وسائل الشيعة الجزء ٢٣

وسائل الشيعة19%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 417

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 417 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 290325 / تحميل: 6437
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ٢٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

[ك] ـ وروى محمّد بن خالد البرقي في (قصص الأنبياء) ، فقال ما هذا لفظه : (عبد الله بن سنان ، عن عمّار بن أبي معاوية ، قال : وفُتحت مدائن الشام على يد يوشع بن نون حين انتهى إلى البلقاء ، فوجد فيها رجلاً يقال له : بالق ـ به سمّيت البلقاء ـ فجعلوا يخرجون يقاتلونه فلا يقتل منهم رجلاً ، فسأل ذلك فقيل : إنّ في مدينته امرأة منجِّمة تستقبل الشمس بفرجها ، ثُمَّ تحسب ، ثُمَّ يعرض عليها الخيل فلا يخرج يومئذ رجل حضر أجله.

فصلّى يوشع بن نون ركعتين ودعا ربّه أن يؤخر الشمس ، فاضطرب عليها الحساب. فقالت لبالق : انظر ما يعرضون عليك فأعطهم ، فإنّ حسابي قَدْ اختلط عليَّ ، قال : فتصفحي الخيل فاخرجي فإنّه لا يكون إلّا بقتال.

قال : فتصفحت وأخرجت فقتلوا قتلاً لم يقتله قوم ، فسألوا يوشع الصلح فأبى حَتَّى يدفع إليه المرأة ، فأبى بالق أن يدفعها.

فقالت : ادفعني إليه ، فصالحها ودفعها إليه.

فقالت : هل تجد فيما أوحي إلى صاحبك قتل النساء؟

قال : لا ، قالت : أليس إنّما تدعوني إلى دينك؟

قال : بلى ، قالت : فإنّي دخلت في دينك)(١) .

هذا آخر لفظه في حديثه ، والمراد باستقبال الشمس بالفرج : المواجهة لها ؛ لتعلم مقدار حركتها وهي عبارة شائعة :

__________________

(١) فرج المهموم : ١٤٣ وفيه : (عمار بن معاوية) عنه بحار الأنوار ٥٥ : ٢٥٦ ح ٤٧ ، ورواه الراوندي بسند عن ابن بابويه في قصص الأنبياء : ١٧٦ ح ٢٠١.

٢٠١

فهذا جملة ما اطلعنا عليه من الأخبار التي تدلُّ على صحَّة علم النجوم وجواز التنجيم. وأنت خبير بوجه الجمع بين هذه وما تقدّم من الأخبار المانعة بحمل ما دل منها على المنع على ما ذكرناه واخترنا حرمته من معنى التنجيم في صدر العنوان ممَّا يرجع محصله إلى إنكار الصانع أو تعطيله عن التصرف ، وتفويض التدبير إلى الحركات الفلكيّة وغير ذلك ممَّا علم من الدين ضرورة أو أنها تفعل الآثار المنسوبة إليها والله سبحانه هو المؤثر الأعظم ، ومحصّله أن الكواكب فاعلة مختارة باختيار هو عين اختيار الله وإرادته ، صادرة عن أمره كالآلة بزيادة الشعور وقيام الاختيار بها ، بحيث يصدق أنّ الفعل فعلها وفعل الله ، فإنّ ظاهر أكثر العبارات التي قدّمنا ذكرها أيضاً تعطي بكفر من يدّعي ذلك ـ وإن كان الأقوى عندي عدمه تبعاً لشيخنا الشهيدرحمه‌الله في القواعد كما تقدّمت الإشارة إليه في عبارته ـ وكذلك العلّامة الأنصاري في مكاسبه ؛ لأنّ القدر المتيقَّن الَّذي قامت به الضرورة عدم نسبة الخلق والرزق والإحياء والإماتة وغيرها إلى غير الله من فاعل مختار باختيار مستقل كما هو ظاهر قول المفوّضة.

وأمّا استنادها إلى الفاعل بإرادة الله المختار بعين مشيّته واختياره حَتَّى يكون كالآلة بزيادة الشعور وقيام الاختياريّة ، بحيث يصدق أنّه فعله وفعل الله فلا ؛ إذ المخالف للضرورة إنكار نسبة الفعل إلى الله تعالى على وجه الحقيقة ، لا إثباته لغيره أيضاً بحيث يصدق أنّه فعله ولو مجازاً.

نعم ، لا دليل على ذلك فالقول به تخرّص ونسبة فعل الله إلى غيره بلا دليل وهو قبيح ومحرّم ، أو حملها على من يدّعي كون الكواكب كالآلة من غير شعور فيها ، لكنها مجبولة على الحركة طبق اختيار الصانع جلّت قدرته. فمن جهة

٢٠٢

كونها كالآلة تستند إليها آثارها ، وظاهر كلمات كثير ممّن تقدّم كون هذا الاعتقاد كفراً ، وشيخنا الشهيدرحمه‌الله فيما تقدّم من عبارته صرّح بعدمه وهو الأقوى ؛ لعدم ثبوت كون ذلك مخالفاً لضرورة الدين ؛ إذ ليس المراد منه العليّة التامّة التي استقرت الضرورة من الدين على بطلانه.

فالقول به بلا دليل حرام ، والقائل به مخطئ ، وحمل ما دلَّ فيها على الجواز على صورة دعوى ربط الحركات بالحوادث من قبيل ربط الكاشف بالمكشوف ، على وجه تكون الحركات علامات ودلالات على الحوادث.

والظاهر أنّ هذا الاعتقاد لم يكن كفراً كما صرّح به العلّامة الأنصاريرحمه‌الله أيضاً ، وقبله شيخنا البهائي ؛ إذ لا مانع ولا حرج فيه ، بل الظاهر من العلّامةرحمه‌الله خروجه من مورد طعن العلماء على المنجّمين. ففي البحار نقلاً عن شرح فصّ الياقوت للعلّامة والمتن للشيخ إبراهيم بن نوبخت ، أنّه قال : (اختلف قول المنجِّمين على قولين : أحدهما قول من يقول : إنها حيّة مختارة. الثاني : قول من يقول : إنها موجبة. والقولان باطلان). انتهى(١) .

وهذه العبارة ظاهرة بأن مورد الطعن على المنجّمين منحصر في فريقين كلاهما قائلان بكون النجوم فاعلة ، غاية ما هناك أنّ أحدهما يقول : بكونها فاعلة مختارة ، والآخر يقول : بكونها فاعلة موجبة. وعلى هذا فيخرج القائل بكونها علامات عن زمرة المنجِّمين.

هذا تمام الكلام فيما يتعلّق بفقه المسألة ، والله الموفّق للصواب.

__________________

(١) بحار الأنوار ٥٥ : ٢٨١.

٢٠٣

كرويّة الأرض

الأمر الثالث : إنّ الأفلاك كلّها كرويّة الأشكال ، صحيحة الاستدارة تحديباً وتقعيراً ؛ لعدم المانع منها على اُصولهم ، وهذه الكرات يحيط بعضها ببعض ، والأرض ساكنة في الوسط بحيث ينطبق حجمها على مركز العالم ؛ لثقلها المطلق.

والَّذين أنكروا كرويّة الأرض فقد أنكروا تحقُّقها ، ولم نطّلع على شبهة في ذلك فضلاً عن دليل ، والدلائل المذكورة في المجسطي(١) وغيره شاهدة بكرويَّتها ، وقد يتوهم أنّ القول بكرويَّتها خلاف ما عليه أهل الشرع ، وربّما استند ببعض الآيات الكريمة كقوله : ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا(٢) ، وقوله جلّ شأنه : ﴿وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ(٣) ، ولا دلالة في شيء منها على ما ينافي الكرويّة ، والمفسّرون من العامّة والخاصة متفقون على كرويّة الأرض ، بل ذهب إليه غير واحد من الفقهاء(٤) .

قال صاحب الكشّاف في تفسير الآية الأُولى : (فإن قلت : هل فيه دليل على أنّ الأرض مسطَّحة وليست بكرويّة؟ قلت : ليس فيه إلّا أنّ الناس يفترشون على الأرض كما يفعلون بالمفارش ، وسواء كانت على شكل السطح أو شكل الكرة فالافتراش غير مستنكر ولا مدفوع ؛ لعظم حجمها ، واتّساع جرمها ، وتباعد أطرافها ،

__________________

(١) معجم البلدان ١ : ٢٠.

(٢) سورة البقرة : من آية ٢٢.

(٣) سورة الغاشية : ٢٠.

(٤) ينظر في إثبات كرويتها : بحار الأنوار ٥٧ : ٩٥ ، البيان في تفسير القرآن : ٧٤ ، وغيرها من المصادر.

٢٠٤

وإذا كان سهلاً في الجبل ـ وهو وتد من أوتاد الأرض ـ فهو في الأرض ذات الطول والعرض أسهل) ، انتهى(١) .

وقال الفخر الرازي : (ومن الناس من زعم أنّ الشرط في كون الأرض فراشاً أن لا تكون كرة ، فاستدل بهذه الآية على أنّ الأرض ليست كرة ، هذا بعيد جداً ؛ لأنّ الكرة إذا عظمت جداً كانت كل قطعة منها كالسطح ). انتهى(٢) .

وكيف يتوهَّم متوهِّم أنّ القول بكرويّة الأرض خلاف ما عليه أهل الشرع ، وقد ذهب إليه كثير من علمائنا ، وممَّن قال به صريحاً من فقهائنا : العلّامة وولده فخر الدين.

قال العلّامة في التذكرة : (إنّ الأرض كرة ، فجاز أن يُرى الهلال في بلد ولا يظهر في آخر ؛ لأنّ حدبة الأرض مانعة لرؤيته. وقد رصد ذلك أهل المعرفة ، وشوهد بالعيان خفاء بعض الكواكب الغربية لمن جدَّ في السير نحو المشرق وبالعكس ) ، انتهى(٣) .

وقال فخر المحقّقين في الإيضاح : (الأقرب أنّ الأرض كرويّة ؛ لأنّ الكواكب تطلع في المساكن الشرقية قبل طلوعها في المساكن الغربية ، وكذا في الغروب فكلّ بلد غربي بَعُدَ عن الشرقي بألف ميل ، يتأخَّر غروبه عن غروب الشرقي بساعة واحدة. وإنّما عرفنا ذلك بأرصاد الكسوفات القمرية حيث ابتدأت في ساعة أقل من ساعات بلدنا في المساكن الغربية ، وأكثر من ساعات بلدنا في المساكن الشرقية. فعرفنا أنّ

__________________

(١) الكشّاف عن حقائق التنزيل ١ : ٢٣٤ ، بتفاوت يسير.

(٢) تفسير الرازي ٢ : ١٠٤.

(٣) تذكرة الفقهاء ١ : ٢٦٩.

٢٠٥

غروب الشمس في المساكن الشرقية قبل غروبها في بلدنا ، وغروبها في المساكن الغربية بعد غروبها في بلدنا. ولو كانت الأرض مسطحة لكان الطلوع والغروب في جميع المواضع في وقت واحد ، ولأنّ السائر على خط من خطوط نصف النهار إلى الجانب الشمالي يزداد عليه ارتفاع القطب الشمالي وانخفاض الجنوبي وبالعكس). انتهى كلامه(١) .

وهو خلاصة ما ذكره المجسطي وغيره في هذا الباب ، ولا يخفى أنَّ قولهرحمه‌الله : «لأن السائر إلى آخره» من تتمة الدليل ؛ لأنّ اختلاف المطالع والمغارب لا يستلزم كرويّة الأرض ، بل استدارتها فيما بين الخافقين فقط ، فيتحقّق لو كانت اسطوانية الشكل ـ مثلاً ـ كما لا يخفى.

__________________

(١) إيضاح الفوائد ١ : ٢٥٢.

٢٠٦

آية : ﴿وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ

[٤٩] ـ قالرحمه‌الله : «الثالث : قوله سبحانه : ﴿وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ فُسِّرت الحكمة بما يرجع إلى العلم»(١) .

أقول : الآية واقعة في سورة البقرة(٢) .

الإعراب

[أ] ـ بناء على قراءة (يُؤْت)(٣) بضم الياء وفتح التاء وهي قراءة [العشرة] ما عدا يعقوب من القرّاء(٤) .

من : جازمة تجزم فعلين ، أحدهما شرط والآخر جزاء ، وهي اسم في محل الرفع بالابتداء.

يؤت : فعل مضارع مبني للمفعول مجزوم بـ(من) ، وعلامة جزمه حذف حرف العلّة ؛ لأنّ أصله يؤتى بالألف ؛ كـ يحيى ، ونائب فاعله مستتر فيه يعود إلى (من).

والحكمة : مفعول ثاني منصوب بالفتحة.

__________________

(١) معالم الدين : ٩.

(٢) سورة البقرة : من آية ٢٦٩.

(٣) قرأ الجمهور (يُؤتَ) مبنياً للمفعول الَّذي لم يُسمّ فاعله. (ينظر : المحرر الوجيز : ٢ / ٤٥٧ ، والجامع لأحكام القرآن : ٣ / ٣٣١ ، والبحر المحيط : ٢ / ٣٢٠ ، والدر المصون : ١ / ٦٤٨ ، ومعجم القراءات القرآنية ١ : ٣٩١).

(٤) التبيان ٢ : ٣٤٨ ، مجمع البيان ٢ : ١٩٣ ، وما بين المعقوفين من المصدر.

٢٠٧

فقد : الفاء رابطة بين الجزاء والشرط ، كما هي القاعدة في كلّ جزاء يمتنع جعله شرطاً ، فإنّ الفاء لازمة له ، وخصَّت بذلك بما فيها من معنى السببية ، ولمناسبتها للجزاء معنى ، حيث إنّ معناها التعقيب من غير فصل ، كما أنّ الجزاء يتعقّب الشرط وهذا ضابط حسن في ضبط ما يدخله الفاء ، وقد صرّح بذلك ابن مالك في الألفية ، حيث قال :

وَاقرَنْ بِفَا حَتْماً جَوَاباً لَوْ جُعِلْ

شَرْطاً لإنْ أَوْ غَيْرِهَا لَمْ يَنْجَعِلْ(١)

قال أبو حيّان : (وهو أحسن وأقرب ممَّا ذهب إليه بعض أصحابنا من تعداد ما يدخله الفاء). انتهى.

وقد عدّدنا المواضع المذكورة في شرحنا أسرار العارفين(٢) .

قد : حرف تحقيق.

أوتي : فعل ماض مجهول مبني على الفتح في محل الجزم على الجزائية(٣) لفعل الشرط المتقدم ، والضمير المستتر مفعول أول نائب عن الفاعل.

وخيراً : مفعول ثاني منصوب بالفتحة.

كثيراً : منصوب على أن يكون صفة له وهذه الجملة في محل الرفع على الخبرية ، ولا ينافي كون محلها مجزوماً على الجزائية ؛ إذ يكون لمحلّ الجملة

__________________

(١) ألفية ابن مالك : ٧٠٢.

(٢) أسرار العارفين : ٢٩٤.

(٣) كذا ظاهر العبارة ، وليس بصحيح ؛ لأنَّ الجملة مقرونة بالفاء يحكم لموضعها بالجزم لا الفعل وحده صرَّح به ابن هشام في المغني ، فتنبه. (السيد محمد الطباطبائي)

٢٠٨

إعرابان باعتبارين. ونظيره قولك : مررت بالَّذي أكرمك. فإنّ الموصول في محل الجر بالباء ، وفي محل نصب على المفعولية للفعل الَّذي قبله.

[ب] ـ وبناء على القراءة بكسر التاء(١) فهو مبني للفاعل ، والمعنى : (ومن يؤته الله الحكمة) ، ففاعل (يؤت) الضمير المستكن فيه العائد إلى الله.

ومَن : في موضع نصب بـ(يؤت).

ويؤت : مجزوم بـ(من) ، وعلامة جزمه حذف آخره ، أعني : الياء ، فإنّ أصله يؤتي بالياء ، كـ : يرمي ،فحذفت بالجزم فقد عمل فيما عمل فيه.

وقولهرحمه‌الله : «فسرت الحكمة بما يرجع إلى العلم » إشارة إلى ما ذكره الطبرسي في تفسيره من وجوه معنى الحكمة.

قيل : إنّه علم القرآن ناسخه ومنسوخه ، ومحكمه ومتشابهه ، مقدَّمه ومؤخَّره ، وحلاله وحرامه ، وأمثاله.

وقيل : هو الإصابة في القول والفعل.

وقيل : إنّه علم الدين.

وقيل : هو النبوَّة.

وقيل : هو المعرفة بالله.

وقيل : هو الفهم والعقل ، كما فسّرت بذلك في الرواية قوله تعالى : ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ(١) .

__________________

(١) قرأ الزهري ويعقوب والأعمش والوليد بن حسان (يُؤتِ) بكسر التاء في حال الوصل مبنياً للفاعل. (ينظر : مختصر ابن خالويه : ١٧ ، والمحتسب ١ / ١٤٢ ، والنشر في القراءات العشر : ٢ / ٢٣٥ ، واتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر : ١٦٤ ، ومعجم القراءات : ١ / ٣٩١).

٢٠٩

وقيل : هو القرآن والفقه ، كما هو المروي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

وقيل : هو العلم الَّذي تعظم منفعته وتجلّ فائدته.

وقيل : هو ما أتاه الله أنبياءه واُممهم من كتابه وآياته ودلالاته اليت يدلّهم بها على معرفة به وبدينه. وإنّما قيل للعلم حكمة ؛ لأنّه يمنع به عن القبيح ؛ لما فيه من الدعاء إلى الحسن والزجر عن القبيح.

ويُروى عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : «إنّ الله قَدْ آتاني القرآن ، وآتاني من الحكمة مثل القرآن ، وما من بيت ليس فيه شيء من الحكمة إلّا كان خراباً. ألا فتفقَّهوا ، وتعلّموا فلا تموتوا جهّالا »(٢) .

ومن حيث كون مآل الحكمة المصير إلى السعادة الأبدية ، صار خيراً كثيراً.

وفي الكافي عن الصادقعليه‌السلام في هذه الآية ، قال : «طاعة الله ومعرفة الإمامعليه‌السلام »(٣) ، وهذا القول منهعليه‌السلام إشارة إلى أنّ الحكمة النظرية والعملية هما خروج النفس من القوَّة والاستعداد إلى حقيقة العلم ؛ لأنّ معرفة الإمام إشارة إجمالية إلى معرفته على ما ينبغي ، ومعرفة الرسول وما جاء به ، ومعرفة الله وما يليق به ، وهذه المعارف عبارة عن الحكمة النظرية ، وطاعة الله إشارة إلى تخلية الظاهر والباطن عن الرذائل ، وتحليتها بالفضائل ، وهذه هي الحكمة العمليّة.

ويرجع إلى هذا التفسير قول القاضي هي : تحقيق العلم والعمل.

__________________

(١) سورة لقمان : من آية ١٢.

(٢) مجمع البيان ٢ : ١٩٤.

(٣) الكافي ١ : ١٨٥ ح ١١.

٢١٠

وقول صاحب الكشّاف : هي العلم والعمل به ، والحكيم عند الله هو العالم العامل.

وقول المازري : (هو العلم النافع المصحوب بإنارة البصيرة وتهذيب النفس).

وقول ابن دريد : (هي كلّ ما يؤدي إلى مكرمة ، ويمنع من قبيح)(١) .

وعن الصادقعليه‌السلام أيضاً : «معرفة الإمام واجتناب الكبائر التي أوجب الله عليها النار»(٢) .

والقمِّي قال : (الخير الكثير معرفة أمير المؤمنين والأئمّةعليهم‌السلام )(٣) .

وفي مصباح الشريعة ، عنهعليه‌السلام : (الحكمة ضياء المعرفة ، وميزان التقوى ، وثمرة الصدق. ولو قلت : ما أنعم الله على عبدٍ بنعمة أنعم وأعظم وأرفع وأجزل وأبهى من الحكمة للقلب ، قال الله عزَّ وجلَّ : ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ(٤) ، أي : لا يعلم ما أودعت وهيأت في الحكمة إلا من استخلصته لنفسي ، وخصصته بها ، والحكمة : هي الكتابة ، وصفة الحكيم : الثبات عند أوائل الأُمور ، والوقوف عند عواقبها وهو هادي خلق الله إلى الله)(٥) .

وفي الكافي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : «بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في بعض أسفاره إذ لقيه ركب ، فقالوا : السلام عليك يا رسول الله ، فقال : ما أنتم؟ فقالوا : نحن مؤمنون

__________________

(١) شرح اُصول الكافي ١ : ١٣٦.

(٢) الكافي ٢ : ٢٨٤ ح ٢٠.

(٣) تفسير القمي ١ : ٩٢.

(٤) سورة البقرة : ٢٦٩.

(٥) مصباح الشريعة : ١٩٨.

٢١١

يا رسول الله ، قال : فما حقيقة إيمانكم.

قالوا : الرضا بقضاء الله ، والتفويض إلى الله ، والتسليم لأمر الله.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : علماء حكماء كادوا أن يكونوا من الحكمة أنبياء ، فإن كنتم صادقين ، فلا تبنوا ما لا تسكنون ، ولا تجمعوا ما لا تأكلون ، واتقوا الله الَّذي إليه ترجعون »(١) .

وقال الشيخ البهائيرحمه‌الله : (الحكمة هي ما يتضمَّن صلاح النشأتين ، أو صلاح النشأة الأُخرى ، وأمّا ما يتضمَّن صلاح الحال في الدنيا فقط فليس من الحكمة في شيء) ، انتهى(٢) .

والمعنى العام لكلّ ذلك هو : أنّ الحكمة عبارة عن تحقيق العلم وإتقان العمل.

خيراً كثيراً : التنكير للتعظيم والتكثير جميعاً ، والوصف بالكثرة للمبالغة والتأكيد ، وكثرته باعتبار اشتماله على خير الدنيا والآخرة. وفيه دلالة على كمال العلم وعلو منزلته وعموم فوائده ، ولا ينافيه قوله تعالى : ﴿وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا(٣) لأنّ قلَّته بالنسبة إلى علم الواجب لا ينافي كثرته بالنظر إلى ذاته ، ومدة بقائه وبقاء السعادة اللازمة له(٤) .

__________________

(١) الكافي ٢ : ٥٣ ح ١.

(٢) شرح اُصول الكافي للمازندراني ١ : ١٢٦.

(٣) سورة الإسراء : من آية ٨٥.

(٤) شرح اُصول الكافي للمازندراني ١ : ١٣٧.

٢١٢

آية : ﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ

[٥٠] ـ قالرحمه‌الله : «الرابع : قوله تعالى : ﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ(١) .

أقول : الآية واقعة في سورة الزمر(٢) .

الإعراب

هل : حرف استفهام لا محل لها من الإعراب مبنية على السكون ، والاستفهام للإنكار.

يستوي : فعل مضارع مرفوع لتجرُّده من الناصب والجازم ، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء حذفت ؛ لثقلها.

الَّذين : اسم موصول في محل الرفع على الفاعلية.

يعلمون : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون في آخره ؛ لكونه من الأفعال الخمسة ، والواو فاعله ، والجملة صلة الموصول.

والَّذين : الواو عاطفة.

الَّذين : اسم موصول.

لا : نافية.

يعلمون : فعل مضارع مع فاعله الَّذي هو عائد صلة الموصول.

__________________

(١) معالم الدين : ٩.

(٢) سورة الزمر : من آية ٩.

٢١٣

المعنى : الَّذين يعلمون هم القانتون الموصوفون بالصفات المحمودة المذكورة فيما قبلها.

أي : ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ(١) ، والَّذين لا يعلمون هم : التاركون لتلك الصفات.

وهذه الآية على هذا التفسير بيان للسابق ، وإشارة إلى [أنَّ] منشأ تلك الصفات هو العلم ، ومنشأ عدمها هو الجهل. وتنبيه على شرف العلم وفضله ، وفضل العلماء على الجهّال ، ونفي استواء الفريقين باعتبار القوَّة العلمية ، كما أنَّ السابق نفي لاستوائها باعتبار القوَّة العملية للإشعار بأنّ الحقيقة الإنسانية إنّما تتسم بالنباهة والجلال ، وتتصف بالفضيلة والكمال باعتبار العلم والعمل. فمن لم يتصف بهما ليس له من وصف الإنسانية إلّا الاسم ، ولا من حقيقتها إلّا الرسم. وإنّما اُخّر العلمُ عن العمل مع أنّه تابع له متوقّف عليه للتنبيه على أنّ العمل هو الفرض الأصلي من العلم ، حَتَّى أنّ العالم إذا لم يعمل بعلمه كانت الحجّة عليه أعظم ، والحسرة عليه أدوم.

ثمّ بين عزَّ وجلَّ : أنّ هذا التفاوت العظيم بين العالم والجاهل ، وبين القانت وغيره ، لا يعرفه إلّا ذوو العقول الكاملة عن غواشي الأوهام ؛ لأنَّهم القادرون على التمييز بين الحقَّ والباطل بما لهم من بصيرة عقليّة وقوة روحانية ، دون غيرهم ممن كان على بصرهم غشاوة ، وفي صفحات قلوبهم قساوة(٢) .

__________________

(١) سورة الزمر : من آية ٩.

(٢) شرح اُصول الكافي للمازندراني ١ : ١٤١.

٢١٤

ولفظة (إنّما) تفيد إثبات الشيء الَّذي يذكر بعدها ونفي ما عداه على نحو قول الشاعر :

وإنّما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي(١)

وإنّما : كانت لإثبات الشيء ونفي ما سواه من جهة أنَّ (إنّ) لمّا كانت للتوكيد ، وانضاف إليها (ما) للتوكيد أيضاً ، أكَّدت (إنّ) من جهة التحقيق للشيء ، وأكَّدت (ما) من جهة نفي ما عداه ، فإذا قلت : إنّما أنا بشر. فكأنّك قلت : ما أنا إلّا بشر. وفي هذا التفسير دلالة على شرف العلم ومزيّته(٢) .

أية : ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ

[٥١] ـ قالرحمه‌الله : «الخامس : قوله تعالى : ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾»(٣) .

أقول : الآية واقعة في سورة الملائكة(٤) .

الإعراب

إنّما : كاف ومكفوف جيء بها لإفادة الحصر.

يخشى : فعل مضارع مرفوع للتجرد وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف.

الله : مفعول منصوب بفتحة ظاهرة.

من عباده : جار ومجرور وعلامة جره كسرة ظاهرة متعلق بـ(يخشى).

العلماء : فاعل لـ(يخشى). وتقرأ الآية :

__________________

(١) ينظر : ديوان الفرزدق ٢ : ٧١٢ ، ورواية الصدر فيه : أنا الضامن الراعي عليهم وإنّما.

(٢) مجمع البيان ١ : ٤٧٥.

(٣) معالم الدين : ٩.

(٤) سورة فاطر : من آية ٢٨ ، وسورة الملائكة اسم من أسماء هذه السورة المباركة.

٢١٥

[أ] ـ برفع الله ونصب العلماء ، على معنى : (إنما يعظم الله من عباده العلماء) ، كما هو المحكى عن عمر بن عبد العزيز ، وأبي حنيفة(١) .

[ب] ـ والمعنى على القراءة المشهورة : أنّه ليس يخافه حق خوفه ، ولا يحذر معاصيه خوفاً من نقمته إلّا العلماء الَّذين يعرفونه حقّ معرفته.

وفي مجمع البيان : أنّه رُوي عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال : «يعني بالعلماء من صدق قوله فعله ، ومن لم يصدّق فعله قوله فليس بعالم ».

وعن ابن عبَّاس ، قال : (يريد : إنّما يخافني من خلقي من علم جبروتي وعزّتي وسلطاني).

وفي الحديث أيضاً : «أعلمكم بالله أخوفكم لله ».

قال مسروق : (كفى بالمرء علماً أنّ يخشى الله ، وكفى بالمرء جهلاً أن يعجب بعلمه).

وإنّما خصّ سبحانه العلماء بالخشية ؛ لأنَّ العالم أحذر لعقاب الله من الجاهل ، حيث يختصُّ بمعرفة التوحيد والعدل ويصدّق بالبعث ، والحساب ، والجنّة ، والنار.

ومتى قيل : فقد نرى من العلماء من لا يخاف الله ، ويرتكب المعاصي.

فالجواب : إنّه لا بد من أن يخافه مع العلم به ، وإن كان ربّما يؤثر المعصية عند غلبة الشهوة لعاجل اللَّذة(١) .

__________________

(١) تفسير القرطبي ١٤ : ٣٤٤ ، وقرأ بذلك أيضاً أبو حيوة. (ينظر : الكشّاف ٢ / ٥٧٧ ، وتفسير الرازي ٢٦ / ٢١ ، والبحر المحيط ٧ / ٣١٢ ، والنشر في القراءات العشر ١ / ١٦ ، والاتحاف : ٧٠ ، ٢٠٥).

٢١٦

وفي الكافي عن السجادعليه‌السلام : «وما العلم بالله والعمل إلا إلفان مؤتلفان ، فمن عرف الله خافه ، وحثَّه الخوف على العمل بطاعة الله. وإنَّ أرباب العلم وأتباعهم الَّذين عرفوا الله فعملوا له ورغبوا إليه ، وقد قال الله : ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾»(٢) .

وعن الصادقعليه‌السلام : «إنّ من العبادة شدّة الخوف من الله ـ ثُمَّ تلا هذه الآية »(٣) .

وفي مصباح الشريعة عن الصادقعليه‌السلام : «ودليل الخشية التعظيم لله تعالى ، والتمسُّك بخالص الطاعة في أوامره ، والخوف والحذر مع الوقوف عن محارمه ، ودليلها العلم ـ ثُمَّ تلا هذه الآية »(٤) .

وقال جدّي الفاضل الصالح فيما يتعلّق بالآية : (ذكر الله تعالى أوّلاً شيئاً من عجائب مخلوقاته ، وغرائب مخترعاته من إنزال الماء ، وإحياء الأموات ، وإيجاد الثمرات ، وغيرها من اختلاف ألوان الجبال ، والناس ، والدواب ، والأنعام. ثُمَّ عقبها بهذه الآية الشريفة تنبيهاً على أنّه لا يصلح للنظر في دلائل وحدته ، والمشاهدة لبراهين معرفته ، والقيام بأداء طاعته وعبادته إلّا العالمون ، لا يخشاه إلّا الراسخون في

__________________

(١) مجمع البيان ٨ : ٢٤٢ ، فائدة : ذكر الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ج ٢ ص ١٥٢ ، ما نصّه : «أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي ، أخبرنا أبو بكر الجرجرائي ، حدّثنا أبو أحمد البصري ، حدّثنا أحمد بن موسى الأزرق ، حدّثنا محمّد بن هلال ، حدّثنا نائل بن نجيح ، عن مقاتل بن سليمان ، عن الضحاك ، عن ابن عبَّاس في قوله تعالى : ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ قال : يعني علياً كان يخشى الله ويراقبه».

(٢) الكافي ٨ : ١٦ ح ٢.

(٣) الكافي ٢ : ٦٩ ح ٧.

(٤) مصباح الشريعة : ٢٢.

٢١٧

العلم ، كما لا يخشى السلطان إلّا المقربون ، لأن الخشية على حسب العلم بالله ، وبنعوت كماله ، وصفات جلاله. وكلّما كان العلم به أقوى كانت الخشية له أشد كما رُوي : «إنّ أعلمَكُم باللهِ أشدُّكُم خشيةً له ».

وفي تقديم المفعول دلالة على أنّ الَّذين يخشون من بين عباده هم العلماء دون غيرهم. ولو أخّر لكان المفاد أنّ العلماء لا يخشون إلّا الله ، وهذا أيضاً صحيح. إلّا أنّ في الأوّل من المبالغة في مدح العلم ما ليس في الثاني) ، انتهى(١) .

ولذا قالعليه‌السلام : «يعني بالعلماء من صدَّق قولُه فعلَه » ، فإنّ هذا التصديق من آثار العلم والخشية ولوازمهما ، لأنّ العلم إذا صار ملكة راسخة في النفس مستقرة فيها صارت النفس نوراً إلهياً ، وضوءاً ربانياً ، تنقاد لها القوَّة الشهوانيّة والغضبيّة وسائر القوى الحيوانية ، وينقطع عنها الهوى والوساوس الشيطانيّة ، فترى بنورها عالم الكبرياء والجلال والعظمة الإلهيّة ، فيحصل لها من مشاهدة ذلك خوف وخشية وهيبة موجبة للعمل له ، والجدّ في العبادة ، وغاية الخضوع ، وعدم الإهمال بشيء من أنحاء التعظيم ، ويخاف أن يأمر بشيء ولا يعمل به ، لأنّ ذلك إثم وخيانة ونفاق ، فيكون فعله مًصدِّقاً لقوله قطعاً(٢) .

وربّما يُفرق به الخوف والخشية بما يناسب الآية من تخصيصها بالعلماء ، من أنّ الخشية حالة تحصيل عند الشعور بعظمة الحقّ وهيبته وخوف الحجب عنه. وهذه حالة لا تحصل إلّا لمن اطَّلع على حال الكبرياء ، وذاق لذّة القرب ، بخلاف الخوف ، فإنّه تألم من العقاب المتوقع بسبب ارتكاب المعصية والتقصير في

__________________

(١) شرح اُصول الكافي للمازندراني ٢ : ٦٧.

(٢) شرح اُصول الكافي للمازندراني ٢ : ٦٨.

٢١٨

الطاعة ، وهو يحصل لأكثر الخلق ، وإن كانت مراتبه متفاوتة ، والمرتبة العليا منه لا تحصل إلا للأوحدي من الناس(١) .

أية : ﴿شَهِدَ اللَّـهُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ

[٥٢] ـ قالرحمه‌الله : «السادس : قوله سبحانه : ﴿شَهِدَ اللَّـهُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ ﴾»(٢) .

أقول : الآية واقعة في أوائل سورة آل عمران(٣) .

الإعراب

شهد : فعل ماضٍ مبني على الفتح.

الله : فاعل مرفوع بضمّة ظاهرة.

أنه : من الحروف المشبّهة مع اسمها.

لا : نافية للجنس.

إله : اسمها مبني على الفتح لتركُّبه مع (لا) ، وخبرها محذوف تقديره موجود ، أو ممكن.

إلا : حرف استثناء.

هو : مستثنى منصوب محله على الاستثنائية ، والجملة أعني الأداة مع المستثنى في محل الرفع على الخبرية لـ(أنَّ)(١) .

__________________

(١) أوصاف الأشراف : ٦٤ ، عنه بحار الأنوار ٦٧ : ٣٦٠.

(٢) معالم الدين : ٩.

(٣) سورة آل عمران : من آية ١٨.

٢١٩

والملائكة : عطف على الفاعل.

واُولو العلم : عطف عليه أيضاً ، وهو مضاف ومضاف إليه.

المعنى : شبّهت دلالته على وحدانيته بالأفعال والآيات بشهادة الشاهد ، ووجه الشبه البيان والكشف ؛ لأنّ الدلالة مبنيّة للدعوى كاشفة عن صحَّتها كالشهادة. كذلك شبه إقرار الملائكة واُولي العلم بذلك ـ أي : بالتوحيد ـ واحتجاجهم عليه بالشهادة ، ثُمَّ استعمل (شهد) بدل (دلّ) و (أقرّ) فهي استعارة مصرَّحة تبعية(٢) .

وتضمنت الآية الإبانة عن فضل العلم والعلماء ؛ لأنه تعالى قرن العلماء بالملائكة ، وشهادتهم بشهادة الملائكة ، وخصّهم بالذكر كأنّه لم يعتقد بغيرهم.

آية : ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّـهُ

[٥٣] ـ قالرحمه‌الله : «السابع : قوله تعالى : ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّـهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ﴾»(٣) .

__________________

(١) قَدْ ذكررحمه‌الله أن الخبر محذوف ، فما معنى الجملة في محل الرفع على الخبرية؟ ُثُمَّ إنّ قوله : (هو مستثنى منصوب محله على الاستثنائية ، والجملة ـ أعني الأداة ـ مع المستثنى في محل الرفع) تضمَّن أخطاء فاحشة ، وخلطاً شنيعاً ، لا يقرره نحوي ، فليحرر. (السيد محمد الطباطبائي)

(٢) الاستعارة المصرحة هي التي يُصرح فيها باللفظ الدال على المشبه به المراد به المشبه ، وأمّا المصرحة التبعية فيكون فيها اللفظ المستعار فعلاً أو اسم فعل أو اسماً مشتقاً أو حرفاً أو اسماً مبهماً ، ينظر جواهر البلاغة : ١٨٦ ، ١٨٩ ـ ١٩٠.

(٣) معالم الدين : ١٠.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

ورواه الحميريُّ في( قرب الإِسناد) عن عبد الله بن الحسن، عن عليّ ابن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) مثله(١) .

[ ٢٩٥٢٣ ] ٥ - وعن عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن سماعة، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: لا أرى للرجل أن يحلف إلّا بالله، وقال: قول الرجل حين يقول:( لا، ب لشانيك) (٢) فانّما هو من قول الجاهليّة، ولو حلف الناس بهذا وشبهه لترك(٣) أن يحلف بالله.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٤) ، وكذا كل ما قبله.

[ ٢٩٥٢٤ ] ٦ - وعن أحمد بن إدريس عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن أبي جرير القمي، قال: قلت لأبي الحسن( عليه‌السلام ) : جعلت فداك، قد عرفت انقطاعي إلى أبيك، ثم اليك، ثمّ حلفت له وحق رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، وحقّ فلان وفلان حتّى انتهيت إليه، أنّه لا يخرج(٥) ما تخبرني به إلى احد من الناس، وسألته عن أبيه أحيّ هو ام ميّت؟ قال: قد والله مات، إلى ان قال: قلت: فأنت الامام؟ قال: نعم.

[ ٢٩٥٢٥ ] ٧ - وعن عدّة من اصحابنا، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم، عن مروك بن عبيد، عن( محمّد بن يزيد الطبري) (٦) ، قال:

____________________

(١) قرب الاسناد: ١٢١.

٥ - الكافي ٧: ٤٥٠ / ٣.

(٢) في المصدر: لا بل شانئك.

(٣) في نسخة من المصدر: ترك.

(٤) التهذيب ٨: ٢٧٨ / ١٠١١.

٦ - الكافي ١: ٣١١ / ١.

(٥) في المصدر زيادة: مني.

٧ - الكافي ١: ١٤٤ / ١٠.

(٦) في المصدر: محمّد بن زيد الطبري.

٢٦١

كنت قائماً على رأس الرضا( عليه‌السلام ) بخراسان، إلى ان قال: فقال: بلغني ان الناس يقولون: إنَّا نزعم أنَّ الناس عبيد لنا، لا وقرابتي من رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ما قلته قطّ، ولا( سمعت أحداً) (١) من آبائي قاله، ولا بلغني من احد من آبائي قاله، ولكنّي اقول: ان الناس عبيد لنا في الطاعة، موالٍ لنا في الدين، فليبلغ الشاهد الغائب.

[ ٢٩٥٢٦ ] ٨ - وعن أبي محمّد القاسم بن العلاء رفعه، عن عبد العزيز بن مسلم، عن الرضا( عليه‌السلام ) - في حديث طويل - في صفة الإِمام، والردّ على من يجوز اختياره - إلى ان قال: - فهل يقدرون على مثل هذا فيختارونه، او يكون مختارهم بهذه الصفة فيقدِّمونه؟ تعدّوا وبيت الله الحقّ، ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم.

ورواه الصدوق في( المجالس) عن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن محمّد بن يعقوب (٢) .

ورواه في( عيون الأخبار) عن محمّد بن ابراهيم بن اسحاق الطالقاني، عن القاسم بن محمّد بن عليّ الهاروني، عن عمران بن موسى ابن ابراهيم، عن الحسن الرقام (٣) عن القاسم بن مسلم، عن أخيه عبد العزيز ابن مسلم(٤) .

[ ٢٩٥٢٧ ] ٩ - محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد في( العيون

____________________

(١) في المصدر: سمعته.

٨ - الكافي ١: ١٥٧ / ١.

(٢) امالي الصدوق: ٥٤٠ / ١.

(٣) جاء السند في المصححة الثانية عن نسخة اخرى هكذا: محمّد بن القاسم الهرويّ، عن عمران بن موسى، عن ابراهيم بن الحسن الرقّام.

(٤) عيون اخبار الرضا (عليه‌السلام )١: ٢٢٢ / ١.

٩ - الفصول المختارة من العيون والمحاسن: ٣٨.

٢٦٢

والمحاسن) عن عليّ بن عاصم، عن عطاء بن السائب، عن ميسرة، قال: إنَّ امير المؤمنين( عليه‌السلام ) مرّ برحبة القصّابين بالكوفة، فسمع رجلاً يقول: لا والذي احتجب بسبع طباق، قال: فعلاه بالدّرة، وقال له: ويحك ان الله لا يحجبه شيء، ولا يحتجب عن شيء، قال الرجل: انا اُكفّر عن يمينى يا امير المؤمنين؟ قال: لا، لأنّك حلفت بغير الله.

وفي( الإِرشاد) عن الشعبي عن امير المؤمنين( عليه‌السلام ) نحوه(١) .

[ ٢٩٥٢٨ ] ١٠ - وقد تقدّم في احاديث العمرة في حديث عليّ بن أبي حمزة، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) ، قال: وحقك لقد كان منّي في هذه السنة ستّ عمر.

أقول: هذا يحتمل الاختصاص به( عليه‌السلام ) .

[ ٢٩٥٢٩ ] ١١ - محمّد بن مسعود العياشي في( تفسيره) عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر( عليه‌السلام ) عن قول الله:( ما يؤمن اكثرهم بالله إلّا وهم مشركون ) (٢) ، قال: من ذلك قول الرجل: لا وحياتك.

[ ٢٩٥٣٠ ] ١٢ - وعنه، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: شرك طاعة قول الرجل: لا والله وفلان. الحديث.

[ ٢٩٥٣١ ] ١٣ - أحمد بن محمّد بن عيسى في( نوادره) عن عبد الله بن أبي يعفور (٣) ، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، أنّه قال: اليمين التي تكفّر ان يقول الرجل: لا والله ونحو ذلك.

____________________

(١) ارشاد المفيد: ١٢٠.

١٠ - تقدم في الحديث ٣ من الباب ٦ من ابواب العمرة.

١١ - تفسير العياشي ٢: ١٩٩ / ٩٠.

(٢) يوسف ١٢: ١٠٦.

١٢ - تفسير العياشي ٢: ١٩٩ / ٩٣.

١٣ - نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى: ٤٧ / ٧٩، وعنه في البحار ١٠٤: ٢٤١ / ١٣٩.

(٣) في النوادر: عبد الله بن ابي يعقوب.

٢٦٣

[ ٢٩٥٣٢ ] ١٤ - وعن عليّ - يعني: ابن مهزيار - قال: قرأت في كتاب لابي جعفر( عليه‌السلام ) إلى داود بن القاسم: إنّي قد جئت وحياتك.

[ ٢٩٥٣٣ ] ١٥ - وعن العلاء، قال: سألته عن قوله:( فلا أُقسم بمواقع النّجوم ) (١) ؟ قال: أعظم إثم من حلف بها.

أقول: وتقدّم ما يدلُّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٣) ، وما تضمّن الحلف بغير الله محمول على نفي التحرّيم في الصور المذكورة، وان كانت لا تنعقد، ولا توجب كفّارة، ولا تكفي في الدعوى الشرعيّة.

٣١ - باب أنّه لا يجوز الحلف ولا ينعقد بالكواكب، ولا بالاشهر الحرّم، ولا بمكّة، ولا بالكعبة، ولا بالحرّم، ونحوها

[ ٢٩٥٣٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن ابراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدَّة بن صدقة، قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : في قول الله عزَّ وجلّ:( فلا أُقسم بمواقع النّجوم ) (٤) قال: كان أهل الجاهليّة يحلفون بها، فقال الله عزَّ وجلّ:( فلا أُقسم بمواقع النّجوم ) (٥) قال: عظّم أمر من يحلف بها، قال: وكان الجاهليّة يعظّمون المحرّم، ولا يقسمون به، ولا

____________________

١٤ - نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى: ٥٢ / ٩٧.

١٥ - نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى: ١٧٠ / ٤٤٧.

(١) الواقعة ٥٦: ٧٥.

(٢) تقدم في الحديث ٣ من الباب ١٤ وفي الباب ١٥ من هذه الابواب.

(٣) يأتي في الباب ٣٢ من هذه الابواب.

الباب ٣١

فيه حديثان

١ - الكافي ٧: ٤٥٠ / ٤.

(٤، ٥) الواقعة ٥٦: ٧٥.

٢٦٤

بشهر رجب، ولا يعرضون فيهما لمن كان فيهما ذاهباً أو جائياً، وإن كان قتل اباه، ولا لشيء يخرج من الحرم دابّة أو شاة أو بعير او غير ذلك، فقال الله عزَّ وجلَّ لنبيه( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) :( لا اُقسم بهذا البلد وأنت حلّ بهذا البلد ) (١) قال: فبلغ من جهلهم أنّهم استحلّوا قتل النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، وعظّموا ايّام الشهر، حيث يقسمون به فيفون.

[ ٢٩٥٣٥ ] ٢ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن بعض اصحابنا، قال: سألته عن قول الله عزَّ وجلّ:( فلا أُقسم بمواقع النجوم ) (٢) قال: اعظم إثم من يحلف بها، قال: وكان اهل الجاهلية يعظمون الحرّم، ولا يقسمون به، ويستحلون حرّمة الله فيه، ولا يعرضون لمن كان فيه، ولا يخرجون منه دابّة، فقال الله تبارك وتعالى:( لا اُقسم بهذا البلد وأنت حلّ بهذا البلد ووالد وما ولد ) (٣) قال: يعظمون البلد، أن يحلفوا به، ويستحلون فيه حرّمة رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) .

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك(٤) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٥) .

٣٢ - باب حكم استحلاف الكفار بغير الله مما يعتقدونه

[ ٢٩٥٣٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن

____________________

(١) البلد ٩٠: ١ و ٢.

٢ - الكافي ٧: ٤٥٠ / ٥.

(٢) الواقعة ٥٦: ٧٥.

(٣) البلد ٩٠: ١ - ٣.

(٤) تقدم في الحديث ٣ من الباب ١٤، وفي الحديث ٣ من الباب ١٥، وفي الباب ٣٠ من هذه الابواب.

(٥) يأتي في الباب ٣٢ من هذه الابواب.

الباب ٣٢

فيه ١٤ حديث

١ - الكافي ٧: ٤٥١ / ٤، والتهذيب ٨: ٢٧٨ / ١٠١٣، والاستبصار ٤: ٣٩ / ١٣١.

٢٦٥

محمّد ، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: لا يحلف اليهوديّ، ولا النصراني، ولا المجوسي بغير الله، إنَّ الله عزّ وجلَ يقول:( وَأنِ احْكُمْ بينهم بما أنزل الله ) (١) .

[ ٢٩٥٣٧ ] ٢ - وبالإِسناد عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جراح المدائني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: لا يحلف بغير الله، وقال: اليهوديّ، والنصرانيّ، والمجوسىّ لا تحلّفوهم إلّا بالله عز وجل.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد(٢) ، وكذا الذي قبله.

[ ٢٩٥٣٨ ] ٣ - وعن عليّ بن ابراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حمّاد عن الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن أهل الملل يستحلفون؟ فقال: لا تحلفوهم إلّا بالله عزَّ وجلّ.

[ ٢٩٥٣٩ ] ٤ - وعنه، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ان امير المؤمنين( عليه‌السلام ) استحلف يهوديّاً بالتوراة التي أُنزلت على موسى( عليه‌السلام ) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٣) .

أقول: حمله الشيخ على أنّه مخصوص بالإِماماذا رأى ذلك اردع لهم، قال: وانما لايجوز لنا ؛ لانّا لا نعرف ذلك، واذا عرفنا جاز أيضاً لنا.

____________________

(١) المائدة ٥: ٤٨.

٢ - الكافي ٧: ٤٥١ / ٥.

(٢) التهذيب ٨: ٢٧٨ / ١٠١٤.

٣ - الكافي ٧: ٤٥٠ / ١.

٤ - الكافي ٧: ٤٥١ / ٣.

(٣) التهذيب ٨: ٢٧٩ / ١٠١٩، والاستبصار ٤: ٤٠ / ١٣٥،

٢٦٦

انتهى. وحمله بعض اصحابنا على من يرى الحلف بذلك، ولا يعتقد الحنث في الحلف بالله.

[ ٢٩٥٤٠ ] ٥ - وعن عدَّة من اصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: سألته هل يصلح لاحد ان يحلف أحداً من اليهود والنصارى والمجوس بآلهتهم؟ قال: لايصلح لاحد أن يحلف احداً إلّا بالله عزَّ وجلّ.

محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى مثله(١) .

[ ٢٩٥٤١ ] ٦ - وعنه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن اهل الملل، كيف يستحلفون؟ فقال: لا تحلفوهم إلّا بالله.

[ ٢٩٥٤٢ ] ٧ - وعنه، عن فضّالة، وصفوان جميعاً، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن احدهما( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن الاحكام؟ فقال: في كلّ دين ما يستحلفون(٢) به.

أقول: وتقدّم وجهه(٣) .

[ ٢٩٥٤٣ ] ٨ - وعنه، عن النضر بن سويد، وابن أبي نجران جميعاً، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، قال: سمعت أبا جعفر( عليه

____________________

٥ - الكافي ٧: ٤٥١ / ٢.

(١) التهذيب ٨: ٢٧٩ / ١٠١٥، والاستبصار ٤: ٣٩ / ١٣٣.

٦ - التهذيب ٨: ٢٧٩ / ١٠١٦، والاستبصار ٤: ٤٠ / ١٣٤.

٧ - التهذيب ٨: ٢٧٩ / ١٠١٧، والاستبصار ٤: ٤٠ / ١٣٦.

(٢) في نسخة: يستحلون ( هامش المخطوط ).

(٣) تقدم في ذيل الحديث ٤ من هذا الباب.

٨ - التهذيب ٨: ٢٧٩ / ١٠١٨، والاستبصار ٤: ٤٠ / ١٣٧.

٢٦٧

السلام) يقول: قضى عليّ( عليه‌السلام ) فيمن استحلف اهل الكتاب بيمين صبر ان يستحلف بكتابه وملّته.

أقول: قد عرفت الوجه في مثله(١) .

[ ٢٩٥٤٤ ] ٩ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن العلاء، عن محمّد ابن مسلم، قال: سألته عن الاحكام؟ فقال: تجوز على كلّ دين بما يستحلفون.

[ ٢٩٥٤٥ ] ١٠ - قال: وقضى امير المؤمنين( عليه‌السلام ) فيمن استحلف رجلاً من اهل الكتاب بيمين صبر ان يستحلفه(٢) بكتابه وملّته.

[ ٢٩٥٤٦ ] ١١ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإِسناد) عن الحسن بن ظريف، عن الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه: أنَّ عليّاً( عليه‌السلام ) كان يستحلف اليهود والنصارى في بيعهم وكنائسهم، والمجوس في بيوت نيرانهم، ويقول: شدِّدوا عليهم احتياطاً للمسلمين.

[ ٢٩٥٤٧ ] ١٢ - وعن السندي بن محمّد ، عن أبي البختري، عن جعفر، عن أبيه( عليه‌السلام ) : أنّ عليّاً( عليه‌السلام ) كان يستحلف اليهود والنصارى بكتابهم(٣) ، ويستحلف المجوس ببيوت نيرانهم.

أقول: هذا وما في معناه يحتمل الحمل على التغليظ بالقول والمكان ؛ لما تقدّم(٤) .

____________________

(١) تقدم في ذيل الحديث ٤ من هذا الباب.

٩ - الفقيه ٣: ٢٣٦ / ١١١٦.

١٠ - الفقيه ٣: ٢٣٦ / ١١١٧.

(٢) في المصححة الثانية عن نسخة: يستحلف.

١١ - قرب الاسناد: ٤٢.

١٢ - قرب الاسناد: ٧١.

(٣) في المصدر: بكنائسهم.

(٤) تقدم في الاحاديث ١ و ٢ و ٣ من هذا الباب.

٢٦٨

[ ٢٩٥٤٨ ] ١٣ - وقد تقدّم في احاديث من افطر في شهر رمضان مستحلاً عن محمّد بن عمران، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) أنّ امير المؤمنين( عليه‌السلام ) قال لبعض عظماء اليهود: نشدتك بالتسع آيات التي أُنزلت على موسى( عليه‌السلام ) بطور سيناء، وبحق الكنائس الخمس، وبحق السمط الديان، هل تعلم ان يوشع بن نون اتى بقوم بعد وفاة موسى( عليه‌السلام ) ، شهدوا أنّ لا اله إلّا الله، ولم يشهدوا ان موسى رسول الله، فقتلهم بمثل هذه القتلة؟ فقال له اليهوديُّ: نعم، ثم ذكر أنّه اسلم.

[ ٢٩٥٤٩ ] ١٤ - أحمد بن محمّد بن عيسى في( نوادره )، عن ابن أبي عمير، عن الحلبي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن استحلاف أهل الذمّة؟ قال: لا تحلفوهم إلّا بالله.

أقول: وروى أيضاً في( نوادره) اكثر الاحاديث السابقة هنا.

٣٣ - باب جواز استحلاف الظالم بالبراءة من حول الله وقوته

[ ٢٩٥٥٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدَّة من اصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن بعض اصحابه، عن صفوان الجمال: ان أبا جعفر المنصور قال لابي عبد الله( عليه‌السلام ) : رفع إليَّ أنّ مولاك المعلّى بن خنيس يدعو اليك، ويجمع لك الاموال، فقال: والله ما كان، إلى ان قال المنصور: فأنا أجمع بينك وبين من سعى بك، فجاء الرجل الذي سعى به،

____________________

١٣ - تقدم في الحديث ٣ من الباب ٢ من ابواب احكام شهر رمضان.

١٤ - نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى: ٥١ / ٩١.

الباب ٣٣

فيه ٣ احاديث

١ - الكافي ٦: ٤٤٥ / ٣.

٢٦٩

فقال له أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : يا هذا! اتحلف؟ فقال: نعم، والله الذي لا اله إلّا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم لقد فعلت، فقال له أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : ويلك تبجّل الله، فيستحيي من تعذيبك، ولكن قل: برئت من حول الله وقوّته والجئت إلى حولي وقوّتي، فحلف بها الرجل، فلم يستتمها حتّى وقع ميّتاً، فقال أبو جعفر المنصور: لا اُصدّق عليك بعد هذا أبداً، واحسن جائزته، وردَّه.

[ ٢٩٥٥١ ] ٢ - محمّد بن الحسين الرضي في( نهج البلاغة) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : احلفوا الظالم اذا أردتم يمينه بأنّه بريء من حول الله وقوته، فانه اذا حلف بها كاذباً عوجل، واذا حلف بالله الذي لا اله إلّا هو لم يعاجل ؛ لأنّه قد وحدّ الله سبحانه.

[ ٢٩٥٥٢ ] ٣ - سعيد بن هبة الله الراوندي في( الخرائج والجرائح) عن الرضا، عن ابيه( عليهما‌السلام ) : أنّ رجلاً وشى إلى المنصور ان جعفر ابن محمّد( عليه‌السلام ) يأخذ البيعة لنفسه على الناس ليخرج عليهم(١) فاحضره المنصور، فقال الصادق( عليه‌السلام ) : ما فعلت شيئاً من ذلك، فقال المنصور لحاجبه: حلف هذا الرجل على ما حكاه عن هذا - يعني: الصادق( عليه‌السلام ) - فقال الحاجب: قل والله الذي لا اله إلّا هو - وجعل يغلّظ عليه اليمين - فقال الصادق( عليه‌السلام ) : لا تحلّفه هكذا، فاني سمعت أبي يذكر عن جدي رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، أنّه قال: إنَّ من الناس من يحلف بالله كاذباً فيعظّم الله في يمينه، ويصفه بصفاته الحسنى فيأتي تعظيمه لله على اثم كذبه ويمينه، ولكن دعني أُحلّفه باليمين التي حدّثني أبي، عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، أنّه لا يحلف بها

____________________

٢ - نهج البلاغة ٣: ٢٠٩ / ٢٥٣.

٣ - الخرائج والجرائح: ٢٠٠.

(١) في نسخة: عليه.

٢٧٠

حالف إلّا باء بإثمه، فقال المنصور: فحلفه إذاً يا جعفر، فقال الصادق( عليه‌السلام ) للرجل: قل: ان كنت كاذباً عليك فبرئت من حول الله وقوته، ولجأت إلى حولي وقوّتي، فقالها الرجل، فقال الصادق( عليه‌السلام ) : اللّهمَّ ان كان كاذباً فامته، فما استتمّ كلامه حتّى سقط الرجل ميتاً، واحتمل، ومضى به. الحديث.

ورواه المفيد في( الإِرشاد) مرسلاً نحوه (١) .

٣٤ - باب ان من قال: هو يهودي او نصراني ان لم يفعل كذا لم تنعقد يمينه، ولم تلزمه كفارة وان حنث، وكذا لو قال: هو محرّم بحجة ان لم يفعل كذا

[ ٢٩٥٥٣ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن يونس بن، عبد الرحمن عن اسحاق بن عمار، قال: قلت لابي ابراهيم( عليه‌السلام ) : رجل قال هو يهوديّ أو نصرانيّ ان لم يفعل كذا وكذا، قال: بئس ما قال، وليس عليه شيء.

[ ٢٩٥٥٤ ] ٢ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضّالة، عن أبان، عن زرارة، وعبد الرحمن، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في رجل، قال: هو محرم بحجّة ان لم يفعل كذا وكذا فلم يفعله، قال: ليس بشيء.

[ ٢٩٥٥٥ ] ٣ - وعنه، عن القاسم بن محمّد ، عن عليّ، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) ، عن الرجل يقول: هو يهوديٌّ أو

____________________

(١) الإِرشاد: ٢٧٢.

الباب ٣٤

فيه ٣ احاديث

١ - التهذيب ٨: ٢٧٨ / ١٠١٢.

٢ - التهذيب ٨: ٢٨٨ / ١٠٥٩.

٣ - التهذيب ٨: ٢٨٨ / ١٠٦٤.

٢٧١

نصرانيٌّ ان لم يفعل كذا وكذا، قال: ليس بشيء.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) .

٣٥ - باب ان من حلف بتحرّيم زوجته او جاريته لم تلزمه كفارة، ولم تحرّم عليه

[ ٢٩٥٥٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن صفوان عن حرّيز عن محمّد بن مسلم، قال: قلت لابي عبد الله( عليه‌السلام ) : رجل قال لامرأته: انت عليّ حرّام، فقال: ليس عليه كفّارة ولا طلاق.

[ ٢٩٥٥٧ ] ٢ - وعن عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نصر، عن محمّد بن سماعة، عن زرارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن رجل قال لامرأته: أنت عليَّ حرام؟ فقال لي: لو كان لي عليه سلطان لأوجعت ظهره(٢) ، وقلت له: الله أحلّها لك فما حرَّمها عليك، أنّه لم يزد على ان كذب. الحديث.

[ ٢٩٥٥٨ ] ٣ - وعن عليّ بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، قال: قال أبوجعفر( عليه

____________________

(١) تقدم في الباب ٣٠ من هذه الابواب.

الباب ٣٥

فيه ٣ احاديث

١ - الكافي ٦: ١٣٥ / ٤، واورده في الحديث ٨ من الباب ١٥ من ابواب مقدمات الطلاق.

٢ - الكافي ٦: ١٣٤ / ١، واورده بتماُمّه في الحديث ٢ من الباب ١٥ من ابواب مقدمات الطلاق.

(٢) في المصدر: رأسه.

٣ - الكافي ٧: ٤٥٢ / ٤، واورده بتماُمّه في الحديث ١ من الباب ١٤، وذيله في الحديث ١ من الباب ١٥ من ابواب الكفارات.

٢٧٢

السلام ): قال الله عزَّ وجلَّ لنبيّه( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) :( يا أيّها النبيّ لِمَ تحرّم ما أحلَّ الله لك قد فرض الله لكم تحلّة ايمانكم ) (١) فجعلها يميناً، وكفّرها رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، قلت: بما كفّر؟ قال: اطعم عشرة مساكين، لكلّ مسكين مدّ. الحديث.

أقول: هذا محمول على الاستحباب، وقد تقدّم ما يدلُّ على ذلك أيضاً في الطلاق وغيره(٢) .

٣٦ - باب جواز الحلف على غير الواقع جهراً، واستثناء مشيّة الله سرّاً للخدعة في الحرّب

[ ٢٩٥٥٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن ابراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدَّة بن صدقة، عن شيخ من ولد عديّ بن حاتم، عن أبيه، عن جدّه عديّ، وكان مع أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) في حرّوبه: ان أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) قال في يوم التقى هو ومعاوية بصفين، ورفع بها صوته ليسمع اصحابه: والله لأقتلنّ معاوية واصحابه، ثم يقول في آخر قوله: ان شاء الله، يخفض بها صوته، وكنت قريباً(٣) ، فقلت: يا امير المؤمنين! انك حلفت على ما قلت: ثمَّ استثنيت، فما اردت بذلك؟ فقال لي: ان الحرّب خدعة، وانا عند المؤمنين غير كذوب، فاردت ان اُحرِّض اصحابي عليهم ؛ لكي لا يفشلوا، ولكي يطمعوا فيهم، فافقههم

____________________

(١) التحريم ٦٦: ١ و ٢.

(٢) تقدم في الباب ١٥ من ابواب مقدمات الطلاق، ويدلُّ عليه عموماً في الاحاديث ٦ و ٧ و ١٣ و ١٨ من الباب ١١ من هذه الابواب.

الباب ٣٦

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٧: ٤٦٠ / ١.

(٣) في المصدر زيادة: منه.

٢٧٣

ينتفع بها بعد اليوم أنّ شاء الله، واعلم أنّ الله جلّ ثناؤه قال لموسى( عليه‌السلام ) حيث ارسله إلى فرعون:( فقولا له قولاً ليّناً لعلّه يتذكّر او يخشى ) (١) وقد علم أنّه لا يتذكّر ولا يخشى، ولكن ليكون ذلك أحرّص لموسى على الذهاب.

ورواه عليُّ بن ابراهيم في( تفسيره) نحوه (٢) .

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على جواز الخدعة في الحرّب في الجهاد(٣) .

٣٧ - باب حكم من حلف لا يشرب من لبن عنزله، ولا ياكل من لحمها، هل يتعدّى إلى أولادها؟

[ ٢٩٥٦٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن أبي عليّ الأشعري، عن محمّد بن حسان عن أبي عمر(٤) الارمني، عن عبد الله بن الحكم، عن عيسى بن عطية، قال: قلت لابي جعفر( عليه‌السلام ) : إنّي آليت ان لا أشرب من لبن عنزي، ولا اكل من لحمها، فبعتها، وعندي من اولادها، فقال: لا تشرب من لبنها، ولا تأكل من لحمها، فإنها منها.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى عن سهل بن الحسن عن يعقوب بن اسحاق الضبيّ، عن أبي محمّد الارمني، عن عبد الله

____________________

(١) طه ٢٠: ٤٤.

(٢) تفسير القمي ٢: ٦٠.

(٣) تقدم في الباب ٥٣ من ابواب جهاد العدو.

الباب ٣٧

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٧: ٤٦٠ / ٢.

(٤) في المصدر: عمران.

٢٧٤

ابن الحكم(١) .

أقول: هذا يحتمل الحمل على ارادته ذلك وقت الحلف، وعلى الكراهة، والاحوط ابقاؤه على ظاهره.

٣٨ - باب ان من حلف ليضربن عبده جاز له العفو عنه، بل يستحب له اختيار العفو، ومن حلف ان يضرب عبده عدداً جاز ان يجمع خشباً فيضربه، فيحسب بعدده

[ ٢٩٥٦١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن نجيّة العطار، قال: سافرت مع أبي جعفر( عليه‌السلام ) إلى مكة، فأمر غلاُمّه بشيء، فخالفه إلى غيره، فقال أبو جعفر( عليه‌السلام ) : والله لاضربنّك يا غلام، قال: فلم أره ضربه، فقلت: جعلت فداك، إنّك حلفت لتضربنَّ غلامك، فلم ارك ضربته، فقال: أليس الله عزَّ وجلَّ يقول:( وان تعفوا أقرب للتّقوى ) (٢) ؟!

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن ابراهيم بن اسحاق، عن القاسم بن محمّد ، عن أبيه، عن جدِّه الحسن بن راشد، عن محمّد العطّار مثله(٣) .

[ ٢٩٥٦٢ ] ٢ - أحمد بن محمّد بن عيسى، في( نوادره) عن أبي جعفر

____________________

(١) التهذيب ٨: ٢٩٢ / ١٠٨٢.

الباب ٣٨

فيه حديثان

١ - الكافي ٧: ٤٦٠ / ٤.

(٢) البقرة ٢: ٢٣٧.

(٣) التهذيب ٨: ٢٩٠ / ١٠٧٣.

٢ - نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى: ١٧٢ / ٤٤٩.

٢٧٥

يعني: الثاني( عليه‌السلام ) أنّه سئل هل يصحّ اذا حلف الرجل ان يضرب عبده عدداً أن يجمع خشباً فيضربه، فيحسب بعدده؟ قال: نعم.

أقول: وتقدّم ما يدلُّ على ذلك عموماً(١) .

٣٩ - باب ان من حلف برب المصحف انعقدت يمينه، وعليه بالحنث كفارة واحدة

[ ٢٩٥٦٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : من حلف فقال: لا وربّ المصحف، فحنث، فعليه كفّارة واحدة.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(٢) .

وبإسناده عن محمّد بن عليّ بن محبوب، عن أحمد بن محمّد ، عن البرقي، عن النوفلي(٣) .

ورواه الصدوق مرسلاً(٤) .

أقول: وتقدَّم أيضاً ما يدلُّ على انعقاد هذه اليمين(٥) .

____________________

(١) تقدم في الاحاديث ١ و ٣ و ٤ و ٨ و ٩ من الباب ١٨ من هذه الابواب.

الباب ٣٩

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٧: ٤٦١ / ٨.

(٢) التهذيب ٨: ٢٩٤ / ١٠٨٧.

(٣) التهذيب ٨: ٣٠٢ / ١١٢٠.

(٤) الفقيه ٣: ٢٣٨ / ١١٢٩.

(٥) تقدم في الباب ٣٢ من هذه الابواب.

٢٧٦

٤٠ - باب ان من حلف لغريمه ان لا يخرج من البلد إلّا بعلمه، وكان عليه في ذلك ضرر لم تنعقد

[ ٢٩٥٦٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ، عن( محمّد بن سهل) (١) ، عن محمّد بن سنان، عن اسحاق بن عمّار، قال: قلت لابي عبد الله( عليه‌السلام ) : الرجل يكون عليه اليمين(٢) فيحلفه غريمه بالأيمان المغلّظة أن لا يخرج من البلد إلّا بعلمه(٣) ، فقال: لا يخرج حتّى يعلمه، قلت: ان اعلمه لم يدعه، قال: ان كان علمه ضرراً عليه وعلى عياله فليخرج، ولا شيء عليه.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سهل، عن ابن سنان نحوه(٤) .

[ ٢٩٥٦٥ ] ٢ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبد الله بن هلال، عن عقبة بن خالد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في رجل كان لرجل عليه دين فلزمه، فقال الملزوم: كلُّ حلّ عليه حرّام ان برح حتّى يرضيك، فخرج من قبل ان يرضيه، كيف يصنع، ولا يدري ما بلغ(٥) يمينه، وليس له فيها نيّة؟ فقال: ليس بشيء.

____________________

الباب ٤٠

فيه حديثان

١ - الكافي ٧: ٤٦٢ / ١٠.

(١) في المصدر: سهل.

(٢) في التهذيب ظاهراً: الدين ( هامش المخطوط ).

(٣) في المصدر: يعلمه.

(٤) التهذيب ٨: ٢٩٠ / ١٠٧١.

٢ - الكافي ٧: ٤٦٠ / ٣، واورده في الحديث ٢ من الباب ١٧ من هذه الابواب.

(٥) في المصدر: يبلغ.

٢٧٧

أقول: وتقدّم ما يدلُّ على ذلك عموماً(١) .

٤١ - باب جواز الحلف للوارث على نفي مال الميت مع وجوده، وكونه موصى به او مقراً به للغير.

[ ٢٩٥٦٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد، عن عليّ بن النعمان، عن عبد الله بن مسكان، عن علاء بيّاع السابري، قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن امرأة اودعت(٢) رجلاً مالاً، فلمّا حضرها الموت قالت له: إنّ المال الذى دفعته اليك لفلانة، وماتت المرأة، فأتى أولياؤها الرجل، فقالوا: كان لصاحبتنا مال لا نراه إلّا عندك، فاحلف لنا ما لنا قبلك شيء، أيحلف لهم؟ قال: ان كانت مأمونة عنده فليحلف، وان كانت متّهمة عنده فلا يحلف، ويضع الامر على ما كان، فإنّما لها من مالها ثلثه.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد مثله(٣) .

أقول: وتقدّم ما يدلُّ على ذلك(٤) .

____________________

(١) تقدم في الباب ١٨ من هذه الابواب.

الباب ٤١

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٧: ٤٦٢ / ١١، واورده في الحديث ٢ من الباب ١٦ من ابواب احكام الوصايا.

(٢) في المصدر: استودعت.

(٣) التهذيب ٨: ٢٩٤ / ١٠٨٨، والاستبصار ٤: ١١٢ / ٤٣١.

(٤) تقدم في الباب ١٦ من ابواب احكام الوصايا.

٢٧٨

٤٢ - باب ان من حلف على الغير ليفعلن كذا لم ينعقد، ولم يلزم احدهما شيء.

[ ٢٩٥٦٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضّال، عن حفص، وغير واحد من اصحابنا، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: سئل عن الرجل يقسم على أخيه؟ قال: ليس عليه شيء، إنّما أراد أكرامه.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد مثله(١) .

[ ٢٩٥٦٨ ] ٢ - وعن الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، قال: سالته عن الرجل يقسم على الرجل في الطعام ليأكل، فلم يأكل(٢) ، هل عليه في ذلك الكفارة؟ وما اليمين التي تجب فيها الكفّارة؟ فقال: الكفّارة في الذى يحلف على المتاع أن لا يبيعه ولا يشتريه ثم يبدو له، فيكفر عن يمينه. الحديث.

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله(٣) ، وكذا الذي قبله.

[ ٢٩٥٦٩ ] ٣ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد عن حمّاد عن أبي(٤)

____________________

الباب ٤٢

فيه ٦ احاديث

١ - الكافي ٧: ٤٦٢ / ١٢ ولم نعثر في التهذيب المطبوع على الحديث بإسناده عن محمّد بن يعقوب.

(١) التهذيب ٨: ٢٩٤ / ١٠٨٩، والاستبصار ٤: ٤١ / ١٣٩.

٢ - الكافي ٧: ٤٤٦ / ٦، واورده بتماُمّه في الحديث ٥ من الباب ٢٤ من هذه الابواب.

(٢) في المصدر: يطعم.

(٣) التهذيب ٨: ٢٩٢ / ١٠٧٩، والاستبصار ٤: ٤١ / ١٤٠.

٣ - التهذيب ٨: ٢٨٧ / ١٠٥٧، والاستبصار ٤: ٤٠ / ١٣٨.

(٤) في التهذيب: ابن.

٢٧٩

المغيرة، عن ابن سنان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن الرجل يقسم على الرجل في الطعام يأكل معه فلم يأكل، هل عليه في ذلك كفّارة؟ قال: لا.

[ ٢٩٥٧٠ ] ٤ - وعنه، عن الحسن بن عليّ الوشاء، عن عبد الله بن سنان، عن رجل، عن عليّ بن الحسين( عليه‌السلام ) ، قال: اذا اقسم الرجل على اخيه فلم(١) يبرّ قسمه فعلى المقسم كفّارة يمين.

وبإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ ابن بنت الياس مثله(٢) .

أقول: هذا محمول على الاستحباب، قاله الشيخ وغيره.

[ ٢٩٥٧١ ] ٥ - محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن محمّد بن مسلم، قال: سألت احدهما( عليهما‌السلام ) عن رجل قالت له امرأته: أسألك بوجه الله إلّا ما طلّقتني؟ قال يوجعها ضرباً، او يعفو عنها.

[ ٢٩٥٧٢ ] ٦ - أحمد بن محمّد بن عيسى في( نوادره )، عن ابن بكير بن اعين،( عن أبيه (٣) )، قال: ان اخت عبد الله جد ابن المختار دخلت على اخت لها، وهي مريضة، فقالت لها اُختها: افطري، فابت، فقالت اُختها جاريتى حرّة ان لم تفطري، او كلّمتك أبداً، فقالت: جاريتي حرّة ان افطرت، فقالت الاُخرى: فعليّ المشي إلى بيت الله، وكلّ مالي

____________________

٤ - التهذيب ٨: ٢٩٢ / ١٠٨٠، والاستبصار ٤: ٤١ / ١٤١.

(١) في نسخة: لما ( هامش المخطوط ).

(٢) التهذيب ٨: ٣٠٢ / ١١٢٢.

٥ - الفقيه ٣: ٢٢٨ / ١٠٧٧.

٦ - نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى: ٢٩ / ٢٢.

(٣) ليس في المصدر.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417