وسائل الشيعة الجزء ٢٤

وسائل الشيعة13%

وسائل الشيعة مؤلف:
المترجم: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 449

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 449 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 257237 / تحميل: 5959
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ٢٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

عليه وآله إن هذا الجبّار قد أمر فيك بأمر اكره أن ألقاك به فإن كان في نفسك شيء تقوله وتوصيني به ، فقال : لا يروعك ذلك فلو قد رآني لزال ذلك كلّه ، ثمّ أخذ بمجامع الستر فقال : يا إله جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ، وإله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ومحمّدص تولّني في هذه الغداة ولا تسلّط عليّ أحدا من خلقك بشيء لا طاقة لي به ، ثمّ دخل فحرّك شفتيه بشيء لم أفهمه ، فنظرت إلى المنصور فما شبّهته إلاّ بنار صبّ عليها ماء فخمدت ، ثمّ جعل يسكن غضبه حتّى دنا منه جعفر بن محمّد8 وصار مع سريره ، فوثب المنصور ، وأخذ بيده ورفعه على سريره ، ثمّ قال له يا أبا عبد الله يعزّ عليّ تعبك ، وإنما أحضرتك لأشكو إليك أهلك قطعوا رحمي ، وطعنوا في ديني ، وألّبوا الناس عليّ ، ولو ولّي هذا الأمر غيري ممّن هو أبعد رحما مني لسمعوا له وأطاعوا ، فقال له جعفرعليه السلام : فأين يعدل بك عن سلفك الصالح أن أيّوبعليه السلام ابتلي فصبر ، وأن يوسفعليه السلام ظلم فغفر ، وأن سليمانعليه السلام اعطي فشكر ، فقال المنصور : قد صبرت وغفرت وشكرت.

ثمّ قال : يا أبا عبد الله حدّثنا حديثا كنت سمعته منك في صلة الأرحام قال : نعم سمعت أبي عن جدّي أن رسول اللهص قال : البرّ وصلة الأرحام عمارة الديار وزيادة الأعمار ، قال : ليس هذا هو ، قال : حدّثني أبي عن جدّي ، قال : قال رسول اللهص : من أحبّ أن ينسأ(١) في أجله ، ويعافى في بدنه ، فليصل رحمه ، قال : ليس هذا هو ، قال : نعم حدّثني أبي عن جدّي أن رسول اللهص قال : رأيت رحما متعلّقة بالعرش تشكو إلى الله عزّ وجل قاطعها فقلت : يا جبرئيل وكم بينهم؟ قال : سبعة آباء ،

__________________

(١) يؤخّر

١٠١

فقال : ليس هذا هو ، قال : نعم حدّثني أبي عن جدّي قال : قال رسول اللهص : احتضر رجل بارّ في جواره رجل عاق ، فقال الله عزّ وجل لملك الموت : يا ملك الموت كم بقي من أجل العاق؟ قال : ثلاثون سنة قال : حوّلها إلى هذا البار(١) فقال المنصور : يا غلام ائتني بالغالية ، فأتاه بها فجعل يغلفه بيده ، ثمّ دفع إليه أربعة آلاف دينار ، ودعا بدابته فأتى بها فجعل يقول : قدّم قدّم ، إلى أن أتي بها عند سريره فركب جعفر بن محمّد8 وغذوت بين يديه ، فسمعته يقول : الحمد لله الذي أدعوه فيجيبني. الدعاء ، فقلت : يا ابن رسول الله إن هذا الجبّار يعرضني على السيف كلّ قليل ، ولقد دعا المسيّب بن زهير فدفع إليه سيفا وأمره أن يضرب عنقك وأني رأيتك تحرّك شفتيك حين دخلت بشيء لم أفهمه عنك ، فقال : ليس هذا موضعه فرحت إليه عشيّا ، قال : نعم حدّثني أبي عن جدّي أن رسول اللهص لمّا الّبت عليه اليهود وفزارة وغطفان وهو قوله تبارك وتعالى « إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنّون بالله الظنونا »(٢) وكان ذلك اليوم أغلظ يوم على رسول اللهص فجعل يدخل ويخرج وينظر إلى السماء فيقول : ضيقي تتّسعي ، ثمّ خرج في بعض الليل فرأى شخصا فقال لحذيفة : انظر من هذا ، فقال : يا رسول الله هذا عليّ بن أبي طالب ، فقال له رسول اللهص يا أبا الحسن أما خشيت أن تقع عليك عين ، قال : وهبت نفسي لله ولرسوله وخرجت حارسا للمسلمين في هذه الليلة ، فما انقضى كلامهما حتّى نزل جبرئيل ، قال : يا محمّد إن الله يقرأ عليك السّلام

__________________

(١) لا يخفى على الصادقعليه السلام الحديث الذي أراده المنصور ، وإنما كثر عليه أحاديث الرحم ، ليعرّفه موقفه من ذوي رحمه

(٢) الأحزاب : ١٠

١٠٢

ويقول لك : قد رأيت موقف علي منذ الليلة وأهديت إليه من مكنون علمي كلمات لا يتعوّذ بها عند شيطان مارد ، ولا سلطان جائر ، ولا حرق ولا غرق ، ولا هدم ولا ردم ، ولا سبع ضار ، ولا لصّ ، إلاّ آمنه الله من ذلك ، وهو أن يقول : اللهمّ احرسنا بعينك التي لا تنام الدعاء.

الخامسة : وقد استدعاه بها المنصور إلى بغداد قبل قتل محمّد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن(١) روى ذلك الشريف رضيّ الدين بسنده عن محمّد بن الربيع الحاجب ، قال : قعد المنصور يوما في قصره بالقبّة الخضراء ، وكانت قبل قتل محمّد وإبراهيم تدعى الحمراء ، وكان له يوم يقعد فيه ويسمّى ذلك اليوم يوم الذبح ، وقد كان أشخص جعفر بن محمّد من المدينة ، فلم يزل في الحمراء نهاره كلّه حتّى جاء الليل ومضى اكثره قال : ثمّ دعا الربيع فقال له : يا ربيع إنك تعرف موضعك مني وأنه يكون بي الخير ولا تظهر عليه امّهات الأولاد وتكون أنت المعالج له ، قال : قلت : يا أمير المؤمنين ذلك فضل الله عليّ وفضل أمير المؤمنين وما فوقي في النصح غاية ، قال : كذلك أنت صر الساعة إلى جعفر بن محمّد بن فاطمة فائتني به على الحال التي تجده فيها لا تغيّر شيئا ممّا عليه ، فقلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، هذا والله هو العطب ، إن أتيت به على ما أراه من غضبه قتله وذهبت الآخرة ، وإن لم أذهب في أمره قتلني وقتل نسلي وأخذ أموالي ، فميّزت بين الدنيا والآخرة فمالت نفسي إلى الدنيا ، قال محمّد بن الربيع : فدعاني أبي وكنت أفظّ ولده وأغلظهم قلبا ، فقال لي : امض إلى

__________________

(١) كان قتلهما عام ١٤٥ ، وانتقال المنصور إلى بغداد عام ١٤٦ ، فلا وجه لأن يكون استدعاؤه إلى بغداد قبل قتلهما ، فإما أن يكون إلى الكوفة والغلط من النسّاخ أو الراوي ، أو الاستدعاء بعد قتلهما

١٠٣

جعفر بن محمّد فتسلّق عليه حائطه ولا تستفتح عليه بابه فيغيّر بعض ما هو عليه ولكن انزل عليه نزلا ، فأت به على الحال التي هو فيها ، قال : فأتيته وقد ذهب الليل إلاّ أقلّه ، فأمرت بنصب السلاليم وتسلّقت عليه الحائط ونزلت داره فوجدته قائما يصلّي وعليه قميص ومنديل وقد ائتزر به ، فلما سلّم من صلاته قلت : أجب أمير المؤمنين فقال : دعنى أدعو وألبس ثيابي ، فقلت : ليس إلى ذلك من سبيل ، قال لي : فأدخل المغتسل فأتطهّر ، قال : قلت : وليس إلى ذلك أيضا سبيل ، فلا تشغل نفسك فإني لا أدعك تغيّر شيئا ، قال : فأخرجته حافيا حاسرا في قميصه ومنديله ، وكان قد جاوز السبعين(١) فلمّا مضى بعض الطريق ضعف الشيخ فرحمته فقلت له : اركب ، فركب بغل شاكري(٢) كان معنا ، ثمّ صرنا إلى الربيع فسمعته وهو يقول : ويلك يا ربيع قد أبطأ الرجل ويستحثّه استحثاثا شديدا ، فلمّا أن وقعت عين الربيع على جعفر وهو بتلك الحال بكى ، وكان الربيع يتشيّع ، فقال له جعفرعليه السلام : يا ربيع أنا أعلم ميلك إلينا فدعنى أصلّي ركعتين وأدعوا ، قال : شأنك وما تشاء ، فصلّى ركعتين خفّفهما ثمّ دعا بعدهما بدعاء لم أفهمه إلاّ أنه دعاء طويل ، والمنصور في ذلك كلّه يستحثّ الربيع ، فلمّا فرغ من دعائه على طوله أخذ الربيع بذراعه فأدخله على المنصور فلمّا صار في صحن الايوان وقف ثمّ حرّك شفتيه بشيء ما أدري ما هو ، ثمّ أدخلته فوقف بين يديه ، فلمّا نظر إليه قال : وأنت يا جعفر ما تدع حسدك وبغيك وفسادك على أهل هذا البيت من بني العبّاس وما يزيدك الله بذلك إلاّ شدّة حسد ونكد ، ما تبلغ به ما تقدره ، فقال له : والله يا أمير المؤمنين ما فعلت شيئا من

__________________

(١) لم يتجاوز الصادق السبعين عاما وإنما كان حدسا من محمّد ، وأحسبه لما كان يشاهده من ضعفه

(٢) أجير ومستخدم

١٠٤

ذلك ، هذا ولقد كنت في ولاية بني اميّة وأنت تعلم أنهم أعدى الخلق لنا ولكم ، وأنهم لا حقّ لهم في هذا الأمر فو الله ما بغيت عليهم ، ولا بلغهم عنّي مع جفائهم الذي كان لي ، وكيف يا أمير المؤمنين أصنع الآن هذا وأنت ابن عمّي وأمسّ الخلق بي رحما ، واكثرهم عطاء وبرّا ، فكيف أفعل هذا ، فأطرق المنصور ساعة ، وكان على لبد(١) وعن يساره مرفقة خز معانيّة(٢) وتحت لبده سيف ذو الفقار(٣) كان لا يفارقه إذا قعد في القبّة ، فقال : أبطلت وأثمت ، ثمّ رفع ثنيّ الوسادة فأخرج منها إضبارة كتب فرمى بها إليه ، وقال : هذه كتبك إلى أهل خراسان تدعوهم إلى نقض بيعتي وأن يبايعوك دوني ، فقال : والله يا أمير المؤمنين ما فعلت ولا أستحلّ ذلك ولا هو من مذهبي ، واني ممّن يعتقد طاعتك في كلّ حال ، وقد بلغت من السنّ ما قد أضعفني عن ذلك لو أردته فصيّرني في بعض حبوسك حتّى يأتيني الموت فهو منّى قريب ، فقال : لا ولا كرامة ، ثمّ أطرق وضرب يده على السيف فسلّ منه مقدار شبر وأخذ بمقبضه ، فقلت : انّا لله ذهب والله الرجل ، ثمّ ردّ السّيف وقال : يا جعفر أما تستحي مع هذه الشيبة ومع هذا النسب أن تنطق بالباطل وتشقّ عصى المسلمين ، تريد أن تريق الدماء وتطرح الفتنة بين الرعيّة والأولياء ، فقال : لا والله يا أمير المؤمنين ما فعلت ولا هذه كتبي ولا خطّي ولا خاتمي ، فانتضى من السيف ذراعا ، فقلت : إنا لله مضى الرجل وجعلت في نفسي إن أمرني فيه بأمر أن أعصيه ، لأني ظننت أنه يأمرني أن آخذ السيف فأضرب به جعفرا ، فقلت إن أمرني ضربت المنصور وإن أتى ذلك عليّ وعلى ولدي وتبت إلى الله عزّ وجل ممّا كنت نويت فيه أولا ، فما

__________________

(١) لعلّه بساط من صوف

(٢) ظاهر في النسبة إلى معان

(٣) الفقار خرزات الظهر ، ويسمّى السيف بذي الفقار اذا كان في متنه حزوز تشبه فقار الظهر

١٠٥

زال يعاتبه وجعفر يعتذر إليه ، ثمّ انتضى السيف كلّه إلاّ شيئا يسيرا منه ، فقلت : إنا لله مضى والله الرجل ، ثمّ أغمد السيف وأطرق ساعة ، ثمّ رفع رأسه وقال له : اظنّك صادقا ، يا ربيع هات العيبة من موضع فيه في القبّة ، فأتيت بها ، فقال : ادخل يدك فيها وكانت مملوءة غالية وضعها في لحيته ، وكانت بيضاء فاسودّت ، وقال لي : احمله على فاره من دوابي التي أركبها واعطه عشرة آلاف درهم وشيّعه إلى منزله مكرّما وخيّره إذا أتيت به المنزل بين المقام عندنا فنكرمه ، أو الانصراف إلى مدينة جدّه رسول اللهص ، فخرجنا من عنده وأنا مسرور فرح لسلامة جعفرعليه السلام ومتعجّب ممّا أراده المنصور وما صار إليه من كفايته ودفاعه ، ولا عجب من أمر الله عزّ وجل فلمّا صرنا في الصحن قلت : يا ابن رسول اللهص لا عجب ممّا عمل عليه هذا في بابك ، وما أصارك الله إليه من كفايته ودفاعه ، ولا عجب من أمر الله عزّ وجل ، وقد سمعتك تدعو عقيب الركعتين بدعاء لم أدر ما هو إلاّ أنه طويل ، ورأيتك حرّكت شفتيك هاهنا اعني الصحن بشيء لم أدر ما هو ، فقال لي : أمّا الأوّل فدعاء الكرب والشدائد ، لم أدع به على أحد قبل يومئذ ، جعلته عوضا ، من دعاء كثير أدعو به إذا قضيت صلاتي ، لأني لم أترك أن أدعو ما كنت أدعو به ، وأمّا الذي حرّكت به شفتي فهو دعاء رسول اللهص يوم الأحزاب ، حدّثني أبي عن أبيه عن جدّه عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم عن رسول اللهص قال : لمّا كان يوم الأحزاب كانت المدينة كالاكليل من جنود المشركين وكانوا كما قال الله عزّ وجل : « إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم »(١) ثمّ ذكر الدعاء ، ثمّ قال : لو لا الخوف من أمير المؤمنين

__________________

(١) الأحزاب : ١٠

١٠٦

لرفعت إليك هذا المال ، ولكن قد كنت طلبت منّي أرضي بالمدينة وأعطيتني بها عشرة آلاف دينار فلم أبعك وقد وهبتها لك ، قلت : يا ابن رسول اللهص إنما رغبتي في الدعاء الأوّل والثاني ، فاذا فعلت هذا فهو البرّ ولا حاجة لي الآن في الأرض ، فقال لي : إنّا أهل بيت لا نرجع في معروفنا ، نحن ننسخك الدعاء ونسلم إليك الأرض صر معي إلى المنزل فصرت معه كما تقدّم المنصور به ، وكتب لي بعهد الأرض وأملى عليّ دعاء رسول اللهص وأملى عليّ الذي دعاه بعد الركعتين ثمّ قال : فقلت : يا ابن رسول اللهص لقد كثر استحثاث المنصور واستعجاله إيّاي وأنت تدعو بهذا الدعاء الطويل متمهّلا كأنّك لم تخفه ، قال : فقال لى : نعم قد كنت أدعو بعد صلاة الفجر بدعاء لا بدّ منه ، فأمّا الركعتان فهما صلاة الغداة خفّفتهما ودعوت بذلك الدعاء بعدهما ، فقلت له : ما خفت أبا جعفر وقد أعدّ لك ما أعدّ ، قال : ما أعدّ! خيفة الله دون خيفته ، وكان الله عزّ وجل في صدري أعظم. منه ، قال الربيع : كان في قلبي ما رأيت من المنصور ومن غضبه وحنقه على جعفر ومن الجلالة في اتساعه ما لم أظنّه يكون في بشر ، فلمّا وجدت منه خلوة وطيب نفس قلت : يا أمير المؤمنين رأيت منك عجبا ، قال : ما هو؟ قلت : يا أمير المؤمنين رأيت غضبك على جعفر غضبا لم أرك غضبته على أحد قط ، ولا على عبد الله بن الحسن ولا على غيره من كلّ الناس حتّى بلغ بك الأمر أن تقتله بالسيف وحتّى أنك أخرجت من سيفك شبرا ثمّ أغمدته ، ثمّ عاتبته ثمّ أخرجت منه ذراعا ، ثمّ عاتبته ثمّ أخرجته كلّه إلاّ شيئا يسيرا ، فلم أشكّ في قتلك له ، ثمّ انحلّ ذلك كلّه ، فعاد رضى حتّى أمرتني فسوّدت لحيته بالغالية التي لا يتغلّف منها إلاّ أنت ولا تغلّف منها ولدك المهدي ولا من ولّيته عهدك ، ولا عمومتك ، وأجزته وحملته وأمرتني بتشييعه مكرما ، فقال : ويحك يا ربيع ، ليس هو ممّا ينبغي أن

١٠٧

تحدّث به وستره أولى ، ولا أحبّ أن يبلغ ولد فاطمة فيفخرون ويتيهون بذلك علينا ، حسبنا ما نحن فيه ولكن لا اكتمك شيئا ، انظر إلى من في الدار فنحّهم ، قال : فنحّيت كلّ من في الدار ، ثمّ قال لي : ارجع ولا تبق أحدا ، ففعلت ، ثمّ قال : ليس إلاّ أنا وأنت ، والله لئن سمعت ما ألقيه عليك من أحد لأقتلنّك وولدك وأهلك أجمعين ، ولآخذنّ مالك ، قال : قلت : يا أمير المؤمنين أعيذك بالله ، قال : يا ربيع كنت مصرّا على قتل جعفر ، ولا أسمع له قولا ، ولا أقبل له عذرا ، فلمّا هممت به في المرّة الاولى تمثّل لي رسول اللهص فإذا هو حائل بيني وبينه باسط كفّيه حاسر عن ذراعيه قد عبس وقطب في وجهي ، فصرفت وجهي عنه ، ثمّ هممت به في المرّة الثانية وانتضيت من السيف اكثر ممّا انتضيت منه في المرّة الاولى فإذا أنا برسول اللهص قد قرب منّي ودنا شديدا وهمّ بي لو فعلت لفعل فأمسكت ، ثمّ تجاسرت وقلت : هذا من فعل الربيء(١) ثمّ انتضيت السيف في الثالثة فتمثّل لي رسول اللهص باسطا ذراعيه قد تشمّر واحمرّ وعبس وقطب ، حتّى كاد أن يضع يده عليّ فخفت والله لو فعلت لفعل ، وكان منّي ما رأيت ، هؤلاء من بني فاطمة لا يجهل حقّهم إلاّ جاهل لا حظّ له في الشريعة ، فإيّاك أن يسمع هذا منك أحد ، قال محمّد بن الربيع : فما حدّثني به حتّى مات المنصور ، وما حدّثت به حتّى مات المهدي ، وموسى(٢) وهارون(٣) وقتل محمّد(٤) .

__________________

(١) كفعيل التابع للجن

(٢) الهادي

(٣) الرشيد

(٤) الأمين

١٠٨

السادسة : يقول الشريف رضيّ الدين ابن طاوس : وقد استدعاه بها المنصور إلى بغداد مرّة ثانية بعد قتل محمّد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن(١) وقد روى ذلك عن صفوان بن مهران الجمّال(٢) قال : رفع رجل من قريش المدينة من بني مخزوم إلى أبي جعفر المنصور ، وذلك بعد قتله لمحمّد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن ، إن جعفر بن محمّد بعث مولاه المعلّى بن خنيس(٣) لجباية الأموال من شيعته ، وأنه كان يمدّ بها محمّد بن عبد الله ، فكاد المنصور أن يأكل كفّه على جعفر بن محمّد غيظا ، وكتب إلى عمّه داود بن علي ، وداود أمير المدينة(٤) أن يسيّر إليه جعفر بن محمّد لا يرخص له في التلوم(٥) والبقاء فبعث إليه داود بكتاب المنصور ، وقال له : اعمل في المسير إلى أمير المؤمنين في غد ولا تتأخّر ، قال صفوان : وكنت بالمدينة يومئذ فأنفذ إلى جعفرعليه السلام فصرت إليه فقال لي : تعهّد راحلتنا فإنا غادون في غد إن شاء الله إلى العراق ، ونهض من وقته وأنا معه إلى مسجد النبيص وكان ذلك بين الاولى والعصر فركع فيه ركعات ، ثمّ رفع يديه فحفظت يومئذ من دعائه : « يا من ليس له ابتداء ولا انتهاء(٦) يا من ليس له أمد ولا نهاية » الدعاء.

__________________

(١) وكان قتلهما عام ١٤٥ ، وقد عرفت من تعليقتنا على المرّة الخامسة أن تلك الدفعة لا تصحّ أن تكون إلى بغداد إلاّ أن تكون بعد قتلهما ، وأن بين انتقال المنصور إلى بغداد وبين وفاة الصادق سنتين وبعيد أن يرسل إليه في هاتين السنتين مرّات عديدة

(٢) سيأتي في المشاهير من ثقات الرواة لأبي عبد اللهعليه السلام

(٣) سيأتي في ثقات المشاهير أيضا

(٤) وداود هذا هو الذي قتل المعلّى بن خنيس واستلب أمواله ، وهمّ بالصادقعليه السلام ، فدعا عليه الصادق فعاجله الله بالهلاك ، كما سيأتي في باب استجابة دعائه

(٥) التمكّث

(٦) ولا انقضاء في نسخة

١٠٩

قال صفوان : فلمّا أصبح أبو عبد اللهعليه السلام رحلت له الناقة وسار متوجّها إلى العراق حتّى قدم مدينة أبي جعفر(١) وأقبل حتّى استأذن فأذن له ، قال صفوان : فأخبرني بعض من شهده عند أبي جعفر ، قال : فلما رآه قرّبه وأدناه ، ثمّ استدعى قصّة الرافع على أبي عبد اللهعليه السلام ، يقول في قصّته : إن المعلّى بن خنيس مولى جعفر بن محمّد يجبي له الأموال من جميع الآفاق ، وإنه مدّ بها محمّد بن عبد الله ، فدفع إليه القصّة فقرأها أبو عبد الله فأقبل عليه المنصور فقال : يا جعفر بن محمّد ما هذه الأموال التي يجبيها لك المعلّى بن خنيس؟ فقال أبو عبد اللهعليه السلام : معاذ الله من ذلك يا أمير المؤمنين ، قال له : ألا تحلف على براءتك من ذلك بالطلاق والعتاق ، قال : نعم أحلف بالله إنه ما كان من ذلك شيء ، قال أبو جعفر : لا بل تحلف بالطلاق والعتاق فقال أبو عبد اللهعليه السلام : أما ترضى بيميني بالله الذي لا إله إلاّ هو ، قال له أبو جعفر : لا تتفقّه عليّ ، فقال أبو عبد الله : وأين يذهب بالفقه مني يا أمير المؤمنين(٢) قال له : دع عنك هذا فإنني أجمع الساعة بينك وبين الرجل الذي رفع عليك حتّى يواجهك ، فأتوا بالرجل وسألوه بحضرة جعفرعليه السلام فقال : نعم هذا صحيح ، وهذا جعفر بن محمّد ، والذي قلت فيه كما قلت ، فقال أبو عبد اللهعليه السلام : تحلف أيها الرجل إن هذا الذي رفعته صحيح ، قال : نعم ، ثمّ ابتدأ الرجل باليمين فقال : والله الذي لا إله إلاّ هو الطالب الغالب الحيّ القيوم ، فقال

__________________

(١) وهي بغداد ، وكانت تسمّى مدينة أبي جعفر لأنه هو الذي بناها وكان انتقاله إليها عام ١٤٦ ، ولعلّه في هذه السنة دعا الصادق إليها

(٢) ما كان ليخفى على المنصور ما عليه أهل البيت في اليمين بالطلاق والعتاق وأنه لا يحنث الحالف كاذبا ، أي لا تطلق نساؤه ، ولا تعتق مماليكه ، ولكنه حاول أن يحطّ من كرامة الصادق وألاّ يثبت له فقه خاص

١١٠

له جعفرعليه السلام : لا تعجل في يمينك ، فإنني أستحلفك ، قال المنصور : ما أنكرت من هذه اليمين؟ قال : إن الله تعالى حيّ كريم يستحي من عبده إذا أثنى عليه أن يعاجله بالعقوبة لمدحه له ، ولكن قل أيها الرجل : أبرأ إلى الله من حوله وقوّته وألجأ إلى حولي وقوّتي إني لصادق برّ فيما أقول ، فقال المنصور للقرشي : احلف بما استحلفك به أبو عبد الله فحلف الرجل بهذه اليمين فلم يستتمّ الكلام حتّى أجذم وخرّ ميّتا ، فراع أبا جعفر ذلك وارتعدت فرائصه ، فقال : يا أبا عبد الله : سر من غد إلى حرم جدّك إن اخترت ذلك ، وإن اخترت المقام عندنا لم نأل في إكرامك وبرّك ، فو الله لا قبلت قول أحد بعدها أبدا »(١) .

السابعة : ذكر الشريف أبو القاسم في المرّة السابعة رواية عن محمّد بن عبد الله الاسكندري(٢) وأنه كان من ندماء المنصور وخواصّه ، يقول محمّد ، دخلت عليه يوما فرأيته مغتمّا وهو يتنفّس نفسا باردا ، فقلت : ما هذه الفكرة يا أمير المؤمنين ، فقال لي : يا محمّد لقد هلك من أولاد فاطمة مقدار مائة أو يزيدون(٣) وقد بقي سيّدهم وإمامهم ، فقلت له : من ذلك؟ قال : جعفر بن محمّد الصادق ، فقلت : يا أمير المؤمنين إنه رجل أنحلته العبادة واشتغل بالله عن طلب الملك والخلافة ، فقال : يا محمّد لقد علمت أنك تقول به وبإمامته ولكن الملك

__________________

(١) وذكر هذه الكرامة لأبي عبد اللهعليه السلام جملة من علماء أهل السنّة عند استطرادهم لحياة الصادق ، منهم الشبلنجي في نور الأبصار ، والسبط في التذكرة ، وابن طلحة في مطالب السؤل ، وابن الصبّاغ في الفصول ، وابن حجر في الصواعق وغيرهم

(٢) ليس له ذكر في كتب رجالنا ، ولم نعرف عنه رواية غير هذه ، وبها ذكره المتأخّرون ، والرواية صريحة في تشيّعه

(٣) أحسب أن هذه القصّة كانت بعد مقتل محمّد وإبراهيم لأن الحرب بالمدينة وبباخمرى والسجون في الهاشميّة أهلكت العدد الكثير من العلويّين هذا سوى من قتله صبرا ، ولعلّ إرساله عليه كان إلى بغداد أيضا

١١١

عقيم ، وقد آليت على نفسي ألاّ امسي عشيّتي هذه أو أفرغ منه ، قال محمّد : فو الله لقد ضاقت عليّ الأرض برحبها ، ثمّ دعا سيّافا وقال له : إذا انا أحضرت أبا عبد الله الصادق وشغلته بالحديث ووضعت قلنسوتي عن رأسي فهي العلامة بينى وبينك فاضرب عنقه ، ثمّ أحضر أبا عبد اللهعليه السلام في تلك الساعة ولحقته في الدار وهو يحرّك شفتيه فلم أدر ما الذي قرأ ، فرأيت القصر يموج كأنه سفينة في لجج البحار ، ورأيت أبا جعفر المنصور وهو يمشي بين يديه حافي القدمين مكشوف الرأس قد اصطكت أسنانه وارتعدت فرائصه ، يحمرّ ساعة ويصفرّ اخرى ، وأخذ بعضد أبي عبد الله وأجلسه على سرير ملكه وجثا بين يديه كما يجثو العبد بين يدي مولاه ، ثمّ قال : يا ابن رسول اللهص ما الذي جاء بك في هذه الساعة؟ قال : جئتك يا أمير المؤمنين طاعة لله ولرسولهص ولأمير المؤمنين أدام الله عزّه(١) .

قال : ما دعوتك ، والغلط من الرسول ، ثمّ قال : سل حاجتك ، فقال : أسألك ألاّ تدعوني لغير شغل ، قال : لك ذلك وغير ذلك ، ثمّ انصرف أبو عبد اللهعليه السلام سريعا ، وحمدت الله عزّ وجل كثيرا ، ودعا أبو جعفر المنصور بالدواويج(٢) ونام ولم ينتبه إلاّ في نصف الليل ، فلمّا انتبه كنت عند رأسه جالسا فسرّه ذلك ، وقال : لا تخرج حتّى أقضي ما فاتنى من صلاتي فاحدّثك بحديث ، فلمّا قضى صلاته أقبل على محمّد وحدّثه بما شاهده من الأهوال التي افزعته عند مجيء الصادق ، وكان ذلك سببا لانصرافه عن قتله وداعيا لاحترامه والاحسان إليه.

يقول محمّد : قلت له : ليس هذا بعجيب يا أمير المؤمنين ، فإن أبا عبد الله

__________________

(١) لا بدع لو قال له : طاعة لله ولرسوله ولأمير المؤمنين ، وإن لم تكن للمنصور طاعة ، لأن الخوف على النفس والنفيس يلزمه بالمجيء ، فتكون المحافظة عليهما واجبة والتخلّف إلقاء بالتهلكة

(٢) بالجيم المعجمة جمع دواج كرمان وكغراب : اللحاف الذي يلبس

١١٢

وارث علم النبيص وجدّه أمير المؤمنينعليه السلام وعنده من الأسماء وسائر الدعوات التي لو قرأها على الليل لأنار ، ولو قرأها على النهار لأظلم ، ولو قرأها على الأمواج في البحور لسكنت(١) .

قال محمّد : فقلت له بعد أيام : أتأذن لي يا أمير المؤمنين أن أخرج إلى زيارة أبي عبد الله الصادق؟ فأجاب ولم يأب ، فدخلت عليه وسلّمت وقلت له : أسألك يا مولاي بحقّ جدّك محمّد رسول ربّ العزّةص أن تعلّمني الدعاء الذي كنت تقرأه عند دخولك على أبي جعفر المنصور ، قال : لك ذلك ، ثمّ أخذ الصادق يصف لمحمّد شأن الدعاء قبل أن يورده له ، ثم ذكر الدعاء وهو طويل(٢) .

هذه بعض المحن التي شاهدها الصادقعليه السلام من المنصور وتخلّص فيها ممّا أراده فيه بدعائه ، وقد ذكر ابن طاوس طاب ثراه دفعتين اخريين يهمّ بهما المنصور في قتل الصادق فيدفع الله عنه فيهما سوءه.

وذكر بعض هذه المحن وسلامة الصادق من القتل فيها بدعائه جملة من أرباب التأليف عند استطرادهم لأحوال الصادقعليه السلام ، أمثال الشبلنجي في نور الأبصار ، والسبط في التذكرة ، وابن طلحة في مطالب السؤل ، وابن الصبّاغ في الفصول المهمّة ، وابن حجر في الصواعق ، والشيخ سليمان في الينابيع ، والكليني في الكافي في كتاب الدعاء ، والمجلسي في البحار ج ١١ ، وابن شهرآشوب في المناقب ، والشيخ المفيد في الإرشاد ، وغيرهم.

__________________

(١) هذا الكلام يدلّنا على معرفة محمّد فوق تشيّعه ، والعجب كيف يصارح المنصور بهذا ، ولا عجب فإن المنصور أعلم من محمّد بشأن الصادقعليه السلام

(٢) لم يفتنا ذكر هذه الأدعية إلاّ لأننا جمعناها في صحائف اخرى مع ما ظفرنا به من أدعيته الاخرى فكان ما اجتمع عندنا كما أشرنا إليه ما يناهز ٤٠٠ صحيفة بقطع هذا الكتاب مع علمنا أنه قد فاتنا الشيء الكثير من دعائه

١١٣

مواقفه مع المنصور وولاته

رزق أهل البيت فيما رزقوا الحكمة وكفى بها فضيلة ، ولربما تعجب من مواقف الصادق مع المنصور ورجاله فإنك تارة تجده يلين بالقول ويجهد في براءته واخرى يلاقيهم بالشدّة والعنف دون أن يعترف بشيء وإن أساءهم موقفه.

والصادق أعرف بما يقول ويفعل ، فقد يلين اذا عرف أن اللين أسلم ، وقد يخشن إذا عرف أن الخشونة ألزم ، وليس اللين محمودا في جميع الأوقات والحالات ، غير أن التمييز بين المواقف يحتاج إلى حكمة وعرفان ، فبينا تجده يخاطب المنصور بقوله : « والله ما فعلت ولا أستحلّ ذلك ولا هو من مذهبي وإني ممّن يعتقد طاعتك في كلّ حال وقد بلغت من السنّ ما قد أضعفني عن ذلك لو أردته فصيّرني في بعض حبوسك حتّى يأتيني الموت فهو منّي قريب » واذا به يقول للمنصور على لسان الرسول : « فإن كففت وإلاّ أجريت اسمك على الله عزّ وجل في كلّ يوم خمس مرّات » إلى كثير من الموقفين ، كما عرفت كثيرا من مواقف اللين ، وستعرف الآن بعض المواقف من الشدّة.

إنّا وإن غبنا عن ذلك العهد لكننا لم نغب عن معرفة نفسيّة الامام الصادقعليه السلام ونفسيّة الدوانيقي ، كما لم نغب عن تأريخ الحوادث في ذلك العهد.

إن المنصور وإن ملك البلاد باسم الخلافة لكنه يعلم أن صاحبها حقا هو الصادقعليه السلام ، وأنه صاحب كلّ فضيلة وأنه لو أراد الأمر لم يطق المنصور

١١٤

أن يحول دونه ، فمن ثمّ تراه أحيانا يصفح عن وخزات الصادقعليه السلام لا يريد أن تزداد الملاحاة في الكلام فتثير كوامن النفوس فتهيج ما يخافه من وثبة وثورة ، غير أن شدّة الحبّ للملك والملك عقيم ، والحبّ يعمي ويصمّ ، تبعث المنصور على الاساءة للصادق والسعي لإهلاكه ، فاذا عرف الصادق أن الموقف من الأوّل انبعث لإظهار الحقّ ، وأن الموقف من الثاني قابله بلين ليكفّ بغيه وعدوانه.

وها نحن أوّلا نورد بعض ما كان من الصادق مع المنصور وولاته من المواقف التي يعلن فيها بالحقّ غير مكترث بما له من سطوة ولولاته من قسوة.

سأل المنصور الصادقعليه السلام يوما عن الذباب وهو يتطايح على وجهه حتّى أضجره فقال له : يا أبا عبد الله لم خلق الله الذباب؟ فقال الصادقعليه السلام : ليذلّ به الجبابرة(١) فسكت المنصور علما منه أنّه لو ردّ عليه لوخزه بما هو أمضّ جرحا ، وأنفذ طعنا.

وكتب إليه المنصور مرّة : لم لا تغشانا كما تغشانا الناس؟ فأجابه الصادقعليه السلام : « ليس لنا ما نخافك من أجله ، ولا عندك من أمر الآخرة ما نرجوك له ، ولا أنت في نعمة فنهنّيك ، ولا تراها نقمة فنعزّيك ، فما نصنع عندك » فكتب إليه : تصحبنا لتنصحنا ، فأجابه : « من أراد الدنيا لا ينصحك ، ومن أراد الآخرة لا يصحبك » فقال المنصور : والله لقد ميز عندي منازل من يريد الدنيا ممّن يريد الآخرة ، وانه ممّن يريد الآخرة لا الدنيا(٢) .

أقول : إن المنصور ما أراد النصيحة لما يصلحه ، ولو أراد صلاح نفسه

__________________

(١) نور الأبصار للشبلنجيّ : ص ١٤١

(٢) كشف الغمّة في أحوال الصادقعليه السلام عن تذكرة ابن حمدون : ٢ / ٢٠٨

١١٥

لاعتزل الأمر لئلاّ يبوء بإثم هذه الامّة ، ولكنه أراد أن يستصفي الصادق ويجعله من أتباعه ، فيعلم الناس أنه الامام غير مدافع ، وتنقطع الشيعة عن مراجعة الصادق ، ويظهر لهم أنه تبع للمنصور ، والامام لا يكون تبعا لأرباب السلطان باختياره ، والصادق لا يخفى عليه قصد المنصور.

وكلمته هذه تعطينا درسا بليغا عن مواقف الناس مع الملوك والامراء وعن منازل المتزلّفين إليهم ، وكيف يجب أن تكون مواقف رجال الدين معهم.

واستقدمه المنصور مرّة وهو غضبان عليه ، فلمّا دخل عليه الصادقعليه السلام ، قال له : يا جعفر قد علمت أن رسول اللهص قال.

لأبيك عليّ بن أبي طالبعليه السلام : لو لا أن تقول فيك طوائف من أمّتي ما قالت النصارى في المسيح لقلت فيك قولا لا تمرّ بملإ إلاّ أخذوا من تراب قدميك يستشفون به ، وقال عليعليه السلام : يهلك فيّ اثنان ولا ذنب لي : محبّ غال ومبغض مفرط ، قال ذلك اعتذارا منه أنه لا يرضى بما يقول فيه الغالي والمفرط ، ولعمري أن عيسى بن مريمعليه السلام لو سكت عمّا قالت النصارى فيه لعذبه الله ، ولقد تعلم ما يقال فيك من الزور والبهتان ، وإمساكك عن ذلك ورضاك به سخط الديّان ، زعم أوغاد الحجاز ورعاع الناس أنك حبر الدهر وناموسه ، وحجّة المعبود وترجمانه ، وعيبة علمه وميزان قسطه ، ومصباحه الذي يقطع به الطالب عرض الظلمة إلى ضياء النور ، وأن الله لا يقبل من عامل جهل حدّك في الدنيا عملا ، ولا يرفع له يوم القيامة وزنا ، فنسبوك إلى غير حدّك ، وقالوا فيك ما ليس فيك ، فقل فإن أوّل من قال الحقّ جدّك ، وأوّل من صدقه عليه أبوك ، وأنت حريّ أن تقتصّ آثارهما ، وتسلك سبيلهما.

فقالعليه السلام : أنا فرع من فروع الزيتونة ، وقنديل من قناديل بيت

١١٦

النبوّة ، وأديب السفرة ، وربيب الكرام البررة ، ومصباح من مصابيح المشكاة التي فيها نور النور ، وصفوة الكلمة الباقية في عقب المصطفين إلى يوم الحشر.

فالتفت المنصور إلى جلسائه فقال : هذا قد حالني على بحر مواج لا يدرك طرفه ولا يبلغ عمقه ، تحار فيه العلماء ، ويغرق فيه السبحاء(١) ويضيق بالسابح عرض الفضاء ، هذا الشجى المعترض في حلوق الخلفاء ، الّذي لا يجوز نفيه ، ولا يحلّ قتله ، ولو لا ما تجمعني وإيّاه شجرة طاب أصلها وبسق فرعها ، وعذب ثمرها ، وبوركت في الذر ، وقدّست في الزبر ، لكان منّي ما لا يحمد في العواقب ، لما يبلغني عنه من شدّة عيبه لنا وسوء القول فينا.

فقال الصادقعليه السلام : لا تقبل في ذي رحمك وأهل الرعاية من أهل بيتك قول من حرّم الله عليه الجنّة ، وجعل مأواه النار ، فإن النمّام شاهد زور ، وشريك إبليس في الإغراء بين الناس فقد قال الله تعالى :( « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ » ) (٢) ونحن لك أنصار وأعوان ، ولملكك دعائم وأركان ، ما أمرت بالمعروف والاحسان ، وأمضيت في الرعيّة أحكام القرآن ، وأرغمت بطاعتك لله أنف الشيطان ، وإن كان يجب عليك في سعة فهمك ، وكثرة علمك ، ومعرفتك بآداب الله أن تصل من قطعك ، وتعطي من حرمك ، وتعفو عمّن ظلمك ، فإن المكافي ليس بالواصل ، إنما الواصل من إذا قطعته رحمه وصلها ، فصل رحمك يزد الله في عمرك ، ويخفّف عنك الحساب يوم حشرك ، فقال المنصور : قد صفحت عنك لقدرك ، وتجاوزت عنك لصدقك ، فحدّثني عن نفسك بحديث

__________________

(١) جمع سابح

(٢) الحجرات : ٦

١١٧

أتعظ به ويكون لي زاجر صدق عن الموبقات ، فقال الصادقعليه السلام : عليك بالحلم فإنه ركن العلم ، واملك نفسك عند أسباب القدرة فإنك إن تفعل ما تقدر عليه كنت كمن شفى غيظا ، أو تداوى حقدا أو يحبّ أن يذكر بالصولة ، واعلم بأنك إن عاقبت مستحقّا لم تكن غاية ما توصف به إلاّ العدل ، والحال التي توجب الشكر أفضل من الحال التي توجب الصبر ، فقال المنصور : وعظت فأحسنت ، وقلت فأوجزت(١) .

أقول : إن أمثال هذه المواقف تعطيك دروسا وافيه عمّا كان عليه أهل ذلك العصر من سياسة وعلم واعتقاد وغيرها ، وهنا نستطيع أن نتعرّف عدّة امور.

١ ـ إن المنصور يريد ألاّ يظهر الصادق بمظهر الامامة فحاول أن يخدعه أمام الناس بتلك الكلمات الليّنة ، وهنا تعرف دهاء المنصور ، لأن العبّاسيّين إنما تربّعوا على الدست باسم الامامة والخلافة ، فلو كان هناك إمام آخر يرى شطر من الامّة أنه صاحب المنبر والتاج لا يتمّ لهم أمر ، وهو يريد ألاّ يعارضه أحد في سلطانهم ، فكان المنصور يدفع عن عرشه بالشدّة مرّة وباللين اخرى فكان من سياسته أن جابه الصادق أمام ملأ من الناس بهذا القول وحسب أنّ الصادق سوف يبطل ما يقوله الناس فيه ، وبه يحصل ما يريد ، وهو يعلم أنّ الصادق لا يجبهه بالردّ ، حذرا من سطوته.

٢ ـ إن الصادق إمام بجعل إلهي كما يرى ذلك ويراه الشيعة فيه ، والامامة في أهل البيت وفي الصادق ليست وليدة عصر المنصور ، وإنما هي من عهد صاحب الرسالة ، فالامام الصادقعليه السلام وقع بين لحيي لهذم فإنه إن

__________________

(١) بحار الأنوار : ٤٧ / ١٦٨ في أحوال الصادقعليه السلام

١١٨

جارى المنصور فقد أبطل إمامة إلهية ، وإن عارضه لا يأمن من شرّه ، ثمّ أجابه بكلمات مجملة لا تصرّح بالامامة ولا تبطل قول الناس فيه ، ولذا قال المنصور « هذا قد حالني على بحر موّاج لا يدرك طرفه ».

٣ ـ إن قول الشيعة في الامام من ذلك اليوم على ما هو عليه اليوم ، وهذا ما تقتضيه اصول المذهب ، وتدلّ عليه أخبار أهل البيت وآثارهم.

٤ ـ إن سكوت الامام الصادق وعدم إبطاله لأن يكون كما يقول الناس برهان على أن حقيقة الامامة كما يحكيها المنصور عن الناس ، ولو كانت حقيقتها غير هذا لقال الصادق : إن هذا الرأي والقول باطل ، بل لوجب عليه إعلام الناس ببطلانه وردعهم عن هذا المعتقد.

٥ ـ إن القائل بإمامة الصادقعليه السلام خلق كثير من الناس ، ممّا جعل المنصور يفكّر فيه ويخشى من اتساعه ومن عقباه ، فحاول أن يتذرّع بالصادق لمكافحته.

٦ ـ إن المرء بأصغريه ، فالامام الصادق لو لم تسبق الأخبار والآثار عن منزلته ، لكان في مثل كلامه ومثل موقفه هذا دلالة على ما له من مقام ، أتراه كيف حاد عن جواب المنصور بما حيّره ، دون أن يصرّح بخلاف ما حكاه عن الشيعة ، ودون أن يصرّح بصحّة ما يرون ، وكيف وعيت ذلك البيان منه عن نفسه ، ببليغ من القول ، وجليل من المعنى ، وكيف وعظ المنصور بما يوافق شأن الملوك ، وما يتفق وابتلاءهم كثيرا؟

وهذا بعض ما يمكن استنباطه من هذا الموقف وفهم حال الناس ذلك اليوم ، وكفى به عن سواه.

ودخل على المنصور في إحدى جيئاته فاستقبله الربيع بالباب وقال له : يا أبا عبد الله ما أشدّ تلظّيه عليك لقد سمعته يقول : والله لا تركت له نخلا إلاّ

١١٩

عقرته ، ولا مالا إلاّ نهبته ، ولا نهبته ، ولا ذرّية إلاّ سبيتها ، فلمّا دخل وسلّم وقعد قال له المنصور : أما والله لقد هممت ألاّ أترك لكم نخلا إلاّ عقرته ، ولا مالا إلاّ أخذته ، فقال له الصادقعليه السلام : يا أمير المؤمنين إن الله عزّ وجل ابتلى أيوب فصبر ، وأعطى داود فشكر ، وقدر(١) يوسف فغفر ، وأنت من ذلك النسل ولا يأتي ذلك النسل إلاّ بما يشبهه ، فقال : صدقت قد عفوت عنكم ، فقال الصادق : إنه لم ينل أحد منّا أهل البيت دما إلاّ سلبه الله ملكه ، فغضب لذلك واستشاط ، فقال : على رسلك إن هذا الملك كان في آل أبي سفيان فلمّا قتل يزيد حسيناعليه السلام سلبه الله ملكه ، فورثه آل مروان فلمّا قتل هشام زيدا سلبه الله ملكه فورثه مروان بن محمّد ، فلمّا قتل مروان إبراهيم الامام سلبه الله ملكه وأعطاكموه فقال : صدقت.(٢)

أقول : إن الصادقعليه السلام ما اعتذر عن قوله الأول ، وإنما جاء بالشواهد عليه ، سوى إنه استعرض ذكر أخيه إبراهيم ليكفّ بذلك شرّه.

وللصادقعليه السلام مواقف كثيرة على غرار ما ذكرناه اجتزينا عنها بما أوردناه.

وكانت للصادقعليه السلام مواقف مع بعض ولاة المنصور رجاله تشبه مواقفه مع المنصور في الشدّة ، جاء إلى المدينة واليا من قبل المنصور بعد مقتل محمّد وإبراهيم رجل يقال له شيبة بن عفال ، يقول عبد الله بن سليمان التميمي : فلمّا حضرت الجمعة صار إلى مسجد الرسولص فرقى المنبر وحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : أمّا بعد فإن عليّ بن أبي طالب شقّ عصا

__________________

(١) أي جعله قادرا على الانتقام من اخوته

(٢) الكافي : كتاب الدعاء ، باب الدعاء للكرب والهمّ والحزن : ٢ / ٥٦٣

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

٧٧ - باب ان من وجد كسرة أو تمرة استحبّ له رفعها وأكلها، وان كانت في قذر استحبّ له غسلها وأكلها.

[ ٣٠٨٣٦ ] ١ - أحمد بن أبي عبد الله البرقي في( المحاسن) عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن رجل، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال - في التمرة والكسرة تكون في الأرض مطروحة، فيأخذها إنسان(١) - ويأكلها: لا تستقرّ في جوفه حتّى تجب له الجنّة.

[ ٣٠٨٣٧ ] ٢ - وعن موسى بن القاسم، عن محمد بن سعيد بن غزوان، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من وجد تمرة أو كسرة ملقاة فأكلها، لم تستقرّ(٢) في جوفه حتّى يغفر الله له.

[ ٣٠٨٣٨ ] ٣ - محمد بن يعقوب، عن حميد بن زياد، عن الخشّاب، عن ابن بقاح، عن عمرو بن جميع، قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من وجد كسرة، فأكلها( كان له حسنة) (٣) ، ومن وجدها في قذر، فغسلها، ثمَّ رفعها كان(٤) له سبعون حسنة.

[ ٣٠٨٣٩ ] ٤ - وبهذا الإِسناد عن عمرو بن جميع، عن أبي عبد الله( عليه

____________________

الباب ٧٧

فيه ٥ أحاديث

١ - المحاسن: ٤٤٥ / ٣٢٩.

(١) في المصدر زيادة: فيمسحها.

٢ - المحاسن: ٤٤٥ / ٣٣٠.

(٢) في المصدر: تقرّ.

٣ - الكافي ٦: ٣٠٠ / ٥، المحاسن: ٤٤٥ / ٣٢٨.

(٣) في المصدر: كانت له حسنة. وفي المحاسن: كانت له سبعمائة حسنة ( هامش المخطوط ).

(٤) في المصدر: كانت.

٤ - الكافي ٦: ٣٠٠ / ٦.

٣٨١

السلام) ، قال: دخل رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) على عائشة، فرأى كسرة، كاد أن يطأها، فأخذها، وأكلها، وقال: يا حميراء، أكرمي جوار نعم الله عليك، فإنها لم تنفر عن قوم، فكادت تعود إليهم.

ورواه البرقيُّ في( المحاسن) عن أبيه، عن يونس، عن عمرو بن جميع (١) ، وكذا الذي قبله.

[ ٣٠٨٤٠ ] ٥ - محمد بن عليّ بن الحسين في( الأمالي) عن جعفر بن عليّ، عن جدّه الحسن بن عليّ، عن جدّه عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن مسلم، عن الصادق( عليه‌السلام ) ، عن آبائه، قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من وجد كسرة أو تمرة، فأكلها لم تفارق جوفه حتّى يغفر الله له.

ورواه البرقيُّ، في( المحاسن) عن النوفلي (٢) .

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك في الخلوة(٣) .

٧٨ - باب استحباب لحس الأصابع من المأدوم، وتحريم الاستنجاء بالخبز ونحوه.

[ ٣٠٨٤١ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عمرو بن شمر، قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: إنّي لألحس أصابعي من المأدوم، حتّى أخاف أن يرى

____________________

(١) المحاسن: ٤٤٥ / ٣٣١.

٥ - أمالي الصدوق: ٢٤٦ / ١٤.

(٢) المحاسن: ٥٨٨ / ٨٧.

(٣) تقدم في الباب ٣٩ من أبواب أحكام الخلوة.

الباب ٧٨

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٦: ٣٠١ / ١، أورد ذيله في الحديث ١ من الباب ٤٠ من أبواب أحكام الخلوة.

٣٨٢

خادمي أنَّ ذلك من الجشع، وليس ذلك كذلك، إنّ قوماً اُفرغت عليهم النعمة وهم اهل الثرثار، فعمدوا إلى مخِّ الحنطة فجعلوها هجاء، فجعلوا ينجون بها صبيانهم، حتّى اجتمع من ذلك جبل، قال: فمرّ رجل صالح على امرأة وهي تفعل ذلك بصبيّ لها، فقال ويحكم، اتّقوا الله، لا يغيّر ما بكم من نعمة، فقالت: كأنّك تخوِّفنا بالجوع مادام ثرثارنا يجري، فإنّا لا نخاف الجوع، قال: فأسف الله عزّ وجلّ، وأضعف لهم الثرثار، وحبس عنهم قطر السماء ونبت الأرض، قال: فاحتاجوا إلى ذلك الجبل، قال: فان كان ليقسم بينهم بالميزان.

ورواه البرقي في( المحاسن) عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة (١) .

وعن محمد بن عليّ، عن الحكم بن مسكين، عن عمرو بن شمر نحوه(٢) .

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على الحكم الأول(٣) ، ويأتي ما يدلُّ على الثاني(٤) .

٧٩ - باب وجوب إكرام الخبز والحنطة والشعير، وتحريم إهانته ودوسه بالرجل ووطء السفرة بها.

[ ٣٠٨٤٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن هارون بن

____________________

(١) المحاسن: ٥٨٦ / ٨٥.

(٢) المحاسن: ٥٨٧ / ٨٦.

(٣) تقدم في الباب ٦٧ من هذه الأبواب.

(٤) يأتي في الباب ٧٩ من هذه الأبواب.

الباب ٧٩

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٣٠٢ / ٢.

٣٨٣

مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: قال النبيُّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : أكرموا الخبز، فانّه قد عمل فيه ما بين العرش إلى الأرض، والأرض وما فيها من كثير من خلقها - إلى أن قال: - إنه كان نبي قبلكم يقال له: دانيل(١) ، وأنّه أعطى صاحب معبر رغيفاً ليعبر به، فرمى صاحب المعبر بالرغيف، وقال: ما أصنع بالخبز، هذا الخبز عندنا قد يداس بالأرجل، فلمّا رأى ذلك دانيل، رفع يده إلى السماء، وثمَّ قال: اللهمَّ أكرم الخبز، فقد رأيت يا ربّ ما صنع هذا العبد وما قال، قال: فأوحى الله إلى القطر أن احتبس، وأوحى إلى الأرض: أن كوني طبقاً كالفخّار، قال: فلم تمطر حتّى بلغ من أمرهم أنّ بعضهم أكل بعضاً، فلما بلغ منهم ما أراد الله من ذلك، قالت امرأة لاُخرى ولهما ولدان: يا فلانة تعالي حتى نأكل اليوم أنا وأنت ولدي، فاذا جعنا أكلنا ولدك، قالت لها. نعم فأكلتاه، فلمّا جاعتا من بعد، راودت الاخرى على ولدها، فامتنعت عليها، فقالت لها: نبيُّ الله بيني وبينك، فاختصمتا الى دانيل، فقال لهما: وقد بلغ الأمر إلى ما أرى ؟ قالتا له: نعم(٢) وأشدّ، فرفع يده إلى السماء، وقال: اللهمَّ عد علينا بفضل رحمتك، ولا تعاقب الأطفال ومن فيه خير بذنب صاحب المعبر وضربائه، قال: فأمر الله إلى السماء: أن امطري على الأرض، وأمر الأرض: أن انبتي لخلقي ما قد فاتهم من خيرك، فإنّي قد رحمتهم بالطفل الصغير.

[ ٣٠٨٤٣ ] ٢ - أحمد بن محمّد البرقي في( المحاسن) عن هارون بن مسلم، عن مسعدة، عن جعفر (٣) ، عن آبائه، عن عليّ( عليه‌السلام ) ،

____________________

(١) في نسخة: دانيال ( هامش المخطوط )، وكذلك المصدر في جميع المواضع.

(٢) في المصدر زيادة: يا نبي الله.

٢ - المحاسن: ٥٨٥ / ٨١.

(٣) في المصدر زيادة: عن أبيه.

٣٨٤

قال: أكرموا الخبز، فإنّه قد عمل فيه ما بين العرش إلى الأرض وما بينهما.

[ ٣٠٨٤٤ ] ٣ - وعن محمد بن عليّ، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن صاحب لنا(١) يكون على سطحه الحنطة والشعير، فيطؤونه يصلّون(٢) عليه، قال: فغضب، ثمَّ قال: لو لا أنّي أرى أنّه من أصحابنا للعنته.

وعن أبيه، عن محمد بن سنان، عن أبي عيينة، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) مثله(٣) ، وزاد فيه: أما يستطيع أن يتّخذ لنفسه مصلّى يصلّي فيه ؟! ثمَّ قال: إنَّ قوماً وسّع الله عليهم في أرزاقهم حتّى طغوا، فاستخشنوا الحجارة، فعمدوا الى النقي(٤) ، فصنعوا منه كهيئة الأفهار(٥) ، فجعلوه في مذاهبهم(٦) ، فأخذهم الله بالسّنين، فعمدوا إلى أطعمتهم، فجعلوها في الخزائن، فبعث الله على خزائنهم ما أفسده، حتّى احتاجوا إلى ما كانوا يستنظفون(٧) به في مذاهبهم، فجعلوا يغسلونه، ويأكلونه، ثمَّ قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : والله لقد دخلت على أبي العبّاس، وقد أخذ القوم المجلس، فمدّ يده إليَّ والسفرة بين يديه موضوعة، فأخذ بيدي، فذهبت لأخطو إليه، فوقعت رجلي على طرف السّفرة، فدخلني من ذلك ما شاء الله أن يدخلني، إنَّ الله يقول:( فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَٰؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُوا بِهَا

____________________

٣ - المحاسن: ٥٨٨ / ٨٨، أورد صدره في الحديث ٧ من الباب ٤٠ من أبواب مكان المصلي.

(١) في المصدر زيادة: فلاحٍ.

(٢) في المصدر: ويصلون.

(٣) المحاسن: ٥٨٨ / ذيل ٨٨، وفيه: عن عيينة والظاهر أن ما في المتن هو الصواب لموافقته للبحار ٨٠: ٢٠٤ / ١٢ وقد استظهر في معجم رجال الحديث ٢١: ٢٦٨ اتحادهما.

(٤) النقي: دقيق الحنطة المنخول. ( مجمع البحرين ١: ٤٢٠ ).

(٥) الافهار: جمع فهر وهو الحجر ملء الكف. ( الصحاح ٢: ٧٨٤ ).

(٦) المَذْهَب: المتوضأ، أو بيت الخلاء. ( القاموس المحيط ١: ٧٠ ).

(٧) في المصدر: يستطيبون، الاستطابة: الاستنجاء. ( الصحاح ١: ١٧٣ ).

٣٨٥

بِكَافِرِينَ ) (١) قوماً والله يقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، ويذكرون الله كثيراً.

[ ٣٠٨٤٥ ] ٤ - قال البرقيُّ: قال ابن سنان: وفي رواية أبي بصير، قال: نزلت فيهم هذه الآية:( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً ) (٢) الآية.

[ ٣٠٨٤٦ ] ٥ - العيّاشي في( تفسيره) ، عن حفص بن سالم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: إنَّ قوماً في بني إسرائيل كان يؤتى لهم من طعامهم، حتّى جعلوا منه تماثيل يستنجون بها، فلم يزل الله بهم حتّى اضطرّوا الى التماثيل ينقونها، ويأكلونها وهو قول الله عزّ وجلّ:( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً ) (٣) الآية.

[ ٣٠٨٤٧ ] ٦ - وعن زيد الشحّام، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: كان أبي يكره أن يمسح يده بالمنديل، وفيها شيء من الطعام تعظيماً له، إلّا أن يمصّها، أو يكون الى جانبه صبيّ فيمصّها له، قال: وإنّي أجد اليسير يقع من الخوان، فآخذه(٤) ، فيضحك الخادم، ثمَّ قال: إنَّ أهل قريه ممّن كان قبلكم، كان الله قد أوسع عليهم حتّى طغوا، فقال بعضهم لبعض: لو عمدنا إلى شيء من هذا النقيّ، فجعلناه نستنجي به، كان ألين علينا من الحجارة، قال: فلما فعلوا ذلك بعث الله على أرضهم دواباً أصغر من الجراد، فلم تدع لهم شيئاً إلّا أكلته، فبلغ بهم الجهد الى أن أقبلوا على الذي كانوا يستنجون به، فأكلوه، وهي القرية التي قال الله:( ضَرَبَ اللهُ

____________________

(١) الأنعام ٦: ٨٩. الاية ( فَإِن يَكْفُرْ ) .

٤ - المحاسن: ٥٨٨ / ٨٨.

(٢) النحل ١٦: ١١٢.

٥ - تفسير العياشي ٢: ٢٧٣ / ٧٨.

(٣) النحل ١٦: ١١٢.

٦ - تفسير العياشى ٢: ٢٧٣ / ٧٩، أورد صدره عن الكافي والمحاسن في الحديث ١ من الباب ٥٣، وقطعة عن المحاسن في الحديث ٨ من الباب ٧٦ من هذه الأبواب وقطعة عن الكافي في الحديث ٣ من الباب ١٣١ من أبواب الأطعمة المباحة.

(٤) في المصدر: فأتفقده.

٣٨٦

مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً ) إلى قوله:( بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ) (١) .

أقول: وتقدَّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلُّ عليه(٣) .

٨٠ - باب استحباب التواضع لله بترك أكل الطيبات، حتى ترك نخل الطحين، والإِفراط في التنعم بأطعمة العجم ونحوها.

[ ٣٠٨٤٨ ] ١ - أحمد بن أبي عبد الله البرقيُّ في( المحاسن) عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، ومحمد بن سنان جميعاً، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: كان أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) لا ينخل له الدقيق، ويقول: لا تزال هذه الاُمّة بخير ما لم يلبسوا لباس العجم، ويطعموا أطعمة العجم، فإذا فعلوا ذلك ضربهم الله بالذلّ.

[ ٣٠٨٤٩ ] ٢ - وعن جعفر بن محمد، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، عن آبائه، قال: دخل النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) مسجد قبا، فأُتي بإناء فيه لبن حليب مخيض بعسل، فشرب منه حسوة أو حسوتين، ثم وضعه، فقيل: يا رسول الله أتدعه محرّماً ؟ فقال: اللهمّ إنّي أتركه تواضعاً لله.

[ ٣٠٨٥٠ ] ٣ - وبهذا الإِسناد قال: أُتي بخبيص، فأبى أن يأكل، فقيل:

____________________

(١) النحل ١٦: ١١٢.

(٢) تقدم في الباب ٤٠ من أبواب أحكام الخلوة، وفي الباب ٧٨ من هذه الأبواب.

(٣) يأتي في الباب ٨٤ من هذه الأبواب.

الباب ٨٠

فيه ٨ أحاديث

١ - المحاسن: ٤٤٠ / ٢٩٩، اورده في الحديث ٤ من الباب ١٤ من أبواب أحكام الملابس.

٢ - المحاسن: ٤٠٩ / ١٣٣.

٣ - المحاسن: ٤٠٩ / ١٣٣.

٣٨٧

أتحرِّمه ؟ فقال: لا، ولكنّي اكره أن تتوق نفسي اليه، ثمَّ تلا الآية:( أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا ) (١) .

[ ٣٠٨٥١ ] ٤ - وعن محمد بن عليّ، عن أرطاة بن حبيب، عن أبي داود، عن عبد الله بن شريك، عن حبّة العرني، قال: أُتي أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) بخوان فالوذج، فوضع بين يديه، فنظر إلى صفائه وحسنه، فوجأ بأصبعه فيه حتّى بلغ أسفله، ثمَّ سلّها ولم يأخذ منه شيئاً، تلمّظ أصبعه وقال: إنَّ الحلال طيّب وما هو بحرام، ولكنّي أكره أن أعوّد نفسي ما لم أعوّدها، ارفعوه عنّي، فرفعوه.

[ ٣٠٨٥٢ ] ٥ - وعنه، عن سفيان عن الصباح الحذاء، عن يعقوب بن شعيب، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: بينا أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) في الرحبة في نفر من أصحابه، إذ أُهدي اليه طشت خوان فالوذج، فقال لأصحابه: مدّوا أيديكم، فمدّوا أيديهم، ومدّ يده، ثمَّ قبضها، وقال: إني ذكرت أنَّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) لم يأكله، فكرهت أكله.

[ ٣٠٨٥٣ ] ٦ - وعن يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه، عن بزيع ابن عمرو بن بزيع، قال: دخلت على أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، وهو يأكل خلاًّ وزيتاً في قصعة سوداء، مكتوب في وسطها بصفرة( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) فقال: ادنُ يا بزيع ! فدنوت، فأكلت معه، ثمَّ حسا من الماء ثلات حسوات حين(٢) لم يبقَ من الخبز شيء، ثمَّ ناولني فحسوت البقية.

[ ٣٠٨٥٤ ] ٧ - وعن يعقوب بن يزيد، عمّن ذكره، عن إبراهيم بن

____________________

(١) الاحقاف ٤٦: ٢٠.

٤ - المحاسن: ٤٠٩ / ١٣٤.

٥ - المحاسن: ٤١٠ / ١٣٥.

٦ - المحاسن: ٤٤٠ / ٣٠٠.

(٢) في المصدر: حتى.

٧ - المحاسن: ٤٤٠ / ٣٠١.

٣٨٨

عبد الحميد، عن الثمالي قال: لما دخلت على عليّ بن الحسين( عليه‌السلام ) دعا بنمرقة، فطرحت، فقعدت عليها، ثمَّ أُتيت بمائدة لم أرَمثلها قطُّ، فقال لي: كل، فقلت: ما لك لا تأكل ؟ فقال: إنّي صائم، فلمّا كان الليل أُتي بخلّ وزيت، فأفطر عليه، ولم يؤتَ بشيء من الطعام الذي قرّب إلي.

[ ٣٠٨٥٥ ] ٨ - الحسن بن محمد الديلمي في( الإِرشاد) عن سويد بن غفلة، قال: دخلت على عليّ بن أبي طالب( عليه‌السلام ) فوجدته جالساً وبين يديه إناء فيه لبن، أجد ريح حموضته، وفي يده رغيف، أرى قشار الشعير في وجهه، وهو يكسر بيده، ويطرحه فيه، فقال: ادنُ فاصب من طعامنا، فقلت: إنّي صائم، فقال( عليه‌السلام ) : سمعت رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) يقول: من منعه الصّيام من طعام يشتهيه كان حقّاً على الله أن يطعمه من طعام الجنّة، ويسقيه من شرابها، قال: قلت لفضّة، وهي قريبة منه قائمة: ويحك يا فضّة ! ألا تتّقين الله في هذا الشيخ بنخل هذا الطعام من النخّالة التي فيه ؟ قالت: قد تقدَّم إلينا أن لا ننخل له طعاماً، قال: ما قلت لها ؟ فأخبرته، فقال: بأبي وأُمّي من لم ينخل له طعام، ولم يشبع من خبز البرّ ثلاثة أيّام حتّى قبضه الله، قال: وكان( عليه‌السلام ) يجعل جريش الشعير في وعاء ويختم عليه، فقيل له في ذلك، فقال: أخاف هذين الولدين أن يجعلا فيه شيئاً من زيت أو سمن.

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك(١) ويأتي ما يدلُّ عليه(٢) .

____________________

٨ - إرشاد القلوب: ٢١٥.

(١) تقدم في الحديث ٥ من الباب ٦ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الحديث ١٢ من الباب ١١٢ من هذه الأبواب.

٣٨٩

٨١ - باب كراهة وضع الخبز تحت القصعة.

[ ٣٠٨٥٦ ] ١ - محمد بن يعقوب عن عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الوشّاء، عن( الميثمي) (١) ، عن أبان بن تغلب، قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : لا يوضع الرّغيف تحت القصعة.

[ ٣٠٨٥٧ ] ٢ - وعن عليّ بن محمد بن بندار، وغيره، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن عبد الله بن الفضل النّوفلي، عن الفضل بن يونس، قال: تغدّى عندي أبو الحسن( عليه‌السلام ) فجيء بقصعة وتحتها خبز، فقال: أكرموا الخبز أن(٢) يكون تحتها وقال لي: مر الغلام أن يخرج الرّغيف من تحت القصعة.

[ ٣٠٨٥٨ ] ٣ - وعنهم عن أحمد، عن ابن فضّال، عن( الميثمي) (٣) ، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، أنّه كره ان يوضع الرَّغيف تحت القصعة.

ورواه البرقيُّ في( المحاسن) (٤) ، وكذا كل ما قبله.

____________________

الباب ٨١

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٣٠٣ / ٣، والمحاسن: ٥٨٩ / ٩٠، وأورده في الحديث ٥ من الباب ١٦ من أبواب أحكام المساكن.

(١) في المحاسن: المثنى ( هامش المخطوط ).

٢ - الكافي ٦: ٣٠٤ / ١١، والمحاسن: ٥٨٩ / ٨٩.

(٢) في الكافي زيادة لا.

٣ - الكافي ٦: ٣٠٤ / ١٢.

(٣) في المحاسن: المثنّى ( هامش المخطوط ).

(٤) المحاسن: ٥٨٩ / ٩١.

٣٩٠

٨٢ - باب كراهة ترك الإِناء بغير غطاء، وتحريم استعمال أواني الذهب والفضّة.

[ ٣٠٨٥٩ ] ١ - أحمد بن محمد بن خالد في( المحاسن) عن محمد بن عليّ، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: لا تدعوا آنيتكم بغير غطاء فإنَّ الشيطان إذا لم تغطّ الآنية بزق فيها، وأخذ ممّا فيها ما شاء.

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك في المساكن(١) ، وعلى الحكم الثاني في النجاسات(٢) ، الأطعمة المحرَّمة(٣) .

٨٣ - باب انه يستحب إذا حضر الخبز أن لا ينتظر به غيره.

[ ٣٠٨٦٠ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن طلحة بن زيد، عن بعض رجاله رفعه، قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : أكرموا الخبز، قيل: يا رسول الله وما إكرامه ؟ قال: إذا وضع لا ينتظر به غيره. الحديث.

وعن الحسين بن محمد، عن السياري، عن عليّ بن أسباط، عن بعض أصحابه، قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) ، وذكر مثله(٤) .

____________________

الباب ٨٢

فيه حديث واحد

١ - المحاسن: ٥٨٤ / ٧٥.

(١) تقدم في الباب ١٦ من أحكام المساكن.

(٢) تقدم في البابين ٦٥ و ٦٦ من أبواب النجاسات.

(٣) تقدم في الباب ٦١ من أبواب الأطعمة المحرّمة.

الباب ٨٣

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٦: ٣٠٣ / ٥، وأورد ذيله في الحديث ٢ من الباب ٨٤ من هذه الأبواب.

(٤) الكافي ٦: ٣٠٣ / ٤.

٣٩١

أقول: ويأتي ما يدلُّ على ذلك(١) .

٨٤ - باب انه لا يجوز أن يوطأ الخبز، ولا ينبغي أن يقطع إلّا إذا لم يكن ادم، فيجوز القطع، ويستحبّ كسره باليد.

[ ٣٠٨٦١ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أبي الحسن الرضا( عليه‌السلام ) ، قال: لا تقطعوا الخبز بالسكّين، ولكن اكسروه باليد، خالفوا العجم.

[ ٣٠٨٦٢ ] ٢ - وعنه، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن طلحة بن زيد، عن بعض رجاله رفعه، قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : أكرموا الخبز، إلى أن قال: ومن كرامته أن لا يوطأ، ولا يقطع.

ورواه البرقي في( المحاسن) عن أبيه رفعه، قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، وذكر مثله(٢) .

[ ٣٠٨٦٣ ] ٣ - وعن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن السياري، عن أبي عليّ بن راشد، رفعه إلى أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: كان أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) إذا لم يكن له ادم قطع الخبز بالسكين.

[ ٣٠٨٦٤ ] ٤ - وبالإِسناد عن السيّاري، رفعه إلى أبي عبد الله( عليه

____________________

(١) يأتي في الباب ٨٥ من هذه الأبواب.

الباب ٨٤

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٣٠٤ / ١٤.

٢ - الكافي ٦: ٣٠٣ / ٥.

(٢) المحاسن: ٥٨٥ / ٨٠.

٣ - الكافي ٦: ٣٠٣ / ٩، والمحاسن: ٥٩٠ / ٩٤.

٤ - الكافي ٦: ٣٠٤ / ١٠، والمحاسن: ٥٩٠ / ٩٥.

٣٩٢

السلام) ، قال: أدنى الادم قطع الخبز بالسكّين.

[ ٣٠٨٦٥ ] ٥ - وعن عليّ بن محمد بن بندار، وغيره، عن أحمد بن محمد(١) ، عن محمد بن جمهور، عن ادريس بن يوسف، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : لا تقطعوا الخبز بالسكين، ولكن اكسروه باليد، وليكسر لكم، خالفوا العجم.

أحمد بن محمد البرقيُّ في( المحاسن) عن أبي يوسف، عن محمد ابن جمهور مثله (٢) .

وروى الذي قبله عن السيّاري، وكذا الذي قبلهما.

[ ٣٠٨٦٦ ] ٦ - وعن الحسن بن عليّ رفعه، قال: لا بأس بقطع الخبز بالسكّين.

٨٥ - باب كراهة شمّ الخبز، واستحباب أكله قبل اللحم إذا حضرا

[ ٣٠٨٦٧ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفلي، عن السّكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إيّاكم أن تشمّوا الخبز كما يشمّه السباع، فانَّ الخبز مبارك، أرسل الله له السماء مدراراً، وله أنبت الله المرعى، وبه

____________________

٥ - الكافي ٦: ٣٠٤ / ١٣.

(١) في المصدر زيادة: عن يعقوب بن يزيد.

(٢) المحاسن: ٥٨٩ / ٩٢.

٦ - المحاسن: ٥٨٩ / ٩٣، وتقدم ما يدل على ذلك في البابين ٧٧ و ٧٩ من هذه الأبواب.

الباب ٨٥

فيه حديثان

١ - الكافي ٦: ٣٠٣ / ٦.

٣٩٣

صلّيتم وبه صمتم، وحججتم بيت ربّكم.

ورواه البرقيُّ في( المحاسن) ( عن يعقوب بن يزيد) (١) ، عن محمّد القمّي، عن إدريس بن يوسف، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) مثله، إلى قوله: مدراراً(٢) .

[ ٣٠٨٦٨ ] ٢ - وبهذا الإِسناد قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إذا أُتيتم بالخبز واللحم فابدؤوا بالخبز، فسدّوا خلال الجوع، ثمَّ كلوا اللّحم.

٨٦ - باب استحباب تصغير الرغفان وكسرها الى فوق وتخمير الخمير.

[ ٣٠٨٦٩ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن يعقوب بن يقطين، قال: قال أبو الحسن الرضا( عليه‌السلام ) : قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : صغّروا رغفانكم، فإنّ مع كلِّ رغيف بركة.

[ ٣٠٨٧٠ ] ٢ - وبالإِسناد عن يعقوب بن يقطين، قال: رأيت أبا الحسن الرِّضا( عليه‌السلام ) يكسر الرغيف إلى فوق.

____________________

(١) في المحاسن: عن أبي يوسف عن يعقوب بن يزيد.

(٢) المحاسن: ٥٨٥ / ٨٢.

٢ - الكافي ٦: ٣٠٣ / ٧.

الباب ٨٦

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٣٠٣ / ٨.

٢ - الكافي ٦: ٣٠٣ / ذيل ٨، وأورده في الحديث ٤ من الباب ٣١ من هذه الأبواب.

٣٩٤

[ ٣٠٨٧١ ] ٣ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإِسناد) عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عليّ( عليه‌السلام ) ، أنّه كان يعاتب غلمانه في تخمير الخمير، ويقول: هو أكثر للخبز.

٨٧ - باب كراهة الأكل في السوق.

[ ٣٠٨٧٢ ] ١ - محمد بن إدريس في آخر( السرائر) نقلاً من( جامع) البزنطي، قال: سئل أبو الحسن( عليه‌السلام ) عن السفلة ؟ فقال: الذي يأكل في الأسواق.

[ ٣٠٨٧٣ ] ٢ - الحسن بن الفضل الطبرسيُّ في( مكارم الأخلاق) عن النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال: الأكل في السوق دناءة.

أقول: وتقدَّم في التجارة(١) ، أنَّ الأسواق منازل الشياطين، وأنّها شرُّ بقاع الأرض.

٨٨ - باب كراهة ترك اللحم أربعين يوماً.

[ ٣٠٨٧٤ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ،

____________________

٣ - قرب الاسناد: ٣٤، وعنه في البحار ٦٦: ٢٦٨.

الباب ٨٧

فيه حديثان

١ - السرائر: ٤٧٧.

٢ - مكارم الأخلاق: ١٤٩.

(١) تقدم في الباب ٦٠ من أبواب آداب التجارة.

الباب ٨٨

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٦: ٣٠٩ / ١، وأورده في الحديث ١ من الباب ١٢ من أبواب الأطعمة المباحة.

٣٩٥

قال: اللحم ينبت اللحم، ومن تركه أربعين يوماً ساء خلقه، ومن ساء خلقه فأذّنوا في أُذنه.

أقول: ويأتي ما يدلُّ على ذلك(١) .

٨٩ - باب كراهة أكل لحم الغريض، يعني: النيء حتى تغيره الشمس أو النار

[ ٣٠٨٧٥ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عليّ بن الحكم، عن هشام بن سالم، قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن أكل اللحم النيء ؟ فقال هذا طعام السباع.

[ ٣٠٨٧٦ ] ٢ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) : أنَّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) نهى أن يؤكل اللحم غريضاً، وقال: إنّما تأكله السباع ولكن حتّى تغيّره الشمس أو النار.

ورواه الصدوق بإسناده عن حريز مثله، إلّا أنّه قال في آخره: قال حريز: يعني: حتّى تغيّره الشمس أو النار(٢) .

ورواه البرقيُّ في( المحاسن) عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، وزاد بعد قوله السباع: قال حريز (٣) والذي قبله عن عليّ بن الحكم

____________________

(١) يأتي في الباب ١٢ من ابواب الأطعمة المباحة.

الباب ٨٩

فيه حديثان

١ - الكافي ٦: ٣١٤ / ٢، والمحاسن: ٤٧٠ / ٤٦٠.

٢ - الكافي ٦: ٣١٣ / ١.

(٢) الفقيه ٣: ٢٢١ / ٢١٦.

(٣) المحاسن: ٤٧٠ / ٤٦١.

٣٩٦

٩٠ - باب ما يستحبّ الدعاء به عند أكل الطعام الذي يخاف ضرره.

[ ٣٠٨٧٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن، عن موسى بن عمر، عن( حفص) (١) بن بشير، عن إبراهيم بن مهزم، عن أبي مريم، عن الأصبع بن نباتة، قال: دخلت على أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) وقدّامه شواء، فقال: ادن فكل، فقلت: يا أمير المؤمنين هذا لي ضارّ، فقال: ادن اُعلّمك كلمات لا يضرّك معهنّ شيء ممّا تخاف، قل: « بسم الله خير الأسماء، بسم الله ملء الأرض والسماء، الرحمن الرحيم، الذي لا يضرُّ مع اسمه شيء ولا داء » تغدّ معنا.

[ ٣٠٨٧٨ ] ٢ - أحمد بن أبي عبد الله البرقيُّ في( المحاسن) عن يعقوب ابن يزيد، عن( أحمد بن الحسن الميثمي) (٢) ، عن أبي مريم الأنصاري، عن الأصبغ بن نباتة، قال: دخلت على أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) وبين يديه شواء، فدعاني، فقال: هلمّ إلى هذا الشواء، فقلت أنا إذا أكلته ضرّني، فقال: ألا أُعلّمك كلمات تقولهنّ، وأنا ضامن لك أن لا يؤذيك طعام، قل: « اللهمّ إنّى أسألك باسمك خير الأسماء، ملء الأرض والسماء، الرحمن الرحيم، الذي لا يضرّ معه داء » فلا يضرّك أبداً.

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك(٣) .

____________________

الباب ٩٠

فيه حديثان

١ - الكافي ٦: ٣١٨ / ١.

(١) في نسخة: جعفر ( هامش المخطوط ) وكذلك المصدر.

٢ - المحاسن: ٤٣٨ / ٢٨٩.

(٢) في المصدر: أحمد بن محسن الميثمي.

(٣) تقدم في الباب ٦١ من هذه الأبواب.

٣٩٧

٩١ - باب كراهة أكل الطعام الحار جداً، واستحباب تركه حتى يبرد أو يمكّن، وتذكر النار عنده.

[ ٣٠٨٧٩ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حكيم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: الطعام الحارّ غير ذي بركة.

[ ٣٠٨٨٠ ] ٢ - وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: أُتي النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) بطعام حارّ، فقال: إنّ الله لم يطعمنا النار، نحّوه حتىّ يبرد، فترك حتّى برد.

[ ٣٠٨٨١ ] ٣ - وعنه، عن أحمد، عن ابن محبوب، عن يونس بن يعقوب، عن سليمان بن خالد، قال: حضرت عشاء أبي عبد الله( عليه‌السلام ) في الصيف، فأُتي بخوان عليه خبز، وأُتي بجفنة ثريد ولحم، فقال: هلمّ إلى هذا الطعام، فدنوت، فوضع يده فيه فرفعها، وهو يقول: أستجير بالله من النار، أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، هذا لا نقوى عليه، فكيف النار ؟! هذا لا نطيقه، فكيف النار ؟! هذا لا نصبر عليه، فكيف النار ؟! قال: فكان يكرّر ذلك، حتّى أمكن الطعام، فأكل، وأكلنا معه.

____________________

الباب ٩١

فيه ٩ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٣٢٢ / ٣، والمحاسن: ٤٠٧ / ١١٩.

٢ - الكافي ٦: ٣٢٢ / ٤، والمحاسن: ٤٠٦ / ١١٥.

٣ - الكافي ٦: ٣٢٢ / ٥، والمحاسن: ٤٠٧ / ١٢٢، و ١٢٣، وأورد ذيله عن السند الثاني في الحديث ٢ من الباب ٧٢ من أبواب الأطعمة المباحة.

٣٩٨

وعن أبي عليّ الأشعري، عن محمد بن عبد الجبّار، عن الحسن بن علي، عن يونس بن يعقوب عن سليمان بن خالد، عن عامل كان لمحمد بن راشد، قال: حضرت عشاء جعفر بن محمد( عليه‌السلام ) ، وذكر نحوه(١) .

[ ٣٠٨٨٢ ] ٤ - وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن القاسم ابن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : أقرّوا الحارّ حتّى يبرد فإنَّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قرّب إليه طعام حارّ، فقال: أقرّوه حتّى يمكن، ما كان الله ليطعمنا ناراً، والبركة في البارد.

ورواه البرقيُّ في( المحاسن) عن القاسم بن يحيى، والأصمّ، عن حريز، عن محمد بن مسلم (٢) . والذي قبله عن ابن محبوب، وعن ابن فضّال، عن يونس بن يعقوب، عن سليمان بن محمد بن راشد. والذي قبلهما عن ابن فضّال. والأول عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، ومحمد بن حكيم مثله.

[ ٣٠٨٨٣ ] ٥ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: إنَّ النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) أُتي بطعام حارّ جدّاً، فقال: ما كان الله ليطعمنا النار، أقرّوه حتّى يبرد ويمكن، فإنّه طعام ممحوق البركة، وللشيطان فيه نصيب.

____________________

(١) الكافي ٨: ١٦٤ / ١٧٤

٤ - الكافي ٦: ٣٢١ / ١.

(٢) المحاسن: ٤٠٦ / ١١٨، وفيه: عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن محمد ابن مسلم ورواه أيضاً عن بعض أصحابنا، عن الأصم، عن حريز، عن محمد بن مسلم.

٥ - الكافي ٦: ٣٢٢ / ٢.

٣٩٩

أحمد بن أبي عبد الله البرقيُّ في( المحاسن) عن النوفلي مثله (١) .

[ ٣٠٨٨٤ ] ٦ - وعن أبيه، عمّن ذكره، عن أيّوب بن الحرّ، عن شريك العامري، عن بشر بن غالب قال: خرجنا مع الحسين( عليه‌السلام ) إلى المدينة، ومعه شاة قد طبخت( أعضاء) (٢) فجعل يناول القوم عضواً عضواً.

[ ٣٠٨٨٥ ] ٧ - وعن أبي يوسف، عن إسماعيل المدايني، عن عبد الله بن بكير، قال: أمر أبو عبد الله( عليه‌السلام ) بلحم، فبرّد له، ثمَّ أُتي به، فقال: « الحمد لله الذي جعلني اشتهيه » ثمَّ قال: النعمة على العافية أفضل من النعمة على القدرة.

[ ٣٠٨٨٦ ] ٨ - وعن أبيه، عن سليمان الجعفري، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) قال: الحارُّ غير ذي بركة، وللشيطان فيه نصيب.

[ ٣٠٨٨٧ ] ٩ - وعن محمد بن عليّ بن عائذ بن حبيب، قال: كنّا عند أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، فأُتينا بثريد، فمددنا أيدينا إليه، فإذا هو حارٌّ، فقال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : نهينا عن أكل النار، كفّوا، فانَّ البركة في برده.

____________________

(١) المحاسن: ٤٠٦ / ١١٦.

٦ - المحاسن: ٤٠٥ / ١١١.

(٢) في المصدر: أعضاءها.

٧ - المحاسن: ٤٠٦ / ١١٢، وأورده عن الكافي في الحديث ٥ من الباب ٥٦ من هذه الأبواب.

٨ - المحاسن: ٤٠٦ / ١١٧.

٩ - المحاسن: ٤٠٧ / ١٢١.

يأتي ما يدل علي ذلك في الباب ٩٣ وفي الحديث ١٢ من الباب ١١٢ من هذه الأبواب، وفي الحديث ٤٣ من الباب ١٠ من أبواب الأطعمة المباحة.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449