مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٥

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل11%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 517

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 517 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 338470 / تحميل: 5371
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

الفصل الثالث

القرآن والغزو الثقافي

٨١

٨٢

امتزاج الحق بالباطل

في ضوء المطالب التي جرى بيانها في الفصلين المتقدمَين، وفي حدود تحقيق غاية الكتاب فقد تمّ تقديم إيضاحات موجزة عن مكانة القرآن وأهميته، ودور هذا الكتاب الإلهي، من منظار نهج البلاغة في هداية البشر نحو السعادة الكمال، والآن يتبادر هذا السؤال وهو : هل يكفي الالتزام بالأمور الآنفة الذكر لغرض الاستفادة من القرآن الكريم، والتمسك بالثقل الأكبر الذي يُعد تراثاً عظيماً للنبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ ربّما يقال لو جرى الالتزام بكافة الأمور التي تلعب دوراً في الفهم الصحيح والاستنباط الصائب من القرآن، فمن المحتم أن تُفهم أحكام القرآن ومعارفه كما هي، وتتبلور ثقافة المجتمع على أساس توجيهات القرآن الكريم ويتحصّن الناس من الخطر في ظل الحكومة الدينية وتحت ظلال القرآن؛ لأنّ التمسك بالقرآن هو ذاته الفهم الصحيح لمعارفه والعمل على أساس التعاليم القرآنية.

بالرغم من أنّ الجواب المذكور يُعتبر إلى حدّ ما صحيحاً في حدود الهدايات الفردية للقرآن، لكن تحقّق هذا الأمر إنّما يكون حينما يُنظر إلى الدور المفترض للقرآن على مستوى عامٍ، ويُدرك موقعه في مواجهة الأفكار الضالة والمتطاولين على الثقافة الدينية.

يبدو أنّ تحكيم ثقافة القرآن وقيادة المجتمع على أساس المعتقدات والقيم الدينية لن يكون مهمةً سهلةً، بدون معرفة الأفكار الضالة لأعداء القرآن، ومواجهتهم من خلال تسليط الأضواء، وفضح مؤامراتهم أمام الملأ، وهذا أمر غالباً ما يكون محط غفلة.

٨٣

بناءً على هذا ينبغي إلى جانب العمل على فهم القرآن والعمل بتوجيهاته، أن لا يُغفل عن أعداء القرآن بأي نحو كان، فلا يتحقق التمسك بالقرآن وتحكيم هذا الكتاب السماوي إلاّ بمعرفة الأفكار الضالة المعادية للقرآن ومواجهتها.

إنّ الحق والباطل متلاصقان في مقام العمل مثل تلاصقهما في مقام المعرفة، أي أنّكم إذا ما عرفتم الحق فستعرفون الباطل أيضاً، ومعرفة الباطل تعينكم لكي تعرفوا الحق أيضاً، وفي مقام العمل يتعذر تحكيم القرآن في المجتمع بدون معرفة الأعداء والأفكار المنحرفة، والتصدي لمؤامراتهم ومكائدهم الشيطانية في إضعاف الثقافة الدينية للناس.

إنّنا وفي هذا المجال نورد في البداية كلاماً لعليعليه‌السلام في نهج البلاغة، ومن ثَمّ نقوم ببيان أساليب أعداء القرآن في تضليل الرأي العام للمجتمع لنعرّف - من خلال توضيح شبهات الملحدين - الرأي العام للناس لاسيما طبقة الشباب والمثقّفين في المجتمع بالمؤامرات الشيطانية التي يحيكها الأعداء.

إنّ معرفة الأعداء والمناهضين للقرآن والثقافة الدينية من الأهمية والحساسية بحيث يقول عليعليه‌السلام : ( وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَنْ تَعْرِفُوا الرُّشْدَ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي تَرَكَهُ، وَلَنْ تَأْخُذُوا بِمِيثَاقِ الْكِتَابِ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي نَقَضَهُ، وَلَنْ تَمَسَّكُوا بِهِ حَتَّى تَعْرِفُوا الَّذِي نَبَذَهُ، فَالْتَمِسُوا ذَلِكَ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهِ فَإِنَّهُمْ عَيْشُ الْعِلْمِ وَمَوْتُ الْجَهْلِ )(١) ، فاعلموا أنّكم لا تعرفون طريق الهداية ولا تسلكونه إلاّ أن تعرفوا الذين تخلوا عن الهداية الإلهية، ولا تتمسكون بعهد الله وهو القرآن الكريم إلاّ أن تعرفوا الذين نكثوا ذلك العهد، ولا تكونون ممّن تمسكوا بحبل الله المتين والأتباع الحقيقيين للقرآن إلاّ أن تعرفوا الذين حادوا عن القرآن واعرضوا عن هذا الكتاب الإلهي، ثمّ يقولعليه‌السلام : خذوا تفسير القرآن ومعارفه عن أهل القرآن - أهل البيت - لأنّهم هم الذين يحيون العلوم والمعارف الإلهية ويميتون الجهل.

إنّ هذا الكلام الجلي لعليعليه‌السلام المرتكز على ضرورة تمييز العدو ومعروفة الأفكار

____________________

(١) نهج البلاغة : الخطبة ١٤٧.

٨٤

الضالة وضرورة فضح المنحرفين، يضاعف واجب علماء الدين والقائمين على نشر العلوم والمعارف الإلهية؛ لأن إزالة الأفكار المنحرفة، وشبهات الملحدين، عن أذهان الناس، لاسيما الشباب الذين لا يتمتعون بالبنية العلمية الكافية من حيث العلوم والمعارف الدينية، من المهام الأساسية للتبليغ، وتحكيم الثقافة القرآنية والدينية وبدون ذلك لا يمكن توقّع تحقيق النتيجة المنشودة والمفترضة، ولغرض توضيح هذا الأمر نتابع البحث في ثلاثة أقسام هي : الشبهات، والأساليب، ودوافع الأعداء من إثارة الشبهات.

بالرغم من أنّ القرآن أعظم نعمة مَنَّ بها الله سبحانه وتعالى بها على عباده، ورغم أنّه تكفّل المحافظة عليه من تطاول الشياطين وذوي الأطباع الشيطانية من الناس، لكن هذه ليست نهاية القصة، فالشيطان - هذا العدو المتربص ببني آدم - يوحي بالشبهات في كل عصر وبما يتناسب مع الظروف والروح السائدة، على مَن لهم القدرة من حيث الموقع الاجتماعي بالتأثير على أفكار الناس، وفي إطار أهوائهم النفسية؛ ليجرّ عامة الناس من خلالهم خلفه، ويحرفهم عن القرآن والدين، وبما أنّ القرآن أعظم وسيلة لنجاة الناس وهدايتهم وسعادتهم، فإنّ كل ما يتمناه الشيطان ويهدف له هو فصل الناس عن القرآن والدين، ومن أحابيل الشيطان في هذا الاتجاه هو تشجيع وساوس الذين بمقدورهم خلخلة إيمان واعتقاد الناس عن طريق إثارة الشبهات حول الدين والقرآن.

لقد كان عمل الشيطان والشياطنة في مقارعة القرآن الكريم قائماً منذ بداية نزول القرآن، وقد بدأت هذه الأعمال منذ الحث على ملء الآذان بالقطن، والمنع عن الاستماع لآيات الله، وتوجيه الاتهام للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والافتراء عليه وهي مستمرة الآن بصور أخرى، وسوف تستمر لاحقاً أيضاً، وفي هذا المجال نغض الطرف عن إيراد تفاصيل طريقة المواجهة مع القرآن على مر التاريخ، ولغرض تجنّب الإطناب في الحديث نحاول من خلال ذكر بعض الشبهات التي تُثار الآن في وسط المجتمع؛ لإضعاف الثقافة الدينية

٨٥

للناس، لاسيما الشباب منهم وعقائدهم؛ كي نعمل على تنوير عقول القرّاء ومنهم الشباب، كي يتسنّى لهم ومن خلال الاطلاع على هذه المؤامرات الشيطانية التصدي للغزو الثقافي الذي يشنه الأعداء.

عندما يئس الشياطين في مواجهتهم للقرآن من القضاء عليه وإفنائه قرّروا حرمان الناس من التعرف على مضمونه، فكان أعداء القرآن وعلى مدى عدة قرون يروّجون في أوساط المسلمين، لاسيما الشيعة من أنّنا ينبغي أن لا نتوقع الكثير من القرآن؛ لأنّ القرآن متعذر الفهم بالنسبة إلينا، ونحن لسنا على اطلاع بباطن القرآن، وعليه لا يمكن الاستناد إلى ظاهر القرآن.

إنّ هؤلاء وبإيحائهم بفكرة عدم قدرتنا على فهم القرآن كانوا يحاولون حرمان الناس من الانتهال من القرآن، وبالنتيجة يُخرجون القرآن من صلب حياة المسلمين، وفي هذه الأثناء بالرغم من أنّ الاحترام الظاهري للقرآن في صيغة القراءة والتقبيل وتقديسه واحترامه كان شائعاً بين المسلمين، لكن هدف الأعداء ومناهضي القرآن هو حرمان الناس من مضمون القرآن والعمل بتعاليم هذا الكتاب السماوي.

واليوم يقوم أدعياء التنوّر الفكري - الذين يفتقرون للكثير من العلوم والمعارف الإسلامية - بإثارة أكثر الشبهات إضلالاً، والمؤامرات الشيطانية التي حيكت في الغرب قبل عدة قرون حول الكتب المحرّفة لسائر الباديان، وذلك تحت عنوان الأفكار الحديثة في وسط المحافل الثقافية والعلمية للمجتمع، والتأثير على الشريحة الطلابية المتعطشة للعلم والمعرفة، التي لا معرفة لها بأسس الأفكار الباطلة والأوهام الشيطانية لهؤلاء، متوهمين أنّهم يقومون بإضعاف المرتكزات العقائدية لهذه الطبقة، غافلين عن أنّ الشعب المسلم لاسيما الشباب من الطلبة والعلماء المسلمين الواعين، سيدركون بطلان أفكارهم الخاوية الشوهاء والبعيدة عن المنطق والعقل.إنّ عقائد وأفكار وعلوم الشعب المسلم وعلماء الدين تقوم على العقل والمنطق، ونابعة من علوم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة

٨٦

المعصومينعليهم‌السلام ، وتنبثق من ينبوع الوحي، وحيثما واجه مسلمٌ أفكاراً منحرفة في المجالات الفكرية والعقائدية فإنّه ينبري لطرح ذلك أمام العلماء والمختصين بالعلوم والمعارف الدينية؛ ليحصل على الجواب الصحيح والمنطقي.

شبهة عدم بلوغ حقيقة الدين

لقد أثيرت شبهة عدم إمكانية بلوغ حقيقة الدين بدوافع شيطانية للغاية، ولها من الآثار المدمرة التي لا مجال الآن للتطرّق إليها جميعاً، ونكتفي هنا بتوضيح أصل الشبهة وكشف بعض زواياها الخافية ولوازمها، ونترك الحكم إليكم.

بما أنّ بحثنا يختص بالقرآن الكريم فإنّنا نتناول هذه الشبهة بالبحث فيما يخص القرآن.

فهذه الشبهة تُثار بصور شتى ومستويات مختلفة فيما يتعلق بفهم القرآن الكريم، فتارة يقال إنّ بعض آيات القرآن الكريم لها تفسيرات مختلفة، ولا يتفق المفسّرون في آرائهم في تفسيرها وتفصيلها، ونحن مهما قمنا بالتحقيق لغرض أن نحصل على رأي صائب يكون كاشفاً عن الكلام الواقعي للقرآن، فإنّنا في النهاية سنقبل بتفسير ورأي أحد المفسّرين، ومن الطبيعي أنّ سائر المفسّرين لا يرون فيه رأي القرآن، وعليه فإنّه ليس يسيراً بلوغ الكلام الحقيقي للقرآن.

من الطبيعي أنّ مثيري هذه الشبهة يحاولون من خلال الإيحاء بالفكرة المذكورة إثارة الشكوك لدى الذين لا يتمتعون بقوة فكرية، واقتدار علمي متين، وقدرة على التحليل والإجابة، والمطالعة الكافية في المعارف الدينية، إنّ هؤلاء واستناداً لتصوراتهم الخاطئة، يعتقدون أنّ القواعد الفكرية والعقائدية للمسلمين تقوم على أساس التقليد الأعمى، وهي تتحطّم من خلال نسج هذه الأوهام، ولأنّهم يعرفون جيداً عندما يسود الفكر والعقل والمنطق فإنّ القرآن ومعارف هذا الكتاب الإلهي وحدها التي تحظى بتصديق العقل السليم، والمنطق الصحيح، ويتقبلها كل إنسان توّاق للحق صادقاً من كل

٨٧

قلبه، فقد حاولوا إثارة الشبهة المذكورة بشكل أكثر عمقاً؛ ليكونوا - حسب زعمهم - قد وجّهوا ضربةً أقوى إلى الفكر الديني، غافلين عن أنّ الواعين من علماء المسلمين وبتحليلهم لأفكار هؤلاء سيدركون الآثار واللوازم الباطلة لهذا النمط من الفكر، الذي لا مآل له سوى الانحدار في ورطة التشكيك.

على أية حال، يظهر من إثارة الشبهة المذكورة بالنحو الذي جرى بيانه، أنّ مثيري الشبهة يعتقدون أنّ القرآن ذو حقائق ثابتة، ولكن بما أنّ المفسّرين لا يتفقون بآرائهم في تفسير القرآن فإنّ أيدينا تقصر عن بلوغ الكلام الواقعي للقرآن، وعليه فليس ممكناً الاستفادة من القرآن ويجب أن نلقيه جانباً.

ولكن عندما يواجهون الآيات الصريحة والواضحة في القرآن، ويعجزون عن إيجاد تشويه في ظاهرها ومعناها الجلي، ويرون أنفسهم عاجزين أمام العقل والمنطق ومحكمات القرآن، فإنّهم يتمادون أكثر فيثيرون الشبهة بنحو آخر، ولغرض بلوغ غايتهم المتمثلة بتجريد القرآن والعقائد والقيم الدينية من شأنها، فإنّهم يبادرون إلى تغيير موقفهم بشكل كامل عن كلامهم السابق المتمثل بعدم إمكانية فهم القرآن والعلوم الدينية، فيقفون في النقطة المعاكسة تماماً، ففي موقفهم السابق كانوا يقبلون بالمعنى الذاتي والواقعي لكلام القرآن والمعارف الدينية، ويرونها بعيدةً عن متناول الإنسان، أمّا في موقفهم الجديد فهم يعتبرون القرآن والتعاليم الدينية خاليةً من الواقعية، معتبرين المعارف والتعاليم الدينية استنباطات ذهنية للناس عن الآيات ويقولون : ليس القرآن وحده بل كافة الكتب السماوية نزلت بنحوٍ يمكن معه تفسيرها بصور مختلفة، وتكون جميع تلك التفاسير المختلفة والاستنباطات المتباينة صحيحة وصائبة، فإذا ما طُرح سؤال فحتى لو كانت تلك التفاسير والاستنباطات تختلف فيما بينها إلى حدّ التناقض، فهم سيقولون إنّ الاختلاف في الاستنباطات لا يؤدي إلى حدوث مشكلة حتى لو كان بمستوى التضاد والتناقض؛ لأنّ الدين والقرآن بالأساس لم يبيّن الحقيقة، بل هو

٨٨

ألفاظ وقوالب فارغة ألقيت على النبي باسم الوحي الإلهي، وكل مَن يرجع إليها يتداعى أمر ما في ذهنه !! وما يتداعى هو فهم الإنسان نفسه، وبما أنّ البشر يمتلكون عقولاً متباينة ففي النتيجة تكون الأفهام متباينةً أيضاً، فالدين هو تلك الأفهام المتباينة للناس عن ألفاظ القرآن وآياته والتعاليم الدينية، وحيث إنّ القرآن والتعاليم لا تكشف عن أية حقيقة فإنّ الأفهام المتباينة عنها ليست قابلةً للتصديق والتكذيب، فالأفهام جميعها محقة ومحكومة بالصحة والصدق؛ لأنّ القرآن لا يكشف عن حقائق ثابتة يتطابق معها أحد الأفهام والتفسيرات.

لقد تمادى ناسجو الأوهام لنظرية الصُرط المستقيمة أو القراءات المتعددة للدين أيضاً أكثر من هذا؛ ولغرض أن يوجّهوا ضربةً إلى أصل الدين وأساسه - أي الوحي - فإنّهم يقولون : ليس الإنسان وحده لا يدرك حقيقةً ثابتةً عن القرآن والوحي الإلهي وإنّ كل إنسان يقدّم ويفسّر أفكاره تحت عنوان الوحي، بل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أيضاً وبسبب ما يتميز به من صفة بشرية قد طرح فهمه وإدراكه واستنباطه للناس على أنّه وحي.

وعليه؛ فإنّ فهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بدوره فهم شخصي، يتناسب مع عقليته وظروفه الخاصة الزمانية والمكانية، طرحها بصيغة ألفاظ وآيات، وبناءً على هذا لا يمكن اعتبار القرآن كلام الله ووحيه، بل ينبغي القول أنّ القرآن الكلام النبي.

لابدّ أنّكم ستسألون : ما الذي يجب صنعه مع آيات من قبيل :

( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ‏* إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحَى ) (١) أو :( تَنزِيلٌ مِن رَبّ الْعَالَمِينَ * وَلَوْ تَقَوّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ) (٢) ؟ يقول أنصار هذه النظرية في الإجابة : هذه المضامين استنباط وفهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أيضاً وتكشف عن أحاسيسه.

من البديهي أنّ مثل هذه النظرية لا مصير لها سوى الوقوع في ورطة التشكيك ،

____________________

(١) النجم : ٣ و٤.

(٢) الحاقة : ٤٣ - ٤٦.

٨٩

وإنكار الحقيقة وتجاهل العقل والمنطق والتلاعب بالألفاظ، فسيقول الموحون بهذه الفكرة في مواجهة أجلى المعاني وأوضح المفاهيم : إنّ هذا إحساسكم وفهمكم ولا ينم عن أية حقيقة سوى أفكاركم، وعليه فإنّه جيد ومحترم بالنسبة إليكم، لكنّه لا وزن ولا شأن له بالنسبة للآخرين !

على أية حال يبدو أنّ إشاعة مثل هذه الرؤية إزاء الدين والقرآن تُعد من أكثر الأساليب والمصائد الشيطانية تطوراً، التي حيكت لحد الآن؛ لإغواء وخداع بني آدم.

التلقين والتكرار سلاح مهم لدى الشياطين

إنّ أحد أساليب الشياطين لإغواء البشر هو إصرارهم وتأكيدهم على الوسوسة لبني آدم، والتسلل إلى أفكارهم وعقولهم؛ ولهذا السبب يذكّرهم القرآن بصفة الوسواس الخناس، ويرشد الناس للاستعاذة بالله من شر شياطين الإنس والجن؛ لأنّ الشياطين تعمل بوسوستها ودس الأوهام في قلب الإنسان، لأن تُخضع قلب الإنسان لسيطرتها، وتسيّر أفكاره في منعطفات السقوط والضلال.

إنّ الشياطين وذوي الأطباع الشيطانية من الناس يعلمون بأنّ عليهم الثرثرة والكتابة والتكرار من أجل؛ دس الأوهام الشيطانية في عقول عباد الله، ليجعلوا العقول تأنس أوهامهم الباطلة، ليتسللوا بالتدريج في أذهان الناس وعقولهم، وهم بأنفسهم يقولون : ينبغي التكلّم والكتابة والتكرار إلى الحد الذي يصاب الناس معه بالشك والتردّد.

إنّهم واستلهاماً من إبليس يعملون بالدرجة الأُولى على إغواء وتضليل الطبقة المثقفة والطلابية؛ لأنه - وحسب تصورهم - يستطيعون بيسر إضلال عامة الناس بخداعهم لهذه الطبقة، غافلين عن أنّ الله سبحانه وتعالى قد جعل مشاعل زاهرةً لهداية المسلمين لاسيما الشيعة، وبلطف من الله واستلهاماً من علوم ومعارف هؤلاء سيطلع

٩٠

المسلمون على الأحابيل الشيطانية للأعداء؛ ويغدون أشدّ نباتاً وصلابةً يوماً بعد يوم في اتّباعهم للقرآن.

الاستناد إلى المتشابهات، أسلوب آخر في مواجهة القرآن

لقد تقدمت الإشارة إلى أنّ أحد شؤون النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة المعصومين (عليهم السلام) هو، تفسير وبيان الوحي الإلهي، فيما أنّ القرآن ذو محكمات ومتشابهات، وكما تقدمت الإشارة آنفاً أنّ له ظاهراً وباطناً، فليس متيسراً الوصول إلى عمق معارفه إلاّ للنبي والأئمة المعصومين والعارفين بالعلوم الإلهية وتفسيرها وبيانها، لا يقوى عليه سوى المتعلّمين في مدرسة أهل البيت.

بناءً على هذا وطبقاً لحكم العقل ومنهج العقلاء القائم على وجوب رجوع الجاهل إلى العالم، فلا سبيل لفهم القرآن ومعارف الدين، سوى الرجوع إلى مَن جاء بهذا الكتاب الإلهي والأئمة المعصومينعليهم‌السلام والدارسين في مدرستهم، لكن ليس الأمر أنّ جميع الناس يقتفون المنهج العقلائي، أو أنّهم يرون أنفسهم ملتزمين بالعقل والمنطق والمبادئ المنطقية في الفهم والتفهيم والتفهّم، فهنالك أناس يعملون فقط من أجل إضلال الناس، ولا هدف لهم سوى إثارة الشبهة والفتنة في المجتمع، وقد عني القرآن بهذا الأمر أيضاً :( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُو الأَلْبَابِ ) (١) لقد قسّمت هذه الآية القرآن الكريم إلى قسمين : محكمات ومتشابهات، ووصفت المحكمات ب- ( أُمُّ الْكِتَابِ ) فبعض القرآن آيات محكمات تمثّل الأم والأصل للقسم الثاني أي المتشابهات.

____________________

(١) آل عمران : ٧.

٩١

إنّ محكمات القرآن عبارة عن الآيات الواضحة معانيها، ومعارفها لا تقبل الشك، وهذه الآيات تمثّل أصول وأُمّهات معارف القرآن، فمعيار وملاك صحة وعدم صحة المعارف الدينية هي المحكمات وأُمّهات القرآن، وفي المقابل هنالك آيات ليس ممكناً فهمها دون الاستعانة بالمحكمات، وليس للجميع إدراك عمق معانيها، ويعبّر عن هذه الطائفة من آيات القرآن بالمتشابهات.

لقد نهى القرآن الناس عن اتّباع المتشابهات بدون الاستعانة بالمحكمات وبتفسير وبيان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة المعصومينعليهم‌السلام ، فالقرآن الكريم يعتبر اتّباع المتشابهات دليلاً على انحراف القلب، ويصرّح بأنّ الذين يجعلون متشابهات القرآن ملاكاً لفكرهم وفهمهم وعقائدهم، إنّما يسعون وراء الفتنة وتأويل القرآن وتحريفه، وبتصريح القرآن لا يعلم تأويل وتفسير الآيات المتشابهة إلاّ الله والراسخون في العلم والأئمة المعصومينعليهم‌السلام ، والراسخون في العلم هم الذين تقبّلوا العبودية لله بكل كيانهم قائلين : آمنا بالقرآن محكماته ومتشابهاته كلّ من عند ربنا.

الحكمة من وجود المتشابهات في القرآن

هنا ربّما يتبادر هذا السؤال وهو، لماذا لم ينزل القرآن بنحو تكون جميع آياته بيّنةً ومحكمةً بعيدة عن أي إبهام وإجمال؛ لتكون يسيرة الفهم والفائدة للجميع على حد سواء ؟

للإجابة على هذا السؤال نورد في البداية مقدمةً موجزة : إنّ عقلنا نحن العاديين من الناس تابع للعوامل الطبيعية، فعندما يولد الناس العاديون يتعرفون على الحسيات في البداية عن طريق الحواس، وفي البداية يتبلور فهمهم وإدراكهم في حدود المحسوسات والماديات، لكن القوى الفكرية للإنسان تنمو تدريجياً، وتحصل شيئاً فشيئاً على القدرة على التجريد، وبالنتيجة تحصل لديه القابلية على إدراك الأمور ما فوق المادية، فكلما

٩٢

تمتع عقل الإنسان بالمزيد من النمو وقوة التجريد، وخرج عن أجواء المادة والماديات، فهو يدرك أفضل بنفس هذا المستوى حقائق ما وراء الطبيعة، وبما أنّ جميع الناس ليسوا سواء من حيث النمو العقلي، فهم لا يكونون سواء أيضاً في إدراك الأمور غير المحسوسة، فليسوا قلّةً الناس الذين تمضي عشرات السنين من أعمارهم، لكن فهمهم وإدراكهم يبقى بمستوى فهم وإدراك الأطفال في السابعة أو الثامنة من العمر، وربّما يمضي عمرهم وهم ما يزالون يتصورون لله والمجردات زماناً ومكاناً؛ لأنّ فهمهم وقابليتهم وقدرتهم على التعقّل، وقابليتهم العقلية بقيت في حدود الماديات، في حين أنّ أساس الدين هو الإيمان بالغيب، أي الإيمان بالحقائق المجردة وغير المادية، يقول القرآن:( ذلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتّقِينَ * الّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ) (١) .

بناءً على هذا؛ إنّ أساس الإيمان هو أن يؤمن الإنسان بحقائق غير محسوسة ويعتقد بها، ولكن ما هي حقيقة وكنه تلك الحقائق ؟ إنّه أمر ليس ممكناً إدراكه إلاّ بالإلهامات الإلهية التي تنزل على قلوب الأنبياء والأئمة المعصومينعليهم‌السلام ، ونحن البسطاء من الناس لا سبيل أمامنا لإدراك نفحة من أمور ما وراء الطبيعة وحقيقتها إلاّ بترصين قوانا العقلية والعبور التدريجي من المحسوسات إلى المجردات وأمور ما وراء الطبيعة.

من ناحية أخرى أنّ الألفاظ التي تُستخدم في دائرة المجردات غالباً ما وضعت من أجل المعاني المحسوسة :( يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) (٢) أو :( هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ) (٣) فمفردات فوق، على، عالي وعلو إنّما تعني جميعها العلو في مقابل الأسفل والداني، من البديهي أنّ الإنسان لا يدرك في البداية من هذه المفردات معنىً أوسع من المعنى الحسي، فالإنسان مثلاً يضع رأسه ملاكاً للعلو، وكل ما يقع بمستوى الرأس ويرتفع نحو السماء يعتبره عالياً، ويجعل من قدمه ملاكاً للداني وكل ما هو أدنى منه يعتبره

____________________

(١) البقرة : ٢ و ٣.

(٢) الشورى : ١١.

(٣) الشورى : ٤.

٩٣

دانياً، ولهذا السبب يقول إنّ السماء عالية والأرض، واطئة وبدخوله إلى الحياة الاجتماعية يخرج تدريجياً عن هذه المعاني الحسية فيدرك المعنى غير الحسي والانتزاعي لها، أي عندما يقال إنّ فلاناً مقامه عالياً أو ارتفع، لا يدرك الإنسان من هذه المفردة ذلك المعنى الحسي لِما هو أعلى من الرأس، ولا يتداعى لديه من الهبوط ذلك المعنى الحسي للكلمة.

من الطبيعي أنّ المعنى المراد في مثل هذه الاستخدامات قد جُرّد من اللوازم المادية والمحسوسة، فعندما يقال إنّ الذي يخلق الكون بأجمعه بإرادة واحدة منه له مقام عالٍ جداً، فإنّ العلوّ الذي يُنسب إلى الباري تعالى أكثر مدى إلى ما لا نهاية من ذلك العلو الذي يُنسب إلى رئيس إزاء مَن هم تحت يديه، والفارق بينهما كالمسافة بين الصفر وبين ما لا نهاية، وكالمسافة بين الحقيقة والمجاز؛ لأنّ كل علو وشأن اعتباري إنّما هو عارية وزائل ما خلا العلو الحقيقي الذي هو جديرٌ بالله خالق الكون وله وحده فهو الذي :( إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) (١) .

وعلى هذا الأساس حين يقول القرآن :( هو العليُّ العظيمُ ) (٢) فليس المراد هو العلو المادي والمحسوس لله، ولا المراد من عظمته العِظم والكبر المادي والمحسوس، وأمّا ما هي حقيقة علو وعظمة الله ؟ فهي مسألة لا تبلغها عقول البشر، وطبعاً في الكثير من الحالات لا يوجد لفظ آخر غير الألفاظ التي تُستخدم للمعاني الحسيّة، ولا مناص من استخدام تلك الألفاظ للتعبير عن المعاني المجرّدة كقوله مثلاً :( هو العليُّ العظيم ) ، فالعلو هو اللفظ الذي يُستخدم للإشارة إلى علو السقف بالنسبة إلى الأرضية، والعظيم هو اللفظ الذي يُستخدم للإشارة إلى جبل دماوند، ولكن حينما تُستخدم هذه الألفاظ بشأن الله فهي تُجرّد من معانيها الحسيّة، ومن الطبيعي أنّ الأمر ليس بذلك النحو بحيث يودّي تجريدها إلى التوصّل إلى حقيقتها.

____________________

(١) يس : ٨٢.

(٢) البقرة : ٢٥٥.

٩٤

يقال إنّ الألفاظ والمعاني التي يحصل التوصّل إلى حقيقتها عن الطريق المذكور، تتّصف بنوع من التشابه الباعث على الإبهام والمغالطة، فمَن لم يتمكّن حتى الآن من تجريد المعاني المذكورة من الشوائب والمتعلّقات الحسية، عندما يوصف الله ب- ( العليّ ) يتوهّم أنّ الله فوق السموات، في حين أنّ الله ليس بجسمٍ حتى يُتصوّر له مكان :( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ) (١) لكنّه لا يفهم أكثر من ذلك، ومن الطبيعي أنّه غير مكلّف بأكثر ممّا يفهم؛ لأنّه لا طاقة له على ما هو أكثر من ذلك.

وأمّا مَن تجاوز هذه المرحلة، وغدت لديه مقدرة أكثر على الفهم، وأضحى يدرك المعاني الاعتبارية، عندما يقال( إنّ اللهَ عليٌ عظيمٌ ) يظنّ أنّ علو الله يشبه علو ورفعة مرتبة الرئيس بالنسبة إلى مَن هم تحت إمرته، ولكن أين هذا المعنى من علو الله ؟!

إنّ مَن أمضى عمره في اكتساب العلم والحكمة وإدراك المعاني المجرّدة يفهم من العلو معنىً أبعد من المعاني المذكورة، ويقول إنّ لله علواً وجودياً على ما سواه.

إنّ لكل المخلوقات وجوداً، ولله وجوداً أيضاً، ولكن لا يمكن مقارنة وجود الله تبارك وتعالى مع الموجودات الأخرى من حيث علو المرتبة الوجودية، ولكن ما هي حقيقة هذا العلو ورفعة المرتبة الوجودية ؟ إنّه أمر يستطيع كل شخص الاقتراب منه على قدر فهمه، وإن كان إدراك كنهه لا يتيسّر لأحد.

والآن في ضوء التوضيح المذكور، نقول : إنّ الله عندما يريد أن يتحدث لنا نحن بني الإنسان، عن أمور تفوق فهمنا العادي، فهو يستخدم ألفاظاً يمكننا عند التأمّل فيها إدراكها على قدر فهمنا، وإن كانت هذه المعاني تفوق فهمنا، ففي مثل هذه الحالات لابدّ من استخدام ألفاظ متشابهة.

على هذا الأساس فإنّ الآيات التي تتحدث عمّا وراء الطبيعة وتفوق فهم الناس العاديين، لابدّ أن تنطوي لا إرادياً على مرتبة من التشابه، ولابدّ من الاستعانة بالمحكمات للاقتراب من حقيقتها، مثلاً عندما يقول القرآن :( هو العليُّ العظيمُ ) (٢) ولا

____________________

(١) البقرة : ١١٥.

(٢) الشورى : ٤.

٩٥

ندرك حقيقة وكنه علو المرتبة الوجودية وحقيقة عظمة الله، لابدّ عند ذاك من تفسيرها عبر الاستعانة بمحكمات القرآن مثل قوله تعالى :( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) (١) ؛ لكي لا نقع في سوء الفهم وخطأ التفسير.تقول الآية الأُولى إنّ الله عليُّ عظيم، فيما تصرّح الآية الثانية أنّ الله لا مثيل له ولا نظير، أي مهما تصورتم من العلو والعظمة لله تعالى فإنّكم لم تدركوا علوّه وعظمته؛ لأنّ الله فوق كل ذلك.

وهكذا الحال بالنسبة إلى صفات الله أيضاً، فحينما يقال إنّ الله عالم، الله قادر، فمن البديهي أنّ حقيقة علم الله تعالى تفوق وتختلف عن ذلك المعنى، الذي يتبلور في الذهن عن الإنسان من خلال إدراكه للصور الذهنية، وأمّا حقيقة علم أو قدرة الله، وبشكل عام حقيقة أوصاف الله، فهو موضوع ليس ممكناً فهمه إلاّ لله الذي تعتبر ذاته عين العلم وعين الحياة والقدرة.

لقد استخدم الله تعالى - من أجل إرشاد الناس إلى ذاته والى صفاته الإلهية - ذات الألفاظ التي يدرك الناس منها ابتداءً تلك المعاني الحسية؛ لكي ينتفع الناس من تلك المعارف السامية ولو قليلاً.

بناءً على هذا، فإنّ وجود الآيات المتشابهة في القرآن من الحكم الإلهية، التي لولاها لانغلق كلياً أمام الإنسان سبيل إدراك المعاني والمعارف المجرّدة وغير المحسوسة، بيد أنّ استخدام المتشابهات وتفسيرها وتبيينها - كما أشرنا سابقاً - يجب أن يأتي من خلال الاستعانة بالمحكمات، لكن الأمر ليس بالشكل الذي ينتهجه كل مَن يبتغي فهم القرآن ومعارفه، المسار المنطقي والعقلاني والطبيعي المشار إليه آنفاً لغرض فهم المعارف الإلهية، ففي الآية موضوع البحث يشير تعالى إلى وجود آيات متشابهات ومحكمات في القرآن، ويقول وأمّا الذين( فِي قُلُوبِهِم زَيغٌ ) (٢) المصابون بداء روحي وقلبي وانحراف فكري، أو بعبارة أخرى( فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ) (٣) يجعلون الآيات

____________________

(١) الشورى : ٧.

(٢) آل عمران : ٧.

(٣) البقرة : ١٠.

٩٦

المتشابهات ملاكاً لفكرهم وعملهم، ويحملون الآيات المتشابهات من القرآن الكريم على معاني حسيّة بدون الالتفات إلى الآيات المحكمات، ويوفّرون بذلك دواعي ضلالهم وضلال غيرهم.

مزج الحق والباطل، سلاح آخر بيد المنحرفين

من الطبيعي أنّ مَن يريدون مجابهة الدين والقرآن والمعارف والقيم الدينية في أوساط المجتمع الإسلامي، لا يتّبعون أبداً أسلوب المجابهة المباشرة لتحقيق أغراضهم؛ لأنّهم يعلمون جيداً بأنّهم في مثل هذه الحالة سيواجهون معارضةً عامّة من قِبل أبناء الشعب المسلم، وسيفشلون في الخطوة الأُولى، إنّهم يستخدمون الأساليب النفسية الأساسية والمناسبة من أجل تحقيق أهدافهم الشيطانية.

إنّ أحد أساليبهم مزج الحق والباطل، فهم يمزجون الحق والباطل، وينشرون مزيجاً من كلام الحق والباطل ببيان جميل؛ لكي يتلقّى المخاطبون - الذين لا يملكون أحياناً الوعي والخُبرة اللازمة للتمييز بين كلام الحق من الباطل - كلامهم بالقبول، لكي يلقون بالنتيجة في ذهن السامع الغافل الكلام الباطل المزيّن بثوب الحق، والمخفي تحت نقاب من البيان الأدبي الجميل.

قال الإمام عليعليه‌السلام : ( فَلَوْ أَنَّ الْبَاطِلَ خَلَصَ مِنْ مِزَاجِ الْحَقِّ لَمْ يَخْفَ عَلَى الْمُرْتَادِينَ، وَلَوْ أَنَّ الْحَقَّ خَلَصَ مِنْ لَبْسِ الْبَاطِلِ انْقَطَعَتْ عَنْهُ أَلْسُنُ الْمُعَانِدِينَ، وَلَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا ضِغْثٌ وَمِنْ هَذَا ضِغْثٌ فَيُمْزَجَانِ فَهُنَالِكَ يَسْتَوْلِي الشَّيْطَانُ عَلَى أَوْلِيَائِهِ، وَيَنْجُو الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ الْحُسْنى )(١) .

من الطبيعي أنّ المنحرفين ومَن يعبّر عنهم القرآن بأنّ قلوبهم ونفوسهم في ضيق وغير مستعدّين للخضوع لله، يجعلون الآيات المتشابهة والروايات المشكوك في

____________________

(١) نهج البلاغة : الخطبة ٥٠.

٩٧

سندها أو المتشابهة الدلالة، على رأس عملهم ونشاطهم الإعلامي المضاد للإسلام، ويتهرّبون من الاستماع إلى الكلام الحق والمعارف الإلهية، المنقولة بأسناد معتبرة عن لسان أهل البيت والأئمة المعصومينعليهم‌السلام .

إنّ هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم أحياناً مسلمين، إنّما يصطفّون عن علمٍ أو عن جهل إلى جانب المعاندين للإسلام؛ وذلك لأنّهم يهدفون أيضاً إلى أن ينسبوا إلى الإسلام زوراً نقاط ضعف زائفةً، ويحاولون من خلال تضخيمها تقليل رغبة الناس الذين لديهم نزوع إلى الحق ممّن لم يعتنقوا الإسلام بعد، والكلام في هذا الكتاب غير موجّه إلى الملحدين والأعداء من غير المسلمين، وإنّما هو موجّه إلى مَن يعتبرون أنفسهم مسلمين.

ومن الممكن طبعاً أن يختلق هؤلاء تبريرات لأنفسهم؛ من أجل عدم الإصغاء إلى صوت الحق، والتمرّد على الانقياد للعقل والمنطق، من قبيل ما أشرنا إليه في مجال القراءات وأنواع الفهم المختلف للدين، ويصرّون على موقفهم دون الالتفات إلى النتائج التي تتمخّض عن كلامهم، وسنترك في هذا الفصل الحكم للقرّاء الكرام حول تلك التبريرات ومآل الفكرة الآنفة الذكر.ولكنّنا ندعوهم - انطلاقاً من الحرص على مصلحتهم وما فيه خيرهم - إلى إعادة النظر في معتقداتهم وأفكارهم وإيمانهم، مثلما يدعو القرآن المؤمنين إلى حثّ بعضهم على التفكير والتعقّل والصلاح والهداية، وتذكير بعضهم الآخر بالحق.

القراءات المختلفة، حربة لمجابهة القرآن

سطّرنا في الفصول السابقة من هذا الكتاب نبذةً موجزة عن عظمة وخصائص أكبر النعم التي تفضل بها الله على عباده، أَلا وهو القرآن الكريم، ومرّ علينا أيضاً أنّ الله تبارك وتعالى قد أنزل القرآن الكريم بواسطة أشرف الملائكة وهو جبرئيل الأمين ،

٩٨

على أعز خلقه، وهو محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ لكي يكون بين يدي الإنسان، ولكي يضمن الإنسان سعادته الدنيوية والأخروية، من خلال التعرّف والالتزام بتعاليم وإرشادات هذا الكتاب السماوي في حياته الفردية والاجتماعية.

لقد ركّزت بعض كلمات الإمام عليعليه‌السلام في نهج البلاغة على ضرورة التمسّك بالقرآن الكريم؛ لاجتناب الفتنة والضلال، ومعالجة المآسي والمشاكل الفردية والاجتماعية، وقيل أيضاً إنّ تفسير وبيان القرآن بما يعنيه من بيان أحكام القرآن الكريم، وشرح تفاصيل المسائل والواجبات الدينية من صلاحية الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة المعصومينعليهم‌السلام فقط، وجرى أيضاً توضيح هذا المعنى وهو أنّ تفسير القرآن خارج إطار الأحكام والواجبات الدينية، وشرح معارفه للآخرين يدخل فقط ضمن صلاحية المتخصصين وعلماء الدين والعارفين بعلوم القرآن وأهل البيت، وقلنا إنّ العلماء الذين أمضوا أعمارهم في فهم معارف الدين وعلوم أهل البيت، هم وحدهم القادرون على التمييز بين متشابهات ومحكمات القرآن، ويمكنهم من خلال الاستعانة بالمحكمات وروايات أهل البيتعليهم‌السلام ، تفسير متشابهات القرآن وبيان معارفه للناس؛ لكي يتسنّى لهؤلاء الناس اتخاذ ذلك قاعدةً لحركتهم الفكرية، وجعله مثالاً عملياً لتكاملهم الفردي والاجتماعي، وتلبية الدعوة الإلهية :( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للّهِ‏ِ وَلِلرّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ) (١) وتوفير الأرضية لفلاحهم.

وفي المقابل أشرنا إلى أنّه كان هناك منذ القدم مَن يحاولون إبعاد الناس عن القرآن بالهواجس والوساوس الشيطانية، ولكي يحقّق هؤلاء الأشخاص أهدافهم فهم يحاولون وبأساليب تخيّلية الإيحاء بأنّ القرآن متعذّر فهمه، وبالنتيجة ينبغي أن لا نرجو من القرآن أن يوجّهنا ويرشدنا في الحياة، وقلنا إنّ هذه الشبهة الشيطانية كانت مثارةً على مدى التاريخ بصور شتّى، وقد بلغت اليوم ذروتها بشكلها المتكامل، وغدت

____________________

(١) الأنفال : ٢٤.

٩٩

تُطرح بأنماط جديدة، حتى بات معارضو القرآن والثقافة الدينية اليوم يطرحون خيالاتهم أحياناً على شكل نظرية، مفادها أنّ ( لغة الدين لغة خاصّة)؛ لكي يخدعوا بهذه الطريقة من ليس لديهم وعياً كافياً بالعلوم والمعارف الدينية، وعندما يُسألون عن مرادهم من القول بأنّ ( لغة الدين لغة خاصة )، يقولون عند الإجابة عن هذا السؤال بأنّ التعاليم الدينية والقرآن عبارة عن ألفاظ وقوالب، يشكّل محتواها أفهام وذهنيات الناس أنفسهم، ومن الطبيعي أنّ هؤلاء الأشخاص ينتقون عادةً عبارات أدبية، وينشدون الأشعار الحماسية، ويطرحون من خلال ذلك نظريتهم بنحو لا يفهم المرء هدفهم ومقصودهم بسهولة، لأنّه سيدرك حينذاك خواء كلامهم.

يبدو أنّ التفكير المذكور الذي يُطرح تارةً تحت عنوان ( الصُرط المستقيمة )، ويُطرح تارةً أخرى تحت عنوان ( الأفهام، والقراءات، والتفاسير المختلفة للدين )، وقد يُطرح ثالثةً في قالب نظريات ( لغة الدين ) أو ( الدين الأقلّي والأكثري )، لا يستهدف إلاّ مجابهة المعتقدات الدينية والفكر التوحيدي، ولا يخفى على المطّلعين، بأنّ المتديّنين وخاصّة المفكرين المسلمين النابهين أوعى من أن لا يدركوا بُعد كلام هؤلاء عن العقل والمنطق، أو أن يجهلوا الأهداف الخفية لمَن يروّجون لهذه الشبهات الواهية.

دافع وهدف المعارضين للثقافة الدينية من وجهة نظر القرآن

وفي ضوء ما سبق عرضه من الموضوعات يتبادر إلى الأذهان هذا السؤال وهو، ما الهدف الذي يسعى إليه المعارضون، من وراء اتّباع هذه الأساليب الشيطانية في مجابهة القرآن والثقافة الدينية للشعب ؟ ولغرض الإجابة عن هذا السؤال ينبغي أوّلاً تسليط الضوء على رأي القرآن، ثمّ نأتي بعد ذلك على شرح كلام الإمام عليعليه‌السلام في نهج البلاغة حول هذا الموضوع.

يُفهم من القرآن بأنّه منذ أَوائل نزوله انبرى الشيطان وسخّر كل طاقاته محاولاً

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

وقالعليه‌السلام : « جود الرجل يحببه إلى أضداده، وبخله يبغضه ( إلى أولاده )(٤) » وقالعليه‌السلام : « لا فخر في المال الا مع الجود »(٥) .

وقالعليه‌السلام : « لا سيادة لمن سخاء له »(٦) .

وباقي أخبار الباب تقدم في كتاب الزكاة.

١٧ -( باب استحباب الانفاق، وكراهة الامساك)

[١٨١٨٤] ١ - علي بن إبراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في حديث الاسراء: « ورأيت ملكين يناديان في السماء، أحدهما يقول: اللهم اعط كل منفق خلفا، والاخر يقول: اللهم اعط كل ممسك تلفا » الخبر.

[١٨١٨٥] ٢ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: « ثلاثة من حقائق الايمان: الانفاق من الاقتار » الخبر.

[١٨١٨٦] ٣ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « من أيقن بالخلف ( جاد بالعطية )(١) ».

[١٨١٨٧] ٤ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي: عن حميد بن

__________________

(٤) غرر الحكم ج ١ ص ٣٦٨ ح ١٢، وما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

(٥) نفس المصدر ج ٢ ص ٨٤٥ ح ٣١٠.

(٦) نفس المصدر ج ٢ ص ٨٤٧ ح ٣٥٠.

الباب ١٧

١ - تفسير القمي ج ٢ ص ٧.

٢ - الجعفريات ص ٢٣١.

٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٥٤ ح ٩٦٣.

(١) في المصدر: سخت نفسه بالنفقة.

٤ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح ص ٦٨.

٢٦١

شعيب السبيعي، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سمعته يقول: « إن مناديا ينادي عن يمينه ( - أي عن يمين العرش - )(١) ومناديا ينادي عن شماله، فيقول أحدهما: اللهم اعط منفقا خلفا، ويقول الاخر: اللهم اعط ممسكا تلفا ».

[١٨١٨٨] ٥ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا حسد الا في اثنين: رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به اناء الليل واناء النهار، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه ( في الحق )(١) اناء الليل واناء النهار ».

[١٨١٨٩] ٦ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « المال وبال على صاحبه الا ما قدم منه ».

وقالعليه‌السلام (١) : « أمسك من المال بقدر ضرورتك، وقدم الفضل ليوم فاقتك ».

١٨ -( باب تحريم البخل والشح بالواجبات)

[١٨١٩٠] ١ - زيد النرسي في أصله: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « ما رأيت شيئا هو أضر في دين المسلم من الشح ».

وباقي أخبار الباب مضى في كتاب الزكاة(١) .

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

٥ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٤٣ ح ٦٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

٦ - الغرر ج ١ ص ٨٤.

(١) نفس المصدر ج ١ ص ١٢٠ ح ١٨١.

الباب ١٨

١ - أصل زيد النرسي ص ٥٠.

(١) تقدم في الباب

(٥) من أبواب ما تجب فيه الزكاة.

٢٦٢

١٩ -( باب استحباب الاقتصاد في النفقة)

[١٨١٩١] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : التودد إلى الناس نصف العقل، والرفق نصف العيش، وما عال امرؤ في اقتصاد ».

[١٨١٩٢] ٢ - وبهذا الاسناد: قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا أراد الله بأهل بيت خيرا، فقههم في الدين، ورزقهم الرفق في معايشهم، والقصد في شأنهم » الخبر.

ورواهما في الدعائم: عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثله(١) .

[١٨١٩٣] ٣ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك: عمن ذكره، وغير واحد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « لا يصلح المرء الا على ثلاث خصال: التفقه في الدين، وحسن التقدير في المعيشة، والصبر على النائبة ».

[١٨١٩٤] ٤ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من اقتصد ( في معيشته )(١) رزقه الله، ومن بذر حرمه الله ».

[١٨١٩٥] ٥ - وعن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « الكمال كل الكمال: الفقه في الدين، والصبر على النائبة، والتقدير في المعيشة ».

__________________

الباب ١٩

١ - الجعفريات ص ١٤٩، دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٥٤ ح ٩٦٥.

٢ - الجعفريات ص ١٤٩.

(١) دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٥٤ و ٢٥٥ ح ٩٦٥ و ٩٦٦.

٣ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك ص ١٠٨.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٥٥ ح ٩٦٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

٥ - المصدر السابق ج ٢ ص ٢٥٥ ح ٩٦٩.

٢٦٣

[١٨١٩٦] ٦ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : « العقل، أنك تقصد فلا تسرف، وتعد فلا تخلف ».

٢٠ -( باب أنه ليس فيما أصلح البدن إسراف)

[١٨١٩٧] ١ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: نقلا من كتاب اللباس للعياشي، عن أبي السفاتج(١) ، عن بعض أصحابه، انه سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام فقال: انا نكون في طريق مكة، فنريد الاحرام فلا يكون معنا نخالة نتدلك(٢) بها من النورة، فنتدلك(٣) بالدقيق، فيدخلني من ذلك ما الله به أعلم، قالعليه‌السلام : « مخافة الاسراف » قلت: نعم، قال: « ليس فيما أصلح البدن إسراف أنا(٤) ربما أمرت بالنقي(٥) فيلت بالزيت فأتدلك به، إنما الاسراف فيما أتلف المال وأضرر بالبدن » قلت: فما الاقتار؟ قال: « أكل الخبز والملح وأنت تقدر على غيره » قلت: ( فما القصد؟ ) قال: « الخبز واللحم واللبن والزيت والسمن، مرة ( هذا ومرة هذا(٧) ».

[١٨٢٩٨] ٢ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا

__________________

٦ - الغرر ج ١ ص ٩٩ ح ٢١٥٢.

الباب ٢٠

١ - مكارم الأخلاق ص ٥٧.

(١) في الحجرية: أبو السفائح، وما أثبتناه من المصدر هو الصواب. انظر: « تنقيح المقال ج ٣ ص ١٨، مجمع الرجال ج ٧ ص ٤٩ ».

(٢) في الطبعة الحجرية: « فندلك » وما أثبتناه من المصدر.

(٣) في الطبعة الحجرية: « فندلك » وما أثبتناه من المصدر.

(٤) في المصدر: اني.

(٥) النقي: دقيق الحنطة المنخول ( مجمع البحرين ج ١ ص ٤٢٠ ).

(٦) في المصدر: « فالقصد ».

(٧) في المصدر: « ذا ومرة ذا ».

٢ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢٩١ ح ١٥٤.

٢٦٤

خير في السرف، ولا سرف في الخير ».

٢١ -( باب عدم جواز السرف والتقتير)

[١٨١٩٩] ١ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن علي بن جذاعة قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « اتق الله، ولا تسرف ولا تقتر وكن بين ذلك قواما، ان التبذير من الاسراف، وقال الله:( وَلَا تُبَذِّرْ‌ تَبْذِيرً‌ا ) (١) ان الله لا يعذب على القصد ».

[١٨٢٠٠] ٢ - وعن ابن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ ) (١) قال: فضم يده وقال هكذا، فقال( لَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ ) (٢) وبسط راحته وقال هكذا.

[١٨٢٠١] ٣ - وعن جميل، عن إسحاق بن عمار، عن عامر بن جذاعة قال: دخل على أبي عبد اللهعليه‌السلام رجل فقال: يا أبا عبد الله، قرضا إلى ميسرة، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « إلى غلة تدرك؟ » فقال: لا والله، فقال: « إلى تجارة تؤدى؟ » فقال: لا والله، فقال: « إلى عقدة(١) تباع؟ » فقال: لا والله، فقال: « فأنت إذن ممن جعل الله له في أموالنا حقا  - فدعا أبو عبد اللهعليه‌السلام بكيس فيه دراهم، فأدخل يده فناوله قبضة، ثم قال -: اتق الله، ولا تسرف ولا تقتر وكن بين ذلك قواما، ان التبذير من الاسراف، قال الله تعالى:( وَلَا تُبَذِّرْ‌ تَبْذِيرً‌ا ) وقال: ان الله

__________________

الباب ٢١

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٨ ح ٥٥.

(١) الاسراء ١٧: ٢٦.

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٩ ح ٦٠.

(١) الاسراء ١٧: ٢٩.

(٢) الاسراء ١٧: ٢٩.

٣ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٨ ح ٥٩.

(١) العقدة: البستان والدار وأمثالهما من المال ( لسان العرب ج ٣ ص ٢٩٩ ).

(٢) الاسراء ١٧: ٢٦.

٢٦٥

لا يعذب على القصد ».

[١٨٢٠٢] ٤ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا منع ولا إسراف ولا بخل ولا اتلاف ».

[١٨٢٠٣] ٥ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « التبذير عنوان الفاقة ».

وقالعليه‌السلام (١) : « إذا أراد الله بعبد خيرا ألهمه الاقتصاد وحسن التدبير، وجنبه سوء التدبير والاسراف ».

وقالعليه‌السلام (٢) : « حلوا أنفسكم بالعفاف، وتجنبوا التبذير والاسراف ».

وقالعليه‌السلام (٣) : « ذر السرف، فان المسرف لا يحمد جوده، ولا يرحم فقره ».

وقالعليه‌السلام :(٤) « سبب الفقر الاسراف ».

وقالعليه‌السلام (٥) : « من أشرف الشرف، الكف عن التبذير والسرف ».

وقالعليه‌السلام (٦) : « ويح المسرف، ما أبعده عن صلاح نفسه، واستدراك أمره! ».

__________________

٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢٩٦ ح ١٩٨.

٥ - الغرر ج ١ ص ٣١ ح ٩٤٠.

(١) نفس المصدر ج ١ ص ٣٢٢ ح ١٦٤.

(٢) نفس المصدر ج ١ ص ٣٨٧ ح ٨٢.

(٣) نفس المصدر ج ١ ص ٤٠٦ ح ٢٨.

(٤) نفس المصدر ج ١ ص ٤٣١ ح ٢٠.

(٥) نفس المصدر ج ٢ ص ٧٣٤ ح ١٣٨.

(٦) نفس المصدر ج ٢ ص ٧٨٢ ح ٣١.

٢٦٦

٢٢ -( باب استحباب صيانة العرض بالمال)

[١٨٢٠٤] ١ - تفسير الإمامعليه‌السلام : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في كلام له: ثم كل معروف بعد ذلك، ما وقيتم به أعراضكم، وصنتموها عن ألسنة كلاب الناس، كالشعراء الوقاعين في الاعراض تكفونهم، فهم محسوب لكم في الصدقات ».

[١٨٢٠٥] ٢ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « كل معروف صدقة، وكل ما أنفق المؤمن من نفقة على نفسه وعياله وأهله كتب له بها صدقة، وما وقى به الرجل عرضه كتب له(١) صدقة - قلت: ما معنى ما وقى به الرجل عرضه؟ قال: ما أعطاه الشاعر وذا اللسان المتقى - وما أنفق الرجل(٢) من نفقة فعلى الله خلفها ضمانا، الا ما كان من نفقة في بنيان، أو معصية الله ».

[١٨٢٠٦] ٣ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال في خطبة الوسيلة: « إن أفضل الفعال صيانة العرض بالمال ».

[١٨٢٠٧] ٤ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « حصنوا الاعراض بالأموال ».

__________________

الباب ٢٢

١ - تفسير الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام ص ٢٩، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٦٨ ح ٤٠.

٢ - درر اللآلي ج ١ ص ١٤.

(١) في المصدر زيادة: به.

(٢) في المصدر: المؤمن.

٣ - تحف العقول ص ٦٣.

٤ - غرر الحكم ج ١ ص ٣٨٣ ح ٤١.

٢٦٧

وقالعليه‌السلام : « خير أموالك ما وقى عرضك »(١) .

وقالعليه‌السلام : « لم يذهب من مالك ما وقى عرضك »(٢) .

وقالعليه‌السلام : « من النبل أن يبذل الرجل ماله(٣) ، ويصون عرضه، من اللؤم أن يصون ماله، ويبذل عرضه »(٤) وقالعليه‌السلام : « قوا أعراضكم ببذل أموالكم »(٥) .

وقالعليه‌السلام : « وفور الأموال بانتقاص الاعراض لؤم »(٦) .

وقالعليه‌السلام : « وقر عرضك، بعرضك تكرم »(٧) .

وقالعليه‌السلام : « وقروا العرض بابتذال المال »(٨) .

٢٣ -( باب حد الاسراف والتقتير)

[١٨٢٠٨] ١ - العياشي في تفسيره: عن بشر بن مروان قال: دخلنا على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فدعا برطب فأقبل بعضهم يرمي بالنواة، قال: وأمسك أبو عبد اللهعليه‌السلام يده، فقال: « لا تفعل، ان هذا من التبذير، وان الله لا يحب الفساد ».

[١٨٢٠٩] ٢ - وعن عجلان قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ،

__________________

(١) غرر الحكم ج ١ ص ٣٨٧ ح ١٢.

(٢) نفس المصدر ج ٢ ص ٦٠٠ ح ١٦.

(٣) في المصدر: نفسه.

(٤) نفس المصدر ج ٢ ص ٧٣٠ ح ٩٦، ٩٧.

(٥) نفس المصدر ج ٢ ص ٧٨٠ ح ٨.

(٦) نفس المصدر ج ٢ ص ٧٨٠ ح ٩.

(٧) نفس المصدر ج ٢ ص ٧٨٤ ح ٥١.

(٨) نفس المصدر ص ٣٧٢ ( الطبعة الحجرية ).

الباب ٢٣

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٨ ح ٥٨.

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٩ ح ٥٩.

٢٦٨

فجاءه سائل فقام إلى مكتل فيه تمر فملا يده ثم ناوله، ثم جاءه آخر فسأله فقام وأخذ بيده فناوله، ثم جاء آخر فسأله فقال: « رزقنا الله وإياك » ثم قال: « ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان له يسأله أحد من الدنيا شيئا الا أعطاه، قال: فأرسلت إليه امرأة ابنا لها فقالت: انطلق إليه فاسأله فان قال: ليس عندنا شئ، فقل: أعطني قميصك، فأتاه الغلام فسأله، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ليس عندنا شئ، فقال: فأعطني قميصك، فأخذ قميصه فرمى به إليه، فأدبه الله على القصد، فقال:( وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورً‌ا ) (١) ».

[١٨٢١٠] ٣ - وعن محمد بن يزيد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورً‌ا ) (١) قال: الاحسار: الاقتار ».

[١٨٢١١] ٤ - وعن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قوله:( وَلَا تُبَذِّرْ‌ تَبْذِيرً‌ا ) (١) قال: « من أنفق شيئا في غير طاعة الله فهو مبذر، ومن أنفق في سبيل الخير فهو مقتصد ».

[١٨٢١٢] ٥ - وعن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن قوله تعالى:( وَلَا تُبَذِّرْ‌ تَبْذِيرً‌ا ) (١) قال: « بذل الرجل ماله ( و )(٢) يقعد

__________________

(١) الاسراء ١٧: ٢٩.

٣ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٩ ح ٦١.

(١) الاسراء ١٧: ٢٩.

٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٨ ح ٥٣.

(١) الاسراء ١٧: ٢٦.

٥ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٨ ح ٥٤.

(١) الاسراء ١٧: ٢٦.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٢٦٩

ليس له مال » قال: فيكون تبذير في حلال؟ قال: « نعم ».

[١٨٢١٣] ٦ - وعن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « أترى الله أعطى من أعطى من كرامته عليه، ومنع من منع من هوان به عليه! لا، ولكن المال مال الله يضعه عند الرجل ودائع، وجوز لهم أن يأكلوا قصدا، ويشربوا قصدا، ويلبسوا قصدا، وينكحوا قصدا، ويركبوا قصدا، ويعودوا بما سوى ذلك على فقراء المؤمنين، ويلموا به شعثهم، فمن فعل ذلك كان ما يأكل حلالا ويشرب حلالا ويركب حلالا وينكح حلالا، ومن عدا ذلك كان عليه حراما، ثم قال: ولا تسرفوا ان الله لا يحب المسرفين أترى الله ائتمن رجلا على مال خول له أن يشتري فرسا بعشرة آلاف درهم، ويجزئه فرس بعشرين درهما، ويشتري جارية بألف ( دينار )(١) وتجزئه جارية بعشرين دينارا! وقال:( وَلَا تُسْرِ‌فُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِ‌فِينَ ) (٢) ».

[١٨٢١٤] ٧ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك، عن رجل، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « رب فقير هو أسرف من غني، ان الغني ينفق مما آتاه الله، والفقير ينفق مما ليس عنده ».

[١٨٢١٥] ٨ - الصدوق في الخصال: عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن خالد، عن إبراهيم بن محمد الأشعري، عن أبي إسحاق رفعه إلى علي بن الحسينعليهما‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) : للمسرف ثلاث علامات: يأكل ما ليس له، ويلبس ما ليس له،

__________________

٦ - تفسير العياشي ج ٢ ص ١٣ ح ٢٣، وعنه في البحار ج ٧٥ ص ٣٠٥ ح ٦.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) الانعام ٦: ١٤١.

٧ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك ص ١١٠.

٨ - الخصال ص ٩٧ ح ٤٥.

(١) في المصدر: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٢٧٠

ويشترى ما ليس له ».

ورواه أيضا فيه: عن أبيه، عن سعد بن عبد اله، عن القاسم بن محمد الأصبهاني، عن سليمان بن داود، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال لقمان لابنه: يا بني للمسرف » وذكر مثله(٢) .

[١٨٢١٦] ٩ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في قول الله عز وجل:( وَلَا تُبَذِّرْ‌ تَبْذِيرً‌ا ) (١) قال: « ليس في طاعة الله تبذير ».

[١٨٢١٧] ١٠ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « الاسراف مذموم في كل شئ، إلا في أفعال البر ».

وقالعليه‌السلام : « الا ان اعطاء هذا المال في غير حقه تبذير واسراف »(١) .

وقالعليه‌السلام : « أفقر الناس من قتر على نفسه مع الغنى والسعة، وخلفه لغيره »(٢) .

وقالعليه‌السلام : « في كل شئ يذم السرف، الا في صنائع المعروف، والمبالغة في الطاعة »(٣) .

وقالعليه‌السلام : « كل ما زاد على الاقتصاد إسراف »(٤) .

__________________

(٢) نفس المصدر ص ١٢١ ح ١١٣.

٩ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٥٤ ح ٩٦٤.

(١) الاسراء ١٧: ٢٦.

١٠ - غرر الحكم ج ١ ص ٨٣ ح ١٩٦٠.

(١) نفس المصدر ج ١ ص ١٦١ ح ٩.

(٢) نفس المصدر ج ١ ص ٢١٠ ح ٥١٧.

(٣) نفس المصدر ج ٢ ص ٥١٥ ح ٨٥.

(٤) نفس المصدر ج ٢ ص ٥٤٧ ح ٧٣.

٢٧١

وقالعليه‌السلام : « ما فوق الكفاف إسراف(٥) ».

٢٤ -( باب استحباب الصبر لمن رأى الفاكهة ونحوها في السوق، وشق عليه شراؤها)

[١٨٢١٨] ١ - أحمد بن محمد بن فهد في كتاب التحصين: نقلا من كتاب المنبئ عن زهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، للشيخ جعفر بن أحمد القمي، باسناده إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال في جملة كلام له في صفات إخوانه الذين يأتون من بعده: « يا أبا ذر، لو أن أحدا منهم اشتهى شهوة من شهوات الدنيا، فيصبر ولا يطلبها، كان له من الاجر(١) بذكر أهله ثم يغتم ويتنفس، كتب الله له بكل نفس ألفي ألف حسنة، ومحا عنه ألفي ألف سيئة، ورفع له ألفي ألف درجة » الخبر.

٢٥ -( باب عدم جواز جمع المال وترك الانفاق منه)

[١٨٢١٩] ١ - تفسير الإمامعليه‌السلام : « قيل لأمير المؤمنينعليه‌السلام : فمن أعظم الناس حسرة؟ قال: من رآى ماله في ميزان غيره، فأدخله الله به النار، وأدخل وارثه به الجنة، قيل: فكيف يكون هذا؟ قال: كما حدثني بعض إخواننا، عن رجل دخل إليه وهو يسوق، قال له: يا فلان، ما تقول في مائة ألف في هذا الصندوق؟ قال: ما أديت منها زكاة قط، ولا وصلت منها رحما قط، قال: قلت: فعلى ما جمعتها؟ قال: لحقوق السلطان، ومكاثرة العشيرة، ولخوف(١) الفقر على العيال، ولروعة الزمان، قال: ثم لم يخرج من عنده حتى فاضت نفسه، ثم قال عليعليه‌السلام :

__________________

(٥) غرر الحكم ج ٢ ص ٧٣٧ ح ١٣.

الباب ٢٤

(١) كذا في الحجرية.

الباب ٢٥

١ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ١٤.

(١) في نسخة: تخوف.

٢٧٢

الحمد لله الذي أخرجه منها ملوما مليا، بباطل جمعها، ومن حق منعها فأوعاها، وشدها فأوكاها، فقطع فيها المفاوز والقفار ولجج البحار، أيها الواقف لا تخدع كما خدع صويحبك بالأمس، ان من أشد الناس حسرة يوم القيامة من رأى ماله في ميزان غيره، أدخل الله هذا به الجنة، وأدخل هذا به النار ».

[١٨٢٢٠] ٢ - أحمد بن محمد بن فهد في عدة الداعي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « احذروا المال فإنه كان فيما مضى رجل قد جمع مالا وولدا، وأقبل على نفسه وجمع لهم فأوعى، فأتاه ملك الموت فقرع بابه وهو في زي مسكين، فخرج إليه الحجاب فقال لهم: ادعوا لي سيدكم، قالوا: أو(١) يخرج سيدنا إلى مثلك، ودفعوه حتى نحوه عن الباب، ثم عاد إليهم في مثل تلك الهيئة، وقال: ادعوا لي سيدكم، وأخبروه اني ملك الموت، فلما سمع سيدهم هذا الكلام قعد خائفا فرقا، وقال لأصحابه: لينوا له في المقال، وقولوا له: لعلك تطلب غير سيدنا بارك الله فيك، قال لهم: لا، ودخل عليه وقال له: قم فأوص ما كنت موصيا، فاني قابض روحك قبل أن اخرج، فصاح أهله وبكوا، فقال: افتحوا الصناديق واكتبوا ما فيها من الذهب والفضة، ثم أقبل على المال يسبه ويقول: لعنك الله من مال، أنت أنسيتني ذكر ربي، وأغفلتني عن أمر آخرتي، حتى بغتني من أمر الله ما قد بغتني، فأنطق الله المال فقال له: لم تسبني وأنت ألام مني؟ ألم تكن في أعين الناس حقيرا فرفعوك لما رأوا عليك من أثري؟ ألم تحضر أبواب الملوك والسادة ويحضرها الصالحون فتدخل قبلهم ويؤخرون؟ ألم(٢) تخطب بنات الملوك والسادة ويخطبهن الصالحون فتنكح ويردون؟ فلو كنت تنفقني في سبيل الخيرات لم أمتنع عليك، ولو كنت تنفقني في سبيل الله لم أنقص عليك، فلم

__________________

٢ - عدة الداعي ص ٩٥.

(١) في الحجرية: « لن » وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في الحجرية: « و » ما أثبتناه من المصدر.

٢٧٣

تسبني وأنت ألام مني؟ وإنما خلقت أنا وأنت من تراب، فانطلق ترابا وانطلق ( أنت )(١) بإثمي، هكذا يقول المال لصاحبه ».

[١٨٢٢١] ٣ - عوالي اللآلي: عن أبي أيوب الأنصاري، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « أيما رجل له مال لم يعط حق الله منه، الا جعله الله على صاحبه يوم القيامة شجاعا له زبيبتان، ينهشه حتى يقضي بين الناس، فيقول: مالي ومالك؟ فيقول: أنا كنزك الذي جمعت لهذا اليوم، قال: فيضع يده فيه فيقضمها(١) ».

[١٨٢٢٢] ٤ - العياشي في تفسيره: عن عثمان بن عيسى، عمن حدثه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في قول الله:( كَذَٰلِكَ يُرِ‌يهِمُ اللَّـهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَ‌اتٍ عَلَيْهِمْ ) (١) قال: « هو الرجل يدع المال لا ينفقه في طاعة الله بخلا، ثم يموت فيدعه لمن يعمل به في طاعة الله أو في معصيته، فان عمل به في طاعة الله رآه في ميزان غيره فزاد حسرة، وقد كان المال له، أو من عمل به في معصية الله قواه بذلك المال حتى عمل به في معاصي الله ».

[١٨٢٢٣] ٥ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سمعته يقول: « ما من عبد ضيع حقا، الا أعطى في باطل مثله - إلى أن قال - وما من عبد يبخل بنفقة ينفقها فيما يرضي الله، الا ابتلي أن ينفق أضعافا(١) فيما يسخط الله ».

[١٨٢٢٤] ٦ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال:

__________________

(٣) أثبتناه من المصدر.

٣ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٨٤ ح ١١.

(١) القضم: العض ( النهاية ج ٤ ص ٧٧ ).

٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٧٢ ح ١٤٤.

(١) البقرة ٢: ١٦٧.

٥ - الاختصاص ص ٢٤٢.

(١) في الحجرية: « اضعافها » وما أثبتناه من المصدر.

٦ - غرر الحكم ج ٢ ص ٦٠٠ ح ١٣.

٢٧٤

« لم يرزق المال من لم ينفقه ».

٢٦ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب النفقات)

[١٨٢٢٥] ١ - البحار، من كتاب العلل لمحمد بن علي بن إبراهيم: العلة في جوع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه هو أب المؤمنين، لقول الله عز وجل:( النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) (١) وهو أب لهم، فما كان أب المؤمنين علم ( أن )(٢) في الدنيا مؤمنين جائعين، ولا يحل للأب أن يشبع ويجوع ولده، فجوع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نفسه، لأنه علم ( ان )(٣) في أولاده جائعين.

[١٨٢٢٦] ٢ - حسين بن عثمان بن شريك في كتابه: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « ما الصعلوك عندكم؟ » قال: قيل: الذي ليس له شئ، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « لا ولكنه الغني الذي لا يتقرب إلى الله بشئ من ماله ».

[١٨٢٢٧] ٣ - وعن الحسين بن مختار، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « ان الله عز وجل يبغض الغني الظلوم، والشيخ الفاجر، والصعلوك المختال » قال: ثم قال: « أتدري ما الصعلوك المختال؟ » قال: قلت: القليل المال، قال: « لا، ولكنه الغني الذي لا يتقرب إلى الله بشئ من ماله ».

[١٨٢٢٨] ٤ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله بن محمد، قال أخبرنا محمد بن

__________________

الباب ٢٦.

١ - بحار الأنوار ج ٤ ص ٧٥.

(١) الأحزاب ٣٣: ٦.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) أثبتناه من المصدر.

٢ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك ص ١١٢.

٣ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك ص ١٠٩.

٤ - الجعفريات ص ٢٢٠.

٢٧٥

محمد قال: حدثني موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله رجل، فقال: يا رسول الله، ان نفسي لا تشبع ولا تقنع، فقال له: قل اللهم رضني بقضائك، وصبرني على بلائك، وبارك لي في أقدارك، حتى لا أحب تعجيل شئ أخرته، ولا أحب تأخير شئ عجلته ».

[١٨٢٢٩] ٥ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ».

[١٨٢٣٠] ٦ - الآمدي في الغرر عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « اعطاء هذا المال في حقوق الله، داخل في باب الجود ».

صورة خط المؤلف متع الله المسلمين ببقائه إن شاء الله تعالى.

تم كتاب النكاح من كتاب مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل، بقلم مؤلفه العبد المذنب المسئ ( حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي ).

حشرهما الله تعالى مع مواليه، في عصر يوم الخميس العاشر من ربيع المولود، من سنة ١٣١١ في الناحية المقدسة سر من رآى، حامدا مصليا مستغفرا.

ويتلوه كتاب الطلاق إن شاء الله تعالى.

__________________

٥ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢٨٣ ح ١٢٢.

٦ - الغرر ج ١ ص ٩٣ ح ١٠٩٦.

٢٧٦

٢٧٧

بسم الله الرحمن الرحيم

فهرست أنواع الأبواب إجمالا

أبواب مقدماته وشرائطه

أبواب أقسامه وأحكامه

أبواب العدد

٢٧٨

أبواب مقدماته وشرائطه

١ -( باب كراهة طلاق الزوجة الموافقة وعدم تحريمه)

[١٨٢٣١] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام أنه قال يوما لجارية له - يقال لها: أم سعيد - وهي تصب الماء على يديه: « يا أم سعيد قالت: لبيك يا أمير المؤمنين، قال: لقد اشتهيت أن أكون عروسا، قالت: وما يمنعك من ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: ويحك، بعد أربع في الرحبة؟ قالت: طلق واحدة منهن وادخل مكانها أخرى، فقال: ويحك قد علمت هذا، ولكن الطلاق قبيح وأنا أكرهه ».

[١٨٢٣٢] ٢ - وعن عليعليه‌السلام ، أنه كتب كتابا إلى رفاعة بن شداد، كان فيه: « واحذر أن تتكلم في الطلاق، وعاف ( بنفسك فيه )(١) ما وجدت إليه سبيلا » الخبر.

[١٨٢٣٣] ٣ - تحفة الاخوان للمولى محمد سعيد المزيدي: عن أبي بصير، عن جعفر بن محمدعليهم‌السلام - في حديث طويل في قصة آدمعليه‌السلام - قال: « لا شئ مباح أبغض إلى الله تعالى من الطلاق ».

__________________

كتاب الطلاق

أبواب مقدماته وشرائطه

الباب ١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٥٧ ح ٩٧٩.

٢ - المصدر السابق ج ٢ ص ٢٥٨ ح ٩٨٢.

(١) في المصدر: نفسك منه.

٣ - تحفة الاخوان: مخطوط.

٢٧٩

وقالعليه‌السلام : لعن الله الذواق والذواقة »(١) .

[١٨٢٣٤] ٤ - عوالي اللآلي: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما أحب الله مباحا كالنكاح، وما أبغض الله مباحا كالطلاق ».

[١٨٢٣٥] ٥ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق ».

[١٨٢٣٦] ٦ - وعن أبي موسى، عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا تطلقوا النساء إلا عن ربية، فان الله لا يحب الذواقين والذواقات ».

[١٨٢٣٧] ٧ - وعن ثوبان يرفعه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير بأس، فحرام عليها رائحة الجنة ».

٢ -( باب جواز رد الرجل للطلاق إذا خطب، وإن كان كفوا في نهاية الشرف)

[١٨٢٣٨] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « قال عليعليه‌السلام لأهل الكوفة: يا أهل الكوفة، لا تزوجوا حسنا فإنه رجل مطلاق ».

[١٨٢٣٩] ٢ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن أبي طالب في قوت القلوب:

__________________

(١) قال ابن الأثير: ومنه الحديث: إن الله لا يحب الذواقين والذواقات، يعني السريعي النكاح، السريعي الطلاق ( النهاية ج ٢ ص ١٧٢ ).

٤ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٣٧٢ ح ٤.

٥ - المصدر السابق ج ١ ص ١٦٥ ح ١٧١.

٦ - المصدر السابق ج ٢ ص ١٣٩ ح ٣٨٩.

٧ - المصدر السابق ح ٢ ص ١٣٩ ح ٣٨٨.

الباب ٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٥٧ ح ٩٨٠.

٢ - المناقب ج ٤ ص ٣٠.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517