وسائل الشيعة الجزء ٣٠

وسائل الشيعة3%

وسائل الشيعة مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 553

  • البداية
  • السابق
  • 553 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 20234 / تحميل: 5243
الحجم الحجم الحجم
وسائل الشيعة

وسائل الشيعة الجزء ٣٠

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

الفائِدةُ الثامِنة ُ

[ تفصيل القرائن الـمُعْتَبرة الدالّة على ثُبوت الخَبر ]

٢٤١

٢٤٢

في تَفْصيل بعضُ القرائِن التي تَقْتَرنُ بالخَبر.

قد صَرَّحَ جمعٍ من المحقّقين من عُلمائِنا أنّ القرينة هنا هي: ما يَنْفَكُّ عنه الخبر، وله دخل في ثبوته، وأما ما لا يَنْفَكُّ عنه فليس بقرينةٍ، ككَوْن المخبر إنسانا أو ناطقا أو نحوهما.

والقرائِن المتعبرة أَقْسام:

بعضُها يدَلّ على ثُبوت الخَبر عنهمعليهم‌السلام .

وبعضُها على صِحّة مَضْمُونه، وإنْ احتمل كونُه موضُوعاً.

وبعضُها على تَرْجيحه على مُعارِضه.

ونحن نذَكَرَ هنا أنواعاً:

منها: كَوْن الراوي ثِقَةٌ، يؤمن منه الكَذِب، عادةً.

وذلك قرينة واضحة على صِحّة الحديث، بمعنى ثبوته.

وكثيراً ما يحصل العلم بذلك، حتى لا يبقى شك أَصْلاً، وإن كان ثِقَةٌ فاسد المذهب، كما صَرَّحَ به الشَيْخ وغيره.

خصوصاً إذا انْضَمَّ إلى ذلك جلالته في العلم والفَضْل والصلاح، وقد صَرَّحَ بذلك صاحبِ الـمَدارك، كما يأتي نقله.

٢٤٣

وهذا أَمرٌ وجْدانيٌّ يساعدُه الأَحاديثَ المتواترة في الأَمرٌ بالعَمَل بخَبَر الثِقَةٌ، والنَهْي عن العَمَل بالظَنّ.

ومعلومٌ أنَّ النسبةَ - بينَ الثِقَةٌ والعدَلّ - العُموم والخُصوص من وَجْهٍ، كما ذكره الشيهد الثاني في بعضُ مؤلّفاته، في بحث استبراء الجارية.

والأَحاديثَ المشار إليها عامة مطلقة فيما يرويه الثِقَةٌ ويحَكَم بصحته، سواء رواه مُرْسِلاً، أم مُسْنِداً: عن ثِقَةٌ أو ضعيف، أو مجهول.

ومنها: كَوْن الحديثُ موجودا في كتابُ من كَتَبَ الأُصُول المجمعٍ عليها، أو في كتابُ أَحَدٍ الثقات:

لما أَشَرْنا إليه من النُصوص المتواترة، وقد عَرَفْتَ بعضها في القضاء(١) .

ولا يخفى: أنَّ إثبات الحديثُ في الكتابُ يقتضي زيادة الاعتماد.

ومن المعلوم - قَطْعاً - أنَّ الكتب التي أمرواعليهم‌السلام بالعمل بها كأنَّ كَثِيْر من رواتها ضعفاء ومجاهيل، وكَثِيْر منها مراسيل.

وقد علم بالتتبع والنَقْل الصريح: أنهم ما كانُوا يثَبْتٌون حديثا في كتابُ مُعْتَمَدٌ حتى يثَبْتٌ عندهم صِحّة نقله، وقد نصوا على استثناء أَحاديثَ خاصة من بعضُ الكتب، وهُوَ قرينة على ما قلنا.

وكَوْن الحديثُ مأخوذا من الكتب المشار إليها يُعْلَمُ بالتصريح، وبقرائن ظاهرة في ( التَهْذيب ) و ( الاسْتبصار ) و ( الفقيه ) وغيرها، كما عرفت.

ومنها: كَوْن الحديثُ موجودا في الكتب الأَرْبعة، ونحوها، من الكتب المتواترة اتفاقا، المشهود لها بالصحة.

__________________

(١) كتابُ القضاء أبواب صفات القاضي، الباب (٨) باب وجوب العمل بأَحاديثَ النبيّ والأَئمةُ ( ع ) المنقولة في الكتابُ الـمُعْتَمَدٌة.

٢٤٤

ومنها: كونُه منقولاً من كتابُ أَحَدٍ من أَصْحاب الإجماع:

ويُعْلَمُ ذلك بالتتّبع والقرائِن وتصْريح الشَيْخ وغيره، كما مر.

ومنها: كَوْن بعضُ رواته من أَصْحاب الإجماع، وقد صح عنه، مطلقاً، بمعنى أنه ثَبْتٌ نقله له أعم من أنَّ يكَوْن مُرْسِلاً أو مُسْنِداً، عن ثِقَةٌ، أوضعيف، أو مَجْهُول:

لما تقدَّم من ذلك الإجماع الشريف، الذي قد علم دخول المعصوم فيه(١) .

ومنها: كونُه من روايات بعضُ الجَماعة الذين وَثَّقَهم الأَئمةُ عليهم‌السلام ، وأَمَرُوا بالرُجوع إليهم، والعَمل بِرِواياتهم.

ومنها: كونُه موافقا للقرآن.

لما عَرَفْتَ في القضاء من النص المتعَدَد(٢) .

والمراد: الآيات الواضحة الدلالة، أو المعلوم تفسيرُها عنهمعليهم‌السلام .

ومنها: كونُه موافقا للسنة الـمَعْلُومةً الثابتة:

لما مر أيضا(٣) .

ومنها: كونُه مكررا في كَتَبَ متعددة مُعْتَمَدٌة:

وقد عَرَفْتَ أنَّ وجوده في كتابُ وأَحَدٍ مُعْتَمَدٌ قرينة منصوصة نصا مُتواتراً، فكيفَ إذا وجدَ في كَتَبَ متعددة؟

وهذه القرينة موجودة في أَحاديثَ هذا الكتابُ كثيرا، كما عرفت.

والذي لم نذكره من تكررها في الكتب أكثر مما ذكرناه، لأنَّ أَكْثرها أو كلها مروية في كَتَبَ كَثيرةٌ جداً، قد نبَّهنا على بعضها، وتركْنا الباقي اختصاراً.

__________________

(١) تقدَّم في الفائِدةُ السابعة ( ص ٢٢١ وما بعدها ).

(٢) كتابُ القضاء، ابواب صفات القاضي، الباب (١٣).

(٣) كتابُ القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب ( ١٤ ).

٢٤٥

وخصوصاً ( تَفْسير العيّاشيّ ) فأنَّ فيه أَحاديثَ كَثيرةٌ جداً لاتحصى عدّاً، قد نقلناها من غيره، ولم نشر إلى وجودها فيه، وكذا ( مناقب ) ابن شهرآشوب، وكذا ( نوادِر ) أَحمد بن محمّد بن عِيسى. وكذا ( روضة الواعظين ). وكذا جملة من الكتب الـمُعْتَمَدٌة.

ومنها: كونه موافِقاً للضروريات:

لأنه راجع إلى موافقة النص المتواتر، لما تقدَّم(١) .

ومنها: عدم وجُودَ معارض:

فأنَّ ذلك قرينة واضحة.

وقد ذَكَرَ الشَيْخ: إنه يكَوْن مُجْمَعاً عليه، لأنّه لولا ذلك لنقلوا له معارضا، صَرَّحَ بذلك في مواضع: منها أَوَّلَ ( الاسْتبصار )(٢) ، وقد نقله الشَهِيْد في ( الذكرى ) عن الصَدُوق في ( المقنع ) وارتضاه(٣) .

ومنها: عدمُ احتماله للتقيّة:

لما تقدَّم(٤) .

ومنها: تعلُقه بالاستحباب مع ثُبوت المشروعية:

لما عَرَفْتَ في مقدمة العِبادات من أحاديث: « من بلغه شيءٌ من الثواب »(٥) .

__________________

(١) تقدَّم في الحديثُ ٨٤ من الباب ٨ من أبواب صفات القاضي.

(٢) الاسْتبصار، للطوسي ( ج ١ ص ٤ ).

(٣) الذكرى، للشهيد ( لاحظ ص ٤ ).

(٤) تقدَّم في الحديثُ ١ من الباب ٩ من أبواب صفات القاضي.

(٥) تقدَّم في الجزء الأَوَّلَ ( ص ٨٠ - ٨٢ ) الباب (١٨) من ابواب مقدمة العبادات من كتابُ الطهارة.

٢٤٦

ومنها: موافقته للاحتياط:

لـِما عَرَفْتَ في القضاء من الأَحاديثَ الكَثيرةٌ الدالّة على الأَمرٌ به(١) .

ومنها: اجْتماع قرينتين فصاعداً ممّا ذُكِرَ.

ومنها: موافقتُه لدليلٍ عَقْليّ قَطْعيّ:

وهُوَ راجع إلى مُوافقة النصّ المتواتِر، لأنّه لا ينفكّ منه أَصْلاً.

ومنها: موافقتُه لإجماع المُسْلِمين.

ومنها: موافقتُه لإجماع الإِماميّة.

لما مرّ من النصّ(٢) .

ومنها: موافقتُه للمَشْهور بينَ الإِماميّة:

لما مرّ(٣) .

ومنها: موافقتُه لفتوى جماعة من عُلمائهم.

ومنها: كَوْن الراوي غير متهم في تلك الرواية، لعدم موافقتها لاعتقاده أو غير ذلك:

ومن هذا الباب: رواية العَامّةُ للنُصوص على الأَئمةُعليهم‌السلام ، ومعجزاتهم وفضائلهم، فإنهم بالنسبةَ إلى تلك الروايات ثقات، وبالنسبةَ إلى غيرها ضُعفاء.

والقرائِن كَثيرةٌ غير ذلك، يعرفُها الماهِر في هذا الفَنّ.

وإذا تأملت وَجدْتَ كلّ حديثُ من أَحاديثَ هذا الكتابُ مَحْفوفاً بقرائِن كَثيرةٌ، وبعضها بأكثْرها.

والله الموفّق.

__________________

(١) تقدَّم في كتابُ القضاء أبواب صفات القاضي، الباب - (١٢) باب وجوب التوقف والاحتياط.

(٢) مرّ في الأَحاديثَ ١، ١٩، ٤٣ من الباب ٩ من أبواب صفات القاضي.

(٣) مرّ في الحديثُ ١ من الباب ٩ من ابواب صفات القاضي.

٢٤٧

٢٤٨

الفائِدةُ التاسِعة ُ

في ذُكِرَ الأدلة على صِحّة أَحاديثَ الكتب الـمُعْتَمَدٌة،

تفصيلاً

٢٤٩

٢٥٠

في ذُكِرَ الاسْتدلال على صِحّة أَحاديثَ الكُتب التي نقلنا منها هذا الكتابُ وأمثالها، تفصيلا، ووجُوب العمل بها فقد عَرَفْتَ الدليلٍ على ذلك إجمالاً(١) .

ويظهرُ من ذلك ضَعْفُ الاصْطلاحَ الجَديد على تقسيم الحديثُ إلى صحيح، وحَسَن، وموثق، وضعيف، الذي تجدّد في زَمَن العلّامة، وشيخه أَحمد ابن طاووس.

__________________

(١) عقد المؤلف ( الفائِدةُ السادسة ) لذُكِرَ كلمات العلماء الدالّة على التزامهم بصِحّة الكتب الـمُعْتَمَدٌة في هذا الكتاب، وعقد هذه الفائِدةُ التاسعة لجمعٍ الأدلة المستفادة من كلماتهم مع تَفْصيل أكثر في البحث، فلاحظ ما تقدَّم ١٩١ - ٢١٨.

ولابد من التَنْبِيْهِ على أنَّ أكثر ما ذُكِرَه المؤلف، من الوجوه المؤيدة لمرامه قد انتقدها المحققون والعلماء، بردود حاسمه، كما أنَّ المؤلف الحُرّ العامِليّ، نفسه، قد أبدى توقفه في بعضها، في نهاية هذه الفائدة، نفسها.

وبما أنا لم نقصد هنا إلا لتحقيق النص، فقد أعرضنا عن التعليق عليه بما يلزم، ولكن نلفت توجه المراجع إلى بعضُ المصادر المتكفلة لذلك:

١ - رسالة الأَخْبار والأُصُول، للشَيْخ المجدد الوحيد البهبهاني.

٢ - وسائل الشيعة إلى أحكام الشريعة، للحجة المحقق السيّد محَسَن الأَعْرَجي الكاظمي.

٣ - نتيجة المقال في علم الرجال، للشَيْخ محمّد حَسَن البار فروشي. وأَكْثرُ الكتب الرجالية، تتعرض في مقدمتها لبيأنَّ ذلك، والله الموفق.

٢٥١

والذي يدَلّ على ذلك وجوهٌ:

الأَوَّلُ:

أنّا قد علمِنّا - عِلْماً قَطْعيّا، بالتواتُر، والأَخْبار المحفوفة بالقرائِن -: أنه قد كأنَّ دأب قدمائنا، وأئمّتناعليهم‌السلام ، في مدة تزَيْد على ثلاثمائة سنة، ضبط الأحاديث، وتدوينها في مجالس الأئمة، وغيرها.

وكانتْ همة عُلمائِنا مصروفة، في تلك المدة الطويلة، في تأْلِيف ما يُحتاجُ إليه من أحكام الدين، لتعمل بها الشيعة.

وقد بذلُوا أعَمّارهم في تصحيحها، وضبطها، وعرضها على أَهلَ العصمة.

واستمرّ ذلك إلى زمأنَّ الأَئمةُ الثلاثة، أَصْحاب الكتب الأَرْبعة، وبقيت تلك المؤلفات بعدهم - أيضاً - مُدّةً.

وأنّهم نقلُوا كُتُبَهم من تلك الكتب، المَعْلُومةً، المجمعٍ على ثبوتها.

وكَثِيْر من تلك الكتب وصلت إلينا.

وقد اعترف بهذا جمعٍ من الأُصُوليين، أيضاً.

الثاني:

أنا قد علمِنّا بوجُودَ أصول، صحيحة، ثابتة، كانت مرجع الطائفةُ المحقة، يعملون بها، بأَمرّ الأئمّة.

وأنَّ أَصْحاب الكتب الأَرْبعة، وأمثالها، كانو متمكنين من تمييز الصحيح من غيره، غاية التمكن.

وأنّها كانتْ متمّيِزةً، غير مُشْتَبَهةٍ.

وأنهم كانُوا يَعْلَمُون: أنّه مع التمكن من تحصيل الأحكام الشرعية بالقطع واليقين - لايجوز العَمَلُ بغْيره.

٢٥٢

وقد عَلِمْنا: أَنّهم لم يُقَصِّروا في ذلك، ولو قصروا لم يشهدوا بصحه تلك الأحاديث، بل الـمَعْلُوم، من حال أرباب السير، والتواريخ: أَنّهم لا ينقلون من كتابُ غير مُعْتَمَدٌ مع تمكنهم من النَقْل من كتابُ مُعْتَمَدٌ، فما الظن برئيس الـمُحَدِّثين، وثِقَةٌ الإسلام، ورئيس الطائفةُ المحقة؟؟؟

ثم لو نَقَلُوا من غيرالكتب الـمُعْتَمَدٌة، كيف يجوز - عادة - أنَّ يشهدوا بصِحّة تلك الأحاديث؟ ويقولوا: إنها حجة بينهم وبينَ الله؟ ومع ذلك يكَوْن شهاداتهم باطلة، ولا ينافي ذلك ثِقَتَهم وجًلالتَهَم؟؟

هذا عجيبٌ ممّن يظنُّه بهم.

الثالث:

أنَّ مقتضى الحَكَمة الربّانيّة، وشَفَقَة الرسول والأَئمةُعليهم‌السلام بالشيعة أنَّ لا يضيع من في أَصْلاًب الرِجال منهم، وأنَّ تُمَهَّدَ لهم أَصُول مُعْتَمَدٌة يعملون بها زَمَن الغَيْبَة.

ومصداقُ ذلك هُوَ ثُبوت الكتب المشار إليها، وجواز العمل بها.

الرابع:

الأحاديث، الكَثيرةٌ، الدالّة على أَنّهم أمروا أصحابهم بكتابة ما يسمعونه منهم، وتأليفه، والعَمل به، في زمأنَّ الحضور والغَيْبَة.

وأنه: « سيأتي زمأنَّ لايأنسون فيه إلا بكتبهم ».

وما قد علم - بما تقدَّم - من نقل ما في تلك الكتب إلى هذه الكتب المشهورة.

مع أنَّ كثيراً من الكتب التي ألفها ثِقات الإِماميّة، في زمأنَّ الأَئمةُعليهم‌السلام موجودة الآن، مُوافقة لما ألفوه في زمأنَّ الغَيْبَة.

٢٥٣

الخامِسُ:

الأحاديثُ، الكَثيرةٌ، الدالّة على صِحّة تلك الكتب، والأَمرّ بالعمل بها.

وما تَضَمَّنَ من أَنّها عُرِضَتْ على الأَئمةُعليهم‌السلام ، وسألوا عن حالها، عموما، وخصوصا.

وقد تقدَّم بعضُها.

وقد صَرَّحَ المحقّق - فيما تقدَّم(١) - أنَّ كتابُ يُوْنُس بن عَبْد الرَحْمن، وكتابُ الفَضْل بن شاذأنَّ ؛ كانا عنده، ونقل منهما الأحاديث.

وقد ذُكِرَ المحدّثون، وعلماء الرجال: أنّهما عُرِضا على الأَئمةُعليهم‌السلام ، كما مر.

فما الظن بالأَئمةُ الثلاثة، أَصْحاب الكتب الأَرْبعة؟

وقد صَرَّحَ الصَدُوق - في مواضع -: أنَّ كتابُ محمّد بن الحَسَن ؛ الصَفّار - المشتمل على مسائله، وجوابات العَسْكريّعليه‌السلام - كأنَّ عنده، بخط المعصوم(٢) .

وكذلك كتابُ عُبَيْد الله بن عليّ ؛ الحَلَبِيّ، المعروض على الصادِقَعليه‌السلام .

وغير ذلك.

ثم إنّك تَراهم، كثيراً ما يرجحون حديثا مرويا في غير الكتابُ المعروض على الحديثُ المرويّ فيه! وهل لذلك وجه، غير جزمهم بثُبوت أَحاديثَ الكتأَبين؟ وأنهما من الأُصُول الـمُعْتَمَدٌة؟

__________________

(١) مرّ في الفائِدةُ السادسة ( ص ٢٠٩ ).

(٢) لاحظ الفقيه ٤: ١٥١ ب ٩٩ ح ١.

٢٥٤

والحاصْلُ: الأَحاديثَ المتواتِرة دالة على وجوب العمل بأَحاديثَ الكتب، الـمُعْتَمَدٌة، ووجوب العمل بأَحاديثَ الثقات.

فأنَّ قلتَ: هذه الأَحاديثَ من جملة أَحاديثَ الكتب الـمُعْتَمَدٌة، ومن جملة روايات الثقات.

فالاسْتدلال دَوْريُّ.

قلت: هذه الأَحاديثَ موصُوفَةٌ بصفاتٍ:

منها: كونُها موجودةً في الكتب الـمُعْتَمَدٌة.

ومنها: كونُها من روايات الثِقات.

ومنها: كونُها متواترةً.

ومنها: كونُها محفوفة بالقرائِن القَطْعيّة.

ومنها: كونُها مفيدة للعلم بقول المعصوم.

إلى غير ذلك.

فيمكن الاسْتدلالُ - بها باعتبار كلّ صفة من هذه الصفات - على حجية الأَقْسام الباقية، فاندفع الدوْر، لاختلاف الحيثيّات، والاعتبارات.

أو نستدَلّ بأَحاديثَ كلّ كتابُ على حجية ماسواه من الكتب، وبرواية كلّ ثِقَةٌ على حجية رواية غيره من الثقات.

كما أنا نستدَلّ بنص كلّ إمام على غيره من الأئمة، وبإعجاز كلّ إمام على إمامة نفسه.

وما أجابوا به - هناك - أجبنا به، أوبما هُوَ أقوى منه - هُنا -.

مع وجُودَ أدلّة أُخْرى - هنا - ومقدمات أخرى قَطْعيّة.

ثم يقال للمعترض: إنّك تَسْتدِلّ بالدليلٍ العَقْليّ على مطالب كَثيرةٌ، منها: حجية الدليلٍ السَمْعيّ، فأنَّ استَدْلَلْتَ - على حجية الدليلٍ العَقْليّ -

٢٥٥

بدليلٍ عَقْليّ أو سمعيّ ؛ لزم الدور.

وما اجَبْتَ به، فهُوَ جَوابُنا، وهُوَ ما مرَّ.

السادِسُ:

أنَّ أكثر أحاديثنا كأنَّ موجوداً في كُتب الجماعة، الذين أجمعوا على تصحيح ما يصح عنهم، وتصديقهم، وأَمرّ الأَئمةُعليهم‌السلام بالرُجوع إليهم، والعَمل بحديثهم، ونَصُّوا على تَوْثيقهم، كما مرَّ.

والقرائِن على ذلك كَثيرةٌ، ظاهرة، يَعْرِفُها الـمُحدّثُ، الماهِرُ.

السابع:

أنّه لو لم تكن أَحاديثَ كتبنا مأخوذة من الأُصُول، المجمعٍ على صحّتها، والكتب التي أَمرّ الأَئمةُعليهم‌السلام بالعمل بها، لزم أنَّ يكَوْن أكثر أحاديثنا غير صالِح للاعْتماد عليها.

والعادةُ قاضِيةٌ بِبُطْلانه، وأنَّ الأَئمةُعليهم‌السلام ، وعلماء الفرقة الناجِية لم يَتَسَامَحُوا، ولم يتساهلوا في الدِيْن إلى هذه الغاية، ولم يَرْضَوْا بضَلال الشِيعة إلى يوم القيامة.

الثامِنُ:

أنَّ رئيس الطائِفةُ في كتأَبي الأَخْبار، وغيره من علمائنا، إلى وقت حدوث الاصْطلاحَ الجَديد، بل بعده، كثيراً ما يطرحون الأَحاديثَ الصحيحة عند المتأخرين، ويعملون بأَحاديثَ ضعيفة على اصْطلاحهم.

فلولا ما ذُكِرَناه، لما صدر ذلك منهم، عادة.

وكثيراً مايعتمدون على طرق ضعيفة، مع تمكنهم من طرق اخرى صحيحة، كما صَرَّحَ به صاحبُ الـمُنْتقى، وغيرُه.

٢٥٦

وذلك ظاهِرٌ في صِحّة تلك الأحاديث، بوجوه اُخر من غيراعتبار الأسانيد، ودال على خلاف الاصْطلاحَ الجَديد، لما يأتي تحقيقه.

وقد قال السيّد محمّد في ( المدراك ) - في بحث الاعتماد على أذأنَّ الثِقَةٌ -: نعم، لو فرض إفادته العلم بدخول الوقت - كما قد يتفق كثيراً في أذأنَّ الثقه، الضابط، الذي يُعْلَمُ منه الاستظهار في الوقت، إذا لم يكن هناك مانع من العِلْم - جازَ التَعْويلُ عليه، قطعا.

انتهى(١) .

وصَرَّحَ بمثلُه كَثِيْر من علمائنا، في مواضع كَثيرةٌ.

التاسع:

ما تقدَّم من شَهادة الشَيْخ، والصَدُوق ؛ والكُلَيْنيّ، وغيرهم من علمائنا، بصِحّة هذه الكتب والأحاديث، وبكونها منقولة من الأُصُول، والكتب الـمُعْتَمَدٌة.

ونحن نَقْطَعُ - قَطْعاً، عاديّاً، لا شك فيه -: أَنّهم لم يكذبوا، وانعقاد الإجماع على ذلك إلى زمأنَّ العلّامة.

والعجبُ أنَّ هؤلاء الـمُتقدِّمين، بل من تأخر عنهم، كالمحقّق، والعلّامة، والشهيدين، وغيرهم: إذا نقل وأَحَدٍ منهم قولا، عن أَبي حنيفة، أو غيره من علماء العامة، أو الخاصة، أو نقل كلاماً من كتابُ معين، ورجعنا إلى وجداًننا، نرى أنه قد حصل لنا العلم بصدق دعواه، وصِحّة نقله، لا الظن، وذلك علم عادي - كما نعلم أنَّ الجبل لم ينقلب ذهبا، والبَحْر لم ينقلب دما - فكيفَ يَحْصُل العلم من نقله عن غير المعصوم، ولا يحصل من نقله عن المعصوم غير الظن؟

__________________

(١) المدارك، للعاملي ( ج ٣ ص ٩٨ ).

٢٥٧

مع أنّه لا يَتَسامَحُ ولا يتسأَهلَ من له أدنى ورع وصلاح، في القسم الثاني، وربما يتسأَهلَ في الأول؟

والطُرُقَ إلى العِلْم واليقين كانت كَثيرةٌ، بل بقي منها طرق متعددة، كما عرفت.

وكلّ ذلك واضِحٌ، لولا الشبهة والتقليد؟!.

فكيفَ إذا نقل جماعة كَثيرةٌ، واتفقت شهادتهم على النقل، والثبوت، والصحة؟

وقد وجَدْتُ هذا المضمونَ في بعضُ تحقيقات الشَيْخ محمّد ابن الشَيْخ حَسَن ابن الشَهِيْد الثاني، بخطه،قدس‌سره .

العاشر:

أنّا كثيراً ما نَقْطَعُ - في حَقٌ كَثِيْر من الرواة -: أَنّهم لم يرضوا بالافتراء في رواية الحديث.

والذي لم يُعْلَمُ ذلك منه، يُعْلَمُ أنه طريق إلى رواية أَصْل الثِقَةٌ الذي نقل الحديثُ منه، والفائِدةُ في ذُكِرَه مجرَّدُ التَبَرُّك باتصال سلسلة المخاطبة اللسانيّة، ودفع تعيير العَامّةُ الشِيْعةَ بأَنَّ أحاديثهم غير مُعَنْعَنة، بَلْ مَنْقُولة من أَصُول قُدمائهم!.

الحادي عَشَر:

أنَّ طريقة القُدماء موجِبةٌ للعِلْم مأْخُوذة عن أَهلَ العِصْمة لأَنّهم قد أمروا باتباعها، وقرروا العمل بها، فلم ينكروه، وعمل بها الإِماميّة في مدة تقارب سبعمائة سنة، منها - في زمأنَّ ظُهُور الأَئمةُعليهم‌السلام - قريب من ثلاثمائة سنة.

واصْطلاح الجَديد ليسَ كذلك قطعاً، فتعين العملُ بطريقة القُدماء.

٢٥٨

الثاني عَشَرَ:

أنَّ طريقةَ الـمُتقدِّمين مبايِنة لطريقة العامّة، والاصْطلاحَ الجَديد موافِقٌ لاعتقاد العامة، واصْطلاحهم، بل هُوَ مأْخُوذٌ من كُتبهم كما هُوَ ظاهِرٌ بالتتبُّع، وكما يُفْهم من كلام الشَيْخ حَسَن، وغيره.

وقد أَمَرَنا الأَئمةُعليهم‌السلام باجْتناب طريقة العامّة.

وقد تقدَّم بعضُ ما يدَلّ على ذلك، في القضاء في أَحاديثَ تَرْجيح الحديثين الـمُخْتلِفَيْن، وغيرُها(١) .

الثالِث عشر:

أنَّ الاصْطلاحَ الجَديد يستلزم تخطئة جميع الطائفةُ المحقّة، في زَمَن الأئمة، وفي زَمَن الغَيْبَة، كما ذُكِرَه المحقق، في أصوله، حيث قال:

أَفرطَ قومٌ في العمل بخبر الواحد.

إلى أنَّ قال: واقتصر بعضٌ عن هذا الإفراط، فقالوا: كلُّ سليم السَنَد يعمل به.

وما عَلِمَ أنَّ الكاذِبَ قد يَصْدُقُ، ولم يتفطن أنَّ ذلك طَعْنٌ في علماء الشيعة، وقدح في الـمَذْهب، إذ لا مُصنَّفٌ إلا وهُوَ يَعْمَلُ بخبر الـمَجْروح، كما يعمل بخبر العدل.

انتهى(٢) .

ونحوه كلامُ الشَيْخ وغيرُه في عِدّة مواضِع.

الرابع عشر:

أَنّه يَسْتلزمُ ضَعْفَ أَكْثر الأَحاديث، التي قد عُلِمَ نَقْلُها من الأُصُول

__________________

(١) تقدَّم في كتابُ القضاء أبواب صفات القاضي الباب (٩).

(٢) المعتبر ( ج ١ ص ٢٩ ).

٢٥٩

المجْمَع عليها، لأَجْل ضَعْف بَعْض رُواتها، أَو جَهالتهم، أو عَدَمَ تَوْثيقهم، فيكَوْنُ تَدْوينُها عَبَثاً، بل مُحَرَّماً، وشهادتُهم بصحّتها زُوْراً وكذباً.

ويلزم بُطْلانُ الإِجْماع، الذي عُلِمَ دُخول الـمَعْصوم فيه - أيضاً - كما تقدّم.

واللوازم باطِلة، وكذا الـمَلْزُوم.

بل يَسْتَلْزِم ضَعْف الأَحاديثَ كلها، عند التحقيق، لأنَّ الصحيح - عندهم -: « ما رواه العدل، الإماميّ، الضابط، في جميع الطبقات ».

ولم يَنُصّوا على عدالة أَحَدٍ من الرواة، إلا نادراً، وإنما نصوا على التوثيق، وهُوَ لايَسْتَلْزِم العدالة، قطعا، بل بينهما عموم من وجه، كما صَرَّحَ به الشَهِيْد الثاني، وغيره.

ودَعْوى بَعْض المتأخرين: أنَّ « الثِقَةٌ » بمعنى « العدل، الضابط ».

ممنوعةٌ، وهُوَ مطالَب بدليلها.

وكيف؟ وهم مُصرِّحُون بخلافِها، حيثُ يوثِّقُون من يَعْتقدون فِسْقَه، وكُفْره، وفَساد مَذْهَبِه؟!

وإِنّما الـمُراد بالثِقَةٌ: من يُوْثَقُ بخبره، ويؤمن منه الكذب عادةً، والتتُّبع شاهد به، وقد صَرَّحَ بذلك جَماعةٌ من الـمُتقدِّمين، والمتأَخِّرين.

ومن معلوم - الذي لاريبَ فيه، عند مُنْصِفٍ -: أنَّ الثِقَةٌ تُجامعُ الفِسْق، بل الكُفْر.

وأَصْحاب الاصْطلاحَ الجَديد قد اشْترطوا - في الراوي - العَدالة فيلزُم من ذلِكَ ضَعْف جميع أَحاديثنا، لعدم العِلْم بعدالة أَحَدٍ منهم ؛ إلّا نادراً.

ففي إِحْداث هذا الاصْطلاحَ غَفْلَةٌ، من جهاتٍ متعدّدةٍ، كما تَرى.

وكذلِكَ كَوْنُ الراوي ضَعِيْفاً في الحديثُ لا يَسْتَلْزِم الفِسْق، بل يَجْتمع

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553