وسائل الشيعة الجزء ٢٠

وسائل الشيعة10%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 586

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 586 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 430779 / تحميل: 6742
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ٢٠

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

١٠ - عقيدتنا في القضاء والقدر

ذهب قوم - وهم المجبرة(١) - الى انه تعالى هو القاعل لافعال المخلوقين ، فيكون قد اجبر الناس على فعل المعاصي ، وهو مع ذلك يعذبهم عليها ، واجبرهم على فعل الطاعات ومع ذلك يثيبهم عليها ؛ لانهم يقلون : ان افعالهم في الحقيقة افعاله ، وانما تنسب اليه الطبيعة بين الاشياء ، وانه تعالى هو السبب الحقيقي لا سبب سواه.

وقد انكروا السببية الطبيعية بين الاشياء ؛ اذ ظنوا ان ذلك هو مقتضى كونه تعالى هو الخالق الذي لا شريك له.

ومن يقول بهذه المقالة فقد نسب الظلم اليه ، تعالى عن ذلك.

وذهب قوم آخرون - وهم المفوضة(٢) - الى انه تعالى فوض الافعال

____________________

(١)ومنهم الاشاعرة الذين ذهبوا الى انكار السببية ، وانحصار السبب في الله تعالى ،وقالوا : ان النار - مثلا - لا تحرق شيئا بل عادة الله جرت على احراق الثوب المماس بها مثلا من دون مدخلية للنار في الاحراق وبذلك فقد ذهبوا الى ان افعال العباد مخلوقة له تعالى من دون دخل للعباد فيها ، أي أن العبد لا أثر له في ايجاد الفعل راجع : بداية المعارف الالهية : ١/١٥٩ وما بعدها.

ولا يخفى على من تتبع كتب الامامية انهم يبطلون الجبر خلافا للاشاعرة ، كما يبطلون التفويض خلافا للمعتزلة ، فقد روي عن الامام ابي الحسن علي بن محمد الهاديعليه‌السلام انه سئل عن افعال العباد فقيل له : هل هي مخلوقة لله تعالى ؟ فقالعليه‌السلام : (لو كان خالقا لها لما تبرأ منها وقد قال سبحانه( إن الله بريء من المشركين ورسوله ) [ التوبة ٩: ٣] ولم يرد البراءة من خلق ذواتهم وانما تبرأ من شركهم وقبائحهم).

لاحظ : تصحيح الاعتقاد من مصنفات الشيخ المفيد : ٥/٤٣ ، بحار الانوار: ٥/٢٠.

(٢) وهم الذين نفوا حقيقة الجبر ، وأكثرهم المعتزلة ممن قالوا أن الفعل مفوض الينا ، ولا مدخلية

=

٤١

إلى المخلوقين، ورفع قدرته وقضاءه وتقديره عنها، باعتبار أنّ نسبة الأفعال إليه تعالى تستلزم نسبة النقص إليه، وأنّ للموجودات أسبابها الخاصة، وإن انتهت كلُّها إلى مسبِّب الأسباب والسبب الأول، وهو الله تعالى.

ومن يقول بهذه المقالة فقد أخرج الله تعالى من سلطانه(١) ، وأشرك

____________________

=

فيه لا رادته وإذنه تعالى، والذي أوجب هذا الزعم الفاسد هو الاحتراز عن نسبة المعاصي والفكر والقبائح إليه تعالى. والتفويض هو القول برفع الحظر عن الخلق في الأفعال والاباحة لهم مع ما شاؤوا من الاعمال وهذا قول الزنادقة وأصحاب الاباحات.

راجع: تصحيح الاعتقاد من مصنفات الشيخ المفيد: ٥/ ٤٧، بداية المعارف الإلهية: ١/ ١٦٦.

(١) ومن المستحسن أن نذكر في هذا الصدد ما رواه الاَصبغ بن نباته في حديث طويل: «إنّ شيخاً قام إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام في منصرفه عن صفين فقال: أخبرنا عن مسيرنا إلى الشام أكان بقضاء الله وقدره؟ فقال: والذي فلق الحبّة، وبرأ النسمة، ما وطأنا موطئاً، ولا هبطنا وادياً إلاّ بقضاء الله وقدره، فقال الشيخ: عند الله تعالى احتسب عنائي؛ ما أرى لي من الأجر شيئاً. فقال لهعليه‌السلام : مه! أيّها الشيخ! لقد عظّم الله أجركم في مسيركم وانتم سائرون. وفي منصرفكم وأنتم منصرفون، ولم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين ولا إليها مضطرين. فقال الشيخ: فكيف والقضاء والقدر ساقانا؟ فقالعليه‌السلام : ويحك لعلك ظننت قضاءاً لازماً وقدراً حتماً؟ لو كان ذلك كذلك لبطل الثواب والعقاب، والوعد والوعيد، والامر والنهي، ولم تأت لائمة من الله لمذنب ولا محمدة لمحسن ولم يكن المحسن أولى بالمدح من المسيء، ولا المسيء أولى بالذم من المحسن. تلك مقالة عبدة الأوثان، وجنود الشيطان، وشهود الزور وأهل العمى عن الصواب. وهم قدرية هذه الامة ومجوسها؛ إنّ الله تعالى أمر تخييراً ونهى تحذيراً، وكلّف يسيراً. لم يعص مغلوباً، ولم يطع مكرهاً، ولم يرسل الرسل عبثاً، ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلاً( ذَلِكَ ظَنُّ الّذينَ كَفروُا فَوَيلٌ للّذينَ كفَرُوا مِنَ النَّارِ ) [سورة ص ٣٨: ٢٧]. فقال الشيخ: وما القضاء والقدر اللذان ما سرنا إلاّ بهما؟ فقالعليه‌السلام : هو الأمر من الله تعالى والحكم، وتلى قوله تعالى:( وَقَضَى ربُّكَ الاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إيّاهُ ) [الاسراء ١٧: ٢٣] فنهض الشيخ مسروراً وهو يقول:

أنت الامام الذي نرجوا بطاعته

يوم النشور من الرحمن رضوانا

=

٤٢

غيره معه في الخلق.

واعتقادنا في ذلك تبع لما جاء عن أئمتنا الأطهارعليهم‌السلام من الأَمر بين الأمرين، والطريق الوسط بين القولين، الذي كان يعجز عن فهمه أمثال أولئك المجادلين من أهل الكلام، ففرَّط منهم قوم وأفرط آخرون، ولم يكتشفه العلم والفلسفة إلاّ بعد عدة قرون(١) .

وليس من الغريب ممَّن لم يطّلع على حكمة الأَئمّةعليهم‌السلام وأقوالهم أن يحسب أنّ هذا القول - وهو الأمر بين الاَمرين - من مكتشفات بعض فلاسفة الغرب المتأخرين، وقد سبقه إليه أئمتنا قبل عشرة قرون.

فقد قال إمامنا الصادقعليه‌السلام لبيان الطريق الوسط كلمته المشهورة: «لا جبر ولا تفويض،ولكن أمر بين أمرين»(٢) .

____________________

=

أوضحت من ديننا ما كان ملتبساً

جزاك ربّك عنّا منه إحساناً

شرح نهج البلاغة: ١٨/٢٢٧.

وأسند ابن عساكر هذا الحديث عن ابن عباس في تاريخ دمشق: ٣/٢٣١، وذكره الشيخ الصدوق في التوحيد: ٣٨٠، تجريد الاعتقاد بتحقيق محمد جواد الحسيني الجلالي: ٢٠٠، عقائد الاسلام من القرآن الكريم: ٤٥٥.

(١) قال الشيخ المفيد في تصحيح الاعتقاد: ٤٧(والواسطة بين هذين القولين - أي الجبر والتفويض - أنّ الله تعالى أقدر الخلق على أفعالهم، ومكّنهم من أعمالهم، وحدّ لهم الحدود في ذلك، ورسم لهم الرسوم، ونهاهم عن القبائح بالزجر والتخويف والوعد والوعيد، فلم يكن بتمكينهم من الأعمال مجبراً لهم عليها، ولم يفوّض إليهم الأعمال لمنعهم من أكثرها، ووضع الحدود لهم فيها، وأمرهم بحسنها، ونهاهم عن قبيحها، فهذا هو الفصل بين الجبر والتفويض) مصنّفات الشيخ المفيد المجلد الخامس.

(٢) الكافي: ١/١٦٠ ح١٣، الاحتجاج: ٢/٤٩٠، التوحيد: ٣٦٢، الاعتقادات للشيخ

=

٤٣

ما أجلَّ هذا المغزى، وما أدقّ معناه، وخلاصته: إنّ أفعالنا من جهة هي أفعالنا حقيقة ونحن اسبابها الطبيعية، وهي تحت قدرتنا واختيارنا، ومن جهة أخرى هي مقدورة لله تعالى، وداخلة في سلطانه؛ لاَنّه هو مفيض الوجود ومعطيه، فلم يجبرنا على افعالنا حتى يكون قد ظلمنا في عقابنا على المعاصي؛ لاَنّ لنا القدرة والاختيار فيما نفعل، ولم يفوِّض إلينا خلق أفعالنا حتى يكون قد أخرجها عن سلطانه، بل له الخلق والحكم والأمر، وهو قادر على كل شيء ومحيط بالعباد(١) .

وعلى كل حال، فعقيدتنا : أنّ القضاء والقدر سر من أسرار الله تعالى، فمن استطاع أن يفهمه على الوجه اللائق بلا إفراط ولا تفريط فذاك، وإلاّ فلا يجب عليه أن يتكلّف فهمه والتدقيق فيه؛ لئلاّ يضل وتفسد عليه عقيدته؛ لاَنّه من دقائق الأمور، بل من أدق مباحث الفلسفة التي لا يدركها إلاّ الأوحدي من الناس، ولذا زلّت به أقدام كثير من المتكلّمين(٢) .

____________________

=

الصدوق: ١٠، تصحيح الاعتقاد من مصنفات الشيخ المفيد: ٥/٤٦.

(١) سأل أبو حنيفة الامام أبا الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام عن أفعال العباد، ممن هي؟ فقال لهعليه‌السلام : «إنّ أفعال العباد لا تخلو من ثلاثة منازل؛ إمّا أن تكون من الله تعالى خاصّة، أو من الله ومن العبد على وجه الاشتراك فيها، أو من العبد خاصّة. فلو كانت من الله تعالى خاصة لكان أولى بالحمد على حسنها والذم على قبحها ولم يتعلق بغيره حمد ولا لوم فيها. ولو كانت من الله ومن العبد لكان الحمد لهما معاً فيها والذم عليهما جميعاً فيها، وإذا بطل هذان الوجهان ثبت انها من الخلق، فان عاقبهم الله تعالى على جنايتهم بها فله ذلك، وإن عفا عنهم فهو أهل التقوى وأهل المغفرة».

تصحيح الاعتقاد من مصنفات الشيخ المفيد: ٥/٤٤.

(٢) لخّص الشيخ المظفر في محاضراته الفلسفية هذه الفكرة الدقيقة بقوله: (كلّ من المجبّرة والمفوّضة نظروا إلى جهة وغفلوا عن الجهة الاخرى، ولكن الانسان يجب أن يكون ذا عينين

=

٤٤

فالتكليف به تكليف بما هو فوق مستوى مقدور الرجل العادي، ويكفي أن يعتقد به الانسان على الاجمال اتّباعاً لقول الأئمة الأطهارعليهم‌السلام من أنّه أمر بين الأمرين؛ ليس فيه جبر ولا تفويض.

وليس هو من الاصول الاعتقادية حتى يجب تحصيل الاعتقاد به على كل حال على نحو التفصيل والتدقيق.

____________________

=

لا ذا عين واحدة، فمن نظر بعين واحدة كان أعور، ينظر إلى إفاضة الوجود من جهة واحده فيتصور أنّ الناس مجبورون، وينظر من الجهة الاخرى وهو أنّ الناس يعملون اعمالهم باختيارهم فيتخيل أنّهم مفوضون، ولكن لو انقطع فيض الله تعالى عني لحظة واحدة لانعدمت وانعدمت أفعالي وأنا أسبح في سلطانه وعظمته.

معنى الجبر: أنّ فاعل ما منه الوجود هو فاعل ما به الوجود، وهو الله تعالى، ومعنى التفويض: أنّ العبد هو فاعل ما به الوجود وما منه الوجود، ولكن القوم لم يلتفتوا إلى هذه النكتة، وهي أنّ العبد فاعل ما به الوجود، والله تعالى فاعل ما منه الوجود، فمن ناحية فاعل ما به الوجود لا جبر، ومن ناحية فاعل ما منه الوجود لا تفويض، فيصحّ في العقل ما جاء في الاثر عن أهل البيتعليهم‌السلام : «لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين»).

الفلسفة الاسلامية: ٨٤.

٤٥

١١ - عقيدتنا في البداء

البداء في الانسان: أن يبدو له رأي في الشيء لم يكن له ذلك الرأي سابقاً، بأن يتبدَّل عزمه في العمل الذي كان يريد أن يصنعه؛ إذ يحدث عنده ما يغيِّر رأيه وعلمه به، فيبدو له تركه بعد أن كان يريد فعله، وذلك عن جهل بالمصالح، وندامة على ما سبق منه.

والبداء بهذا المعنى يستحيل على الله تعالى. لاَنّه من الجهل والنقص، وذلك محال عليه تعالى، ولا تقول به الامامية.

قال الصادقعليه‌السلام : «مَن زعم أنّ الله تعالى بدا له في شيء بداء ندامة فهو عندنا كافر بالله العظيم»(١) .

وقال أيضاً: «من زعم أن الله بدا له في شيء ولم يعلمه أمس فأبرأ منه»(٢) .

غير أنّه وردت عن أئمتنا الأطهارعليهم‌السلام روايات توهم القول بصحة البداء بالمعنى المتقدِّم، كما ورد عن الصادقعليه‌السلام : «ما بدا لله في شيء كما بدا له في اسماعيل ابني»(٣) ولذلك نَسبَ بعض المؤلّفين

____________________

(١) إكمال الدين: ٦٩.

(٢) المصدر السابق: ٧٠.

(٣) التوحيد: ٣٣٦ ح١٠، إكمال الدين: ٦٩، تصحيح الاعتقاد من مصنّفات الشيخ المفيد: ٥/٦٦. وقد أوضح الشيخ المفيد معنى الحديث بقوله: (أراد بهعليه‌السلام ما ظهر من الله تعالى فيه من دفاع القتل عنه، وقد كان مخوفاً عليه من ذلك مظنوناً به، فلطف له في دفعه عنه.

وقد جاء الخبر بذلك عن الصادقعليه‌السلام ، فروي عنه أنّه قال: «كان القتل قد كتب على اسماعيل مرّتين فسألت الله في دفعه عنه فدفعه»، وقد يكون الشيء مكتوباً بشرط فيتغيّر

=

٤٦

في الفرق الاسلامية إلى الطائفة الامامية القول بالبداء طعناً في المذهب وطريق آل البيت، وجعلوا ذلك من جملة التشنيعات على الشيعة.

والصحيح في ذلك أن نقول كما قال الله تعالى في محكم كتابه المجيد:( يَمْحوُا اللهُ ما يَشَآءُ وَيُثبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الكِتَابِ ) (١) .

ومعنى ذلك: أنّه تعالى قد يُظهر شيئاً على لسان نبيِّه أو وليِّه، أو في ظاهر الحال لمصلحة تقتضي ذلك الاِظهار، ثم يمحوه فيكون غير ما قد ظهر أولاً، مع سبق علمه تعالى بذلك، كما في قصة اسماعيل لما رأى ابوه إبراهيم أنّه يذبحه(٢) .

فيكون معنى قول الامامعليه‌السلام : أنّه ما ظهر لله سبحانه أمر في شيء كما ظهر له في اسماعيل ولده؛ إذ اخترمه قبله ليعلم الناس أنّه ليس بإمام، وقد كان ظاهر الحال أنّه الاِمام بعده؛ لاَنّه أكبر ولده(٣) .

____________________

الحال فيه).

(١) الرعد ١٣: ٣٩.

(٢) قال تعالى:( فَلمّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعيَ قالَ يبنَيَّ إنّي أرَى في المَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرُ مَاذا تَرىَ قال يا أَبَتِ افْعَل مَا تُؤمَرُ سَتَجدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرينَ * فَلَمّا أَسْلَما وَتَلّهُ لِلجبيِن* وَنادَيْناهُ أَنْ يا إبراهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤيا إِنّا كذلِكَ نَجْزِي المُحسِنينَ * إنّ هَذا لَهُوَ البل-وءُ المُبيِنُ * وَفَدَيْنهُ بِذِبْحٍ عَظيمٍ ) الصافات ٣٧: ١٠٢ - ١٠٧.

(٣) ونجد أنّ مجموعة من الشيعة - وعلى الرغم ممّا فعله الامام الصادقعليه‌السلام ، وما قاله في وفاة وتجهيز وتكفين ولده اسماعيل - قالوا بإمامة اسماعيل بعد أبيه الامام الصادقعليه‌السلام ، وهؤلاء هم الذين يدعون ب- «الاسماعيلية»، وهم يفترقون عن الشيعة الامامية بقولهم: إنّ الامامة بعد الامام الصادقعليه‌السلام انتقلت الى ولده الاكبر اسماععيل ويزعمون ان الامام الصادقعليه‌السلام نص عليه في حياته. وقد اختلفوا في اسماعيل، فمنهم من قال بموته في حياة أبيه - وهو الثابت والمتواتر تأريخياً كما يشير إليه المصنّف هنا - وهؤلاء قالوا بأنّ الامامة تبقى في ذريته، وأولهم محمد بن اسماعيل وقسم منهم يقول بأنّه

=

٤٧

وقريب من البداء في هذا المعنى نسخ أحكام الشرائع السابقة بشريعة نبيِّناصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل نسخ بعض الأحكام التي جاء بها نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) .

____________________

=

- أي اسماعيل - لم يمت وإنّما أظهر أبوهعليه‌السلام موته تقيّةً من العباسيين، وأشهد على موته وتجهيزه عامل المنصور بالمدينة محمد بن سليمان، وهؤلاء بين من وقف على محمد بن إسماعيل ولم يتجاوزه إلى غيره - وهم المسمّون بالواقفة - ، وبين من تعدّى عن محمد بن إسماعيل وجعل الامامة في سبعة سبعة؛ بين ظاهر ومستور كأيّام الاسبوع وعدد السموات والاَرضين والاَفلاك، وانّ أول سبعة ظاهرين يبدأون من الامام عليعليه‌السلام وينتهون باسماعيل، وأوّل سبعة مستورين يبدأون بمحمد بن اسماعيل، ثمّ ولده جعفر المصدّق، ثمّ ولده محمد الحبيب، ثم عبدالله المهدي الذي ظهر في شمال افريقيه ومن ولده تكونت الدولة الفاطمية.

راجع، فرق الشيعة: ٦٧، الفصول المختارة من العيون والمحاسن: ٣٠٨، الشيعة بين الاَشاعرة والمعتزلة: ٧٨، تاريخ المذاهب الاسلامية: ٥٤، الملل والنحل للشهرستاني: ١/١٤٩، الفرق بين الفرق: ٦٢.

(١) يذكر الامام الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء في هذا الصدد قوله: (البداء في عالم التكوين كالنسخ في عالم التشريع، فكما أنّ لنسخ الحكم وتبديله بحكم آخر مصالح وأسراراً بعضها غامض وبعضها ظاهر فكذلك في الاخفاء والابداء في عالم التكوين، على أنّ قسماً من البداء يكون من اطّلاع النفوس المتّصلة بالملأ الأعلى على الشيء وعدم اطّلاعها على شرطه أو مانعه. مثلاً اطّلع عيسىعليه‌السلام أنّ العروس يموت ليلة زفافه، ولكن لم يطّلع على أنّ ذلك مشروط بعدم صدقة أهله، فاتفق أنّ أمه تصدّقت عنه، وكان عيسىعليه‌السلام أخبر بموته ليلة عرسه فلم يمت وسئل عن ذلك فقال: «لعلّكم تصدّقتم عنه والصدقة قد تدفع البلاء المبرم» وهكذا نظائرها... ولولا البداء لم يكن وجه للصدقة، ولا للدعاء، ولا للشفاعة، ولا لبكاء الأنبياء والأولياء وشدّة خوفهم وحذرهم من الله مع أنّهم لم يخالفوه طرفة عين، إنّما خوفهم من ذلك العلم المصون المخزون الذي لم يطّلع عليه أحد).

أصل الشيعة وأصولها: ٣١٤.

٤٨

١٢ - عقيدتنا في أحكام الدين

نعتقد: أنّه تعالى جعل أحكامه - من الواجبات والمحرَّمات وغيرهما - طبقاً لمصالح العباد في نفس أفعالهم، فما فيه المصلحة الملزمة جعله واجباً، وما فيه المفسدة البالغة نهى عنه، وما فيه مصلحة راجحة ندبنا إليه...

وهكذا في باقي الأحكام، وهذا من عدله ولطفه بعباده.

ولا بدّ أن يكون له في كل واقعة حكم(١) ، ولا يخلو شيء من الأشياء من حكم واقعي لله فيه، وإن انسدَّ علينا طريق علمه.

ونقول أيضاً: إنّه من القبيح أن يأمر بما فيه المفسدة، أو ينهى عمّا فيه المصلحة.

غير أنّ بعض الفِرق من المسلمين يقولون: إنّ القبيح ما نهى الله تعالى عنه، والحسن ما أمر به، فليس في نفس الاَفعال مصالح أو مفاسد ذاتية، ولا حسن أو قبح ذاتيان(٢) ، وهذا قول مخالف للضرورة العقلية.

كما أنّهم جوَّزوا أن يفعل الله تعالى القبيح فيأمر بما فيه المفسدة، وينهى عما فيه المصلحة. وقد تقدَّم أنّ هذا القول فيه مجازفة عظيمة ، وذلك

____________________

(١) قال تعالى:( مَا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيءٍ ) الانعام ٦: ٣٨. وورد في الحديث: «ما من أمر يختلف فيه اثنان إلاّ وله أصل في كتاب الله» الكافي: ١/٧٨ ح٦. وورد أيضاً. «ما من حادثة إلاّ ولله فيها حكم» البحار: ٩٣/٩١.

(٢) قالت الاَشاعرة: إنّ الحسن والقبح شرعيان، ولا يقضي العقل بحسن شيء منها ولا بقبحه، بل القاضي بذلك هو الشرع، فما حسّنه فهو حسن وما قبّحه فهو قبيح.

لاحظ: نهج الحق: ٨٣، الملل والنحل: ١/٨٩، شرح التجريد للقوشجي: ٣٧٥.

٤٩

لاستلزامه نسبة الجهل أو العجز إليه سبحانه، تعالى علواً كبيراً.

والخلاصة: أنّ الصحيح في الاعتقاد أن نقول: إنّه تعالى لا مصلحة له ولا منفعة في تكليفنا بالواجبات ونهينا عن فعل ما حرَّمه، بل المصلحة والمنفعة ترجع لنا في جميع التكاليف، ولا معنى لنفي المصالح والمفاسد في الأفعال المأمور بها والمنهي عنها؛ فإنّه تعالى لا يأمر عبثاً ولا ينهى جزافاً، وهو الغني عن عباده.

٥٠

الفصل الثاني

النبوّة

عقيدتنا في النبوّة

النبوّة لطف

عقيدتنا في معجزة الأنبياء

عقيدتنا في عصمة الأنبياء

عقيدتنا في صفات النبي

عقيدتنا في الأنبياء وكتبهم

عقيدتنا في الاِسلام

عقيدتنا في مشرّع الاِسلام

عقيدتنا في القرآن الكريم

طريقة إثبات الاِسلام والشرائع السابقة

٥١

١٣ - عقيدتنا في النبوّة

نعتقد: أنّ النبوّة وظيفة إلهية، وسفارة ربّانية، يجعلها الله تعالى لمن ينتجبه ويختاره من عباده الصالحين وأوليائه الكاملين في إنسانيّتهم، فيرسلهم إلى سائر الناس لغاية إرشادهم إلى ما فيه منافعهم ومصالحهم في الدنيا والآخرة، ولغرض تنزيههم وتزكيتهم من درن مساوئ الأخلاق ومفاسد العادات، وتعليمهم الحكمة والمعرفة، وبيان طرق السعادة والخير؛ لتبلغ الانسانية كمالها اللائق بها، فترتفع إلى درجاتها الرفيعة في الدارين دار الدنيا ودار الآخرة.

ونعتقد: أنّ قاعدة اللطف - على ما سيأتي معناها - توجب أن يبعث الخالق - اللطيف بعباده - رسله لهداية البشر، وأداء الرسالة الاصلاحية، وليكونوا سفراء الله وخلفاءه.

كما نعتقد: أنّه تعالى لم يجعل للناس حق تعيين النبي أو ترشيحه أو انتخابه، وليس لهم الخيرة في ذلك، بل أمر كلّ ذلك بيده تعالى؛ لاَنّه( أَعلمُ حَيثُ يَجعَلُ رِسَالَتهُ ) (١) .

وليس لهم أن يتحكَّموا فيمن يرسله هادياً ومبشِّراً ونذيراً، ولا أن يتحكَّموا فيما جاء به من أحكام وسنن وشريعة(٢) .

____________________

(١) الاَنعام ٦: ١٢٤.

(٢) وقد قال الامام عليعليه‌السلام في خطبة له يصف فيها ابتداء خلق السماء والارض وخلق آدمعليه‌السلام ، ويذكر الانبياء وبعثتهم فيقول:

«واصطفى سبحانه من ولده أنبياء أخذ على الوحي ميثاقهم، وعلى تبليغ الرسالة أمانتهم لمّا بدّل أكثرُخلقه عهد الله إليهم فجهلوا حقّه، واتخذوا الانداد معه، واجتالتهم الشياطين

٥٢

____________________

=

عن معرفته، واقتطعتهم عن عبادته، فبعث إليهم رسله، وواتر إليهم أنبياءه، ليستأدوهم ميثاق فطرته، ويذكّروهم منسيّ نعمته، ويحتجّوا عليهم بالتبليغ، ويثيروا لهم دفائن العقول، ويروهم آيات المقدرة؛ من سقف فوقهم مرفوع، ومهاد تحتهم موضوع، ومعايش تحييهم، وآجال تفنيهم، وأوصاب تهرمهم، وأحداث تتابع عليهم، ولم يخل الله سبحانه خلقه من نبي مرسل، أو كتاب منزل، أو حجّة لازمة أو محجّة قائمة، رسل لا تقصر بهم قلّة عددهم ولا كثرة المكذبين لهم، من سابق سُمّي له مَن بعده، أو غابر عرّفه من قبله. على ذلك نسلت القرون، ومضت الدهور، وسلفت الآباء، وخلفت الأبناء، إلى أن بعث الله سبحانه محمّداً رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لاِنجاز عدتِه، وإتمام نبوّته، مأخوذاً على النبيين ميثاقه، مشهورة سماته، كريماً ميلاده، وأهل الأرض يومئذٍ مللّ متفرّقة، وأهواء منتشرة، وطرائق متشتتة؛ بين مشبّه لله بخلقه، أو ملحد في اسمه، أو مشير إلى غيره، فهداهم به من الضلالة، وأنقذهم بمكان من الجهالة...». راجع: نهج البلاغة: الخطبة: ١، وغيرها من الخطب أيضاً ففيها إشارات وذكر حول بعثة الأنبياءعليهم‌السلام .

٥٣

١٤ - النبوّة لطف

إنّ الانسان مخلوق غريب الأطوار، معقَّد التركيب في تكوينه وفي طبيعته وفي نفسيّته وفي عقله، بل في شخصية كلّ فرد من أفراده، وقد اجتمعت فيه نوازع الفساد من جهة، وبواعث الخير والصلاح من جهة أخرى(١) .

فمن جهة قد جُبل على العواطف والغرائز من حب النفس، والهوى، والاثرة، وإطاعة الشهوات، وفطر على حب التغلُّب، والاستطالة، والاستيلاء على ما سواه، والتكالب على الحياة الدنيا وزخارفها ومتاعها كما قال تعالى:( إنَّ الاِنسنَ لَفِي خُسْرٍ ) (٢) و( إنَّ الاِنسنَ لَيَطْغَى * أَنْ رآهُ استَغنَى ) (٣) و( إنَّ النَّفْس لاَمَّارَةٌ بالسُّوءِ ) (٤) إلى غير ذلك من الآيات المصرِّحة والمشيرة إلى ما جُبلت عليه النفس الاِنسانية من العواطف والشهوات.

ومن الجهة الثانية، خلق الله تعالى فيه عقلاً هادياً يرشده إلى الصلاح ومواطن الخير، وضميراً وازعاً يردعه عن المنكرات والظلم ويؤنبه على فعل ما هو قبيح ومذموم.

ولا يزال الخصام الداخلي في النفس الانسانية مستعراً بين العاطفة والعقل، فمن يتغلَّب عقله على عاطفته كان من الأعلين مقاماً، والراشدين

____________________

(١) فقد قال تعالى:( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّيها* فَألْهَمهَا فُجُورَهَا وتَقْوَيها ) الشمس ٩١: ٧ - ٨.

(٢) العصر ١٠٣: ٢.

(٣) العلق ٩٦: ٦، ٧.

(٤) يوسف ١٢: ٥٣.

٥٤

في انسانيتهم، والكاملين في روحانيتهم، ومن تقهره عاطفته كان من الأخسرين منزلة، والمتردّين إنسانية، والمنحدرين إلى رتبة البهائم.

واشد هذين المتخاصمين مراساً على النفس هي العاطفة وجنودها، فلذلك تجد أكثر الناس منغمسين في الضلالة، ومبتعدين عن الهداية، بإطاعة الشهوات، وتلبية نداء العواطف( وَمَا أَكثَرُ النَّاسِ ولو حَرَصتَ بِمُؤمِنيِنَ ) (١) .

على أنّ الانسان لقصوره، وعدم اطّلاعه على جميع الحقائق، وأسرار الأشياء المحيطة به، والمنبثقة من نفسه، لا يستطيع أن يعرف بنفسه كل ما يضرّه وينفعه، ولا كل ما يسعده ويشقيه؛ لا فيما يتعلَّق بخاصّة نفسه، ولا فيما يتعلّق بالنوع الانساني ومجتمعه ومحيطه، بل لا يزال جاهلاً بنفسه، ويزيد جهلاً، أو ادراكاً لجهله بنفسه، كلّما تقدّم العلم عنده بالأشياء الطبيعية، والكائنات المادية.

وعلى هذا، فالانسان في أشدّ الحاجة ليبلغ درجات السعادة إلى من ينصب له الطريق اللاحب، والنهج الواضح إلى الرشاد واتّباع الهدى؛ لتقوى بذلك جنود العقل، حتى يتمكن من التغلب على خصمه اللَّدود اللجوج عندما يهيىء الانسان نفسه لدخول المعركة الفاصلة بين العقل والعاطفة.

وأكثر ما تشتد حاجته إلى من يأخذ بيده إلى الخير والصلاح عندما تخادعه العاطفة وتراوغه - وكثيراً ما تفعل - فتزيِّن له أعماله، وتحسّن لنفسه انحرافاتها؛ إذ تريه ما هو حسن قبيحاً، أو ما هو قبيح حسناً، وتلبس على العقل طريقه إلى الصلاح والسعادة والنعيم، في وقت ليس له تلك المعرفة التي تميّز له كلّ ما هو حسن ونافع، وكل ما هو قبيح وضار. وكل واحد منّا

____________________

(١) يوسف ١٢: ١٠٣.

٥٥

صريع لهذه المعركة من حيث يدري ولا يدري، إلاّ من عصمه الله.

ولأجل هذا يعسر على الانسان المتمدِّن المثقَّف - فضلاً عن الوحشي الجاهل - أن يصل بنفسه إلى جميع طرق الخير والصلاح، ومعرفة جميع ما ينفعه ويضرّه في دنياه وآخرته، فيما يتعلَّق بخاصة نفسه أو بمجتمعه ومحيطه، مهما تعاضد مع غيره من أبناء نوعه ممّن هو على شاكلته وتكاشف معهم، ومهما أقام بالاشتراك معهم المؤتمرات والمجالس والاستشارات.

فوجب أن يبعث الله تعالى في الناس رحمة لهم ولطفاً بهم( رَسُولاً مِنهُم يَتلوُا عَلَيهِم ءايتِه وَيُزكِّيهِم ويُعلّمُهُمُ الكِتبَ والحكمَةَ ) (١) وينذرهم عمّا فيه فسادهم، ويبشّرهم بما فيه صلاحهم وسعادتهم.

وإنّما كان اللطف من الله تعالى واجباً، فلأنّ اللطف بالعباد من كماله المطلق، وهو اللطيف بعباده الجواد الكريم، فإذا كان المحل قابلاً ومستعدّاً لفيض الجود واللطف، فإنّه تعالى لا بد أن يفيض لطفه؛ إذ لا بخل في ساحة رحمته، ولا نقص في جوده وكرمه.

وليس معنى الوجوب هنا أنّ أحداً يأمره بذلك فيجب عليه أن يطيع تعالى عن ذلك، بل معنى الوجوب في ذلك هو كمعنى الوجوب في قولك: إنّه واجب الوجود (أي اللزوم واستحالة الانفكاك).

____________________

(١) الجمعة ٦٢: ٢.

٥٦

١٥ - عقيدتنا في معجزة الأنبياء

نعتقد: أنّه تعالى إذ ينصّب لخلقه هادياً ورسولاً لا بدّ أن يعرِّفهم بشخصه، ويرشدهم إليه بالخصوص على وجه التعيين، وذلك منحصر بأن ينصب على رسالته دليلاً وحجّة يقيمها لهم(١) ؛ إتماماً للطف، واستكمالاً للرحمة.

وذلك الدليل لا بدّ أن يكون من نوع لا يصدر إلا من خالق الكائنات، ومدبر الموجودات - أي فوق مستوى مقدور البشر - فيجريه على يدي ذلك الرسول الهادي؛ ليكون معرِّفاً به، ومرشداً إليه، وذلك الدليل هو المسمى بالمعجز أو المعجزة؛ لاَنّه يكون على وجه يعجز البشر عن مجاراته والاِتيان بمثله.

وكما أنّه لا بد للنبي من معجزة يظهر بها للناس لاِقامة الحجة عليهم، فلا بد أن تكون تلك المعجزة ظاهرة الاِعجاز بين الناس على وجه يعجز عنها العلماء وأهل الفن في وقته، فضلاً عن غيرهم من سائر الناس، مع اقتران تلك المعجزة بدعوى النبوّة منه؛ لتكون دليلاً على مدَّعاه، وحجة بين يديه، فإذا عجز عنها أمثال أولئك عُلم أنّها فوق مقدور البشر، وخارقة للعادة، فيُعلم أنّ صاحبها فوق مستوى البشر، بما له من ذلك الاتصال الروحي بمدبِّر الكائنات.

وإذا تمَّ ذلك لشخص، من ظهورالمعجز الخارق للعادة، وادّعى - مع

____________________

(١) قال تعالى:( رُسلاً مُبَشِّرينَ وَمُنْذِرِينَ لِئلا يَكُونَ للِنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةً بَعْدَ الرُّسُلِ وكَانَ اللهُ عَزِيزَاً حَكِيماً ) النساء ٤: ١٦٥.

٥٧

ذلك - النبوة والرسالة، يكون حينئذٍ موضعاً لتصديق الناس بدعواه، والايمان برسالته، والخضوع لقوله وأمره، فيؤمن به من يؤمن، ويكفر به من يكفر.

ولأجل هذا وجدنا أنّ معجزة كل نبي تناسب ما يشتهر في عصره من العلوم والفنون، فكانت معجزة موسىعليه‌السلام هي العصا التي تلقف السحر وما يأفكون؛ إذ كان السحر في عصره فنّاً شائعاً، فلما جاءَت العصا بطل ما كانوا يعملون، وعلموا أنّها فوق مقدروهم، وأعلى من فنّهم، وأنّها ممّا يعجز عن مثله البشر، ويتضاءل عندها الفن والعلم(١) .

وكذلك كانت معجزة عيسىعليه‌السلام ، وهي إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى؛ إذ جاءَت في وقت كان فن الطب هو السائد بين الناس، وفيه علماء وأطباء لهم المكانة العليا، فعجز علمهم عن مجاراة ما جاء به عيسىعليه‌السلام (٢) .

ومعجزة نبينا الخالدة هي القرآن الكريم، المعجز ببلاغته وفصاحته، في وقت كان فن البلاغة معروفاً. وكان البلغاء هم المقدَّمين عند الناس بحسن بيانهم وسموِّ فصاحتهم، فجاء القرآن كالصاعقة؛ أذلّهم وأدهشهم، وأفهمهم أنّهم لا قِبَل لهم به، فخنعوا له مهطعين عندما عجزوا عن مجاراته،

____________________

(١) قال تعالى:( وَأَوحَيْنا إلى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإذا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأفِكُونَ * فَوقَعَ الحَقُّ وبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلوُنَ * فَغُلِبوُا هُنَالِكَ وانْقَلَبوُا صَاغِريِنَ * وأُلقِيَ السَحَرَةُ سجدين ) الاعراف ٧: ١١٧ - ١٢٠.

(٢) قال تعالى:( وَرَسُولاً إلى بَنيِ إِسرءِيلَ أَنِّي قد جئتُكُم بِآيةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أنِّي أخَلُقُ لَكُمْ مِنَ الْطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَيْرِ فَأنفخُ فِيهِ فَيَكُونُ طيراً بإذنِ الله وأُبْريءُ الأكْمَهَ والأبْرَصَ وأُحْيي الموتَى بإذْن الله وأُنَبِّئُكُمْ بما تأكلُونَ وما تَدَّخِرون في بيوتِكُمْ إنّ في ذلِكَ لآيةً لَكُمْ إنّ كُنتُمْ مُؤمِنينَ ) آل عمران ٣: ٤٩.

٥٨

وقصروا عن اللحاق بغبارة»(١) .

ويدلّ على عجزهم أنّه تحدّاهم بإتيان عشر سور مثله فلم يقدروا(٢) ، ثمّ تحدّاهم أن يأتوا بسورة من مثله(٣) فنكصوا، ولمّا علمنا عجزهم عن مجاراته - مع تحدّيه لهم، وعلمنا لجوءهم إلى المقاومة بالسنان دون اللسان - علمنا أنّ القرآن من نوع المعجز، وقد جاء به محمد بن عبدالله مقروناً بدعوى الرسالة. فعلمنا أنّه رسول الله، جاء بالحق وصدق به،صلى‌الله‌عليه‌وآله .

____________________

(١) قال تعالى:( قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الاِنْسُ والجِنُّ عَلَى أَنْ يَأتُوا بِمِثْلِ هذا القُرءانَ لاَ يَأتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ) الاسراء ١٧: ٨٨.

(٢)( أَمْ يَقُولُونَ افتريهُ قُلْ فَأتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيتٍ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صدِقِيْنَ ) هود ١١: ١٣.

(٣) قال تعالى أيضاً:( وَإنْ كُنْتُم في رَيْبٍ مِمَّا نزَّلْنَا على عَبْدِنَا فَاتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وادعوا شهُدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُم صَدِقِينَ ) البقرة ٢: ٢٣.

وقال تعالى أيضاً :( أَمْ يَقُولُونَ افْتريهُ قُلْ فَأتُوا بِسُوَرَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنْ استَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صَدقِينَ ) يونس ١٠: ٣٨.

٥٩

١٦ - عقيدتنا في عصمة الأنبياء

ونعتقد: أنّ الأنبياء معصومون قاطبة، وكذلك الأئمة عليهم جميعاً التحيات الزاكيات، وخالَفَنا في ذلك بعض المسلمين، فلم يوجبوا العصمة في الأنبياء ، فضلاً عن الأئمة.

والعصمة: هي التنزُّه عن الذنوب والمعاصي صغائرها وكبائرها، وعن الخطأ والنسيان(٢) ، وإن لم يمتنع عقلاً على النبي أن يصدر منه ذلك، بل

____________________

(١) انظر: شرح المقاصد: ٥/٥٠، الغنية في اصول الدين: ١٦١.

وذكر السيد المرتضى في تنزيه الانبياء ما نصه: (وجوّز أصحاب الحديث والحشوية على الأنبياء الكبائر قبل النبوّة، ومنهم من جوّزها في حال النبوّة سوى الكذب فيما يتعلّق بأداء الشريعة، ومنهم من جوّزها كذلك - في حال النبوّة - بشرط الاستسرار دون الاِعلان، ومنهم من جوّزها على الأحوال كلها. ومنعت المعتزلة من وقوع الكبائر والصغائر المستخفة من الانبياءعليهم‌السلام قبل النبوّة وفي حالها، وجوّزت في الحالين وقوع ما لا يستخف من الصغائر، ثم اختلفوا؛ فمنهم من جوّز على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الاِقدام على المعصية الصغيرة على سبيل العمد، ومنهم من منع ذلك وقال إنّهم لا يقدمون على الذنوب التي يعلمونها ذنوباً بل على سبيل التأويل، وحكي عن النظام وجعفر بن مبشر وجماعة ممّن تبعهما أنّ ذنوبهم لا تكون إلاّ على سبيل السهو والغفلة، وأنّهم مؤاخذون بذلك وإن كان موضوعاً عن أممهم بقوّة معرفتهم وعلوّ مرتبتهم). تنزيه الأنبياء: المقدمة.

(٢) معنى العصمة في أصل اللغة هي: ما اعتصم به الانسان من الشيء؛ كأنّه امتنع به عن الوقوع فيما يكره، وليس هو جنساً من أجناس الفعل، ومنه قولهم: إعتصم فلان بالجبل، إذا امتنع به، ومنه سميت العصم، وهي وعول الجبال؛ لامتناعها بها.

وقال في لسان العرب: (إنّ العصمة هي الحفظ، يقال: عصمته فانعصم،، واعتصمت بالله، إذا امتنعت بلطفه من المعصية).

والعصمة من الله تعالى هي: التوفيق الذي يسلم به الانسان ممّا يكره إذا أتى بالطاعة، وذلك مثل إعطائنا رجلاً غريقاً حبلاً ليتشبّث به فيسلم، وقد بيّن الله تعالى هذا المعنى في

=

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

أبي نصر، عن المشرقيّ، عن الرضا( عليه‌السلام ) قال: قلت له: ما تقول في رجل ادّعى أنه خطب امرأة إلى نفسها وهي مازحة، فسألت عن ذلك، فقالت: نعم؟ فقال: ليس بشيء، قلت: فيحلّ للرجل أن يتزوّجها؟ قال: نعم.

ورواه الصدوق بإسناده عن البزنطيّ، عن المشرقيّ، مثله، إلّا أنّه قال: خطب امرأة إلى نفسها ومازح فزوّجته نفسها وهي مازحة(١) .

[ ٢٥٦٧٥ ] ٢ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال: سألت الرضا( عليه‌السلام ) عن امرأة أحلّت لزوجها جاريتها؟ فقال: ذلك له، قلت: وإن خاف أن تكون تمزح؟ قال: وكيف له بما في قلبها فإن علم أنّها تمزح فلا.

٢٥ - باب ان المرأة مصدقة في عدم الزوّج وعدم العدّة ونحو ذلك ولا يجب التفتيش

[ ٢٥٦٧٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد عن عليّ بن الحكم عن عمر بن حنظلة قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : انّي تزوّجت امرأة فسألت عنها فقيل فيها، فقال: وأنت لم سألت ايضاً؟! ليس عليكم التفتيش.

[ ٢٥٦٧٧ ] ٢ - وعنه، عن أحمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضّالة بن

____________________

(١) الفقيه ٣: ٢٧١ / ١٢٨٧.

٢ - التهذيب ٧: ٤٦٢ / ١٨٥٤، واورده في الحديث ٣ من الباب ٣٢ من أبواب نكاح العبيد، وتقدّم ما يدلّ على بعض المقصود في الباب ٢١ من هذه الأبواب وياتي ما يدلّ عليه في الباب ٣٢ من أبواب نكاح العبيد.

الباب ٢٥

فيه حديثان

١ - الكافي ٥: ٥٦٩ / ٥٥.

٢ - الكافي ٥: ٣٩٢ / ٤، واورده في الحديث ٥ من الباب ٣ من هذه الأبواب وفي الحديث ١ من الباب ١٠ من أبواب المتعة باسناد آخر.

٣٠١

أيّوب، عن عمر بن أبان، عن ميسر(١) قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : ألقى المرأة بالفلاة التي ليس فيها أحد، فأقول لها: ألك زوج؟ فتقول: لا، فأتزوّجها؟ قال: نعم، هي المصدّقة على نفسها.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك هنا(٢) وفي الحيض(٣) ، ويأتي ما يدلّ عليه في المتعة(٤) وفي العدد(٥) وغير ذلك(٦) .

٢٦ - باب حكم الوكيل في النكاح اذا خالف ما امر به أو انكر الموكل الوكالة

[ ٢٥٦٧٨ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطيّة، عن أبي عبيدة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في رجل أمر رجلاً أن يزوّجه امرأة من أهل البصرة من بني تميم فزوجه امرأة من أهل الكوفة من بني تميم، قال: خالف أمره وعلى المأمور نصف الصداق لاهل المرأة ولا عدّة عليها ولا ميراث بينهما، فقال بعض من حضر فإن أمره أن يزوجه امرأة ولم يسمّ أرضاً ولا قبيلة ثمّ جحد الآمر أن يكون أمره بذلك بعدما زوّجه، فقال: ان كان للمأمور بينة أنه كان أمره أن يزوجه كان الصداق على الآمر، وإن لم يكن له بيّنة كان الصداق على المأمور لاهل المرأة ولا ميراث بينهما ولا عدّة عليها ولها نصف الصداق إن كان فرضا لها صداقاً.

ورواه الصدوق ايضاً بإسناده عن الحسن بن محبوب، مثله وزاد: وإن لم

____________________

(١) في المصدر: ميسرة.

(٢) تقدم في الباب ١٨ و ٢٣ من هذه الأبواب.

(٣) تقدم في الباب ٤٧ من أبواب الحيض.

(٤) يأتي في الباب ١٠ من أبواب المتعة.

(٥) يأتي في الباب ٢٤ من أبواب العدد.

(٦) يأتي في الباب ١١ من أبواب اقسام الطلاق.

الباب ٢٦

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٧: ٤٩٠ / ١٩٧٠.

٣٠٢

يكن سمّى لها صداقاً فلا شيء لها(١) .

ورواه الشيخ ايضاً في موضع آخر وأورد الزيادة(٢) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الوكالة(٣) .

٢٧ - باب بطلان نكاح الشغار وهو أن تزوّج امرأتان ومهر كل واحدة نكاح الاخرى

[ ٢٥٦٧٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) أو عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: نهى عن نكاح المرأتين ليس لواحدة منهما صداق إلّا بضع صاحبتها، وقال: لا يحلّ أن تنكح واحدة منهما إلّا بصداق أو نكاح المسلمين.

[ ٢٥٦٨٠ ] ٢ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن غياث(٤) بن إبراهيم قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : لا جلب(٥) ولا جنب(٦) ولا

____________________

(١) الفقيه ٣: ٢٦٤ / ١٢٥٩.

(٢) التهذيب ٧: ٤٨٣ / ١٩٤٤.

(٣) تقدم في الباب ٤ من أبواب الوكالة.

الباب ٢٧

فيه ٤ احاديث

١ - الكافي ٥: ٣٦٠ / ١.

٢ - الكافي ٥: ٣٦١ / ٢، والتهذيب ٧: ٣٥٥ / ١٤٤٥.

(٤) في التهذيب: عمّار - هامش المخطوط - وفي المصدر: غياث.

(٥) الجلب في الزكاة: جمع العامل المواشي الى مكان واحد وفي السباق ان يتبع فرسه رجلاً يزجره ويجلب عليه ويصيح. ( النهاية ١: ٢٨١ ) هامش المخطوط.

(٦) الجنب بالتحريك: ان يجنب الرجل مع فرسه فرسا آخر عند الرهان ( الصحاح ١: ١٠٣ ) هامش المخطوط.

٣٠٣

شغار في الاسلام.

والشغار ان يزوّج الرجل الرجل ابنته أو أُخته ويتزوّج هو ابنة المتزوّج أو أُخته ولا يكون بينهما مهر غير تزويج هذا هذا وهذا هذا.

ورواه الصدوق في( معاني الأخبار ): عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن جعفر بن بشير(١) ، عن غياث قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإِسلام(٢) .

[ ٢٥٦٨١ ] ٣ - وعن عليّ بن محمّد، عن ابن جمهور، عن أبيه رفعه عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: نهى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) عن نكاح الشغار وهي الممانحة، وهو أن يقول الرجل للرجل: زوّجني ابنتك حتّى أُزوّجك ابنتي على أن لا مهر بينهما.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٣) ، وكذا الذي قبله.

[ ٢٥٦٨٢ ] ٤ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن الصادق عن آبائه( عليهم‌السلام ) عن النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) - في حديث المناهي - قال: ونهى أن يقول الرجل للرجل: زوّجني أُختك حتّى أُزوّجك أُختي.

____________________

(١) في المعاني: رشيد.

(٢) معاني الأخبار: ٢٧٤ / ١.

٣ - الكافي ٥: ٣٦١ / ٣.

(٣) التهذيب ٧: ٣٥٥ / ١٤٤٦.

٤ - الفقيه ٤: ٣ / ١.

٣٠٤

٢٨ - باب ان الوكيل اذا أوقع العقد ثمّ ظهر موت الزوّج قبله كان باطلاً ولا مهر ولا ميراث

[ ٢٥٦٨٣ ] ١ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولّاد الحنّاط قال: سئل أبو عبدالله( عليه‌السلام ) عن رجل أمر رجلاً أن يزوّجه امرأة بالمدينة وسمّاها له، والذي أمره بالعراق، فخرج المأمور فزوّجه ايّاها، ثمّ قدم إلى العراق فوجد الذي أمره قد مات؟ قال: ينظر في ذلك فان كان المأمور زوجها اياه قبل أن يموت الآمر ثمّ مات الآمر بعده فإنّ المهر في جميع ذلك الميراث بمنزلة الدين، فإن كان زوجها إياه بعدما مات الآمر فلا شيء على الآمر ولا على المأمور والنكاح باطل.

[ ٢٥٦٨٤ ] ٢ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن عبدالله بن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في رجل أرسل يخطب عليه امرأة وهو غائب فأنكحوا الغائب وفرض الصداق ثمّ جاء خبره أنه توّفي بعدما سيق الصداق، فقال: إن كان املك بعد ما توفّي فليس لها صداق ولا ميراث، وإن كان قد املك قبل أن يتوفى فلها نصف الصداق وهي وارثه وعليها العدّة.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(١) .

____________________

الباب ٢٨

فيه حديثان

١ - الفقيه ٣: ٢٧١ / ١٢٩٠.

٢ - الكافي ٥: ٤١٥ / ١.

(١) التهذيب ٧: ٣٦٧ / ١٤٨٩.

٣٠٥

٣٠٦

أبواب النكاح المحرم وما يناسبه

١ - باب تحريم الزنا على الرجل محصناً كان أو غير محصن

[ ٢٥٦٨٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطيّة، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: وجدنا في كتاب عليّ صلوات الله عليه: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إذا كثر الزنا من بعدي كثر موت الفجأة.

ورواه البرقي في( المحاسن) عن أبي عبيدة، مثله (١) .

[ ٢٥٦٨٦ ] ٢ - وعنه، عن أحمد، عن عليّ بن الحكم، عن أبي حمزة قال: كنت عند عليّ بن الحسين( عليه‌السلام ) فجاءه رجل فقال: يا أبا محمّد، انيّ مبتلى بالنساء فأزني يوماً وأصوم يوماً، يكون ذا كفّارة لذا، فقال له عليّ بن الحسين( عليهما‌السلام ) : انه ليس شيء أحبّ إلى الله عزّ وجلّ من أن يطاع فلا يعصى فلا تزن ولا تصم، فاجتذبه أبوجعفر( عليه‌السلام ) إليه فأخذه بيده فقال: يا أبا زنة(٢) ، تعمل عمل أهل النار وترجو أن تدخل الجنة.

____________________

أبواب النكاح المحرم وما يناسبه

الباب ١

فيه ٢٤ حديثاً

١ - الكافي ٥: ٥٤١ / ٤.

(١) المحاسن: ١٠٧ / ٩٣.

٢ - الكافي ٥: ٥٤١ / ٥.

(٢) أبا زنّة: كنية القرد ( القاموس المحيط ٤: ٢٣٤ ) هامش المخطوط.

٣٠٧

[ ٢٥٦٨٧ ] ٣ - وعنه، عن أحمد، عن عليّ بن الحكم، عن عليّ بن سويد قال: قلت لأبي الحسن( عليه‌السلام ) : إنّي مبتلى بالنظر إلى المرأة الجميلة فيعجبني النظر إليها، فقال: يا علي، لا بأس اذا عرف الله من نيّتك الصدق وإيّاك والزنا فانه يمحق البركة ويهلك الدين(١) .

أقول: يمكن حمل النظر على ما كان بقصد التزويج أو بغير تعمّد أو غير ذلك من الاقسام المذكورة سابقاً لما مضى(٢) ويأتي(٣) .

[ ٢٥٦٨٨ ] ٤ - وعنه، عن أحمد، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن إبراهيم بن ميمون، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن قول الله عزّ وجلّ:( أعطى كل شيء خلقه ثمّ هدى ) (٤) ؟ قال: ليس شيء من خلق الله إلّا وهو يعرف من شكله ألذّكر من الانثى، قلت: ما يعني « ثمّ هدى »؟ قال: هداه للنكاح والسفاح من شكله.

[ ٢٥٦٨٩ ] ٥ - وعنه، عن أحمد، عن ابن فضّال، عن عبدالله بن ميمون القدّاح، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال يعقوب لابنه: يا بنيّ لا تزن فإنّ الطير لو زنى لتناثر ريشه.

ورواه البرقيّ في( المحاسن) عن محمّد بن علي، عن ابن فضّال (٥) .

ورواه الصدوق بإسناده عن عبدالله بن ميمون، مثله(٦) .

____________________

٣ - الكافي ٥: ٥٤٢ / ٦.

(١) علق المصنف هنا: فيه دلالة على بطلان الاحباط ومثله كثير جدا ( منه ).

(٢) مضى في الباب ١٠٤ من أبواب مقدمات النكاح.

(٣) يأتي في الحديث ٢ من الباب ١٤ من هذه الأبواب.

٤ - الكافي ٥: ٥٦٧ / ٤٩.

(٤) طه ٢٠: ٥٠.

٥ - الكافي ٥: ٥٤٢ / ٨.

(٥) المحاسن: ١٠٦ / ٩٢.

(٦) الفقيه ٤: ١٣ / ٤.

٣٠٨

[ ٢٥٦٩٠ ] ٦ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز بن عبدالله، عن الفضيل، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: قال النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : في الزنا خمس خصال: يذهب بماء الوجه، ويورث الفقر، وينقص العمر، ويسخط الرحمن ويخلد في النار، نعوذ بالله من النار.

[ ٢٥٦٩١ ] ٧ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير وعثمان بن عيسى، عن عليّ بن سالم قال: قال أبو إبراهيم( عليه‌السلام ) : اتّق الزنا فانّه يمحق الرزق ويبطل الدين.

[ ٢٥٦٩٢ ] ٨ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن عبدالله بن ميمون القدّاح، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: للزاني ستّ خصال ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة، إمّا التي في الدنيا فيذهب بنور الوجه، ويورث الفقر، ويعجّل الفناء، وأمّا التي في الاخرة فسخط الرب وسوء الحساب، والخلود في النار.

ورواه الصدوق بإسناده عن عبدالله بن ميمون(١) .

ورواه في( الخصال) وفي( عقاب الأعمال) عن محمّد بن عليّ ماجيلويه، عن عمّه محمّد بن على، عن ابن فضّال، عن عبدالله بن ميمون (٢) .

ورواه البرقى في( المحاسن) عن محمّد بن عليّ، مثله (٣) .

____________________

٦ - الكافي ٥: ٥٤٢ / ٩.

٧ - الكافي ٥: ٥٤١ / ٢.

٨ - الكافي ٥: ٥٤١ / ٣.

(١) الفقيه ٣: ٣٧٥ / ١٧٧٤.

(٢) الخصال: ٣٢١ / ٤، وعقاب الأعمال: ٣١١ / ١.

(٣) المحاسن: ١٠٦ / ٩١.

٣٠٩

[ ٢٥٦٩٣ ] ٩ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا إبراهيم( عليه‌السلام ) عن الزاني، كيف يجلد؟ قال: أشدّ الجلد، قلت: من فوق ثيابه؟ قال: بل تخلع ثيابه.

وعن أبي عليّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي إبراهيم( عليه‌السلام ) ، نحوه(١) .

[ ٢٥٦٩٤ ] ١٠ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، قال: قال أبوجعفر( عليه‌السلام ) : إذا زنى الزاني خرج منه روح الإِيمان وإن استغفر عاد إليه، قال: وقال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الشارب حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، قال: أبو جعفر( عليه‌السلام ) : وكان أبي يقول: اذا زنى الزاني فارقه روح الايمان، قلت: وهل يبقى فيه من الإِيمان شيء أو قد انخلع منه أجمع؟ قال: لا، بل فيه، فإذا قام عاد إليه روح الايمان.

[ ٢٥٦٩٥ ] ١١ - قال: وقال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : الزنا يورث الفقر ويدع الديار بلاقع.

[ ٢٥٦٩٦ ] ١٢ - قال: وقال( عليه‌السلام ) ما عجّت الأرض إلى ربّها عز وجلّ كعجيجها من ثلاث: من دم حرام يسفك عليها، او اغتسال من زنا، أو النوم عليها قبل طلوع الشمس.

____________________

٩ - الكافي ٧: ١٨٣ / ٢، واورده في الحديث ٢ من الباب ١١، وأورد نحوه في الحديث ٣ من الباب ١١ من أبواب حد الزنا.

(١) الكافي ٧: ١٨٣ / ٣.

١٠ - الفقيه ٤: ١٤ / ٢٠.

١١ - الفقيه ٤: ١٣ / ١١.

١٢ - الفقيه ٤: ١٣ / ١٢.

٣١٠

[ ٢٥٦٩٧ ] ١٣ - قال: وصعد رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) المنبر فقال: ثلاثة لا يكلّمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك جبّار، ومقلّ مختال.

[ ٢٥٦٩٨ ] ١٤ - وبإسناده عن عليّ بن إسماعيل الميثمي، عن بشير قال: قرأت في بعض الكتب: قال الله تبارك وتعالى: لا انيل رحمتي من يعرضني للايمان الكاذبة، ولا ادني منّي يوم القيامة من كان زانياً.

[ ٢٥٦٩٩ ] ١٥ - وبإسناده عن محمّد بن سنان، عن الرضا( عليه‌السلام ) فيما كتب إليه من جواب مسائله: وحرّم الزنا لما فيه من الفساد من قتل النفس، وذهاب الانساب، وترك التربية للاطفال، وفساد المواريث، وما أشبه ذلك من وجوه الفساد.

ورواه في( العلل) و( عيون الأخبار) (١) بالسند الآتي(٢) .

[ ٢٥٧٠٠ ] ١٦ - وبإسناده عن حمّاد بن عمرو وأنس بن محمّد، عن أبيه، عن الصادق، عن آبائه( عليهم‌السلام ) - في وصيّة النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) لعليّ( عليه‌السلام ) - قال يا عليّ، في الزنا ست خصال، ثلاث منها في الدنيا، وثلاث منها في الآخرة، فأمّا التي في الدنيا فيذهب بالبهاء، ويعجّل الفناء، ويقطع الرزق، وأمّا التي في الآخرة: فسوء الحساب وسخط الرحمن، والخلود في النار.

____________________

١٣ - الفقيه ٤: ١٣ / ١٥، واورده عن الكافي وعقاب الأعمال في الحديث ١ من الباب ٥٩ من أبواب جهاد النفس.

١٤ - الفقيه ٤: ١٣ / ١٧، واورده عن عقاب الأعمال في الحديث ١٧ من الباب ٤ من أبواب الايمان.

١٥ - الفقيه ٣: ٣٦٩ / ١٧٤٨، وأورد قطعة منه في الحديث ٩ من الباب ١٠٤ من أبواب احكام الأولاد، وأورد صدره في الحديث ١١ من الباب ١ من أبواب القصاص في النفس.

(١) علل الشرائع: ٤٧٩ / ١، عيون اخبار الرضا( عليه‌السلام ) ٢: ٩٢.

(٢) يأتي في الفائدة الاولى من الخاتمة: برمز( خ ).

١٦ - الفقيه ٤: ٢٦٦ / ٨٢١، وأورد قطعة منه في الحديث ٦ من الباب ١١٧ من أبواب مقدمات النكاح، وقطعة منه في الحديث ٣ من الباب ٢٣ من أبواب ألذّبائح.

٣١١

وفي( الخصال) (١) بالسند الآتي(٢) عن أنس بن محمّد، مثله.

وعن أبي العبّاس الكنديّ، عن أحمد بن سعيد الدمشقي، عن هشام بن عمّار، عن سلمة(٣) بن عليّ، عن الأعمش، عن شقيق، عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، وذكر نحوه(٤) .

[ ٢٥٧٠١ ] ١٧ - وفي( عقاب الأعمال ): عن أبيه، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن صباح بن سيابة قال: كنت عند أبي عبدالله( عليه‌السلام ) فقيل له: أيزني الزاني وهو مؤمن؟ فقال: لا إذا كان على بطنها سلب الإِيمان منه، فاذا قام رد عليه، قال: فانّه إن أراد أن يعود، قال: ما أكثر من يهمّ أن يعود ثمّ لا يعود.

[ ٢٥٧٠٢ ] ١٨ - وعن أبيه، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن عبيد بن زرارة،( عن عبدالله بن أعين) (٥) قال: سمعت أبا جعفر( عليه‌السلام ) يقول: إذا زنى الرجل أدخل الشيطان ذكره فعملا جميعاً فكانت النطفة واحدة، وخلق منها(٦) الولد، ويكون شرك الشيطان.

[ ٢٥٧٠٣ ] ١٩ - وعن عليّ بن أحمد بن عبدالله، عن أبيه، عن جدّه أحمد بن أبي عبدالله عن أبيه، عن ابن فضّال، عن ابن بكير قال: قلت لابي جعفر

____________________

(١) الخصال ٣٢٠ / ٣.

(٢) يأتي في الفائدة الاولى: من الخاتمة برمز ( خ ).

(٣) في المصدر: مسلمة.

(٤) الخصال: ٣٢٠ / ٣.

١٧ - عقاب الأعمال: ٣١٢ / ٣، والمحاسن: ١٠٧ / ٩٣.

١٨ - عقاب الأعمال: ٣١٢ / ٤، والمحاسن: ١٠٧ / ٩٥.

(٥) في المصدر: عن عبد الملك بن اعين.

(٦) في المصدر: منهما.

١٩ - عقاب الأعمال: ٣١٣ / ٨، واورده عن الكافي في الحديث ١٤ من الباب ٤٦ من أبواب جهاد النفس.

٣١٢

( عليه‌السلام ) في قول رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إذا زنى الرجل فارقه روح الإِيمان، قال: قوله تعالى:( وأيدهم بروح منه ) (١) ذاك الذي يفارقه.

ورواه البرقي في( المحاسن) عن ابن فضّال (٢) والذي قبله عن أبيه، عن ابن فضّال، عن ابن بكير، عن عبد الملك بن أعين، والذي قبلهما، عن ابن أبي عمير، مثله.

[ ٢٥٧٠٤ ] ٢٠ - أحمد بن محمّد البرقي في( المحاسن ): عن عليّ بن عبدالله، عن شريف بن سابق، عن الفضل بن أبي قرة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) إن الله أوحى إلى موسى( عليه‌السلام ) لا تزنوا فتزني نساؤكم، ومن وطأ فراش امرئ مسلم وطئ فراشه كما تدين تدان.

[ ٢٥٧٠٥ ] ٢١ - وعن أبي حمزة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: أوحى الله إلى موسى( عليه‌السلام ) لا تزني(٣) فاحجب عنك نور وجهي، وتغلق أبواب السماوات دون دعائك.

[ ٢٥٧٠٦ ] ٢٢ - عبدالله بن جعفر في( قرب الإِسناد) عن أحمد بن إسحاق، عن بكر بن محمّد، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: انّ للقلب أُذنين، روح الإِيمان يسارّه بالخير، والشيطان يسارّه بالشرّ، فأيّهما ظهر على صاحبه غلبه.

[ ٢٥٧٠٧ ] ٢٣ - قال: وقال إذا زني الرجل خرج منه روح الإِيمان ، قلنا:

____________________

(١) المجادلة ٥٨: ٢٢.

(٢) المحاسن: ١٠٦ / ٩٠.

٢٠ - المحاسن: ١٠٧ / ٩٤.

٢١ - المحاسن ١٠٧ / ٩٤.

(٣) كذا في الاصل، والمصدر: لا تزن.

٢٢ - قرب الإِسناد: ١٧.

٢٣ - قرب الإِسناد: ١٧.

٣١٣

الروح التي قال الله:( وأيّدهم بروح منه ) (١) ؟ قال: نعم.

[ ٢٥٧٠٨ ] ٢٤ - قال: وقال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : لا يزني الزاني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق وهو مؤمن، انّما عنى بذلك ما دام على بطنها، فإذا توضّأ وتاب كان في حال غير ذلك.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه هنا(٣) وفي الحدود(٤) وغير ذلك(٥) .

٢ - باب تحريم الزنا على المرأة محصنة كانت أو غير محصنة

[ ٢٥٧٠٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن

____________________

(١) المجادلة ٥٨: ٢٢.

٢٤ - قرب الإِسناد: ١٧.

(٢) تقدم في الحديث ١٤ من الباب ٢ من مقدمات العبادات وفي الحديث ٨ من الباب ٢ من أبواب القبلة وفي الحديث ٧ من الباب ٣٦ من أبواب التعقيب وفي الحديث ٣ من الباب ٧ من أبواب الصدقة وفي الاحاديث ٩ و ١٨ و ١٩ من الباب ١٥٢ من أبواب احكام العشرة، وفي الحديث ٦ من الباب ٢٣ وفي الحديث ٩ من الباب ٤٥ وفي الاحاديث ٢ و ٣ و ١٢ و ١٤ و ١٥ و ١٨ و ١٩ و ٣٦ من الباب ٤٦ وفي الاحاديث ١٥ و ١٩ و ٢٠ و ٢١ و ٢٢ من الباب ٤٩ من أبواب جهاد النفس وفي الباب ٤١ من أبواب الامر والنهي، وفي الحديث ٨ من الباب ٢٥ وفي الحديث ٣ من الباب ٣٦ وفي الحديث ٣١ من الباب ٩٩ من أبواب مما يكتسب به، وفي الباب ١ من أبواب الربا، وفي الحديث ٤ من الباب ٣ من أبواب الوديعة، وفي الباب ١٠٤ من أبواب مقدمات النكاح.

(٣) يأتي في الأبواب ٢ و ٤ و ٦ و ٩ وفي الحديثين ٢ و ١٢ من الباب ١٧ وفي الحديث ٤ من الباب ٢٨ من هذه الأبواب.

(٤) يأتي في اكثر أبواب حد الزنا.

(٥) يأتي في الحديثين ٣ و ٤ من الباب ١ من أبواب حد السرقة، وفي الحديث ٦ من الباب ١٠٤ من أبواب احكام الأولاد، وفي الباب ٢ من أبواب نكاح البهائم.

الباب ٢

فيه ٥ احاديث

١ - الكافي ٥: ٥٤٣ / ١، والمحاسن: ١٠٨ / ٩٧، واورده بتمامه في الحديث ١ من الباب ١٣٣ من أبواب مقدمات النكاح، وعن الفقيه في الحديث ١ من الباب ١٦ من هذه الأبواب.

٣١٤

محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: ثلاثة لا يكلّمهم الله ولا يزكّيهم ولهم عذاب أليم، منهم المرأة توطئ فراش زوجها.

ورواه الصدوق في( عقاب الأعمال) عن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، مثله (١) .

[ ٢٥٧١٠ ] ٢ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إسحاق بن بلال(٢) ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : إلّا اخبركم بأكبر الزنا؟ قالوا: بلى، قال: هي امرأة توطئ فراش زوجها فتأتي بولد من غيره فتلزمه زوجها، فتلك التي لا يكلّمها الله ولا ينظر اليها يوم القيامة ولا يزكّيها ولها عذاب أليم.

ورواه الصدوق بإسناده عن ابن أبي عمير(٣) .

ورواه في( عقاب الأعمال) عن محمّد بن عليّ بن ماجيلويه، عن على بن إبراهيم (٤) .

ورواه البرقي في( المحاسن) عن ابن أبي عمير، والذي قبله، عن عثمان بن عيسى، مثله (٥) .

[ ٢٥٧١١ ] ٣ - وعنه، عن أبيه، عن النوفليّ عن السكوني، عن أبي عبدالله

____________________

(١) عقاب الأعمال: ٣١٢ / ٥.

٢ - الكافي ٥: ٥٤٣ / ٢.

(٢) في الفقيه: هلال - هامش المخطوط - وفي الكافي: ابي الهلال.

(٣) الفقيه ٣: ٣٧٦ / ١٧٧٥.

(٤) عقاب الأعمال: ٣١٢ / ٦.

(٥) المحاسن: ١٠٨ / ٩٨.

٣ - الكافي ٥: ٥٤٣ / ٣.

٣١٥

( عليه‌السلام ) قال: اشتدّ غضب الله على امرأة أدخلت على أهل بيتها من غيرهم فأكل خيراتهم ونظر إلى عوراتهم.

[ ٢٥٧١٢ ] ٤ - وعنه، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن سماعة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: الحرّ والحرة إذا زنيا جلّد كلّ واحد منهما مائة جلدة، فأمّا المحصن والمحصنة فعليهما الرجم.

[ ٢٥٧١٣ ] ٥ - محمّد بن عليّ بن الحسين في( عقاب الأعمال) بسند تقدّم في عيادة المريض عن النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال: من فجر بامرأة ولها بعل انفجر من فرجهما من صديد جهنّم واد مسيرة خمسمائة عام يتأذّي أهل النار من نتن ريحهما، وكانا من أشدّ الناس عذاباً.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه هنا(٢) وفي الحدود وغير ذلك(٣) .

٣ - باب تحريم ازالة بكارة البكر على غير الزوّج والمولى مطلقا ً

[ ٢٥٧١٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في امرأة افتضّت جارية بيدها، قال: عليها مهرها وتجلد ثمانين.

____________________

٤ - الكافي ٧: ١٧٧ / ٢، واورده في الحديث ٣ من الباب ١ من أبواب حد الزنا.

٥ - عقاب الأعمال: ٣٣٨.

(١) تقدم في الحديث ١ و ٤ و ٧ من الباب ١١٧، وفي الحديث ٢ من الباب ١٢٩ من أبواب مقدمات النكاح.

(٢) يأتي في الباب ٦ و ٧ و ٨ من هذه الأبواب.

(٣) يأتي في جميع أبواب حد الزنا، وفي الباب ٥١ من أبواب نكاح العبيد والاماء.

الباب ٣

فيه ٣ احاديث

١ - الكافي ٧: ٢٠٣ / ٣، واورده عن التهذيب والفقيه في الحديث ١ و ٤ من الباب ٣٩ من أبواب حد الزنا.

٣١٦

[ ٢٥٧١٥ ] ٢ - وعنه، عن أبيه، عن ابن ابي عمير، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث طويل - ان امرأة دعت نسوة فأمسكن صبيّة يتيمة بعدما رمتها بالزنا وأخذت عذرتها باصبعها فقضى أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) أن تضرب المرأة حدّ القاذف وألزمهنّ جميعاً العقر وجعل عقرها أربعمائة درهم.

[ ٢٥٧١٦ ] ٣ - محمّد بن الحسن بإسناده عن طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه إن عليا( عليه‌السلام ) قال: إذا اغتصبت(١) امة فاقتضت(٢) فعليه عشرّ قيمتها، فاذا كانت حرة فعليه الصداق.

ورواه الصدوق بإسناده عن طلحة بن زيد(٣) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٤) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٥) .

٤ - باب تحريم الانزال في فرج المرأة المحرمة، ووجوب العزل في الزنا

[ ٢٥٧١٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن

____________________

٢ - الكافي ٧: ٤٢٥ / ٩، واورده في الحديث ١ من الباب ١٩ من أبواب كيفية الحكم.

٣ - التهذيب ٧: ٤٩١ / ١٩٧١، واورده في الحديث ١ من الباب ٨٢ من أبواب نكاح العبيد ومثله بسند آخر في الحديث ٢ من الباب ٤٥ من أبواب المهور وفي الحديث ٥ من الباب ٣٩ من أبواب حد الزنا.

(١) في المصدر: اغتصب الرجل.

(٢) في المصدر: فاقتضها.

(٣) الفقيه ٣: ٢٦٦ / ١٢٦٥.

(٤) تقدم في البابين ١ و ٢ من هذه الأبواب.

(٥) وياتي في الحديث ١ من الباب ٤٥ من أبواب المهور وفي الباب ٤ من أبواب حدّ السحق وفي الباب ٥٢ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة، وفي الباب ٤٥ من الديات

الباب ٤

فيه حديثان

١ - الكافي ٥: ٥٤١ / ١.

٣١٧

عثمان بن عيسى، عن عليّ بن سالم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنّ أشدّ الناس عذاباً يوم القيامة رجلاً أقرّ نطفته(١) في رحم يحرم عليه.

ورواه الصدوق في( عقاب الأعمال) عن عليّ بن أحمد بن عبدالله، عن أبيه، عن جدّه أحمد بن أبي عبدالله، عن أبيه عن عثمان بن عيسى (٢) .

ورواه البرقي في( المحاسن) مثله (٣) .

[ ٢٥٧١٨ ] ٢ - محمّد بن عليّ بن الحسين: قال النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : لن يعمل ابن آدم عملاً أعظم عند الله عزّ وجلّ من رجل قتل نبيّاً أو اماماً أو هدم الكعبة التي جعلها الله قبلة لعباده أو أفرغ ماءه في امرأة حراماً.

ورواه في( الخصال) عن محمّد بن الحسن، عن سعد، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود، عن غير واحد من أصحابنا، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال النبى( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) (٤) ، وذكر الحديث.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٥) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٦) .

٥ - باب كراهة حديث النفس بالزنا

[ ٢٥٧١٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، وعن عدّة

____________________

(١) في عقاب الأعمال: نطفه « هامش المخطوط » لكن المطبوع في المصدر كما في المتن.

(٢) عقاب الأعمال: ٣١٣ / ٧.

(٣) المحاسن: ١٠٦ / ٨٩.

٢ - الفقيه ٤: ١٢ / ١٠.

(٤) الخصال ١: ١٢٠ / ١٠٩.

(٥) تقدم في الحديثين ١٥ و ١٨ من الباب ١ من هذه الأبواب.

(٦) يأتي في الحديث ٣ من الباب ١ من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد، وفي الحديث ٤ من الباب ٢٨ من هذه الأبواب.

الباب ٥

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٥: ٥٤٢ / ٧.

٣١٨

من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن أبي العبّاس الكوفيّ جميعاً، عن عمرو بن عثمان، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: انّ عيسى( عليه‌السلام ) قال للحواريّين: إنّ موسى أمركم أن لا تحلفوا بالله كاذبين، وأنا آمركم أن لا تحلفوا بالله كاذبين ولا صادقين قالوا: زدنا، قال: إن موسى أمركم أن لا تزنوا، وأنا آمركم أن لا تحدّثوا أنفسكم بالزنا فضلاً عن أن تزنوا، فإنَّ من حدّث نفسه بالزنا كان كمن أوقد في بيت مزوّق فأفسد التزاويق الدخان، وإن لم يحترق البيت.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في مقدمة العبادات وغيرها(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٦ - باب تحريم الزنا على الرجل بالصبية غير المدركة

[ ٢٥٧٢٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن ابن بكير قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) قلت: جارية لم تبلغ وجدت مع رجل يفجر بها؟ قال: تضربُ الجارية دون الحدّ ويقام على الرجل الحدّ.

[ ٢٥٧٢١ ] ٢ - وعن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن على، عن أبان عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لا يحدّ الصبي إذا وقع على المرأة ويحدّ الرجل إذا وقع على الصبيّة.

____________________

(١) تقدم في الباب ٧ من أبواب مقدمة العبادات.

(٢) يأتي في الحديث ١٥ من الباب ٣١ من هذه الأبواب.

الباب ٦

فيه حديثان

١ - الكافي ٧: ١٨٠ / ٢، واورده بتمامه باسناد آخر في الحديث ٢ من الباب ٩ من أبواب حدّ الزنا.

٢ - الكافي ٧: ١٨٠ / ٣، واورده في الحديث ٣ من الباب ٩ من أبواب حدّ الزنا.

٣١٩

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٧ - باب تحريم الزنا على المرأة بالصبي غير المدرك وبعبدها

[ ٢٥٧٢٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، جميعاً، عن ابن محبوب، عن أبي أيّوب، عن سليمان بن خالد، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في غلام صغير لم يدرك ابن عشرّ سنين زنى بامرأة، قال: يجلد الغلام دون الحدّ، وتجلد المرأة الحدّ كاملاً، قيل: فإن كانت محصنة؟ قال: لا ترجم لان الذي نكحها ليس بمدرك، ولو كان مدركاً رجمت.

ورواه الصدوق في( العلل) عن أبيه، عن سعد، عن الهيثمّ بن أبي مسروق، عن الحسن بن محبوب (٣) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٤) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٥) وعلى زنا المرأة بعبدها في نكاح العبيد والإِماء(٦) .

٨ - باب تحريم اغتصاب المرأة الاجنبيّة فرجها

[ ٢٥٧٢٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، وعن

____________________

(١) تقدم في الباب ١ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الباب ٩ من أبواب حد الزنا وفي الباب ٣١ من هذه الأبواب.

الباب ٧

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٧: ١٨٠ / ١، واورده في الحديث ١ من الباب ٩ من أبواب حد الزنا.

(٣) علل الشرائع: ٥٣٤ / ١.

(٤) تقدم في البابين ١ و ٢ من هذه الأبواب.

(٥) يأتي في الباب ٩ من أبواب حد الزنا وفي الباب ١٠ من هذه الأبواب.

(٦) يأتي في الباب ٥١ من أبواب نكاح العبيد والاماء.

الباب ٨

فيه حديثان

١ - الكافي ٧: ١٨٩ / ١، واورده في الحديث ١ من الباب ١٧ من أبواب حد الزنا.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586