مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٦

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل12%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 494

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 494 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 343675 / تحميل: 4980
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٦

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

ضربة كلها تبضع اللحم وتحدر الدم فهذا من ضرب التعزير وروى شعبة عن واصل عن المعرور بن سويد قال أتى عمر بن الخطاب بامرأة زنت فقال أفسدت حسبها اضربوها ولا تحرقوا عليها جلدها فهذا يدل على أنه كان يرى ضرب الزاني أخف من التعزير* قال أبو بكر قد دل قوله( وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ ) على شدة ضرب الزاني على ما بينا وإنه أشد من ضرب الشارب والقاذف لدلالة الآية على شدة الضرب فيه ولأن ضرب الشارب كان من النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم بالجريد والنعال وضرب الزاني إنما يكون بالسوط وهذا يوجب أن يكون ضرب الزاني أشد من ضرب الشارب وإنما جعلوا ضرب القاذف أخف الضرب لأن القاذف جائز أن يكون صادقا في قذفه وإن له شهودا على ذلك والشهود مندوبون إلى الستر على الزاني فإنما وجب عليه الحد لقعود الشهود عن الشهادة وذلك يوجب تخفيف الضرب. ومن جهة أخرى أن القاذف قد غلظت عليه العقوبة في إبطال شهادته فغير جائز التغليظ عليه من جهة شدة الضرب. فإن قيل روى سفيان بن عيينة قال سمعت سعد بن إبراهيم يقول للزهري إن أهل العراق يقولون إن القاذف لا يضرب ضربا شديدا ولقد حدثني أبى أن أمه أم كلثوم أمرت بشاة فسلخت حين جلد أبو بكرة فألبسته مسكها فهل كان ذلك إلا من ضرب شديد. قيل له هذا لا يدل على شدة الضرب لأنه جائز أن يؤثر في البدن الضرب الخفيف على حسب ما يصادف من رقة البشرة ففعلت ذلك إشفاقا عليه.

باب ما يضرب من أعضاء المحدود

قال الله سبحانه وتعالى( فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ ) ولم يذكر ما يضرب منه ظاهره يقتضى جواز ضرب جميع الأعضاء وقد اختلف السلف وفقهاء الأمصار فيه فروى ابن أبى ليلى عن عدى بن ثابت عن المهاجر بن عميرة عن على رضى الله عنه أنه أتى برجل سكران أو في حد فقال اضرب وأعط كل عضو حقه واتق الوجه والمذاكير وروى سفيان بن عيينة عن أبى عامر عن عدى بن ثابت عن مهاجر بن عميرة عن على رضى الله عنه أنه قال اجتنب رأسه ومذاكيره واعط كل عضو حقه فذكر في هذا الحديث الرأس وفي الحديث الأول الوجه وجائز أن يكون قد استثناهما جميعا وروى عن عمر أنه أمر بالضرب في حد فقال أعط كل عضو حقه ولم يستثن شيئا وروى المسعودي عن

١٠١

القاسم قال أتى أبو بكر برجل انتفى من ابنه فقال أبو بكر اضرب الرأس فإن الشيطان في الرأس وقد روى عن عمر أنه ضرب صبيغ بن عسيل على رأسه حين سأل عن الذاريات ذروا على وجه التعنت وروى عن ابن عمر أنه لا يصيب الرأس وقال أبو حنيفة ومحمد يضرب في الحدود الأعضاء كلها إلا الفرج والرأس والوجه وقال أبو يوسف يضرب الرأس أيضا وذكر الطحاوي عن أحمد بن أبى عمران عن أصحاب أبى يوسف أن الذي يضرب به الرأس من الحد سوط واحد وقال مالك لا يضرب إلا في الظهر وذكر ابن سماعة عن محمد في التعزير أنه يضرب الظهر بغير خلاف وفي الحدود يضرب الأعضاء إلا ما ذكرنا وقال الحسن بن صالح يضرب في الحد والتعزير الأعضاء كلها ولا يضرب الوجه ولا المذاكير وقال الشافعى يتقى الوجه والفرج قال أبو بكر اتفق الجميع على ترك ضرب الوجه والفرج وروى عن على استثناء الرأس أيضا وقد روى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه وإذا لم يضرب الوجه فالرأس مثله لأن الشين الذي يلحق الرأس بتأثير الضرب كالذي يلحق الوجه وإنما أمر باجتناب الوجه لهذه العلة ولئلا يلحقه أثر يشينه أكثر مما هو مستحق بالفعل الموجب للحد والدليل على أن ما يلحق الرأس من ذلك هو كما يلحق الوجه أن الموضحة وسائر الشجاج حكمها في الرأس والوجه سواء وفارقا سائر البدن من هذا الوجه لأن الموضحة فيما سوى الرأس والوجه إنما تجب فيه حكومة ولا يجب فيها أرش الموضحة الواقعة في الرأس والوجه فوجب من أجل ذلك استواء حكم الرأس والوجه في اجتناب ضربهما ووجه آخر وهو أنه ممنوع من ضرب الوجه لما يخاف فيه من الجناية على البصر وذلك موجود في الرأس لأن ضرب الرأس يظلم منه البصر وربما حدث الماء في العين وربما حدث منه أيضا اختلاط في العقل فهذه الوجوه كلها تمنع ضرب الرأس وأما اجتناب الفرج فمتفق عليه وهو أيضا مقتل فلا يؤمن أن يحدث أكثر مما هو مستحق بالفعل وقال أبو حنيفة وأصحابه والليث والشافعى الضرب في الحدود كلها وفي التعزير مجردا قائما غير ممدود إلا حد القذف فإنه يضرب وعليه ثيابه وينزع عنه الحشو والفرو وقال بشر بن الوليد عن أبى يوسف عن أبى حنيفة يضرب التعزير في إزار ولا يفرق في التعزير خاصة في الأعضاء وقال أبو يوسف ضرب ابن أبى ليلى المرأة القاذفة قائمة فخطأه أبو حنيفة وقال الثوري لا يجرد الرجل ولا

١٠٢

يمد وتضرب المرأة قاعدة والرجل قائما قال أبو بكر في حديث رجم النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم اليهوديين قال رأيت الرجل يحنى على المرأة يقيها الحجارة وهذا يدل على أن الرجل كان قائما والمرأة قاعدة وروى عاصم الأحول عن أبى عثمان النهدي قال أتى عمر بسوط فيه شدة فقال أريد ألين من هذا فأتى بسوط فيه لين فقال أريد أشد من هذا فأتى بسوط بين السوطين فقال اضرب ولا يرى إبطك واعط كل عضو حقه وعن ابن مسعود أنه ضرب رجلا حدا فدعا بسوط فأمر فدق بين حجرين حتى لان ثم قال اضرب ولا تخرج إبطك واعط كل عضو حقه وعن على أنه قال للجلاد اعط كل عضو حقه وروى حنظلة السدوسي عن أنس بن مالك قال كان يؤمر بالسوط فتقطع ثمرته ثم يدق بين حجرين ثم يضرب به وذلك في زمن عمر بن الخطاب وروى عن أبى هريرة أنه جلد رجلا قائما في القذف قال أبو بكر هذه الأخبار تدل على معاني منها اتفاقهم على أن ضرب الحدود بالسوط ومنها أنه يضرب قائما إذ لا يمكن إعطاء كل عضو حقه إلا وهو قائم ومنها أنه يضرب بسوط بين سوطين وإنما قالوا أنه يضرب مجردا ليصل الألم إليه ويضرب القاذف وعليه ثيابه لأن ضربه أخف وإنما قالوا لا يمد لأن فيه زيادة في الإيلام غير مستحق بالفعل ولا هو من الحد وروى يزيد بن هارون عن الحجاج عن الوليد بن مالك أن أبا عبيدة بن الجراح أتى برجل في حد فذهب الرجل ينزع قميصه وقال ما ينبغي لجسدى هذا المذنب أن يضرب وعليه قميص فقال أبو عبيدة لا تدعوه ينزع قميصه فضربه عليه وروى ليث عن مجاهد ومغيرة عن إبراهيم قالا يجلد القاذف وعليه ثيابه وعن الحسن قال إذا قذف الرجل في الشتاء لم يلبس ثياب الصيف ولكن يضرب في ثيابه التي قذف فيها إلا أن يكون عليه فرو أو حشو يمنعه من أن يجد وجع الضرب فينزع ذلك عنه وقال مطرف عن الشعبي مثل ذلك وروى شعبة عن عدى بن ثابت عمن شهد عليا رضى الله عنه أنه أقام على رجل الحد فضربه على قبا أو قرطق ومذهب أصحابنا موافق لما روى عن السلف في هذه الأخبار ويدل على صحته أن من عليه حشو أو فرو فلم يصل الألم أن الفاعل لذلك غير ضارب في العادة ألا ترى أنه لو حلف أن يضرب فلانا فضربه وعليه حشو أو فرو فلم يصل إليه الألم إنه لا يكون ضاربا ولم يبر في يمينه ولو وصل إليه الألم كان ضاربا.

١٠٣

في إقامة الحدود في المسجد

قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد والشافعى لا تقام الحدود في المساجد وهو قول الحسن بن صالح قال أبو يوسف وأقام ابن أبى ليلى حدا في المسجد فخطأه أبو حنيفة وقال مالك لا بأس بالتأديب في المسجد خمسة أسواط ونحوها وأما الضرب الموجع والحد فلا يقام في المسجد قال أبو بكر روى إسماعيل بن مسلم المكي عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لا تقام الحدود في المساجد ولا يقتل بالولد الوالد وروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم ورفع أصواتكم وشراكم وبيعكم وإقامة حدودكم وجمروها في جمعكم وضعوا على أبوابها المطاهر ومن جهة النظر أنه لا يؤمن أن يكون من المحدود بالمسجد من خروج النجاسة ما سبيله أن ينزه المسجد عنه.

في الذي يعمل عمل قوم لوط

قال أبو حنيفة يعزر ولا يحد وقال مالك والليث يرجمان أحصنا أو لم يحصنا وقال عثمان البتى والحسن بن صالح وأبو يوسف ومحمد والشافعى هو بمنزلة الزنا وهو قول الحسن وإبراهيم وعطاء قال أبو بكر قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث زنا بعد إحصان وكفر بعد إيمان وقتل نفس بغير نفس فحصرصلى‌الله‌عليه‌وسلم قتل المسلم إلا بإحدى هذه الثلاث وفاعل ذلك خارج عن ذلك لأنه لا يسمى زنا فإن احتجوا بما روى عاصم بن عمرو عن سهيل بن صالح عن أبيه عن أبى هريرة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال الذي يعمل عمل قوم لوط فارجموا الأعلى والأسفل وارجموهما جميعا وبما روى الدراوردى عن عمر وبن أبى عمر وعن عكرمة عن ابن عباس أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به قيل له عاصم بن عمرو وعمرو بن أبى عمرو ضعيفان لا تقوم بروايتهما حجة ولا يجوز بهما إثبات حد وجائز أن يكون لو ثبت إذا فعلاه مستحلين له وكذلك نقول فيمن استحل ذلك أنه يستحق القتل وقوله فاقتلوا الفاعل والمفعول به يدل على أنه ليس بحد وأنه بمنزلة قوله من بدل دينه فاقتلوه لأن حد فاعل ذلك ليس هو قتلا على الإطلاق وإنما هو الرجم عند من جعله كالزنا إذا كان محصنا

١٠٤

وعند من لا يجعله بمنزلة الزنا ممن يوجب قتله فإنما يقتله رجما فقتله على الإطلاق ليس هو قولا لأحد ولو كان بمنزلة الزنا لفرق فيه بين المحصن وغير المحصن وفي تركهصلى‌الله‌عليه‌وسلم الفرق بينهما دليل على أنه لم يوجبه على وجه الحد.

في الذي يأتى البهيمة

قال أبو حنيفة وأبو يوسف وزفر ومحمد ومالك وعثمان البتى لا حد عليه ويعزر وروى مثله عن بن عمر وقال الأوزاعى عليه الحد قال أبو بكر قولهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث زنا بعد إحصان وكفر بعد إيمان وقتل نفس بغير نفس ينفى قتل فاعل ذلك إذ ليس ذلك بزنا في اللغة ولا يجوز إثبات الحدود إلا من طريق التوقيف أو الاتفاق وذلك معدوم في مسألتنا ولا يجوز إثباته من طريق المقاييس وقد روى عمر وبن أبى عمر وعن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم من وجدتموه على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة وعمر وهذا ضعيف لا نثبت به حجة ومع ذلك فقد روى شعبة وسفيان وأبو عوانة عن عاصم عن أبى رزين عن ابن عباس فيمن أتى بهيمة إنه لا حد عليه وكذلك رواه إسرائيل وأبو بكر بن عياش وأبو الأحوص وشريك وكلهم عن عاصم عن أبى رزين عن ابن عباس مثله ولو كان حديث عمر وبن أبى عمرو ثابتا لما خالفه ابن عباس وهو رواية إلى غيره وإن صح الخبر كان محمولا على من استحله.

(فصل) قال أبو بكر وقد أنكرت طائفة شاذة لا تعد خلافا الرجم وهم الخوارج

وقد ثبت الرجم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم بفعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم وبنقل الكافة والخبر الشائع المستفيض الذي لا مساغ للشك فيه وأجمعت الأمة عليه فروى الرجم أبو بكر وعمر وعلى وجابر ابن عبد الله وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة وبريدة الأسلمى وزيد بن خالد في آخرين من الصحابة وخطب عمر فقال لو لا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لأثبته في بعض المصحف وبعض هؤلاء الرواة يروى خبر رجم ماعز وبعضهم خبر الجهينية والغامدية وخبر ماعز يشتمل على أحكام منها إنه ردده ثلاث مرات ثم لما أقر الرابعة سأل عن صحة عقله فقال هل به جنة فقالوا لا وإنه استنهكه ثم قال له لعلك لمست لعلك قبلت فلما أبى إلا التصميم على الإقرار بصريح الزنا سأل عن إحصانه ثم لما هرب حين أدركته الحجارة قال هلا تركتموه وفي ترديده ثلاث مرات ثم المسألة عن عقله بعد

١٠٥

الرابعة دلالة على أن الحد لا يجب إلا بعد إقراره أربعا لأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب فلو كان الحد واجبا بإقراره مرة واحدة لسأل عنه في أول إقراره ومسألته جيرانه وأهله عن عقله يدل على أن على الإمام الاستثبات والاحتياطيات في الحد ومسألته عن الزنا كيف هو وما هو وقوله لعلك لمست لعلك قبلت يفيد حكمين أحدهما أنه لا يقصر على إقراره بالزنا دون استثباته في معنى الزنا حتى يبينه بصفة لا يختلف فيه أنه زنا وقوله لعلك لمست لعلك قبلت تلقين له الرجوع عن الزنا وأنه إنما أراد اللمس كما روى أنه للسارق ما أخاله سرق ونظيره ما روى عن عمر أنه جيء بامرأة حبلى بالموسم وهي تبكى فقالوا زنت فقال عمر ما يبكيك فإن المرأة ربما استكرهت على نفسها يلقنها ذلك فأخبرت أن رجل ركبها وهي نائمة فقال عمر لو قتلت هذه لخشيت أن تدخل ما بين هذين الأخشبين النار فخلى سبيلها وروى أن عليا قال لشراحة حين أقرت عنده بالزنا لعلك عصيت نفسك قالت أتيت طائعة غير مكرهة فرجمها وقولهصلى‌الله‌عليه‌وسلم هلا تركتموه يدل على جواز رجوعه عن إقراره لأنه لما امتنع مما بذل نفسه له بديا قال هلا تركتموه ولما لم يجلده دل على أن الرجم والجلد لا يجتمعان قوله تعالى( وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) وروى ابن أبى نجيح عن مجاهد قال الطائفة الرجل إلى الألف وقرأ( وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ) وقال عطاء رجلان فصاعدا وقال الحسن وأبو بريدة الطائفة عشرة وقال محمد بن كعب القرظي في قوله( إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ ) قال كان رجلا وقال الزهري( وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ ) ثلاثة فصاعدا وقال قتادة ليكون عظة وعبرة لهم وحكى عن مالك والليث أربعة لأن الشهود أربعة قال أبو بكر يشبه أن المعنى في حضور الطائفة ما قاله قتادة أنه عظة وعبرة لهم فيكون زجرا له عن العود إلى مثله وردعا لغيره عن إتيان مثله والأولى أن تكون الطائفة جماعة يستفيض الخير بها ويشيع فيرتدع الناس عن مثله لأن الحدود موضوعة للزجر والردع وبالله التوفيق.

باب تزويج الزانية

قال الله تعالى( الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) قال أبو بكر روى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن

١٠٦

جده قال كان رجل يقال له مرثد بن أبى مرثد وكان يحمل الأسرى من مكة حتى يأتى بهم المدينة وكان بمكة بغى يقال لها عناق وكانت صديقة له وكان وعد رجلا أن يحمله من أسرى مكة وإن عناقا رأته فقالت له أقم الليلة عندي قال يا عناق قد حرم الله الزنا فقالت يا أهل الخباء هذا الذي يحمل أسراكم فلما قدمت المدينة أتيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقلت يا رسول الله أتزوج عناق فلم يرد على حتى نزلت هذه الآية( الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ) فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لا تنكحها فبين عمر وبن شعيب في هذا الحديث أن الآية نزلت في الزانية المشركة أنها لا ينكحها إلا زان أو مشرك وإن تزوج المسلم المشركة زنا إذ كانت لا تحل له وقد اختلف السلف في تأويل الآية وحكمها فحدثنا جعفر بن محمد الواسطي قال حدثنا جعفر بن محمد بن اليمان قال حدثنا أبو عبيد قال حدثنا يحيى بن سعيد ويزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد الأنصارى عن سعيد بن المسيب في قوله تعالى( الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ) قد نسختها الآية التي بعدها( وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ ) قال كان يقال هي من أيامى المسلمين فأخبر سعيد بن المسيب أن الآية منسوخة قال أبو عبيد وحدثنا حجاج عن ابن جريج عن مجاهد في قوله( الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ) قال كان رجال يريدون الزنا بنساء زوان بغايا معلنات كن كذلك في الجاهلية فقيل لهم هذا حرام فأرادوا نكاحهن فذكر مجاهد أن ذلك كان في نساء مخصوصات على الوصف الذي ذكرنا وروى عن عبد الله بن عمر في قوله( الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ) إنه نزل في رجل تزوج امرأة بغية على أن تنفق عليه فأخبر عبد الله بن عمر أن النهى خرج على هذا الوجه وهو أن يزوجها على أن يخليها والزنا وروى حبيب بن أبى عمرة عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال يعنى بالنكاح جماعها وروى ابن شبرمة عن عكرمة( الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ) قال لا يزنى حين يزنى إلا بزانية مثله وقال شعبة مولى ابن عباس عن ابن عباس بغاياكن في الجاهلية يجعلن على أبوابهن رايات كرايات البياطرة يأتيهن ناس يعرفن بذلك وروى مغيرة عن إبراهيم النخعي( الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً ) يعنى به الجماع حين يزنى وعن عروة بن الزبير مثله قال أبو بكر فذهب هؤلاء إلى أن معنى الآية الإخبار باشتراكهما في الزنا وأن المرأة كالرجل في ذلك فإذا كان الرجل زانيا فالمرأة مثله إذا طاوعته وإذا زنت المرأة فالرجل مثلها فحكم تعالى في ذلك بمساواتهما في

١٠٧

الزنا ويفيد ذلك مساواتهما في استحقاق الحد وعقاب الآخرة وقطع الموالاة وما جرى مجرى ذلك وروى فيه قول آخر وهو ما روى عاصم الأحول عن الحسن في هذه الآية قال المحدود لا يتزوج إلا محدودة واختلف السلف في تزويج الزانية فروى عن أبى بكر وعمر وابن عباس وابن مسعود وابن عمر ومجاهد وسليمان بن يسار وسعيد بن جبير في آخرين من التابعين أن من زنى بامرأة أو زنى بها غيره فجائز له أن يتزوجها وروى عن على وعائشة والبراء وإحدى الروايتين عن ابن مسعود أنهما لا يزالان زانيين ما اجتمعا وعن على إذا زنى الرجل فرق بينه وبين امرأته وكذلك هي إذا زنت قال أبو بكر فمن حظر نكاح الزانية تأول فيه هذه الآية وفقهاء الأمصار متفقون على جواز النكاح وأن الزنا لا يوجب تحريمها على الزوج ولا يوجب الفرقة بينهما ولا يخلو قوله تعالى( الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً ) من أحد وجهين إما أن يكون خبرا وذلك حقيقته أو نهيا وتحريما ثم لا يخلو من أن يكون المراد بذكر النكاح هنا الوطء أو العقد وممتنع أن يحمل على معنى الخبر وإن كان ذلك حقيقة اللفظ لأنا وجدنا زانيا يتزوج غير زانية وزانية تتزوج غير الزاني فعلمنا أنه لم يرد مورد الخبر فثبت أنه أراد الحكم والنهى فإذا كان كذلك فليس يخلو من أن يكون المراد الوطء والعقد وحقيقة النكاح هو الوطء في اللغة لما قد بيناه في مواضع فوجب أن يكون محمولا عليه على ما روى عن ابن عباس ومن تابعه في أن المراد الجماع ولا يصرف إلى العقد إلا بدلالة لأنه مجاز ولأنه إذا ثبت أنه قد أريد به الحقيقة انتفى دخول المجاز فيه وأيضا فلو كان المراد العقد لم يكن زنا المرأة أو الرجل موجبا للفرقة إذ كانا جميعا موصوفين بأنهما زانيان لأن الآية قد اقتضت إباحة نكاح الزاني للزانية فكان يجب أن يجوز للمرأة أن تتزوج الذي زنى بها قبل أن يتوبا وأن لا يكون زناهما حال في الزوجية يوجب الفرقة ولا نعلم أحدا يقول ذلك وكان يجب أن يجوز للزاني أن يتزوج مشركة وللمرأة الزانية أن تتزوج مشركا ولا خلاف في أن ذلك غير جائز وأن نكاح المشركات وتزويج المشركين محرم منسوخ فدل ذلك على أحد المعنيين إما أن يكون المراد الجماع على ما روى عن ابن عباس ومن تابعه أو أن يكون حكم الآية منسوخا على ما روى عن سعيد بن المسيب ومن الناس من يحتج في أن الزنا لا يبطل النكاح بما روى هارون بن رئاب عن عبيد الله بن عبيد ويرويه عبد الكريم الجزري عن أبى

١٠٨

الزبير وكلاهما يرسله أن رجلا قال للنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم إن امرأتى لا تمنع يد لامس فأمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم بالاستمتاع منها فيحمل ذلك على أنها لا تمنع أحد ممن يريدها على الزنا وقد أنكر أهل العلم هذا التأويل قالوا لو صح هذا الحديث كان معناه أن الرجل وصف امرأته بالخرق وضعف الرأى وتضييع ماله فهي لا تمنعه من طالب ولا تحفظه من سارق قالوا وهذا أولى لأنه حقيقة اللفظ وحمله على الوطء كناية ومجاز وحمله على ما ذكرنا أولى وأشبه بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم كما قال على وعبد الله إذا جاءكم الحديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فظنوا به الذي هو أهدى والذي هو أهنأ والذي هو أتقى فإن قيل قال الله تعالى( أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ ) فجعل الجماع لمسا قيل له إن الرجل لم يقل للنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم إنها لا تمنع لامسا وإنما قال يد لامس ولم يقل فرج لامس وقال الله تعالى( وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ ) ومعلوم أن المراد حقيقة اللمس باليد وقال جريج الخطفى يعاتب قوما :

ألستم لئاما إذ ترومون جارهم

ولولاهمو لم تمنعوا كف لامس

ومعلوم أنه لم يرد به الوطء وإنما أراد إنكم لا تدفعون عن أنفسكم الضيم ومنع أموالكم هؤلاء القوم فكيف ترومون جارهم بالظلم ومن الناس من يقول إن تزويج الزانية وإمساكها على النكاح محظور منهى عنه مادامت مقيمة على الزنا وإن لم يؤثر ذلك في إفساد النكاح لأن الله تعالى إنما أباح نكاح المحصنات من المؤمنات ومن أهل الكتاب بقوله( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ) يعنى العفائف منهن ولأنها إذا كانت كذلك لا يؤمن أن تأتى بولد من الزنا فتلحقه به وتورثه ماله وإنما يحمل قول من رخص في ذلك على أنها تائبة غير مقيمة على الزنا ومن الدليل على أن زناها لا يوجب الفرقة أن الله تعالى حكم في القاذف لزوجته باللعان ثم بالتفريق بينهما فلو كان وجود الزنا منها يوجب الفرقة لوجب إيقاع الفرقة بقذفه إياها لا عترافه بما يوجب الفرقة ألا ترى أنه لو أقر أنها أخته من الرضاعة أو أن أباه قد كان وطئها لوقعت الفرقة بهذا القول فإن قيل لما حكم الله تعالى بإيقاع الفرقة بعد اللعان دل ذلك على أن الزنا يوجب التحريم لولا ذلك لما وجبت الفرقة باللعان قيل له لو كان كما ذكرت لوجبت الفرقة بنفس القذف دون اللعان فلما لم تقع بالقذف دل على فساد ما ذكرت فإن قيل إنما وقعت الفرقة باللعان لأنه صار بمنزلة الشهادة عليها بالزنا فلما حكم عليها بذلك حكم بوقوع الفرقة لأجل

١٠٩

الزنا قيل له وهذا غلط أيضا لأن شهادة الزوج وحده عليها بالزنا لا توجب كونها زانية كما أن شهادتها عليه بالإكذاب لا توجب عليه الحكم بالكذب في قذفه إياها إذ ليست إحدى الشهادتين بأولى من الأخرى ولو كان الزوج محكوما له بقبول شهادته عليها بالزنا لوجب أن تحد حد الزنا فلما لم تحد بذلك دل على أنه غير محكوم عليها بالزنا بقول الزوج والله أعلم بالصواب.

باب حد القذف

قال الله تعالى( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً ) قال أبو بكر الإحصان على ضربين أحدهما ما يتعلق به وجوب الرجم على الزاني وهو أن يكون حرا بالغا عاقلا مسلما قد تزوج امرأة نكاحا صحيحا ودخل بها وهما كذلك والآخر الإحصان الذي يوجب الحد على قاذفه وهو أن يكون حرا بالغا عاقلا مسلما عفيفا ولا نعلم خلافا بين الفقهاء في هذا المعنى قال أبو بكر قد خص الله تعالى المحصنات بالذكر ولا خلاف بين المسلمين أن المحصنين مرادون بالآية وأن الحد واجب على قاذف الرجل المحصن كوجوبه على قاذف المحصنة واتفق الفقهاء على أن قوله( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ) قد أريد به الرمي بالزنا وإن كان في فحوى اللفظ دلالة عليه من غير نص وذلك لأنه لما ذكر المحصنات وهن العفائف دل على أن المراد بالرمي رميها بضد العفاف وهو الزنا ووجه آخر من دلالة فحوى اللفظ وهو قوله تعالى( ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ ) يعنى على صحة ما رموه به ومعلوم أن هذا العدد من الشهود إنما هو مشروط في الزنا فدل على أن قوله( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ) معناه يرمونهن بالزنا ويدل ذلك على معنى آخر وهو أن القذف الذي يجب به الحد إنما هو القذف بصريح الزنا وهو الذي إذا جاء بالشهود عليه حد المشهود عليه ولو لا ما في فحوى اللفظ من الدلالة عليه لم يكن ذكر الرمي مخصوصا بالزنا دون غيره من الأمور التي يقع الرمي بها إذ قد يرميها بسرقة وشرب خمر وكفر وسائر الأفعال المحظورة ولم يكن اللفظ حينئذ مكتفيا بنفسه في إيجاب حكمه بل كان يكون مجملا موقوف الحكم على البيان إلا أنه كيفما تصرفت الحال فقد حصل الاتفاق على أن الرمي بالزنا مراد ولما كان كذلك صار بمنزلة قوله والذين يرمون المحصنات بالزنا إذ حصول الإجماع على أن الزنا مراد بمنزلة ذكره في اللفظ فوجب بذلك أن يكون وجوب حد القذف مقصورا

١١٠

بالزنا دون غيره وقد اختلف السلف والفقهاء في التعريض بالزنا فقال أبو حنيفة وأبو يوسف وزفر ومحمد بن شبرمة والثوري والحسن بن صالح والشافعى لا حد في التعريض بالقذف وقال مالك عليه فيه الحد وروى الأوزاعى عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال كان عمر يضرب الحد في التعريض وروى ابن وهب عن مالك عن أبى الرحال عن أمه عمرة أن رجلين استبا في زمن عمر بن الخطاب رضى الله عنه فقال أحدهما للآخر والله ما أبى بزان ولا أمى بزانية فاستشار في ذلك عمر الناس فقال قائل مدح أباه وأمه وقال آخرون قد كان لأبيه وأمه مدح غير هذا نرى أن يجلد الحد فجلده عمر الحد ثمانين ومعلوم أن عمر لم يشاور في ذلك إلا الصحابة الذين إذا خالفوا قبل خلافهم فثبت بذلك حصول الخلاف بين السلف ثم لما ثبت أن المراد بقوله( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ) هو الرمي بالزنا لم يجز لنا إيجاب الحد على غيره إذ لا سبيل إلى إثبات الحدود من طريق المقاييس وإنما طريقها الاتفاق أو التوقيف وذلك معدوم في التعريض مشاورة عمر الصحابة في حكم التعريض دلالة على أنه لم يكن عندهم فيه توقيف وأنه قال اجتهادا ورأيا وأيضا فإن التعريض بمنزلة الكناية المحتملة للمعاني وغير جائز إيجاب الحد بالاحتمال لوجهين أحدهما أن الأصل أن القائل برىء الظهر من الجلد فلا نجلده بالشك والمحتمل مشكوك فيه ألا ترى أن يزيد بن ركانة لما طلق امرأته البتة استحلفه النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ما أردت إلا واحدة فلم يلزمه الثلاث بالاحتمال ولذلك قال الفقهاء في كنايات الطلاق أنها لا تجعل طلاقا إلا بدلالة والوجه الآخر ما روى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال أدرءوا الحدود بالشبهات وأقل أحوال التعريض حين كان محتملا للقذف وغيره أن يكون شبهة في سقوطه وأيضا قد فرق الله تعالى بين التعريض بالنكاح في العدة وبين التصريح فقال( وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا ) يعنى نكاحا فجعل التعريض بمنزلة الإضمار في النفس فوجب أن يكون كذلك حكم التعريض بالقذف والمعنى الجامع بينهما أن التعريض لما كان فيه احتمال كان في حكم الضمير لوجود الاحتمال فيه واختلف الفقهاء في حد العبد في القذف فقال أبو حنيفة وأبو يوسف وزفر ومحمد ومالك وعثمان البتى والثوري والشافعى إذا قذف العبد حرا فعليه أربعون جلدة وقال الأوزاعي يجلد ثمانين وروى الثوري عن جعفر بن محمد

١١١

عن أبيه أن عليا قال يجلد العبد في الفرية أربعين وروى الثوري عن ابن ذكوان عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال أدركت أبا بكر وعمر وعثمان ومن بعدهم من الخلفاء فلم أرهم يضربون المملوك في القذف الأربعين قال أبو بكر وهو مذهب ابن عباس وسالم وسعيد بن المسيب وعطاء وروى ليث بن أبى سليم عن القاسم بن عبد الرحمن أن عبد الله بن مسعود قال في عبد قذف حرا أنه يجلد ثمانين وقال أبو الزناد جلد عمر بن عبد العزيز عبدا في الفرية ثمانين ولم يختلفوا في أن حد العبد في الزنا خمسون على النصف من حد الحر لأجل الرق وقال الله تعالى( فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ ) فنص على حد الأمة وأنه نصف حد الحرة واتفق الجميع على أن العبد بمنزلتها لوجود الرق فيه كذلك يجب أن يكون حده في القذف على النصف من حد الحر لوجود الرق فيه واختلفوا في قاذف المجنون والصبى فقال أبو حنيفة وأصحابه والحسن بن صالح والشافعى لاحد على قاذف المجنون والصبى وقال مالك لا يحد قاذف الصبى وإن كان مثله يجامع إذا لم يبلغ ويحد قاذف الصبية إذا كان مثلها تجامع وإن لم تحصن ويحد قاذف المجنون وقال الليث يحد قاذف المجنون قال أبو بكر المجنون والصبى والصبية لا يقع من واحد منهم زنا لأن الوطء منهم لا يكون زنا إذ كان الزنا فعلا مذموما يستحق عليه العقاب وهؤلاء لا يستحقون العقاب على أفعالهم فقاذفهم بمنزلة قاذف المجنون لوقوع العلم بكذب القاذف ولأنهم لا يلحقهم شين بذلك الفعل لو وقع منهم فكذلك لا يشينهم قذف القاذف لهم بذلك ومن جهة أخرى أن المطالبة بالحد إلى المقذوف لا تجوز ولا يجوز أن يقوم غيره مقامه فيه ألا ترى أن الوكالة غير مقبولة فيه وإذا كان كذلك لم تجب المطالبة لأحد وقت القذف فلم يجب الحد لأن الحد إذا وجب فإنما يجب بالقذف لا غير فإن قيل فللرجل أن يأخذ بحد أبيه إذا قذف وهو ميت فقد جاز أن يطالب عن الغير بحد القذف قيل له إنما يطالب عن نفسه لما حصل به من القدح في نسبه ولا يطالب عن الأب وأيضا لما اتفقوا على أن قاذف الصبى لا بحد كان كذلك قاذف الصبية لأنهما جميعا من غير أهل التكليف ولا يصح وقوع الزنا منهما فكذلك المجنون لهذه العلة واختلفوا فيمن قذف جماعة فقال أبو حنيفة وابو يوسف وزفر ومحمد ومالك والثوري والليث إذا قذفهم بقول واحد فعليه حد واحد وقال ابن أبى ليلى إذا قال لهم يا زناة فعليه حد واحد وإن قال لكل

١١٢

إنسان يا زاني فلكل إنسان حد وهو قول الشعبي وقال عثمان البتى إذا قذف جماعة فعليه لكل واحد حد وإن قال لرجل زنيت بفلانة فعليه حد واحد لأن عمر ضرب أبا بكرة وأصحابه حدا واحدا ولم يحدهم للمرأة وقال الأوزاعى إذا قال يا زاني ابن زان فعليه حدان وإن قال لجماعة إنكم زناة فحد واحد وقال الحسن بن صالح إذا قال من كان داخل هذه الدار فهو زان ضرب لمن كان داخلها إذا عرفوا وقال الشافعى فيما حكاه المزني عنه إذا قذف جماعة بكلمة واحدة فلكل واحد حد وإن قال لرجل واحد يا ابن الزانيين فعليه حدان وقال في أحكام القرآن إذا قذف امرأته برجل لاعن ولم يحد للرجل قال أبو بكر قال الله تعالى( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً ) ومعلوم أن مراده جلد كل واحد من القاذفين ثمانين جلدة فكان تقدير الآية ومن رمى محصنا فعليه ثمانون جلدة وهذا يقتضى أن قاذف جماعة من المحصنات لا يجلد أكثر من ثمانين ومن أوجب على قاذف جماعة المحصنات أكثر من حد واحد فهو مخالف لحكم الآية ويدل عليه من جهة السنة ما حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا محمد ابن بشار قال حدثنا ابن أبى عدى قال انبأنا هشام بن حسان قال حدثني عكرمة عن هلال ابن أمية قذف امرأته عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم بشريك بن سمحاء فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم البينة أوحد في ظهرك فقال يا رسول الله إذا رأى أحدنا رجلا على امرأته يلتمس البينة فجعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول البينة وإلا فحد في ظهرك فقال هلال والذي بعثك بالحق إنى لصادق ولينزلن الله في أمرى ما يبرئ ظهري من الحد فنزلت( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ ) وذكر الحديث وروى محمد بن كثير قال حدثنا مخلد بن الحسين عن هشام عن ابن سيرين عن أنس أن هلال بن أمية قذف شريك بن سمحاء بامرأته فرفع ذلك إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال ائت بأربعة شهداء وإلا فحد في ظهرك قال ذلك مرارا فنزلت آية اللعان قال أبو بكر قد ثبت بهذا الخبر أن قوله تعالى( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ) الآية كان حكما عاما في الزوجات كهو في الأجنبيات لقولهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لهلال بن أمية ائت بأربعة شهداء وإلا فحد في ظهرك ولأن عموم الآية قد اقتضى ذلك ثم لم يوجب النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم على هلال إلا حدا واحدا مع قذفه لامرأته ولشريك بن سمحاء إلى أن نزلت آية اللعان فأقيم اللعان في الزوجات مقام الحد في الأجنبيات ولم ينسخ موجب الخبر من وجوب الاقتصاد على حد واحد إذا قذف

«8 ـ احكام مس»

١١٣

جماعة فثبت بذلك أنه لا يجب على قاذف الجماعة إلا حد واحد ويدل عليه من جهة النظر أن سائر ما يوجب الحد إذا وجد منه مرارا لا يوجب إلا حدا واحدا كمن زنى مرارا أو سرق مرارا أو شرب مرارا لم يحد إلا حدا واحدا فكان اجتماع هذه الحدود التي هي من جنس واحد موجبا لسقوط بعضها والاقتصار على واحد منها والمعنى الجامع بينهما أنها حد وإن شئت قلت إنما يسقط بالشبهة فإن قيل حد القذف حق لآدمى فإذا قذف جماعة وجب أن يكون لكل واحد منهم استيفاء حده على حياله والدليل على أنه حق لآدمى أنه لا يحد إلا بمطالبة المقذوف قيل له الحد هو حق لله تعالى كسائر الحدود في الزنا والسرقة وشرب الخمر وإنما المطالبة به حق لآدمى لا الحد نفسه وليس كونه موقوفا على مطالبة الآدمي مما يوجب أن يكون الحد نفسه حقا لآدمى ألا ترى أن حد السرقة لا يثبت إلا بمطالبة الآدمي ولم يوجب ذلك أن يكون القطع حقا للآدمي فكذلك حد القذف ولذلك لا يجيز أصحابنا العفو عنه ولا يورث ويدل على أنه حق لله تعالى اتفاق الجميع على أن العبد يجلد في القذف أربعين ولو كان حقا لآدمى لما اختلف الحر والعبد فيه إذ كان الجلد مما ينتصف ألا ترى أن العبد والحر يستويان فيما يثبت عليهما من الجنايات على الآدميين فإذا قتل العبد ثبت الدم في عنقه فإذا كان عمدا قتل وإن كان خطأ كانت الدية في رقبته كما لو قتله حر وجبت الدية فلو كان حد القذف حقا لآدمى لما اختلف مع إمكان تنصيفه الحر العبد وكذلك العبد والحر لا يختلفان في استهلاك الأموال إذ ما يثبت على الحر فمثله يثبت على العبد وقد اختلف في إقامة حد القذف من غير مطالبة المقذوف فقال أبو حنيفة وأبو يوسف وزفر ومحمد والأوزاعى والشافعى لا يحد إلا بمطالبة المقذوف وقال ابن أبى ليلى يحده الإمام وإن لم يطالب المقذوف وقال مالك لا يحده الإمام حتى يطالب المقذوف إلا أن يكون الإمام سمعه يقذف فيحده إذا كان مع الإمام شهود عدول قال أبو بكر حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا سليمان بن داود المهري قال أخبرنا ابن وهب قال سمعت ابن جريج يحدث عن عمر وبن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمر وبن العاص أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب فثبت بذلك أن ما بلغ النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم من حد لم يكن يهمله ولا يقيمه فلما قال لهلال بن أمية حين قذف امرأته بشريك بن سمحاء ائتني بأربعة يشهدون وإلا

١١٤

فحد في ظهرك ولم يحضر شهودا ولم يحده حين لم يطالب المقذوف بالحد دل ذلك على أن حد القذف لا يقام إلا بمطالبة المقذوف ويدل عليه أيضا ما روى في حديث زيد بن خالد وأبى هريرة في قصة العسيف وإن أبا الزاني قال إن ابني زنى بامرأة هذا فلم يحده النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم بقذفها وقال اغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها ولما كان حد القذف واجبا لما انتهك من عرضه بقذفه مع إحصانه وجب أن تكون المطالبة به حقا له دون الإمام كما أن حد السرقة لما كان واجبا لما انتهك من حرز المسروق وأخذ ماله لم يثبت إلا بمطالبة المسروق منه وأما فرق مالك بين أن يسمعه الإمام أو يشهد به الشهود فلا معنى له لأن هذا إن كان مما للإمام إقامته من غير مطالبة المقذوف فواجب أن لا يختلف فيه حكم سماع الإمام وشهادة الشهود من غير سماعه.

باب شهادة القذف

قال الله عز وجل( وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ) قال أبو بكر حكم الله تعالى في القاذف إذا لم يأت بأربعة شهداء على ما قذفه بثلاثة أحكام أحدها جلد ثمانين والثاني بطلان الشهادة والثالث الحكم بتفسيقه إلى أن يتوب واختلف أهل العلم في لزوم هذه الأحكام له وثبوتها عليه بالقذف بعد اتفاقهم على وجوب الحد عليه بنفس القذف عند عجزه عن إقامة البينة على الزنا فقال قائلون قد بطلت شهادته ولزمته سمة الفسق قبل إقامة الحد عليه وهو قول الليث بن سعد والشافعى وقال أبو حنيفة وأبو يوسف وزفر ومحمد ومالك شهادته مقبولة ما لم يحد وهذا يقتضى من قولهم إنه غير موسوم بسمة الفسق ما لم يقع به الحد لأنه لو لزمته سمة الفسق لما جازت شهادته إذ كانت سمة الفسق مبطلة لشهادة من وسم بها إذا كان فسقه من طريق الفعل لا من جهة التدين والإعتقاد والدليل على صحة ذلك قوله تعالى( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً ) فأوجب بطلان شهادته عند عجزه عن إقامة البينة على صحة قذفه وفي ذلك ضربان من الدلالة على جواز شهادته وبقاء حكم عدالته ما لم يقع الحد به أحد هما قوله( ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ ) وثم للتراخي في حقيقة اللغة فاقتضى ذلك أنهم متى أتوا بأربعة شهداء متراخيا عن حال القذف أن يكونوا غير فساق بالقذف لأنه قال( ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ ) الآية فكان تقديره ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فأولئك هم الفاسقون

١١٥

فإنما حكم بفسقهم متراخيا عن حال القذف في حال العجز عن إقامة الشهود فمن حكم بفسقهم بنفس القذف فقد خالف حكم الآية وأوجب ذلك أن تكون شهادة القاذف غير مردودة لأجل القذف فثبت بذلك أن بنفس القذف لم تبطل شهادته وأيضا فلو كانت شهادته تبطل بنفس القذف لما كان تركه إقامة البينة على زنا المقذوف مبطلا لشهادته وهي قد بطلت قبل ذلك والوجه الآخر أن المعقول من هذا اللفظ أنه لا تبطل شهادته مادامت إقامة البينة على زناة ممكنة ألا ترى أنه لو قال رجل لا مرأته أنت طالق إن كلمت فلان ثم لم تدخلي الدار أنها إن كلمت فلانا لم تطلق حتى تترك دخول الدار إلى أن تموت فتطلق حينئذ قبل موتها بلا فصل وكذلك لو قال أنت طالق إن كلمت فلانا ولم تدخلي الدار كان بهذه المنزلة وكان الكلام وترك الدخول إلى أن تموت شرطا لوقوع الطلاق ولا فرق بين قوله أنت طالق إن كلمت فلانا ثم دخلت الدار وبين قوله إن كلمت فلانا ثم لم تدخليها وإن افترقا من جهة أن شرط اليمين في أحدهما وجود الدخول وفي الآخر نفيه ولما كان ذلك كذلك وكان قوله تعالى( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ ) مقتضيا لشرطين في بطلان شهادة القاذف أحدهما الرمي والآخر عدم الشهود على زنا المقذوف متراخيا عن القذف وفوات الشهادة عليه به فما دامت إقامة الشهادة عليه بالزنا ممكنة بخصومة القاذف فقد اقتضى لفظ الآية بقاءه على ما كان عليه غير محكوم ببطلان شهادته وأيضا لا يخلو القاذف من أن يكون محكوما بكذبه وبطلان شهادته بنفس القذف أو أن يكون محكوما بكذبه بإقامة الحد عليه فلو كان محكوما بكذبه بنفس القذف ـ ولذلك بطلت شهادته ـ فواجب أن لا يقبل بعد ذلك بينة على الزنا إذ قد وقع الحكم بكذبه والحكم بكذبه في قذفه حكم ببطلان شهادة من شهد بصدقه في كون المقذوف زانيا فلما لم يختلفوا في حكم قبول بينته على المقذوف بالزنا وأن ذلك يسقط عنه الحد ثبت أن قذفه لم يوجب أن يكون كاذبا فواجب أن لا تبطل شهادته إذ لم يحكم بكذبه لأن من سمعناه بخبر يخبر لا نعلم فيه صدقه من كذبه لم تبطل به شهادته ألا ترى أن قاذف امرأته بالزنا لا تبطل شهادته بنفس القذف ولا يكون محكوما بكذبه بنفس قذفه ولو كان كذلك لما جاز إيجاب اللعان بينه وبين امرأته ولما أمر أن يشهد أربع شهادات بالله إنه لصادق فيما رماها به من الزنا مع الحكم بكذبه ولما وعظ في ترك اللعان الكاذب منهما ولما قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد

١١٦

ما لاعن بين الزوجين الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب فأخبر أن أحدهما بغير عينه هو الكاذب ولم يحكم بكذب القاذف دون الزوجة وفي ذلك دليل على أن نفس القذف لا يوجب تفسيقه ولا الحكم بتكذيبه ويدل عليه قوله عز وجل( لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ ) فلم يحكم بكذبهم بنفس القذف فقط بل إذا لم يأتوا بالشهداء ومعلوم أن المراد إذا لم يأتوا بالشهداء عند الخصومة في القذف فغير جائز إبطال شهادته قبل وجود هذه الشريطة وهو عجزه عن إقامة البينة بعد الخصومة في حد القذف عند الإمام إذ كان الشهداء إنما يقيمون الشهادة عند الإمام فمن حكم بتفسيقه وأبطل شهادته بنفس القذف فقد خالف الآية فإن قيل لما قال الله تعالى( لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ ) دل ذلك على أن على الناس إذا سمعوا من يقذف آخر أن يحكموا بكذبه ورد شهادته إلى أن يأتى بالشهداء قيل له معلوم أن الآية نزلت في شأن عائشة رضى الله عنها وقذفتها لأنه قال تعالى( إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ ) ـ إلى قوله( لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ) وقد كانت بريئة الساحة غير متهمة بذلك وقاذفوها أيضا لم يقذفوها برؤية منهم لذلك وإنما قذفوها ظنا منهم وحسبانا حين تخلفت ولم يدع أحد منهم أنه رأى ذلك ومن أخبر عن ظن في مثله فعلينا إكذابه والنكير عليه وأيضا لما قال في نسق التلاوة( فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ ) فحكم بكذبهم عند عجزهم عن إقامة البينة علمنا أنه لم يرد بقوله( وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ ) إيجاب الحكم بكذبهم بنفس القذف وإن معناه وقالوا هذا إفك مبين إذ سمعوه لم يأت القاذف بالشهود والشافعى يزعم أن شهود القذف إذا جاءوا متفرقين قبلت شهادتهم فإن كان القذف قد أبطل شهادته فوجب أن لا يقبلها بعد ذلك وإن شهد معه ثلاث لأنه قد فسق بقذفه فوجب الحكم بتكذيبه وفي قبول شهادتهم إذا جاءوا متفرقين ما يلزمه أن لا تبطل شهادتهم بنفس القذف ويدل على صحة قولنا من جهة السنة ما روى الحجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا محدودا في قذف فأخبرصلى‌الله‌عليه‌وسلم ببقاء عدالة القاذف ما لم يحد ويدل عليه أيضا حديث ابن منصور عباد عن عكرمة عن ابن عباس في قصة هلال بن أمية لما قذف امرأته عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أيجلد هلال

١١٧

وتبطل شهادته في المسلمينفأخبر أن بطلان شهادته معلق بوقوع الجلد به ودل بذلك أن القذف لم يبطل شهادته واختلف الفقهاء في شهادة المحدود في القذف بعد التوبة فقال أبو حنيفة وزفر وأبو يوسف والثوري والحسن بن صالح لا تقبل شهادته إذا تاب وتقبل شهادة المحدود في غير القذف إذا تاب وقال مالك وعثمان البتى والليث والشافعى تقبل شهادة المحدود في القذف إذا تاب وقال الأوزاعى لا تقبل شهادة محدود في الإسلام قال أبو بكر روى الحجاج عن ابن جريج وعثمان بن عطاء عن عطاء الخراساني عن ابن عباس في قوله تعالى( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ) ثم استثنى فقال( إِلَّا الَّذِينَ تابُوا ) فتاب عليهم من الفسق وأما الشهادة فلا تجوز. حدثنا جعفر بن محمد الواسطي قال حدثنا جعفر بن محمد بن اليمان قال حدثنا حجاج وقد ورد عن ابن عباس أيضا ما حدثنا جعفر ابن محمد قال حدثنا ابن اليمان قال حدثنا أبو عبيد قال حدثنا عبد الله بن صالح عن معاوية ابن صالح عن على بن طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى( وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ) قال ثم قال( إِلَّا الَّذِينَ تابُوا ) قال فمن تاب وأصلح فشهادته في كتاب الله مقبولة قال أبو بكر ويحتمل أن لا يكون ذلك مخالفا لما روى عنه في الحديث الأول بأن يكون أراد بأن شهادته مقبولة إذا لم يجلد وتاب والأول على أنه جلد فلا تقبل شهادته وإن تاب وروى عن شريح وسعيد بن المسيب والحسن وإبراهيم وسعيد بن جبير قالوا لا تجوز شهادته وإن تاب إنما توبته فيما بينه وبين الله وقال إبراهيم رفع عنهم بالتوبة اسم الفسق فأما الشهادة فلا تجوز أبدا وروى عن عطاء وطاوس ومجاهد والشعبي والقاسم ابن محمد وسالم والزهري أن شهادته تقبل إذا تاب وروى عن عمر بن الخطاب من وجه مطعون فيه أنه قال لأبى بكرة إن تبت قبلت شهادتك وذلك أنه رواه ابن عيينة عن الزهري قال سفيان عن سعيد بن المسيب ثم شك وقال هو عمر بن قيس أن عمر قال لأبى بكرة إن تبت قبلت شهادتك فأبى أن يتوب فشك سفيان بن عيينة في سعيد بن المسيب وعمر بن قيس ويقال إن عمر بن قيس مطعون فيه فلم يثبت عن عمر بهذا الإسناد هذا القول ورواه الليث عن ابن شهاب أنه بلغه أن عمر قال ذلك لأبى بكرة وهذا بلاغ لا يعمل عليه على مذهب المخالف وقد روى عن سعيد بن المسيب أن شهادته غير مقبولة

١١٨

بعد التوبة فإن صح عنه حديث عمر فلم يخالفه إلا إلى ما هو أقوى منه ومع ذلك فليس في حديث عمر أنه قال ذلك لأبى بكرة بعد ما جلده وجائز أن يكون قاله قبل الجلد قال أبو بكر ما ذكرنا من اختلاف السلف وفقهاء الأمصار في حكم القاذف إذا تاب فإنما صدر عن اختلافهم في رجوع الاستثناء إلى الفسق أو إلى إبطال الشهادة وسمة الفسق جميعا فيرفعهما والدليل على أن الاستثناء مقصور الحكم على ما يليه من زوال سمة الفسق به دون جواز الشهادة أن حكم الاستثناء في اللغة رجوعه إلى ما يليه ولا يرجع إلى ما تقدمه إلا بدلالة والدليل عليه قوله تعالى( إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا امْرَأَتَهُ ) فكانت المرأة مستثناة من المنجين لأنها تليهم ولو قال رجل لفلان على عشرة دراهم إلا ثلاثة دراهم إلا درهم كان عليه ثمانية دراهم وكان الدرهم مستثنى من الثلاثة وإذا كان ذلك حكم الاستثناء وجب الاقتصار به على ما يليه ويدل عليه أيضا أن قوله( فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَ ) في معنى الاستثناء وهو راجع إلى الربائب دون أمهات النساء لأنه يليهن فثبت بما وصفنا صحة ما ذكرنا من الاقتصار بحكم الاستثناء على ما يليه دون ما تقدمه وأيضا فإن الاستثناء إذا كان في معنى التخصيص وكانت الجملة الداخل عليها الاستثناء عموما وجب أن يكون حكم العموم ثابتا وأن لا نرفعه باستثناء قد ثبت حكمه فيما يليه إلا أن تقوم الدلالة على رجوعه إليها فإن قيل قال الله تعالى( إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً ـ إلى قوله ـإِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ) فكان الاستثناء راجعا إلى جميع المذكور لكونه معطوفا بعضه على بعض وقال تعالى( لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ) ثم قال( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا ) فكان التيمم لمن لزمه الاغتسال كلزومه لمن لزمه الوضوء بالحدث فكذلك حكم الاستثناء الداخل على كلام معطوف بعضه على بعض يجب أن ينتظم الجميع ويرجع إليه قيل له قد بينا أن حكم الاستثناء في اللغة رجوعه إلى ما يليه ولا يرجع إلى ما تقدمه إلا بدلالة وقد قامت الدلالة فيما ذكر على رجوعه إلى جميع المذكور ولم تقم الدلالة فيما اختلفنا فيه على رجوعه إلى المذكور فإن قيل إذا كنا قد وجدنا الاستثناء تارة يرجع إلى بعض المذكور وتارة إلى جميعه وكان ذلك متعالما مشهورا في

١١٩

اللغة فما الدلالة على وجوب الاقتصار به على بعض الجملة وهو الذي يليه دون رجوعه إلى الجميع قيل له لو سلمنا لك ما ادعيت من جواز رجوعه إلى الجميع لكان سبيله أن يقف موقف الاحتمال في رجوعه إلى ما يليه وإلى جميع المذكور وإذ كان كذلك وكان اللفظ الأول عموما مقتضيا للحكم في سائر الأحوال لم يجز رد الاستثناء إليه بالاحتمال إذ غير جائز تخصيص العموم بالاحتمال ووجب استعمال حكمه في المتيقن وهو ما يليه دون ما تقدمه فإن قيل ما أنكرت أن لا يكون اللفظ الأول عموما مع دخول الاستثناء على آخر الكلام بل يصير في حيز الاحتمال ويبطل اعتبار العموم فيه إذ ليس اعتبار عمومه بأولى من اعتبار عموم الاستثناء في عوده إلى الجميع وإذا بطل فيه اعتبار العموم وقف موقف الاحتمال في إيجاب حكمه فسقط اعتبار عموم اللفظ فيه قيل له هذا غلط من قبل أن صيغة اللفظ الأول صيغة العموم لا تدافع بيننا فيه وليس للاستثناء صيغة عموم يقتضى رفع الجميع فوجب أن يكون حكم الصيغة الموجبة للعموم مستعملا فيه وأن لا نزيلها عنه إلا بلفظ يقتضى صيغته رفع العموم وليس ذلك بموجود في لفظ الاستثناء فإن قيل لو قال رجل عبده حر وامرأته طالق إن شاء الله رجع الاستثناء إلى الجميع وكذلك قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم والله لأغزون قريشا والله لأغزون قريشا والله لأغزون قريشا إن شاء الله فكان استثناؤه راجعا إلى جميع الأيمان إذ كانت معطوفة بعضها على بعض قيل له ليس هذا مما نحن فيه في شيء لأن هذا الضرب من الاستثناء مخالف للاستثناء الداخل على الجملة بحروف الاستثناء التي هي إلا وغير وسوى ونحو ذلك لأن قوله إن شاء الله يدخل لرفع حكم الكلام حتى لا يثبت منه شيء والاستثناء المذكور بحرف الاستثناء لا يجوز دخوله إلا لرفع حكم الكلام رأسا ألا ترى أنه يجوز أن يقول أنت طالق إن شاء الله فلا يقع شيء ولو قال أنت طالق إلا طالق كان الطلاق واقعا والاستثناء باطلا لاستحالة دخوله لرفع حكم الكلام ولذلك جاز أن يكون قوله إن شاء الله راجعا إلى جميع المذكور المعطوف بعضه على بعض ولم يجب مثله فيما وصفنا فإن قيل فلو كان قال أنت طالق وعبدى حر إلا أن يقدم فلان كان الاستثناء راجعا إلى الجميع فإن لم يقدم فلان حتى مات طلقت امرأته وعتق عبده وكان ذلك بمنزلة قوله إن شاء الله قيل له ليس ذلك على ما ظننت من قبل أن قوله إلا أن يقدم فلان وإن كانت صيغته صيغة الاستثناء فإنه في معنى الشرط

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

١١ -( باب أن من وجد سمكة ولم يعلم أنه ذكي أم لا طرح في الماء، فإن طفا على ظهره فهو غير ذكي، وإن كان على وجهه فهو ذكي، وحكم ما لو لم يعلم أنه مما يؤكل أولا)

[١٩٥١٢] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « إن وجدت سمكة ولم تدر أذكي هو أم غير ذكي؟ وذكاته أن يخرج من الماء حيا، فخذه واطرحه في الماء، فإن طفا على رأس الماء مستلقيا على ظهره فهو غير ذكي وإن كان على وجهه فهو ذكي ».

الصدوق في المقنع: مثله(١) .

١٢ -( باب تحريم أكل السلحفاة والسرطان والضفادع والخنفساء والحيات)

[١٩٥١٣] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه كره السلحفاة والسرطان والجري، وما كان في الأصداف، وما جانس ذلك.

١٣ -( باب تحريم النحلة والنملة والصرد والهدهد، وحكم الخطاف والوبر(*) )

[١٩٥١٤] ١ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: عن ابن عباس، أنه

__________________

الباب ١١

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠، وعنه في البحار ج ٦٥ ص ١٩٨ ح ٢١.

(١) المقنع ص ١٤٢.

الباب ١٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٥ ح ٤٣٤.

الباب ١٣

* الوبر: دابة على قدر القط غبراء أو بيضاء من دواب الصحراء ( لسان العرب ج ٥ ص ٢٧٢ ).

١ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٤ ص ١٥٥.

١٨١

قال: نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، عن قتل أربعة: الهدهد، والصرد، والنحل، والنمل.

[١٩٥١٥] ٢ - وعن أنس بن مالك قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا تقتلوا الهدهد فإنه كان دليل سليمان على الماء وكان يعرف قرب الماء وبعده ».

[١٩٥١٦] ٣ - الحسين بن حمدان الحضيني في الهداية: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال - في حديث - فقلت: استغفر الله يا مولاي من أكل القنابر، فقال لي: « ويحك لا تأكلها، ولا الوراشين، ولا الهدهد، ولا الجارح من الطير، ولا الرخم(١) فإنها مسوخ » الخبر.

١٤ -( باب تحريم الطير الذي ليس له قانصة ولا حوصلة ولا صيصية(*) ، ما لم ينص على إباحته، وعدم تحريم أكل ما له أحدها ما لم ينص على تحريمه)

[١٩٥١٧] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في حديث: « وأما ما يحل ما أكل لحوم الحيوان - إلى أن قال - ومن لحوم الطير كلما كانت له قانصة ».

[١٩٥١٨] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وكل مضر يذهب بالقوة أو قاتل فحرام، مثل السموم - إلى أن قال - وذي ناب من السباع، ومخلب من

__________________

٢ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٤ ص ١٥٦.

٣ - الهداية للحضيني ص ٥٢ - أ.

(١) الرخم بتشديد الراء وفتحها وفتح الخاء: جمع رخمة وهي طائر أبقع على شكل النسر، توصف بالغدر ( لسان العرب ج ١٢ ص ٢٣٥ ).

الباب ١٤

* الصيصية: المخلب الذي في رجل الطير مكان العقب ( مجمع البحرين ج ٤ ص ١٧٤ ).

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٣ ح ٤١٨.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٤.

١٨٢

الطير، وما لا قانصة له ».

١٥ -( باب أنه يحرم من الطير ما يصف(*) منه غالبا، ويحل ما يدف غالبا)

[١٩٥١٩] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « يؤكل من الطير ما يدف(١) بجناحيه، ولا يؤكل ما يصف، وإن كان الطير يدف ويصف وكان دفيفه أكثر من صفيفه أكل، وإن كان صفيفه أكثر من دفيفه لم يؤكل ».

الصدوق في المقنع والهداية: مثله(٢) .

١٦ -( باب تحريم بيض ما لا يؤكل لحمه، وإباحة بيض ما يؤكل، فإن اشتبه حل منه ما اختلف طرفاه، وحرم ما استوى طرفاه)

[١٩٥٢٠] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في حديث: « وما كان من البيض مختلف الطرفين فحلال أكله، وما استوى طرفاه فهو من بيض ما [ لا ](١) يؤكل لحمه ».

[١٩٥٢١] ٢ - علي بن الحسين المسعودي في إثبات الوصية: عن الحسين بن إسماعيل - شيخ من أهل النهرين - قال: خرجت وأهل قريتي إلى أبي الحسنعليه‌السلام بشئ كان معنا، وكان بعض أهل القرية قد حملنا رسالة،

__________________

الباب ١٥

* صف الطائر: أي بسط جناحيه في طيرانه ( مجمع البحرين ج ٥ ص ٨١ ).

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

(١) دف الطائر: حرك جناحيه في طيرانه ( مجمع البحرين ج ٥ ص ٥٩ ).

(٢) المقنع ص ١٤٢ والهداية ص ٧٨.

الباب ١٦

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٣ ح ٤١٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - إثبات الوصية ص ٢٠٢.

١٨٣

ودفع إلينا ما أوصلناه، وقال: تقرؤونه مني السلام، وتسألونه عن بيض الطائر الفلاني من طيور الآجام، هل يجوز أكله أم لا؟ فسلمنا ما كان معنا إلى خازنه، وأتاه رسول السلطان فنهض ليركب، وخرجنا من عنده ولم نسأله عن شئ، فلما صرنا في الشارع لحقنا فقال لرفيقي بالنبطية: « اقرأ فلانا السلام، وقل له: بيض الفلاني لا تأكله، فإنه من المسوخ ».

[١٩٥٢٢] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « يؤكل من البيض ما اختلف طرفاه ».

[١٩٥٢٣] ٤ - ابن شهرآشوب في المناقب: سئل الباقرعليه‌السلام : أنه وجد في جزيرة بيض كثير، فقالعليه‌السلام : « كل ما اختلف طرفاه، ولا تأكل ما استوى طرفاه ».

[١٩٥٢٤] ٥ - الطبري في الدلائل: عن الهيثم النهدي، عن إسماعيل بن مهران، عن رجل من أهل بيرما(١) قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فودعته وخرجت حتى بلغت الأعوض(٢) ، ثم ذكرت حاجة لي، فرجعت إليه والبيت غاص بأهله، وكنت أردت أن أسأله عن بيوض ديوك الماء، فقال لي: « يابت - يعني البيض - وعانا ميتا - يعنى ديوك الماء - بناحل - يعني لا تأكل - ».

[١٩٥٢٥] ٦ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: عن الصادقعليه‌السلام ، قال: « أما ما يجوز أكله من البيض، فكل ما اختلف

__________________

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

٤ - المناقب ج ٤ ص ٢٠٤.

٥ - دلائل الإمامة ص ١٣٧.

(١) كذا ولعل صحته: بئر أرما، وهو بئر على ثلاثة أميال من المدينة المنورة ( معجم البلدان ج ١ ص ٢٩٨ ).

(٢) كذا ولعل صحته: الأعوص، وهو موضع قرب المدينة، يبعد عنها أميالا يسيرة ( معجم البلدان ج ١ ص ٢٢٣ ).

٦ - تحف العقول ص ٢٥٢.

١٨٤

طرفاه فحلال أكله، وما استوى طرفاه فحرام أكله ».

[١٩٥٢٦] ٧ - القطب الراوندي في الخرائج: روى إسماعيل بن مهران قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام أودعه، كنت حاجا في تلك السنة، فخرجت ثم ذكرت شيئا أردت أن أسأله عنه، فرجعت إليه ومنزله غاص بالناس، وكان ما أسأله عنه بيض طير الماء، قال لي من غير سؤال: « لا تأكل(١) بيض طير الماء ».

[١٩٥٢٧] ٨ - الصدوق في المقنع: وكل من البيض ما اختلف طرفاه.

١٧ -( باب تحريم الجدي الذي يرضع من البن خنزير حتى يشب ويكبر، وتحريم نسله إذا علم بعينه لا إذا اشتبه، وكذا الجبن إذا علم لا ما إذا اشتبه وإن رضع أقل من ذلك حل بعد الاستبراء بالعلف، أو برضاع من شاة سبعة أيام)

[١٩٥٢٨] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه: « أن علياعليهم‌السلام سئل عن حمل غذي بلبن خنزيرة، فقال: قيدوه وأعلفوه الكسب(١) والنوى والخبز، إن كان استغنى عن اللبن، وإن لم يكن استغنى عن اللبن فليلق على ضرع شاة سبعة أيام ».

[١٩٥٢٩] ٢ - السيد فضل الله الراوندي في نوادره: عن عبد الواحد بن

__________________

٧ - الخرائج ج ٢ ص ١٩٧.

(١) في المصدر: الأصلح أن لا كأكل.

٨ - المقنع ص ١٢.

الباب ١٧

١ - الجعفريات ص ٢٧.

(١) الكسب بضم الكاف: ما يتبقى من السمسم وغيره بعد عصره ( انظر مجمع البحرين ج ٢ ص ١٠ ).

٢ - نوادر الراوندي ص ٥٠.

١٨٥

إسماعيل، عن محمد بن الحسن التميمي، عن سهل بن أحمد الديباجي، عن محمد بن محمد بن الأشعث، مثله.

[١٩٥٣٠] ٣ - الصدوق في المقنع: ولا تأكل من لحم حمل رضع من خنزيرة

١٨ -( باب تحريم لحوم الدواب الجلالة ولبنها، وبيض الدجاج الجلالة، إذا كانت العذرة من غير أن يخلط معها طاهرا، وإن خلطت فلا بأس)

[١٩٥٣١] ١ - الجعفريات: بالسند المتقدم عن عليعليه‌السلام - في حديث يأتي - قال: « الناقة الجلالة لا يحج على ظهرها، ولا يشرب من لبنها، والبقرة الجلالة لا يشرب لبنها ولا يؤكل لحمها، والشاة الجلالة لا يؤكل لحمها ولا يشرب لبنها، والبطة الجلالة لا يؤكل لحمها » الخبر.

[١٩٥٣٢] ٢ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى عن [ أكل ](١) لحوم الجلالة وألبانها وبيضها حتى تستبرأ، والجلالة التي تجلل المزابل فتأكل العذرة.

[١٩٥٣٣] ٣ - الصدوق في المقنع: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « لا تشرب من البان الإبل الجلالة، وإن أصابك شئ من عرقها فاغسله ».

[١٩٥٣٤] ٤ - عوالي الآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى عن أكل الجلالات، وشرب البانها، حتى تحبس.

__________________

المقنع ص ١٤١.

الباب ١٨

١ - الجعفريات ص ٢٧.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٤ ح ٤٢٩.

(١) أثبتناه من المصدر.

٣ - المقنع ص ١٤١.

٤ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٣٢٦ ح ٢٩.

١٨٦

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى عن أكل الجلالة، وعن أن يشرب من البانها(١) .

١٩ -( باب أن الجلالة يحل أكلها ولبنها وركوبها بعد الاستبراء فتستبرأ الناقة بأربعين يوما، والبقرة بثلاثين أو عشرين، والشاة بعشرة أيام أو أربعة عشر أو سبعة، والبطة بخمسة أو ستة أو سبعة أو ثلاثة، والدجاجة بثلاثة أيام أو يوم، والسمكة بيوم وليلة)

[١٩٥٣٥] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « الناقة الجلالة لا يحج على ظهرها ولا يشرب من لبنها، حتى تقيد أربعين يوما، والبقرة الجلالة لا يشرب لبنها ولا يؤكل لحمها، حتى تقيد عشرين يوما، والشاة الجلالة لا يؤكل لحمها ولا يشرب لبنها، حتى تقيد سبعة أيام، والبطة الجلالة لا يؤكل لحمها حتى تقيد خمسة أيام، والدجاجة الجلالة تقيد ثلاثة أيام ثم يؤكل لحمها ».

[١٩٥٣٦] ٢ - السيد فضل الله الراوندي في نوادره: بإسناده الصحيح عن موسى بن جعفر، عن أبيه عن آبائه: « قال قال عليعليهم‌السلام : الناقة الجلالة لا يحج على ظهرها ولا يشرب لبنها ولا يؤكل لحمها، حتى تقيد أربعين يوما، والبقرة الجلالة عشرين يوما، والبطة الجلالة خمسة أيام، والدجاج ثلاثة أيام ».

[١٩٥٣٧] ٣ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال:

__________________

(١) عوالي اللآلي ج ١ ص ١٥٩ ح ١٤١.

الباب ١٩

١ - الجعفريات ص ٢٧.

٢ - نوادر الراوندي ص ٥١.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٤ ح ٤٣٠.

١٨٧

« الناقة الجلالة تحبس على العلف أربعين يوما، والبقرة عشرين يوما، والشاة سبعة أيام، والبطة خمسة أيام، والدجاجة ثلاثة أيام، ثم يؤكل بعد ذلك لحومها وتشرب ألبان ذوات الألبان منها، ويؤكل بيض ما بيض منها ».

٢٠ -( باب أنه لا بأس بطرح العذرة في المزارع)

[١٩٥٣٨] ١ - توحيد المفضل: برواية محمد بن سنان، عنه، عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال: « فاعتبر بما ترى من ضروب المآرب، في صغير الكلب(١) وكبيره، وبما له قيمة وما قيمة له، وأخس من هذا وأحقره الزبل والعذرة، التي اجتمعت فيها الخساسة والنجاسة معا، وموقعها من الزرع والبقول والخضر أجمل الموقع، الذي لا يعد له شئ، حتى أن كل شئ من الخضر لا يصلح ولا يزكو الا بالزبل والسماد، الذي يستقذره الناس ويكرهون الدنو منه ».

٢١ -( باب تحريم لحم البهيمة التي ينكحها الآدمي ولبنها، فإن اشتبهت استخرجت بالقرعة)

[١٩٥٣٩] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « من أتى بهيمة جلد الحد، وحرم لحم البهيمة ولبنها إن كانت مما يؤكل، فتذبح وتحرق بالنار لتتلف فلا يأكلها أحد، وإن لم تكن له كان ثمنها في ماله ».

__________________

الباب ٢٠

١ - توحيد المفضل ص ١٦٤.

(١) في المصدر: الخلق.

الباب ٢١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٥٧ ح ١٦٠٨.

١٨٨

٢٢ -( باب ما يحرم من الذبيحة، وما يكره منها)

[١٩٥٤٠] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد الله جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه كره أكل الغدد، ومخ الصلب، والمذاكير، والقضيب، والحياء(١) وداخل الكلى.

[١٩٥٤١] ٢ - الصدوق في الهداية: لا يؤكل من الشاة عشرة أشياء: الفرث، والدم، والطحال، والنخاع، والغدد، والقضيب، والأنثيان، والرحم، والحياء، والأوداج، وروي(١) : العروق.

[١٩٥٤٢] ٣ - صحيفة الرضاعليه‌السلام : عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، لا يأكل الكليتين، لقربهما من البول ».

[١٩٥٤٣] ٤ - الصدوق في الخصال: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى اليقطيني، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم، عن أبي عبد الله، عن آبائه، قال: « قال أمير المؤمنينعليهم‌السلام : لا تأكلوا الطحال، فإنه بيت الدم الفاسد، واتقوا الغدد من اللحم فإنه يحرك عرق الجذام ».

[١٩٥٤٤] ٥ - الرسالة الذهبية للرضاعليه‌السلام : « وأكل(١) كلى(٢)

__________________

الباب ٢٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٥ ح ٤٣٢.

(١) الحياء في هذا المورد: الفرج ( مجمع البحرين ج ١ ص ١١٧ ).

٢ - الهداية للصدوق ص ٧٩، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٣٩ ح ٢٠.

(١) في المصدر: وذوي.

٣ - صحيفة الرضاعليه‌السلام ص ٨٣ ح ٤.

٤ - الخصال ص ٦١٥.

٥ - الرسالة الذهبية ص ٦٤.

٥ - الرسالة الذهبية ص ٦٤.

(١) في المصدر: وادمان أكل.

(٢) في الحجرية: « كلية » وما أثبتناه من المصدر.

١٨٩

الغنم وأجوافها(٣) ، يغير المثانة ».

٢٣ -( باب أن ما قطع من أليات الغنم وهي أحياء، ميتة يحرم أكله والاستصباح به، وتحريم أكل كل ما لم يستوف الشرائط الشرعية من الصيد والذبائح)

[١٩٥٤٥] ١ - دعائم الاسلام: عن علي وأبي جعفرعليهما‌السلام ، أنهما قالا: « ما قطع من الحيوان فبان عنه قبل أن يذكى الحيوان، فهو ميتة لا تؤكل » الخبر.

٢٤ -( باب ما لا يحرم الانتفاع به من الميتة، وما ليس بنجس منها)

[١٩٥٤٦] ١ - الصدوق في الهداية: عشرة أشياء من الميتة ذكية: العظم، والشعر، والصوف، والريش، والقرن، الحافر، والبيض، والإنفحة، واللبن، والسن.

[١٩٥٤٧] ٢ - العياشي في تفسيره: عن عمار الدهني، عن أبي الصهباء قال: قام ابن الكوا إلى عليعليه‌السلام وهو على المنبر، وقال: إني وطئت دجاجة ميتة، فخرجت منها بيضة فآكلها؟ قال: « لا » قال: فإن استحضنتها فخرج منها فرخ، آكله؟ قال: « نعم » قال: فكيف؟ قال: « لأنه حي خرج من الميت، وتلك ميتة خرجت من ميتة ».

[١٩٥٤٨] ٣ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: عن زرارة،

__________________

(٣) في الحجرية: « وأجوف الغنم » وما أثبتناه من المصدر.

الباب ٢٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٩ ح ٦٤٦.

الباب ٢٤

١ - الهداية ص ٧٩.

٢ - تفسير العياشي: لم نجده في المصدر المطبوع، ونقله المجلسي في البحار ج ٦٦ ص ٥٠ ح ٨ عن المناقب ج ٢ ص ٣٧٦ عنه.

٣ - مكارم الأخلاق ص ٩٥.

١٩٠

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سأله أبي وأنا حاضر، عن الرجل يسقط سنه فيأخذ من أسنان ميت فيجعله مكانه، قال: « لا بأس ».

[١٩٥٤٩] ٤ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في حديث: « وكذلك كل شئ سقط من أعضاء الحيوان وهي أحياء، فهي ميتة ولا تؤكل، ورخص فيما جز عنها من أصوافها وأوبارها وأشعارها إذا غسل، أن يلبس ويصلى فيه وعليه إذا كان طاهرا، خلاف شعور الناس، قال الله عز وجل:( وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِ‌هَا وَأَشْعَارِ‌هَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَىٰ حِينٍ ) (١) ».

[١١٩٥٥٠] ٥ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه ذكر له الجبن الذي يعمله المشركون، وانهم يجعلون فيه الإنفحة من الميتة، ومما لم يذكر اسم الله عليه، قال: « إذا علم ذلك لم يؤكل ».

[١٩٥٥١] ٦ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن كان الصوف والوبر والشعر والريش من الميتة وغير الميتة، بعد أن يكون مما حلل الله أكله، فلا بأس به ».

٢٥ -( باب تحريم استعمال جلد الميتة وغيره من كل ما تحله الحياة)

[١٩٥٥٢] ١ - عوالي اللآلي: صح عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « لا تنتفعوا من الميتة باهاب ولا عصب ».

وقال في شاة ميمونة: الا انتفعتم بجلدها.

__________________

٤ - دعائم الاسلام ج ١ ص ١٢٦.

(١) النحل ١٦: ٨٠.

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٦ ح ٤٣٧.

٦ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤١.

الباب ٢٥

١ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٤٢ ح ٤٧.

١٩١

[١٩٥٥٣] ٢ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: لا ينتفع من الميتة باهاب ولا عظم ولا عصب، فلما كان من الغد خرجت معه، فإذا نحن بسخلة مطروحة على الطريق، فقال: ما كان على أهل هذه لو انتفعوا باهابها، قال قلت: يا رسول الله، فأين قولك بالأمس! قال: ينتفع منها بالإهاب الذي لا يلصق ».

قلت: روي في التهذيب(١) : إن أبا مريم سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن هذه السخلة، فقالعليه‌السلام : « لم تكن ميتة، ولكنها كانت مهزولة فذبحها أهلها فرموا بها » الخبر.

ويظهر منه أنه صار في هذا الخبر تحريف، أو خرج مخرج التقية والله العالم.

٢٦ -( باب أن الميتة إذا اختلطت بالذكي، جاز بيع الجميع ممن يستحل الميتة، وأكل ثمنه)

[١٩٥٥٤] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، أنه سئل عن شاة مسلوخة وأخرى مذبوحة، عمي عن الراعي أو على صاحبها فلا يدري الذكية من الميتة، قال: « يرمى(١) بها جميعا إلى الكلاب ».

قلت: الأقوى وفاقا للمحققين ما تضمنه هذا الخبر، الموافق للقواعد المتقنة، لا ما يظهر مما أورده في الأصل المطابق لعنوان الباب المخالف لها،

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ١٢٦.

(١) التهذيب ج ٩ ص ٧٩ ح ٣٣٥.

الباب ٢٦

١ - الجعفريات ص ٢٧.

(١) نقلا عن نسخة الشهيد في هامش الطبعة الحجرية من المستدرك ج ٣ ص ٧٧.

١٩٢

المحمول عند بعضهم على جواز استنقاذ مال السخل للميتة برضاه بذلك أو غير ذلك.

٢٧ -( باب أن اللحم إذا لم يعلم كونه ميتة أو مذكى، طرح على النار فإن انقبض فهو ذكي حلال، وان انبسط فهو ميتة حرام)

[١٩٥٥٥] ١ - الصدوق في المقنع إذا وجدت لحما ولم تعلم أنه ذكي أو ميتة، فالق منه قطعة على النار، فإن تقبض(١) فهو ذكي، وإن استرخى على النار فهو ميتة.

٢٨ -( باب عدم تحريم لحم البخت ولا ظهورها ولا ألبانها، ولا الحمام المسرول(*) )

[١٩٥٥٦] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « لا يأكل لحم الجزور إلا مؤمن ».

٢٩ -( باب تحريم لحم الخز)

[١٩٥٥٧] ١ - البحار، عن العلل لمحمد بن علي بن إبراهيم: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله « لا يصلى في ثوب ما لا يؤكل لحمه ولا يشرب لبنه ».

فهذه جملة كافية من قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . ولا يصلى

__________________

الباب ٢٧

١ - المقنع ص ١٤٢.

(١) في المصدر: انقبض.

الباب ٢٨

* طائر مسرور: البس ريشه ساقيه.. ومنه حمامة مسرولة ( لسان العرب ج ١١ ص ٣٣٤ ).

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١١٠ ح ٣٥٦.

الباب ٢٩

١ - بحار الأنوار ج ٨٣ ص ٢٣٥ ح ٣٢

١٩٣

في الخز، والعلة في أن لا يصلى في الخز، أن الخز من كلاب الماء وهي مسوخ، إلا أن يصفى وينقى.

٣٠ -( باب تحريم لحم الأسد، وإباحة اليحامير)

[١٩٥٥٩] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « لا يؤكل الذئب ولا النمر ولا الفهد ولا الأسد ولا ابن آوى ولا الدب ولا الضبع، ولا شئ له مخلب ».

٣١ -( باب الفأرة ونحوها إذا ماتت في الزيت أو السمن أو نحوهما، وكان مائعا حرم أكله، وجاز الاستصباح به وبيعه ممن يستصبح به مع بيان حاله، والا تعين اراقته، وإن كان جامدا أخذت وما حولها، وحل الباقي)

[١٩٥٥٩] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه: « أن علياعليهم‌السلام ، قال في حديث: وإن كان شيئا مات في الادام وفيه الدم، في العسل، أو في زيت، أوفي السمن، فكان جامدا، جببت ما فوقه وما تحته ثم يؤكل بقيته، وإن كان ذائبا فلا يؤكل، يستسرج به، ولا يباع ».

[١٩٥٦٠] ٢ - وبهذا الاسناد: عن عليعليه‌السلام : أنه سئل عن الزيت يقع فيه شئ له دم فيموت، قال: « الزيت - خاصة - يبيعه لمن يعمله صابونا ».

__________________

الباب ٣٠

* اليحامير: جمع يحمور وهو حمار الوحش ( مجمع البحرين ج ٣ ص ٢٧٨ ).

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٣ ح ٤٢٠.

الباب ٣١

١ - الجعفريات ص ٢٦.

٢ - الجعفريات ص ٢٦

١٩٤

[١٩٥٦١] ٣ - وبهذا الاسناد: عن جعفر بن محمد، عن أبيهعليهم‌السلام ، « قال قال عليعليه‌السلام ، في الزيت والسمن إذا وقع فيه شئ له دم فمات فيه: استسرجوه » الخبر.

[١٩٥٦٢] ٤ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن من محمدعليهما‌السلام ، أنه سئل عن خرء الفأر يكون في الدقيق، قال: « إن علم به أخرج، وإن لم يعلم فلا بأس به ».

[١٩٥٦٣] ٥ - وعن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه سئل عن فأرة وقعت في سمن، قال: « إن كان جامدا ألقها وما حولها وكل الباقي، وإن كان مائعا فسد كله ويستصبح به ».

[١٩٥٦٤] ٦ - وعن عليعليه‌السلام ، أنه سئل عن الدواب تقع في السمن والعسل واللبن والزيت فتموت فيه، قال: « إن كان ذائبا أريق اللبن، واستسرج بالزيت والسمن ».

وعنهعليه‌السلام ، أنه قال في الزيت: « يعمله صابونا إن شاء »(١) .

[١٩٥٦٥] ٧ - وقالواعليهم‌السلام : « إذا أخرجت الدابة حية ولم تمت في الادام لم ينجس ويؤكل، وإذا وقعت فيه فماتت لم يؤكل » الخبر.

[١٩٥٦٦] ٨ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه سئل عن الكلب أو الفأرة يأكلان من الخبز ويشمانه، قال: « ينزع ذلك الموضع الذي أكلا منه أو شماه، ويؤكل سائره ».

__________________

٣ - الجعفريات ص ٢٦.

٤ - دعائم الاسلام ج ١ ص ١٢٢.

٥ - دعائم الاسلام ج ١ ص ١٢٢.

٦ - دعائم الاسلام ج ١ ص ١٢٢.

(١) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٢٢.

٧ - دعائم الاسلام و ج ١ ص ١٢٢.

٨ - دعائم الاسلام ج ١ ص ١٢٢.

١٩٥

٣٢ -( باب أن الذباب ونحوه مما لا نفس له، إذا وقع في طعام أو شراب لم يحرم أكله وشربه وإن مات فيه، إلا أن يكون فيه سم)

[١٩٥٦٧] ١ - الجعفريات: بالسند المتقدم عن عليعليه‌السلام ، أنه قال في الخنفساء والعقرب والصرد إذا مات في الادام: « فلا بأس بأكله ».

[١٩٥٦٨] ٢ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال في الخنفساء والعقرب والصرار وكل شئ لا دم له يموت في الطعام: « لا يفسده ».

[١٩٥٦٩] ٣ - وعنهمعليهم‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه أتي بجفنة قد أدمت، فوجدوا فيها ذبابا، فأمر به فطرح، وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « سموا الله وكلوا، فإن هذا لا يحرم شيئا ».

[١٩٥٧٠] ٤ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه رخص في الادام والطعام يموت فيه خشاش الأرض والذباب وما لادم له، فقال: « لا ينجس ذلك شيئا ولا يحرمه، فإن مات [ فيه ](١) ما له دم وكان مائعا فسد، وإن كان جامدا فسد منه ما حوله، وأكلت بقيته ».

[١٩٥٧١] ٥ - السيد فضل الله الراوندي في نوادره: بإسناده الصحيح عن موسى بن جعفر، عن آبائه قال: « قال عليعليهم‌السلام : مالا نفس له سائلة إذا مات في الادام، فلا بأس بأكله ».

__________________

الباب ٣٢

١ - الجعفريات ص ٢٦.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ١٢٢.

٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ١٢٢.

٤ - دعائم الاسلام ج ١ ص ١٢٦ ح ٤٣٩.

(١) أثبتناه من المصدر.

٥ - نوادر الراوندي ص ٥٠.

١٩٦

٣٣ -( باب عدم تحريم الطعام والشراب إذا تناول منه السنور، وعدم كراهته)

[١٩٥٧٢] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه رخص فيما أكل أو شرب منه السنور.

٣٤ -( باب تحريم الطحال)

[١٩٥٧٣] ١ - الصدوق في الخصال: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم، عن أبي عبد الله، عن آبائه قال: « قال أمير المؤمنينعليهم‌السلام : لا تأكلوا الطحال، فإنه بيت الدم الفاسد » الخبر.

٣٥ -( باب أن الجري إذا طبخ مع سمك حرم أكل ما سال عليه الجري، وكذا الطحال مع اللحم إن كان الطحال مثقوبا، وإلا لم يحرم اللحم، ولا يحرم ما فوقهما مطلقا)

[١٩٥٧٤] ١ - الصدوق في المقنع: إذا كان اللحم مع الطحال في سفود(١) ، أكل اللحم إذا كان فوق الطحال، فإن كان أسفل من الطحال لم يؤكل، ويؤكل جوذابه(٢) ، لان الطحال في حجاب ولا ينزل منه إلا أن يثقب،

__________________

الباب ٣٣

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ١٢٢.

الباب ٣٤

١ - الخصال ص ٦١٣.

الباب ٣٥

١ - المقنع ص ١٤٣.

(١) السفود بتشديد السين وفتحها وتشديد الفاء: حديدة ذات شعب معقفة يشوى به اللحم ( لسان العرب ج ٣ ص ٢١٨ ).

(٢) الجوذاب: طعام من سكر وأرز ولحم ( مجمع البحرين ج ٢ ص ٢٢ ).

١٩٧

فإن ثقب سال منه ولم يؤكل ما تحته من الجواذب، فإن جعلت سمكة يجوز أكلها مع جري أو غيرها مما لا يجوز أكله في سفود، أكلت التي لها فلس إذا كانت في سفود فوق الجري، وفوق التي لا تؤكل، فإن كانت أسفل من الجري لم تؤكل.

٣٦ -( باب عدم تحريم الحبوب والبقول وأشباهها التي في أيدي أهل الكتاب، وجواز شرائها ومؤاكلتهم فيها)

[١٩٥٧٥] ١ - العياشي في تفسيره: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث - أنه قال رجل: فأين قول الله:( وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ ) (١) فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « كان أبيعليه‌السلام يقول: إنما ذلك الحبوب وأشباهها ».

[١٩٥٧٦] ٢ - فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدهعليهم‌السلام - في حديث طويل - عن عليعليه‌السلام ، أنه انطلق إلى جار له يهودي يقال له: شمعون بن حارا، فقال له: « يا شمعون أعطني ثلاثة أصيع من شعير، وجزة من صوف تغزله لك ابنة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله » فأعطاه اليهودي الشعير والصوف..الخبر.

[١٩٥٧٧] ٣ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: عن ابن عباس قال: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، توفي ودرعه مرهونة عند رجل من اليهود، على ثلاثين صاعا من شعير.

__________________

الباب ٣٦

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٦ ح ٣٦.

(١) المائدة ٥: ٥

٢ - تفسير فرات الكوفي ص ١٩٦.

٣ - مكارم الأخلاق ص ٢٥.

١٩٨

٣٧ -( باب عدم تحريم مؤاكلة الكفار، مع عدم تنجيسهم للطعام)

[١٩٥٧٨] ١ - سبط الطبرسي في مشكاة الأنوار: نقلا من كتاب المحاسن للبرقي، عن معاوية بن وهب، عن زكريا بن إبراهيم قال: كنت نصرانيا فأسلمت وحججت، فدخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام وقلت له: إني كنت من النصرانية، وإني أسلمت - إلى أن قال - ثم قالعليه‌السلام : « اللهم اهده - ثلاثا - سل عما شئت يا بني » فقلت: إن أمي وأهل بيتي على النصرانية، وأمي مكفوفة البصر، فأكون معهم وآكل من بيتهم؟ فقال: « يأكلون لحم الخنزير؟ » فقلت: لا، ولا يسمونه، قال: « لا بأس » الخبر.

٣٨ -( باب تحريم الأكل في أواني الكفار، مع العلم بتنجيسهم لها، لا مع عدمه)

[١٩٥٧٩] ١ - كتاب درست بن أبي منصور: عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : جعلت فداك، آكل من طعام اليهودي والنصراني(١) ؟ قال: فقال: « لا تأكل » قال: ثم قال: « يا إسماعيل لا تدعه تحريما، له ولكن دعه تنزها له وتنجسا له، إن في آنيتهم الخمر والخنزير ».

[١٩٥٨٠] ٢ - وعن أبي المغرا، عن أبي سعيد الأعرج، عن أبي عبد الله وأبي الحسنعليهما‌السلام ، قالا: « لا تأكل من فضل طعامهم، ولا تشرب

__________________

الباب ٣٧

١ - مشكاة الأنوار ص ١٥٩.

الباب ٣٨

١ - كتاب درست بن أبي منصور ص ١٦٥.

(١) في الحجرية: « النصارى » وما أثبتناه من المصدر.

٢ - كتاب درست بن أبي منصور ص ١٦٥.

١٩٩

من فضل شرابهم ».

٣٩ -( باب تحريم ما أهل به لغير الله، وهو ما ذبح لصنم أو وثن أو شجر)

[١٩٥٨١] ١ - تفسير الإمامعليه‌السلام : « قال الله عز وجل:( إِنَّمَا حَرَّ‌مَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ ) - إلى أن قال -( وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ‌ اللَّـهِ ) (١) ما ذكر اسم غير الله عليه من الذبائح، وهي التي يتقرب بها الكفار بأسامي أندادهم التي اتخذوها من دون الله ».

[١٩٥٨٢] ٢ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، نهى عن ذبائح الجن، قيل: يا رسول الله، وما ذبائح الجن؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يتخوف القوم من سكان الدار، فيذبحون لهم الذبيحة ».

٤٠ -( باب عدم تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير وسائر المحرمات، على المضطر ضرورة شديدة غير باغ ولا عاد، وتحريمها على الباغي والعادي في الضرورة أيضا)

[١٩٥٨٣] ١ - العياشي في تفسيره: عن محمد بن إسماعيل، رفع إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( فَمَنِ اضْطُرَّ‌ غَيْرَ‌ بَاغٍ وَلَا عَادٍ ) (١) قال: « الباغي: الظالم، والعادي: الغاصب ».

__________________

الباب ٣٩

١ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٢٤٥.

(١) البقرة ٢: ١٧٣.

٢ - الجعفريات ص ٧٢.

الباب ٤٠

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٧٤ ح ١٥١.

(١) البقرة ٢: ١٧٣.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494