وسائل الشيعة الجزء ٢١

وسائل الشيعة10%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 585

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 585 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 411557 / تحميل: 6306
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ٢١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

بشئ من امرك، فخذ هاهنا، فتياسر عن طريق العذيب والقادسية، وسار الحسينعليه‌السلام وسار الحرّ في أصحابه يسايره وهو يقول له: يا حسين اني اذكّرك الله في نفسك، فإنّي أشهد لئن قاتلت لتقتلنّ، فقال له الحسينعليه‌السلام : ( أفبالموت تخوّفني؟ وهل يعدو بكم الخطب أن تقتلوني؟ وسأقول كما قال أخو الأوس لابن عمّه، وهو يريد نصرة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فخوفه ابن عمه وقال:أين تذهب؟ فانّك مقتول ؛ فقال:

سأمضي فما بالموت عار على الفتى

إذا ما نوى حقّا وجاهد مسلما

وآسى الرّجال الصالحين بنفسه

وفارق مثبورا وباعد(١) مجرما

فإن عشت لم اندم وان متّ لم ألم

كفى بك ذلا ان تعيش وترغما »

فلمّا سمع ذلك الحرّ تنحّى عنه، فكان يسير بأصحابه ناحية، والحسينعليه‌السلام في ناحية أخرى، حتى انتهوا الى عذيب الهجانات(٢) .

ثمّ مضى الحسينعليه‌السلام حتّى انتهى الى قصر بني مقاتل فنزل به، فاذا هو بفسطاط مضروب فقال: ( لمن هذا؟ ) فقيل: لعبيد الله بن الحرّ الجعفيّ، فقال:( ادعوه اليّ ) فلما أتاه الرّسول قال له: هذا الحسين بن عليّ يدعوك، فقال عبيد الله: انّا لله وانّا اليه راجعون، والله ماخرجت من الكوفة الّا كراهية أن يدخلها الحسين وانا بها، والله ما اريد ان اراه ولا يراني ؛ فأتاه الرّسول فأخبره فقام الحسين عليه

__________________

(١) في هامش (ش) و (م): وخالف.

(٢) عذيب الهجانات: موضع في العراق قرب القادسية (معجم البلدان ٤: ٩٢ ).

٨١

السّلامُ فجاءَ حتّى دخلَ عليه فسلّمَ وجلسَ، ثمّ دعاه إِلى الخروج معَه، فأعادَ عليه عُبيدُ اللهِّ بن الحرِّ تلكَ المقالةَ واستقاله ممّا دعاه إِليه، فقالَ له الحسينُعليه‌السلام : « فإِن لم تنصرْنا فاتّقِ اللّهَ أن تكونَ ممّن يُقاتلُنا؛ واللّهِ لا يسمعُ واعيتَنا(١) أحدٌ ثمّ لا ينصرُنا إلاّ هلكَ » فقالَ: أمّا هذا فلا يكونُ أبداً إِن شاءَ اللّهُ ؛ ثمّ قامَ الحسينُعليه‌السلام من عندِه حتّى دخلَ رحله.

ولمّا كانَ في اخرِ ألليلِ أمرَ فتيانَه بالاستقاءِ منَ الماءِ، ثمّ أمرَ بالرّحيلِ، فارتحلَ من قصرِ بني مُقاتلٍ، فقالَ عُقبةُ بنُ سمعانَ: سِرْنا معَه ساعةً فخفقَ وهوعلى ظهرِفرسِه خفقةً ثمّ انتبهَ، وهو يقولُ: «إِنّا للّهِ وإنّا إِليه راجعونَ، والحمدُ للّهِ ربِّ العالمينَ » ففعلَ ذلكَ مرّتينِ أو ثلاثاً، فأقبلَ إِليه ابنُه علي بنُ الحسينِعليهما‌السلام على فرسٍ فقالَ: ممَّ حمدتَ الله واسترجعتَ؟ فقاَل: «يا بُنَيَّ، إِنِّي خفقتُ خَفقةً فعَنَّ لي فارسٌ علىَ فرسٍ وهو يقولُ: القومُ يسيرونَ، والمنايا تسيرُ إِليهمِ، فعلمتُ أَنّها أَنفسُنا نُعِيَتْ إِلينا» فقالَ له: يا أبَتِ لا أراكَ اللهُّ سوءاً، ألسنا على الحقِّ؟ قالَ: «بلى، والّذي إِليه مرجعُ العبادِ » قال: فإِنّنا إِذاً لا نبالي أَن نموتَ مُحِقِّينَ ؛ فقالَ له الحسينُعليه‌السلام : «جزاكَ اللّه من ولدٍ خيرَ ما جزى وَلداً عن والدِه ».

فلما أصبح نزل فصلّى الغداة، ثم عجّل الرّكوب فأخذ يتياسر بأصحابه يريد أن يفرّقهم فيأتيه الحرّ بن يزيد فيردّه وأصحابه، فجعل إذا ردّهم نحو الكوفة ردّاً شديدا امتنعوا عليه، فارتفعوا فلم

__________________

(١) الواعية: الصارخة. « الصحاح - وعى - ٦: ٢٥٢٦ ».

٨٢

يزالوا يتياسرونَ كذاك حتّى انتهَوا إِلى نينَوى - المكانِ الّذي نزلَ به الحسينُعليه‌السلام - فإِذا راكبٌ على نجيبِ له عليه السِّلاحُ متنكِّبٌ قوساً مقبلٌ منَ الكوفةِ، فوَقَفُوا جميعاً ينتظَرونَه(١) فلمّا انتهى إِليهم سلّمَ على الحرِّ وأصحابِه ولم يسلِّمْ على الحسينِ وأصحابِه، ودفعَ إِلى الحرِّ كتاباً من عُبيدِاللّهِ بنِ زيادٍ فإِذا فيه:

أمّا بعدُ فَجَعْجِعْ(٢) بالحسينِ حينَ يَبلُغُكَ كتابي ويقدمُ عليكَ رسولي، ولا تُنْزِلْه(٣) إِلاّ بالعراءِ في غيرِ حصنٍ وعلى غيرِماءٍ، فقد أمرتُ رسولي أن يَلزَمَك ولا يفُارِقَكَ حتّى يأْتيني بإِنفاذِكَ أمري، والسّلامُ.

فلمّا قرأ الكتابَ قالَ لهم الحرُ: هذا كتابُ الأَميرِ عُبيدِاللهِّ يأْمرُني أَن أُجَعْجِعَ بكم في المكانِ الّذي يأْتي كتابُه، وهذا رسولُه وقد أمرَه أَلاّ يفارقَني حتّى أُنَفّذَ أَمْرَه.

فنظرَ يزيد بنُ المهاجرِ الكنانيّ(٤) - وكانَ معَ الحسينِعليه‌السلام - إلى رسولِ ابن زيادٍ فعرفَه فقالَ له يزيدُ: ثَكلَتْكَ أُمُّكَ، ماذا جئتَ فيه؟ قالَ: أَطعتُ إِمامي ووفيتُ ببيعتي، فقالَ له ابنُ المهاجرِ: بل عصيتَ ربَّكَ وأطعتَ إِمامَكَ في هلاكِ نفسِكَ وكسبتَ العارَ والنّارَ، وبئسَ الإمامُ إِمامكَ، قالَ اللّهُ عزَّ من قائلٍ

__________________

(١) في هامش «ش»: ينظرونه.

(٢) في الصحاح - جعجع - ٣: ١١٩٦: كتب عبيدالله بن زياد الى عُمربن سعد: أن جعجع بحسين. قال الأصمعي: يعني احبسه، وقال ابن الاعرابي: يعني ضيّق عليه.

(٣) في « ش » و « م»: تتركه، وما في المتن من هامشهما.

(٤) في هامش « ش » و «م»: الكندي.

٨٣

 ( وَجَعَلنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُوْنَ إِلىَ النًارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يُنْصرُوْنَ ) (١) فإِمامُكَ منهم.

وأخذَهم الحرُّ بالنُّزولِ في ذلكَ المكانِ على غيرماءٍ ولا قريةٍ، فقالَ له الحسينُعليه‌السلام : « دَعْنا - ويحك - ننزل في هذه القريةِ أوهذه - يعني نينَوَى والغاضِريّةَ - أو هذه - يعني شِفْنَةَ(٢) - » قالَ: لا واللّهِ ما أستطيعُ ذلكَ، هذا رجل قد بُعِثَ اليّ عيناً عليّ، فقالَ له زُهَيرُ بنُ القَيْنِ: إِنِّي واللّهِ ما أراه يكونُ بعدَ هذا الّذي تَرَوْنَ إِلا أَشدَّ ممّا تَرَوْنَ، يا ابنَ رسولِ اللّهِ، إِنّ قتالَ هؤلاءِ السّاعةَ أهونُ علينا من قتالِ من يأْتينا بعدَهم، فلعَمْري لَيَاْتيَنا بعدَهم ما لا قِبلَ لنا به، فقالَ الحسينعليه‌السلام : «ما كنتُ لأَبدأهم بالقتالِ » ثمّ نزل ؛ وذلكَ يومَ الخميسِ وهو اليوم(٣) الثّاني منَ المحرّمِ سنةَ إِحدى وستَينَ.

فلمّا كانَ منَ الغدِ قدمَ عليهم عُمَرُبنُ سَعْدِ بنِ أبي وَقّاصٍ منَ الكوفةِ في أربعةِ آلافِ فارسٍ، فنزلَ بنينوى وبعثَ إِلى الحسينِعليه‌السلام ( عُروةَ بنَ قَيْسٍ )(٤) الأحمسيّ فقالَ له: ائتِهِ فسَلْه ما الّذي جاءَ بكَ؟ وماذا تريدُ؟

وكانَ عُروةُ ممّن كتبَ إلى الحسينِعليه‌السلام فاستحيا منه أن ياْتيَه، فعرضَ ذلكَ على الرؤَساءِ الّذينَ كاتبوه، فكلّهم

__________________

(١) القصص ٢٨: ٤١.

(٢) في هامش « ش » و «م»: شفَيّنة، شُفيّة. وكأنها شفاثا. في هامش «م» نسخة اُخرى:

(٣) في« م» و « ش»: يوم، وما في المتن من «ح » وهامش « ش».

(٤) انظر ص ٣٨ هامش (١) من هذا الكتاب.

٨٤

أبى ذلكَ وكرِهَه، فقامَ إِليه كَثيرُبنُ عبدِاللهِّ الشَّعْبِيّ وكانَ فارساً شُجاعاً لا يَرُدُّ وجهَه لشيءٌ فقالَ: أنا أذهبُ إِليه، وواللّهِ لئن شئتَ لأفْتكنَّ به ؛ فقالَ له عُمَرُ: ما أُريدُ أن تَفتكَ به، ولكنِ ائتِه فسَلْه ما الّذي جاءَ بك؟

فاقبلَ كثيرٌ إِليه، فلمّا رآه أبو ثمامةَ الصّائديُّ قالَ للحسينِعليه‌السلام : أصلَحَكَ اللهّ يا أَبا عبدِاللهِّ، قد جاءَكَ شرُّ أهلِ الأرضِ، وأجرؤهم على دم، وأفتكُهم(١) . وقامَ إِليه فقالَ له: ضَعْ سيفَكَ، قالَ: لا ولا كرامة، إِنّما أنا رسولٌ، فإِن سمعتم منِّي بلّغتُكم ما أرْسِلْتُ به إِليكم، وان أبَيتم انصرفتُ عنكم، قالَ: فإِنِّي آخذُ بقائِمِ سيفِكَ، ثمّ تكلّم بحاجتِكَ، قالَ: لا واللهِّ لا تمسَّه، فقالَ له: أخبرْني بما جئتَ به وأَنا أُبلِّغهُ عنكَ، ولا أدعُكَ تدنو منه فإِنّكَ فاجرٌ ؛ فاستَبّا وانصرفَ إِلى عمر بن سعدٍ فأخبرَه الخبرَ.

فدعا عمرُقُرّةَ بنَ قيسٍ الحنظليّ فقالَ له: ويحَكَ يا قُرّةُ، القَ حسيناً فسَلْه ما جاءَ به وماذا يريد؟ فأتاه قُرّةُ فلمّا رآه الحسينُ مقبلاً قالَ: «أتعرفونَ هذا؟» فقالَ له حبيبُ بنُ مُظاهِرِ: نعم، هذا رجلٌ من حنظلةِ تميم، وهو ابنُ أُختِنا، وقد كنتُ أعرَفه بحسنِ الرٌأي، وما كنتُ أراه يشهَدُ هذا المشهدَ. فجاءَ حتّى سلَّمَ على الحسينِعليه‌السلام وأبلغَه رسالةَ عمرِ بنِ سعدٍ إِليه، فقالَ له الحسينُ: «كَتبَ إِليَّ أهلُ مِصْرِكم هذا أن اقدم، فأمّا إِذ كرهتموني فأنا أنصرفُ عنكم » ثمّ قالَ حبيبُ بنُ مُظاهِر: ويحَكَ يا قُرّةً أينَ ترجعُ؟! إلى القوم الظّالمينَ؟! انْصُرْ هذا الرّجلَ الّذي بآبائه أيّدَكَ اللّهُ بالكرامةِ، فقالَ له قُرّةُ: أَرجعُ إِلى صاحبي

__________________

(١) في «م» وهامش «ش»: وأجرأُه على دم وأفتكه.

٨٥

بجواب رسالتِه، وأرى رأيي. قالَ: فانصرفَ إِلى عمر بن سعدٍ فأَخبرَه الخبرَ؛ فَقالَ عمرُ: أرجو أن يعافيَني اللهُ من حربه وقتالِه ؛ وكتبَ إِلى عُبيدِاللّهِ بنِ زيادٍ:

بسم اللّهِ الرّحمنِ الرّحيمَ، أمّا بعدُ: فإِنِّي حينَ نزلتُ بالحسينِ بعثتُ إِليه رسلي، فسألتُه عمّا اقْدَمَه، وماذا يطلبُ؟ فقالَ: كتبَ إِليَّ أَهْلُ هذه البلادِ، واتتْني رُسُلُهم يسألونَني القدومَ ففعلتُ، فأمّا إِذ كرهوني وبدا لهم غيرُما أتَتْني به رُسُلُهم، فأَنا منصرفٌ عنهم.

قالَ حسّانُ بنُ قائدٍ العَبْسيّ: وكنتُ عندَ عُبيدِاللهِّ حينَ أَتاه هذا الكتابُ، فلمّا قرأه قالَ:

ألآنَ إِذْ عَلِقَتْ مَخَالبنَا بِهِ

يَرْجُو النَّجَاةَ وَلاَتَ حِيْنَ مَنَاصِ

 وكتبَ إِلى عمربن سعدٍ:

أمّا بعدُ: فقد بلغَني كتابُكَ وفهمتُ ما ذكرتَ، فاعرِضْ على الحسينِ أَن يُبايعَ ليزيدَ هو وجميعُ أصحابه، فإِذا فعلَ هو ذلكَ رأينا رأيَنا، والسّلامُ.

فلمّا وردَ الجوابُ على عمر بن سعدٍ قالَ: قد خشيتُ ألاّ يَقبلَ ابنُ زيادٍ العافيةَ.

ووردَ كتابُ ابنِ زيادٍ في الأثرِ إلى عمر بن سعدٍ: أن حُلْ بينَ الحسينِ وأصحابه وبينَ الماءِ فلا يَذوقوا منه قطرةً، كما صُنعَ بالتّقيِّ الزّكيِّ عُثمان بن عفَّان. فبعثَ عمرُبنُ سعدٍ في الوقتِ عَمْرَو بنَ الحجّاجِ في خمسمائةِ فارس، فنزلوا على الشّريعةِ وحالوا بينَ الحسينِ وأصحابه وبينَ الماءِ أن يَستَقُوا منه قطرةً، وذلكَ قبلَ قتل الحسين بثلاثةِ

٨٦

أيّامٍ، ونادى عبدُاللّه بن الحُصين(١) الأزديّ - وكانَ عِدادُه في بَجيلةً - بأعلى صوته: يا حسينُ، ألا تنظرُإِلى الماءِ كأنّه كَبدُ السّماءِ، واللّهِ لا تَذُوقونَ منه قطرةً واحدةً حتّى تموتوا عطشاً؛ فقالَ الحسينُعليه‌السلام : «اللّهمَّ اقْتًلْهُ عَطَشاً ولا تَغْفِرْله أبداً».

قالَ حميدُ بنُ مسلمٍ: واللّهِ لَعُدْتُه بعدَ ذلكَ في مرضِه، فواللّهِ الّذي لا إِلهَ غيرُه، لقد رأيتُه يَشرَبُ الماءَ حتّى يَبغَرَ(٢) ثمّ يقيئه، ويصيحُ: العطشَ العطش، ثمّ يعودُ فيشرَبُ الماءَ حتّى يَبْغَرَثم يقيئه ويتلَظّى عَطَشاً، فما زالَ ذلكَ دأبه حتّى (لَفَظَ نفسَه )(٣) .

ولمّا رأى الحسينُ نزولَ العساكرِ مع عمرِ بن سعدٍ بنينوى ومدَدَهم لقتالِه أنفذَ إِلى عمر بن سعدٍ: «انِّي أُريدُ أن ألقاكَ(٤) » فاجتمعا ليلاً فتناجيا طويلاً، ثمّ رجعَ عمرُ بنُ سعدٍ إِلى مكانِه وكتبَ إِلى عُبيَدِاللهِّ بن زيادٍ:

أمّا بعدُ: فإِنّ اللّهَ قد أطْفأ النّائرةَ وجَمَعَ الكلمةَ وأَصَلحَ أَمرَ الأمّةِ، هذا حسينٌ قد أَعطاني أن يرجِعَ إِلى المكانِ الّذي أتى منه أو أن يسيرَ إِلى ثَغرٍ منَ الثُّغورِ فَيكونَ رجلاًَ منَ المسلمينَ، له ما لهم وعليه ما عليهم، أو أَن يأَتيَ أميرَ المؤمنينَ يزيدَ فيضعَ يدَه في يدِه، فيرى فيما بينَه وبينَه رأيَه، وفي هذا[لكم](٥) رضىً وللأمّةِ صلاحٌ.

__________________

(١) في «م» وهامش « ش »: حِصْن.

(٢) بغر: كثر شربه للماء، انظر «العين - بغر - ٤: ٤١٥».

(٣) في هامش « ش »: مات.

(٤) في هامش « ش » بعده اضافة: واجتمع معك.

(٥) ما بين المعقوفين اثبتناه من تأريخ الطبري ٥: ٤١٤، والكامل لابن الأثير ٤: ٥٥

٨٧

فلمّا قرأ عُبيدُاللّهِ الكتابَ قالَ: هذا كتابُ ناصحٍ مشفق على قومِه. فقامَ إِليه شِمْرُ بنُ ذي الجَوْشنِ فقالَ: أتَقبلُ هذا منه وقد نزلَ بأرًضِكَ والى جنبكَ؟ واللّهِ لئن رحلَ من بلادِكَ ولم يَضَعْ يدَه في يدِكَ، لَيكونَنَّ أولى بالقَوّةِ ولتكونَنَّ أولى بالضَّعفِ والعجز، فلا تُعْطِه هذه المنزلةَ فإِنّها منَ الوَهْنِ، ولكن لِينَزِلْ على حُكمِكَ هو وأصحابُه، فان عاقبْتَ فأنت (أَولى بالعقوبةِ )(١) وإن عفَوْتَ كانَ ذلكَ لك.

قالَ له ابنُ زيادٍ: نِعْمَ ما رأيتَ، الرأيُ رأيُك، اخْرجُ، بهذا الكتاب إِلى عُمَر بن سعدٍ فلْيَعْرِضْ على الحسينِ وأصحابه النًّزولَ على حُكْمِي، فإِن فَعَلوا فليَبْعَثْ بهم إِليّ سِلماً، وأن هم أًبَوْا فليقاتلْهم، فإِن فَعَلَ فاسمعْ له وأطِعْ، واِن أبى أن يقاتِلَهم فأنتً أَميرُ الجيشِ، واضرِبْ عُنقَه وابعثْ إِليَّ برأسِه.

وكتبَ إِلى عمر بن سعدٍ:انِّي لم أبعثْكَ إِلى الحسينِ لتكفَّ عنه ولا لتُطاوِلَه ولا لتمنّيَه السّلامةَ والبقاءَ ولا لتَعتَذِرَ له ولا لتكونَ له عندي شافعاً، انظرْ فإِن نزلَ حسينٌ وأصحابُه على حكمي واستسلموا فابعثْ بهم إِليَّ سِلْماً، وِان أبوْا فازحَفْ إِليهم حتّى تقتُلَهم وتُمثِّلَ بهم، فإِنّهم لذلكَ مستحقُّونَ، وِان قُتِلَ الحسينُ فأوْطئ الخيلَ صدرَه وظهرَه، فإِنّه عاتٍ ظلومٌ، وليس أَرى أنّ هذا يَضُرُّ بعدَ الموتِ شيئاً، ولكنْ عليّ قولٌ قد قلتُه: لوقتلتُه لفعلتُ هذا به، فإِن أنتَ مضيتَ لأَمرِنا فيه جزَيْناكَ جزاءَ السّامعِ المطيعِ، وإن أبيتَ فاعتزلْ عَمَلَنا وجُنْدَنا، وخلِّ

__________________

والنسخ خالية منه.

(١) في هامش «ش»: وليّ العقوبة.

٨٨

بينَ شمرِ بنِ ذي الجوشنِ وبينَ العسكرِ فإِنّا قد أمرناه بأمرنا، والسّلام.

فأقبلَ شمرٌ بكتاب عًبيدِاللّهِ إِلى عمربن سعدٍ، فلمّا قدمَ عليه وقرأَه قالَ له عمرُ: ما لَكَ ويْلَكَ؟! لا قَرَّبَ اللّهُ دارَكَ، قَبَّح اللهُ ما قَدِمْتَ به عليّ، واللّهِ إِنِّي لاظنُّكَ أنّكَ نهيتَه(١) أن يَقْبَلَ ما كتبتُ به إِليه، وأفسدتَ علينا أمْرنَا، قد كنّا رَجَوْنا أن يصلحَ، لا يستسلمُ واللّهِ حسينٌ، إِنَّ نفسَ أبيه لبَيْنَ جنبَيْه. فقالَ له شمرٌ: أخبِرني ما أَنتَ صانعٌ، أتمضِي لأَمرِ أميرِكَ وتقاتلُ عدوٌه؟ ِوألاّ فخلِّ بيني وبينَ الجندِ والعسكر؛ قالَ: لا، لا واللّهِ ولاكَرامةَ لكَ، ولكنْ أنا أتولىّ ذلكَ، فدونَكَ فكُنْ أنتَ على الرَّجّالةِ. ونهضَ عمرُبنُ سعدٍ إِلى الحسينِ عشيّةَ الخميسِ لتسعٍ مضَيْنَ منَ المحرّمِ.

وجاءَ شِمرٌ حتّى وقفَ على أصحاب الحسينِعليه‌السلام فقالَ: أينَ بَنُو أُختِنا؟ فخرجَ إِليه العبّاسُ وجَعْفَرٌ(٢) وعثمانُ بنوعليِّ بنِ أبي طالب عليه وعليهم السّلامُ فقالوا: ماتريدً؟ فقلَ: أنتم يابني أُختي امِنونَ ؛ فقالتْ له الفِتْيةُ: لَعَنَكَ اللهّ ولَعَنَ أمانَكَ، أتؤمِنُنَا(٣) وابنُ رسولِ اللّهِ لا أمانَ له؟!

ثمّ نادى عمرُ بنُ سعدٍ: يا خيلَ اللّهِ اركبي وأبشري، فركِبَ النّاس ثمّ زحفَ نحوَهمِ بعد العصرِ، وحسينٌعليه‌السلام جالسٌ أمامَ بيتِه مُحتب بسيفِه، إِذ خفقَ برأسِه على ركبتَيْه، وسمعَتْ أُختُه

__________________

(١) في هامش «ش»، و « م»: ثنيته.

(٢) في هامش «ش»: وعبدالله، وفوقه مكتوب: لم يكن في نسخة الشيخ.

(٣) في «م» وهامش «ش»: تؤمنَنا.

٨٩

الصّيحةَ(١) فدنَتْ من أَخيها فقالت: يا أخي أما تسمعُ الأصواتَ قدِ اقتربتْ؟ فرفعَ الحسينُعليه‌السلام رأسَه فقالَ: «إِنِّي رأيتُ رسولَ اللّهِصلى‌الله‌عليه‌وآله السّاعةَ في المنام(٢) فقالَ لي: إِنّكَ تَرُوحً إِلينا» فلطمتْ أُختُه وجهَها ونادتْ بالويلِ، فقَالَ لها: «ليسَ لكِ الويلُ يا أُخيَّةُ، اسكتي رحمَكِ اللّهُ » وقالَ له العبّاسُ بنُ عليٍّ رحمةُ اللّهِ عليه: يا أخي أتاكَ القومُ، فنهضَ ثمّ قالَ: «يا عبّاسُ، اركَبْ - بنفسي أنتَ يا أخي - حتّى تَلْقاهم وتقولَ لهم: ما لكم وما بَدا لكم؟ وتسألَهم عمّا جاءَ بهم ».

فأتاهم العبّاسُ في نحوٍ من عشرينَ فارساً، منهم(٣) زُهَيرُ بن القَيْنِ وحبيبُ بنُ مظاهِرٍ، فقالَ لهم العبّاسُ: ما بدا لكم وما تريدونَ؟ قالوا: جاءَ أًمرُ الأميرِأَن نَعْرضَ عليكم أن تنزلوا على حكمِه أَو نناجِزَكم ؛ قالَ: فلا تعجلوا حتّىَ أَرجعَ إِلى أبي عبدِاللهِّ فأعرِضَ عليه ما ذكرتم، فوقفوا وقالوا: الْقَه فأعْلِمْه، ثمّ الْقَنا بما يقولُ لكَ. فانصرفَ العباسُ راجعاً يركضُ إِلى الحسينِعليه‌السلام يخبرُه الخبرَ، ووقفَ أَصحابُه يخاطِبونَ القومَ ويَعِظُونَهم ويكفّونَهم عن قتاَلِ الحسينِ.

فجاءَ العبّاسُ إِلى الحسينِعليه‌السلام فأخبرَه بما قالَ القومُ، فقالَ: «ارجعْ إِليهم فإِنِ استطعتَ أَن تُؤَخِّرَهم إِلى الغُدْوَةِ(٤) وتَدْفَعَهم

__________________

(١) في «م» وهامش «ش»: الضجّة.

(٢) في «م» وهامثر «ش»: منامي.

(٣) في «م» وهامش «ش»: فيهم.

(٤) في «م» وهامش « ش »: غدوة.

٩٠

عنّا العشيّةَ، لعلّنا نصلِّي لربِّنا الليلةَ وندعوه ونستغفرُه، فهو يَعلمُ أَنَي قد أُحبُّ الصّلاةَ له وتلاوةَ كتابِه والدُّعاءَ والاستغفارَ».

فمضى العبّاسُ إِلى القوم ورجعَ من عندِهم ومعَه رسولٌ من قبَل عمر بن سعدٍ يقول: إِنّا قد أجَّلناكم إِلى غدٍ، فإِنِ استسلمتم سرَّحْناكم إلى أميرِنا عُبيدِاللّهِ بنِ زيادٍ، وإِن أَبيتم فلسنا تاركيكم، وانصرفَ.

فجمعَ الحسينعليه‌السلام أَصحابَه عندَ قربِ المساءِ. قالَ عليُّ بنُ الحسينِ زينُ العابدينَعليه‌السلام : «فدنوتُ منه لأَسْمَعَ ما يقولُ لهم، وأَنا إِذ ذاك مريضٌ، فسمعتُ أَبي يقولُ لأصحابِه: أُثني على اللهِّ أَحسنَ الثّناءِ، وأَحمده على السّرّاءِ والضّرّاءِ، اللّهمَّ إِنِّي أحْمَدُكَ على أن أكرمْتَنا بالنُّبُوّةِ وعَلّمتنَا القرآنَ وفَقَّهْتَنَا في الدِّينِ، وجعلت لنا أسماعاً وأَبصاراً وأَفئدةً، فاجعلْنا منَ الشّاكرينَ.

أَمّا بعدُ: فإِنِّي لا أَعلمُ أَصحاباً أَوفى ولا خيراً من أصحابي، ولا أَهلَ بيتٍ أَبرَّ ولا أوصلَ من أَهلِ بيتي فجزاكم اللّهُ عنَي خيراً، أَلا وإِنَي لأَظنَّ أَنّه اخرُ(١) يومٍ لنا من هؤلاءِ، أَلا وإِنّي قد أَذنت لكم فانطلِقوا جميعاً في حِلٍّ ليس عليكم منِّي ذِمامٌ، هذا الليلُ قد غشِيَكم فاتّخِذوه جَملاً.

فقالَ له إِخوتُه وابناؤه وبنوأخيه وابنا عبدِاللهِّ بنِ جعفرٍ: لِمَ نفعلُ ذلكَ؟! لنبقى بعدَكَ؟! لا أَرانا اللهُّ ذلكَ أبداً. بدأهم بهذا القولِ العبّاس بنُ عليٍّ رضوانُ اللهِّ عليه واتّبعتْه الجماعةُ عليه فتكلّموا بمثله ونحوِه.

__________________

(١) في «ش» و «م»: لأَظن يوماً. وما اثبتناه من «ح ».

٩١

فقالَ الحسينُعليه‌السلام : يا بني عقيلٍ، حَسْبُكم منَ القتلِ بمسلم، فاذهبوا أنتم فقد اذِنْتُ لكم. قالوا: سبحانَ اللهِ، فما يقولُ النّاسُ؟! يقولونَ إِنّا تركْنا شيخَنا وسيِّدَنا وبني عمومتنا - خيرِ الأعمامِ - ولم نرْمِ معَهم بسهِمٍ، ولم نطعنْ معَهم برُمحٍ، ولم نضْرِبْ معَهم بسيفٍ، ولا ندري ما صنعوا، لا واللّهِ ما نفعلُ ذلكَ، ولكنْ ( تَفْدِيكَ أنفسُنا وأموالنُا وأهلونا )(١) ، ونقاتل معَكَ حتّى نَرِدَ موردَكَ، فقَبحَ الله العيشَ بعدَكَ.

وقامَ إِليه مسلمُ بنُ عَوْسَجةَ فقالَ: أنُخلِّي(٢) عنكَ ولمّا نُعذِرْإِلى اللهِ سبحانَه في أداءِ حقِّكَ؟! أما واللهِّ حتّى أطعنَ في صُدورِهم برمحي، وأضربَهم بسيفي ما ثبتَ قائمهُ في يدي، ولو لم يكنْ معي سلاحٌ أُقاتلُهم به لقَذَفْتهم بالحجارةِ، واللهِّ لا نُخلِّيكَ حتّى يعلمَ اللهُ أنْ قد حَفِظْنا غيبةَ رسولِ اللّهِ(٣) صلى‌الله‌عليه‌وآله فيكَ، واللّهِ لوعلمتُ أنِّي أُقْتَلُ ثمّ أحيا ثم أُحرقُ ثم أحيا ثم أُذَرَّى، يُفعَلُ ذلكَ بي سبعينَ مرة ما فارقتُكَ حتّى ألقى حِمامي دونَكَ، فكيفَ لا أفعلُ ذلكَ ِوانّما هي قَتْلةٌ واحدةُ ثمّ هي الكَرامةُ الّتي لا انْقِضاءَ لها أبداً.

وقامَ زُهَيرُ بنُ القَيْن البجليّ - رحمةُ اللهِّ عليهِ - فقالَ: واللهِ لوَددْتُ أنِّي قُتِلْتُ ثمّ نُشِرْتُ ثمّ قُتِلْت حتّى أًقتلَ هكذا ألفَ مرّةٍ، وأَنّ الله تعالى يدفعُ بذلكَ القتلَ عن نفسِكَ، وعن أنفُسِ هؤلاء الفِتْيانِ من أهل بيتِكَ.

__________________

(١) كذا في «م» وهامش «ش»، وفي «ش»:(نُفدّيك أنفسنا وأموالنا وأهلينا).

(٢) في «م» وهامش «ش»: أنحن نخلي.

(٣) في هامش «ش»: رسوله.

٩٢

وتكلّمَ جماعةُ أصحابه(١) بكلام يُشبهُ بَعضُه بعضاً في وجهٍ واحدٍ، فجزّاهم الحسينُعليه‌السلام خيراً وَانصرفَ إلى مضِربه(٢) ».

قالَ عليُّ بنُ الحسينِعليهما‌السلام : «اِنيّ لَجالسٌ في تلكَ العشيّةِ الّتي قُتِلَ أبي في صبيحتِها، وعندي عمّتي زينبُ تمرّضني، إِذِ اعتزلَ أبي في خباءٍ له وعندَه جُويْنٌ مولى أبي ذرٍّ الغفار وهويُعالجُ سيفَه ويُصلِحُه وأبي يقولُ:

يَادَهْرُ أُفٍّ لَكَ مِنْ خَلِيْلِ

كَمْ لكَ بالإشراقِ وَالأصِيْلِ

مِنْ صَاحِبٍ أوْ طَالِبِ قَتِيْلِ

وَالدَّهْرُ لا يَقْنَعُ بالْبَدِيْل

وانَّمَا الأمْرُ إِلى الجَلِيْلِ

وَكلُّ حَيٍّ سَالِكٌ سَبِيْلِيْ

 فأعادَها مرّتينِ أو ثلاثاً حتّى فهِمْتُها وعَرفْتُ ما أرادَ، فخنقَتْني العَبْرةُ فردَدْتُها ولزمتُ السُّكوتَ، وعلمتُ أنّ البلاءَ قد نزلَ، وأمّا عمّتي فإنهّا سَمِعَتْ ماسَمِعْتُ وهيَ امرأةٌ ومن شاْنِ النساءِ الرّقّةُ والجَزعُ، فلم تَملِكْ نفسَها أنْ وَثَبَتْ تجرُّثوبَها(٣) وأنّها لَحاسرة، حتّى انتهتْ إِليه فقالتْ: وا ثكْلاه! ليتَ الموتَ أعدمَني الحياةَ، اليومَ ماتْتْ أُمِّي فاطمةُ وأبي عليّ وأخي الحسنُ، يا خليفةَ الماضِي وثِمالَ الباقي. فنظرَ إِليها الحسينُعليه‌السلام فقالَ لها: يا أُخيَّةُ لا يذْهِبَنَ حلمَكِ الشّيطانُ، وتَرَقْرَقَتْ عيناه بالدُموعِ وقالَ: لو تُرِكَ القَطَا لَنامَ(٤) ؛ فقالتْ: يا ويلتاه!

__________________

(١) في هامش «ش»: من أصحابه.

(٢) المضرب: الفسطاط أو الخيمة «القاموس المحيط - ضرب ١: ٩٥».

(٣) في «م» وهامش «ش»: ذيولها.

(٤) يضرب مثلاًَ للرجل يُستثار فيُظْلَم. انُظر جمهرة الامثال للعسكري ٢: ١٩٤ / ١٥١٨.

٩٣

أفتُغتصبُ نفسُكَ اغتصاباً؟! فذاكَ أقْرَحُ لِقَلبي وأشدَّ على نفسي. ثمّ لطمتْ وجهَها وهَوَتْ إلى جيبِها فشقّتْه وخرتْ مغشيّاً عليها.

فقامَ إِليها الحسينُعليه‌السلام فصبّ على وجهها الماءَ وقالَ لها: يا أُختاه! اتّقي اللهَّ وتعَزَيْ بعزاءِ اللّهِ، واعْلمي أنّ أهَلَ الأرضِ يموتونَ وأهلَ السّماءِ لا يَبْقَوْنَ، وأنَّ كلَّ شيءٍ هالكٌ إلاّ وجهَ اللهِّ الّذي خلقَ ألخلقَ بقدرتهِ، ويبعثُ الخلقَ ويعودونَ، وهو فردٌ وحدَه، أبي خيرٌ منِّي، وأُمِّي خيرٌ منِّي، وأخي خيرٌ منِّي، ولي ولكلِّ مسلمٍ برسولِ اللّهِصلى‌الله‌عليه‌وآله أُسوةٌ. فعزّاها بهذا ونحوِه وقالَ لها: يا أُخيّةُ إِنِّي أقسمتُ فأبِرِّي قَسَمي، لا تَشُقِّي عليَّ جيبأً، ولا تَخْمشي(١) عليَّ وجهاً، ولا تَدْعِي عليٌ بالويلِ والثّبورِ إِذا أنا هلكتُ. ثمّ جاءَ بها حتّى أجلسَها عنديّ.

ثمّ خرجَ إِلى أصحابه فأمرَهم أَن يُقَرِّبَ بعضُهم بيوتَهم من بعضٍ، وأن يُدخِلوا الأطنابَ بعضها في بعضٍ، وأن يكونوا بينَ البيوتِ، فيستقبلونَ القومَ من وجهٍ واحدٍ والبيوتُ من ورائهم وعن أيْمانِهم وعن شمائِلهم قد حَفّتْ بهم إلاّ الوجهَ الّذي يأْتيهم منه عدوُّهم.

ورجعَعليه‌السلام إِلى مكانِه فقامَ الليلَ كلَّه يُصلّي ويستغفرُ ويدعو ويتضرّعُ، وقامَ أصحابُه كذلكَ يُصَلًّونَ ويدعونَ ويستغفرونَ »(٢) .

__________________

(١) خمش وجهه: خدشه ولطمه وضربه وقطع عضواً منه. «القاموس - خمش - ٢: ٢٧٣».

(٢) تاريخ الطبري ٥: ٤٢٠، ونقله العلامة المجلسي في البحار٤٥: ١، ٢.

٩٤

قالَ الضحّاكُ بنُ عبدِاللهِّ: ومرَّ بنا خيلٌ لابنِ سعدٍ يحرسُنا، وِانَّ حسيناً لَيقرأ:( وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِيْنَ كَفَرُوْا أنَّمَا نُمْليْ لَهُمْ خَيْرٌ لانفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْليْ لَهُمْ لِيَزْدَادُوْا إِثْمَاً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِين * مَا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِيْن عَلَى مَا أنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيْزَ الْخَبِيْثَ مِنَ الطَّيِّب ) (١) فسمعَها من تلكَ الخيلِ رجلٌ يُقالُ له عبداللهّ بن سُميرٍ(٢) ، وكانَ مَضحاكاً وكانَ شجاعاً بطلاًَ فارساً فاتكاً شريفاً فقالَ: نحن وربِّ الكعبةِ الطّيِّبونَ، مُيِّزْنا منكم. فقالَ له بَرِيرُ بنُ خُضيرٍ: يا فاسقُ أَنتَ يجعلُكَ اللهُّ منَ الطّيِّبينَ؟! فقالَ له: من أنتَ ويلَكَ؟ قال: أنا بَرِيرُ بنُ خُضَيْرِ، فتسابّا(٣) .

وأصبحَ الحسيُن بنُ عليّعليهما‌السلام فعبّأَ أصحابَه بعدَ صلاةِ الغداةِ، وكانَ معَه اثنان وثلاثونَ فارساً واربعونَ راجلاًَ، فجعلَ زُهيرَ بنَ القينِ في مَيْمَنةِ أصحابِه، وحبيبَ بنَ مُظاهِرٍ في مَيْسَرةِ أصحابه، وأعطى رايتَه العبّاسَ أخاه، وجعلوا البيوتَ في ظهورِهم، وأمرَ بحَطًبِ وقَصَبٍ كانَ من وراءِ البيوتِ أَن يُتركَ في خَنْدَقٍ كانَ قد حُفِرَ هناكَ وَأن يُحرَقَ بالنّارِ، مخافةَ أن يأتوهم من ورائهم.

وأصبحَ عمرُ بنُ سعدٍ في ذلكَ اليوم وهو يومُ الجمعةِ وقيلَ يومُ السّبتِ، فعبّأ أصحابَه وخرجَ فيمن معَه منً النّاسِ نحوَ الحسينِعليه‌السلام وكانَ على مَيْمَنَتهِ عَمرُو بنُ الحجّاجِ، وعلى مَيْسَرتَه شِمرُ بنُ ذي الجوشنِ، وعلى الخيلِ عُروةُ بنُ قَيْسٍ، وعلى الرّجّالةِ شَبَثُ بنُ رِبعيّ،

__________________

(١) ال عمران ٣: ١٧٨ - ١٧٩.

(٢) في «م» وهامش «ش»: سميرة.

(٣) تاريخ الطبري ٥: ٤٢١، مفصلاً نحوه، ونقله العلامة المجلسي في البحار٤٥: ٣.

٩٥

واعطى الرّايةَ دُرَيداً(١) مولاه.

فروِيَ عن عَليِّ بنِ الحسينِ زينِ العابدينَعليه‌السلام أنّه قالَ: «لمّا صبّحتِ الخيلُ الحسينَ رَفَعَ يديه وقالَ: اللّهَمّ أنتَ ثِقَتي في كلِّ كَرْبِ، ورجائي في كلِّ شدّةٍ(٢) وأنتَ لي في كلِّ أمر نزلَ بي ثقةٌ وعُدَّة، كمَ مِنْ هَمٍّ يَضْعُفُ فيه الفؤادُ، وتَقِلُّ فيه الحيلةُ، ويخذُلُ فيه الصّديقُ، ويَشمَتُ فيه العدوُّ، أنزلتُه بكَ وشكوتُه إِليكَ رغبةً منِّي إِليكَ عمَّن سواكَ، ففرَّجْتَه وكشفْتَه، وأنتَ وليُّ كلِّ نعمةٍ، وصاحبُ كلِّ حسنةٍ، ومُنتهَى كلِّ رغبةٍ»(٣) .

قالَ: وأقبلَ القومُ يَجولونَ حولَ بيوتِ الحسينِعليه‌السلام فيَروْنَ الخندقَ في ظهورِهم والنّار تَضْطَرِمُ في الحَطَب والقَصب الّذي كانَ أُلقِيَ فيه، فنادى شمرُ بنُ ذي الجوشنِ عليه الَلعنةُ بأعلَى صوته: يا حسينُ أتعجّلتَ النّارَ قبلَ يوم القيامةِ؟ فقالَ الحسينُعليه‌السلام : «مَنْ هذا؟ كأنّه شمرُ بنُ ذي الجَوشنِ » فقالوا له: نعم، فقالَ له: «يا ابنَ راعيةِ المِعْزَى، أنتَ أولى بها صلِيّاً».

ورَامَ مسلمُ بنُ عَوسَجَةَ أنِ يرميَه بسهمٍ فمنعَه الحسينُ من ذلكَ، فقالَ له: دعْني حتّى أرميَه فإنّ الفاسقَ من عظماءِ الجبّارينَ، وقد أمكنَ اللّهُ منه. فقالَ له الحسينُعليه‌السلام : «لا تَرْمِه، فإِنِّي أكرهُ أن أبدأهم ».

__________________

(١) في هامش «ش» و «م»نسختان: ١ / دُوَيداً، ٢ / ذوَيداً. وكذا في المصادر.

(٢) في هامش «ش»: شديدة.

(٣) تاريخ الطبري ٥: ٤٢٣، ونقله العلامة المجلسي في البحار٤٥: ٤.

٩٦

ثمّ دعا الحسينُ براحلتهِ فركبَها ونادى بأَعلى صوته: «يا أهلَ ألعراقِ » - وجُلّهم يسمعونَ - فقالَ: «أَيًّها النّاسُ اسمعَوا قَوْلي ولا تَعجَلوا حتّى أَعِظَكم بما يَحقُّ لكم عليّ وحتّى أعْذِرَ إِليكم، فإِن أعطيتموني النّصفَ كنتم بذلكَ أسعدَ، وان لم تُعْطُوني النّصفَ من أنفسِكم فأجمعوا رأيَكم ثمّ لا يَكنْ أمرُكم عليكم غُمّةً ثمّ اقضوا إِليَّ ولا تنظِرونَ، إِنَّ وَلِيّي اللّهُ الّذي نزّلَ الكتابَ وهو يتولّى الصّالحينَ ». ثم حَمدَ اللّهَ وأثنى عليه وذَكَرَ اللهَّ بما هو أهلُه، وصَلّى على النّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى ملائكةِ اللّهِ وأَنبيائه، فلم يُسْمَعْ متكلِّمٌ قطُّ قبلَه ولا بعدَه أبلغ في منطقٍ منه، ثمّ قالَ:

«أمّا بعدُ: فانسبوني فانظروا مَن أنا، ثمّ ارجِعوا إِلى أنفسِكم وعاتِبوها، فانظروا هل يَصلُح لكم قتلي وانتهاكُ حرمتي؟ ألست ابنَ بنتِ نبيِّكم، وابنَ وصيِّه وابن عمِّه وأَوّل المؤمنينَ المصدِّقِ لرسولِ اللّهِ بما جاءَ به من عندِ ربِّه، أَوَليسَ حمزةً سيدُ الشُهداءِ عمِّي، أَوَليسَ جعفر الطّيّارُ في الجنّةِ بجناحَيْنِ عَمِّي، أوَلم يَبْلُغْكم(١) ما قالَ رسولُ اللهِ لي ولأخي: هذان سيِّدا شبابِ أهلِ الجنّةِ؟! فان صدَّقتموني بما أقولُ وهو الحقُّ، واللّهِ ما تعمّدْتُ كذِباً منذُ عَلِمْتُ أنّ اللهَّ يمقُتُ عليه أهلَهُ، وإِن كذّبتموني فإِنّ فيكم (مَنْ لو )(٢) سأَلتموه عن ذلكَ أخْبَركم، سَلوُا جابرَ بنَ عبدِاللّهِ الأَنصاريّ وأبا سعيدٍ الخُدْريّ وسَهْلَ بن سعدٍ الساعديّ وزيدَ بنَ أرقَمَ وأنسَ بنَ مالكٍ، يُخْبروكم أنّهم سمعوا هذه المقالةَ من رسولِ اللهِّصلى‌الله‌عليه‌وآله لي

__________________

(١) في هامش «ش» اوما بلغكم.

(٢) في «م» وهامش «ش»: مَن إن.

٩٧

ولأخي، أمَا في هذا ( حاجز لكم )(١) عن سَفْكِ دمي؟! ».

فقالَ له شمرُ بنُ ذي الجوشن: هو يَعْبدُ اللّهَ على حَرْفٍ إِن كانَ يدري (ما تقولُ )(٢) فقالَ له حبيبُ بنُ مُظاهِرٍ: واللّهِ إِنِّي لأراكَ تَعْبُدُ اللّهَ على سبعينَ حرفاً، وأنا أشهدُ أنّكَ صادقٌ ما تدري ما يقول، قد طبَعَ اللّهُ على قلبِكَ.

ثمّ قالَ لهم الحسينُعليه‌السلام : «فإِن كنتم في شكٍّ من هدْا، أفتشكّونَ أَنِّي ابن بنتِ نبيِّكمْ! فواللّهِ ما بينَ المشرقِ والمغرب ابن بنتِ نبيٍّ غيري فيكم ولا في غيرِكم، ويحكم أتَطلبوني بقتيلِ منكم قَتلتُه، أومالٍ لكم استهلكتُه، أو بقِصاصِ جراحةٍ؟!» فأخَذوا لا يُكلِّمونَه، فنادى: «يا شَبَثَ بنَ ربْعيّ، يا حَجّارَ بنَ أَبجرَ، يا قيسَ بنَ الأشْعَثِ، يا يزيدَ بن الحارثِ، ألم تكتبوا إِليّ أنْ قد أيْنَعَتِ الثِّمارُ واخضَرَّ الجَنابُ، وانمّا تَقدمُ على جُندٍ لكَ مُجَنَّدٍ؟!» فقالَ له قيسُ بنُ الأَشعثِ: ما ندري ما تقولُ، ولكنِ انْزِلْ على حُكمِ بني عمِّكَ، فإِنّهم لن يُرُوْكَ إلا ما تُحِبُّ. فقالَ له الحسينُ «لا واللهِّ لا أُعطيكم بيدي إعطاءَ الذّليل، ولا أَفِرُّ فِرارَ العبيدِ(٣) ». ثمّ نادى: «يا عبادَ اللهِ، إِنِّي عُذْتُ بربِّي وربِّكم أن ترجمون، أعوذُ بربِّي وربِّكم من كلِّ مُتكبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بيومِ الحسابِ ».

ثمّ إنّه أناخَ راحلتَه وأمرَ عُقبةَ بنَ سَمْعانَ فعقلَها، وأَقبلوا

__________________

(١) في «م» وهامش «ش»: حاجز يحجزكم.

(٢) هكذا في النسخ الخطية، لكن الصحيح: ما يقول، وهوموافق لنقل الطبري والكامل.

(٣) في «م»: العبد، وفي «ش»: مشوشة، وهي تحتمل الوجهين، وفي نسخة العلامة المجلسي: العبيد.

٩٨

يزحفونَ نحوَه، فلمّا رأى الحرُّ بنُ يزيدَ أَنّ القومَ قد صمَّمُوا على قتالِ الحسينِعليه‌السلام قالَ لعمر بن سعدٍ: أيْ عُمَر(١) ، أمُقاتِلٌ أنتَ هذا الرّجلَ؟ قالَ: إِيْ واللّهِ قتالاً أيْسَرُه أَن تَسقطَ الرُّؤوسُ وتَطيحَ الأَيدي، قالَ: أفما لكم فيما عرضه عليكم رضىً؟ قالَ عمر: أما لو كانَ الأمرُ إِليَّ لَفعلتُ، ولكنَّ أميرَكَ قد أبى.

فأقبلَ الحرُّحتّى وقفَ منَ النّاسِ موقفاً، ومعَه رجلٌ من قومِه يُقالُ له: قُرّةُ بنُ قَيْسٍ، فقالَ: يا قُرّةُ هل سقيتَ فرسَكَ اليومَ؟ قالَ: لا، قالَ: فما تُريدُ أن تَسقِيَه؟ قالَ قُرّةُ: فظننتُ واللّهِ أنّه يُريد أَن يَتنحّى فلا يشهدَ القتالَ، ويكرهُ(٢) أن أَراه حينَ يَصنعُ ذلكَ، فقلتُ له: لم أسقِه وأَنا منطلق فأسقيه، فاعتزلَ ذلكَ المكان الّذي كانَ فيه، فواللّهِ لوأَنّه أطْلَعَني على الّذي يُريدُ لخرجتُ معَه إِلى الحسينِ بنِ عليٍّعليه‌السلام ؛ فأخذَ يَدنو منَ الحسينِ قليلاً قليلاً، فقالَ له المهاجرُ بنُ أوسٍ: ما تُريدُ يا ابنَ يزيدَ، أتريدُ أن تَحملَ؟ فلم يُجبْه وأخَذَهُ مثلُ الأفْكَلِ - وهي الرِّعدةُ - فقالَ له المهاجرُ: إِنّ أمْرَكَ لَمُريبٌ، واللهِّ ما رأيتُ منكَ في موقفٍ قطُّ مثلَ هذا، ولو قيلَ لي: مَنْ أشجعُ أَهلِ الكوفِة ما عَدَوْتُكَ، فما هذا الّذي أرى منكَ؟! فقالَ له الحرُّ: إِنِّي واللّه أُخيِّرُ نفسي بينَ الجنَّةِ والنّارِ، فواللّهِ لا أختارُ على الجنّةِ شيئاً ولو قُطًّعْتُ وحُرِّقْت.

ثمّ ضربَ فرسَه فلحِقَ بالحسينِعليه‌السلام فقالَ له: جُعِلْتُ فِداكَ - يا ابنَ رسولِ اللهِّ - أَنا صاحبُكَ الّذي حبستُكَ عنِ

__________________

(١) في هامش «ش»: يا عمر.

(٢) في «م» وهامش «ش»: فَكَرِه.

٩٩

الرُّجوع، وسايرْتُكَ في الطَريقِ، وجَعْجَعْتُ بكَ في هذا المكانِ، وما ظننتُ انَّ القومَ يَرُدُّونَ عليكَ ماعَرَضْتَه عليهم، ولايَبلُغونَ منكَ هذه المنزلَة، واللهِّ لو علمتُ أنّهم يَنتهونَ بكَ إِلى ما أرى ما رَكِبْتُ منكَ الّذي رَكِبْتُ، وِانِّي تائبٌ إِلى اللهِ تعالى ممّا صنعتُ، فترى لي من ذلكَ توبةً؟ فقالَ له الحسينُعليه‌السلام : «نَعَمْ، يتوبُ اللّهُ عليكَ فانزِلْ » قالَ: فأنا لكَ فارساً خيرٌ منِّي راجلاً، أقُاتِلهُم على فرسي ساعةً، والى النُّزول ما يَصيرُ اخرُ أمري. فقالَ له الحسينُعليه‌السلام : «فاصنعْ - يَرحمَكَ اللهُّ - ما بدا لكَ ».

فاستقدمَ أمامَ الحسينِعليه‌السلام ثمّ أنشأ رجلٌ من أصحاب الحسينِعليه‌السلام يقولُ:

لَنِعْمََ الْحُرُّ حُرّ بَنِيْ رِيَاح

وَحُرّ عِنْد َمُخْتَلَفِ الرِّمَاحِ

وَنِعْمَ الْحُرُّ إِذْ نَادَى حُسَينٌ

وَجَادَ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الصَّبَاحِ

 ثمّ قالَ(١) : يا أهلَ الكوفةِ، لأمِّكم الهَبَلُ والعَبَرُ، أدَعَوْتُم هذا العبدَ الصّالحَ حتّى إِذا أتاكم أسلمتموه، وزعمتُم أنّكم قاتلو أنفسِكم دونَه ثمّ عَدَوْتُم عليه لِتقتلوه، أمسكتم بنفسِه وأخذتم بكظمِه(٢) ، وأحَطْتم به من كلِّ جانبِ لتِمنعوه التّوجُّهَ في بلادِ اللّهِ العريضةِ، فصارَ كالأسير في أَيديكم لاَ يَملكُ لِنفسِه نفعاً ولا يَدفعُ عنها ضَرّاً(٣) ، وحَلأتمُوه(٤) ونساءه وصِبْيتَه وأهله عن ماءِ الفراتِ

__________________

(١) اي الحر عليه الرحمة.

(٢) يقال: اخذت بكظمه أي بمخرج نفسه «الصحاح - كظم - ٥: ٢٠٢٣».

(٣) في «م» وهامش «ش»: ضرراً.

(٤) حلأه عن الماء: طرده ولم يدعه يشرب «الصحاح - حلأ - ١:٤٥».

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

هذا، إنَّ الله عزَّ وجلَّ يقول:( ولاتنابزوا بالألقاب ) (١) ولعلّ الرجل يكره هذا.

[ ٢٧٤٠٨ ] ٢ - أحمد بن عليِّ بن أبي طالب الطبرسيُّ في( الاحتجاج) : عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لا خير في اللّقب، إنّ الله يقول في كتابه:( ولا تنابزوا بالالقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإِيمان ) (٢) .

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك في العشرة(٣) .

٣١ - باب استحباب إطعام الناس عند ولادة المولود ثلاثة أيام

[ ٢٧٤٠٩ ] ١ - أحمد بن أبي عبدالله في( المحاسن) : عن عليِّ بن حديد، عن منصور بن يونس، وداود بن رزين، عن منهال القصّاب قال: خرجت من مكّة وأنا أُريد المدينة، فمررت بالابواء وقد ولد لابي عبدالله( عليه‌السلام ) موسى( عليه‌السلام ) ، فسبقته إلى المدينة ودخل بعدي بيوم، فأطعم الناس ثلاثاً فكنت آكل فيمن يأكل، فما آكل شيئاً إلى الغد حتّى أعود(٤) ، فمكثت بذلك ثلاثاً أطعم حتّى أترفق(٥) ثمَّ لا أُطعم شيئاً إلى الغد.

أقول: ويأتي ما يدلُّ على ذلك في الأطعمة(٦) .

____________________

(١) الحجرات ٤٩ / ١١.

٢ - الاحتجاج: ٣٥٢.

(٢) الحجرات ٤٩: ١١.

(٣) تقدم في الباب ١٤٥ من أبواب أحكام العشرة.

الباب ٣١

فيه حديث واحد

١ - المحاسن: ٤١٨ / ١٨٧.

(٤) في المصدر زيادة: فآكل.

(٥) في المصدر: أرتفق، وارتفق: امتلأ، والمرتفق: الممتلئ، « لسان العرب ١٠ / ١٢١ ».

(٦) يأتي في الباب ٣٣ من أبواب آداب المائدة.

٤٠١

٣٢ - باب استحباب أكل الحامل السفرجل، وكذا الأب ّ حين الحمل

[ ٢٧٤١٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن عثمان بن عبد الرحمن، عن( شرحبيل) (١) بن مسلم، أنّه قال في المرأة الحامل: تأكل السفرجل فإنَّ الولد يكون أطيب ريحاً وأصفى لوناً.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(٢) .

[ ٢٧٤١١ ] ٢ - وعنه، عن عليِّ بن الحسن التيمليّ، عن الحسين بن هاشم، عن أبي أيّوب الخرّاز(٣) ، عن محمّد بن مسلم قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) ونظر إلى غلام جميل: ينبغي أن يكون أبو هذا الغلام أكل السفرجل.

٣٣ - باب استحباب أكل النفساء أوّل نفاسها الرطب وإلّا فسبع تمرات من تمر المدينة، وإلّا فمن تمر الامصار، وأفضله البرّني والصرفإن

[ ٢٧٤١٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن

____________________

الباب ٣٢

فيه حديثان

١ - الكافي ٦: ٢٢ / ١.

(١) في نسخة: شرجيل « هامش المخطوط ».

(٢) التهذيب ٧: ٤٣٩ / ١٧٥٥.

٢ - الكافي ٦: ٢٢ / ٢، وأورده عن المحاسن في الحديث ١٢ من الباب ٩٣ من أبواب الاطعمة المباحة.

(٣) في المصدر: الخزاز.

يأتي ما يدل على ذلك في الباب ٩٣ من أبواب الاطعمة المباحة.

الباب ٣٣

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٢٢ / ٤، والمحاسن: ٥٣٥ / ٨٠٣.

٤٠٢

محمّد بن خالد، عن عدّة من أصحابه، عن عليّ بن أسباط، عن عمّه يعقوب بن سالم، رفعه إلى أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : ليكن أوّل ما تأكله النفساء الرطب، فإنَّ الله قال لمريم:( وهزّي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنيّاً ) (١) قيل: يا رسول الله، فإن لم تكن أيّام(٢) الرطب قال: سبع تمرات من تمر المدينة، فإن لم يكن فسبع تمرات من تمر أمصاركم، فإنَّ الله عزّ وجلّ يقول: وعزَّتي وجلالي وعظمتي وارتفاع مكاني لا تأكل نفساء يوم تلد الرطب فيكون غلاماً( إلّا كان) (٣) حليماً(٤) وإن كانت جارية كانت حليمة(٥) .

[ ٢٧٤١٣ ] ٢ - وعنهم، عن أحمد، عن محمّد بن علي، عن أبي سعيد الشاميِّ، عن صالح بن عقبة قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: أطعموا البرّني نساءكم في نفاسهنّ تحلم أولادكم.

[ ٢٧٤١٤ ] ٣ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عبد العزيز بن حسان، عن زرارة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : خير تموركم البرّني فأطمعوا نساءكم في نفاسهنَّ تخرج أولادكم حلماء(٦) .

أحمد ابن أبي عبدالله البرّقي في( المحاسن) عن عدّة من أصحابه، وذكر

____________________

(١) مريم ١٩: ٢٥.

(٢) في نسخة: أبان. « هامش المخطوط ».

(٣) في نسخة: إلّا كان الولد زكيّاً « هامش المخطوط ».

(٤) في نسخة: حكيماً « هامش المخطوط ».

(٥) في نسخة: حكيمة « هامش المخطوط ».

٢ - الكافي ٦: ٢٢ / ٥، والمحاسن: ٥٣٤ / ٨٠٠.

٣ - الكافي ٦: ٢٢ / ٣.

(٦) في نسخة: حكماء « هامش المخطوط ».

٤٠٣

الحديث الأوَّل.

وعن محمّد بن عبداًلله، عن أبي سعيد، وذكر الثاني.

وعن محمّد بن عليّ وذكر الثالث(١) .

ورواه أيضاً مرسلاً(٢) .

[ ٢٧٤١٥ ] ٤ - وعن عدّة من أصحابه، عن عليَّ بن أسباط، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لو كان من الطعام أطيب من الرطب لاطعمه الله مريم.

[ ٢٧٤١٦ ] ٥ - وعن أبي القاسم، ويعقوب بن يزيد، عن القندي، عن ابن سنان عن أبي البختريِّ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: ما استشفت نفساء بمثل الرطب، لأنَّ الله أطعم مريم رطباً جنيّاً في نفاسها.

ورواه الطبرسي في( مجمع البيان) عن الباقر( عليه‌السلام ) ، مثله(٣) .

[ ٢٧٤١٧ ] ٦ - وعن أبيه، وبكر بن صالح جميعاً، عن سليمان الجعفريِّ قال: قال أبو الحسن الرضا( عليه‌السلام ) تدري من ما حملت مريم؟ فقلت: لا، إلّا أن تخبرّني، فقال: من تمر الصرفان، نزل بها جبرّئيل فأطعمها فحملت.

____________________

(١) لم نعثر عليه في المحاسن المطبوع.

(٢) المحاسن: ٥٣٤ / ذيل حديث ٨٠٠.

٤ - المحاسن: ٥٣٥ / ٨٠١.

٥ - المحاسن: ٥٣٥ / ٨٠٢.

(٣) مجمع البيان ٦: ٥١١.

٦ - المحاسن: ٥٣٧ / ٨١١.

٤٠٤

٣٤ - باب استحباب اطعام الحبلى اللبان

[ ٢٧٤١٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن قبيصة، عن عبدالله النيسابوريّ، عن هارون بن موسى، عن أبي مسلم، عن أبي العلاء الشاميِّ، عن سفيان الثوريِّ، عن أبي زياد، عن الحسن بن عليّ( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : أطعموا حبالاكم اللبان، فإنَّ الصبيَّ إذا غذي في بطن أُمّه باللبان اشتدّ قلبه وزيد عقله، فإن يك ذكراً كان شجاعاً، وإن ولدت أُنثى عظمت عجيزتها فتحظى عند زوّجها.

[ ٢٧٤١٩ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن علي، عن محمّد بن سنان، عن الرضا( عليه‌السلام ) قال: أطعموا حبالاكم ذكر اللبان، فإن يكن في بطنها غلام خرج ذكي القلب عالماً شجاعاً، وإن تكن جارية حسن خلقها وخلقتها وعظمت عجيزتها وحظيت عند زوّجها.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(١) .

٣٥ - باب استحباب الأذان في أذن المولود اليمنى بأذان الصلاة، والاقامة في اليسرى قبل قطع سرّته، أو الإِقامة في اليمنى وما يقطر في أنفه

[ ٢٧٤٢٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن

____________________

الباب ٣٤

فيه حديثان

١ - الكافي ٦: ٢٣ / ٦.

٢ - الكافي ٦: ٢٣ / ٧.

(١) التهذيب ٧: ٤٤٠ / ١٧٥٨.

الباب ٣٥

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٢٤ / ٦، والتهذيب ٧: ٤٣٧ / ١٧٤٢.

٤٠٥

النوفليّ، عن السكونيِّ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من ولد له مولود فليؤذِّن في أُذنه اليمنى بأذان الصلاة، وليقم في أُذنه اليسرى، فأنّها عصمة من الشيطان الرجيم.

[ ٢٧٤٢١ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن أبي اسماعيل الصيقل، عن أبي يحيى الرازيِّ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إذا ولد لكم المولود، أيّ شيء تصنعون به؟ قلت: لا أدري ما يصنع به؟ قال: خذ عدسة جاوشير فذيفه(١) بماء ثمَّ قطّر في أنفه في المنخر الايمن قطرتين، وفي الايسر قطرة، وأذن في أذنه اليمنى، وأقم في اليسرى، يفعل ذلك به(٢) قبل أن تقطع سرّته، فإنّه لايفزع أبداً ولا تصيبه أُمّ الصبيان.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٣) ، وكذا الّذي قبله.

[ ٢٧٤٢٢ ] ٣ - وعن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن أبان، عن حفص الكناسيّ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: مروا القابلة أو بعض من يليه أن يقيم الصلاة في أُذنه اليمنى فلا يصيبه لمم ولا تابعة أبداً.

أقول: ويأتي مايدلُّ على بعض المقصود(٤) .

____________________

٢ - الكافي ٦: ٢٣ / ١.

(١) في المصدر: فديفه.

(٢) في المصدر: تفعل به ذلك.

(٣) التهذيب ٧: ٤٣٦ / ١٧٣٨.

٣ - الكافي ٦: ٢٣ / ٢.

(٤) يأتي في الباب ٣٦ من هذه الأبواب، وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الحديث ٢ من الباب ٤٦ من أبواب الاذان وفي الحديث ١٠ من الباب ٦٤ من أبواب مقدّمات النكاح.

٤٠٦

٣٦ - باب استحباب تحنيك المولود بالتمر وماء الفرات وتربة قبر الحسين ( عليه‌السلام ) وإلّا فبماء السماء، وجملة من أحكام الأوّلاد

[ ٢٧٤٢٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدِّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : حنّكوا أولادكم بالتمر، فكذا فعل رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) بالحسن والحسين (عليهما‌السلام )

[ ٢٧٤٢٤ ] ٢ - وعن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن بعض أصحابه، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: يحنك المولود بماء الفرات، ويقام في أُذنه.

[ ٢٧٤٢٥ ] ٣ - وقال الكلينيّ: وفي رواية أخرى: حنّكوا أولادكم بماء الفرات وبتربة قبرّ الحسين( عليه‌السلام ) ، فإن لم يكن فبماء السماء.

ورواه الطبرّسي في( مكارم الأخلاق) نقلاً من كتاب( نوادر الحكمة) مرسلاً (١) ، وكذا الأوّل.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٢) ، وكذا كلّ ما قبله.

[ ٢٧٤٢٦ ] ٤ - محمّد بن عليّ بن الحسين في( عيون الأخبار) : عن تميم بن

____________________

الباب ٣٦

فيه ١٧ حديثاً

١ - الكافي ٦: ٢٤ / ٥، والتهذيب ٧: ٤٣٦ / ١٧٤١، ومكارم الاخلاق: ٢٢٩، والخصال: ٦٣٧.

٢ - الكافي ٦: ٢٤ / ٣، والتهذيب ٧: ٤٣٦ / ١٧٣٩.

٣ - الكافي ٦: ٢٤ / ٤.

(١) مكارم الاخلاق: ٢٢٩.

(٢) التهذيب ٧: ٤٣٦ / ١٧٤٠.

٤ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ١: ٢٠ / ٢، باختلاف.

٤٠٧

عبدالله بن تميم، عن أبيه، عن أحمد بن عليِّ الأنصاريّ، عن عليِّ بن ميثم، عن أبيه قال: سمعت أُمّي تقول: سمعت نجمة أُمّ الرضا( عليه‌السلام ) تقول - في حديث -: لـمّا وضعت ابني عليّاً دخل إليَّ أبوه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) فناولته إيّاه في خرقة بيضاء، فأذّن في أُذنه اليمنى، وأقام في اليسرى، ودعا بماء الفرات فحنكه به، ثمّ رده إلي فقال: خذيه فإنه بقية الله في أرضه.

[ ٢٧٤٢٧ ] ٥ - وبالأسانيد السابقة في إسباغ الوضوء(١) ، عن الرضا، عن آبائه، عن عليِّ بن الحسين( عليهم‌السلام ) ، عن أسماء بنت عميس، عن فاطمة (عليهما‌السلام ) قالت: لـمّا حملت بالحسن( عليه‌السلام ) وولدته جاء النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فقال: يا أسماء، هلمّي ابني، فدفعته إليه في خرقة صفراء فرمى بها النبيُّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) وأذّن في أُذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى - إلى أن قال: - فسمّاه الحسن، فلما كان يوم سابعه عقّ عنه النبيُّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) بكبشين أملحين، وأعطى القابلة فخذاً وديناراً، وحلق رأسه، وتصدّق بوزن الشعر ورقاً، وطلى رأسه بالخلوق، وقال: يا أسماء، الدم فعل الجاهليّة، قالت أسماء: فلمّا كان بعد حول ولد الحسين( عليه‌السلام ) جاءني وقال: يا أسماء هلمّي بابني فدفعته إليه في خرقة بيضاء، فأذّن في أُذنه اليمنى، وأقام في اليسرى، ووضعه في حجره - إلى أن قالت: - فقال جبرئيل: سمّه: الحسين، فلمّا كان يوم سابعه عقّ عنه النبيُّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) بكبشين أملحين، وأعطى القابلة فخذاً وديناراً، ثمّ حلق رأسه وتصدَّق بوزن الشعر ورقاً، وطلى رأسه بالخلوق، وقال: يا أسماء، الدم فعل الجاهليّة.

[ ٢٧٤٢٨ ] ٦ - وعنه، عن آبائه، عن عليّ( عليه‌السلام ) ، أنّه سمّى

____________________

٥ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٢٥ / ٥، وصحيفة الرضا (عليه‌السلام ) : ٢٤٠ / ١٤٦.

(١) تقدم في الحديث ٤ من الباب ٥٤ من أبواب الوضوء.

٦ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٤٢ / ١٤٥، وصحيفة الرضا (عليه‌السلام ) : ٢٥٠ / ١٧٠.

٤٠٨

الحسن يوم السابع، واشتقّ من اسم الحسن الحسين، ولم يكن بينهما إلّا الحمل.

[ ٢٧٤٢٩ ] ٧ - وعنه، عن آبائه أنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أذّن في أُذن( الحسين) (١) بالصلاة يوم ولد.

[ ٢٧٤٣٠ ] ٨ - وعنه، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد، أنّ فاطمة عقّت عن الحسن والحسين وأعطت القابلة رجل شاة وديناراً.

[ ٢٧٤٣١ ] ٩ - وبإسناده عن الفضل بن شاذان عن الرضا( عليه‌السلام ) - في كتابه إلى المأمون - قال: والعقيقة عن المولود الذكر والأُنثى واجبة، وكذلك تسميته وحلق رأسه يوم السابع، ويتصدّق بوزن شعره ذهباً أو فضّة.

[ ٢٧٤٣٢ ] ١٠ - وفي( العلل) وفي( معاني الاخبار) : عن أحمد بن الحسن القطّان، عن الحسن بن عليِّ السكريِّ، عن محمّد بن زكريّا الجوهريِّ، عن العبّاس بن بكّار، عن عباد بن كثير وأبي بكر الهذليِّ، عن أبي الزبير، عن جابرّ قال: لما حملت فاطمة بالحسن فولدت وكان النبيُّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أمرهم أن يلفّوه في خرقة بيضاء، فلفّوه في صفراء وقالت فاطمة: يا عليُّ سمّه، فقال: ما كنت لاسبق باسمه رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، وجاء النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فأخذه وقبّله وأدخل لسانه في فيه، فجعل الحسن( عليه‌السلام ) يمصّه ثمّ قال لهم رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : ألم أتقدّم إليكم أن تلفّوه في خرقة بيضاء، فدعا بخرقة بيضاء فلفّه فيها ورمى بالصفراء، وأذّن في أُذنه اليمنى وأقام في اليسرى - إلى أن قال: - وسمّاه الحسن، فلمّا ولدت

____________________

٧ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٤٣ / ١٤٧، وصحيفة الرضا (عليه‌السلام ) : ٢٧٢ / ١١.

(١) في المصدر: الحسن (عليه‌السلام )

٨ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٤٦ / ١٧٠.

٩ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ١٢٥.

١٠ - علل الشرائع: ١٣٨ / ٧، ومعاني الاخبار: ٥٧ / ٦.

٤٠٩

الحسين جاء النبيُّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ففعل به كما فعل بالحسن - إلى أن قال: - فسمّاه الحسين.

[ ٢٧٤٣٣ ] ١١ - قال الصدوق: وفي الحديث: كلّ مولود مرتهن بعقيقته.

[ ٢٧٤٣٤ ] ١٢ - وفي( العلل) عن الحسن بن محمّد بن يحيى العلويِّ، عن جدِّه، عن أحمد بن صالح التميميِّ، عن عبدالله بن عيسى، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه قال: أهدى جبرّئيل( عليه‌السلام ) إلى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) اسم الحسن بن عليّ وخرقة( من حرير) (١) الجنّة، واشتق اسم الحسين من اسم الحسن.

[ ٢٧٤٣٥ ] ١٣ - وفي( العلل) وفي( الأمالي) بالإِسناد السابق وغيره، عن العبّاس بن بكّار، عن حرب بن ميمون، عن أبي حمزة الثماليّ، عن زيد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين( عليه‌السلام ) ، أنّ فاطمة لـمّا ولدت الحسين( عليه‌السلام ) جاء( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فأُخرج إليه في خرقة صفراء فقال: ألم أنهكم أن تلفّوه في خرقه صفراء، ثمّ رمى بها وأخذ خرقة بيضاء فلفه فيها - إلى أن قال: - فسمّاه: الحسن، الحديث.

[ ٢٧٤٣٦ ] ١٤ - وفي( الخصال) : بإسناده عن الاعمش، عن جعفر بن محمّد( عليه‌السلام ) - في حديث شرائع الدين - قال: والعقيقة للولد الذكر والأَنثى يوم السابع، ويسمّى الولد يوم السابع، ويحلق رأسه ويتصدّق بوزن شعره ذهباً أو فضّة.

[ ٢٧٤٣٧ ] ١٥ - الحسن بن محمّد الطوسُّي في( الأمالي) : عن أبيه، عن

____________________

١١ - معاني الأخبار: ٨٤، وأورده في الحديث ٢ من الباب ٣٩ من هذه الأبواب.

١٢ - علل الشرائع: ١٣٩ / ٩.

(١) في المصدر: حرير من ثياب.

١٣ - علل الشرائع: ١٣٧ / ٥، وأمالي الصدوق: ١١٦ / ٣.

١٤ - الخصال: ٦٠٨ / ٩.

١٥ - أمالي الطوسي ١: ٣٧٧.

٤١٠

الحفّار، عن إسماعيل بن عليِّ الدعبليّ، عن عليِّ بن عليّ أخي دعبل، عن الرضا، عن آبائه (عليهما‌السلام ) ، عن أسماء بنت عميس قالت: لـمّا ولدت فاطمة الحسن جاء النبيُّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فقال: يا أسماء، هاتي ابني، فدفعته إليه في خرقة صفراء فرمى بها، وقال: ألم أعهد إليكم أن لا تلفّوا المولود في خرقة صفراء، ودعا بخرقة بيضاء فلفه فيها، ثمّ أذّن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى - ثمّ ذكرت في الحسين مثل ذلك، إلى أن قالت: - فلمّا كان يوم سابعه جاءني النبيُّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فقال: هلمّي إليّ بابني، ففعل به كما فعل بالحسن، وعقَّ عنه كما عقّ عن الحسن كبشاً أملح، وأعطى القابلة رجلاً، وحلق رأسه وتصدّق بوزن الشعر ورقاً، وطلى رأسه بالخلوق، قال: إنَّ الدم من فعل الجاهليّة، الحديث.

[ ٢٧٤٣٨ ] ١٦ - عليُّ بن جعفر في كتابه عن أخيه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن العقيقة عن الغلام والجارية، ما هي؟ قال: سواء كبش كبش، ويحلق رأسه في السابع ويتصدّق بوزنه ذهباً أو فضّة، فإن لم يُجِد رفع الشعر أو عرف وزنه فإذا أيسر تصدّق بوزنه.

ورواه الحميريُّ في( قرب الإِسناد) عن عبدالله بن الحسن، عن جدِّه عليِّ بن جعفر، مثله (١) .

[ ٢٧٤٣٩ ] ١٧ - الحسن الطبرسيُّ في( مكارم الأخلاق) قال: قال( عليه‌السلام ) : سبع خصال في الصبيِّ إذا ولد من السنّة: أُولاهنّ: يسمّى، والثانية: يحلق رأسه، والثالثة: يتصدَّق بوزن شعره ورقاً أو ذهباً إن قدر عليه، والرابعة: يعقّ عنه، والخامسة: يلطخ رأسه بالزعفران، والسادسة: يطهّر بالختان، والسابعة: يطعم الجيران من عقيقته.

____________________

١٦ - مسائل علي بن جعفر ١٥٥ / ٢١٧، وأورد صدره عن قرب الإِسناد في الحديث ٥ من الباب ٤٢ من هذه الأبواب.

(١) قرب الإِسناد: ١٢٢.

١٧ - مكارم الأخلاق: ٢٢٨.

٤١١

أقول: وتقدَّم ما يدلّ على بعض المقصود في الزيارات(١) ، ويأتي ما يدلُّ عليه في الأشربة(٢) .

٣٧ - باب استحباب السؤال عن استواء خلقة المولود وحمد الله عليها

[ ٢٧٤٤٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن بعض أصحابنا، عن محمّد بن سنان، عمّن حدّثه قال: كان عليُّ بن الحسين( عليه‌السلام ) إذا بشّر بولد لم يسأل أذكر هو أم أُنثى حتّى يقول: أسويٌّ؟ فإذا كان سويّاً قال: الحمد لله الّذي لم يخلق منّي خلقاً مشوّهاً.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٤) .

٣٨ - باب العقيقة عن المولود

[ ٢٧٤٤١ ] ١ - محمّد بن عليِّ بن الحسين بإسناده عن عمر بن يزيد، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سمعته يقول: كلّ امرئ مرتهن يوم القيامة بعقيقته، والعقيقة أوجب من الأُضحيّة.

ورواه الكلينيُّ عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبدالله بن القاسم، عن عبدالله بن سنان، عن عمر بن يزيد، مثله(٥) .

____________________

(١) تقدم في الحديث ٢ من الباب ٣٤ من أبواب المزار.

(٢) يأتي في الحديثين ١ و ٥ من الباب ٢٣ من أبواب الاشربة المباحة.

الباب ٣٧

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٦: ٢١ / ١.

(٣) التهذيب ٧: ٤٣٩ / ١٧٥٤.

الباب ٣٨

فيه ٧ أحاديث

١ - الفقيه ٣: ٣١٢ / ١٥١٣، والتهذيب ٧: ٤٤١ / ١٧٦٣، وأورد صدره في الحديث ١ من الباب ٣٩ من هذه الأبواب.

(٤) الكافي ٦: ٢٥ / ٣.

٤١٢

[ ٢٧٤٤٢ ] ٢ - وبإسناده عن أبي خديجة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كلّ انسان مرتهن بالفطرة، وكلّ مولود مرتهن بالعقيقة.

[ ٢٧٤٤٣ ] ٣ - محمّد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي المغرا، عن عليّ(١) ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: العقيقة واجبة.

[ ٢٧٤٤٤ ] ٤ - وعنه، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن العقيقة أواجبة هي؟ قال: نعم واجبة(٢) .

[ ٢٧٤٤٥ ] ٥ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن العبد الصالح( عليه‌السلام ) قال: العقيقة واجبة إذا ولد للرجل ولد، فإن أحبّ أن يسميّه من يومه فعل.

ورواه الصدوق بإسناده عن عليّ بن الحكم، مثله(٣) .

[ ٢٧٤٤٦ ] ٦ - وعنه، عن أحمد، وعن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد جميعاً، عن الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كل مولود مرتهن بالعقيقة.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٤) ، وكذا كلّ ما قبله.

____________________

٢ - الفقيه ٣: ٣١٢ / ١٥١٤.

٣ - الكافي ٦: ٢٥ / ٧، والتهذيب ٧: ٤٤١ / ١٧٦١.

(١) الظاهر أنه ابن رئاب « هامش المخطوط ».

٤ - الكافي ٦: ٢٥ / ٥، والتهذيب ٧: ٤٤٠ / ١٧٦٠.

(٢) الظاهر أن الكليني قائل بالوجوب لانه قال في العنوان: باب العقيقة ووجوبها ولكن لفظ الوجوب قد استعمل في الاحاديث وفي كلام المتقدمين بمعنى الاستحباب المؤكد كما عرفت في العبادات وايراده لحديث عمر بن يزيد قرينة على ذلك فتدبر. « منه قدّه ».

٥ - الكافي ٦: ٢٤ / ١، والتهذيب ٧: ٤٤٠ / ١٧٥٩.

(٣) الفقيه ٣: ٣١٢ / ١٥١٦.

٦ - الكافي ٦: ٢٤ / ٢.

(٤) التهذيب ٧: ٤٤١ / ١٧٦٢.

٤١٣

[ ٢٧٤٤٧ ] ٧ - وعنه، عن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدق عن عمّار، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كل مولود مرتهن بعقيقته.

أقول: وتقدّم ما يدلُّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٢) .

٣٩ - باب أنّه يستحب للكبير أن يعقّ عن نفسه اذا لم يعلم أن أباه عقّ عنه

[ ٢٧٤٤٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبدالله بن القاسم، عن عبدالله بن سنان، عن عمر بن يزيد قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : إنّي والله ما أدري كان أبي عقّ عنّي أم لا، قال: فأمرني أبو عبدالله( عليه‌السلام ) فعققت عن نفسي وأنا شيخ كبير، الحديث.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٣) .

ورواه الصدوق بإسناده عن عمر بن يزيد، مثله(٤) .

[ ٢٧٤٤٩ ] ٢ - محمّد بن عليِّ بن الحسين في( معاني الاخبار) قال: في الحديث: كلُّ مولود مرتهن بعقيقته.

[ ٢٧٤٥٠ ] ٣ - قال: وعقَّ النبيُّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) عن نفسه بعدما جاءته

____________________

٧ - الكافي ٦: ٢٥ / ٤.

(١) تقدّم في الاحاديث ٥ و ٨ و ٩ و ١١ و ١٤ و ١٥ و ١٦ و ١٧ من الباب ٣٦ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الأبواب ٣٩ - ٤٨ و ٥٠ و ٦٠ و ٦١ و ٦٤ و ٦٥ من هذه الأبواب.

الباب ٣٩

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٢٥ / ٣، وأورد ذيله في الحديث ١ من الباب ٣٨ من هذه الأبواب.

(٣) التهذيب ٧: ٤٤١ / ١٧٦٣.

(٤) الفقيه ٣: ٣١٢ / ١٥١٥.

٢ - معاني الاخبار: ٨٤، وأورده في الحديث ١١ من الباب ٣٦ من هذه الأبواب.

٣ - معاني الاخبار: ٨٤.

٤١٤

النبوّة، وعقّ عن الحسن والحسين كبشين.

أقول: وتقدّم ما يدلُّ على ذلك بعمومه(١) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٢) .

٤٠ - باب أنّه لا يجزي التصدّق بثمن العقيقة وان لم توجد، واستحباب عقيقتين للتوأمين

[ ٢٧٤٥١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن أبي عليّ الاشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن عبدالله بن بكير قال: كنت عند أبي عبدالله( عليه‌السلام ) فجاءه رسول عمّه عبدالله بن علي، فقال له: يقول لك عمك: إنّا طلبنا العقيقة فلم نجدها، فما ترى نتصدَّق بثمنها؟ قال: لا، إنّ الله يحبُّ إطعام الطعام وإراقة الدِّماء.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(٣) .

[ ٢٧٤٥٢ ] ٢ - وعن علي، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس وابن أبي عمير جميعاً، عن أبي أيّوب الخرّاز(٤) ، عن محمّد بن مسلم قال: ولد لابي جعفر( عليه‌السلام ) غلامان جميعاً، فأمر زيد بن عليّ أن يشتري له جزورين للعقيقة، وكان زمن غلاء، فاشترى له واحدة وعسرت عليه الأُخرى، فقال لابي جعفر( عليه‌السلام ) : قد عسرت عليّ الأخرى، فأتصدَّق بثمنها؟ قال: لا، اطلبها حتّى تقدر عليها، فإن الله عزَّ وجلَّ يحبّ إهراق الدماء وإطعام الطعام.

____________________

(١) تقدم في الباب ٣٨ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الأبواب الاتية.

الباب ٤٠

فيه حديثان

١ - الكافي ٦: ٢٥ / ٦.

(٣) التهذيب ٧: ٤٤١ / ١٧٦٤.

٢ - الكافي ٦: ٢٥ / ٨.

(٤) في المصدر: الخزاز، ويأتي ما يدلّ على استحباب الإِطعام وإراقة الدماء في الباب ٢٦ من أبواب آداب المائدة.

٤١٥

٤١ - باب أنّ العقيقة كبش أو بقرة أو بدنة أو جزور، فإن لم يوجد فحمل

[ ٢٧٤٥٣ ] ١ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن عمّار الساباطي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - أنّه قال في العقيقة: يذبح عنه كبش، فإن لم يوجد كبش أجزأه ما يجزي في الأُضحيّة، وإلّا فحمل أعظم ما يكون من حملان السنّة.

[ ٢٧٤٥٤ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن مارد، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن العقيقة؟ فقال: شاة أو بقرة أو بدنة، الحديث.

[ ٢٧٤٥٥ ] ٣ - محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن عبدالله بن سنان، عن معاذ الهرّا(١) ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: الغلام رهن بسابعه بكبش، يسمّى فيه ويعقُّ عنه، وقال: إن فاطمة (عليها‌السلام ) حلقت لابنيها وتصدَّقت بوزن شعرهما فضّة.

[ ٢٧٤٥٦ ] ٤ - وقد تقدّم حديث محمّد بن مسلم قال: ولد لابي جعفر( عليه‌السلام ) غلامان فأمر زيد بن عليّ أن يشتري له جزورين للعقيقة، وكان زمن

____________________

الباب ٤١

فيه ٤ أحاديث

١ - الفقيه ٣: ٣١٢ / ١٥١٧، وأورد صدره في الحديث ١ من الباب ٤٣ وقطعة منه في الحديث ٢ من الباب ٦٥ من هذه الأبواب.

٢ - الفقيه ٣: ٣١٣ / ١٥١٨، وأورد ذيله في الحديث ٧ من الباب ٤٢ وصدره في الحديث ١٣ من الباب ٤٤ من هذه الأبواب.

٣ - الكافي ٦: ٢٥ / ٩.

(١) في المصدر: الفراء.

٤ - تقدّم في الحديث ٢ من الباب ٤٠ من هذه الأبواب.

٤١٦

غلاء.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(١) .

٤٢ - باب أنّ عقيقة الذكر والانثى سواء كبش كبش، ويستحب ّ أن يعقّ عن الذكر بذكر أو أُنثيين، وعن الأُنثى بأُنثى

[ ٢٧٤٥٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن أبي عليِّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، وعن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعاً، عن صفوان، عن منصور بن حازم عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: العقيقة في الغلام والجارية سواء.

[ ٢٧٤٥٨ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن العقيقة؟ فقال: في الذكر والأُنثى سواء.

[ ٢٧٤٥٩ ] ٣ - وعنهم، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد، عن شعيب، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: عقيقة الغلام والجارية كبش.

[ ٢٧٤٦٠ ] ٤ - وعن عليِّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن

____________________

(١) يأتي في الباب ٤٢ وفي الاحاديث ٤ و ٦ و ٧ و ١٠ و ١١ و ١٣ و ١٤ من الباب ٤٤ وفي الباب ٤٥ وفي الحديثين ٣ و ٤ من الباب ٥٠ وفي الباب ٦٤ من هذه الأبواب، وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الحديث ٣ من الباب ٣٩ وفي الاحاديث ٥ و ٨ و ١٥ و ١٦ من الباب ٣٦ من هذه الأبواب.

الباب ٤٢

فيه ٨ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٢٦ / ٢.

٢ - الكافي ٦: ٢٦ / ١.

٣ - الكافي ٦: ٢٦ / ٤.

٤ - الكافي ٦: ٢٦ / ٣.

٤١٧

يونس، عن ابن مسكان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن العقيقة؟ فقال: عقيقة الجارية والغلام كبش كبش.

[ ٢٧٤٦١ ] ٥ - عبدالله بن جعفر في( قرب الإِسناد) : عن عبدالله بن الحسن، عن عليِّ بن جعفر، عن أخيه، قال: سألته عن العقيقة، عن الغلام والجارية سواء؟ قال: كبش كبش.

[ ٢٧٤٦٢ ] ٦ - وعن محمّد بن عبد الحميد، عن يونس بن يعقوب قال: سألت أبا الحسن موسى( عليه‌السلام ) عن العقيقة، الجارية والغلام منها(١) سواء؟ قال: نعم.

[ ٢٧٤٦٣ ] ٧ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن محمّد بن مارد، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: إن كان ذكراً عقّ عنه ذكراً، وإن كان أُنثى عقَّ عنه أُنثى.

[ ٢٧٤٦٤ ] ٨ - قال: وروي أنّه يعقُّ عن الذكر بأُنثيين، وعن الأُنثى بواحدة.

أقول: ويأتي ما يدلُّ على ذلك(٢) .

____________________

٥ - قرب الإِسناد: ١٢٢، وأورده في الحديث ١٦ من الباب ٣٦ من هذه الأبواب.

٦ - قرب الإِسناد: ١٢٩.

(١) في المصدر: فيهما.

٧ - الفقيه ٣: ٣١٣ / ١٥١٨، وأورد صدره في الحديث ٢ من الباب ٤١ وفي الحديث ١٣ من الباب ٤٤ من هذه الأبواب.

٨ - الفقيه ٣: ٣١٣ / ١٥٢٠، وأورده في الحديث ٢ من الباب ٦٤ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الحديث ١١ من الباب ٤٤ من هذه الأبواب.

٤١٨

٤٣ - باب سقوط العقيقة عن المعسر حتّى يجد

[ ٢٧٤٦٥ ] ١ - محمّد بن عليِّ بن الحسين بإسناده عن عمّار الساباطيِّ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: العقيقة لازمة لمن كان غنيّاً، ومن كان فقيراً إذا أيسر فعل، فإن لم يقدر على ذلك فليس عليه شيء.

[ ٢٧٤٦٦ ] ٢ - محمّد بن يعقوب. عن عليّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن محمّد بن أبي حمزة، وعن صفوان، عن إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا الحسن( عليه‌السلام ) عن العقيقة على الموسر والمعسر؟ قال: ليس على من لا يجد شيء.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(١) .

وعن عليِّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن( إسماعيل بن عمّار) (٢) ، عن أبي إبراهيم( عليه‌السلام ) وذكر مثله(٣) ،.

[ ٢٧٤٦٧ ] ٣ - وعن محمّد بن يحيى،( عن محمّد بن أحمد) (٤) ، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق، عن عمّار، عن أبي عبدالله

____________________

الباب ٤٣

فيه ٣ أحاديث

١ - الفقيه ٣: ٣١٢ / ١٥١٧، وأورد ذيله في الحديث ١ من الباب ٤١ وقطعة منه في الحديث ٢ من الباب ٦٥ من هذه الأبواب.

٢ - الكافي ٦: ٢٦ / ١.

(١) التهذيب ٧: ٤٤١ / ١٧٦٥.

(٢) في المصدر: اسحاق بن عمّار.

(٣) الكافي ٦: ٢٦ / ٢.

٣ - الكافي ٦: ٢٨ / ٩، وأورده بتمامه في الحديث ٤ من الباب ٤٤ من هذه الأبواب.

(٤) في المصدر: أحمد بن محمّد.

٤١٩

( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: والعقيقة لازمة إن كان غنيّاً أو فقيراً إذا أيسر.

٤٤ - باب أنه يستحب أن يعق عن المولود اليوم السابع ويسمى ويحلق رأسه ويتصدق بوزن شعره فضة أو ذهباً، وجملة من أحكام العقيقة

[ ٢٧٤٦٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن أبي عليِّ الاشعريِّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في المولود قال: يسمّى في اليوم السابع ويعقُّ عنه ويحلق رأسه ويتصدّق بوزن شعره فضّة، ويبعث إلى القابلة بالرجل مع الورك ويطعم منه ويتصدَّق.

[ ٢٧٤٦٩ ] ٢ - وعن عليِّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن العقيقة والحلق والتسمية، بأيّها يبدأ؟ قال: يصنع ذلك كلّه في ساعة واحدة يحلق ويذبح ويسمّى، ثمّ ذكر ما صنعت فاطمة بولدها (عليهما‌السلام ) ، ثمّ قال: يوزن الشعر ويتصدّق بوزنه فضّة.

[ ٢٧٤٧٠ ] ٣ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل والحسين بن سعيد جميعاً، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكنانيِّ قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن الصبيِّ المولود، متى يذبح عنه ويحلق رأسه ويتصدّق بوزن شعره ويسمّى؟ فقال: كلُّ ذلك في اليوم السابع.

____________________

الباب ٤٤

فيه ٢١ حديثاً

١ - الكافي ٦: ٢٩ / ١٠.

٢ - الكافي ٦: ٣٣ / ٤.

٣ - الكافي ٦: ٢٨ / ٨.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585