وسائل الشيعة الجزء ٢٣

وسائل الشيعة19%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 417

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 417 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 289550 / تحميل: 6421
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ٢٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

سيّدي كاتبني، وشرط عليَّ نجوماً في كلِّ سنة، فجئته بالمال كلّه ضربة، فسألته أن يأخذه كله ضربة، ويجيز عتقي، فأبى عليَّ، فدعاه عليٌّ( عليه‌السلام ) ، فقال له: صدق، فقال له: مالك لا تأخذ المال، وتمضي عتقه؟ قال: ما أخذ، إلّا النجوم التي شرطت، واتعرّض من ذلك إلى ميراثه، فقال عليٌّ( عليه‌السلام ) : أنت أحقّ بشرطك.

أقول: ذكر الشيخ: ان الأوّل يدلُّ على الجواز، والثاني على عدم الوجوب، ولا منافاة بينهما، وتقدَّم ما يدلُّ على لزوم الشرط عموماً وخصوصاً(١) .

١٨ - باب جواز مكاتبة المملوك على مال يزيد عن قيمته، او يساويها، أو ينقص عنها

[ ٢٩٣٠٩ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضّالة، عن أبان. عمن أخبره، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في رجل ملك مملوكاً له مال، فسأل صاحبه المكاتبة، أله أن لا يكاتبه إلّا على الغلاء؟ قال: نعم.

ورواه الصدوق مرسلاً(٢) .

أقول: وتقدَّم ما يدلّ على ذلك بعمومه واطلاقه(٣) ، ويأتي ما يدلُّ

____________________

(١) تقدم في الباب ٦ من ابواب الخيار، وفي الابواب ٤ و ١١ و ١٦ من هذه الابواب.

الباب ١٨

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٨: ٢٧٢ / ٩٩٤.

(٢) الفقيه ٣: ٧٦ / ٢٦٩.

(٣) تقدم في الابواب ١ و ٢ و ٣ من هذه الابواب.

١٦١

عليه(١) .

١٩ - باب ان المكاتب اذا انعتق منه شيء ومات، فلوارثه بقدر الحرية، ولمولاه بقدر الرقية ان كان ترك مالاً، وان لم ينعتق منه شيء فماله لمولاه

[ ٢٩٣١٠ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن البزوفري، عن أحمد بن ادريس، عن أحمد بن محمّد ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم ابن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: قضى أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) في مكاتب توفّي، وله مال، قال: يقسّم ماله على قدر ما اُعتق منه لورثته، وما لم يعتق يحتسب منه لأربابه الذين كاتبوه، هو ماله.

[ ٢٩٣١١ ] ٢ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن عليّ بن النعمان، عن أبي الصباح، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) - في حديث - أنّه قال: في المكاتب يؤدّي بعض مكاتبته، ثمَّ يموت، ويترك ابناً، ويترك مالاً أكثر ممّا عليه من مكاتبته، قال: يوفي مواليه ما بقي من مكاتبته، وما بقي فلولده.

وعنه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) مثله(٢) .

ورواه الصدوق بإسناده عن عليّ بن النعمان(٣) .

____________________

(١) ويأتي في الباب ١٩ من هذه الابواب.

الباب ١٩

فيه ٥ احاديث

١ - التهذيب ٨: ٢٧٤ / ٩٩٩، والاستبصار ٤: ٣٧ / ١٢٤.

٢ - التهذيب ٨: ٢٧١ / ٩٨٩، والاستبصار ٤: ٣٩ / ١٢٩.

(٢) التهذيب ٨: ٢٧١ / ٩٩٠، والاستبصار ٤: ٣٩ / ١٣٠.

(٣) الفقيه ٣: ٧٦ / ٢٧٢.

١٦٢

أقول: يأتي وجهه(١) .

[ ٢٩٣١٢ ] ٣ - وعنه، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في مكاتب يموت، وقد أدّى بعض مكاتبته، وله ابن من جاريته، قال: ان اشترط عليه إن عجز فهو مملوك رجع ابنه مملوكاً والجارية، وان لم يكن اشترط عليه أدّى ابنه ما بقي من مكاتبته، وورث ما بقي.

ورواه الصدوق بإسناده عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان مثله(٢) .

وعنه، عن ابن أبي عمير، وفضّالة، عن جميل بن درّاج، قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) ، وذكر نحوه(٣) .

قال الشيخ: ليس في هذه الأخبار أنّه اذا ادى ما بقي على أبيه من أصل المال، أو من نصيبه، واذا احتمل ذلك حملناه على أنّه اذا أدى ما بقي على أبيه من الذي يخصّه، ثم يبقى بعد ذلك شيء كان له.

أقول: ويحتمل الحمل على الاستحباب بالنسبة إلى السيد.

[ ٢٩٣١٣ ] ٤ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في مكاتب(٤) بين شريكين، فيعتق أحدهما نصيبه، كيف تصنع الخادم؟ قال:( تخدم

____________________

(١) يأتي في ذيل الحديث ٣ من هذا الباب.

٣ - التهذيب ٨: ٢٧٢ / ٩٩١، والاستبصار ٤: ٣٧ / ١٢٥.

(٢) الفقيه ٣: ٧٧ / ٢٧٣.

(٣) التهذيب ٨: ٢٧٢ / ٩٩٢.

٤ - التهذيب ٨: ٢٧٥ / ١٠٠٣.

(٤) في المصدر: مكاتبة.

١٦٣

الباقي) (١) يوماً، وتخدم نفسها(٢) يوماً، قلت: فان ماتت(٣) وتركت مالاً؟ قال: المال بينهما نصفين بين الذي اعتق وبين الذي أمسك.

ورواه الصدوق بإسناده عن عمّار بن موسى نحوه(٤) .

ورواه في( المقنع) مرسلاً (٥) .

[ ٢٩٣١٤ ] ٥ - وبإسناده عن البزوفري عن، جعفر بن محمّد بن مالك، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطيّة، قال: سئل أبو عبد الله( عليه‌السلام ) عن مكاتب مات، ولم يؤدّ من مكاتبته، وترك مالاً وولداً، من يرثه؟ قال: ان كان سيده حين كاتبه اشترط عليه أنّه ان عجز عن نجومه فهو ردّ في الرقّ، فكان قد عجز عن أداء نجومه، فان ما ترك من شيء فهو لسيّده، وابنه رد في الرقّ، وان كان ولده بعده، أو كان كاتبه معه، وكان لم يشترط ذلك عليه، فان ابنه حرّ، ويؤدّي عن أبيه ما بقي مما ترك ابوه، وليس لابنه شيء حتّى يؤدّي ما عليه، وان لم يترك أبوه شيئاً فلا شيء على ابنه.

أقول: حمله الشيخ على أنّه ليس عليه اكثر ممّا بقي على أبيه، لما تقدَّم في هذا الباب(٦) وغيره(٧) ، ويأتي ما يدلُّ على حكم الميراث(٨) .

____________________

(١) في المصدر: تخدم الثاني.

(٢) في الفقيه: نفسه ( هامش المخطوط ).

(٣) في الفقيه: مات ( هامش المخطوط ).

(٤) الفقيه ٣: ٧٤ / ٢٦٠.

(٥) المقنع: ١٦٠.

٥ - التهذيب ٨: ٢٧٣ / ٩٩٦، والاستبصار ٤: ٣٨ / ١٢٨.

(٦) تقدم في الحديث ١ من هذا الباب.

(٧) تقدم في الباب ٧ من هذه الابواب.

(٨) يأتي في الباب ٢٠ من هذه الابواب، وفي الباب ٢٣ من ابواب موانع الارث، وفي الباب ٥٠ من ابواب حدّ الزنا.

١٦٤

٢٠ - باب ان المكاتب المبعض يرث ويورث بقدر الحرّية، وان أوصى او اُوصي له جاز له من الوصية بقدر الحرّية، وكذا كل مبعض.

[ ٢٩٣١٥ ] ١ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن عبد الله بن سنان، أنّه سأل أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن امرأة اعتقت ثلث خادمتها عند موتها، أعلى أهلها ان يكاتبوها ان شاؤوا وان أبوا؟ قال: لا، ولكن لها من نفسها ثلثها وللوارث ثلثاها، يستخدمها بحساب الذى له منها، ويكون لها من نفسها بحساب ما اُعتق منها.

[ ٢٩٣١٦ ] ٢ - محمّد بن الحسن بإسناده عن البزوفري، عن أحمد بن ادريس، عن أحمد بن محمّد ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم ابن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: قضى امير المؤمنين( عليه‌السلام ) في مكاتب تحته حرّة، فأوصت له عند موتها بوصيّة، فقال اهل المرأة: لا تجوز وصيتها له ؛ لانّه مكاتب لم يعتق، ولا يرث، فقضى: أنّه يرث بحساب ما اعتق منه، ويجوز له من الوصية بحساب ما اُعتق منه وقضى في مكاتب قضى ربع ما عليه فاعتق فأوصى له بوصيّة، فأجاز له ربع الوصيّة، وقضى في رجل حرّ اوصى لمكاتبة، وقد قضت سدس ما كان عليها، فاجاز بحساب ما اعتق منها، وقضى في وصية مكاتب قد قضى بعض ما كوتب عليه، أن يجاز من وصيّته بحساب ما أُعتق منه.

____________________

الباب ٢٠

فيه حديثان

١ - الفقيه ٣: ٧٢ / ٢٥١، ورواه في المقنع: ١٥٨.

٢ - التهذيب ٨: ٢٧٥ / ١٠٠٠، واورده بسند آخر في الباب ٨٠، وفي الحديث ١ من الباب ٨١ من ابواب احكام الوصايا، واورده عن الكافي بسنده آخر في الحديث ١ من الباب ١٩ من ابواب موانع الارث.

١٦٥

أقول: وتقدّم ما يدلُّ على ذلك هنا(١) وفي الوصايا(٢) ، ويأتي ما يدلُّ عليه في المواريث(٣) .

٢١ - باب جواز اعطاء المكاتب من مال الصدقة والزكاة

[ ٢٩٣١٧ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى عن أبي اسحاق - يعني: ابراهيم بن هاشم - عن بعض اصحابنا عن الصادق( عليه‌السلام ) قال: سألته عن مكاتب عجز عن مكاتبته وقد أدّى بعضها؟ قال: يؤدى عنه من مال الصدقة إن الله تعالى يقول في كتابه:( وفي الرِّقاب ) (٤) .

ورواه الصدوق مرسلاً(٥) .

أقول: وتقدّم ما يدلُّ على ذلك في الزكاة(٦) .

____________________

(١) تقدم في الباب ١٩ من هذه الابواب.

(٢) تقدم في الباب ٨٠ و ٨١ من ابواب الوصايا.

(٣) يأتي في الباب ١٩ من ابواب موانع الارث.

الباب ٢١

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٨: ٢٧٥ / ١٠٠٢، واورده في الحديث ١ من الباب ٤٤ من ابواب المستحقين للزكاة.

(٤) البقرة ٢: ١٧٧، التوبة ٩: ٦٠.

(٥) الفقيه ٣: ٧٤ / ٢٥٨.

(٦) تقدم في الباب ٤٣ و ٤٤ من ابواب المستحقين للزكاة.

١٦٦

٢٢ - باب حكم المكاتب في الحدود والشهادات والفطرة.

[ ٢٩٣١٨ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي المغرا(١) ، عن الحلبي، قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) في المكاتب: يجلد الحدّ بقدر ما أُعتق منه، قلت: أرأيت ان اعتق نصفه أتجوز شهادته في الطلاق؟ قال: ان كان معه رجل وامرأة جازت شهادته.

[ ٢٩٣١٩ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب عن محمّد بن أحمد العلوي،( عن العمركى) (٢) عن عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن المكاتب هل عليه فطرة رمضان، او على من كاتبه، او تجوز شهادته؟ فقال: الفطرة عليه، ولا تجوز شهادته.

ورواه عليُّ بن جعفر في كتابه(٣) .

ورواه الحميري في( قرب الإِسناد) عن عبد الله بن الحسن، عن عليّ ابن جعفر (٤) .

____________________

الباب ٢٢

فيه حديثان

١ - التهذيب ٨: ٢٧٦ / ١٠٠٥، والفقيه ٣: ٢٩ / ٨٦، واورد صدره بسند آخر في الحديث ١ من الباب ٣٣ من ابواب حد الزنا، واورد ذيله في الحديث ٦ من الباب ٢٣ من ابواب الشهادات.

(١) في المصدر: المعزى.

٢ - التهذيب ٨: ٢٧٧ / ١٠٠٧، والفقيه ٢: ١١٧ / ٥٠٢.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) مسائل علي بن جعفر: ١٣٧ / ١٤٤.

(٤) قرب الاسناد: ١٢٠.

١٦٧

أقول: تقدَّم ما يدلُّ على الحكم الفطرة(١) ، ويأتي ما يدلُّ على حكم الحدّ(٢) والشهادة(٣) ، وأنَّ ما تضمّن عدم قبول شهادته محمول على التقيّة.

____________________

(١) تقدم في الباب ٥ من ابواب زكاة الفطرة.

(٢) يأتي في الباب ٣٣ من ابواب حدّ الزنا.

(٣) يأتي في الباب ٢٣ من ابواب الشهادات.

١٦٨

أبواب الاستيلاد

١ - باب ان أم الولد مملوكة ما دام سيّدها حيّاً.

[ ٢٩٣٢٠ ] ١ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن زرارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: سألته عن اُمِّ الولد؟ فقال: امة. الحديث.

ورواه الكلينيُّ، عن عليّ بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، مثله(١) .

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٢) .

[ ٢٩٣٢١ ] ٢ - وبإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن

____________________

أبواب الاستيلاد

الباب ١

فيه حديثان

١ - الفقيه ٣: ٨٢ / ٢٩٤، واورده بتماُمّه في الحديث ٣ من الباب ٢٤ من ابواب بيع الحيوان.

(١) الكافي: ١٩١ / ١.

(٢) التهذيب ٨: ٢٣٧ / ٨٥٨، والاستبصار ٤: ١١ / ٣٤.

٢ - التهذيب ٨: ٢٠٦ / ٧٢٩، واورده في الحديث ٢ من الباب ٨٠ من ابواب نكاح العبيد.

١٦٩

إسماعيل بن بزيع، قال: سألت الرضا( عليه‌السلام ) عن الرجل يأخذ من اُمِّ ولده شيئاً وهبه لها بغير طيب نفسها من خدم او متاع، أيجوز ذلك له؟ فقال: نعم، اذا كانت ام ولده.

أقول: وتقدّم مايدلُّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٢) .

٢ - باب انه يجوز بيع ام الولد في ثمن رقبتها مع اعسار مولاها خاصة.

[ ٢٩٣٢٢ ] ١ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن عمرو بن يزيد، عن أبي ابراهيم(١) ( عليه‌السلام ) ، قال قلت له: اسألك؟ قال: سل، قلت: لم باع امير المؤمنين( عليه‌السلام ) امهات الأولاد؟ فقال: في فكاك رقابهن، قلت: وكيف ذاك؟ قال: ايما رجل اشترى جارية، فأولدها، ثم لم يؤدّ ثمنها، ولم يدع من المال ما يؤدَّى عنه، اخذ ولدها ثمنها منه وبيعت(٢) ، وأُدَّى ثمنها، قلت: فتباع فيما سوى ذلك من الدين؟ قال: لا.

[ ٢٩٣٢٣ ] ٢ - ورواه الكلينيُّ، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد، عن ابراهيم بن أبي البلاد، عن عمرو بن

____________________

(١) تقدم في الباب ٢٤ من ابواب بيع الحيوان.

(٢) ياتي في الباب ٢ من هذه الابواب.

الباب ٢

فيه حديثان

١ - الفقيه ٣: ٨٣ / ٢٩٩، واورده في الحديث ١ من الباب ٢٤ من ابواب بيع الحيوان.

(٣) في المصححة الثانية عن نسخة: ابي عبد الله (عليه‌السلام )

(٤) كذا في الاصل، وفي المصدر ( اخذ ولدها منها وبيعت ).

٢ - الكافي ٦: ١٩٣ / ٥، واورده في الحديث ١ و ٢ من الباب ٢٤ من ابواب بيع الحيوان.

١٧٠

يزيد نحوه إلّا أنَّه قال: أخذ ولدها منها، وبيعت.

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك في بيع الحيوان(١) وغيره(٢) .

٣ - باب ان الجارية اذا اسقطت من سيّدها بعد موته فهى ام ولد وتنعتق، وحكم الوصية لأمّ الولد، وبيع أمّ الولد من الرضاع

[ ٢٩٣٢٤ ] ١ - محمّد بن عليّ بن الحسين، بإسناده عن العلاء، عن محمّد ابن مسلم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) (٣) - في حديث - أنّه قال في جارية لرجل كان يأتيها، فاسقطت سقطاً منه بعد ثلاثة اشهر، قال: هي أُمّ ولد.

[ ٢٩٣٢٥ ] ٢ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإِسناد) عن السندي بن محمّد ، عن أبي البختري، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه( عليه‌السلام ) ، قال: اذا أسقطت الجارية من سيّدها فقد عتقت.

أقول: ويأتي ما يدلُّ على ذلك عموماً(٤) ، وتقدَّم ما يدلُّ على الحكم الثانى في الوصايا(٥) ، وعلى الثالث في النكاح(٦) .

____________________

(١) تقدم في الباب ٢٤ من ابواب بيع الحيوان.

(٢) تقدم ما يدل على ذلك عموماً في الحديث ١ من الباب ١ من هذه الابواب.

الباب ٣

فيه حديثان

١ - الفقيه ٣: ٢٨٧ / ١٣٦٨.

(٣) في المصدر: ابي عبد الله (عليه‌السلام ).

٢ - قرب الاسناد: ٧٤.

(٤) ياتي في البابين ٤ و ٦ من هذه الابواب.

(٥) تقدم في الباب ٨٢ من ابواب احكام الوصايا.

(٦) تقدم في الباب ١٩ من ابواب الرضاع.

١٧١

٤ - باب ان من تزوّج أمة، فاولدها، ثم اشتراها لم تكن ام ولد، ولم يحرّم بيعها حتّى تحمل منه بعد تملكها

[ ٢٩٣٢٦ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن مارد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في الرجل يتزوج الأمة، فتلد منه أولاداً، ثم يشتريها، فتمكث عنده ما شاء الله، لم تلد منه شيئاً بعد ما ملكها، ثمَّ يبدو له في بيعها، قال: هي أمته، ان شاء باع ما لم يحدث عنده حمل بعد ذلك، وان شاء اعتق.

٥ - باب ان أمّ الولد اذا مات ولدها قبل أبيه فهي امة لا تنعتق بموت سيّدها، ويجوز بيعها حينئذ ٍ

[ ٢٩٣٢٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ، عن صفوان، عن أبي مخلّد السراج، قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) ( لإِسماعيل وحقيبة والحارث النضري) (١) : اطلبوا لي جارية من هذا الذي يسمونه كدبانوجه، تكون مع اُمِّ فروة، فدلونا على جارية رجل من

____________________

الباب ٤

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٧: ٤٨٢ / ١٩٤٠، واورده في الحديث ١ من الباب ٨٥ من ابواب نكاح العبيد والاماء.

الباب ٥

فيه ٥ احاديث

١ - الكافي ٦: ١٩٧ / ١٥.

(١) في المصدر: لاسماعيل حقيبة والحارث النصري.

١٧٢

السراجين، قد ولدت له ابناً ومات ولدها، فأخبروه بخبرها، فأمرهم، فاشتروها، وكان اسمها رسالة، فحوَّل اسمها فسمّاها سلمى، وزوّجها سالماً مولاه، فهى أُمُّ حسين بن سالم.

[ ٢٩٣٢٨ ] ٢ - وعن عليِّ بن ابراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا،( عن أبي بصير) (١) ، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في رجل اشترى جارية يطؤها، فولدت له ولداً، فمات ولدها، قال: إن شاؤوا باعوها في الدين الذي يكون على مولاها من ثمنها، وان كان لها ولد قوِّمت على ولدها من نصيبه.

[ ٢٩٣٢٩ ] ٣ - وعنه، عن أبيه، عن اسماعيل بن مرار، وغيره، عن يونس في أُمِّ ولد ليس لها ولد، مات ولدها، ومات عنها صاحبها، ولم يعتقها، هل يجوز لاحد تزويجها؟ قال: لا، هي أمة، لا يحلُّ لاحد تزويجها إلّا بعتق من الورثة، فان كان لها ولد، وليس على الميّت دين فهي للولد، واذا ملكها الولد فقد عتقت بملك ولدها لها، وان كانت بين شركاء فقد عتقت من نصيب ولدها، وتستسعى في بقيّة ثمنها.

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٢) ، وكذا الذي قبله.

[ ٢٩٣٣٠ ] ٤ - وبإسناده عن الحسن بن محبوب، عن وهب بن عبد ربّه،

____________________

٢ - الكافي ٦: ١٩٢ / ٤، والتهذيب ٨: ٢٣٨ / ٨٦١، والاستبصار ٤: ١٢ / ٣٨ واورده في الحديث ٤ من الباب ٢٤ من ابواب بيع الحيوان.

(١) ليس في الكافي.

٣ - الكافي ٦: ١٩٣ / ٦.

(٢) التهذيب ٨: ٢٣٩ / ٨٦٣، والاستبصار ٤: ١٣ / ٣٩.

٤ - التهذيب ٨: ٢٠٦ / ٧٢٨، واورده في الحديث ١ من الباب ٧٢ من ابواب نكاح العبيد.

١٧٣

عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في رجل زوّج عبداً له من ام ولد له ولا ولد لها من السيّد ثمَّ مات السيّد، قال: لا خيار لها على العبد هي مملوكة للورثة.

محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن الحسن بن محبوب مثله(١) .

[ ٢٩٣٣١ ] ٥ - وبإسناده عن محمّد بن عليّ بن محبوب، عن محمّد بن عيسى، عن البزنطي، عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن الرجل يموت، وله اُمّ، ولد له منها ولد، أيصلح للرجل أن يتزوجها؟ فقال: اخبرت أنَّ علياً( عليه‌السلام ) أوصى في أُمّهات الأوّلاد اللاتي كان يطوف عليهنّ، من كان منهنَّ لها ولد فهي من نصيب ولدها، ومن لم يكن لها ولد فهي حرّة، وانما جعل من كان منهنَّ لها ولد من نصيب ولدها لكل لا تنكح إلّا باذن أهلها.

أقول: قوله: فهي حرّة على وجه الوصية لها بالعتق، لا علي وجه الحكم العام والفتوى، فلا اشكال فيه، وعدم جواز نكاحها بغير اذن مخصوص بمدة كونها ملكاً ؛ لما مرّ في نكاح الاماء(٢) ، وقد تقدّم ما يدلُّ على المقصود(٣) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٤) .

____________________

(١) الفقيه ٣: ٨٢ / ٢٩٥.

٥ - الفقيه ٣: ٨٢ / ٢٩٦.

(٢) مرّ في الباب ٢٩ من ابواب نكاح الاماء.

(٣) تقدم في الباب ٢٤ من ابواب بيع الحيوان.

(٤) ياتي في الباب ٦ من هذه الابواب.

١٧٤

٦ - باب ان ام الولد اذا كان ولدها حيّاً وقت موت ابيه صارت من نصيب ولدها، وانعتقت عليه ان لم يعتقها سيّدها قبل، او يوصى بعتقها، او يكون عليه دين مستوعب.

[ ٢٩٣٣٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن ابراهيم، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : أيّما رجل ترك سرية لها ولد او في بطنها ولد، او لا ولد لها، فان(١) أعتقها ربها عتقت، وان لم يعتقها حتّى توفّي فقد سبق فيها كتاب الله، وكتاب الله أحق، فان كان لها ولد، وترك مالاً، جعلت في نصيب ولدها. الحديث.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٢) .

[ ٢٩٣٣٣ ] ٢ - ورواه الصدوق بإسناده عن عاصم مثله، وزاد بعد قوله: في نصيب ولدها: ويمسكها أولياؤها حتّى يكبر الولد فيكون هو الذي يعتقها ان شاء، ويكونون هم يرثون ولدها ما دامت امة، فان اعتقها ولدها عتقت، وان توفي عنها ولدها ولم يعتقها فان شاؤوا ارقّوا، وان شاؤوا اعتقوا.

ورواه الشيخ بإسناده عن البزوفري، عن أحمد بن ادريس، عن أحمد

____________________

الباب ٦

فيه ٥ احاديث

١ - الكافي ٦: ١٩٢ / ٣، والفقيه ٣: ٨٣ / ٣٠٠.

(١) في الفقيه زيادة: كان ( هامش المخطوط ) وكذلك الكافي.

(٢) التهذيب ٨: ٢٣٨ / ٨٦٠، والاستبصار ٤: ١٢ / ٣٧.

٢ - الفقيه ٣: ٨٣ / ٣٠٠.

١٧٥

ابن محمّد ، عن ابن أبي نجران نحوه، وأورد الزيادة(١) .

أقول: حمله الشيخ على ما اذا كان على الميّت دين من ثمنها، ولم يقض من ذلك شيئاً، فإنّها توقف إلى أن يبلغ ولدها، فان اعتقها بأن يقضي دين ابيه انعتقت، وان لم يفعل ومات قبل البلوغ بيعت في ثمنها ؛ لما يأتي(٢) .

[ ٢٩٣٣٤ ] ٣ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن الوليد بن هشام، قال: قدمت من مصر، ومعي رقيق، فمررت بالعاشر(٣) ، فسألني، فقلت: هم أحرار كلّهم، فقدمت المدينة، فدخلت على أبي الحسن( عليه‌السلام ) ، فأخبرته بقولي للعاشر، فقال: ليس عليك شيء، فقلت: إنّ فيهم جارية قد وقعت عليها وبها حمل، قال: لا أليس(٤) ولدها بالذي يعتقها؟ اذا هلك سيّدها صارت من نصيب ولدها.

محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد مثله(٥) .

[ ٢٩٣٣٥ ] ٤ - وبإسناده عن علي بن الحسن، عن عليّ بن أسباط، عن عمه يعقوب الأحمر، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ،

____________________

(١) التهذيب ٨: ٢٣٩ / ٨٦٤.

علّق المصنّف ما نصّه: الظاهر ان الكليني حذف هذه الزيادة من الحديث لا حتياجها الى التاويل ولا ستلزامها التطويل ( منه ره ).

(٢) ياتي في الحديث ٤ من هذا الباب.

٣ - الفقيه ٣: ٨٤ / ٣٠١، واورد صدره في الحديث ١ من الباب ٦٠ من ابواب العتق.

(٣) في نسخة: بالعشار ( هامش المخطوط ).

(٤) في نسخة: بأس ( هامش المخطوط ).

(٥) التهذيب ٨: ٢٢٧ / ٨١٥.

٤ - التهذيب ٨: ٢١٤ / ٧٦٤، واورد صدره في الحديث ٢ من الباب ١٣ من ابواب نكاح العبيد.

١٧٦

قال: اذا أعتق رجل جارية، ثمَّ أراد أن يتزوّجها مكانه، فلا بأس، فلا تعتدّ من مائه، وان ارادت أن تتزوّج من غيره فلها مثل عدَّة الحرّة، وأيّ رجل اشترى جارية، فولدت منه ولداً، فمات ان شاء أن يبيعها في الدين الذي يكون على مولاها من ثمنها باعها، وان كان لها ولد قوّمت على ابنها من نصيبه، وان كان ابنها صغيراً انتظر به حتّى يكبر، ثمّ يجبر على ثمنها، وان مات ابنها قبل اُمّه بيعت في ميراثه ان شاء الورثة.

أقول: الانتظار حتّى يكبر الولد مخصوص بما اذا كان هناك دين من ثمنها كما مرّ(١) ، فعتقها موقوف على أدائه، ويستحبّ لولدها أن يؤدِّيه، وتنعتق، وموت ابنها هنا محمول على كونه قبل موت الاب ؛ لما تقدَّم(٢) .

وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن رجل اشترى جارية، فولدت منه ولدا، فمات، ثمَّ ذكر نحوه وترك قوله: من ثمنها(٣) .

[ ٢٩٣٣٦ ] ٥ - عليُّ بن جعفر في كتابه، عن أخيه( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن الرجل يموت، وله أُمّ ولد، وله معها ولد، أيصلح للرجل أن يتزوجها؟ قال: أخبرك ما أوصى به عليّ( عليه‌السلام ) في أُمّهات الأولاد؟ قلت: نعم، قال إنّ عليّاً( عليه‌السلام ) اوصى أيما امرأة منهنَّ كان لها ولد فهي من نصيب ولدها.

أقول: وتقدّم مايدلّ على ذلك هنا(٤) ، وفي العتق(٥) ، وفي بيع

____________________

(١) مرّ في الباب ٢ من هذه الابواب.

(٢) تقدم في الباب ٥ من هذه الابواب.

(٣) التهذيب ٨: ٢٣٩ / ٨٦٥، والاستبصار ٤: ١٤ / ٤١.

٥ - مسائل علي بن جعفر: ١٤٧ / ١٨٤.

(٤) تقدم في الباب ٥ من هذه الابواب.

(٥) تقدم في الباب ٧ من ابواب العتق.

١٧٧

الحيوان(١) ، وغير ذلك(٢) ، وتقدّم ما يدلّ على أنّ من ملك اُمّه انعتقت عليه(٣) ، وعلى تقديم الدين والوصيّة على الميراث(٤) ، ويأتي ما يدلّ على ذلك(٥) .

٧ - باب جواز جبر أمّ الولد على الخدمة وعلى ارضاع الولد

[ ٢٩٣٣٧ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن سليمان بن داود المنقري، عن عبد العزيز بن محمّد ، قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) ، أو سمعته يقول: لا تجبر الحرّة على رضاع الولد، وتجبر امّ الولد.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في احكام الأولاد(٦) وتقدّم ما يدلُّ على أنَّ أُمّ الولد مملوكة، لا تنعتق بالاستيلاد ما دام مولاها حيّاً(٧) .

____________________

(١) تقدم في الباب ٢٤ من ابواب بيع الحيوان.

(٢) تقدم في الحديث ٢ من الباب ١٥ من ابواب نكاح العبيد.

(٣) تقدم في الباب ٤ من ابواب بيع الحيوان.

(٤) تقدم في الباب ٢٨ من ابواب الوصايا.

(٥) ياتي ما يدل على بعض المقصود في الباب ٨ من هذه الابواب.

الباب ٧

فيه حديث واحد

١ - الفقيه ٣: ٨٣ / ٢٩٧، واورده في الحديث ١ من الباب ٦٨ من ابواب احكام الأوّلاد.

(٦) تقدم في الباب ٦٨ من ابواب احكام الأوّلاد.

(٧) تقدم في البابين ١ و ٢ من هذه الابواب.

١٧٨

٨ - باب حكم أم الولد اذا مات سيّدها، فاعتقت، ثم تنصرت، وتزوّجت نصرانياً، وولدت.

[ ٢٩٣٣٨ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن عليّ بن الحسن، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، وسندي بن محمّد ، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: قضى عليّ( عليه‌السلام ) في وليدة كانت نصرانيّة فأسلمت عند رجل، فولدت لسيدها غلاماً، ثمَّ إنّ سيّدها مات فأصابها عتاق السريّة، فنكحت رجلاً نصرانياً دارياً، وهو العطّار، فتنصّرت، ثم ولدت ولدين، وحملت آخر، فقضى فيها ان يعرض (عليها‌السلام ) ، فأبت، قال: أمّا ما ولدت من ولد فانّه لابنها من سيّدها الأوّل، واحبسها حتّى تضع ما في بطنها، فاذا ولدت فاقتلها.

أقول: يأتي وجهه في الحدود، في حدّ المرتدّ(١) .

____________________

الباب ٨

فيه حديث واحد

١ - التهذيب ٨: ٢١٣ / ٧٦١، واورده نحوه باسناد آخر في الحديث ٥ من الباب ٤ من ابواب حد المرتد.

(١) يأتي في ذيل الحديث من الباب ٤ من ابواب حدّ المرتد.

١٧٩

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

٩ - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن غير واحد، عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليه‌السلام قالا أنّ الله أرحم بخلقه من أنّ يجبر خلقه على الذنوب ثمّ يعذبهم عليها والله أعزّ من أنّ يريد أمراً فلا يكون قال فسئلا عليهما السلام هل بين الجبر والقدر منزلة ثالثة قالا نعم أوسع ممّا بين السماء والأرض.

١٠ - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن صالح بن سهل، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سئل عن الجبر والقدر

________________________________________________________

بالنسبة إلى كلّ مكلف، نعم لا بد من الألطاف الّتي لا يصحّ التكليف عقلا بدونها كالإعلام والأقدار والتمكين ورفع الموانع الّتي ليس رفعها في وسع المكلف، وإمّا وجوب كلّ ما يقرب إلى الطاعة ويبعد عن المعصية فيشكلّ القول بوجوبها، بل الظاهر عدم تحقق كثير من الألطاف الغير المفضية إلى حدّ الإلجاء كابتلاء أكثر المرتكبين للمعاصي مقارنا لفعلهم ببلاء، وإيصال نفع عاجلَّ بأكثر المطيعين، وتواتر الأنبياء والمرسلين والحجج في كلّ أرض وصقع، وأيضاً فحينئذ لا معنى للخذلأنّ الّذي يدّل عليه كثير من الأخبار، إذ مع علمه تعالى بعدم نفع اللطف لا تأثير للخذلأنّ في الفعل والترك، ومع النفع يفوت اللطف، ونقض الغرض إنّما يتحقق إذا كان الغرض فعل المكلف به، ولعلّ الغرض تعريضهم للثواب والعقاب، وليس هذا مقام بسط الكلام في تلك المسائل، وإنّما نشير إلى ما ظهر لنا من الأخبار في كلّ منها.

الحديث التاسع: مرسل كالصحيح.

قولهعليه‌السلام : والله أعز، أيّ إنّما قدروا على الفعل لأنّ الله سبحانه خلى بينهم وبين إرادتهم، ولو أراد غيره حتماً لصرفهم إذ هو سبحانه أعزّ من أنّ يريد أمراً حتماً ثمّ لا يكون ذلك الأمر، وهذا الخبر أيضاً يدّل على أنّ القدرية المفوضة.

الحديث العاشر: ضعيف.

٢٠١

فقال لا جبر ولا قدر ولكن منزلة بينهما فيها الحقّ الّتي بينهما لا يعلمها إلّا العالم أو من علمها إياه العالم.

________________________________________________________

قوله: الّتي بينهما، مبتدأ « لا يعلمها » خبره، أشارعليه‌السلام إلى دقة المنزلة بين المنزلتين وغموضها، كما يظهر لمن تأمل فيها، فإنها أصعب المسائل الدينية، وقد تحير فيها العلماء من كلّ فرقة، قال إمامهم الرازي: حال هذه المسألة عجيبة فأنّ الناس كانوا فيها مختلفين أبداً بسبب أنّ ما يمكن الرجوع إليه فيها متعارضة متدافعة، فمعوّل الجبرية على أنّه لا بد لترجيح الفعل على الترك من مرجح ليس من العبد، ومعوّل القدريّة على أنّ العبد لو لم يكن قادراً على فعله لـمّا حسن المدح والذم والأمرّ والنهي، وهما مقدمتان بديهيّتان.

ثمّ من الدلائل العقلية اعتماد الجبرية على أنّ تفاصيل أحوال الأفعال غير معلومة للعبد، واعتماد القدرية على أنّ أفعال العباد واقعة على وفق قصودهم ودواعيهم وهما متعارضان، ومن الإلزامات الخطابية أنّ القدرة على الإيجاد كما لا يليق بالعبد الّذي هو منبع النقصان، فأنّ أفعال العباد يكون سفها وعبثا فلا يليق المتعالي عن النقصان، وإمّا الدلائل السمعيّة فالقران مملوّ ممّا يوهم بالأمرين، وكذا الآثار وأنّ أمة من الأمم لم تكن خالية من الفرقتين، وكذا الأوضاع والحكايات متدافعة من الجانبين، حتّى قيل: أنّ وضع النرد على الجبر ووضع الشطرنج على القدر، إلّا أنّ مذهبنا أقوى بسبب أنّ القدح في قولنا لا يترجح الممكن إلّا بمرجح [ لا ] يوجب انسداد باب إثبات الصانع.

ونحن نقول: الحقّ ما قال بعض أئمة الدين: أنّه لا جبر ولا تفويض ولكن أمرّ بين أمرين، وذلك لأنّ مبني المبادئ القريبة لأفعال العبد على قدرته واختياره، والمبادئ البعيدة على عجزه واضطراره، فأنّ الإنسان مضطر في صورة مختار، كالقلم في يد الكاتب، والوتد في شق الحائط، وفي كلام بعض العقلاء: قال الحائط للوتد: لم تشقني؟ قال: سل من يدقني « انتهى » وإنّما أوردت كلامه لبيان حيرتهم واعترافه بالأمرّ بين الأمرين، وأنّ لم يبيّن معناه على وجه يرفع الإشكال من البين.

٢٠٢

١١ - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد، عن يونس، عن عدة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال له رجلَّ جعلت فداك أجبر الله العباد على المعاصي فقال الله أعدل من أنّ يجبرهم على المعاصي ثمّ يعذبهم عليها فقال له جعلت فداك ففوض الله إلى العباد - قال فقال لو فوض إليهم لم يحصرهم بالأمرّ والنهي فقال له جعلت فداك فبينهما منزلة قال فقال نعم أوسع ما بين السماء والأرض.

١٢ - محمّد بن أبي عبد الله وغيره، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال قلت لأبي الحسن الرّضاعليه‌السلام أنّ بعض أصحابنا يقول بالجبر وبعضهم يقول بالاستطاعة قال فقال لي اكتب بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، قال عليّ بن الحسين قال الله عزّ وجلَّ يا ابن آدم بمشيئتي كنت أنت الّذي تشاء وبقوّتي أدّيت إليّ

________________________________________________________

الحديث الحادي عشر: مرسل كالصحيح.

ويظهر منه أنّ التفويض هو إهمال العباد وعدم توجه الأمرّ والنهي إليهم، ولذا قال بعضهم: التفويض غير معنى القدر والجبر المقابل لكلّ منهما معنى آخر، وأقول: يحتمل أنّ يكون المراد لو كان أهملهم بعد الأمرّ والنهي ولم يوجه إليهم الألطاف والتوفيقات، لكان إهمالهم مطلقاً أولى، والحاصل أنّ أمرهم ونهيهم وإرسال الرسل إليهم دليل على أنّه سبحانه متوجه إلى أصلاًحهم، معتن بشأنهم ليوصلهم إلى ما يستحقونه من الدرجات، وإهمالهم حينئذ ينافي ذلك الغرض، فيكون قريباً من دليل اللطف المتقدم، وقيل: أيّ لم يحصرهم بسلطنته وملكه ويلزم خروجهم باعتبار التفويض من سلطان الله تعالى، ولـمّا كانت السلطنة علّة للأمرّ والنهي فعبر عنها بهما مجازاً تسمية للسبب باسم المسبب، ولا يخفى بعده، وقيل: أيّ التفويض مستلزم للعجز، والعاجز غير قابل للربوبية والأمرّ والنهي، وهو قريب من الأوّل مضموناً وبعداً.

الحديث الثاني عشر: ضعيف على المشهور، والاستطاعة تطلق على ثلاثة معأنّ « الأوّل » القدرة الزائدة على ذات القادر « الثاني » آلة تحصل معها القدرة على الشيء

٢٠٣

فرائضي وبنعمتي قويتعلى معصيتي جعلتك سميعاً بصيراً ، ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وذلك أني أولى بحسناتك منك وأنت أولى بسيئاتك مني وذلك أني لا أسأل عمّا أفعل «وَهُمْ يُسْألُونَ » قد نظمت لك كلّ شيء تريد.

١٣ - محمّد بن أبي عبد الله، عن حسين بن محمّد، عن محمّد بن يحيى عمّن حدثه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا جبر ولا تفويض ولكن أمرّ بين أمرين قال قلت وما أمرّ بين أمرين قال مثل ذلك رجلَّ رأيته على معصية فنهيته فلم ينته فتركته ففعل تلك المعصية - فليس حيث لم يقبل منك فتركته كنت أنت الّذي أمرته بالمعصية.

١٤ - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقيّ، عن عليّ بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الله أكرم من أنّ يكلف الناس ما لا يطيقون والله أعزّ من أنّ يكون في سلطانه ما لا يريد.

________________________________________________________

كالزاد والراحلة وتخلية السرب وصحة البدن في الحج « الثالث » التفويض مقابل الجبر وهو المراد ههنا، وقوله: قد نظمت، كلام الرّضاعليه‌السلام ويحتمل السجادعليه‌السلام أيضاً لكنّه بعيد، وقد مرّ الكلام في الخبر في باب المشيّة والإرادة.

الحديث الثالث عشر: مرسل ويدّل على أنّ الأمرّ بين الأمرين هو مدخليته سبحانه في أعمال العباد بالتوفيق والخذلأنّ كما سيأتي.

الحديث الرابع عشر: صحيح.

قولهعليه‌السلام : ما لا يطيقون، أيّ ما لا يكون الإتيان به مقدوراً لهم، ويكونون مجبورين على خلافه كما تقوله الجبرية.

قوله: ما لا يريده، أيّ ولو بالعرض كما مرّ أو يريد خلافه.

فذلكة

اعلم أنّ مسألة خلق الأعمال من أعظم المسائل الإسلامية وأصعبها وأهمها، وقد جرى بين الإماميّة والمعتزلة والأشاعرة في ذلك مناقشات طويلة ومباحثات كثيرة،

٢٠٤

________________________________________________________

وقد صنع أكثرهم في ذلك رسائل مفردة، والّذي يتحصل من مذاهبهم أنّ أفعال العباد دائرة بحسب الاحتمال العقلي بين أمور:

الأوّل: أنّ يكون حصولها بقدرة الله وإرادته من غير مدخل لقدرة العبد فيه وإرادته.

الثاني: أنّ يكون بقدرة العبد وإرادته من غير مدخل لقدرة الله تعالى وإرادته فيه، أيّ بلا واسطة، إذ لا ينكر عاقل أنّ الأقدار والتمكين مستندأنّ إليه تعالى، إمّا ابتداء أو بواسطة.

الثالث: أنّ يكون حصولها بمجموع القدرتين، وذلك بأنّ يكون المؤثر قدرة الله بواسطة قدرة العبد أو بالعكس، أو يكون المؤثر مجموعها من غير تخصيص إحداهما بالمؤثرية، والأخرى بالآلية، وذهب إلى كلّ من تلك الاحتمالات ما خلا الاحتمال الثاني من محتملات الشق الثالث طائفة.

إمّا الأوّل ففيه قولان: « الأوّل » مذهب الجبرية البحتة وهم جهم بن صفوان وأتباعه، حيث ذهبوا إلى أنّ الفعل من الله سبحانه بلا تأثير لإرادة العبد وقدرته فيه ولا كسب، بل لا فرق عندهم بين مشي زيد وحركة المرتعش، ولا بين الصاعد إلى السطح والساقط منه، « والثاني » مذهب أبي الحسن الأشعريّ وأتباعه فإنهم لـمّا رأوا شناعة قول الجهمية فروا منه بما لا ينفعهم وقالوا: أفعال العباد الاختيارية واقعة بقدرة الله وحده، وليس لقدرتهم تأثير فيها، بل الله سبحانه أجرى عادته بأنّه يوجد في العبد قدرة واختيارا، فإذا لم يكن هناك مانع أوجد فيه فعله المقدور مقارنا لهما، فيكون فعل العبد مخلوقاً لله أبداًعا وإحداثا ومكسوبا للعبد، والمراد بكسبه إياه مقارنته لقدرته وإرادته من غير أنّ يكون هناك منه تأثير أو مدخل في وجوده سوى كونه محلا له، وقالوا: نسبة الفعل إلى العبد باعتبار قيامه به لا باعتبار إيجاده له،

٢٠٥

________________________________________________________

فالقائم والآكل والشارب عندهم بمنزلة الأسود والأبيض.

والثاني وهو استقلال العبد في الفعل مذهب أكثر الإماميّة والمعتزلة، فإنهم ذهبوا إلى أنّ العباد موجدون لأفعالهم مخترعون لها بقدرتهم، لكن أكثر المعتزلة قائلون بوجوب الفعل بعد إرادة العبد، وبعضهم قالوا: بعدم وجوب الفعل بل يصيّر أولى، قال المحقّق الطّوسيقدس‌سره : ذهب مشايخ المعتزلة وأبو الحسين البصري وإمام الحرمين من أهل السنة إلى أنّ العبد له قدرة قبل الفعل وإرادة بها تتم مؤثريته، فيصدر عنه الفعل، فيكون العبد مختارا إذ كان فعله بقدرته الصالحة للفعل والترك، وتبعاً لداعيه الّذي هو إرادته، والفعل يكون بالقياس إلى القدرة وحدها ممكناً وبالقياس إليها مع الإرادة يصيّر واجباً، وقال المحمود الملاحمي وغيره من المعتزلة: أنّ الفعل عندّ وجود القدرة والإرادة يصيّر أولى بالوجود حذراً من أنّ يلزمهم القول بالجبر لو قالوا بالوجوب، وليس ذلك بشيء لأنّ مع حصول الأوّلوية أنّ جاز له الطرف الآخر لـمّا كانت الأوّلوية بأولوية، وأنّ لم يجز فهو الواجب وإنّما غيروا اللفظ دون المعنى « انتهى ».

واختلف في نسبة احتمالي الشق الثالث وتحقيقهما، ففي المواقف وشرحه: أفعال العباد الاختيارية واقعة بقدرة الله تعالى وحدها، وقالت المعتزلة: بقدرة العبد وحدها على سبيل الاستقلال بلا إيجاب بل باختيار، وقالت طائفة بالقدرتين، ثمّ اختلفوا فقال الأستاد، يعنّي أبا إسحاق الإسفرائيني: بمجموع القدرتين، على أنّ تتعلقا جميعاً بالفعل نفسه وجوز اجتماع المؤثرين على أثر واحد، وقال القاضي، يعنّي الباقلاني: على أنّ تتعلق قدرة الله بأصل الفعل وقدرة العبد بصفته أعنّي كونه طاعة ومعصية، إلى غير ذلك من الأوصاف الّتي لا يوصف بها أفعاله تعالى كما في لطم اليتيم تأديباً أو إيذاء فأنّ ذات اللطم واقعة بقدرة الله وتأثيره، وكونه طاعة على الأوّل ومعصية على الثاني بقدرة العبد وتأثيره، وقالت الحكماء وإمام الحرمين: هي واقعة على سبيل

٢٠٦

________________________________________________________

الوجوب وامتناع التخلف بقدرة يخلقها الله في العبد إذا قارنت حصول الشرائط وارتفاع الموانع، والضابط في هذا المقام أنّ المؤثر إمّا قدرة الله أو قدرة العبد على الانفراد كمذهبي الأشعريّ وجمهور المعتزلة، أو هما معاً وذلك إمّا مع اتحاد المتعلّقين كمذهب الأستاد منا والنجار من المعتزلة، أو دونه وحينئذ فإمّا مع كون إحداهما متعلقة للأخرى، ولا شبهة في أنّه ليس قدرة الله متعلقة لقدرة العبد، إذ يستحيل تأثير الحادث في القديم، فتعين العكس وهو أنّ تكون قدرة العبد صادرة عن قدرة الله وموجبة للفعل، وهو قول الإمام والفلاسفة، وإمّا بدون ذلك وهو مذهب القاضي لأنّ المفروض عدم اتحاد المتعلقين « انتهى ».

واعترض عليه المولى جمال الدين محمود وغيره: بأنّ جعل المذهب المنسوب إلى الإمام والفلاسفة كون المؤثر مجموع القدرتين دون مذهب المعتزلة تحكم بحت إذ لا فرق بين هذين المذهبين في أنّ المؤثر الحقيقي في الفعل هو قدرة العبد، وتلك القدرة الحادثة مخلوقة للقدرة القديمة الإلهية، ثمّ قال: الصواب في الضبط أنّ يقال المؤثر إمّا قدرة الله تعالى وحدها وهو مذهب الشيخ الأشعريّ، وإمّا قدرة العبد وحدها وهو مذهب جمهور المعتزلة والإمام والفلاسفة، وإمّا هما معاً إمّا مع اتحاد المتعلقين وهو مذهب الأستاد، أو بدون ذلك بأنّ تتعلق القدرة القديمة بنفس الفعل والحادثة بصفته، وهو مذهب القاضي « انتهى ».

ثمّ اعلم أنّ هذا المذهب الّذي نسبوا إلى الحكماء من أنّ العلّة القريبة للفعل الاختياري إنّما هو العبد وقدرته، لكن قدرته مخلوقة لله وإرادته حاصلة بالعلل المترتبة منه تعالى قول بعضهم، وقال جم غفير منهم: لا مؤثر في الوجود إلّا الله، وموجد أفعال العباد هو الله سبحانه، وقالوا: أنّ الفعل كما يسندّ إلى الفاعل كإسناد البناء إلى البناء قد يسندّ إلى الشرط كإسناد الإضاءة إلى الشمس والسراج مثلاً فبعض الأفعال الصادرة عن الطبائع النوعية كالحركات الطبيعية والقسرية والأفعال

٢٠٧

________________________________________________________

الاختيارية للإنسأنّ وغيره بل الأفعال الصادرة عن النفوس الفلكية والعقول المجرّدة بناء على القول بوجودهما، فكلّ من هذه الأمور لا سيما إرادة النفوس الحيوانية والإنسانية والفلكيّة بل العقول مع عدم المانع شرط وواسطة لصدور تلك الأفعال من مفيض الوجود، وإسنادها إلى تلك المبادئ من قبيل إسناد الفعل إلى الشرائط والوسائط، لا إلى الفاعل والموجد، وهذا قريب من مذهب الأشاعرة.

إذا عرفت هذه المذاهب فاعلم أنّ تأثير قدرة العبد وإرادته في الأفعال الاختيارية من أجلى البديهيات وسخافة مذاهب الأشاعرة ومن يحذو حذوهم لا يحتاج إلى بيان وبطون الأوراق والصحف والزبر من علمائنا والمخالفين مشحونة بذلك.

قال العلامة الحلي قدّس الله روحه: الإماميّة قسموا الأفعال إلى ما يتعلّق بقصودنا ودواعيناً وإرادتنا واختيارنا بحركتنا الاختيارية الصادرة عنا، كالحركة يمنة ويسرة، وإلى ما لا يتعلّق بقصودنا ودواعيناً وإرادتنا واختيارنا كالآثار الّتي فعلها الله تعالى من الألوأنّ وحركة النمو والتغذية والنبض وغير ذلك، وهو مذهب الحكماء، والحقّ أنا نعلم بالضرورة أنا فاعلون، يدّل عليه العقل والنقل، إمّا العقل فإنا نعلم بالضرورة الفرق بين حركتنا الاختيارية والاضطرارية وحركة الجماد ونعلم بالضرورة قدرتنا على الحركة الأوّلى كحركتنا يمنة ويسرة، وعجزنا عن الثانية كحركتنا إلى السماء وحركة الواقع من شاهق، وانتفاء قدرة الجماد، ومن أسندّ الأفعال إلى الله تعالى ينفي الفرق بينهما، ويحكم بنفي ما قضت الضرورة بثبوته، وقال أبو الهزيل العلاف: - ونعم ما قال - حمار بشر أعقل من بشر، فأنّ حمار بشر لو أتيت به إلى جدول صغير وضربته للعبور فأنّه يظفر، ولو أتيت به إلى جدول كبير وضربته فأنّه لا يظفر ويروع عنه، لأنّه فرق بين ما يقدر عليه وبين ما لا يقدر عليه وبشر لا يفرق بين المقدور له وغير المقدور له « انتهى ».

وإذا كان الحكم بذلك ضروريا فالشبه الموردة في مقابلة ذلك لا يصغي إليها

٢٠٨

________________________________________________________

وإن كانت قويّة، وكثير من أحوال الإنسان وأموره إذا أمعن النظر فيها يصل إلى حدّ يتحيّر العقل فيها، كحقيقة النفس وكيفيّة الإبصار مع كونهما أقرب الأشياء إليه، لا يمكنه الوصول إلى حقيقة ذلك، وينتهي التفكر فيها إلى حدّ التحير وليس ذلك سبباً لأنّ ينفي وجودهما وتحققهما فيه، ولا نطيل الكلام بإيراد الدلائل ودفع الشبهات، فأنّ هذا الكتاب ليس محل إيرادها، وإنّما نومئ إلى بعض مسائل الكلامية إجمإلّا لتوقف فهم الأخبار الّتي نحن بصدد شرحها عليه.

ثمّ اعلم أنّ الحقّ أنّ المعتزلة أيضاً خرجوا من الحقّ للإفراط من الجانب الآخر، فإنهم يذهبون إلى أنّه تعالى لا مدخلية له في أعمال العباد أصلاً، سوى خلق الآلات والتمكين والأقدار حتّى أنّ بعض المعتزلة قالوا: أنّ الله لا يقدر على عين مقدور العبد، وبعضهم قالوا: لا يقدر على مثله أيضاً، فهم عزلوا الله عن سلطانه، وكأنهم أخرجوا الله من ملكه وأشركوا من حيث لا يعلمون، والأخبار الواردة ينفي مذهب هؤلاء وذمهم أكثر من الأخبار الدّالة على ذم الجبرية ونفي مذهبهم، وفي أكثر الأخبار أطلقت القدرية عليهم كما عرفت، وأطلقوا عليهم المفوضة، فهمعليه‌السلام نفوا وأبطلوا الجبر والتفويض معا، وأثبتوا الأمرّ بين الأمرين وهو أمرّ غامض دقيق.

وللناس في تحقيق ذلك مسالك:

الأوّل: ما ذكره الشيخ الأجلَّ المفيد طيب الله رمسه حيث قال في تحقيق الأمرّ بين الأمرين: الجبر هو الحمل على الفعل والاضطرار إليه بالقسر والغلبة، وحقيقة ذلك إيجاد الفعل في الخلق من غير أنّ تكون له قدرة على دفعه، والامتناع من وجوده فيه، وقد يعبر عمّا يفعله الإنسان بالقدرة الّتي معه على وجه الإكراه له على التخويف والإلجاء أنّه جبر، والأصل فيه ما فعل من غير قدرة على امتناعه منه حسبما قدمناه، وإذا تحقق القول في الجبر على ما وصفناه، كان مذهب أصحاب المخلوق هو بعينه لأنهم يزعمون الله تعالى خلق في العبد الطاعة من غير أنّ يكون

٢٠٩

________________________________________________________

للعبد قدرة على ضدّها، والامتناع منها، وخلق فيه المعصية كذلك، فهم المجبرة حقّاً والجبر مذهبهم على التحقيق، والتفويض هو القول برفع الحظر عن الخلق في الأفعال والإباحة لهم مع ما شاءوا من الأعمال، وهذا قول الزنادقة وأصحاب الإباحات والواسطة بين القولين أنّ الله أقدر الخلق على أفعالهم ومكنهم من أعمالهم وحدّ لهم الحدود في ذلك ورسم لهم الرسوم، ونهاهم عن القبائح بالزجر والتخويف، والوعد والوعيد، فلم يكن بتمكينهم من الأعمال مجبرا لهم عليها، ولم يفوض إليهم الأعمال لمنعهم من أكثرها، ووضع الحدود لهم فيها وأمرهم بحسنها ونهاهم عن قبيحها، فهذا هو الفصل بين الجبر والتفويض « انتهى » وأقول هذا معنى حق لكن تنزيل الأخبار عليه لا يخلو من بعد.

الثاني: ما ذكره بعض السالكين مسلك الفلاسفة حيث قال: فعل العبد واقع بمجموع القدرتين والإرادتين، والتأثيرين من العبد ومن الرب سبحانه، والعبد لا يستقل في إيجاد فعله بحيث لا مدخل لقدرة الله فيه أصلاً، بمعنى أنّه أقدر العبد على فعله بحيث يخرج عن يده أزمة الفعل المقدور للعبد مطلقاً، كما ذهب إليه المفوضة أو لا تأثير لقدرته فيه وأنّ كان قادراً على طاعة العاصي جبرا، لعدم تعلق إرادته بجبره في أفعاله الاختيارية كما ذهب إليه المعتزلة، وهذا أيضاً نحو من التفويض، وقول بالقدر وبطلأنّه ظاهر، كيف ولقدرة خالق العبد وموجدّه تأثير في فعل العبد بلا شبهة كما يحكم به الحدس الصائب، وليس قدرة العبد بحيث لا تأثير له في فعله أصلاً سواء كانت كاسبة كما ذهب إليه الأشعريّ، ويؤول مذهبه إلى الجبر كما يظهر بأدنى تأمل أم لا تكون كاسبة أيضاً بمعنى أنّ لا تكون له قدرة واختيار أصلاً بحيث لا فرق بين مشي زيد وحركة المرتعش كما ذهب إليه الجبريّة وهم الجهمية، وقال: هذا معنى الأمرّ بين الأمرين، ومعنى قول الحكماء الإلهيين: لا مؤثر في الوجود إلّا الله، فمعناه أنّه لا يوجد شيء إلّا بإيجاده تعالى وتأثيره في وجوده، بأنّ يكون فاعلاً قريباً له،

٢١٠

________________________________________________________

سواء كان بلا مشاركة تأثير غيره فيه كما في أفعاله سبحانه كخلق زيد مثلا، أو بمشاركة تأثير غيره فيه كخلقه فعل زيد مثلاً، فجميع الكائنات حتّى أفعال العباد بمشيته تعالى وإرادته وقدره، أيّ تعلق إرادته وقضاؤه، أيّ إيجاده وتأثيره في وجوده، ولـمّا كانت مشيّة العبد وإرادته وتأثيره في فعله بل تأثير كلّ واحد من الأمور المذكورة آنفا في أفعاله جزءا أخيرا للعلّة التامة لأفعاله، وإنّما يكون تحقق الفعل والترك مع وجود ذلك التأثير وعدمه فينتفي صدور القبيح عن الله تعالى، بل إنّما يتحقق بالمشيّة والإرادة الحادثة، وبالتأثير من العبد الّذي هو متمم للعلّة التامة، ومع عدم تأثير العبد والكف عنه بإرادته واختياره لا يتحقق فعله بمجرد مشيّة الله تعالى وإرادته وقدره، بل لا يتحقق مشيّة وإرادة وتعلق إرادة منه تعالى بذلك الفعل، ولا يتعلّق جعله وتأثيره في وجود ذلك الفعل مجردا عن تأثير العبد فحينئذ الفعل لا سيما القبيح مستندّ إلى العبد، ولـمّا كان مراده تعالى من إقدار العبد في فعله وتمكينه له فيه صدور الأفعال عنه باختياره وإرادته، إذا لم يكن مانع أيّ فعل أراد واختار من الإيمان والكفر والطاعة والمعصية، ولم يرد منه خصوص شيء من الطاعة والمعصية، ولم يرد جبره في أفعاله ليصحّ تكليفه لأجلَّ المصلحة المقتضية له، ولا يعلم تلك المصلحة إلّا الله تعالى وكلفه بعد ذلك الأقدار بإعلامه بمصالح أفعاله ومفاسده في صورة الأمرّ والنهي، لأنهما من الله تعالى من قبيل أمرّ الطبيب للمريض بشرب الدواء النافع، ونهيه عن أكلّ غذاء الضار، وذلك ليس بأمرّ ونهي حقيقة، بل إعلام بما هو نافع وضار له، فمن صدور الكفر والعصيأنّ عن العبد بإرادته المؤثرة واستحقاقه بذلك العقاب، لا يلزم أنّ يكون العبد غالبا عليه تعالى، ولا يلزم عجزه تعالى، كما لا يلزم غلبة المريض على الطبيب، ولا عجز الطبيب إذا خالفه المريض وهلك، ولا يلزم أنّ يكون في ملكه أمرّ لا يكون بمشيته تعالى وإرادته، ولا يلزم الظلم في عقابه، لأنّه فعل القبيح بإرادته المؤثرة، وطبيعة ذلك الفعل توجب أنّ يستحق فاعله العقاب،

٢١١

________________________________________________________

ولـمّا كان مع ذلك الإعلام من الأمرّ والنهي بوساطة الحجج البينة اللطف والتوفيق في الخيرات والطاعات من الله جلَّ ذكره، فما فعل الإنسان من حسنة فالأوّلى أنّ يسندّ وينسب إليه تعالى، لأنّ مع أقداره وتمكينه له وتوفيقه للحسنات أعلمه بمصالح الإتيان بالحسنات، ومضار تركها والكفّ عنها بأوامره، وما فعله من سيئة فمن نفسه، لأنّه مع ذلك أعلمه بمفاسد الإتيان بالسيّئات ومنافع الكف عنها بنواهيه وهذا من قبيل إطاعة الطبيب ومخالفته، فأنّه من أطاعه وبريء من المرض يقال له: عالجه الطبيب وصيره صحيحا، ومن خالفه وهلك يقال له: أهلك نفسه بمخالفته للطبيب، فظهر إسناد الحسنات إلى الله تعالى وإسناد السيّئات إلى العبد، فهذا معنى الأمرّ بين الأمرين وينطبق عليه الآيات والأخبار من غير تكلف « انتهى » وهذا المحقّق وأنّ بالغ في التدقيق والتوفيق بين الأدلة لكن يشكلّ القول بتأثيره سبحانه في القبائح والمعاصي مع مفاسد أخر ترد عليه، ذكرها يفضي إلى الإطناب.

الثالث: ما ذكره أيضاً أكثر السالكين مسلك الفلاسفة ونسب إلى المحقّق الطّوسي أيضاً حيث قالوا: قد ثبت أنّ ما يوجد في هذا العالم فقد قدر بهيئته وزمأنّه في عالم آخر فوق هذا العالم قبل وجوده، وقد ثبت أنّ الله تعالى قادر على جميع الممكنات ولم يخرج شيء من الأشياء عن مصلحته وعلمه وقدرته وإيجاده بواسطة أو بغير واسطة وإلّا لم يصلح لمبدئية الكل، فالهداية والضلال والإيمان والكفر والخير والشر والنفع والضرر وسائر المتقابلات كلّها منتهية إلى قدرته وتأثيره وعلمه وإرادته ومشيته بالذّات أو بالعرض، وأفعالنا كسائر الموجودات وأفاعيلها بقضائه وقدره وهي واجبة الصدور بذلك منا، ولكن بتوسط أسباب وعلل من إدراكنا وإرادتنا وحركاتنا وسكناتنا وغير ذلك من الأسباب العالية الغائبة عن علمنا، وتدبيرنا الخارجة عن قدرتنا وتأثيرنا، فاجتماع تلك الأمور الّتي هي الأسباب والشرائط مع ارتفاع الموانع علّة تامة يجب عندها وجود ذلك الأمرّ المدبر والمقضي المقدر، وعندّ تخلف شيء

٢١٢

________________________________________________________

منها أو حصول مانع بقي وجوده في حيز الامتناع، ويكون ممكناً وقوعيا بالقياس إلى كلّ واحد من الأسباب الكونيّة.

ولـمّا كان من جملة الأسباب وخصوصاً القريبة منها إرادتنا وتفكّرنا وتخيّلنا وبالجملة ما نختار به أحدّ طرفي الفعل والترك فالفعل اختياريّ لنا فأنّ الله أعطانا القوّة والقدرة والاستطاعة ليبلونا أينا أحسن عملا، مع إحاطة علمه، فوجوبه لا ينافي إمكأنّه واضطراريته لا تدافع كونه اختياريا كيف وأنّه ما وجب إلّا باختياره ولا شكّ أنّ القدرة والاختيار كسائر الأسباب من الإدراك والعلم والإرادة والتفكر والتخيل وقواها وآلاتها كلّها بفعل الله تعالى لا بفعلنا واختيارنا، وإلّا لتسلسلت القدر والإرادات إلى غير النهاية، وذلك لأنا وأنّ كنا بحيث أنّ شئنا فعلنا، وأنّ لم نشأ لم نفعل، لكنا لسنا بحيث أنّ شئناً شئنا، وأنّ لم نشأ لم نشأ، بل إذا شئنا فلم تتعلق مشيّتنا بمشيّتنا بل بغير مشيّتنا فليست المشيّة إلينا، إذ لو كانت إلينا أإلى مشيّة أخرى سابقه، وتسلسل الأمرّ إلى غير النهاية، ومع قطع النظر عن استحالة التسلسل نقول: مشياتنا الغير المتناهية بحيث لا تشذ عنها مشيّة لا يخلو إمّا أنّ يكون وقوعها بسبب أمرّ خارج عن مشيتنا أو بسبب مشيتنا، والثاني باطل لعدم إمكان مشيّة أخرى خارجة عن تلك الجملة، والأوّل هو المطلوب، فقد ظهر أنّ مشيتنا ليست تحت قدرتنا كما قال الله عزّ وجل: «وَما تَشاؤُنَ إلّا أنّ يَشاءَ اللهُ »(١) فإذن نحن في مشيتنا مضطرون وإنّما تحدث المشيّة عقيب الداعي، وهو تصور الشيء الملائم تصوّراً ظنيا أو تخيّلياً أو علميّاً، فإذا أدركنا شيئاً فأنّ وجدنا ملائمته أو منافرته لنا دفعة بالوهم أو ببديهة العقل انبعث منا شوق إلى جذبه أو دفعه، وتأكد هذا الشوق هو العزم الجازم المسمّى بالإرادة، وإذا انضمت إلى القدرة الّتي هي هيئة للقوّة الفاعلّة انبعثت تلك القوّة لتحريك الأعضاء الأدوية من العضلات وغيرها،

__________________

(١) سورة الإنسان: ٣٠.

٢١٣

________________________________________________________

فيحصل الفعل فإذا تحقّق الداعي للفعل الّذي تنبعث منه المشيّة تحقّقت المشيّة، وإذا تحقّقت المشيّة الّتي تصرف القدرة إلى مقدورها انصرفت القدرة لا محالة، ولم يكن لها سبيل إلى المخالفة، فالحركة لازمة ضرورة بالقدرة، والقدرة محركة ضرورة عندّ انجزام المشيّة والمشيّة تحدث ضرورة في القلب عقيب الداعي، فهذه ضروريات يترتّب بعضها على بعض، وليس لنا أنّ ندفع وجود شيء منها عندّ تحقق سابقه، فليس يمكن لنا أنّ ندفع المشيّة عندّ تحقق الداعي للفعل، ولا انصراف القدرة عن المقدور بعدها، وفنحن مضطرون في الجميع، ونحن في عين الاختيار مجبورون على الاختيار « انتهى ».

والظاهر أنّ هذا عين الجبر، وليس من الأمرّ بين الأمرين في شيء، واحتياج الإرادة إلى إرادة أخرى ممنوع، وتفصيل الكلام في ذلك يحتاج إلى تمهيد مقدمات وإيراد إشكالات وأجوبة تفضي إلى التطويل، مع أنّ أمثال هذه شبه في مقابلة البديهة ولا وقع بمثلها.

ومثل هذا التوجيه ما قيل: أنّه لا دخل لإرادة العبد في الإيجاب، بل هي من الشروط الّتي بها يصيّر المبدأ بإرادته موجبا تإمّا مستجمعاً لشرائط التأثير، وهذا القدر كاف لوقوع فعل العبد بإرادته، وكونه مستندا إليها وعملا له.

وما قيل: أنّ لإرادة العبد مدخلية في الإيجاب لا بالمشاركة فيه، بل بأنّه أراد وقوع مراد العبد وأوجبه على أنّه مراده، فلها مدخلية في الإيجاب لا بالمشاركة فيه، وبهذه المدخلية ينسب الفعل إلى العبد ويكون عملا له، فهذأنّ الوجهأنّ وأضرابها ممّا تركنا ذكرها حذرا من الإطالة مشتركة في عدم رفع المفاسد، وعدم إيصال طالب الحقّ إلى المقاصد.

الرابع: ما ذكره الفاضل الأسترآباديرحمه‌الله تعالى حيث قال: معنى الأمرّ بين الأمرين أنهم ليسوا بحيث ما شاءوا صنعوا بل فعلهم معلق على إرادة حادثة متعلقة

٢١٤

________________________________________________________

بالتخلية أو بالصرف، وفي كثير من الأحاديث أنّ تأثير السحر موقوف على أذنه تعالى وكان السر في ذلك أنّه لا يكون شيء من طاعة أو معصية أو غيرهما كالأفعال الطبيعية إلّا بإذن جديد منه تعالى، فتوقف حينئذ كلّ حادث على الإذن توقف المعلول على شروطه، لا توقفه على سببه.

أقول: وهذا معنى يشبه الحقّ وسنشير إليه.

الخامس: أنّ يكون الجبر المنفيّ ما ذهب إليه الأشعريّ والجهمية، والتفويض المنفي هو كون العبد مستقلا في الفعل، بحيث لا يقدر الرب تعالى على صرفه عنه كما ينسب إلى بعض المعتزلة، والأمرّ بينهما هو أنّه جعلهم مختارين في الفعل والترك مع قدرته على صرفهم عمّا يختارون.

السادس: أنّ يقال: الأمرّ بين الأمرين هو أنّ الأسباب القريبة للفعل بقدرة العبد، والأسباب البعيدة كالآلات والأدوات والجوارح والأعضاء والقوي بقدرة الله سبحانه، فقد حصل الفعل بمجموع القدرتين.

وفيه: أنّ التفويض بهذا المعنى لم يقل به أحدّ حتّى يحتاج إلى نفيه.

السابع: أنّ المراد بالأمرّ بين الأمرين كون بعض الأشياء باختيار العبد وهي الأفعال التكليفية، وبعضها بغير اختياره كالصحة والمرض والنوم واليقظة وأشباهها.

ويرد عليه ما أوردنا على الوجه السابق.

الثامن: أنّ التفويض المنفي هو تفويض الخلق والرزق وتدبير العالم إلى العباد كقول الغلاة في الأئمةعليه‌السلام ، ويؤيده ما رواه الصّدوق في العيون بإسناده عن يزيد بن عمير قال: دخلت على عليّ بن موسى الرّضاعليه‌السلام بمرو، فقلت: يا بن رسول الله روي لنا عن الصادقّ جعفر بن محمّدعليهما‌السلام أنّه قال: لا جبر ولا تفويض، أمرّ بين أمرين فما معناه؟ فقال: من زعم أنّ الله يفعل أفعالنا ثمّ يعذبنا عليها فقد قال بالجبر، ومن

٢١٥

________________________________________________________

زعم أنّ الله عزّ وجلَّ فوض أمرّ الخلق والرزق إلى حججهعليهم‌السلام فقد قال بالتفويض، فالقائل بالجبر كافر، والقائل بالتفويض مشرك، فقلت له: يا بن رسول الله، فما أمرّ بين أمرين؟ فقال: وجود السبيل إلى إتيان ما أمروا به، وترك ما نهوا عنه، فقلت له: فهل لله عزّ وجلَّ مشيّة وإرادة في ذلك؟ فقال: إمّا الطاعات فإرادة الله ومشيته فيها الأمرّ بها والرّضا لها، والمعاونة عليها، وإرادته ومشيته في المعاصي النهي عنها والسّخط لها والخذلأنّ عليها، قلت: فلله عزّ وجلَّ فيها القضاء؟ قال: نعم، ما من فعل يفعله العباد من خير وشر إلّا ولله فيه قضاء، قلت: فما معنى هذا القضاء؟ قال: الحكم عليهم بما يستحقّونه على أفعالهم من الثواب والعقاب في الدنيا والآخرة.

التاسع: ما ظهر لنا من الأخبار المعتبرة المأثورة عن الصادقينعليهم‌السلام ، وهو أنّ الجبر المنفي قول الأشاعرة والجبرية كما عرفت، والتفويض المنفي هو قول المعتزلة أنّه تعالى أوجد العباد وأقدرهم على أعمالهم وفوض إليهم الاختيار، فهم مستقلون بإيجادها على وفق مشيتهم وقدرتهم، وليس لله سبحانه في أعمالهم صنع.

وإمّا الأمرّ بين الأمرين فهو أنّ لهداياته وتوفيقاته تعالى مدخلا في أفعالهم بحيث لا يصل إلى حدّ الإلجاء والاضطرار، كما أنّ لخذلأنّه سبحانه مدخلا في فعل المعاصي وترك الطاعات، لكن لا بحيث ينتهي إلى حدّ لا يقدر معه على الفعل أو الترك، وهذا أمرّ يجدّه الإنسان من نفسه في أحواله المختلفة، وهو مثل أنّ يأمرّ السيّد عبده بشيء يقدر على فعله وفهمه ذلك، ووعدّه على فعله شيئاً من الثواب وعلى تركه قدرا من العقاب، فلو اكتفى من تكليف عبده بذلك ولم يزد عليه مع علمه بأنّه لا يفعل الفعل بمحض ذلك، لم يكن لوما عندّ العقلاء لو عاقبه على تركه، ولا ينسب عندهم إلى الظلم، ولا يقول عاقل أنّه أجبره على ترك الفعل، ولو لم يكتف السيّد بذلك وزاد في ألطافه والوعد بإكرامه والوعيد على تركه، وأكد ذلك ببعث من يحثه على الفعل ويرغبه فيه ويحذره على الترك، ثمّ فعل ذلك الفعل بقدرته واختياره فلا

٢١٦

________________________________________________________

يقول عاقل أنّه جبره على الفعل، وإمّا فعل ذلك بالنسبة إلى قوم وتركه بالنسبة إلى آخرين فيرجع إلى حسن اختيارهم وصفاء طويتهم أو سوء اختيارهم وقبح سريرتهم أو إلى شيء لا يصل إليه علمنا، فالقول بهذا لا يوجب نسبة الظلم إليه سبحانه، بأنّ يقال: جبرهم على المعاصي ثمّ عذبهم عليها، كما يلزم الأوّلين، ولا عزله تعالى من ملكه واستقلال العباد، بحيث لا مدخل لله في أفعالهم، فيكونون شركاء لله في تدبير عالم الوجود كما يلزم الآخرين.

ويدّل على هذا الوجه أخبار كثيرة كالخبر الأوّل لا سيما مع التتمة الّتي في الاحتجاج، والخبر الثامن والثالث عشر من هذا الباب، بل أكثر أبواب(١) هذا الباب، والأبواب السابقة واللاحقة، وبه يمكن رفع التنافي بينها كما أومأنا إليه في بعضها، وقد روي في الاحتجاج وتحف العقول فيما أجاب به أبو الحسن العسكريعليه‌السلام في رسالته إلى أهل الأهواز حيث قالعليه‌السلام : قال الصادقّعليه‌السلام : لا جبر ولا تفويض، أمرّ بين أمرين، قيل: فما ذا يا بن رسول الله؟ قال: صحة العقل وتخلية السرب، والمهلة في الوقت، والزاد قبل الراحلة، والسبب المهيج للفاعل على فعله، فهذه خمسة أشياء، فإذا نقض العبد منها خلة كان العمل عنه مطرحا بحسبه وأنا أضرب لكلّ باب من هذه الأبواب الثلاثة وهي الجبر والتفويض والمنزلة بين المنزلتين مثلاً يقرب المعنى للطالب ويسهل له البحث من شرحه، ويشهد به القران بمحكم آياته وتحقيق تصديقه عندّ ذوي الألباب وبالله العصمة والتوفيق.

ثمّ قالعليه‌السلام : فإمّا الجبر فهو قول من زعم أنّ الله عزّ وجلَّ جبر العباد على المعاصي وعاقبهم عليها، ومن قال بهذا القول فقد ظلم الله وكذبه ورد عليه قوله: «وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً »(٢) وقوله جلَّ ذكره: «ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَأنّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ »(٣) مع أيّ كثيرة في مثل هذا، فمن زعم أنّه مجبور على المعاصي فقد

__________________

(١) والظاهر « الأخبار » بدل الأبواب.

(٢) سورة الكهف: ٤٩.

(٣) سورة الحج: ١٠.

٢١٧

________________________________________________________

أحال بذنبه على الله عزّ وجلَّ وظلمه في عقوبته له، ومن ظلم ربه فقد كذب كتابه، ومن كذب كتابه لزمه الكفر بإجماع الأمة.

والمثل المضروب في ذلك مثل رجلَّ ملك عبدا مملوكا لا يملك إلّا نفسه، ولا يملك عرضا من عروض الدنيا، ويعلم مولاه ذلك منه، فأمره على علم منه بالمصيّر إلى السوق لحاجة يأتيه بها، ولا يملكه ثمن ما يأتيه به، وعلم المالك أنّ على الحاجة رقيبا لا يطمع أحدّ في أخذها منه إلّا بما يرضى به من الثمن، وقد وصف مالك هذا العبد نفسه بالعدل والنصفة وإظهار الحكمة ونفي الجور، فأوعد عبده أنّ لم يأته بالحاجة أنّ يعاقبه، فلـمّا صار العبد إلى السوق وحاول أخذ الحاجة الّتي بعثه المولى للإتيان بها وجد عليها مانعا يمنعه منها إلّا بالثمن، ولا يملك العبد ثمنها، فانصرف إلى مولاه خائبا بغير قضاء حاجته، فاغتاظ مولاه لذلك وعاقبه على ذلك، فأنّه كان ظالـمّا متعديا مبطلا لـمّا وصف من عدله وحكمته ونصفته، وأنّ لم يعاقبه كذب نفسه، أليس يجب أنّ لا يعاقبه والكذب والظلم ينفيأنّ العدل والحكمة تعالى الله عمّا يقول المجبرة علوّاً كبيراً.

ثمّ قالعليه‌السلام بعد كلام طويل: فإمّا التفويض الّذي أبطله الصادقّعليه‌السلام وخطىء من دأنّ به فهو قول القائل: أنّ الله فوض إلى العباد اختيار أمره ونهيه وأهملهم، وفي هذا كلام دقيق لم يذهب إلى غوره ودقته إلّا الأئمة المهديةعليهم‌السلام من عترة آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله فإنهم قالوا: لو فوض الله إليهم على جهة الإهمال لكان لازما له رضا ما اختاروه واستوجبوا به من الثواب، ولم يكن عليهم فيما اجترموا العقاب، إذ كان الإهمال واقعا، فتنصرف هذه المقالة على معنيين: إمّا أنّ يكون العباد تظاهروا عليه فألزموه قبول اختيارهم بآرائهم ضرورة، كره ذلك أم أحبه فقد لزم الوهن، أو يكون جلَّ وتقدّس عجز عن تعبدهم بالأمرّ والنهي ففوض أمره ونهيه إليهم وأجراهما على محبتهم، إذ عجز عن تعبدهم بالأمرّ والنهي على إرادته، فجعل الاختيار إليهم في

٢١٨

________________________________________________________

الكفر والإيمان، ومثل ذلك مثل رجلَّ ملك عبدا ابتاعه ليخدمه ويعرف له فضل ولايته ويقف عندّ أمره، ونهيه، وادعى مالك العبد أنّه قادر قاهر عزيز حكيم، فأمرّ عبده ونهاه ووعدّه على اتباع أو أمره عظيم الثواب، وأوعدّه على معصيته أليم العقاب، فخالف العبد إرادة مالكه ولم يقف عندّ أمره ونهيه، فأيّ أمرّ أمره به أو نهي نهاه عنه لم يأتمرّ على إرادة المولى، بل كان العبد يتبع إرادة نفسه، وبعثه في بعض حوائجه، وفيها الحاجة له، فصدر العبد بغير تلك الحاجة خلافا على مولاه، وقصد إرادة نفسه واتبع هواه، فلـمّا رجع إلى مولاه نظر إلى ما أتاه فإذا هو خلاف ما أمره به، فقال العبد: اتكلت على تفويضك الأمرّ إلى فاتبعت هوأيّ وإرادتي، لأنّ المفوض إليه غير محصور عليه، لاستحالة اجتماع التفويض والتحصير.

ثمّ قالعليه‌السلام : من زعم أنّ الله فوّض قبول أمره ونهيه إلى عباده فقد أثبت عليه العجز، وأوجب عليه قبول كلّ ما عملوا من خير أو شر وأبطل أمرّ الله تعالى ونهيه، ثمّ قال: أنّ الله خلق الخلق بقدرته، وملكهم استطاعة ما تعبدهم به من الأمرّ والنهي وقبل منهم اتباع أمره ورضي بذلك منهم، ونهاهم عن معصيته وذم من عصاه وعاقبه عليها، ولله الخيرة في الأمرّ والنهي، يختار ما يريد ويأمرّ به، وينهى عمّا يكره، ويثيب ويعاقب بالاستطاعة الّتي ملكها عباده لاتباع أمره واجتناب معاصيه، لأنّه العدل ومنه النصفة والحكومة، بالغ الحجة بالأعذار والإنذار، وإليه الصفوة يصطفي من يشاء من عباده، اصطفى محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله وبعثه بالرسالة إلى خلقه، ولو فوض اختيار أموره إلى عباده لأجاز لقريش اختيار أمية بن الصلت وأبي مسعود الثقفي، إذ كانا عندهم أفضل من محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّا قالوا: لو لا نزل هذا القران على رجلَّ من القريتين عظيم يعنونهما بذلك.

فهذا هو القول بين القولين ليس بجبر ولا تفويض، بذلك أخبر أمير المؤمنينعليه‌السلام حين سأله عباية بن ربعي الأسدي عن الاستطاعة؟ فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام

٢١٩

________________________________________________________

تملكها من دون الله أو مع الله؟ فسكت عباية، فقال له: قل يا عباية! قال: وما أقول؟ قال: أنّ قلت تملكها مع الله قتلتك، وأنّ قلت تملكها من دون الله قتلتك، قال:وما أقول يا أمير المؤمنين؟ قال: تقول تملكها بالله الّذي يملكها من دونك، فأنّ ملكها كان ذلك من عطائه، وأنّ سلبكها كان ذلك من بلائه، وهو المالك لـمّا ملكك، والمالك لـمّا عليه أقدرك، إمّا سمعت الناس يسألون الحول والقوّة حيث يقولون: لا حول ولا قوّة إلّا بالله؟ فقال الرجل: وما تأويلها يا أمير المؤمنين؟ قال: لا حول بنا عن معاصي الله إلّا بعصمة الله، ولا قوّة لنا على طاعة الله إلّا بعون الله، قال: فوثب الرّجلَّ وقبل يديه ورجليه، إلى آخر الخبر بطوله.

وأقول أكثر أجزاء هذا الخبر يدّل على ما ذكرنا في الوجه التاسع، وإمّا ما ذكر في معنى التفويض، فيحتمل أنّ يكون راجعا إلى الوجه الأوّل، لكن الظاهر أنّ غرضهعليه‌السلام من نفي التفويض نفي ما ذكره المخالفون من تفويض اختيار الإمامعليه‌السلام ونصبه إلى الأمة وتفويض الأحكام إليهم بأنّ يحكموا فيها بآرائهم، وقياساتهم واستحساناتهم، ولهذا أجملعليه‌السلام في الكلام، وقال في هذا كلام دقيق، وبين ذلك أخيرا بذكر قريش واصطفائهم فلا تغفل.

فيمكن أنّ يعدّ هذا وجهاً عاشراً لنفي الجبر والتفويض، وإثبات الواسطة.

ويؤيد ما ذكرنا أيضاً ما رواه الشيخ أبو الفتح الكراجكي في كتاب كنز الفوائد أنّ الحسن البصري كتب إلى الإمام الحسن بن عليّعليهما‌السلام : من الحسن البصري إلى الحسن بن رسول الله إمّا بعد فإنكم معاشر بني هاشم الفلك الجارية في اللجج الغامرة، مصابيح الدجى وأعلام الهدى، والأئمة القادة، الذين من تبعهم نجا والسفينة الّتي يؤول إليها المؤمنون، وينجو فيها المتمسكون، قد كثر يا بن رسول الله عندنا الكلام في القدر، واختلافنا في الاستطاعة، فعلمنا ما الّذي عليه رأيك ورأيّ آبائك فإنكم ذرية بعضها من بعض، من علم الله علمتم، وهو الشاهد عليكم، وأنتم الشهداء

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417