مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٤

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل11%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 512

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 512 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 284177 / تحميل: 5538
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

يسبقوه إلى أهله، فجعل يقول: يا صباحاه يا صباحاه اوتيتم اوتيتم(١) .

هكذا بدأت الدعوة الإسلامية، وهوصلى‌الله‌عليه‌وآله يخطو خطوات قصيرة، يجابه ضوضاء الالحاد بحكمه وعظاته حتى دخل في الإسلام بعض الشخصيات البارزة ممن كانت لهم مكانة مرموقة بين الناس، وانجذبت إليه قلوب كثير من الشبان وأصبحت أفئدتهم تهوى إليه، غير أنّ الجو المفعم بالاحن والضغائن عرقل خطا دعوته، وتفاقمت جرائم قريش نحوه، فأجمعوا أمرهم على أن يخنقوا نداءه، بإنهاء حياته وإطفاء نوره، حيث اجتمع سادتهم في دار الندوة، وأجمعوا على أن يأخذوا من كل قبيلة فتى شاباً، ويسلّموا له سيفاً صارماً، وأوصوا هؤلاء الشباب بأن يضربوه ضربة رجل واحد، حتى يموت، فيستريحوا منه، وبذلك يتفرّق دمه في القبائل جميعاً، ولا يقدر بنو هاشم، على حربهم.

ولكنّ الله ردّ كيدهم، وصدّهم عن ذلك، وخيّب حيلتهم، وأخبر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله عن المكيدة الداهمة، فغادر مكة متوجهاً إلى « يثرب » حتى دخلها، فاجتمع حوله رجال من الأوس والخزرج، وبايعوه، ووعدوه بالنصر، والمؤازرة والحراسة.

والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وإن غادر مكة، وترك قومه، إلّا أنّ قومه لم يتركوه، بل أجّجوا نار الشحناء عليه، ودارت بينهم وبين الرسول حروب دامية، وحملات طاحنة، وبذلت قريش آخر ما في وسعها، ورمت كل ما في كنانتها، وبالغت في تقويض الإسلام، وهدم بنائه، إلى أن دخل العام السادس، من الهجرة، فتعاهد الفريقان في أرض الحديبية على هدنة تدوم عشر سنوات، بشروط خاصة.

هذا الصلح الذي تصالح به المسلمون في الحديبية، انقلب الى فتح مبين للإسلام، فانتهز الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله الفرصة لنشر دعوته في البلاد البعيدة، فبعث سفراءه وفي أيدي كل واحد كتاب خاص إلى قيصر الروم، وكسرى فارس، وعظيم القبط، وملك الحبشة، والحارث بن أبي شمر الغساني ملك تخوم الشام، وهوذة بن علي الحنفي ملك اليمامة ،

__________________

(١) السيرة الحلبية، ج ١، ص ٣٢١ المقصود: هوجمتم من قبل العدو.

٤١

بل إلى رؤساء العرب، وشيوخ القبائل، والاساقفة، والمرازبة، والعمال، يدعوهم إلى دين الإسلام، الذي هو دين السلام، ورسالته من الله وما اُنزل إليه من ربّه.

وهذه المكاتيب أول دليل على أنّ رسالته، عالمية لا تحدد بحد، بل تجعل الأرض كلها مجالاً لإقامة هذا الدين، ودونك نماذج ممّا ورد في تلكم الرسائل :

١. كتب إلى كسرى ملك فارس :

« بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس: سلام على من اتبع الهدى أدعوك بدعاية الله فإنّي أنا رسول الله إلى الناس كافة، لاُنذر من كان حيّاً، ويحق القول على الكافرين، أسلم تسلم، فإن أبيت فعليك إثم المجوس »(١) .

٢. وكتبصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى قيصر ملك الروم :

« بسم الله الرحمن الرحيم، إلى هرقل عظيم الروم: سلام على من اتبع الهدى، أمّا بعد فإنّي أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، يؤتك الله أجرك مرّتين فإن تولّيت فإنّما عليك إثم الاريسيين »(٢) .

وما ذكرناه نماذج من رسائله، وكتاباته الإبلاغية، وفيه وفي غيره مصارحة شديدة بأنّه رسول الله إلى العرب والعجم، وإلى الناس كلهم، من غير فرق بين اللون والجنس، والعنصر والوطن، ويمتد شعاع رسالته بامتداد الحضارة، ووجود الانسان، وأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله يكافح كل مبدأ يضاد دينه، وكل رساله تغاير رسالته، وقد جرى الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله عليه طيلة حياته الرسالية، حتى التحق بالرفيق الأعلى.

يقول السير توماس ارنولد: « انّ هذه الكتب قد بدت في نظر من اُرسلت إليهم ضرباً من الخرق، فقد برهنت الأيام على أنّها لم تكن صادرة عن حماسة جوفاء وتدل هذه الكتب دلالة أكثر وضوحاً وأشد صراحة على ما تردد ذكره في القرآن من مطالبة الناس جميعاً بقبول الإسلام ».

__________________

(١) تاريخ الطبري، ج ٢، ص ٢٩٥، تاريخ اليعقوبي، ج ٢، ص ٦١ وغيرهما.

(٢) السيره الحلبية، ج ٢، ص ٢٧٥، مسند أحمد، ج ١، ص ٢٦٣ وغيرهما.

٤٢

فقد قال الله تعالى في سورة ص ٨٧ ـ ٨٨:( إِنْ هُوَ إلّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ *وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ ) .

وفي سورة يس ٦٩ ـ ٧٠:( وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إلّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ *لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ ) .

وفي سورة الفرقان ١:( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ) .

وقال سبحانه:( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) سورة سبأ: ٢٨.

وقال سبحانه:( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ) . سورة الأعراف ١٥٨.

وقال سبحانه:( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ ) . سورة آل عمران: ٨٥.

وقال سبحانه:( وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ) . سورة النساء: ١٢٥.

وقال سبحانه:( قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ *وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى المَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ *اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ وَالمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إلّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَٰهَ إلّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ *يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إلّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ *هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَىٰ وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ ) . التوبة: ٢٩ ـ ٣٣(١) .

__________________

(١) الدعوة إلى الإسلام، ص ٣٤.

٤٣

تأثير تلكم الكتب :

وممّا يدل على أنّ هذه الكتب لم تصدر عن حماسة جوفاء، أنّه قد كان لها أثر بديع في أكثر هذه الأوساط، إذ تجاوبت معها شعور كثير منهم، فنبهتهم من رقدتهم، وانهضتهم من كبوتهم، فأصبحوا متفكّرين من ملبّ لدعوته، وخاضع لرسالته، ومؤمن بما أتاه، إلى معظّم لرسله، ومجيز لهم، ومكبّر إيّاه بإرسال التحف الثمينة، ودونك صورة مصغّرة ممّا أثارته تلكم الكتب في هذه البيئات، وقد روى أصحاب السير والتاريخ أُموراً كثيرة يطول بنا المقام بذكرها :

قال قيصر لأخيه ـ حين أمره برمي الكتاب ـ: أترى أرمي بكتاب رجل يأتيه الناموس الأكبر، وقال لأبي سفيان: إن كان ما تقول حقّاً فإنّه نبي، ليبلغنّ ملكه ما تحتي قدمي.

وخرج ضغاطر أسقف الروم بعد قراءة الكتاب، إلى الكنيسة وقال في حشد من الناس: يا معشر الروم أنّه قد جاءنا كتاب أحمد، يدعونا إلى الله وأنّي أشهد أن لا إلهَ إلّا الله وأنّ أحمد رسول الله.

وقال المقوقس: إنّي قد نظرت في أمر هذا النبي، فوجدته لا يأمر بمزهود فيه، ولا ينهى عن مرغوب فيه، ولم أجده ساحراً ضالاّ، ولا كاهناً كذّاباً.

وكتب فروة عامل قيصر بعمان إلى رسول الله كتاباً، أظهر فيه إسلامه، فلمّا اطّلع عليه قيصر أخذه واستتابه، فأبى فأمر بقتله، فقال حينما يقتل :

بلّغ سراة المسلمين بأنّني

سلم لربّي أعظمي وبناني

وكتب هوذة بن علي ملك اليمامة إلى رسول الله: ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله.

ولبّي المنذر بن ساوى ملك البحرين دعوة الرسول وأظهر إسلامه.

وأجابه ملوك حمير، وأساقفة نجران، ولبّاه عمّال كسرى باليمن، واقيال

٤٤

حضرموت، وملك ايلة ويهود مقنا بالإسلام، أو بإعطاء الجزية.

وكتب النجاشي ملك الحبشة، كتابه المعروف، وأظهر إسلامه إلى درجة صلّى عليه النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عندما بلغه موته(١) .

هذا غيض من فيض، وقليل من كثير، من تأثير دعوته العالمية ورسالته العامّة.

نعم قد شذ منهم كسرى ـ ومن لفّ لفه ـ وهو ذلك الملك الذي ورث السلطة والحكم عن أجداده من آل ساسان، فأبى أن يكون تابعاً للعرب، وخشى من هذا الدين على شخصه وملكه.

ولأجل ذلك لا تعجب إذا ثارت ثائرة كسرى، فمزّق كتاب الرسول، وأرسل إلى باذان، عامله باليمن، وكتب إليه: « ابعث إلى هذا الرجل الذي بالحجاز رجلين جلدين فليأتياني به »(٢) .

هذه صورة اجمالية من بدء دعوته إلى ختامها، أتينا بها بصورة مصغّرة، ليقف القارئ على أنّ دعوته لم تكن مقصورة على بلد خاص، أو شعب خاص بل كانت عالمية غير محدودة، وأنّ مرماه كان هو القضاء على جميع النزعات الاقليمية والمحلية والأديان السالفة وتذويبها في اطار رسالته العالمية الواسعة النطاق، وأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يصرّح بذلك في بدء دعوته، وأثنائها ومختتم أمره.

النصوص القرآنية في عالمية رسالته :

هلم معنا نتلو عليك نصوص القرآن الدالّة على أنّ رسالته، رسالة عالمية وأنّ دعوته لا تختص بإقليم خاص، أو اُمّة معيّنة، وإنّ مرماه هو إصلاح المجتمع البشري على وجه الاطلاق، ويمكن الاستدلال على ذلك بوجوه :

__________________

(١) راجع لمعرفة نصوص ما دار بينهم وبين الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى كتاب « مكاتيب الرسول ».

(٢) الكامل، ج ٢، ص ٨١، السيرة الحلبية، ج ٣، ص ٢٧٨، إلى غير ذلك.

٤٥

الأوّل: إنّ كثيراً من الآيات تصرّح بأنّ رسالته عالمية، وأنّه رسول الله إلى الناس جميعاً، وأنّ الله أرسله رحمة للعالمين، وأنّه بشير ونذير للناس كافة، وأنّه ينذر بقرآنه كل من بلغه كتابه وهتافه، من غير فرق بين شخص وشخص، أو عنصر وآخر، ودونك بعض النصوص من هذا القسم :

١.( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ) ( الأعراف ـ ١٥٨ ).

٢.( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ) ( سبأ ـ ٢٨ ).

٣.( وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَىٰ بِاللهِ شَهِيدًا ) ( النساء / ٧٩ ).

٤.( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) ( الأنبياء ـ ١٠٧ ).

٥.( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ) ( الفرقان ـ ١ ).

٦.( وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ) ( الأنعام ـ ١٩ ).

ـ أي كل من بلغه القرآن، ووصلت إليه هدايته في أقطار الأرض ـ.

٧.( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَىٰ وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ ) ( الصف ـ ٩ ).

٨.( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَّكُمْ ) ( النساء ـ ١٧٠ ).

٩.( الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ) ( إبراهيم ـ ١ ).

١٠.( هَٰذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ ) ( آل عمران ـ ١٣٨ ).

وهذه الآيات ونظائرها ممّا لم ننقلها، صريحة في أنّ هتاف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يختص باُمّة دون اُمّة، وأنّه بعث إلى الناس كافة مبشّراً ومنذراً لهم جميعاً.

الثاني: إنّ القرآن كثيراً ما يوجّه خطاباته إلى الناس غير مقيّدة بشيء، وهذا دليل

٤٦

واضح على أنّ هتافاته وتوجيهاته تعم الناس كافة، ودونك نماذج من هذا القسم.

١.( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) ( البقرة ـ ٢١ ).

٢.( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ) ( البقرة ـ ١٦٨ ) إلى غير ذلك

فترى أنّه يخاطب الناس، ويقول: يا أيّها الناس تصريحاً منه على أنّ رسالته السماوية إلى الناس كلهم، لا إلى صنف خاص منهم.

فلو كان الإسلام ديناً اقليمياً، ورسالته طائفية، فلماذا تأتي هتافاته بلفظ:( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ) ؟!.

فقد تكرر هذا النداء في الكتاب ست عشرة مرة.

بل لماذا يخاطب أهل الكتاب ويناديهم بقوله( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ ) ؟ فقد ورد هذا الخطاب في الذكر الحكيم اثنتي عشرة مرة.

وربّما يستدل في المقام بالخطابات الواردة في القرآن موجهة إلى بني آدم لكن الاستدلال بها لا يخلو من الاشكال، كما سيوافيك بيانه عند البحث عن ختم الدين والرسالة(١) .

الثالث: إنّ القرآن ربّما يأخذ العنوان العام موضوعاً لكثير من أحكامه، من غير تقييد بلون، أو عنصر، أو شعب أرض خاصة، وهذا يكشف عن أنّه بعث إلى إصلاح المجتمع البشري في مشارق الأرض ومغاربها، وأنّ الرسالة التي اُلقيت على عاتقه لا تحدد بحد، ودونك نماذج من هذا القسم :

١.( وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) ( آل عمران ـ ٩٧ ).

فقد أوجب حج البيت على الناس إذا استطاعوا إليه، عرباً كانوا، أم غير عرب ،

__________________

(١) لاحظ الفصل الثاني ـ في هذا الكتاب ـ ص ١١٣.

٤٧

فلم يقل: لله على الاُمّة العربية ـ مثلاً ـ حج بيته.

٢.( وَالمَسْجِدِ الحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ) ( الحج ـ ٢٥ ).

٣.( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) ( لقمان ـ ٦ ). فالجملة الخبرية بمعنى الانشاء وتحريم الاشتراء ولذا استدل الفقهاء بها على حرمة كسب المغنيّات تبعاً للسنّة(١) .

فذم سبحانه كل من اشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله كائناً من كان إلى غير ذلك من الآيات.

الرابع: يقضي صريح القرآن بأنّ هدايته لا تختص بمجتمع خاص، بل تعم كل من تظلّه السماء، وتقلّه الأرض. ودونك بعضها :

١.( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا ) ( النساء: ١٧٤ ).

٢.( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ ) ( البقرة ـ ١٨٥ ).

٣.( وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) ( الزمر: ٢٧ ).

٤.( الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ) ( إبراهيم ـ ١ ).

أليست هذه الآيات صريحة في أنّ القرآن نور وهدى للناس كلّهم، لا للعرب خاصة، ومع ذلك كيف يمكن أن نحمل رسالته على أنّها مختصة باُمّة دون اُمّة ؟! هذا ونجد سبحانه يقول:( وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ ) ( الجمعة: ٣ ) وما المراد من ال‍:( وَآخَرِينَ مِنْهُمْ ) ـ أي من المؤمنين ـ ؟ أليس المراد كل من جاء بعد

__________________

(١) راجع المكاسب، ص ٣٨، للشيخ الأعظم الأنصاري.

٤٨

الصحابة إلى يوم القيامة من العرب والعجم ؟(١) فالآية دالة على عمومية الرسالة مضافاً إلى خاتميتها.

هذه جوانب تلقي ضوءاً على البحث، وتهدف إلى أمر واحد: وهو أنّ رسالته ذات نزعة عالمية، غير محدودة بحد، فلا يحدها قطر، ولا يقيّدها شيء آخر من ألوان التحديد والتقييد، نعم مبدأ البرهان في كل واحد منها يختلف مع ما في الآخر ـ كما يظهر ذلك بالإمعان والتدبّر ـ(٢) .

البرهان على عمومية رسالته بوجه آخر :

وهناك لون آخر من البحث يتصل اتصالاً وثيقاً بطبيعة الإسلام، وبفكرته الكلية، عن الكون والحياة والإنسان، ونظرته الوسيعة الثاقبة في التقنين والتشريع وإن شئت فاجعله خامس الوجوه.

بيانه: أنّ الحقائق الراهنة التي جاء بها الصادع بالحق، في مختلف الأبواب والفصول، لا تستهدف سوى تبنّي الواقع، ولا تأخذ غيره دعامة، ولا تخضع لشرط من الشرائط الزمانية إلّا لنفس الأمر.

وإن شئت فقل: إنّ الإسلام لا يعتمد في أحكامه وتشريعاته وما يرجع إلى الانسان في معاشه ومعاده، إلّا على مقتضى الفطرة التي فطر عليها كلّ بني الإنسان والسائدة في كافة أفراده، في عامة أقطار الأرض جميعاً، وإذا كان الحكم والتشريع موضوعاً على طبق الفطرة الانسانية السائدة في جميع الأقطار والأفراد، فلا وجه

__________________

(١) مجمع البيان، ج ٥، ص ٢٨٤.

(٢) هذه الوجوه الأربعة تختلف في طريق البرهنة على المطلب، فقد استدل في الوجه الأوّل بتصريح القرآن على عموم رسالته، واعتمد في الثانية على شمولية هتافات القرآن وعمومية خطاباته في الفروع والاُصول، وفي ثالثها على أنّ القرآن كثيراً ما يتخذ العنوان العام لموضوع أحكامه، وفي رابعها على نص القرآن بأنّ هدايته وانذاره لا يختص بشعب خاص.

٤٩

لاختصاصه بإقليم دون إقليم، أو بشعب دون شعب.(١)

ولا يجد الباحث ـ مهما اُوتي من مقدرة علمية كبيرة ـ في ما جاء به نبي الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله ، على سعة نطاقه، وبحثه في شتى الجهات، ومختلف النقاط أىّ طابع إقليمي، أو صبغة طائفية، وتلك آية واضحة على أنّ دعوته دعوة عالمية لا تتحيز إلى فئة معيّنة، ولا تنجرف إلى طائفة خاصة.

هذا هو الإسلام وتعاليمه القيّمة ومعارفه الاعتقادية، وسننه التشريعية فأمعن فيها النظرة مرة بعد اُخرى، فهل تجد فيه ما يشير إلى كونه ديناً إقليماً خاص، أو شريعة لفئة محدودة ؟ فإنّ للدين الإقليمي علائم وأمارات، أهمها أنّه يعتمد في معارفه وتشريعاته على خصوصيات بيئية، أو ظروف محلية، بحيث لو انقلبت تلكم الخصوصيات إلى غيرها، أصبحت السنن والطقوس المعتمد عليها كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء، وصار النافع منها ضاراً، فهل تجد أيّها الباحث في ما جاء به الإسلام شيئاً من تلكم الامارات.

هلم معي نحاسب بعض ما جاء به الإسلام في مجالات العلم والعمل، ونضعها على طاولة الحساب، فنكون على بصيرة كاملة في هذا الموضوع: فقبل كل شيء، لاحظ كتاب الله العزيز، ومعجزة الإسلام الخالدة، فقد انبثق نوره منذ أربعة عشر قرناً، حين كانت البشرية تسبح في ظلام دامس مخيف، ضاعت فيه كرامة الانسان وحريته، وساد العداء والتنازع بين الناس، وكان نظام الغاب وحده، مفزعاً للناس وملجأ إليهم.

وفي تلك الظروف جاء القرآن نوراً يستضيء به العالم، ويعيد للانسان كرامته ومكانته وحريته، مؤسّساً لمجتمع قائم على أساس وطيد من العدالة الاجتماعية، سواء في ذلك انسان الجزيرة العربية أم غيرها.

هلم معي نستعرض تعاليمه، فهل نرى آية من آياته الباهرة، أو قانوناً من قوانينه، أو حكمة من حكمه ومعارفه، أو سننه من سنة، أو فريضة من فرائضه تنفع في

__________________

(١) سوف نرجع إليه في ختام البحث، ونجعله دليلاً مستقلاً على عمومية رسالته.

٥٠

مجتمع دون آخر ؟ تفيد في إقليم دون إقليم ؟ تبلغ بمجتمع خاص إلى قمّة الرقي والحضارة، وتسف بجماعة اُخرى إلى هوة الضلال والجهل ؟!

ليت شعري ماذا يريد القائل من كلمته القارصة، أو فريته الشانئة ؟: « الإسلام دين طائفي، أو مبدأ إصلاح إقليمي، لا يصلح لعامة المجتمعات، ولا يصلح لعامة القارات، ولا تسعد به الإنسانية على اختلاف شعوبها وطبقاتها ».

ليت شعري ماذا يريد منها ؟ أيريد معارفه العليا في باب الصانع وصفاته، وما جاء في ذلك الباب من الحقائق الغيبية، والكنوز العلمية، التي لم تحم حولها فكرة انسان قبله، ولم توجد في زبر الاوّلين مثلها، أو شبهها.

فلو أراد ذلك، فتلك فرية بيّنة، إذ الإسلام قد أتى بفلسفة صحيحة وعرفان رصين وتوحيد خالص، فيه دواء المجتمع البشري في الأقطار كلها.

ترى ويرى كل من له إلمام بالإسلام أنّه كافح كل لون من ألوان الشرك، كافح عبدة الأصنام والأجرام السماوية، كافح كل تعلّق بغيره سبحانه، وتخضع لشيء دون الخالق، وأنقذ المجتمع البشري من مخالب الشرك، ومصائد الضلال، ونهاه عن عبادة حجر لا يعقل أو شجر لا يفهم، أو حيوان لا يدفع عن نفسه، أو انسان محتاج مثله، أو غيرها من الأرباب الكاذبة، فأعاد للانسان كرامته وحريته ومكانته المرموقة سواء في ذلك انسان الجزيرة أم غيره.

أيحسب هذا القائل أنّ ذلك التوحيد، وهذا العرفان مختصان بقوم دون قوم كيف ؟ فإذا كان النبي لا يستهدف سوى الواقع ولا يتبنّى غيره، وبعبارة صحيحة: إذا كان لا يوحى إليه سوى الحقيقة المجردة عن شوب كذب، فلا وجه لأن يختص باُمّة دون اُمّة.

ودونك سورة الحديد والآيات التي وقعت في صدرها، فاقرأها بإمعان وتدبّر فهل يعلق الشك بضميرك الحر، بأنّها تعاليم ومعارف تختص بمنطقة خاصة ولا تصلح للتطبيق في مناطق اُخرى، إلى غير ذلك من الآيات الواردة في العقائد والمعارف.

أم يريد أنّ أحكام الإسلام وتشريعاته في العبادات والمعاملات والأخلاق

٥١

وغيرها، قوانين إقليمية، لا تصلح إلّا لظروف خاصة، ولا تفيد إلّا في شبه الجزيرة العربية، ولا يسعد بها إلّا انسانها، دون اناس المناطق الاُخرى، إلّا أنّ تلك فرية بيّنة ليست فيها مسحة من الحق أو لمسة من الصدق، فهذه فروعه ودساتيره وفرائضه لا تجد فيها أثراً للطائفية أو أمارة للإقليمية.

ضع يدك على النظام الاجتماعي الذي جاء به الإسلام في أبواب النكاح والزواج، وأحكام الأولاد والنشوز والطلاق والفرائض، وإصلاح حال اليتامى وإنفاذ الوصايا، والإصلاح بين الناس، وأداء الأمانة، وحسن السلوك معهم، والتعاون والاحسان، إلى غير ذلك ممّا يجده الباحث في النظام الاجتماعي للإسلام.

ضع يدك على النظام الأخلاقي الذي فاق به الإسلام، كافة الأنظمة الخلقية التي كانت قبله، أو تأسّست بعده، فأمر بالصدق وأداء الأمانة، والصبر والثبات وحسن الظن بالناس، والعفو والغفران والقرى والضيافة، والتواضع، والشكر والتوكل، والاخلاق في العمل إلى غير ذلك ممّا أمر به، أو ما نهى عنه كالبخل والاختيال، والبهتان والغضب، والاثرة، والحسد، والغش والبغي والخمر والميسر، والجبن والغيبة والكذب، والاستكبار والرياء، والعجب والتنابز بالألقاب والانتحار والغدر و .

ضع يدك على نظامه السياسي في باب الحكم والسياسة، وما أتى به في اصلاح نظام الحرب، ودفع مفاسدها، وقصرها على مافيه من الخير للبشر، وايثار السلم على الحرب، وعلى الأنظمة والقوانين التي جاء بها في أبواب العقود والمعاملات، فأوجب حفظ المال عن الضياع والاقتصاد فيه وجعل فيه حقوقاً مفروضة ومندوبة، وأحلّ البيع وحرّم الربا، ونهى عن الغش والتطفيف، إلى غير ذلك ممّا يجده المتعمّق في كتب الفقه والأحكام.

قل لي بربّك هل تجد في هذه الأنظمة، أو في ثنايا هذه الأبواب والأحكام حكماً أو أحكاماً فيها تفكير طائفي أو نزعة اقليمية ؟ وإن كنت في ريب فاقرأ الآيات التالية ومئات نظائرها، تجدها دواء المجتمع الانساني في الأقطار كلها :

٥٢

١.( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) ( النحل ـ ٩٠ ). أليست هذه القوانين عماد الاصلاح، وسناد الفلاح في عامة القارات ؟

٢. هلاّ كان منه قوله سبحانه( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ) ( النساء ـ ٥٨ ).

وقد ندد الله باليهود لتجويزهم خيانة الاُميين، يعني العرب المشركين ومن ليس في دينهم، وقال:( وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إلّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) ( آل عمران ـ ٧٥ ).

وليس هذا إلّا لأنّ دينهم على زعمهم كان طائفياً، فالحرام عندهم هو خيانة يهودي ليهودي مثله لا غير، وأمّا الإسلام فلمّا كان ديناً عالمياً غير مختص بطائفة دون اُخرى، فحرّم الخيانة مطلقاً على المسلم والكافر، وذلك آية كونه عالمياً لا طائفياً ولا إقليمياً.

٣. أو ليس منه قوله سبحانه:( وَلْتَكُن منكُمْ اُمّة يَدعُونَ إلى الخيرِ ويأمُرونَ بالمعروفِ وينهَونَ عن المنكرِ ) ( آل عمران ـ ١٠٤ ).

وقد عرضنا هذه الآيات على سبيل التنويه، فليس معنى هذا، أنّ ما جاء به الإسلام في طريق إصلاح المجتمع، محصور في هذا النطاق، فإنّ في كثير من الآيات التي لم نأت بها تنويهاً بمختلف الأخلاق الفاضلة الإنسانية، والشخصية والاجتماعية من صدق، وعدل، وبر، وأمانة، وصلة رحم، ولين جانب، ووفاء عهد، ووعد، ورحمة للضعيف، ومساعدة للمحتاج، ونصرة للمظلوم، وصبر، ودعوة إلى الخير، وتواص بالحق، وعدم اللجاج فيه، والانفاق لله، والدعوة إلى الله بالحكمة، والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن، والتعاون على البر والتقوى، والرغبة في السلم.

كما احتوت آيات كثيرة تنديداً بمختلف الأخلاق السيئة والخصال المذمومة من

٥٣

كذب، وظلم، وبغي، واثم، وقتل نفس، وارتكاب فاحشة، وانتهاك عرض وافك وزور، وعربدة سكر، وإسراف وتبذير، وخيانة ونكث غدر، وخديعة، وقطع رحم، وأكل أموال الناس بالباطل، وجبن، وشح وأمر بمنكر وغلظة قلب، وفظاظة خلق، ورياء ومكابرة وانتقام باغ، وتناقض بين القول والعمل وغرور، وصد عن الحق، إلى غير ذلك من مساوئ الأخلاق ومحاسنها التي تجد نصوصها مبثوثة في القرآن الكريم. وتسهل عليك مراجعتها والاهتداء والتدبّر في معانيها إذا لا حظت كتاب « تفصيل آيات القرآن الكريم »(١) ، « والمعجم المفهرس »(٢) وغيرهما من الكتب والمعاجم.

هذا وقد عاشت الاُمّة الإسلامية بل الانسانية جمعاء(٣) في ظل هذه الدساتير ونظائرها الوافرة في أجيال متتابعة، وفي حقب من الزمان والمكان، فلو كانت مختصة بإقليم خاص، لأدّت إلى التناحر والاندحار في الأقاليم الاُخر، لا إلى الرقي والحضارة(٤) .

الدعوة إلى الفطرة، أساس الأحكام الإسلامية :

لقد بنى الإسلام أحكامه وتوجيهه في العلم والعمل على الفطرة الإنسانية السائدة في جميع الأقطار والأفراد، فدعا إلى التوحيد المطلق، وقرّر مبادئ العدالة والحرية والمواساة والاخاء بين الناس كافة والديمقراطية الحقة، ونشر العلم والحضارة

__________________

(١) تأليف المسيو جول لابوم، وقد وضع كتاباً باللغة الفرنسية، جمع فيه آيات القرآن بحسب معانيها، ووضع كلا منها في باب أو أبواب خاصة، حسب ما فهم منها، ولكنّه أخطأ في كثير من معانيها، فإنّه اكتفى في ترتيبه وتنسيقه بما فهمه من ظواهر الآيات حسب اللغة العربية وقواعدها، من دون أن يرجع إلى أسباب النزول، وسنّة النبي وسيرته والأئمّة من بعده.

(٢) تأليف محمد فؤاد عبد الباقي المصري.

(٣) اعترف به المستشرق غوستاف لوبون في آخر كتابه.

(٤) نعم كل اُمّة ركنت إلى الدعة والراحة، وحنت إلى تقليد عادات الأجانب في معترك الحياة، ونسيت مكانتها ورسالتها وقوانينها وأخذت بغيرها، رجعت إلى ورائها القهقرى وعلى هذا الأساس تعيش الاُمّة الإسلامية في هذا العصر في أنحاء العالم، فتراها متفرقة الكلمة ممزّقة، تأكلها حثالات الأرض.

٥٤

وقضى على الرذائل والمنكرات، والشهوات الجامحة، والتقاليد البالية، والخرافات الكاذبة، والرهبانية المبتدعة، وأمر بالفضائل والصدق في القول والوفاء بالعهد، والاجتناب عن العزوبة بنكاح الحرائر إلى غير ذلك من الوف الأحكام والتشريعات التي أشرنا إلى كثير منها وتعتبر بمجموعها دعائم الاصلاح في العالم كله، ولا تنازع الفطرة بل تطابقها ولا تتخلّف عنها قدر شعرة.

فإذا كانت الفطرة الإنسانية واحدة في الجميع، وكانت الأحكام الإسلامية مبنية عليها في جانب التشريع، فلا وجه لأن تختص بقوم دون قوم، وهذا بحث لطيف سوف نرجع إليه إن شاء الله عند البحث عن كون نبي الإسلام خاتم النبيين، ودينه خاتم الأديان وبه نجيب على الاشكال الدارج على ألسنة بعض المستهترين ممّن لا يؤمن بصريح القرآن في مسألة الخاتمية ويقول: « إنّ النصوص الشرعية في الكتاب والسنّة محدودة، وحوادث الناس ومقاصدهم متجددة ومتغيّرة ولا يمكن أن تفي النصوص المحدودة بالحوادث المتجددة الطارئة » فارتقب حتى يأتيك الجواب والبيان.

الإسلام يكافح المبادئ الرجعية :

وأدل دليل على أنّ الإسلام رسالة عالمية، أنّه يكافح النزعات الاقليمية والطائفية ولا يفرق بين اللون والجنس والعنصر ولا يفضّل أحداً إلّا بالتقوى، ويزيّف كل مقياس سواه ويقول:( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ) ( الحجرات ـ ١٣ ).

كفى له فخراً أنّه أوّل من حارب العصبية والنعرات الطائفية ودعا إلى الاخوة الانسانية، والزمالة البشرية، والانضواء تحت لواء واحد وهو لواء التوحيد المطلق.

أجل حارب العصبية، والنعرات الطائفية في ظل وحدات ثمان، وهو أوّل من أسّسها وأشاد بنيانها، أعني: وحدة الاُمّة، وحدة الجنس البشري، وحدة الدين، وحدة التشريع، وحدة الاخوة الروحية، وحدة الجنسية الدولية، وحدة القضاء، بل وحدة اللغة

٥٥

الدينية(١) .

وقد بلغت بها الاُمّة الإسلامية في العصور السالفة المزدهرة، الذروة من المجد والعظمة، فأصبحت ساسة البلاد وحكّام العباد.

أو ليس الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو قائل تلكم الكلم الدرية التالية، القاضية على كل نعرة طائفية، والانتماء إلى فئة خاصة والاتجاه إلى نجاح شعب خاص، فكيف ترمى شريعته بالطائفية وانقاذ جماعة معينة دون غيرها ؟

١. قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أيّها الناس إنّ الله أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتفاخرها بآبائها ألا إنّكم من آدم وآدم من طين، ألا إنّ خير عباد الله، عبد إتّقاه »(٢) .

٢. « ألا إنّ العربية ليست بأب والد، ولكنّها لسان ناطق، فمن قصر عمله لم يبلغ به حسبه »(٣) .

٣. « إنّ الناس من عهد آدم إلى يومنا هذا، مثل أسنان المشط، لا فضل لعربي على عجمي، ولا لأحمر على أسود إلّا بالتقوى »(٤) .

٤. « إنّما الناس رجلان: مؤمن تقي، كريم على الله; وفاجر شقي، هيّن على الله »(٥) .

وللدكتور حسن إبراهيم حسن هنا كلمة قيّمة، يقول :

« ينكر بعض المؤرخين أنّ الإسلام قد قصد به مؤسسه في بادئ الأمر أن يكون ديناً عالمياً برغم هذه الآيات البيّنات ومن بينهم « وليم ميور » إذ يقول :

« إنّ فكرة عموم الرسالة جاءت فيما بعد، وأنّ هذه الفكرة على الرغم من كثرة الآيات والأحاديث التي تؤيدها، لم يفكر فيها محمد نفسه، وعلى فرض أنّه فكّر فيها ،

__________________

(١) كل ذلك دليل على عالمية تشريعه، وسعة نطاق رسالته، ويجد الباحث في الذكر الحكيم والأحاديث الإسلامية دلائل واضحة على كل واحدة من هذه الوحدات، فلا نقوم بذكرها لئلاّ يطول بنا المقام وقد بحثنا عنها في الجزء الثاني.

(٢ و ٣ و ٤ و ٥) راجع للوقوف على مصادر هذه الكلمات: روضة الكافي، ص ٢٤٨، سيرة ابن هشام ج ٢، ص ٤١٢، بحار الأنوار، ج ٢١، ص ١٠٥، والشرح الحديدي، ج ١٧، ص ٢٨١، وقد أوردنا شطراً آخر من هذه الأحاديث في الجزء الثاني.

٥٦

كان تفكيره تفكيراً غامضاً، فإنّ عالمه الّذي كان يفكّر فيه إنّما كان بلاد العرب كما أنّ هذا الدين الجديد لم يهيأ إلّا لها، وأنّ محمداً لم يوجّه دعوته منذ بعث إلى أن مات إلّا للعرب دون غيرهم، وهكذا نرى أنّ نواة عالمية الإسلام قد غرست ولكنها إذا كانت قد اختمرت ونمت بعد ذلك فاّنما يرجع هذا إلى الظروف والأحوال أكثر منه إلى الخطط والمناهج ».

وكذلك شك « كيتاني » في أن يكون النبي قد تخطّى بفكره حدود الجزيرة العربية ليدعو اُمم العالم في ذلك الوقت إلى هذا الدين.

ومن الغريب أن يشك « وليم ميور » في صحة دعوى عموم الرسالة، وأن يبني شكه هذا على أنّ محمداً ما كان يعرف غير الجزيرة، وأنّها كانت عالمه الذي لم يفكّر في سواه، وأنّ هذا الدين لم يهيأ إلّا لتلك البلاد، وأنّ محمداً منذ بعث إلى أن مات لم يوجّه دعوته إلّا للعرب دون غيرهم، فهل خفيت على ذلك المؤرّخ صلة قريش بدول ذلك العهد، وما أتاحته لها التجارة من دراية وخبرة بشؤون هذه الاُمم وأحوالهم، وأنّ محمداً بوجه خاص قد سافر غير مرة للتجارة إلى بلاد الشام، فقد سافر وهو صبي مع عمه « أبي طالب » في تجاراته حتى إذا بلغ خديجة ما بلغها عن خبرته وأمانته، ألقت بمالها بين يديه، فكان من مهارته وحذقه ما جعلها تعرض عليه الزواج منها، ثم ظل يشتغل بالتجارة حتى بعث، فبعد ذلك يمكن أن يقال عن محمد أنّه كان لا يعرف غير بلاد العرب وهو رجل عصامي لم يكسب مركزه الممتاز في مكّة قبيل البعثة إلّا من ذكاء عقله وكفاية مواهبه.

هل يستبعد على محمد الذي خرج من مكّة ناجياً بنفسه ونفس صاحبه أن يتخطفها الناس لائذاً بأهل المدينة الذين آووه ونصروه، ثم صبر وصابر حتى عاد إلى مكة بعد ثماني سنين وهو السيد الآمر فيها وفي الجزيرة، تحوم حول شخصه مائة ألف من القلوب أو تزيد، ومن ورائهم كثيرون من أرجاء الجزيرة العربية يدينون له بالطاعة يقدم عليه رؤساؤها وأكابرها هل يبعد على هذا الرجل أن يرنو بناظره إلى ما وراء الجزيرة ليبسط عليه سلطانه، إن كان من محبي السلطة والحكم أو ليفيض عليها من

٥٧

الذي غمر الجزيرة وملأها عدلاً وأمناً ودعة وحبّاً ؟

لو قيل أنّ الاسكندر المقدوني كان يعمل على تكوين امبراطورية تشمل العالم القديم كلّه وتجعله يلتف حول هذا الشاب الإغريقي لصدقنا، ولو قيل أنّ « نابليون » كان يعمل على تكوين امبراطورية تشمل العالمين القديم والجديد، ليجلس على عرشها الفتي لصدقنا.

أمّا إذا قيل أنّ محمد بن عبد اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فكّر في أن يدعو خلق الله المتاخمين لجزيرة العرب والمتّصلين بقريش ـ اتصالاً تعيش عليه قريش وينبني على أساسه كلّ شيء في البنية القرشية ـ فذلك أمر يعز على البحث النزيه والعقل الحر ( بزعم « وليم ميور » ) أن يقبله إلّا أن يكون تفكير ذلك النبي في هذا الأمر تفكيراً على نحو غامض.

وأمّا القول بأنّ ذلك الدين لم يهيأ إلّا لبلاد العرب، فإنّ ذلك لم يمنع محمداً من التفكير في تعميم دينه، لأنّ هذا التفكير سواء أتحقق أم لم يتحقق، إنّما يعتمد على اعتقاده أن دينه صالح لذلك، وقد ثبت من القرآن أنّه كان يعتقد أنّ الإسلام قد هيّئ لكلّ حالة، وأنّ القرآن قد تكفّل بتبيان كلّ شيء، إذ يقول الله تعالى لرسوله في غير آية:( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ ) ( سورة النحل ـ ٨٩ ).

ويؤيد دعوى عموم الرسالة للجنس البشري قول محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ بلالاً أوّل ثمار الحبشة، وأنّ صهيباً أوّل ثمار الروم، وكذلك ما قاله عن سلمان الذي كان أوّل من أسلم من الفرس، فكان عبداً نصرانياً بالمدينة اعتنق هذا الدين الجديد في السنة الاُولى من الهجرة، وهكذا صرّح الرسول في وضوح وجلاء، أنّ الإسلام ليس مقصوراً على الجنس العربي قبل أن يدور بخلد العرب أي شيء يتعلّق بحياة الفتح والغزو بزمن طويل، ويؤيد ذلك ما ورد في القرآن الكريم في تلك الآيات البينات »(١) .

__________________

(١) تاريخ الإسلام السياسي ـ الطبعة الخامسة ـ ج ١، ص ١٦٧ ـ ١٧٠، وذكر في المقام بعض الآيات التي تدل على عمومية رسالته.

٥٨

نظرة في الآيات

المشعرة بعدم العمومية

قد عرفت ما هو الحق في المقام بأنّ القرآن الكريم والسنّة النبوية، وسيرتها تدل بوضوح على عمومية رسالته لكل من في الأرض جميعاً.

غير أنّ هناك آيات ربّما يستشم منها عدم عمومية رسالته، وقد وقعت هذه الآيات سنداً للخصم، فنحن نذكر تلك الآيات ونوضح المقصود منها.

١. آيات الانذار :

انّ بعض الآيات في هذا الصدد توجه انذار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى قومه وربّما تشعر باختصاص الرسالة ودونك هذه الآيات :

١.( وَلَٰكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ ) ( القصص ـ ٤٦ ).

٢.( بَلْ هُوَ الحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ ) ( السجدة ـ ٣ ).

٣.( لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ ) ( يس ـ ٦ ).

٤.( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ المُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا ) ( مريم ـ ٩٧ ).

٥٩

فهذه الآيات ونظائرها تخص انذار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بقوم خاص، وبذلك تضيق دائرة الدعوة.

الجواب :

إنّ الإجابة على الاستدلال بهذه الآيات سهلة بعد الوقوف على ما ذكرنا من الآيات المصرحّة بعمومية الرسالة.

لأنّها أوّلاً: لا تخرج من حدّ الاشعار الضعيف الذي لا يعتمد عليه في مقابل الآيات المصرّحة بأشد التصريح بعمومية الدعوة.

وثانياً: إنّ هناك آيات بهذا الصدد تصرّح بعمومية الانذار، ففي سورة يس التي ورد فيها:( لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ ) قوله سبحانه:( لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ ) ( يس ـ ٧٠ ).

فهذه الآية تشعر بأنّ دائرة الانذار تشمل كلّ حي يعقل ويخاطب به وهو يعم كلّ مستعد للهداية سواء أكان من قومه وممن يعيش في الجزيرة العربية أم لا.

وقال سبحانه أيضاً:( وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا ) ( الكهف ـ ٤ ).

وهم يعم اُمّة الكليم والمسيح الذين قالوا: اتّخذ الله ولداً.

فاليهود قالوا بأنّ الله اتّخذ عزيراً ولداً.

والنصارى قالوا: بأنّ الله اتّخذ المسيح ولداً.

وبذلك يظهر أنّ كلّ ما ورد في هذا الصدد من آيات الانذار لا يدل على التخصيص بل هو خطاب بمقتضى المقام.

فقد تقتضي البلاغة توجيه الكلام إلى قسم خاص كما تقتضي المصلحة في مقام آخر توجيه الكلام لكلّ من بعث لانذاره فلاحظ الآيات التالية حيث يقول سبحانه :

( قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ ) ( الأنبياء ـ ٤٥ ).

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

٣٥ -( باب من أعتق مملوكا لا يملك غيره، في مرض الموت وعليه دين بقدر نصف قيمته، صح العتق في سدس المملوك واستسعى، وإن كان الدين أكثر من ذلك بطل العتق)

[١٦٢٥٨] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قيل له: مات مولى لعيسى بن موسى، وترك عليه دينا كثيرا، وترك غلمانا يحيط دينه بأثمانهم، وأعتقهم عند الموت، فسأل عيسى بن موسى ابن شبرمة وابن أبي ليلى عن ذلك، فقال(١) ابن شبرمة: أرى أن تستسعيهم في قيمتهم فتدفعها إلى الغرماء، فإنه قد أعتقهم عند موته، وقال ابن أبي ليلى، أرى أن تبيعهم ( فتدفعها )(٢) إلى الغرماء، فليس له أن يعتقهم وعليه دين يحيط بهم، فقالعليه‌السلام : « عن رأي ( أيهما صدر )(٣) ؟ » قيل: عن رأي ابن أبي ليلى، وكان له في ذلك هوى، فباعهم وقضى دينه، فقال: « أما والله إن الحق لفي ما قال ابن أبي ليلى » وذكر بعد هذا احتجاجا طويلا.

[١٦٢٥٩] ٢ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « من أعتق عبدا له عند الموت وعليه دين يحيط بثمن العبد، بيع العبد ولم يجز عتقه، وإن لم يحط الدين به، وعتق منه سهم من ستة أسهم السدس فما فوقه، جاز العتق إذا كان الذي يعتق منه يخرج بالقيمة من الثلث بعد الدين ».

[١٦٢٦٠] ٣ - وعنهعليه‌السلام ، أنه سئل عن رجل أعتق عند موته عبدا له ليس له مال غيره وعليه دين، قال: « وكم الدين؟ قيل: مثل قيمة العبد

__________________

الباب ٣٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٦٩ ح ١٩٢.

(١) في المصدر زيادة: له.

(٢) في المصدر: وتدفع أثمانهم.

(٣) في المصدر: أيها أهدر.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٠٥ ح ١١٤٧.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٠٥ ح ١١٤٨.

١٢١

أو أكثر، قال: « إن كان مثل قيمته(١) بيع العبد وقضي الدين، وإن كان الدين أكثر تتحاص الغرماء في ثمن العبد » قيل له: إن هذا يدخل فيه قال للقائل: « فادخل أنت فيه ما شئت » قال: ما تقول في العبد إن كانت قيمته ستمائة والدين خمسمائة؟ قال: « يباع فيعطى الغرماء خمسمائة ويعطى الورثة المائة » قيل: أليس قد فضل من قيمة العبد مائة ولثلثها وقد أعتق منه بقدر ذلك؟ فتبسم وقال: « هذه وصيته، ولا وصية، لمملوك(٢) » قيل: فإن كانت قيمته ستمائة والدين أربعمائة، قالعليه‌السلام ، « كذلك يباع ويعطى الغرماء أربعمائة، وللورثة ما بقي » قيل: فإن كان الدين ثلاثمائة وقيمة العبد ستمائة، قال: « من ها هنا أتيتم، وجعلتم الأشياء شيئا واحدا ولم تعرفوا السنة، إذا اعتدل مال الورثة أو الغرماء، ( أو )(٣) كان مال الورثة أكثر من مال الغرماء، جازت الوصية ولم يتهم الرجل على وصيته، فالآن يوقف هذا المملوك في ثلاثمائة للغرماء مائتين للورثة، وقد ملك سدسه، ثم يخرج حرا ».

[١٦٢٦١] ٤ - الصدوق في المقنع وإن أعتق رجل مملوكه عند موته وعليه دين، وقيمة العبد ستمائة درهم، ودينه خمسمائة، فإنه يباع العبد فيأخذ الغرماء خمسمائة وتأخذ الورثة مائة، فإن كانت قيمة العبد ستمائة درهم ودينه أربعمائة درهم، فيأخذ الغرماء أربعمائة وتأخذ الورثة مائتين، ولا يكون للعبد شئ، فإن كانت قيمة العبد ستمائة درهم ودينه ثلاثمائة درهم، واستوى مال الغرماء ومال الورثة، أو كان مال الورثة أكثر من مال الغرماء، لم يتهم الرجل على وصيته، وأجيزت على وجهها، ويوقف العبد فيكون نصفه للغرماء وثلثه للورثة، ويكون له السدس من نفسه.

__________________

(١) في نسخة: قيمة العبد.

(٢) في نسخة: للمملوك.

(٣) أثبتناه من المصدر.

٤ - المقنع ص ١٥٥.

١٢٢

٣٦ -( باب وجوب اخراج حجة الاسلام من الأصل، والمندوبة من الثلث إن أوصى بها، وحكم الوصية بالحج)

[١٦٢٦٢] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، أبيه، عن جده جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، في رجل يحضره الوفاة، فوصى(١) أن عليه حجة الاسلام وأنه لم يحج، قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « إن خلف ما يحج به عنه أخرج ذلك من رأس المال، وان كانت حجة نافلة أخرجت من الثلث ».

[١٦٢٦٣] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وان أوصى بحج وكان صرورة حج عنه من جميع ماله، وإن كان قد حج فمن الثلث، فإن لم يبلغ ماله ما يحج عنه من بلده حج عنه من حيث يتهيأ ».

٣٧ -( باب حكم وصية الصغير ومن بلغ عشر سنين أو ثمان سنين أو سبعا، وعدم جواز وصية السفيه والمجنون، وحد، البلوغ)

[١٦٢٦٤] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « الغلام إذا أدركه الموت ولم يدرك مبلغ الرجال وأوصى، جازت وصيته لذوي الأرحام، ولم يجز لغيرهم ».

[١٦٢٦٥] ٢ - العياشي في تفسيره: عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله

__________________

الباب ٣٦

١ - الجعفريات ص ٦٦.

(١) في المصدر: فيوصي.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

الباب ٣٧

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٧.

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٩١ ح ٧١.

١٢٣

عليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « إذا بلغ ثلاث عشرة سنة، كتب له الحسن وكتب عليه السئ وجاز أمره إلا أن يكون سفيها أو ضعيفا ».

٣٨ -( باب عدم جواز دفع الموصي مال اليتيم إليه قبل البلوغ والرشد)

[١٦٢٦٦] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في ولي اليتيم: « إذا قرأ القرآن واحتلم وأونس منه الرشد دفع إليه ماله، وان احتلم ولم يكن له عقل يوثق به لم يدفعه إليه، وأنفق منه بالمعروف ( عليه )(١) ».

[١٦٢٦٧] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وأروي عن العالمعليه‌السلام : لا يتم بعد احتلام، فإذا احتلم امتحن في أمر الصغير والوسط والكبير، فان أونس منه رشد دلع إليه ماله، وإن كان على حالته إلا أن يؤنس منه الرشد ».

٣٩ -( باب وجوب تسليم الوصي مال الولد إليه بعد البلوغ والرشد، وتحريم منعه)

[١٦٢٦٨] ١ - علي بن إبراهيم في تفسيره قوله تعالى:( وَابْتَلُوا الْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُ‌شْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ) (١) « قال: قال يعني الصادقعليه‌السلام كما هو الظاهر: » من كان في يده مال بعض(٢)

__________________

الباب ٣٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٦٦ ح ١٨٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٤.

الباب ٣٩

١ - تفسير القمي ج ١ ص ١٣١.

(١) النساء ٤: ٦.

(٢) بعض: ليس في المصدر.

١٢٤

اليتامى، فلا يجوز له أن يعطيه حتى يبلغ النكاح ويحتلم إلى أن قال فإذا كان ذلك فقد بلغ، فيدفع إلى ماله إذا كان رشيدا، ولا يجوز أن يحبس عنه ماله ».

[١٦٢٦٩] ٢ - وعن أبي الجارود، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « من كان في يده مال بعض(١) اليتامى، فلا يجوز أن يعطيه حتى يبلغ النكاح ويحتلم(٢) ، فإذا احتلم وجب عليه الحدود وإقامة الفرائض، ولا يكون مضيعا إلى أن قال دفع إليه المال ».

٤٠ -( باب جواز الوصية بالكتابة مع تعذر النطق)

[١٦٢٧٠] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال: « والإشارة بالوصية لمن لا يستطيع الكلام يجور إذا فهمت ».

[١٦٢٧١] ٢ - أبو عمرو الكشي في رجاله: عن حمدويه، عن الحسن بن موسى قال: روى أصحابنا، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « أتاني ابن عم لي يسألني أن آذن لحيان السرج فأذنت له، فقال: يا أبا عبد الله، إني أريد أن أسألك عن شئ أنا به عالم، الا أني أحب أن أسألك عنه، أخبرني عن عمك محمد بن عليعليهما‌السلام ، مات؟ قال: فقلت: أخبرني أبي أنه كان في ضيعة له، فأتي فقيل له أدرك عمك، قال: فأتيت وقد كانت أصابته غشية، فأفاق فقال لي: ارجع إلى ضيعتك، قال فأبيت، فقال لترجعن، قال: فانصرفت فما بلغت الضيعة حتى أتوني، فقالوا: أدركه، فأتيته

__________________

٢ - تفسير القمي ج ١ ص ١٣١، وعنه في البحار ج ١٠٣ ص ١٦٣ ح ١٠.

(١) بعض: ليس في المصدر.

(٢) ويحتلم: ليس في المصدر.

الباب ٤٠

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٦٣ ح ١٣٢٠.

٢ - رجال الكشي ح ٢ ص ٦٠٢ ح ٦٩ ٥.

١٢٥

فوجدته قد اعتقل لسانه، فأتوا بطست وجعل يكتب وصيته، فما رجعت حتى غمضته وكفنته وغسلته وصليت عليه ودفنته، فإن كان هذا موتا فقد والله مات » قال: فقال لي: رحمك الله شبه تصدق(١) على أبيك، قال: فقلت: « يا سبحان الله أنت، تصدف على قلبك » قال: فقال لي: ما الصدف على القلب؟ قال: « قلت: الكذب ».

٤١ -( باب صحة الوصية بالإشارة في الضرورة، وانه لا يشترط في صحة وصية المرأة رضاء الزوج)

[١٦٢٧٢] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « إن امامة بنت أبي العاص بن الربيع بنت زينب بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان تزوجها عليعليه‌السلام بعد فاطمةعليها‌السلام ، فتزوجها من بعده المغيرة بن نوفل، وأنها مرضت فاعقل لسانها، فدخل عليهما الحسن والحسينعليهما‌السلام ، فجعلا يقولان لها والمغيرة كاره لذلك: أعتقت فلانا وفلانة، فتومئ برأسها ان نعم، ويقولان لها: تصدقت بكذا وكذا: فتومئ برأسها ( أن نعم )(١) وماتت على ذلك، فأجازا وصاياها ».

٤٢ -( باب ان من أوصى إلى صغير وكبير، وجب على الكبير امضاء الوصية ولا ينتصر بالصغير فإذا بلغ الصغير، تعين عليه الرضى، إلا ما كان فيه تغيير)

[١٦٢٧٣] ١ - الصدوق في المقنع: وإذا أوصى الرجل إلى امرأة وغلام غير

__________________

(١) في نسخة: الصدوق.

الباب ٤١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٦٢ ح ١٣٢٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ٤٢

١ - المقنع ص ١٦٤.

١٢٦

مدرك، فجائز للمرأة أن تنفذ الوصية ولا تنتظر بلوغ الغلام، وليس للغلام إذا أدرك أن يرجع في شئ مما أنفذته المرأة، إلا ما كان من تغيير أو تبديل، فان له أن يرده إلى ما أوصى به الميت.

[١٦٢٧٤] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : مثله، إلى قوله: « تبديل » وفي بعض نسخه: « وله وغلام » إلى آخره.

٤٣ -( باب أن من أوصى إلى اثنين، لم يجز لأحدهما أن ينفرد بنصف التركة إلا مع اذن الوصي)

[١٦٢٧٥] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا أوصى رجل إلى رجلين فليس لهما أن ينفرد كل واحد منهما بنصف التركة، وعليهما إنفاذ الوصية على ما أوصى الميت ».

٤٤ -( باب أن من أوصى ثم قتل نفسه صحت وصيته، فان جرح نفسه ثم أوصى ثم مات بذلك الجرح بطلت وصيته)

[١٦٢٧٦] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل عن وصية قاتل نفسه، قال: « إذا أوصى بها بعد أن أحدث الحدث في نفسه ومات منه، لم تجز وصيته ».

٤٥ -( باب جواز الوصية إلى المرأة على كراهية، وحكم الوصية إلى شارب الخمر)

[١٦٢٧٧] ١ - ثقة الاسلام في الكافي: عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد أو

__________________

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

الباب ٤٣

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

الباب ٤٤

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٦٣ ح ١٣٢٣.

الباب ٤٥

١ - الكافي ج ١ ص ٢٤٧ ح ١٣.

١٢٧

غيره، عن محمد بن الوليد، عن يونس، عن داود بن زربي، عن أبي أيوب النحوي، أنه قال: بعث إلي أبو جعفر المنصور في جوف الليل، فأتيته فدخلت عليه وهو جالس على كرسي، وبين يديه شمعة وفي يده كتاب، قال: فلما سلمت عليه رمى بالكتاب إلي وهو يبكي، فقال لي: هذا كتاب محمد بن سليمان، يخبرنا أن جعفر بن محمدعليهما‌السلام قد مات، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ثلاثا، وأين مثل جعفر؟ ثم قال لي: اكتب، فكتبت صدر الكتاب، ثم قال: أكتب: إن كان أوصى إلى رجل واحد بعينه فقدمه واضرب عنقه، قال: فرجع إليه الجواب، أنه قد أوصى إلى خمسة، وأحدهم أبو جعفر المنصور، ومحمد بن سليمان، وعبد الله، وموسىعليه‌السلام ، وحميدة.

[١٦٢٧٨] ٢ - الصدوق في المقنع: وكتب إلى بعض الأئمةعليهما‌السلام : امرأة ماتت وأوصت إلى امرأة، ودفعت إليها خمسمائة درهم، ولها زوج وولد، وأوصتها أن تدفع سهما منها إلى بناتها، وتصرف الباقي إلى الامام، فكتب: « يصرف الثلث من ذلك ( إلى الامام )(١) والباقي يقسم على سهام الله بين الورثة ».

[١٦٢٧٩] ٣ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه كتب إلى رفاعة لما استقضاه على الأهواز كتابا فيه: « ذر(١) المطامع إلى أن قالعليه‌السلام من ائتمن امرأة حمق ».

٤٦ -( باب حكم من أوصى بجز من ماله)

[١٦٢٨٠] ١ - العياشي في تفسيره: عن علي بن أسباط، أن أبا الحسن الرضا

__________________

٢ - المقنع ص ١٦٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٣٤ ح ١٨٩٩.

(١) في الحجرية: ذرع، وما أثبتناه من المصدر.

الباب ٤٦

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٤٣ ح ٤٧٢.

١٢٨

عليه‌السلام سئل عن قول الله:( قَالَ بَلَىٰ وَلَـٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ) (١) إلى أن قال: قالعليه‌السلام : « والجزء واحد من عشرة ».

[١٦٢٨١] ٢ - وعن عبد الرحمن بن سيابة قال: إن امرأة أوصت إلي وقالت لي: ثلثي تقضي به دين ابن أخي، وجزء منه لفلانة، فسألت عن ذلك ابن أبي ليلى، فقال: ما أرى لها شيئا، وما أدري ما الجزء، فسألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، وأخبرته كيف قالت المرأة، وما قال ابن أبي ليلى، فقالعليه‌السلام : « كذب ابن أبي ليلى، لها عشر الثلث، إن الله تعالى أمر إبراهيمعليه‌السلام فقال:( اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ) (١) وكانت الجبال يومئذ عشرة وهو العشر من الشئ ».

[١٦٢٨٢] ٣ - وعن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في رجل أوصى بجزء من ماله، فقال: « جزء من عشرة، كانت الجبال عشرة » الخبر.

[١٦٢٨٣] ٤ - وعن إسماعيل بن همام الكوفي قال: قال الرضاعليه‌السلام ، في رجل أوصى بجزء من ماله، فقال: « جزء من سبعة، إن الله يقول في كتابه:( لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ ) (١) ».

[١٦٢٨٤] ٥ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أن رجلا من أصحابه قال له: إن امرأة عندنا أوصت بثلثها وقالت: يعطى منه جزء لفلان، وجزء لفلان، وان ابن أبي ليلى ( رفع ذلك إليه فأبطله )(١) ،

__________________

(١) البقرة ٢: ٢٦٠.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٤٤ ح ٤٧٤.

(١) البقرة ٢: ٢٦٠.

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٤٤ ح ٤٧٥.

٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٤٤ ح ٢١.

(١) الحجرة ١٥: ٤٤.

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٥٢ ح ١٣٠٣.

(١) في نسخة: أبطل ذلك لما رفع ذلك إليه.

١٢٩

وقال: إنما ذكرت شيئا ولم تسمه، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « لم يدر ابن أبي ليلى وجه الصواب، الجزء واحد من عشر » يعني ( صلوات الله عليه ): أن الاجزاء كلها إنما تتجزأ من عشرة فما دونها، يقال: نصف وثلث ( و )(٢) ربع كذلك إلى العشرة، وليس كذلك فوقها.

[١٦٢٨٥] ٦ - فقه الرضاعليه‌السلام : « إذا أوصى رجل لرجل بجزء من ماله، فهو واحد من عشرة، لقول الله:( ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ) (١) وكانت الجبال عشرة، وروي جزء من سبعة، لقول الله عز وجل:( لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ ) (٢) ».

[١٦٢٨٦] ٧ - الصدوق في المقنع: وان أوصى بجزء من ماله، فهو واحد من عشرة.

٤٧ -( باب حكم من أوصى بسهم من ماله، ومن أوصى بعتق كل مملوك قديم في ملكه)

[١٦٢٨٧] ١ - العياشي في تفسيره: عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسنعليه‌السلام ، قال: سألته عن رجل أوصى بسهم من ماله، وليس يدرى أي شئ هو، قال: « السهام ثمانية، وكذلك(١) قسمها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم تلا:( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَ‌اءِ وَالْمَسَاكِينِ ) (٢) إلى آخر الآية، ثم قال: إن السهم واحد من ثمانية ».

__________________

(٢) أثبتناه من المصدر.

٦ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

(١) البقرة ٢: ٢٦٠.

(٢) الحجر ١٥: ٤٤.

٧ - المقنع ص ١٦٣.

الباب ٤٧

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٦.

(١) في المصدر: لذلك.

(٢) التوبة ٩: ٦٠.

١٣٠

[١٦٢٨٨] ٢ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في رجل أوصى لرجل بسهم من ثلثه، قال: « يعطى سدسه، لان السهام من ستة ».

[١٦٢٨٩] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فان أوصى بسهم من ماله، فهو سهم من ستة أسهم ».

[١٦٢٩٠] ٤ - الصدوق في المقنع: وان أوصى بسهم من ماله، فهو واحد من ستة.

وفي الهداية، مثله(١) .

٤٨ -( باب حكم من أوصى بشئ من ماله، وحكم من أوصى لجيرانه)

[١٦٢٩١] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وكذلك إذا أوصى بشئ من ماله غير معلوم، فهي واحدة من ستة ».

الصدوق في الهداية: مثله(١) .

٤٩ -( باب من أوصى بسيف وفيه حلية دخلت في الوصية)

[١٦٢٩٢] ١ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنه سئل عن رجل أوصى لرجل بسيف كان(١) في جفنه(٢) وعليه حلية، فقال له الورثة:

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٥٨ ح ١٣٩٤.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

٤ - المقنع ص ١٦٣.

(١) الهداية ص ٨١.

الباب ٤٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

(١) الهداية ص ٨١.

الباب ٤٩

١ - الهداية ص ٨٢.

(١) في المصدر زيادة: له.

(٢) جفن السيف: غمده ( لسان العرب جفن ج ١٣ ص ٨٩ ).

١٣١

إنما لك النصل، فقال: « السيف بما فيه له ».

٥٠ -( باب أن من أوصى لشخص بصندوق فيه مال، دخل المال في الوصية)

[١٦٢٩٣] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا أوصى رجل لرجل بصندوق أو سفينة، وكان في الصندوق أو السفينة متاع أو غيره، فهو مع ما فيه لمن أوصي(١) ، إلا أن يكون قد استثنى ما فيه ».

[١٦٢٩٤] ٢ - الصدوق في المقنع: مثله.

وفي الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنه سئل عن رجل أوصى لرجل بصندوق فيه مال، فقال: « الصندوق بما فيه له ».

٥١ -( باب أن من أوصى لشخص بسسفينة وفيها طعام، دخل في الوصية)

تقدم في الباب السابق، ما يدل عليه.

[١٦٢٩٥] ١ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنه سئل عن رجل قال: هذه السفينة لفلان، ولم يسم ما فيها، وفيها طعام، قال: « هي للذي أوصى له بها وبما فيها، إلا أن يكون صاحبها استثنى ما فيها، وليس للورثة فيها شئ ».

__________________

الباب ٥٠

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

(١) في المصدر زيادة: له.

٢ - المقنع ص ١٦٦، الهداية ص ٨١.

الباب ٥١

١ - الهداية ص ٨١.

١٣٢

٥٢ -( باب أن من أوصى بماله للكعبة، وجب صرفه إلى المحتاجين من الحجاج والمعتمرين، لا إلى الخدم)

[١٦٢٩٦] ١ - ابن شهرآشوب في المناقب: أوصى رجل بألف درهم للكعبة، فجاء الوصي إلى مكة وسأل فدلوه إلى بني شيبة، فأتاهم فأخبرهم الخبر، فقالوا له: برئت ذمتك ادفعه الينا، فقال الناس: سل أبا جعفرعليه‌السلام ، فسأله فقالعليه‌السلام : « إن الكعبة غنية عن هذا، انظر إلى من زار هذا البيت فقطع به، أو ذهبت نفقته، أو ضلت راحلته، أو عجز أو يرجع إلى أهله، فادفعها إلى هؤلاء ».

٥٣ -( باب أن الوصي إذا نسي بعض مصارف الوصية، صرف ذلك المبلغ إلى البر)

[١٦٢٩٧] ١ - الصدوق في المقنع: فإن أوصى بوصية ولم يحفظ الوصي إلا بابا واحدا، فالأبواب الباقية تجعل في البر.

٥٤ -( باب أن من أوصى بمال للحج والعتق والصدقة، قدم الحج، وقسم الباقي بين العتق والصدقة)

[١٦٢٩٨] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإن أوصى بثلث ماله في حج وعتق وصدقة تمضي وصيته، فإن لم يبلغ ثلث ماله ما يحج عنه ويعتق ويتصدق منه، بدئ بالحج فإنه فريضة، وما يبقى جعل في عتق أو صدقة إن شاء الله ».

الصدوق في المقنع: مثله، وفيه: وما يبقى بعضه في العتق، وبعضه

__________________

الباب ٥٢

١ - المناقب ج ٤ ص ١٩٩، وعنه في البحار ج ١٠٣ ص ٢٠٤ ح ١١.

الباب ٥٣

١ - المقنع ص ١٦٧.

الباب ٥٤

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

١٣٣

في الصدقة(١) .

[١٦٢٩٩] ٢ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، أنهما قالا في حديث: « وكذلك إن أوصى بأن يحج عنه ولم(١) يكن حج، فإنه يبدأ بالحج على سائر الوصايا ».

٥٥ -( باب أن الوصية إذا تعددت، وجب الابتداء بالأولى ثم ما بعدها حتى يتم الثلث، وبطل الزائد مع عدم إجازة الوارث)

[١٦٣٠٠] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام (١) ، أنه قال في الرجل يعتق بعض عبيده عند الموت، وليس له مال غيرهم، ولم يعلم من أعتق أولا منهم إذا لم يسمه، قالعليه‌السلام : « يقرع بينهم ويعتق الأول فالأول حتى يبلغوا(٢) الثلث » قال أبو جعفرعليه‌السلام : فان سماهم فقال: أعتقوا فلانا وفلانا وفلانا، نظر في ثلثه وفي أثمانهم، ثم بدئ بعتق من سماه أولا فأولا، فان خرج الثلث على الرؤوس عتقوا إلى أن قال وكان الباقي ميراثا ».

٥٦ -( باب أن من أعتق في مرضه وأوصى بوصية، قدم العتق وبطل ما زاد على الثلث)

[١٦٣٠١] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ،

__________________

(١) المقنع ص ١٦٤.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٥٧ ح ١٣٠٢.

(١) في المصدر: من لم.

الباب ٥٥

١ - في المصدر: عن جعفر بن محمدعليه‌السلام .

(٢) في المصدر: المبلغ.

الباب ٥٦

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٥٧ ح ١٣٠٢.

١٣٤

أنهما قالا: « من أوصى بوصايا ذكر فيها العتق، فإنها تخرج من ثلثه ويبدأ بالعتق، ويكون ما فضل في الوصايا ».

٥٧ -( باب حكم من أعتق بعض مملوكه في مرضه، أو حصة منه)

[١٦٣٠٢] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل عمن أعتق ثلث عبده عند الموت، قال: « يعتق ثلثه، ويكون الثلثان للورثة ».

[١٦٣٠٣] ٢ - الصدوق في المقنع: سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام ، عن امرأة أعتقت ثلث جاريتها عند موتها، أعلى أهلها أن يكاتبوها إن شاؤوا أو أبوا؟ قال: « لا، ولكن لها ثلثها، وللوارث ثلثاها، يستخدمها بحساب ماله، ( فيها )(١) ويكون لها من نفسها بحساب ما أعتق منها ».

[١٦٣٠٤] ٣ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال في رجل توفي وترك جارية أعتق ثلثها، فتزوجها الوصي قبل أن يقسم شئ من الميراث: « انها تقوم وتستسعي هي وزوجها في بقية ثمنها بعد ما تقوم، فما أصاب المرأة من رق أو عتق جرى على ولدها ».

٥٨ -( باب أن من أوصى أن يعتق عنه نسمة بخمسمائة، فاشتريت بأقل، أعطيت الباقي ثم أعتقت)

[١٦٣٠٥] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في رجل أوصى أن تعتق عنه نسمه بمائة دينار، فوجدوها بأقل، قال: « يرد الفضل

__________________

الباب ٥٧

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٠٤ ح ١١٤٥.

٢ - المقنع ص ١٥٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

٣ - المقنع ص ١٦٠.

الباب ٥٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٦٣ ح ١٣٢١.

١٣٥

على النسمة ».

[١٦٣٠٦] ٢ - الصدوق في المقنع: وان أوصى أن يعتق عنه نسمة(١) بخمسمائة درهم، فاشترى الوصي نسمة بأقل من خمسمائة درهم، وفضلت فضلة، فان الفضلة تدفع إلى النسمة من قبل أن تعتق.

٥٩ -( باب أن المملوك لا يجوز له أن يوصي، ولا تمضي وصيته إلا بإذن سيده)

[١٦٣٠٧] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنين وأبي جعفر وأبي عبد اللهعليهم‌السلام أنهم قالوا: « لا وصية للمملوك ».

٦٠ -( باب حكم الوصية للعبد بمال)

[١٦٣٠٨] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « من أوصى بثلث ماله لعبده، فإنه يقوم فإن كان الثلث أقل من قيمة العبد بقدر ربع القيمة، استسعى العبد في الربع، وإن كان الثلث أكثر من قيمته أعتق العبد ودفع إليه الفضل، وإن لم يعتق بالقيمة من الثلث إلا دون السدس منه لم تكن له وصية ».

[١٦٣٠٩] ٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنه سئل عن رجل أعتق عند موته عبدا له ليس له مال غيره وعليه ( دين )(١) قال: « وكم الدين؟ » قيل: مثل قيمة العبد أو أكثر، قال: « إن كان مثل قيمته بيع العبد وقضي الدين، فان

__________________

٢ - المقنع ص ١٦٥.

(١) في المصدر زيادة: من ثلثه.

الباب ٥٩

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٦٢ ح ١٣١٨.

الباب ٦٠

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٦٢ ح ١٣١٦.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٠٥ ح ١١٤٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٣٦

كان الدين أكثر تحاص الغرماء في ثمن العبد » قيل: إن هذا يدخل فيه قال للقائل: « فادخل أنت فيه ما شئت » قال: ما تقول في العبد ان كانت قيمته ستمائة والدين خمسمائة؟ قال: « يباع فيعطى الغرماء خمسمائة ويعطى الورثة المائة » قيل: « أليس قد فضل من قيمة العبد مائة وله ثلثها، وقد أعتق منه بقدر ذلك؟ فتبسمعليه‌السلام وقال: « هذه وصية، ولا وصية لمملوك ».

٦١ -( باب أن الوصية تصح للمكاتب بقدر ما أعتق منه خاصة)

[١٦٣١٠] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه سئل عن الوصية للمكاتب ووصيته، قال: « يجوز منها بقدر ما أعتق منه ».

٦٢ -( باب استحباب الوصية للقرابة وإن كان قاطعا)

[١٦٣١١] ١ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره قال: كتب الينا الفضل بن شاذان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الحميد، عن سالمة مولاة أم ولد كانت لأبي عبد اللهعليهم‌السلام قالت: كنت عند أبي عبد الله حين حضرته الوفاة، فأغمي عليه، فلما أفاق قال: « أعطوا الحسن بن علي بن علي بن الحسين وهو الأفطس سبعين دينارا » قلت: أتعطي رجلا حمل عليك بالشفرة(١) ؟ قال: « ويحك أما تقرئين القرآن؟ » قلت، بلى قال: « أما سمعت قول الله تبارك وتعالى:( وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ‌ اللَّـهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَ‌بَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ

__________________

الباب ٦١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٦٢ ح ١٣١٧.

الباب ٦٢

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٠٩ ح ٣٢.

(١) الشفرة: السكين العريضة العظيمة ( لسان العرب شفر ج ٤ ص ٣٢٠ ).

١٣٧

الْحِسَابِ ) (٢) ؟ ».

[١٦٣١٢] ٢ - وعن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « من لم يوص عند موته لذوي قرابته ممن لا يرث، فقد ختم عمله بمعصية ».

[١٦٣١٣] ٣ - الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة: عن جماعة، عن البزوفري، عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن هشام بن أحمر، عن سالمة مولاة أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قالت: كنت عند أبي عبد الله جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، حين حضرته الوفاة وأغمي عليه، فلما أفاق قال: « أعطوا الحسن بن علي بن علي بن الحسينعليهما‌السلام وهو الأفطس سبعين دينارا، وأعطوا فلانا كذا وفلانا كذا » فقلت: أتعطي رجلا حمل عليك بالشفرة يريد يقتلك؟ قال: « تريدين(١) أن لا أكون من الذين قال الله عز وجل:( وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ‌ اللَّـهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَ‌بَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ) (٢) نعم يا سالمة، إن الله عز وجل خلق الجنة فطيبها وطيب ريحها، وان ريحها ليوجد من مسيرة ألفي عام، ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم ».

٦٣ -( باب أن من أوصى بمال للحج فلم يبلغ أن يحج به من مكة وجب التصدق به، وحكم من أوصى بالحج مبهما)

[١٦٣١٤] ١ - زيد النرسي في أصله: عن علي بن مزيد صاحب السابري، قال:

__________________

(٢) الرعد ١٣: ٢١.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٧٦ ح ١٦٦.

٣ - الغيبة للطوسي ص ١١٩.

(١) في الطبعة الحجرية: « تريد »وما أثبتناه من المصدر.

(٢) الرعد ١٣: ٢١.

الباب ٦٣

١ - أصل زيد النرسي ص ٤٨.

١٣٨

أوصى إلى رجل بتركة وأمرني أن أحج بها عنه، فنظرت في ذلك فإذا شئ يسير لا يكون للحج إلى أن ذكر دخوله على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: قلت: رجل مات وأوصى بتركته إلي، وأمرني أن أحج بها عنه، فنظرت في ذلك فوجدته يسيرا لا يكون للحج، فسألت من قبلنا فقالوا لي: تصدق به، فقال لي: « ما صنعت؟ » فقلت: تصدقت به، قال لي: « ضمنت إلا أن لا يكون يبلغ أن يحج به من مكة، فإن كان يبلغ أن يحج به من مكة فأنت ضامن، وإن لم يكن يبلغ ذلك فليس عليك ضمان ».

٦٤ -( باب حكم من مات ولم يوص من يتولى بيع جواريه، وقسمة ماليه، ونحو ذلك)

[١٦٣١٥] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « والسلطان وصي من لا وصي له، والناظر لمن لا ناظر له ».

٦٥ -( باب براءة ذمة الميت من الدين، بضمان من يضمنه للغرماء برضاهم)

[١٦٣١٦] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن كان لك على رجل مال وضمنه رجل عند موته وقبلت ضمانه(١) ، فالميت قد برئ منه، وقد لزم الضامن رده عليك ».

__________________

الباب ٦٤

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٦٣ ح ١٣٢٥.

الباب ٦٥

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٦.

(١) في الحجرية: « ضمانته »وما أثبتناه من المصدر.

١٣٩

٦٦ -( باب أن من أذن لوصيه بالمضاربة بمال ولده الصغار من غير ضمان، جاز له ذلك ولم يضمن)

[١٦٣١٧] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا أذن الموصي للوصي أن يتجر بمال ولده الأطفال، فله ذلك ولا ضمان عليه(١) ، وان شرط له ربحا فيه، فهو على ما شرطه ».

٦٧ -( باب استحباب تنجيز الانسان ما يريد أن يوصي به، واختيار توليته بنفسه على الايصاء به)

[١٦٣١٨] ١ - نهج البلاغة: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام :: « يا بن آدم كن وصي نفسك، ( واعمل في مالك )(١) ما تؤثر أن يعمل فيه بعدك(٢) ».

٦٨ -( باب أن من ترك لزوجته نفقة ثم مات، رجع الباقي في الميراث)

[١٦٣١٩] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « من أوصى ( بوصايا )(١) ثم مات وقد ( كان )(٢) دفع إلى عياله أرزاقهم لمدة فما فضل عن يوم موته فهو تركة والوصية تجري فيه ».

__________________

الباب ٦٦

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٦٤ ح ١٣٢٦.

(١) في المصدر زيادة: فيه.

الباب ٦٧

١ - نهج البلاغة ج ٣ ص ٢٠٩ رقم ٢٥٤.

(١) في المصدر: في مالك واعمل فيه.

(٢) في المصدر: من بعدك.

الباب ٦٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٦٣ ح ١٣٢٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512