وسائل الشيعة الجزء ٢٠

وسائل الشيعة13%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 586

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 586 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 417890 / تحميل: 6593
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ٢٠

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

عبد الحميد، عن الوليد بن صبيح، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، مثله(١) .

[ ٢٤٩٢١ ] ٩ - عليّ بن الحسين المرتضى في رسالة( المحكم والمتشابه) نقلاً من( تفسير النعمانيّ) بإسناده الآتي (١) عن عليّ( عليه‌السلام ) قال: إنّ جماعة من الصحابة كانوا حرّموا على أنفسهم النساء والإِفطار بالنهار والنوم بالليل، فأخبرت أمّ سلمة رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فخرج إلى أصحابه فقال: أترغبون عن النساء؟! إنّي آتي النساء، وآكل بالنهار، وأنام بالليل، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي، وأنزل الله: ( لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّـهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّـهُ حَلَالاً طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ ) (٢) فقالوا: يا رسول الله، إنّا قد حلفنا على ذلك؟ فأنزل الله:( لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّـهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ - إلى قوله -ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ ) (٣) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٤) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٥) .

٣ - باب استحباب حبّ النساء المحلّلات، وإخبارهنّ به، واختيارهنّ على سائر اللذات

[ ٢٤٩٢٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى العطار، عن عبد الله بن

____________________

(١) ثواب الاعمال: ٦٢.

٩ - المحكم والمتشابه: ٩١ - باختصار -.

(٢) ياتي في الفائدة الثانية من الخاتمة برقم (٥٢).

(٣) المائدة ٥: ٨٧ - ٨٨.

(٤) المائدة ٥: ٨٩.

(٥) تقدم في الحديث ٨ من الباب ١ من هذه الأبواب.

(٦) ياتي في البابين ١٠ و ٤٨ من هذه الأبواب.

الباب ٣

فيه ١٢ حديثاً

١ - الكافي ٥: ٣٢٠ / ٢.

٢١

محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: ما أظنّ رجلاً يزداد في الإِيمان خيراً إلّا ازداد حبّاً للنساء.

ورواه الصدوق بإسناده عن أبان، مثله(١) .

[ ٢٤٩٢٣ ] ٢ - وعن عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: من أخلاق الانبياء حبّ النساء.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(٢) .

[ ٢٤٩٢٤ ] ٣ - وعنه،(٣) عن صالح بن السنديّ، عن جعفر بن بشير، عن أبان، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: ما أظنّ رجلاً يزداد في هذا الأمر خيراً إلّا ازداد حبّاً للنساء.

[ ٢٤٩٢٥ ] ٤ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) :( ما اصيب) (٤) من دنياكم إلّا النساء والطيّب.

[ ٢٤٩٢٦ ] ٥ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بكّار بن كردم وغير واحد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى الله عليه

____________________

(١) الفقيه ٣: ٢٤٢ / ١١٥١.

٢ - الكافي ٥: ٣٢٠ / ١.

(٢) التهذيب ٧: ٤٠٣ / ١٦١٠.

٣ - الكافي ٥: ٣٢١ / ٥.

(٣) في المصدر زيادة: عن ابيه.

٤ - الكافي ٥: ٣٢١ / ٦، واورده في الحديث ٧ من الباب ٨٩ من أبواب آداب الحمّام.

(٤) في المصدر: ما احب، وهكذا في متن المصححة الثانية، وكتب في هامشه ( اُصيب ظ ص ).

٥ - الكافي ٥: ٣٢١ / ٧.

٢٢

وآله ): جعل قرّة عيني في الصلاة، ولذّتي في النساء.

[ ٢٤٩٢٧ ] ٦ - وعن محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن عليّ بن حسان، عن بعض أصحابنا قال: سألنا أبو عبد الله( عليه‌السلام ) أيّ شيء ألذّ؟ قال: فقلنا: غير شيء، فقال: هو: ألذّ الاشياء مباضعة النساء.

[ ٢٤٩٢٨ ] ٧ - وعن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن حمّاد بن عثمان، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : جعل قرّة عيني في الصلاة، ولذّتي في الدنيا النساء، وريحانتي الحسن والحسين.

[ ٢٤٩٢٩ ] ٨ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن الحسن بن أبي قتادة، عن رجل، عن جميل بن دراج، قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : ما تلذّذ الناس في الدنيا والآخرة بلذة أكثر لهم من لذة النساء، وهو قول الله عزّ وجلّ:( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حبّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ ) إلى آخر الآية(١) ثمّ قال: وإنّ أهل الجنّة ما يتلذّذون بشيء من الجنّة أشهى عندهم من النكاح لا طعام ولا شراب.

[ ٢٤٩٣٠ ] ٩ - وعنهم، عن أحمد، عن عثمان بن عيسى، عن عمرو بن جميع، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : قول الرجل للمرأة: إنّي أحبّك، لا يذهب من قلبها أبداً.

[ ٢٤٩٣١ ] ١٠ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن أبى مالك الحضرمي،

____________________

٦ - الكافي ٥: ٣٢١ / ٨.

٧ - الكافي ٥: ٣٢١ / ٩.

٨ - الكافي ٥: ٣٢١ / ١٠.

(١) آل عمران ٣: ١٤.

٩ - الكافي ٥: ٥٦٨ / ٥٩.

١٠ - الفقيه ٣: ٢٤٢ / ١١٥٠.

٢٣

عن أبي العباس قال: سمعت الصادق( عليه‌السلام ) يقول: العبد كلّما ازداد للنساء حبّاً ازداد في الإِيمان فضلاً.

[ ٢٤٩٣٢ ] ١١ - وبإسناده عن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عمّن سمع أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: أكثر الخير في النساء.

[ ٢٤٩٣٣ ] ١٢ - محمّد بن إدريس في آخر( السرّاًئر ): نقلا من كتاب رواية ابن قولويه عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: كلّ من اشتدّ لنا حبّاً اشتدّ للنساء حبّاً وللحلواء.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٤ - باب كراهة الإِفراط في حبّ النساء وتحريم حبّ النساء المحرمات

[ ٢٤٩٣٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن سليمان بن جعفر الجعفري، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : ما رأيت من ضعيفات الدين وناقصات العقول أسلب لذى لبّ منكنّ.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٣) .

____________________

١١ - الفقيه ٣: ٢٤٣ / ١١٥٢.

١٢ - مستطرفات السرّاًئر ١٤٣ / ٨.

(١) تقدم في الاحاديث ٨ و ١١ و ١٢ من الباب ٨٩ من أبواب آداب الحمام وفي الحديث ١ من الباب ١ من هذه الأبواب.

(٢) ياتي في الحديث ٢ من الباب ٤ من هذه الأبواب.

الباب ٤

فيه ٦ احاديث

١ - الكافي ٥: ٣٢٢ / ١.

(٣) التهذيب ٧: ٤٠٤ / ١٦١٢.

٢٤

ورواه الصدوق مرسلاً(١) .

[ ٢٤٩٣٥ ] ٢ - وعنهم،( عن أحمد، عن الحجّال) (٢) ، عن غالب بن عثمان، عن عقبة بن خالد قال: أتيت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) فخرج إليّ ثمّ قال: يا عقبة، شغلنا عنك هؤلاء النساء.

[ ٢٤٩٣٦ ] ٣ - محمّد بن عليّ بن الحسين قال: مر رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) على نسوة فوقف عليهن ثمّ قال: يا معشر النساء، ما رأيت نواقص عقول ودين أذهب بعقول ذوي الالباب منكنّ، إنّي قد رأيت انكن أكثر أهل النار( عذابا) (٣) فتقربن إلى الله ما استطعتن، فقالت امرأة منهن: يا رسول الله، ما نقصان ديننا وعقولنا؟ فقال أما نقصان دينكن فالحيض ألذّى يصيبكنّ، فتمكث إحداكن ما شاء الله لا تصلي ولا تصوم، وأما نقصان عقولكن فشهادتكنّ، إنّما شهادة المرأة نصف شهادة الرجل.

[ ٢٤٩٣٧ ] ٤ - وبإسناده عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: أغلب الاعداء للمؤمن زوجة السوء.

[ ٢٤٩٣٨ ] ٥ - وفي( الخصال ): عن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن السعد آباديّ، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن أبيه، عن محمّد بن سنان،( عن زياد بن مروان) (٤) ، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة قال: قال

____________________

(١) الفقيه ٣: ٢٤٧ / ١١٧١.

٢ - الكافي ٥: ٣٢٢ / ٢.

(٢) في المصدر: عن احمد بن الحجال.

٣ - الفقيه ٣: ٢٤٧ / ١١٧٥.

(٣) في المصدر: يوم القيامة.

٤ - الفقيه ٣: ٢٤٧ / ١١٧٠.

٥ - الخصال ١: ١١٣ / ٩١.

(٤) في المصدر: عن زياد بن منذر.

٢٥

أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : الفتن ثلاثة: حبّ النساء وهو سيف الشيطان، وشرب الخمر وهو فخ الشيطان، وحبّ الدينار والدرهم وهو سهم الشيطان، فمن أحبّ النساء لم ينتفع بعيشه، ومن أحبّ الاشربة حرمت عليه الجنة، ومن أحبّ الدينار والدرهم فهو عبد الدنيا، وقال: قال عيسى(١) :( الدنيا) (٢) داء الدين، والعالم طبيب الدين، فإذا رأيتم الطبيب يجر الداء إلى نفسه فاتهموه، واعلموا أنّه غير ناصح لغيره.

[ ٢٤٩٣٩ ] ٦ - وعن أبيه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن على بن معبد، عن عبد الله بن القاسم، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال(٣) : أوّل ما عُصي الله تعالى بست خصال: حبّ الدنيا، وحبّ الرياسة، وحبّ النوم، وحبّ النساء، وحبّ الطعام، وحبّ الراحة.

ورواه البرقي في( المحاسن) عن نوح بن شعيب، عن الدهقان، عن عبد الله بن سنان (٤) .

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٥) .

____________________

(١) في المصدر زيادة: بن مريم (عليه‌السلام )

(٢) في المصدر: الدينار.

٦ - الخصال ١: ٣٣٠ / ٢٧، واورده عن الكافي في الحديث ٣ من الباب ٤٩ من أبواب جهاد النفس.

(٣) في المصدر زيادة: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ )

(٤) المحاسن: ٢٩٥ / ٤٥٩.

(٥) ياتي في الحديث ٦ من الباب ٧ من هذه الأبواب، وتقدم ما يدلّ على ذلك في الحديث ٢١ من الباب ٤ من أبواب جهاد النفس وفي الحديث ٢٢ من الباب ٣٨ من أبواب الامر والنهي وما يناسبهما.

٢٦

٥ - باب استحباب اختيار الجارية التي لها عقل وأدب، أوله فيها هوى

[ ٢٤٩٤٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن محمّد بن الصباح، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن عبد الله بن مصعب الزبيري - في حديث - قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) يقول وقد تذاكرنا أمر النساء: أمّا الحرائر فلا تذاكروهنّ، ولكن خير الجواري ما كان لك فيها هوى وكان لها عقل وأدب فلست تحتاج إلى أن تأمر ولا تنهى، ودون ذلك ما كان لك فيها هوى وليس لها أدب فأنت تحتاج إلى الأمر والنهي، ودونها ما كان لك فيها هوى وليس لها عقل ولا أدب فتصبر عليها لمكان هواك فيها، وجارية ليس لك فيها هوى وليس لها عقل ولا أدب فتجعل فيما بينك وبينها البحر الاخضر.

أقول: ويأتي ما يدلّ على بعض المقصود(١) .

٦ - باب جملة ممّا يستحبّ اختياره من صفات النساء

[ ٢٤٩٤١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحاب، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمّد جميعاً، عن ابن محبوب، عن إبراهيم الكرخي قال: قلت لابي عبد الله( عليه‌السلام ) : إن صاحبتي هلكت وكانت لي موافقة، وقد هممت أن أتزوّج؟ فقال لي: انظر أين تضع نفسك، ومن تشركه في مالك، وتطلعه على

____________________

الباب ٥

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٥: ٣٢٢ / ٢.

(١) يأتي في الباب ٦ من هذه الأبواب.

الباب ٦

فيه ١٦ حديثاً

١ - الكافي ٥: ٣٢٣ / ٣.

٢٧

دينك وسرّك، فإن كنت لا بدّ فاعلاً فبكراً تنسب إلى الخير وإلى حسن الخلق، واعلم أنّهنّ كما قال:

إلّا إنّ النساء خلقن شتّى

فمنهنّ الغنيمة والغرام

ومنهن الهلال إذا تجلّى

لصاحبه ومنهنّ الظلام

فمن يظفر بصالحهنّ يسعد

ومن يغبن فليس له انتقام

وهنّ ثلاث: فامرأة(١) ولود ودود تعين زوجها على دهره لدنياه وآخرته ولا تعين الدهر عليه، وامرأة عقيم لا ذات جمال ولا خلق ولا تعين زوجها على خير، وامرأة صخّابة ولّا جة همّازة(٢) ، يستقلّ الكثير ولا تقبل اليسير.

ورواه الصدوق بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن داود الكرخي(٣) .

ورواه في( معاني الأخبار ): عن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن عبد الله بن جعفر الحميريّ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب(٤) .

ورواه الشيخ بإسناده عن عليّ بن الحسن بن فضّال، عن عمرو بن عثمان، عن الحسن بن محبوب، مثله(٥) .

[ ٢٤٩٤٢ ] ٢ - وعنهم، عن سهل، وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن الحسن بن

____________________

(١) في نسخة التهذيب زيادة: بكر « هامش المخطوط ».

(٢) الهمز مثل اللمز « الصحاح ٣ / ٩٠٢ » « هامش المخطوط »

اللمز: العيب، ولمزه: عابه واصله الاشارة بالعين، « الصحاح ٣ / ٨٩٥ » - هامش المخطوط -.

(٣) الفقيه ٣: ٢٤٤ / ١١٥٨.

(٤) معاني الاخبار: ٣١٧ / ١.

(٥) التهذيب ٧: ٤٠١ / ١٦٠١.

٢ - الكافي ٥: ٣٢٤ / ١، وأورد ذيله في الحديثين ١ و ٢ من الباب ٧ من هذه الأبواب.

٢٨

محبوب(١) ، عن عليّ بن رئاب، عن أبي حمزة، عن جابر بن عبد الله قال: سمعته يقول: كنّا عند النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فقال: إن خير نسائكم الولود الودود العفيفة العزيزة في أهلها ألذّليلة مع بعلها، المتبرّجة(٢) مع زوجها الحصان(٣) على غيره، التي تسمع قوله وتطيع أمره، وإذا خلابها بذلت له ما يريد منها، ولم تبذل(٤) كتبذل الرجل.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسن بن محبوب(٥) .

ورواه الصدوق بإسناده عن عليّ بن رئاب، نحوه(٦) .

[ ٢٤٩٤٣ ] ٣ - وعنهم، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن حمّاد بن عثمان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: خير نسائكم التي إذا خلت مع زوجها خلعت له درع الحياء، وإذا لبست لبست معه درع الحياء.

[ ٢٤٩٤٤ ] ٤ - وعنهم، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن إسماعيل بن مهران، عن سليمان الجعفريّ، عن أبي الحسن الرضا( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : خير نسائكم الخمس، قيل: وما الخمس؟ قال: الهيّنة اللينة المؤاتية، التي إذا غضب زوجها لم تكتحل بغمض حتّى يرضى، وإذا غاب عنها زوجها حفظته في غيبته، فتلك عامل من عمّال الله، وعامل الله لا يخيب.

____________________

(١) سند عال يروي فيه ابن محبوب عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) بثلاث وسائط مع انه متصل لان أبا حمزة وجابراً من المعمرين ويأتي مثله في الباب ألذّي يليه « منه قدّه ».

(٢) التبّرج: اظهار الزينة « هامش المخطوط ».

(٣) الحصان: العفيفة « هامش المخطوط ».

(٤) التبذل: ترك التصاون « هامش المخطوط ».

(٥) التهذيب ٧: ٤٠٠ / ١٥٩٧.

(٦) الفقيه ٣: ٢٤٦ / ١١٦٧.

٣ - الكافي ٥: ٣٢٤ / ٢.

٤ - الكافي ٥: ٣٢٤ / ٥.

٢٩

[ ٢٤٩٤٥ ] ٥ - ورواه الطوسيّ في( الأمالي ): عن أبيه، عن الحفّار، عن إسماعيل ابن عليّ الدعبليّ، عن عليّ بن عليّ اخي دعبل، عن الرضا، عن آبائه( عليهم‌السلام ) مثله، وزاد: والنساء جامع مجمع، وربيع مربع، وكرب مقمع، وغلّ قمل، يجعله الله في عنق من يشاء وينزعه منه إذا شاء.

[ ٢٤٩٤٦ ] ٦ - وعنهم عن البرقيّ، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن بعض رجاله قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : خير نسائكم الطيّبة الريح، الطيّبة الطبيخ، التي إذا أنفقت أنفقت بمعروف، وإن أمسكت أمسكت بمعروف، فتلك عالم من عمّال الله، وعامل الله لا يخيب ولا يندم.

وعن حميد بن زياد، عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن الحسن بن عليّ بن يوسف بن بقاح، عن معاذ الجوهري، عن عمرو بن جميع، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) وذكر نحوه(١)

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن الحسن بن عليّ بن يوسف(٢) .

ورواه الصدوق مرسلاً نحوه(٣) .

[ ٢٤٩٤٧ ] ٧ - وعن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن أبان بن عثمان، عن يحيى بن أبي العلاء والفضل بن عبد الملك، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : خير نسائكم العفيفة الغلمة.

____________________

٥ - امالي الطوسي ١: ٣٧٩.

٦ - الكافي ٥: ٣٢٥ / ٦.

(١) الكافي ٥: ٣٢٥ / ٧.

(٢) التهذيب ٧: ٤٠٢ / ١٦٠٥.

(٣) الفقيه ٣: ٢٤٦ / ١١٦٥.

٧ - الكافي ٥: ٣٢٤ / ٣.

٣٠

[ ٢٤٩٤٨ ] ٨ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكوني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : أفضل نساء أُمّتي أصبحهنّ وجهاً، وأقلّهنّ مهراً.

ورواه الصدوق بإسناده عن إسماعيل بن مسلم السكوني، مثله(١) .

[ ٢٤٩٤٩ ] ٩ - وبهذا الإِسناد قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أو قال أمير المؤمنين: النساء أربع: جامع مجمع، وربيع مربع، وكرب مقمع، وغلّ قمل.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٢) ، وكذا الذّي قبله.

[ ٢٤٩٥٠ ] ١٠ - ثمّ قال: وفي حديث آخر: وخرقاء مقمع بدل وكرب.

[ ٢٤٩٥١ ] ١١ - وعن محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن سليمان بن سماعة الحذاء، عن عمّه عاصم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : النساء أربع: جامع مجمع، وربيع مربع، وخرقاء مقمع، وغلّ قمل.

[ ٢٤٩٥٢ ] ١٢ - محمّد بن الحسن بإسناده عن عليّ بن الحسن بن فضّال، عن الحسن بن عليّ بن يوسف ومحمّد بن عليّ جميعاً، عن سعدان بن مسلم، عن بهلول، عن رجل، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: خير النساء التي إذا

____________________

٨ - الكافي ٥: ٣٢٤ / ٤، والتهذيب ٧: ٤٠٤ / ١٦١٥ واورده في الحديث ٣ من الباب ٥٢ من هذه الأبواب وعن الفقيه في الحديث ٩ من الباب ٥ عن أبواب المهور.

(١) الفقيه ٣: ٢٤٣ / ١١٥٦.

٩ - الكافي ٥: ٣٢٢ / ١.

(٢) التهذيب ٧: ٤٠٤ / ١٦١٣.

١٠ - التهذيب ٧: ٤٠٤ / ١٦١٤.

١١ - الكافي ٥: ٣٢٤ / ٤.

١٢ - التهذيب ٧: ٣٩٩ / ١٥٩٥.

٣١

دخلت مع زوجها فخلعت الدرع خلعت معه الحياء، وإذا لبست الدرع لبست معه الحياء.

[ ٢٤٩٥٣ ] ١٣ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن مسعدّة بن زياد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه( عليهما‌السلام ) قال: النساء أربعة أصناف: فمنهنّ ربيع مربع، ومنهن جامع مجمع، ومنهن كرب مقمع، ومنهن غلّ قمل.

قال ابن بابويه: قال أحمد بن أبي عبدالله البرقيّ: جامع مجمع أي كثيرة الخير مخصبة، وربيع مربع التي في حجرها ولد وفي بطنها آخر، وكرب مقمع أي سيّئة الخلق مع زوجها، وغلّ قمل هي عند زوجها كالغل القمل، وهو غلّ من جلد يقع فيه القمل فيأكله فلا يتهيّأ له أن يحذر منها شيئاً، وهو مثل للعرب.

[ ٢٤٩٥٤ ] ١٤ - قال: وجاء رجل إلى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فقال: ان لي زوجة إذا دخلت تلقتني، وإذا خرجت شيعتني، وإذا رأتني مهموما قالت لي: ما يهمّك، إن كنت تهتم لرزقك فقد تكفل لك به غيرك، وإن كنت تهتمّ بأمر آخرتك فزادك الله هما، فقال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إن لله عمّالاً، وهذه من عمّاله، لها نصف أجر الشهيد.

[ ٢٤٩٥٥ ] ١٥ - وفي( معاني الأخبار ): عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن عبدالله بن المغيرة، عن السكونيّ، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال: النساء أربع: جامع مجمع، وربيع مربع، وكرب مقمع، وغلّ قمل.

ثمّ ذكر تفسير أحمد بن أبي عبدالله كما مر(١) .

____________________

١٣ - الفقيه ٣: ٢٤٤ / ١١٥٧.

١٤ - الفقيه ٣: ٢٤٦ / ١١٦٩.

١٥ - معاني الاخبار: ٣١٧.

(١) مرّ في الحديث ١٣ من هذا الباب.

٣٢

وفي( الخصال ): عن جعفر بن عليّ، عن جدّه الحسن بن عليّ، عن جدّه عبدالله بن المغيرة، مثله(١) .

[ ٢٤٩٥٦ ] ١٦ - وفي( معاني الأخبار ): عن أبيه، عن محمّد بن أبي القاسم ماجيلويه، عن محمّد بن عليّ الكوفيّ، عن عثمان بن عيسى، عن عبدالله بن سنان، عن بعض أصحابنا قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: إنما المرأة قلادة فانظر ما تتقلد، وليس للمرأة خطر، لا لصالحتهنّ ولا لطالحتهنّ، فأمّا صالحتهنّ فليس خطرها ألذّهب والفضة، هي خير من ألذّهب والفضة، وأما طالحتهن فليس خطرها التراب، التراب خير منها.

ورواه الكلينيّ كما يأتي(٢) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ عليّ بعض المقصود(٣) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٤) .

٧ - باب جملة ممّا يستحبّ اجتنابه من صفات النساء

[ ٢٤٩٥٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي حمزة، عن جابر بن عبدالله قال: سمعته يقول: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إلّا اخبركم بشرار نسائكم؟ ألذّليلة في أهلها، العزيزة مع بعلها، العقيم الحقود،

____________________

(١) الخصال ١: ٢٤١ / ٩٢.

١٦ - معاني الاخبار: ١٤٤.

(٢) يأتي في الحديث ١ من الباب ١٣ من هذه الأبواب.

(٣) تقدم في الباب ٥ من هذه الأبواب.

(٤) يأتي في الأبواب ٨ و ٩ و ١٣ و ١٦ و ١٧ و ١٨ و ١٩ و ٢٠ و ٢١ و ٥٣ من هذه الأبواب.

الباب ٧

فيه ٨ احاديث

١ - الكافي ٥: ٣٢٥ / ١، وأورد صدره في الحديث ٢ من الباب ٦ من هذه الأبواب.

٣٣

التي لا تتورّع من قبيح، المتبرّجة إذا غاب عنها بعلها، الحصان معه إذا حضر، لا تسمع قوله، ولا تطيع أمره، وإذا خلا بها بعلها تمنّعت منه كما تمنّع الصعبة عند(١) ركوبها، ولا تقبل منه عذراً ولا تغفر له ذنباً.

ورواه الصدوق مرسلاً(٢) .

[ ٢٤٩٥٨ ] ٢ - ورواه الشيخ بإسناده عن الحسن بن محبوب، نحوه، وزاد: إلّا أُخبركم بخيار رجالكم؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: إن من خير رجالكم التقيّ النقيّ، السمح الكفّين، السليم الطرفين، البر بوالديه، ولا يلجئ عياله إلى غيره، ثمّ قال: إلّا اخبركم بشر رجالكم؟ فقلنا: بلى، فقال: إنّ من شرّ رجالكم البهّات البخيل الفاحش، الآكل وحده، المانع رفده، الضارب أهله وعبده، الملجئ عياله إلى غيره، العاقّ بوالديه.

[ ٢٤٩٥٩ ] ٣ - وعنهم، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن بعض أصحابه، عن ملحان، عن عبدالله بن سنان قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : شرار نسائكم المقفرة(٣) الدنسة اللجوجة العاصية، ألذّليلة في قومها، العزيزة في نفسها، الحصان على زوجها، الهلوك على غيره.

[ ٢٤٩٦٠ ] ٤ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كان من دعاء رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : أعوذ بك من امرأة تشيّبني قبل مشيبي.

____________________

(١) كتب في المصححة على كلمة ( عند ) علامة الفقيه.

(٢) الفقيه ٣: ٢٤٧ / ١١٧٦.

٢ - التهذيب ٧: ٤٠٠ / ١٥٩٧، وأورد صدره في الحديث ٢ من الباب ٦ من هذه الأبواب وفي الحديث ٢ من الباب ٦ وذيله في الحديث ٥ من الباب ٤٩ من أبواب جهاد النفس.

٣ - الكافي ٥: ٣٢٦ / ٢.

(٣) في المصدر المعقرة.

٤ - الكافي ٥: ٣٢٦ / ٣.

٣٤

[ ٢٤٩٦١ ] ٥ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن الاصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) قال: سمعته يقول: يظهر في آخر الزمان واقتراب الساعة، وهو شرّ الأزمنة، نسوة كاشفات عاديات(١) متبرّجات، من الدين خارجات، في الفتن داخلات، مائلات إلى الشهوات، مسرعات إلى اللذات، مستحلّات المحرّمات، في جهنم خالدات.

[ ٢٤٩٦٢ ] ٦ - قال: وقال( عليه‌السلام ) : لولا النساء لعبدالله حقّاً حقّاً.

[ ٢٤٩٦٣ ] ٧ - وفي( معاني الأخبار ): عن أحمد بن محمّد بن السناني(٢) ، عن محمّد بن أبي عبدالله الكوفيّ، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن بشرّ(٣) ، عن يحيى بن المثنى، عن محمّد بن أبي طلحة، عن الصادق، عن آبائه( عليهم‌السلام ) ، عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال للناس: إيّاكم وخضراء الدمن، قيل: يا رسول الله، وما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في منبت السوء.

ورواه المفيد في( المقنعة) مرسلاً (٤) .

[ ٢٤٩٦٤ ] ٨ - وعن محمّد بن عمر(٥) بن عليّ البصري، عن عليّ بن الحسن بن بندار، عن محمّد بن يوسف الطوسي، عن أبيه، عن عليّ بن

____________________

٥ - الفقيه ٣: ٢٤٧ / ١١٧٤.

(١) في المصدر: عاريات، وكتب الرضوي في هامش المصححة: ( عاريات. محتمل أيضاً ).

٦ - الفقيه ٣: ٢٤٧ / ١١٧٣.

٧ - معاني الاخبار: ٣١٦ / ١، واورده عن كتب أخرى في الحديث ٤ من الباب ١٣ من هذه الأبواب.

(٢) في المصدر: محمّد بن احمد الشيباني.

(٣) في المصدر: احمد بن بشير البرقي.

(٤) المقنعة: ٧٨.

٨ - معاني الاخبار: ٣١٨.

(٥) في المصدر: عمرو.

٣٥

حشرم(١) ، عن الفضل بن موسى، عن أبي حنيفة النعمان بن ثابت، عن حمّاد بن أبي سليمان، عن إبراهيم النخعي، عن عبدالله بن عتيبة(٢) ، عن زيد بن ثابت قال: قال لي رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : يا زيد، تزوّجت؟ قلت: لا، قال: تزوّج تستعف مع عفتك، ولا تزوّجنّ خمساً، قال زيد: ومن هن؟ قال: لا تزوجن شهبرة ولا لهبرة ولا نهبرة ولا هيدرة ولا لفوتاً، قال زيد: ما عرفت مما قلت شيئاً( قال) (٣) : ألستم عربا؟! أما الشهبرة فالزرقاء البذية، وأمّا اللهبرة فالطويلة المهزولة، وأمّا النهبرة فالقصيرة الدميمة، وأمّا الهيدرة فالعجوز المدبرة، وأمّا اللفوت فذات الولد من غيرك.

ورواه في( الخصال) مثله (٤) .

أقول: وتقدم ما يدلّ على بعض المقصود(٥) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٦) .

٨ - باب استحباب اختيار نساء قريش للتزويج

[ ٢٤٩٦٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : خير نساء ركبن الرجال نساء قريش، أحناهن على ولد وخيرهنّ لزوج.

____________________

(١) في المصدر: خشرم.

(٢) في المصدر: نجية وفي نسخة: يحينة، وفي الخصال: بحينة.

(٣) في المصدر: واني بآخرهن لجاهل، فقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ )

(٤) الخصال: ٣١٦ / ٩٨.

(٥) تقدم في البابين ٥ و ٦ من هذه الأبواب وفي الحديث ٢ من الباب ٦٩ من أبواب ما يكتسب به.

(٦) ياتي في الأبواب ٨، ٩، ١٣، ١٥ - ٢١، ٥٣ من هذه الأبواب.

الباب ٨

فيه ٥ احاديث

١ - الكافي ٥: ٣٢٦ / ١.

٣٦

[ ٢٤٩٦٦ ] ٢ - وعن أبي عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي بصير، عن أحدهما( عليهما‌السلام ) قال: خطب النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أمّ هاني بنت أبي طالب، فقالت: يا رسول الله، إني مصابة، في حجري أيتام، ولا يصلح لك إلّا امرأة فارغة، فقال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : ما ركب الإِبل مثل نساء قريش، أحنى على ولد، ولا أرعى على زوج في ذات يديه.

[ ٢٤٩٦٧ ] ٣ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن غير واحد، عن زياد القنديّ، عن أبى وكيع، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث الاعور قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : خير نسائكم نساء قريش، ألطفهنّ بأزواجهنّ، وأرحمهنّ بأولادهنّ، المجون لزوجها، الحصان على غيره، قلنا: وما المجون؟ قال: التي لا تمنع.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(١) .

[ ٢٤٩٦٨ ] ٤ - محمّد بن عليّ بن الحسين في( عيون الأخبار ): عن محمّد بن عمر الجعابي عن الحسن بن عبدالله بن محمّد الرازيّ، عن أبيه(٢) ، عن عليّ بن موسى الرضا، عن آبائه( عليهم‌السلام ) ، عن النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال: خير نساء ركبن الرجال(٣) نساء قريش، أحناهنّ على زوج.

____________________

٢ - الكافي ٥: ٣٢٦ / ٣.

٣ - الكافي ٥: ٣٢٦ / ٢.

(١) التهذيب ٧: ٤٠٤ / ١٦١٦.

٤ - عيون اخبار الرضا ٢: ٦٢ / ٢٥٣.

(٢) ليس في المصدر

(٣) في المصدر: الابل.

٣٧

[ ٢٤٩٦٩ ] ٥ - الحسن بن محمّد الطوسيّ في( الأمالي ): عن أبيه، عن المفيد، عن ابن الصلت، عن ابن عقدة، عن عليّ بن محمّد العلويّ، عن جعفر بن محمّد بن عيسى، عن عبيد الله بن علي، عن الرضا، عن آبائه( عليهم‌السلام ) عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال: كلّ نسب وصهر منقطع يوم القيامة إلّا سببي ونسبي.

٩ - باب استحباب اختيار الزوجة الصالحة المطيعة الحافظة لنفسها ومال زوجها

[ ٢٤٩٧٠ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن الحلبيّ، عن أبى عبدالله( عليه‌السلام ) قال: ثلاثة أشياء لا يحاسب عليهنّ المؤمن: طعام يأكله، وثوب يلبسه، وزوجة صالحة تعاونه ويحصن بها فرجه.

[ ٢٤٩٧١ ] ٢ - وبإسناده، عن عليّ بن الحسن بن فضّال، عن عليّ بن أسباط، عن عمّه يعقوب الاحمر، عن محمّد بن مسلم، عن أبى جعفر( عليه‌السلام ) قال: أتى رجل رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) يستأمره في النكاح، فقال: نعم، انكح وعليك بذوات الدين تربت يداك، وقال: انما مثل المرأة الصالحة مثل الغراب الأعصم ألذّي لا يكاد يقدر عليه، قال: وما الغراب الاعصم؟ قال: الأبيض إحدى رجليه.

ورواه الكلينى عن أحمد بن محمّد العاصمي، عن عليّ بن الحسن، نحوه، وترك صدره إلى قوله: تربت يداك(١) .

____________________

٥ - امالي الطوسي ١: ٣٥٠.

الباب ٩

فيه ١٣ حديثاً

١ - التهذيب ٧: ٤٠١ / ١٥٩٩، واورده في الحديث ٧ من الباب ١ من أبواب الملابس.

٢ - التهذيب ٧: ٤٠١ / ١٦٠٠، واورده في الحديث ٢ من الباب ١٤ من هذه الأبواب.

(١) الكافي ٥: ٥١٥ / ٤.

٣٨

[ ٢٤٩٧٢ ] ٣ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن جميل بن درّاج، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: خير نسائكم التي ان غضبت أو اغضبت قالت لزوجها: يدي في يدك، لا أكتحل بغمض حتّى ترضى عنّي.

قال: وكان النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) يقول في دعائه: اللهم إني أعوذ بك من ولد يكون عليّ ربا، ومن مال يكون عليّ ضياعاً، ومن زوجة تشيبني قبل أوان مشيبي، ومن خليل ماكر، الحديث(١) .

[ ٢٤٩٧٣ ] ٤ - ورام بن أبي فراس في كتابه قال: قال( عليه‌السلام ) : ما اُعطي أحد شيئاً خيراً من امرأة صالحة، إذا رآها سرّته، وإذا أقسم عليها أبرّته، وإذا غاب عنها حفظته(٢) .

[ ٢٤٩٧٤ ] ٥ - قال: وقال( عليه‌السلام ) : ان الله يحبّ عبده الفقير المتعفف ذا العيال.

[ ٢٤٩٧٥ ] ٦ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا( عليه‌السلام ) قال: ما أفاد عبد فائدة خيراً من زوجة صالحة إذا رآها سرّته وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله.

[ ٢٤٩٧٦ ] ٧ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر( عليه‌السلام )

____________________

٣ - الفقيه ٣: ٢٤٦ / ١١٦٦.

(١) الفقيه ٣: ٣٦٤ / ١٧٣٠.

٤ - تنبيه الخواطر: ٣.

(٢) في المصدر زيادة: في نفسها وماله.

٥ - تنبيه الخواطر: ٧.

٦ - الكافي ٥: ٣٢٧ / ٣.

٧ - الكافي ٥: ٣٢٧ / ٥.

٣٩

قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إنّ من القسم المصلح للمرء المسلم أن تكون له امرأة إذا نظر إليها سرته، وإن غاب عنها حفظته، وإن(١) أمرها أطاعته.

[ ٢٤٩٧٧ ] ٨ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن بريد بن معاوية العجليّ، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : قال الله عزّ وجلّ: إذا أردت أن أجمع للمسلم خير الدنيا وخير الاخرة جعلت له قلباً خاشعاً، ولساناً ذاكراً، وجسداً على البلاء صابراً، وزوجة مؤمنة تسرّه إذا نظر إليها، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله.

[ ٢٤٩٧٨ ] ٩ - وعنهم، عن أحمد، عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن الفضيل، عن سعد أبي عمر الجلّاب(٢) ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) (٣) قال لامرأة سعد: هنيئاً لك يا خنساء، فلو لم يعطك الله شيئاً إلّا ابنتك أُمّ الحسين لقد أعطاك خيراً كثيراً، إنّما مثل المرأة الصالحة في النساء كمثل الغراب الأعصم في الغربان، - وهو الابيض إحدى الرجلين -.

[ ٢٤٩٧٩ ] ١٠ - وعنهم، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن عبدالله بن ميمون القدّاح، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) عن آبائه( عليهم‌السلام ) قال: قال النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : ما استفاد امرؤ

____________________

(١) كتب في المصححة الاولى: ( واذا، محتمل أيضاً ).

٨ - الكافي ٥: ٣٢٧ / ٢.

٩ - الكافي ٥: ٥١٥ / ٢.

(٢) في المصدر: سعد بن ابي عمر [ و ] الجلاب.

(٣) في نسخة زيادة: انه « هامش المخطوط ».

١٠ - الكافي ٥: ٣٢٧ / ١.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

فقام اسيد بن حضير ـ وهو ابن عم سعد بن معاذ ـ وقال : كذبت والله لنقتلنّه وأنفك راغم. فانك منافق تجادل عن المنافقين ، والله لو نعلم ما يهوى رسول الله من ذلك في رهطي الأدنين ما رام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مكانه حتى آتيك برأسه ، ولكني لا أدري ما يهوى رسول الله.

ثم تغالظوا ، وقام آل الخزرج من جانب ، وآل الأوس من جانب آخر ، وكادوا أن يشتبكوا ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على المنبر ، فأشار رسول الله إلى الحيّين جميعا أن اسكتوا ، ونزل عن المنبر فهدّأهم وخفضهم حتى انصرفوا ...

هذا القسم من القصة المذكورة في رواية البخاري غير صحيح ، ولا يتلاءم مع التاريخ الثابت الصحيح لأن « سعد بن معاذ » كان قد مات بعد إصدار حكمه في بني قريظة متأثرا بجرح أصابه في معركة « الاحزاب » ، وقد وقعت حادثة « الإفك » بعد واقعة بني قريظة ، وقد صرّح البخاري نفسه بهذا في صحيحه ( ج ٥ ص ١١٣ ) في باب « معركة الاحزاب وبني قريظة » ، فكيف يمكن والحال هذه أن يحضر مجلس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويجادل سعد بن عبادة في قصة الإفك التي وقعت بعد واقعة بني قريظة بعدة شهور؟!(١)

لقد ذهب المؤرخون الى أن معركة الخندق ثم واقعة بني قريظة وقعتا في شهر شوال من السنة الخامسة للهجرة ، فتكون النتيجة ان قضية بني قريظة انتهت في التاسع عشر من شهر ذي الحجة ، وقد توفي سعد بن معاذ في أعقاب هذه الحادثة مباشرة لمّا انفجر به جرحه(٢) في حين وقعت غزوة بني المصطلق في شهر شوال

__________________

القبيلتين منافسة قديمة ، وكان « عبد الله بن أبي » خزرجيا ، فاعتبر « سعد بن عبادة » كلام « سعد بن معاذ » تعريضا بالخزرج وحطا من شأنهم.

(١) نفس المصدر السابق ، والجدير بالذكر أن ابن هشام لم يذكر في سيرته « سعد بن معاذ » ، ولكنه روى جدال اسيد مع سعد بن عبادة راجع السيرة النبوية : ج ٢ ص ٣٠٠ ، وهكذا فعل ابن الاثير في الكامل في التاريخ : ج ٢ ص ١٣٤ ، ولكن المغازي ذكر القصة كاملة ، واتى باسم سعد بن معاذ راجع : ج ٢ ص ٤٣١.

(٢) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٢٥٠.

٣٢١

من السنة السادسة(١) .

أجل إنّ ما هو مهمّ في المقام هو أن نعرف أنّ حزب النفاق حاول أن يزلزل النفوس ، ويبلبلها ببهت امرأة صالحة ذات مكانة في المجتمع الاسلامي يومذاك.

وقد فسر قوله : « الّذي تولى كبره » أي الذي تحمل القسط الاكبر من هذه العملية الخبيثة بعبد الله بن ابي ، فهو الذي قاد هذه العملية الرخيصة والخطرة كما صرحت بذلك عائشة نفسها أيضا.

الرواية الاخرى في سبب النزول :

وتقول هذه الرواية أن الآيات الحاضرة نزلت في « مارية القبطيّة » زوجة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووالدة إبراهيم.

فان هذه الرواية تقول : لما مات إبراهيم بن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حزن عليه حزنا شديدا ، فقالت عائشة : ما الذي يحزنك عليه؟ ما هو إلاّ ابن جريح ، فبعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّا صلوات الله عليه وأمره بقتله ، فذهب علي صلوات الله عليه ومعه السيف ، وكان جريح القبطي في حائط ( أي بستان ) ، فضرب « علي » باب البستان ، فأقبل جريح له ليفتح الباب ، فلما رأى عليّا صلوات الله عليه ، عرف في وجهه الغضب ، فأدبر راجعا ولم يفتح باب البستان ، فوثب عليعليه‌السلام على الحائط ونزل إلى البستان ، وأتبعه ، وولّى جريح مدبرا ، فلما خشي أن يرهقه ( أي يدركه ) صعد في نخلة وصعد « علي » في أثره ، فلما دنا منه رمى بنفسه من فوق النخلة ، فبدت عورته ، فاذا ليس له ما للرجال ولا له ما للنساء ، فانصرف عليّعليه‌السلام إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٢٩٧ ، ولعلّه فطن ابن هشام لهذه الناحية فترك ذكر سعد بن معاذ ، بينما غفل عنها البخاري في صحيحه ، راجع شروح البخاري منها : فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر : ج ٨ ص ٤٧١ و ٤٧٢ للوقوف على اضطراب الشرّاح في معالجة هذا التناقض.

٣٢٢

فقال له : يا رسول الله إذا بعثتني في الأمر أكون كالمسمار المحمى في الوبر أم أتثبّت؟

قال : لا بل تثبت.

قال : والذي بعثك بالحق ما له ما للرجال وما له ما للنساء.

فقال : الحمد لله الذي صرف عنا السوء أهل البيت.

وهذه الرواية التي نقلها « المحدث البحراني » في « تفسير البرهان » ج ٢ ص ١٢٦ ـ ١٢٧ و « الحويزي » في تفسير « نور الثقلين » ج ٣ ص ٥٨١ ـ ٥٨٢ ضعيفة وغير مستقيمة من حيث المفاد ، وهو ضعف ظاهر لا يحتاج الى البيان ولذلك.

ومن هنا لا يمكن القبول بها في شأن نزول هذه الآيات.

فالمهم هو وقوع أصل هذه الحادثة ، كان من كان المتّهم في هذه الحادثة.

٣٢٣

٤٢

رحلة سياسيّة دينيّة

كانت السنة الهجرية السادسة بكل حوادثها المرة والحلوة تقترب من نهايتها عند ما رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنام أنه دخل البيت ( الكعبة ) وحلق رأسه ، وأخذ مفتاح البيت ، وعرّف مع المعرفين ، فقصّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذه الرؤيا على أصحابه وتفاءل به خيرا(١) .

ولم يلبث أن أمر أصحابه بالتهيّؤ للعمرة ، ودعا القبائل المجاورة التي كانت لا تزال على شركها وكفرها الى مرافقة المسلمين في هذه السفرة ، ولهذا شاع في جميع أنحاء الجزيرة العربية أن المسلمين سيتجهون في شهر ذي القعدة صوب مكة يريدون العمرة.

ولقد كانت هذه السفرة الروحانية تنطوي ـ مضافا إلى العطاء الروحاني والمعنوي ـ على مصالح اجتماعية وأهداف سياسية ، فقد عززت مكانة المسلمين في شبه الجزيرة العربية ، وتسببت في انتشار دين التوحيد في أوساط المجتمع العربي آنذاك ، وذلك :

أولا : لأنّ القبائل العربية المشركة كانت تتصوّر أن النبي الاكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخالف كل عقائد العرب ، وتقاليدهم الشعبية ، والدينية حتى فريضة الحج ، والعمرة التي كانت تعد من ذكريات الاسلاف ومواريثهم.

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٩ ص ١٢٦.

٣٢٤

من هنا كانوا يخافون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويتوجسون خيفة من دينه ، وعقيدته ، ولكن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استطاع في هذه المناسبة ـ باشتراكه ، واشتراك أصحابه في مراسيم العمرة أن يخفف هذا الخوف لدى القبائل المشركة إلى حدّ كبير ، وأن يوضح بعمله أنّ رسول الإسلام لا يعارض زيارة بيت الله الحرام ، والفريضة المذكورة التي تعد من طقوسهم الدينية ، وتقاليدهم المذهبية ، بل يعتبرها فريضة مقدسة ، فهو مثل والد العرب الاكبر « إسماعيل بن إبراهيم الخليل »عليهما‌السلام يعمل على المحافظة على هذه التقاليد الدينية ، وبهذا استطاع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يستقطب قلوب من كان يتوهم أن رسالة « محمّد » ودعوته ، ودينه يعارض جميع شئونهم وتقاليدهم وأعرافهم الدينية ، والشعبية ، ويخالفها مخالفة مطلقة ، ويقلّل من خوفهم ، واستيحاشهم.

ثانيا : إذا استطاع المسلمون أن يحرزوا في هذا السبيل نجاحا ، ويؤدوا مناسك العمرة في المسجد الحرام بحرية ، أمام أعين الآلاف من المشركين ، فان عملهم هذا بنفسه سيكون تبليغا ناجحا للإسلام ، لأن أخبار المسلمين ستنتشر بواسطة المشركين الذين قدموا مكة من جميع المناطق لاداء مناسك العمرة ، فسيحملون أنباء ما رأوه وشاهدوه من أفعال المسلمين الرشيدة ، وأخلاقهم الفاضلة ، إلى أوطانهم لدى عودتهم من مكة إلى بلادهم ، وبهذا ينتشر نداء الإسلام في تلكم المناطق التي لم يستطع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان يبعث إليها الدعاة والمبلغين حتى ذلك الحين ، ويترك هذا الأمر أثره المطلوب.

ثالثا : إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذكّر الناس في المدينة بحرمة الأشهر الحرم وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وأمر المسلمين بأن لا يحملوا معهم من الاسلحة شيئا إلاّ السيف الذي يحمله كل مسافر معه.

ولقد جلب هذا الامر عواطف كثير من الغرباء عن الإسلام نحو هذا الدين ، وغيّر من نظرتهم السلبية تجاه دعوة الإسلام ، لأنهم شاهدوا بام أعينهم أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحرّم القتال في هذه الاشهر ، ويدافع بنفسه عن

٣٢٥

هذه السنّة الدينية القديمة ويدعو إلى رعايتها خلافا لكل الدعايات التي كانت تبثها قريش عن أن الاسلام لا يحترم هذه الأشهر ، ويجيز الاقتتال وسفك الدماء فيها.

لقد فكر القائد الاسلاميّ مع نفسه بانه لو أصاب المسلمون في هذا السبيل أيّ نجاح ، فانهم يكونون قد حققوا أملا قديما من آمالهم التي طالما تشوقوا إلى تحقيقها.

كما أنه سوف يستطيع المهاجرون الذي طال بعدهم عن وطنهم ، وأهليهم ، أن يزوروا ذويهم وأقربائهم. هذا إذا سمحت قريش لهم بدخول مكة.

وأمّا إذا منعتهم قريش عن الدّخول في الحرم فان مكانة قريش ستتعرض ـ حينئذ ـ لخطر السقوط في العالم العربي ، وسيلومهم العرب على ذلك ، لأن جميع ممثلي القبائل العربية المحايدة سترى كيف عاملت قريش جماعة مسالمة أرادت دخول مكة لأداء مراسيم العمرة ، وزيارة الكعبة المعظمة ، ولا تحمل معها أيّ سلاح إلاّ ما يحمله المسافر في سفره عادة ، في حين يرتبط المسجد الحرام بالعرب كافة ، وانما تقوم قريش بمجرّد سدانته ، وادارة شئونه.

وهنا تتجلى حقانية المسلمين بشكل واضح ، ويتضح عدوان قريش وينكشف للجميع بطلان مواقفها ، فلا تستطيع قريش بعد ذلك أن تواصل تأليبها للقبائل العربية ضدّ الإسلام ، وعقد تحالفات عسكرية واتحاد نظاميّ مع قواها المحاربة المسلمين لانها قد منعت الزوّار المسلمين أمام أعين الآلاف من الحجيج والزائرين من حقهم المشروع.

لقد لا حظ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كلّ هذه الجوانب وغيرها فامر المسلمين بالتوجّه نحو مكة ، وأحرم الف واربعمائه(١) أو الف وستمائة(٢) أو الف وثمانمائة(٣) في « ذي الحليفة » وقلّد سبعين بدنة ( بعيرا ) وبهذا أعلن عن هدفه من تلك الرحلة.

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٣٠٩.

(٢) مجمع البيان : ج ٢ ص ٢٨٨.

(٣) روضة الكافي : ص ٣٢٢.

٣٢٦

ولقد أرسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عينا له ليخبره عن قريش إذا وجدهم في أثناء الطريق.

ولما كان رسول الله بعسفان ( وهي منطقة بين الجحفة ومكة ) أتاه رجل خزاعيّ كان يتقصى الاخبار لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال : يا رسول الله هذه قريش قد سمعت بمسيرك ، فعاهدوا الله أن لا تدخلها أبدا وهذا « خالد بن الوليد » في خيلهم ( وكانوا مائتين ) قد قدّموها الى كراع الغميم. ( وهي موضع بين مكة والمدينة أمام عسفان بثمانية أميال ).

فلما سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعزم قريش على منعه ومنع اصحابه من العمرة قال :

« يا ويح قريش ، لقد أكلتهم الحرب ما ذا عليهم لو خلّوا بيني وبين سائر العرب ، فان هم أصابوني كان الذي أرادوا ، وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في الإسلام وافرين ، وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة ، فما تظنّ قريش ، فو الله لا أزال اجاهد على الذي بعثني الله به حتى يظهره الله به ، أو تنفرد هذه السالفة(١) ( أي أقتل أو أموت ).

ثم طلب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من يدلّه على طريق آخر غير الطريق الذي هم بها لكي يتجنب مواجهة طليعة قريش بقيادة « خالد بن الوليد ».

فتعهّد رجل من بني أسلم بذلك فسلك برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه طريقا وعرا كثيرة الحجارة بين شعاب حتى انتهوا إلى منطقة سهلة تدعى بالحديبية ، فبركت هناك ناقة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ما هذا لها عادة ، ولكن حبسها حابس الفيل بمكة »(٢) .

ثم أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الناس أن ينزلوا في ذلك المكان فنزلوا.

__________________

(١) السالفة : صفحة العنق ، وكنى بهذه الجملة عن الموت لأنّها لا تنفرد عمّا يليها الاّ بالموت.

(٢) بحار الانوار : ج ٢٠ ص ٣٢٩ وغيره. وقد أشار بهذا الكلام إلى واقعة الفيل.

٣٢٧

ولما علمت طليعة قريش بمسير رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لحقت به ، حتى اقتربت منه وحاصرت موكبه ورجاله فكان على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اذا أراد أن يواصل سيره باتجاه مكة ان يخترق صفوف رجال قريش ، فيسفك دماءهم ، ويعبر على أجسادهم ، وحينئذ كان الجميع يرى أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يهدف العمرة والزيارة بل يريد الحرب والقتال ، فكان مثل هذا العمل يسيء إلى سمعة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويضر بهدفه السلميّ.

ثم إن قتل هؤلاء النفر من طليعة قريش لا يزيل جميع الموانع من طريقه ، لأن قريشا كانت تبعث بإمدادات مستمرة ، ولم يكن لينته إلى هذا الحدّ.

هذا مضافا إلى أن المسلمين ما كانوا يحملون معهم حينذاك ـ إلاّ ما يحمله المسافر العاديّ من السلاح ، ومع هذه الحال لم يكن القتال أمرا صحيحا ، وحكيما بل كان يجب ان تحلّ المشكلة عن طريق التفاوض.

ولهذا عند ما نزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في تلك المنطقة قال :

« لا تدعوني قريش اليوم إلى خطّة يسألونني فيها صلة الرحم إلاّ أعطيتهم إياها »(١) .

ولقد بلغ كلام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذا مسامع الناس ، وكان من الطبيعي أن يسمع به العدو أيضا ، ولهذا بعثوا برجال من شخصيّاتهم إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليتعرفوا على هدفه الاصلي من هذا السفر.

مندوبو قريش عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

بعثت قريش بعدة مندوبين إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليتعرفوا على مقصده وهدفه في هذا السفر.

وكان أول أولئك المبعوثين هو : « بديل بن ورقاء الخزاعي » الذي أتى

__________________

(١) تاريخ الطبري : ج ٢ ص ٢٧٠ ـ ٢٧٢.

٣٢٨

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في رجال من خزاعة فكلّموه نيابة عن قريش وسألوه : ما الذي جاء به؟ فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« إنّا لم نجيء لقتال أحد ، ولكنّا جئنا معتمرين ».

فرجعوا إلى قريش وأخبروهم بأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يات لقتال وإنما جاء معتمرا زائرا لبيت الله ، ولكن قريشا لم يصدقوهم وقالوا : وإن كان جاء ولا يريد قتالا فو الله لا يدخلها علينا عنوة أبدا ، ولا تحدّث بذلك عنّا العرب.

ثم بعثوا « مكرز بن حفص » فسمع من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما سمعه سابقه ، فعاد وصدّق ما أخبر بديل قريشا به ، ولكن قريشا لم تصدق مكرزا أيضا كما لم تصدّق سابقه.

فبعثت في المرة الثالثة الحليس بن علقمة(١) وكبير رماة العرب ، لحسم الموقف ، فلما رآه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مقبلا قال :

« إن هذا من قوم يتألّهون ( أي يعظمون أمر الله ) فابعثوا الهدي في وجهه حتى يراه ».

فلما رأى الحليس ، الهدي يسيل عليه من عرض الوادي في قلائده ، وقد أكل أوباره من طول الحبس عن محلّه ، رجع إلى قريش ، ولم يصل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إعظاما لما رأى ، فقال لهم : يا معشر قريش والله ما على هذا حالفناكم ، ولا على هذا الّذي عاقدناكم ، أيصدّ عن بيت الله من جاء معظما له وقد ساق الهدي معكوفا إلى محلّه؟! ، والذي نفس الحليس بيده لتخلّنّ بين محمّد وما جاء له ، أو لأنفّرنّ بالأحابيش نفرة رجل واحد ، وهكذا امتنع الحليس من مواجهة رسول الله بالقوة واستخدام العنف معه لصده ، وقد لاحظ بأم عينيه ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمسلمين لا يريدون إلاّ العمرة والزيارة لا القتال

__________________

(١) لقد جاء الحليس إلى النبي بعد عروة الثقفي حسب رواية الطبري في تاريخه : ج ٢ ص ٢٧٦.

٣٢٩

والحرب ، بل عاد يهدد قريشا اذا هي أرادت صدّه عن ذلك.

فشق هذا الكلام وهذا التهديد على قريش وخافوا من مخالفته ، فقالوا : مه ، كفّ عنا يا حليس حتّى نأخذ لأنفسنا ما نرضى به.

ثمّ بعثوا أخيرا « عروة بن مسعود الثقفي » وكان رجلا لبيبا تطمئن قريش إلى درايته وحكمته وخيره وكان لا يحبّ أن يمثّل قريشا في هذه المفاوضات لما رآه من معاملتهم مع الممثلين السابقين ، ولكن قريشا تعهدت له بان تقبل بما تقول ، وأعلنت له عن ثقتها الكاملة به ، وبما سيخبر به ، وبأنه غير متّهم عندهم.

فخرج من عندهم حتى أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجلس بين يديه ثم قال : يا محمّد جمعت أو شاب الناس ( أي أخلاطهم ) ثم جئت بهم إلى أهلك وقبيلتك ، إنها قريش قد خرجت معها العوذ المطافيل ، قد لبسوا جلود النمور ، يعاهدون الله لا تدخلها عليهم عنوة أبدا ، وأيم الله لكأنّي بهؤلاء قد انكشفوا عنك غدا ، ( أو قال : أن يفرّوا عنك ويدعوك ).

وعند ما بلغ ابن مسعود في كلامه إلى هذا قال له أبو بكر وكان جالسا خلف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنحن ننكشف عنه ، وندعه؟

لقد كان « عروة » كأيّ دبلوماسيّ ماكر ، يحاول إضعاف معنويات أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكلامه ، وروغانه.

وأخيرا انتهت المباحثات دون جدوى. وهنا جعل « عروة » يتناول لحية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ازدراء بهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والمغيرة بن شعبة ـ وكان واقفا على رأس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ يقرع يده إذا تناول لحية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويقول اكفف يدك عن وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل أن لا تصل إليك.

فسأل عروة : يا محمّد من هذا؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة ( ويبدو أن جميع من كان حول النبي آنذاك أو بعضهم كانوا مقنعين رعاية للظروف الأمنية ).

٣٣٠

فغضب عروة وقال : « أي غدر ، وهل غسلت سوءتك إلاّ بالأمس » وكان المغيرة قد قتل قبل إسلامه ثلاثة عشر رجلا من بني مالك من ثقيف فودى عروة المقتولين وأصلح الأمر.

فقطع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الكلام على عروة وقال له مثل ما قال لبديل ورفيقيه ، وأنه لم يات يريد حربا ، بل جاء يريد العمرة ، ولاجل أن يرى عروة مكانته بين أصحابه وأتباعه ، قامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتوضأ أمامه ، فرأى عروة بام عينيه كيف أنه لا يتوضّأ إلاّ وتسابق أصحابه على التقاط القطرات المتناثرة من وضوئه ، فرجع إلى قريش وقال لهم : يا معشر قريش إنّي قد جئت كسرى في ملكه ، وقيصر في ملكه ، والنجاشيّ في ملكه ، وإنّي والله ما رأيت ملكا في قوم قطّ مثل محمّد في أصحابه ، ولقد رأيت قوما لا يسلمونه لشيء قط فروا رأيكم(١) .

رسول الله يبعث مندوبا الى قريش :

لم تثمر الاتصالات التي جرت بين مبعوثي قريش ، وبين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فكان من الطبيعي أن يتصور رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّ مبعوثي قريش لم يستطيعوا نقل هدفه إلى قريش ، وإسماعهم الحقيقة ، وأن اتهامهم لهم بالجبن والكذب منعهم من قبول ما قد أخبروا به ، ولهذا قرّر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يبعث هو مندوبا عنه إلى رءوس الشرك ليوضّح لهم هدف رسول الاسلام من هذا السفر ، وأنه ليس إلاّ زيارة بيت الله وأداء مناسك العمرة لا غير.

فاختار رجلا لبيبا حازما من بني خزاعة يدعى « خراش بن اميّة » فبعثه إلى قريش بمكّة وحمله على بعير يقال له « الثعلب ». ليبلّغ أشرافهم عنه ما جاء له من

__________________

(١) المغازي : ج ٢ ص ٥٩٨ ، امتاع الاسماع : ج ١ ص ٢٨٧.

٣٣١

الزيارة والعمرة ، فدخل مكة ، وبلّغ سادة قريش رسالة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولكن قريشا ـ خلافا لكل الأعراف الدولية والاجتماعية قديما وحديثا. والقاضية بحصانة السفراء وضرورة احترام كل مما يمت إليهم بصلة من ممتلكاتهم عمدت الى جمل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي امتطاه سفير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى مكة فعقروه عدوانا ، وكادوا أن يقتلوا سفير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نفسه ، ولكن وساطة جماعة من قادة العرب ادت إلى أن تخلّي قريش سبيله حتى أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

إن هذا العمل الدنيء أثبت ـ بوضوح ـ أن قريشا لم تكن تريد السلام بل كانت دائما في صدد اشعال قتيل الحرب.

ولم تلبث قريش أن كلّفت خمسين رجلا من فتيانها بالطواف بعسكر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بغية أخذ شيء من أمواله ، أو أسر بعض أصحابه لو أتيح لهم ذلك ، ارعابا للمسلمين وتخويفا لهم. ولكن هذه الخطة فشلت فشلا ذريعا ، فان هؤلاء لم يصيبوا شيئا بل أسرهم المسلمون جميعا وأتى بهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعفا عنهم ، وخلّى سبيلهم مع أنهم كانوا قد رموا في عسكر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالحجارة والنبل.

وبهذا ثبت رسول الاسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرة اخرى أنه يحب السلام ويسعى إليه ، وانه جاء معتمرا لا معتديا ولا محاربا(١) .

النبي يبعث سفيرا آخر الى قريش :

رغم كل هذه الامور ورغم كلّ التصلّب والتعصّب الذي أبدته القيادة القرشية المشركة ضدّ الاسلام والمسلمين وضد محاولات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم السلميّة لم ييأس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من تحقيق السلام

__________________

(١) تاريخ الطبري : ج ٢ ص ٢٧٨.

٣٣٢

فقد كان يريد ـ واقعا ـ أن يعالج المشكلة من طريق المفاوضات ، ومن طريق تغيير التصورات التي كان يحملها اشراف قريش وسادتها المتعنتين المتصلبين عن رسول الله ودعوته.

ومن هنا كان يجب هذه المرّة أن يختارصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجلا لم تخض يده في دماء قريش ، ولهذا لم يصلح « علي بن أبي طالب » ولا « الزبير » ولا غير هم من فرسان الاسلام وشجعانه الذين جالدوا صناديد قريش في ميادين القتال وأردوا فريقا منهم صرعى ، لمثل هذه السفارة ، وهذه المهمة.

ولهذا تقرر ـ بعد التأمل. انتداب « عمر بن الخطاب » لهذه المهمة ، أي الذهاب الى مكة ، والتحدث الى سادة قريش ، ورؤسائها ، لأنه لم يكن قد أراق من المشركين حتى ذلك اليوم ولا قطرة دم ، ولكن « عمر » اعتذر عن تحمل هذه المسئولية ، والقيام بهذه المهمة المحفوفة بالمخاطر قائلا : يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ إني أخاف قريشا على نفسي ، وليس بمكة من بني عديّ ( وهم عشيرته ) من يمنعني ، ولكني ادلّك على رجل أعزّ بها مني ، « عثمان بن عفان ». ( لكونه أمويا بينه وبين أبي سفيان زعيم قريش قرابة )(١) .

فدعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « عثمان بن عفان » فبعثه إلى « أبي سفيان » وأشراف قريش ، ليخبرهم أنه لم يأت لحرب ، وأنه انما جاء زائرا لهذا البيت ومعظما لحرمته.

فخرج عثمان الى مكة ، فلقيه « أبان بن سعيد بن العاص » حين دخل مكة ، أو قبل أن يدخلها فحمله بين يديه ، ثم أجاره حتى بلّغ رسالة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فانطلق « عثمان » حتى أتى أبا سفيان وأشراف قريش فبلغهم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما أرسله به ، فقالوا لعثمان حين فرغ من رسالة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إليهم : إن شئت أن تطوف بالبيت فطف ،

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٣١٥.

٣٣٣

فامتنع عثمان عن الطواف احتراما لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ثم إن قريشا احتبست عثمان عندها ، ولعلّهم فعلوا ذلك ريثما يتوصلوا إلى حلّ ثم يطلقوه ليبلّغ الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأيهم.

بيعة الرضوان :

إلاّ أن إبطاء مبعوث النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن العودة من مكة أوجد قلقا شديدا في نفوس المسلمين ، خاصّة وأنه شاع أن عثمان قد قتل ، فثارت ثائرة المسلمين ، واستعدّوا للانتقام من قريش وعمد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضا إلى مخاطبتهم قائلا :

« لا نبرح حتى نناجز القوم ».

وذلك تقوية لارادة المسلمين ، وتحريكا لمشاعرهم الطاهرة.

وفي هذه اللحظات الخطيرة ، وفي ما كان الخطر على الابواب ، وبينما لم يكن المسلمون متهيئين للقتال قرر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يجدّد بيعته مع المسلمين.

فجلس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت شجرة ، وأخذ أصحابه يبايعونه على الاستقامة والثبات والوفاء واحدا واحدا ، ويحلفون له أن لا يتخلوا عنه أبدا ، وأن يدافعوا عن حياض الإسلام حتى النفس الأخير ، وقد سمّيت هذه البيعة ببيعة « الرضوان » التي جاء ذكرها في قوله تعالى :

«لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ، فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً »(١) .

فاتضح موقف المسلمين بعد هذه البيعة ، فإمّا أن تسمح لهم قريش بدخول مكة لزيارة بيت الله المعظّم ، وإمّا أن تتصلّب في موقفها الرافض فيكون بينهم

__________________

(١) الفتح : ١٨.

٣٣٤

القتال والحرب(١) .

وبينما كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذه الحال اذ طلع عليهم « عثمان بن عفان » ، وكان ذلك بنفسه طليعة سلام كان يريده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فأخبر عثمان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن الذي يمنع قريشا من السماح لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بدخول مكة هو اليمين التي الزموا بها انفسهم أن لا يدعوه يدخل مكة هذا العام وانهم سيبعثون إليه من يتفاوض معه بهذا الشأن.

سهيل بن عمرو يفاوض رسول الله :

بعثت قريش ـ في المرة الخامسة ـ « سهيل بن عمرو » الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد كلّفته بانهاء المشكلة ضمن شروط خاصّة سنقرؤها في ما يأتي.

فأقبل « سهيل بن عمرو » على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولما رآه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل.

فلما انتهى « سهيل » إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تكلّم في المسألة كما يتكلّم أي دبلوماسيّ بارع ، فقال وهو يحاول إثارة عواطف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأحاسيسه :

يا أبا القاسم إن مكة حرمنا وعزّنا ، وقد تسامعت العرب بك إنك قد غزوتنا ومتى ما تدخل علينا مكة عنوة تطمع فينا فنتخطّف ، وإنا لنذكّرك الحرم ، فان مكة بيضتك التي تفلّقت عن رأسك.

فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « فما تريد »؟

__________________

(١) ولقد كان لهذه البيعة في نفسها أثرا سياسيا مهما في نفس العدو ، يقول الواقدي : فلما رأت عيون قريش سرعة الناس إلى البيعة وتشميرهم إلى الحرب اشتدّ رعبهم وخوفهم وأسرعوا إلى القضية ( ج ٢ ص ٦٠٤ ). وراجع امتاع الاسماع : ج ١ ص ٢٩١ أيضا.

٣٣٥

قال : اريد أن أكتب بيني وبينك هدنة على أن اخلّيها لك في قابل(١) فتدخلها ، ولا تدخلها بخوف ولا فزع ، ولا سلاح إلاّ سلاح الراكب ، السيف في القراب.

فقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعقد مثل هذا الصلح.

وهكذا أدّت مفاوضات « سهيل » مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى عقد صلح شامل وواسع بين قريش وبين المسلمين.

ولقد تشدد « سهيل » في شروط هذا الصلح كثيرا ، حتى كاد أن ينتهي هذا التشدّد إلى قطع المفاوضات أحيانا ، ولكن حيث إن الطرفين كانا يرغبان في الصلح والموادعة ، لهذا كانا يستأنفان التحاور والتفاوض مرة اخرى ، بعد كلّ أزمة تطرأ على المباحثات.

وأخيرا انتهت مفاوضات الجانبين ـ رغم كل ما أبداه مندوب قريش من التصلّب ـ الى عقد وثيقة موادعة وهدنة نظّمت في نسختين ووقع عليها الجانبان.

ويروي كافّة المؤرخين وأرباب السير أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استدعى عليّاعليه‌السلام ، وامره أن يكتب تلك الوثيقة قائلا له : اكتب « بسم الله الرحمن الرحيم » فكتب « عليّ » ذلك فقال سهيل : لا أعرف هذا ، ولكن أكتب : باسمك اللهم!!

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اكتب : باسمك اللهم وامح ما كتبت.

ففعل « علي » ذلك.

ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أكتب « هذا ما صالح عليه رسول الله سهيل بن عمرو ».

فقال سهيل ، لو أجبتك في الكتاب إلى هذا لأقررت لك بالنبوّة فامح هذا الاسم واكتب : محمّد بن عبد الله ( أو قال : لو شهدت انك رسول الله لم اقاتلك.

__________________

(١) أي افرغ لك مكة في العام القادم لتدخلها.

٣٣٦

ولكن أكتب اسمك واسم ابيك ).

ولم يرض بعض من حضر من المسلمين في هذه النقطة بأن يرضخ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمطالب « سهيل » الى هذه الدرجة ، ولكن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي كان يلاحظ مصالح عليا غفل عنها ذلك البعض كما سنذكرها فيما بعد رضي بمطلب « سهيل » ، وقال لعليّعليه‌السلام : امحها يا عليّ.

فقال عليّعليه‌السلام بأدب بالغ : يا رسول الله إن يديّ لا تنطلق لمحو اسمك من النبوة.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فضع يدي عليها ، فمحى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيده كلمة : رسول الله نزولا عند رغبة « سهيل » مفاوض قريش(١) .

ان التسامح الذي أبداه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في تنظيم وثيقة الصلح هذه لا يعرف له نظير في تاريخ العالم كله ، لأنه اظهر بجلاء أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يقع فريسة بيد الاهواء والاغراض الشخصية والعواطف والاحاسيس العابرة ، وكان يعلم أن الحقائق لا تتبدّل ولا تتغيّر بالكتابة والمحو ، من هنا تسامح مع مفاوض قريش « سهيل » الذي تصلّب في مطاليبه غير المشروعة كثيرا ، حفاظا على أصل الصلح. وحرصا على السلام.

التاريخ يعيد نفسه :

ولقد ابتلي عليعليه‌السلام تلميذ النبي الأول بمثل هذه التجربة المرّة بعد

__________________

(١) الارشاد : ص ٦٠ ، اعلام الورى : ١٠٦ ، بحار الأنوار : ج ٢٠ ص ٣٦٨ وقد اخطأ الطبري في هذا المقام اذ قال : في احدى رواياته لهذه الحادثة : قال لعلىعليه‌السلام : امح « رسول الله » ، قال : لا والله لا أمحاك أبدا فأخذه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وليس يحسن يكتب فكتب مكان « رسول الله » : محمّد.

وهكذا نسب الكتابة إلى شخص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونحن نعلم انه أمي لا يحسن الكتابة ، وقد حققنا هذه المسألة في المجلد الثالث من موسوعة مفاهيم القرآن ٣١٩ ـ ٣٧٤.

٣٣٧

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فيوم امتنع عليعليه‌السلام عن محو كلمة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن اسم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

يا عليّ إنّك أبيت أن تمحو اسمي من النبوّة فو الّذي بعثني بالحق نبيّا لتجيبنّ أبناءهم إلى مثلها وأنت مضيض مضطهد »(١)

ولقد بقيت هذه القضية في ذاكرة عليّعليه‌السلام ، حتى إذا كان يوم « صفين » وخدع أصحاب الامام عليّعليه‌السلام بالاسلوب الماكر الذي اتبعه جيش الشّام الذي قاتل عليّاعليه‌السلام بقيادة معاوية بن أبي سفيان ومساعدة عمرو بن العاص ، وأجبروا الامامعليه‌السلام على عقد الصلح مع معاوية فشكّل الجانبان لجنة لتنظيم وثيقة ذلك الصلح ، كلّف « عبيد الله بن رافع » كاتب الامام من جانب الامام عليّعليه‌السلام بأن يكتب وثيقة الصلح ، فكتب :

« هذا ما تقاضى عليه أمير المؤمنين علي » قال عمرو بن العاص ممثل معاوية في تلك المفاوضات : لو علمنا أنك أمير المؤمنين لم ننازعك!!

وهكذا طالب عمرو بن العاص بحذف عبارة أمير المؤمنين.

وطال الكلام والتشاجر في هذا الموضوع ، ولم يكن الامام علي يريد ان يعطي حجة للبسطاء من أصحابه ، ولهذا لم يرضخ لهذا المطلب ، ولكنه بعد إلحاح من أحد قادة جيشه سمح بأن يمحى لقب « أمير المؤمنين » من اسمه ثم قال : « الله اكبر سنة بسنة ».

وهو بذلك يشير إلى حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له يوم الحديبية(٢) .

__________________

(١) الكامل في التاريخ : ج ٢ ص ١٣٨ ، بحار الأنوار : ج ٢٠ ص ٣٥٣.

(٢) الكامل في التاريخ : ج ٣ ص ١٦٢ ، راجع المصدر لتقف على القصة بكاملها ولتقف على ما دار بين الامام وابن العاص.

٣٣٨

نصّ صلح الحديبية :

وأخيرا عقدت اتّفاقية صلح وهدنة بين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقريش تضمنت المواد والشروط التالية :

١ ـ تعهّد المسلمون ، وقريش بترك الحرب عشر سنين يأمن فيهن الناس ، ويكف بعضهم عن بعض.

٢ ـ من أتى محمّدا من قريش بغير إذن وليّه ردّه عليهم ، ومن جاء قريشا ممّن مع محمّد لم يردّوه عليه.

٣ ـ من أحبّ أن يدخل في عقد محمّد وعهده ( أي يتحالف معه ) دخل فيه ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه.

٤ ـ انّ محمّدا يرجع بأصحابه إلى المدينة عامه هذا ولا يدخل مكة ، وانما يدخل مكة في العام القابل في أصحابه فيقيم فيها ثلاثة أيام ، لا يدخل فيها بسلاح إلاّ سلاح المسافر ، السيوف في القرب(١) .

٥ ـ أن لا يستكره أحد على ترك دينه ويعبد المسلمون الله بمكة علانية وبحرية ، وان يكون الاسلام ظاهرا بمكة وان لا يؤذي أحد ولا يعيّر(٢) .

٦ ـ لا إسلال ( سرقة ) ولا إغلال ( خيانة ) بل يحترم الطرفان أموال الطرف الآخر ، فلا يخونه ولا يسرق منه(٣) .

٧ ـ أن لا تعين قريش على محمّد وأصحابه أحدا بنفس ولا سلاح(٤) .

هذا هو نص وثيقة « صلح الحديبية » ، وقد جمعنا بنوده من المصادر المتنوعة

__________________

(١) السيرة الحلبية : ج ٣ ص ٢١.

(٢) بحار الأنوار : ج ٢٠ ص ٣٥٢.

(٣) مجمع البيان : ج ٩ ص ١١٧ أو : « من قدم مكة من أصحاب محمّد حاجّا أو معتمرا أو يبتغي من فضل الله فهو آمن على دمه وماله ، ومن قدم المدينة من قريش مجتازا إلى مصر أو الشام فهو آمن على دمه وماله ».

(٤) بحار الأنوار : ج ٢٠ ص ٣٥٢.

٣٣٩

التي أشرنا الى بعضها في الهامش ، وقد كتبت هذه الوثيقة في نسختين ، ثم وقع عليها جماعة من شخصيات قريش ، والمسلمين وشهدوا عليها واعطيت نسخة الى « سهيل بن عمرو » ممثل قريش ، وتركت نسخة عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

نشيد الحرية :

لقد كان كل عاقل لبيب يحسن تقدير الامور يسمع نشيد الحريّة من ثنايا هذا الصلح التاريخيّ ، ومع أن كل بنود هذه المعاهدة جديرة بالاهتمام والاكبار ، إلاّ أن النقطة التي تستحق الاهتمام والتقدير أكثر من سواها هي المادّة الثانية في هذا الصلح ، وهي المادّة التي أزعجت بعض الصحابة يوم انعقاد تلك المعاهدة.

فقد انزعج صحابة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من هذا التمييز الصارخ ، وقالوا حول قرار القيادة الحكمية المتمثلة في قائد محنّك كرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما كان ينبغي أن لا يقولوه ، في حين تعتبر هذه المادة من أعظم بنود الوثيقة إذ تعكس نظرة رسول الاسلام ، وتفكيره حول كيفيّة تبليغ الاسلام ، وإشاعته ونشره ، فانه يظهر منها ـ وبجلاء ـ مدى احترام رسول الاسلام لمبدإ الحرية.

ولقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في معرض الاجابة على من اعترض من صحابته على البند القاضي بتسليم كل مسلم فرّ من قريش إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمسلمين إلى قريش ، دون العكس قائلا :

« من جاءهم منّا فأبعده الله ومن جاءنا منهم رددناه إليهم فلو علم الله الاسلام من قلبه جعل له مخرجا ».

وأراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن الذي يهرب من جماعة المسلمين ويلجأ إلى المشركين فلا قيمة لإيمانه وإسلامه ، إذ أن ذلك يدل على أنه لم يؤمن بهذه الدين حق الإيمان فلا داعي لأن يعاد إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586