ يراهما ويسمع كلامهما ونفسهما ما أفلح أبداً ان كان غلاماً كان زانياً او جارية كانت زانية، وكان عليّ بن الحسين( عليهما‌السلام ) إذا أراد ان يغشى أهله أغلق الباب وأرخى الستور وأخرج الخدم.

[ ٢٥٢٢٤ ] ٣ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن قول الله عزّ وجلّ( أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ ) (١) ؟ فقال: هو الجماع ولكن الله ستير يحبّ الستر فلم يسم كما تسمون.

[ ٢٥٢٢٥ ] ٤ - محمّد بن عليّ بن الحسين قال: قال الصادق( عليه‌السلام ) : تعلموا من الغراب ثلاث خصال: استتاره بالسفاد، وبكوره في طلب الرزق، وحذره.

[ ٢٥٢٢٦ ] ٥ - وبإسناده عن السكوني ان عليّاً( عليه‌السلام ) مرّ على بهيمة وفحل يسفدها على ظهر الطريق فأعرض عنه بوجهه فقيل له: لم فعلت ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال: انه لا ينبغي ان تصنعوا ما يصنعون وهو من المنكر، إلّا ان تواروه حيث لا يراه رجل ولا امرأة.

[ ٢٥٢٢٧ ] ٦ - وفي( عيون الأخبار) و( الخصال) عن محمّد بن عليّ ماجيلويه،

____________________

٢ - الكافي ٥: ٥٠٠ / ٢.

٣ - الكافي ٥: ٥٥٥ / ٥.

(١) النساء ٤: ٤٣، المائدة ٥: ٦.

٤ - الفقيه ١: ٣٠٦ / ١٣٩٧.

٥ - الفقيه ٣: ٣٠٤ / ١٤٥٧.

٦ - عيون اخبار الرضا (عليه‌السلام ) : ٢٥٧ / ١٠، الخصال: ٩٩ / ٥١.

١٣٣

عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن محمّد بن عليّ(١) ، عن أبي أيّوب، عن سليمان بن جعفر الجعفري، عن الرضا، عن آبائه( عليهم‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : تعلّموا من الغراب خصالاً ثلاثاً: استتاره بالسفاد، وبكوره في طلب الرزق، وحذره.

[ ٢٥٢٢٨ ] ٧ - وفي( العلل ): عن محمّد بن الحسن، عن الصفّار، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن إسحاق بن إبراهيم، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: سمعته يقول: لا يجامع الرجل امرأته ولا جاريته وفي البيت صبيّ، فإنّ ذلك ممّا يورث(٢) الزنا.

[ ٢٥٢٢٩ ] ٨ - الحسين بن بسطام واخوه في( طب الائمة ): عن أحمد بن الحسن بن الخليل، عن محمّد بن إسماعيل، عن النعمان بن يعلى، عن جابر قال: قال أبو جعفر( عليه‌السلام ) : إياك والجماع حيث يراك صبيّ يحسن ان يصف حالك قلت: يا ابن رسول الله كراهة الشنعة؟ قال: لا، فإنك ان رزقت ولداً كان شهرة علماً في الفسق والفجور.

[ ٢٥٢٣٠ ] ٩ - وعن خلف بن أحمد، عن محمّد بن مروان، عن ابن أبي عمير، عن سلمة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، أنّه قال ايّاك ان تجامع أهلك وصبيّ ينظر اليك فان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) كان يكره ذلك اشدّ كراهيّة.

____________________

(١) في المصدرين: عليّ بن محمّد.

٧ - علل الشرائع: ٥٠٢ / ١.

(٢) في المصدر: يورثه.

٨ - طب الائمة: ١٣٣.

٩ - طب الائمة: ١٣٣.

١٣٤

[ ٢٥٢٣١ ] ١٠ - عبدالله بن جعفر في( قرب الإِسناد ): عن هارون بن مسلم، عن مسعدّة بن صدقة قال: قال جعفر( عليه‌السلام ) قال عيسى بن مريم( عليه‌السلام ) إذا قعد احدكم في منزله فليرخ على ستره، فإن الله تعالى قسم الحياء كما قسم الرزق.

٦٨ - باب تأكد استحباب التسمية والاستعاذة وطلب الولد الصالح السوي والدعاء بالماثور عند الجماع

[ ٢٥٢٣٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن الحلبي قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) في الرجل إذا أتى أهله وخشي أن يشاركه الشيطان قال: يقول: بسم الله، ويتعوّذ بالله من الشيطان.

[ ٢٥٢٣٣ ] ٢ - وعنهم، عن أحمد بن محمّد، وعن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، جميعاً، عن الوشاء، عن موسى بن بكر، عن أبي بصير قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : يا أبا محمّد أي شيء يقول الرجل منكم إذا دخلت عليه امرأته؟ قلت: جعلت فداك، أيستطيع الرجل ان يقول شيئاً؟ قال: إلّا اعلمك ما تقول؟ قلت: بلى قال: تقول: بكلمات الله استحللت فرجها وفي أمانة الله اخذتها، اللهم ان قضيت لي في رحمها شيئاً فاجعله بارّاً تقيّاً واجعله مسلماً سويّا ولا تجعل فيه شركا للشيطان، قلت: وبأيّ شيء يعرف ذلك؟ قال: إمّا تقرأ كتاب الله ثمّ ابتدأ هو( وَشَارِكْهُمْ فِي

____________________

١٠ - قرب الإِسناد: ٢٢، وتقدّم في الباب ٦٦ ما يدلّ على كراهة جماع الحرة عند الحرة وجواز جماع الامة عند الامة.

الباب ٦٨

فيه ٦ احاديث

١ - الكافي ٥: ٥٠٢ / ١.

٢ - الكافي ٥: ٥٠٢ / ٢.

١٣٥

الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ) (١) وان الشيطان يجيء فيقعد كما يقعد الرجل منها وينزل كما ينزل ويحدث كما يحدث وينكح كما ينكح، قلت: بأي شيء بعرف ذلك؟ قال: بحبّنا وبغضنا فمن أحبّنا كان نطفة العبد ومن أبغضنا كان نطفة الشيطان.

[ ٢٥٢٣٤ ] ٣ - وعنهم، عن سهل، عن جعفر بن محمّد، عن ابن القدّاح، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : إذا جامع أحدكم فليقل: بسم الله وبالله اللهم جنبني الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتني قال: فإن قضى الله بينهما ولدا لا يضرّه الشيطان بشيء أبداً.

[ ٢٥٢٣٥ ] ٤ - وعنهم، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عليّ بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير قال: كنت عند أبي عبدالله( عليه‌السلام ) جالسا فذكر شرك الشيطان فعظّمه حتّى أفزعني قلت: جعلت فداك فما المخرج من ذلك؟ فقال: إذا أردت الجماع فقل: بسم الله الرحمن الرحيم ألذّي لا إله إلّا هو بديع السموات والارض اللهم ان قضيت منّي في هذه الليلة خليفة فلا تجعل للشيطان فيه شركا ولا نصيباً ولا حظاً واجعله مؤمناً مخلصاً مصفّىً من الشيطان ورجزه جلّ ثناؤك.

[ ٢٥٢٣٦ ] ٥ - وعنهم، عن أحمد، عن أبيه، عن حمزة بن عبدالله، عن جميل بن درّاج عن أبي الوليد، عن أبي بصير قال: قال لي أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : يا أبا محمّد إذا اتيت اهلك فأيّ شيء تقول؟ قال: قلت: جعلت فداك واطيق أن اقول شيئاً؟ قال: بلى قل: اللهم بكلماتك استحللت فرجها وبامانتك اخذتها فإن قضيت في رحمها شيئاً فاجعله تقيّاً زكياً ولا تجعل فيه شركاً

____________________

(١) الإِسراء ١٧: ٦٤.

٣ - الكافي ٥: ٥٠٣ / ٣.

٤ - الكافي ٥: ٥٠٣ / ٤.

٥ - الكافي ٥: ٥٠٣ / ٥.

١٣٦

للشيطان قال: قلت: جعلت فداك، ويكون فيه شرك الشيطان؟ قال: نعم، إمّا تسمع قول الله عزّ وجلّ في كتابه:( وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ) (١) ان الشيطان يجيء فيقعد كما يقعد الرجل وينزل كما ينزل الرجل قلت: فبأي شيء يعرف ذلك؟ قال: بحبّنا وبغضنا.

[ ٢٥٢٣٧ ] ٦ - محمّد بن عليّ بن الحسين قال: قال الصادق( عليه‌السلام ) : إذا اتى أحدكم أهله( فلم يذكر) (٢) الله عند الجماع وكان منه ولد كان شرك الشيطان ويعرف ذلك بحبّنا وبغضنا.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٣) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٤) .

٦٩ - باب كراهة الجماع مستقبل القبلة ومستدبرها وفى السفينة وعلى ظهر طريق

[ ٢٥٢٣٨ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده، عن محمّد بن العيص(٥) ، انه سأل أبا عبدالله( عليه‌السلام ) فقال: اجامع وانا عريان؟ فقال: لا، ولا مستقبل(٦) القبلة ولا تستدبرها.

____________________

(١) الإِسراء ١٧: ٦٤.

٦ - الفقيه ٣: ٢٥٦ / ١٢١٤.

(٢) في المصدر: فليذكر الله فإن لم يذكر.

(٣) تقدم في الحديث ١٢ من الباب ٢٦ من أبواب الوضوء وفي البابين ٥٣، ٥٥ من هذه الأبواب وفي الباب ٦٤ من أبواب احكام العشرة.

(٤) يأتي في الحديث ٣ من الباب ٨ من أبواب احكام الاولاد.

الباب ٦٩

فيه ٥ احاديث

١ - التهذيب ٧: ٤١٢ / ١٦٤٦، الفقيه ٣: ٢٥٥ / ١٢١٠.

(٥) في نسخة: الفيض - هامش المخطوط -.

(٦) في نسخة: مستقبل - هامش المخطوط -.

١٣٧

[ ٢٥٢٣٩ ] ٢ - قال: وقال( عليه‌السلام ) : لا تجامع في السفينة.

ورواه الصدوق مرسلاً(١) ، والذي قبله بإسناده عن محمّد بن العيص، مثله.

[ ٢٥٢٤٠ ] ٣ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن جعفر بن محمّد، عن ابيه، عن آبائه( عليهم‌السلام ) - في حديث المناهي - قال: نهى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أن يجامع الرجل أهله مستقبل القبلة وعلى ظهر طريق عامر، فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين.

أقول: يمكن تخصيص اللعن بوجود الناظر واحتقار القبلة والله أعلم.

[ ٢٥٢٤١ ] ٤ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، انه كره ان يجامع الرجل مقابل القبلة.

[ ٢٥٢٤٢ ] ٥ - عبدالله بن جعفر في( قرب الإِسناد ): عن السندي بن محمّد، عن أبي البختري، عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ( عليهم‌السلام ) ، انه كره ان يجامع الرجل ممّا يلي القبلة.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) .

____________________

٢ - التهذيب ٧: ٤١٢ / ١٦٤٦.

(١) الفقيه ٣: ٢٥٥ / ١٢١١.

٣ - الفقيه ٤: ٣.

٤ - الكافي ٥: ٥٦٠ / ١٧.

٥ - قرب الإِسناد: ٦٦.

(٢) تقدم في الحديث ٣ من الباب ١٢ من أبواب القبلة.

١٣٨

٧٠ - باب كراهة الجماع بعد الاحتلام قبل الغسل وحين تصفر الشمس وحين تطلع وهي صفراء

[ ٢٥٢٤٣ ] ١ - محمّد بن الحسن قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : يكره ان يغشى الرجل المرأة وقد احتلم حتّى يغتسل من احتلامه الذّي رأي فإن فعل فخرج الولد مجنوناً فلا يلومنّ إلّا نفسه.

ورواه الصدوق ايضاً مرسلاً(١) .

ورواه في( العلل) (٢) بإسناده الآتي(٣) عن حمّاد بن عمرو، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه( عليهم‌السلام ) في وصيّة النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) لعليّ( عليه‌السلام ) .

ورواه البرقي في( المحاسن) مرسلاً (٤) .

[ ٢٥٢٤٤ ] ٢ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده، عن عبيد الله بن عليّ الحلبي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: اني لاكره الجنابة حين تصفرّ الشمس وحين تطلع وهي صفراء

ورواه ايضاً مرسلاً(٥) .

[ ٢٥٢٤٥ ] ٣ - وبإسناده عن سليمان بن جعفر، عن عبدالله بن الحسين بن

____________________

الباب ٧٠

فيه ٣ احاديث

١ - التهذيب ٧: ٤١٢ / ١٦٤٦.

(١) الفقيه ٣: ٢٥٦ / ١٢١٢.

(٢) علل الشرائع: ٥١٤ / ٣.

(٣) يأتي في الفائدة الأولى / من الخاتمة برمز ( خ ).

(٤) المحاسن: ٣٢١ / ٦٠.

٢ - الفقيه ١: ٤٧ / ١٨٢.

(٥) الفقيه ٣: ٢٥٥ / ١٢٠٩.

٣ - الفقيه ٣: ٣٦٣ / ١٧٢٧.

١٣٩

زيد، عن أبيه، عن الصادق، عن آبائه( عليهم‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) - في حديث -: وكره ان يغشى الرجل امرأته(١) وقد احتلم حتّى يغتسل من احتلامه ألذّي رأى فإن فعل وخرج الولد مجنوناً فلا يلومن إلّا نفسه.

ورواه في( الأمالي) بالإِسناد المشار اليه (٢) .

ورواه البرقي(٣) في( المحاسن) عن إبراهيم، عن الحسن (٤) بن أبي الحسن الفارسي، عن سليمان بن جعفر.

وبإسناده عن حمّاد بن عمرو وانس بن محمّد، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه( عليهم‌السلام ) ، نحوه(٥) .

٧١ - باب تحريم ترك وطء الزوجة الشابة أكثر من أربعة أشهر وان لم يكن الترك بقصد الاضرار وان كان لمصيبة

[ ٢٥٢٤٦ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن الرضا( عليه‌السلام ) ، انه سأله عن الرجل تكون عنده المرأة الشابة فيمسك عنها الاشهر والسنة لا يقربها ليس يريد الاضرار بها يكون لهم مصيبة، يكون في ذلك اثماً؟ قال: إذا تركها أربعة أشهر كان اثماً بعد ذلك.

____________________

(١) في المحاسن: اهله « هامش المخطوط ».

(٢) امالي الصدوق: ٢٤٨ / ٣.

(٣) المحاسن: ٣٢١ / ٦٠.

(٤) في المصدر: الحسين وكذلك في نسخة من « هامش المخطوط ».

(٥) الفقيه ٤: ٢٥٨ / ٨٢٤.

الباب ٧١

فيه حديثان

١ - التهذيب ٧: ٤١٢ / ١٦٤٧.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

ما وجب معه عليه الطلب والخروج. فلما انعكس ذلك وظهرت أمارات الغدر فيه وسوء الاتفاق ، رام الرجوع والمكافّة والتسليم كما فعل أخوه ، فمنع من ذلك وحيل بينه وبينه. فالحالان متفقان ، إلا أن التسليم والمكافّة عند ظهور أسباب الخوف لم يقبلا منه ، ولم يجب إلى الموادعة ، وطلبت نفسه فمنع منها بجهده ، حتّى مضى كريما إلى جنة الله ورضوانه ، وهذا واضح لمتأمله (انتهيكلام السيد المرتضى).

٢٨٧ ـ تعليق العلامة المجلسي :(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٢٦)

قال المحقق المحدث المجلسي بعد نقل كلام السيد المرتضى :

وقد مضى في كتابه (الإمامة) وكتاب (الفتن) أخبار كثيرة دالة على أن كلا منهمعليه‌السلام كان مأمورا بأمور خاصة ، مكتوبة في الصحف السماوية النازلة على الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فهم كانوا يعملون بها. ولا ينبغي قياس الأحكام المتعلقة بهم على أحكامنا. وبعد الاطلاع على أحوال الأنبياءعليهم‌السلام وأن كثيرا منهم كانوا يبعثون فرادى في ألوف من الكفرة ، ويسبّون آلهتهم ويدعونهم إلى دينهم ، ولا يبالون بما ينالهم من المكاره والضرب والحبس والقتل والإلقاء في النار ، ولا ينبغي الاعتراض على أئمة الدين في أمثال ذلك ، مع أنه بعد ثبوت عصمتهم بالبراهين والنصوص المتواترة ، لا مجال للاعتراض عليهم ، بل يجب التسليم لهم في كل ما صدر عنهم.

على أنك لو تأملت حق التأمل علمت أنهعليه‌السلام فدى بنفسه المقدسة دين جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولم تنزلزل أركان دولة بني أمية إلا بعد شهادته ، ولم يظهر للناس كفرهم وضلالتهم إلا عند فوزه بسعادته. ولو كان يسالمهم ويوادعهم كان يقوى سلطانهم ويشتبه على الناس أمرهم ، فتعود بعد حين أعلام الدين طامسة وآثار الهداية مندرسة. مع أنه قد ظهر لك من الأخبار السابقة أنهعليه‌السلام هرب من المدينة خوفا من القتل.

إلى مكة ، وكذا خرج من مكة بعد ما غلب على ظنه أنهم يريدون غيلته وقتله ، حتّى لم يتيسّر له أن يتمّ حجّه ، فتحلل وخرج منها خائفا يترقب. وقد كانوا ضيّقوا عليه جميع الأقطار ولم يتركوا له موضعا للفرار.

ولقد رأيت في بعض الكتب المعتبرة أن يزيد أنفذ عمرو بن سعيد بن العاص في عسكر عظيم ، وولاه أمر الموسم ، وأمّره على الحاج كلهم ، وكان قد أوصاه بقبض

٢٨١

الحسينعليه‌السلام سرا ، وإن لم يتمكن منه بقتله غيلة. ثم إنه دسّ مع الحاج في تلك السنة ثلاثين رجلا من شياطين بني أمية ، وأمرهم بقتل الحسينعليه‌السلام على أي حال اتفق. فلما علم الحسينعليه‌السلام بذلك حلّ من إحرام الحج وجعلها عمرة مفردة.

وقد روي بأسانيد معتبرة ، أنهعليه‌السلام لما منعه محمّد بن الحنفية عن الخروج

إلى الكوفة ، قال : «والله يا أخي لو كنت في جحر هامّة من هوام الأرض ، لاستخرجوني منه حتّى يقتلونني». بل الظاهر أنه لو كان يسالمهم ويبايعهم لا يتركونه ، لشدة عداوتهم وكثرة وقاحتهم ، بل كانوا يغتالونه بكل حيلة ويدفعونه بكل وسيلة. وإنما كانوا يعرضون البيعة عليه أولا لعلمهم بأنه لا يوافقهم في ذلك.ألا ترى مروان ابن الحكم كيف كان يشير على والي المدينة بقتله قبل عرض البيعة عليه؟. وكان عبيد الله بن زياد يقول : اعرضوا عليه فلينزل على أمرنا ، ثم نرى فيه رأينا؟.

ألا ترى كيف أمنّوا مسلم بن عقيل ، ثم قتلوه؟!.

فأما معاوية فإنه مع شدة عداوته وبغضه لأهل البيتعليهم‌السلام كان ذا دهاء ونكراء وحزم ، وكان يعلم أن قتلهم علانية يوجب رجوع الناس عنه وذهاب ملكه وخروج الناس عليه ، فكان يداريهم ظاهرا على كل حال. ولذا صالحه الحسنعليه‌السلام ولم يتعرض له الحسينعليه‌السلام . ولذا كان معاوية يوصي ولده اللعين بعدم التعرض للحسينعليه‌السلام لأنه كان يعلم أن ذلك يصير سببا لذهاب دولته (انتهى كلام العلامة المجلسي).

٢٨٨ ـ لماذا خرج الحسينعليه‌السلام بعياله إلى العراق؟ :(مقتل المقرم ص ١٢٥)

ان الكلمة السديدة الناضجة في وجه حمل الحسين عياله إلى العراق مع علمه بما يقدم عليه ومن معه على القتل ، هو أنهعليه‌السلام لما علم بأن قتلته سوف تذهب ضياعا لو لم يتعقبها لسان ذرب(١) وجنان ثابت ، يعرّفان الأمة ضلال ابن ميسون(يزيد) وطغيان ابن مرجانة (ابن زياد) ، باعتدائهما على الذرية الطاهرة الثائرة في وجه المنكر ، ودحض ما ابتدعاه في الشريعة المقدسة.

وعرف سيد الشهداءعليه‌السلام من حرائر الرسالةعليه‌السلام الصبر على المكاره وملاقاة

__________________

(١) ذرب اللسان : ذو لسان حادّ. ولسان ذرب : أي فصيح.

٢٨٢

الخطوب والدواهي بقلوب أرسى من الجبال ، فلا يفوتهن تعريف الملأ المغمور بالترّهات والأضاليل ، نتائج أعمال هؤلاء المضلين ، وما يقصدونه من هدم الدين ، وأن الشهداء أرادوا بنهضتهم مع إمامهم إحياء شريعة جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وفي الحقيقة لقد أدت عقائل الوحي هذه الرسالة الجوهرية الخطيرة ، بجرأة وإخلاص ، وثبات ورباطة جأش ، رغم تفاقم الخطب وعظم المصيبة وقساوة المحنة فهاهي عقيلة الوحي زينبعليها‌السلام أخت الحسينعليه‌السلام تقف بجرأة وحزم أمام ابن زياد الجبار المتهور ، تفرغ عن لسان أبيها ، تقول له بكلام أنفذ من السهم ، وتلقمه حجرا وهي تقول :

«هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم ، وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاجّ وتخاصم ، فانظر لمن الفلج (أي الفوز) ثكلتك أمك يابن مرجانة».ثم لا ننسى خطبها في الكوفة ومواقفها في الشامعليها‌السلام .

وها هي فاطمة بنت الحسين وأم كلثوم وسكينةعليهم‌السلام يتحدثن بمثل ما تحدثت به عمتهن زينبعليها‌السلام ، في ذلك الموقف الرهيب المحفوف بسيوف الخسف والغدر والجور ، فما يستطيع أحد أن يتفوه بكلمة واحدة مهما أوتي من الجرأة والثبات والصمود ، ومهما بلغ من القوة والمنعة والمنزلة ، فكيف بهنّ وقد أعلنّ للملأ أجمع عن كل موبقات ابن ميسون وابن مرجانة.

هذا على أنه وإن وضع الله الجهاد ومكافحة الأعداء عن المرأة وأمرها بلزوم بيتها ، فذاك فيما إذا قام بتلك المكافحة غيرها من الرجال ، وأما إذا توقف إقامة الحق عليها فقط ، بحيث لولا قيامها لدرست أسس الشريعة وذهبت الغاية من تضحية الصفوة ، كان الواجب القيام به.

ينتج من هذا أن جهاد العقيلات في معركة كربلاء كان في طرف موازنة مع جهاد الشهداء.

وجاء في (اللهوف) ص ٤٧ : ومما يمكن أن يكون سببا لحمل الحسينعليه‌السلام عياله ، أنه إن تركها بالحجاز أو غيرها من البلاد ، كان يزيد بن معاوية قد أنفذ ليأخذهن إليه ، وصنع بهن من الاستئصال وسيّئ الأعمال ، ما يمنع الحسين من الجهاد والشهادة.

٢٨٣

٥ ـ هل ألقى الحسينعليه‌السلام بيده إلى التهلكة؟

٢٨٩ ـ هل عرّض الحسينعليه‌السلام نفسه للتهلكة؟ :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٩)

يقول السيد عبد الرزاق المقرّم عن استشهاد الأئمةعليهم‌السلام :

وليس في إقدامهم على الشهادة إعانة على إزهاق نفوسهم القدسية وإلقائها في التهلكة الممنوع منه بنص الذكر المجيد ، فإن الإبقاء على النفس والحذر من إيرادها مورد الهلكة إنما يجب إذا كان مقدورا لصاحبها أو لم يقابل بمصلحة أهمّ من حفظها. وأما إذا وجدت هنا لك مصلحة تكافىء تعريض النفس للهلاك ، كما في الجهاد والدفاع عن النفس ، مع العلم بتسرب القتل إلى فئة من المجاهدين ، فيجب عندها بذل النفس والتضحية بها. ولقد أمر الله الأنبياء والمرسلين والمؤمنين فمشوا إليه قدما موطّنين أنفسهم على القتل وكم فيهم سعداء ، وكم من نبي قتل في سبيل دعوته ولم يبارح قوله دعوته حتّى أزهقت نفسه الطاهرة!. وقد تعبّد الله طائفة من بني إسرائيل بقتل أنفسهم فقال :( إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ ) [البقرة : ٥٤].

وقد أثنى سبحانه على المؤمنين في إقدامهم على القتل والمجاهدة في سبيل تأييد الدعوة الإلهية ، فقال تعالى :( إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ) [التوبة : ١١١] وقال تعالى :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ ) [البقرة : ٢٠٧] وقال تعالى :( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) (١٦٩) [آل عمران : ١٦٩].

٢٩٠ ـ التعبّد بالقتل أسمى درجات السعادة ، وليس هو إلقاء إلى التهلكة :

(اللهوف للسيد ابن طاووس ، ص ١٢)

يقول السيد ابن طاووس : ولعل بعض من لا يعرف حقائق شرف السعادة بالشهادة ، يعتقد أن الله لا يتعبّد بمثل هذه الحالة. أما سمع في القرآن الصادق المقال ، أنه تعبّد قوما بقتل أنفسهم ، فقال تعالى :( إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ ) [البقرة : ٥٤] أنه هو القتل ، وليس الأمر كذلك ، وإنما التعبد به من أبلغ درجات السعادة.

٢٨٤

ثم يعرض تفسير آية التهلكة بما ذكره الإمام الصادقعليه‌السلام ، وهو أن بعض الصحابة تخلّفوا عن نصرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأقاموا في بيوتهم لإصلاح أحوالهم ، فنزلت الآية :( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) [البقرة : ١٩٥] ومعناه : إن تخلّفتم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأقمتم في بيوتكم ألقيتم بأيديكم إلى التهلكة وسخط الله عليكم فهلكتم. وليست هذه الآية في رجل يحرّض على العدو أو يطلب الشهادة بالجهاد في سبيل الله رجاء الثواب والآخرة.

٢٩١ ـ دفع شبهة : هل ألقى الحسينعليه‌السلام بنفسه إلى التهلكة؟ :

(الأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري ، ج ٢ ص ٢٣٦)

يقول السيد نعمة الله الجزائري :

واعلم أن جماعة من مخالفينا أورد واهنا شبهة ، بل وربما قاله بعض الجهال فينا ، وهو أن الحسينعليه‌السلام كان عالما بأن يجري عليه ما جرى قبل مسيره إلى العراق ، فلم سار إليها حتّى صار كالمعين على نفسه؟. وهذه شبهة ركيكة ، والجواب عنها من وجوه :

الوجه الأول : أن الإمام إذا وجد الأعوان وجب عليه القيام بأمر الجهاد ، ولا يجوز له التقاعد عنه لظنه بهم الخذلان له ، كما لم يجز للأنبياءعليهم‌السلام ترك الجهاد لهذه المظنّة ، بل قاموا بالدعوة حتّى أصيبوا من الأمة بالمصائب العظام ، كما وقع لأولي العزم وغيرهم ، استتماما لحجة الله تعالى على الخلائق.

الوجه الثاني : أنهعليه‌السلام لو لم يسر إلى العراق لما تركوه ، ولو ذهب إلى المكان البعيد ، مصداقا لقولهعليه‌السلام لأخيه محمّد بن الحنفية ، حين نصحه بأن يلحق بالرمال من اليمن حتّى ينظر بواطن أهل العراق ، فقال له : يا أخي نعم ما رأيت من الصلاح ، ولكن هؤلاء القوم ما يسكتون عن طلبي أينما ذهبت حتّى يسفكوا دمي ، فعند ذلك يلبسهم الله ذلّ الدنيا والآخرة.

الوجه الثالث : أن الأنبياء والأئمةعليهم‌السلام قد خصّهم الله تعالى بأنواع من التكاليف ، فلعل هذا ـ وهو الإلقاء إلى التهلكة ـ منها ، نظرا إلى الحكم والمصالح الإلهية.

فإن قلت : كيف لم يبايع ليزيد حتّى لا يصل إليه الضرر ، كما بايع أخوه الحسنعليه‌السلام ؟ قلت : هذا مجرد كلام ، والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين. وذلك

٢٨٥

أنهعليه‌السلام رأى أخاه الحسنعليه‌السلام لما سالم معاوية ، وكيف فعل به أولا ، وكيف غدر به آخرا ، حتّى قتله مسموما. فما كان يصنع ابنه يزيد مع الحسينعليه‌السلام إلا أسوأ من هذا ، لأن معاوية كان فيه الدهاء ، وما كان يتجرأ على قتل الحسينعليه‌السلام ظاهرا ، ولهذا أوصى عند موته ليزيد ، أنك [إن] تظفر بالحسينعليه‌السلام فلا تقتله ، واذكر فيه القرابة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٢٩٢ ـ بين هجرة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهجرة السبطعليه‌السلام :

(من وحي الثورة الحسينية لهاشم معروف الحسني ، ص ٣١)

يقول السيد هاشم معروف الحسني :

هناك هجرتان من أجل الإسلام ورسالة الإسلام :

الأولى منهما : كانت فرارا من الموت الّذي استهدف رسالة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بشخصه ، وقد نفّذها الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأمر من ربه ، ليتابع رسالته وينقذها من مشركي مكة وجبابرة قريش وعلى رأسهم أبو سفيان.

والثانية : قام بها سبطه الزكي الحسين بن عليعليه‌السلام ولكنها كانت للشهادة ، بعد أن أدرك أن الأخطار المحدقة برسالة جده ، لا يمكن تفاديها وتجاوزها إلا بشهادته.

لقد هاجر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من مكة إلى المدينة لأجل رسالته ، بعد أن تآمرت قريش على قتله لتتخلص منها ، لأن بقاءها وانتشارها مرهون بحياته ، وبعد أن وجدت أن جميع وسائل العنف التي استعملتها معه خلال ثلاثة عشر عاما لم تغير من موقفه شيئا ، كما لم تجدها جميع الاغراءات والعروض السخية. وكان ردّه الأخير على عروض أبي سفيان وأبي جهل ومغرياتهما أن قال : «والله لو وضعتم الشمس في يميني ، والقمر في شمالي ، على أن أترك هذا الأمر ما تركته ، حتّى يحكم الله أو أهلك دونه».

وظل الحزب الأموي بقيادة أبي سفيان وأبنائه يتحيّن الفرص ويستغل المناسبات ليجهض على الإسلام وعلى قادة الإسلام ، بعد أن عملوا بكل جهدهم لإفراغ الإسلام من مضمونه الحقيقي واتخاذه أداة ظاهرية للوصول إلى الحكم.

وحين عادت الجاهلية تعصف برياحها على بلاد الإسلام ، وتلقي بظلها على المسلمين ، سطع ضوء في الظلام ومن بين ركام الإسلام المتداعي ، وأضاءت للملأ

٢٨٦

ملامح أمل جديد في دياجي ذلك الظلام المطبق ، وبدا للعالم إنسان يخطّ على التراب بدمه هذه الكلمات :

«ألا وإني لا أرى الموت إلا سعادة ، والحياة مع الظالمين إلا برما».

إنه الحسين ، ابن علي وفاطمة الزهراءعليهم‌السلام سبط ذلك الرسول الّذي هاجر [الهجرة الأولى] من مكة إلى المدينة ، لأجل رسالته ولا نقاذها من الشرك والوثنية.جاء يهاجر [الهجرة الثانية] لأجل نفس الرسالة ولانقاذها من الشذوذ والانحراف والجور والفساد. خرج من مدينة جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى عاصمة أبيه الكوفة ، خرج مهاجرا لإحياء دين جده ورسالته ، وإيقاظ الآمال في نفوس الفقراء والمستضعفين ، الذين باتوا يساقون كالأنعام بيد الولاة والحكام.

ولقد رضي الحسينعليه‌السلام أن يقدّم نفسه وأهله قربانا لهذه الرسالة ، حين رأى الموت والشهادة أحلى إلى قلبه من العقد الّذي يزيّن جيد الفتاة ، وحين أدرك أن لا عزّة ولا كرامة إلا بالجهاد والفداء.

لقد هاجر الحسينعليه‌السلام من مدينة جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أرض الشهادة والخلود ، ليقدّم دمه الزكي ودماء إخوته وأنصاره ثمنا لإحياء شريعة جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإنقاذها من الضياع والاندثار.

وهكذا كانت نهضة الحسينعليه‌السلام الامتداد الطبيعي لرسالة جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وجهاد الحسينعليه‌السلام امتدادا لجهاد جده وأبيهعليه‌السلام ، مصداقا لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«حسين مني وأنا من حسين». فعقيدة الحسين هي من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ورسالة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحيى وتبقى بالحسينعليه‌السلام .

٦ ـ معالم النهضة المقدسة

٢٩٣ ـ ثلاثة مشاعل من رسالة الحسينعليه‌السلام :

(مجلة الإسلام في معارفه وفنونه للشيخ حبيب آل إبراهيم ، بعلبك ،

السنة العاشرة ، العدد الأول ، نيسان ١٩٦٨)

ماهي رسالة الحسينعليه‌السلام ؟

تعال نسأل عنها الإمام الحسين نفسه

في يوم شهادته بالذات رفع الشهيد شعارات ثلاثة ،

٢٨٧

كانت خير عنوان للرسالة التي خرج يؤديها بدمه ،

ودم الشهداء الذين معه.

هذه الشعارات هي : المسؤولية ـ التصميم ـ العزّة.

١ ـ المسؤولية :

قال الإمام الحسينعليه‌السلام : «إني لم أخرج أشرا ولا بطرا ، ولا مفسدا ولا ظالما ، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ، ومن ردّ عليّ هذا أصبر حتّى يحكم الله وهو خير الحاكمين».

هذه الكلمات مشاعل ، تضيء الطريق للسالكين ، بها يحدد سيد الشهداء أغراض نهضته : إنه لم يخرج طمعا بمنصب ولا عن انحراف ، إنما خرج يطلب الإصلاح في دين جده خاتم الرسلصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يريد أمرا بمعروف ونهيا عن منكر.

ها هنا مشعل!. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. إنه المسؤولية ؛ مسؤولية المسلم عن عقيدته وممارستها.

ولقد كان أبو عبد الله الحسينعليه‌السلام حيثما سار وثار ، نموذجا مثاليا للمسلم حين تحيق بعقيدته الآفات والأخطار.

ثم قال الحسينعليه‌السلام : «فمن قبلني بقبول الحق ، فالله أولى بالحق ، ومن ردّ عليّ هذا أصبر ، حتّى يحكم الله ، وهو خير الحاكمين».

إنه ينادي : أيها الناس لا يكن ميزان قبولكم إياي شخصي ، إنما اقبلوني لأني أمثّل حقا. فمن قبلني فإنما يقبل الحق ، ومن ردّ عليّ فإنما يردّ على الحق هكذا ترتفع المبادئ فوق الأشخاص. وحينذاك تضيع النفوس وحاجاتها ، ويبقى المبدأ هو القائم البارز. ونعم ، يبقى الشخص بمقدار ما يمثّل من مبدأ.

٢ ـ التصميم :

وقالعليه‌السلام : «ألا وإن الدعيّ ابن الدعيّ ، قد ركز بين اثنتين : بين السّلةّ والذلة ، وهيهات منا الذلة ، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون ، وجدود طابت ، وحجور طهرت ، وأنوف حميّة ، ونفوس أبيّة ، لا تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام».

٢٨٨

ها هو الحسينعليه‌السلام يعلن تصميمه على أداء رسالته ، وأنه لن يتراجع. وأنه يؤثر أن يموت ميتة الكرام في سبيل الرسالة ، على أن يطيع اللئام ولكن لماذا؟. من أين ينبع هذا التصميم؟.

من الله ورسوله ، ومن تربيته ، ومن نفسه. فلا الله يرضى له التراجع ولا رسوله ، ولا حقّ من ربّوه ، ولا نفسه.

مزيج من الدوافع ، لا أشمل ولا أكمل : الدين والتربية والنفسية. كلها تدفعه لأن يعلنها صريحة مدوّية : أنه لن يتراجع عن أداء رسالته ، ولو كلّفه ذلك مصرعه ...والدين في المقدمة.

وهذا مشعل!. الدين حافز لا يرضى التراجع ، ولا يقبل بأنصاف الحلول.

٣ ـ العزّة :

ثم قالعليه‌السلام : «لا والله ، لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل ، ولا أقرّ إقرار العبيد».

كلمات تنضح بالعزة

إنه لن يسكت ذليلا ، ولن يسكت عبدا والمنحرفون يريدونه ذليلا وعبدا معا. ولو أنه ذل واستعبد لربما أنالوه ما يرضيه ؛ ولكنه عزّ ، وإذ عزّ ثار ولكم تكلّف.

العزة غاليا( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) [المنافقون : ٨].

وهذا مشعل!. الإيمان عزّ ، ولا ذلّ مع الإيمان.

٧ ـ أهداف نهضة الحسينعليه‌السلام

* مدخل :

قبل أن يسير الحسينعليه‌السلام من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة ، دعا بدواة وبياض وكتب وصية تاريخية لأخيه محمّد بن الحنفية. وهذه الوصية هي أفضل وثيقة صادرة عن صاحب النهضة ، يوضح فيها بجلاء أهداف نهضته المباركة ، يقول فيها :

«إني لم أخرج أشرا (أي فرحا) ولا بطرا ، ولا مفسدا ولا ظالما ، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن

٢٨٩

المنكر ، وأسير بسيرة جدي محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وسيرة أبي علي بن أبي طالبعليه‌السلام .فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ، ومن ردّ عليّ هذا أصبر حتّى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق ، ويحكم بيني وبينهم وهو خير الحاكمين».

ففي هذه الوثيقة يبيّن الحسينعليه‌السلام ما يلي :

١ ـ أن نهضته ليس غرضها السلطان والدنيا وما يلازمها من الفرح والبطر ، ولا الإفساد والظلم.

٢ ـ أن نهضته تنطلق من مبدأ وجوب الإصلاح لكل فاسد ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

٣ ـ أن غايته الأولى والأخيرة إحقاق الحق الّذي أبطله المتحكمون والمبطلون ، المتمثل بسيرة جده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبيه عليعليه‌السلام .

٤ ـ أنه سوف يعمل جاهدا لتطبيق مبادئه السامية مستعينا بأنصار الحق ، وسوف يبذل في سبيل ذلك كل غال ورخيص ، ويصبر على تنفيذ ذلك ولو ضحّى بنفسه وما يملك.

والحسينعليه‌السلام رغم علمه بمصيره وشهادته ، التي وصلت حدّ الاشتهار ، إلا أنه كان يعمل وفق تكليفه الشرعي المبني على ظواهر الأمور.

٢٩٤ ـ هدفان رئيسيان للنهضة :

(الوثائق الرسمية لثورة الحسين لعبد الكريم الحسيني القزويني ، ص ١٢)

لو تصفحنا الوثائق الأولى لقائد هذه الثورة ـ الحسينعليه‌السلام ـ لرأيناها تحمل الهدفين التاليين :

١ ـ الثورة على حكم يزيد ، أي تغيير الجهاز الحاكم.

٢ ـ إقامة الشريعة الاسلامية وتطبيقها ، في مقابل المخالفات التي أشاعها الحكام آنذاك.

٢٩٥ ـ الحسينعليه‌السلام فاتح وليس مغامرا :(مقتل الحسين للمقرم ، ص ٥٦)

كان الحسينعليه‌السلام يعتقد في نهضته أنه فاتح منصور ، لما في شهادته من إحياء دين الرسول وإماتة البدعة وتفظيع أعمال المناوئين وتفهيم الأمة أنه أحق بالخلافة من غيره ، وإليه يشير في كتابه إلى بني هاشم :

٢٩٠

«من لحق بي منكم استشهد ، ومن تخلفّ لم يبلغ الفتح»(١) .

فإنهعليه‌السلام لم يرد بالفتح إلا ما يترتب على نهضته وتضحيته من نقض دعائم الضلال وكسح أشواك الباطل عن الشريعة المطهرة ، وإقامة أركان العدل والتوحيد ، وأن الواجب على الأمة القيام في وجه المنكر.

وهذا معنى كلمة الإمام زين العابدينعليه‌السلام لإبراهيم بن طلحة بن عبيد الله

لما سأله حين رجوعه إلى المدينة : «من الغالب؟». فقال السجّادعليه‌السلام : إذا دخل وقت الصلاة فأذّن وأقم ، تعرف الغالب!(٢) .

فإنه يشير إلى تحقّق الغاية التي ضحّى سيد الشهداء بنفسه القدسية من أجلها ، وفشل يزيد بما سعى له من إطفاء نور الله تعالى ومحو ذكر أهل البيتعليهم‌السلام ، وما أراده أبوه من نقض مساعي الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإمائة الشهادة له بالرسالة ، بعد أن كان الواجب على الأمة في أوقات الصلوات الخمس الإعلان بالشهادة لنبي الإسلام ، ذلك الّذي هدم صروح الشرك وأبطل عبادة الأوثان. كما وجب على الأمة الصلاة على النبي وعلى آله الطاهرين في التشهدين ، وأن الصلاة عليه بدون الصلاة على آله : بتراء(٣) .

كما أن العقيلة زينبعليها‌السلام أشارت إلى هذا الفتح بقولها ليزيد : «فكد كيدك ، واسع سعيك ، وناصب جهدك ، فو الله لا تمحو ذكرنا ، ولا تميت وحينا ، ولا تدرك أمدنا ، ولا يرحض عنك عارها وشنارها».

تصريحات الفيلسوف الألماني ماربين

٢٩٦ ـ أسرار شهادة الحسينعليه‌السلام للفيلسوف الألماني (ماربين):

(ذكرى الحسين للشيخ حبيب آل إبراهيم ، ج ٨ ص ٥٢)

قال الحكيم الألماني ماربين في كتابه (السياسة الإسلامية) من جملة كلام طويل :

لا يشك صاحب الوجدان إذا دقّق النظر في أوضاع ذاك العصر ، وكيفية نجاح بني

__________________

(١) كامل الزيارات ، ص ٧٥ ؛ وبصائر الدرجات للصفار ، ج ١٠ ص ١٤١.

(٢) أمالي الشيخ الطوسي.

(٣) الصواعق المحرقة ، ص ٨٧.

٢٩١

أمية في مقاصدهم واستيلائهم على جميع طبقات الناس وتزلزل المسلمين ، أن الحسين قد أحيا بقتله دين جده وقوانين الإسلام. ولو لم تقع تلك الواقعة ، ولم تظهر تلك الحسّيات الصادقة بين المسلمين لأجل قتل الحسين ، لم يكن الإسلام على ماهو عليه الآن قطعا ، بل كان من الممكن ضياع رسومه وقوانينه حيث كان يومئذ حديث العهد.

عزم الحسينعليه‌السلام على إنجاح هذا المقصد وإعلان الثورة ضد بني أمية من يوم توفي والده ، فلما قام يزيد مقام معاوية خرج الحسينعليه‌السلام من المدينة ، وكان يظهر مقصده العالي ، ويبث روح الثورة في المراكز الإسلامية المهمة كمكة والعراق وأينما حل ، فازدادت نفرة قلوب المسلمين ، التي هي مقدمة الثورة على بني أمية ، ولم يكن يجهل يزيد مقاصد الحسينعليه‌السلام ، وكان يعلم أن الثورة إذا أعلنت في جهة والحسين قائدها مع تنفر المسلمين عموما من حكومة بني أمية وميل القلوب وتوجه الانظار إلى الحسينعليه‌السلام ، عمّت جميع البلدان ، وفي ذلك زوال ملكهم وسلطانهم ، فعزم يزيد قبل كل شيء من يوم بويع على قتل الحسينعليه‌السلام . ولقد كان هذا أعظم خطأ سياسي صدر من بني أمية ، فجعلهم نسيا منسيا ولم يبق منهم أثر ولا خبر.

وأعظم الأدلة على أن الحسينعليه‌السلام أقدم على قتل نفسه ولم تكن من غرضه سلطنة ولا رئاسة ، هو أنه مضافا إلى ما كان عليه من العلم والسياسة والتجربة التي وقف عليها زمن أبيه وأخيه في قتال بني أمية ، كان يعلم أنه مع عدم تهيئة الأسباب له واقتدار يزيد ، لا يمكنه المقاومة والغلبة.

وكان يقول من يوم توفي والده إنه يقتل وأعلن يوم خروجه من المدينة أنه يمضي إلى القتل ، وأظهر ذلك لأصحابه والذين أتبعوه من باب إتمام الحجة ، حتى يتفرق الذين التفوا حوله طمعا بالدنيا ، وطالما كان يقول «وخير لي مصرع أنا لاقيه». ولو لم يكن قصده ذلك ولم يكن عالما عامدا ، لجمع الجنود ولسعى في تكثير أصحابه وزيادة استعداده ، لا أن يفرق الذين كانوا معه. ولكن لما لم يكن له قصد إلا القتل مقدمة لذلك المقصد العالي ، وإعلان الثورة المقدسة ضد يزيد ، رأى أن خير الوسائل إلى ذلك (الانفراد والمظلومية) ، فإنّ أثر هذه المصائب أشد وأكثر في القلوب.

من الظاهر أن الحسينعليه‌السلام مع ما كانت له من المحبوبية في قلوب المسلمين

٢٩٢

في ذلك الزمان ، لو كان يطلب قوة واستعدادا لأمكنه أن يخرج إلى حرب يزيد جيشا جرارا ، ولكنه لو صنع ذلك لكان قتله في سبيل السلطة والإمارة ، ولم يفز (بالمظلومية) التي انتجت تلك الثورة العظيمة. هذا هو الذي جعله لا يبقي معه إلا الذين لا يمكن انفكاكهم عنه ، كأولاده وإخوانه وبني أخوته وبني أعمامه وجماعة من خواص أصحابه ، حتى أنه أمر هؤلاء أيضا بمفارقته ، ولكنهم أبوا عليه ذلك ، وهؤلاء أيضا كانوا من المعروفين بين المسلمين بجلالة القدر وعظم المنزلة وقتلهم معه مما يزيد في عظم المصيبة وأثر الوقعة. نعم إن الحسينعليه‌السلام بمبلغ علمه وحسن سياسته بذل كمال جهده في إفشاء ظلم بني أمية وإظهار عداوتهم لبني هاشم وسلك في ذلك كل طريق.

ولما كان يعلم الحسينعليه‌السلام عداوة بني أمية له ولبني هاشم ، ويعرف أنهم بعد قتله يأسرون عياله وأطفاله ـ وذلك يؤيد مقصده ويكون له أثر عظيم في قلوب المسلمين سيما العرب كما قد وقع ـ حملهم معه وجاء بهم من المدينة.

نعم إن ظلم بني أمية وقساوة قلوبهم في معاملاتهم مع حرم محمد وصباياه أثّر في قلوب المسلمين تأثيرا عظيما لا ينقص عن أثر قتله وأصحابه. ولقد أظهر في عمله هذا عقيدة بني أمية في الإسلام وسلوكهم مع المسلمين سيما ذراري نبيهم. لهذا كان الحسين يقول في جواب أصحابه والذين كانوا يمنعونه عن هذا السفر : «إني أمضي إلى القتل» ولما كانت أفكار المانعين محدودة وأنظارهم قاصرة لا يدركون مقاصد الحسينعليه‌السلام العالية ، لم يألوا جهدهم في منعه ، وآخر ما أجابهم به أن قال لهم «شاء الله ذلك وجدي أمرني به». فقالوا إن كنت تمضي إلى القتل فما وجه حملك النسوة والأطفال ، فقال : «إن الله شاء أن يراهن سبايا». ولما كان الحسين بينهم رئيسا روحانيا لم يكن لهم بدّ من السكوت.

ومما يدل على أنه لم يكن له غرض إلا ذلك المقصد العالي الذي كان في نفسه ، ولم يتحمل تلك المصائب لسلطنة وإمارة ولم يقدم على هذا الخطر من غير علم ودارية ـ كما تصوره بعض المؤرخين منا ـ أنه قال لبعض ذوي النباهة قبل الواقعة بأعوام كثيرة ، على سبيل السلوة : إنه بعد قتلي وظهور تلك المصائب المحزنة ، يبعث الله رجالا يعرفون الحق من الباطل ، يزورون قبورنا ، ويبكون على مصابنا ، ويأخذون بثأرنا من أعدائنا ، أولئك جماعة ينشرون دين الله وشريعة جدي ، وأنا وجدي نحبهم وهو يحشرون معنا يوم القيامة. وليتأمل المتأمل في كلام

٢٩٣

الحسينعليه‌السلام وحركاته يرى أنه لم يترك طريقا من السياسة إلا سلكه في إظهار شنائع بني أمية وعداوتهم القلبية لبني هاشم ومظلومية نفسه ، وهذا مما يدل على حسن سياسته وقوة قلبه وتضحية نفسه ، في طريق الوصول إلى المقصد الذي كان في نظره ، حتى أنه في آخر ساعات حياته عمل عملا حير عقول الفلاسفة ، ولم يصرف نظره عن ذلك المقصد العالي مع تلك المصائب المحزنة والهموم المتراكمة وكثرة العطش والجراحات ، وهو قصة (عبد الله الرضيع). فلما كان الحسينعليه‌السلام يعلم أن بني أمية لا يرحمون له صغيرا رفع طفله الصغير تعظيما للمصيبة على يده أمام القوم وطلب منهم أن يأتوه بشربة من الماء فلم يجيبوه إلا بالسهم.

ويغلب على الظن أن غرض الحسينعليه‌السلام من هذا العمل تفهيم العالم بشدة عداوة بني أمية لبني هاشم وأنها إلى أي درجة بلغت. ولا يظن أحد أن يزيد كان مجبورا على تلك الأعمال المفجعة لأجل الدفاع عن نفسه ، لأن قتل الطفل الرضيع في تلك الحال بتلك الكيفية ، ليس هو إلا توحش وعداوة سبعية ، منافية لقواعد كل دين وشريعة ، ويمكن أن تكون هذه الفاجعة كافية لافتضاح بني أمية ورفع الستار عن قبائح أعمالهم ونياتهم السيئة بين العالم ، سيما المسلمين ، وأنهم يخالفون الإسلام في حركاتهم بل يسعون بعصبية جاهلية إلى إبادة آل محمد وجعلهم أيدي سبأ.

ونظرا لتلك المقاصد العالية التي كانت في نظر الحسينعليه‌السلام مضافا إلى وفور علمه وسياسته التي كان لا يشك فيها اثنان لم يرتكب أمرا يوجب إجبار بني أمية للدفاع عن أنفسهم ، حتى أنه مع ذلك النفوذ والاقتدار الذي كان له في ذلك العصر لم يسع في تسخير البلاد الإسلامية وضمها إليه ولا هاجم ولاية من ولايات يزيد إلى أن حاصروه في واد غير ذي زرع ، قبل أن تبدو منه أقل حركة عدائية أو تظهر منه ثورة ضد بني أمية لم يقل الحسينعليه‌السلام سأكون ملكا أو سلطانا أو أصبح صاحب سلطة. نعم كان يبث روح الثورة في المسلمين بنشره شنائع بني أمية واضمحلال الدين إن دام ذلك الحال ، وكان يخبر بقتله ومظلوميته وهو مسرور. ولما حوصر في تلك الأرض القفراء أظهر لهم من باب إتمام الحجة بأنهم لو تركوه لرحل بعياله وأطفاله وخرج من سلطة يزيد ، ولقد كان لهذا الإظهار الدال على سلامة نفس الحسينعليه‌السلام في قلوب المسلمين غاية التأثير.

لقد قتل قبل الحسينعليه‌السلام ظلما وعدوانا كثير من الرؤساء الروحانيين وأرباب

٢٩٤

الديانات وقامت الثورة بعد قتلهم بين تابعيهم ضد الأعداء ، كما وقع مكررا في بني إسرائيل ، وقصة يحيى من أعظم الحوادث التاريخية ، ومعاملة اليهود مع المسيح لم ير نظيرها إلى ذلك العهد ، ولكن واقعة الحسينعليه‌السلام فاقت الجميع لم يرشدنا التاريخ إلى أحد من الروحانيين وأرباب الديانات أنه أقدم على قتل نفسه عالما عامدا لمقاصد عالية لا تنجح إلا بقتله ، فإن كل واحد من أرباب الديانات الذين قتلوا ، ثار عليهم أعداؤهم وقتلوهم ظلما ، وبمقدار مظلوميتهم قامت الثورة بعدهم ، ومقاصد الحسينعليه‌السلام كانت على علم وحكمة وسياسة وليس لها نظير في التاريخ ، فإنه لم يزل يوالي السعي في تهيئة أسباب قتله نظرا لذلك المقصد العالي ، ولم نجد في التاريخ رجلا ضحّى بحياته عالما عامدا لترويج ديانته من بعده إلا الحسينعليه‌السلام .

المصائب التي تحمّلها الحسينعليه‌السلام في طريق إحياء دين جده تفوق على مصائب أرباب الديانات السابقين ، ولم ترد على أحد منهم. نعم إن هناك رجالا قتلوا في طريق إحياء الدين ولكنهم لم يكونوا كالحسين ، فإنه ضحّى بنفسه العزيزة في طريق إحياء دين جده وفداه بأولاده وإخوانه وأقربائه وأحبابه وأمواله وعياله ، ولم تقع هذه المصائب دفعة واحدة حتى تكون في حكم مصيبة واحدة ، بل وقعت متوالية واحدة بعد أخرى ، ويختص الحسينعليه‌السلام دون غيره بتواتر أمثال هذه المصائب كما يشهد له التاريخ.

لم تنته المصائب التي وردت على الحسينعليه‌السلام من قتله وقتل أصحابه وتسيير نسائه وبناته ، إلا وانكشف الغطاء عن سرائر بني أمية وقبائح أعمالهم ، وظهرت بين المسلمين الحسيات السياسية ، وتوطدت أسباب الثورة ضد سلطنة يزيد وبني أمية ، وعلم الجميع أن بني أمية مخربو الإسلام ، وصار الجميع يرفض بدعهم وتقولاتهم ، وعرفوا بالظلم والغصب ، بالعكس من بني هاشم فإنهم عرفوا بالمظلومية وأن لهم الرئاسة الروحانية بالاستحقاق ، وإليهم تنمى الحقيقة الروحانية.

كأن المسلمين بعد قتل الحسينعليه‌السلام قد دخلوا في دور جديد وظهرت الروحانية الإسلامية بأجلى مظاهرها وتجددت بعد أن كانت مندرسة غائبة عن أذهان المسلمين وكما أنه لا يشك اثنان في تفوق مصائب الحسينعليه‌السلام على جميع مصائب روحاني السلف ، فكذلك لا يشك في الثورة التي حدثت بعده بأنها فاقت جميع الثورات السالفة وأن امتدادها وأثرها أكثر ، وأن بها ظهرت للعالم (مظلومية

٢٩٥

آل محمد) فكانت أولى نتائج هذه الثورة اختصاص الرئاسة الروحانية التي لها أهمية عظمى في عالم السياسة ببني هاشم ، وخصوصا في أولاد الحسينعليه‌السلام (فكان منهم أئمة الشيعة) ونظرة عموم المسلمين إلى بني هاشم سيما أولاد الحسين نظرهم إلى الروحانيين. ولم يطل العهد حتى نزعت تلك السلطة من بني أمية وزالت السلطة والقدرة من آل يزيد في أقل من قرن ، واندرست آثارهم على وجه لم يبق منهم عين ولا أثر. وأينما ذكرت أسماؤهم في متون الكتب قرنها المسلمون بكلمة الشماتة ، وكل ذلك نتيجة سياسة الحسين الذي يمكن أن يقال إنه لم يأت في أرباب الديانات والروحانيين رجل عرف عواقب الأمور مع بعد نظر وحسن سياسة كالحسينعليه‌السلام .

قبل أن تصل سبايا الحسين إلى الشام قامت الثورة ضد يزيد وظهرت بمظلومية الحسين سرائر بني أمية ، وكشف الغطاء عن نياتهم وتوجه اللوم على يزيد حتى من أهل بيته وحرمه(١) . وصار يزيد يسمع تقديس الحسينعليه‌السلام وأولاد علي وعظمتهم ومظلوميتهم بعد أن لم يكن يمكن ذكرهم عنده بخير. وكان يصعب عليه ذلك إلا أنه لم يكن له بدّ غير السكوت ، ولما أراد تبرئة نفسه من تلك الأعمال ألقى المسؤولية على عماله ولم يزل يسمع محامد الحسينعليه‌السلام . قال يزيد ذات يوم : إن سلطنة الحسين كانت أهون عليّ من هذا المقام العالي الذي فاز به آل علي وبنو هاشم.

وأخيرا فشيعة الحسينعليه‌السلام لم يزالوا يستفيدون من هذه الثورات ، وتزيد قوة بني هاشم وعظمتهم حتى لم يمض أقل من قرن إلا وصارت السلطنة الإسلامية الوسيعة في بني هاشم من دون مزاحم ، وأبادوا بني أمية على وجه لم يبق منهم اسم ولا رسم. (انتهى كلام ماربين).

__________________

(١) قال السيد عبد الرزاق المقرم في مقتله صفحة ٢٠ : ولقد فشا الانكار على يزيد حتى من حريمه وأهل بيته ، حتى أن زوجته هند بنت عمرو بن سهيل وكان زوجة عبد الله بن عامر بن كريز ، فأجبره معاوية على طلاقها لرغبة يزيد فيها فإنها لما أبصرت الرأس مصلوبا على باب دارها ، والأنوار النبوية تتصاعد منه إلى عنان السماء ، وشاهدت الدم يتقاطر طريا ويشم منه رائحة طيبة ، عظم مصابه في قلبها فلم تتمالك أن دخلت على يزيد في مجلسه مهتوكة الحجاب وهي تصيح : رأس ابن بنت رسول الله مصلوب على دارنا. فقام إليها وغطاها وقال لها : أعولي على الحسين فإنه صريخة بني هاشم ، عجّل عليه ابن زياد قصد بذلك تعمية الامر وإبعاد السبة عنه وذلك بإلقاء التبعة على عامله

٢٩٦

إنها لكلمات حرة صادقة جاءت على لسان رجل غربي مدقق مطّلع. ومن المؤسف أن نرى أمثال هذا الفيلسوف من الغربيين أشد إنصافا ودفاعا عن الحق ، حتى من علماء العرب أنفسهم (وإن تتولّوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) صدق الله العظيم.

٢٩٧ ـ مختصر ما حصل للحسينعليه‌السلام حتّى مقتله :

(تاريخ الخلفاء للسيوطي ، ص ٢٠٧)

يقول السيوطي : فأما ابن الزبير فلم يبايع ، ولا دعا إلى نفسه.

وأما الحسينعليه‌السلام فكان أهل الكوفة يكتبون إليه يدعونه إلى الخروج إليهم زمن معاوية ، وهو يأبى. فلما بويع يزيد أقام على ما هو مهموما ، يجمع الإقامة مرة ، ويريد المسير إليهم أخرى. فأشار عليه ابن الزبير بالخروج.

وكان ابن عباس يقول له : لا تفعل.

وقال له ابن عمر : «لا تخرج ، فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خيّره الله بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة. وإنك بضعة منه ، ولا تنالها (أي الدنيا).

(وفي رواية تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني ، ج ٢ ص ٣٥٧) : «لا ينالها أحد منكم ، وما صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير ، فأبى».

واعتنقه [ابن عمر] وبكى ، وقال : أستودعك الله من قتيل!. فكان ابن عمر يقول :غلبنا حسين بالخروج ، ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة.

وكلّمه في ذلك أيضا جابر بن عبد الله الأنصاري وأبو سعيد الخدري وأبو واقد الليثي وغيرهم ، فلم يطع أحدا منهم.

وصمم على المسير إلى العراق. فقال له ابن عباس : والله إني لأظنك ستقتل بين نسائك وبناتك كما قتل عثمان ، فلم يقبل منه. فبكى ابن عباس وقال : أقررت عين ابن الزبير.

وبعث أهل العراق إلى الحسينعليه‌السلام الرسل والكتب يدعونه إليهم ، فخرج من مكة إلى العراق في عشر ذي الحجة ، ومعه طائفة من آل بيته ، رجالا ونساء وصبيانا.

فكتب يزيد إلى واليه بالعراق عبيد الله بن زياد بقتاله ، فوجّه إليه جيشا من أربعة آلاف ، عليهم عمر بن سعد بن أبي وقاص ، فخذله أهل الكوفة ، كما هو شأنهم مع

٢٩٧

أبيه من قبله. فلما رهقه السلاح عرض عليهم الاستسلام والرجوع ، والمضي إلى يزيد فيضع يده في يده [هذه الدعوى مغلوطة من وضع الإعلام الأموي] فأبوا إلا قتله!. فقتل وجيء برأسه في طست ، حتّى وضع بين يدي ابن زياد ؛ لعن الله قاتله ، وابن زياد معه ويزيد أيضا.

ويتابع السيوطي حديثه فيقول : وكان قتله بكربلاء. وفي قتله قصة فيها طول ، لا يحتمل القلب ذكرها ، فإنا لله وإنا إليه راجعون. وقتل معه ستة عشر رجلا من أهل بيته

ولما قتل الحسينعليه‌السلام وبنو أمية ، بعث ابن زياد برؤوسهم إلى يزيد ، فسرّ بقتلهم أولا ، ثم ندم لمّا مقته المسلمون على ذلك ، وأبغضه الناس ، وحقّ لهم أن يبغضوه. اه

٨ ـ ثمرات النهضة الحسينية

٢٩٨ ـ نهضة الحسينعليه‌السلام تحقق أهدافها القريبة والبعيدة ، ثمرات نهضة الحسينعليه‌السلام :

(الأئمة الاثنا عشر لعادل الأديب ، ص ١٣٦)

لقد استطاعت ثورة الحسينعليه‌السلام أن تحقق من قيامها الثمرات التالية :

١ ـ وضع الحدّ الفاصل أمام الجماهير ، بين الإسلام الصحيح والحكم الأموي الخادع ، وتحطيم الإطار الديني المزيّف الّذي كان الأمويون يحيطون به سلطانهم ، وبيان مدى بعده عن الدين.

٢ ـ الشعور بالإثم : ولّد استشهاد الحسينعليه‌السلام المفجع في كربلاء في ضمير كل مسلم استطاع أن ينصره فلم ينصره ، بعد أن عاهده على الثورة ولّد فيهم الشعور بالإثم ، ولزوم التكفير عن ذلك التقصير.

ولقد قدّر لهذا الشعور بالإثم أن يظل دائم الأوار ، حافزا دائما إلى الثورة والانتقام ، من رؤوس الفتنة والانحراف ، وقدّر له أن يدفع الناس إلى الثورات على الأمويين والظالمين كلما سنحت الفرصة.

٣ ـ تنمية الروح النضالية في الإنسان المسلم ، وتحطيم كل الحواجز النفسية والاجتماعية التي حالت دون الثورة.

٢٩٨

ولكي نخرج بفكرة واضحة عن مدى تأثير ثورة الحسينعليه‌السلام في بعث روح الثورة والنضال في المجتمع الإسلامي ، يحسن بنا أن نلاحظ أن هذا المجتمع خلال عشرين عاما من مقتل الإمام عليعليه‌السلام وحتى ثورة الحسينعليه‌السلام أخلد إلى السكون ولم يقم بأي ثورة أو احتجاج جدّي جماعي على ألوان الاضطهاد والظلم والقتل وسرقة أموال الأمة ، التي كان يقوم بها الأمويون وأعوانهم ، بل خلد إلى الخنوع والنوم والتسليم.

أما بعد ثورة الحسينعليه‌السلام واستشهاده ، فقد اندلعت الثورات على يد الجماهير وتوثّبت الروح النضالية فيهم ، وبدؤوا يبحثون عن زعيم يقودهم لنزع قيد الخنوع والاستسلام ، وإرجاع الحياة والحركة للإسلام. ونلاحظ هذه الروح الثورية في كل الثورات التي حملت شعار الثأر لدم الحسينعليه‌السلام والتي هي في واقعها تثأر لكرامة الإسلام والمسلمين.

٢٩٩ ـ ثورات على خطّ الحسينعليه‌السلام :(المصدر السابق ، ص ١٣٩)

ونجمل هنا ذكر بعض هذه الثورات :

١ ـ ثورة التوابين : التي اندلعت في الكوفة بقيادة الصحابي سليمان بن صرد الخزاعي ، وكانت ردّ فعل مباشر لمقتل الحسينعليه‌السلام ، وانطلقت من مبدأ الشعور بالإثم والتقصير في نصرة الحسينعليه‌السلام . وكانت سنة ٦٥ ه‍.

٢ ـ ثورة أهل المدينة : وكانت تهدف إلى تقويض سلطان الأمويين الظالم اللاإسلامي ، وقد بدأت هذه الثورة بطرد حاكم يزيد من المدينة ، ومعه كل الأمويين وعددهم ألف شخص. فكان من نتيجة ذلك أن بعث يزيد بالمجرم السفّاك مسلم بن عقبة المرّي ، الّذي اشتهر باسم (مسرف) من شدة ما أسرف في قتل أهل المدينة من أبناء الصحابة والتابعين. وقد سبى المدينة ثلاثة أيام ، حتّى أن جيشه افتضّ ألف فتاة عذراء من بنات الصحابة الأجلاء.

٣ ـ ثورة المختار الثقفي : الّذي خرج من العراق طالبا الأخذ بالثأر من قتلة الحسينعليه‌السلام ، وذلك سنة ٦٦ ه‍. فتتبّع المختار قتلة الحسينعليه‌السلام وآله ، وقتلهم ومثّل بهم. فقتل منهم في يوم واحد مائتين وثمانين رجلا ، حتّى قتل منهم الآلاف.ولم ينج منه أحد ، حتّى عبيد الله بن زياد وعمر بن سعد وشمر بن ذي الجوشن وأضرابهم.

٢٩٩

٤ ـ ثورة ابن الأشعث : وفي سنة ٨١ ه‍ ثار عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث على الحجاج في العراق ، وخلع عبد الملك بن مروان. وقد استمرت ثورته إلى سنة ٨٣ ه‍ ، وأحرزت انتصارات عسكرية ، ثم قضى عليها الحجاج بمساعدة جيوش شامية.

٥ ـ ثورة الشهيد زيد بن علي : وفي سنة ١٢٢ ه‍ ثار في الكوفة على طغيان الأمويين زيد بن علي ، وهو ابن الإمام زين العابدينعليه‌السلام . ولكن سرعان ما أخمدت ثورته ، وقتل وصلبرحمه‌الله .

وكان من نتيجة هذه الثورات تقويض ملك بني أمية خلال تسعين سنة ، وقد كان يتوقع له أن يستمر مئات السنين.

فلسفة الابتلاء

٣٠٠ ـ الدنيا دار ابتلاء :

(الأنوار النعمانية للسيد نعمة الله الجزائري ، ج ٢ ص ٢٣٦)

يقول السيد نعمة الله الجزائري : اعلم أيّدك الله أن البلاء إنما كتب على المؤمن ، وأن الدنيا ليست بدار ثواب ولا بدار عقاب ، لم يرض سبحانه بأن يجعل ثواب المؤمن فيها ولا عقاب الكافر فيها ، وذلك لقلة أيامها ونقصان الأعمار فيها ، ومن ثم بعث الدواهي والمصائب فيها إلى أحبابه وأقاربه.

ولا مصيبة مثل مصيبة مولانا الحسينعليه‌السلام ، فإنها هدّت أركان الدين وصدّعت قواعد الشرع المبين ، وأبكت الأجفان وأقرحت القلوب. ولعمري إنها المصيبة التي يتسلى بها المؤمن عن كل مصاب ، والداهية المنسية له مفارقة الخلان والأحباب.

٣٠١ ـ المؤمن أشدّ ابتلاء :

(المنتخب للطريحي ، ص ١٦٨)

روي أن رجلا جاء إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوقف بين يديه ، فقال : يا رسول الله إني أحب اللهعزوجل ، فقال : استعدّ للبلاء!. فقال : يا رسول الله وإني أحبك ، فقال له : استعدّ للفقر!. فقال : وإني أحبّ علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فقال : استعدّ لكثرة الأعداء!.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586