مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٤

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل11%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 512

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 512 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 284355 / تحميل: 5556
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

٢

٣

٤

كتاب الوديعة

أبواب كتاب الوديعة

١ -( باب وجوب أداء الأمانة)

[١٥٩٣٣] ١ - الجعفريات بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام : « من آوى اليتيم ورحم الضعيف - إلى أن قال - وأدى أمانته، جعله الله في نوره الأعظم يوم القيامة ».

[١٥٩٣٤] ٢ - الشيخ المفيد في أماليه: عن أبي الحسن علي بن خالد المراغي، عن القاسم بن محمد بن حماد، عن عبيد بن يعيش(١) عن يونس بن بكير، عن يحيى بن أبي حية أبي الجناب الكلبي، عن أبي العالية قال: سمعت أبا أمامة يقول: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله « ست من عمل بواحدة منهن جادلت عنه يوم القيامة حتى تدخله الجنة، تقول: أي رب قد كان يعمل بي في الدنيا: الصلاة، والزكاة، والحج، والصيام، وأداء الأمانة، وصلة الرحم »

[١٥٩٣٥] ٣ - وفي الاختصاص: عن الحسين بن أبي العلاء قال: سمعت أبا

__________________

كتاب الوديعة

الباب ١

١ - الجعفريات ص ١٦٦.

٢ - أمالي المفيد ص ٢٢٧ ح ٥.

(١) في الحجرية: « نعيش » وما أثبتاه من المصدر هو الصواب ( راجع تقريب التهذيب ج ١ ص ٥٤٨ ح ١٥٨٤ ).

٣ - الاختصاص ص ٢٤٢.

٥

عبد اللهعليه‌السلام يقول: « أحب العباد إلى الله عز وجل صادق(١) في حديثه، محافظ على صلاته ما افترض الله عليه، مع أداء الأمانة، ثم قال: من ائتمن على أمانة فأداها، فقد حل ألف عقدة من عنقه من عقد النار، فبادروا بأداء الأمانة، فإنه من ائتمن على أمانة وكل به إبليس مائة شيطان من مردة أعوانه، ليضلوه ويوسوسوا إليه حتى يهلكوه، إلا من عصمه الله ».

[١٥٩٣٦] ٤ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: لا تنظروا إلى كثرة صلواتهم وصيامهم وكثرة الحج والزكاة وكثرة المعروف، وطنطنتهم بالليل، انظروا إلى صدق الحديث، وأداء الأمانة ».

[١٥٩٣٧] ٥ - السيد فضل الله الراوندي في نوادره: بإسناده الصحيح عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا إيمان لمن لا أمانة له ».

[١٥٩٣٨] ٦ - الحسين بن سعيد في كتاب الزهد: عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال « رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : على حافتي الصراط يوم القيامة الرحم والأمانة، فإذا مر عليه الوصول(١) للرحم والمؤدي للأمانة، لم يتكفأ به في النار ».

[١٥٩٣٩] ٧ - نهج البلاغة قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في خطبة بعد ذكر الصلاة والزكاة: « ثم أداء الأمانة، فقد خاب من ليس من أهلها، إنها عرضت على السماوات المبنية، والأرضين المدحوة، والجبال ذات الطول

__________________

(١) في المصدر: رجل صدوق.

٤ - الاختصاص

٥ - نوادر الراوندي ص ٥.

٦ - كتاب الزهد ٤٠ ح ١٠٩.

(١) في المصدر: الموصل.

٧ - نهج البلاغة ج ٢ ص ٢٠٥ رقم ١٩٤.

٦

المنصوبة، فلا أطول ولا أعرض ولا أعظم منها، ولو امتنع شئ بطول أو عرض أو قوة لامتنعن، ولكن أشفقن من العقوبة وعقلن ما جهل ( من هو(١) أضعف منهن وهو الانسان، إنه كان ظلوما جهولا ».

[١٥٩٤٠] ٨ - سبط الطبرسي في مشكاة الأنوار: نقلا من كتاب المحاسن، عن الكاظمعليه‌السلام قال: « إن أهل الأرض لمرحومون، ما تحابوا، وأدوا الأمانة وعملوا بالحق ».

[١٥٩٤١] ٩ وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه سئل عن قول الله عزو جل: ( إنا عرضنا الأمانة )(١) الآية، ما الذي عرض عليهن؟ وما الذي حمل الانسان؟ وما كان هذا؟ قال: فقال: « عرض عليهن الأمانة بين الناس وذلك حين خلق الخلق ».

[١٥٩٤٢] ١٠ - وعنهعليه‌السلام ، قال: « ما بعث الله نبيا قط، إلا بصدق الحديث وأداء الأمانة ».

[١٥٩٤٣] ١١ - وعن بعض أصحابنا رفعه قال قال عليه السلام لابنه « يا بني أد الأمانة تسلم لك دنياك وآخرتك وكن أمينا تكن غنيا ».

[١٥٩٤٤] ١٢ - عوالي اللآلي: ( روى أنس بن مالك وأبي بن كعب وأبو هريرة كل واحد على الانفراد )(١) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك وكان عنده ( صلى الله

__________________

(١) في الطبعة الحجرية: « هو من » وما أثبتناه من المصدر.

٨ - مشكاة الأنوار ص ٥٢.

٩ - مشكاة الأنوار ص ٥٢.

(١) الأحزاب ٣٣: ٧٢.

١٠ - مشكاة الأنوار ص ٥٢.

١١ - مشكاة الأنوار ص ٥٣.

١٢ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٣٤٤ ح.

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

٧

عليه وآله ) ودائع بمكة، فلما أراد أن يهاجر أودعها أم أيمن، وأمر عليا ( عليه السلا م ) بردها، وروى سمرة عنهعليه‌السلام ، أنه قال: « على اليد ما أخذت حتى تؤدي » ورواه الشيخ أبو الفتوح في تفسيره، عنهعليه‌السلام ، مثله، وفيه: « حتى تؤديه ».

[١٥٩٤٥] ١٣ - الصدوق في معاني الأخبار: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله ( عن أحمد بن أبي عبد الله، عن بعض أصحابنا )(١) رفعه قالعليه‌السلام : « قال لقمان لابنه: صاحب مائة ولا تعاد واحدا - إلى أن قال - أد الأمان تسلم لك دنياك وآخرتك وكن أمينا تكن غنيا ».

[١٥٩٤٦] ١٤ - القطب الراوندي في قصص الأنبياء: بإسناده إلى الصدوق، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن أخيه، عن أبيه، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، مثله، وفيه: « وكن أمينا، فإن الله تعالى لا يحب الخائنين ».

[١٥٩٤٧] ١٥ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « الأمانة فضيلة لما أداها ».

٢ -( باب وجوب رد الأمانة إلى البر والفاجر)

[١٥٩٤٨] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « الأمانة تؤدى إلى البر والفاجر ».

__________________

١٣ - معاني الأخبار ص ٢٥٣.

(١) أثبتناه من المصدر وهو الصواب ( راجع معجم رجال الحديث ج ٨ ص ٨٠ ».

١٤ - قصص الأنبياء ١٩٣، وعنه في البحار ١٣ ص ١٨ ٤ ح ١١.

١٥ - غرر الحكم ج ١ ص ٤٠ ح ١٢١٤.

الباب ٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٩١ ح ١٧٥١.

٨

[١٥٩٤٩] ٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنه أوصى قوما من شيعته بوصية طويلة، قال فيها: « اتقوا الله ربكم، وأدوا الأمانة إلى الأبيض والأسود، وإن كان حروريا، وإن كان شاميا، وإن كان عدوا ».

[١٥٩٥٠] ٣ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « أدوا الأمانة، ولو إلى قاتل الحسين(١) عليه‌السلام » الخبر.

[١٥٩٥١] ٤ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه كتب إلى رفاعة: أد أمانتك، ووف صفقتك، ولا تخن من خانك، وأحسن إلى من أساء، إليك وكافئ من أحسن إليك، واعف عمن ظلمك، وادع لمن نصرك، وأعط من حرمك، وتواضع لمن أعطاك، واشكر الله على ما أولاك، واحمده على ما أبلاك ».

[١٥٩٥٢] ٥ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل عن الرجل يكون له على الرجل حق فيجحده، ثم يستودعه مالا أو يظفر له(١) بمال، هل له أن يقبض منه ما جحده؟ قال: « لا، هذه خيانة، لا يأخذ منه إلا ما دفع إليه، إذا وجب بالحكم له عليه ».

[١٥٩٥٣] ٦ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « الناس كلهم في دار الاسلام المخالفون وغيرهم أهل هدنة، ترد ضالتهم، وتؤدى أمانتهم، ويوفى بعهدهم، إن الأمانة تؤدى إلى البر والفاجر، والعهد يوفى به للبر والفاجر، واد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك، ولا تأخذن ممن جحدك مالا

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٩١ ح ١٧٥٢.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٨٥ ح ١٧٣١.

(١) في المصدر: الحسن بن عليعليهما‌السلام .

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٨٧ ح ١٧٤١.

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٨٨ ح ١٧٤٢.

(١) في المصدر: به.

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٨٨ ح ١٧٤٣.

٩

لك عليه شيئا بوجه خيانة ».

[١٥٩٥٤] ٧ - سبط الطبرسي في مشكاة الأنوار: نقلا من كتاب المحاسن، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « أدوا الأمانة، ولو إلى قاتل الحسين بن عليعليهما‌السلام ».

[١٥٩٥٥] ٨ - وعنهعليه‌السلام قال: « اتقوا الله وعليكم بأداء الأمانة إلى من أئتمنكم، فلو أن قاتل علياعليه‌السلام ائتمنني على الأمانة لأديتها إليه ».

[١٥٩٥٦] ٩ - وعن عبد الله بن سنان قال: دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وقد صلى العصر وهو جالس مستقبل القبلة في المسجد، فقلت: يا بن رسول، الله، إن بعض السلاطين يأمننا على الأموال يستودعناها، وليس يدفع إليكم خمسكم، أفنؤديها إليهم؟ قال: « ورب هذه القبلة ثلاث مرات لو أن ابن ملجم قاتل أبي فإني أطلبه بترة(١) لأنه قتل أبي ائتمنني على الأمانة لأديتها إليه ».

[١٥٩٥٧] ١٠ - ومن غير المحاسن، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « ثلاثة لا بد من أدائهن على كل حال: الأمانة إلى البر والفاجر، والوفاء بالعهد إلى البر والفاجر، وبر الوالدين برين كانا أو فاجرين ».

[١٥٩٥٨] ١١ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن الصادقعليه‌السلام قال: « إن الله تبارك وتعالى أوجب عليكم حبنا وموالاتنا وفرض عليكم طاعتنا،

__________________

٧ - مشكاة الأنوار ص ٥٢.

٨ مشكاة الأنوار ص ٥٢.

٩ - مشكاة الأنوار ص ٥٢.

(١) الترة: الطلب با لثأر ( لسان العرب ج ٥ ص ٢٧٤ ).

١٠ - مشكاة الأنوار ص ٥٣.

١١ - الاختصاص ص ٢٤١.

١٠

ألا فمن كانت منا فليقتد بنا، فإن من شأننا الورع والاجتهاد، وأداء الأمانة إلى البر والفاجر » الخبر.

[١٥٩٥٩] ١٢ - وعنهعليه‌السلام قال: « أدوا الأمانة إلى البر والفاجر، فلو أن قاتل عليعليه‌السلام ائتمنني على أمانة لأديتها إليه » وقالعليه‌السلام : « أدوا الأمانة، ولو إلى قاتل الحسين بن عليعليهما‌السلام ».

[١٥٩٦٠] ١٣ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال له رجل: يا رسول الله، إن لي على فلان دينارا، وله عندي أمانة، أفلا أقضي ديني من أمانته، قال: « أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك ».

[١٥٩٦١] ١٤ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « إن ثلاثة أشياء تؤدى إلى البر والفاجر: الرحم تواصل برة أو فاجرة، والأمانة، والعهد ».

الشيخ أبو الفتوح في تفسيره: عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثل الخبر الأول، وأسقط السؤال(١) .

[١٥٩٦٢] ١٥ - عماد الدين الطبري في بشارة المصطفى: عن أبي البقاء إبراهيم بن الحسين البصري، عن محمد بن الحسن بن عتبة، عن أبي الحسن محمد بن الحسين بن أحمد، عن محمد بن وهبان الدبيلي، عن علي بن أحمد بن كثير العسكري، عن أبي سلمة أحمد بن المفضل، عن أبي راشد بن علي القرشي، عن عبد الله بن حفص المدني، عن محمد بن إسحاق، عن سعد بن زيد(١) بن أرطأة، عن كميل بن زياد، عن أمير المؤمنين

__________________

١٢ - الاختصاص ص ٢٤١.

١٣، ١٤ - لب اللباب: مخطوط.

(١) تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٢ ص ٥٢٦، مثل الحديث ١٣.

١٥ - بشارة المصطفى ص ٢٩.

(١) في الحجرية: « سعد ابن طي » وما أثبتناه من المصدر ( راجع تقريب التهذيب ج ١ ص ٢٧٢ ).

١١

عليه‌السلام أنه قال في وصيته إليه: « يا كميل اعلم وافهم، إنا لا نرخص في ترك أداء الأمانات لاحد من الخلق، فمن روى عني في ذلك رخصة، فقد أبطل وأثم، وجزاؤه النار بما كذب، أقسمت لقد سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقول لي قبل وفاته بساعة مرارا ثلاثا: يا أبا الحسن، أد الأمانة إلى البر والفاجر، فيما قل وجل حتى في الخيط والمخيط » الوصية.

ورواه في نهج البلاغة، كما يوجد في بعض النسخ.

٣ -( باب تحريم الخيانة)

[١٥٩٦٣] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : المكر والخديعة والخيانة في النار ».

[١٥٩٦٤] ٢ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ليس منا من يحقر الأمانة حتى يستهلكها إذا استودعها، وليس منا من خان مسلما في أهله وماله ».

[١٥٩٦٥] ٣ - الشيخ المفيد في الأمالي: عن أبي الطيب الحسين بن محمد النحوي التمار، عن محمد بن الحسن، عن أبي نعيم، عن صالح بن عبد الله، عن هشام، عن أبي مخنف عن الأعمش، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام في خطبة له: « ليس المسلم بالخائن إذا ائتمن، ولا بالمخلف إذا وعد، ولا بالكذوب(١) إذا

__________________

الباب ٣

١ - الجعفريات ص ١٧١.

٢ - تحف العقول: لم نجده في مظانة، ووجدناه في الاختصاص ص ٢٤٨، وعنه في البحار ج ٧٥ ص ١٧٢ ح ١٣.

٣ - أمالي المفيد ص ٢٣٤ ح ٥.

(١) في الحجرية: « الكذب »وما أثبتناه من المصدر.

١٢

نطق » الخبر.

[١٥٩٦٦] ٤ - وفي الاختصاص: عن الحسن بن محبوب قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام يكون المؤمن بخيلا، قال: « نعم » قلت: فيكون جبانا، قال: « نعم » قلت: فيكون كذابا، قال: « لا، ولا خائنا(١) - ثم قال - يجبل المؤمن على كل طبيعة، إلا الخيانة والكذب ».

[١٥٩٦٧] ٥ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « ليس منا من يحقر الأمانة، يعني يستهلكها إذا استودعها، وليس منا من خان مسلما في أهله وماله ».

[١٥٩٦٨] ٦ - سبط الطبرسي في مشكاة الأنوار قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ليس منا من خان بالأمانة ».

[١٥٩٦٩] ٧ - الصدوق في الخصال: عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن أسلم الجبلي، بإسناده رفعه إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال: « إن الله عز وجل يعذب ستة بستة إلى أن قال والتجار بالخيانة » الخبر.

[١٥٩٧٠] ٨ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « إن المؤمن ينطبع على كل شئ، إلا على الكذب والخيانة ».

[١٥٩٧١] ٩ وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « علامة المنافق ثلاث: إذا

__________________

٤ - الاختصاص ص ٢٣١.

(١) في المصدر: جافيا.

٥ - الاختصاص ص ٢٤٨.

٦ - مشكاة الأنوار ص ٥٢.

٧ - الخصال ص ٣٢٥ ح ١٤.

٨ - لب اللباب: مخطوط.

٩ - لب اللباب: مخطوط.

١٣

حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان ».

[١٥٩٧٢] ١٠ - السيد فضل الله في نوادره: بإسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا تخن من خانك، فتكون مثله ».

[١٥٩٧٣] ١١ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: عن عبد الله بن مسعود قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا بن مسعود، لا تخونن أحدا في مال يضعه عندك، وأمانة ائتمنك عليها، فإن الله تعالى يقول: ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها )(١) ».

[١٥٩٧٤] ١٢ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « الخيانة أخو الكذب ».

وقالعليه‌السلام « الخيانة صنو الإفك »(١) .

وقالعليه‌السلام : « الخيانة رأس النفاق »(٢) .

وقالعليه‌السلام : « الخيانة دليل على قلة الورع وعدم الديانة »(٣) .

وقالعليه‌السلام « إياك والخيانة فإنها شر معصية، فإن الخائن لمعذب بالنار على خيانته »(٤) .

__________________

١٠ - نوادر الراوندي ص ٦.

١١ - مكارم الأخلاق ص ٤٥٥.

(١) النساء ٤: ٥٨.

١٢ - غرر الحكم ج ١ ص ١٤ ح ٣٣٢.

(١) نفس المصدر ج ١ ص ٢٧ ح ٢٨٨.

(٢) نفس المصدر ج ١ ص ٣٣ ح ١٠١٢.

(٣) نفس المصدر ج ١ ص ٥٣ ح ١٤٧٠.

(٤) نفس المصدر ج ١ ص ١٥٠ ح ٣٧.

١٤

وقالعليه‌السلام : « توخ الصدق والأمانة، ولا تكذبن من كذبك، ولا تخن من خانك »(٥) .

وقال: « ثلاث شين الدين: الفجور، والغدر، والخيانة، »(٦) .

وقالعليه‌السلام : « جانبوا الخيانة فإنها مجانبة الاسلام »(٧) .

وقالعليه‌السلام : « رأس النفاق الخيانة »(٨) .

وقالعليه‌السلام : « رأس الكفر الخيانة »(٩) .

٤ -( باب أن الوديعة لا يضمنها المستودع مع عدم التفريط، وإن كانت ذهبا أو فضة)

[١٥٩٧٥] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ليس على المستودع ضمان ».

[١٥٩٧٦] ٢ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إذا أحرز الرجل الوديعة حيث يجب أتحرز الودائع، ثم تلفت أن سقطت منه قبل أن يحرزها، أو ضلت أن نسيها، أو هلكت من غير خيانة(١) منه

__________________

(٥) غرر الحكم ج ١ ص ٣٥٤ ح ٨٦.

(٦) نفس المصدر ج ١ ص ٣٦٤ ح ٢٠.

(٧) نفس المصدر ج ١ ص ٣٧٠ ح ٢٦.

(٨) نفس المصدر ج ١ ص ٤١١ ح ٦.

(٩) نفس المصدر ج ١ ص ٤١٣ ح ٣٨.

الباب ٤

١ - الجعفريات ص ١٧٤.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٩١ ح ١٧٥٣.

(١) في المصدر: جناية.

١٥

عليها، ولا استهلاك لها، فلا ضمان عليه ».

[١٥٩٧٧] ٣ - وعنه، عن آبائه، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ليس على المستودع ضمان ».

وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « صاحب الوديعة والبضاعة مؤتمنان(١) ».

وعنه[١٥٩٧٨] ٤ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « ليس على المؤتمن ضمان ».

[١٥٩٧٩] ٥ - الصدوق في المقنع صاحب الوديعة والرهن مؤتمنان.

٥ -( باب كراهية ائتمان شارب الخمر وابضاعه، وكذا كل سفيه)

[١٥٩٨٠] ١ - زيد النرسي في أصله قال: سمعت أبا الحسن موسىعليه‌السلام يقول: « قال أبي جعفرعليه‌السلام : يا بني، إن من ائتمن شارب خمر على أمانة فلم يؤدها إليه، لم يكن له على الله ضمان ولا أجر ولا خلف، ثم إن ذهب ليدعو الله عليه، لم يستجب الله دعاءه ».

[١٥٩٨١] ٢ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن حماد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام فيمن شرب الخمر بعد أن حرمها الله على لسان نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ليس بأهل أن يزوج إذا خطب، وأن يصدق إذا حدث، ولا يشفع إذا شفع، ولا يؤتمن على أمانة، فمن ائتمنه على أمانة فأهلكها أو

__________________

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٩١ ح ١٧٥٤.

(١) نفس المصدر ج ٢ ص ٤٩١ ح ١٧٥٦.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٩١ ح ١٧٥٥.

٥ - المقنع ص ١٣٠.

الباب ٥

١ - أصل زيد النرسي ص ٥٠.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٢٠ ح ٢١.

١٦

ضيعها فليس الذي ائتمنه أن يأجره الله ولا يخلف عليه، قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إني أردت أن استبضع بضاعة إلى اليمن، فأتيت أبا جعفرعليه‌السلام فقلت: إني أردت أن استبضع فلانا، فقال لي: أما علمت أنه يشرب الخمر؟ فقلت: قد بلغني عن المؤمنين أنهم يقولون ذلك، فقال: صدقهم فإن الله عز وجل يقول:( يُؤْمِنُ بِاللَّـهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ ) (١) ثم قال: إنك إن استبضعته فهلكت أو ضاعت فليس على الله أن يأجرك ولا يخلف عليك، فقلت: ولم؟ قال: لان الله تعالى يقول:( وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّـهُ لَكُمْ قِيَامًا ) (٢) فهل سفيه أسفه من شارب الخمر!؟ إن العبد لا يزال في فسحة من ربه ما لم يشرب الخمر، فإذا شربها خرق الله عليه سرباله، فكان ولده وأخوه وسمعه وبصره ويده ورجله إبليس، يسوقه إلى كل شر، ويصرفه عن كل خير ».

[١٥٩٨٢] ٣ - وعن يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام في قول الله( وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ ) (١) قال: « من لا يثق به ».

[١٥٩٨٣] ٤ - وعن إبراهيم بن عبد الحميد قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام ، عن هذه الآية:( وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ ) (١) قال: « كل من يشرب المسكر فهو سفيه ».

[١٥٩٨٤] ٥ - دعائم الاسلام: عن الحسن بن عليعليهما‌السلام ، أنه كتب إلى معاوية كتابا يقرعه فيه ويبكته(١) بأمور صنعها كان فيه، ثم وليت

__________________

(١) التوبة ٩: ٦١.

(٢) النساء ٤: ٥.

٣ تفسير العياشي ج ١ ص ٢٢٠ ح ٢٠

(١) النساء ٤: ٥.

٤ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٢٠ ح ٢٢.

(١) النساء ٤: ٥.

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٣٣ ح ٤٦٨.

(١) التبكيت: التقريع والتعنيف. ويكتبه إذا قرعه بالعذل تقريعا. ( لسان العرب ج ٢ ص ١١ ).

١٧

ابنك، وهو غلام كان يشرب الشراب ويلهو بالكلاب، فخنت أمانتك، وأخرجت رعيتك، ولم تؤد نصيحة ربك، فكيف تولي على أمة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله من يشرب المسكر، وشارب الخمر المسكر من المنافقين، والفاسقين وشارب(٢) الخمر المسكر من الأشرار، وليس(٣) بأمين على درهم، فكيف على الأمة! » الخبر.

[١٥٩٨٥] ٦ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإياك أن تزوج شارب الخمر إلى أن قال ولا تأمنه على شئ من مالك، فإن ائتمنته فليس لك على الله ضمان ».

[١٥٩٨٦] ٧ - علي بن إبراهيم في تفسيره: عن أبي الجارود، عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله تعالى:( وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ ) (١) « فالسفهاء: النساء والولد، إذا علم الرجل أن امرأته سفيه مفسدة، وولده سفيه مفسد، لم ينبغ له أن يسلط واحدا منهما على ماله الذي جعل الله له قياما، يقول: له معاشا ».

٦ -( باب حكم الاقتراض من مال الوديعة، ومن مال اليتيم)

[١٥٩٨٧] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « من كانت عنده وديعة فلا ينبغي له أن ينفق منها شيئا ولا أن يتسلفه(١) ليرده،

__________________

(٢) ليس في المصدر.

(٣) في المصدر زيادة: شارب المسكر.

٦ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٨.

٧ - تفسير القمي ج ١ ص ١٣١.

(١) النساء ٤: ٥.

الباب ٦

١ دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٩٣ ح ١٧٦٠.

(١) في المصدر: يستلفه.

١٨

فإن اضطر إلى ذلك وكان مليا فأخذه فليعجل رده، فإنه لا يدري ما بقي من أجله، وأنت لم يكن مليا فلا ينبغي له، ولا يحل له أكل شئ منها إلا بإذن صاحبها، وكذلك المضارب ».

٧ -( باب عدم جواز ائتمان الخائن والمضيع، وإفساد المال)

[١٥٩٨٨] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما أبالي ائتمن خائنا أو مضيعا ».

[١٥٩٨٩] ٢ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « من عرف من عبد من عبيد الله كذبا إذا حدث، وخلفا إذا وعد، وخيانة إذا ائتمن، ثم ائتمنه على أمانة، كان حقا على الله أن يبتليه فيها، ثم لا يخلف عليه ولا يأجره ».

[١٥٩٩٠] ٣ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « ثلاثة مهلكة: الجرأة على السلطان، وائتمان الخوان، وشرب السم(١) ».

وقالعليه‌السلام : « من علامات الخذلان ائتمان الخوان »(٢) .

__________________

الباب ٧

١ - الجعفريات ص ١٧١.

٢ - الاختصاص ص ٢٢٥.

٣ - غرر الحكم ج ١ ص ٣٦٥ ح ٢٣.

(١) في المصدر زيادة: للتجربة.

(٢) نفس المصدر ٢ ص ٧٢٦ ح ٣٦.

١٩

٨ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب كتاب الوديعة)

[١٥٩٩١] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « صاحب الوديعة والبضاعة مؤتمنان، والقول قول المودع إذا قال: ذهبت الوديعة، وان اتهم استحلف ».

[١٥٩٩٢] ٢ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه سئل عن رجل دفع إلى رجل وديعة، فقال المستودع(١) : نعم قد استودعتني إياها، ولكن أمرتني أن أدفعها إلى فلان، وأنكر المستودع أن يكون أمره بذلك(٢) ، قال: « البينة على المستودع أن صاحب الوديعة أمره بدفعها، وعلى المستودع اليمين(٣) ».

[١٥٩٩٣] ٣ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال في رجل أودع رجلا وديعة فقال: إذا جاء فلان فادفعها إليه، فدفعها فيما ذكر، وأنكر الذي كان أمره بدفعها إليه، أن يكون قبضها منه، قال: « القول قوله أنه دفعها مع يمينه أن اتهم، لان صاحب الوديعة قد أقر بأنه أمره بدفعها ».

[١٥٩٩٤] ٤ - وعن أبي عبد الله ( صلوات الله عليه )، أنه قال: « من أودع صبيا لم يبلغ الحلم وديعة فأتلفها فلا ضما عليه، وان استودعه غلاما فقتله فالضمان على عاقلته(١) والقول في القيمة قول العاقلة مع أيمانهم، إلا أن

__________________

الباب ٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٩١ ح ١٧٥٦.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٩٢ ح ١٧٥٧.

(١) في الحجرية: « المودع »وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: أن يدفعها.

(٣) في المصدر: زيادة: إنه ما أمره.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٩٢ ح ١٧٥٨.

(٤) دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٩٣ ح ١٧٦١.

(١) العقل: الدية وأصله أن القاتل كان إذا قتل قتيلا جمع الدية من الإبل فعقلها.

والعاقلة: هم من تقرب إلى القاتل بالأب كالاخوة والأعمام. ( مجمع البحرين ج ٥ ص ٤٢٧ ).

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

ملكوتي يصاحبه، فإلامامة بحسب الباطن نحو ولاية للناس في أعمالهم»(١) .

وبهذه الولاية التكوينية يستطيع الهادي الى الله بأمره أن يتصرّف بالأسباب ويصل الى حقائق وبواطن العباد فيعطيهم من حقائق الهداية ما يناسبهم، وهذا التصرّف هو الذي ساقنا إليه التدبر في الآيات الناصة على وجود شهيد في كل زمان على أهل عصره.

الهادي منصوب من الله.

وبالرجوع ثانية الى القرآن الكريم نجده يصرّح بأن الذي يكون هادياً للناس بأمر الله تبارك وتعالى هو الإمام المنصوب لذلك من قبل الله تعالى كما هو واضحٌ من قوله تعالى:( وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا ) (٢) .

وفي هذا تأكيد لما دلّت عليه آيات الإمامة وأنها عهد إلهي يجعله الله فيمن يختاره من عباده، كما أشرنا لذلك في الحديث عن آيات سورة الاسراء وصفات الإمام.

نعود للآية مورد البحث من سورة الرعد فهي تصرّح بأنه (لكل قوم هاد)على نحو الإطلاق ومصداق الهادي المراد فيها لا يمكن أن يكون أحد الكتب السماوية للسبب نفسه الذي أوردناه في معرفة مصداق «الإمام» في آية سورة الإسراء، كما لا يمكن حصر المصداق بالنبي لما قلنا من أنه يخرج الفترات التي ليس فيها نبي من حكم الآية وهذا خلاف ظاهر الآية العام الذي يشمل جميع الأزمان.

كما لا يمكن أن يكون المصداق المقصود في الآية هو الله سبحانه وتعالى; لأن هدايته تشمل جميع الأزمنة دونما تخصيص بقوم دون قوم، وهذا خلاف ظاهر الآية، خاصة وأن لفظة «هاد» جاءت بصيغة النكرة، الأمر الذي يفيد تعدد الهداة.

ـــــــــــ

(١) تفسير الميزان: ١/٢٧٢.

(٢) الأنبياء (٢١): ٧٣ .

٦١

يُضاف الى كل ذلك أن الهداية الإلهية للناس تكون بواسطة هداة من أنفسهم مرتبطين به تبارك وتعالى يتلقون منه الهداية وينقلونها الى عباده، وهؤلاء هم المهتدون بأنفسهم منه تبارك وتعالى دونما واسطة كما تقدم في تفسير آية سورة يونس وهم الذين يهدون بأمره تعالى. وهم الأئمة المنصوبون للهداية بأمره تعالى كما تقدم حيث لم يرد في القرآن الكريم وصف الهداية بأمره إلاّ في موردين اقترن فيهما بوصفي «الأئمة» وإختيارهم لذلك من قبل الله تعالى، والموردان هما آية سورة الأنبياء المتقدمة وآية سورة السجدة:( وجعلنا منهم أئمّة يهدون بأمرنا لمّا صبروا ) (١)

وتكون النتيجة المتحصلة من التدبر في الآية الكريمة مورد البحث هي حتمية وجود إمام هاد الى الله بأمره تبارك وتعالى منصوب لذلك من قبله عزّ وجلّ في كل عصر فلا تخلو الأرض منه سواء أكان نبيّاً أو غير نبي.

وحيث إن مثل هذا الشخص غير ظاهر في عصرنا الحاضر; إذ لا يوجد بين المسلمين ـ من أي فرقة كانت ـ مَن يقول بوجود إمام ظاهر هاد بأمر الله منصوب من قبله تعالى ورد النص عليه ممّن قوله حجة إلهية كما تقدم في البحث عن آية سورة الإسراء; لذا فلا مناص من القول بغيبته واستتاره، وقيامه بمهام الإمامة والهداية مستتراً بأستار الغيبة، فيكون الانتفاع به مثل الانتفاع بالشمس إذا غيّبتها عن الأبصار السحاب كما ورد في الأحاديث الشريفة(٢) . وهذا ما تقول به مدرسة أهل البيتعليهم‌السلام في الامام المهدي وغيبته.

الفصل الرابع: المهدي الموعود وغيبته في المتفق عليه من السُنّة

الى جانب الآيات الكريمة المتقدمة توجد بين أيدينا الكثير من الأحاديث الشريفة التي صحت روايتها عند أهل السنة والشيعة عن سيد المرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بطرق كثيرة، تؤكد دلالات الطائفة المتقدمة من الآيات الكريمة وتفصل مجملاتها وتكمل الصورة التي ترسمها فيما يرتبط بالدلالة على وجود الإمام المهدي الموعودعليه‌السلام بالفعل وغيبته وتصرح بالمصداق الذي دلت عليه الآيات الكريمة بذكر صفاته العامة.

ـــــــــــ

(١) السجدة (٣٢): ٢٤ .

(٢) راجع الحديث الذي يرويه جابر بن عبد الله الأنصاري عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المروي في كمال الدين: ١ / ٢٥٣ وكفاية الأثر : ٥٣ وغيرهما .

٦٢

ونختار هنا نماذج من الأحاديث الشريفة المتواترة أو المستفيضة المروية بأسانيد صحيحة عند أهل السنة والمروية في الكتب الستة المعتمدة عندهم لأن الاحتجاج بها أبلغ، ولأن تفسيرها وتقديم المصداق المعقول لها غير ممكن إلا على ضوء عقيدة أهل البيت في المهدي المنتظرعليه‌السلام فيما يرتبط بعصرنا الحاضر خاصة; ولأن الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قد صرح في هذه الأحاديث المختارة بالأهمية القصوى التى تحظى بها مضامينها كما سنرى.

١ ـ حديث الثقلين ، وهو من الأحاديث المتواترة، رواه حفاظ أهل السنة والشيعة بأسانيد صحيحة عن جم غفير من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، عدَّ ابن حجر ـ من علماء أهل السنة ـ أكثر من عشرين منهم في كتابه الصواعق المحرقة(١) وعدَّ غيره من حفّاظ أهل السنة أكثر من ثلاثين صحابياً كما في سنن الترمذي(٢) ، وألّف الحافظ أبو الفضل المقدسي المعروف بابن القيسراني ـ وهو من كبار حفّاظ أهل السنّة ـ كتاباً خاصاً عن طرق هذا الحديث الشريف(٣) . كما أثبتت العديد من الدراسات الحديثية تواتره بما لا يدع أي مجال للنقاش أو التشكيك، نظير ما فعل العلامة المتتبع المير حسين حامد الموسوي في موسوعة عبقات الأنوار وغيره من العلماء(٤) .

ويتضح من روايات هذا الحديث الشريف أن النبي المكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد كرر مضمونه بعبارات وألفاظ متقاربة في عدة مناسبات، منها في يوم عرفة من حجة الوداع، وموقف يوم الغدير في طريق عودته منها وبعد انصرافه من الطائف، وفي الجحفة، وفي خطبة له في مسجده بالمدينة بعد عودته من هذه الحجة، وفي حجرته أيام مرضهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد امتلأت الحجرة بالصحابة(٥) . وكل ذلك يكشف عن أهمية الوصية النبوية التي تضمنها الحديث بالنسبة للإسلام

ـــــــــــ

(١) الصواعق المحرقة : ١٥٠ من الطبعة المصرية وقد صرح ابن حجر بتواتره.

(٢) سنن الترمذي: ٥/ ٦٢١ ـ ٦٢٢ ـ مناقب أهل بيت النبي باب ٣٢.

(٣) أهل البيت في المكتبة العربية للسيد عبدالعزيز الطباطبائي : ٢٧٧ ـ ٢٧٩.

(٤) أصدرت دار التقريب الإسلامية في مصر رسالة مفصلة ألفها أحد أعضاء الدار عن هذا الحديث استوفى فيها أسانيد الحديث في الكتب المعتمدة عند أهل السنة.

(٥) الصواعق المحرقة لابن حجر: ١٤٨، أهل البيت في المكتبة العربية : ٢٧٩.

٦٣

والمسلمين وإلا لما أولاها ـ وهو الحريص على المؤمنين الرؤوف الرحيم بهم ـ كل هذا الاهتمام في التكرار والتبليغ في تلك المواطن المهمة التي تجمع أكبر عدد من المسلمين، خاصة وأنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يبادر لإعلان هذه الوصية ويؤكدها على الملأ العام دون أن ينتظر مَن يسأله عنها.

ويستفاد من بعض الروايات أن مضمون الوصية التي تضمنها هذا الحديث الشريف، هو الذي أراد رسول الله محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كتابته للمسلمين في الأيام الأخيرة من حياته المباركة عندما طلب أن يأتوه بكتف ودواة ليملي عليهم وصية لكي لا يضلوا بعده، كما ورد في نص حديث الكتف والدواة هذا المروي في صحيح البخاري(١) وغيره فمنعوه من ذلك ووقع الاختلاف فصرفهم كما في حديث رزية يوم الخميس المشهور دون أن يدون الوصية، إذْ يُلاحظ أن عبارة «لن تضلوا بعدي » المذكورة في حديث طلبه كتابة الوصية عبارة متكررة في حديث الثقلين أيضاً، كما تكررت وصيته بأهل بيته وعترته خيراً في حديث الثقلين وفي وصاياه في الساعات الأخيرة من حياته المباركة.

ويظهر من ذلك بوضوح أن النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أراد تسجيل مضمون الحديث الشريف في وثيقة نبوية حاسمة للجدال مدونة بحضور كبار صحابته قطعاً للجدال وتوكيداً للأمر. وكل ذلك يبيّن أن الموضوع الذي يتضمنه مهم للغاية وإلا لما أكد عليه هادي الأممصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذه الدرجة المشددة، وهذا الأمر يكشف عنه نص الحديث نفسه المصرح بأن العمل بالوصية التي يتضمنها هو الأهمية القصوى التي أحاط بها تبليغه لمضمون هذا الحديث، بل واضحٌ أن تبليغ هذا الحديث في الأيام الأخيرة من حياته الشريفة يأتي في ضمن مساعيه لهداية المسلمين الى ماينقذهم من الضلالة والانحراف بعده وهو الهدف الذي صرح به في حديث الثقلين، لذا فذكر الأئمة أو الخلفاء الاثني عشر والإخبار عن مجيئهم بعده هو لهداية المسلمين وصوناً لمستقبل مسيرتهم من بعده وإتماماً للحجة عليهم. وهذه نقطة محورية مهمة يجب أخذها بنظر الاعتبار لدراسة هذا الحديث ولمعرفة مصداقه.

ـــــــــــ

(١) صحيح البخاري: ١/ ٣٧، ٤/ ٣١، ٤/ ٦٥ ـ ٦٦، ٥/ ١٣٧،، ٧/ ٩، ٨/ ١٦١ من طبعة دار الفكر المصورة عن طبعة استانبول وفي جميعها وردت عبارة «لن تضلوا بعدي» في الحكاية عن مضمون الكتاب الذي أراد كتابته.

٦٤

ترابط أحاديث حجة الوداع

٢ ـ وعلى ضوء اشتراك الأحاديث الثلاثة في موضوع واحد، فإن مما يعين على فهم هذا الحديث الشريف مورد البحث، ملاحظة ارتباطه بالحديثين الآخرين اللذين بلغهما الرسول محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجة الوداع نفسها أو على الأقل في فترة زمنية واحدة هي الأيام الأخيرة من حياته الشريفة وحقيقة الأمر أن الأحاديث الثلاثة ترسم صورة متكاملة لطريق اهتداء المسلمين لما يضمن مستقبل مسيرتهم من بعدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فحديث الثقلين يصرح ـ كما بيّنا سابقاً ـ بأن النجاة من الضلالة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تكون بالتمسك بالقرآن والعترة وأن لكل زمان رجلاً من أهل بيته وعترته جديراً بأن يكون التمسك به الى جانب القرآن منجاة من الضلالة.

أما حديث الغدير فإنه يصرح باسم الإمام عليعليه‌السلام كولي للامة بعدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجب عليهم التمسك بولايته كما وجب التمسك بولاية خاتم المرسلين، وهذا ما يدل عليه أخذهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلا قرار من المسلمين بأنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثم قوله : « مَن كنتُ مولاه فهذا علي مولاه »(١) .

أما حديث الأئمة الاثني عشر فإنه يصرح بأن الدين يبقى قائماً الى يوم القيامة بوجود هؤلاء الأئمة وبهذا العدد لا يزيد ولا ينقص، ويهدي الى التمسك بهم.

فتكون الصورة التي ترسمها الأحاديث الثلاثة معاً ـ وقد صدرت في حجة واحدة أو على الأقل في فترة زمنية واحدة هي الأيام الأخيرة من حياته الشريفة وضمن مسعى واحد هو هداية المسلمين الى سبيل النجاة من الانحراف والضلالة بعده وهي: أن النجاة من الضلالة وحفظ قيام الدين تكون بالتمسك بالقرآن الكريم وبأئمة العترة الطاهرة الذين لا يخلو زمانٌ من أحدهم وأن أولهم الإمام عليعليه‌السلام وعددهم إثنا عشر إماماً لا يزيد ولا ينقص.

ـــــــــــ

(١) عن دلالات حديث الغدير وتواتره وطرقه راجع موسوعة الغدير للعلامة الأميني رحمه‌الله ، والجزء الخاص به من عبقات الأنوار وغيرها.

٦٥

مصداق الخلفاء الاثني عشر

وعندما نرجع للواقع التأريخي الاسلامي لا نجد مصداقاً للنتيجة المتحصلة سوى أئمة أهل البيت الاثني عشر بدءً بالإمام علي وانتهاءً بالمهدي المنتظر ـ سلام الله عليهم ـ لا يزيد عددهم عن الأثني عشر ولا ينقص فجاؤا المصداق الوحيد لما أخبر به الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذْ لم يدّع غيرهم ذلك، تحقيقاً للنبوة المحمدية الثابتة عند المسلمين جميعاً.

وحيث قد ثبتت عند المسلمين كافة وفاة الأئمة الأحد عشر من هؤلاء الأئمة الاثني عشر، وثبت عند الإمامية عدموفاة الثاني عشر منهم، في حين أن الحديث المتقدم ينص على استمرار وجودهم الى يوم القيامة; لذا فلا مناص من القول بوجود الإمام الثاني عشر وغيبته ـ إذ من الثابت للجميع عدم ظهوره ـ وقيام الدين بوجوده في غيبته ايضاً تصديقاً لما نص عليه الحديث المتقدم فيكون هذا الحديث الشريف دليلاً على وجود المهدي الإمامي وغيبته.

دراسة الأحاديث مستقلة

٣ ـ الدلالة نفسها يمكن التوصل إليها من خلال دراسة الحديث المتقدم بصورة مستقلة وبغض النظر عن ارتباطه بحديثي الثقلين والغدير، واستناداً الى الدلالات المستفادة من الحديث نفسه وطبقاً للمروي في كتب أهل السنة. فنصوصه تجمع على أن موضوعه الأول إخبارُ المسلمين بأن إثني عشر شخصاً سيخلفون النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقوله: « يكون من بعدي »، أي في الفاصلة الزمنية بين رحيله والى يوم القيامة كما هو المستفاد من قوله في مقدمة الحديث : « إن هذا الأمر لا ينقضي » كما في صحيح مسلم وغيره والصيغ الاخرى دالة على الأمر نفسه. وعليه فالصفات والدلالات التي يشتمل عليها الحديث الشريف لا تنطبق على أكثر من إثني عشر شخصاً بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والى يوم القيامة، وإلا لما حصر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الأمر بهم. فمَنْ هم هؤلاء ؟

وللإجابة على هذا السؤال نرجع الى نصوص الحديث الشريف نفسه لمعرفة الصفات التي تحددها لهم ثم نلاحظ على مَن تنطبق .

إنّ الصفات التي تذكرها النصوص هي: امراءٌ، قرشيون، كونهم خلفاء، بقاء الإسلام عزيزاً بهم، قيام الدين بهم، قيّمون على الأمة، خذلان البعض لهم وتعريضهم للمعاداة. فلندرس كل واحدة من هذه الصفات.

٦٦

إنّ معنى الإنتماء لقريش واضح، وقد أجمعت معظم المذاهب الإسلامية على اشتراطه في الإمام أما صفة «الخليفة» أو «الأمير» فالمعنى المتبادر منها هو مَن يخلف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قيادة المسلمين أو مَن يلي أمرهم، فهل الوصف هذا يراد به من تولّى حكم المسلمين السياسي بعد وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟! .

من الواضح أنه لا يمكن حمل الوصف المذكور على هذا المعنى، إذ إنّ هذا تنفيه أحاديث اُخرى صحت حتى عند إخواننا أهل السنة وهي المصرحة بأن الخلافة بهذا المعنى لن تستمر بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأكثر من ثلاثين عاماً ثم تصبح ملكاً كما في صحيحي البخاري ومسلم(١) في حين أن الحديث الشريف يصرح باستمرار وجود هؤلاء الاثني عشر الى يوم القيامة. فلا معنى لحصر البحث عن مصاديق الحديث الشريف فيمن تولى حكم المسلمين بالفعل.

دلالة الواقع التأريخي

يُضاف الى ذلك أن الواقع التأريخي الاسلامي ينفي أن يكون المقصود بالخليفة هذا المعنى، إذْ انّ عدد مَن وصل للحكم من المسلمين بعد وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتسمى بهذا الاسم يفوق الإثني عشر بكثير.

أجل يمكن القول بأن الإثني عشر المقصودين في الحديث الشريف قد يكون بعضهم من هؤلاء الذين وصلوا الى الحكم وهم الجامعون للأوصاف الواردة في النصوص وليس مجرد تسلم حكم المسلمين بطريقة أو بأخرى يجعلهم مصداقاً للخلفاء والاُمراء في هذا الحديث الشريف. فإنّ الخلافة والإمرة بالمعنى المعروف والمتداول بين المسلمين هو أمر منقوض ومردود بتصريح الأحاديث الشريفة بسرعة زوال الخلافة بهذا المعنى كما تقدم، ولأنه يستلزم أن يكونوا متفرقين على مدى التاريخ الإسلامي وهذا ما تنقضه الدلالات الأخرى المستفادة من الحديث الشريف، لأن مصاديق هذا المفهوم قد انقطعت منذ مدة طويلة في حين أن الحديث ينص على استمرار وجود هؤلاء الخلفاء الإثني عشر الى يوم القيامة دونما انقطاع كما سنرى لاحقاً.

ـــــــــــ

(١) راجع في ذلك معجم أحاديث الإمام المهدي، ١: ١٦ ـ ٣٨.

٦٧

ولذلك لا بد من حمل معنى «الخليفة» في هذا الحديث على ماهو أعم من التولي المباشر للحكم السياسي، أي أن يكون المقصود خلافتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الوصاية على الدين والولاية على الأمة وهدايتها الى الصراط المستقيم سواء استلم الخليفة الحكم عملياً أو لم يستلمه، فالرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقوم بهذه المهمة عندما كان في مكة يتابع نشر دعوته بسرية وعندما أعلنها وتعرض للأذى من المشركين وعندما هاجر الى المدينة وأقام دولته وتولى حكومتها. فقد كانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قيّماً على الدين الحق حافظاً له وداعياً إليه في كل الأحوال، دون أن يكون لاستلامه الفعلي للحكم علاقة بإنجاز هذه المهمة وإن كان هو الأجدر باستلام الحكم في كل الأحوال.

وهذا ما يشير إليه تشبيههصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهؤلاء الإثني عشر بنقباء بني اسرائيل وأوصياء موسىعليه‌السلام كما في حديث ابن مسعود المروي في مسند أحمد بن حنبل وغيره(١) وهذا ما يدل عليه الحديث الشريف نفسه عندما يربط ـ في بعض نصوصه ـ بين وجودهم وبين قيام الدين أي حفظه، فهم أوصياء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخلفاؤه في الوصاية على دينه والهداية إليه.

ـــــــــــ

(١) مسند أحمد: ١/ ٣٩٨، المعجم الكبير للطبراني: ١٠/ ١٩٥، المستدرك للحاكم: ٤/ ٥٠١.

٦٨

اتصال وجود الخلفاء الاثني عشر

وهذه الصفة ـ أي قيام الدين بهم ـ تدل على استمرار وجودهم ما بين وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويوم القيامة، لأن القول بتفرقهم وخلو بعض الأزمان من أحدهم مع ربط قيام الدين بهم، يعني ضياع الإسلام وعدم قيامه في بعض الأزمان وهذا خلاف ما يدل عليه الحديث الشريف بعبارات من قبيل « لا يزال الدين قائماً » « لا يزال الإسلام عزيزاً ».

من هنا لا يمكن أن يكون مصداق الحديث الشريف أشخاصاً متفرقين على طول التأريخ الإسلامي بل يجب أن لا يخلو زمان من واحد منهم. فيكون وجودهم متصلاً.

كما ان صفة قيام الدين بهم تؤكد أن المعنى المراد من الخلافة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو المعنى الشمولي المتقدم الذي يشمل بالدرجة الأولى الوصاية على الدين الحق وحفظه والدعوة له والهداية إليه، الأمر الذي يؤهلهم للقيمومة على الأمة والولاية الشرعية عليهم المنتزعة من الولاية النبوية كما في حديث الغدير المشار إليه.

وهذا يستلزم تحليهم بالدرجة العليا من العلم بالدين الحق والعمل على وفقه لكي يكونوا أهلاً لحفظه وهداية الخلق إليه، وهذا ما يشير إليه قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في وصفه لهم : « كلهم يعمل بالهدى ودين الحق » الوارد في ذيل بعض نصوص هذا الحديث الشريف(١) .

وعلى ضوء ما تقدم نفهم الصفة الاخرى التي يذكرها الحديث الشريف

ـــــــــــ

(١) فتح الباري في شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني: ٣/١٨٤، باب الاستخلاف .

٦٩

لهم وهي أنهم سيُعرضون للكثير من أشكال المعاداة والخذلان ـ ولو لم يكن كثيراً لما استحق الذكر ـ دون أن يضرهم ذلك، فهذا العداء والخذلان لن يضرهم بمعنى أنه لا يصدهم عن تحقيق مهمتهم الأساسية بالحفاظ على قيام الدين وعزته رغم كل الصعاب وبقائه محفوظاً عندهم في كل الأزمان رغم أن الكيان السياسي للمسلمين تعرض لحقب تأريخية عديدة أصابه فيها الذل والهوان وتولى حكمه فيها أبعد الخلق عن معنى خلافة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

هذه هي صفات الخلفاء الأئمة الاثني عشر المستفادة من دلالات الحديث الشريف طبقاً لنصوصه المروية في أفضل الكتب المعتمدة عند إخواننا أهل السنة، فعلى من تنطبق؟

ائمة العترة هم المصداق الوحيد

الواقع التأريخي يثبت أن المصداق الوحيد الذي تنطبق عليه هم الائمة الاثنا عشر من عترة النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهم يختصون بهذا العدد تأريخياً كما هو معلوم وتنطبق عليهم الأوصاف المستفادة من دلالات الحديث الشريف، كما سنشير لذلك فيما يلي:

أدلة التطبيق

أولاً : انّ الحديث يدل بصورة واضحة على لزوم توفر تلك الأوصاف في هؤلاء الخلفاء الاثني عشر والتي تؤهلهم لكي يكون الدين قائماً بهم. بمعنى أن يكونوا جميعاً معبرين عن خط واحد ومنهج واحد في الدفاع عن الدين وحفظه وتبليغه ـ كما فعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ، وقد توفرت هذه الصفات في ائمة العترة النبوية الطاهرة الذين ثبت أن علوم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عندهم وثبت عنه وصيته بالتمسك بهم للنجاة من الضلالة كما في حديث الثقلين، وقد أخذ الكثير من المسلمين ـ ومنهم أئمة المذاهب الأربعة ـ علوم الدين منهم كما هو ثابت تأريخياً وثبت في روايات مختلف الفرق الإسلامية لجوء الجميع إليهم وفقرهم إليهم في علوم الدين واستغناؤهمعليهم‌السلام عن الجميع في ذلك(١) .

ـــــــــــ

(١) راجع مثلاً «الإمام الصادق والمذاهب الأربعة» للشيخ أسد حيدر، وما ورد بشأنهم في تاريخ دمشق لابن عساكر وفي تاريخ بغداد للخطيب البغدادي والصواعق المحرقة لابن حجر وسير أعلام النبلاء للذهبي ووفيات الأعيان لابن خلكان وغيرها. وسائر من ترجم لهمعليهم‌السلام من مختلف الفرق الإسلامية.

٧٠

كما أثبتت سيرتهم تفانيهم في الدفاع عن الإسلام ونشر علومه وإغاثة المسلمين عندما هاجمتهم الغزوات الفكرية واحتجاجاتهم على الملحدين وأرباب الديانات الأخرى مدونة في كتب المسلمين وهي تثبت حقيقة قيام الدين بهم وخلافتهم للرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ذلك، وأهليتهم لقيادة المسلمين أيضاً كما صرح بذلك الذهبي مثلاً حيث قال بأهلية الإمام الحسن والحسين والسجاد والباقرعليهم‌السلام ثم قال: وكذلك جعفر الصادق كبير الشأن من أئمة العلم كان أولى بالأمر من أبي جعفر المنصور، وكان ولده موسى كبير القدر جيد العلم أولى بالخلافة من هارون(١) .

ثانياً: إنّ سيرتهمعليهم‌السلام تنسجم مع تصريح الحديث الشريف بتعريض الخلفاء الإثني عشر للمعاداة والخذلان دون أن يضر ذلك في قيامهم بإنجاز مهمتهم الأساسية في حفظ الدين والدفاع عنه كما لاحظنا ذلك في الفقرة السابقة، ومن المعروف تأريخياً أنهم تعرضوا للأذى والملاحقة الشديدة من قِبَل السلطات الحاكمة التي لم تألُ جُهداً لإبادتهم مثل ما جرى في واقعة الطف للحسينعليه‌السلام وأهل بيته وأصحابه وتعريضهم للسجن والاغتيال بالقتل أو السم الأمر الذي أدى في نهاية المطاف الى ضرورة غيبة خاتمهم الإمام

ـــــــــــ

(١) سير أعلام النبلاء: ١٣/ ١٢٠ وراجع ما جمعه الشيخ الطبرسي في كتاب الاحتجاج تجد نماذج كثيرة لدفاعهم عن الإسلام بوجه الأفكار الدخلية.

٧١

الثاني عشرعليه‌السلام ، ولكن كل أشكال التعسّف والقهر والعداء والخذلان لم يُثنهم عن حفظ سنّة جدهمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتبليغها حيث حفلت الأحاديث المروية عنهم والمدونة في كتب علماء مدرستهم بكل ما يحتاجه الإنسان في مختلف شؤونه الفردية والاجتماعية(١) .

ثالثاً: تنطبق عليهم دلالة الحديث على استمرار وجودهم بصورة متصلة ما بين وفاة جدهمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقيام الساعة، في سلسلة ذهبية لم تؤد الى قطعها كل حملات العداء والخذلان التي تعرِّضوا لها، وإن أدت الى غيبة خاتمهم الإمام المهديعليه‌السلام فاستمر دوره في حفظ الدين وقيامه بذلك من خلف استار الغيبة بأساليب متنوعة أثبتت أن الانتفاع بوجوده متحقق مثلما ينتفع بالشمس إذا غيّبتها السُحب عن الأبصار كما ورد في الأحاديث الشريفة(٢) .

وبذلك يتضح أن عقيدة مدرسة أهل البيتعليهم‌السلام كيف تفسر عدم تناسب طول الفترة الزمنية بين وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبين قيام الساعة، مع تحديد الحديث الشريف لعدد الخلفاء القيمين على الإسلام بإثني عشر رجلاً لا أكثر، يستمر وجودهم متصلاً الى يوم القيامة لأن قيام الدين يكون بهم.

وبذلك يكون الحديث الشريف من الأحاديث المتفق على صحتها بين المسلمين والدالة على وجود الإمام المهدي وغيبته لأنه لا ينطبق على غير الائمة الإثني عشر من أئمة العترة النبوية الذين أدى خذلانهم الى غيبة خاتمهمعليه‌السلام .

ـــــــــــ

(١) جمعت هذه الأحاديث الشريفة في موسوعات ضخمة مثل بحار الأنوار للعلاّمة المجلسي ووسائل الشيعة للحر العاملي.

(٢) مثل إصداره «التوقيعات» وهي الرسائل التي كان عليه‌السلام يبعثها للمؤمنين ويجيب فيها عن اسئلتهم الدينية المختلفة وقد دونت كتب الغيبة عدداً كبيراً منها، تجدها في كتاب «كلمة الإمام المهدي» والصحيفة المهدوية وغيرها.

٧٢

الاتفاق على أن المهدي خاتم الخلفاء الاثني عشر

يؤيد ذلك موافقة عدد كبير من علماء أهل السنّة لعقيدة أهل البيتعليهم‌السلام في كون المهدي المنتظر هو الخليفة الثاني عشر من الخلفاء الإثني عشر الذين أخبر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن خلافتهم الدينية، أمثال أبي داود في سننه(١) وابن كثير في تفسيره(٢) وغيرهم. وصرح بذلك المجمع الفقهي التابع للأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي في جوابه على استفتاء مسلم من كينيا بشأن الإمام الموعود، حيث ورد في جواب المجمع : « هو )المهدي الموعود (آخر الخلفاء الراشدين الإثني عشر الذين أخبر عنهم النبي صلوات الله وسلامه عليه في الصحاح ...»(٣) .

ولعل مستندهم في ذلك حديث الأمّة الظاهرة القائمة بأمر الله الذي يتحدث عن المصداق الذي يتحدث عنه حديث الائمة الاثني عشر الذي يصرح بأن آخر اُمراء هذه الأمة الظاهرة هو المهدي الموعود كما سنلاحظ.

٣ ـ حديث الاُمة الظاهرة القائمة بأمر الله ، وهو من الأحاديث المشهورة المروية في الكتب الستة وغيرها من المجاميع الروائية المعتبرة عند إخواننا أهل السنّة من طرق كثيرة فقد رواه مثلاً أحمد بن حنبل وحده من سبعة وعشرين طريقاً(٤) .

ـــــــــــ

(١) راجع ما نقله الشيخ عبدالمحسن العباد في بحثه (عقيدة أهل السنّة والأثر في المهدي المنتظر) المطبوع في مجلة الجامعة الاسلامية العدد الثالث، السنة الاُولى، ذو القعدة ١٣٨٨ هـ .

(٢) تفسير القرآن العظيم : ٢ / ٣٤ في تفسير الآية ١٢ من سورة المائدة.

(٣) راجع النسخة المصوّرة لفتوى رابطة العالم الاسلامي، المجمع الفقهي المنشورة في كتاب احاديث المهدي من مسند احمد بن حنبل : ١٦٢ ـ ١٦٦.

(٤) راجع كتاب «احاديث المهديعليه‌السلام من مسند احمد بن حنبل»، اعداد السيد محمد جواد الجلالي: ٦٨ ـ ٧٦ .

٧٣

فقد رواه البخاري في صحيحه بلفظ « لا يزال ناس من اُمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون »(١) .

ورواه البخاري في تأريخه ومسلم وأبو داود وابن ماجة والترمذي وأحمد بن حنبل والحاكم وغيرهم بلفظ : «لا تزال طائفة من أُمتي على الحق حتى يأتي أمر الله عز وجل »(٢) .

ورواه البخاري في صحيحه ومسلم وأحمد وابن ماجة بلفظ : « مَن يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ولن تزال (من) هذه الاُمة اُمة قائمة على أمر الله، لا يضرهم مَن خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس »(٣) .

ورواه مسلم وأحمد والحاكم وغيرهم عن جابر بن سمرة : « لا يزال هذا الدين قائماً تقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة »(٤) . وفيه أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال ذلك في حجة الوداع، وجابر هو نفسه راوي حديث الائمة الإثني عشر من قريش.

وفي رواية لمسلم : « لا تزال عصابة من اُمتي يُقاتلون على أمر الله قاهرين لعدوهم لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك »(٥) .

وفي رواية لأبي داود وأحمد والحاكم وغيرهم بلفظ : « لا تبرح عصابةٌ من اُمتي ظاهرين على الحقّ لا يبالون من خالفهم حتى يخرج المسيح الدجال فيقاتلونه»(٦) .

ـــــــــــ

(١) صحيح البخاري: ٤/٢٥٢.

(٢) تاريخ البخاري: ٤/١٢ حديث ١٧٩٧، صحيح مسلم:٣/١٥٢٣، حديث ١٩٢٠، وسنن أبي داود: ٤/٩٧، حديث ٤٢٠٢ و ابن ماجة: ١/٥ باب١ حديث ١٠، والترمذي: ٤/٥٠٤ حديث ٢٢٢٩ و احمد بن حنبل في مسنده: ٢/٣٢١ .

(٣) صحيح البخاري: ٩/١٦٧، وصحيح مسلم: ٣/١٥٢٤ حديث ١٠٣٧، ومسند أحمد: ٤/١٠١، وابن ماجة: ١/٥ باب ١ حديث ٧ .

(٤) صحيح مسلم: ١٥٢٤ حديث ١٩٢٢، مسند أحمد: ٥/٩٢، ٩٤، ومستدرك الحاكم: ٤/٤٤٩.

(٥) صحيح مسلم: ٣/١٥٢٤، ١٥٢٥ باب ٥٣، حديث ١٩٢٤ .

(٦) مسند أحمد: ٤/٤٣٤، سنن أبي داود: ٣/٤، حديث ٢٤٨٤، ومستدرك الحاكم: ٢/٧١.

٧٤

وفي رواية للبخاري في تأريخه وأحمد في مسنده ورجاله كلهم ثقات كما قال الكشميري في تصريحه بلفظ: « لا تزال طائفة من اُمتي على الحق ظاهرين على مَن ناواهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى، وينزل عيسى بن مريم »(١) .

وفي رواية لمسلم وأحمد : « لا تزال طائفةٌ من اُمتي على الحق ظاهرين الى يوم القيامة، قال: فينزل عيسى بن مريمعليه‌السلام ، فيقول أميرهم : تعال صلّ بنا، فيقول : لا، إن بعضكم على بعض أمير ليكرم الله هذه الاُمة »(٢) .

والحديث الشريف جاء في حجة الوداع كما يصرح بذلك جابر بن سمرة فيما رواه عنه مسلم وأحمد والحاكم كما تقدم، وهذه الحجة هي نفسها التي بلّغ فيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحاديث الثقلين والغدير والائمة الإثني عشر، لذا فهو يأتي في إطار التخطيط النبوي لهداية المسلمين الى ما يحفظ مسيرتهم بعده أو ما ينقذهم من الضلالة وميتة الجاهلية، فهو غير بعيد عن أجواء الأحاديث السابقة.

على أن من الواضح للمتدبر في هذا الحديث الشريف وحديث الائمة الإثني عشر أن كليهما يتحدثان عن مصداق واحد لا أكثر، كما هو مشهود في اشتراكهما في ذكر صفات تتحدث وتهدي الى مصداق واحد، خاصة ما يصرح بربط قيام الدين وحفظه بوجود هذه الاُمة الظاهرة القائمة بأمر الله في الحديث الثاني وبوجود الأئمة الاثني عشر في الحديث الأول لأن ذلك يعني امتلاك هذه الجهة للقيمومة على الدين ومرجعيتها في معرفة حقائق الدين الحق وتعريضها بسبب ذلك للمعاداة والخذلان وهذا ما يشترك الحديثان في ذكره وفي التصريح بعدم إضراره في أصل مهمة هذه العصابة وهي الدفاع عن الدين الحق وحفظه .

ويؤكد حديث الأمة الظاهرة صراحة ـ فيما تقدم من نصوصه ـ مادل عليه حديث الائمة الإثني عشر ضمنياً من استمرار وجود هؤلاء الأئمة الى يوم القيامة وكذلك من أن مهمتهم الأساسية خلافة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الدفاع عن الدين الحق وحفظه دون أن يؤثر في إنجاز أصل هذه المهمة استلامهم الفعلي للحكم أو عدم استلامه وإن كانوا هم الأجدر بذلك.

ـــــــــــ

(١) تاريخ البخاري: ٥/٤٥١ حديث ١٤٦٨، مسند أحمد: ٤/٤٢٩.

(٢) معجم أحاديث الإمام المهدي: ١/ ٥١ ـ ٦٨، وقد ذكر لكل حديث الكثير من المصادر من المجاميع الروائية المعتبرة عند أهل السنة وقد اخترنا بعضها من المتن والبعض الآخر من الهوامش.

٧٥

كما أنه يصرح بأن خاتم أمراء هذه الأمة الظاهرة هو الإمام المهدي الموعود ـ كما دل على ذلك ضمنياً حديث الائمة الإثني عشر ـ، فهو يصرح باستمرار وجودها الى نزول عيسىعليه‌السلام ومناصرته لأميرها وصلاته خلفه وهذه الحادثة ترتبط بالإمام المهدي ـ عجل الله فرجه ـ باتفاق المسلمين.

ويصرح حديث الأمة الظاهرة بلزوم أن يكون هؤلاء الائمة الإثنا عشر ائمة حق قائمين بأمر الله كما تصرح بذلك النصوص المتقدمة، فهم يمثلون خطاً واحداً منسجماً في خلافة رسول الله الحقيقيّة والوصاية على شريعته، خطّاً متصلاً دون انقطاع الى يوم القيامة، وهذا ما لا ينسجم بحال من الأحوال مع تأريخ خلفاء الدولة الاسلامية الذين حكموها فعلاً. لذلك فإنّ جميع الذين غفلوا عن هذه الدلالات في الحديثين المتقدمين وسعوا للعثور على مصاديق الائمة الإثني عشر في الذين وصلوا للحكم بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأي طريقة كانت، تاهوا في متاهات غريبة ولم يستطيعوا تقديم مصداق معقول ينسجم مع دلالات هذه الأحاديث الشريفة ولا مع الواقع التأريخي. فتعددت آراؤهم وعمدوا الى تأويلات باردة لما صرحت به الأحاديث الشريفة الأمر الذي يتعارض بالكامل مع هدف الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من إخبار المسلمين بهؤلاء القائمين بأمر الله وهو الهداية إليهم وإرجاعهم ودعوتهم للتمسك بهم.

فأي انسجام في الخط والمنهج وتمثيل الدين الحق والصدق في التعبير عن خلافة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين الإمام عليعليه‌السلام ومعاوية، أو بين الإمام الحسينعليه‌السلام ويزيد بن معاوية لكي يعتبروهم جميعاً من هؤلاء من الخلفاء الإثني عشر الذين يقوم بهم الدين ؟ ! وكيف يمكن القول بأن أمثال يزيد بن معاوية أو الوليد بن عبدالملك يمكن أن يصدق عليهم الوصف النبوي للأمة الظاهرة والائمة الاثني عشر بأنهم على الحق وقائمين بأمر الله وخلفاء رسوله وكيف ذاك وسيرتهم شاهدة بأنهم أبعد الناس عن العلم بالدين وممثلي نهج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٧٦

هذا بعض ما يُقال بشأن المصاديق التي عرضها للائمة الإثني عشر العلماء الذين راعوا دلالة الأحاديث على اتصال سلسلة هؤلاء الائمة وأغفلوا عدم انطباق الصفات الأخرى عليهم كما لاحظنا. يُضاف الى ذلك إغفالهم لتصريح الأحاديث باستمرار وجود هؤلاء الائمة الى يوم القيامة; إذ إنّ المصاديق التي عرضوها تنتهي بإنتهاء العصر الأموي(١) !

أما الذين سعوا لمراعاة الصفات الأخرى فيمن حكموا المسلمين فقد أغفلوا دلالة الحديث على استمرار وجودهم دون انقطاع إذْ تركوا الخلفاء الذين أعقبوا معاوية الى عمر بن عبدالعزيز ليجعلوه خامس أو سادس الإثني عشر وتركوا ما بعده الى هذا أو ذاك من الخلفاء العباسيين ممن رأوهم أقرب

ـــــــــــ

(١) وهذا أضعف الآراء وأبعدها عن دلالات الحديث الشريف ورغم ذلك رجحه ابن باز في تعليقه على محاضرة الشيخ عبدالمحسن العباد عن المهدي الموعود، راجع مجلة الجامعة الاسلامية العدد الثالث، السنة الاُولى، ذو القعدة ١٣٨٨ هـ .

٧٧

الى الصفات التي يذكرها الحديث ورغم ذلك لم يكتمل العدد حتى قال السيوطي بأن المتبقي اثنان منتظران أحدهما المهدي الموعود والثاني لم يعرفه هو ولا غيره(١) !!

وما كانوا بحاجة الى كل هذه التأويلات الباردة والمتاهات المحيرة لو تدبروا بموضوعية في تلك الأحاديث الشريفة واستندوا الى مدلولاتها الواضحة التي تنطبق بالكامل على الائمة الإثني عشر من عترة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى القول بعدم انقطاع سلسلتهم الى يوم القيامة في ظل القول بوجود الإمام الثاني عشر المهدي الموعودعليه‌السلام وغيبته وقيامه حتى في ظل غيبته عن الأبصار بمهام حفظ الدين ولو بأساليب خفية لكنها كاملة في إتمام حجة الله على خلقه كما دلت على ذلك الأحاديث المتقدمة وتدل عليه أيضاً الأحاديث اللاحقة.

٤ ـ أحاديث عدم خلو الزمان من الإمام القرشي المنقذ من الميتة الجاهلية ، وهي أيضاً من الأحاديث الشريفة المروية من طريق الفريقين، نختار منها المروي في الكتب المعتبرة عند أهل السنة، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما وأحمد بن حنبل في مسنده وغيرهم بأسانيدهم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال: « لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان»(٢) .

ـــــــــــ

(١) وهذا من أطرف الآراء، راجع أضواء على السنة المحمدية للشيخ محمود أبو ريّة : ٢١٢، وراجع أيضاً في مناقشة هذه الآراء ما ذكره الشيخ لطف الله الصافي في كتابه منتخب الأثر: في الهامش، ودلائل الصدق للشيخ محمد حسن المظفر، ٢: ٣١٥ وما بعدها، وما أورده الحكيم صدر الدين الشيرازي في شرح أصول الكافي : ٤٦٣ ـ ٤٧٠ من الطبعة الحجرية.

(٢) صحيح البخاري: ٩/ ٧٨، صحيح مسلم: ٣/ ١٤٥٢، مسند أحمد: ٢/ ٢٩، ٢/ ٩٣ بطريق آخر.

٧٨

وروى البخاري في تأريخه وأحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه وابن أبي شيبة في مسنده والطيالسي في مسنده وأبو يعلى والطبراني والبزار والهيثمي وغيرهم بألفاظ متقاربة وأسانيد عديدة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال واللفظ للطيالسي : « مَن مات بغير إمام مات ميتةً جاهلية، ومَن نزع يداً من طاعة جاء يوم القيامة لا حجة له »(١) .

وعلق ابن حبان على الحديث موضحاً معناه بقوله : قال أبو حاتم: قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «مات ميتة الجاهلية» معناه : مَن مات ولم يعتقد أن له إماماً يدعو الناس الى طاعة الله حتى يكون قوام الإسلام به عند الحوادث والنوازل، مقتنعاً في الإنقياد على مَن ليس نعته ما وصفنا مات ميتةً جاهلية(٢) .

معنى « الأمر » في الكتاب والسنة

إنّ الحديث الأول قد صرّح ببقاء «الأمر» في قريش ما بقي البشر على الأرض فلا تخلو الأرض من قرشي يكون له « الأمر »، فما هو المقصود من « الأمر » هنا ؟ ! وهل يمكن تفسيره بالاستلام الفعلي للحكم الظاهري للمسلمين ؟ !

الجواب: أنّ الواقع التأريخي ينفي هذا التفسير، وعلى الأقل منذ سقوط الخلافة العباسية الى اليوم لم يكن حكم المسلمين لقرشي كما هو معلوم، لذا لا يمكن تفسير « الأمر » بغير القول بمعنى الخلافة العامة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الوصاية على الدين وحفظه والدفاع عنه وهداية الخلق إليه، الأمر الذي يؤهل صاحبه لقيادة المسلمين والحكم الظاهري، فالأمر هنا هو من نوع

ـــــــــــ

(١) تاريخ البخاري: ٦/ ٤٤٥، مسند احمد: ٣/ ٤٦٦، صحيح ابن حبان: ٧/ ٤٩، مسند الطيالسي : ١٢٥٩ الحديث رقم ١٩١٣ مسند ابن أبي شيبة: ١٥/ ٣٨، المعجم الكبير للطبراني: ١٠/ ٣٥٠،مجمع الزوائد: ٢/ ٢٥٢، عن أبي يعلى والبزار والطبراني.

(٢) صحيح ابن حبان: ٧/ ٤٩.

٧٩

« الأمر » الوارد في سورة النساء في آية الطاعة، وهي قوله تعالى:( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واوُولي الأمر منكم ) (١) ، وهي الآية الدالة على عصمة اُولي الأمر لاشتراكهم في الأمر بالطاعة مع الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولأن : «الله تعالى أمر بطاعة اُولي الأمر على سبيل الجزم والقطع في هذه الآية، ومَن أمر بطاعته على سبيل الجزم والقطع لابد وأن يكون معصوماً عن الخطأ... كما قال الفخر الرازي في تفسيره(٢) .

فلابد أن يكون في زماننا الحاضر أيضاً قرشي يكون له « الأمر » هذا ويقوم به الدين ويتحلى بالعصمة ويخلف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مهمة حفظ الدين والهداية إليه إذ لا يخلو زمان من مصداق لذلك كما ينص الحديث الشريف المتقدم، وحيث إنه لا يوجد إمام ظاهر يدعي ذلك فلابد من القول بوجوده واستتاره وغيبته وقيامه بمهمة حفظ الدين تصديقاً للحديث الشريف وهذه هي عقيدة أهل البيتعليهم‌السلام في المهدي وغيبته.

يُضاف الى ذلك أن أحاديث الخلفاء الإثني عشر قد حصرت عدد خلفاء الرسول بهذا المعنى الى يوم القيامة باثني عشر، وقد اتضحت دلالتها على وجود الإمام المهدي وغيبته، لذلك يكون حديث عدم خلو الزمان من الإمام القرشي مؤكداً لهذه الدلالة.

والدلالة نفسها يمكن التوصل إليها من أحاديث وجوب معرفة إمام الزمان وإتباعه والتي تقدم نموذج لها، حيث تنص على أن لا حجة يوم القيامة لمن عمي عن معرفته وخرج عن طاعته كما رأينا، لذا فلا مناص من

ـــــــــــ

(١) النساء (٤): ٥٩ .

(٢) التفسير الكبير: ١٠/ ١٤٤، وراجع البحث المفصل الذي أورده العلاّمة الطباطبائي في تفسير هذه الآية الكريمة ودلالاتها في تفسير الميزان: ٤/ ٣٨٧ ـ ٤٠١ .

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512