مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٦

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل12%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 494

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 494 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 343472 / تحميل: 4975
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٦

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

القذارة المعنوية، فأذهب الله عنها الرجس وطهَّرها تطهيراً.

وهاك طائفة من الأحاديث الصحيحة التي تصرّح بهذا المعنى:

1 - روى القندوزي في ينابيع المودّة ص260 عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّما سمِّيت فاطمةُ البتول لأنّها تبتَّلت في الحيض والنفاس.

2 - روى محمد صالح الكشفي الحنفي في (المناقب) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: وسُمّيت فاطمة بتولاً لأنّها تبتّلت وتقطَّعت عمّا هو معتاد العورات في كل شهر.

3 - روى الأمرتسري في (أرجح المطالب): أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سُئل عن بتول وقيل: إنَّا سمعناك - يا رسول الله - تقول: مريم بتول وفاطمة بتول؟ فقال: البتول التي لم تر حمرة قط، أي لم تحض، فإنّ الحيض مكروه في بنات الأنبياء. أخرجه الحاكم.

4 - وروى الحافظ أبو بكر الشافعي في (تاريخ بغداد ج13 ص331) عن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ابنتي حوراء آدميّة لم تحض ولم تطمث... الخ ورواه النسائي أيضاً.

5 - وروى ابن عساكر في (التاريخ الكبير ج1 ص391) عن أنس بن مالك عن أم سليم قالت: لم تر فاطمةرضي‌الله‌عنها دماً في حيض ولا في نفاس.

6 - الحافظ السيوطي: ومن خصائص فاطمةرضي‌الله‌عنها أنّها كانت لا تحيض، وكانت إذا ولدت طهرت من نفاسها بعد ساعة حتى لا تفوتها صلاة.

7 - وروى الرافعي في التدوين عن أم سلمةرضي‌الله‌عنها قالت: ما رأت فاطمةرضي‌الله‌عنها في نفاسها دماً ولا حيضاً.

١٠١

8 - روى الطبري في (ذخائر العقبى) عن أسماء بنت عُميس قالت: قبلت (أي ولدت) فاطمة بالحسن فلم أر لها دماً في حيض ولا نفاس، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أما علمت أنّ ابنتي طاهرة مطهّرة، لا يُرى لها دمٌ في طمث ولا ولادة.

ورواه الصفوري في (نزهة المجالس) ص227.

9 - عن أبي بصير عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال: حرَّم الله عزّ وجل على علي النساء ما دامت فاطمة حيَّة (في قيد الحياة) قلت: وكيف؟ قال: لأنّها طاهرة لا تحيض.

قال شيخنا المجلسي: هذا التعليل يحتمل وجهين:

الأول: أن يكون المراد أنّها لما كانت لا تحيض حتى يكون له عذر في مباشرة غيرها؛ فلذا حرَّم الله عليه غيرها رعاية لحرمتها.

الثاني: أنّ جلالتها منعت من ذلك، وعبَّر عن ذلك ببعض ما يلزمه من الصفات التي اختصت بها.

أقول: ونزاهة السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام عن هذه الدماء تُعتبر من مصاديق آية التطهير التي تُصرِّح بإذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم تطهيراً.

١٠٢

العَذْرَاء

لقد مرّ عليك أنّ من جملة أسمائها: العذراء أي أنّها كانت عذراء دائماً، وقد مرّت عليك أحاديث كثيرة تصرِّح بأنَّ السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام خُلقت من طعام الجنّة، وصرَّح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بأنّها حوراء إنسيّة، وليس في هذا التعبير شيء من المجاز أو الغلوّ، بل هي الحقيقة والحق، ونجد إلى جانب تلك الأحاديث قوله تعالى:( إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً ) ومعنى ذلك أنَّ الحور العين أبكار دائماً، وفي مجمع البيان في تفسير الآية: لا يأتيهنّ أزواجهن إلاّ وجدوهنّ أبكاراً.

وهذا حديث يفسِّر الموضوع تفسيراً كاملاً، فقد سأل رجل من الإمام الصادقعليه‌السلام في ضمن مسائل - قال: فكيف تكون الحوراء في كل ما أتاها زوجها - عذراء؟ قال: لأنّها خُلقت من الطيب، لا يعتريها عاهة ولا تخالط جسمها آفة... ولا يدنسها حيض، فالرحم ملتزقة... إلى آخره(1) .

____________________

(1) البرهان في تفسير القرآن ج 4 / 281.

١٠٣

حَيَاتها وَنَشْأَتُهَا

لقد فتحت السيدة فاطمة الزهراء عينها في وجه الحياة، وفي وجه أبيها الرسول ترتضع من أمِّها السيدة خديجة اللبن المزيج بالفضائل والكمال.

وكانت تنمو في بيت الوحي نموًّا متزايداً، وتنبت في مهبط الرسالة نباتاً حسناً، يزقّها أبوها الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله العلوم الإلهيّة، ويفيض عليها المعارف الربّانية، ويعلّمها أحسن دروس التوحيد، وأرقى علوم الإيمان وأجمل حقائق الإسلام.

ويربّيها أفضل تربية وأحسنها؛ إذ وجد الرسول في ابنته المثالية كامل الاستعداد لقبول العلوم ووعيها، ووجد في نفسها الشريفة الطيّبة كل الروحانية والنورانية، والتهيّؤ لصعود مدارج الكمال.

إلى جانب هذا شاءت الحكمة الإلهيّة للسيّدة فاطمة الزهراء أن تكون حياتها ممزوجة بالمكاره، مشفوعة بالآلام والمآسي منذ صغر سنّها، فإنّها فتحت عينها في وجه الحياة وإذا بها ترى أباها خائفاً، يحاربه الأقربون والأبعدون ويناوئه الكفّار والمشركون.

فربّما حضرت فاطمة في المسجد الحرام فرأت أباها جالساً في حِجر إسماعيلعليه‌السلام يتلو القرآن، وترى بعض المشركين يوصلون إليه أنواع الأذى، ويحاربونه محاربة نفسيّة.

وحضرت يوماً فنظرت إلى بعض المشركين وهو يُفرغ سلا الناقة(1)

____________________

(1) هو الكيس الذي يتكوّن فيه الجنين.

١٠٤

على ظهر أبيها الرسول وهو ساجد.

كانت الزهراء تشاهد ذلك المنظر المؤلم، وتمسح ذلك عن ظهر أبيها وثيابه وتوسعهم سبّاً وشتماً، وهم يضحكون من سبابها وشتائمها، شأن السفلة الأوباش.

وعن ابن عباس: إنّ قريشاً اجتمعوا في الحجر، فتعاقدوا باللات والعزّى ومناة: لو رأينا محمداً لقمنا مقام رجل واحد، ولنقتلنّه، فدخلت فاطمةعليها‌السلام على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله باكية، وحكت مقالهم... إلى آخر كلامه.

واشتدّت الأزمة وزادت المحنة حتى اضطرّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يختفي في شعب أبي طالب، ورافقته عائلته، وآل أبي طالب إلى ذلك المكان، وكانوا يعيشون في جوٍّ من الإرهاب والإرعاب. ففي كل ليلة يتوقّعون هجوم المشركين عليهم وخاصة بعد أن كتب المشركون الصحيفة القاطعة، وحاصروا بني هاشم حصاراً اقتصادياً فلا يَدَعونهم يبيعون ولا يشترون شيئاً حتى المواد الغذائية، بل ومنعوا إيصال الطعام إليهم، فاستولى الجوع عليهم، وأثَّر في الأطفال أكثر وأكثر، فلا عجب إذا كانت أصوات بكاء الأطفال تصل إلى مسامع أهل مكّة، فبين شامت بهم مسرور، وبين متألِّم حزين.

وطالت المدّة ثلاث سنين وشهوراً، وكانت السيدة فاطمة من الذين شملتهم هذه المأساة.

وهذه المآسي أيقظت في السيدة فاطمة روح الجهاد والاستقامة والمثابرة، وكأنّها كانت فترة التمرين والتدريب للمستقبل القريب.

وممّا كان يهوِّن الخطب، ويجبر خاطر السيّدة فاطمة الزهراء، ويقرّ عينها أنّها كانت ترى البطل الشهم أبا طالب يقف ذلك الموقف المشرِّف في نصرة أبيها الرسول؛ فكان تارة يحمل سيفه ويرافقه أخوه حمزة ويمشيان

١٠٥

خلف الرسول نحو المسجد الحرام ليعلن مؤازرته ومناصرته للرسول، وكأنّهما جنديان مسلّحان في حالة الإنذار، وربّما انضمّ إلى أبي طالب بعض عبيده ومواليه يمشون خلف الرسول وكأنّهم مفرزة عسكرية أو سَرِيّة جيش.

وتارة أخرى كان يصرّح بتجاوبه وانحيازه إلى الرسول، فكان يعلن إسلامه إظهاراً للحقيقة، فينظم القصائد التي كان لها أحسن أثر في ذلك اليوم في دعم الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومنها:

ما رواه الطبري بإسناده أنّ رؤساء قريش لما رأوا دفاع أبي طالب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله اجتمعوا إليه، وقالوا: جئناك بفتى قريش جمالاً وجوداً وشهامة: عمارة بن الوليد، ندفعه إليك وتدفع إلينا ابن أخيك الذي فرّق جماعتنا، وسفّه أحلامنا فنقتله!!

فقال أبو طالب: ما أنصفتموني! تعطوني ابنكم فأغذوه، وأعطيكم ابني فتقتلونه؟ بل، فليأت كل امرئ بولده فأقتله، وقال:

منعنا الرسول رسول المليك

ببيض تلألأ كلمع البروق

أذود وأحمي رسول المليك

حماية حامٍ عليه شفيق

وأقواله وأشعاره المنبئة عن إسلامه كثيرة لا تُحصى، فمن ذلك قوله:

ألم تعلموا أنّا وجدنا محمّداً

نبيّاً كموسى خطَّ في أوّل الكتبِ؟

أليس أبونا هاشم شدَّ أزره

وأوصى بنيه بالطعان وبالحربِ؟

وقوله من قصيدة:

وقالوا لأحمد: أنت امرؤ

خلوف اللسان ضعيف السبب

ألا إنّ أحمد قد جاءهم

بحقٍّ، ولم يأتهم بالكذب

وقوله في حديث الصحيفة، وهو من معجزات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :

١٠٦

وقد كان أمر الصحيفة عبرة

متى ما يخبِّر غائب القوم يعجبِ

محا الله منها كفرهم وعقوقهم

وما نقموا من ناطق الحقّ معربِ

وأمسى ابن عبد الله فينا مصدِّقاً

على ساخطٍ من قومنا غير معتبِ

وقوله من قصيدة يخصّ أخاه حمزة على اتباع النبي والصبر في طاعته:

صبراً أبا يعلى على دين أحمدٍ

وكن مظهراً للدين وُفّقت صابرا

فقد سرني إذ قلت إنّك مؤمن

فكن لرسول الله في الله ناصرا

وقوله يحض النجاشي (ملك الحبشة) على نصر النبي:

تعلَّم(1) مليك الحبش أنّ محمداً

نبيٌّ كموسى والمسيح ابن مريمِ

أتى بهدىً مثل الذي أتيا به

وكلٌّ بأمر الله يهدي ويعصمِ

وإنّكمُ تتلونه في كتابكم

بصدق حديث، لا حديث المرجّمِ

فلا تجعلوا لله نداً، وأسلموا

وإنّ طريق الحق ليس بمظلمِ

وقال أيضاً:

لقد أكرم الله النبيَّ محمّداً

فأكرم خلق الله في الناس أحمد

وشقّ له من اسمه ليجلّه

فذو العرش محمود، وهذا محمد(2)

وقال أيضاً:

كذبتم وبيتِ الله نبزي محمّداً

ولما نطاعن دونه ونناضلِ

ونُسلمه حتى نُصرَّع حوله

ونذهل عن أبنائنا والحلائلِ

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه

ثمال اليتامى عصمة للأراملِ

يلوذ به الهلاّك من آل هاشم

فهم عنده في رحمةٍ وفواضلِ

____________________

(1) تعلَّم أي إعلم.

(2) وقد ضمنّ حسان بن ثابت هذا البيت في قصيدته في مدح الرسول.

١٠٧

ألم تعلموا أنّ ابننا لا مكذَّبٌ

لدينا، ولا نعبأ بقول الأباطلِ

فأيَّده ربُّ العباد بنصره

وأظهر ديناً حقّه غير باطلِ

أُقيمُ على نصر النبيّ محمّدٍ

أُقاتل عنه بالقنا والقنابلِ(1)

إلى غير ذلك من مواقفه وتصريحاته ومساندته للرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله ولولا إيمانه بالله واعتقاده بالإسلام لما وقف تلك المواقف، ولما غامَرَ بنفسه وبأولاده في سبيل نصرة النبي وتقوية دينه.

ولم يكن ذلك التفادي والمخاطرة بدافع القرابة، فلقد كان للرسول ثمانية أعمام (غير أبي طالب) فلماذا لم يسجِّل التاريخ لهم تلك المواقف المشرِّفة، بل سجّل التاريخ عن بعض أعمام النبي مواقف مخزية كمواقف عمِّه أبي لهب.

____________________

(1) القنابل: جمع قنبلة - الطائفة من الناس أو الخيل - وفي الاصطلاح الحديث هي القذيفة المحشوّة بمواد متفجّرة أو حارقة.

١٠٨

وَفَاةُ السيِّدَة خَديجَة الكُبْرى

كانت الأعوام تَمرّ، والسنوات تنقضي، وحياة الزهراء مشفوعة بالحوادث والمآسي، وقد بلغت السابعة من عمرها أو قاربت الثامنة وإذا بفاجعة تطلُّ على حياتها، وتخيِّم الهموم وتتراكم الأحزان على قلبها، وهي وفاة أُمّها السيدة خديجة، تلك الأُمّ البارَّة الحنون التي كانت تنظر إلى ابنتها الصغيرة فاطمة العزيزة نظرة حزن وتألّم وتأثّر؛ لأنّها تعلم أنّ الزهراء ستفجع بأُمّها العطوفة الرؤوفة.

كانت السيدة خديجة طريحة الفراش، وقد خيَّم عليها شبح الموت، فدخل عليها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهي تعالج سكرات الموت فقال لها: بالرغم منَّا ما نرى بك يا خديجة، فإذا قدمت على ضرائرك فاقرئيهنّ السلام! قالت: مَن هنَّ يا رسول الله؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : مريم بنت عمران، وكلثم أُخت موسى، وآسية امرأة فرعون. فقالت: بالرفاء يا رسول الله(1) .

وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: أُمرت أن أُبشِّر خديجة ببيت في الجنّة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب(2) .

قال ابن الأثير في (النهاية): القصب - في هذا الحديث -: لؤلؤ

____________________

(1) البحار ج 19 / 24 عن من لا يحضره الفقيه.

(2) مسند أحمد.

١٠٩

مجوَّف واسع كالقصر المنيف. والصخب: الضجّة واضطراب الأصوات للخصام.

كانت السيدة خديجة تتأوّه وتبكي فقالت لها أسماء بنت عميس: أتبكين وأنت سيّدة نساء العالمين؟ وأنت زوجة النبي؟ مبشَّرة على لسانه بالجنّة؟ فقالت: ما لهذا بكيت، ولكن المرأة ليلة زفافها لا بدَّ لها من امرأة تفضي إليها بسرِّها وتستعين بها على حوائجها، وفاطمة حديثة عهد بصبا، وأخاف أن لا يكون لها مَن يتولّى أمرها حينئذ!

فقالت أسماء: يا سيّدتي لك عهد الله إن بقيت إلى ذلك الوقت أن أقوم مقامك في هذا الأمر.. إلخ.

وفارقت السيدة خديجة الحياة، وعمرها ثلاث وستون سنة (على قول) فكانت وفاتها ضربة مؤلمة على قلب الرسول، وخاصةً وأنّ النبي قد فُجع بعمِّه أبي طالب بعد أيام أو شهور من وفاة السيدة خديجة فازداد حزناً، حتى سمَّى تلك السنة (عام الحزن)؛ لأنّه أُصيب بمصيبتين عظيمتين على قلبه البار:

مصيبة زوجته خديجة، لا لأنّها زوجته فقط، بل لأنّها أَول مَن صدَّقته بالنبوّة، ولأنّها كانت زوجة ومعاضدة ومساعدة ومحامية لزوجها، لأنّها وهبت الآلاف المؤلّفة من أموالها في سبيل الإسلام، ولأنّها كانت تحمل شخصية فريدة من نوعها في مكّة، بل في نساء العرب.

ودُفنت في الحَجون، فنزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في قبرها. وكانت السيدة فاطمةعليها‌السلام تلوذ برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وتدور حوله وتسأله: يا رسول الله أين أُمي؟ فجعل النبي لا يجيبها، وهي تدور على مَن تسأله، فهبط عليه جبرئيل فقال: إنّ ربّك

١١٠

يأمرك أن تقرأ على فاطمة السلام وتقول لها: أُمّك في بيت من قصب، كعابه من ذهب، وأعمدته من ياقوت أحمر، بين آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران.

فقالت فاطمة: إنّ الله هو السلام ومنه السلام، وإليه يعود السلام.

والمصيبة الأخرى مصيبة عمِّه أبي طالب الذي كفل النبي من يوم وفاة جدّه عبد المطلب، وهو ابن ثمان سنوات، واستمرّت الكفالة حتى بلغ النبي من العمر ثلاثاً وخمسين سنة، وهي السنة التي مات فيها أبو طالب.

ولأبي طالب حقوق وخدمات ومواقف تجاه النبي طيلة هذه السنوات تعتبر في قمّة فضائله وفواضله، ولولاه لمات الدين الإسلامي وهو في المهد:

ولولا أبو طالبٍ وابنه

لَما مَثُل الدين شخصاً فقاما

فهذا بمكّة آوى وحام

وهذا بيثرب جسَّ الحِماما

ولله ذا فاتحاً للهدى

ولله ذا للمعالي ختاما

وكان لهاتين الفاجعتين أكبر الأثر في حياة الرسول وتغيير مجراها، لولا موت أبي طالب لما هاجر من مكّة؛ لأنَّه حينذاك شعر بفقدان الناصر والكفيل والمحامي ولم يكن في أعمامه مَن يقوم مقام أبي طالب حتى عمّه حمزة يومذاك.

وقد رثاه ابنه الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام بأبيات:

أبا طالبٍ عصمة المستجير

وغيث المحول ونور الظُّلَم

لقد هدَّ فقدك أهل الحفاظ

فصلَّى عليك ولي النعم

ولقَّاك ربّك رضوانه

فقد كنت للطهر من خير عم (1)

____________________

(1) كتاب الكنى والألقاب للقمّي.

١١١

فَاطِمَةُ الزّهْرَاءعليها‌السلام والهِجْرَة

ولمّا أُصيب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بوفاة السيدة خديجة وعمّه أبي طالب عزم على الهجرة من مكّة، وأمر عليّاً أن يبيت على فراشه تلك الليلة، وسُمّيت تلك الليلة: (ليلة المبيت) وهي الليلة التي اجتمع فيها حوالي أربعين أو أربعة عشر رجلاً من المشركين، وطوَّقوا بيت الرسول، وهم يريدون الهجوم على النبي ليقتلوه في بيته، فخرج النبي إلى الغار، وبقيت السيدة فاطمة في البيت، وهي تتوقّع هجوم الأعداء على دارها في كل ساعة وتستمع إلى هتافات الكفر والإلحاد ضد الرسول، ويعلم الله مدى الخوف والقلق المسيطر عليها طيلة تلك الليلة، وهي تعلم خشونة طباع المشركين وقساوة قلوبهم، فيكون أسوأ الاحتمالات عندها أقرب الاحتمالات.

وإلى أن أصبح الصباح من تلك الليلة، وهجم القوم في الدار شاهرين سيوفهم كأنّهم ذئاب ضارية أو كلاب مستسبعة تطلب فريستها، وقصدوا نحو فراش النبي فلم يجدوه بل وجودوا عليّاًعليه‌السلام راقداً في فراش النبي، ملتحفاً بردة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فخابت ظنونهم، وخرجوا من الدار فاشلين، وكادوا أن يتفجَّروا حقداً وغيظاً وغضباً.

فكانت تلك الساعات من أحرج الساعات وأكثرها خوفاً وفزعاً على قلب السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام .

ويا ليت الأمر كان ينتهي هنا، ولكنّ أحقاد الكفر كانت كامنة في

١١٢

الصدور كأنّها جمرة تحت رماد.

ولمّا خرج أمير المؤمنينعليه‌السلام بالفواطم من مكّة وهُنَّ: فاطمة الزهراء بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وفاطمة بنت أسد (أُمّ أمير المؤمنين) وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب، فلحقهم العدو، واعترضهم في أثناء الطريق للحيلولة دون الهجرة، وكان الموقف حرجاً، واستولى الرعب والفزع على قلوب الفواطم من الأعداء، وكادت أن تقع هناك كارثة أو كوارث لولا حفظ الله وعنايته، ثم بسالة الإمام علي وبطولته المشهورة، وكفاهم الله شرّ الأعداء، ونجا علي والفواطم بقدرة الله تعالى.

وصلت الفواطم إلى المدينة، وقد كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد سبقهم إليها، وكان ينتظرهم، ولمّا وصلوا دخل النبي المدينة ونزل في دار أبي أيوب الأنصاري، والتحقت به ابنته فاطمة الزهراء، ونزلت على أُمّ أبي أيوب الأنصاري.

كانت السيدة الزهراء تعيش تحت ظل والدها الرسول في المدينة بعد أن مرَّت بها عواصف شديدة وحوادث مؤلمة: من موت أُمّها خديجة، وهجرة أبيها الرسول من وطنه ومسقط رأْسه، وهجوم الأعداء على الدار، وهجرتها من مكّة إلى المدينة، ومطاردة الأعداء لها

فهل انتهت تلك الحوادث والمصائب؟

كلاّ، بل كانت تلك القضايا بداية مآسي أخرى، وكوارث متسلسلة متعاقبة، إذ ما مضت سنة واحدة على الهجرة وإذا بالمشركين يجتمعون في مكّة ويقصدون التوجّه إلى المدينة لمحاربة الرسول والمسلمين.

فنزل جبرئيل وأخبر النبي بالمؤامرة، فخرجصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمسلمين من أهل المدينة وبمَن التحق به من المهاجرين من أهل مكّة، خرج بهم ليستقبل العدو في أثناء الطريق قبل وصولهم المدينة، فوصلوا

١١٣

إلى منطقة بين المدينة ومكّة يُقال لها: (بدر).

وهناك التقوا بالمشركين، وكان عدد المشركين ثلاثة أضعاف المسلمين، ولكن كانت الغلبة والانتصار للمسلمين والهزيمة والاندحار للمشركين، فرجع النبي إلى المدينة مظفَّراً منصوراً.

١١٤

فَاطِمَةُ الزّهْرَاءُعليها‌السلام يَوْم أُحُد

وبعد سنة واحدة وشهر وقعت غزوة أُحد، وقُتل فيها من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سبعون رجلاً كانوا هم الصفوة والزبدة من أصحابه، وفي طليعتهم عمّه سيّد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، وأُصيب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بحجر انكسرت منه جبهته الشريفة، وحجر أصاب فمه الطاهر وانكسرت منه ثناياه، وتخثَّر الدم على لحيته كأنّه حنّاء أو خضاب.

وفي تلك الآونة صاح إبليس صيحة سمعها المسلمون في أُحد، وسمعها أهل المدينة، صاح: (قُتل محمد).

اضطربت القلوب في جبهة القتال، وانهزم المنهزمون، وثبت المؤمنون حقّاً، ولم يكن اضطراب العوائل في المدينة بأقل من اضطراب المسلمين في ساحة القتال.

وقد خرجت صفية بنت عبد المطلب (عمّة النبي) وفاطمة الزهراء إلى أحد، فصاحت فاطمة، ووضعت يدها على رأسها، وخرجت تصرخ، وخرجت كل هاشمية وقرشية، واضعة يدها على رأسها.

وكان وصول فاطمة الزهراء وصفية إلى أُحد بعد أن وضعت الحرب أوزارها، وبعد أن قُتل مَن قُتِل، وجُرحَ مَن جُرح، وكان النبي يتفقّد القتلى ويبحث عن المفقودين من أصحابه.

وهو إذ ذاك قد وصل إلى مصرع حمزة، فوجده بحالة لا تُوصف،

١١٥

فقد مثّلوا به أقبح وأبشع مُثلة، فقد قطعوا أصابع يديه ورجليه، وجدعوا أنفه وأذنيه وشقّوا بطنه، وأخرجوا كبده، وقطعوا عورته، وتركوه بهذه الحالة.

كان هذا المنظر المشوَّه مؤلماً ومخدشاً لقلب الرسول، إذ هو نكاية وتنكيل من المشركين لعمِّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وناصره والمدافع عنه.

كان الحزن والغيظ قد أخذ من الرسول كل مأْخذ، فبينما هو كذلك وإذا به يرى عمَّته صفية وابنته فاطمة قد توجَّهتا نحو تلك المنطقة، فغطى الرسول جثمان حمزة بردائه، وستَرَه من القرن إلى القدم كي لا يُرى شيء من مواضع المثلة.

وأقبلت صفية وفاطمة تعدُوان، وجلستا عند مصرع حمزة، وشرعتا بالبكاء والنحيب، ورسول الله يساعدهما على البكاء، ويشاركهما في الأنين والنحيب، ثم نظرت فاطمة إلى جراحة جبهة الرسول، وإلى الدماء المتخثّرة على وجهه الطاهر ولحيته الشريفة، فصاحت وجعلت تمسح الدم وتقول: اشتدّ غضب الله على مَن أَدمى وجه رسول الله.

فغسلت الدماء عن وجه أبيها، وكان علي يصبّ الماء بالمجنّ(1) .

فلمّا رأت فاطمة أنَّ الماء لا يزيد الدم إلاَّ كثرة عمدت إلى قطعة حصيرة فأحرقتها، وجعلت رمادها ضماداً على جبهة أبيها، وألزمته الجرح، فاستمسك الدم.

أترى كيف انقضت تلك الساعات على قلب فاطمة؟ فقد تداخلها الحزن العظيم والخوف الشديد وهي البنت البارَّة بأبيها، العارفة بحقّه.

ولمّا رجع عليعليه‌السلام من أُحد ناولَ فاطمة سيفه، وقال:

____________________

(1) المجنّ: التُرس.

١١٦

خذي هذا السيف، فلقد صدقني اليوم، وأنشأ يقول:

أفاطم هاكِ السيف غير ذميمِ

فلستُ برعديدٍ، ولا بلئيمِ

لعمري لقد أعذرتُ في نصر أحمدٍ

وطاعة ربٍّ بالعباد عليمِ

أُريد ثواب الله لا شيء غيره

ورضوانه في جنّة ونعيمِ

وكنتُ امرأً يسمو إذ الحرب شمُّرت

وقامت على ساقٍ بغير مليمِ

أممت بن عبد الدار حتى جرحته

بذي رونقٍ يفري العظام صميمِ

فغادرته بالقاع فارفضَّ جمعه

عباديد ممّا قانط وكليمِ

وسيفي بكفّي كالشهاب أهزُّه

أحزُّ به من عاتقٍ وصميمِ

فما زلت حتى فضَّ ربي جموعهم

وأشفيت منهم صدر كل حليمِ

أَميطي دماء القوم عنه فإنّه

سقى آل عبد الدار كأْس حميمِ

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : خذيه يا فاطمة فقد أدَّى بعلك ما عليه، قتل الله صناديد قريش بيديه(1) .

لقد مرَّ عليك أنّ السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام حضرت في أُحد، بعد أن وضعت الحرب أوزارها، ولمّا نظرت إلى جراحة أبيها غسلت الدماء بالماء، وأحرقت قطعة حصيرة وجعلت رمادها على جبهة أبيها الرسول.

هذه الواقعة كما ذكرها المؤرّخون، ولكن في زماننا - هذا - جاءت طائفة من الناس، واعتبروا هذه الواقعة ساحة لمسرحياتهم الشاذة، فكتبوا بكل إصرار وإلحاح وتكرار أنّ فاطمة كانت تحضر جبهات القتال وتضمِّد الجرحى، وتداويهم وتسعفهم!!!

أنا ما أدري ما يقصد هؤلاء الشواذ من اختلاق هذه الأكذوبة؟

إذا قامت سيّدة بتضميد جراحة أبيها فقط وفقط في العمر مرة واحدة بعد انتهاء القتال هل يقال عنها: إنّها كانت تحضر جبهات القتال وتضمِّد

١١٧

الجرحى وتداويهم؟؟

أنا ما أدري ما هدف هؤلاء من ترويج هذا الباطل وإشاعة هذا الافتراء؟

هل يريدون المسَّ بقدسيَّة السيدة فاطمة الزهراء ونزاهتها؟

أم يريدون فتح الطريق للاختلاط بين الجنسين؟

ولنفرض أنّ نسيبة بنت كعب حضرت يوم أُحد لتضميد الجرحى، فهل معنى ذلك أن نعتبر السيدة فاطمة الزهراء، وهي سيّدة نساء العالمين في العفاف والحياء والحشمة والنزاهة والعصمة، نعتبرها كالموظفات في المستشفيات والمستوصفات ومؤسَّسات الإسعاف الدولية؟؟

أنا ما أدري ولعلّهم يدرون ويعرفون ما يبرِّر لهم هذه الأكذوبة!.

١١٨

مَشَاكِلُ السيّدَة فَاطِمَة في دَارِ أبيها

ومن المشاكل التي عكَّرت - على السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام - حياتها أنّها ابتليت ببعض زوجات أبيها الرسول، من اللواتي قد تكوَّنت عندهنَّ عقدة نفسية، فكنَّ يحسدن السيدة فاطمة الزهراء على مواهبها وفضائلها، وخاصة وأنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يغمر السيدة فاطمة بألطافه ويمطر عليها عواطفه، ويحبّها حبّاً عجيباً يهيِّج في قلوب بعض نسائه الحسد الكامن.

فقد روى شيخنا المجلسي (عليه الرحمة) في السادس من البحار، عن كتاب الخصال، عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام قال: دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله منزله، فإذا عائشة مقبلة على فاطمة تصايحها، وهي تقول: والله يا بنت خديجة ما ترين إلا أنّ لأُمُّك علينا فضلاً، وأي فضل كان لها علينا؟ وما هي إلاَّ كبعضنا!!

فسمع النبي مقالتها لفاطمة، فلما رأت فاطمة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بكت، فقال: ما يبكيك يا بنت محمد؟

قالت: ذكرت عائشة أُمّي فنقّصتها فبكيتُ.

فغضب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم قال: مَه يا حميراء! فإنّ الله تبارك وتعالى باركَ في الودود الولود وإن خديجة (رحمها الله) ولدت منّي طاهراً (وهو عبد الله) وهو المطهّر، ووَلدت مني القاسم ورقية وأُمّ كلثوم وزينب، وأنت ممّن أعقم الله رَحِمها. فلم تلدي شيئاً (1) .

____________________

(1) الخصال للشيخ الصدوق.

١١٩

ولعائشة مواقف غير مشكورة تجاه السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام تدل على جانب كبير من انحرافها العميق العريق المتواصل، بحيث لم يُعهد تلك المواقف المتطرّفة من بقيّة زوجات الرسول تجاه سيّدة العالمين.

فمنها: ما ستقرأه - عند البحث عن فدك - بأنّ عائشة شهدت عند أبيها أبي بكر أنّ الأنبياء لا يورِّثون؛ وذلك لكي تحرم السيدة فاطمةعليها‌السلام عن إرث أبيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ومنها: لما بلغ عائشة خبرُ وفاة الزهراءعليها‌السلام تبسّمت!!

وسوف تقرأ أنّ السيدة فاطمة أوصت أسماء بنت عميس بعدم السماح لعائشة أن تحضر عند جنازتها ساعة الوفاة، وهذا يدلّ على سخطها على عائشة وعدم رضاها عنها، وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (إنّ الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها).

هذا... وفي هذا الحديث الأول تصريح بأنّ بنات السيدة خديجة الكبرى كلهنّ من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا من زوج آخر، وليس هذا الحديث هو الدليل الوحيد على ذلك بل توجد أدلَّة وبراهين قطعيّة على أنَّهن كنَّ بنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حقيقة، ومن صلبه، إلاّ أنّ المجال - في هذا الكتاب - لا يسع للشرح والتفصيل أكثر من هذا، ولعلّنا نلتقي - إن شاء الله - بالقرّاء في غير هذا الكتاب حول هذا الموضوع، ونؤدّي بعض ما يتطلّبه البحث والتحقيق.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

١٧ -( باب أنه لا يحل أكل النطيحة، ولا المتردية، ولا فريسة السبع، ولا الموقوذة، ولا المنخنقة، ولا ما ذبح على النصب، إلا أن يدرك ذكاته)

[١٩٤١٠] ١ - الإمام العسكريعليه‌السلام في تفسير: « قال الله عز وجل:( إِنَّمَا حَرَّ‌مَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ ) (١) التي ماتت حتف أنفها - إلى أن قال - ومن الذبائح هي التي تتقرب بها الكفار بأسامي أندادهم التي اتخذوها من دون الله ».

[١٩٤١١] ٢ - وفيه: عن الإمام علي بن محمدعليهما‌السلام - في حديث - أنه قال: « قال بعض اليهود لبعضهم: إن ما وجدناه في كتبنا أن محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله يجنبه ربه من الحرام والشبهات، فصادفوه والقوة وادعوه إلى دعوة، وقدموا إليه الحرام والشبهة، فإن انبسط فيهما أو في أحدهما فأكله، فاعلموا أنه غير من(١) تظنون - إلى أن قال - فجاؤوا إلى أبي طالب فصادفوه، ودعوه إلى دعوة لهم، فلما حضر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قدموا إليه وإلى أبي طالب وإلى الملا [ من ](٢) قريش دجاجة مسمنة، كانوا قد وقذوها وشووها، فجعل أبو طالب وسائر قريش يأكلون منها، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يمد نحوها فيعدل بها يمنة ويسرة، ثم أماما ثم خلفا ثم فوقا ثم تحتا [ لا تصيبها يده ](٣) ، فقالوا: [ مالك ](٤) يا محمد لا تأكل منها؟ فقال: يا معشر اليهود قد جهدت أن أتناول منها، وهذه يدي يعدل بها عنها، وما أراها إلا حراما يصونني ربي عز وجل منها،

__________________

الباب ١٧

١ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٢٤٥.

(١) البقرة ٢: ١٧٣.

٢ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٦٢.

(١) في الحجرية: « ما » وما أثبتناه من المصدر.

(٢) استظهار من هامش الطبعة الحجرية.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) أثبتناه من المصدر.

١٤١

فقالوا: ما هي إلا حلال فدعنا نلقمك، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فافعلوا إن قدرتم، فذهبوا ليأخذوا منها ويطعموه، فكانت أيديهم يعدل بها إلى الجهات، كما كانت يد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تعدل عنها، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : هذه(٥) قد منعت منها فاتوني بغيرها إن كانت لكم، فجاؤوا بدجاجة أخرى مسمنة مشوية ( قد اخذوها )(٦) لجارهم غائب، لم يكونوا اشتروها، وعمدوا(٧) على أن يردوا عليه ثمنها إذا حضر، فتناول منها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لقمة، فلما ذهب برفعها ثقلت عليه ونصلت(٨) حتى سقطت من يده، وكلما ذهب يرفع ما قد تناول بعدها ثقلت وسقطت، فقالوا: يا محمد، فما بال هذه لا تأكل منها؟ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وهذه أيضا قد منعت منها، وما أراها إلا من شبهة يصونني ربي عز وجل منها، قالوا: ما هي شبهة فدعنا نلقمك منها» وذكرعليه‌السلام مثل ما في المرة الأولى، الخبر.

[١٩٥٤١٢] ٣ - علي بن إبراهيم في تفسيره: قوله تعالى:( حُرِّ‌مَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ‌ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ‌ اللَّـهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَ‌دِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ ) (١) والميتة والدم ولحم الخنزير معروف، وما أهل لغير الله: يعني ما ذبح للأصنام، والمنخنقة فإن المجوس كانوا لا يأكلون الذبائح ويأكلون الميتة، وكانوا يخنقون البقر والغنم فإذا ماتت أكلوها، والموقوذة: كانوا يشدون أرجلها ويضربونها حتى تموت، فإذا ماتت أكلوها، والمتردية: كانوا يشدون عينها ويلقونها من السطح، فإذا ماتت أكلوها، والنطيحة

__________________

(٥) في الحجرية: « فهذه » وما أثبتناه من المصدر.

(٦) في الحجرية: « اخذوا » وما أثبتناه من المصدر.

(٧) في الحجرية: « وعملوها » وما أثبتناه من المصدر.

(٨) نصل: خرج من موضعه ( لسان العرب ج ١١ ص ٦٦٣ ).

٣ - تفسير القمي ج ١ ص ١٦١.

(١) المائدة ٥: ٣.

١٤٢

كانوا يتناطحون بالكباش فإذا ماتت إحداها أكلوه،( وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ ) ، كانوا يأكلون ما يأكله الذئب والأسد والدب فحرم الله ذلك( وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ) : كانوا يذبحون لبيوت النيران، وقريش كانوا يعبدون الشجر والصخر فيذبحون لها.

( وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ ) كانوا يعمدون إلى الجزور فيجزئونه عشرة أجزاء، ثم يجتمعون عليه فيخرجون السهام فيدفعونها إلى رجل، فالسهام عشرة سبعة لها أنصباء وثلاثة لا أنصباء لها، فالتي ( لها أنصباء )(٢) الفذ والتوأم والمسيل والنافس والحلس والرقيب والمعلى، فالفذ له سهم، والتوأم له سهمان، والمسيل له ثلاثة أسهم، والنافس له أربعة أسهم، والحلس له خمسة أسهم، [ والرقيب له ستة أسهم ](٣) ، والمعلى له سبعة أسهم، والتي لا أنصباء لها، السفيح والمنيح والوغد، وثمن الجزور على من لا يخرج له من الأنصباء شيئا، وهو القمار، فحرمه الله عزو جل.

وهذا بعينه متن الخبر الباقري المروي في الخصال بزيادة تفسير الموقوذة(٤) .

١٨ -( باب كراهة الذبح بالليل حتى يطلع الفجر، إلا مع الخوف)

[١٩٤١٣] ١ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: في سياق أخبار تزويج فاطمةعليها‌السلام ، - إلى أن قال -: وجاء سعد بن معاذ بعشرة شياه [ وبقرة ](١) وجملا [ وجاء سعد بن ربيع ببعير وخمس شياه ](٢) ، وجاء

__________________

(٢) في الحجرية: لا أنصباء لها، وما أثبتناه من المصدر.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) الخصال ص ٤٥١ ح ٥٧.

الباب ١٨

١ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٤ ص ٩٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

١٤٣

سعد بن خثيمة بجملين، وأبو أيوب الأنصاري بشاة [ وحمل بعير تمرا ](٣) ، وخارجة بن زيد بجمل وبقر وأربع شياه، [ وجاء عبد الرحمن بن عوف بحمل خمسة أبعرة تمرا ](٤) وعثمان بن عفان [ بحمل خمسة أبعرة تمرا و ](٥) بعشرين شاة [ وبقربة من دهن البقر ](٦) ، وجاء كل واحد من الصحابة بهدية، حتى اجتمع هدايا كثيرة - إلى أن قال - فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا علي لا بد لي ولك أن نشتغل هذه الليلة، ونذبح هذه الأغنام والبقرات » وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام يذبح ويسلخ، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يفصل، فلما طلع الفجر انقضى شغلهما، قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « ولم نر في يد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أثرا من الدم » الخبر.

١٩ -( باب عدم اشتراط بلوغ الذابح، فيجوز أن يذبح الصبي المميز الذي يحسن الذبح، ويحل أكل ذبيحته مع التسمية)

[١٩٤١٤] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر محمد بن علي وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، أنهما رخصا في ذبيحة الغلام، إذا قوي على الذبح وذبح على ما ينبغي.

[١٩٤١٥] ٢ - الصدوق في المقنع: لا بأس بذبيحة المرأة والغلام، إذا كان قد صلى وبلغ خمسة أشبار.

__________________

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) أثبتناه من المصدر.

(٥) أثبتناه من المصدر.

(٦) أثبتناه من المصدر.

الباب ١٩

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٨ ح ٦٤٢.

٢ - المقنع ص ١٤٠.

١٤٤

٢٠ -( باب عدم اشتراط ذكورية الذابح، فيجوز أن تذبح المرأة حرة كانت أو أمة، على كراهة في غير الضرورة)

[١٩٤١٦] ١ - كتاب عاصم بن حميد الحناط: عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام ، عن المرأة: تذبح إذا لم يكن رجل، وتذكر اسم الله؟ قال: « حسن لا بأس به إذا لم يكن رجل » قال أبو جعفرعليه‌السلام : « ولا يذبح لك يهودي ولا نصراني ولا مجوسي أضحيتك، وإن كانت امرأة فلتذبح لنفسها ».

[١٩٤١٧] ٢ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، أنهما رخصا في ذبيحة الغلام - إلى أن قال - وكذلك المرأة إذا أحسنت.

[١٩٤١٨] ٣ - الصدوق في المقنع: وإذا كن نساء ليس معهن رجل، فلتذبح أعلمهن، ولتذكر اسم الله عليه.

٢١ -( باب جواز أكل ذبيحة الخصي والأعمى إذا سدد)

[١٩٤١٩] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، أنهما رخصا في ذبيحة الأعمى إذا سدد.

__________________

الباب ٢٠

١ - كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٢٨.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٨ ح ٦٤٢.

٣ - المقنع ص ١٤٠.

الباب ٢١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٨ ح ٦٤٢.

١٤٥

٢٢ -( باب تحريم ذبائح أهل الكتاب وغيرهم من الكفار، وتحريم ثمنها حتى مع عدم وجود ذابح غيرهم، إلا مع الضرورة)

[١٩٤٢٠] ١ - السيد المرتضى في مسائل الطرابلسيات، والشيخ المفيد في رسالة الذبائح، على ما في البحار: عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير، عن الحسين بن المنذر قال: قلت لأبي عبد الله: إنا قوم نختلف إلى الجبل، والطريق بعيد بيننا وبين الجبل فراسخ، فنشتري القطيع والاثنين والثلاثة، فيكون في القطيع ألف وخمسمائة، وألف وستمائة، وألف وسبعمائة شاة، فتقع الشاة والاثنتان والثلاث، فنسأل الرعاة الذين يجيئون بها عن أديانهم، فيقولون: نصارى، فأي شئ قولك في ذبائح اليهود والنصارى؟ فقال: « يا حسين، هي الذبيحة بالاسم لا يؤمن عليها إلا أهل التوحيد » ثم إن حنانا لقي أبا عبد اللهعليه‌السلام ، فقال: إن الحسين بن منذر، روى عنك أنك قلت: « إن الذبيحة لا يؤمن عليها إلا أهلها » فقال: « إنهم أحدثوا فيها شيئا » قال حنان: فسألت نصرانيا فقلت: أي شئ تقولون إذا ذبحتم؟ فقال: نقول: باسم المسيح.

[١٩٤٢١] ٢ - وعنه، عن حنان قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إن الحسين بن المنذر - إلى قوله - إنهم أحدثوا شيئا لا أشتهيه، وفي بعض النسخ: لا أسميه.

[١٩٤٢٢] ٣ - وفيهما: عن جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن

__________________

الباب ٢٢

١ - مسائل الطرابلسيات، ورسالة الذبائح:، وعنهما في البحار ج ٦٦ ص ١٧ ح ٦.

٢ - مسائل الطرابلسيات، ورسالة الذبائح:، وعنهما في البحار ج ٦٦ ص ١٧ ح ٦.

٣ - مسائل الطرابلسيات، ورسالة الذبائح: وعنهما في البحار ج ٦٦ ص ١٧ ح ٧.

١٤٦

عيسى، عن الحسين بن المختار، عن الحسين بن عبد الله قال: اصطحب المعلى بن خنيس وعبد الله بن أبي يعفور، فأكل أحدهما ذبيحة اليهود والنصارى، وامتنع الآخر عن أكلها، فلما اجتمعا عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أخبراه بذلك، فقال: « أيكما الذي أبي؟ » قال المعلى: أنا، فقال ( عليه لاسلام ): « أحسنت ».

[١٩٤٢٣] ٤ - وفيها: بالاسناد المتقدم عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن محمد بن يحيى الخثعمي - عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - قال: أتاني رجلان - أظنهما من أهل الجبل - فسألني أحدهما عن الذبيحة - يعني ذبيحة أهل الذمة - فقلت في نفسي: والله لا أبرد(١) لكما على ظهري، لا تؤكل، قال محمد بن يحيى: فسألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن ذبيحة اليهود والنصارى، فقال: « لا تؤكل ».

[١٩٤٢٤] ٥ - العياشي في تفسيره: عن قتيبة الأعشى قال: سأل الحسن بن المنذر أبا عبد اللهعليه‌السلام : أن الرجل يبعث في غنمه رجلا أمينا يكون فيها - نصرانيا أو يهوديا - فتقع العارضة(١) فيذبحها ويبيعها، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « لا تأكلها، ولا تدخلها في مالك، وإنما هو الاسم ولا يؤمن عليها إلا مسلم » فقال رجل لأبي عبد اللهعليه‌السلام ، وأنا أسمع: فأين قول الله:( وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ ) (٢) فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « كان أبي يقول: إنما ذلك الحبوب وأشباهه ».

__________________

٤ - مسائل الطرابلسيات، ورسالة الذبائح: وعنهما في البحار ج ٦٦ ص ١٨ ح ٨.

(١) البريد: الرسول المرسل في حاجة ( مجمع البحرين ج ٣ ص ١٤ ) والمراد: لا أتحمل الذنب الذي يصيبكم من ذلك، بل أفتيكم بمر الحق.

٥ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٥ ح ٣٦.

(١) العارضة: الحيوان الذي يصيبه الداء أو السبع أو الكسر فيذبح ( انظر لسان العرب ج ٧ ص ١٧٨ ).

(٢) المائدة ٥: ٥.

١٤٧

٢٣ -( باب تحريم ذبائح الكفار من أهل الكتاب وغيرهم، سواء سموا عليها أو لم يسموا، إلا مع التقية)

[١٩٤٢٥] ١ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « هو الاسم ولا يؤمن عليها إلا مسلم » قال: فقال له رجل: أصلحك الله، إن لنا جارا قصابا، يدعو يهوديا فيذبح له حتى يشتري منه اليهود، قال: « لا تأكل ذبيحته، ولا تشتر منه ».

[١٩٤٢٦] ٢ - الشيخ المفيد في رسالة الذبائح، كما في البحار، والسيد المرتضى في مسائل الطرابلسيات: عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن شعيب العقرقوفي قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ، ومعنا أناس من أهل الجبل، يسألونه عن ذبائح أهل الكتاب، فقال لهم أبو عبد اللهعليه‌السلام : « قد سمعتم ما قال الله عز وجل » قالوا: نحب أن تخبرنا أنت، فقال: « لا تأكلوها » قال: فلما خرجنا من عنده، قال لي أبو بصير: كلها، فقد سمعته وأباه جميعا يأمران بأكلها، فرجعنا إليه، فقال لي أبو بصير: سله، فقلت: جعلت فداك، ما تقول في ذبائح أهل الكتاب؟ فقالعليه‌السلام : « أليس قد شهدتنا اليوم وسمعت؟ قلت »: بلى، قال: « لا تأكلها » فقال لي أبو بصير: كلها وهو في عنقي، ثم قال: سله ثانية، فسألته فقال لي مثل مقالته الأولى: « لا تأكلها » فقال لي أبو بصير: سله ثالثة، فقلت: لا أسأله بعد مرتين

[١٩٤٢٧] ٣ - وفي الرسالة: عنن جعفر بن محمد بن قولويه، وأبي جعفر بن

__________________

الباب ٢٣

١ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك ص ١١٢.

٢ - رسالة الذبائح، ومسائل الطرابلسيات: وعنهما في البحار ج ٦٦ ص ١٦ ح ٥.

٣ - رسالة الذبائح، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ١٣.

١٤٨

بابويه، عن محمد بن يعقوب الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عمرو، عن المفضل بن صالح، عن زيد الشحام قال: سئل الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، عن ذبيحة الذمي، فقال: « لا تأكلها، سمى أو لم يسم ».

[١٩٤٢٨] ٤ - وبالإسناد عن علي، بن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين الأحمسي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: قال له رجل: أصلحك الله، إن لنا جارا قصابا يجئ بيهودي فيذبح له، حتى يشتري منه اليهود، فقال: « لا تأكل ذبيحته، ولا تشتر منه ».

[١٩٤٢٩] ٥ - كتاب عاصم بن حميد الحناط: عن أبي بصير قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : « ولا يذبح لك يهودي ولا نصراني ولا مجوسي أضحيتك » الخبر.

[١٩٤٣٠] ٦ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهم‌السلام ، أنه كره ذبائح نصارى العرب.

وعن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « لا يذبح أضحية المسلم إلا مسلم، ويقول عند ذبحها: وجهت » الخبر(١)

[١٩٤٣١] ٧ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه رخص في طعام أهل الكتاب وغيرهم من الفرق، إذا كان الطعام ليس فيه ذبيحة.

وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا علم ذلك لم يؤكل »(١) .

__________________

٤ - رسالة الذبائح: وعنه في البحار ج ٦٦ ص ١٣.

٥ - كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٢٨.

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٨ ح ٦٤١.

(١) نفس المصدر ج ٢ ص ١٨٣ ح ٦٦٤ عن جعفر بن محمدعليه‌السلام .

٧ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٥ ح ٤٣٦.

(١) نفس المصدر ج ٢ ص ١٢٦ ح ٤٣٧.

١٤٩

[١٩٤٣٢] ٨ - وعن أبي جعفر بن محمد عليعليهما‌السلام ، أنه سئل عن ذبيحة اليهودي والنصراني والمجوسي وذبائح أهل الخلاف، فتلا قول الله عز وجل:( فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ‌ اسْمُ اللَّـهِ عَلَيْهِ ) (١) وقال: « إذا سمعتموهم يذكرون اسم الله عليه فكلوا، وما لم يذكر اسم الله عليه فلا تأكلوه، ومن كان منهم متهما بترك التسمية يرى استحلا ذلك، لم يجز أكل ذبيحته، إلا أن يشاهد في حين ذبحها وهو يذبحها على السنة، ويذكر اسم الله عليها، فإن ذبحها بحيث لم يشاهد لم تؤكل ».

قلت، في البحار: الرواية شاذة لم يعمل عليها(٢) ، انتهى. ويمكن ارجاع الضمير في « سمعتموهم » إلى أهل الخلاف، فيقل الشذوذ.

[١٩٤٣٣] ٩ - وروينا عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « ذبيحة اليهودي والنصراني والمجوسي وأهل الخلاف حرام ».

[١٩٤٣٤] ١٠ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى عن صيد المجوس، وعن ذبائحهم.

[١٩٤٣٥] ١١ - الصدوق في المقنع: ولا تأكل ذبيحة من ليس على دينك في الاسلام، ولا تأكل ذبيحة اليهودي والنصراني والمجوسي، إلا إذا سمعتهم يذكرون [ اسم ](١) الله عليها، فإذا ذكر(٢) اسم الله فلا بأس بأكلها، فإن الله يقول:( وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ‌ اسْمُ اللَّـهِ عَلَيْهِ ) (٣) ويقول:( فَكُلُوا مِمَّا )

__________________

٨ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٧ ح ٦٣٩.

(١) الانعام ٦: ١١٨.

(٢) بحار الأنوار ج ٦٦ ص ٢٨.

٩ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٣ ح ٦٣٩.

١٠ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٣ ح ٦٢١.

١١ - المقنع ص ١٤٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: ذكروا.

(٣) الانعام ٦: ١٢١.

١٥٠

( ذُكِرَ‌ اسْمُ اللَّـهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُم بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ ) (٤) .

[١٩٤٣٦] ١٢ - وسئل أبو عبد اللهعليه‌السلام ، عن ذبائح النصارى، فقال: « لا بأس بها » فقيل: فإنهم يذكرون عليها المسيح، فقال: « إنما أرادوا بالمسيح الله ».

وقد نهى، في خبر، عن أكل ذبيحة المجوسي.

قلت: والأقوى المشهور المنصور هو حرمة ذبائحهم مطلقا، وما دل على الجواز غير قابل للاستناد، محمول على التقية أو الضرورة أو غيرها.

٢٤ -( باب إباحة ذبائح أقسام المسلمين، وتحريم ذبيحة الناصب والمرتد، إلا للضرورة والتقية)

[١٩٤٣٧] ١ - أبو علي بن الشيخ في أماليه: عن أبيه، عن المفيد، عن جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن سعدان بن مسلم، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام : ما الايمان؟ فجعل لي الجواب في كلمتين، فقال: « الايمان بالله، وأن لا تعصي الله » قلت: فما الاسلام؟ فجعل في كلمتين فقال: « من شهد شهادتنا، ونسك نسكنا، وذبح ذبيحتنا ».

__________________

(٤) الانعام ٦: ١١٨.

١٢ - المقنع ص ١٤٠.

الباب ٢٤

١ - أمالي الطوسي ج ١ ص ١٣٨.

١٥١

٢٥ -( باب جواز شراء الذبائح واللحم من سوق المسلمين، وإن لم يعلم من ذبحها، ولم يعلم أنها مذبوحة أو لا، وعدم وجوب السؤال عن ذلك)

[١٩٤٣٨] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه سئل عن اللحم يباع في الأسواق ولا ندري كيف ذبحه القصابون، فلم ير به بأسا إذا لم يطلع منهم على الذبح بخلاف السنة.

٢٦ -( باب أن ما يقطع من أعضاء الحيوانات قبل الذكاة، فهو ميتة لا ينتفع به كأليات الغنم وغيرها، وأنه يجوز قطعها لاصلاح المال، وحكم الاسراج بها، وحكم ما لو ضرب الصيد فقده نصفين)

[١٩٤٣٩] ١ - دعائم الاسلام: عن علي وأبي جعفرعليهما‌السلام ، أنهما قالا: ما قطع من الحيوان فبان عنه قبل أن يذكى الحيوان، فهو ميتة لا يؤكل، ويذكى الحيوان ويؤكل باقيه، إن أردت ذكاته.

[١٩٤٤٠] ٢ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « كل شئ سقط من حي(١) فهو ميتة، وكذلك كل شئ سقط من أعضاء الحيوان وهي أحياء فهي ميتة، فلا يؤكل ».

__________________

الباب ٢٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٧ ح ٦٤٠.

الباب ٢٦

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٩ ح ٤٦.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ١٢٦.

(١) في نسخة: انسان.

١٥٢

٢٧ -( باب أن ذكاة المسك اخراجه من الماء حيا،ويحل بغير تسمية)

[١٩٤٤١] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « النون ذكي، والجراد ذكي، وأخذه حيا ذكاته ».

[١٩٤٤٢] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وذكاة المسك والجراد أخذه ».

[١٩٤٤٣] ٣ - كتاب درست بن أبي منصور: عن زكار، عن حذيفة بن منصور قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « الجراد ذكي، والنون(١) ذكي ».

٢٨ -( باب إباحة صيد المجوس وسائر الكفار للمسك، وجواز أكله شاهده المسلم وقد خرج من الماء حيا، وإلا لم يؤكل)

[١٩٤٤٤] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه نهى عن أكل ما صاده المجوس من الحوت والجراد، لأنه لا يؤكل منه إلا ما أخذ حيا.

٢٩ -( باب أن المسك إذا خرج حيا ثم عاد إلى الماء فمات فيه لم يحل أكله، وكذا ما مات في الماء)

[١٩٤٤٥] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا يؤكل ما يموت في الماء من

__________________

الباب ٢٧

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٤ ح ٤٢٤.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

٣ - كتاب درست بن أبي منصور ص ١٦٤.

(١) نون البحر: حيتانها ( مجمع البحرين ج ٦ ص ٣٢٢ ).

الباب ٢٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٣ ح ٦٢٢.

الباب ٢٩

١ - فقه الرضاععليه‌السلام ص ٤٠.

١٥٣

سمك وجراد وغيره ».

٣٠ -( باب أن المسكة إذا وثبت من الماء وخرجت، أو نضب الماء عنها وماتت خارجة، لم تحل إلا أن يأخذه الانسان وهي تتحرك)

[١٩٤٤٦] ١ - علي بن جعفر في كتابه: عن أخيه موسىعليهما‌السلام ، قال: سألته عما حسر عنه الماء من صيد البحر وهو ميت، أيحل أكله؟ قال: « لا ».

٣١ -( باب أن من نصب شبكة أو عمل حظيرة، فوقع فيها سمك ومات بعضه في الماء، فإن تميز لم يحل أكله، وإلا حل)

[١٩٤٤٧] ١ - علي بن جعفر في كتابه: عن أخيه موسىعليهما‌السلام ، قال: سألته عن صيد البحر يحبسه [ فيموت ](١) في مصيدته، قال: إذا كان محبوسا فكل، فلا بأس «.

٣٢ -( باب أن من أخرج سمكة من الماء حية، فوجد في جوفها سمكة حل أكلها)

[١٩٤٤٨] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا اصطدت سمكة، وفي جوفها أخرى أكلت إذا كان لها فلوس ».

وروي: لا يؤكل ما في جوفه لأنه طعمته ».

__________________

الباب ٣٠

١ - كتاب علي بن جعفر المطبوع في البحار ج ١٠ ص ٢٨١، وقرب الإسناد ص ١١٨.

الباب ٣١

١ - المصدر السابق ج ١٠ ص ٢٨١، وقرب الإسناد ص ١١٨.

(١) أثبتناه من البحار.

الباب ٣٢

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

١٥٤

٣٣ -( باب أن ذكاة الجراد أخذه حيا، فلا يحل منه ما مات في الماء، ولا ما مات في الصحراء قبل أخذه، ولا الدباء قبل أن يستقل بالطيران، وأن الجراد والسمك إذا أخذ وشوي حيا لم يحرم أكله)

[١٩٤٤٩] ١ - علي بن جعفر في كتابه: عن أخيه موسىعليهما‌السلام ، قال: سألته عن الجراد يصيده، فيموت بعد ما يصيده أيؤكل؟ قال: لا بأس[١٩٤٥٠] ٢ - وسألته عن الجراد يصيبه ميتا في البحر أو في الصحراء، أيؤكل؟ قال: « لا تأكله ».

[١٩٤٥١] ٣ - وسألته عن الدباء من الجراد هل يحل أكله قال: لا يحل أكله حتى يطير.

وتقدم من دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « الجراد ذكي، وأخذه حيا ذكاته »(١)

[١٩٤٥٢] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وذكاة السمك والجراد أخذه، ولا يؤكل ما يموت في الماء ».

[١٩٤٥٣] ٥ - صحيفة الرضا: بإسناده عن آبائه، عن الحسين بن عليعليهم‌السلام ، قال: « كنا أنا وأخي الحسنعليه‌السلام ، وأخي محمد بن الحنفية، وبنو عمي عبد الله بن عباس وقثم والفضل، على مائدة

__________________

الباب ٣٣

١ - كتاب علي بن جعفر المطبوع في البحار ج ١٠ ص ٢٨٧، وقرب الإسناد ص ١١٧.

٢ - كتاب علي بن جعفر المطبوع في البحار ج ١٠ ص ٢٨٧، وقرب الإسناد ص ١١٧.

٣ - كتاب علي بن جعفر المطبوع في البحار ج ١٠ ص ٢٨٧، وقرب الإسناد ص ١١٧.

(١) تقدم في باب ٢٧ حديث ١ عن دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٤ ح ٤٢٤.

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

٥ - صحيفة الرضاعليه‌السلام ص ٧٩ ح ١٩٤.

١٥٥

نأكل فوقعت جرادة على المائدة، فأخذها عبد الله بن عباس فقال للحسنعليه‌السلام : يا سيدي، ما المكتوب على جناح الجرادة؟ قالعليه‌السلام : سألت أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقال: سألت جدك فقال: على جناح الجراد مكتوب: إني أنا الله لا إله إلا أنا رب الجرادة ورازقها إذا شئت بعثتها لقوم رزقا، وإذا شئت بعثتها على قوم بلاء، فقام عبد الله بن عباس فقبل رأس الحسن بن عليعليهما‌السلام ، ثم قال: هذا والله من مكنون العلم ».

٣٤ -( باب حكم ما يوجد من الجلد واللحم في بلاد المسلمين)

[١٩٤٥٤] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه: أن علياعليهم‌السلام سئل عن سفرة وجدت في الطريق مطروحة، كثير لحمها وخبزها وجنبها وبيضها وفيها سكرة، فقال عليعليه‌السلام : « يقوم ما فيها ثم يؤكل لأنه يفسد، وليس لما فيها بقاء، فإن جاء طالبها غرموا له الثمن، فقالوا: يا أمير المؤمنين: لا نعلم سفرة ذمي ولا سفرة مجوسي، قال: هم في سعة من أكلها ما لم يعلموا حتى يعلموا ».

دعائم الاسلام: عنهعليه‌السلام ، مثله(١) .

[١٩٤٥٥] ٢ - وعن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه ذكر له الجبن الذي يعمله المشركون، ويجعلون فيه الأنفخة(١) من الميتة، ومما لم يذكر اسم الله عليه، قال: « إذا علم ذلك لم يؤكل، وإن كان الجبن مجهولا لا يعلم من عمله، وبيع في سوق المسلمين فكله ».

__________________

الباب ٣٤

١ - الجعفريات ص ٢٧.

(١) دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٦ ح ٤٣٧.

٢ - نفس المصدر ٢ ص ١٢٦ ح ٤٣٧.

(١) الإنفحة محركة: كرش الجدي ما لم يأكل ( مجمع البحرين ج ٢ ص ٤٢٠ ).

١٥٦

٣٥ -( باب أنه يكره أن تعرقب الدابة وإن حرنت في أرض العدو، بل يستحب ذبحها)

[١٩٤٥٦] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا حسرت(١) على أحدكم دابته في سبيل الله، وهم بأرض العدو، يذبحها ولا يعرقبها ».

٣٦ -( باب استحباب ذبح ما يذبح، ونحر ما ينحر، من الحيوانات المأكولة اللحم، واطعامه الناس)

[١٩٤٥٧] ١ - الشيخ المفيد في الإختصاص: وروي: ما من شئ يتقرب به إلى الله جل وعلا، أحب إليه من اطعام، الطعام، وإراقة الدماء.

٣٧ -( باب أنه لا ينبغي أن ينفخ اللحام في اللحم)

[١٩٤٥٨] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، أنه ركب بغلة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الشهباء بالكوفة، فأتى سوقا سوقا، فأتى طاق اللحامين، فقال بأعلى صوته: « يا معشر اللحامين، لا تنخعوا ولا تجعلوا الأنفس حتى تزهق، وإياكم والنفخ(١) ، فإني سمعت

__________________

الباب ٣٥

١ - الجعفريات ص ٨٥.

(١) في الحجرية: أحسمت، وما أثبتناه من المصدر. والحسير من الحيوان المتعب المعى ( النهاية ج ١ ص ٣٨٤ ).

الباب ٣٦

١ - الاختصاص ص ٢٥٣.

الباب ٣٧

١ - الجعفريات ص ٢٣٨.

(١) في المصدر زيادة: في اللحم للبيع.

١٥٧

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ينهى عن ذلك » الخبر.

٣٨ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب الذبائح)

[١٩٤٥٩] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه كره ذبح ذات الجنين، وذات الدر، بغير علة.

[١٩٤٦٠] ٢ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى عن المثلة(١) بالحيوان، وعن صبر البهائم، والصبر: الحبس، ومن حبس شيئا فقد صبره، ومنه قيل: قتل فلان صبرا، إذا أمسك على الموت، فالمصبورة من البهائم هي المجثمة كالدجاجة وغيرها من الحيوان، تربط وتوضع في مكان ثم ترمى حتى تموت.

[١٩٤٦١] ٣ - وعن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « من قتل عصفورا عبثا، أتى الله يوم القيامة وله صراخ، ويقول: يا رب سل هذا فيم قتلني بغير ذبح؟ فليحذر أحدكم من المثلة، وليحد شفرته(١) لا يعذب البهيمة ».

[١٩٤٦٢] ٤ - وعن عليعليه‌السلام ، أنه كتب إلى رفاعة: أن يأمر القصابين أن يحسنوا الذبح، ومن صمم فليعاقبه، وليلق ما ذبح إلى الكلاب.

[١٩٤٦٣] ٥ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه رخص في ذبيحة

__________________

الباب ٣٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٧ ح ٦٣٨.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٥ ح ٦٢٨.

(١) المثلة بضم الميم: قطع أطراف الحيوان وتغيير خلقته، أو نصبه للرمي وهو حي ( النهاية ج ٤ ص ٢٩٤ ).

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٥ ح ٦٢٩.

(١) في المصدر: الشفرة و.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٦ ح ٦٣٤.

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٨ ح ٦٤٤.

١٥٨

الأخرس، إذا عقل التسمية وأشار بها.

[١٩٤٦٤] ٦ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه سئل عن الذبيحة إن ذبحت من القفا، قال: « إن لم يتعمد ذلك فلا بأس، وإن تعمده وهو يعرف سنة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لم تؤكل ذبيحته، ويحسن أدبه ».

[١٩٤٦٥] ٧ - السيد علي خان المدني شارح الصحيفة في الطبقات الرفيعة: في ترجمة الفرزدق الشاعر: كان أبوه غالب من أجلة قومه وسراتهم سيد بادية تميم، وله مناقب مشهورة ومحامد مأثورة، فمن ذلك أنه أصاب أهل الكوفة مجاعة فخرج أكثر الناس إلى البوادي، فكان هو رئيس قومه، وكان سحيم بن وثيل رئيس قومه، فاجتمعوا بمكان يقال له: صوأر(١) في طرف السماوة(٢) من بلاد كلب على مسيرة يوم من الكوفة، فعقر غالب لأهله ناقة وصنع منها طعاما، وأهدى إلى قومه من بني تميم جفانا من ثريد، ووجه إلى سحيم جفنة، فكفأها وضرب الذي أتى بها، وقال: أنا مفتقر إلى طعام غالب، إذا نحر ناقة نحرت أخرى، فوقعت المنافرة ونحر سيم لأهله ناقة، فلما كان من الغد عقر غالب لأهله ناقتين، فعقر سحيم لأهله ناقتين، فلما كان اليوم الثالث نحر غالب ثلاثا، فنحر سحيم ثلاثا، فلما كان اليوم الرابع عقر غالب مائة ناقة، فلم يكن عند سحيم هذا القدر فلم يعقر شيئا وأسرها في نفسه، فلما انقضت المجاعة ودخلت الناس الكوفة، قال بنو رياح لسحيم: جررت علينا عار الدهر، هلا نحرت مثل ما نحر، وكنا نعطيك مكان كل ناقة ناقتين، فاعتذر أن إبله كانت غائبة، وعقر

__________________

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٨٠ ح ٦٥٤.

٧ - الطبقات الرفيعة ص ٥٤١.

(١) صوأر: ماء فوق الكوفة مما يلي الشام، وهو الماء الذي تعاقر عليه غالب بن صعصعة - أبو الفرزدق - وسحيم بن وثيل. ثم ساق القصة قريبا مما في المتن ( معجم البلدان ج ٣ ص ٤٣١ ).

(٢) السماوة: هي البادية بين الكوفة والشام ( معجم البلدان ج ٣ ص ٢٤٥ ).

١٥٩

ثلاثمائة [ ناقة ](٣) ، وقال للناس: شأنكم والأكل، وكان ذلك في خلافة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فاستفتيعليه‌السلام في الأكل منها فقضى بتحريمها، وقال: هذه ذبحت لغير مأكلة، ولم يكن المقصود منها الا المفاخرة والمباهاة فألقيت لحومها على كناسة الكوفة، فأكلتها الكلاب والعقبان والرخم.

[١٩٤٦٦] ٨ - مجموعة الشهيدرحمه‌الله : في مناهي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى عن معاقرة الاعراب، يرويه ابن عباسرضي‌الله‌عنه ، وهي أن يتمارى الرجلان فيعقر هذا عددا من إبله، ويعقر صاحبه، فأيهما كان أكثر عقرا غلب صاحبه.

وأن يقتل شئ من الدواب صبرا، يرويه جابر بن عبد الله، ومعناه أن يحبس الحيوان فيرمى إليه حتى يموت والصبر الحبس.

وعن المجثمة، وهي المصبورة أيضا.

__________________

(٣) أثبتناه من المصدر.

٨ - مجموعة الشهيد: مخطوط.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494