وسائل الشيعة الجزء ٢٥

وسائل الشيعة16%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
المترجم: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 485

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 485 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 319206 / تحميل: 5933
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ٢٥

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

إلاّ بمواجهة أئمة الظلم، الذين لا يألون جُهداً في مواجهة هذا الدين، وإحباط مشاريعه في تحرير الإنسان بكل الوسائل الممكنة. وما دام هؤلاء الطغاة في مواقع القوّة والسلطان من حياة الناس، فلا يمكن أن يأذنوا لهذا الدين بالتقدُّم إلى الناس، وأن يُقدِّم إلى الناس خطاب الله تعالى، فإنّ هذا الخطاب يتضمَّن تحرير الإنسان من كل القيود والآصار، وإعادة الحاكمية في حياة الإنسان إلى الله تعالى والصالحين من عباده، وتقرير ألوهيَّته وحاكميته على وجه الأرض، ولن يكون شيء من ذلك ما دام لهؤلاء سلطان وقوّة على وجه الأرض.

دور أئمة الكُفر في إحباط مشاريع هذا الدين :

فإنَّ هؤلاء يوظِّفون كلّ قوَّتهم وسلطانهم لإحباط مشروع هذا الدين وإعاقة حركته، وصدّ الناس عن الله، وتشويه صورته في أذهان الناس، ويتربّصون به الدوائر لتعطيل دوره في حياة الإنسان.

اقرأوا هذه الآيات من كتاب الله، حيث يقول تعالى :( كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ * اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) (١) ( الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ

____________________

(١) سورة التوبة : الآيتان ٨ - ٩.

٢١

أَعْمَالَهُمْ ) (١) ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً ) (٢) .

فلن يتمكَّن هذا الدين من تقديم خطاب الله تعالى إلى الناس، وتحريرهم من أسر ( الهوى ) و( الطاغوت )، ما دام هؤلاء الظالمون يحتلُّون مواقع القوَّة والسلطان على وجه الأرض.

القتال لإزالة الفتنة والإعاقة عن طريق الدين :

فلابدَّ - إذاً - من استئصال أئمة الظلم والمفسدين من وجه الأرض.

يقول تعالى :( فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ ) (٣) .

وبذلك تنتهي الفتنة من حياة الإنسان.

يقول تعالى :( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ) (٤) ،( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ) (٥) .

والفتنة : هي ( الإعاقة )، ووسائل الإعاقة كثيرة، من الإرهاب، والترغيب، والتضليل الإعلامي.

____________________

(١) سورة محمد : الآية ١.

(٢) سورة محمد : الآية ٣٢.

(٣) سورة التوبة : الآية ١٢.

(٤) سورة البقرة : الآية ١٩٣.

(٥) سورة الأنفال : الآية ٣٩.

٢٢

فإذا زالت أسباب ( الإعاقة ) هذه من حياة الناس، ولم يَحُلْ أحد بين الناس وبين الله تعالى، أقبل الناس على الله، كما أقبلوا عليه في الجزيرة العربية في السنوات الأخيرة من حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً ) (١) ، أرأيت السدَّ عندما يتهشَّم كيف تتدفَّق المياه، كذلك ( سدُّ الفتنة ) عندما يزول يتدفّق الناس أفواجاً إلى دين الله؛ وعندئذٍ يكون الدين كلُّه لله، من غير حرب ولا قتال.

وذلك هو قوله تعالى :( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنْ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) ، فإنّ الفتنة والإعاقة لن تزول إلاَّ بالقتال، فإذا زالت لن يحتاج حملة الدعوة إلى قتال وحرب ليُقْبِل الناس على الله والدين، وإنَّما يُقبل الناس على الدين بمحض إرادتهم من دون قتال، ويكون الدين كلّه لله.

فالقتال لا يكون إلاّ لإزالة الفتنة وأسباب الإعاقة عن طريق الدعوة إلى الله. هذه هي النظرية، وتحتاج هذه النظرية إلى بسط في الكلام، وتوضيح واستدلال لا يسعه المقام.

البُعد الواقعي والموضوعي في أحكام هذا الدين :

وتفسير آيات القتال على أساس الدفاع، والتنظير للدفاع من خلال هذه الآيات، لا يستقيم والفهم السليم لآيات كتاب لله، وإنَّ العوامل السياسية

____________________

(١) سورة النصر : الآية ٢.

٢٣

والإعلامية الضاغطة قد تؤدِّي بالمنظِّرين والمفكّرين المعاصرين، إلى تفسير النصوص الإسلامية على غير وجهها، وهذه الخلفيّة الضاغطة، واضحة في هذه التنظيرات، التي تُحاول أن تعكس صورة وديعة للإسلام تتقبَّلها الذهنيّة الغربيّة.

ومن هذا المنطلق تفسَّر التشريعات والنصوص الواردة في أمر الجهاد والقتال بالدفاع، ويعتقد أصحاب هذه النظرية أنَّ الإسلام يتمكَّن من فتح معاقل الكفر على وجه الأرض بالتوعية، والإنذار، والتبشير، والموعظة فقط، وهذا رأي غير واقعي، ولو كان حَمَلة الإسلام يقتصرون على عامل التوعية والإنذار والتبشير، لم يتيسّر لهم يومئذٍ فتح معاقل فارس، والروم، ومصر، وأفريقيا. ولا يعني هذا الكلام الانتقاص من قيمة التوعية، والإنذار، والتبشير، وإنَّما نُحبُّ أن نأخذ الواقع الإنساني والسياسي بكل أبعاده، في حساب الدعوة إلى الله.

وبهذه النظرة الواقعية، لا يمكن أن نفسِّر حركة هذا الدين الواسعة في حياة الإنسان، بعامل التوعية والإنذار والتبشير فقط، من دون أن نأخذ بنظر الاعتبار حالة الجهاد والقتال في تقدُّم الإسلام وتوسُّعه.

رؤية أهل البيت إلى الفتوحات العسكرية صدر الإسلام :

ورغم أنَّ الفتوحات العسكرية بعد عصر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانت أحداثاً ضخمة وكبيرة في تاريخ هذا الدين، رغم ذلك لا نجد إشارة إلى رفض هذه

٢٤

الفتوحات والتشكيك في مشروعيَّتها في أحاديث أهل البيتعليهم‌السلام ، وواضح لمَن خَبَر أحاديثهمعليهم‌السلام ، أنَّ انعدام النصوص الرافضة مع أهميِّة الفتوحات العسكرية يومئذٍ، يعني إقرارها وشرعيتها، كما أنَّ عمومات وإطلاقات نصوص الجهاد في القرآن تدلُّ على هذه الحقيقة.

ولست أحبُّ أن أُدخل هنا بحثاً فقهيّاً عن مشروعية الجهاد الابتدائي، ولكنَّني أقول - وأختم هذا الشطر من الحديث - : إنّ الذي يتلقّى سيرة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والنصوص الإسلامية في الجهاد والقتال، وتاريخ الفتوحات الإسلامية، وموقف أهل البيتعليهم‌السلام من هذه الفتوحات لا يَشُكُّ في الحالة الجهادية في الإسلام، ولن يَشُكَّ في أنَّ الإسلام لا يتمكَّن من فتح معاقل الكفر والظلم، والاستبداد السياسي، والطغيان على وجه الأرض، من دون القتال والمواجهة.

والتنظيرات المعاصرة للنصوص الإسلامية في القتال والجهاد، تمثِّل حالة من الهزيمة النفسيّة والفكريّة تجاه العوامل السياسية والإعلاميّة الضاغطة، ومن الخطأ أن نُخضِع تفسير النصوص الإسلامية لهذه العوامل الضاغطة، مهما كان نوعها.

ومن هذه العوامل الموجة الإعلاميّة الواسعة ضدَّ العنف، بعد أحداث ١١ أيلول ( سبتمبر ) في أمريكا، والتي قادتها أمريكا وأوروبا في العالم، ووقع بعض المفكّرين والمنظِّرين في تيَّار الموجة الإعلاميّة العالميّة، مع علم أو من دون علم.

٢٥

ونحن نؤمن أنَّ العنف ظلماً مرفوض، وأنَّ العنف لمواجهة الظلم صحيح، وأنَّ العنف لإزالة العنف حقٌّ، وأنَّ العنف لإزالة الباطل صحيح، وعمليات المقاومة الإسلامية في لبنان، والمقاومة الإسلامية في فلسطين من العنف المشروع، الذي يُحبُّه الله ورسوله والمؤمنين.

الحياة الطيِّبة : في قراءة لي لبعض مذكّرات الشهيد مطهَّري، رأيت تأكيداً صارماً منه في الجزء ٢، ص٣٢٢ على رجحان وتقدُّم مبدأ ( الصلح ) و( السلام ) في القرآن الكريم، مستشهداً بآيات قرآنية مثل :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ) (١) و( وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ) (٢) وما إلى ذلك.

أحبُّ أن أتقدّم بالسؤال - هنا - عمّا إذا كان هذا السلم مرغوباً فيه ومنصوصاً عليه إسلامياً في العلاقات الإسلامية، أم هو يمثّل المقصد الأساسي لتكون العلاقات الإنسانية مبنيّة عليه، من دون فارق بين طبيعة الانتماءات المذهبية والأيدلوجية للأطراف ؟

الشيخ الآصفي : أمَّا قوله تعالى( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ) ، فهو من التسليم لله ولرسوله، وليس من السلم في مقابل الحرب

____________________

(١) سورة البقرة : الآية ٢٠٨.

(٢) سورة الأنفال : الآية ٦١.

٢٦

والقتال، والشاهد على ذلك تعقيب هذه الحقيقة مباشرة بقوله تعالى:( وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) (١) .

والشيطان يأمر بمعصية الله ورسوله، وألاَّ يُسلِّم الإنسان أمره إلى الله تسليماً. يقول تعالى :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) (٢) .

فالسّلم هنا - بقرينة السياق، وبقرينة قوله تعالى :( لاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ) - من التسليم لله تعالى ولرسول، نظير قوله تعالى :( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) (٣) . وهذا ( السّلم ) من ذلك التسليم، ولو راجعتم كلمات المفسِّرين لتأكَّدتم ممَّا أقول.

الحالة المرحليَّة في تشريعات الدعوة والجهاد :

وأمّا قوله تعالى :( وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ) (٤) ، فهو حكم مرحلي يتعلَّق بزمن نزول الآية الكريمة، وهي من سورة الأنفال، وقد نزلت هذه السورة في السنة الثانية من الهجرة بعد معركة بدر، والأحكام

____________________

(١) سورة البقرة : الآية ٢٠٨.

(٢) سورة الأنفال : الآية ٦١.

٢٧

النهائية في الحرب نزلت في سورة ( براءة )، وقد نزلت في السنة التاسعة من الهجرة، بعد فتح مكَّة، وبعد أن استقرَّ الإسلام في الجزيرة العربية.

المراحل الأربع في نصوص الدعوة والجهاد :

والصحيح في فَهْم هذه الآيات، أن نفهم هذه النصوص ضمن المنهج المرحلي الحركي لنزول هذه الآيات، فقد مرَّت هذه الدعوة في محاربة ( العنف ) و( اللا عُنف ) بأربع مراحل، ولا نستطيع نحن أن نفهم آيات القتال وموضعها وموقعها، إلاّ من خلال هذه الحركة المرحليّة للدعوة خلال هذا التاريخ.

المرحلة الأُولى : مرحلة اللا عنف، وكفِّ الأيدي عن المواجهة، وحتى عن ردِّ قريش بالمثل والدفاع عن النفس، وذلك قوله تعالى :( كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ ) (١) .

المرحلة الثانية : الإذن بالدفاع - وليس الأمر به - وذلك بقوله تعالى :( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ) (٢) .

____________________

(١) سورة النساء : الآية ٧٧.

(٢) سورة الحج : الآيات ٣٩ - ٤٠.

٢٨

المرحلة الثالثة : تشريع القتال دفاعاً والأمر بالدفاع والمواجهة. يقول تعالى :( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) (١) .

المرحلة الرابعة : الأمر بالبدء بالقتال، وذلك بقوله تعالى :( كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ ) (٢) .

وآيات سورة براءة على نهج المرحلة الرابعة. يقول تعالى :( فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ) (٣) .

وضمن هذا النهج الحركي - المرحلي - لحركة الدعوة، يجب أن نبحث عن موقع قوله تعالى :( وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ) ، وأوضح منها قوله تعالى :( فَإِنْ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمْ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً ) (٤) .

____________________

(١) سورة البقرة : الآية ١٩٠.

(٢) سورة البقرة : الآية ٢١٦.

(٣) سورة التوبة : الآية ٥.

(٤) سورة النساء : الآية ٩٠.

٢٩

آية براءة ناسخة لآيتَي الأنفال والنساء :

إنَّ آيتي سورتي ( النساء ) و( الأنفال ) نزلتا قبل آية سورة ( براءة ) بسنين، فإنَّ ( الأنفال ) - كما ذكرتُ - نزلت في السنة الثانية من الهجرة، ونزلت ( براءة ) بعد فتح مكّة في السنة التاسعة من الهجرة، وكذلك الآية تسعون من سورة ( النساء ) نزلت قبل الآية ٢١٦ من سورة (البقرة ) وقبل آيات سورة براءة.

فإذاً؛ آية ( الأنفال ) وآية ( النساء / ٩٠ ) تكون منسوخة بآيات براءة، وتكون البراءة ناسخة لها.

وهذا هو الذي يذهب إليه ابن عبّاس؛ حيث يقول : إنَّ آية سورة النساء : ٩٠ منسوخة بآية براءة، وآية سورة الأنفال : ٦١، منسوخة بآية السيف من سورة براءة :( قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ ) .

تعديل في رأي ابن عبّاس :

ومع قبول جوهر نظرية عبد الله بن عباسرحمه‌الله ، أقول: إنَّ المسألة هنا ليست مسألة ( نسخ )، فإنَّ المراحل الأربع لم ينسخ بعضها بعضاً، وإنَّما حُكم المواجهة والقتال، أو الدفاع، أو الكفّ في كل مرحلة هو حكم مرحليّ يخصّ تلك المرحلة، وقد كان المسلمون يعرفون هذه الحقيقة، فإذا انتهت المرحلة انتهى أمد ذلك الحكم، حتّى استقرَّ الأمر في السنة التاسعة من الهجرة بعد

٣٠

فتح مكّة على الأحكام النهائية لقتال المشركين. وهذه هي الأحكام النهائية المطلقة في أمر القتال والجهاد.

ولكن يجب أن نُضيف إلى هذه الحقيقة، حقيقة أخرى وهي قوله تعالى :( لاَ يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) (١) ، فإنَّ الله تعالى لا ينهانا في آية ( الممتحنّة ) عن البرِّ والقسط للكفّار الذين لا يقاتلونا، ولم يُخرجونا من ديارنا.

وليس هذا الحكم إعراضاً عن الحكم الوارد في آية السيف في ( براءة )، وإنَّما معنى ذلك أنَّ الإسلام منهج واقعي في التعامل مع العالم، لا يعلن الحرب على العالم، وإنَّما يتدرّج في مواجهة الواقع، ويقدِّم الأكثر عدواناً منهم على غيرهم، يقول تعالى :( قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنْ الْكُفَّارِ ) (٢) ، وليس معنى :( الَّذِينَ يَلُونَكُمْ ) : أي يجاورونكم ويقربون إليكم، بل معنى ذلك ( والله أعلم بما يقول ) : الأقرب في استحقاق الصدِّ والقتال والمواجهة، أي الأكثر عدواناً على المسلمين.

وإذا أردنا أن نجد لهذه الآية مصداقاً في حياتنا السياسية اليوم، نجد أنَّ ( إسرائيل ) هي الأكثر عدواناً على المسلمين، وهي التي تلينا من الكفّار.

____________________

(١) سورة الممتحنة : الآية ٨.

(٢) سورة التوبة : الآية ١٢٣.

٣١

إذاً؛ منهج القتال والجهاد في الإسلام منهج واقعي يُعامل من خلال معيارَيْن : الأوّل منهما القدرة العسكرية، والاقتصادية، والسياسية، والثاني منهما التدرُّج.

وعلى أساس هذين المعيارين، فإنَّ الله تعالى لا ينهانا عن البرِّ والقسط إلى الذين لم يقاتلونا ولم يخرجونا من ديارنا، وتكون هذه الآية من سورة ( الممتحنة ) بناء على ذلك أساساً في العلاقات الخارجية بين المسلمين وغيرهم من الأمم غير المسلمة.

الحياة الطيِّبة : مطالعة دقيقة وفاحصة لحاضر العلاقات الإسلامية غير الإسلامية الراهنة، لجهة عقد اتفاقيات الصلح والسلام مع الجهات الكافرة قد توحي بالالتباس، وعدم الوضوح، وغياب القواعد الفقهية المنظّمة، أو عدم توافرها بالنحو الكافي في الأوساط الإسلامية، هل الدرس الفقهي العالي اليوم يُعالج إشكاليات الثابت والمتغيّر في رسم حدود هذه العلاقات، ويدعو إلى إعادة النظر أو إعادة فهم النصوص التي تتحدَّث عن طبيعة علاقة الحكم الإسلامي مع غيره أم لا ؟ حبّذا لو تتكرَّمون في وضع نقاط أساسية من شأنها فتح هذه القضايا وإثارة الاهتمام بفصل الضوابط أو المقاصد الأساسية للدين، عن مصاديقها وتطبيقاتها في العصور الأُولى، وتبعاً لها في باقي العصور والعهود التي مرَّت بها الحركة الإسلامية.

الشيخ الآصفي : العقود والاتفاقيات مع الدول والأنظمة الكافرة تدخل ضمن نظام المتغيرات في الشريعة.

٣٢

والشريعة تتألّف من ثوابت ومتغيِّرات، وهذه المتغيِّرات هي التي تمكِّن الفقيه من تغطية مساحة الحياة الواسعة واللا محدودة بثوابت الشريعة لا محالة، تتكوّن من مجموعة محدودة مهما كانت حدودها من النصوص، وهذه النصوص هي التي نسمّيها بثوابت الشريعة.

ومتغيِّرات الشريعة على نحوَيْن :

١ - المتغيِّرات التي يوظّفها المجتهد في تغطية المسائل والقضايا الشرعية.

٢ - المتغيِّرات التي يوظّفها الحاكم، ووليّ الأمر في الشؤون السياسية والإدارية للمجتمع، في إطار ثوابت الشريعة.

والقسم الأوّل من المتغيِّرات يشمل :

أ - قاعدة التزاحم.

ب - حكومة العناوين الثانوية على الأحكام الأوليّة.

ج - القواعد الفقهية.

د - التلازم بين الحكم العقلي والشرعي.

وهذه الآليَّات الشرعيّة، يستخدمها المجتهد في تغطية المساحة غير المحدودة والمتغيّرة من الحياة، بثوابت الشريعة المحدودة.

والقسم الثاني من المتغيّرات، هو حكم الحاكم الشرعي في المسائل السياسية والإدارية، وما يتَّصل بهما.

وحكم الحاكم، وإن كان يبتني - لا محالة - على بعض العناوين السابقة، كالمصلحة والضرورة، والضرر والتزاحم بين الأهمِّ والمهمِّ وأمثال ذلك، إلاّ

٣٣

أنَّ حكم الحاكم بنفسه يُلزم سائر الناس حتّى المجتهدين منهم، تطابق اجتهادهم مع اجتهاد الحاكم في هذه العناوين الثانوية، أم لم يتطابق.

إذاً؛ حكم الحاكم بنفسه من المتغيّرات التي أقرَّتها الشريعة، إلى جنب الثوابت الشرعية.

ويمكن أن يتحرَّك الحاكم ضمن الأطُر الآتية :

أ - تحريم المباح.

ب - إيجاب المباح.

وهذا ممَّا اتّفق عليه الفقهاء.

ج، د - إباحة الواجب والحرام.

ه- - إيجاب الحرام.

و - تحريم الواجب.

وقد اختلف الفقهاء في دخول النقاط الأربعة الأخيرة ضمن صلاحيات الحاكم.

ومهما يكن من أمر، فإنّ الاتفاقيات وعقود السلام، والمعاهدات مع الأنظمة غير الإسلامية، تدخل في هذا الحقل الأخير، أي صلاحيات ( الحاكم ).

وإنَّما بسطنا الكلام في ذلك؛ لأنَّ السؤال كان يتطلَّب البحث عن ثوابت الشريعة ومتغيّراتها.

العقود والاتفاقيات الدولية من صلاحيات الحاكم :

والآن - بعد هذه الجولة في ثوابت الشريعة ومتغيراتها - نعود إلى العقود والاتفاقيات والمعاهدات مع الأنظمة غير الإسلامية.

٣٤

فنقول : إنَّها تدخل في صلاحيات ( الحاكم الشرعي ) بما يراه من المصلحة والضرورة، أو دفع الضرر عن المسلمين، أو تقديم الأهمِّ على المهمِّ في موارد التزاحم.

فيأخذ بهذه العناوين أو بغيرها، وإلى هذا الحدِّ لا يزيد دوره عن دور أيِّ مجتهد، يوظّف العناوين الثانوية في تغيير الأحكام الأوليّة من الوجوب إلى الحرمة، ومن الحرمة إلى الوجوب، ومن الإباحة إلى الوجوب والحرمة.

فإذا حكم الحاكم بذلك بمقتضى ولايته على الناس، نفذ حكمه على سائر الناس، لقوله تعالى:( أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ) ، أخذوا بما أخذ به من العناوين الثانوية، في الاجتهاد أم لم يأخذوا.

ولا شكَّ في أنّ العقود والمعاهدات، والتحالفات والاتفاقيّات، السياسية، والعسكرية والاقتصادية، والأمنية، والسياحية، وغيرها تدخل في هذا الباب، ومن أهمِّ هذه الموارد الاتفاقيّات والمعاهدات العسكرية لوقف القتال، والأخذ بالهدنة لفترة طويلة أو قصيرة.

وإلى ذلك يذهب فقهاؤنارحمهم‌الله .

كلمات الفقهاء في العقود والاتفاقيّات الدوليّة :

قال الشيخ في المبسوط : ( الهُدْنة والمعاهدة واحدة، وهو وضع القتال وترك الحرب إلى مدّة من غير عوض، وذلك جائز؛ لقوله تعالى :( وَإِنْ جَنَحُوا

٣٥

لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ) ؛ ولأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صالح قريشاً عام الحديبية على ترك القتال عشر سنين.

وليس خلوُّ الإمام من أن يكون مستظهراً، أو غير مستظهر، فإن كان مستظهراً وكان في الهُدْنة مصلحة للمسلمين، ونظر لهم بأن يرجو منهم الدخول في الإسلام، أو بذل الجزية فعل ذلك، وإن لم يكن فيه نظر للمسلمين، بل كانت المصلحة في تركه بأن يكون العدوُّ قليلاً ضعيفاً، وإذا ترك قتالهم اشتدَّت شوكتهم وقرُّوا، فلا تجوز الهُدْنة؛ لأن فيها ضرراً على المسلمين.

فإذا هادنهم في الموضع الذي يجوز، فيجوز أن يُهادنهم أربعة أشهر بنصِّ القرآن العزيز، وهو قوله تعالى :( فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ) ، ولا يجوز إلى سنة وزيادة عليها.

فأمّا إذا لم يكن الإمام مستظهراً على المشركين، بل كانوا مستظهرين عليه، لقوّتهم وضعف المسلمين أو كان العدوُّ بالبُعد منهم وفي قصدهم التزام مؤن كثيرة، فيجوز أن يهادنهم إلى عشر سنين؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هادن قريشاً عام الحديبيّة إلى عشر سنين؛ ثمَّ نقضوها من قِبل نفوسهم)(١) .

وفي التذكرة : ( ويشترط في صحّة عقد الذمّة أُمور أربعة :

الأوّل : أن يتولاّه الإمام أو مَن يأذن له؛ لأنّه من الأمور العظام.

____________________

(١) الشيخ الطوسي، المبسوط، المكتبة المرتضوية، طهران، ج٢، ص٥٠ - ٥١.

٣٦

الثاني : أن يكون للمسلمين إليه حاجة ومصلحة، إمّا لضعفهم عن المقاومة فينتظر الإمام قوّتهم، وإمّا لرجاء إسلام المشركين، وإمّا لبذل الجزية منهم والتزام أحكام الإسلام. ولو لم تكن هناك مصلحة للمسلمين - بأن يكون في المسلمين قوّة، وفي المشركين ضعف، ويخشى قوّتهم واجتماعهم إن لم يبادرهم بالقتال - لم تجز له مهادنتهم.

والثالث : أن يخلو العقد من شرط فاسد - وهو حقّ كل عقد - فإن عقدها الإمام على شرط فاسد، مثل أن يشترط ردَّ النساء، أو مهورهنّ، أو ردّ السلاح المأخوذ منهم، أو دفع المال إليهم مع عدم الضرورة الداعية إلى ذلك، فهذه الشروط كلّها فاسدة يَفسد بها عقد الهُدْنة.

الرابع : المدَّة، ويجب ذكر المدَّة التي يُهادنهم عليها )(١) .

وفي المغني لابن قدامة الحنبلي : ( ومعنى الهُدْنة أن يعقد لأهل الحرب عقداً على ترك القتال مدّة بعوض وبغير عوض، وتسمَّى مهادنة وموادعة ومعاهدة، وذلك جائز بدليل قول الله تعالى :( بَرَاءةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ) ، وقال سبحانه :( وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَ ) ، وروى مروان ومسور بن مخرمة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صالح سهيل بن عمرو بالحديبيّة على

____________________

(١) العلاَّمة الحلِّي، تذكرة الفقهاء، الطبعة الحجرية القديمة، المكتبة الرضوية لإحياء الآثار الجعفرية، إيران، ج١، ص٤٤٧.

٣٧

وضع القتال عشر سنين؛ ولأنّه قد يكون بالمسلمين ضعف، فيُهادنهم حتّى يقوى المسلمون ...)(١) .

الأصل القرآني في شرعية العهد :

ثمّ إنَّ الأصل في شرعيّة العهد في القرآن، هو : الآيات الأُولى من سورة ( براءة ).

قال تعالى :( بَرَاءةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ ) ، فالجزء الأوّل من سورة (براءة )، يقسِّم الكفّار إلى قسمين :

القسم الأوّل : الكفّار الذين لم ندخل معهم في عهد.

القسم الثاني : الكفّار الذين دخلنا معهم في عهد.

وهذا القسم أيضاً ينقسم إلى قسمين :

الأوّل : مَن نقضوا عهدهم، وخالفوا وظاهروا بتشكيل أحلاف ضدَّ الإسلام.

الثاني : مَن استقام على عهده.

وعليه سيكون مجموع الأقسام ثلاثة.

أ - الكفّار الذين لم ندخل معهم في عهد.

ب - الكفّار الذين دخلنا معهم في عهد ونقضوا.

____________________

(١) عبد الله بن قدامة، المغني، تحقيق جماعة من العلماء، دار الكتاب العربي، بيروت، ج١٠، ص٥١٧.

٣٨

ج - الكفّار الذين دخلنا معهم في عهد واستقاموا على عهدهم.

والكفار من القسم الأوّل حكمهم أنَّ الله بريء منهم، وكذلك رسله حسب نصّ القرآن.

والقسم الثاني : حكمهم - أيضاً - هو أنّ الله بريء منهم كذلك، ويأمرنا بقتالهم؛ لقوله تعالى :( أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ ) (١) ، وقوله تعالى :( وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ ) (٢) ، وقوله تعالى :( وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ) في الآية الأُولى ظاهر في أنّهم هم الناقضون، وأنّ المؤمنين يدافعون عن أنفسهم، وأنّ القتال مع هؤلاء المشركين ليس ابتدائياً.

وأمّا قوله تعالى :( فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ ) ، فكأنّ قتال هؤلاء؛ لأنَّهم أئمة كفر، إلاّ أنّ العهد كان مانعاً، فلمّا نقضوا العهد ارتفع المانع.

أمّا القسم الثالث، الذين عاهدوا واستقاموا على العهد، فالإسلام يحترم عهدهم؛ لقوله تعالى :( إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) (٣) .

____________________

(١) سورة التوبة : الآية ١٣.

(٢) سورة التوبة : الآية ١٢.

(٣) سورة التوبة : الآية ٤.

٣٩

وفي نهج البلاغة : ( ولا تدفعنّ صلحاً دعاك إليه عدوّك [ و ] لله فيه رضاً، فإنّ في الصلح دعة لجنودك، وراحة من همومك، وأمناً لبلادك، ولكنَّ الحذر كلّ الحذر من عدوّك بعد صلحه، وإنّ العدوّ ربَّما قارب ليتغفَّل، فخذ بالحزم واتَّهم في ذلك حسن الظن )(١) .

الأمر بالوفاء بالعهد وحرمة الغدر في الشريعة :

وقد تضافرت النصوص الإسلامية على وجوب احترام العهد، وحرمة نقضه، وعد ذلك من الغدر.

قال الله تعالى :( إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) (٢) . وقال :( إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) (٣) .

وللمعاهد حرمة لدمه وماله، روى محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمد بن يَحيى، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : سألته عن قريتين من أهل الحب لكلّ واحد منهم إلى أن قال : فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : ( لا ينبغي للمسلمين أن يغدروا ولا يأمروا

____________________

(١) نهج البلاغة، مصدر سابق، ج٣، ص١٠٦، الكتاب ٥٣.

(٢) سورة التوبة : الآية ٤.

(٣) سورة التوبة : الآية ٧.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

زكريّا أبي يحيى، قال: كتبت إلى أبي الحسن( عليه‌السلام ) أسأله عن الفقّاع وأصفه له؟ فقال: لا تشربه، فأعدت عليه كلّ ذلك أصفه له كيف يصنع، قال: لا تشربه ولا تراجعني فيه.

[ ٣٢١٢٦ ] ٦ - وعنه عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن حسين القلانسي، قال: كتبت إلى أبي الحسن الماضي( عليه‌السلام ) أسأله عن الفقّاع؟ فقال: لا تقربه، فانّه من الخمر.

[ ٣٢١٢٧ ] ٧ - وعنه، عن أحمد، عن محمد بن سنان، قال: سألت أبا الحسن الرضا( عليه‌السلام ) عن الفقّاع؟ فقال: هي الخمر بعينها.

ورواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمد(١) وكذا الحديثان قبله.

[ ٣٢١٢٨ ] ٨ - وعنه، عن بعض أصحابنا، عمّن ذكره، عن( أبي جميل البصري) (٢) ، عن يونس، عن هشام بن الحكم، أنّه سأل أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن الفقّاع؟ فقال: لا تشربه، فإنَّه خمر مجهول، وإذا أصاب ثوبك فاغسله.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن الحسين(٣) ، عن أبي سعيد، عن أبي جميلة البصري(٤) مثله(٥) .

[ ٣٢١٢٩ ] ٩ - وعنه، عن محمد بن أحمد، عن الحسين بن عبدالله

____________________

٦ - الكافي ٦: ٤٢٢ / ٣، التهذيب ٩: ١٢٥ / ٥٤٣.

٧ - الكافي ٦: ٤٢٣ / ٤.

(١) التهذيب ٩: ١٢٥ / ٥٤٢.

٨ - الكافي ٣: ٤٠٧ / ١٥ و ٦: ٤٢٣ / ٧.

(٢) في الموضع الثاني من المصدر: أبي جميلة، كما سيذكره المصنف.

(٣) في الاستبصار: أحمد بن الحسن.

(٤) في التهذيب والاستبصار: أبي جميل البصري.

(٥) التهذيب ٩: ١٢٥ / ٥٤٤، والاستبصار ٤: ٩٦ / ٣٧٣.

٩ - الكافي ٦: ٤٢٣ / ٦.

٣٦١

القرشي، عن رجل(١) عن أبي عبدالله النوفلي، عن زادان(٢) ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: لو أنَّ لي سلطاناً على أسواق المسلمين، لرفعت عنهم هذه الخميرة(٣) - يعني: الفقّاع -.

[ ٣٢١٣٠ ] ١٠ - وعن أبي عليّ الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضّال، قال: كتبت إلى أبي الحسن( عليه‌السلام ) أسأله عن الفقّاع؟ فكتب ينهاني عنه.

[ ٣٢١٣١ ] ١١ - وعن عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عمر بن سعيد، عن الحسن بن جهم، وابن فضّال جميعاً، قالا: سألنا أبا الحسن( عليه‌السلام ) عن الفقّاع، فقال: هو(٤) خمر مجهول، وفيه حدّ شارب الخمر.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب مثله(٥) .

وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال مثله(٦) .

[ ٣٢١٣٢ ] ١٢ - وعنه عن أحمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن إسماعيل، قال: سألت أبا الحسن( عليه‌السلام ) عن شرب الفقّاع، فكرهه كراهة شديدة.

وعنه، عن أحمد عن ابن فضّال، عن محمد بن إسماعيل مثله.

____________________

(١) في المصدر زيادة: من أصحابنا.

(٢) في المصدر: زاذان.

(٣) في المصدر: الخمرة.

١٠ - الكافي ٦: ٤٢٣ / ٥.

١١ - الكافي ٦: ٤٢٣ / ٨.

(٤) في المصدر: حرام وهو.

(٥) التهذيب ٩: ١٢٥ / ٥٤١، والاستبصار ٤: ٩٥ / ٣٧٠.

(٦) الكافي ٦: ٤٢٤ / ١٥.

١٢ - الكافي ٦: ٤٢٤ / ١١.

٣٦٢

ورواه الصدوق في( عيون الأخبار) عن جعفر بن نعيم بن شاذان، عن عمّه محمد بن شاذان، عن الفضل بن شاذان، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع (١) .

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد(٢) .

أقول: الكراهة هنا محمول على التحريم لما مرّ(٣) .

[ ٣٢١٣٣ ] ١٣ - محمد بن علىِّ بن الحسين، عن عبد الواحد بن محمد بن عبدوس، عن عليِّ بن محمد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان، قال: سمعت الرضا( عليه‌السلام ) يقول: لما حمل رأس الحسين بن علي إلى الشام أمر يزيد لعنه الله، فوضع ونصبت عليه مائدة، فأقبل هو وأصحابه يأكلون ويشربون الفقّاع، فلمّا فرغوا أمر بالرأس، فوضع في طشت تحت سريره وبسط عليه رقعة الشطرنج وجلس يزيد لعنه الله يلعب بالشطرنج إلى أن قال: ويشرب الفقاع، فمن كان من شيعتنا فليتورّع من(١) شرب الفقّاع والشطرنج(٢) ، ومن نظر إلى الفقّاع، وإلى(٣) الشطرنج فليذكر الحسين( عليه‌السلام ) ، وليلعن يزيد وآل زياد، يمحو الله عزوجل بذلك ذنوبه ولو كانت بعدد النجوم.

وفي( عيون الأخبار) بهذا الإسناد مثله (٤) .

[ ٣٢١٣٤ ] ١٤ - وعن تميم بن عبدالله القرشي، عن أبيه، عن أحمد بن

____________________

(١) عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ١٨ / ٤٤.

(٢) التهذيب ٩: ١٢٤ / ٥٣٨، والاستبصار ٤: ٩٥ / ٣٦٧.

(٣) مرّ في الاحاديث ١ - ١١ من هذا الباب.

١٣ - الفقيه ٤: ٣٠١ / ٩١١.

(٤) في المصدر: عن.

(٥) في المصدر: واللعب بالشطرنج.

(٦) في المصدر: أو إلى.

(٧) عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٢٢ / ٥٠.

١٤ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٢٣ / ٥١.

٣٦٣

عليّ الأنصاري، عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: سمعت أبا الحسن الرضا( عليه‌السلام ) يقول: أوَّل من اتّخذ له الفقّاع في الإِسلام بالشام يزيد بن معاوية لعنهما الله، فاحضر وهو على المائدة، وقد نصبها على رأس الحسين( عليه‌السلام ) ، فجعل يشربه، ويسقي أصحابه - إلى أن قال: - فمن كان من شيعتنا فليتورّع عن شرب الفقّاع، فانّه(١) شراب أعدائنا، فإنَّ لم يفعل فليس منّا، ولقد حدَّثني أبي، عن آبائه، عن عليّ بن أبي طالب( عليهم‌السلام ) ، قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : لا تلبسوا لباس أعدائي، ولا تطعموا مطاعم أعدائي، ولا تسلكوا مسالك أعدائي، فتكونوا أعدائي كما هم أعدائي.

[ ٣٢١٣٥ ] ١٥ - وفي كتاب( اكمال الدين) عن محمد بن محمد بن عصام، عن محمد بن يعقوب، عن إسحاق بن يعقوب فيما ورد عليه من توقيعات صاحب الزمان( عليه‌السلام ) بخطّه : أمّا ما سألت عنه أرشدك الله وثبّتك من أمر المنكرين - إلى أن قال: - وأمّا الفقاع فحرام، ولا بأس بالسلمان(٢) .

ورواه الشيخ في كتاب( الغيبة) عن جماعة، عن ابن قولويه، وأبي غالب الزراري، وغيرهما، عن محمد بن يعقوب (٣) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٤) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٥) .

____________________

(١) في المصدر زيادة: من.

١٥ - إكمال الدين: ٤٨٣ / ٤.

(٢) في نسخة: بالسلمات، وفي نسخة: بالشلماب ( هامش المخطوط ) والشيلم: حب صغار مستطيل أحمر ولا يسكر. ( لسان العرب - شلم - ١٢: ٣٢٥ ).

(٣) الغيبة للطوسي: ١٧٦.

(٤) تقدم ما يدل على بعض المقصود في الأبواب ١٥ و ١٦ و ١٧ و ١٩ من هذه الأبواب.

(٥) يأتي في الباب ٢٨ من هذه الأبواب.

٣٦٤

٢٨ - باب تحريم بيع الفقاع وكل مسكر.

[ ٣٢١٣٦ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن الوشّاء، قال: كتبت إليه - يعني: الرضا( عليه‌السلام ) - أسأله عن الفقّاع، فكتب: حرام(١) ، ومن شربه كان بمنزلة شارب الخمر، قال: وقال أبوالحسن( عليه‌السلام ) (٢) : لو أنَّ الدار داري لقتلت بايعه، ولجلدت شاربه.

قال: وقال أبوالحسن الاخير( عليه‌السلام ) : حدّه حدّ شارب الخمر.

وقال( عليه‌السلام ) : هي خمرة(٣) استصغرها الناس.

محمد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الوشّاء مثله(٤) .

[ ٣٢١٣٧ ] ٢ - وبإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل(٥) ، عن سليمان بن جعفر(٦) ، قال: قلت لابي الحسن الرضا( عليه‌السلام ) : ما تقول في شرب الفقّاع؟ فقال: هو خمر مجهول يا سليمان! فلا تشربه، أما ياسليمان لو كان الحكم لي، والدار لي لجلدت شاربه، ولقتلت بائعه.

____________________

الباب ٢٨

فيه حديثان

١ - الكافي ٦: ٤٢٣ / ٩.

(١) في المصدر زيادة: وهو خمر.

(٢) في المصدر: أبو الحسن الاخير (عليه‌السلام )

(٣) في المصدر: خميرة.

(٤) التهذيب ٩: ١٢٥ / ٥٤٠، والاستبصار ٤: ٩٥ / ٣٦٩.

٢ - التهذيب ٩: ١٢٤ / ٥٣٩، الاستبصار ٤: ٩٥ / ٣٦٨.

(٥) في الاستبصار: أحمد بن الحسن، عن علي بن إسماعيل وفي التهذيب عن سليمان بن حفص.

(٦) وفي المصدر: سليمان بن حفص.

٣٦٥

ورواه الكليني عن عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد ابن إسماعيل(١) .

وعن محمد بن يحيى، وغيره، عن محمد بن أحمد(٢) .

أقول: تقدّم ما يدلّ على ذلك في التجارة(٣) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٤) .

٢٩ - باب عدم تحريم السكنجبين، والجلّاب (*) ، ورب (*) التوت، ورب الرمان، ورب التفّاح، ورب السفرجل، وحكم مائها.

[ ٣٢١٣٨ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العبّاس، عن جعفر بن أحمد المكفوف، قال: كتبت إليه يعني أبا الحسن الاول( عليه‌السلام ) أسأله عن السكنجبين، والجلاب، وربّ التوت، وربّ التفّاح، وربّ السفرجل، وربّ الرمان، فكتب: حلال.

____________________

(١) الكافي ٦: ٤٢٢ / ١.

(٢) الكافي ٦: ٤٢٣ / ١٠.

(٣) تقدم في الباب ٥٦ من أبواب ما يكتسب به، وفي الحديث ٩ من الباب ٢٧ من هذه الأبواب.

(٤) يأتي في الباب ٣٤ من هذه الأبواب بعمومه، وما يدلّ على تحريم الفقاع في الباب ١٣ من أبواب حد المسكر.

الباب ٢٩

فيه ٤ أحاديث

* - الجلاب: كزنار ماء الورد، معرب ( هامش المخطوط )، ( القاموس المحيط - جلب - ١: ٤٧ ).

* - الرُّبّ: سلافة خثارة كل ثمرة بعد اعتصارها، وهو ما يعرف الآن بالمربى. ( انظر القاموس المحيط - ربب - ١: ٧١ ).

١ - الكافي ٦: ٤٢٦ / ١، التهذيب ٩: ١٢٧ / ٥٥١.

٣٦٦

[ ٣٢١٣٩ ] ٢ - وعن محمد بن يحيى، عن حمدان بن سليمان، عن علي ابن الحسن، عن جعفر بن أحمد المكفوف، قال: كتبت إلى أبي الحسن( عليه‌السلام ) أسأله عن أشربة تكون قبلنا: السكنجبين، والجلاب، وربّ التوت، وربّ الرمّان، وربّ السفرجل، وربّ التفّاح، إذا كان الذي يبيعها غير عارف، وهي تباع في أسواقنا، فكتب: جائز، لا بأس بها.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب(١) ، وكذا الذي قبله.

[ ٣٢١٤٠ ] ٣ - وعنه عن محمد بن أحمد، عن إبراهيم بن مهزيار، عن خليلان بن هاشم(٢) ، قال: كتبت إلى أبي الحسن( عليه‌السلام ) : جعلت فداك، عندنا شراب يسمّى الميبه(٣) ، نعمد إلى السفرجل فنقشره ونلقيه في الماء، ثمَّ نعمد إلى العصير فنطبخه على الثلث، ثمَّ نقذف(٤) ذلك السفرجل وناخذ ماءه، ونعمد إلى(٥) هذا المثلث وهذا السفرجل فنلقي فيه المسك والافاوى(٦) والزعفران والعسل فنطبخه، حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه، أيحلّ شربه؟ فكتب: لا بأس به ما لم يتغيّر.

[ ٣٢١٤١ ] ٤ - محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن الحسن بن علي الهمداني، عن الحسن بن محمد المدائني، قال: سألته عن سكنجبين، وجلاب، وربّ التوت، وربّ السفرجل، وربّ التفاح، وربّ الرمّان؟ فكتب: حلال.

____________________

٢ - الكافي ٦: ٤٢٧ / ٢.

(١) التهذيب ٩: ١٢٧ / ٥٥٢.

٣ - الكافي ٦: ٤٢٧ / ٣.

(٢) في المصدر: خليلان بن هشام.

(٣) الميبه: شيء من الادوية، معرب. ( القاموس المحيط - ميب - ١: ١٣٠ ).

(٤) في المصدر: ندق.

(٥) في المصدر زيادة: ماء.

(٦) الافاوية: التوابل وأنواع الطيب. ( القاموس المحيط - فوه - ٤: ٢٩٠ ).

٤ - التهذيب ٩: ١٢٧ / ٥٥٠.

٣٦٧

٣٠ - باب جواز استعمال أوانى الخمر بعد غسلها.

[ ٣٢١٤٢ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن الدنّ يكون فيه الخمر، هل يصلح أن يكون فيه خلّ، أو ماء، أو كامخ، أو زيتون؟ قال: إذا غسل فلا بأس، وعن الابريق وغيره يكون فيه خمر، أيصلح أن يكون فيه ماء؟ قال: إذا غسل فلا بأس، وقال في قدح أو إناء يشرب فيه الخمر، قال: تغسله ثلاث مّرات، سئل يجزيه أن يصبّ فيه الماء؟ قال: لا يجزيه حتى يدلكه بيده، ويغسله ثلاث مرّات.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى مثله(٢) .

[ ٣٢١٤٣ ] ٢ - وزاد أنّه سأله عن الإِناء يشرب فيه النبيذ؟ فقال: تغسله سبع مرّات، وكذلك الكلب.

[ ٣٢١٤٤ ] ٣ - وعنه، عن( أحمد بن محمد بن خالد) (٢) رفعه، عن حفص الاعور، قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : إنّي آخذ الركوة، فيقال: انه إذا جعل فيها الخمر وغسلت، ثم جعل فيها البختج كان أطيب له، فنأخذ الركوة فنجعل فيها الخمر، فنخضخضه ثمَّ نصبّه، فنجعل فيها البختج، قال: لا بأس به.

____________________

الباب ٣٠

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٤٢٧ / ١، أورده في الحديث ١ من الباب ٥١ من أبواب النجاسات.

(١) التهذيب ٩: ١١٥ / ٥٠١.

٢ - التهذيب ٩: ١١٦ / ٥٠٢.

٣ - الكافي ٦: ٤٣٠ / ٥.

(٢) في المصدر: أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد البرقي.

٣٦٨

[ ٣٢١٤٥ ] ٤ - وعن أبي عليّ الأشعري، عن محمد بن عبد الجبّار، وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعاً، عن الحجّال(١) ، عن ثعلبة، عن حفص الاعور، قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : الدنّ يكون فيه الخمر ثم يجفّف، يجعل فيه الخل؟ قال: نعم.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب، قال الشيخ: المراد به: إذا جفّف بعد غسله ثلاث مرّات وجوباً، أو سبع مرّات استحباباً حسب ما قدمناه(٢) .

[ ٣٢١٤٦ ] ٥ - عبدالله بن جعفر في( قرب الإسناد) عن عبدالله بن الحسن، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن الشرب في الإٍناء يشرب فيه الخمر قدحاً عيدان أو باطية، قال: إذا غسله فلا بأس.

[ ٣٢١٤٧ ] ٦ - وبالإِسناد قال: وسألته عن دنّ الخمر، يجعل فيه الخلّ أو الزيتون أو شبهه؟ قال: إذا غسل فلا بأس.

ورواه عليُّ بن جعفر في كتابه(٣) ، وكذا الذي قبله.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٤) .

____________________

٤ - الكافي ٦: ٤٢٨ / ٢، أورده في الحديث ٢ من الباب ٥١ من أبواب النجاسات.

(١) في التهذيب: الحجاج.

(٢) التهذيب ٩: ١١٧ / ٥٠٣.

٥ - قرب الإسناد: ١١٦، ومسائل علي بن جعفر: ١٥٤ / ٢١٢.

٦ - قرب الإسناد: ١١٦.

(٣) مسائل علي بن جعفر: ١٥٥ / ٢١٦.

(٤) تقدم في الباب ٥١ من أبواب النجاسات، وتقدّم حكم ظروف الشراب في الباب ٢٥ من هذه الأبواب.

٣٦٩

٣١ - باب عدم تحريم الخل، وأن الخمر إذا انقلبت خلاً حلّت.

[ ٣٢١٤٨ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، وابن بكير جميعاً، عن زرارة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن الخمر العتيقة، تجعل خلّاً؟ قال: لا بأس.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب مثله(١) .

[ ٣٢١٤٩ ] ٢ - وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن بكير، عن أبى بصير، قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن الخمر يصنع فيها الشيء حتى تحمض؟ قال: إن كان الذي صنع فيها هو الغالب على ما صنع فلا بأس به.

ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن خالد، عن ابن بكير.

أقول: ذكر الشيخ: أنّه خبر شاذّ متروك، لأنّ الخمر نجس ينجس ما حصل فيها. انتهى.

وهو محمول على الانقلاب لا الامتزاج والاستهلاك(٢) ، لما يأتي(٣) .

[ ٣٢١٥٠ ] ٣ - وعن عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى،

____________________

الباب ٣١

فيه ١١ حديث

١ - الكافي ٦: ٤٢٨ / ٢.

(١) التهذيب ٩: ١١٧ / ٥٠٤.

٢ - الكافي ٦: ٤٢٨ / ١.

(٢) التهذيب ٩: ١١٩ / ٥١١.

(٣) يأتي في الاحاديث ٣ - ١١ من هذا الباب.

٣ - الكافي ٦: ٤٢٨ / ٣، التهذيب ٩: ١١٧ / ٥٠٥، والاستبصار ٤: ٩٣ / ٣٥٦.

٣٧٠

عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن الرجل يأخذ الخمر فيجعلها خلّا؟ً قال: لا بأس.

[ ٣٢١٥١ ] ٤ - وبالإِسناد عن عبدالله بن بكير، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن الخمر تجعل خلّاً؟ قال: لا بأس إذا لم يجعل فيها ما يغلبها.

أقول: هذا محمول على الكراهة أو عدم الاستحالة.

محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد مثله(١) ،. وكذا الذي قبله.

[ ٣٢١٥٢ ] ٥ - وعنه، عن صفوان، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، أنّه قال: في الرجل إذا باع عصيراً، فحبسه السلطان حتى صار خمرا، فجعله صاحبه خلّاً، فقال: إذا تحوّل عن اسم الخمر فلا بأس به.

[ ٣٢١٥٣ ] ٦ - وعنه، عن محمد بن أبي عمير، وعليِّ بن حديد جميعاً، عن جميل، قال: قلت لابي عبدالله( عليه‌السلام ) : يكون لي علىّ الرجل الدراهم، فيعطيني بها خمراً، فقال: خذها ثمَّ أفسدها.

قال عليّ: واجعلها خلّاً.

[ ٣٢١٥٤ ] ٧ - وعنه، عن محمد بن أبي عمير، عن حسين الاحمسي، عن محمد بن مسلم، وأبي بصير، وعليّ، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: سئل عن الخمر يجعل فيها الخلّ؟ فقال: لا، إلّا

____________________

٤ - الكافي ٦: ٤٢٨ / ٤.

(١) التهذيب ٩: ١١٧ / ٥٠٦، والاستبصار ٤: ٩٤ / ٣٦١.

٥ - التهذيب ٩: ١١٧ / ٥٠٧، والاستبصار ٤: ٩٣ / ٣٥٧.

٦ - التهذيب ٩: ١١٨ / ٥٠٨، والاستبصار ٤: ٩٣ / ٣٥٨.

٧ - التهذيب ٩: ١١٨ / ٥١٠، والاستبصار ٤: ٩٣ / ٣٦٠.

٣٧١

ما جاء من قبل نفسه.

أقول: حمله الشيخ على استحباب تركها حتّى تصير خلّاً، من غير أن يطرح فيها ملح أو غيره، لما مضى(١) ، ويأتي(٢) .

[ ٣٢١٥٥ ] ٨ - وبإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن عبد العزيز بن المهتدي، قال: كتبت إلى الرضا( عليه‌السلام ) : جعلت فداك، العصير يصير خمراً، فيصبّ عليه الخلّ وشيء يغيّره حتّى يصير خلّاً، قال: لا بأس به.

[ ٣٢١٥٦ ] ٩ - عبدالله بن جعفر في( قرب الإسناد) عن عبدالله بن الحسن، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه، قال: سألته عن الخمر يكون أوَّله خمراً، ثمَّ يصير خلّاً (٣) ؟ قال: إذا ذهب سكره فلا بأس.

[ ٣٢١٥٧ ] ١٠ - ورواه عليُّ بن جعفر في كتابه مثله، إلّا أنّه زاد فيه: أيؤكل؟ قال: نعم.

[ ٣٢١٥٨ ] ١١ - محمد بن إدريس في آخر( السرائر) نقلاً من( جامع البزنطي) عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، انّه سئل عن الخمر تعالج بالملح وغيره لتحول خلا قال: لا بأس بمعالجتها، قلت: فإنّي عالجتها، وطينّت رأسها، ثمَّ كشفت عنها، فنظرت إليها قبل الوقت(٤) ، فوجدتها خمراً، أيحلّ لي إمساكها؟ قال: لا بأس بذلك، إنما إرادتك أن تتحوّل الخمر خلّاً، وليس إرادتك الفساد.

____________________

(١) مضى في الاحاديث ١ و ٣ و ٤ و ٥ و ٦ من هذا الباب.

(٢) ويأتي في الحديث ١١ من هذا الباب.

٨ - التهذيب ٩: ١١٨ / ٥٠٩، والاستبصار ٤: ٩٣ / ٣٥٩.

٩ - قرب الإسناد: ١١٦.

(٣) في المصدر زيادة: يؤكل.

١٠ - مسائل علي بن جعفر: ١٥٥ / ٢١٥.

١١ - مستطرفات السرائر: ٦٠.

(٤) في المصدر زيادة: أو بعده.

٣٧٢

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) .

٣٢ - باب حكم النضوح الذي فيه الضياح (*)

[ ٣٢١٥٩ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن بعض أصحابنا، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن بكر بن محمد، عن عيثمة(٢) ، قال: دخلت علىِّ أبي عبدالله( عليه‌السلام ) وعنده نساؤه، قال: فشمّ رائحة النضوح، فقال: ما هذا؟ قالوا: نضوح يجعل فيه الضياح، قال: فأمر به فأهريق في البالوعة.

محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد ابن الحسين(٣) ، عن الحسن بن علي مثله(٤) .

[ ٣٢١٦٠ ] ٢ - وعنه، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - أنّه سئل عن النضوح المعتق، كيف يصنع به حتى يحل؟ قال: خذ ماء التمر فاغِلهِ، حتّى يذهب ثلثا ماء التمر.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٥) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٦) .

____________________

(١) تقدم في الباب ٧٧ من أبواب النجاسات، وفي الاحاديث ٢ و ٢٣ و ٢٤ و ٤٣ و ٥٧ من الباب ١٠، وفي الأبواب ٤٣ و ٤٤ و ٤٥ من أبواب الأطعمة المباحة، وفي الباب ٣٣ من أبواب الاشربة المباحة.

الباب ٣٢

فيه حديثان

* - الضياح: اللبن الرقيق الممزوج بالماء. ( الصحاح - ضيح - ١: ٣٨٦ ).

١ - الكافي ٦: ٤٢٨ / ١.

(٢) في التهذيب: عثيمة.

(٣) في التهذيب: أحمد بن الحسين.

(٤) التهذيب ٩: ١٢٣ / ٥٢٩.

٢ - التهذيب ٩: ١١٦ / ٥٠٢.

(٥) تقدم في الباب ٢ من هذه الأبواب.

(٦) ويأتي في الباب ٣٧ من هذه الأبواب.

٣٧٣

٣٣. باب تحريم الاکل من مائدة شرب عليها الخمر، فان وضع شيء آخر بعد الشرب لم يحرم، وتحريم الجلوس في مجلس الشراب اختياراً.

[ ٣٢١٦١ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق، عن عمّار، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: سئل عن المائدة إذا شرب عليها الخمر أو مسكر، قال: حرمت المائدة، سئل فإن قام رجل على مائدة منصوبة يؤكل(١) ممّا عليها، ومع الرجل مسكر ولم يسقِ أحداً ممّن عليها بعد؟ قال: لا تحرم حتّى يشرب عليها، وإن وضع بعدما يشرب فالوذج فكل، فإنَّها مائدة اخرى - يعني: الفالوذج -(٢) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن أحمد مثله(٣) .

[ ٣٢١٦٢ ] ٢ - محمد بن علي بن الحسين، قال: قال الصادق( عليه‌السلام ) : لا تجالسوا شرّاب الخمر، فإنَّ اللعنة إذا نزلت عمّت من في المجلس.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٤) .

____________________

الباب ٣٣

فيه حديثان

١ - الكافي ٦: ٤٢٩ / ٢.

(١) في المصدر: يأكل.

(٢) في المصدر: كل الفالوذج.

(٣) التهذيب ٩: ١١٦ / ٥٠٢.

٢ - الفقيه ٤: ٤١ / ١٣٢.

(٤) تقدم في الحديث ٨ من الباب ١٦ من أبواب آداب الحمام. وتقدّم ما يدلّ على ذلك في الباب ٦٢ من أبواب الأطعمة المحرمة.

٣٧٤

٣٤ - باب تحريم عصر الخمر، وسقيها، وحملها، وحفظها، وبيعها، وشرائها، واكل ثمنها، والمساعدَّة على اتخاذها، وشربها.

[ ٣٢١٦٣ ] ١ - محمد بن يعقوب، عن أبي عليّ الأشعري، عن محمد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: لعن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) في الخمر عشرة: غارسها، وحارسها، وعاصرها، وشاربها، وساقيها وحاملها، والمحمولة إليه، وبايعها، ومشتريها،( وآكل ثمنها) (١) .

ورواه الصدوق في( الخصال) عن محمد بن الحسن، عن الصفار، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن أبيه، عن أحمد بن النضر(٢) .

ورواه في( عقاب الأعمال) عن الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه،( عن أحمد بن عليِّ بن إسماعيل) (٣) ، عن أحمد بن النضر مثله(٤) .

[ ٣٢١٦٤ ] ٢ - وعن عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن عليّ، عن آبائه( عليهم‌السلام ) ، قال: لعن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وبايعها، ومشتريها وساقيها،

____________________

الباب ٣٤

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٤٢٩ / ٤.

(١) في المصدر: والآكل ثمنها.

(٢) الخصال: ٤٤٤ / ٤١.

(٣) في العقاب: عن محمد بن أحمد، عن علي بن إسماعيل.

(٤) عقاب الأعمال: ٢٩١ / ١١.

٢ - الكافي ٦: ٣٩٨ / ١٠.

٣٧٥

وآكل ثمنها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه.

محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد مثله(١) .

[ ٣٢١٦٥ ] ٣ - وبإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق، عن عمّار، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: سئل عن رجلين نصرانيّين، باع أحدهما من صاحبه خمراً أو خنازير، ثمَّ أسلما قبل أن يقبض الدراهم، هل تحلّ له الدراهم؟ قال: لا بأس.

[ ٣٢١٦٦ ] ٤ - محمد بن عليِّ بن الحسين بإسناده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن الصادق( عليه‌السلام ) ، عن آبائه، عن النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) - في حديث المناهي - قال: ونهى عن بيع النرد، وأن تشرى الخمر، وأن تسقى الخمر.

قال: وقال( عليه‌السلام ) : لعن الله الخمر وغارسها، وعاصرها، وشاربها، وساقيها، وبايعها، ومشتريها، وآكل ثمنها وحاملها، والمحمولة إليه.

قال: وقال( عليه‌السلام ) : من شربها لم يقبل الله له صلاة أربعين يوماً، فإن مات وفي بطنه شيء من ذلك كان حقّاً على الله عزّ وجلّ أن يسقيه من طينة خبال، وهو صديد أهل النار وما يخرج من الزناة، فيجتمع ذلك في قدور جهنّم فيشربه أهل النار، فيصهر به ما في بطونهم والجلود.

[ ٣٢١٦٧ ] ٥ - وفي( عقاب الأعمال) بسند تقدَّم في عيادة المريض (٢) عن النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) - في حديث - قال: ومن شرب الخمر في الدنيا

____________________

(١) التهذيب ٩: ١٠٤ / ٤٥١.

٣ - التهذيب ٩: ١١٦ / ٥٠٢.

٤ - الفقيه ٤: ٤ / ١.

٥ - عقاب الاعمال: ٣٣٦.

(٢) تقدم في الحديث ٩ من الباب ١٠ من أبواب الاحتضار.

٣٧٦

سقاه الله من سمّ الأساود(١) ، ومن سمّ العقارب شربة يتساقط لحم وجهه في الإِناء قبل أن يشربها، فاذا شربها تفسّخ لحمه وجلده كالجيفة يتأذّى به أهل الجمع، حتّى يؤمر به إلى النار، وشاربها، وعاصرها، ومعتصرها في النار، وبايعها، ومبتاعها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها سواء في عارها وإثمها، إلّا ومن باعها أو اشتراها لغيره لم يقبل الله منه صلاة ولا صياماً ولا حجّاً ولا اعتماراً حتّى يتوب منها، وإن مات قبل أن يتوب كان حقّاً على الله أن يسقيه بكلِّ جرعة يشرب منها في الدنيا شربة من صديد جهنّم، ثمَّ قال(٢) : إلّا وإنّ الله حرّم الخمر بعينها، والمسكر من كلّ شراب، ألا وكلّ مسكر حرام.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في التجارة(٣) .

٣٥ - باب نجاسة الخمر وكل مسكر، وعدم نجاسة بصاق شارب الخمر.

[ ٣٢١٦٨ ] ١ - محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن العبّاس بن معروف، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الديلم(٤) ، قال: قلت لأبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، رجل يشرب الخمر فبزق، فأصاب ثوبى من بزاقه، قال(٥) : ليس بشيء.

[ ٣٢١٦٩ ] ٢ - وعنه عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن

____________________

(١) في المصدر: الأفاعي.

(٢) في المصدر زيادة: رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ )

(٣) تقدم في الحديث ١ من الباب ٢ وفي الأبواب ٥ و ٥٥ و ٥٦ و ٥٧ من أبواب ما يكتسب به.

الباب ٣٥

فيه حديثان

١ - التهذيب ٩: ١١٥ / ٤٩٨.

(٤) وفي نسخة: ابن الديلم ( هامش المصححة الثانية ).

(٥) في المصدر: فقال.

٢ - التهذيب ٩: ١١٦ / ٥٠٢.

٣٧٧

مصدّق، عن عمّار، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في الإِناء يشرب فيه النبيذ، فقال: تغسله سبع مرَّات وكذلك الكلب - إلى أن قال: - ولا تصلّ في بيت فيه خمر ولا مسكر، لأنَّ الملائكة لا تدخله، ولا تصلّ في ثوب أصابه خمر أو مسكر حتى يغسل الحديث.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في النجاسات(٢) .

٣٦ - باب حكم شرب الخمر عند العطش.

[ ٣٢١٧٠ ] ١ - محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن الحسن عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق، عن عمّار، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - أنه سأله عن الرّجل أصابه عطش حتّى خاف على نفسه، فأصاب خمراً، قال: يشرب منه قوته.

[ ٣٢١٧١ ] ٢ - محمّد بن عليِّ بن الحسين في( عيون الأخبار) بأسانيده الآتية عن الفضل بن شاذان، عن الرضا( عليه‌السلام ) في كتابه إلى المأمون: والمضطرّ لا يشرب الخمر، لانّها تقتله.

[ ٣٢١٧٢ ] ٣ - وفي( العلل) عن عليِّ بن حاتم، عن محمد بن عمر، عن علي بن محمد بن زياد، عن أحمد بن الفضل، عن يونس بن عبد الرحمن، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: المضطرُّ لا يشرب الخمر، لانها لا تزيده إلّا شرّاً، ولانه إن شربها قتلته، فلا يشرب منها قطرة.

____________________

(١) تقدم في البابين ٣٨ و ٣٩ من أبواب النجاسات، وقد مر في الباب ٣٠ من هذه الأبواب، باب وجوب غسل أواني الخمر.

الباب ٣٦

فيه ٤ أحاديث

١ - التهذيب ٩: ١١٦ / ٥٠٢.

٢ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ١٢٦ / ١.

(٢) يأتي في الفائدة الاولى من الخاتمة برمز [ ت ].

٣ - علل الشرائع: ٤٧٨ / ١.

٣٧٨

[ ٣٢١٧٣ ] ٤ - قال: وروي: لا تزيده إلّا عطشاً.

قال الصدوق: جاء الحديث هكذا وشرب الخمر( جائز في الضرورة) (١) . انتهى.

أقول: هذا محمول على خوف الضرر من شرب الخمر أيضاً بقرينة التعليل، أو على ضرورة دون الهلاك، وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك في الأطعمة المحرّمة(٢) ، وفي الأطعمة المباحة عموماً(٣) .

٣٧ - باب جواز جعل النضوح في المشطة وفي الرأس، بعد أن يطبخ، حتى يذهب ثلثاه، لا قبله.

[ ٣٢١٧٤ ] ١ - محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى،( عن أحمد بن الحسن) (٤) ، عن عمرو بن سعيد، عن مصدِّق، عن عمّار، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن النضوح؟ قال: يطبخ التمر، حتّى يذهب ثلثاه، ويبقى ثلثه، ثمَّ يمتشطن.

[ ٣٢١٧٥ ] ٢ - وعنه عن العبّاس بن معروف، عن سعدان بن مسلم، عن عليّ الواسطي، قال: دخلت الجويرية - وكانت تحت عيسى بن موسى - على أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، وكانت صالحة، فقالت: إنّي أتطيّب لزوجي فيجعل(٥) في المشطة التي امتشط بها الخمر، وأجعله في رأسي؟ قال: لا بأس.

____________________

٤ - علل الشرائع: ٤٧٨ / ذيل ١.

(١) في المصدر: في حال الاضطرار مباح مطلق.

(٢) تقدم في الحديث ١ من الباب ١ من أبواب الأطعمة المحرمة.

(٣) تقدم في الحديث ١ من الباب ١، وفي الباب ٤٢ من أبواب الأطعمة المباحة.

الباب ٣٧

فيه ٣ أحاديث

١ - التهذيب ٩: ١٢٣ / ٥٣١.

(٤) في المصدر: عن موسى بن عمر.

٢ - التهذيب ٩: ١٢٣ / ٥٣٠.

(٥) في المصدر: فنجعل.

٣٧٩

أقول: حمله الشيخ على ما تضمنّه الحديث الذي قبله، ويحتمل التقيّة.

[ ٣٢١٧٦ ] ٣ - عليُّ بن جعفر في كتابه عن أخيه، قال: سألته عن النضوح يجعل فيه النبيذ، أيصلح للمرأة أن تصلّي وهو على رأسها؟ قال: لا، حتى تغتسل منه.

ورواه الحميري في( قرب الإِسناد) عن عبدالله بن الحسن، عن عليِّ ابن جعفر (١) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) .

٣٨ - باب عدم جواز بيع العنب بالعصير، وجواز بيع العصير نقداً ونسيئة.

[ ٣٢١٧٧ ] ١ - محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عبدالله بن هلال، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن الرجل يكون له الكرم قد بلغ فيدفعه إلى أكّاره(٣) بكذا وكذا دنّاً من عصير، قال: لا.

[ ٣٢١٧٨ ] ٢ - وعنه عن عليِّ بن السندي، عن محمد بن إسماعيل، قال: سأل الرضا( عليه‌السلام ) رجل - وأنا أسمع - عن العصير يبيعه من المجوس واليهود والنصارى والمسلمين قبل أن يختمر ويقبض ثمنه، أو

____________________

٣ - مسائل علي بن جعفر ١٥١ / ٢٠٠.

(١) قرب الإِسناد: ١٠١.

(٢) تقدم في الحديث ٢ من الباب ٣٢ من هذه الأبواب.

الباب ٣٨

فيه ٣ أحاديث

١ - التهذيب ٩: ١٢٣ / ٥٣٢.

(٣) الأكّار: الزارع الذي يزرع الارض على نصيب معيّن كالثلث أو الربع. « الصحاح ( أكر ) ٢: ٥٨٠ ».

٢ - التهذيب ٩: ١٢٣ / ٥٣٣.

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485