وسائل الشيعة الجزء ٢٢

وسائل الشيعة13%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 456

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 456 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 270935 / تحميل: 6008
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ٢٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

ولنعم ما قاله شمس الدين المعروف بخواجة حافظ الشيرازي المتوفى سنة ٧٩١ هـ :

فراغتني وكتابي وكوشه چمني

من اين مقام بدنيا واخرة ندهم

[ز] ـ وكذلك «هو سلاح على الأعداء » : إذ به تنقطع حُجَّة أعداء الدين ، كما بالقتال بالسلاح تنقطع شوكتهم ، وباقي فقرات الحديث واضحة.

١٦١

الحديث الثالث

طلب العلم فريضة

[٦٥] ـ قالرحمه‌الله : فصل : وروينا بالإسناد عن محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن الحسن بن الحسين الفارسي ، عن عبد الرحمن بن زيد ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «طلب العلم فريضة على كلّ مسلم ومسلمة ، ألا إنَّ الله تعالى يُحِبُّ بغاةَ العلم »(١) .

(أقول) وهنا موضعان :

الموضع الأول

فيما يتعلق بسند الحديث ، والمذكور في (الكافي) بدل الحسن بن الحسين ، الحسن بن أبي الحسين ، فكأن لفظة : (أبي) ساقطة من عبارة الماتنرحمه‌الله ، وبناءً على ما في (الكافي) فهو غير مذكور في كتب الرجال(٢) ؛ ولذا حكم المجلسي في (مرآة العقول) بأن الحديث مجهول السند(٣) .

نعم ، ذكر الشيخ في فهرسته في باب (الحسين) ، الحسين بن الحسن الفارسي القمّي ، له كتاب(٤) ، ولعلّ المذكور في الكافي سهو من الناسخین ، والصحيح ما في الفهرست ، وعليه فيمكن تصحيح السند بتقديم الحسين على الحسن.

__________________

(١) معالم الدين : ١٢ ، الكافي ١ : ٣٠ ح ١.

(٢) ذكره السيِّد الخوئيرحمه‌الله في كتابه معجم رجال الحديث ٥ : ٢٦٢ رقم ٢٦٩٢.

(٣) مرآة العقول ١ : ٩٨.

(٤) الفهرست للطوسي : ١٠٨ رقم ٢٠٩ / ٦.

١٦٢

[ترجمة عبد الرحمن بن زيد]

(وأمّا عبد الرحمن بن زيد) فهو من أصحاب الصادقعليه‌السلام كما في رجال الشيخ(١) ، وهو من المجاهيل ، وزيد أبوه هو ابن أسلم مولى عمر بن الخطّاب ، فيه نظر كما في (الخلاصة) نقلاً عن الشيخرحمه‌الله (٢) .

الموضع الثاني

في شرح المتن :

[أ] ـ «الفرض والوجوب » : سيّان عندنا وعند الشافعي ، والفرض آكد من الواجب عند أبي حنيفة ؛ لأنَّه خُصّ الفرض بما ثبت بدلیل قطعي ، والواجب بما ثبت بدلیل ظنّي(٣) .

[ب] ـ «والبغاة » : جمع الباغي ، وهو الطالب.

(وربّما) يستدل بهذا الخبر على نفي تكليف الكُفَّار بالفروع نظراً إلى أن موردها المسلم دون مجرد البالغ.

عمل الجاهل التارك للطريقين

(وفيه) أنه لا يدل على عدم تكليف غير المسلم وعدم وجوبه عليه ، ولو سَلِمَ ، فإنَّما هو بمفهوم الَّلقب وهو كما ترى ، وقد أشرنا فيما تقدّم إلى ما هو المراد من العلم في أمثال هذه الأخبار ، ونزيدك بياناً هنا ، فنقول : لا يخفى على كلّ من أشرق نور العقل على جبهة استعداده ، أنَّ شرف الإنسان على سائر

__________________

(١) رجال الطوسي : ٢٣٦ رقم ٣٢٢٧ / ١٣٦.

(٢) خلاصة الأقوال : ٣٤٧ رقم ٢ ، رجال الطوسي : ٢٠٧ رقم ٢٦٧٦ / ٢٢.

(٣) ينظر : لسان العرب ٧ : ٢٠٣.

١٦٣

الكائنات بجوهر العقل ، وأن ذلك الشرف إنَّما يحصل له في الحقيقة عند ما يتحلَّی بخاصيَّة العقل ـ أعني معرفة الأشياء والعمل بمقتضاها ـ ومن أهم المعارف معرفة النفس ، فمن عرف نفسه فقد عرف ربّه ، ولنعم ما قيل :

تو که در علم خودزبان باشي

عرف کردگار گي باشي

وكذلك معرفة ما يرجع إليه نفسه ، ومعرفة ربّه ، ومعرفة تكاليف الربّ الواردة على العبد ، وما عدا الأخير وهي المعارف التي تسمّى اُصول الدين عند المتكلّمين ، والحكمة الإلهية عند الحكماء ، وعلم المعرفة عند الصوفية الموحِّدين ، (وباتّفاق العلماء والمحصّلين من العقلاء أنه لا يمكن الفوز لأحد بدون هذه المعارف والعمل بموجبها.

(وجمهور العلماء ) متَّفقون على عدم كفاية التقليد في معرفة اُصول الدين ، بل لابدّ فيها من الدليل ، والمراد من التقليد غير الكافي في المقام هو محض السماع من الغير ، كالخبر المحتمل للصدق والكذب ، كما أنَّ المراد من الدليل اللازم هو ما أوجب السامع اطمئناناً وسکوناً في خاطره بصدق ما سمعه ، کالأخبار الحاصلة لنا التي نصدّقها في عرفنا لما نجد فيها من أمارات الصدق ، قلا محالة تعمل بمقتضاها ، وهذا المقدار كافٍ لكلّ مكلّف في تحصيل معارف نفسه ، وعمل شخصه ، ولا يجب عليه تحصيل ما زاد عليه ، كالعلم باصطلاحات العلماء ، وأرباب النظر ، وتطبيق كلّ دليل على قانون علم الميزان ، نعم ربّما يلزم ذلك من يريد تعليم الغير أو لأجل دفع بعض الشبهات الواردة ، وما ذكرناه من هذا المقدار الواجب يمكن تحصيله لكلّ مكلّف جامع الشرائط التكليف ، سواء كان من الخواص أو من العوام ، ولا يُعذر أحد من سائر الأصناف في عدم طلبه ،

١٦٤

وترك السعي في تحصيله ، كما هو مقتضى هذا الحديث ؛ إذ لا يزاحم شغلاً ولا نافيه شغل.

(ومع ذلك) فالناس معرضون عن تحصيله ، ويعتذرون بصعوبته ، بل أكثر المنسوبين إلى العلم في زماننا مع إفناء عمرهم في قراءة الكتب وأخذ المسائل قَدْ حُرموا من الوقوف على القدر الضروري منه ، بحيث لا تجد فرقاً بينهم وبين سائر عوام الناس.

(وأمّا معرفة تكاليف الرب) ، فاللازم على المكلّف تحصيل المعرفة مقدِّمة للعمل ، إمّا بالاجتهاد أو التقليد أو الاحتياط ، فالجاهل التارك للاحتياط والتقليد ، إمّا قاصر أو مقصِّر ، والقاصر لا يستحق العقاب على جهله وتر که التعلُّم ، وإن وجب عليه الفعل ثانياً مع انكشاف الخلاف ، وأمّا إذا طابق عمله الواقع فلا يجب عليه الإعادة ولا القضاء وكذلك المقصِّر ، نعم ، الفرق بينهما في مخالفة الواقع ، فإنَّ المقصر يستحق العقاب مع وجوب القضاء والإعادة عليه عند انکشاف المخالفة ، والقاصر لا يستحق العقاب وإن وجب عليه الفعل ثانياً ، (وهذا كلّه) بناءً على ما هو المحقَّق في محلّه من أن التقليد إنَّما يجب مقدمة للامتثال الظاهري للأحكام الواقعية ؛ لأن هذا هو المستفاد من جميع أدلّته ، وليس له وجوب نفسي ، ولا هو شرط للعمل شرطاً شرعياً.

(ويترتَّب) على ذلك أنه لو بنى الجاهل في عمله على ترك الاحتياط والتقليد ، لكنَّه اتَّفق مطابقة عمله للواقع أو لرأي المجتهد الأعلم ، صحّ ذلك منه وترتَّب عليه الأثر.

أمّا في المعاملات : فظاهر.

١٦٥

وأمّا في العبادات : فلفرض تأتّي نيَّة القربة من المقصّرين ، فإنَّ كثيراً منهم يعتقدون أن ما يفعلونه من التقصير أيضاً مقرّب ، وأن فعله خير من تركه ، وأن فيه ثواباً لكن دون الثواب المترتّب على الفرد الجامع الشرائط الصحَّة ، كما هو المشاهد من المصلّي أول الوقت مع عدم صحَّة قراءته ، وإن كان ذلك من تسويلات النفس أو الشيطان إلا أنَّ الظاهر کفایته إذا طابق العمل الواقع ، نعم ، في صورة المخالفة وعدم تحقُّق القربة ، لا إشكال في بطلان عمله ، ويُعاقب المقصر على ذلك (هذا هو الحق الحقيق) اللائق بالقبول ، وإن خالف فيه المشهور ، (والَّذي يؤيده) ما ذكره صاحب (المدارك) مصرّحاً بنسبته إلى سلطان المحقِّقين ، نصير الملَّة والدين ، من أن : (كل من أتی بواجبٍ في نفس الأمر وإن لم يكن عالماً بحكمه ، فإنَّه يصحّ ما فعله.

ومثله القول في الاعتقادات الكلامية إذا طابقت نفس الأمر ، فإنَّها كافية وإنْ لم تحصل من الأدلة المقرَّرة ، حَتَّى لو أخذ المسائل من غير أهله تقليداً ، بل لو لم يأخذ من أحد وظنَّها كذلك) ، انتهى(١) .

(وممَّا يدل) على ذلك ما في رواية عمّار الواردة في التيمُّم بدلاً عن الغسل حين سأله ، «كيف صنعت في سفرك حين لم تجد الماء؟ فقال : تمعّكت في التراب. فقالعليه‌السلام : ذلك صنع الحمير ، أجزأك لو صنعت كذا»(٢) .

فإنَّه صريح في صحَّة العمل المطابق للواقع مع عدم العلم.

__________________

(١) مدارك الأحكام ٣ : ١٠٢.

(٢) كذا والحديث روي هنا بالمعنى وليس فيه تصريح اسم عمار ، ولفظه كما في تحفة الأحوذي ج ١ ص ٣٧٨ : (حدّثنا فهد قال : حدّثنا أبو نعيم قال : حدّثنا عزرة بن ثابت ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : أتاه رجل فقال : أصابتنى جنابة ، وإني تمسكت في التراب! فقال : أصرت حماراً؟! وضرب بيديه إلى الأرض فمسح وجهه ، ثُمَّ ضرب بيديه إلى الأرض ، فمسح بيديه إلى المرفقين وقال : هكذا التيمم).

١٦٦

(وكذا) لو تبيّن في موارد التجديد فساد وضوئه السابق ، بل الأمر كذلك إذا توضأ بعنوان الاحتياط فيما كان مستصحب الطهارة ، وإنَّ تأمَّل فيه بعض الفقهاء ، لكنّ الحق ما عرفت من الكفاية ، بل هو المستفاد ممَّا ورد فيه من كونه نوراً على نور فإنَّه ظاهر في إفادة الطهارة أيضاً فإذا تبيّن عدم حصول الطهارة بالوضوء الواجب لفساده کفی عنه من جهة حصول الغرض بالتجديد.

(وهذا بابٌ) واسع في الفقه يتفرَّع عليه فروع منها : ما إذا تبيَّن فساد صلاة الفرد بعد المعادة جماعة ، فإنَّه لا إشكال في سقوط الأمر بالصلاة معها كما صرّح به سيِّدنا الأُستاذرحمه‌الله في العروة الوثقى.

(ومنها) ما هو المجمع عليه من أنّ من صام آخر يوم من شعبان بنيَّة أنه منه ثُمَّ انكشف أنه أول رمضان أجزأهُ من رمضان.

(كما قد) اجمعوا على عدم وجوب الحدِّ على من وطئ امرأة ثُمَّ ظهر كونها زوجته.

(ومن أفطر) يوم الثلاثين من شهر رمضان ثُمَّ تبيَّن كونه من شوال لم يجب عليه القضاء والكفَّارة ، سواء كان شاكّاً فيه أو معتقداً أنه من رمضان ، ولو اعتقد في يوم الشكّ في أول الشهر أنه من رمضان فأفطر فإن [تبيَّن](١) أنه من شعبان ايضاً لم يجب عليه شيء ، كما هو صريح السيِّد الأُستاذرحمه‌الله في العروة(٢) .

__________________

(١) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٢) ينظر : العروة الوثقی ، کتاب الصيام.

١٦٧

(لا يقال) : إنَّ هذه الفروع كلَّها إنَّما صِيرَ إليها لقيام الدليل عليها ؛ لأنا نقول : قيام الدليل على ذلك دليل على أنَّ للمطابقة مع الواقع مدخلية تامّة في صحَّة العمل كما هو المدّعى.

(هذا كله) في تصحيح عمل الجاهل إذا أحرز مطابقته للواقع أو لرأي الفقيه الأعلم الَّذي كان يجب عليه العمل بفتواه ، وأمّا إذا شكَّ في المطابقة ففي المعاملات قيل : يبني على الصحَّة بعد العمل ، وهو مشکل.

وفي العبادات المؤقتة إذا شك في خارج الوقت لا يجب عليه القضاء لأن القضاء مرتَّب على الفرات وصدق الفوت مع الشك في المخالفة والمطابقة غير معلوم ، وهو أيضاً مشكل ؛ لأنَّ الفوت أمر عدمي ؛ إذ هو عبارة عن عدم الإتيان ، وهو موافق للأصل ، ولا يحتاج في إثباته إلى الأصل حَتَّى يكون من الأصل المثبت. وإذا شكَّ والوقت باق فالأقوى وجوب الإعادة تحصيلاً لليقين بالفراغ بعد اليقين بالشغل ، ولا مجرى القاعدة الشكّ بعد الفراغ هنا مع فرض كونه شاکّاً في الصحَّة والفساد من حين العمل ؛ لبنائه على ترك التقليد.

وبعبارة أخرى: الصحَّة والفساد يدوران مدار المخالفة والموافقة للواقع ، وهو غير معلوم له من أول الأمر ، والله العالم.

(ثُمَّ إن الناس) كما أنَّهم تسامحوا في مرحلة تحصيل المعارف الإلهية ، كذلك تسامحوا في تحصيل المعرفة بالتكاليف أيضاً.

[في ذمّ حب الرئاسة والعمل بها]

(وبالجملة) فالناس غير باذلين جهدهم في كسب العلوم ، والسبب الواقعي في ذلك أنهم لم يتصوروا غاية العلوم كما هي ، بل جعلوا الغاية القصوى من

١٦٨

تلك العلوم تحصيل المال والجاه والاعتبار الدنيوي ، ونهاية ذوي الهمم من أهل هذه الطبقة هي الشهرة وخفق النّعال ، ولا يرومون الوصول إلى ما فوق ذلك ، (وهؤلاء) هم المعنيون بما ورد في الكافي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : «إياكم وهؤلاء الرؤساء الَّذين يترأسون ، فوالله ما خفقت النعال خلف رجل إلا هلك وأهلك »(١) .

وفيه أيضاً بإسناده عن جويرية بن مسهر ، قال : اشتددت خلف أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال لي : «يا جويرية ، إنّه لم يهلك هؤلاء الحمقى إلا بخفق النّعال خلفهم»(٢) .

والخفق : صوت النعل ، أمّا هلاکه ؛ فلأنه يورث الفخر ، والعجب ، والتكبُّر وغيرها من المهلكات ، وأمّا إهلاکه ، فإنَّ الرئيس المقدّم والأمير المعظّم إذا ضلّ عن العدل ، وعدل عن الطريق تبعه كافة العوام ؛ خوفاً من بطشه ، وطمعاً في جاهه وماله ، فضلّوا بمتابعته ، وأضلّهم عن سبيل الرشد بسيرته القبيحة.

(هذا) إذا كان الرئيس جاهلاً ظاهراً ، وكذا إذا كان عالماً غير عادل ؛ فإنَّه كثيراً ما تعتريه شبهة ، وتعترضه زلة ، فيضلّ بها عوام المؤمنين ، فإنَّهم يقلّدونه في ظاهر أحواله ، ويعتمدون عليه في أقواله ، بل ربّما يقولون في أنفسهم : إذا فعل هو هذا ، فنحن أولى به منه ، كما قيل :

إذا كان ربُّ البيتِ بالطَّبلِ مُولَعاً

فشيمةُ أهلِ البيتِ كُلِّهم الرَّقصُ

(ومن ثَمّ) قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أخاف على اُمَّتي زلة عالم» (٣) .

__________________

(١) الكافي ٢ : ٢٩٧ ح ٣.

(٢) الکافي ٨ : ٢٤١ ح ٣٣١.

(٣) شرح اُصول الكافي ٩ : ٣٠١.

١٦٩

وفي الكافي أيضاً بإسناده عن الرضاعليه‌السلام أنه ذكر رجلاً ، فقال : إنَّه يحبُّ الرئاسة ، فقال : «ما أتيان ضاريانِ في غنمٍ قَدْ تفرَّقَ رِعاؤُها بأضرَّ في دينِ المُسلمِ من (١) الرئاسة »(٢) .

وفيه من التبعيد من طلب الرئاسة ما لا يخفى ؛ لأنها تهلك دينه وتفسده ؛ لأن الرئاسة متوقّفة على العلم بالأُمور الشرعية ، والأخلاق النفسانية ، وتهذيب الظاهر والباطن من الأعمال والأخلاق الباطلة ، وتحليتهما بالأعمال والأخلاق الفاضلة ، او تطويع النفس الأمّارة للنفس المطمئنّة ، وتعديل القوَّة الشهرية والغضبية ، ورعاية العدل في جميع الأُمور ، وهذه الأُمور لا توجد إلّا في المعصوم ، ومن وفَّقه الله تعالی من أوليائه.

وقد سأل بعض موالي علي بن الحسينعليه‌السلام أبا عبد اللهعليه‌السلام أن يكلّم الولاة على أن يولّيه في بعض البلاد ، وأقسم بأيمان مغلّظة أن يعدل ولا يظلم ولا یجور ، فرفع أبو عبد اللهعليه‌السلام رأسه إلى السماء فقال : «تناولُ السماء أيسرُ عليك من ذلك »(٣) .

__________________

(١) في الأصل زيادة : (طلب) وما أثبتناء من المصدر.

(٢) الكافي ٢ : ٢٩٧ ح ١.

(٣) نقل المؤلف الحديث بالمعنى ، ولفظه كما في الكافي ج ٥ ص ١٠٧ ح ٩ : «علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن داود بن ربي قال : أخبرني مولي لعلي بن الحسينعليه‌السلام قال : كنت بالكوفة ، فقدم أبو عبد اللهعليه‌السلام الحيرة ، فأتيته قلت له : جُعلت فداك لو کلّمت داود بن علي أو بعض هؤلاء ، فأدخل في بعض هذه الولايات ، فقال : ما كنت لأفعل ، قال : فانصرفت إلى منزلي فتفكرت ، فقلت : ما أحسبه منعني إلا مخافة أن أظلم أو أجور ، والله لأتينّه وأعطينّه الطلاق والعتاق والأيمان المغلّظة ألّا أظلم أحداً ولا أجور ولأعدلنّ ، قال : فأتيته فقلت : جعلت فداك إنتي فكرت في إبانك عليّ فظننت أنك إنما منعتني وكرهت ذلك مخافة أن أجور أو أظلم وان كل امرأة لي طالق وكّل مملوك لي حرٍّ عليّ ، وعليّ إن ظلمت أحداً أو جرت عليه وإن لم أعدل؟ قال : كيف قلت : قال : فأعدت عليه الأيمان ، فرفع رأسه إلى السماء فقال : تناول السماء أيسر عليك من ذلك».

١٧٠

(وروی) مسلم بإسناده عن أبي ذرّ ، قال : «قلت يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ألا تستعملني؟ قال : فضرب بيديه على منكبي ثُمَّ قال : يا أبا ذر ، إنّك ضعيف ، وإنَّها أمانة ، وإنَّها يوم القيامة خزي وندامة ، إلّا من أخذها بحقّها وأدّى الَّذي عليه فيها »(١) .

ومن هنا لمّا سمع بعض العلماء يقول : (أين الزاهدون في الدنيا والراغبون في الآخرة؟ فقال له : اقلب الكلام وضع يدك على من شئت)(٢) .

وعن الحسن البصري ، قال : (مرض سلمان مرضه الَّذي مات عنه ، فدخل عليه سعد يعوده وقال : يا سلمان کیف تجدُك؟ قال : فبكي.

فقال : ما يبكيك؟ فقال : والله ما أبكي حبّاً للدنيا ، وإنَّما أبكي لهذه الأساور حولي.

فقال سعد : فنظرت فو الله ما رأيت إلا إجّانَة ومطِهَرَة)(٣) .

(ورُوي) : (أنه لمّا بُعث إلى المدائن ركب حماراً وحده ، ولم يصحبه أحد ، ووصل إلى المدائن خبر قدومه ، فاستقبله أصناف الناس على طبقاتهم ، فلمَّا رأوه قالوا له : أيُّها الشيخ أين خلّفت أميرنا؟ قال : ومن أميركم؟ قالوا : الأمير سلمان الفارسي صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقال : لا أعرف الأمير ، وأنا سلمان الفارسي ، ولست بأمير ، فترجّلوا له ، وقادوا إليه النجائب والمراكب.

__________________

(١) صحيح مسلم ٦ : ٦.

(٢) لم أهتد إلى مصدر هذا القول ، وفي كشف الغُمَّة ج ٢ ص ٢٩٨ ، ما نصّه : «وعن زرارة بن أعين قال : سمع قائل في جوف الليل وهو يقول اين الزاهدون في الدنيا الراغبون في الآخرة؟ فهتف به هاتف من ناحية البقيع يسمع صوته ولا يرى شخصه : ذاك علي بن الحسينعليه‌السلام ».

(٣) روضة الواعظين : ٤٩٠ باختلاف يسير.

١٧١

فقال : إن حماري هذا خير لي وأوفق ، فلمَّا دخل البلد أرادوا أن ينزلوه دار الإمارة ، فقال : مالي ودار الإمارة ولست بأمير ، فنزل على حانوت في السوق ، وقال : ادعوا صاحب الحانوت ، فاستأجره منه وجلس هناك يقضي بين الناس ، وكان معه وطاء يجلس عليه ، ومِطهَرة يتطهَّر بها للصلاة ، وعكّازة يتعمّد عليها في المشي ، فاتفق أن سيلاً وقع في البلاد ، فارتفع صباح الناس بالويل والعويل ويقولون : وا أهلاه ، وا ولداه ، وا مالاه ، فقام سلمان ووضع وطاءه على عاتقه ، وأخذ مِطهَرته وعكّازته وارتفع على صعيد ، وقال : هكذا ينجو المخفُّمون يوم القيامة)(١) .

وفي الكافي أيضاً بسنده ، قال : قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : «ملعون من ترأس ، ملعون من همّ بها ، ملعون من حدث بها نفسه »(٢) .

والترؤُس ادِّعاءُ الرئاسة بغير حق ، فإنَّ التفعُّل غالباً يكون للتكلّف.

[وفي حديثٍ آخر لهعليه‌السلام في الكافي](٣) قال : «إيَّاك والرئاسة ، وإياك أن تطأ أعقاب الرجال ، قال : قلت : جُعلت فداك أمّا الرئاسة فقد عرفتها ، وأمّا أن أطأ أعقاب الرجال فما ثلثا ما في يدي إلّا ممَّا وطئت أعقاب الرجال ، فقال لي : ليس حيثُ تذهب ، إياك أن تُنَصّبَ رجلاً دون الحجَّة ، فتصدّقه في كل ما قال »(٤) .

وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : «وإن شراركم من أحبّ أن يوطأ عقبه ، إنه لابد من كذّاب أو عاجز الرأي »(٥) .

__________________

(١) نفس الرحمان : ١٣٩ ، باختلاف يسير.

(٢) الكافي ٢ : ٢٩٨ ح ٤.

(٣) ما بين المعقوفين منا لإتمام المعنى.

(٤) الكافي ٢ : ٢٩٨ ح ٥.

(٥) الكافي ٢ : ٢٩٩ ح ٨.

١٧٢

وذلك ؛ لأن حبّ الرئاسة أشد الفسوق وأعظمها ، إذ كلّ فسق غيره يعود ضرره إلى الفاسق ، وهذا الفسق يعود ضرره إلى تخريب الدين ، وإلى الفاسق ، والخلق أجمعين ، وقد قال الله تعالى : ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ(١) .

وإن كثيراً من المعتنين بطلب العلم من أرباب العمائم قَدْ أكثر من أسباب جلب العوام ، واقتداء الأنام ، وهو في مرحلة المعرفة معتمداً على التقليد المحض ، بحيث يساوي معرفته معرفة الأطفال والعجائز ، ومشاهدة هذه الأحوال ربّما منعت بعض الأذكياء من السلوك في مسالك العلم ، واليأس من الفوز بالسعادة الحقيقية ، عصمني الله وإياك من الزلل.

__________________

(١) سورة القصص : آیه ٨٣.

١٧٣
١٧٤

الحديث الرابع

كمال الدين طلب العلم

[٦٦] ـ قالرحمه‌الله : وعن محمّد بن یعقوب ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن عيسی ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عمّن حدّثه ، قال : سمعت أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول : «أيُّها الناس اعلموا أنَّ كمال الدين طلب العلم والعمل به ، [ألا] وإن طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال ، إنَّ المال مقسوم مضمون لکم ، قَدْ قسّمه عادل بینکم [وضمنه] ، وسَيَفِي لكم ، والعلم مخزون عند أهله ، وقد اُمرتم بطلبه من أهله ، فاطلبوه»(١) .

أقول : شرح الحديث يتمُّ في موضعين :

الموضع الأول :

في رجال السند

[ترجمة الحسن بن محبوب السراد]

(فأمّا ابن محبوب) فهو الحسن بن محبوب السراد ، ويقال له : الزراد ، ویکنّی أبا علي ، مولى بجيلة ، كوفي ، ثقة.

روي عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ، وروى عن ستين رجلاً من أصحاب أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وكان جليل القدر ، ويعدّ من الأركان الأربعة في عصره(٢) .

وهو ممَّن أجمعت العصابة عليه(٣) ، وماترحمه‌الله سنة ٢٢ ٤ هـ وهو من أبناء خمس وسبعين سنة(١) ، وصّرح بتوثيقه غير واحد من علماء الرجال ، كالنجاشي في (الفهرست) ، والعلّامة في (الخلاصة) ، والكاظمي في (المشتركات)(٢) .

__________________

(١) معالم الدين : ١٣ ، الكافي ١ : ٣٠ ح ٤ ، وما بين المعقوفين من المصدر.

(٢) الفهرست للطوسي : ٩٦ رقم ١٦٢ / ٢.

(٣) اختيار معرفة الرجال ٢ : ٨٣٠ رقم ١٠٥٠.

١٧٥

[ترجمة هشام بن سالم الجواليقي]

(وأمّا هشام) بن سالم فهو المعروف بالجواليقي الجعفي(٣) .

قال في (الخلاصة) : ثقة ، ثقة(٤) .

وقال ابن طاووس : ظاهر أنه صحيح العقيدة ، معروف الولاية ، غير مدافع ، انتهى(٥) .

وفي الكافي ، في باب النهي عن الصفة بغير ما وصف به نفسه ، رواية دالة على فساد عقيدته(٦) ، وكان العلّامةرحمه‌الله بنى على ضعف تلك الرواية بحيث لا يوجب قدحها في الرجل(٧) .

[ترجمة أبي حمزة الثمالي]

(وأمّا أبو حمزة) الثمالي فاسمه ثابت بن دينار ، ثقة. قال النجاشي : (إنه لقي عليَّ ابن الحسينعليه‌السلام ، وأبا جعفرعليه‌السلام ، وأبا عبد اللهعليه‌السلام ، وأبا الحسنعليه‌السلام وروى عنهم ، وكان من خيار أصحابنا وثقاتهم ومعتمديهم في الرواية والحديث)(٨) .

__________________

(١) خلاصة الأقوال : ٩٧ رقم ١.

(٢) رجال النجاشي : ١٢٠ ، خلاصة الأقوال : ٩٧ رقم ١ ، هداية المحدثین : ٤٠.

(٣) رجال النجاشي : ٤٣٤ رقم ١١٦٥.

(٤) خلاصة الأقوال : ٢٨٩ رقم ٢.

(٥) التحرير الطاووسي : ٥٩٩ رقم ٤٥٥.

(٦) الكافي ١ : ١٠٠ ح ٣.

(٧) ينظر عن ترجمته بالتفصيل : معجم رجال الحديث ٢٠ : ٢٢٤ رقم ١٣٣٦٠.

(٨) رجال النجاشي : ١١٥ رقم ٢٩٦.

١٧٦

[ترجمة أبو إسحاق السبيعي]

(وأمّا السبيعي) فهو أبو إسحاق بن کلیب ، على ما ذكره الشيخ في رجاله في أصحاب أبي محمّد الحسن بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام (١) ، وروى عنه أبو حمزة الثمالي ، وقيل : هو عمر ـ أو عمرو ـ بن عبد الله بن علي السبيعي ، وهو موافق لما في شرح الكرماني لصحيح البخاري(٢) ، وعليه فهو من الثقات ، بل من أخصّ الخواص.

قال في مجمع البحرين : (روی محمّد بن جعفر المؤدِّب أن أبا إسحاق واسمه عمرو بن عبد الله السبيعي ، صلّی أربعين سنة صلاة الغداء بوضوء العتمة ، وكان يختم القرآن في كُلّ ليلة ، ولم يكن في زمانه أعبد منه ولا أوثق في الحديث عند الخاص والعام ، وكان من ثقات علي بن الحسين عليه‌السلام ، ووُلد في الليلة التي قُبض فيها أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وله تسع وتسعون سنة ، وهو من هَمْدان ) ، انتهى(٣) .

وفي رجال الوسيط أنه وابن يونس من العامّة ، ولعل بما قاله الذهبي في میزان الاعتدال إن أبا إسحاق السبيعي من أئمّة التابعين بالكوفة وأثباتهم(٤) وهو ليس بقاطع عليه بالخلاف ؛ إذ لعله قَدْ خفي مذهبه لشدَّة التقية ، على أنه ااَّفق له اولغيره مدح رجال الشيعة كأبان بن تغلب وغيره بأعظم من هذا(٥) .

__________________

(١) رجال الطوسي : ٩٦ رقم ٩٥٦ ، وفي المطبوع ذكر أبا إسحاق السبيعي فقط ، وابن كليب بعده رقم فهو على ذلك شخص آخر ، فلاحظ.

(٢) ذكره عنه المازندراني في شرح اُصول الكافي ٢ : ٨.

(٣) مجمع البحرين ٣ : ٢٥٠.

(٤) میزان الاعتدال ٣ : ٣٧٠ رقم ٦٣٩٣.

(٥) تلخيص الأقوال ، للأسترآبادي ، (مخطوط).

١٧٧

وفي (القاموس) : (السبيع ، كأمير ، السبيع بن سبع ، أبو بطن من هَمْدان ، ومنهم : الإمام أبو إسحاق عمرو بن عبد الله ، ومحلّة بالكوفة منسوب إليهم )(١) .

وقال ابن الأثير في النهاية : (السبيع ، هو بفتح السين وكسر الباء : محلّة من محالّ الكوفة منسوبة إلى القبيلة ، وهم بنو سبيع من هَمْدان )(٢) .

وقوله : عمّن حدثه يوجب إرسال الحديث.

الموضع الثاني

اختصاص عليعليه‌السلام بإمرة المؤمنين

في شرح متن الحديث :

[أ] ـ «قال : سمعت أمير المؤمنين » : هذا لقب خُصّ به علي بن أبي طالب كما هو متفق عليه بين علماء الإمامية ، ثبتت له هذه المرتبة من عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل لُقِّب به وآدم بين الروح والجسد ، كما رواه من العامّة ابن شیرویه في فردوس الأخبار(٣) ، ومع ذلك فقد زعمت العامّة مشاركة الأول والثاني معهعليه‌السلام في هذا اللَّقب ، بل جعلوا ذلك من أوليات الثاني ، وقالوا : أوَّل من لقِّب بأمير المؤمنين هو عمر(٤) ، وللسيد رضي الدين علي بن طاووس الحسنيرحمه‌الله كتاب (اليقين باختصاص مولانا أمير المؤمنين بإمرة المؤمنين) قَدْ جمع فيه من طرق العامّة المعتبرة والكتب المعتمدة عندهم مائتي وعشرين حديثاً بأسانيد مختلفة متعددة ،

__________________

(١) القاموس المحيط ٣ : ٣٦.

(٢) النهاية في غريب الحديث ٢ : ٣٣٨.

(٣) فردوس الأخبار ٢ : ١٩٧ ح ٥١٠٤.

(٤) فتح الباري ٧ : ٢٨٥ ، عمدة القاري ١٧ : ١٦٠.

١٧٨

ممَّا يدل على تخصيص هذا اللقب بعلي بن أبي طالبعليه‌السلام ، واعترفرحمه‌الله بأنه لم يستوعب جميع الأخبار.

[ب] ـ «والعمل به » : إعلم أن كلّ علم من علوم الدين يقتضي عملاً لو لم يأت به لكان ذلك العلم ناقصاً ، حَتَّى مُثّل العلم بوجوده تعالى ، وقدرته ، ولطفه ، وإحسانه ، يقتضي طاعةً في أمره ونهيه ، والعلم بوجود الجنَّة والنار يقتضي العمل الموجب لحصول الأوَّل والنجاة من الثاني ، فلا وجه للاختصاص بالعلم المتعلّق بكيفية العمل كما هو المنقول عن بعض الناظرين إلى هذا الحديث(١) .

[ج] ـ «أوجب عليكم من طلب المال » : فيه دلالة على أمرين :

الأول : طلب المال ، وعلى قدر الكفاف واجب قطعاً ، وبه يحصل الاستعانة بالعبادات والطاعات كما ورد : لولا الخبز ما صلَّينا ولا صمنا(٢) .

ولا ينافي الزهد المطلوب في دار الدنيا ؛ لأن المراد به كما عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : «قُصر الأمل ، وشكر كلّ نعمة ، والورع عمّا حرّم الله عزَّ وجلَّ »(٣) .

وكيف يكون الزهد في ترك الحلال وقد قال الصادقعليه‌السلام : «لا خير فيمن لا يحب جمع المال من حلال يكفُّ به وجهه ، ويقضي به دينه ، ويصل به رحمه »(٤) .

__________________

(١) شرح اُصول الكافي ٢ : ٩.

(٢) الكافي ٥ : ٧٣ ح ١٣ عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

(٣) ينظر : نهج البلاغة ١ : ١٣٠ والحديث نقل بالمعنی.

(٤) الکافي ٥ : ٧٢ ح ٥.

١٧٩

الثاني : طلب العلم أوجب وأوكد من طلب المال ، والمراد به الوجوب العقلي العيني ، أي أحسن وأليق بأنفسكم ، والدليل عليه قول أمير المؤمنينعليه‌السلام لكميل بن زياد : «يا کميل العلم خير من المال ، العلم يحرسك وأنت تحرس المال ، والمال تنقصه النفقة ، والعلم يزكو على الإنفاق»(١) .

[د] ـ ويمكن أن يُجعل قولهعليه‌السلام : «إنَّ المال مقسوم» : بيان لأرجحية طلب العلم ؛ إذ يعد الالتفات إلى قوله تعالى : ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا(٢) ، وقوله تعالى : ﴿وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّـهِ رِزْقُهَا(٣) لا ينبغي لعاقل أن يصرف عزيز أوقاته ، وثمین ساعاته في جلب الأموال ، وتحصيل الأسباب ، ويترك طلب العلم الَّذي فيه حياة القلب والبقاء الأبدي ، فإن العلم غذاء الروح وحياته الباقية التي لا انقطاع لها (الناس موتی وأهل العلم أحياء)(٤) .

[هـ] ـ «فاطلبوه من أهله » : وهم الأئمّة الَّذين هم أهل الذكر كما قال تعالى : ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ(٥) .

وحاصل هذه الرواية أن الرزق من لوازم الحياة ، فالإنسان غير مختار في ترکه ، بل مأتيّ إليه وإن فرّ عنه ، وما كان بهذه المثابة من ملازمة الوجود لا ينبغي الجهد في تحصيله ، بخلاف العلم فإنه ليس من شرائط الوجود والحياة ، بل يحصل بالطلب والابتغاء من أهله ، فينبغي المبالغة في طلبه وتحصيله من أهله.

__________________

(١) نهج البلاغة ٤ : ٣٦ وفي الأصل : (والعلم يزكو ويزداد).

(٢) سورة الزخرف : من آية ٣٢.

(٣) سورة هود : من آية ٦.

(٤) الدر المختار ١ : ٤٣ ، من شعرٍ ينسب لأمير المؤمنينعليه‌السلام .

(٥) سورة النحل : من آية ٤٣.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

[ ٢٨٧٨٨ ] ٤ - وبإسناده، عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن رجل ظاهر من امرأته قال: إن أتاها فعليه عتق رقبة أو صيام شهرين، أو إطعام ستّين مسكيناً. الحديث.

أقول: هذا وما وافقه محمول على التقسيم، لا التخيير جمعاً.

[ ٢٨٧٨٩ ] ٥ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن العلا بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) في قول الله عزّ وجلّ:( فمن لم يستطع فاطعام ستّين مسكيناً ) (١) قال: من مرض أو عطاش(٢) .

[ ٢٨٧٩٠ ] ٦ - وعنه، عن عثمّان بن عيسى، عن سماعة، قال: سألته عن رجل قال لامرأته: أنت عليَّ كظهر أُمّي، قال: [ عليه ](٣) عتق رقبة، أو إطعام ستّين مسكيناً، أو صيام شهرين متتابعين.

أقول: تقدّم وجهه(٤) .

[ ٢٨٧٩١ ] ٧ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن محمّد بن أبي عمير، عن أبان، وغيره، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث الظهار - قال: ثمّ

____________________

٤ - التهذيب ٨: ٦ / ١١، والاستبصار ٣: ٢٥٥ / ٩١٤، وأورده بتمامة في الحديث ١ من الباب ١٨ من أبواب الظهار.

٥ - التهذيب ٨: ٣٢٥ / ١٢٠٦.

(١) المجادلة ٥٨: ٤.

(٢) العطاش: داء يصيب الانسان يشرب فلا يروى « لسان العرب ٦: ٣٨١ ».

٦ - التهذيب ٨: ٣٢٢ / ١١٩٤، والاستبصار ٤: ٥٨ / ١٩٩، ونوادر أحمد بن محمّد بن عيسى: ٦٥ / ١٣٣.

(٣) اثبيناه من المصدر.

(٤) تقدم في ذيل الحديث ٤ من هذا الباب.

٧ - الفقيه ٣: ٣٤٠ / ١٦٤١، وأورده بتمامة في الحديث ١ من الباب ١ من أبواب الظهار.

٣٦١

أنزل الله الكفّارة في ذلك، فقال:( و الّذين يظاهرون من نسائهم ثمَّ يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسّا توعظون به والله بما تعملون خبير * فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسّا فمن لم يستطع فاطعام ستّين مسكيناً ) (١) .

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك في الظهار(٢) ، وفي الصوم(٣) ، وغير ذلك(٤) ، ويأتي ما يدلُّ عليه هنا(٥) ، وتقدّم ما ظاهره المنافاة، وذكرنا وجهه(٦) .

٢ - باب ان من تطوع بكفّارة الظهار، وكفّارة شهر رمضان عمن وجبت عليه اجزأه، ويجوز ان يطعمه اياها هو وعياله مع الاستحقاق

[ ٢٨٧٩٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، وعن عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمّان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: سمعته يقول: جاء رجل إلى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، فقال: يا رسول الله! ظاهرت من امرأتي، قال: اذهب فاعتق رقبة، قال: ليس عندي، قال: إذهب فصم شهرين متتابعين، قال: لا أقوى، قال: اذهب فأطعم ستّين مسكيناً، قال: ليس

____________________

(١) المجادلة ٥٨: ٣ و ٤.

(٢) تقدم في الحديثين ٢ و ٤ من الباب ١، وفي الحديث ٥ من الباب ١٣، وفي الحديث ٢ من الباب ١٤ من أبواب الظهار.

(٣) تقدم في الباب ١ من أبواب بقية الصوم الواجب.

(٤) تقدم ما يدل على كفّارة الظهار بالعموم في الحديث ١ من الباب ١ من ابواب ما يحرم بالمصاهرة وفي الحديثين ١ و ٦ من الباب ٦ من أبواب الاعتكاف وفي الحديث ١ من الباب ٢١ من أبواب نكاح العبيد والاماء.

(٥) يأتي في البابين ٢ و ٨ من هذه الأبواب.

(٦) تقدم في الحديث ٦ من الباب ١١ من أبواب الظهار.

الباب ٢

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٦: ١٥٥ / ٩.

٣٦٢

عندي، قال: فقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : أنا أتصدَّق عنك فأعطاه تمرا لاطعام ستّين مسكيناً، قال: اذهب فتصدق بها، فقال والذي بعثك بالحقّ، ما أعلم بين لابتيها أحدا أحوج إليه مني ومن عيالي، قال: فاذهب فكل وأطعم عيالك.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(١) .

وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن عثمّان بن عيسى(٢) .

ورواه الصدوق بإسناده عن سماعة(٣) .

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ثبوت هذا الحكم في كفّارة إفطار شهر رمضان في الصوم(٤) .

٣ - باب انه يجزي تتابع شهر ويوم وتفريق الباقي، ولايجزي اقل من ذلك، وانه لا يجوز صوم الكفّارة في السفر، ولا في المرض

[ ٢٨٧٩٣ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن جميل بن درّاج، أنّه سأل أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن الظهار، متى يقع على صاحبه الكفّارة؟ - إلى أن قال: - قلت: فإن صام فمرض فأفطر، أيستقبل أو يتم ما بقي عليه؟ قال: إن صام شهراً، ثمّ مرض استقبل، فان زاد على الشهر يوما أو يومين بنى عليه. الحديث.

ورواه الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير،

____________________

(١) التهذيب ٨: ١٥ / ٤٨.

(٢) التهذيب ٨: ٣٢١ / ١١٩١، والاستبصار ٤: ٥٧ / ١٩٧.

(٣) الفقيه ٣: ٣٤٤ / ١٦٤٩.

(٤) تقدم في الحديث ٢ من الباب ٨ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.

الباب ٣

فيه حديثان

١ - الفقيه ٣: ٣٤٣ / ١٦٤٧، وأورد صدره في الحديث ٢ من الباب ٤، وفي الحديث ٤ من الباب ١٠، وذيله في الحديث ٢ من الباب ١٢ من أبواب الظهار.

٣٦٣

عن جميل بن درّاج(١) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٢) .

[ ٢٨٧٩٤ ] ٢ - وبإسناده عن أيّوب بن نوح، عن صفوان، عن ابن عيينة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: المظاهر إذ صام شهراً ومن الشهر الآخر يوماً فقد واصل، فان شاء فليقض متفرّقاً، وإن شاء فليعط لكلّ يوم مدّاً من طعام.

أقول وتقدّم ما يدلُّ على ذلك في الصوم(١) ، ويأتي ما يدلُّ على بعض المقصود(٢) ، وحكم المرض محمول على المرض الذي يقدر معه على الصوم ؛ لما يأتي(٣) ، والاطعام محمول على العجز عن الصوم ؛ لما مرَّ(٤) .

٤ - باب ان من وجب عليه صوم شهرين متتابعين لم يجز له الشروع في شعبان، إلّا ان يصوم قبله ولو يوماً.

[ ٢٨٧٩٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد،

____________________

(١) الكافي ٦: ١٥٥ / ١٠.

(٢) التهذيب ٨: ٩ / ٢٨.

٢ - الفقيه ٣: ٣٤٥ / ١٦٥٣.

(٣) تقدم في البابين ٣ و ٤ من أبواب بقيه الصوم الواجب.

وتقدم ما يدل على عدم جواز صوم الكفّارة في السفر في الباب ٩ من أبواب من يصحّ منه الصوم.

(٤) يأتي في الباب ٤ من هذه الأبواب.

(٥) يأتي في الباب ٢٥ من هذه الأبواب.

(٦) مر في الباب ١ من هذه الأبواب.

الباب ٤

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٦: ١٥٦ / ١٢، ونوادر أحمد بن محمّد بن عيسى: ٦٤ / ١٣١، وأورد صدره في الحديث ١ من الباب ١٠، وفي الحديث ٢ من الباب ١١، وفي الحديث ١ من الباب ١٣ من أبواب الظهار، وذيله في الحديث ١ من الباب ٥ من هذه الأبواب، وبإسناد اخر في الحديث ١ من الباب ٩ من أبواب من يصح منه الصوم، وفي الحديث ٢ من الباب ٤ من أبواب بقيه الصوم الواجب.

٣٦٤

عن عليّ بن الحكم، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما( عليهما‌السلام ) - في حديث - قال: فان ظاهر في شعبان، ولم يجد ما يعتق، قال: ينتظر حتّى يصوم شهر رمضان، ثمَّ يصوم شهرين متتابعين، وإن ظاهر وهو مسافر، انتظر حتّى يقدم.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(١) .

وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضّالة والحسن(٢) ، عن صفوان، عن العلاء(٣) .

ورواه الصدوق بإسناده عن محمّد بن مسلم(٤) .

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك هنا(٥) وفي الصوم(٦) .

٥ - باب ان من شرع في الصوم، ثمّ قدر على العتق جاز له اتمام الصوم، ويستحب له اختيار العتق، وان كفّارة الظهار على العبد صوم شهر.

[ ٢٨٧٩٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما( عليهما‌السلام ) - في حديث الظهار - قال: فان صام فأصاب مالاً فليمض الذي ابتدأ فيه.

____________________

(١) التهذيب ٨: ١٧ / ٥٣، والاستبصار ٣: ٢٦٧ / ٩٥٧.

(٢) في المصدر: والحسين.

(٣) التهذيب ٨: ٣٢٢ / ١١٩٣.

(٤) الفقيه ٣: ٣٤٣ / ١٦٤٨.

(٥) تقدم في الباب ٣ من هده الأبواب.

(٦) تقدم في البابين ٣ و ٤ من أبواب بقيّة الصوم الواجب.

الباب ٥

فيه ٣ أحاديث

٣٦٥

ورواه الشيخ والصدوق كما مرّ(١) .

محمّد بن الحسن بإسناده عن عليِّ بن الحسن، عن عليِّ بن أسباط، عن العلاء مثله(٢) .

[ ٢٨٧٩٧ ] ٢ - وبإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن الأَحول، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما( عليهما‌السلام ) في رجل صام شهراً من كفّارة الظهار، ثمّ وجد نسمة، قال: يعتقها، ولا يعتدّ بالصوم.

أقول: حمله الشيخ على الاستحباب ؛ لما تقدّم(٣) .

[ ٢٨٧٩٨ ] ٣ - عبدالله بن جعفر في( قرب الإسناد) : عن عبدالله بن الحسن، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن رجل صام من الظهار، ثمّ أيسر، وبقي عليه يومان أو ثلاثة من صومه؟ فقال: إذا صام شهرا، ثمّ دخل في الثاني أجزأه الصوم، فليتم صومه، ولا عتق عليه.

ورواه عليُّ بن جعفر في كتابه مثله(٤) .

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على الحكم الثاني في الظهار(٥) .

____________________

(١) مرّ في الحديث ١ من الباب ٤ من هذه الأبواب، وأشرنا هناك الى مواضع قطعاته.

(٢) التهذيب ٤: ٢٣٢ / ٦٨١.

٢ - التهذيب ٨: ١٧ / ٥٤، والاستبصار ٣: ٢٦٨ / ٩٥٨.

(٣) تقدم في الحديث ١ من هذا الباب.

٣ - قرب الإِسناد: ١١١.

(٤) مسائل علي بن جعفر: ١٠٥ / ٦.

(٥) تقدم في الباب ١٢ من أبواب الظهار.

٣٦٦

٦ - باب ان كل من عجز عن الكفّارة اجزأه الاستغفار، وحكم الظهار في ذلك.

[ ٢٨٧٩٩ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: كلّ من عجز عن الكفّارة التي تجب عليه من صوم، أو عتق، أو صدقة في يمين، أو نذر، أو قتل، أو غير ذلك ممّا يجب على صاحبه فيه الكفّارة، فالاستغفار له كفّارة ما خلا يمين الظهار، فانه إذا لم يجد ما يكفّر به حرم(١) عليه أن يجامعها، وفرق بينهما إلّا أن ترضى المرأة أن يكون معها، ولا يجامعها.

ورواه الكلينيُّ، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن عاصم بن حميد مثله(٢) .

[ ٢٨٨٠٠ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود زياد بن المنذر، قال: سأل أبوالورد أبا جعفر( عليه‌السلام ) - وأناعنده - عن رجل قال لامرأته: أنت علي كظهر امي مائة مرَّة؟ فقال أبو جعفر( عليه‌السلام ) : يطيق لكلّ مرَّة عتق نسمة؟ قال: لا، قال: يطيق إطعام ستّين مسكيناً مائة مرَّة؟ قال: لا، قال: فيطيق صيام شهرين متتابعين مائة مرَّة؟ قال: لا، قال: يفرق بينهما.

ورواه الصدوق بإسناده عن زياد بن المنذر(٣) .

أقول: يمكن حمل الحديثين لى الاستحباب فانّه يمكن إسقاط الكفّارة بأن

____________________

الباب ٦

فيه ٤ أحاديث

١ - التهذيب ٨: ١٦ / ٥٠ و ٣٢٠ / ١١٨٩، والاستبصار ٤: ٥٦ / ١٩٥.

(١) في نسخة: حرمت « هامش المخطوط » وكذلك المصدر.

(٢) الكافي ٧: ٤٦١ / ٥.

٢ - التهذيب ٨: ٢٢ / ٧٢، وأورده في الحديث ٥ من الباب ١٣ من أبواب الظهار.

(٣) الفقيه ٣: ٣٤٥ / ١٦٥٤.

٣٦٧

يطلّق، ثمّ يتزوَّجها، ويمكن الحمل على عدم سقوط الكفّارة بالكلّيّة، بل حتّى يتمكّن منها بخلاف غير الظهار، كما قاله الشيخ(١) ؛ لما يأتي(٢) .

[ ٢٨٨٠١ ] ٣ - وعنه، عن بعض أصحابنا،( عن الطيالسي) (٣) ، عن أحمد بن محمّد، عن داود بن فرقد، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: إن الاستغفار توبة، وكفّارة لكلّ من لم يجد السبيل إلى شيء من الكفّارة.

[ ٢٨٨٠٢ ] ٤ - محمّد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: الظهار إذا عجز صاحبه عن الكفّارة فليستغفر ربه، وينوي أن لا يعود قبل أن يواقع، ثمّ ليواقع، وقد أجزأ ذلك عنه من الكفّارة، فاذا وجد السبيل إلى ما يكفّر يوما من الأَيّام فليكفّر، وإن تصدق وأطعم نفسه وعياله، فانه يجزيه إذا كان محتاجاً، وإلّا يجد ذلك فليستغفر ربه، وينوي أن لايعود فحسبه ذلك - والله - كفّارة.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٤) .

____________________

(١) راجع التهذيب ٨: ٣٢١ / ذيل ١١٩١، والاستبصار ٤: ٥٧ / ذيل ١٩٦.

(٢) يأتي في الحديث ٤ من هذا الباب.

٣ - التهذيب ٨: ٣٢٠ / ١١٨٨، وأورده بتمامة في الحديث ١ من الباب ٢٨ من أبواب الحض، وصدره في الحديث ١ من الباب ٢٢ من هذه الأبواب.

(٣) ليس في المصدر.

٤ - الكافي ٧: ٤٦١ / ٦.

(٤) التهذيب ٨: ٣٢٠ / ١١٩٠، والاستبصار ٤: ٥٦ / ١٩٦.

٣٦٨

٧ - باب أنه يجزي عتق الطفل في كفّارة الظهار اذا ولد في الإسلام، وكذا في كفّارة اليمين، ولا يجزي في كفّارة القتل، وان الرقبة المؤمنة هي المقرة بالإِمامة.

[ ٢٨٨٠٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ ن الحكم،( عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما( عليهما‌السلام ) (١) - في حديث الظهار - قال: والرقبة يجزي عنه صبي ممن ولد في الإِسلام.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٢) .

محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن محمّد بن مسلم مثله(٣) .

[ ٢٨٨٠٤ ] ٢ - وبإسناده عن السكونيِّ قال: قال عليٌّ( عليه‌السلام ) : الولد يجزي(٤) في الظهار.

[ ٢٨٨٠٥ ] ٣ - وبإسناده عن محمّد بن عيسى العبيدي، عن الفضل بن المبارك عن أبيه، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: قلت له: جعلت فداك، الرجل يجب عليه عتق رقبة مؤمنة فلايجدها، كيف يصنع؟ فقال: عليكم بالاطفال فاعتقوهم، فإن خرجت مؤمنة فذاك، وإن لم تخرج مؤمنة

____________________

الباب ٧

فيه ١٠ أحاديث

١ - الكافي ٦: ١٥٨ / ٢٢، وأورد مثله بسند اخر في الحديث ١ من هذه الأبواب.

(١) في المصدر: عن معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام ) وكذلك في التهذيب.

(٢) التهذيب ٨: ١٥ / ٤٩.

(٣) الفقيه ٣: ٣٤٣ / ذيل حديث ١٦٤٤ وهو قول المصنف.

٢ - الفقيه ٣: ٣٤٦ / ١٦٦٢.

(٤) في المصدر: ام الولد تجزئ.

٣ - الفقيه ٣: ٩٣ / ٣٤٨.

٣٦٩

فليس عليكم شيء.

[ ٢٨٨٠٦ ] ٤ - وبإسناده، عن محمّد الحلبيِّ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لايجوز في القتل إلّا رجل، ويجوز في الظهار وكفّارة اليمين صبيٌّ.

[ ٢٨٨٠٧ ] ٥ - محمّد بن الحسن بإسناده عن البزوفري، عن أحمد بن موسى النوفليّ، عن أحمد بن هلال، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيِّ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في قول الله عزّ وجلّ:( فتحرير رقبة مؤمنة ) (١) قال: يعني مقرّة(٢) .

[ ٢٨٨٠٨ ] ٦ - وبإسناده، عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن رجاله، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : كل العتق يجوز له المولود إلّا في كفّارة القتل، فان الله تعالى يقول:( فتحرير رقبة مؤمنة ) (٣) ، قال: يعني بذلك مقرة قد بلغت الحنث، ويجزي في الظهار صبيٌّ ممّن ولد في الإِسلام الحديث.

ورواه الكلينيُّ عن علىِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد ابن أبي نصر وابن أبي عمير - جميعاً - عن معمرّ بن يحيى، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) نحوه(٤) .

العيّاشيُّ في( تفسيره) عن معمرّ بن يحيى نحوه إلى قوله: بلغت

____________________

٤ - الفقيه ٣: ٢٣٧ / ١١٢١، ونوادر أحمد بن محمّد بن عيسى ٦٢ / ١٢٧.

٥ - التهذيب ٨: ٢٤٩ / ٩٠١، ونوادر أحمد بن محمّد بن عيسى: ٦٢ / ١٢٦.

(١) النساء ٤: ٩٢.

(٢) في نسخة زيادة: باللإِمامة « هامش المخطوط ».

٦ - التهذيب ٨: ٣٢٠ / ١١٨٧، ونوادر أحمد بن محمّد بن عيسى: ٦٧ / ١٣٩، وأورد ذيله في الحديث ٣ من الباب ١٥ من هذه الأبواب.

(٣) النساء ٤: ٩٢.

(٤) الكافي ٧: ٤٦٢ / ١٥.

٣٧٠

الحنث(١) .

[ ٢٨٨٠٩ ] ٧ - وعن كردويه الهمدانيّ، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) في قوله( فتحرير رقبة مؤمنة ) (٢) ، كيف تعرف المؤمنة؟ قال: على الفطرة.

[ ٢٨٨١٠ ] ٨ - وعن السكونيّ، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليّ (عليهم‌السلام ) ، قال: الرقبة المؤمنة التي ذكر(٣) الله إذا عقلت، والنسمة التي لا تعلم إلّا ما قلته، وهي صغيرة.

[ ٢٨٨١١ ] ٩ - عبدالله بن جعفر في( قرب الإسناد) : عن عبدالله بن الحسن، عن عليِّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر( عليهما‌السلام ) ، قال: سألته عن الظهار، هل يجوز فيه عتق صبيّ؟ فقال: إذا كان مولودا ولد في الاسلام أجزأه.

[ ٢٨٨١٢ ] ١٠ - أحمد بن محمّد بن عيسى في( نوادره) : عن الحلبيِّ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في قول الله:( فتحرير رقبة مؤمنة ) (٤) ، قال: يعني: مقرَّة.

أقول: وتقدّم ما يدلُّ على ذلك(٥) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٦) .

____________________

(١) تفسير العياشي ١: ٢٦٣ / ٢١٩.

٧ - تفسير العياشي ١: ٢٦٣ / ٢٢٠.

(٢) النساء ٤: ٩٢.

٨ - تفسير العياشي ١: ٢٦٣ / ٢٢١.

(٣) في المصدر: ذكرها.

٩ - قرب الإسناد: ١١١.

١٠ - نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى: ٦٢ / ١٢٦.

(٤) النساء ٤: ٩٢.

(٥) تقدم في الحديث ٣ من الباب ١ من هذه الأبواب.

(٦) يأتي في الحديث ٩ من الباب ١٤ من هذه الأبواب.

٣٧١

٨ - باب ان من عجز عن كفارة الظهار اجزأه صوم ثمانية عشر يوما ً

[ ٢٨٨١٣ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن محمّد بن الحسين،( عن وهيب بن حفص) (١) ، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن رجل ظاهر من امرأته، فلم يجد ما يعتق، ولا ما يتصدَّق، ولا يقوى على الصيام، قال: يصوم ثمّانية عشر يوما، لكلّ عشرة مساكين ثلاثة أيّام.

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك(٢) .

٩ - باب ان من دبر عبده، ثمّ مات، فانعتق لم يجزئه عن الكفّارة

[ ٢٨٨١٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، وعن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن ابن محبوب، عن إبراهيم الكرخيّ، قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : إنَّ هشام بن ادين(١) سألني أن أسألك عن رجل جعل لعبده العتق إن حدث بسيده حدث الموت، فمات السيد وعليه تحرير رقبة واجبة في كفّارة، أيجزي عن الميت عتق العبد الذي

____________________

الباب ٨

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٨: ٢٣ / ٧٤.

(١) في المصدر: عن وهب بن حفص النخاس.

(٢) تقدم في الباب ٩ من أبواب بقيّة الصوم الواجب.

الباب ٩

فيه حديثان

١ - الكافي ٦: ١٩٤ / ٣.

(٣) في نسخة: أديم « هامش المخطوط » وفي التهذيب: هشام بن اُذينة.

٣٧٢

كان السيّد جعل له العتق بعد موته في تحرير الرقبة التي كانت على الميّت؟ فقال: لا.

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(١) .

وبإسناده، عن الحسن بن محبوب مثله(٢) .

[ ٢٨٨١٥ ] ٢ - وبإسناده، عن عليِّ بن إسماعيل، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد عن الحلبيِّ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في رجل يجعل لعبده العتق إن حدث به حدث، وعلى الرجل تحرير رقبة في كفّارة يمين أو ظهار، أيجزي عنه أن يعتق عبده ذلك في تلك الرقبة الواجبة؟ قال: لا.

وبإسناده، عن البزوفريّ، عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد، عن ابن أبي عمير مثله(٣) .

أقول: يأتي ما يدلُّ على أنَّ المدبّر رق(٤) ، ويجوز الرجوع في التدبير(٥) ، وتنجيز العتق في هذا الحديث يمكن أن يراد به: أن الرجل جعل لعبده العتق بطريق النذر ونحوه، فلا يجوز عتقه عن الكفّارة، ويمكن أن يقرأ يعتق مبنيّاً للمجهول، ويراد به: أن ذلك العتق الذي هو بطريق التدبير لا يجزي عن الكفّارة، أو المراد: أنَّ عتقه بغير رجوع عن التدبير لا يجوز، والله أعلم.

____________________

(١) لم نعثر عليه في التهذيب المطبوع.

(٢) التهذيب ٨: ٢٣١ / ٨٣٧.

٢ - التهذيب ٨: ٢٤٨ / ٩٠٠.

(٣) التهذيب ٨: ٢٤٨ / ٩٠٠.

(٤) يأتي في الباب ١ من أبواب التدبير.

(٥) يأتي في الباب ٢ من أبواب التدبير.

٣٧٣

١٠ - باب وجوب الكفارة المرتبة في قتل الخطأ سواء اخذت منه الدية، وهبت له، حرا كان المقتول، او عبداً.

[ ٢٨٨١٦ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبدالله بن سنان، قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : كفّارة الدم إذا قتل الرجل مؤمنا متعمداً، - إلى أن قال: - وإذا قتل خطأ أدى ديته إلى أوليائه، ثمّ أعتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فان لم يستطع أطعم ستّين مسكيناً مدّاً مدّاً، وكذلك إذا وهبت له دية المقتول، فالكفّارة عليه فيما بينه وبين ربه لازمة.

أقول: وتقدّم ما يدلُّ على ذلك في الصوم(١) ، ويأتي ما يدلُّ عليه في القصاص(٢) ، وغيره.

١١ - باب وجوب الكفّارة على المرأة اذا شربت دواء فأسقطت.

[ ٢٨٨١٧ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه( عليهما‌السلام ) في امرأة حبلى شربت دواء فأسقطت قال: تكفّر عنه.

أقول: وتقدّم ما يدلُّ على ذلك عموما(٣) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٤) .

____________________

الباب ١٠

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٨: ٣٢٢ / ١١٩٦، وأورد صدره في الحديث ٢ من الباب ٢٨ من هذه الأبواب.

(١) تقدم في الباب ١ من أبواب بقية الصوم الواجب.

(٢) يأتي في الحديث ٤ من الباب ١٠ من أبواب قصاص النفس.

الباب ١١

فيه حديث واحد

١ - الفقيه ٣: ٢٣٤ / ١١٠٦.

(٣) تقدم في الحديث ١ من الباب ٦، وفي الحديث ١ من الباب ١٠ من هذه الأبواب.

(٤) يأتي ما يدلُّ على حرمة شرب الدواء لطرح الحمل في الباب ٧ من أبواب قصاص النفس وعلى وجوب الدية في الباب ٢١ من أبواب ديات النفس.

٣٧٤

١٢ - باب وجوب الكفّارة المخيرة المرتبة في مخالفة اليمين، اطعام عشرة مساكين، أوكسوتهم، او تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة ايام متوالية، فان عجز استغفر الله.

[ ٢٨٨١٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن أبي عليِّ الأشعريّ، عن محمّد بن عبد الجبّار، وعن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان - جميعاً - عن صفوان، عن ابن مسكان، عن الحلبيِّ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في كفّارة اليمين، يطعم عشرة مساكين، لكلّ مسكين مد من حنطة، أو مدّ من دقيق وحفنة، أو كسوتهم لكلّ إنسان ثوبان، أو عتق رقبة، وهو في ذلك بالخيار، أيّ ذلك شاء صنع(١) ، فان لم يقدر على واحدة من الثلاث، فالصيام عليه ثلاثة أيام.

[ ٢٨٨١٩ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن كفّارة اليمين؟ فقال: عتق رقبة أو كسوة، والكسوة ثوبان أو إطعام عشرة مساكين أي ذلك فعل أجزأ عنه، فان لم يجد فصيام ثلاثة أيام متواليات، وإطعام عشرة مساكين مدّاً مدّاً.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد مثله إلّا أنّه قال: مدّ مدّ(٢) .

[ ٢٨٨٢٠ ] ٣ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نصر، عن أبي

____________________

الباب ١٢

فيه ١٦ حديث

١ - الكافي ٧: ٤٥١ / ١، التهذيب ٨: ٢٩٥ / ١٠٩١، والاستبصار ٤: ٥١ / ١٧٤.

(١) في نسخة: أي الثلاثة صنع ( هامش المخطوط ).

٢ - الكافي ٧: ٤٥٢ / ٣، نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى: ٥٨ / ١١٤.

(٢) التهذيب ٨: ٢٩٥ / ١٠٩٢ والاستبصار ٤: ٥١ / ١٧٥.

٣ - الكافي ٧: ٤٥٢ / ٥، وأورد صدره في الحديث ٢ من الباب ١٤ من هذه الأبواب.

٣٧٥

جميلة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: في كفّارة اليمين عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم، - إلى أن قال: - فمن لم يجد فعليه الصيام، يقول الله عزّ وجلّ:( فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيّام ) (١) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٢) ، وكذا الأوَّل.

[ ٢٨٨٢١ ] ٤ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن أبي حمزة الثمّالي، قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عمن قال: والله، ثمّ لم يف؟ فقال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : كفارته إطعام عشرة مساكين مدّاً مدّاً(٣) دقيق أو حنطة،( أو كسوتهم) (٤) ، أو تحرير رقبة، أو صوم ثلاثة أيّام متوالية إذا لم يجد شيئاً من ذا.

ورواه الصدوق بإسناده عن القاسم بن محمّد الجوهري، عن علي بن أبي حمزة قال: سألته وذكر مثله وترك قوله: أو كسوتهم(٥) .

[ ٢٨٨٢٢ ] ٥ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم ابن عمر اليمانيِّ، عن أبى خالد القمّاط، أنّه سمع أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: من كان له ما يطعم فليس له أن يصوم، يطعم عشرة مساكين مدّاً مدّاً، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.

[ ٢٨٨٢٣ ] ٦ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال،

____________________

(١) المائدة ٥: ٨٩.

(٢) التهذيب ٨: ٢٩٦ / ١٠٩٧، والاستبصار ٤: ٥٢ / ١٧٩.

٤ - الكافي ٧: ٤٥٣ / ٨، ونوادر أحمد بن محمّد بن عيسى: ٥٧ / ١١٠، وأورد صدره في الحديث ١ من الباب ١٩ من هذه الأبواب.

(٣) في المصدر زيادة: من.

(٤) ليس في المصدر.

(٥) الفقيه ٣: ٢٢٩ / ١٠٨٢.

٥ - الكافي ٧: ٤٥٤ / ١٣.

٦ - الكافي ٧: ٤٥٣ / ١١.

٣٧٦

عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن شيء من كفّارة اليمين، فقال: يصوم ثلاثة أيام، قلت: إن(١) ضعف عن الصوم وعجز، قال: يتصدّق على عشرة مساكين، قلت: إنه عجز عن ذلك، قال: يستغفر الله ولا يعد، فانه أفضل الكفّارة وأقصاه وأدناه، فليستغفر الله، ويظهر توبة وندامة.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد مثله، إلى قوله: فليستغفر الله، ولا يعود(٢) .

أقول: الصوم هنا محمول على أنه واجب على من عجز عن الاطعام والكسوة والعتق، والاطعام المأمور به هنا بعد العجز عن الصوم محمول على إطعام ما دون المدّ، فانّه إذا عجز عن الجميع تصدَّق بما تيسر.

[ ٢٨٨٢٤ ] ٧ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم عن حمزة،( عن جعفر، عن أبيه: ان عليّاً) (٣) ( عليه‌السلام ) قال:( فوَّض الله) (٤) إلى الناس في كفّارة اليمين كما فوض إلى الامام في المحارب أن يصنع ما يشاء، وقال: كل شيء في القرآن أو، فصاحبه فيه بالخيار.

[ ٢٨٨٢٥ ] ٨ - علي بن جعفر في كتابه عن أخيه، قال: سألته عن كفّارة صوم اليمين، أيصومها جميعاً، أم يفرق بينها؟ قال: يصومها جميعاً.

[ ٢٨٨٢٥ ] ٩ - العياشي في( تفسيره) : عن سماعة بن مهران، عن أبي عبدالله

____________________

(١) في المصدر: إنه.

(٢) التهذيب ٨: ٢٩٨ / ١١٠٤، والاستبصار ٤: ٥٢ / ١٨٠، وفيه عن أبي عبدالله.

٧ - التهذيب ٨: ٢٩٩ / ١١٠٧، تفسير العياشي ١: ٣٣٨ / ١٧٥.

(٣) في المصدر: عن أبي جعفر.

(٤) في المصدر: سمعته يقول: إن الله فوض.

٨ - مسائل على بن جعفر: ١٧٥ / ٣١٢.

٩ - تفسير العياشي ١: ٣٣٧ / ١٦٨.

٣٧٧

( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن قول الله:( من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم ) (١) في كفّارة اليمين؟ قال: ما يأكل أهل البيت يشبعهم يوماً، وكان يعجبه مد لكلّ مسكين، قلت: أو كسوتهم، قال: ثوبين لكلّ رجل.

[ ٢٨٨٢٧ ] ١٠ - وعن أبي بصير، قال: سألت أبا جعفر( عليه‌السلام ) عن قول الله:( من أوسط ما تطعمون أهليكم ) (٢) ، قال: قوت عيالك، والقوت يؤمئذٍ مدّ، قلت:( أو كسوتهم ) (٣) قال: ثوب.

[ ٢٨٨٢٨ ] ١١ - وعن ابن سنان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) : في كفّارة اليمين ثوبين لكلّ رجل، والرقبة يعتق من المستضعفين في الذي يجب عليك فيه رقبة.

[ ٢٨٨٢٩ ] ١٢ - وعن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - في كفّارة اليمين، قال: صيام ثلاثة أيّام، لا يفرّق بينهنَّ.

[ ٢٨٨٣٠ ] ١٣ - وعن أبي خالد القماط أنه سمع أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول في كفّارة اليمين: من كان له ما يطعم فليس له أن يصوم، أطعم عشرة مساكين مداً مداً، أو أعتق رقبة أو كسوتهم، والكسوة ثوبان(٤) ، أي ذلك فعل أجزأ عنه، فان لم يجد فصيام ثلاثه أيام.

[ ٢٨٨٣١ ] ١٤ - وعن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: فان لم يجد فصيام ثلاثة أيام متواليات، وإطعام عشرة مساكين مدّ مدّ.

____________________

(١) المائدة ٥: ٨٩.

١٠ - تفسير العياشي ١: ٣٣٧ / ١٦٩.

(٢ و ٣) المائدة ٥: ٨٩.

١١ - تفسير العياشي ١: ٣٣٧ / ١٧٢.

١٢ - تفسير العياشي ١: ٣٣٨ / ١٧٧.

١٣ - تفسير العياشي ١: ٣٣٨ / ١٧٨.

(٤) في المصدر زيادة: أو اطعام عشرة مساكين.

١٤ - تفسير العياشي ١: ٣٣٩ / ١٧٩.

٣٧٨

[ ٢٨٨٣٢ ] ١٥ - وعن الحلبيِّ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: صيام ثلاثة أيام في كفّارة اليمين متتابعات لا يفصل بينهن، وقال: كل صيام يفرق إلّا صيام ثلاثة أيام في كفّارة اليمين، فان الله يقول:( فصيام ثلاثة أيام ) (١) ، أي: متتابعات.

[ ٢٨٨٣٣ ] ١٦ - أحمد بن محمّد بن عيسى في( نوادره) : عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر، أنه سمع أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول في كفّارة اليمين: من كان له ما يطعم فليس له أن يصوم، ويطعم عشرة مساكين مدا مدا، فان لم يجد فصيام ثلاثة أيام.

أقول: وتقدّم ما يدلُّ على بعض المقصود(٢) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٣) .

١٣ - باب حد العجز عن العتق والإِطعام والكسوة في الكفّارة.

[ ٢٨٨٣٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي إبراهيم( عليه‌السلام ) قال: سألته عن كفّارة اليمين في قوله:( فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيّام ) (٤) ، ما حدّ من لم يجد؟ وإن الرجل ليسأل في كفه وهو يجد؟ فقال: إذا لم يكن عنده فضل عن قوت عياله فهو ممّن لا يجد.

__________________

٥ - تفسير العياشي ١: ٣٣٩ / ١٨٠.

(١) المائدة ٥: ٨٩.

١٦ - نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى: ٦٠ / ١٢٠، وتفسير العياشي ١: ٣٣٨ / ١٧٦.

(٢) تقدم في الباب ١٠ من أبواب بقية الصوم الواجب، وفي الحديث ٩ من الباب ١٥ من أبواب مقدمات الطلاق، وفي الباب ٦ من هذه الأبواب.

(٣) يأتي في الباب ١٤ من هذه الأبواب.

الباب ١٣

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٧: ٤٥٢ / ٢.

(٤) المائدة ٥: ٨٩.

٣٧٩

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(١) .

١٤ - باب أنه يجزى في الإِطعام مد لكلّ مسكين، ويستحب مدان وان يضم اليه الآدام وادناه الملح وارفعه اللحم.

[ ٢٨٨٣٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه،( عن ابن أبي عمير) (٢) ، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، قال: قال أبو جعفر( عليه‌السلام ) : قال الله عزَّ وجلَّ لنبيّه( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) :( يا أيّها النبيُّ لم تحرّم ما أحلّ الله لك *قد فرض الله لكم تحلّة أيمانكم ) (٣) فجعلها يميناً، وكفّرها رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، قلت: بما كفّر؟ قال: أطعم عشرة مساكين، لكلِّ مسكين مدّ، قلنا:( فمن وجد) (٤) الكسوة؟ قال: ثوب يواري به عورته.

[ ٢٨٨٣٦ ] ٢ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي نصر، عن أبي جميلة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: في كفّارة اليمين: عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم، والوسط الخلّ والزيت، وأرفعه الخبز واللحم، والصدقة مدّ(٥) من حنطة لكلّ مسكين، والكسوة

____________________

(١) التهذيب ٨: ٢٩٦ / ١٠٩٦.

الباب ١٤

فيه ١٤ حديثاً

١ - الكافي ٧: ٤٥٢ / ٤، والتهذيب ٨: ٢٩٥ / ١٠٩٣، والاستبصار ٤: ٥١ / ١٧٦، ونوادر أحمد بن محمّد بن عيسى: ٥٩ / ١١٥، وأورد ذيله في الحديث ١ من الباب ١٥ من هذه الأبواب، وصدره في الحديث ٣ من الباب ٣٥ من أبواب الايمان.

(٢) في المصدر: عن ابن أبي نجران.

(٣) التحريم ٦٦: ١ و ٢.

(٤) في المصدر: فما حدّ.

٢ - الكافي ٧: ٤٥٢ / ٥، والتهذيب ٨: ٢٩٦ / ١٠٩٧، والاستبصار ٤: ٥٢ / ١٧٩، وأورد ذيله في الحديث ٣ من الباب ١٢ من هذه الأبواب.

(٥) في نسخة زيادة: مدّ « هامش المخطوط » وكذلك المصدر.

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456