وسائل الشيعة الجزء ٢١

وسائل الشيعة10%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 585

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 585 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 412814 / تحميل: 6331
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ٢١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

متعة؟ قال: لا، قلت: حكى زرارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، إنّما هي مثل الاماء يتزوّج ما شاء، قال: لا، هي من الأربع.

قال الشيخ: هذان الخبران وردا مورد الاحتياط والفضل دون الحظر، واستدلّ بما تقدّم، وحاصله كراهة الزيادة ولو للتقيّة، وحديث عمّار يحتمل الحمل على الإِنكار أيضاً، ويحتمل الحديثان إرادة التشبيه يعني أنّها كإحدى الأربع في تحريم الأُخت جمعاً وفي كثير من الأحكام لا في تحريم الزيادة.

[ ٢٦٤١٧ ] ١٢ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن الفضيل بن يسار، أنّه سأل أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن المتعة؟ فقال: هي كبعض إمائك.

ورواه في( المقنع) مرسلا (١) .

[ ٢٦٤١٨ ] ١٣ - عبدالله بن جعفر في( قرب الإِسناد) : عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا( عليه‌السلام ) قال: سألته عن المتعة - إلى أن قال: - وسألته من الاربع هي؟ فقال: اجعلوها من الأربع على الاحتياط، قال: وقلت له: انّ زرارة حكى عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) إنّما هن مثل الإِماء يتزوّج منهنّ ما شاء، فقال: هي من الاربع.

أقول: عرفت وجهه(٢) .

[ ٢٦٤١٩ ] ١٤ - العيّاشيّ في( تفسيره) : عن عبد السلام، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قلت له: ما تقول في المتعة؟ قال: قول الله:( فما استمتعتم به منهنّ فآتوهنّ أُجورهنّ فريضة ) (٣) إلى أجل مسمّى( ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة ) (٤) قال: قلت: جعلت فداك، أهي من الأربع؟

____________________

١٢ - الفقيه ٣: ٢٩٤ / ١٣٩٦.

(١) المقنع: ١١٤.

١٣ - قرب الإِسناد: ١٥٩ و ١٦١.

(٢) تقدم وجهه في ذيل الحديث ١١ من هذا الباب.

١٤ - تفسير العيّاشيّ ١: ٢٣٤ / ٨٨، وأورد ذيله في الحديث ٨ من الباب ٢٣ من هذه الأبواب.

(٣ و ٤) النساء ٤: ٢٤.

٢١

قال: ليست من الأربع إنّما هي إجارة، الحديث.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٥ - باب كراهة المتعة مع الغنى عنها واستلزامها الشنعة أو فساد النساء

[ ٢٦٤٢٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن يقطين قال: سألت أبا الحسن( عليه‌السلام ) عن المتعة؟ فقال: ما أنت وذاك قد أغناك الله عنها، ففلت: إنّما أردت أن أعلمها، فقال: هي في كتاب عليّ( عليه‌السلام ) ، فقلت: نزيدها( ونزداد) (٣) ؟ قال: وهل يطيبه إلّا ذاك.

[ ٢٦٤٢١ ] ٢ - وعنه، عن المختار بن محمّد بن المختار، وعن محمّد بن الحسن، عن عبدالله بن الحسن العلويّ جميعاً، عن الفتح بن يزيد قال: سألت أبا الحسن( عليه‌السلام ) عن المتعة؟ فقال: هي حلال مباح مطلق لمن لم يغنه الله بالتزويج فليستعفف بالمتعة، فإن استغنى عنها بالتزويج فهي مباح له إذا غاب عنها.

[ ٢٦٤٢٢ ] ٣ - وعن عليّ بن محمد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن ابن سنان، عن المفضّل قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول في المتعة: دعوها أما يستحيي أحدكم أن يرى في موضع العورة فيحمل ذلك على صالحي اخوانه وأصحابه.

____________________

(١) تقدم في الباب ١٠ من أبواب ما يحرم بإستيفاء العدد.

(٢) يأتي ما يدل عليه مطلقاً في الحديث ١ من الباب ٢٦ من هذه الأبواب.

الباب ٥

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٤٥٢ / ١، ونوادر أحمد بن محمّد بن عيسى: ٨٧ / ١٦٩.

(٣) في المصدر: وتزداد.

٢ - الكافي ٥: ٤٥٢ / ٢.

٣ - الكافي ٥: ٤٥٣ / ٤.

٢٢

[ ٢٦٤٢٣ ] ٤ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمون قال: كتب أبو الحسن( عليه‌السلام ) إلى بعض مواليه لا تلحّوا على المتعة إنّما عليكم إقامة السنّة فلا تشغلوا بها عن فرشكم وحرائركم فيكفرن ويتبرّين ويدعين على الآمر بذلك ويلعنونا.

[ ٢٦٤٢٤ ] ٥ - وعنهم عن سهل، عن عليّ بن أسباط ومحمّد بن الحسين جمعياً، عن الحكم بن مسكين، عن عمّار قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) لي ولسليمان بن خالد: قد حرّمت عليكما المتعة من قبلي ما دمتما بالمدينة، لانكما تكثران الدخول عليّ وأخاف أن تؤخذا فيقال: هؤلاء أصحاب جعفر.

[ ٢٦٤٢٥ ] ٦ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: وله أن يتمتّع إن شاء وله امرأة وإن كان مقيماً معها في مصره.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على نفي التحريم(١) ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٦ - باب استحباب اختيار المأمونة العفيفة للمتعة

[ ٢٦٤٢٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب عن أبان، عن أبي مريم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، أنه سئل

____________________

٤ - الكافي ٥: ٤٥٣ / ٣.

٥ - الكافي ٥: ٤٦٧ / ١٠.

٦ - الفقيه ٣: ٢٩٦ / ١٤٠٦، نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى: ٨٣ / ١٨٥ وأورد قطعة من صدره في الحديث ٩ من الباب ٢١، وقطعة أخرى من صدره أيضاً في الحديث ٤ من الباب ٢٣ من هذه الأبواب.

(١) تقدم في الحديث ١٣ من الباب ٢ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي ما يدل على بعض المقصود في الحديث ١ و ١٠ من الباب ١١ من هذه الأبواب.

الباب ٦

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٤٥٣ / ١.

٢٣

عن المتعة، فقال: انّ المتعة اليوم ليست كما كانت قبل اليوم إنّهنّ كنّ يومئذ يؤمن واليوم لا يؤمن فاسألوا عنهنّ.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب(١) .

ورواه الصدوق بإسناده عن الحسن بن محبوب، مثله(٢) .

[ ٢٦٤٢٧ ] ٢ - وعنه عن أحمد بن محمّد، عن العبّاس بن موسى، عن إسحاق، عن أبي سارة قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عنها، يعني المتعة؟ فقال لي: حلال( فلا تزوّج) (٣) إلّا عفيفة، إنّ الله عزّ وجلّ يقول:( والذين هم لفروجهم حافظون ) (٤) فلا تضع فرجك حيث لا تأمن على درهمك.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(٥) .

[ ٢٦٤٢٨ ] ٣ - وعنه، عن أحمد، عن محمّد بن إسماعيل، عن الرضا( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: لا ينبغي لك أن تتزوج إلّا( بمأمونة) (٦) انّ الله عزّ وجلّ يقول:( الزاني لا ينكح إلّا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلّا زان أو مشرك وحرّم ذلك على المؤمنين ) (٧) .

ورواه الصدوق بإسناده عن محمّد بن إسماعيل(٨) .

____________________

(١) التهذيب ٧: ٢٥١ / ١٠٨٤.

(٢) الفقيه ٣: ٢٩٢ / ١٣٨٦.

٢ - الكافي ٥: ٤٥٣ / ٢، وأورد صدره في الحديث ٨ من الباب ١ من هذه الأبواب.

(٣) في نسخة: ولا تتزوج ( هامش المخطوط ).

(٤) المؤمنون ٢٣: ٥.

(٥) التهذيب ٧: ٢٥٢ / ١٠٨٦، والاستبصار ٣: ١٤٢ / ٥١٢.

٣ - الكافي ٥: ٤٥٤ / ٣، ونوادر أحمد بن محمّد بن عيسى: ٨٧ / ٢٠١، وأورد صدره في الحديث ٢ من الباب ٧، وأورده مع قطعة من صدره في الحديث ١ من الباب ٨، وأورد صدره في الحديث ٢ من الباب ٣٣ من هذه الأبواب.

(٦) في المصدر: مؤمنة أو مسلمة.

(٧) النور ٢٤: ٣.

(٨) الفقيه ٣: ٢٩٢ / ١٣٨٨.

٢٤

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٧ - باب استحباب اختيار المؤمنة العارفة للمتعة وجواز التمتع بغيرها

[ ٢٦٤٢٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن داود بن إسحاق الحذاء، عن محمّد بن العيص(٣) قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن المتعة؟ فقال: نعم، إذا كانت عارفة، قلنا: فإن لم تكن عارفة؟ قال: فاعرض عليها وقل لها، فإن قبلت فتزوّجها، وإن أبت أن ترضى بقولك فدعها، الحديث.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٤) .

ورواه الصدوق كما يأتي(٥) .

[ ٢٦٤٣٠ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمّد بن إسماعيل، عن الرضا( عليه‌السلام ) - في حديث - أنه سئل عن المتعة؟ فقال: لا ينبغي لك أن تتزوّج إلّا بمؤمنة أو مسلمة.

____________________

(١) تقدم في الحديث ٩ من الباب ٢ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الباب ٨ من هذه الأبواب.

الباب ٧

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٤٥٤ / ٥، وأورد ذيله عنهما وعن الفقيه والمعاني في الحديث ٣ من الباب ٨ من هذه الأبواب.

(٣) في المصدر: الفيض.

(٤) التهذيب ٧: ٢٥٢ / ١٠٨٨.

(٥) يأتي في الحديث ٣ من الباب ٨ من هذه الأبواب.

٢ - الكافي ٥: ٤٥٤ / ٣، نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى: ٨٧ / ٢٠١، وأورده في الحديث ٣ من الباب ٦، وأورد صدره مع ذيله في الحديث ١ من الباب ٨، وأورد صدره في الحديث ٢ من الباب ٣٣ من هذه الأبواب.

٢٥

[ ٢٦٤٣١ ] ٣ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن معاوية بن حكيم، عن إبراهيم بن عقبة، عن الحسن التفليسي قال: سألت الرضا( عليه‌السلام ) : أيتمتّع من اليهوديّة والنصرانيّة؟ فقال: يتمتّع من الحرّة المؤمنة أحبّ إليّ وهي أعظم حرمة منها(١) .

ورواه الصدوق بإسناده عن الحسن التفليسيّ، مثله(٢) .

[ ٢٦٤٣٢ ] ٤ - وعنه، عن( الحسن بن عليّ) (٣) ، عن بعض أصحابنا يرفعه إلى أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لا تتمتع(٤) بالمؤمنة فتذلها.

قال الشيخ: هذا شاذّ، ويحتمل أن يكون المراد به إذا كانت المرأة من أهل بيت الشرف يلحق أهلها العار ويلحقها الذلّ ويكون ذلك مكروهاً(٥) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على الجواز(٦) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٧) .

____________________

٣ - التهذيب ٧: ٢٥٦ / ١١٠٩، والاستبصار ٣: ١٤٥ / ٥٤٢، وأورده في الحديث ٦ من الباب ١٣ من هذه الأبواب، وفي الحديث ٣ من الباب ٤ من أبواب ما يحرم بالكفر.

(١) في المصدر: منهما.

(٢) الفقيه ٣: ٢٩٣ / ١٣٩٠.

٤ - التهذيب ٧: ٢٥٣ / ١٠٨٩، والاستبصار ٣: ١٤٣ / ٥١٥.

(٣) في التهذيب: أبي الحسن، وفي الاستبصار: أبي الحسن علي.

(٤) في نسخة: لا تمتع ( هامش المخطوط ).

(٥) التهذيب ٧: ٢٥٣ / ذيل الحديث ١٠٨٩.

(٦) تقدم في الحديث ١٢ من الباب ٢ من هذه الأبواب.

(٧) يأتي في الحديث ٦ من الباب ١٣ من هذه الأبواب.

٢٦

٨ - باب كراهة التمتع بالزانية المشهورة بالزنا، وتحريم التمتع بذات البعل والعدة، والمطلقة على غير ال سنّة

[ ٢٦٤٣٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمّد بن إسماعيل قال: سأل رجل أبا الحسن الرضا( عليه‌السلام ) وأنا أسمع عن رجل يتزوّج المرأة متعة ويشترط عليها أن لا يطلب ولدها - إلى أن قال: - فقال: لا ينبغي لك أن تتزوّج إلّا بمؤمنة(١) أو مسلمة، فإنّ الله عزّ وجلّ يقول:( الزاني لا ينكح إلّا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلّا زان أو مشرك وحرّم ذلك على المؤمنين ) (٢) .

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمد، مثله، إلّا أنه قال: لا تتزوّج إلّا بمأمونة(٣) .

ورواه الصدوق بإسناده عن محمّد بن إسماعيل، مثله(٤) .

[ ٢٦٤٣٤ ] ٢ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبدالله بن أبي يعفور، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن المرأة ولا يدري ما حالها، أيتزوّجها الرجل متعة؟ قال: يتعرّض لها، فإن أجابته إلى الفجور فلا يفعل.

____________________

الباب ٨

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٤٥٤ / ٣، نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى: ٨٧ / ٢٠١. وأورد ذيله في الحديث ٣ من الباب ٦، وقطعة منه في الحديث ٢ من الباب ٧، وأورد صدره في الحديث ٢ من الباب ٣٣ من هذه الأبواب.

(١) في نسخة: بمأمونة ( هامش المخطوط ).

(٢) النور ٢٤: ٣.

(٣) التهذيب ٧: ٢٦٩ / ١١٥٧، والاستبصار ٣: ١٥٣ / ٥٦٠.

(٤) الفقيه ٣: ٢٩٢ / ١٣٨٨.

٢ - الكافي ٥: ٤٥٤ / ٤.

٢٧

[ ٢٦٤٣٥ ] ٣ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن داود بن إسحاق الحذاء، عن محمّد بن الفيض قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن المتعة؟ قال: نعم، إذا كانت عارفة - إلى أن قال: - واياكم والكواشف والدواعي والبغايا وذوات الازواج، قلت: ما الكواشف؟ قال: اللواتي يكاشفهن وبيوتهنّ معلومة ويؤتين، قلت: فالدواعي؟ قال: اللواتي يدعون إلى أنفسهنّ وقد عرفن بالفساد، قلت: فالبغايا؟ قال: المعروفات بالزنا، قلت: فذوات الازواج؟ قال: المطلقات على غير السنّة.

ورواه الصدوق بإسناده عن داود بن إسحاق(١) .

ورواه في( معاني الأخبار) عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد البرقي، مثله (٢) .

[ ٢٦٤٣٦ ] ٤ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن محمّد بن الفضيل قال: سألت أبا الحسن( عليه‌السلام ) عن المرأة الحسناء الفاجرة، هل تحبّ(٣) للرجل أن يتمتّع منها يوماً أو أكثر؟ فقال: إذا كانت مشهورة بالزنا فلا يتمتّع منها ولا ينكحها.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٤) ، وكذا الّذي قبله.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في المصاهرة(٥) .

____________________

٣ - الكافي ٥: ٤٥٤ / ٥، التهذيب ٧: ٢٥٢ / ١٠٨٨، والاستبصار ٣: ١٤٣ / ٥١٤، أورد صدره في الحديث ١ من الباب ٧ من هذه الأبواب.

(١) الفقيه ٣: ٢٩٢ / ١٣٨٧.

(٢) معاني الاخبار: ٢٢٥ / ١.

٤ - الكافي ٥: ٤٥٤ / ٦، نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى: ١٣١ / ٣٣٧.

(٣) في المصدر: يجوز.

(٤) التهذيب ٧: ٢٥٢ / ١٠٨٧، والاستبصار ٣: ١٤٢ / ٥١٣.

(٥) تقدم في الباب ١٣ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة، وتقدّم ما يدلّ على عدم تحريم تزويج الزانية في الباب ١٢ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة، ويأتي ما يدلّ على عدم تحريم التمتع بالزانية في الباب ٩ من هذه الأبواب.

٢٨

٩ - باب عدم تحريم التمتع بالزانية وان أصرت

[ ٢٦٤٣٧ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليّ بن حديد، عن جميل، عن زرارة قال: سأله عمّار وأنا عنده عن الرجل يتزوّج الفاجرة متعة؟ قال: لا بأس، وإن كان التزوّيج الآخر فليحصن بابه.

[ ٢٦٤٣٨ ] ٢ - وعنه، عن سعدان، عن عليّ بن يقطين قال: قلت لابي الحسن( عليه‌السلام ) : نساء أهل المدينة، قال: فواسق، قلت: فأتزوّج منهنّ؟ قال: نعم.

[ ٢٦٤٣٩ ] ٣ - وبإسناده عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن جرير قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : إنّ عندنا بالكوفة امرأة معروفة بالفجور، أيحلّ أن أتزوّجها متعة؟ قال: فقال: رفعت راية؟ قلت: لا، لو رفعت راية أخذها السلطان، قال: نعم تزوجها متعة، قال: ثم أصغى إلى بعض مواليه فأسرّ إليه شيئاً، فلقيت مولاه فقلت له: ما قال لك؟ فقال: إنّما قال لي: ولو رفعت راية ما كان عليه في فتزويجها شئ إنّما يخرجها من حرام إلى حلال.

[ ٢٦٤٤٠ ] ٤ - عليّ بن عيسي في( كشف الغمة) نقلاً من كتاب( الدلائل) لعبدالله بن جعفر الحميريّ، عن الحسن بن ظريف قال: كتبت إلى أبي محمّد( عليه‌السلام ) : قد تركت التمتّع ثلاثين سنة، ثم نشطت لذلك، وكان في

____________________

الباب ٩

فيه ٥ أحاديث

١ - التهذيب ٧: ٢٥٣ / ١٠٩٠، والاستبصار ٣: ١٤٣ / ٥١٦، وأورده في الحديث ٤ من الباب ١٢ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

٢ - التهذيب ٧: ٢٥٣ / ١٠٩١، والاستبصار ٣: ١٤٣ / ٥١٧، وأورده في الحديث ٣ من الباب ١٢ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

٣ - التهذيب ٧: ٤٨٥ / ١٩٤٩.

٤ - كشف الغمة ٢: ٤٢٣.

٢٩

الحيّ امرأة وصفت لي بالجمال، فمال قلبي اليها، وكانت عاهراً لا تمنع يد لامس فكرهتها، ثم قلت: قد قال الأئمّة( عليهم‌السلام ) : تمتّع بالفاجرة فإنّك تخرجها من حرام إلى حلال، فكتبت إلى أبي محمّد( عليه‌السلام ) أُشاوره في المتعة وقلت: أيجوز بعد هذه السنين أن أتمتّع؟ فكتب: إنّما تحيي سنّة وتميت بدعة فلا بأس، وإيّاك وجارتك المعروفة بالعهر، وإن حدّثتك نفسك أنّ آبائي قالوا: تمتّع بالفاجرة فانّك تخرجها من حرام إلى حلال، فانّ هذه امرأة معروفة بالهتك وهي جارة وأخاف عليك استفاضة الخبر منها. فتركتها ولم أتمتّع بها، وتمتّع بها شاذان بن سعد رجل من إخواننا وجيراننا فاشتهر بها حتّى علا أمره، وصار إلى السلطان وغرم بسببها مالاً نفيساً وأعاذني الله من ذلك ببركة سيّدي

[ ٢٦٤٤١ ] ٥ - أحمد بن محمّد بن عيسى في( نوادره) : عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في المتعة قال: ما يفعلها عندنا إلّا الفواجر.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في المصاهرة(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه في الحدود(٢) .

١٠ - باب تصديق المرأة في نفي الزوج والعدّة ونحوهما وعدم وجوب التفتيش والسؤال ولا منها

[ ٢٦٤٤٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن

____________________

٥ - نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى: ٨٧ / ٢٠٠.

(١) تقدم في الباب ١٢ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.

(٢) يأتي في الباب ٤٤ من أبواب حدّ الزنا.

وتقدم ما يدل على كراهة التمتّع بالزانية المشهورة بالزنا في الباب ٨ من هذه الأبواب.

الباب ١٠

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٤٦٢ / ٢، وأورده عن الكافي والتهذيب بإسناد آخر في الحديث ٥ من الباب ٣، والحديث ٢ من الباب ٢٥ من أبواب عقد النكاح.

٣٠

عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن ميسر قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : ألقى المرأة بالفلاة الّتي ليس فيها أحد فأقول لها: لك زوج؟ فتقول: لا، فأتزوّجها؟ قال: نعم، هي المصدّقة على نفسها.

وعنهم، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد ابن علي، عن محمّد بن أسلم، عن إبراهيم بن الفضل، عن أبان بن تغلب قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) ، وذكر مثله(١) .

[ ٢٦٤٤٣ ] ٢ - محمّد بن عليّ بن الحسين، بإسناده عن يونس بن عبد الرحمن، عن الرضا( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: قلت له: المرأة تتزوّج متعة فينقضي شرطها، وتتزوّج رجلاً آخر قبل أن تنقضي عدّتها، قال: وما عليك إنّما إثم ذلك عليها.

[ ٢٦٤٤٤ ] ٣ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن عليّ بن السندي، عن عثمان بن عيسى، عن إسحاق بن عمار، عن فضل مولى محمّد بن راشد، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قلت: اني تزوجت امرأة متعة فوقع في نفسي أن لها زوجا ففتشت عن ذلك فوجدت لها زوجاً، قال: ولم فتشّت؟!.

[ ٢٦٤٤٥ ] ٤ - وعنه، عن أيّوب بن نوح، عن مهران بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: قيل له: انّ فلاناً تزوّج امرأة متعة، فقيل له: إنّ لها زوجاً فسألها، فقال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : ولم سألها؟!.

____________________

(١) الكافي ٥: ٤٦٢ / ١.

٢ - الفقيه ٣: ٢٩٤ / ١٤٠٠، وأخرج صدره عن الكافي والفقيه في الحديث ١ من الباب ٤١ من هذه الأبواب.

٣ - التهذيب ٧: ٢٥٣ / ١٠٩٢.

٤ - التهذيب ٧: ٢٥٣ / ١٠٩٣.

٣١

[ ٢٦٤٤٦ ] ٥ - وعنه، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ومحمّد بن الحسن الاشعري، عن محمّد بن عبدالله الأشعريّ(١) قال: قلت للرضا( عليه‌السلام ) : الرجل يتزوّج بالمرأة فيقع في قلبه أن لها زوجاً، فقال: وما عليه؟ أرأيت لو سألها البيّنة كان يجد من يشهد أن ليس لها زوج؟.

أقول: وقد تقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، وعلى استحباب السؤال(٣) .

١١ - باب حكم التمتع بالبكر بغير اذن أبيها

[ ٢٦٤٤٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد وعبدالله ابني محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن زياد بن أبي الحلال قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: لا بأس أن يتمتّع البكر ما لم يفض اليها(٤) كراهية العيب على أهلها.

[ ٢٦٤٤٨ ] ٢ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن محمّد بن أبي حمزة، عن بعض أصحابه، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في البكر يتزوّجها الرجل متعة؟ قال: لا بأس ما لم يقتضّها(٥) .

____________________

٥ - التهذيب ٧: ٢٥٣ / ١٠٩٤.

(١) فيه: أن محمّد بن عبدالله الأشعريّ هو الذي يروي عنه ابن أبي نصر ( منه قدّه ) ( هامش المخطوط ).

(٢) تقدم في الباب ٤٧ من أبواب الحيض، وفي الباب ٢٣ و ٢٥ من أبواب عقد النكاح.

(٣) تقدم في الحديث ١ من الباب ٦ من هذه الأبواب. ويأتي ما يدلّ عليه في الباب ٢٤ من أبواب العدد.

الباب ١١

فيه ١٤ حديثاً

١ - الكافي ٥: ٤٦٢ / ٢.

(٤) في المصدر زيادة: مخافة.

٢ - الكافي ٥: ٤٦٢ / ٣، نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى: ٨٨ / ٢٠٤.

(٥) في المصدر: يفتضها.

٣٢

[ ٢٦٤٤٩ ] ٣ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: قلت له: رجل تزوّج بجارية عاتق(١) على أن لا يقتضّها، ثمّ أذنت له بعد ذلك، قال: إذا أذنت له فلا بأس.

[ ٢٦٤٥٠ ] ٤ - وبإسناده عن عليّ بن أسباط، عن محمّد بن عذافر، عمن ذكره، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن التمتّع بالأبكار؟ فقال: هل جعل ذلك إلّا لهنّ فليستترن(١) وليستعففن.

[ ٢٦٤٥١ ] ٥ - عبدالله بن جعفر في( قرب الإِسناد) : عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عن الرضا( عليه‌السلام ) قال: البكر لا تتزوّج متعة إلّا باذن أبيها.

[ ٢٦٤٥٢ ] ٦ - محمّد بن الحسن بإسناده، عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن موسى بن عمر بن يزيد، عن محمّد بن سنان، عن أبي سعيد قال: سئل أبو عبدالله( عليه‌السلام ) عن التمتّع من الابكار اللواتي بين الابوين؟ فقال: لا بأس، ولا أقول كما يقول هؤلاء الاقشاب(١) .

[ ٢٦٤٥٣ ] ٧ - وبهذا الإِسناد عن أبي سعيد القمّاط، عمّن رواه قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : جارية بكر بين أبويها تدعوني إلى نفسها سرّاً من أبويها، فأفعل ذلك؟ قال نعم، واتّق موضع الفرج، قال: قلت فان رضيت

____________________

٣ - الفقيه ٣: ٢٩٧ / ١٤١٣.

(١) العاتق: الزوجة أول ما أدركت والتي لم تتزوّج ( هامش المصححة الثانية ).

٤ - الفقيه ٣: ٢٩٧ / ١٤١٢.

(٢) في المصدر زيادة: منه.

٥ - قرب الإِسناد: ١٥٩.

٦ - التهذيب ٧: ٢٥٤ / ١٠٩٧، والاستبصار ٣: ١٤٥ / ٥٢٥.

(٣) رجل قِشْب: لا خير فيه، ( الصحاح للجوهري ١: ٢٠١ ) ( هامش المخطوط )، وجمعه أقشاب.

٧ - التهذيب ٧: ٢٥٤ / ١٠٩٦.

٣٣

بذلك، قال: وإن رضيت، فانّه عار على الابكار.

[ ٢٦٤٥٤ ] ٨ - وعنه، عن العبّاس بن معروف، عن سعدان بن مسلم، عن رجل، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لا بأس بتزويج البكر إذا رضيت من غير اذن أبويها.

[ ٢٦٤٥٥ ] ٩ - وبإسناده عن أبي سعيد، عن الحلبي قال: سألته عن التمتّع من البكر إذا كانت بين أبويها بلا إذن أبويها؟ قال: لا بأس ما لم يقتضّ ما هناك لتعفّ بذلك.

[ ٢٦٤٥٦ ] ١٠ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في الرجل يتزوّج البكر متعة، قال: يكره للعيب على أهلها.

ورواه الكليني عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير(١) .

ورواه الصدوق بإسناده عن حفص بن البختريّ، مثله(٢) .

[ ٢٦٤٥٧ ] ١١ - وعنه، عن محمّد بن عيسى، عن الفضل(٣) بن كثير المدائنيّ، عن المهلب الدلاّل، أنّه كتب إلى أبي الحسن( عليه‌السلام ) : ان امرأة كانت معي في الدار، ثمّ إنّها زوّجتني نفسها، وأشهدت الله وملائكته على ذلك، ثمّ إنّ أباها زوجها من رجل آخر، فما تقول؟ فكتب( عليه‌السلام ) : التزويج الدائم لا يكون إلّا بولي وشاهدين، ولا يكون تزويج متعة ببكر، استر على نفسك واكتم رحمك الله.

____________________

٨ - التهذيب ٧: ٢٥٤ / ١٠٩٥.

٩ - التهذيب ٧: ٢٥٤ / ١٠٩٨، والاستبصار ٣: ١٤٥ / ٥٢٦.

١٠ - التهذيب ٧: ٢٥٥ / ١١٠٢، والاستبصار ٣: ١٤٦ / ٥٣٠.

(١) الكافي ٥: ٤٦٢ / ١.

(٢) الفقيه ٣: ٢٩٣ / ١٣٩٣.

١١ - التهذيب ٧: ٢٥٥ / ١١٠١، والاستبصار ٣: ١٤٦ / ٥٢٩.

(٣) في الاستبصار: الفضيل.

٣٤

أقول: حمله الشيخ على التقية(١) .

[ ٢٦٤٥٨ ] ١٢ - وبإسناده عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن اسماعيل، عن ظريف، عن أبان، عن أبي مريم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: العذراء الّتي لها أب لا تزوّج متعه إلّا بإذن أبيها.

ورواه الصدوق بإسناده عن أبان(٢) .

أقول: حمله الشيخ على الكراهة(٣) لما مر(٤) ، وجوز حمله على التقيّة لما تقدّم(٥) وعلى غير البالغ لما يأتي(٦) ، وقد تقدّم في أولياء العقد ما ظاهره المنافاة لكنّه غير صريح بل هو عام يجوز تخصيصه(٧) .

[ ٢٦٤٥٩ ] ١٣ - أحمد بن محمّد بن عيسى في( نوادره) : عن القاسم بن محمد، عن جميل بن صالح، عن أبي بكر الحضرمي قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : يا أبا بكر، اياكم والأَبكار أن تزوّجوهنّ متعة.

[ ٢٦٤٦٠ ] ١٤ - وعن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن محمّد بن مروان، عن عبد الملك بن عمرو قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن المتعة، فقال: إنّ أمرها شديد فاتّقوا الابكار.

أقول: وروي ابن عيسى في( نوادره) أحاديث كثيرة من الاحاديث السابقة في هذا الباب وغيره ومن الاحاديث الآتية.

____________________

(١) ذكره في التهذيب ٧: ٢٥٥ ذيل الحديث ١١٠٠.

١٢ - التهذيب ٧: ٢٥٤ / ١٠٩٩، والاستبصار ٣: ١٤٥ / ٥٢٧.

(٢) الفقيه ٣: ٢٩٣ / ١٣٩٤.

(٣) ذكره في التهذيب ٧: ٢٥٥ ذيل الحديث ١١٠١.

(٤) مرّ في الحديث ١٠ من هذا الباب.

(٥) تقدم في الحديث ١١ من هذا الباب.

(٦) يأتي في الباب ١٢ من هذا الباب.

(٧) تقدم في الباب ٩ من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد.

١٣ - نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى: ٨٤ / ١٩٠.

١٤ - نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى: ٨٦ / ١٩٦.

٣٥

١٢ - باب عدم جواز التمتّع بالبنت قبل البلوغ بغير ولي

[ ٢٦٤٦١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن على بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) :(١) : يتمتّع من الجارية البكر؟ قال: لا بأس به ما لم يستصغرها.

[ ٢٦٤٦٢ ] ٢ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رجل، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قلت: الجارية ابنة كم لا تستصبى؟ أبنت ستّ أو سبع؟ فقال: لا، ابنة تسع لا تستصبى، وأجمعوا كلّهم على أنّ ابنة تسع لا تستصبى إلّا أيكون في عقلها ضعف، وإلّا فإذا بلغت تسعاً فقد بلغت.

[ ٢٦٤٦٣ ] ٣ - محمّد بن الحسن بإسناده، عن الصفّار، عن موسى بن عمير، عن الحسن بن يوسف، عن نصر، عن محمّد بن هاشم(٢) ، عن أبي الحسن الاول( عليه‌السلام ) قال: إذا تزوجت البكر بنت تسع سنين فليست مخدوعة.

[ ٢٦٤٦٤ ] ٤ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن إبراهيم بن محمّد الاشعري، عن إبراهيم بن محرز الخثعمي، عن محمّد بن مسلم، قال: سألته عن الجارية يتمتّع منها(٣) الرجل؟ قال: نعم، إلّا أن تكون صبية تخدع، قال: قلت: أصلحك الله، وكم الحدّ

____________________

الباب ١٢

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٤٦٣ / ٤.

(١) في المصدر زيادة: عن الرجل.

٢ - الكافي ٥: ٤٦٣ / ٥.

٣ - التهذيب ٧: ٤٦٨ / ١٨٧٥، وأورده في الحديث ٦ من الباب ٤ من أبواب عقد النكاح.

(٢) في نسخة: هشام ( هامش المخطوط ).

٤ - التهذيب ٧: ٢٥٥ / ١١٠٠، والاستبصار ٣: ١٤٥ / ٥٢٨.

(٣) في نسخة: بها - هامش المخطوط -.

٣٦

الذي إذا بلغته لم تخدع؟ قال: بنت عشر سنين.

ورواه الصدوق بإسناده عن محمّد بن يحيى الخثعمي، عن محمّد بن مسلم(١) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في أولياء العقد، ولعلّ المراد بعشر سنين الدخول في العاشرة(٢) .

١٣ - باب حكم التمتّع بالكتابية

[ ٢٦٤٦٥ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن إسماعيل بن سعد الأشعريّ قال: سألته عن الرجل يتمتّع من اليهوديّة والنصرانيّة قال: لا أري بذلك بأسا، قال: قلت: فالمجوسيّة؟ قال: أما المجوسية فلا.

أقول: حمل الشيخ حكم المجوسية على الكراهة في غير وقت الضرورة(٣) لما يأتي(٤) .

[ ٢٦٤٦٦ ] ٢ - وعنه، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لا بأس أن يتمتّع الرجل باليهوديّة والنصرانيّة وعنده حرّة.

[ ٢٦٤٦٧ ] ٣ - وعنه، عن محمّد بن سنان، عن أبان بن عثمان، عن زرارة

____________________

(١) الفقيه ٣: ٢٩٣ / ١٣٩٢.

(٢) تقدّم في الباب ٦ من أبواب عقد النكاح.

الباب ١٣

فيه ٧ أحاديث

١ - التهذيب ٧: ٢٥٦ / ١١٠٥، والاستبصار ٣: ١٤٤ / ٥٢٠.

(٣) قاله الشيخ في التهذيبين ذيل الحديث المذكور.

(٤) يأتي في الحديث ٤ و ٥ من هذا الباب.

٢ - التهذيب ٧: ٢٥٦ / ١١٠٣، والاستبصار ٣: ١٤٤ / ٥١٨، وأورده في الحديث ١ من الباب ٤ من أبواب ما يحرم بالكفر.

٣ - التهذيب ٧: ٢٥٦ / ١١٠٤ و ٢٩٩ / ١٢٥٢، والاستبصار ٣: ١٤٤ / ٥١٩ و ١٨١ / ٦٥٦ =

٣٧

قال: سمعته يقول: لا بأس أن يتزوّج اليهوديّة والنصرانيّة متعة وعنده امرأة.

[ ٢٦٤٦٨ ] ٤ - وعنه، عن محمّد بن سنان، عن الرضا( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن نكاح اليهوديّة والنصرانيّة؟ فقال: لا بأس، فقلت: فمجوسيّة؟ فقال: لا بأس به، يعني متعة.

[ ٢٦٤٦٩ ] ٥ - وعنه، عن أبي عبدالله البرقي، عن ابن سنان، عن منصور الصيقل، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لا بأس بالرجل أن يتمتّع بالمجوسيّة.

وعنه، عن البرقي، عن الفضيل بن عبد ربه، عن حمّاد بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، مثله(١) .

[ ٢٦٤٧٠ ] ٦ - وعنه، عن معاوية بن حكيم، عن إبراهيم بن عقبة، عن الحسن التفليسيّ قال: سألت الرضا( عليه‌السلام ) : أيتمتّع من اليهوديّة والنصرانيّة؟ فقال: يتمتّع من الحرّة المؤمنة أحب إلي وهي أعظم حرمة منهما.

[ ٢٦٤٧١ ] ٧ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن سعدان، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لا تزوجوا اليهوديّة ولا النصرانيّة على حرة متعة وغير متعة.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، وتقدّم ما ظاهره المنافاة وأنه محمول

____________________

= وأورده في الحديث ٢ من الباب ٤ من أبواب ما يحرم بالكفر.

٤ - التهذيب ٧: ٢٥٦ / ١١٠٦، والاستبصار ٣: ١٤٤ / ٥٢١.

٥ - التهذيب ٧: ٢٥٦ / ١١٠٧، والاستبصار ٣: ١٤٤ / ٥٢٢.

(١) التهذيب ٧: ٢٥٦ / ١١٠٨، والاستبصار ٣: ١٤٤ / ٥٣٢.

٦ - التهذيب ٧: ٢٥٦ / ١١٠٩، والاستبصار ٣: ١٤٥ / ٥٢٤، وأورده في الحديث ٣ من الباب ٤ من أبواب ما يحرم بالكفر وفي الحديث ٣ من الباب ٧ من هذه الأبواب.

٧ - الفقيه ٣: ٢٩٣ / ١٣٨٩، وأورده في الحديث ٥ من الباب ٧ من أبواب ما يحرم بالكفر.

(٢) تقدّم في الباب ٢ من هذه الأبواب.

٣٨

على غير المتعة(١) والاخر يحتمل الكراهة.

١٤ - باب حكم التمتّع بأمة المرأة بغير اذنها

[ ٢٦٤٧٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لا بأس بأن يتمتّع(٢) بأمة المرأة(٣) فأمّا أمة الرجل فلا يتمتّع بها إلّا بأمره.

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(٤) .

[ ٢٦٤٧٣ ] ٢ - وبإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن عليّ بن المغيرة قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن الرجل يتمتّع بأمة امرأة بغير اذنها؟ قال: لا بأس به.

[ ٢٦٤٧٤ ] ٣ - وعنه، عن عليّ بن الحكم، عن سيف، عن داود بن فرقد، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن الرجل يتزوّج بأمة بغير اذن مواليها؟ فقال: ان كانت لامرأة فنعم، وإن كانت لرجل فلا.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٥) ، ويأتي ما ظاهره المنافاة وهو محمول على أمة الرجل(٦) .

____________________

(١) تقدم في الحديث ٢ من الباب ٧ من هذه الأبواب.

الباب ١٤

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٤٦٤ / ٤.

(٢) في المصدر زيادة: الرجل.

(٣) في نسخة من التهذيب زيادة: بغير اذنها( هامش المخطوط) .

(٤) التهذيب ٧: ٢٥٨ / ١١١٦، والاستبصار ٣: ٢١٩ / ٧٩٧.

٢ - التهذيب ٧: ٢٥٧ / ١١١٤، والاستبصار ٣: ٢١٩ / ٧٩٥.

٣ - التهذيب ٧: ٢٥٨ / ١١١٥، والاستبصار ٣: ٢١٩ / ٧٩٦.

(٥) تقدم في الحديث ١ من الباب ٢٩ من أبواب الجنابة.

(٦) يأتي في الباب ١٥ و ٢٩ من أبواب نكاح العبيد.

٣٩

١٥ - باب عدم جواز التمتّع بأمة الرجل بغير إذنه

[ ٢٦٤٧٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا( عليه‌السلام ) قال: لا يتمتّع بالامة إلّا باذن أهلها.

[ ٢٦٤٧٦ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن عبدالله بن محمد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن عيسى بن أبي منصور، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لا بأس بأن يتزوّج الامة متعة بإذن مولاها.

[ ٢٦٤٧٧ ] ٣ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الرضا( عليه‌السلام ) ، قال: سألته يتمتّع بالامة باذن أهلها؟ قال: نعم، إن الله عزّ وجلّ يقول( فانكحوهنّ باذن أهلهن ) (١) .

[ ٢٦٤٧٨ ] ٤ - وعنه عن أحمد بن محمّد قال: سألت الرضا( عليه‌السلام ) عن الرجل يتمتّع بأمة رجل بإذنه؟ قال: نعم.

[ ٢٦٤٧٩ ] ٥ - عبدالله بن جعفر في( قرب الإِسناد) : عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الرضا( عليه‌السلام ) ، انّه قال في الامة يتمتّع بها باذن أهلها.

____________________

الباب ١٥

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٥: ٤٦٣ / ١.

٢ - الكافي ٥: ٤٦٣ / ٢.

٣ - التهذيب ٧: ٢٥٧ / ١١١٠، والاستبصار ٣: ١٤٦ / ٥٣١، وتفسير العيّاشيّ ١: ٢٣٤ / ٨٩.

(١) النساء ٤: ٢٥.

٤ - التهذيب ٧: ٢٥٧ / ١١١١، والاستبصار ٣: ١٤٦ / ٥٣٢.

٥ - قرب الاسناد: ١٦٠.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

دون بعض، لا يأخذه في ذلك مانع من الموانع أصلاً، تَعْتَعَ بخالد بن الوليد عامله على " قنسرين " إذ بلغه أنّه أعطى الأشعث عشرة آلاف، فأمر به فعقله " بلال الحبشي " بعمامته، وأوقفه بين يديه على رِجل واحدة مكشوف الرأس على رؤوس الأشهاد من رجال الدولة ووجوه الشعب في المسجد الجامع بحمص، يسأله عن العشرة آلاف أهي من ماله أم من مال الأُمة؟ فإن كانت من ماله فهو الإسراف والله لا يحبّ المسرفين، وإن كانت من مال الأُمة فهي الخيانة والله لا يحب الخائنين، ثم عزله فلم يولّه بعد حتى مات .

وكم لعمر مع بعض عمّاله من أمثال ما فعله بخالد وأبي هريرة يعرفها المتتبّعون! لكنّ معاوية كان أثيره وخلّصه، على ما كان من التناقض في سيرتيهما، ما كفّ يده عن شيء ولا ناقشه الحساب في شيء، وربّما قال له : " لا آمرك ولا أنهاك "، يفوّض له العمل برأيه، فشدّة مراقبة الخليفة الثاني ودقّة محاسبته كانت من نصيب بعض عمّاله، ولم تشمل الجميع على حدّ سواء، إذ أنّ معاوية ـ وهو عامله على الشام ـ كان طليق اليدين يفعل ما تشاء أهواؤه وما تبغيه شهواته.

وهذا ما أطغى معاوية، وأرهف عزمه على تنفيذ خططه " الأُموية " وقد وقف الحسن والحسين من دهائه ومكره إزاء خطر فظيع، يهدّد الإسلام باسم الإسلام، ويطغى على نور الحقّ باسم الحقّ، فكانا في دفع هذا الخطر أمام أمرين لا ثالث لهما : إمّا المقاومة وإمّا المسالمة، وقد رأيا أنّ المقاومة في دور الحسن تؤدي لا محالة إلى فناء هذا الصفّ المدافع عن الدين وأهله، والهادي إلى الله عَزَّ وجَلَّ وإلى صراطه المستقيم .

ومن هنا رأى الحسنعليه‌السلام أن يترك معاوية لطغيانه، ويمتحنه بما يصبو إليه من الملك، لكن أخذ عليه في عقد الصلح أن لا يعدو الكتاب

١٤١

والسنّة في شيء من سيرته وسيرة أعوانه، وأن لا يطلب أحداً من الشيعة بذنب أذنبه مع الأُموية، وأن يكون لهم من الكرامة وسائر الحقوق ما لغيرهم من المسلمين، وأن، وأن، وأن، إلى غير ذلك من الشروط التي كان الإمام الحسن عالماً بأنّ معاوية لا يفي له بشيء منها وأنّه سيقوم بنقائضها .

هذا ما أعدَّهعليه‌السلام لرفع الغطاء عن الوجه " الأُموي " المموّه، ولصهر الطلاء عن مظاهر معاوية الزائغة، ليبرز حينئذ هو وسائر أبطال " الأُموية " كما هم جاهليّون لم تخفق صدورهم بروح الإسلام لحظة، ثأريّون لم تنسهم مواهب الإسلام ومراحمه شيئاً من أحقاد بدر وأُحد والأحزاب .

وبالجملة: فإنّ هذه الخطّة ثورة عاصفة في سلم لم يكن منه بدّ، أملاه ظرف الإمام الحسنعليه‌السلام ، إذ التبس الحقّ بالباطل، وتسنّى للطغيان فيه سيطرة مسلّحة ضارية، ما كان الحسنعليه‌السلام ببادئ هذه الخطة ولا بخاتمها، بل أخذها فيما أخذه من إرثه، وتركها مع ما تركه من ميراثه، فهو كغيره من أئمة هذا البيتعليهم‌السلام يسترشد الرسالة في إقدامه وإحجامه، امتحن بهذه الخطّة فرضخ لها صابراً محتسباً وخرج منها ظافراً طاهراً.

تهيّأ للحسنعليه‌السلام بهذا الصلح أن يفرش في طريق معاوية كميناً من نفسه يثور عليه من حيث لا يشعر فيرديه، وتسنّى له أن يلغم نصر الأُموية ببارود الأُموية نفسها، فيجعل نصرها جفاءً وريحَها هباءً .

لم يطل الوقت حتى انفجرت أُولى القنابل المغروسة في شروط الصلح، انفجرت من نفس معاوية يوم نشوته بنصره، إذ انضمّ جيش العراق إلى لوائه في النخيلة، فقال ـ وقد قام خطيباً فيهم ـ : " يا أهل العراق! إنّي والله لم أقاتلكم لتصلّوا ولا لتصوموا ولا لتزكّوا، ولا لتحجّوا، وإنّما قاتلتكم لأتأمّر عليكم، وقد أعطاني الله ذلك وأنتم كارهون، ألا وأنّ كلّ شيء أعطيته للحسن

١٤٢

ابن علي جعلته تحت قدميّ هاتين"(١) .

ثمّ تتابعت سياسة معاوية، تتفجر بكلّ ما يخالف الكتاب والسنّة من كلّ منكر في الإسلام، قتلاً للأبرار وهتكاً للأعراض وسلباً للأموال وسجناً للأحرار، ختم معاوية منكراته هذه بحمل خليعه المهتوك على رقاب المسلمين، يعيث في دينهم ودنياهم، فكان من خليعه ما كان يوم الطفّ، ويوم الحرّة، ويوم مكة إذ نصب عليهم العرّادات والمجانيق .

ومهما يكن من أمر فالمهمّ أنّ الحوادث جاءت تفسّر خطّة الإمام الحسن وتجلوها، وكان أهمّ ما يرمي إليه سلام الله عليه أن يرفع اللثام عن هؤلاء الطغاة، ليحول بينهم وبين ما يبيّتون لرسالة جدّه من الكيد، وقد تمّ له كلّ ما أراد، حتى برح الخفاء وآذن أمر الأُموية بالجلاء، والحمد لله رب العالمين.

وبهذا استتبّ لصنوه سيد الشهداء أن يثور ثورته التي أوضح الله بها الكتاب، وجعله فيها عبرة لأولي الألباب .

وقد كاناعليهما‌السلام وجهين لرسالة واحدة، كلّ وجه منهما في موضعه منها، وفي زمانه من مراحلها، يكافئ الآخر في النهوض بأعبائها ويوازنه بالتضحية في سبيلها، فالحسنعليه‌السلام لم يبخل بنفسه، ولم يكن الحسينعليه‌السلام أسخى منه بها في سبيل الله، وإنّما صان نفسه يجنّدها في جهاد صامت، فلمّا حان الوقت كانت شهادة كربلاء شهادة حسنيّة قبل أن تكون حسينيّة وكان يوم ساباط أعرق بمعاني التضحية من يوم الطفّ لدى أولي الألباب ممّن تعمّق، لأنّ الإمام الحسنعليه‌السلام أعطي من البطولة دور الصابر على احتمال

__________

(١) صلح الإمام الحسن : ٢٨٥ عن المدائني، وراجع أيضاً شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٤ / ١٦، وتأريخ اليعقوبي : ٢ / ١٩٢ .

١٤٣

المكاره في صورة مستكين قاعد، وكانت شهادة الطفِّ حسنيّة أولاً وحسينيّة ثانياً ; لأنّ الحسن أنضج نتائجها ومهّد أسبابها .

وقد وقف الناس ـ بعد حادثتي ساباط والطفّ ـ يمعنون في الأحداث; فيرون في هؤلاء الأُمويين عصبة جاهلية منكرة، بحيث لو مثلت العصبيات الجلفة النذلة الظلوم لم تكن غيرهم، بل تكون دونهم في الخطر على الإسلام وأهله . .(١) .

زبدة المخض :

إذن تتلخّص أسباب الصلح فيما يلي :

١ ـ ضعف أنصار الإمام وتخاذلهم وعدم انصياعهم لأوامره بعد تأثير دسائس معاوية فيهم، وبهذا سوف لا تجدي المقاومة بل سوف تتحتّم الانتكاسة للخط الرسالي أمام مكر معاوية، وعلى الإمام أن يحافظ على بقاء هذا الخط وتناميه في مجتمع يسوده مكر معاوية وخدائعه .

٢ ـ ويترتّب على انتكاسة جيش الإمام الحسنعليه‌السلام استشهاده مع الخلَّص من أهل بيته وأصحابه أو أسرهم وبقاؤهم أحياءً في سجن معاوية أو إطلاق سراحهم مع بقائهم في موقع الضعف بعد الامتنان عليهم بالحرّية، وكل هذه النتائج غير محمودة .

فإنّ الاستشهاد إذا لم يترتّب عليه أثر مشروع عاجل أو آجل فلا مبرّر له، ولا سيَّما إذا اقترن بتصفية الخط الإمامي وإبادته الشاملة .

٣ ـ صيانة الثلّة المؤمنة بحقّانية أهل البيتعليهم‌السلام وحفظهم من التصفية

__________

(١) راجع مقدمة صلح الإمام الحسن للشيخ راضي آل ياسين .

١٤٤

والإبادة الأُموية الشاملة بعد إحراز بقاء الحقد الأُموي لبني هاشم ومن يحذو حذوهم، كما أثبتته حوادث التاريخ الإسلامي الدامي .

٤ ـ حقن دماء المسلمين حيث لا تجدي الحرب مع الفئة الباغية .

٥ ـ كشف واقع المخطّط الأُموي الجاهلي وتحصين الأُمة الإسلامية ضدّه بعد أن مهّدت الخلافة لسيطرة صبيان بني أمية على زمام قيادة الأُمة المسلمة والتلاعب بمصير الكيان الإسلامي ومصادرة الثورة النبويّة المباركة.

٦ ـ ضرورة تهيئة الظروف الملائمة لمقارعة الكفر والنفاق المستتر من موقع القوّة .

لقد خفيت الأسباب الحقيقية التي كانت تكمن وراء الموقف الإلهي الذي اتّخذّه الإمام المعصوم على كثير من الناس المعاصرين للحدث وعلى بعض اللاحقين من أصحاب الرؤى السطحية أو المُضَلَّلين الذين وقعوا تحت تأثير التزييف للحقائق، لكن الأحداث التي أعقبت الصلح والسياسات العدوانية التي انتهجها معاوية وبقية الحكام الأُمويين والتي ألحقت أضراراً جسيمة بالإسلام والمسلمين كشفت عن بعض أسرار موقف الإمام الحسنعليه‌السلام .

١٤٥

البحث الثالث : ما بعد الصلح حتى الشهادة

الاجتماع في الكوفة :

بعد توقيع الصلح بين الإمام الحسنعليه‌السلام ومعاوية اتّفقا على مكان يلتقيان به، ليكون هذا اللقاء تطبيقاً عملياً للصلح، وليعترف كلّ منهماعلى سمع من الناس بما أعطى صاحبه من نفسه وبما يلتزم له من الوفاء بعهوده، فاختارا الكوفة فقصدا إليها، وقصدت معهما سيول من الناس غصّت بهم العاصمة الكبرى، وكان أكثر الحاضرين جند الفريقين، تركوا معسكريهما وحفّوا لليوم التاريخي الذي كتب على طالع الكوفة النحس أن تشهده راغمة أو راغبة .

ونودي في الناس إلى المسجد الجامع، ليستمعوا هناك إلى الخطيبين الموقِّعَيْنِ على معاهدة الصلح، وكان لا بدّ لمعاوية أن يستبق إلى المنبر، فسبق إليه وجلس عليه(١) ، وخطب في الناس خطبته الطويلة التي لم ترو المصادر منها إلاّ فقراتها البارزة فقط .

منها : "أمّا بعد، ذلكم فإنّه لم تختلف أُمة بعد نبيّها إلاّ غلب باطلها حقّها !!". قال الراوي : وانتبه معاوية لما وقع فيه، فقال : إلاّ ما كان من هذه الأُمة، فإنّ حقّها غلب باطلها(٢) .

ومنها : "يا أهل الكوفة! أترونني قاتلتكم على الصلاة والزكاة والحج

__________

(١) قال جابر بن سمرة : "ما رأيت رسول الله يخطب إلاّ وهو قائم، فمن حدّثك أنّه خطب وهو جالس فكذّبه" رواه الجزائري في آيات الأحكام: ٧٥، والظاهر أن معاوية أول من خطب وهو جالس .

(٢) تاريخ اليعقوبي : ٢ / ١٩٢ .

١٤٦

وقد علمت أنّكم تصلّون وتزكّون وتحجّون ؟ ولكنّي قاتلتكم لأتأمّر عليكم وألي رقابكم، وقد آتاني الله ذلك وأنتم كارهون ! ألا إنّ كلّ دم أصيب في هذه الفتنة مطلول، وكلّ شرط شرطته فتحت قدميّ هاتين!! ..."(١) .

وروى أبو الفرج الأصفهاني عن حبيب ابن أبي ثابت مسنداً: أنه ذكر في هذه الخطبة عليّاً فنال منه، ثمّ نال من الحسن(٢) .

ثمّ قام الإمام الحسنعليه‌السلام فخطب في هذا الموقف الدقيق خطبته البليغة الطويلة التي جاءت من أروع الوثائق عن الوضع القائم بين الناس وبين أهل البيتعليهم‌السلام بعد وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ووعظ ونصح ودعا المسلمين ـ في أوّلها ـ إلى المحبّة والرضا والاجتماع، وذكّرهم ـ في أواسطها ـ مواقف أهله بل مواقف الأنبياء، ثم ردّ على معاوية ـ في آخرها ـ دون أن يناله بسبٍّ أو شتم، ولكنّه كان بأسلوبه البليغ أوجع شاتم وسابٍّ .

وكان ممّا قالهعليه‌السلام (٣) : "أيّها الذاكر عليّاً ! أنا الحسن وأبي عليّ، وأنت معاوية وأبوك صخر، وأمي فاطمة وأمك هند، وجدّي رسول الله وجدّك عتبة بن ربيعة، وجدّتي خديجة، وجدّتك فُتَيْلَة، فلعن الله أخملنا ذكراً، وألأمنا حسباً، وشرنا قديماً وحديثاً، وأقدمنا كفراً ونفاقاً" .

المعارضون للصلح :

أ ـ قيس بن سعد بن عبادة :

اشتهر قيس بموالاة أهل البيتعليهم‌السلام وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام قد عيّنه

__________

(١) صلح الإمام الحسن : ٢٨٥ عن المدائني .

(٢) شرح نهج البلاغة : ٤ / ١٦ .

(٣) نقل نص الخطاب الشيخ آل ياسين في "صلح الإمام الحسن" : ٢٨٦ ـ ٢٨٩ .

١٤٧

والياً على مصر في أوائل خلافته وعندما سمع قيس بن سعد نبأ التوقيع على الصلح بين الإمامعليه‌السلام ومعاوية غشيته سحب من الأحزان، واستولت عليه موجة من الهموم، لكنّه عاد إلى الكوفة في نهاية المطاف .

وكان معاوية بعد أن خدع عبيد الله بن العباس; قد بعث رسالة إلى قيس يمنّيه ويتوعّده، فأجابه قيس : "لا والله لا تلقاني إلاّ بيني وبينك السيف أو الرمح ..."(١) ، فغضب معاوية لهذا الجواب القاطع فأرسل إليه رسالة يشتمه فيها ويتوعّده وجاء فيها : "أمّا بعد، فإنّك يهودي تشقى نفسك، وتقتلها فيما ليس لك، فإن ظهر أحبّ الفريقين إليك نبذك وغدرك، وإن ظهر أبغضهم إليك نكّل بك وقتلك، وقد كان أبوك أوتر غير قوسه، ورمى غير غرضه، فأكثر الجذ، وأخطأ المفصل، فخذله قومه، وأدركه يومه، فمات بحوران غريباً، والسلام"(٢) .

فأجابه قيس : "أمّا بعد، فإنّما أنت وثن ابن وثن، دخلت في الإسلام كرهاً، وأقمت فيه خرقاً، وخرجت منه طوعاً، ولم يجعل الله لك فيه نصيباً، لم يقدم إسلامك، ولم يحدث نفاقك، لم تزل حرباً لله ولرسوله، وحزباً من أحزاب المشركين، وعدوّاً لله ولنبيّه وللمؤمنين من عباده، وذكرت أبي فلعمري ما أوتر إلاّ قوسه، ولا رمى إلاّ غرضه، فشغب عليه من لا تشقّ غباره، ولا تبلغ كعبه، وزعمت أنّي يهوديّ ابن يهودي وقد علمت وعلم الناس أنّي وأبي أعداء الدين الذي خرجت منه ـ يعني الشرك ـ وأنصار الدين الذي دخلت فيه وصرت إليه، والسلام"(٣) .

__________

(١) حياة الإمام الحسن : ٢ / ٢٦٧ .

(٢) نفس المصدر : ٢ / ٢٦٧ ـ ٢٦٨ .

(٣) نفس المصدر : ٢٦٨ .

١٤٨

ولمّا علم معاوية بعودة قيس إلى الكوفة دعاه إلى الحضور لمبايعته، لكن قيس رفض لأنّه كان قد عاهد الله أن لا يجتمع معه إلاّ وبينهما السيف أو الرمح، فأمر معاوية بإحضار سيف ورمح ليجعل بينهما حتى يبرّ قيس بيمينه ولا يحنث، ووقتذاك حضر قيس الاجتماع وبايع معاوية(١) .

ب ـ حجر بن عدي :

وهو من كبار صحابة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمير المؤمنينعليه‌السلام ، ومن أبدال عصره، وحسب ابن الأثير الجزري في "اُسد الغابة" وغيره، أنّه وصل مقاماً في القرب إلى الله تعالى بحيث أصبح مستجاب الدعوة، وقد قتل شهيداً في "مرج عذراء" وهي إحدى قرى الشام، بأمر معاوية وبواسطة أزلامه، وقد اندلعت إثر شهادته موجة من الاحتجاجات على سياسات معاوية وحتى ندّدت عائشة وآخرون بالجريمة(٢) .

وبالرغم من الحبّ والولاء اللذين يكنهما "حجر" للإمام الحسن وأبيهعليهما‌السلام ، إلاّ أنّ الانفعالات دفعت به إلى ظلمات اليأس والقنوط في اللحظات التي تمّ فيها قرار الصلح، من هنا خاطب الإمامعليه‌السلام وفي حضور معاوية بقوله : "أما والله لوددت أنّك متّ في ذلك اليوم ومتنا معك، ولم نر هذا اليوم، فإنّا رجعنا راغمين بما كرهنا، ورجعوا مسرورين بما أحبّوا" .

وحسب المدائني أنّ كلام "حجر" ترك في نفس الإمام بالغ الأسى والحزن، فانبرىعليه‌السلام وبعد أن فرغ المسجد مبيّناً له العلّة التي صالح من أجلها قائلاً : "يا حجر! قد سمعت كلامك في مجلس معاوية، وليس كلّ إنسان يحبّ ما

__________

(١) راجع لمزيد من التفصيل مقاتل الطالبيين وحياة الإمام الحسن.

(٢) اُسد الغابة : ١ / ٣٨٦ .

١٤٩

تحبّ ولا رأيه كرأيك، وإنّي لم أفعل ما فعلتُ إلاّ إبقاءً عليكم، والله تعالى كلّ يوم هو في شأن"(١) .

ج ـ عدي بن حاتم :

وعدي من الشجعان والمخلصين لأهل البيتعليهم‌السلام ، وقد نقل أُنه قال للإمام وقد ذابت حشاه من الحزن والمصاب : "يابن رسول الله! لوددت أنّي متّ قبل ما رأيت، أخرجتنا من العدل إلى الجور، فتركنا الحقّ الذي كنّا عليه، ودخلنا في الباطل الذي كنّا نهرب منه، وأعطينا الدنيّة من أنفسنا، وقبلنا الخسيس التي لم تلق بنا"، فأجابه الإمامعليه‌السلام : "يا عدي! إنّي رأيت هوى معظم الناس في الصلح وكرهوا الحرب، فلم أُحبّ أن أحملهم على ما يكرهون، فرأيتُ دفع هذه الحروب إلى يوم ما، فإنّ الله كلّ يوم هو في شأن"(٢) .

د ـ المُسيَّب بن نجبة وسليمان بن صُرد :

وعرفا بالولاء والإخلاص لأهل البيتعليهم‌السلام ، وقد تألّما من الصلح فأقبلا إلى الإمام وهما محزونا النفس فقالا : ما ينقضي تعجّبنا منك ! بايعت معاوية ومعك أربعون ألف مقاتل من الكوفة سوى أهل البصرة والحجاز"، فقال الإمام للمسيّب : "ما ترى؟" قال : والله أرى أن ترجع لأنّه نقض العهد، فأجابه الإمام : "إنّ الغدر لا خير فيه ولو أردت لما فعلت ..."(٣) .

وجاء في رواية أخرى أنّ الإمامعليه‌السلام أجابه : "يا مسيّب! إنّي لو أردت ـ بما

__________

(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ١٦ / ١٥ .

(٢) حياة الإمام الحسن : ٢ / ٢٧٤ .

(٣) مناقب ابن شهر آشوب : ٤ / ٣٥، طبعة قم.

١٥٠

فعلت ـ الدنيا لم يكن معاوية بأصبر عند اللقاء ولا أثبت عند الحرب منّي، ولكن أردت صلاحكم وكفّ بعضكم عن بعض"(١) .

إلى يثرب :

بقي الإمام الحسنعليه‌السلام في الكوفة أياماً، ثمّ عزم على مغادرة العراق، والشخوص إلى مدينة جدّه، وقد أظهر عزمه ونيّته إلى أصحابه، ولمّا أذيع ذلك دخل عليه المسيّب بن نجبة الفزاري وظبيان بن عمارة التميمي ليودّعاه، فالتفت لهما قائلاً : "الحمد لله الغالب على أمره، لو أجمع الخلق جميعاً على أن لا يكون ما هو كائن ما استطاعوا إنّه والله ما يكبر علينا هذا الأمر إلاّ أن تضاموا وتنتقصوا، فأمّا نحن فإنّهم سيطلبون مودّتنا بكلّ ما قدروا عليه" .

وطلب منه المسيّب وظبيان المكث في الكوفة فامتنععليه‌السلام من إجابتهم قائلاً : "ليس إلى ذلك من سبيل"(٢) .

ولدى توجّههعليه‌السلام وأهل بيته إلى عاصمة جدّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ; خرج أهل الكوفة بجميع طبقاتهم إلى توديعه وهم ما بين باك وآسف(٣) .

وسار موكب الإمام ولكنّه لم يبعد كثيراً عن الكوفة حتى أدركه رسول معاوية يريد أن يردّه إلى الكوفة ليقاتل طائفة من الخوارج قد خرجت عليه، فأبىعليه‌السلام أن يعود وكتب إلى معاوية : "ولو آثرت أن أقاتل أحداً من أهل القبلة لبدأت بقتالك، فإنّي تركتك لصلاح الأُمة وحقن دمائها"(٤) .

وانتهت قافلة الإمام إلى يثرب، فلمّا علم أهلها بتشريفهعليه‌السلام خفّوا

__________

(١) حياة الإمام الحسن : ٢ / ٢٧٧ .

(٢) حياة الإمام الحسن : ٢ / ٢٨٥ ـ ٢٨٦ .

(٣) تحفة الأنام للفاخوري : ٦٧ .

(٤) حياة الإمام الحسن : ٢ / ٢٨٧ .

١٥١

جميعاً لاستقباله، فقد أقبل إليهم الخير وحلّت في ديارهم السعادة والرحمة، وعاودهم الخير الذي انقطع عنهم منذ أن نزح أمير المؤمنينعليه‌السلام عنهم .

جاء الحسنعليه‌السلام مع إخوته وأهل بيته إلى يثرب، فاستقام فيها عشر سنين، فملأ رباعها بعطفه المستفيض ورقيق حنانه وحلمه، ونقدّم عرضاً موجزاً لبعض أعماله وشؤونه فيها .

مرجعية الإمام الحسنعليه‌السلام العلمية والدينيّة :

وتمثّلت في تربيته لكوكبة من طلاّب المعرفة، وتصدّيه للانحرافات الدينية التي كانت تؤدي إلى مسخ الشريعة، كما تصدّى لمؤامرة مسخ السنّة النبويّة الشريفة التي كان يخطّط لها معاوية بن أبي سفيان من خلال تنشيط وضع الأحاديث والمنع من تدوين الحديث النبويّ .

مدرسة الإمام ونشاطه العلمي :

أنشأ الإمام مدرسته الكبرى في يثرب، وراح يعمل مجدّاً في نشر الثقافة الإسلامية في المجتمع الإسلامي، وقد انتمى لمدرسته كبار العلماء وعظماء المحدّثين والرواة، ووجد بهم خير عون لأداء رسالته الإصلاحية الخالدة التي بلورت عقلية المجتمع وأيقظته بعد الغفلة والجمود، وقد ذكر المؤرّخون بعض أعلام تلامذته ورواة حديثه وهم : ابنه الحسن المثنى، والمسيّب بن نجبة، وسويد بن غفلة، والعلا بن عبد الرحمن، والشعبي، ومبيرة بن بركم، والأصبغ بن نباتة، وجابر بن خلد، وأبو الجوزا، وعيسى بن مأمون بن زرارة، ونفالة بن المأموم، وأبو يحيى عمير بن سعيد النخعي، وأبو مريم قيس الثقفي، وطحرب العجلي، وإسحاق بنيسار والد محمد بن إسحاق، وعبد الرحمن بن عوف،

١٥٢

وسفين بن الليل، وعمرو بن قيس الكوفيون(١) ، وقد ازدهرت يثرب بهذه الكوكبة من العلماء والرواة فكانت من أخصب البلاد الإسلامية علماً وأدباً وثقافة .

وكما كان يتولّى نشر العلم في يثرب كان يدعو الناس إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال والتأدّب بسنّة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد رفععليه‌السلام منار الأخلاق التي جاء بها جدّه الرسول لإصلاح المجتمع وتهذيبهم، فمن سموّ أخلاقه أنّه كان يصنع المعروف والإحسان حتى مع أعدائه ومناوئيه، وقد بلغه أنّ الوليد بن عقبة قد ألمّ به السقم فمضى لعيادته مع ما عُرف به الوليد من البغض والعداء لآل البيت، فلمّا استقرّ المجلس بالإمام انبرى إليه الوليد قائلاً: "إنّي أتوب إلى الله تعالى ممّا كان بيني وبين جميع الناس إلاّ ما كان بيني وبين أبيك فإنّي لا أتوب منه"(٢) .

وأعرض الإمام عنه ولم يقابله بالمثل، ولعلّه أوصله ببعض ألطافه وهداياه(٣) .

مرجعيّته الاجتماعية :

والتي تمثّلت في عطفه على الفقراء وإحسانه وبذله المعروف، وتجلّت في استجارة المستجيرين به للتخلّص من ظلم الأُمويين وأذاهم .

أ ـ عطفه على الفقراء :

وأخذعليه‌السلام يفيض الخير والبرّ على الفقراء والبائسين، ينفق جميع ما

__________

(١) تاريخ ابن عساكر : ج١٢، صورة فوتوغرافية في مكتبة الإمام أمير المؤمنين .

(٢) شرح ابن أبي الحديد : ١ / ٣٦٤ .

(٣) حياة الإمام الحسن : ٢ / ٢٨٨ ـ ٢٨٩ .

١٥٣

عنده عليهم، وقد ملأ قلوبهم سروراً بإحسانه ومعروفه، ومن كرمه أنّه جاءه رجل في حاجة فقال له : "أُكتب حاجتك في رقعة وادفعها إلينا"، فكتبها ذلك الشخص ورفعها إليه، فأمرعليه‌السلام بضعفها له، قال بعض الحاضرين: ما كان أعظم بركة هذه الرقعة عليه يا بن رسول الله ؟!، فأجابهعليه‌السلام : "بركتها علينا أعظم، حين جعلنا للمعروف أهلاً، أما علمت أنّ المعروف ما كان ابتداءً من غير مسألة، فأمّا من أعطيته بعد مسألة فإنّما أعطيته بما بذل لك من وجهه، وعسى أن يكون بات ليلته متململاً أرقاً يميل بين اليأس والرجاء، لا يعلم بما يرجع من حاجته، أبكآبة أم بسرور النجح، فيأتيك وفرائصه ترعد، وقلبه خائف يخفق، فإن قضيت له حاجته فيما بذلك من وجهه فإنّ ذلك أعظم ممّا نال من معروفك" .

لقد كان موئلاً للفقراء والمحرومين، وملجأً للأرامل والأيتام، وقد تقدّمت بعض بوادر جوده ومعروفه التي كان بها مضرب المثل للكرم والسخاء .

ب ـ الاستجارة به :

كانعليه‌السلام في عاصمة جدّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كهفاً منيعاً لمن يلجأ إليه، وملاذاً حصيناً لمن يلوذ به، قد كرّس أوقاته في قضاء حوائج الناس، ودفع الضيم والظلم عنهم، وقد استجار به سعيد بن أبي سرح من زياد فأجاره، فقد ذكر الرواة أنّه كان معروفاً بالولاء لأهل البيتعليهم‌السلام فطلبه زياد من أجل ذلك فهرب إلى يثرب مستجيراً بالإمام، ولمّا علم زياد ذلك عمد إلى أخيه وولده وزوجه فحبسهم، ونقض داره، وصادر أمواله، وحينما علم الإمام الحسن ذلك شقّ عليه الأمر، فكتب رسالة إلى زياد يأمره فيها بأن يعطيه الأمان،

١٥٤

ويخلّي سبيل عياله وأطفاله، ويشيّد داره، ويردّ عليه أمواله(١) .

مرجعيّته السياسيّة :

لقد صالح الإمام الحسنعليه‌السلام معاوية من موقع القوّة، كما نصّت المعاهدة على أن يكون الأمر من بعده للحسن ولا يبغي له الغوائل والمكائد .

إذن من الطبيعي أن يكون الإمام محور المعارضة والشوكة التي تنغّص على بني أمية ومعاوية ملكهم وتكدّر صفوهم، ونجد في أدعية الإمام ولقاءاته بالحاكمين وبطانتهم ورسائله وخطبه نشاطاً سياسياً واضحاً تمثّل في :

أ ـ مراقبته للأحداث ومتابعتها ومراقبة سلوك الحاكمين وعمّالهم، وأمرهم بالمعروف وردعهم عن المنكر، كما لاحظنا في مراسلته لزياد لرفع الضغط عن سعيد بن أبي سرح، ولومه لحبيب بن مسلمة وهو في الطواف على إطاعته لمعاوية(٢) .

ب ـ النشاط السياسي المنظَّم والذي كان يتمثّل في استقباله لوفود المعارضة، وتوجيههم ودعوتهم إلى الصبر، وأخذ الحزم وانتظار أوامر الإمام التي ستصدر في الفرصة المناسبة، كما تمثّل في تأكيده المستمرّ على الدور القيادي لأهل البيتعليهم‌السلام واستحقاقه للخلافة والإمامة .

ويرى الدكتور طه حسين أنّ الإمام قد شكّل حزباً سياسياً حين مكثه في المدينة، وتولّى هو رئاسته وتوجيهه الوجهة المناسبة لتلك الظروف .

ج ـ عدم تعاطفه مع أركان النظام الحاكم بالرغم من محاولاتهم لكسب عطف الإمام أو تغطية نشاطاته أو إدانتها، وقد تمثّل هذا الجانب في رفضه

__________

(١) حياة الإمام الحسن : ٢ / ٢٨٩ ـ ٢٩٠ .

(٢) راجع حياة الإمام الحسن : ٢ / ٢٩٣ .

١٥٥

لمصاهرة الأُمويين وفضحه لخططهم وكشفه لواقعهم المنحرف وعدم استحقاق معاوية للخلافة، وتجلّى بوضوح في مناظراته مع معاوية وبطانته في المدينة ودمشق على حدّ سواء، ونكتفي بالإشارة إلى بعض مواقفه .

رفض الإمامعليه‌السلام مصاهرة الأُمويين :

ورام معاوية أن يصاهر بني هاشم ليحوز بذلك الشرف والمجد، فكتب إلى عامله على المدينة مروان بن الحكم أن يخطب ليزيد زينب بنت عبد الله ابن جعفر على حكم أبيها في الصداق، وقضاء دينه بالغاً ما بلغ، وعلى صلح الحيّين بني هاشم وبني أمية، فبعث مروان خلف عبد الله، فلمّا حضر عنده فاوضه في أمر كريمته، فأجابه عبد الله : إنّ أمر نسائنا بيد الحسن بن علي فاخطب منه، فأقبل مروان إلى الإمام فخطب منه ابنة عبد الله، فقالعليه‌السلام : "اجمع مَن أردت" فانطلق مروان فجمع الهاشميّين والأُمويين في صعيد واحد وقام فيهم خطيباً، وبيّن أمر معاوية له .

فردّ الإمامعليه‌السلام عليه، فقال بعد حمد الله والثناء عليه : "أمّا ما ذكرت من حكم أبيها في الصداق فإنّا لم نكن لنرغب عن سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أهله وبناته(١) ، وأمّا قضاء دين أبيها فمتى قضت نساؤنا ديون آبائهن ؟ وأمّا صلح الحيّين فإنّا عاديناكم لله وفي الله فلا نصالحكم للدنيا ..." .

وفي ختام كلمته قال الإمامعليه‌السلام : "وقد رأينا أن نزّوجها (يعني زينب) من ابن عمّها القاسم بن محمد بن جعفر، وقد زوّجتها منه، وجعلت مهرها ضيعتي التي لي بالمدينة، وقد أعطاني معاوية بها عشرة آلاف دينار" .

__________

(١) كانت سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مهر أزواجه وبناته أربعمئة درهم .

١٥٦

ورفع مروان رسالة إلى معاوية أخبره بما حصل، فلمّا وصلت إليه قال : "خطبنا إليهم فلم يفعلوا، ولو خطبوا إلينا لما رددناهم"(١) .

من مواقف الإمام الحسنعليه‌السلام مع معاوية وبطانته :

أ ـ مع معاوية في المدينة :

روى الخوارزمي أنّ معاوية سافر إلى يثرب فرأى تكريم الناس وحفاوتهم بالإمام وإكبارهم له ممّا ساءه ذلك، فاستدعى أبا الأسود الدؤلي والضحّاك بن قيس الفهري، فاستشارهم في أمر الحسن وأنّه بماذا يوصمه ليتّخذ من ذلك وسيلة للحطّ من شأنه والتقليل من أهميّته أمام الجماهير، فأشار عليه أبو الأسود بالترك قائلاً :

"رأي أمير المؤمنين أفضل، وأرى ألاّ يفعل فإنّ أمير المؤمنين لن يقول فيه قولاً إلاّ أنزله سامعوه منه به حسداً، ورفعوا به صعداً، والحسن يا أمير المؤمنين معتدل شبابه، أحضر ما هو كائن جوابه، فأخاف أن يرد عليك كلامك بنوافذ تردع سهامك، فيقرع بذلك ظنوبك(٢) ، ويبدي به عيوبك، فإنّ كلامك فيه صار له فضلاً، وعليك كلاً، إلاّ أن تكون تعرف له عيباً في أدب، أو وقيعة في حسب، وإنّه لهو المهذّب، قد أصبح من صريح العرب في عزّ لُبابها، وكريم محتدها، وطيب عنصرها، فلا تفعل يا أمير المؤمنين" .

وقد أشار عليه أبو الأسود بالصواب، ومنحه النصيحة، فأيّ نقص أو عيب في الإمام حتى يوصمه به، وهو المطهّر من كلّ رجس ونقص كما نطق

__________

(١) مقتل الحسين للخوارزمي : ١ / ١٢٤ .

(٢) الظنوب : العظم اليابس من الساق .

١٥٧

بذلك الذكر الحكيم؟ ولكنّ الضحّاك بن قيس قد أشار على معاوية بعكس ذلك فحبّذ له أن ينال من الإمام ويتطاول عليه قائلاً : "امضِ يا أمير المؤمنين فيه برأيك ولا تنصرف عنه بدائك، فإنّك لو رميته بقوارص كلامك ومحكم جوابك لذلّ لك كما يذلّ البعير الشارف(١) من الإبل" .

واستجاب معاوية لرأي الضحّاك، فلمّا كان يوم الجمعة صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وصلّى على نبيّه، ثم ذكر أمير المؤمنين وسيّد المسلمين علي بن أبي طالبعليه‌السلام فانتقصه، ثم قال :

"أيّها الناس! إنّ صبية من قريش ذوي سفه وطيش وتكدّر من عيش أتعبتهم المقادير، فاتّخذ الشيطان رؤوسهم مقاعد، وألسنتهم مبارد، فأباض وفرخ في صدورهم، ودرج في نحورهم، فركب بهم الزلل، وزيّن لهم الخطل، وأعمى عليهم السُبل، وأرشدهم إلى البغي والعدوان والزور والبهتان، فهم له شركاء وهو لهم قرين ( وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَاءَ قَرِيناً ) وكفى لهم مؤدّباً، والمستعان الله" .

فوثب إليه الإمام الحسن مندفعاً كالسيل رادّاً عليه افتراءه وأباطيله قائلاً :

"أيّها الناس! من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي بن أبي طالب، أنا ابن نبيّ الله، أنا ابن من جعلت له الأرضُ مسجداً وطهوراً، أنا ابن السراج المنير، أنا ابن البشير النذير، أنا ابن خاتم النبيّين، وسيّد المرسلين، وإمام المتّقين، ورسول ربّ العالمين، أنا ابن من بعث إلى الجنّ والإنس، أنا ابن من بعث رحمةً للعالمين" .

__________

(١) البعير الشارف : المسنّ الهرم .

١٥٨

وشقّ على معاوية كلام الإمام فبادر إلى قطعه قائلاً : "يا حسن! عليك بصفة الرطب"، فقالعليه‌السلام :"الريح تلقحه والحرّ ينضجه، والليل يبرده ويطيبه، على رغم أنفك يا معاوية" ثم استرسلعليه‌السلام في تعريف نفسه قائلاً :

"أنا ابن مستجاب الدعوة، أنا ابن الشفيع المطاع، أنا ابن أول من ينفض رأسه من التراب، ويقرع باب الجنّة، أنا ابن من قاتلت الملائكة معه ولم تقاتل مع نبيّ قبله، أنا ابن من نصر على الأحزاب، أنا ابن من ذلّت له قريش رَغماً" .

وغضب معاوية واندفع يصيح : "أما أنّك تحدّث نفسك بالخلافة" .

فأجابه الإمامعليه‌السلام عمّن هو أهل للخلافة قائلاً :"أمّا الخلافة فلمن عمل بكتاب الله وسنَّة نبيّه، وليست الخلافة لمن خالف كتاب الله وعطّل السنّة، إنّما مثل ذلك مثل رجل أصاب ملكاً فتمتّع به، وكأنّه انقطع عنه وبقيت تبعاته عليه" .

وراوغ معاوية، وانحط كبرياؤه فقال : "ما في قريش رجل إلاّ ولنا عنده نِعَم جزيلة ويد جميلة" .

فردّعليه‌السلام قائلاً :"بلى، من تعزّزت به بعد الذلّة، وتكثّرت به بعد القلّة" .

فقال معاوية : "من أُولئك يا حسن ؟"، فأجابه الإمامعليه‌السلام :"من يلهيك عن معرفتهم" .

ثم استمرعليه‌السلام في تعريف نفسه إلى المجتمع فقال :

"أنا ابن من ساد قريشاً شاباً وكهلاً، أنا ابن من ساد الورى كرماً ونبلاً، أنا ابن من ساد أهل الدنيا بالجود الصادق، والفرع الباسق، والفضل السابق، أنا ابن من رضاه رضى الله، وسخطه سخطه، فهل لك أن تساميه يا معاوية ؟" ، فقال معاوية : أقول لا تصديقاً لقولك، فقال الحسن :"الحق أبلج، والباطل لجلج، ولم يندم من ركب الحقّ، وقد خاب من ركب الباطل :

والحقّ يعرفه ذوو الألباب )

فقال معاوية على عادته من

١٥٩

المراوغة : لا مرحباً بمن ساءك(١) .

ب ـ في دمشق :

اتفق جمهور المؤرّخين على أنّ الإمام الحسنعليه‌السلام قد وفد على معاوية في دمشق، واختلفوا في أنّ وفادته كانت مرةً واحدةً أو أكثر، وإطالة الكلام في تحقيق هذه الجهة لا تغنينا شيئاً، وإنّما المهم البحث عن سرّ سفره، فالذي نذهب إليه أنّ المقصود منه ليس إلاّ نشر مبدأ أهل البيتعليهم‌السلام وإبراز الواقع الأُموي أمام ذلك المجتمع الذي ضلّله معاوية وحرّفه عن الطريق القويم، أمّا الاستدلال عليه فإنّه يظهر من مواقفه ومناظراته مع معاوية، فإنّه قد هتك بها حجابه .

أمّا الذاهبون إلى أنّ سفره كان لأخذ العطاء فقد استندوا إلى إحدى الروايات الموضوعة فيما نحسب، وهذه الرواية لا يمكن الاعتماد عليها; لأنّ الإمام قد عرف بالعزّة والإباء والشمم، على أنّه كان في غنىً عن صلات معاوية; لأنّ له ضياعاً كبيرة في يثرب كانت تدرّ عليه بالأموال الطائلة، مضافاً إلى ما كان يصله من الحقوق التي كان يدفعها خيار المسلمين وصلحاؤهم.

على أنّ الأموال التي كان يصله بها معاوية على القول بذلك لم يكن ينفقها على نفسه وعياله، فقد ورد أنّه لم يكن يأخذ منها مقدار ما تحمله الدابة بفيها(٢) .

وروى الإمام موسى بن جعفرعليهما‌السلام : "أنّ الحسن والحسين كانا لا يقبلان جوائز معاوية بن أبي سفيان"(٣) .

__________

(١) راجع حياة الإمام الحسن : ٢ / ٢٩٧ ـ ٢٩٩ عن الخوارزمي .

(٢) جامع أسرار العلماء ، مخطوط بمكتبة كاشف الغطاء العامة .

(٣) حياة الإمام الحسن : ٢ / ٣٠٣ ـ ٣٠٤ .

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585