وسائل الشيعة الجزء ٢٤

وسائل الشيعة13%

وسائل الشيعة مؤلف:
المترجم: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 449

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 449 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 257917 / تحميل: 5974
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ٢٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

ورواه الصدوق في( عقاب الاعمال) عن أبيه، عن سعد، عن أحمد نحوه (١) .

ورواه في( العلل) عن محمد بن موسى بن المتوكّل، عن السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله، وذكره بتمامه (٢) .

ورواه الشيخ عن أحمد بن محمّد(٣) وكذا الذي قبله.

[ ٣٠٣٨٨ ] ٣ - وعن عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن طلحة بن زيد(٤) ، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: أكل الطين يورث النفاق.

[ ٣٠٣٨٩ ] ٤ - وعنهم، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن إبراهيم ابن مهزم، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) : أنّ عليّاً( عليه‌السلام ) قال: من انهمك في أكل الطين فقد شرك في دم نفسه.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسن بن محبوب(٥) ، والذي قبله بإسناده عن أحمد بن محمد بن خالد مثله.

[ ٣٠٣٩٠ ] ٥ - وعنهم عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: إنّ الله عزّ وجلّ

____________________

(١) عقاب الأعمال: ٢٩٣ / ٢.

(٢) علل الشرائع: ٥٣٣ / ٥.

(٣) التهذيب ٩: ٨٩ / ٣٧٨.

٣ - الكافي ٦: ٢٦٥ / ٢، المحاسن: ٥٦٥ / ٩٧٤، التهذيب ٩: ٩٠ / ٣٨٣.

(٤) في المحاسن: يزيد.

٤ - الكافي ٦: ٢٦٥ / ٣، المحاسن: ٥٦٥ / ٩٧٦، علل الشرائع: ٥٣٢ / ٣.

(٥) التهذيب ٩: ٩٠ / ٣٨٢.

٥ - الكافي ٦: ٢٦٥ / ٤، المحاسن: ٥٦٥ / ٩٧٣.

٢٢١

خلق آدم من طين فحرّم اكل الطين على ذريّته.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمّد(١) .

ورواه الصدوق في( العلل) عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الحسن بن عليّ، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) (٢) ، والذي قبله، عن محمد بن موسى بن المتوكّل، عن عبد الله بن جعفر، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب مثله(٣) .

[ ٣٠٣٩١ ] ٦ - وعنهم عن سهل، عن ابن فضّال، عن( ابن القداح) (٤) ، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: قيل لأمير المؤمنين( عليه‌السلام ) في رجل يأكل الطين، فنهاه. وقال: لا تأكله، فإن أكلته ومتّ كنت قد أعنت على نفسك.

[ ٣٠٣٩٢ ] ٧ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من أكل الطين فمات فقد أعان على نفسه.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب(٥) ، وكذا الذي قبله.

[ ٣٠٣٩٣ ] ٨ - وعن عليّ بن محمد، عن سهل بن زياد، عن داود بن القاسم الجعفري، أنّه دخل مع أبي جعفر الثاني( عليه‌السلام ) بستاناً،

____________________

(١) التهذيب ٩: ٨٩ / ٣٨٠.

(٢) علل الشرائع: ٥٣٢ / ١.

(٣) علل الشرائع: ٥٣٢ / ٣.

٦ - الكافي ٦: ٢٦٦ / ٥، التهذيب ٩: ٩٠ / ٣٨١، المحاسن: ٥٦٥ / ٩٧٧.

(٤) في التهذيب: القداح، وليس في المحاسن ( عن ابن فضال ).

٧ - الكافي ٦: ٢٦٦ / ٨، المحاسن: ٥٦٥ / ٩٧٥.

(٥) التهذيب ٩: ٨٩ / ٣٧٦.

٨ - الكافي ١: ٤١٤ / ٥.

٢٢٢

فقال له: إنّي لمولع باكل الطين، فادعُ الله لي، فسكت، ثم قال بعد أيّام ابتداءاً منه: يا أبا هاشم ! قد أذهب الله عنك أكل الطين، قال أبو هاشم: فما شيء أبغض إليَّ منه اليوم(١) .

أحمد بن محمد البرقي في( المحاسن) عن عليّ بن الحكم، وذكر الحديث الثاني نحوه.

وعن عثمان بن عيسى، وذكر الثالث.

وعن ابن محبوب، وذكر الرابع.

وعن الحسن بن عليّ، وذكر الخامس.

وعن ابن فضّال، وذكر السادس.

وعن النوفلي وذكر السابع.

[ ٣٠٣٩٤ ] ٩ - وعن محمد بن عليّ، عن كلثم بنت مسلم، قالت: ذكر الطين عند أبي الحسن( عليه‌السلام ) ، فقال: أترين أنّه ليس من مصائد الشيطان، ألا إنّه لمن مصائده الكبار وأبوابه العظام.

[ ٣٠٣٩٥ ] ١٠ - محمد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن حمّاد بن عمرو، وأنس بن محمد، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه في وصيّة النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) لعليّ( عليه‌السلام ) : يا عليّ، ثلاثة من

____________________

(١) يروى ان الرشيد قال للكاظم (عليه‌السلام ): إنيمولع بأكل الطين، لا أقدر على تركه وقد وصف لي الأطباء كل دواء فلم ينفعني، فعلمني شيء لذلك فقال (عليه‌السلام ): اينعزمة من عزمات الملوك قال الرشيد: فما هممت باكل الطين الا ذكرت كلامه، فتركته. انتهى ولم أجده في كتاب معتمد ( منه قده ).

٩ - المحاسن: ٥٦٥ / ٩٧٨، وعنه في البحار ٦٠: ١٥٥ / ١٧.

١٠ - الفقيه ٤: ٢٦٩ / ٨٢٤، أورده في الحديث ٢ من الباب ٨٢ من أبواب آداب الحمام.

٢٢٣

الوسواس: أكل الطين، وتقليم الأظفار بالأسنان، واكل اللحية.

[ ٣٠٣٩٦ ] ١١ - وفي( عيون الأخبار) عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن عليّ بن إبراهيم، عن ياسر، قال: سأل بعض القوّاد أبا الحسن الرضا( عليه‌السلام ) عن أكل الطين ؟ وقال: إنَّ بعض جواريه يأكلن الطين، فغضب، ثمَّ قال:(١) أكل الطين حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير، فانههنّ عن ذلك.

[ ٣٠٣٩٧ ] ١٢ - وفي( معاني الأخبار) عن محمد بن الحسن، عن الصفّار، عن أحمد بن أبي عبد الله، رفعه، قال: إنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) نهى عن أكل المدر.

[ ٣٠٣٩٨ ] ١٣ - وفي( الأمالي) عن الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن إسماعيل المنقري، عن جدّه زياد بن أبي زياد، عن أبي جعفر الباقر( عليه‌السلام ) ، قال: من أكل الطين فانّه تقع الحكّة في جسده، وتورثه البواسير، ويهيج عليه داء السوء، ويذهب بالقوَّة من ساقيه وقدميه، وما نقص من عمله فيما بينه وبين صحّته قبل أن يأكله حوسب عليه، وعذِّب به.

وفي( عقاب الأعمال) عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمد مثله (٢) .

____________________

١١ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ١٥ / ٣٤، أورد قطعة منه في الحديث ٢ من الباب ٣٤ من أبواب الوصايا.

(١) في أصل المصححة الاولى: إنّ، وعلّق عليها المصحّح بقوله: « إنّ، ما عرف وجودها وعدمه ».

١٢ - معاني الأخبار: ٢٦٣ / ٢.

١٣ - أمالي الصدوق: ٣٢٥ / ١١.

(٢) عقاب الأعمال: ٢٩٣ / ١.

٢٢٤

وفي( العلل) عن محمد بن موسى بن المتوكّل، عن السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عليّ بن الحكم مثله (١) .

ورواه البرقي في( المحاسن) عن عليّ بن الحكم (٢) .

ورواه الطوسيُّ في( الأمالي) عن أبيه، عن المفيد، عن الصدوق مثله (٣) .

[ ٣٠٣٩٩ ] ١٤ - وفي( الخصال) عن أبيه، عن سعد، عن محمد بن عيسى، عن الدهقان عن درست، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن الأوّل( عليه‌السلام ) ، قال: أربعة من الوسواس: أكل الطين، وفّت الطين، وتقليم الأظفار بالأسنان، وأكل اللحية.

[ ٣٠٤٠٠ ] ١٥ - وفي( العلل) عن محمد بن الحسن، عن الصفّار، عن عليّ بن حسان، عن( عبد الرحمن بن كثير) (٤) ، عن يحيى بن عبد الله بن الحسن، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: من أكل طين الكوفة فقد أكل لحوم الناس ؛ لأنَّ الكوفة كانت اُجمة، ثمَّ كانت مقبرة ما حولها، وقد قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من أكل الطين فهو ملعون.

أقول: وتقدّم ما يدلُّ على ذلك في الزيارات(٥) ، ويأتي ما يدلُّ

____________________

(١) علل الشرائع: ٥٣٣ / ٥.

(٢) المحاسن: ٥٦٥ / ٩٨٠.

(٣) أمالي الطوسي ٢: ٥٣.

١٤ - الخصال: ٢٢١ / ٤٦.

١٥ - علل الشرائع: ٥٣٣ / ٤.

(٤) في المصدر: عبد الله بن كثير.

(٥) تقدم في الباب ٧٢ من أبواب المزار.

٢٢٥

عليه(١) .

٥٩ - باب عدم تحريم اكل طين قبر الحسين ( عليه‌السلام ) بقصد الشفاء بقدر الحمصة، وكيفية تناوله، وتحريم أكله بشهوة، وأكل طين قبور الأئمة غير الحسين عليهم‌السلام

[ ٣٠٤٠١ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أبي يحيى الواسطي، عن رجل، قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : الطين حرام كلّه كلحم الخنزير، ومن أكله، ثمَّ مات فيه(٢) لم أُصلّ عليه، إلّا طين القبر، فانَّ فيه شفاء من كلّ داء، ومن أكله بشهوة لم يكن له فيه شفاء.

ورواه ابن قولويه في( المزار) عن محمد بن يعقوب (٣) .

ورواه الصدوق في( العلل) عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى مثله (٤) .

[ ٣٠٤٠٢ ] ٢ - وعن عليّ بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن جعفر بن إبراهيم الحضرمي، عن سعد بن سعد، قال: سألت أبا الحسن( عليه‌السلام ) عن الطين ؟ فقال: أكل الطين حرام مثل الميتة والدم ولحم

____________________

(١) يأتي في الباب ٥٩ من هذه الأبواب.

الباب ٥٩

فيه ٧ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٢٦٥ / ١.

(٢) في نسخة: منه ( هامش المخطوط ).

(٣) كامل الزيارات: ٢٨٥.

(٤) علل الشرائع: ٥٣٢ / ٢.

٢ - الكافي ٦: ٢٦٦ / ٩، أورد صدره في الحديث ٢ من الباب ١٠٨ من أبواب آداب المائدة، وأورده عن الأمالي في الحديث ٣ من الباب ٧٢ من أبواب المزار.

٢٢٦

الخنزير، إلّا طين الحائر(١) ، فانّ فيه شفاء من كل داء، وأمناً من كل خوف.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب مثله(٢) .

وعن بعض أصحابنا، عن جعفر بن إبراهيم الحضرمي، عن سعد بن سعد مثله(٣) .

ورواه الراونديُّ في( الخرائج والجرائح) عن ذي الفقار بن معبد الحسني بإسناده عن الشيخ الطوسي، عن( محمد بن حبيش عن أبي المفضّل الشيباني) (٤) عن أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، عن عليّ ابن الحسن بن فضّال، عن جعفر بن إبراهيم بن ناجية، عن سعد بن سعد مثله(٥) .

[ ٣٠٤٠٣ ] ٣ - جعفر بن محمد بن قولويه في( المزار) عن محمد بن الحسن بن عليّ بن مهزيار، عن أبيه (٦) ، عن جدّه عليّ بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن عبد الله الأصمّ، عن ابن أبي عمير، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في حديث، أنّه سئل عن طين الحائر، هل فيه شيء من الشفاء ؟ فقال يستشفى ما(٧) بينه وبين القبر على رأس أربعة أميال، وكذلك قبر جدِّي رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ،

____________________

(١) في المصدر: قبر الحسين (عليه‌السلام ).

(٢) التهذيب ٩: ٨٩ / ٣٧٧.

(٣) الكافي ٦: ٣٧٨ / ٢.

(٤) في الخرائج: محمد بن علي بن خنيس، عن أبى الفضل الشيباني.

(٥) الخرائج والجرائح: ٢٢٦.

٣ - كامل الزيارات: ٢٨٠.

(٦) « عن أبيه » ليس في المصدر.

(٧) علق في المصححة الاولى بقوله: « بما » محتمل في نسخة الاصل.

٢٢٧

وكذا طين قبر الحسن، وعليّ، ومحمد، فخذ منها، فإنّها شفاء من كل داء وسقم، وجنّة مما تخاف، ولا يعدلها شيء من الأشياء للذي يستشفى بها إلّا الدعاء، وإنّما يفسدها ما يخالطها من أوعيتها، وقلّة اليقين لمن يعالج بها، وذكر الحديث - إلى أن قال: - ولقد بلغني أنَّ بعض من يأخذ من التربة شيئاً يستخفّ به، حتّى أنَّ بعضهم يضعها في مخلاة البغل والحمار، وفي وعاء الطعام والخرج، فكيف يستشفى به من هذا حاله عنده ؟!.

أقول: الاستشفاء بما عدا تربة الحسين( عليه‌السلام ) مخصوص بغير الأكل ؛ لما تقدّم هنا، وفي الزيارات(١) .

[ ٣٠٤٠٤ ] ٤ - قال ابن قولويه: وروى سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال:( أكل الطين) (٢) حرام على بني آدم، ما خلا طين قبر الحسين( عليه‌السلام ) ، من أكله من وجع شفاه الله

[ ٣٠٤٠٥ ] ٥ - قال: ووجدت في حديث الحسن بن مهران الفارسي(٣) ، عن محمد بن أبي سيّار(٤) ، عن يعقوب بن يزيد، يرفعه إلى الصادق( عليه‌السلام ) ، قال: من باع طين قبر الحسين( عليه‌السلام ) فانّه يبيع لحم الحسين، ويشتريه.

أقول: هذا محمول على تراب نفس القبر، ويحتمل الكراهة،

____________________

(١) تقدم في الحديث ١ و ٢ من هذا الباب، وفي الباب ٧٢ من أبواب المزار.

٤ - كامل الزيارات: ٢٨٦.

(٢) في المصدر: كل طين.

٥ - كامل الزيارات: ٢٨٦.

(٣) في المصدر: الحسين بن مهران الفارسي.

(٤) في المصدر: محمد بن سيار.

٢٢٨

واستحباب بذله بغير ثمن، ويحتمل الحمل على ما ليس بمملوك.

[ ٣٠٤٠٦ ] ٦ - محمد بن الحسن في( المصباح) عن حنان بن سدير (١) ، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، أنّه قال: من أكل من طين قبر الحسين( عليه‌السلام ) غير مستشف به فكانما أكل من لحومنا. الحديث.

[ ٣٠٤٠٧ ] ٧ - قال: وروي: أنَّ رجلاً سأل الصادق( عليه‌السلام ) ، فقال: إني سمعتك تقول: إنَّ تربة الحسين( عليه‌السلام ) من الأدوية المفردة، وأنّها لا تمرّ بداء إلّا هضمته، فقال: قد قلت ذلك، فما بالك ؟ قلت إنّى تناولتها فما انتفعت بها، قال: أما أنّ لها دعاء، فمن تناولها ولم يدع به، واستعملها لم يكد ينتفع بها، قال: فقال له: ما يقول إذا تناولها ؟ قال: تقبّلها قبل كلّ شيء، وتضعها على عينيك، ولا تناول منها أكثر من حمّصة، فإنَّ من تناول منها أكثر( من ذلك) (٢) فكأنّما أكل من لحومنا ودمائنا، فإذا تناولت فقل: « اللهمَّ إنّي أسألك بحقّ الملك الذي قبضها، و( أسألك) (٣) بحقّ النبيّ الذي خزنها، وأسألك بحقّ الوصي الذي حلّ فيها أن تصلّي على محمد وآل محمد، وأن( تجعلها لي) (٤) شفاء من كلّ داء، وأماناً من كلّ خوف، وحفظاً من كلّ سوء »، فإذا قلت ذلك فاشددها في شيء، واقرأ عليها:( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) ، فإن الدعاء الذي تقدَّم لأخذها هو الاستيذان عليها، وقراءة إنّا أنزلناه ختمها.

أقول: وتقدَّم ما يدلّ على ذلك في الزيارات(٥) .

____________________

٦ - المصباح: ٦٧٦.

(١) في المصدر زيادة: عن أبيه.

٧ - المصباح: ٦٧٧.

(٢، ٣) ليس في المصدر.

(٤) في المصدر: تجعله.

(٥) تقدم في الباب ٧٠ و ٧٢ من أبواب المزار.

٢٢٩

٦٠ - باب حكم التداوي بالطين الأرمني.

[ ٣٠٤٠٨ ] ١ - الحسين بن بسطام وأخوه في( طبّ الأئمّة) عن بشر بن عبد الحميد الأنصاري، عن الوشاء، عن محمد بن فضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) : أنّ رجلاً شكا اليه الزحير(١) ، فقال له: خذ من الطين الأرمني، واقله بنار ليّنة، واستفّ(٢) منه، فإنّه يسكن عنك.

[ ٣٠٤٠٩ ] ٢ - وعنه( عليه‌السلام ) ، أنّه قال في الزحير: تأخذ جزءاً من خربق(٣) أبيض، وجزءاً من بزر القطونا، وجزءاً من صمغ عربيّ، وجزءاً من الطين الأرمني، يقلى بنار ليّنة، ويستفّ منه.

[ ٣٠٤١٠ ] ٣ - الحسن بن الفضل الطبرسي في( مكارم الأخلاق) قال: سئل أبو عبد الله( عليه‌السلام ) عن طين الأرمني يؤخذ للكسير والمبطون، أيحلّ أخذه ؟ قال: لا بأس به، أما إنّه من طين قبر ذي القرنين، وطين قبر الحسين( عليه‌السلام ) خير منه.

ورواه الشيخ في( المصباح) عن محمد بن جمهور العمى، عن بعض

____________________

الباب ٦٠

فيه ٣ أحاديث

١ - طب الأئمة: ٦٥.

(١) الزحير: استطلاق البطن، مرض معروف. ( الصحاح ٢: ٦٦٨ ).

(٢) استففت الدواء: أخذته غير ملتوت ولا معجون. ( مجمع البحرين ٥: ٧١ ).

٢ - طب الأئمة: ٦٥.

(٣) في المصدر: خزف، الخربق: نبات يجلو ويسخن وينفع الصرع ويسهل الفضول اللزجة. ( القاموس المحيط ٣: ٢٢٥ ).

٣ - مكارم الأخلاق: ١٦٧.

٢٣٠

أصحابه، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) مثله(١) .

٦١ - باب تحريم الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة، وكراهة المفضّض.

[ ٣٠٤١١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير عن حمّاد عن الحلبي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: لا تأكل في آنية من فضة، ولا في آنية مفضّضة.

[ ٣٠٤١٢ ] ٢ - وعن الحسين بن محمد، عن معلّى بن محمد، عن الوشاء، عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: لا تأكل في آنية الذهب والفضّة.

[ ٣٠٤١٣ ] ٣ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، أنّه نهى عن آنية الذهب والفضة.

[ ٣٠٤١٤ ] ٤ - وعنهم، عن سهل، عن عليّ بن حسّان، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن موسى( عليه‌السلام ) ، قال: آنية الذهب والفضّة متاع الذين لا يوقنون.

____________________

(١) مصباح المتهجد: ٦٧٦.

الباب ٦١

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٢٦٧ / ٣، والتهذيب ٩: ٩٠ / ٣٨٦، واورده في الحديث ١ من الباب ٦٦ من أبواب النجاسات.

٢ - الكافي ٦: ٢٦٧ / ١، والتهذيب ٩: ٩٠ / ٣٨٤، وأورده في الحديث ٢ من الباب ٦٥ من أبواب النجاسات.

٣ - الكافي ٦: ٢٦٧ / ٤، والتهذيب ٩: ٩٠ / ٣٨٥، وأورده في الحديث ٣ من الباب ٦٥ من أبواب النجاسات.

٤ - الكافي ٦: ٢٦٨ / ٧، وأورده في الحديث ٤ من الباب ٦٥ من أبواب النجاسات.

٢٣١

ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب(١) ، وكذا كلّ ما قبله.

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك في الطهارة(٢) .

٦٢ - باب تحريم الأكل على مائدة يشرب عليها الخمر، وتحريم الجلوس عليها اختيارا، دون الأكل على سفرة عليها خمر قد يبس.

[ ٣٠٤١٥ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن هارون بن الجهم، قال كنّا مع أبي عبد الله( عليه‌السلام ) بالحيرة حين قدم على أبي جعفر المنصور، فختن بعض القوّاد ابناً له وصنع طعاماً، ودعا الناس، وكان أبو عبد الله( عليه‌السلام ) فيمن دعي، فبينما هو على المائدة( يأكل ومعه عدَّة على المائدة) (٣) فاستسقى رجل منهم، فأُتي بقدح فيه شراب لهم، فلمّا صار القدح في يد الرجل قام أبو عبد الله( عليه‌السلام ) عن المائدة، فسئل عن قيامه ؟ فقال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : ملعون ملعون من جلس على مائدة، يشرب عليها الخمر.

[ ٣٠٤١٦ ] ٢ - قال الكليني وفي رواية اُخرى: ملعون ملعون من جلس طائعاً على مائدة، يشرب عليها الخمر.

ورواه البرقي في( المحاسن) عن أبيه، عن هارون بن الجهم، عن

____________________

(١) التهذيب ٩: ٩١ / ٣٨٩.

(٢) تقدم في البابين ٦٥ و ٦٦ من أبواب النجاسات.

الباب ٦٢

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٢٦٨ / ١، والتهذيب ٩: ٩٧ / ٤٢٢، والمحاسن: ٥٨٥ / ٧٧.

(٣) ليس في التهذيب ( هامش المخطوط ).

٢ - الكافي ٦: ٢٦٨ / ١.

٢٣٢

محمد بن سليمان، عن بعض الصالحين، قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، وذكر مثله(١) .

وروى الذي قبله، عن هارون بن الجهم مثله.

[ ٣٠٤١٧ ] ٣ - وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جرّاح المدايني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يأكل على مائدة، يشرب عليها الخمر.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب(٢) ، وكذا الأوّل.

[ ٣٠٤١٨ ] ٤ - عليُّ بن جعفر في كتابه، عن أخيه موسى( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن الطعام يوضع على السفرة، أو الخوان، قد اصابه الخمر، أيؤكل ؟ قال إن كان الخوان يابساً فلا بأس.

[ ٣٠٤١٩ ] ٥ - محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن الصادق، عن آبائه، عن النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) في حديث المناهي، قال: ونهى عن الجلوس على مائدة، يشرب عليها الخمر.

أقول: ويأتي ما يدلُّ على ذلك في الأشربة(٣) .

____________________

(١) المحاسن: ٥٨٤ / ٧٦.

٣ - الكافي ٦: ٢٦٨ / ٢.

(٢) التهذيب ٩: ٩٧ / ٤٢١.

٤ - مسائل علي بن جعفر: ١٣٠ / ١١٧، وقرب الاسناد: ١١٦.

٥ - الفقيه ٤: ٤ / ١.

(٣) يأتي في الباب ٣٣ من أبواب الأشربة المحرمة.

وتقدم ما يدل على ذلك في الحديث ٨ من الباب ١٦ من أبواب آداب الحمّام.

٢٣٣

٦٣ - باب تحريم الأكل والاطعام من طعام الغير بغير إذنه عدا ما استثني، وعدم جواز الذهاب إلى مائدة لم يدعَ إليها.

[ ٣٠٤٢٠ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن أحمد المنقري، عن خاله، قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: من أكل طعاماً لم يدعَ إليه فانّما أكل قطعة من النار.

[ ٣٠٤٢١ ] ٢ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: إذا دعي أحدكم إلى طعام( فلا يتبعنّ) (١) ولده، فانّه إن فعل أكل حراماً، ودخل غاصباً.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب(٢) ، والذي قبله بإسناده عن أحمد بن محمد مثله.

[ ٣٠٤٢٢ ] ٣ - وقد تقدَّم في أحاديث الخمس، عن صاحب الزمان( عليه‌السلام ) ، قال: لا يحلّ لأحد ان يتصرَّف في مال غيره بغير إذنه، فكيف يحلّ ذلك في مالنا ؟!

[ ٣٠٤٢٣ ] ٤ - محمد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن حمّاد بن عمرو،

____________________

الباب ٦٣

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٢٧٠ / ٢، والتهذيب ٩: ٩٢ / ٣٩٨.

٢ - الكافي ٦: ٢٧٠ / ١، وأورده في الحديث ١ من الباب ٥ من أبواب آداب المائدة.

(١) في المصدر: فلا يستتبعن.

(٢) التهذيب ٩: ٩٢ / ٣٩٧.

٣ - تقدم في الحديث ٦ من الباب ٣ من أبواب الأنفال.

٤ - الفقيه ٤: ٢٥٦ / ٨٢١.

٢٣٤

وأنس بن محمد عن أبيه جميعاً، عن جعفر بن محمد، عن آبائه في وصيّة النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) لعليّ( عليه‌السلام ) ، قال: يا عليّ ! ثمانية إن اُهينوا فلا يلوموا إلّا أنفسهم: الذاهب إلى مائدة لم يدعَ إليها، والمتأمّر على ربّ البيت، وطالب الخير من أعدائه، وطالب الفضل من اللئام، والداخل بين اثنين في سرّ لم يدخلاه فيه، والمستخفّ بالسلطان، والجالس في مجلس ليس له بأهل، والمقبل بالحديث على من لا يسمع منه.

وفي( الخصال) بالإِسناد الآتي (١) عن حمّاد بن عمرو مثله(٢) .

أقول: وتقدَّم ما يدلّ على ذلك(٣) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٤) ، وتقدَّم ما يدلُّ على حقّ المارَّة في بيع الثمار(٥) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٦) ، وعلى الأكل من بيوت من تضمّنته الآية(٧) .

٦٤ - باب حكم السمن والجبن وغيرهما إذا علم أنه خلطه حرام

[ ٣٠٤٢٤ ] ١ - محمد بن الحسن بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيّوب، عن ضريس الكناسي، قال: سألت أبا جعفر( عليه‌السلام ) عن

____________________

(١) يأتي في الفائدة الأولى من الخاتمة برمز ( خ ).

(٢) الخصال: ٤١٠ / ١٢.

(٣) تقدم في البابين ٢٢ و ٢٣ من أبواب جهاد النفس، وفي الباب ١٢ من أبواب مقدمات التجارة.

(٤) يأتي في الباب ٥ من أبواب آداب المائدة.

(٥) تقدم في الباب ٨ من أبواب بيع الثمار.

(٦) يأتي في الباب ٨١ من أبواب الأطعمة المباحة.

(٧) يأتي في الباب ٢٤ من ابواب آداب المائدة.

الباب ٦٤

فيه ٣ أحاديث

١ - التهذيب ٩: ٧٩ / ٣٣٦ ومستطرفات السرائر: ٧٨ / ٤.

٢٣٥

السمن والجبن نجده في أرض المشركين بالروم، أناكله ؟ فقال: أمّا ما علمت أنّه قد خلطه الحرام فلا تأكل، وأمّا ما لم تعلم فكله، حتّى تعلم أنّه حرام.

[ ٣٠٤٢٥ ] ٢ - وعنه عن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : كلُّ شيء يكون فيه حرام وحلال فهو لك حلال أبداً، حتّى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه.

ورواه ابن إدريس في آخر( السرائر) نقلاً من كتاب المشيخة للحسن ابن محبوب (١) ، وكذا الذي قبله.

ورواه الصدوق بإسناده عن الحسن بن محبوب مثله(٢) .

[ ٣٠٤٢٦ ] ٣ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإِسناد) عن عبد الله بن الحسن، عن (٣) عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن الدقيق يقع فيه خرء الفار، هل يصلح أكله إذا عجن مع الدقيق ؟ قال: إذا لم تعرفه فلا بأس، وإن عرفته فلتطرحه.

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك فيما يكتسب به(٤) وغير ذلك(٥) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٦) .

____________________

٢ - التهذيب ٩: ٧٩ / ٣٣٧، واورده في الحديث ١ من الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به.

(١) مستطرفات السرائر: ٨٤ / ٢٧.

(٢) الفقيه ٣: ٢١٦ / ١٠٠٢.

٣ - قرب الاسناد: ١١٧.

(٣) في المصدر: عن جده.

(٤) تقدم في الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به.

(٥) تقدم في الحديث ١ من الباب ٣٨ من أبواب الذبائح، وفي الحديثين ١ و ٢ من الباب ٢٥ من هذه الأبواب.

(٦) يأتي في الباب ٦١ من أبواب الأطعمة المباحة.

٢٣٦

٦٥ - باب حكم العمل بشعر الخنزير

[ ٣٠٤٢٧ ] ١ - محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير، عن برد الاسكاف، قال: قلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : إنّي رجل خرّاز(١) ، لا يستقيم عملنا إلّا بشعر الخنزير نخرز(٢) به، قال: خذ منه وبرة، فاجعلها في فخّارة، ثمَّ أوقد تحتها حتّى يذهب دسمه، ثمَّ اعمل به.

[ ٣٠٤٢٨ ] ٢ - وعنه عن أيّوب بن نوح، عن عبد الله بن المغيرة، عن برد، قال: قلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : جعلت فداك، إنّا نعمل بشعر الخنزير، فربّما نسي الرجل فصلّى(٣) ، وفي يده شيء منه، قال: لا ينبغي له أن يصلّي، وفي يده شيء منه، وقال: خذوه، فاغسلوه، فما كان له دسم فلا تعملوا به، وما لم يكن له دسم فاعملوا به، واغسلوا أيديكم منه.

ورواه الصدوق بإسناده عن عبد الله بن المغيرة(٤) ، والذي قبله بإسناده عن حنان بن سدير مثله.

____________________

الباب ٦٥

فيه ٣ أحاديث

١ - التهذيب ٩: ٨٤ / ٣٥٥، والفقيه ٣: ٢٢٠ / ١٠١٨، وأورده عن الفقيه في الحديث ٣ من الباب ٥٨ من أبواب ما يكتسب به.

(١) الخزاز: هو الذي حرفته خَرْزْ الخف، أي: خياطته « الصحاح ٣: ٨٧٦ » وفي المصدر: خزاز.

(٢) في المصدر: نخزز.

٢ - التهذيب ٩: ٨٥ / ٣٥٦، وأورده عن الفقيه في الحديث ٤ من الباب ٥٨ من أبواب ما يكتسب به.

(٣) في المصدر: فيصلّي.

(٤) الفقيه ٣: ٢٢٠ / ١٠١٩.

٢٣٧

[ ٣٠٤٢٩ ] ٣ - وعنه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن سليمان الإسكاف، قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن شعر الخنزير يخرز به ؟ قال لا بأس به، ولكن يغسل يده إذا اراد ان يصلّي.

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك(١) .

٦٦ - باب تحريم أكل النجس وشربه

[ ٣٠٤٣٠ ] ١ - الحسن بن عليّ بن شعبة في( تحف العقول) عن الصادق( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: وأمّا وجوه الحرام من البيع والشراء - إلى أن قال: - والبيع للميتة أو الدم أو لحم الخنزير أو الخمر أو شيء من وجوه النجس فهذا كلّه حرام ومحرّم ؛ لأنَّ ذلك كلّه منهيّ عن أكله وشربه ولبسه وملكه وإمساكه والتقلّب فيه، فجميع تقلّبه في ذلك حرام.

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك في الطهارة(٢) وغيرها(٣) .

____________________

٣ - التهذيب ٩: ٨٥ / ٣٥٧، وأورده في الحديث ٣ من الباب ١٣ من أبواب النجاسات.

(١) تقدم في الحديثين ١ و ٢ من الباب ٥٨ من أبواب ما يكتسب به.

الباب ٦٦

فيه حديث واحد

١ - تحف العقول: ٣٣٣.

(٢) تقدم في الحديثين ٦ و ٧ من الباب ١٢، وفي الأحاديث ١ و ٢ و ٦ و ٧ و ٨ و ١٠ من الباب ١٤، وفي الباب ١٥ من أبواب النجاسات.

(٣) تقدم في الأبواب ١ و ٣٢ و ٤٣، وفي الحديث ١ من الباب ٤٤، وفي الحديثين ٢ و ٣ من الباب ٤٥، وفي الباب ٥٠ من هذه الأبواب.

٢٣٨

أبواب آداب المائدة

١ - باب كراهة كثرة الأكل.

[ ٣٠٤٣١ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: قال لي: يا أبا محمّد ! إنَّ البطن ليطغى من أكله، وأقرب ما يكون العبد من الله إذا خفّ بطنه، وأبغض ما يكون العبد من الله إذا امتلأ بطنه.

[ ٣٠٤٣٢ ] ٢ - وعن عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: كثرة الأكل مكروه.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب مثله(١) .

[ ٣٠٤٣٣ ] ٣ - وعن أبي عليّ الأشعري، عن محمد بن عبد الجبّار، عن

____________________

أبواب آداب المائدة

الباب ١

فيه ١٣ حديثاً

١ - الكافي ٦: ٢٦٩ / ٤، المحاسن: ٤٤٦ / ٣٣٧.

٢ - الكافي ٦: ٢٦٩ / ٢، والمحاسن: ٤٤٦ / ٣٣٤.

(١) التهذيب ٩: ٩٢ / ٣٩٤.

٣ - الكافي ٦: ٢٦٨ / ١، والمحاسن: ٤٤٧ / ٣٤٣.

٢٣٩

محمد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر رفعه، قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) في كلام له: سيكون من بعدي سمنة(١) ، يأكل المؤمن في معاء واحد، ويأكل الكافر في سبعة أمعاء.

[ ٣٠٤٣٤ ] ٤ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : بئس العون على الدين( قلب نخيب) (٢) ، وبطن رغيب، ونعظ(٣) شديد.

[ ٣٠٤٣٥ ] ٥ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد ابن سنان، عن صالح النيلي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: إنَّ الله يبغض كثرة الأكل.

وقال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : ليس بدّ لابن آدم من أكلة يقيم بها صلبه، فاذا أكل أحدكم طعاماً فليجعل ثلث بطنه للطّعام، وثلث بطنه للشراب، وثلث بطنه للنفس، ولا تسمّنوا تسمّن الخنازير للذبح.

ورواه البرقي، في( المحاسن) مرسلاً (٤) ، والذي قبله عن النوفلي، والذي قبلهما، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن عمرو بن شمر. والأوَّل عن محمد بن عليّ عن وهيب بن حفص مثله.

[ ٣٠٤٣٦ ] ٦ - محمد بن عليّ بن الحسين في( الخصال) عن أبيه، عن

____________________

(١) في المصدر: سنة.

٤ - الكافي ٦: ٢٦٩ / ٣، والمحاسن: ٤٤٥ / ٣٣٢.

(٢) في نسخة: قلّة نحيب ( هامش المخطوط ).

ونخيب: جبان « الصحاح ١: ٢٢٣ ».

(٣) النعظ: شدة شهوة الجماع « الصحاح ٣: ١١٨٠ ».

٥ - الكافي ٦: ٢٦٩ / ٩.

(٤) المحاسن: ٤٤٦ / ٣٣٣ تقدم مكرراً في الحديث ٣ من هذا الباب.

٦ - الخصال: ٣٥١ / ٢٩.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

قال ابن الأثير : (الحسدُ أن يرى الرجل لأخيه نعمة ، فيتمنَّى أن تزول عنه ، وتكون له دونه.

والغبط : أن يتمنَّى أن يكون له مثلها ، ولا يتمنَّى زوالها عنه) ، انتهى(١) .

قلت : أمّا الأول فحرام مطلقاً كما هو المنقول عن المشهور ، أو إظهاره كما يظهر من بعض الأخبار ، ففي مرفوعة النَّهدي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام المروية في آخر أبواب الكفر والإيمان من اُصول الكافي ، قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وُضع عن اُمَّتي تسع خصال : الخطأ ، والنسيان ، وما لا يعلمون ، وما لا يطيقون ، وما اضطُرّوا إليه ، وما استُكرِهوا عليه ، والطَيَرة ، والوسوسة في التفكُّر في الخلق ، ابوالحسن ما لم يظهر بلسان أو يد »(٢) .

وروي : «ثلاث لا يسلم منها أحد : الطَيَرة ، والحسد ، والظن. قيل : فما نصنع؟ قال : إذا تطيرت فامضِ ، وإذا حسدت فلا تبغِ ، وإذا ظننت فلا تحقّق »(٣) .

والبغي عبارة عن استعمال الحسد ؛ ولذا عَدَّ في الدروس من الكبائر ـ في باب الشهادات ـ بغضَ المؤمن وإظهار الحسد ، لا نفسَه(٤) .

وبالجملة : ففي كثير من أخبار الحسد إشارة إلى ذلك ولعله الأظهر ، فإنَّ العقاب على حالة الحسد التي هي من القهريات مناف لقواعد العدل ، وإن دلَّت حلى خبث سريرة الحاسد ، وعلى كل حال فيستثنى من ذلك نعمة أصابها فاجر أو کافر ، وهو يستعين بها على تهييج الفتنة ، وإفساد ذات البين ، وإيذاء الخلق ، فلا

__________________

(١) النهاية في تقريب الحديث ١ : ٣٨٣.

(٢) الكافي ٢ : ٤٦٣ ح ٢.

(٣) الفائق في غريب الحديت ٢ : ٣١٢.

(٤) الدروس ٢ : ١٢٦.

٣٤١

يضرّ کراهتك لها ، ومحبَّتك لزوالها ، فإنَّك لا تحبُّ زوالها من حيث إنَّها نعمة ، بل من حيث إنَّها آلة الفساد ، ولو أمنت فساده لم يغمَّك تنعُّمه(١) .

ثُمَّ إن الحسد من الأمراض العظيمة للقلوب ، ولا تداوي أمراض القلوب إلا بالعلم والعمل ، والعلم النافع لمرض الحسد هو أن تعرف تحقيقاً أنَّ الحسد ضرر عليك في الدنيا والدين ، وأنه لا ضرر به على المحسود في الدين والدنيا ، بل يستقع به في الدين والدنيا ، ومهما عرفت هذا عن بصيرة ، ولم تكن عدوَّ نفسك وصديق عدوَّك ، فارقت الحسد لا محالة.

أمّا كونه ضرراً عليك في الدين ، فهو أنَّك بالحسد سخطت قضاء الله تعالى ، وكرهت نعمته التي قسّمها لعباده ، وعدله الَّذي أقامه في ملکه بخفي حكمته ، واستنكرت ذلك واستبشعته ، وهذه جناية على حدقة التوحيد ، وقذى في عين الإيمان(٢) .

وأمّا كونه ضرراً عليك في الدنيا ، فهو أنه تتألم بحسدك وتتعذّب به ، ولا تزال في كدر وغمّ بما تراه في عدوك من نعمة أو بليَّة منصرفة عنه ، فتبقى محزوناً متشعِّب القلب ، ضیِّق النفس ، كما تشتهيه لعدوِّك ، كما قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «لله در الحسد ، حيث بدأ بصاحبه فقتله ».

وأمّا أنه ينتفع المحسود في الدين والدنيا فواضح ، أمّا الأول فهو أنه مظلوم من جهتك ولا سيّما إذا أخرجك الحسد إلى القول والفعل بالغيبة ، والقدح فيه ، وهتك الستر ، وذكر المساوئ ، فتكون بذلك مهدياً إليه حسناتك حَتَّى تلقاه يوم

__________________

(١) بحار الأنوار ٧٠ : ٢٣٨ في معنى الحسد.

(٢) بحار الأنوار ٧٠ : ٢٤١ في معنى الحسد.

٣٤٢

القيامة وأنت مفلس مخروم من النعمة كما حُرّمت في الدنيا ، فأضفت له نعمة إلى نعمته ، ولنفسك شقاوة إلى شقاوتها(١) .

وإمّا الثاني : فهو أن أهم أغراض الخلق مساءة الأعداء ، وغمُّهم ، وشقاوتهم ، وکونهم معذَّبين مغمومين ، ولا عذاب أعظم ممَّا أنت فيه من ألم الحسد ، وغاية أماني أعدائك أن يكونوا في نعمة ، وأن تكون في غمٍّ وحسرة(٢) .

ومن نوابغ الحكم : (الحسد حسكٌ من تعلَّق به هلك )(٣) .

ولبعضهم ، شعر :

اصبر على حسد الحسود

فإنَّ صبرَكَ قاتِلُهْ

كالنارِ تأكلُ بعضَها

إنْ لمْ تَجِدْ ما تأكُلُهْ(٤)

وقال آخر :

أيا حاسداً لي على نعمتي

أتدري على مَنْ أسأتَ الأدَبْ

أسأتَ على اللهِ في حُكْمِهِ

لأنَّك لم تَرْضَ لي ما وَهَبْ

فجازاك ربِّي بأنْ زادني

وسدَّ عليكَ وُجوهَ الطَّلب(٥)

__________________

(١) بحار الأنوار ٧٠ : ٢٤١ وما بعدها في معنى الحسد.

(٢) بحار الأنوار ٧٠ : ٢٤٢ في معنى الحسد.

(٣) الدر المختار ١ : ٢٤ ، والحسك : جمع حسكة ، شوكة صلبة معروفة.

(٤) نسب الشعر لابن المعتز كما في تفسير الآلوسي ٣٠ : ٢٨٤ والكنى والألقاب ١ : ٤٠٩ ، ونسبه الباعوني في جواهر المطالب ٢ : ١٢٦ لأمير المؤمنينعليه‌السلام .

(٥) الشعر ورد باختلاف ونسب لمنصور الفقيه كما في تفسير الثعلبي ٣ : ٣٣٠ وتفسير القرطبي ٥ : ٢٥١ ، وللمعافى بن زكريا الجريري كما في تاريخ بغداد ١٣ : ٢٣١ ووفيات الأعيان ٥ : ٢٢٢.

٣٤٣

وحكى صاحب الطرائف : (أن رجلاً من العرب دخل على المعتصم ، فقرّبه وأدناه وجعله نديمه ، وصار يدخل على حريمه من غير استئذان ، وكان له وزير حاسد فغار من البدوي وحسده وقال في نفسه : إن لم أحتل على هذا البدوي في قتله أخذ بقلب أمير المؤمنين وأبعدني منه.

فصار يتلطّف بالبدوي حَتَّى أتى به إلى منزله ، فطبخ له طعاماً ، وأكثر فيه من الثوم ، فلمَّا أكل البدوي منه ، قال : احذر أن تقرب من أمير المؤمنين ، فيشمّ منك رائحة الثوم ، فيتأذى من ذلك ، فإنه يكره رائحته.

ثُمَّ ذهب الوزير إلى أمير المؤمنين ، فخلا به وقال : يا أمير المؤمنين ، إن البدوي يقول عنك للناس : إن أمير المؤمنين أبخر ، وهلكت من رائحة فمه.

فلمَّا دخل البدوي على أمير المؤمنين جعل كمّه على فمه ؛ مخافة أن يُشمَ منه رائحة الثوم ، فلمَّا رآه أمير المؤمنين وهو يستر فمه بكمه ، قال : إن الَّذي قاله الوزير عن هذا البدوي صحيح! فكتب أمير المؤمنين كتاباً إلى بعض عماله يقول له فيه : إذا وصل إليك كتابي هذا ، فاضرب رقبة حامله.

ثُمَّ دعا بالبدوي ودفع إليه الكتاب ، وقال له : امض به إلى فلان وايتني بالجواب ، فامتثل البدوي ما رسم به أمير المؤمنين وأخذ الكتاب وخرج به من عنده ، فبينما هو بالباب إذ لقيه الوزير فقال : أين تريد؟

فقال : أتوجَّه بكتاب أمير المؤمنين إلى عامله فلان. فقال الوزير في نفسه : إنَّ هذا البدوي يحصل له من هذا التقليد مالاً جزيلاً.

فقال له : يا بدوي ما تقول فیمن يريحك من هذا التعب الَّذي يلحقك في سفرك ويعطيك ألفي دينار؟

فقال : أنت الكبير وأنت الحاكم ، مهما رأيته من الرأي أقبل(١) .

__________________

(١) في المصدر : (أفعل).

٣٤٤

قال : أعطني الكتاب ، فدفعه إليه ، فأعطاء الوزير ألفي دينار ، وسار بالكتاب إلى المكان الَّذي هو قاصده ، فلمَّا قرأ العامل الكتاب أمر بضرب رقبة الوزير ، فبعد أيام تذكّر الخليفة في أمر البدوي وسأل عن الوزير ، واُخبر بأن له أياماً ما ظهر ، وأن البدوي بالمدينة مقيم ، فتعجَّب من ذلك وأمر بإحضار البدوي ، فحضر فسأله عن حاله ، فأخبره بالقصة التي اتفقت له مع الوزير من أولها إلى آخرها ، فقال له : أنت قلت عني للناس : إنّي أبخر.

فقال : معاذ الله يا أمير المؤمنين أن أتحدث بما ليس به علم ، وإنما كان ذلك مكرً منه وحسداً ، وأعلمه كيف دخل إلى بيته أطعمه الثوم وما جرى له معه.

فقال أمير المؤمنين : قاتل الله الحسد ما أعدله ؛ بدأ بصاحبه فقتله ، ثُمَّ خلع على البدوي واتّخذه وزيراً ، وراح الوزير بحسده)(١) .

وأمّا الثاني : أعني عنوان الغبطة ـ فلا بأس به ـ بل هو راجع ، وهو مثل من وجد درجة من الكمال يسأل الله تعالى ويطلب منه التوفيق لما فوقها.

[د] ـ «واُذنه الفهم » : فإن من خوطب بما لا يفهم كمن خوطب بما لا يسمع ، فالعلم بلا فهم كالإنسن بلا اُذن.

[هـ] ـ «ولسانه الصدق » : فإنَّ من أعظم فوائد اللّسان انتفاع الناس بمنطقه ، وإذا لم يكن صادق اللهجة فلا يُعتمد على قوله ، ولا يُعتمد بشيءٍ من منطقه ؛ فيكون كمن لا لسان له.

وفي الكافي بإسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «إنَّ الله عزَّ وجلَّ لم يبعث نبياً إلّا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة إلى البرّ والفاجر »(٢) .

__________________

(١) المستطرف في كل فن مستظرف : ٢٩٥.

(٢) الكافي ٢ : ١٠٤ ح ١.

٣٤٥

وبإسناده عنهعليه‌السلام أيضاً ، قال : «إنَّما سُمّي إسماعيل صادق الوعد ؛ لأنه وعد رجلاً في مكان ، فانتظره في ذلك المكان سنة ، فسمّاه الله عزَّ وجلَّ صادق الوعد »

ثُمَّ قال : «إن الرجل أثاه بعد ذلك فقال له إسماعيل : مازلت منتظراً لك »(١) .

وفيه أيضاً بإسناده عن زياد الصيقل ، قال : قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : «من صدق لسانه زکی عمله ، ومن حسنت نيَّته زيد في رزقه ، ومن حَسًن برّه بأهل بيته مُدَّ له في عمره »(٢) .

وفيه من الدلالة على رفعة درجة الصادقين عند الله عزَّ وجلَّ ما لا يخفی ، وقال الله تعالى : ﴿هَـٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ(٣) ، وقال تعالى : ﴿وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ(٤) فمدحهم وبيّن لهم المغفرة والأجر العظيم.

وعن طريق العامة ، عن عائشة قالت : سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بِمَ يعرف المؤمن؟ قال : «بوقاره ، ولين کلامه ، وصدق حديثه »(٥) .

قيل : (لكلّ شيء حلية ، وحلية النطق الصدق )(٦) .

قال ارسطو طاليس : (أحسن الكلام ما صدق فيه قائله ، وانتفع به سامعه )(٧) .

__________________

(١) الكافي ٢ : ١٠٥ ح ٧.

(٢) الكافي ٢ : ١٠٥ ح ١١.

(٣) سورة المائدة : من آية ١١٩.

(٤) سورة الأحزاب : من آية ٣٥.

(٥) الاستذکار ٨ : ٥٧٤.

(٦) لم أهتد إلى مصدر هذا القول.

(٧) لم أهتد إلى مصدر هذا القول.

٣٤٦

وقال عامر العدواني في وصيَّته : (إنّي وجدت صدق الحديث طرفاً من الغيب ، فاصدقوا )(١) .

يعني : من لزم الصدق وعوّده لسانه وُفّق فلا يكاد ينطق بشيء يظنه إلا جاء على ظنَّه ، وما أحسن ما قيل في ذلك :

عليكَ بالصدقِ ولو أنَّه

أحرقَكَ الصّدقُ بنار الوعيدْ

وابغِ رضا المولى فأغبى الورى

مَنْ أسخَطَ المولى وأرضى العَبيدْ(٢)

وقال فضيل : (ما من مضغة أحبّ إلى الله تعالى من اللّسان إذا كان صدوقاً ، ولا مضغة أبغض إلى الله تعالى من اللّسان إذا كان كذوباً )(٣) .

[و] ـ «وحفظه الفحص » : يعني البحث والتفتيش ؛ إذ بذلك يحفظ من الضِّياع والنسيان.

[ز] ـ «وقلبه حسن النيَّة » : فكما أنَّ الرجل إذا كان صحيح القلب تصحُّ معه حركاته وسائرُ جوارحه وأعضائه ، وتترتَّب عليها ما هو المطلوب منها ، كذلك إذا حسنت نيَّته يحسن عمله ، ويترتَّب عليه ما هو غرضه من العلم ـ أعني الحياة الأبدية ـ فالعلم العاري عن ذلك كالإنسان العاري عن القلب فلا حياة له.

[ح] ـ «وعقله معرفة الأشياء والأُمور » : فكما أن قوام الإنسان بعقله ، كذلك قوام العلم بمعرفة الأشياء والأُمور ، والمراد من الأُمور الدنيا وفناؤها ، وما يوجب الزهد فيها ، والإعراض عنها ، والتوجَّه إلى الحق.

__________________

(١) لم أهتد إلى مصدر هذا القول.

(٢) نسب للحريري كما في كشف الخفاء ١ : ٤٥.

(٣) لم أهتد إلى مصدر هذا القول.

٣٤٧

[ط] ـ «ويده الرحمة » : فكما أنَّ اليد الجارحة وسيلة إلى إيصال النعمة التي هي من الفواضل ، كذلك الرحمة من العالم على المحتاجين إليه في العلم ، فإنَّها وسيلة لإيصال النعمة التي هي من الفضائل بالنسبة إلى من يتعلَّم ، فإنَّ العلم مع عدم الرحمة بالمعنى المذكور كالَّذي لا يد له ، وقد قدَّمنا ما يناسب المقام في شرح الحديث الثالث عشر.

[ي] ـ «ورجله زيارة العلماء » : فكما أنَّ المرء يحصّلُ مآربه بسعي رجله ، فكذلك زيارة العلماء بعضهم بعضاً يوجب انتقال العلم من صدر إلى صدر.

[ك] ـ «وهمَّته السلامة » : والمراد بالسلامة إمّا سلامته من المعاصي ، أو سلامة الناس من شرّه وحكمته ـ بفتح الحاء والكاف ـ وهو المحيط من اللّجام المانعة من خروج الدابة عن لاحبِ الطريق(١) ، والتوجُّه إلى خلاف مقصده.

[ل] ـ «ومستقرُّه النجاة من الشكوك والشُّبهات » : فإنَّ العالم لا يستقر في منزله ولا يطمئنّ بعلمه إلّا إذا وصل إلى حد اليقين.

[م] ـ «وقائده العافية » : أي ما يجرُّه إلى نجاته العافية من مرض الجهل ، وسائر الأمراض النفسانية.

[ن] ـ «ومركبه الوفاء بعهد الله تعالی » : والإتيان بما أمر به ، والاجتناب عمّا نهى عنه ؛ فإنه بذلك يصل إلى مقصوده.

[س] ـ «وسلاحه لين الكلمة » : وإنَّما شبَّه لين الكلمة بالسلاح الَّذي هو آلة الدفاع ؛ لأنه يدفع بذلك عن صاحبه سَوْرَةَ المكارة.

__________________

(١) لأحب الطريق : أي واضح الطريق.

٣٤٨

[ع] ـ «وسيفه الرضا » : بالقضاء ، أو بما وقع من عدوِّه بالنسبة إليه عند ملاقاته ، فإن بذلك يندفع عنه المضرَّة العاجلة القريبة ، كما أنَّ بالسيف يُدفع العدو القريب ، رُوي في الكافي بإسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «رأس طاعة الله الصبر والرضا عن الله فيما أحبّ العبد أو كره ، ولا يرضى عبد عن الله فيما أحبّ أو كره ، إلا كان خيراً له فيما أحبَّ أو كره »(١) .

وفيه أيضاً بإسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «إنَّ أعلم الناس بالله أرضاهم بقضاء الله عزَّ وجلَّ »(٢) .

وفيه أيضاً بإسناده عن علي بن الحسينعليه‌السلام ، قال : «الصبر والرضا عن الله رأس طاعة الله ، ومن صبر ورضي عن الله فيما قضى عليه فيما أحبّ أو كره ، لم يقض الله عزَّ وجلَّ له فيما أحبّ أو كره إلا ما هو خير له »(٣) .

وفي قوله : «إنَّ أعلم الناس الخ » دلالة على أنَّ الرضا بالقضاء تابع للعلم والمعرفة ، وأنه قابل للشدَّة والضعف مثلهما ؛ وذلك لأنَّ الرضا مبني على العلم بأنه سبحانه قادر ، قاهر ، عدل ، حکيم ، لطيف بعباده لا يفعل بهم إلّا الأصلح ، وأنّه المدبِّر للعالم وبيده نظامه ، فكلّما كان العلم بتلك الأُمور أتمّ كان الرضا بقضائه أكمل وأعظم ، وأيضاً الرضا من ثمرات المحبَّة والمحبّة تابعة للمعرفة إذا كملت المحبّة ، فكلّما أتاه من محبوبه التذّ به ، وهذه أعلى مدارج الكمال.

__________________

(١) الكافي ٣ : ٦٠ ح ١.

(٢) الكافي ٢ : ٦٠ ح ٢.

(٣) الكافي ٢ : ٦٠ ح ٣.

٣٤٩

[ف] ـ «وقوسه المداراة » : فإنَّ القوس آلةٌ يُدفع بها العدوُّ البعيد ، وكذلك حسنُ الخُلُق والمداراة ، فإنَّهما يَدفع بهما صاحبهما المضرَّة الآجلة والعاجلة ؛ إذ من المعلوم أن حُسنَ الخُلُق يمنع صاحبه عن المعاصي المتعلّقة بإيذاء الخلق ، کعقوق الوالدين ، وقطع الأرحام ، والإضرار بالمسلمين ، وإساءة الجار ، فلا يقع منهم إلّا المقابلة بالمثل ـ أعني دفع الضرر وكفّ الأذى عنه ـ.

ففي الكافي بإسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : «ما يقدم المؤمن على الله عزَّ وجلَّ بعمل ـ بعد الفرائض ـ أحبّ إلى الله تعالى من أن يسع الناس بخُلُقه »(١) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أكثر ما تلجُ به اُمَّتي الجنَّة ، تقوى الله وحُسنُ الخُلُق »(٢) .

وفي المروي بالإسناد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : «البّر وحسن الخُلق يعمِّران الديار ، ويزيدان في الأعمار »(٣) .

وبالجملة : فحسن الخُلق حالة نفسانية يتوقف حصولها على اشتباك الأخلاق النفسانية بعضها ببعض ، ومن ثُمَّ قيل : هو حسن الصورة الباطنة التي هي صورة النفس الناطقة ، كما أنَّ حسن الخُلق هو حسن الصورة الظاهرة وتناسب الأجزاء ، إلّا أنَّ الأول قَدْ يكون مكسباً كما حقَّقناه سابقاً ، ويُعرف ذلك من الشخص بمخالطة الناس بالجهل ، والتودُّد ، والصلة ، والصدق ، واللُّطف ، والمبرّة ، وحسن الصحبة ، والعشرة ، والمراعاة ، والمساواة ، والرفق ، والحلم ، والصبر ، والاحتمال لهم ، والإشفاق عليهم

__________________

(١) الكافي ٢ : ١٠٠ ح ٤.

(٢) الکافي ٢ : ١٠٠ ح ٦.

(٣) الكافي ٢ : ١٠٠ ح ٨.

٣٥٠

[ص] ـ «وجيشه محاورة العلماء » : فإنَّها تقوِّي علمه وتعينه كمعاونة الجيش للسلطان ، فكما أن السلطان يحفظ ثغوره بالجيوش ، كذلك العالم يحفظ مسالك قلبه من هجمات جيش الجهل ، واستيلاء جنود الشيطان عليها بالمحاورة مع العلماء ، والمذاكرة مع الفضلاء ، فإنَّ لكلّ علم أسراراً لا يطّلع عليها من الكتب ، فيجب أخذها من العلماء ؛ ولهذا قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : «خذ العلم من أفواه الرجال » ونهی عن الأخذ ممَّن أخذ علمه من الدفاتر ، وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا يغرّنَّكم الصّحفيون » ، وأمرعليه‌السلام بالمحادثة في العلم والمباحثة ، فإنَّها تفيد التفس استعداداً تامّاً لتحصيل المطالب واستخراج المجهولات.

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «تذاكروا وتلاقَوا وتحدَّثوا ، فإنَّ الحديث جلاء القلوب ، فإن القلوب لَتَرِينُ كما يَرِينُ السيف ، وجلاؤه الحديث ».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنَّ الله عزَّ وعلا يقول : تذاكُرُ العلم بين عبادي ممَّا تحيى عليه القلوب الميِّتة ، إن هم انتهوا فيه إلى أمري »(١) .

وفي آداب المتعلّمين : (لا بدّ لطالب العلم من المطارحة والمناظرة ، فينبغي أن يكون بالإنصاف ، والتأنّي ، والتأمُّل ، فيحترز عن الشغب والغضب ، فإنّ المناظرة والمذاكرة مشاورة ، إنما يكون لاستخراج الصواب ، وذلك إنَّما حصل بالتأمُّل والإنصاف ، ولا يحصل بالغضب والشغب.

وفائدة المطارحة والمناظرة أقوى من قائدة مجرد التكرار ؛ لأن فيه تكرار مع زيادة.

قيل : (مطارحة ساعة خير من تكرار شهر ) ، لكن إذا كان منصفاً سليم الطبع.

__________________

(١) أوردها العلّامة الحلي في تحرير الأحكام ١ : ٣٩ الفصل السابع.

٣٥١

وإيَّاك والمناظرة مع [متعنّت] غير مستقيم الطبع ، فإنَّ الطبيعة مسترقة ، والأخلاق متعدية ، والمجاورة مؤثّرة) ، انتهى(١) .

[ق] ـ «ومالُهُ الأدب » : لأن بالأدب يحصل له الألفة والمحبة مع معلّمه ومتعلّمه وسائر الناس ، فهو بمنزلة البضاعة له يتّجر به ، والمراد بالذخيرة ما يحرزه لوقت الحاجة ، فإن اجتناب الذنوب نافعة في يوم القيامة.

[ر] ـ «وزادُهُ المعروف » : شبَّهه بالزاد من حيث إنَّ الزاد ما يُتَّخذ للسفر الجسماني ، وبدونه يهلك المسافر ولا يصل إلى كعبة مقصوده ، فكذلك السفر إلى الله لا بدَّ له من زاد روحاني وهو المعروف ـ أعني الأعمال الموافقة لقانون الشرع ـ وضدُّه المنكر ـ أعني الأعمال الخارجة عن قانون الشريعة المحمّدية ـ ومن هنا كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنکر واجبین عقلاً ونقلاً.

أمّا الأول ؛ فلأنَّهما لطفٌ ، وهو واجب على مقتضى قواعد العدل.

وأمّا الثاني : فكثير في الكتاب والسُّنة ؛ أمّا الكتاب كقوله تعالى : ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ(٢) .

وقوله تعالی : ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ(٣) .

وأمّا السُّنة فكقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لتأمُرُنَّ بالمعروف ولتنهُنَّ عن المنكر ، أو لَيُسَلِطَنَّ اللهُ شرارَكم على خيارِكم ، فيدعوا خيارُكم فلا يُستجاب لهم ».

__________________

(١) آداب المتعلمين : ٩٥.

(٢) سورة آل عمران : من آية ١٠٤.

(٣) سورة آل عمران : من آية ١١٠.

٣٥٢

ومن طرق أهل البيتعليهم‌السلام فيه ما يقصم الظهر ، فليقف عليه من أراده في فروع الكافي ، ووجوبهما على الكفاية في أجود القولين ؛ للآية السابقة ولأن الغرض شرعاً وقوع المعروف ، وارتفاع المنكر من غير اعتبار مباشر معيَّن ، فإذا حصلا ارتفع وهو معنى الكفائي(١) .

وذهب الشيخ في (المبسوط )(٢) ، وابن حمزة في (الوسيلة ) إلى كونهما من فروض الأعيان(٣) ، استدل عليه بالرواية السابقة ، حيث إنَّ الخطاب فيه للعموم وفيه نظر بیّن ، فإنَّ الواجب الكفائي يُخاطب به جميع المكلَّفين كالعيني ، وإنَّما يسقط عن الكل بقيام البعض ، فجاز خطاب الجميع به ، ولا شبهة على القولين في سقوط الوجوب بعد حصول المطلوب ؛ لفقد شرطه الَّذي منه إصرار العاصي ، وإنما تختلف فائدة القولين في وجوب قيام الكل به قبل حصول الغرض وإن قام به من فيه الكفاية وعدمه.

وما أبعد ما بين هذا القول وما ذهب إليه صاحب (المستند)رحمه‌الله من اختصاص ذلك بالمجتهد ، بتقريب : أنَّ أخبار الأمر بالمعروف وإنْ كانت عامَّة ، إلّا أنَّها مختصّة بمثل خبر مسعدة بن صدقة : «سئل عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أواجب هو على الأُمَّة جميعاً؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا ، فقيل له : ولم؟ فقال : إنَّما هو على القويّ المطاع ، العالم بالمعروف من المنكر ، لا على الضعيف الَّذي لا يهتدي سبيلا إلى أن قالعليه‌السلام : والدليل على ذلك كتاب الله عزَّ وجلَّ :

__________________

(١) الروضة البهية ٢ : ٤١٣ باب الأمر بالمعروف.

(٢) كذا والصحيح أنه قاله في النهاية.

(٣) النهاية : ٢٩٩ ، الوسيلة : ٢٠٧.

٣٥٣

﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ(١) ، فهذا خاص غير عام الحديث»(٢) .

قلت : والأقوى جواز ما عدا الحبس حسب مراتبه الأهون فالأهون ، وتخصيص أخباره بخبر مسعدة لا يستلزم ما ذكره ؛ إذ الظاهر منه جوازه بمراتبه لكلّ قوي مطاع عالم وإن لم يكن مجتهداً ، بل يمكن أن يقال بجواز الحبس لغير المجتهد أيضاً ، لكن الأحوط اختصاصه به ، نعم يجوز له الإذن لغيره ، واللّازم على المأذون الاقتصار على مقدار الإذن في الكيفية ، وعلى كل حال فلا يجب ذلك إلّا بشروط أربعة : العلم بأن ما يأمر به معروفاً وما ينهى عنه منكراً ، وأن يجوز تأثير الإنكار ، وأن لا يظهر من الفاعل أمارة الإقلاع ، وأن لا يترتَّب على أحدهما مفسدة. ولو توقَّف على الضرب جاز قطعاً ، وسيأتي ما يدل عليه من کلام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ولو افتقر إلى الجرح والقتل لم يجز قطعاً إلا بإذن الإمام أو نائبه الخاص أو العام.

[ش] ـ«ومأواهُ المُوادعة» : لهذه الدنيا الفانية وعدم الركون إليها.

[ت] ـ«ودليله الهدی» : كما أنَّ للإنسان المسافر في عالم الجسم دليلاً يدلّه ولولاه لتاه في البيداء ، ونكب عن الطريق فضلّ عن مقصوده ، كذلك للعلم دليل يهدي صاحبة إلى كعبة مقصوده ، وهو هدى الله تعالى بسبب الأنبياء والأوصياء ، ولا بد للمسافر من رفيق حَتَّى قيل : الرفيق ثُمَّ الطريق ، ورفيق العلم محبَّة الأخيار.

__________________

(١) سورة آل عمران : آیة ١٠٤.

(٢) الكافي ٥ : ٥٩ ح ١٦ ، مستند الشيعة ١٧ : ١٧٩.

٣٥٤

الحديث السابع والعشرون

من تعلم العلم وعمل به

[٩٤] ـ قالرحمه‌الله : عنه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمّد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث ، قال : قال أبو عبد اللهعليه‌السلام :«من تعلَّم العلم ، وعمل به ، وعلّم لله ، دُعي في ملكوت السموات عظيماً ، فقيل : تعلّمَ لله ، وعَمِلَ لله ، وعلَمَ لله» (١) .

أقول : مرجع الضمير كما تقدّم ، وقد تقدّم شرح كلّ واحد من رجال السند ، فالكلام في شرح المتن :

[أ] ـ الدعاء هنا بمعنى : التسمية ـ أي سُمِّي عظيماً ـ قال في (النهاية) : (دعوته زيداً إذا سمَّيته)(٢) .

[ب] ـ والمراد بملكوت السماء ملكها ، والفاء في (فقيل) للتفصيل والتفسير مثل قوله تعالى : ﴿وَنَادَىٰ نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ(٣) ، وبقية فقرات الحديث واضحة لا تحتاج إلى بيان.

[في فضيلة الفقه ومنزلته]

[٩٥] ـ قالرحمه‌الله : «فصل : ولمّا ثبت أنَّ كمال العلم إنَّما هو بالعمل ، تبيّن أنه ليس في العلوم ـ بعد المعرفة ـ أشرف من علم الفقه ؛ لأن مدخليته في العمل أقوى ممَّا سواه ؛ إذ به تعرف أوامر الله فتُمتثل، ونواهيه فتُجتنب ؛ ولأنَّ معلوماته ـ أعني :

__________________

(١) معالم الدين : ٢ ، الكافي ١ : ٣٥ ح ٦.

(٢) النهاية في غريب الحديث ٢ : ١٢١.

(٣) سورة هود : من آية ٤٥.

٣٥٥

أحكام الله تعالى ـ أشرف المعلومات بعد ما ذكر. ومع ذلك فهو الناظم لأُمور المعاش ، وبه يتمُّ كمال نوع الإنسان»(١) .

أقول : المستفاد من عبارة المصنِّفرحمه‌الله تفضيل علم الكلام على علم الفقه ، وهو كذلك عقلاً ونقلاً ، ولا ينافيه جعل العبادة غاية للخلق في قوله تعالى : ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ(٢) ؛ إذ لو لم يفسّر بالمعرفة نصّاً أو جمعاً لقلنا : إنَّ العبادة حقّها امتثال المعبود على وجه يليق بما يطلب من الطرق ، لا ما يفعل كيف ما اتَّفق ، وهذا لا يحصل إلا بالمعرفة ، وأن الشرف الذاتي للعلم إنَّما هو بالنظر إلى ضدَّه ـ أعني : الجهل ـ وأمّا تقدم بعضه على بعض في الشرف ، إنَّما يعرض له بالنظر إلى الغير لا بالذات كتقدُّم موضوعه ؛ لأنَّ العلم بحال ما هو أشرف ، أشرف معنى من العلم بحال ما ليس كذلك ، وموضوع علم الكلام هو ذات الباري تعالی ، ولا شكَّ أنَّه أشرف الموجودات ؛ فلذلك كانت له المرتبة الأولى من الشرافة بالنسبة إلى علم الفقه ، وهو أشرف العلوم من بعده.

قال جدّي في الدرة :

وأنَّ علمَ الفقهِ في العلومِ

كالقَمَرِ البازغِ في النُّجوم

بِنورِهِ مِنْ بَعدِ شَمسِ المَعرِفَةْ

معالِمُ الدينِ عدَتْ مُنْكَشِفَةْ(٣)

__________________

(١) معالم الدين : ٢٢.

(٢) الذاريات : ٥٦.

(٣) الدرة النجفية : ٢.

٣٥٦

والمراد بقولهرحمه‌الله :«شمس المعرفة» : معرفة الله تعالی حسب ما ينبغي ، وسائر اُصول الدين والمذهب ممَّا هو مذكور في الكلام ، وحاصل ما استدل به المصنِّفرحمه‌الله على تقدم الفقه على بقية العلوم الإلهية وجوه :

الأول : إن كلّ علم يتبعه عمل ، فكمال ذلك العلم بترتب ذلك العمل عليه ، وحيث إن علم الفقه به تُعرف أوامر الله تعالی ونواهيه ، وبه يعرف أن مخالفتهما توجب العذاب الأليم والوصول إلى الجحيم ، فلا يرتكبه العاقل ، بخلاف سائر العلوم ؛ فإنَّ تخلُّفَ العمل عنها يوجب فوات ما هو الغاية لها من زوال الحياة في الطب مثلاً ، وحفظ اللّسان عن الخطأ في النحو ، وهكذا ، فعلمُ الفقه أقوى في ترتُّب ما هو من شرائط کماله عليه ، وما كان كذلك يكون أشرف ممَّا ليس كذلك.

الثاني : إنَّ معلومات هذا العلم أشرف من معلومات سائر العلوم بعد علم الكلام ، فإنَّها عبارة عن أحكام الحلال والحرام التي هي نوام ي س الشارع المقدّس.

الثالث : إنه الناظم لأُمور المعاش ؛ وذلك لأن كمال الإنسان إمّا بجلب نفعٍ أو بدفع ضرر ، والأول إمّا عاجل أو آجل ، فجلب النافع العاجل : المعاملات ، والأطعمة والأشربة ، والنكاح ، وجلب النافع الآجل : بالعبادات ، ودفع الضرر بالقصاص وما شابهه.

٣٥٧

الحديث الثامن والعشرون

تحديد العلم الحقيقي

[ ٩ ٦] ـ قالرحمه‌الله : وقد روينا بطرقنا ، عن محمّد بن یعقوب ، عن محمّد بن الحسن وعلي بن محمّد ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن عيسى ، عن عبيد الله بن عباد الله الدِّهقان ، عن درست الواسطي ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي الحسن موسیعليه‌السلام ، قال : «دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المسجد فإذا جماعة قَدْ أطافوا برجل ، فقال : ما هذا؟ فقيل : علّامة.

فقال : وما العلّامة؟ فقالوا له : أعلم الناس بأنساب العرب ووقائعها ، وأيام الجاهلية ، والأشعار العربية.

قال : فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ذاك علم لا يضرّ من جهله ، ولا ينفع من علمه.

ثُمَّ قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنَّما العلم ثلاثة : آيةٌ مُحكمة ، أو فريضة عادلة ، أو سُنَّةٌ قائمة ، وما خلاهن فهو فضل»(١) .

أقول : واستيعاب المرام في موضعين :

الموضع الأول

في أحوال رجال السند :

[الترجمة إبراهيم الأنماطي]

إبراهيم : هو ابن عبد الحميد الأسدي الكوفي الأنماطي ، أخو محمّد بن عبد الله بن زرارة لأُمّه(٢) ، الثقة كما صرّح بذلك الشيخ في (الفهرست)(٣) ، ولرواية

__________________

(١) معالم الدين : ٢٢ ، الكافي ١ : ٣٢ ح ١.

(٢) رجال النجاشي : ٢٠ رقم ٢٧.

(٣) الفهرست للطوسي : ٤٠ رقم ١٢ / ١٢.

٣٥٨

الأجلّاء عنه ، وهو مرمي بالوقف ولا يضرّ بوثاقته(١) ؛ ولذا صرّح بوثاقته غير واحد من أهل الفن(٢) ، كابن شهر آشوب(٣) ، والعلّامة والمجلسي ، وصاحب (البُلغَة)(٤) .

الموضع الثاني

في ما يتعلق بشرح المتن :

[أ] ـ«فقال ما هذا» : (ما) للاستفهام وطلب التصوُّر ، وهو على قسمين :

الأول : أن يكون المطلوب بها شرح الاسم ، وهو مقابل التعريف الحقيقي الَّذي هو القسم الثاني المنقسم على أربعة أقسام كما سنذكره ، وحينئذ فالجواب بلفظ دلالته على المطلوب أظهر وأشهر كقولهم : (سعدانة نبت)(٥) ؛ إذ المقصود منه شرح الاسم وإيضاحه ، يعني : تفسیر مدلول اللفظ بما يعيّن مسمَّاه من بین المعاني المخزونة في الخاطر ، وليس فيه تحصیل مجهول من معلوم.

الثاني : أن يكون المطلوب بها بيان ماهيّة الشيء وحقيقته ، سواء أكان ذلك الشيء ذاتاً مثل : (ما الإنسان) ، أم وصفاً مثل : (ما العلم) ، أم مركَّباً منهما مثل : (ما الإنسان العالم) ، وحينئذ فالجواب إمّا بالفصل القريب والجنس القريب ، كقولك :

__________________

(١) خاتمة المستدرك ٤ : ١٩ وفيه تعداد الرواة عنه.

(٢) قال الشيخ الحر العاملي في وسائل الشيعة (ط ـ الإسلامية) ٢٠ : ١٢٠ عنه ما نصّه : (إبراهيم بن عبد الحميد ، ثقة ، له أصل يرويه ابن أبي عمير وصفوان ، وله كتاب النوادر قاله الشيخ وذكره في رجال الصادق والكاظم والرضاعليهم‌السلام وقال : إنه واقفي ، وقال النجاشي : له کتاب يرويه عنه ابن أبي عمير ، ونقل الكَشِّي الوقف عن نصر بن الصباح ، وعن الفضل بن شاذان : أنه صالح ، والعلّامة نقل الجميع ، ولا يخفى ضعف الوقف وعدم ثبوته ، وقد وثّقه ابن شهر آشوب ولم يذكر الوقف).

(٣) المذكور في معالم العلماء : ٤١ رقم ٥ وفي خلاصة الأقوال : ٣١٤ رقم ٦ هو إبراهيم بن صالح الأنماطي الأسدي ، فالخلط في الاشتراك واضح لأولي الألباب.

(٤) الوجيزة في الرجال : ١٤ رقم ٣٠ ، بلغة المحدثین : ٣٢٣.

(٥) سعدانة : نبات ذو شوك يُضرب به المثل في طيبه ، وجمعه السعدان.

٣٥٩

(حيوان ناطق) في جواب (ما الإنسان) ، وإمّا بالفصل القريب والجنس البعيد ، كقولك : (جسم ناطق) في جواب (ما الإنسان) ويُسمَّى الأول : حدّاً تاماً ، والثاني : حدّاً ناقصاً , وإمّا بالخاصة مع الجنس القريب ، كقولك : (حیوان کاتب) أو (ضاحك) في جواب (ما الإنسان) وإمّا بالخاصة مع الجنس البعيد ، كقولك : (جسمٌ نامٍ کاتب) أو (ضاحك) في جواب (ما الإنسان) ، ويسمى الأول : رسماً تامّاً ، والثاني : ناقصاً ، وهذه الأقسام الأربعة مقابل القسم الأول ، فاغتنم.

والظاهر أن المراد هنا هو القسم الثاني الَّذي هو من قسم التعريف الحقيقي ، لأنَّ المقصود هو السؤال عن حقيقة ذلك المتَّصف بالوصف ، الباعث لاجتماع الخلق عليه

[ج] ـ«فقيل : علّامة» : أي هو رجل موصوف بكثرة العلم ، والتاء فيه للمبالغة في وصف العلم ، بناءً على أنَّ كثرة الشيء فرع تحقُّق أصله ، كما أنَّ التأنيث فرع التذكير.

[د] ـ«بأنساب العرب» : هو علم تُعرف به أنساب الناس ، وقواعده الكلّية والجزئية وفائدته الاحتراز عن الخطأ في نسب الإنسان ، وهو علم مشهور طويل الَّذيل ، وقد صنّفوا فيه كتباً كثيرة ، وأحسن من كتب في هذا الفن هو الاهم النسابة هشام بن محمّد بن السائب الكلبي المتوفى سنة ٢٠٤ هـ ، بل هو الَّذي فتح هذا الباب ، وضبط علم الأنساب.

[م] ـ«ذاك علم لا يضرّ من جهله» : أرادصلى‌الله‌عليه‌وآله التنبيه على أن العلم الحقيقي هو الَّذي يضرّ جهله في الآخرة ، وينفع اقتناؤه في يوم المعاد ، ويُعد الجهل به نقصاً في نظر العلماء ، لا الَّذي يستحسنه العوام ويكون مصيدة للحطام.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449