سيدة النساء فاطمة الزهراء (ع)

سيدة النساء فاطمة الزهراء (ع)0%

سيدة النساء فاطمة الزهراء (ع) مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
تصنيف: السيدة الزهراء سلام الله عليها
ISBN: 964-319-218-0
الصفحات: 245

سيدة النساء فاطمة الزهراء (ع)

مؤلف: علي موسى الكعبي
الناشر: مركز الرسالة
تصنيف:

ISBN: 964-319-218-0
الصفحات: 245
المشاهدات: 54919
تحميل: 8461

توضيحات:

سيدة النساء فاطمة الزهراء (ع)
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 245 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 54919 / تحميل: 8461
الحجم الحجم الحجم
سيدة النساء فاطمة الزهراء (ع)

سيدة النساء فاطمة الزهراء (ع)

مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
ISBN: 964-319-218-0
العربية

الرِّعة(١) إلى كلِّ قالة؟! ومع كلّ قالة أُمنية ، أين كانت هذه الأماني في عهد نبيكم؟! ألا من سمع فليقل ، ومن شهد فليتكلم ، إنّما هو ثُعالة شهيده ذنبه ، مربّ لكلِّ فتنةٍ ، هو الذي يقول : كرّوهاً جذعةً بعدما هرمت ، يستعينون بالضعفة ، ويستنصرون بالنساء ، كأُمّ طِحال(٢) أحبّ أهلها إليها البغيّ!!!

ألا إني لو أشاء أن أقول لقلت ، ولو قلت لبحت ، وإنّي ساكت ما تُركِت.

ثم التفت إلى الأنصار فقال : قد بلغني يا معشر الأنصار مقالة سفهائكم ، فو الله إنّ أحقّ الناس بلزوم عهد رسول الله أنتم ، فقد جاءكم فآويتم ونصرتم ، وأنتم اليوم أحقُّ من لزم عهده ، ومع ذلك فاغدوا على أُعطياتكم ، فإنّي لست كاشفاً قناعاً ، ولا باسطاً ذراعاً ولا لساناً إلاّ على من استحقّ ذلك والسلام؛ ثم نزل فانصرفت فاطمةعليها‌السلام إلى منزلها(٣) .

قال ابن أبي الحديد : قرأت هذا الكلام على النقيب أبي يحيى جعفر ابن يحيى بن أبي زيد البصري ، وقلت له : بمن يعرّض؟ فقال : بل يصرّح. قلت : لو صرّح لم أسألك ، فضحك وقال : بعلي بن أبي طالبعليه‌السلام . قلت : هذا الكلام كلّه لعليّ يقوله! قال : نعم ، إنّه الملك يا بني. قلت : فما مقالة الأنصار؟ قال : هتفوا بذكر عليعليه‌السلام فخاف من اضطراب الأمر عليهم فنهاهم(٤) .

ثانياً : خطبة الزهراءعليها‌السلام بنساء المهاجرين والأنصار :

تظافرت الروايات عن الإمام علي بن الحسين زين العابدينعليه‌السلام وعبدالله

__________________

١) الرعة : الاستماع والإصغاء.

٢) أم طحال : أمرأة بغي في الجاهلية ، يقال في المثل : أزنى من أم طِحال.

٣) دلائل الإمامة : ١٢٣. وشرح ابن أبي الحديد ١٦ : ٢١٥.

٤) شرح ابن أبي الحديد ١٦ : ٢١٥.

٢٢١

ابن عباس ، وسويد بن غفلة ، وعبدالله بن الحسن عن أُمّه فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام قالوا : لمّا مرضت فاطمة الزهراءعليها‌السلام المرضة التي توفيت فيها ، واشتدّت علّتها ، اجتمعت إليها نساء المهاجرين والأنصار ليعدنها ، فسلّمن عليها ، وقلن : كيف أصبحت من علتك يا بنت رسول الله؟ فحمدت الله تعالى وصلّت على أبيها المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم قالت : « أصبحت والله عائفة لدنياكنّ ، قالية لرجالكنّ ، لفظتهم بعد أن عجمتهم(١) ، وشنأتهم بعد أن سبرتهم(٢) ، فقبحاً لفلول الحدّ ، واللعب بعد الجدّ ، وقرع الصفاة ، وصدع القناة ، وخطل الآراء ، وزلل الأهواء ، و( لبئسما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ) (٣) لا جرم والله ، لقد قلّدتهم ربقتها ، وحمّلتهم أوقتها(٤) ، وشننت عليهم غارتها ، فجدعاً وعقراً وبعداً للقوم الظالمين.

ويحهم أنّى زحزحوها عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوة والدلالة ، ومهبط الروح الأمين ، والطَّبين(٥) بأمور الدنيا والدين؟!( ألا ذلك هو الخسران المبين ) (٦) .

وما الذي نقموا من أبي الحسن؟! نقموا منه والله نكير سيفه ، وقلّة مبالاته بحتفه ، وشدّة وطأته ، ونكال وقعته ، وتنمّره في ذات الله عزَّ وجل.

__________________

١) اختبرتهم وابتليتهم.

٢) اختبرتهم وامتحنتهم.

٣) سورة المائدة : ٥ / ٨٠.

٤) ثقلها.

٥) الفطن الحاذق.

٦) سورة الزمر : ٣٩ / ١٥.

٢٢٢

وتالله لو تكافّوا عن زمامٍ نبذه إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لاعتقله(١) ثمّ لسار بهم سيراً سُجحاً(٢) ، لا يُكلم خشاشه ، ولا يكلّ سائره ، ولا يملّ راكبه ، ولاَوردهم منهلاً نميراً صافياً رويّاً فضفاضاً ، تطفح ضفتاه ، ولا يترنّق(٣) جانباه ، ولاَصدرهم بطاناً ، ونصح لهم سراً وإعلاناً ، ولم يكن يتحلّى من الغنى بطائل(٤) ، ولا يحظى من الدنيا بنائل ، غير ريّ الناهل ، وشبعة الكافل ، ولبان لهم الزاهد من الراغب ، والصادق من الكاذب( ولو أنّ أهل القرى آمنوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون والذين ظلموا ) من هؤلاء( سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين ) (٥) .

ألا هلم فاستمع ، وما عشت أراك الدهر عجباً ، وإن تعجب فعجب قولهم. ليت شعري إلى أيّ لَجأ لجأوا ، وإلى أيّ سناد استندوا ، وعلى أي عماد اعتمدوا ، وبأيّ عروة تمسكوا ، وعلى أيّ ذريّة قدّموا واحتنكوا(٦) !( لبئس المولى ولبئس العشير ) (٧) وبئس للظالمين بدلاً.

استبدلوا والله الذنابى بالقوادم ، والعجز بالكاهل ، فرغماً لمعاطس قومٍ

__________________

١) أمسكة.

٢) سهلاً ليناً.

٣) لا يتكدر.

٤) لم يستفد منه كثير فائدة.

٥) سورة الزمر : ٣٩ / ٥١.

٦) استولوا.

٧) سورة الحج : ٢٢ / ١٣.

٢٢٣

( يحسبون أنّهم يحسنون صنعاً ) (١) ،( ألا إنّهم هم المفسدون ولكن لايشعرون ) (٢) ويحهم ( أفمن يهدي إلى الحق أحقُّ أن يتّبع أم من لايَهدِّي إلاّ أن يهدى فمالكم كيف تحكمون ) (٣) ؟!.

أما لعمري لقد لقحت فنظرة ريثما تنتج ، ثمّ احتلبوا ملء القَعب دماً عبيطاً ، وذعافاً مبيداً ، هنالك يخسر المبطلون ، ويعرف التالون غبّ ما أسس الأولون ، ثم طيبوا عن دنياكم نفساً ، واطمئنّوا للفتنة جأشاً (٤) ، وابشروا بسيف صارم ، وسطوة معتدٍ غاشم ، وبهرج دائمٍ شاملٍ ، واستبدادٍ من الظالمين ، يدع فيأكم زهيداً ، وجمعكم حصيداً. فيا حسرتى لكم ، وأنّى بكم وقد عميت عليكم؟! ( أنلزمكموها وأنتم لها كارهون ) (٥) ».

قال سويد بن غفلة : فأعادت النساء قولها على رجالهنّ ، فجاء إليها قوم من المهاجرين والأنصار معتذرين ، وقالوا : يا سيدة النساء ، لو كان أبو الحسن ذكر لنا هذا الأمر من قبل أن يُبرَم العهد ويُحكَم العقد ، لما عدلنا إلى غيره.

فقالتعليها‌السلام : «إليكم عنّي ، فلا عذر بعد تعذيركم ، ولا أمر بعد تقصيركم »(٦) .

__________________

١) سورة الكهف : ١٨ / ١٠٤.

٢) سورة البقرة : ٢ / ١٢.

٣) سورة يونس : ١٠ / ٣٥.

٤) مروّعة للقلب والنفس.

٥) سورة هود : ١١ / ٢٨.

٦) روى هذه الخطبة ابن أبي طيفور في بلاغات النساء : ١٩. والشيخ الصدوق في معاني الأخبار : ٣٥٤ / ١. والشيخ الطوسي في أماليه : ٣٧٤ / ٨٠٤. والطبري في الدلائل : ١٢٥ / ٣٧. والاربلي في كشف الغمة ١ : ٤٩٢. والطبرسي في الاحتجاج ١ : ١٠٨. وابن أبي الحديد في شرح النهج ١٦ : ٢٣٣. والعلامة المجلسي في البحار ٤٣ : ١٥٨ ـ ١٥٩.

٢٢٤

المبحث الثالث : وفاتهاعليها‌السلام ومدّة بقائها بعد أبيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله :

لمّا قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ونال الزهراءعليها‌السلام ما نالها من القوم ، لزمت الفراش ، ونحل جسمها ومرضت مرضاً شديداً(١) ومكثت أربعين ليلة في مرضها إلى أن توفيت (صلوات الله عليها)(٢) وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام يمرضها بنفسه ، وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس(٣) .

فلمّا نعيت إليها نفسها ، أوصت أمير المؤمنينعليه‌السلام أن يتزوج بابنة أُختها أُمامة بنت زينب بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لحبّها لاَولادها ، وأن يتخذ لها نعشاً وصفته له ، وأن لا يدع أحداً يشهد جنازتها ممن ظلمها ، ولا يصلي عليها أحد منهم ، وأن يتولى أمرها بنفسه ، ويدفنها في الليل إذا هدأت العيون ونامت الأبصار(٤) .

وروي أنّ أسماء بنت عميس هي التي وصفت صورة النعش لفاطمةعليها‌السلام

__________________

١) راجع الرويات في هذا المعنى في الاحتجاج / الطبري : ٨٣ ودلائل الإمامة / الطبراني : ١٣٤. وكتاب سليم : ٤٠. ودعائم الإسلام ١ : ٢٣٢. ووصفتعليها‌السلام بالشهيدة في كثير من الروايات والزيارات. راجع الكافي ١ : ٤٥٨ / ٢. والمزار / المفيد : ١٥٦. والمقنعة / المفيدة : ٤٥٩. وتهذيب الأحكام / الطوسي ٦ : ١٠ / ١٩. والبلد الأمين / الكفعمي : ١٧٨.

٢) روضة الواعظين / الفتال : ١٥١. والمناقب / ابن شهرآشوب ٣ : ٣٦٢. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٩١ / ٢٠.

٣) أمالي المفيد : ٢٨١ / ٧. وأمالي الطوسي : ١٠٩ / ١٦٦. وبحار الأنوار ٤٣ : ٢١١ / ٤٠. وقيل : أن أسماء التي حضرت زواج الزهراءعليها‌السلام ووفاتها ، هي غير أسماء بنت عميس ، فلعلها مصحفة عن سلمى امرأة أبي رافع ، أو سلمى بنت عميس امرأة حمزة (رضي الله عنه ) ، أو أسماء بنت يزيد بن السكن.

٤) روضة الواعظين / الفتال : ١٥١. والمناقب / ابن شهرآشوب ٣ : ٣٦٢. وأمالي المفيد : ٢٨١ / ٧. وأمالي الطوسي : ١٠٩ / ١٦٦. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٨١ و ١٩٢ و ٢١١ / ٤٠.

٢٢٥

قبل وفاتها ، فقد روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنه قال : «أول نعش أُحدث في الإسلام نعش فاطمة عليها‌السلام ، إنّها اشتكت شكوتها التي قبضت فيها ، وقالت لاَسماء : إنّي نحلت وذهب لحمي ، ألا تجعلي لي شيئاً يسترني؟ قالت أسماء : إنّي كنت بأرض الحبشة ، فرأيتهم يصنعون شيئاً ، أفلا أصنع لك ، فإن أعجبك صنعت لك؟ قالت : نعم. فدعت بسرير فأكبّته لوجهه ، ثمّ دعت بجرائد فشددتها على قوائمه ، ثم جلّلته ثوباً ، فقالت : هكذا رأيتهم يصنعون. فقالت عليها‌السلام : اصنعي لي مثله ، استريني سترك الله من النار »(١) .

قال ابن عباس رضي الله عنه : فقبضت فاطمةعليها‌السلام فارتجّت المدينة بالبكاء من ، الرجال والنساء ، ودهش الناس كيوم قبض فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) واجتمعت نساء بني هاشم في دارها ، فصرخن صرخة واحدة ، كادت المدينة تتزعزع من صراخهن ، وهن يقلن : يا سيدتاه ، يا بنت رسول الله ، وأقبل الناس إلى عليعليه‌السلام مثل عرف الفرس وهو جالس ، والحسن والحسينعليهم‌السلام بين يديه يبكيان ، فبكى الناس لبكائهما.

وخرجت أُمّ كلثومعليها‌السلام وعليها برقعها تجرّ ذيلها ، متجلّلة برداء عليها تسحبه ، وهي تقول : يا أبتاه ، يا رسول الله ، الآن حقاً فقدناك فقداً لا لقاء بعده أبداً(٣) .

__________________

١) تهذيب الأحكام / الطوسي ١ : ٤٦٩ / ١٨٥. وبحار الأنوار ٤٣ : ٢١٣ / ٤٣. وراجع أيضاً كشف الغمة / الاربلي ١ : ٥٠٣ ـ ٥٠٤. ومستدرك الحاكم ٣ : ١٦٢. وحلية الأولياء / أبو نعيم ٢ : ٤٣. والاستيعاب / ابن عبد البرّ ٤ : ٣٧٨. ومقتل الحسينعليه‌السلام / الخوارزمي ١ : ٨٢. وفاء الوفا / السمهودي ٣ : ٩٠٣ ـ ٩٠٥. وذخائر العقبى / المحب الطبري : ٥٤.

٢) كتاب سليم : ٢١٣. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٩٩.

٣) روضة الواعظين / الفتال : ١٥١ ـ ١٥٢. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٩٢.

٢٢٦

وروي أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام وقع على وجهه وهو يقول : «بمن العزاء يا بنت محمد ، كنت بك أتعزّى ، ففيم العزاء من بعدك؟ »(١) .

واجتمع الناس وهم يرجون أن تخرج جنازة الزهراءعليها‌السلام فيصلّوا عليها ، فخرج أبو ذر رضي الله عنه وقال : انصرفوا ، فإنّ ابنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد أُخّر إخراجها في هذه العشية ، فقام الناس وانصرفوا(٢) .

غُسلهاعليها‌السلام :

لمّا توفيت فاطمةعليها‌السلام قام أمير المؤمنينعليه‌السلام بجميع ما أوصته ، فتولى غسلها بنفسه(٣) ، وكفّنها في سبعة أثواب(٤) . وقيل : أعانته على غسلها أسماء بنت عميس بوصية من الزهراءعليها‌السلام (٥) ، وروي أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام أمر الحسن والحسينعليهما‌السلام يدخلان الماء(٦) ، وكانت أسماء تصبّ عليه(٧) .

__________________

١) كشف الغمة ١ : ٥٠١. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٨٧.

٢) روضة الواعظين / الفتال : ١٥٢. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٩٢.

٣) راجع : الكافي / الكليني ١ : ٤٥٩ / ٤. وعلل الشرائع / الصدوق : ١٨٤ / ١ ـ باب (١٤٨ ). وكشف الغمة / الاربلي ١ : ٥٠٢. وتهذيب الأحكام / الطوسي ١ : ٤٤٠ / ٦٧. ودلائل الإمامة / الطبري : ١٣٦. وتاج المواليد / الطبرسي : ٩٨ ـ ضمن مجموعة نفيسة. والاستيعاب / ابن عبدالبر ٤ : ٣٧٩. وتاريخ المدينة / ابن شبة ١ ١٠٩. وفاء الوفا / السمهودي ٣ : ٩٠٣. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٨٤ و ١٨٨ و ٢٠٦ / ٣٢ و٣٣ ، ٨١ : ٢٩٩ / ١٨.

٤) بحار الأنوار ٤٣ : ٢٠١ / ٣٠ ، ٨١ : ٣٣٥ / ٣٦.

٥) الذرية الطاهرة / الدولابي : ١٥٢ / ٢٠٢. والسنن الكبرى / البيهقي ٣ : ٣٩٦. والمناقب / ابن شهرآشوب ٣ : ٣٦٤. وكشف الغمة / الاربلي ١ : ٥٠٠. والاستيعاب / ابن عبدالبر ٤ : ٣٧٩. والإصابة / ابن حجر ٤ : ٣٧٨. وذخائر العقبى / المحب الطبري : ٥٣. وفاء الوفا / السمهودي ٣ : ٩٠٣. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٨٤ و ١٩٥ و ١٨٩ ، ٨١ : ٣٠٠ / ١٨.

٦) كشف الغمة / الاربلي ١ : ٥٠٠. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٨٦ ، ٨١ : ٣٠٠ / ١٨.

٧) تذكرة الخواص / سبط ابن الجوزي : ٣١٩.

٢٢٧

ولم يحضرها إلاّ الحسن ، والحسين ، وزينب ، وأُمّ كلثوم ، وفضة جاريتها ، وأسماء بنت عميس(١) .

وعن أُمّ سلمة ، وسلمى امرأة أبي رافع ، وعبدالله بن محمد بن عقيل ، قالوا : إنّ الزهراءعليها‌السلام اغتسلت قبل مماتها كأحسن ما كانت تغتسل ، وتحنّطت ولبست ثيابها الجدد ، واستقبلت القبلة ، وقالت : «إنّي مقبوضة فلا أكشفن ، فاني قد اغتسلت » فتوفّيتعليها‌السلام وحملها عليعليه‌السلام بغُسلها(٢) .

وهذا الخبر معارض بما تقدّم من وصيتها بالغُسل ، وأنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام تولّى غسلها ، كما أنّ الحكم على خلافه ، إذ لا يجوز الدفن إلاّ بعد الغسل سوى في مواضع ليس هذا منها.

وأوّل العلاّمة المجلسيرحمه‌الله هذا الخبر بكونهاعليها‌السلام لم تنه عن الغسل ، بل نهت عن كشف بدنها لغرض التنظيف(٣) ، فجمع بين الخبرين ، مستدلاً برواية ورقة بن عبدالله الأزدي ، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال : «والله لقد أخذت في أمرها ، وغسلتها في قميصها ، ولم أكشفه عنها ، فوالله لقد كانت ميمونة

__________________

١) دلائل الإمامة / الطبري : ١٣٦. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٧١.

٢) الأمالي / الطوسي : ٤٠٠ / ٨٩٣. وفاء الوفا / السمهودي ٣ : ٩٠٢ ـ ٩٠٣. وتاريخ المدينة / ابن شبة ١ : ١٠٨. ومسند أحمد ٦ : ٤٦١ ـ ٤٦٢. ومقتل الحسينعليه‌السلام / الخوارزمي ١ : ٨١. والطبقات الكبرى / ابن سعد ٨ : ٢٧. وأُسد الغابة ٥ : ٥٩٠. وذخائر العقبى : ٥٣. ومجمع الزوائد ٩ : ٢١٠ ـ ٢١١. والثغور الباسمة / السيوطي : ٤٩. وكشف الغمة ١ : ٥٠١ ـ ٥٠٢. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٧٢ / ١٢ و ١٨٣ و ١٨٧.

٣) بحار الأنوار ٤٣ : ١٧٢ و ١٨٨.

٢٢٨

طاهرة مطهّرة ».

وقال سبط ابن الجوزي : قد تكون مخصوصة بذلك(٢) ، وبنحوه قال علي ابن عيسى الاربلي(٣) .

وقال السيوطي : هذا حديث غريب ، وإسناده جيد فإن صحّت هذه القصة ، عُدّ ذلك في خصائصها(٤) .

الصلاة عليهاعليها‌السلام :

تولّى أمير المؤمنينعليه‌السلام الصلاة على فاطمةعليها‌السلام وكبر خمساً(٥) ، وكان معه الحسن والحسينعليهما‌السلام (٦) ونفر من بني هاشم ومن خواصهعليه‌السلام ، منهم العباس عمه ، وعقيل ، والفضل بن العباس ، وأبو ذر ، وسلمان ، والمقداد ، وحذيفة ، وعبدالله بن مسعود ، وعمّار ، والزبير ، وبريدة(٧) .

وقد وضع البعض رواية شاذة نادرة ، مفادها أن أبا بكر صلّى على فاطمةعليها‌السلام وكبّر أربعاً(٨) . والهدف من وضع هذه الرواية واضح ، هو الدلالة

__________________

١) بحار الأنوار ٤٣ : ١٧٩.

٢) تذكرة الخواص / سبط ابن الجوزي : ٣١٩.

٣) كشف الغمة ١ : ٥٠٢. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٨٨.

٤) الثغور الباسمة / السيوطي : ٥٠.

٥) كشف الغمة ١ : ٥٠٢. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٨٨ ، ٨١ : ٣٩٠ / ٥٥.

٦) دلائل الإمامة / الطبري : ١٣٦. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٧١ / ١١.

٧) روضة الواعظين / الفتال : ١٥٢. ورجال الكشي : ٧ / ١٣. والخصال / الصدوق : ٣٦٠ / ٥٠. والاختصاص / المفيد : ٥. والمناقب / ابن شهرآشوب ٣ : ٣٦٣. وتاج المواليد / الطبرسي : ٩٨ ـ ٩٩. وبحار الأنوار ٤٣ : ٢١٠ / ٣٩.

٨) الطبقات الكبرى / ابن سعد ٨ : ٢٩.

٢٢٩

على أن فاطمةعليها‌السلام ماتت وهي راضية عن الشيخين ، لكنها معارضة لما روي في الصحيح من أن الزهراءعليها‌السلام ماتت وهي ساخطة عليهما وأوصت أن لا يحضرا جنازتها ، ولا يصليا عليها ، ولمّا ماتت دفنها زوجها عليعليه‌السلام ليلاً ، ولم يؤذن بها أبا بكر ، وصلّى عليها عليعليه‌السلام (١) ، وقد ردّ كثير من الأعلام هذه الرواية وكذّبوها(٢) .

قال سلامة الموصلي :

لمّـا قضت فاطم الزهراء غسّلها

عـن أمـرها بعلها الهادي وسبطاها

وقـام حتى أتى بطن البقيع بهـا

ليــلاً فصلّـى عليها ثـمّ واراهـا

ولم يصـلِّ عليها منهـمُ أحـدٌ

حاشا لها من صلاة القوم حاشاها(٣)

دفنها :

لمّا جنّ الليل ومضى شطره ونامت العيون ، أخرجها أمير المؤمنين

__________________

١) راجع : صحيح البخاري ٥ : ٢٨٨ / ٢٥٦ ـ كتاب المغازي. وصحيح مسلم ٣ : ١٣٨٠ / ١٧٥٩ ـ كتاب الجهاد والسير. وسنن أبي داود ٣ : ١٤٢ / ٢٩٦٨ ـ باب صفايا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . والمستدرك / الحاكم ٣ : ١٦٢. وتاريخ المدينة / ابن شبة ١ : ١١٠. والسيرة الحلبية ٣ : ٣٦١ ـ ٣٦٢. والكافي / الكليني ١ : ٤٥٨. وعلل الشرائع / الصدوق : ١٨٥ و١٨٨ و١٨٩ ، ومضت في المبحث الأول المزيد من تخريجاته.

٢) راجع : شرح ابن أبي الحديد ١٦ : ٢٧٩ ـ ٢٨٠. والشافي / المرتضى ٤ : ١١٣.

٣) المناقب / ابن شهرآشوب ٣ : ٣٦٣.

٢٣٠

والحسن والحسينعليهم‌السلام ومعهم نفر من بني هاشم وبعض من خواصّ أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ودفنوها في جوف الليل ، وغيّبوا قبرها ، وسوّى عليعليه‌السلام حواليها قبوراً مزورة مقدار سبعة حتى لا يعرف قبرها ، وسوّى قبرها مع الأرض ليخفى موضعه(١) ، وروي أنّهعليه‌السلام رشّ أربعين قبراً حتى لا يبين قبرها من غيره من القبور فيصلّوا عليها(٢) .

وسُئل ابن عباس : متى دفنتم فاطمةعليها‌السلام ؟ فقال : دفناها بليلٍ بعد هدأة. قيل : فمن صلّى عليها؟ قال : عليعليه‌السلام (٣) .

قال الشيخ كاظم الاُزريرحمه‌الله : :

ولاَيّ الاُمـور تـدفـن سـراً

بضعة المصطفى ويعفى ثـراها

فمضت وهي أعظم الناس وجدا

في فـم الدهر غصّة من جواها

وثوت لا يرى لها الناس مثوى

أيّ قـدس يضمّـه مثـواها(٤)

وعن الأصبغ بن نباته ، أنه سأل أمير المؤمنينعليه‌السلام عن علّة دفنه لفاطمة

__________________

١) روضة الواعظين / الفتال : ١٥٢. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٩٣.

٢) المناقب / ابن شهرآشوب ٣ : ٣٦٣. والشافي / المرتضى ٤ : ١١٥. وتلخيص الشافي ٣ : ١٣٠. ودلائل الإمامة / الطبري : ١٣٦. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٨٣.

٣) الشافي / المرتضى ٤ : ١١٣. وتلخيص الشافي / الطوسي ٣ : ١٣٠. وشرح ابن أبي الحديد ١٦ : ٢٧٩ ـ ٢٨٠. والطبقات الكبرى / ابن سعد ٨ : ٣٠.

٤) الاُزرية : ١٤١ ـ دار الأضواء.

٢٣١

بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليلاً. فقالعليه‌السلام : «إنّها كانت ساخطة على قومٍ كرهت حضورهم جنازتها »(١) .

وعن علي بن أبي حمزة ، قال : سألت أبا عبداللهعليه‌السلام لاَيّ علّة دُفِنت فاطمة بالليل ، ولم تدفن بالنهار؟ فقالعليه‌السلام : «لاَنّها أوصت أن لا يصلي عليها رجال »(٢) .

وهكذا يغيّب قبر أحبّ الناس إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأعزّهم عليه في مجتمع لم يبل فيه قميص رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فحُرِمت الاُمّة من قدس الزهراءعليها‌السلام وثواب زيارة بقعتها حتى قيام الساعة.

لقد عبّرت الزهراءعليها‌السلام في وصيتها بتغييب قبرها عن مظلوميتها واغتصاب حقوقها ، فجعلت ذلك موضع تساؤل عبر الأجيال يحكي قصة ظلامة الزهراءعليها‌السلام وهضم حقوقها والاعتداء عليها ، وقد بانت آثار ذلك منذ صبيحة الليلة التي دفنت فيها.

روى محمد بن همام باسناده عن رجاله ، قال : إنّ المسلمين لما علموا وفاة فاطمةعليها‌السلام جاءوا إلى البقيع ، فوجدوا فيه أربعين قبراً ، فأشكل عليهم قبرها من سائر القبور ، فضجّ الناس ، ولام بعضهم بعضاً ، وقالوا : لم يخلف نبيكم إلاّ بنتاً واحدة ، تموت وتدفن ولم تحضروا وفاتها ولا دفنها ولا الصلاة عليها ، ولا تعرفوا قبرها؟!(٣) .

__________________

١) الأمالي / الصدوق : ٧٥٥ / ١٠١٨. والمناقب / ابن شهرآشوب ٣ : ٣٦٣. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٨٣. و٢٠٩ / ٣٧.

٢) علل الشرائع / الصدوق ١ : ١٨٥ باب (١٤٩).

٣) دلائل الإمامة : ١٣٦. وبحار الأنوار ٤٣ : ٢١٢ / ٤١.

٢٣٢

ندبة عليعليه‌السلام عند دفن الزهراءعليها‌السلام :

وعبّر أمير المؤمنينعليه‌السلام عن تلك المظلومية حينما فرغ من دفن الزهراءعليها‌السلام ، حيث هاج به الحزن ، فأرسل دموعه على خديه ، وحوّل وجهه إلى قبر أخيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : «السلام عليك يا رسول الله ، عنّي وعن ابنتك النازلة في جوارك ، والبائنة في الثرى ببقعتك ، والمختار الله لها سرعة اللحاق بك.

إلى أن قال :وإلى الله أشكو ، وستنبئك ابنتك بتضافر أُمتك على هضمها ، فأحفها السؤال ، واستخبرها الحال ، فكم من غليلٍ معتلجٍ بصدرها لم تجد إلى بثّه سبيلاً ، وستقول ويحكم الله وهو خير الحاكمين.

إلى أن قال :واهاً واهاً! والصبر أيمن وأجمل ، ولولا غلبة المستولين لجعلت المقام واللبث عندك لزاماً معكوفاً ، ولاَعولت إعوال الثكلى على جليل الرزية ، فبعين الله تُدفَن ابنتك سرّاً ، ويُهضَم حقّها قهراً ، ويُمنَع إرثها جهراً ، ولم يطل العهد ، ولم يخلق منك الذكر ، فإلى الله يا رسول الله المشتكى ، وفيك يا رسول الله أجمل العزاء ، صلّى الله عليك و عليها‌السلام والرضوان (١) .

وقامعليه‌السلام على شفير القبر فقال :

لكلِّ اجتماعٍ من خليلين فرقة

وكلّ الذي دون الفراق قليلُ

__________________

١) أمالي المفيد : ٢٨١ / ٧. وأمالي الطوسي : ١٠٩ / ١٦٦. والكافي / الكليني ١ : ٤٥٨ / ٣. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٩٣ / ٢١ و ٢١٠ / ٤٠. وراجع : نهج البلاغة / صبحي الصالح : ٣١٩ الخطبة ٢٠٢. وشرح ابن أبي الحديد ١٠ : ٢٦٥ / ١٩٥. وتذكرة الخواص / سبط ابن الجوزي : ٣١٩ ـ ٣٢٠. وكشف الغمة / الاربلي ١ : ٥٠٤ ـ ٥٠٥.

٢٣٣

وإنّ افتقادي فاطماً بعد أحمدٍ

دليلٌ على أن لا يدوم خليلُ(١)

ثم قالعليه‌السلام :اللهمَّ إني راضٍ عن ابنة نبيك ، اللهمَّ إنّها قد أُوحشت فآنسها ، اللهمَّ إنّها قد هُجرت فصِلها ، اللهمَّ إنّها قد ظُلمت فاحكم لها ، وأنت خير الحاكمين »(٢) .

موضع قبرهاعليها‌السلام :

قال الشيخ الصدوقرحمه‌الله : اختلفت الروايات في موضع قبر فاطمة سيدة نساء العالمينعليها‌السلام ، فمنهم من روى أنّها دفنت في البقيع ، ومنهم من روى أنّها دفنت بين القبر والمنبر ، وأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّما قال : «ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة » لاَنّ قبرهاعليها‌السلام بين القبر والمنبر ، ومنهم من روى أنّها دفنت في بيتها ، فلمّا زادت بنو أُمية في المسجد ، صارت في المسجد ، وهذا هو الصحيح عندي(٣) .

ومستند الشيخ الصدوقرحمه‌الله في تصحيحه ما رواه عن أبيه بالاسناد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال : سألت أبا الحسن علي بن موسى

__________________

١) الكامل / المبرد ٤ : ٣٠. وشرح ابن أبي الحديد ١٠ : ٢٨٨. والموفقيات / ابن بكار : ١٩٤ / ١٠٦. ومروج الذهب / المسعودي ٢ : ٢٩١. ومستدرك الحاكم ٣ : ١٦٣. وتذكرة الخواص / سبط ابن الجوزي : ٣١٩.

٢) الخصال / الصدوق : ٥٨٨.

٣) الفقيه / الصدوق ٢ : ٣٤١ / ١٥٧٣ ـ ١٥٧٥. وراجع الأقوال في هذه المسألة في روضة الواعظين / الفتال : ١٥٢. وإعلام الورى / الطبرسي ١ : ٣٠١. والمناقب / ابن شهرآشوب ٣ : ٣٥٧. وكشف الغمة ١ : ٥٠١. ومعاني الأخبار / الصدوق : ٢٦٧ ـ ٢٦٨. وتاريخ المدينة / ابن شبّة ١ : ١٠٨. وفاء الوفا / السمهودي ٣ : ٩٠٧ و ٩١٨. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٨٧.

٢٣٤

الرضاعليه‌السلام عن قبر فاطمة صلوات الله عليها ، فقال : «دفنت في بيتها ، فلمّا زادت بنو أُمية في المسجد صارت في المسجد »(١) وروي نحو ذلك عن الإمام الصادقعليه‌السلام (٢) .

وذكر الشيخ الطوسيرحمه‌الله والعلاّمة الطبرسي الأقوال الثلاثة التي ذكرها الشيخ الصدوقرحمه‌الله واستبعدا الأول منها ، واستصوبا القولين الأخيرين.

قال الشيخ الطوسيرحمه‌الله : الأصوب أنها مدفونة في دارها ، أو في الروضة(٣) ، وهاتان الروايتان كالمتقاربتين ، والأفضل عندي أن يزور الإنسان من الموضعين جميعاً ، فإنّه لا يضرّه ذلك ، ويحوز به أجراً عظيماً ، وأمّا من قال إنّها دفنت بالبقيع ، فبعيد عن الصواب(٤) .

وقال العلاّمة الطبرسيرحمه‌الله : القول الأول بعيد ـ أي كونهاعليها‌السلام مدفونة بالبقيع ـ والقولان الآخران أشبه وأقرب إلى الصواب ، فمن استعمل الاحتياط في زيارتها ، زارها في المواضع الثلاثة(٥) .

ورجّح السيد ابن طاووس كونهاعليها‌السلام مدفونة في بيتها(٦) ، وكذلك عبدالعزيز بن عمران ، وقال : إنها دفنت في بيتها ، وصنع بها ما صنع برسول

__________________

١) معاني الأخبار : ٢٦٨. والفقيه / الصدوق ١ : ١٤٨ / ٦٨٤. والكافي / الكليني ١ : ٤٦١ / ٩. وقرب الاسناد / الحميري : ٣٦٧ / ١٣١٤. وتهذيب الأحكام / الطوسي ٣ : ٢٥٥ / ٢٥. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٨٥ / ١٧.

٢) تاريخ المدينة / ابن شبة ١ : ١٠٧ ـ ١٠٨. وفاء الوفا / السمهودي ٣ : ٩٠٢.

٣) المناقب / ابن شهرآشوب ٣ : ٣٦٥. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٨٥ / ١٧.

٤) تهذيب الأحكام / الطوسي ٦ : ٩ / ١٧.

٥) إعلام الورى / الطبرسي ١ : ٣٠١. وتاج المواليد / الطبرسي : ٩٩ ـ ضمن مجموعة نفيسة.

٦) إقبال الأعمال / ابن طاووس : ٦٢٤.

٢٣٥

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إنّها دفنت في موضع فراشها ، واحتجّ على ذلك بكونها دفنت ليلاً ، ولم يعلم بها كثير من الناس(١) .

وقيل أيضاً : إنّهاعليها‌السلام دفنت بالمسجد المنسوب إليها في البقيع ، وهو المعروف ببيت الحزن ، أو بيت الأحزان ، الذي آوت إليه والتزمت الحزن فيه عند وفاة أبيها المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) ، والله العالم بحقيقة الحال.

قال الشاعر :

بأبـي التي ماتت ومـا

مـاتت مكارمهـا السنيهْ

بأبي التي دفنت وعفّي

قبـرها السـامي تقيهْ(٣)

وقال ديك الجنّ :

يا قبر فاطمة الذي مـا مثلـه

قبـرٌ بطيبـةَ طاب فيـه مبيتا

إذ فيك حلّت زهرة الدنيا التي

بحلى محاسـن وجههـا حلّيتا

فسقى ثراك الغيث ما بقيت به

نـور القبـور بطيبةٍ وبقيتا(٤)

تاريخ وفاتهاعليها‌السلام :

المشهور أن وفاتهاعليها‌السلام كانت في الثالث من جمادى الآخرة(٥) ، يوم

__________________

١) تاريخ المدينة / ابن شبة ١ : ١٠٨.

٢) وفاء الوفا / السمهودي ٣ : ٩٠٧ و ٩١٨.

٣) المجالس السنية / السيد الأمين ٥ : ٦٨.

٤) المناقب / ابن شهرآشوب ٣ : ٣٦٦.

٥) إقبال الأعمال / ابن طاووس : ٦٢٣. ومصباح المتهجد / الطوسي : ٧٩٣. ومصباح الكفعمي :

٢٣٦

الثلاثاء ، سنة إحدى عشرة من الهجرة ، وهو المروي عن الإمام الصادقعليه‌السلام (١) .

وفي رواية : لعشر بقين من جمادى الآخرة(٢) ، وقيل : لثلاث عشرة ليلة خلت من ربيع الآخر ليلة الأحد(٣) .

وعن ابن عياش : في الحادي والعشرين من رجب(٤) .

وقال المدائني والواقدي وابن عبدالبرّ : إنّها توفّيت ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من شهر رمضان(٥) .

مقدار عمرهاعليها‌السلام :

يختلف مقدار عمر الزهراءعليها‌السلام بحسب اختلاف الرواية في تاريخ ولادتهاعليها‌السلام ، وقد قدّمنا ذلك في الفصل الأول ، فعلى ما روي بأنّهاعليها‌السلام ولدت بعد المبعث بخمس سنين ، يكون عمرهاعليها‌السلام لمّا توفي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ثماني عشرة سنة ، وهو المشهور(٦) .

__________________

٥١١. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٩٩ / ٢٦ ، ٢١٥ / ٤٦ و ١٠٠ : ١٩٨ / ١٧.

١) دلائل الإمامة / الطبري : ٧٩ / ١٨. وبحار الأنوار ٤٣ : ٩ / ١٦ و ١٧٠ / ١١.

٢) دلائل الإمامة / الطبري : ١٣٦. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٧١.

٣) المناقب / ابن شهرآشوب ٣ : ٣٥٧. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٨٠ / ١٦.

٤) مصباح المتهجد : ٨١٢. وبحار الأنوار ٤٣ : ٢١٥ / ٤٧ و ١٠٠ / ١٢٠٢.

٥) تاريخ الطبري ٣ : ٢٤٠. ومستدرك الحاكم ٣ : ١٦٢. والطبقات الكبرى / ابن سعد ٨ : ٢٨. ومقتل الحسينعليه‌السلام / الخوارزمي ١ : ٨٣. وكشف الغمة / الاربلي ١ : ٥٠٣. والثغور الباسمة / السيوطي :

٤٨. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٨٩ ، ٢١٤.

٦) الكافي / الكليني ١ : ٤٥٨. وتذكرة الخواص / سبط ابن الجوزي : ٣٢١ عن الإمام الصادقعليه‌السلام .

٢٣٧

وعلى القول بأنهاعليها‌السلام ولدت قبل المبعث بخمس سنين ، يكون عمرهاعليها‌السلام عند وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ثماني وعشرين أو تسعاً وعشرين سنة ، وهو قول أكثر العامّة(١) ، وهناك أقوال اُخرى كثيرة مختلفة في تقدير عمر الزهراءعليها‌السلام يوم وفاتها ، سببها الاختلاف في تاريخ ولادتها ومدّة بقائها بعد أبيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقد قيل : إنّ عمرها الشريف يوم وفاتهاعليها‌السلام كان اثنتين وعشرين سنة ، وقيل : ثلاث وعشرون ، وأربع وعشرون ، وستّ وعشرون ، وسبع وعشرون ، وتسع وعشرون ، وثلاثون ، وثلاث وثلاثون ، وخمس وثلاثون(٢) .

مدة بقائهاعليها‌السلام بعد أبيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله :

اختلفت الروايات وتضاربت الأقوال في تحديد المدة التي مكثتها الزهراءعليها‌السلام فقيل أنّه كان : خمسة عشر يوماً ، أربعين يوماً ، خمسة وأربعين ، شهرين ، ستين يوماً ، سبعين ، اثنتين وسبعين ، خمسة وسبعين ، خمسة وثمانين ، ثلاثة أشهر ، تسعين يوماً ، خمسة وتسعين ، مائة يوم ، أربعة أشهر ، ستة أشهر ، ستة أشهر إلاّ ليلتين ، ثمانية أشهر ، فلم يقل أحد بأقل من خمسة

__________________

وعيون المعجزات : ٥٥. ودلائل الإمامة / الطبري : ١٣٦. وكشف الغمة / الاربلي ١ : ٤٤٩. والتتمة / تاج الدين العاملي : ٤١. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٧١ / ١١.

١) المعجم الكبير / الطبراني ٢٢ : ٣٩٩ / ٩٩٨. وتذكرة الخواص : ٣٢٠ ـ ٣٢١. وتاريخ الطبري ٣ : ٢٤٠. ومستدرك الحاكم ٣ : ١٦٢. وأُسد الغابة ٥ : ٥٢٤. والطبقات الكبرى / ابن سعد ٨ : ٢٨. والاستيعاب / ابن عبدالبر ٤ : ٣٨٠.

٢) راجع : مستدرك الحاكم ٣ : ١٦٣. والمعجم الكبير / الطبراني ٢٢ : ٣٩٩ / ٩٩٧. وتذكرة الخواص / سبط ابن الجوزي : ٣٢١. والاستيعاب / ابن عبدالبر ٤ : ٣٨٠. وأُسد الغابة ٥ : ٥٢٤. والثغور الباسمة / السيوطي : ٤٨. وكشف الغمة / الاربلي ١ : ٥٠٣. والتتمة / تاج الدين العاملي : ٤٢. وبحار الأنوار ٤٣ : ٢١٣ ـ ٢١٤.

٢٣٨

عشر يوماً ، ولا بأكثر من ثمانية أشهر(١) .

وتدلّ أكثر الروايات المنقولة عن أهل البيتعليهم‌السلام أنها مكثت بعد أبيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله خمسة وسبعين يوماً(٢) ، وعلى المشهور عند الإمامية من أنّ وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كانت في الثامن والعشرين من صفر ، تكون وفاتهاعليها‌السلام في نحو الثالث عشر من جمادى الاُولى ، لا في الثالث من جمادى الآخرة وكما هو المشهور في وفاتهاعليها‌السلام ، وعلى المشهور عند العامّة من أن وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في الثاني عشر من ربيع الأول ، تكون وفاتها في أواخر جمادى الاُولى.

والذي يقتضيه الجمع بين ماهو مشهور من وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في الثامن والعشرين من صفر ، ووفاتهاعليها‌السلام في الثالث من جمادى الآخرة ، هو ما روي عن الإمامين الباقر والصادقعليهما‌السلام من أن فاطمةعليها‌السلام بقيت بعد وفاة أبيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله خمسة وتسعين يوماً(٣) ، فيرتفع بذلك التنافي.

ورجّح ذلك أبو الفرج الأصفهاني حيث قال : كانت وفاة فاطمةعليها‌السلام بعد

__________________

١) راجع : المعارف / ابن قتيبة : ٦٢. والمعجم الكبير / الطبراني ٢٢ : ٣٩٨ ـ ٣٩٩. ومستدرك الحاكم ٣ : ١٦٢ ـ ١٦٣. ودلائل النبوة / البيهقي ٦ : ٣٦٥. وشرح ابن أبي الحديد ١٦ : ٢١٤. والإصابة / ابن حجر ٤ : ٣٧٩. والذرية الطاهرة / الدولابي : ١٥١ / ١٩٥. والثغور الباسمة / السيوطي : ٤٨. ومقاتل الطالبيين / أبو الفرج : ٣١. المناقب / ابن شهرآشوب ٣ : ٣٥٧. وكشف الغمة ١ : ٤٤٩ و٥٠٢ و٥٠٣. وإعلام الورى / الطبرسي ١ : ٣٠٠. والتتمة / تاج الدين العاملي : ٤١ ـ ٤٢. وبحار الأنوار ٤٣ : ٧ ـ ٩ و١٨٠ / ١٦ و١٨٨ / ١٩ و ٢٠٠ / ٣٠ و ٢١٢ / ٤١ و ٢١٣ / ٤٤ و ٢١٥ / ٤٥ و٢١٧ / ٤٩.

٢) الكافي / الكليني ١ : ٢٤١ / ٥ و ٤٥٨ / ١ ، ٤ : ٥٦١ / ٤. وكشف الغمة / الاربلي ١ : ٤٤٩. والتتمة / تاج الدين العاملي : ٤١. وبحار الأنوار ٤٣ : ٩ / ١٦ و ١٩٥ / ٢٢ و ٢١٢ / ٤١.

٣) دلائل الإمامة / الطبري : ٧٩ / ١٨. وكشف الغمة / الاربلي ١ : ٥٠٣. والتتمة / تاج الدين العاملي : ٤٢. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٨٩ / ١٩.

٢٣٩

وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عدّة يختلف في مبلغها ، فالمكثر يقول ثمانية أشهر ، والمقلل يقول : أربعون يوماً(١) ، إلاّ أنّ الثبت في ذلك ما روي عن أبي جعفر محمد بن عليعليه‌السلام أنّها توفيت بعده بثلاثة أشهر(٢) .

ويؤيده أيضاً ما روي عن الإمام الباقرعليه‌السلام أنّه قال : «بدؤ مرض فاطمة عليها‌السلام بعد خمسين ليلة من وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله »(٣) وما روي من أنّهاعليها‌السلام مرضت مرضاً شديداً ، ومكثت أربعين ليلة في مرضها إلى أن توفيت(٤) . فيكون المجموع تسعين يوماً ، مع عدم التعرض للاَيام الزائدة ، تسامحاً في الكسور لقلتها ، والله العالم بحقيقة الحال.

ونكتفي بهذا القدر من الكلام في الحديث عن الزهراءعليها‌السلام النموذج المتكامل والمثل الأعلى في العطاء والتضحية والصبر والعبادة والذوبان في ذات الله عزّ وجلّ ، والوقوف بكلِّ بسالة وشجاعة بوجه الباطل وتعريته تماماً ، مؤكدين أخيراً بان موقف الزهراءعليها‌السلام وقصة رحيلها إلى العالم الآخر يعدّ من أكثر الوثائق الحاسمة في التاريخ قدرة على كشف الكثير من الحقائق التي طالما خفيت على الأجيال.

وذلك باعتبار أن الزهراءعليها‌السلام ميزان عدل لفهم الحق ، ومن خلال ماثبت

__________________

١) وروي خمسة عشر يوماً. راجع : بحار الأنوار ٤٣ : ٢٠٠ / ٣٠.

٢) مقاتل الطالبيين : ٣١. وبحار الأنوار ٤٣ : ٢١٥ / ٤٥. ورواية الإمام الباقرعليه‌السلام في مجمع الزوائد ٩ : ٢١٢. ومستدرك الحاكم ٣ : ١٦٢. والطبقات الكبرى / ابن سعد ٨ : ٢٨. وتاريخ الطبري ٣ : ٢٤٠.

٣) بحار الأنوار ٤٣ : ٢٠١ / ٣٠.

٤) روضة الواعظين : ١٥١. والمناقب / ابن شهرآشوب ٣ : ٣٦٢. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٨١و١٩١ / ٢٠.

٢٤٠