وسائل الشيعة الجزء ٢٧

وسائل الشيعة18%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 424

المقدمة الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠
  • البداية
  • السابق
  • 424 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 146866 / تحميل: 6206
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ٢٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

٩ - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن غير واحد، عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليه‌السلام قالا أنّ الله أرحم بخلقه من أنّ يجبر خلقه على الذنوب ثمّ يعذبهم عليها والله أعزّ من أنّ يريد أمراً فلا يكون قال فسئلا عليهما السلام هل بين الجبر والقدر منزلة ثالثة قالا نعم أوسع ممّا بين السماء والأرض.

١٠ - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن صالح بن سهل، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سئل عن الجبر والقدر

________________________________________________________

بالنسبة إلى كلّ مكلف، نعم لا بد من الألطاف الّتي لا يصحّ التكليف عقلا بدونها كالإعلام والأقدار والتمكين ورفع الموانع الّتي ليس رفعها في وسع المكلف، وإمّا وجوب كلّ ما يقرب إلى الطاعة ويبعد عن المعصية فيشكلّ القول بوجوبها، بل الظاهر عدم تحقق كثير من الألطاف الغير المفضية إلى حدّ الإلجاء كابتلاء أكثر المرتكبين للمعاصي مقارنا لفعلهم ببلاء، وإيصال نفع عاجلَّ بأكثر المطيعين، وتواتر الأنبياء والمرسلين والحجج في كلّ أرض وصقع، وأيضاً فحينئذ لا معنى للخذلأنّ الّذي يدّل عليه كثير من الأخبار، إذ مع علمه تعالى بعدم نفع اللطف لا تأثير للخذلأنّ في الفعل والترك، ومع النفع يفوت اللطف، ونقض الغرض إنّما يتحقق إذا كان الغرض فعل المكلف به، ولعلّ الغرض تعريضهم للثواب والعقاب، وليس هذا مقام بسط الكلام في تلك المسائل، وإنّما نشير إلى ما ظهر لنا من الأخبار في كلّ منها.

الحديث التاسع: مرسل كالصحيح.

قولهعليه‌السلام : والله أعز، أيّ إنّما قدروا على الفعل لأنّ الله سبحانه خلى بينهم وبين إرادتهم، ولو أراد غيره حتماً لصرفهم إذ هو سبحانه أعزّ من أنّ يريد أمراً حتماً ثمّ لا يكون ذلك الأمر، وهذا الخبر أيضاً يدّل على أنّ القدرية المفوضة.

الحديث العاشر: ضعيف.

٢٠١

فقال لا جبر ولا قدر ولكن منزلة بينهما فيها الحقّ الّتي بينهما لا يعلمها إلّا العالم أو من علمها إياه العالم.

________________________________________________________

قوله: الّتي بينهما، مبتدأ « لا يعلمها » خبره، أشارعليه‌السلام إلى دقة المنزلة بين المنزلتين وغموضها، كما يظهر لمن تأمل فيها، فإنها أصعب المسائل الدينية، وقد تحير فيها العلماء من كلّ فرقة، قال إمامهم الرازي: حال هذه المسألة عجيبة فأنّ الناس كانوا فيها مختلفين أبداً بسبب أنّ ما يمكن الرجوع إليه فيها متعارضة متدافعة، فمعوّل الجبرية على أنّه لا بد لترجيح الفعل على الترك من مرجح ليس من العبد، ومعوّل القدريّة على أنّ العبد لو لم يكن قادراً على فعله لـمّا حسن المدح والذم والأمرّ والنهي، وهما مقدمتان بديهيّتان.

ثمّ من الدلائل العقلية اعتماد الجبرية على أنّ تفاصيل أحوال الأفعال غير معلومة للعبد، واعتماد القدرية على أنّ أفعال العباد واقعة على وفق قصودهم ودواعيهم وهما متعارضان، ومن الإلزامات الخطابية أنّ القدرة على الإيجاد كما لا يليق بالعبد الّذي هو منبع النقصان، فأنّ أفعال العباد يكون سفها وعبثا فلا يليق المتعالي عن النقصان، وإمّا الدلائل السمعيّة فالقران مملوّ ممّا يوهم بالأمرين، وكذا الآثار وأنّ أمة من الأمم لم تكن خالية من الفرقتين، وكذا الأوضاع والحكايات متدافعة من الجانبين، حتّى قيل: أنّ وضع النرد على الجبر ووضع الشطرنج على القدر، إلّا أنّ مذهبنا أقوى بسبب أنّ القدح في قولنا لا يترجح الممكن إلّا بمرجح [ لا ] يوجب انسداد باب إثبات الصانع.

ونحن نقول: الحقّ ما قال بعض أئمة الدين: أنّه لا جبر ولا تفويض ولكن أمرّ بين أمرين، وذلك لأنّ مبني المبادئ القريبة لأفعال العبد على قدرته واختياره، والمبادئ البعيدة على عجزه واضطراره، فأنّ الإنسان مضطر في صورة مختار، كالقلم في يد الكاتب، والوتد في شق الحائط، وفي كلام بعض العقلاء: قال الحائط للوتد: لم تشقني؟ قال: سل من يدقني « انتهى » وإنّما أوردت كلامه لبيان حيرتهم واعترافه بالأمرّ بين الأمرين، وأنّ لم يبيّن معناه على وجه يرفع الإشكال من البين.

٢٠٢

١١ - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد، عن يونس، عن عدة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال له رجلَّ جعلت فداك أجبر الله العباد على المعاصي فقال الله أعدل من أنّ يجبرهم على المعاصي ثمّ يعذبهم عليها فقال له جعلت فداك ففوض الله إلى العباد - قال فقال لو فوض إليهم لم يحصرهم بالأمرّ والنهي فقال له جعلت فداك فبينهما منزلة قال فقال نعم أوسع ما بين السماء والأرض.

١٢ - محمّد بن أبي عبد الله وغيره، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال قلت لأبي الحسن الرّضاعليه‌السلام أنّ بعض أصحابنا يقول بالجبر وبعضهم يقول بالاستطاعة قال فقال لي اكتب بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، قال عليّ بن الحسين قال الله عزّ وجلَّ يا ابن آدم بمشيئتي كنت أنت الّذي تشاء وبقوّتي أدّيت إليّ

________________________________________________________

الحديث الحادي عشر: مرسل كالصحيح.

ويظهر منه أنّ التفويض هو إهمال العباد وعدم توجه الأمرّ والنهي إليهم، ولذا قال بعضهم: التفويض غير معنى القدر والجبر المقابل لكلّ منهما معنى آخر، وأقول: يحتمل أنّ يكون المراد لو كان أهملهم بعد الأمرّ والنهي ولم يوجه إليهم الألطاف والتوفيقات، لكان إهمالهم مطلقاً أولى، والحاصل أنّ أمرهم ونهيهم وإرسال الرسل إليهم دليل على أنّه سبحانه متوجه إلى أصلاًحهم، معتن بشأنهم ليوصلهم إلى ما يستحقونه من الدرجات، وإهمالهم حينئذ ينافي ذلك الغرض، فيكون قريباً من دليل اللطف المتقدم، وقيل: أيّ لم يحصرهم بسلطنته وملكه ويلزم خروجهم باعتبار التفويض من سلطان الله تعالى، ولـمّا كانت السلطنة علّة للأمرّ والنهي فعبر عنها بهما مجازاً تسمية للسبب باسم المسبب، ولا يخفى بعده، وقيل: أيّ التفويض مستلزم للعجز، والعاجز غير قابل للربوبية والأمرّ والنهي، وهو قريب من الأوّل مضموناً وبعداً.

الحديث الثاني عشر: ضعيف على المشهور، والاستطاعة تطلق على ثلاثة معأنّ « الأوّل » القدرة الزائدة على ذات القادر « الثاني » آلة تحصل معها القدرة على الشيء

٢٠٣

فرائضي وبنعمتي قويتعلى معصيتي جعلتك سميعاً بصيراً ، ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وذلك أني أولى بحسناتك منك وأنت أولى بسيئاتك مني وذلك أني لا أسأل عمّا أفعل «وَهُمْ يُسْألُونَ » قد نظمت لك كلّ شيء تريد.

١٣ - محمّد بن أبي عبد الله، عن حسين بن محمّد، عن محمّد بن يحيى عمّن حدثه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا جبر ولا تفويض ولكن أمرّ بين أمرين قال قلت وما أمرّ بين أمرين قال مثل ذلك رجلَّ رأيته على معصية فنهيته فلم ينته فتركته ففعل تلك المعصية - فليس حيث لم يقبل منك فتركته كنت أنت الّذي أمرته بالمعصية.

١٤ - عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقيّ، عن عليّ بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الله أكرم من أنّ يكلف الناس ما لا يطيقون والله أعزّ من أنّ يكون في سلطانه ما لا يريد.

________________________________________________________

كالزاد والراحلة وتخلية السرب وصحة البدن في الحج « الثالث » التفويض مقابل الجبر وهو المراد ههنا، وقوله: قد نظمت، كلام الرّضاعليه‌السلام ويحتمل السجادعليه‌السلام أيضاً لكنّه بعيد، وقد مرّ الكلام في الخبر في باب المشيّة والإرادة.

الحديث الثالث عشر: مرسل ويدّل على أنّ الأمرّ بين الأمرين هو مدخليته سبحانه في أعمال العباد بالتوفيق والخذلأنّ كما سيأتي.

الحديث الرابع عشر: صحيح.

قولهعليه‌السلام : ما لا يطيقون، أيّ ما لا يكون الإتيان به مقدوراً لهم، ويكونون مجبورين على خلافه كما تقوله الجبرية.

قوله: ما لا يريده، أيّ ولو بالعرض كما مرّ أو يريد خلافه.

فذلكة

اعلم أنّ مسألة خلق الأعمال من أعظم المسائل الإسلامية وأصعبها وأهمها، وقد جرى بين الإماميّة والمعتزلة والأشاعرة في ذلك مناقشات طويلة ومباحثات كثيرة،

٢٠٤

________________________________________________________

وقد صنع أكثرهم في ذلك رسائل مفردة، والّذي يتحصل من مذاهبهم أنّ أفعال العباد دائرة بحسب الاحتمال العقلي بين أمور:

الأوّل: أنّ يكون حصولها بقدرة الله وإرادته من غير مدخل لقدرة العبد فيه وإرادته.

الثاني: أنّ يكون بقدرة العبد وإرادته من غير مدخل لقدرة الله تعالى وإرادته فيه، أيّ بلا واسطة، إذ لا ينكر عاقل أنّ الأقدار والتمكين مستندأنّ إليه تعالى، إمّا ابتداء أو بواسطة.

الثالث: أنّ يكون حصولها بمجموع القدرتين، وذلك بأنّ يكون المؤثر قدرة الله بواسطة قدرة العبد أو بالعكس، أو يكون المؤثر مجموعها من غير تخصيص إحداهما بالمؤثرية، والأخرى بالآلية، وذهب إلى كلّ من تلك الاحتمالات ما خلا الاحتمال الثاني من محتملات الشق الثالث طائفة.

إمّا الأوّل ففيه قولان: « الأوّل » مذهب الجبرية البحتة وهم جهم بن صفوان وأتباعه، حيث ذهبوا إلى أنّ الفعل من الله سبحانه بلا تأثير لإرادة العبد وقدرته فيه ولا كسب، بل لا فرق عندهم بين مشي زيد وحركة المرتعش، ولا بين الصاعد إلى السطح والساقط منه، « والثاني » مذهب أبي الحسن الأشعريّ وأتباعه فإنهم لـمّا رأوا شناعة قول الجهمية فروا منه بما لا ينفعهم وقالوا: أفعال العباد الاختيارية واقعة بقدرة الله وحده، وليس لقدرتهم تأثير فيها، بل الله سبحانه أجرى عادته بأنّه يوجد في العبد قدرة واختيارا، فإذا لم يكن هناك مانع أوجد فيه فعله المقدور مقارنا لهما، فيكون فعل العبد مخلوقاً لله أبداًعا وإحداثا ومكسوبا للعبد، والمراد بكسبه إياه مقارنته لقدرته وإرادته من غير أنّ يكون هناك منه تأثير أو مدخل في وجوده سوى كونه محلا له، وقالوا: نسبة الفعل إلى العبد باعتبار قيامه به لا باعتبار إيجاده له،

٢٠٥

________________________________________________________

فالقائم والآكل والشارب عندهم بمنزلة الأسود والأبيض.

والثاني وهو استقلال العبد في الفعل مذهب أكثر الإماميّة والمعتزلة، فإنهم ذهبوا إلى أنّ العباد موجدون لأفعالهم مخترعون لها بقدرتهم، لكن أكثر المعتزلة قائلون بوجوب الفعل بعد إرادة العبد، وبعضهم قالوا: بعدم وجوب الفعل بل يصيّر أولى، قال المحقّق الطّوسيقدس‌سره : ذهب مشايخ المعتزلة وأبو الحسين البصري وإمام الحرمين من أهل السنة إلى أنّ العبد له قدرة قبل الفعل وإرادة بها تتم مؤثريته، فيصدر عنه الفعل، فيكون العبد مختارا إذ كان فعله بقدرته الصالحة للفعل والترك، وتبعاً لداعيه الّذي هو إرادته، والفعل يكون بالقياس إلى القدرة وحدها ممكناً وبالقياس إليها مع الإرادة يصيّر واجباً، وقال المحمود الملاحمي وغيره من المعتزلة: أنّ الفعل عندّ وجود القدرة والإرادة يصيّر أولى بالوجود حذراً من أنّ يلزمهم القول بالجبر لو قالوا بالوجوب، وليس ذلك بشيء لأنّ مع حصول الأوّلوية أنّ جاز له الطرف الآخر لـمّا كانت الأوّلوية بأولوية، وأنّ لم يجز فهو الواجب وإنّما غيروا اللفظ دون المعنى « انتهى ».

واختلف في نسبة احتمالي الشق الثالث وتحقيقهما، ففي المواقف وشرحه: أفعال العباد الاختيارية واقعة بقدرة الله تعالى وحدها، وقالت المعتزلة: بقدرة العبد وحدها على سبيل الاستقلال بلا إيجاب بل باختيار، وقالت طائفة بالقدرتين، ثمّ اختلفوا فقال الأستاد، يعنّي أبا إسحاق الإسفرائيني: بمجموع القدرتين، على أنّ تتعلقا جميعاً بالفعل نفسه وجوز اجتماع المؤثرين على أثر واحد، وقال القاضي، يعنّي الباقلاني: على أنّ تتعلق قدرة الله بأصل الفعل وقدرة العبد بصفته أعنّي كونه طاعة ومعصية، إلى غير ذلك من الأوصاف الّتي لا يوصف بها أفعاله تعالى كما في لطم اليتيم تأديباً أو إيذاء فأنّ ذات اللطم واقعة بقدرة الله وتأثيره، وكونه طاعة على الأوّل ومعصية على الثاني بقدرة العبد وتأثيره، وقالت الحكماء وإمام الحرمين: هي واقعة على سبيل

٢٠٦

________________________________________________________

الوجوب وامتناع التخلف بقدرة يخلقها الله في العبد إذا قارنت حصول الشرائط وارتفاع الموانع، والضابط في هذا المقام أنّ المؤثر إمّا قدرة الله أو قدرة العبد على الانفراد كمذهبي الأشعريّ وجمهور المعتزلة، أو هما معاً وذلك إمّا مع اتحاد المتعلّقين كمذهب الأستاد منا والنجار من المعتزلة، أو دونه وحينئذ فإمّا مع كون إحداهما متعلقة للأخرى، ولا شبهة في أنّه ليس قدرة الله متعلقة لقدرة العبد، إذ يستحيل تأثير الحادث في القديم، فتعين العكس وهو أنّ تكون قدرة العبد صادرة عن قدرة الله وموجبة للفعل، وهو قول الإمام والفلاسفة، وإمّا بدون ذلك وهو مذهب القاضي لأنّ المفروض عدم اتحاد المتعلقين « انتهى ».

واعترض عليه المولى جمال الدين محمود وغيره: بأنّ جعل المذهب المنسوب إلى الإمام والفلاسفة كون المؤثر مجموع القدرتين دون مذهب المعتزلة تحكم بحت إذ لا فرق بين هذين المذهبين في أنّ المؤثر الحقيقي في الفعل هو قدرة العبد، وتلك القدرة الحادثة مخلوقة للقدرة القديمة الإلهية، ثمّ قال: الصواب في الضبط أنّ يقال المؤثر إمّا قدرة الله تعالى وحدها وهو مذهب الشيخ الأشعريّ، وإمّا قدرة العبد وحدها وهو مذهب جمهور المعتزلة والإمام والفلاسفة، وإمّا هما معاً إمّا مع اتحاد المتعلقين وهو مذهب الأستاد، أو بدون ذلك بأنّ تتعلق القدرة القديمة بنفس الفعل والحادثة بصفته، وهو مذهب القاضي « انتهى ».

ثمّ اعلم أنّ هذا المذهب الّذي نسبوا إلى الحكماء من أنّ العلّة القريبة للفعل الاختياري إنّما هو العبد وقدرته، لكن قدرته مخلوقة لله وإرادته حاصلة بالعلل المترتبة منه تعالى قول بعضهم، وقال جم غفير منهم: لا مؤثر في الوجود إلّا الله، وموجد أفعال العباد هو الله سبحانه، وقالوا: أنّ الفعل كما يسندّ إلى الفاعل كإسناد البناء إلى البناء قد يسندّ إلى الشرط كإسناد الإضاءة إلى الشمس والسراج مثلاً فبعض الأفعال الصادرة عن الطبائع النوعية كالحركات الطبيعية والقسرية والأفعال

٢٠٧

________________________________________________________

الاختيارية للإنسأنّ وغيره بل الأفعال الصادرة عن النفوس الفلكية والعقول المجرّدة بناء على القول بوجودهما، فكلّ من هذه الأمور لا سيما إرادة النفوس الحيوانية والإنسانية والفلكيّة بل العقول مع عدم المانع شرط وواسطة لصدور تلك الأفعال من مفيض الوجود، وإسنادها إلى تلك المبادئ من قبيل إسناد الفعل إلى الشرائط والوسائط، لا إلى الفاعل والموجد، وهذا قريب من مذهب الأشاعرة.

إذا عرفت هذه المذاهب فاعلم أنّ تأثير قدرة العبد وإرادته في الأفعال الاختيارية من أجلى البديهيات وسخافة مذاهب الأشاعرة ومن يحذو حذوهم لا يحتاج إلى بيان وبطون الأوراق والصحف والزبر من علمائنا والمخالفين مشحونة بذلك.

قال العلامة الحلي قدّس الله روحه: الإماميّة قسموا الأفعال إلى ما يتعلّق بقصودنا ودواعيناً وإرادتنا واختيارنا بحركتنا الاختيارية الصادرة عنا، كالحركة يمنة ويسرة، وإلى ما لا يتعلّق بقصودنا ودواعيناً وإرادتنا واختيارنا كالآثار الّتي فعلها الله تعالى من الألوأنّ وحركة النمو والتغذية والنبض وغير ذلك، وهو مذهب الحكماء، والحقّ أنا نعلم بالضرورة أنا فاعلون، يدّل عليه العقل والنقل، إمّا العقل فإنا نعلم بالضرورة الفرق بين حركتنا الاختيارية والاضطرارية وحركة الجماد ونعلم بالضرورة قدرتنا على الحركة الأوّلى كحركتنا يمنة ويسرة، وعجزنا عن الثانية كحركتنا إلى السماء وحركة الواقع من شاهق، وانتفاء قدرة الجماد، ومن أسندّ الأفعال إلى الله تعالى ينفي الفرق بينهما، ويحكم بنفي ما قضت الضرورة بثبوته، وقال أبو الهزيل العلاف: - ونعم ما قال - حمار بشر أعقل من بشر، فأنّ حمار بشر لو أتيت به إلى جدول صغير وضربته للعبور فأنّه يظفر، ولو أتيت به إلى جدول كبير وضربته فأنّه لا يظفر ويروع عنه، لأنّه فرق بين ما يقدر عليه وبين ما لا يقدر عليه وبشر لا يفرق بين المقدور له وغير المقدور له « انتهى ».

وإذا كان الحكم بذلك ضروريا فالشبه الموردة في مقابلة ذلك لا يصغي إليها

٢٠٨

________________________________________________________

وإن كانت قويّة، وكثير من أحوال الإنسان وأموره إذا أمعن النظر فيها يصل إلى حدّ يتحيّر العقل فيها، كحقيقة النفس وكيفيّة الإبصار مع كونهما أقرب الأشياء إليه، لا يمكنه الوصول إلى حقيقة ذلك، وينتهي التفكر فيها إلى حدّ التحير وليس ذلك سبباً لأنّ ينفي وجودهما وتحققهما فيه، ولا نطيل الكلام بإيراد الدلائل ودفع الشبهات، فأنّ هذا الكتاب ليس محل إيرادها، وإنّما نومئ إلى بعض مسائل الكلامية إجمإلّا لتوقف فهم الأخبار الّتي نحن بصدد شرحها عليه.

ثمّ اعلم أنّ الحقّ أنّ المعتزلة أيضاً خرجوا من الحقّ للإفراط من الجانب الآخر، فإنهم يذهبون إلى أنّه تعالى لا مدخلية له في أعمال العباد أصلاً، سوى خلق الآلات والتمكين والأقدار حتّى أنّ بعض المعتزلة قالوا: أنّ الله لا يقدر على عين مقدور العبد، وبعضهم قالوا: لا يقدر على مثله أيضاً، فهم عزلوا الله عن سلطانه، وكأنهم أخرجوا الله من ملكه وأشركوا من حيث لا يعلمون، والأخبار الواردة ينفي مذهب هؤلاء وذمهم أكثر من الأخبار الدّالة على ذم الجبرية ونفي مذهبهم، وفي أكثر الأخبار أطلقت القدرية عليهم كما عرفت، وأطلقوا عليهم المفوضة، فهمعليه‌السلام نفوا وأبطلوا الجبر والتفويض معا، وأثبتوا الأمرّ بين الأمرين وهو أمرّ غامض دقيق.

وللناس في تحقيق ذلك مسالك:

الأوّل: ما ذكره الشيخ الأجلَّ المفيد طيب الله رمسه حيث قال في تحقيق الأمرّ بين الأمرين: الجبر هو الحمل على الفعل والاضطرار إليه بالقسر والغلبة، وحقيقة ذلك إيجاد الفعل في الخلق من غير أنّ تكون له قدرة على دفعه، والامتناع من وجوده فيه، وقد يعبر عمّا يفعله الإنسان بالقدرة الّتي معه على وجه الإكراه له على التخويف والإلجاء أنّه جبر، والأصل فيه ما فعل من غير قدرة على امتناعه منه حسبما قدمناه، وإذا تحقق القول في الجبر على ما وصفناه، كان مذهب أصحاب المخلوق هو بعينه لأنهم يزعمون الله تعالى خلق في العبد الطاعة من غير أنّ يكون

٢٠٩

________________________________________________________

للعبد قدرة على ضدّها، والامتناع منها، وخلق فيه المعصية كذلك، فهم المجبرة حقّاً والجبر مذهبهم على التحقيق، والتفويض هو القول برفع الحظر عن الخلق في الأفعال والإباحة لهم مع ما شاءوا من الأعمال، وهذا قول الزنادقة وأصحاب الإباحات والواسطة بين القولين أنّ الله أقدر الخلق على أفعالهم ومكنهم من أعمالهم وحدّ لهم الحدود في ذلك ورسم لهم الرسوم، ونهاهم عن القبائح بالزجر والتخويف، والوعد والوعيد، فلم يكن بتمكينهم من الأعمال مجبرا لهم عليها، ولم يفوض إليهم الأعمال لمنعهم من أكثرها، ووضع الحدود لهم فيها وأمرهم بحسنها ونهاهم عن قبيحها، فهذا هو الفصل بين الجبر والتفويض « انتهى » وأقول هذا معنى حق لكن تنزيل الأخبار عليه لا يخلو من بعد.

الثاني: ما ذكره بعض السالكين مسلك الفلاسفة حيث قال: فعل العبد واقع بمجموع القدرتين والإرادتين، والتأثيرين من العبد ومن الرب سبحانه، والعبد لا يستقل في إيجاد فعله بحيث لا مدخل لقدرة الله فيه أصلاً، بمعنى أنّه أقدر العبد على فعله بحيث يخرج عن يده أزمة الفعل المقدور للعبد مطلقاً، كما ذهب إليه المفوضة أو لا تأثير لقدرته فيه وأنّ كان قادراً على طاعة العاصي جبرا، لعدم تعلق إرادته بجبره في أفعاله الاختيارية كما ذهب إليه المعتزلة، وهذا أيضاً نحو من التفويض، وقول بالقدر وبطلأنّه ظاهر، كيف ولقدرة خالق العبد وموجدّه تأثير في فعل العبد بلا شبهة كما يحكم به الحدس الصائب، وليس قدرة العبد بحيث لا تأثير له في فعله أصلاً سواء كانت كاسبة كما ذهب إليه الأشعريّ، ويؤول مذهبه إلى الجبر كما يظهر بأدنى تأمل أم لا تكون كاسبة أيضاً بمعنى أنّ لا تكون له قدرة واختيار أصلاً بحيث لا فرق بين مشي زيد وحركة المرتعش كما ذهب إليه الجبريّة وهم الجهمية، وقال: هذا معنى الأمرّ بين الأمرين، ومعنى قول الحكماء الإلهيين: لا مؤثر في الوجود إلّا الله، فمعناه أنّه لا يوجد شيء إلّا بإيجاده تعالى وتأثيره في وجوده، بأنّ يكون فاعلاً قريباً له،

٢١٠

________________________________________________________

سواء كان بلا مشاركة تأثير غيره فيه كما في أفعاله سبحانه كخلق زيد مثلا، أو بمشاركة تأثير غيره فيه كخلقه فعل زيد مثلاً، فجميع الكائنات حتّى أفعال العباد بمشيته تعالى وإرادته وقدره، أيّ تعلق إرادته وقضاؤه، أيّ إيجاده وتأثيره في وجوده، ولـمّا كانت مشيّة العبد وإرادته وتأثيره في فعله بل تأثير كلّ واحد من الأمور المذكورة آنفا في أفعاله جزءا أخيرا للعلّة التامة لأفعاله، وإنّما يكون تحقق الفعل والترك مع وجود ذلك التأثير وعدمه فينتفي صدور القبيح عن الله تعالى، بل إنّما يتحقق بالمشيّة والإرادة الحادثة، وبالتأثير من العبد الّذي هو متمم للعلّة التامة، ومع عدم تأثير العبد والكف عنه بإرادته واختياره لا يتحقق فعله بمجرد مشيّة الله تعالى وإرادته وقدره، بل لا يتحقق مشيّة وإرادة وتعلق إرادة منه تعالى بذلك الفعل، ولا يتعلّق جعله وتأثيره في وجود ذلك الفعل مجردا عن تأثير العبد فحينئذ الفعل لا سيما القبيح مستندّ إلى العبد، ولـمّا كان مراده تعالى من إقدار العبد في فعله وتمكينه له فيه صدور الأفعال عنه باختياره وإرادته، إذا لم يكن مانع أيّ فعل أراد واختار من الإيمان والكفر والطاعة والمعصية، ولم يرد منه خصوص شيء من الطاعة والمعصية، ولم يرد جبره في أفعاله ليصحّ تكليفه لأجلَّ المصلحة المقتضية له، ولا يعلم تلك المصلحة إلّا الله تعالى وكلفه بعد ذلك الأقدار بإعلامه بمصالح أفعاله ومفاسده في صورة الأمرّ والنهي، لأنهما من الله تعالى من قبيل أمرّ الطبيب للمريض بشرب الدواء النافع، ونهيه عن أكلّ غذاء الضار، وذلك ليس بأمرّ ونهي حقيقة، بل إعلام بما هو نافع وضار له، فمن صدور الكفر والعصيأنّ عن العبد بإرادته المؤثرة واستحقاقه بذلك العقاب، لا يلزم أنّ يكون العبد غالبا عليه تعالى، ولا يلزم عجزه تعالى، كما لا يلزم غلبة المريض على الطبيب، ولا عجز الطبيب إذا خالفه المريض وهلك، ولا يلزم أنّ يكون في ملكه أمرّ لا يكون بمشيته تعالى وإرادته، ولا يلزم الظلم في عقابه، لأنّه فعل القبيح بإرادته المؤثرة، وطبيعة ذلك الفعل توجب أنّ يستحق فاعله العقاب،

٢١١

________________________________________________________

ولـمّا كان مع ذلك الإعلام من الأمرّ والنهي بوساطة الحجج البينة اللطف والتوفيق في الخيرات والطاعات من الله جلَّ ذكره، فما فعل الإنسان من حسنة فالأوّلى أنّ يسندّ وينسب إليه تعالى، لأنّ مع أقداره وتمكينه له وتوفيقه للحسنات أعلمه بمصالح الإتيان بالحسنات، ومضار تركها والكفّ عنها بأوامره، وما فعله من سيئة فمن نفسه، لأنّه مع ذلك أعلمه بمفاسد الإتيان بالسيّئات ومنافع الكف عنها بنواهيه وهذا من قبيل إطاعة الطبيب ومخالفته، فأنّه من أطاعه وبريء من المرض يقال له: عالجه الطبيب وصيره صحيحا، ومن خالفه وهلك يقال له: أهلك نفسه بمخالفته للطبيب، فظهر إسناد الحسنات إلى الله تعالى وإسناد السيّئات إلى العبد، فهذا معنى الأمرّ بين الأمرين وينطبق عليه الآيات والأخبار من غير تكلف « انتهى » وهذا المحقّق وأنّ بالغ في التدقيق والتوفيق بين الأدلة لكن يشكلّ القول بتأثيره سبحانه في القبائح والمعاصي مع مفاسد أخر ترد عليه، ذكرها يفضي إلى الإطناب.

الثالث: ما ذكره أيضاً أكثر السالكين مسلك الفلاسفة ونسب إلى المحقّق الطّوسي أيضاً حيث قالوا: قد ثبت أنّ ما يوجد في هذا العالم فقد قدر بهيئته وزمأنّه في عالم آخر فوق هذا العالم قبل وجوده، وقد ثبت أنّ الله تعالى قادر على جميع الممكنات ولم يخرج شيء من الأشياء عن مصلحته وعلمه وقدرته وإيجاده بواسطة أو بغير واسطة وإلّا لم يصلح لمبدئية الكل، فالهداية والضلال والإيمان والكفر والخير والشر والنفع والضرر وسائر المتقابلات كلّها منتهية إلى قدرته وتأثيره وعلمه وإرادته ومشيته بالذّات أو بالعرض، وأفعالنا كسائر الموجودات وأفاعيلها بقضائه وقدره وهي واجبة الصدور بذلك منا، ولكن بتوسط أسباب وعلل من إدراكنا وإرادتنا وحركاتنا وسكناتنا وغير ذلك من الأسباب العالية الغائبة عن علمنا، وتدبيرنا الخارجة عن قدرتنا وتأثيرنا، فاجتماع تلك الأمور الّتي هي الأسباب والشرائط مع ارتفاع الموانع علّة تامة يجب عندها وجود ذلك الأمرّ المدبر والمقضي المقدر، وعندّ تخلف شيء

٢١٢

________________________________________________________

منها أو حصول مانع بقي وجوده في حيز الامتناع، ويكون ممكناً وقوعيا بالقياس إلى كلّ واحد من الأسباب الكونيّة.

ولـمّا كان من جملة الأسباب وخصوصاً القريبة منها إرادتنا وتفكّرنا وتخيّلنا وبالجملة ما نختار به أحدّ طرفي الفعل والترك فالفعل اختياريّ لنا فأنّ الله أعطانا القوّة والقدرة والاستطاعة ليبلونا أينا أحسن عملا، مع إحاطة علمه، فوجوبه لا ينافي إمكأنّه واضطراريته لا تدافع كونه اختياريا كيف وأنّه ما وجب إلّا باختياره ولا شكّ أنّ القدرة والاختيار كسائر الأسباب من الإدراك والعلم والإرادة والتفكر والتخيل وقواها وآلاتها كلّها بفعل الله تعالى لا بفعلنا واختيارنا، وإلّا لتسلسلت القدر والإرادات إلى غير النهاية، وذلك لأنا وأنّ كنا بحيث أنّ شئنا فعلنا، وأنّ لم نشأ لم نفعل، لكنا لسنا بحيث أنّ شئناً شئنا، وأنّ لم نشأ لم نشأ، بل إذا شئنا فلم تتعلق مشيّتنا بمشيّتنا بل بغير مشيّتنا فليست المشيّة إلينا، إذ لو كانت إلينا أإلى مشيّة أخرى سابقه، وتسلسل الأمرّ إلى غير النهاية، ومع قطع النظر عن استحالة التسلسل نقول: مشياتنا الغير المتناهية بحيث لا تشذ عنها مشيّة لا يخلو إمّا أنّ يكون وقوعها بسبب أمرّ خارج عن مشيتنا أو بسبب مشيتنا، والثاني باطل لعدم إمكان مشيّة أخرى خارجة عن تلك الجملة، والأوّل هو المطلوب، فقد ظهر أنّ مشيتنا ليست تحت قدرتنا كما قال الله عزّ وجل: «وَما تَشاؤُنَ إلّا أنّ يَشاءَ اللهُ »(١) فإذن نحن في مشيتنا مضطرون وإنّما تحدث المشيّة عقيب الداعي، وهو تصور الشيء الملائم تصوّراً ظنيا أو تخيّلياً أو علميّاً، فإذا أدركنا شيئاً فأنّ وجدنا ملائمته أو منافرته لنا دفعة بالوهم أو ببديهة العقل انبعث منا شوق إلى جذبه أو دفعه، وتأكد هذا الشوق هو العزم الجازم المسمّى بالإرادة، وإذا انضمت إلى القدرة الّتي هي هيئة للقوّة الفاعلّة انبعثت تلك القوّة لتحريك الأعضاء الأدوية من العضلات وغيرها،

__________________

(١) سورة الإنسان: ٣٠.

٢١٣

________________________________________________________

فيحصل الفعل فإذا تحقّق الداعي للفعل الّذي تنبعث منه المشيّة تحقّقت المشيّة، وإذا تحقّقت المشيّة الّتي تصرف القدرة إلى مقدورها انصرفت القدرة لا محالة، ولم يكن لها سبيل إلى المخالفة، فالحركة لازمة ضرورة بالقدرة، والقدرة محركة ضرورة عندّ انجزام المشيّة والمشيّة تحدث ضرورة في القلب عقيب الداعي، فهذه ضروريات يترتّب بعضها على بعض، وليس لنا أنّ ندفع وجود شيء منها عندّ تحقق سابقه، فليس يمكن لنا أنّ ندفع المشيّة عندّ تحقق الداعي للفعل، ولا انصراف القدرة عن المقدور بعدها، وفنحن مضطرون في الجميع، ونحن في عين الاختيار مجبورون على الاختيار « انتهى ».

والظاهر أنّ هذا عين الجبر، وليس من الأمرّ بين الأمرين في شيء، واحتياج الإرادة إلى إرادة أخرى ممنوع، وتفصيل الكلام في ذلك يحتاج إلى تمهيد مقدمات وإيراد إشكالات وأجوبة تفضي إلى التطويل، مع أنّ أمثال هذه شبه في مقابلة البديهة ولا وقع بمثلها.

ومثل هذا التوجيه ما قيل: أنّه لا دخل لإرادة العبد في الإيجاب، بل هي من الشروط الّتي بها يصيّر المبدأ بإرادته موجبا تإمّا مستجمعاً لشرائط التأثير، وهذا القدر كاف لوقوع فعل العبد بإرادته، وكونه مستندا إليها وعملا له.

وما قيل: أنّ لإرادة العبد مدخلية في الإيجاب لا بالمشاركة فيه، بل بأنّه أراد وقوع مراد العبد وأوجبه على أنّه مراده، فلها مدخلية في الإيجاب لا بالمشاركة فيه، وبهذه المدخلية ينسب الفعل إلى العبد ويكون عملا له، فهذأنّ الوجهأنّ وأضرابها ممّا تركنا ذكرها حذرا من الإطالة مشتركة في عدم رفع المفاسد، وعدم إيصال طالب الحقّ إلى المقاصد.

الرابع: ما ذكره الفاضل الأسترآباديرحمه‌الله تعالى حيث قال: معنى الأمرّ بين الأمرين أنهم ليسوا بحيث ما شاءوا صنعوا بل فعلهم معلق على إرادة حادثة متعلقة

٢١٤

________________________________________________________

بالتخلية أو بالصرف، وفي كثير من الأحاديث أنّ تأثير السحر موقوف على أذنه تعالى وكان السر في ذلك أنّه لا يكون شيء من طاعة أو معصية أو غيرهما كالأفعال الطبيعية إلّا بإذن جديد منه تعالى، فتوقف حينئذ كلّ حادث على الإذن توقف المعلول على شروطه، لا توقفه على سببه.

أقول: وهذا معنى يشبه الحقّ وسنشير إليه.

الخامس: أنّ يكون الجبر المنفيّ ما ذهب إليه الأشعريّ والجهمية، والتفويض المنفي هو كون العبد مستقلا في الفعل، بحيث لا يقدر الرب تعالى على صرفه عنه كما ينسب إلى بعض المعتزلة، والأمرّ بينهما هو أنّه جعلهم مختارين في الفعل والترك مع قدرته على صرفهم عمّا يختارون.

السادس: أنّ يقال: الأمرّ بين الأمرين هو أنّ الأسباب القريبة للفعل بقدرة العبد، والأسباب البعيدة كالآلات والأدوات والجوارح والأعضاء والقوي بقدرة الله سبحانه، فقد حصل الفعل بمجموع القدرتين.

وفيه: أنّ التفويض بهذا المعنى لم يقل به أحدّ حتّى يحتاج إلى نفيه.

السابع: أنّ المراد بالأمرّ بين الأمرين كون بعض الأشياء باختيار العبد وهي الأفعال التكليفية، وبعضها بغير اختياره كالصحة والمرض والنوم واليقظة وأشباهها.

ويرد عليه ما أوردنا على الوجه السابق.

الثامن: أنّ التفويض المنفي هو تفويض الخلق والرزق وتدبير العالم إلى العباد كقول الغلاة في الأئمةعليه‌السلام ، ويؤيده ما رواه الصّدوق في العيون بإسناده عن يزيد بن عمير قال: دخلت على عليّ بن موسى الرّضاعليه‌السلام بمرو، فقلت: يا بن رسول الله روي لنا عن الصادقّ جعفر بن محمّدعليهما‌السلام أنّه قال: لا جبر ولا تفويض، أمرّ بين أمرين فما معناه؟ فقال: من زعم أنّ الله يفعل أفعالنا ثمّ يعذبنا عليها فقد قال بالجبر، ومن

٢١٥

________________________________________________________

زعم أنّ الله عزّ وجلَّ فوض أمرّ الخلق والرزق إلى حججهعليهم‌السلام فقد قال بالتفويض، فالقائل بالجبر كافر، والقائل بالتفويض مشرك، فقلت له: يا بن رسول الله، فما أمرّ بين أمرين؟ فقال: وجود السبيل إلى إتيان ما أمروا به، وترك ما نهوا عنه، فقلت له: فهل لله عزّ وجلَّ مشيّة وإرادة في ذلك؟ فقال: إمّا الطاعات فإرادة الله ومشيته فيها الأمرّ بها والرّضا لها، والمعاونة عليها، وإرادته ومشيته في المعاصي النهي عنها والسّخط لها والخذلأنّ عليها، قلت: فلله عزّ وجلَّ فيها القضاء؟ قال: نعم، ما من فعل يفعله العباد من خير وشر إلّا ولله فيه قضاء، قلت: فما معنى هذا القضاء؟ قال: الحكم عليهم بما يستحقّونه على أفعالهم من الثواب والعقاب في الدنيا والآخرة.

التاسع: ما ظهر لنا من الأخبار المعتبرة المأثورة عن الصادقينعليهم‌السلام ، وهو أنّ الجبر المنفي قول الأشاعرة والجبرية كما عرفت، والتفويض المنفي هو قول المعتزلة أنّه تعالى أوجد العباد وأقدرهم على أعمالهم وفوض إليهم الاختيار، فهم مستقلون بإيجادها على وفق مشيتهم وقدرتهم، وليس لله سبحانه في أعمالهم صنع.

وإمّا الأمرّ بين الأمرين فهو أنّ لهداياته وتوفيقاته تعالى مدخلا في أفعالهم بحيث لا يصل إلى حدّ الإلجاء والاضطرار، كما أنّ لخذلأنّه سبحانه مدخلا في فعل المعاصي وترك الطاعات، لكن لا بحيث ينتهي إلى حدّ لا يقدر معه على الفعل أو الترك، وهذا أمرّ يجدّه الإنسان من نفسه في أحواله المختلفة، وهو مثل أنّ يأمرّ السيّد عبده بشيء يقدر على فعله وفهمه ذلك، ووعدّه على فعله شيئاً من الثواب وعلى تركه قدرا من العقاب، فلو اكتفى من تكليف عبده بذلك ولم يزد عليه مع علمه بأنّه لا يفعل الفعل بمحض ذلك، لم يكن لوما عندّ العقلاء لو عاقبه على تركه، ولا ينسب عندهم إلى الظلم، ولا يقول عاقل أنّه أجبره على ترك الفعل، ولو لم يكتف السيّد بذلك وزاد في ألطافه والوعد بإكرامه والوعيد على تركه، وأكد ذلك ببعث من يحثه على الفعل ويرغبه فيه ويحذره على الترك، ثمّ فعل ذلك الفعل بقدرته واختياره فلا

٢١٦

________________________________________________________

يقول عاقل أنّه جبره على الفعل، وإمّا فعل ذلك بالنسبة إلى قوم وتركه بالنسبة إلى آخرين فيرجع إلى حسن اختيارهم وصفاء طويتهم أو سوء اختيارهم وقبح سريرتهم أو إلى شيء لا يصل إليه علمنا، فالقول بهذا لا يوجب نسبة الظلم إليه سبحانه، بأنّ يقال: جبرهم على المعاصي ثمّ عذبهم عليها، كما يلزم الأوّلين، ولا عزله تعالى من ملكه واستقلال العباد، بحيث لا مدخل لله في أفعالهم، فيكونون شركاء لله في تدبير عالم الوجود كما يلزم الآخرين.

ويدّل على هذا الوجه أخبار كثيرة كالخبر الأوّل لا سيما مع التتمة الّتي في الاحتجاج، والخبر الثامن والثالث عشر من هذا الباب، بل أكثر أبواب(١) هذا الباب، والأبواب السابقة واللاحقة، وبه يمكن رفع التنافي بينها كما أومأنا إليه في بعضها، وقد روي في الاحتجاج وتحف العقول فيما أجاب به أبو الحسن العسكريعليه‌السلام في رسالته إلى أهل الأهواز حيث قالعليه‌السلام : قال الصادقّعليه‌السلام : لا جبر ولا تفويض، أمرّ بين أمرين، قيل: فما ذا يا بن رسول الله؟ قال: صحة العقل وتخلية السرب، والمهلة في الوقت، والزاد قبل الراحلة، والسبب المهيج للفاعل على فعله، فهذه خمسة أشياء، فإذا نقض العبد منها خلة كان العمل عنه مطرحا بحسبه وأنا أضرب لكلّ باب من هذه الأبواب الثلاثة وهي الجبر والتفويض والمنزلة بين المنزلتين مثلاً يقرب المعنى للطالب ويسهل له البحث من شرحه، ويشهد به القران بمحكم آياته وتحقيق تصديقه عندّ ذوي الألباب وبالله العصمة والتوفيق.

ثمّ قالعليه‌السلام : فإمّا الجبر فهو قول من زعم أنّ الله عزّ وجلَّ جبر العباد على المعاصي وعاقبهم عليها، ومن قال بهذا القول فقد ظلم الله وكذبه ورد عليه قوله: «وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً »(٢) وقوله جلَّ ذكره: «ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَأنّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ »(٣) مع أيّ كثيرة في مثل هذا، فمن زعم أنّه مجبور على المعاصي فقد

__________________

(١) والظاهر « الأخبار » بدل الأبواب.

(٢) سورة الكهف: ٤٩.

(٣) سورة الحج: ١٠.

٢١٧

________________________________________________________

أحال بذنبه على الله عزّ وجلَّ وظلمه في عقوبته له، ومن ظلم ربه فقد كذب كتابه، ومن كذب كتابه لزمه الكفر بإجماع الأمة.

والمثل المضروب في ذلك مثل رجلَّ ملك عبدا مملوكا لا يملك إلّا نفسه، ولا يملك عرضا من عروض الدنيا، ويعلم مولاه ذلك منه، فأمره على علم منه بالمصيّر إلى السوق لحاجة يأتيه بها، ولا يملكه ثمن ما يأتيه به، وعلم المالك أنّ على الحاجة رقيبا لا يطمع أحدّ في أخذها منه إلّا بما يرضى به من الثمن، وقد وصف مالك هذا العبد نفسه بالعدل والنصفة وإظهار الحكمة ونفي الجور، فأوعد عبده أنّ لم يأته بالحاجة أنّ يعاقبه، فلـمّا صار العبد إلى السوق وحاول أخذ الحاجة الّتي بعثه المولى للإتيان بها وجد عليها مانعا يمنعه منها إلّا بالثمن، ولا يملك العبد ثمنها، فانصرف إلى مولاه خائبا بغير قضاء حاجته، فاغتاظ مولاه لذلك وعاقبه على ذلك، فأنّه كان ظالـمّا متعديا مبطلا لـمّا وصف من عدله وحكمته ونصفته، وأنّ لم يعاقبه كذب نفسه، أليس يجب أنّ لا يعاقبه والكذب والظلم ينفيأنّ العدل والحكمة تعالى الله عمّا يقول المجبرة علوّاً كبيراً.

ثمّ قالعليه‌السلام بعد كلام طويل: فإمّا التفويض الّذي أبطله الصادقّعليه‌السلام وخطىء من دأنّ به فهو قول القائل: أنّ الله فوض إلى العباد اختيار أمره ونهيه وأهملهم، وفي هذا كلام دقيق لم يذهب إلى غوره ودقته إلّا الأئمة المهديةعليهم‌السلام من عترة آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله فإنهم قالوا: لو فوض الله إليهم على جهة الإهمال لكان لازما له رضا ما اختاروه واستوجبوا به من الثواب، ولم يكن عليهم فيما اجترموا العقاب، إذ كان الإهمال واقعا، فتنصرف هذه المقالة على معنيين: إمّا أنّ يكون العباد تظاهروا عليه فألزموه قبول اختيارهم بآرائهم ضرورة، كره ذلك أم أحبه فقد لزم الوهن، أو يكون جلَّ وتقدّس عجز عن تعبدهم بالأمرّ والنهي ففوض أمره ونهيه إليهم وأجراهما على محبتهم، إذ عجز عن تعبدهم بالأمرّ والنهي على إرادته، فجعل الاختيار إليهم في

٢١٨

________________________________________________________

الكفر والإيمان، ومثل ذلك مثل رجلَّ ملك عبدا ابتاعه ليخدمه ويعرف له فضل ولايته ويقف عندّ أمره، ونهيه، وادعى مالك العبد أنّه قادر قاهر عزيز حكيم، فأمرّ عبده ونهاه ووعدّه على اتباع أو أمره عظيم الثواب، وأوعدّه على معصيته أليم العقاب، فخالف العبد إرادة مالكه ولم يقف عندّ أمره ونهيه، فأيّ أمرّ أمره به أو نهي نهاه عنه لم يأتمرّ على إرادة المولى، بل كان العبد يتبع إرادة نفسه، وبعثه في بعض حوائجه، وفيها الحاجة له، فصدر العبد بغير تلك الحاجة خلافا على مولاه، وقصد إرادة نفسه واتبع هواه، فلـمّا رجع إلى مولاه نظر إلى ما أتاه فإذا هو خلاف ما أمره به، فقال العبد: اتكلت على تفويضك الأمرّ إلى فاتبعت هوأيّ وإرادتي، لأنّ المفوض إليه غير محصور عليه، لاستحالة اجتماع التفويض والتحصير.

ثمّ قالعليه‌السلام : من زعم أنّ الله فوّض قبول أمره ونهيه إلى عباده فقد أثبت عليه العجز، وأوجب عليه قبول كلّ ما عملوا من خير أو شر وأبطل أمرّ الله تعالى ونهيه، ثمّ قال: أنّ الله خلق الخلق بقدرته، وملكهم استطاعة ما تعبدهم به من الأمرّ والنهي وقبل منهم اتباع أمره ورضي بذلك منهم، ونهاهم عن معصيته وذم من عصاه وعاقبه عليها، ولله الخيرة في الأمرّ والنهي، يختار ما يريد ويأمرّ به، وينهى عمّا يكره، ويثيب ويعاقب بالاستطاعة الّتي ملكها عباده لاتباع أمره واجتناب معاصيه، لأنّه العدل ومنه النصفة والحكومة، بالغ الحجة بالأعذار والإنذار، وإليه الصفوة يصطفي من يشاء من عباده، اصطفى محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله وبعثه بالرسالة إلى خلقه، ولو فوض اختيار أموره إلى عباده لأجاز لقريش اختيار أمية بن الصلت وأبي مسعود الثقفي، إذ كانا عندهم أفضل من محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّا قالوا: لو لا نزل هذا القران على رجلَّ من القريتين عظيم يعنونهما بذلك.

فهذا هو القول بين القولين ليس بجبر ولا تفويض، بذلك أخبر أمير المؤمنينعليه‌السلام حين سأله عباية بن ربعي الأسدي عن الاستطاعة؟ فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام

٢١٩

________________________________________________________

تملكها من دون الله أو مع الله؟ فسكت عباية، فقال له: قل يا عباية! قال: وما أقول؟ قال: أنّ قلت تملكها مع الله قتلتك، وأنّ قلت تملكها من دون الله قتلتك، قال:وما أقول يا أمير المؤمنين؟ قال: تقول تملكها بالله الّذي يملكها من دونك، فأنّ ملكها كان ذلك من عطائه، وأنّ سلبكها كان ذلك من بلائه، وهو المالك لـمّا ملكك، والمالك لـمّا عليه أقدرك، إمّا سمعت الناس يسألون الحول والقوّة حيث يقولون: لا حول ولا قوّة إلّا بالله؟ فقال الرجل: وما تأويلها يا أمير المؤمنين؟ قال: لا حول بنا عن معاصي الله إلّا بعصمة الله، ولا قوّة لنا على طاعة الله إلّا بعون الله، قال: فوثب الرّجلَّ وقبل يديه ورجليه، إلى آخر الخبر بطوله.

وأقول أكثر أجزاء هذا الخبر يدّل على ما ذكرنا في الوجه التاسع، وإمّا ما ذكر في معنى التفويض، فيحتمل أنّ يكون راجعا إلى الوجه الأوّل، لكن الظاهر أنّ غرضهعليه‌السلام من نفي التفويض نفي ما ذكره المخالفون من تفويض اختيار الإمامعليه‌السلام ونصبه إلى الأمة وتفويض الأحكام إليهم بأنّ يحكموا فيها بآرائهم، وقياساتهم واستحساناتهم، ولهذا أجملعليه‌السلام في الكلام، وقال في هذا كلام دقيق، وبين ذلك أخيرا بذكر قريش واصطفائهم فلا تغفل.

فيمكن أنّ يعدّ هذا وجهاً عاشراً لنفي الجبر والتفويض، وإثبات الواسطة.

ويؤيد ما ذكرنا أيضاً ما رواه الشيخ أبو الفتح الكراجكي في كتاب كنز الفوائد أنّ الحسن البصري كتب إلى الإمام الحسن بن عليّعليهما‌السلام : من الحسن البصري إلى الحسن بن رسول الله إمّا بعد فإنكم معاشر بني هاشم الفلك الجارية في اللجج الغامرة، مصابيح الدجى وأعلام الهدى، والأئمة القادة، الذين من تبعهم نجا والسفينة الّتي يؤول إليها المؤمنون، وينجو فيها المتمسكون، قد كثر يا بن رسول الله عندنا الكلام في القدر، واختلافنا في الاستطاعة، فعلمنا ما الّذي عليه رأيك ورأيّ آبائك فإنكم ذرية بعضها من بعض، من علم الله علمتم، وهو الشاهد عليكم، وأنتم الشهداء

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

[ ٣٣٧٢٢ ] ١٣ - قال: وقال الصادق( عليه‌السلام ) : ما تنازع(١) قوم، ففوَّضوا أمرهم إلى الله عزَّ وجلَّ، إلّا خرج سهم المحقّ، وقال: أيُّ قضية أعدل من القرعة، إذا فوِّض الأمر إلى الله، أليس الله يقول:( فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ المُدْحَضِينَ ) (٢) ؟

[ ٣٣٧٢٣ ] ١٤ - وبإسناده عن الحكم بن مسكين، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: إذا وطىء رجلان أو ثلاثة جارية في طهر واحد، فولدت، فادّعوه جميعاً أقرع الوالي بينهم، فمن قرع كان الولد ولده ويردّ قيمة الولد على صاحب الجارية، قال: فإن اشترى رجل جارية، فجاء رجل فاستحقّها، وقد ولدت من المشتري ردّ الجارية عليه، وكان له ولدها بقيمته.

[ ٣٣٧٢٤ ] ١٥ - وبإسناده عن حمّاد بن عثمان، عن عبيد الله بن عليّ الحلبي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) - في رجل - قال: أوَّل مملوك أملكه فهو حرّ، فورث سبعة جميعاً، قال: يقرع بينهم، ويعتق الّذي خرج سهمه.

[ ٣٣٧٢٥ ] ١٦ - وبإسناده عن حريز، عن محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر( عليه‌السلام ) ، عن رجل يكون له المملوكون، فيوصي بعتق ثلثهم، قال: كان عليٌّ( عليه‌السلام ) يسهم بينهم.

[ ٣٣٧٢٦ ] ١٧ - أحمد بن محمّد البرقيُّ في( المحاسن) عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن منصور بن حازم، قال: سأل بعض

____________________

١٣ - الفقيه ٣: ٥٢ / ١٧٥.

(١) في المصدر: تقارع.

(٢) الصافات ٣٧: ١٤١.

١٤ - الفقيه ٣: ٥٢ / ١٧٦.

١٥ - الفقيه ٣: ٥٣ / ١٧٩.

١٦ - الفقيه ٣: ٥٣ / ١٨٠.

١٧ - المحاسن ٦٠٣ / ٣٠.

٢٦١

أصحابنا أبو عبد الله( عليه‌السلام ) عن مسألة، فقال: هذه تخرج في القرعة، ثمَّ قال: فأيُّ قضيّة أعدل من القرعة، إذا فوَّضوا أمرهم إلى الله عزَّ وجلَّ، أليس الله يقول:( فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ المُدْحَضِينَ ) (١) ؟.

ورواه ابن طاووس في( أمان الأخطار) (٢) وفي( الاستخارات) (٣) نقلاً من كتاب المشيخة للحسن بن محبوب، من مسند جميل، عن منصور بن حازم، قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: وقد سأله بعض أصحابنا، وذكر مثله.

[ ٣٣٧٢٧ ] ١٨ - محمّد بن الحسن في( النهاية) قال: روي عن أبي الحسن موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) ، وعن غيره من آبائه وأبنائه( عليهم‌السلام ) من قولهم: كلّ مجهول ففيه القرعة، فقلت له: إنَّ القرعة تخطىء وتصيب، فقال: كلّ ما حكم الله به فليس بمخطىء.

[ ٣٣٧٢٨ ] ١٩ - عليُّ بن موسى بن طاوس في كتاب( أمان الأخطار) وفي( الاستخارات) نقلاً من كتاب عمرو بن أبي المقدام، عن أحدهما( عليهما‌السلام ) - في المساهمة - يكتب: « بسم الله الرحمن الرحيم، اللهمَّ فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، الرحمن الرحيم، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد، أن تصلّي على محمّد وآل محمّد، وأن تخرج لي خير السهمين في ديني، ودنياي وآخرتي، وعاقبة أمري في عاجل أمري وآجله، إنّك على كل شيء قدير، ما شاء الله، لا قوَّة إلّا بالله، صلّى الله على محمّد وآله ». ثمَّ تكتب

____________________

(١) الصافات ٣٧: ١٤١.

(٢) الامان من أخطار الأسفار والازمان: ٩٥.

(٣) الاستخارات: ٥٣.

١٨ - النهاية: ٣٤٦.

١٩ - الامان من اخطار الاسفار والازمان: ٩٧.

٢٦٢

ما تريد في الرقعتين، وتكون الثالثة غفلاً(١) ، ثمَّ تجيل السهام فأيّما(٢) خرج عملت عليه ولا تخالف، فمن خالف لم يصنع له، وإن خرج الغُفل رميت به.

[ ٣٣٧٢٩ ] ٢٠ - وفي( أمان الأخطار) عن الصادق( عليه‌السلام ) قال: من أراد أن يستخير الله فليقرأ الحمد عشر مرّات، وإنّا أنزلناه عشر مرّات، ثمَّ يقول: « اللّهمّ إنّي أستخيرك لعلمك بعواقب الاُمور، وأستشيرك بحسن ظنّي بك في المأمون والمحذور، اللّهم إن كان أمري هذا ممّا قد نيطت بالبركة أعجازه وبواديه، وحفّت بالكرامة أيّامه ولياليه، فخر لي فيه بخيرة تردّ شموسه ذلولاً، وتغصّ أيّامه سروراً، يا الله إما أمر فأئتمر، وإمّا نهي فأنتهي، اللّهمَّ خر لي برحمتك خيرة في عافية » ثلاث مرّات، ثمَّ تأخذ كفّاً من الحصى، أو سبحتك.

[ ٣٣٧٣٠ ] ٢١ - قال: وفي رواية اُخرى: يقرأ الحمد مرَّة، وإنّا أنزلناه إحدى عشرة مرَّة، ثمَّ يدعو الدعاء الّذي ذكرناه، ويقارع هو وآخر ويكون قصده أنّني متى وقعت القرعة على أحدهما أعمل عليه.

[ ٣٣٧٣١ ] ٢٢ - العيّاشيُّ في( تفسيره) عن الثمالي، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) - في حديث يونس( عليه‌السلام ) - قال: فساهمهم فوقعت السهام عليه، فجرت السنّة: أنَّ السهام إذا كانت ثلاث مرّات أنّها لا تخطىء، فألقى نفسه، فالتقمه الحوت.

____________________

(١) الغفل: بالضم كل شيء خلا من علامة أو سمة. ( انظر لسان العرب - غفل - ١١: ٤٩٨ ).

(٢) في المصدر: فأيهما.

٢٠ - الامان من اخطار الاسفار والازمان: ٩٨. وأورده عن الاستخارات في الحديث ٢ من الباب ٨ من ابواب صلاة الاستخارة.

٢١ - الامان من اخطار الاسفار والازمان: ٩٨.

٢٢ - تفسير العياشي ٢: ١٣٦ / ٤٦.

٢٦٣

أقول: وتقدَّم ما يدلُّ على ذلك في مواضع كثيرة(١) .

١٤ - باب ثبوت الدعوى في حقوق الناس المالية خاصة بشاهد ويمين المدعي، لا في الهلال والطلاق ونحوهما.

[ ٣٣٧٣٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليِّ بن الحكم، عن أبي أيّوب الخرّاز، عن محمّد ابن مسلم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: كان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يجيز في الدين شهادة رجل واحد، ويمين صاحب الدين، ولم يجز في الهلال إلّا شاهدي عدل.

[ ٣٣٧٣٣ ] ٢ - وعن أبي عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: كان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يقضي بشاهد واحد مع يمين صاحب الحقّ.

ورواه الشيخ بإسناده عن أبي عليّ الأشعري(٢) .

وبإسناده عن محمّد بن يعقوب(٣) ، والّذي قبله بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى مثله.

____________________

(١) تقدم في الأبواب ٣٤ و ٥٧ و ٦٥ من أبواب العتق، وفي الباب ٧٥ من ابواب الوصايا، وفي الباب ١٠ من أبواب ميراث الملاعنة، وفي الباب ٤ من أبواب ميراث الخنثىٰ، وفي الباب ٤ من أبواب ميراث الغرقى والمهدوم، وفي الحديث ٧ من الباب ٢٠ من أبواب ميراث الابوين والأولاد، وفي الأحاديث ٦ و ٧ و ٨ و ١١ و ١٢ و ١٥ من الباب ١٢ من هذه الأبواب. وفي الباب ٥٧ من أبواب نكاح العبيد والاماء.

الباب ١٤

فيه ٢٠ حديثاً

١ - الكافي ٧: ٣٨٦ / ٨، والتهذيب ٦: ٢٧٢ / ٧٤٠، والاستبصار ٣: ٣٢ / ١٠٨.

٢ - الكافي ٧: ٣٨٥ / ٤.

(٢) التهذيب ٦: ٢٧٢ / ٧٤١.

(٣) الاستبصار ٣: ٣٣ / ١١٣.

٢٦٤

[ ٣٣٧٣٤ ] ٣ - وعن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشاء، عن حمّاد بن عثمان، قال: سمعت أبو عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: كان عليٌّ( عليه‌السلام ) يجيز في الدين شهادة رجل، ويمين المدّعي.

[ ٣٣٧٣٥ ] ٤ - وعن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: حدَّثني أبي( عليه‌السلام ) : أنَّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قضى بشاهد ويمين.

ورواه الحميريُّ في( قرب الإِسناد) عن محمّد بن عيسى، والحسن ابن ظريف، وعليِّ بن إسماعيل كلّهم، عن حمّاد بن عيسى مثله (١) .

[ ٣٣٧٣٦ ] ٥ - وعنه(٢) ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن زرعة، عن سماعة، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن الرجل يكون له عند الرجل الحقّ، وله شاهد واحد ؟ قال: فقال: كان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يقضي بشاهد واحد، ويمين صاحب الحقّ، وذلك في الدين.

ورواه الشيخ بإسناده عن عليِّ بن إبراهيم(٣) ، والّذي قبله بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى مثله.

[ ٣٣٧٣٧ ] ٦ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن

____________________

٣ - الكافي ٧: ٣٨٥ / ١.

٤ - الكافي ٧: ٣٨٥ / ٢، والتهذيب ٦: ٢٧٥ / ٧٤٨، والاستبصار ٣: ٣٣ / ١١٢.

(١) قرب الإِسناد: ١٠.

٥ - الكافي ٧: ٣٨٥ / ٣.

(٢) في الاستبصار زيادة: عن أبيه.

(٣) التهذيب ٦: ٢٧٢ / ٧٤٢، والاستبصار ٣: ٣٢ / ١٠٩.

٦ - الكافي ٧: ٣٨٥ / ٥.

٢٦٥

الحجّاج، قال: دخل الحكم بن عتيبة وسلمة بن كهيل على أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، فسألاه عن شاهد ويمين، فقال: قضى به رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، وقضى به عليٌّ( عليه‌السلام ) عندكم بالكوفة، فقالا: هذا خلاف القرآن، فقال: وأين وجدتموه خلاف القرآن ؟ قالا: إنَّ الله يقول:( وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ ) (١) فقال(٢) : قول الله:( وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ ) هو(٣) لا تقبلوا شهادة واحد ويميناً، ثمَّ قال: إنَّ عليّاً( عليه‌السلام ) كان قاعداً في مسجد الكوفة، فمرَّ به عبد الله بن قفل التميميّ ومعه درع طلحة، فقال له عليٌّ( عليه‌السلام ) : هذه درع طلحة، اخذت غلولاً يوم البصرة، فقال له عبدالله بن قفل: اجل بيني وبينك قاضيك الّذي رضيته للمسلمين، فجعل بينه وبينه شريحاً، فقال عليٌّ( عليه‌السلام ) : هذه درع طلحة اخذت غلولاً يوم البصرة، فقال له شريح: هاتِ على ما تقول بينة، فأتاه بالحسن، فشهد أنّها درع طلحة اخذت غلولاً يوم البصرة، فقال شريح: هذا شاهد، واحد ولا أقضي بشهادة شاهد، حتّى يكون معه آخر، فدعا قنبر فشهد أنّها درع طلحة اخذت غلولاً يوم البصرة، فقال شريح: هذا مملوك، ولا أقضي بشهادة مملوك، قال: فغضب عليٌّ( عليه‌السلام ) ، وقال: خذها، فإنَّ هذا قضى بجور ثلاث مرّات، قال: فتحوّل شريح وقال: لا أقضي بين اثنين، حتّى تخبرني من أين قضيت بجور ثلاث مرّات ؟ فقال له: ويلك - أو ويحك - إنّي لمّا أخبرتك أنّها درع طلحة اخذت غلولاً يوم البصرة فقلت: هاتِ على ما تقول بيّنة، وقد قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : حيث ما وجد غلول اخذ بغير بيّنة، فقلت: رجل لم يسمع الحديث فهذه واحدة، ثمّ أتيتك بالحسن فشهد، فقلت: هذا واحد ولا أقضي بشهادة واحد، حتّى يكون معه آخر، وقد قضى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بشهادة واحد ويمين، فهذه ثنتان، ثمَّ أتيتك بقنبر، فشهد أنّها

____________________

(١) الطلاق ٦٥: ٢.

(٢) في المصدر زيادة: لهما ابو جعفر (عليه‌السلام )

(٣) في المصدر زيادة: أن.

٢٦٦

درع طلحة أخذت غلولاً يوم البصرة، فقلت: هذا مملوك ولا أقضي بشهادة مملوك وما بأس بشهادة المملوك إذا كان عدلاً، ثمَّ قال: ويلك - أو ويحك - إنَّ إمام المسلمين يؤمن من اُمورهم على ما هو أعظم من هذا.

ورواه الصدوق بإسناده عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) نحوه، واقتصر على قصّة عليِّ( عليه‌السلام ) مع شريح، وزاد في آخرها: ثمَّ قال أبو جعفر( عليه‌السلام ) : إنَّ أوَّل من ردّ شهادة المملوك رمع(١) .

محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، مثل الرواية الاُولى(٢) .

[ ٣٣٧٣٨ ] ٧ - وعنه، عن حمّاد بن عيسى، قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: حدَّثني أبي: أنَّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قد قضى بشاهد ويمين.

[ ٣٣٧٣٩ ] ٨ - وعنه، عن القاسم، عن أبان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: كان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يقضي بشاهد واحد(٣) ، مع يمين صاحب الحقّ.

[ ٣٣٧٤٠ ] ٩ - وعنه، عن فضالة، عن أبان، عن أبي مريم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) (٤) قال: أجاز رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) شهادة شاهد، مع يمين طالب الحقّ، إذا حلف أنه الحقّ.

____________________

(١) الفقيه ٣: ٦٣ / ٢١٣.

(٢) التهذيب ٦: ٢٧٣ / ٧٤٧ والاستبصار ٣: ٣٤ / ١١٧.

٧ - التهذيب ٦: ٢٧٥ / ٧٤٨، والاستبصار ٣: ٣٣ / ١١٢.

٨ - التهذيب ٦: ٢٧٣ / ٧٤٣. والاستبصار ٣: ٣٣ / ١١٤.

(٣) في نسخة: بشهادة واحدة ( هامش المخطوط ).

٩ - التهذيب ٦: ٢٧٣ / ٧٤٤، والاستبصار ٣: ٣٣ / ١١٥.

(٤) في المصدر: عن أبي عبد الله (عليه‌السلام )

٢٦٧

[ ٣٣٧٤١ ] ١٠ - وعنه، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: قضى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بشهادة رجل، مع يمين الطالب في الدين وحده.

[ ٣٣٧٤٢ ] ١١ - وعنه، عن صفوان، عن حمّاد بن عثمان، قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: كان عليٌّ( عليه‌السلام ) يجيز في الدين شهادة رجل، ويمين المدّعي.

[ ٣٣٧٤٣ ] ١٢ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن عبيد الله بن أحمد، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) ، قال: لو كان الأمر إلينا أجزنا شهادة الرجل الواحد، إذا علم منه خير، مع يمين الخصم في حقوق الناس، فأمّا ما كان من حقوق الله عزَّ وجلَّ، أو رؤية الهلال فلا.

ورواه الصدوق بإسناده عن الحسن بن محبوب مثله(١) .

[ ٣٣٧٤٤ ] ١٣ - وبإسناده عن أبي القاسم جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن محمّد بن الوليد، عن العبّاس بن هلال، عن أبي الحسن الرضا( عليه‌السلام ) قال: إنَّ جعفر بن محمّد( عليهما‌السلام ) قال له أبو حنيفة: كيف تقضون باليمين مع الشاهد الواحد ؟ فقال جعفر( عليه‌السلام ) : قضى به رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وقضى به عليٌّ( عليه‌السلام ) عندكم، فضحك أبو حنيفة، فقال له جعفر( عليه‌السلام ) : أنتم تقضون بشهادة واحد شهادة مائة، فقال: ما نفعل، فقال: بلى، يشهد مائة، فترسلون واحداً يسأل عنهم، ثمَّ تجيزون شهادتهم بقوله.

____________________

١٠ - التهذيب ٦: ٢٧٣ / ٧٤٥، والاستبصار ٣: ٣٢ / ١١٠.

١١ - التهذيب ٦: ٢٧٥ / ٧٤٥، والاستبصار ٣: ٣٣ / ١١١.

١٢ - التهذيب ٦: ٢٧٣ / ٧٤٦، والاستبصار ٣: ٣٣ / ١١٦.

(١) الفقيه ٣: ٣٣ / ١٠٤.

١٣ - التهذيب ٦: ٢٩٦ / ٨٢٦.

٢٦٨

[ ٣٣٧٤٥ ] ١٤ - محمّد بن عليِّ بن الحسين قال: قضى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بشهادة شاهد، ويمين المدّعي، قال: وقال( عليه‌السلام ) : نزل(١) جبرئيل بشهادة شاهد، ويمين صاحب الحقّ، وحكم به أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) بالعراق.

[ ٣٣٧٤٦ ] ١٥ - وفي( الأمالي) عن محمّد بن إبراهيم بن إسحاق، عن الحسن بن عليّ العدوي، عن صهيب بن عباد بن صهيب، عن أبيه، عن الصادق، عن آبائه: أنَّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قضى باليمين مع الشاهد الواحد، وأنَّ عليّاً( عليه‌السلام ) قضى به بالعراق.

[ ٣٣٧٤٧ ] ١٦ - وبهذا الإِسناد عن جعفر بن محمّد، عن أبيه( عليه‌السلام ) ، عن جابر بن عبد الله قال: جاء جبرئيل إلى النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، فأمره أن يأخذ باليمين مع الشاهد.

[ ٣٣٧٤٨ ] ١٧ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإِسناد) عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، قال: سمعت الرضا( عليه‌السلام ) يقول: قال أبو حنيفة لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : تجيزون شهادة واحد ويمين ؟ قال: نعم قضى به رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، وقضى به عليٌّ( عليه‌السلام ) بين أظهركم بشاهد ويمين، فتعجّب أبو حنيفة، فقال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : أتعجب من هذا ؟ إنكم تقضون بشاهد واحد في مائة شاهد، فقال له: لا نفعل، فقال: بلى، تبعثون رجلاً واحداً، فيسأل عن مائة شاهد، فتجيزون شهادتهم بقوله، وإنّما هو رجل واحد.

____________________

١٤ - الفقيه ٣: ٣٣ / ١٠٣.

(١) في المصدر زيادة: عليَّ.

١٥ - أمالي الصدوق: ٢٩٧ / ٣.

١٦ - أمالي الصدوق: ٢٩٧ / ذيل ٣.

١٧ - قرب الاسناد: ١٥٨.

٢٦٩

[ ٣٣٧٤٩ ] ١٨ - سعد بن عبد الله في( بصائر الدرجات) عن القاسم بن الربيع الورّاق، ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب،( ومحمّد بن سنان، عن مياح المدايني) (١) عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) - في كتابه إليه - قال: كان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يقضي بشاهد واحد، مع يمين المدّعي، ولا يبطل حقَّ مسلم، ولا يردّ شهادة مؤمن.

[ ٣٣٧٥٠ ] ١٩ - الحسن بن الفضل الطبرسيُّ في( مكارم الأخلاق) عن الصادق( عليه‌السلام ) ، عن آبائه( عليهم‌السلام ) ، قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : نزل عليَّ جبرئيل( عليه‌السلام ) بالحجامة واليمين مع الشاهد.

[ ٣٣٧٥١ ] ٢٠ - محمّد بن إدريس في آخر( السرائر) نقلاً من كتاب السيّاري أبي عبد الله، عن أبي الحسن الأوّل( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: إنَّ الخلال(٢) نزل به جبرئيل مع اليمين والشاهد، من السماء.

أقول: ويأتي ما يدلُّ على ذلك(٣) .

____________________

١٨ - بصائر الدرجات مخطوط، مختصر بصائر الدرجات: ٨٧.

(١) في المختصر: عن محمّد بن سنان، عن صياح المدايني.

١٩ - مكارم الأخلاق: ٧٥ باختلاف، ونصه ورد في البحار ٦٢: ١٢٥ / ٧١.

٢٠ - السرائر: ٤٧٦.

(٢) الخلال: العود الذي تستخرج به بقايا الطعام بين الاسنان « الصحاح - خلل - ٤: ١٦٨٧ » وفي المصدر: فان الخل.

(٣) يأتي في الحديث ٢ من الباب ١٥ من هذه الأبواب وفي الحديث ٣٥ من الباب ٢٤ من أبواب الشهادات.

وتقدم ما يدل على ثبوت الهلال بشهادة رجلين عدلين في الباب ١١ من أحكام شهر رمضان، وتقدم ما يدل على اشتراط صحة الطلاق باشهاد شاهدين عدلين في الباب ١٠ من أبواب مقدمات الطلاق.

٢٧٠

١٥ - باب ثبوت دعوى المالية بشهادة رجل وامرأتين، وبشهادة امرأتين ويمين.

[ ٣٣٧٥٢ ] ١ - محمّد بن عليِّ بن الحسين بإسناده عن منصور بن حازم: أنَّ أبا الحسن موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) قال: إذا شهد لطالب الحقّ امرأتان ويمينه، فهو جائز.

[ ٣٣٧٥٣ ] ٢ - محمّد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس عمن رواه، قال: استخراج الحقوق بأربعة وجوه: بشهادة رجلين عدلين، فان لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان، فان لم تكن امرأتان فرجل ويمين المدّعي، فإن لم يكن شاهد، فاليمين على المدّعى عليه. الحديث.

ورواه الشيخ بإسناده عن عليِّ بن إبراهيم مثله(١) .

[ ٣٣٧٥٤ ] ٣ - وعنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) : أنَّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أجاز شهادة النساء مع يمين الطالب في الدين، يحلف بالله أنَّ حقّه لحقّ.

ورواه الصدوق بإسناده عن حمّاد مثله(٢) .

[ ٣٣٧٥٥ ] ٤ - وعن بعض أصحابنا، عن محمّد بن عبد الحميد، عن

____________________

الباب ١٥

فيه ٥ أحاديث

١ - الفقيه ٣: ٣٣ / ١٠٥.

٢ - الكافي ٧: ٤١٦ / ٣.

(١) التهذيب ٦: ٢٣١ / ٥٦٢.

٣ - الكافي ٧: ٣٨٦ / ٧، والتهذيب ٦: ٢٧٢ / ٧٣٩، والاستبصار ٣: ٣٢ / ١٠٧.

(٢) الفقيه ٣: ٣٣ / ١٠٦.

٤ - الكافي ٧: ٣٨٦ / ٦.

٢٧١

سيف بن عميرة، عن منصور بن حازم، قال: حدَّثني الثقة عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) ، قال: إذا شهد لصاحب(١) الحقّ امرأتان ويمينه، فهو جائز.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن عبد الحميد(٢) ، والّذي قبله بإسناده عن عليِّ بن إبراهيم مثله.

[ ٣٣٧٥٦ ] ٥ - الحسن بن عليِّ العسكري( عليه‌السلام ) في( تفسيره) عن آبائه، عن أمير المؤمنين( عليهم‌السلام ) في قوله تعالى:( فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ) (٣) قال: عدلت امرأتان في الشهادة برجل واحد، فإذا كان رجلان، أو رجل وامرأتان أقاموا الشهادة، قضى بشهادتهم، قال: وجاءت امرأة إلى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، فقالت: ما بال الامرأتين برجل في الشهادة، وفي الميراث ؟ فقال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : إنَّ ذلك قضاء من ملك عدل حكيم، لا يجور، ولا يحيف، أيّتها المرأة ! لأنكنَّ ناقصات الدين والعقل، إنَّ إحداكنَّ تقعد نصف دهرها، لا تصلّي بحيضة، وإنكنّ تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، تمكث إحداكنَّ عند الرجل عشر سنين فصاعداً، يحسن إليها، وينعم عليها، فاذا ضاقت يده يوماً أو ساعة خاصمته، وقالت: ما رأيت منك خيراً قطّ.

أقول: ويأتي ما يدلُّ على ذلك(٤) .

____________________

(١) في نسخة: لطالب ( هامش المخطوط ).

(٢) التهذيب ٦: ٢٧٢ / ٧٣٨، والاستبصار ٣: ٣١ / ١٠٦.

٥ - تفسير الإِمام العسكري (عليه‌السلام ) : ٢٧٦.

(٣) البقرة ٢: ٢٨٢.

(٤) يأتي في الاحاديث ٣٤ و ٣٥ و ٤٥ و ٤٨ و ٥١ من الباب ٢٤ من أبواب الشهادات.

٢٧٢

١٦ - باب حكم من ادعى على آخر الفاً، وأقام بينة، ثم ادعى خمسمائة، ثم ثلاثمائة، ثمّ مائتين، وأقام بينة بالجميع، فادعى المدعى عليه التداخل، وأنكر المدعي.

[ ٣٣٧٥٧ ] ١ - أحمد بن عليِّ بن أبي طالب الطبرسيُّ في( الاحتجاج) عن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن صاحب الزمان( عليه‌السلام ) ، أنّه كتب إليه يسأله عن رجل ادّعى عليه رجل ألف درهم، وأقام به البيّنة العادلة، وادّعى عليه خمسمائة درهم في صكّ آخر، وله بذلك كلّه بيّنة عادلة، وادّعى أيضاً عليه ثلاثمائة درهم في صكّ آخر، ومائتي درهم في صكّ آخر، وله بذلك كلّه بيّنة عادلة، ويزعم المدّعى عليه أنَّ هذه الصكاك كلّها قد دخلت في الصكّ الّذي بألف درهم، والمدّعي منكر أن يكون كما زعم، فهل تجب عليه الألف الدرهم مرّة واحدة، أم تجب عليه كلّ ما يقيم البيّنة به ؟ وليس في الصكاك استثناء، إنّما هي صكاك على وجهها، فأجاب( عليه‌السلام ) : يؤخذ من المدّعى عليه ألف درهم مرّة واحدة، وهي الّتي لا شبهة فيها، وتردّ اليمين في الألف الباقي على المدّعي، فان نكل فلا حقّ له.

١٧ - باب أنه إذا كان جماعة جلوساً، وسطهم كيس، فقالوا كلهم: ليس لنا، وادعاه واحد حكم له به.

[ ٣٣٧٥٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال:

____________________

الباب ١٦

فيه حديث واحد

١ - الاحتجاج: ٤٨٩.

الباب ١٧

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٧: ٤٢٢ / ٥.

٢٧٣

قلت: عشرة كانوا جلوساً، ووسطهم كيس، فيه ألف درهم، فسأل بعضهم بعضاً: ألكم هذا الكيس ؟ فقالوا كلّهم: لا، وقال واحد منهم: هو لي، فلمن هو ؟ قال: للّذي ادّعاه.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن محمّد بن الوليد، عن يونس، عن منصور بن حازم(١) .

ورواه في( النهاية) عن يونس بن عبد الرحمن، عن منصور بن حازم (٢) .

١٨ - باب أن للقاضي أن يحكم بعلمه من غير بينة.

[ ٣٣٧٥٩ ] ١ - محمّد بن عليِّ بن الحسين بإسناده إلى قضايا أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) ، قال: جاء أعرابيٌّ إلى النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، فأدّعى عليه سبعين درهماً ثمن ناقة باعها منه، فقال: قد أوفيتك، فقال: اجعل بيني وبينك رجلاً يحكم بيننا، فأقبل رجل من قريش، فقال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : احكم بيننا، فقال للأعرابي: ما تدّعي على رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ؟ فقال: سبعين درهماً ثمن ناقة بعتها منه، فقال: ما تقول يا رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ؟ فقال: قد أوفيته، فقال للأعرابي: ما تقول ؟ فقال: لم يوفني، فقال لرسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : ألك بيّنة أنك قد أوفيته ؟ قال: لا، فقال للأعرابي: أتحلف أنّك لم تستوفِ حقّك وتأخذه ؟ قال: نعم، فقال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : لأتحاكمنّ مع هذا إلى رجل يحكم بيننا بحكم الله، فأتى عليَّ بن أبي طالب( عليه‌السلام ) ، ومعه الأعرابي، فقال عليٌّ( عليه‌السلام ) :

____________________

(١) التهذيب ٦: ٢٩٢ / ٨١٠.

(٢) النهاية: ٣٥٠ / ٧.

الباب ١٨

فيه ٣ أحاديث

١ - الفقيه ٣: ٦٠ / ٢١٠، والانتصار: ٢٣٨.

٢٧٤

ما لك يا رسول الله ؟ قال: يا أبا الحسن احكم بيني وبين هذا الأعرابي، فقال عليٌّ( عليه‌السلام ) : يا أعرابي ما تدّعي على رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ؟ قال: سبعين درهما ثمن ناقة بعتها منه، فقال: ما تقول يا رسول الله ؟ قال: قد أوفيته ثمنها، فقال: يا أعرابيُّ اصدق رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) فيما قال: قال الأعرابيُّ: لا، ما أوفاني شيئاً، فأخرج عليٌّ( عليه‌السلام ) سيفه فضرب عنقه، فقال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : لم فعلت يا عليّ ذلك ؟! فقال: يا رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) نحن نصدّقك على أمر الله ونهيه، وعلى أمر الجنّة والنار، والثواب والعقاب، ووحي الله عزَّ وجلَّ، ولا نصدّقك على ثمن ناقة الأعرابي، وإنّي قتلته، لأنه كذَّبك لمّا قلت له: اصدق رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، فقال: لا، ما أوفاني شيئاً، فقال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : أصبت يا عليّ، فلا تعد إلى مثلها، ثمَّ التفت إلى القرشي، وكان قد تبعه، فقال: هذا حكم الله لا ما حكمت به.

ورواه في( الأمالي) عن عليِّ بن محمّد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن نوح بن شعيب، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن علقمة، عن الصادق( عليه‌السلام ) نحوه(١) .

[ ٣٣٧٦٠ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن بحر الشيباني(٢) ، عن أحمد بن الحارث، عن أبي أيّوب الكوفي، عن إسحاق بن وهب، عن أبي عاصم، عن أبن جريح(٣) ، عن الضحّاك، عن ابن عبّاس، وذكر قضية اُخرى عن أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) نحو هذه القضيّة.

____________________

(١) أمالي الصدوق: ٩١ / ٢.

٢ - الفقيه ٣: ٦١ / ٢١١.

(٢) في نسخة: محمّد بن يحيىٰ الشيباني ( هامش المخطوط ).

(٣) في المصدر: عن ابن جريح.

٢٧٥

ورواه السيد المرتضى في( الانتصار) مرسلاً (١) ، وكذا الّذي قبله.

[ ٣٣٧٦١ ] ٣ - وعنه، عن عبد الرحمن بن أحمد(٢) ، عن محمّد بن يحيى النيسابوري، عن الحكم بن نافع، عن شعيب، عن الزهري، عن عبد الله ابن أحمد، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن عمّه: أنَّ النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ابتاع فرساً من أعرابي، فأسرع ليقضيه(٣) ثمن فرسه، فأبطأ الأعرابيُّ، فطفق رجال يعترضون الأعرابيَّ فيساومونه بالفرس، ولا يشعرون بأنَّ النبيَّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ابتاعها حتّى زاد بعضهم الأعرابيَّ في السوم، فنادى الأعرابيُّ، فقال: إن كنت مبتاعا لهذا الفرس فابتعه، وإلّا بعته، فقام النبيُّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) حين سمع الأعرابي، فقال: أوليس قد ابتعته منك ؟! فطفق الناس يلوذون بالنبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وبالأعرابي، وهما يتشاجران، فقال الأعرابيُّ: هلمَّ شهيداً يشهد أنّي قد بايعتك، ومن جاء من المسلمين قال للأعرابيُّ: إنَّ النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لم يكن يقول إلّا حقّاً، حتّى جاء خزيمة بن ثابت، فاستمع لمراجعة النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) للأعرابي، فقال خزيمة: إنّي أنا أشهد أنك قد بايعته، فأقبل النبيُّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) على خزيمة، فقال: بم تشهد ؟ فقال: بتصديقك يا رسول الله، فجعل رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) شهادة خزيمة بن ثابت شهادتين، وسمّاه ذا الشهادتين.

ورواه الكلينيُّ، عن عليِّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن معاوية بن وهب نحوه(٤) .

أقول: وقد تقدَّم أحاديث كثيرة تدلّ على وجوب العمل بالعلم، والنهي

____________________

(١) الانتصار: ٢٣٩.

٣ - الفقيه ٣: ٦٢ / ٢١٢.

(٢) في المصدر: عبد الرحمن بن أبي أحمد الذهلي.

(٣) في المصدر: ليقبضه.

(٤) الكافي ٧: ٤٠٠ / ١.

٢٧٦

عن القول بغير علم(١) ، وعن كتم العلم لغير تقيّة(٢) ، وحكم أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) في درع طلحة وغير ذلك(٣) .

١٩ - باب أنه يستحب للقاضي تفريق الشهود عند الريبة، واستقصاء سؤالهم عن مشخصات القضية، فان اختلفوا ردت شهادتهم، وعدم وجوب التفريق.

[ ٣٣٧٦٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: اُتي عمر بن الخطّاب بجارية، قد شهدوا عليها أنّها بغت، وكان من قصّتها، أنّها كانت عند رجل، وكان الرجل كثيراً ما يغيب عن أهله، فشبت اليتيمة، فتخوّفت المرأة أن يتزوّجها زوجها، فدعت نسوة حتّى أمسكوها، فأخذت عذرتها بأصبعها، فلمّا قدم زوجها - من غيبته، رمت المرأة اليتيمة بالفاحشة، وأقامت البيّنة من جاراتها اللاتي ساعدنها على ذلك، فرفع ذلك إلى عمر، فلم يدر كيف يقضي فيها، ثمَّ قال للرجل: ائت عليَّ بن أبي طالب، واذهب بنا إليه، فأتوا عليّاً( عليه‌السلام ) وقصّوا عليه القصّة، فقال لامرأة الرجل: ألك بيّنة، أو برهان ؟ قالت: لي شهود، هؤلاء جاراتي يشهدن عليها بما أقول، فأحضرتهنَّ، وأخرج عليٌّ( عليه‌السلام ) السيف من غمده، فطرحه بين يديه، وأمر بكلّ واحدة منهنّ فاُدخلت بيتاً، ثمَّ دعا امرأة الرجل، فأدارها بكلّ وجه فأبت أن تزول عن قولها، فردّها إلى البيت الّذي كانت فيه، ودعا إحدى الشهود، وجثا على ركبتيه، ثمَّ قال: أتعرفيني ؟ أنا عليُّ بن أبي طالب، وهذا سيفي، وقد قالت امرأة الرجل ما

____________________

(١) تقدم في الأبواب ٤ و ٦ و ٨ و ١٢ و ١٣ من أبواب صفات القاضي.

(٢) تقدم في الاحاديث ١ و ٢ و ٩ من الباب ٤٠ من أبواب الأمر بالمعروف.

(٣) تقدم في الحديث ٦ من الباب ١٤ من هذه الأبواب.

الباب ١٩

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٧: ٤٢٥ / ٩.

٢٧٧

قالت، ورجعت إلى الحقّ(١) وأعطيتها الأمان، فان لم تصدقيني لأملأنّ السيف منك، فالتفتت إلى عمر، وقالت: الأمان على الصدق، فقال لها عليٌّ( عليه‌السلام ) : فاصدقي، قالت: لا والله، إنها رأت جمالاً وهيئة، فخافت فساد زوجها، فسقتها المسكر، ودعتنا فأمسكناها، فافتضّتها باصبعها، فقال عليٌّ( عليه‌السلام ) : الله أكبر، أنا أوَّل من فرَّق بين الشاهدين(٢) إلّا دانيال النبي( عليه‌السلام ) ، فألزم عليٌّ( عليه‌السلام ) المرأة حدّ القاذف، وألزمهنّ جميعاً العقر، وجعل عقرها أربعمائة درهم، وأمر المرأة أن تنفى من الرجل، ويطلّقها زوجها وزوّجه الجارية، وساق عنه عليٌّ( عليه‌السلام ) - ثمَّ ذكر حديث دانيال - وأنّه حكم في مثل هذا بتفريق الشهود، واستقصاء سؤالهم عن جزئيّات القضيّة.

ورواه الشيخ بإسناده عن عليِّ بن إبراهيم نحوه(٣) .

ورواه الصدوق بإسناده عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباته، قال: اتى عمر بن الخطّاب بجارية، ثمَّ ذكر نحوه(٤) .

أقول: قوله( عليه‌السلام ) : أنا أوَّل من فرّق الشهود إلّا دانيال، يدلُّ على عدم وجوب التفريق، وأيضاً لو وجب التفريق وكان كلّياً لانتفت فائدته وبطلت حكمته، لأنّهم يعلمون أنّهم يفرّقون فيتّفقون على الكذب وعلى تلك الجزئيات.

وكذا القول فيما يأتي من تفريق أهل الدعوى(٥) .

____________________

(١) أي الحبس فإنّه حق « منه رحمه الله ».

(٢) في الفقيه: الشهود ( هامش المخطوط ).

(٣) التهذيب ٦: ٣٠٨ / ٨٥٢.

(٤) الفقيه ٣: ١٥ / ١١.

(٥) يأتي في الباب الآتي من هذه الأبواب.

٢٧٨

٢٠ - باب أنه يستحب للقاضي تفريق أهل الدعوى والمنكرين مع الريبة واستقصاء سؤالهم وابطال دعواهم ان اختلفوا، وعدم وجوب التفريق.

[ ٣٣٧٦٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) - في حديث - إنَّ شابّاً قال لأمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : إنَّ هؤلاء النفر خرجوا بأبي معهم في السفر، فرجعوا ولم يرجع أبي، فسألتهم عنه، فقالوا: مات، فسألتهم عن ماله، فقالوا: ما ترك مالاً، فقدَّمتهم إلى شريح، فاستحلفهم، وقد علمت أنَّ أبي خرج ومعه مال كثير، فقال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : والله لأحكمنَّ بينهم بحكم ما حكم به خلق قبلي إلّا داود النبي( عليه‌السلام ) ، يا قنبر ادع لي شرطة الخميس، فدعاهم، فوكل بكلّ رجل منهم رجلاً من الشرطة، ثمَّ نظر إلى وجوههم، فقال: ماذا تقولون ؟ تقولون: إنّي لا أعلم ما صنعتم بأبي هذا الفتى ؟! إنّي إذاً لجاهل، ثمَّ قال: فرّقوهم وغطّوا رؤوسهم، قال: ففرّق بينهم، واُقيم كلّ رجل منهم إلى اسطوانة من أساطين المسجد ورؤوسهم مغطّاة بثيابهم، ثمّ دعا بعبيد الله بن أبي رافع كاتبه، فقال: هات صحيفة ودواة، وجلس أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) في مجلس القضاء، وجلس الناس إليه، فقال لهم: إذا أنا كبّرت فكبّروا، ثمّ قال للناس: اخرجوا، ثمّ دعا بواحد منهم، فأجلسه بين يديه، وكشف عن وجهه، ثمَّ قال لعبيد الله: اكتب إقراره وما يقول، ثمَّ أقبل عليه بالسؤال، فقال له أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : في أيّ يوم خرجتم من منازلكم، وأبو هذا الفتى معكم ؟ فقال الرجل: في يوم كذا وكذا، فقال: وفي أيّ شهر ؟ فقال: في شهر كذا وكذا، قال: في

____________________

الباب ٢٠

فيه حديثان

١ - الكافي ٧: ٣٧١ / ٨.

٢٧٩

أيِّ سنة ؟ فقال: في سنة كذا وكذا، فقال: وإلى اين بلغتم في سفركم حتّى مات أبو هذا الفتى ؟ قال: إلى موضع كذا وكذا، قال: وفي منزل من مات ؟ قال: في منزل فلان بن فلان، قال: وما كان مرضه ؟ قال: كذا وكذا قال: وكم يوماً مرض ؟ قال: كذا وكذا، قال: ففي أيِّ يوم مات ؟ ومن غسّله ؟ ومن كفّنه ؟ وبما كفّنتموه ؟ ومن صلّى عليه ؟ ومن نزل قبره ؟ فلمّا سأله عن جميع ما يريد، كبّر أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) ، وكبّر الناس جميعاً، فارتاب اُولئك الباقون، ولم يشكوا أنَّ صاحبهم قد أقرّ عليهم وعلى نفسه، فأمر أن يغطّى رأسه وينطلق به إلى السجن، ثمَّ دعا بآخر فأجلسه بين يديه، وكشف عن وجهه، وقال: كلا زعمتم أنّي لا أعلم ما صنعتم ؟! فقال: يا أمير المؤمنين، ما أنا إلّا واحد من القوم، ولقد كنت كارهاً لقتله فأقرّ، ثمَّ دعا بواحد بعد واحد كلّهم يقرّ بالقتل وأخذ المال، ثمَّ ردَّ الذي كان أمر به إلى السجن فأقرّ أيضاً، فألزمهم المال والدم، ثمَّ ذكر حكم داود( عليه‌السلام ) بمثل ذلك - إلى أن قال: - ثمَّ إنَّ الفتى والقوم اختلفوا في مال أبي الفتى كم كان، فأخذ عليٌّ( عليه‌السلام ) خاتمه وجمع خواتيم من عنده، قال: أجيلوا هذه السهام، فأيّكم أخرج خاتمي، فهو صادق في دعواه، لأنّه سهم الله عزَّ وجلَّ، وهو لا يخيب.

[ ٣٣٧٦٤ ] ٢ - وعن عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن إسحاق بن إبراهيم الكندي، عن خالد النوفلي، عن الأصبغ بن نباته، عن أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) نحوه، إلّا أنّه قال: فقلت: جعلت فداك، كيف تأخدهم بالمال إن ادَّعى الغلام أنّ أباه خلّف مائة ألف أو أقلّ أو أكثر ؟ وقال القوم: لا، بل عشرة آلاف أو أقلّ أو أكثر ؟ فلهولاء قول، ولهذا قول، قال: فانّي آخذ خاتمه وخواتيمهم وألقاها في مكان واحد، ثمَّ أقول: أجيلوا هذه السهام، فأيّكم خرج سهمه فهو الصادق في دعواه، لأنه سهم الله وسهم الله لا يخيب.

____________________

٢ - الكافي ٧: ٣٧٣ / ٩.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424