مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٦

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل12%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 494

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 494 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 344223 / تحميل: 4996
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٦

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « كل وأنت تشتهي، وامسك وأنت تشتهي »(٣) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله من قل أكله، قل حسابه(٤) .

[١٩٦٥٢] ١٨ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « الشبع يورث الأشر(١) ويفسد الورع ».

وقالعليه‌السلام : « ادمان الشبع يورث أصناف الوجع »(٢) .

وقالعليه‌السلام : « إياك والبطنة، فمن لزمها كثرت أسقامه، وفسدت أحلامه »(٣) .

وقالعليه‌السلام : إياك وادمان الشبع، فإنه يهيج الأسقام، ويثير العلل(٤) .

وقالعليه‌السلام : « إياكم والبطنة، فإنها مقساة للقلب، مكسلة عن الصلاة، مفسدة للجسد »(٥) .

وقالعليه‌السلام : « بئس قرين الورع الشبع »(٦) .

وقالعليه‌السلام : « من زاد شبعه كظته(٧) البطنة، ومن كظته

__________________

(٣) طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ص ١٩، وعنه في البحار ج ٦٢ ص ٢٩٠.

(٤) نفس المصدر ص ٢١، وعنه في البحار ج ٦٢ ص ٢٩٢.

١٨ - غرر الحكم ص ٣٤ « الطبعة الحجرية »، وبقية المقاطع من النسخة المطبوعة.

(١) الأشر: البطر ( لسان العرب ج ٤ ص ٢٠ ).

(٢) نفس المصدر ج ١ ص ٥٠ ح ١٤٠٨.

(٣) نفس المصدر ج ١ ص ١٤٧ ح ٩.

(٤) نفس المصدر ج ١ ص ١٥١ ح ٥١.

(٥) نفس المصدر ج ١ ص ١٥٩ ح ١١١.

(٦) نفس المصدر ج ١ ص ٣٤١ ح ٢٥.

(٧) الكظة بكسر الكاف وتشديد الظاء وفتحها: شئ يعتري الانسان من الامتلاء من الطعام حتى لا يطيق التنفس ( مجمع البحرين ج ٤ ص ٢٩٠ ).

٢٢١

البطنة حجبته عن الفطنة »(٨) .

وقالعليه‌السلام : « نعم عون المعاصي الشبع »(٩) .

وقالعليه‌السلام : « لا يجتمع الشبع والقيام بالمفترض »(١٠) .

وقالعليه‌السلام : « لا يجتمع الجوع والمرض »(١١) .

وقالعليه‌السلام : « لا يجتمع الصحة والنهم »(١٢) .

وقالعليه‌السلام : « لا تجتمع الفطنة والبطنة »(١٣) .

٣ -( باب كراهة الجشاء(*) ، ورفعه إلى السماء، واستحباب حمد الله عنده)

[١٩٦٥٣] ١ - صحيفة الرضاعليه‌السلام : بإسناده قال: « حدثني أبي [ عن ](١) علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: قال أبو جحيفة: أتيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنا أتجشأ، فقال لي: يا أبا جحيفة، اكفف جشاءك، فإن أكثر الناس شبعا في الدنيا، أطولهم جوعا يوم القيامة، قال: فما ملا أبو جحيفة بطنه من طعام [ حتى ](٢) لحق بالله ».

__________________

(٨) غرر الحكم ج ٢ ص ٦٥٧ ح ٧٩٩ و ٨٠٠.

(٩) نفس المصدر ج ٢ ص ٧٧٢ ح ٤٢.

(١٠) نفس المصدر ج ٢ ص ٨٣٦ ح ١٣٤.

(١١) نفس المصدر ج ٢ ص ٨٣٦ ح ١٣٥.

(١٢) نفس المصدر ج ٢ ص ٨٣٦ ح ١٣٦.

(١٣) نفس المصدر ج ٢ ص ٨٣٦ ح ١٣٨.

الباب ٣

* الجشاء بضم الجيم: صوت مع ريح يخرج من الفم عند شدة الامتلاء ( مجمع البحرين ج ١ ص ٨٧ ).

١ - صحيفة الرضاعليه‌السلام ص ٦٢ ح ١٣٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر

٢٢٢

ورواه الصدوق في العيون: بأسانيد ثلاثة عن الرضا، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « أتى أبو جحيفة النبي ( صلى الله عليه آله ) » إلى آخره(٣) .

وبخط بعض الأفاضل في حواشيه على صحيفة الرضاعليه‌السلام : هو وهب بن عبد الله السوائي، روي عنه أنه قال: أكلت ثريدة بر بلحم، وأتيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا أتجشأ. إلى آخره

قال الراوي: فما أكل أبو جحيفة ملء بطنه حتى فارق الدنيا، كان إذا تعشى لا يتغدى، وإذا تغدى لا يتعشى، وفي رواية: قال أبو جحيفة: فما ملأت بطني منذ ثلاثين سنة.

[١٩٦٥٤] ٢ - محمد بن علي الفتال في روضة الواعظين: روى علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، عن أبي جحيفة قال: أتيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنا أتجشأ، فقال: « يا أبا جحيفة، أخفض جشاءك » وذكر مثله.

٤ -( باب كراهة التخمة والامتلاء)

[١٩٦٥٥] ١ - القطب الراوندي في دعواته: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « لا صحة مع النهم ».

وهذه من الكلمات المعروفة المنسوبة إليهعليه‌السلام .

[١٩٦٥٦] ٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « ما اتخمت قط » قيل له ولم؟ قال: « ما رفعت لقمة إلى فمي، إلا ذكرت اسم الله عليها ».

__________________

(٣) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ٢ ص ٣٨٢ ح ١١٣.

٢ - روضة الواعظين ص ٤٥٦ وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٣٣٩ ح ٤.

الباب ٤

١ - دعوات الراوندي ص ٢٩، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤١٢ ح ٩.

٢٢٣

[١٩٦٥٧] ٣ - أبو العباس المستغفري في طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال: قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أصل كل داء البرودة(١) ، كل وأنت تشتهي، وأمسك وأنت تشتهي ».

٥ -( باب أن من دعي إلى طعام لم يجز أن يستتبع ولده)

[١٩٦٥٨] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا دعي أحدكم إلى طعام فلا يستتبعن ولده، فإنه إن فعل أكل حراما ودخل(١) عاصيا ».

٦ -( باب كراهة الأكل متكئا ومنبطحا، وعدم تحريمه، وكراهة التشبه بالملوك، وجواز الاقعاء(*) )

[١٩٦٥٩] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى عن الأكل متكئا.

[١٩٦٦٠] ٢ - وعن علي ( صلوات الله عليه )، أنه قال: « لا تأكل متكئا كما يأكل الجبارون، ولا تربع ».

[١٩٦٦١] ٣ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « ما أكل رسول

__________________

٣ - طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ص ١٩، وعنه في البحار ج ٦٢ ص ٢٩٠.

(١) كذا، ولعل صحتها: البررة: وهي التخمة وثقل الطعام على المعدة ( النهاية ج ١ ص ١١٥ ).

الباب ٥

١ - الجعفريات ص ١٦٥.

(١) في الحجرية: « وأكل » وما أثبتناه من المصدر.

الباب ٦

* الاقعاء عند الأكل: هو أن يجلس على وركيه غير متمكن ولا مستكثر من الأكل ليرد الجوعة ويشتغل بمهماته ( مجمع البحرين ج ١ ص ٣٤٨ ).

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١١٨ ح ٣٩٦.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١١٩ ح ٣٩٧.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١١٩ ح ٣٩٨.

٢٢٤

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله متكئا مذ(١) بعثه الله عز وجل حتى قبضه ».

[١٩٦٦٢] ٤ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى عن ثلاث أكلات: أن يأكل أحد بشماله، أو مستلقيا على قفاه، أو منبطحا على بطنه.

[١٩٦٦٣] ٥ - القطب الراوندي في دعواته: عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال: « لا تأكل متكئا، وإن كنت منبطحا هو شر من الاتكاء ».

[١٩٦٦٤] ٦ - وروي: ما أكل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله متكئا إلا مرة، ثم جلس فقال: « اللهم إني عبدك ورسولك ».

[١٩٦٦٥] ٧ - عوالي اللآلي: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا آكل متكئا ».

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى أن يأكل الرجل وهو منبطح على بطنه(١)

[١٩٦٦٦] ٨ - وعن ابن عباس، أنه قال: إن الله بعث إلى نبيه ملكا من الملائكة ومعه جبرئيل، فقال: إن الله يخيرك بين أن تكون عبدا نبيا، وبين أن تكون ملكا، فالتفت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إلى جبرئيل كالمستشير، فأشار بيده أن تواضع، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا، بل أكون عبدا نبيا » فما أكل بعد تلك الكلمة متكئا قط.

__________________

(١) في الحجرية: « منذ » وما أثبتناه من المصدر.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٩٩ ح ٣٩٩.

٥ - دعوات الراوندي ص ٦٠، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٣٨٨ ح ٢٤.

٦ - دعوات الراوندي ح ٦٠، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٣٨٨ ح ٢٤.

٧ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١١٣ ح ٢٤.

(١) نفس المصدر ج ١ ص ١٦٣ ح ١٦٣.

٨ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٨٥ ح ٢٥٧.

٢٢٥

٧ -( باب عدم كراهة وضع اليد على الأرض وقت الأكل، واستحباب خلع النعل عنده)

[١٩٦٦٧] ١ - أبو العباس المستغفري في طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال: قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا أكلتم فاخلعوا نعالكم، فإنه أروح لاقدامكم، وانه سنة جميلة ».

٨ -( باب أنه يستحب للانسان أن يأكل أكل العبد، ويجلس جلسة(*) العبد و، يأكل على الحضيض، وينام عليه)

[١٩٦٦٨] ١ - نهج البلاغة: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « فتأس بنبيك الأطهر الأطيبصلى‌الله‌عليه‌وآله - إلى أن قال - ولقد كانصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يأكل على الأرض، ويجلس جلسة العبد، ويخصف بيده نعله، ويرقع بيده ثوبه، ويركب الحمار العاري، ويردف خلفه » إلى آخره.

[١٩٦٦٩] ٢ - أبو علي محمد بن همام في كتاب التمحيص: عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، يقول: « إن رجلا من الأنصار أهدى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صاعا من رطب، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله للخادم التي جاءت به: ادخلي فانظري هل تجدين في البيت قصعة ولا طبقا، فتأتيني به؟ فدخلت ثم خرجت إليه، فقالت: ما أصبت قصعة ولا طبقا، فكنس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بثوبه مكانا من الأرض، ثم قال لها: ضعيه هاهنا على الحيض، ثم قال: والذي

__________________

الباب ٧

١ - طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ص ٢٠، وعنه في البحار ج ٦٢ ص ٢٩١.

الباب ٨

* في نسخة: جلوس.

١ - نهج البلاغة ج ٢ ص ٧٤ ح ١٥٥.

٢ - كتاب التمحيص ص ٤٨ ح ٧٩.

٢٢٦

نفسي بيده، لو كانت الدنيا تعدل عند الله مثقال جناح بعوضة، ما أعطى منافقا ولا كافرا منها شيئا ».

[١٩٦٧٠] ٣ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: نقلا عن كتاب النبوة وهو للصدوق، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، يقول: « مرت برسول الله امرأة بذيئة، وهو جالس على الحضيض(١) يأكل، فقالت: يا محمد، إنك لتأكل أكل العبد وتجلس جلوسه، فقال لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ويحك أي عبد أعبد مني! قالت: فناولني لقمة من طعامك، فناولها فقالت: لا والله، إلا التي في فيك، قال: فأخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لقمة من فيه فناولها، قال: فأكلتها، قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : فما أصيبت بداء حتى فارقت الدنيا ».

[١٩٦٧١] ٤ - الشيخ الطوسي في أماليه: عن أبي الحسن محمد بن محمد بن مخلد، عن الخالدي، عن الحسن بن علي القطان، عن عباد بن موسى، عن إبراهيم بن سليمان، عن عبد الله بن مسلم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يجلس على الأرض، ويأكل على الأرض، ويعتقل(١) الشاة، ويجيب دعوة المملوك على خبز الشعير.

[١٩٦٧٢] ٥ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه كان إذا أكل استوفز(١) على إحدى رجليه، واطمأن بالأخرى، ويقول: « اجلس كما يجلس العبد، وآكل كما يأكل العبد ».

__________________

٣ - مكارم الأخلاق ص ١٦.

(١) الحضيض: الأرض ( النهاية ج ١ ص ٤٠٠ ).

٤ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٧.

(١) اعتقل شاته: وضع رجلها بين ساقه وفخذه فحلبها ( لسان العرب ج ١١ ص ٤٦٢ ).

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١١٨ ح ٣٩٦.

(١) استوفز: قعد منتصبا غير مطمئن ( لسان العرب ج ٥ ص ٤٣٠ ).

٢٢٧

[١٩٦٧٣] ٦ - كتاب التعريف لأبي عبد الله محمد بن أحمد الصفواني: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذا قعد على المائدة يقعد قعدة العبد، وكان يتكئ على(١) فخذه الأيسر ».

[١٩٦٧٤] ٧ - عوالي اللآلي: روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « إنما أنا عبد آكل أكل العبيد، وأجلس جلسة العبيد ».

٩ -( باب كراهة وضع إحدى الرجلين على الأخرى، والتربع وقت الأكل وغيره، وعدم تحريمه)

[١٩٦٧٥] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « لا تأكل متكئا كما يأكل الجبارون ولا تربع ».

[١٩٦٧٦] ٢ - الصدوق في الخصال: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى: عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم، عن أبي عبد الله، عن آبائه، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام ، أنه قال: « إذا جلس أحدكم على الطعام فليجلس جلسة العبد، ولا يضعن أحدكم إحدى رجليه على الأخرى، ولا يتربع فإنها جلسة يبغضها الله عز وجل ويمقت صاحبها ».

١٠ -( باب كراهة الأكل والشرب والتناول بالشمال مع عدم العذر، إلا في العنب والرمان)

[١٩٦٧٧] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه

__________________

٦ - كتاب التعريف ص ١.

(١) في الحجرية والمصدر: عن، وما أثبتناه من هامش الطبعة الحجرية.

٧ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢٧٨ ح ١٠٨.

الباب ٩

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١١٩ ح ٣٩٧.

٢ - الخصال ص ٦١٩.

الباب ١٠

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١١٩ ح ٣٩٩.

٢٢٨

نهى أن يأكل أحد بشماله، أو يشرب بشماله، أو يمشي في نعل واحدة، وكان يستحب اليمين في كل شئ.

وكان ينهى عن ثلاث أكلات: أن يأكل أحد بشماله.. الخبر.

[١٩٦٧٨] ٢ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « لا يأكل الرجل بشماله، ولا يشرب بها، ولا يتناول بها، إلا من علة ».

[١٩٦٧٩] ٣ - القطب الراوندي في الخرائج: روي أن جرهدا أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبين يديه طبق، فأدنى جرهد ( ليأكل، فأهوى بيده إلى الشمال )(١) ، وكانت يده اليمنى مصابة، فقال(٢) : « فكل باليمين » قال(٣) : إنها مصابة، فنفث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليها، فما اشتكاها بعد

[١٩٦٨٠] ٤ - وروي أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أبصر رجلا يأكل بشماله، فقال: « كل بيمينك » فقال: لا أستطيع [ فقال: لا استطعت ](١) قال: فما وصلت إلى فيه [ يمينه ](٢) من بعد، كلما رفع اللقمة إلى فيه ذهبت في شق آخر.

[١٩٦٨١] ٥ - الجعفريات: بإسناده عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول الله

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١١٩ ح ٤٠٠.

٣ - الخرائج والجرائح ص ٩.

(١) كذا في الحجرية، وفي المصدر: بيده الشمال ليأكل.

(٢) في الحجرية: قال، وما أثبتناه من المصدر.

(٣) في الحجرية: فقال، وما أثبتناه من المصدر.

٤ - الخرائج والجرائح ص ٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٥ - الجعفريات ص ١٦٢.

٢٢٩

 صلى‌الله‌عليه‌وآله : الأكل بالشمال من الجفا ».

[١٩٦٨٢] ٦ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « كل بيمينك، فإن الشيطان يأكل بشماله ».

١١ -( باب كراهة الأكل ماشيا إلا مع الضرورة، وعدم تحريمه)

[١٩٦٨٣] ١ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: نقلا من طب الأئمة، عن أبي عبد اللهعليهم‌السلام ، قال: « لا تأكل وأنت ماش(١) ، إلا أن تضطر إلى ذلك ».

[١٩٦٨٤] ٢ - الجعفريات: أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه: « أن علياعليهم‌السلام ، قال: خرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قبل صلاة الغداة، وفي يد كسرة قد غمسها بلبن، وهو يأكل ويمشي، وبلال يقيم لصلاة الغداة، فدخل فصلى بالناس من غير أن يمس ماء ».

١٢ -( باب استحباب الاجتماع على أكل الطعام، وأكل الرجل مع عياله، وحكم الأكل مع الامام)

[١٩٦٨٥] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الجماعة بركة، وطعام

__________________

٦ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٧٤ ح ١٤٢.

الباب ١١

١ - مكارم الأخلاق ص ١٤٥.

(١) في المصدر: تمشي.

٢ - الجعفريات ص ٢٦.

الباب ١٢

١ - الجعفريات ص ١٥٩.

٢٣٠

الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة ».

[١٩٦٨٦] ٢ - وبهذا الاسناد قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما من رجل يجمع عياله، ثم يضع مائدته، فيسمون الله تبارك وتعالى أول طعامهم، ويحمدون الله تعالى في آخره، الا لم يرفع المائدة [ من بين يديه ](١) حتى يغفر لهم ».

[١٩٦٨٧] ٣ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: سأل رجل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: يا رسول الله، إنا نأكل ولا نشبع، قال: « لعلكم تفترقون عن طعامكم، فاجتمعوا عليه، واذكروا اسم الله عليه، يبارك لكم [ فيه ](١) ».

[١٩٦٨٨] ٤ - ومن كتاب مواليد الصادقينعليهم‌السلام : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يأكل كل الأصناف من الطعام - إلى أن قال - وكان أحب الطعام إليه ما كان على ضفف(١) .

[١٩٦٨٩] ٥ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أحب الطعام إلى الله، ما كثرت على أيدي المؤمنين ».

[١٩٦٩٠] ٦ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « أكثر الطعام بركة ما كثرت عليه الأيدي، وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة ».

__________________

٢ - الجعفريات ص ١٦٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

٣ - مكارم الأخلاق ص ١٤٩.

(١) أثبتناه من المصدر.

٤ - مكارم الأخلاق ص ٢٦.

(١) الضفف: الأكل دون الشبع، أو كثرة الأيدي على الطعام. ( النهاية ج ٣ ص ٩٥ ).

٥ - كتاب الأخلاق: مخطوط.

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١١٦ ح ٣٨٧.

٢٣١

[١٩٦٩١] ٧ - روينا عن جعفر بن محمد، عن آبائهعليهم‌السلام : أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « ما من رجل يجمع عياله، ثم يضع طعامه، فيسمي ويسمون الله في أول طعامهم، ويحمدونه عز وجل في آخره، فيرفع المائدة حتى يغفر [ الله ](١) لهم ».

[١٩٦٩٢] ٨ - وعن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا سمي الله على أول الطعام، وحمد على آخره، وغسلت الأيدي قبله وبعده، وكثرت الأيدي عليه، وكان من حلال، فقد تمت بركته ».

[١٩٦٩٣] ٩ - عماد الدين الطبري في بشارة المصطفى: بالسند المتقدم في الباب الثاني، عن كميل بن زياد قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « يا كميل، إذا أكلت الطعام فواكل به(١) ولا تبخل عليه(٢) ، فإنك لم ترزق الناس شيئا، والله يجزل لك الثواب بذلك ».

ورواه الحسن بن علي في تحف العقول: وفيه: « يا كميل، واكل بالطعام » إلى آخره(٣) .

[١٩٦٩٤] ١٠ - تفسير الإمامعليه‌السلام : في حديث الذراع المسمومة، - إلى أن قال -: « فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ائتوني بالخبز، فأتي به فمد البراء بن معرور يده، وأخذ منه لقمة فوضعها في فيه فقال له علي بن أبي طالبعليه‌السلام : يا براء لا تتقدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال البراء وكان اعرابيا: كأنك تبخل رسول الله ( صلى الله

__________________

٧ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١١٧ ح ٣٩١.

(١) أثبتناه من المصدر.

٨ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١١٧ ح ٣٩٢.

٩ - بشارة المصطفى ح ٢٥.

(١) في الطبعة الحجرية: « الطعام » وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: به.

(٣) تحف العقول ص ١١٥.

١٠ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٧٠.

٢٣٢

عليه وآله )، فقال عليعليه‌السلام : لا أبخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكني أبجله وأوقره، ليس لي ولا لك ولا لاحد من خلق الله أن يتقدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بقول ولا فعل، ولا أكل ولا شرب الخبر

[١٩٦٩٥] ١١ - المستغفري في طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال: قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أحب الطعام إلى الله ما كثرت عليه الأيدي ».

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « البركة في ثلاثة: الاجتماع، والسحور، والثريد »(١) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « كلوا جميعا ولا تتفرقوا، فإن البركة في الجماعة »(٢) .

١٣ -( باب استحباب طول الجلوس على المائدة، وترك استعجال الذي يأكل وإن كان عبدا، وكذا محادثته)

[١٩٦٩٦] ١ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: نقلا من طب الأئمة، عن الصادقعليهم‌السلام ، قال: « أطيلوا الجلوس على المائدة(١) ، فإنها ساعة لا تحسب من أعماركم ».

[١٩٦٩٧] ٢ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه كره القيام من(١) الطعام، وكان ربما دعا بعض عبيده، فيقال: [ هم ](٢)

__________________

١١ - طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ص ١٩، وعنه في البحار ج ٦٢ ص ٢٩٠.

(١) نفس المصدر ص ٢٠، وفيه: الجماعة، بدل الاجتماع.

(٢) نفس المصدر ص ٢١.

الباب ١٣

١ - مكارم الأخلاق ص ١٤١.

(١) في المصدر: الموائد.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٠ ح ٤٠٨.

(١) في المصدر: عن.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٢٣٣

يأكلون، فيقول: « دعوهم حتى يفرغوا ».

[١٩٦٩٨] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « روي: أطيلوا الجلوس عند الموائد، فإنها، أوقات لا تحسب من أعماركم ».

[١٩٦٩٩] ٤ - كتاب التعريف لأبي عبد الله محمد بن أحمد الصفواني: روي: أن طول الجلوس على المائدة، لا يصير من العمر.

[١٩٧٠٠] ٥ - الشيخ المفيد في الإختصاص: وروي: أطيلوا الجلوس على الموائد، فإنها أوقات لا تحسب من أعماركم.

١٤ -( باب كراهة إجابة دعوة الكافر والمنافق والفاسق)

[١٩٧٠١] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، نهى عن زبد المشركين » يريد هدايا أهل الحرب.

[١٩٧٠٢] ٢ - وبهذا الاسناد: عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام : « أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، دعاه رجل من اليهود إلى طعام، ودعا معه نفرا من أصحابه، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أجيبوا، فأجابوا وأجاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فأكل ».

[١٩٧٠٣] ٣ - المستغفري في طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « طعام الجواد دواء، وطعام البخيل داء ».

__________________

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٩.

٤ - كتاب التعريف ص ١.

٥ - الاختصاص ص ٢٥٣.

الباب ١٤

١ - الجعفريات ص ٨٢.

٢ - الجعفريات ص ١٥٩.

٣ - طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ص ٢١، وعنه في البحار ج ٦٢ ص ٢٩١.

٢٣٤

١٥ -( باب تأكد استحباب إجابة دعوة المؤمن والمسلم، ولو على خمسة أميال، والأكل عنده)

[١٩٧٠٤] ١ - الجعفريات: بالسند المتقدم، عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لو دعيت إلى ذراع شاة لأجبت، ولو أهدي إلي كراع(١) لقبلت ».

ورواه في الدعائم: عنهعليه‌السلام ، مثله(٢) .

[١٩٧٠٥] ٢ - وبهذا الاسناد: قال: « قال رسول الله ( صلى الله عليه و وآله ): سر ثلاثة أميال أجب دعوة ».

[١٩٧٠٦] ٣ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه كان يأتي الدعوة ويقول: « هي حق على من دعي إليها ».

[١٩٧٠٧] ٤ - وعن الحسن بن عليعليهما‌السلام (١) ، أنه رأى رجلا دعي إلى طعام فقال للذي دعاه: اعفني، فقال الحسن بن عليعليهما‌السلام (٢) : « قم، فليس في الدعوة عفو، إن كنت مفطرا فكل، وإن كنت صائما فبارك ».

[١٩٧٠٨] ٥ - القطب الراوندي في دعواته: عن رسول الله ( صلى الله عليه

__________________

الباب ١٥

١ - الجعفريات ص ١٥٩.

(١) كراع من الحيوان: مستدق الساق العاري من اللحم، وهو في الرجل دون الركبة ( لسان العرب ج ٨ ص ٣٠٧ ).

(٢) دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٢٥ ح ١٢٢٧.

٢ - الجعفريات ص ١٨٦.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٠٧ ح ٣٤٦.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٠٧ ح ٣٤٧.

(١) في المصدر: الحسين بن عليعليهما‌السلام .

(٢) في المصدر: الحسين بن عليعليهما‌السلام .

٥ - دعوات الراوندي ص ٦١، وعنه في البحار ج ٧٥ ص ٤٤٨ ح ١١ و

٢٣٥

وآله )، قال: « من لم يجب الدعوة، فقد عصى الله ورسوله ».

[١٩٧٠٩] ٦ - الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب المؤمن: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « للمسلم على أخيه من الحق أن يسلم عليه إذا لقيه - إلى أن قال - ويجيبه إذا دعاه ».

[١٩٧١٠] ٧ - وعن المعلى بن خنيس، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « للمؤمن على المؤمن سبعة حقوق واجبة، ليس منها حق إلا وهو واجب على أخيه، إن ضيع منها حقا خرج من ولاية الله، وترك طاعته، ولم يكن له فيها نصيب - إلى أن قال - والسابع: أن تبر قسمه، وتجيب دعوته ».

[١٩٧١١] ٨ - سبط الطبرسي في مشكاة الأنوار: نقلا عن المحاسن، عن الرضاعليه‌السلام ، قال: « السخي يأكل من طعام الناس ليأكلوا من طعامه، والبخيل لا يأكل من طعام الناس لكيلا يأكلوا من طعامه ».

[١٩٧١٢] ٩ - والده الحسن في مكارم الأخلاق: عن أنس بن مالك قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يعود المريض، ويتبع الجنازة، ويجيب دعوة المملوك.

[١٩٧١٣] ١٠ - وعن ابن عباس: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يجلس على الأرض(١) ، ويعتقل الشاة، ويجيب دعوة المملوك.

[١٩٧١٤] ١١ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال:

__________________

٦ - كتاب المؤمن ص ٤٥ ح ١٠٥.

٧ - المصدر السابق ص ٤٠ ح ٩٣.

٨ - مشكاة الأنوار ص ٢٣١.

٩ - مكارم الأخلاق ص ١٥. ١٠

١٠ - مكارم الأخلاق ص ١٦.

(١) في المصدر زيادة: ويأكل على الأرض.

١١ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٦٤.

٢٣٦

« من دعي فلم يجب فقد عصى الله ورسوله، من دخل على غير دعوة دخل سارقا وخرج معيرا ».

[١٩٧١٥] ١٢ - الجعفريات: بغير سند أهل البيت، عن الشريف أبي الحسن علي بن عبد الصمد الهاشمي، عن أبي بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن صالح الأبهري، حدثنا عبد الله بن محمد بن وهب الدينوري الحافظ قال: حدثنا محمد بن آدم بن سلمان المصيصي قال: حدثنا عبد الواحد بن سلمان العبدي قال: حدثنا عبد الله بن عون، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لو دعيت إلى كراع لأجبت ».

١٦ -( باب عدم جواز إطعام الكافر إلا ما استثني)

[١٩٧١٦] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في حديث: واصطف بطعامك ومالك من تحب في الله.

[١٩٧١٧] ٢ - زيد النرسي في أصله: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « فأما الناصب فلا يرقن قلبك عليه، ولا تطعمه ولا تسقه وإن مات جوعا أو عطشا، ولا تغثه وإن كان غرقا أو حرقا فاستغاث فغطه ولا تغثه، فإن أبي نعم المحمدي كان يقول: من أشبع ناصبا ملا الله جوفه نارا يوم القيامة، معذبا كان أو مغفورا له ».

[١٩٧١٨] ٣ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله بن محمد قال: أخبرنا محمد بن محمد قال: حدثني موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن

__________________

١٢ - الجعفريات ص ٢٥٠.

الباب ١٦

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٠٦.

٢ - أصل زيد النرسي ص ٥١.

٣ - الجعفريات ص ١٩٤.

٢٣٧

علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : صل بطعامك وشرابك من تحب في الله عزو جل ».

[١٩٧١٩] ٤ - العياشي في تفسيره: عن حريز، عن بريد(١) ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « ولا تطعم من ينصب لشئ من الحق، أو دعا إلى شئ من الباطل ».

[١٩٧٢٠] ٥ - تفسير الإمامعليه‌السلام : عن الحسن بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « ولو منعت الكافر منها حتى يموت جوعا وعطشا، ثم أذقته شربة من الدنيا لرأيت أني قد أسرفت ».

١٧ -( باب أنه يستحب للمؤمن أن لا يحتشم من أخيه، ولا يتكلف له، وأن يتحفه، ويقبل توبته)

[١٩٧٢١] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله بن محمد، أخبرنا محمد بن محمد قال: حدثني موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من تكرمة الرجل لأخيه المسلم أن يقبل تحفته، أو يتحفه بما عنده، ولا يتكلف له شيئا ».

[١٩٧٢٢] ٢ - وبهذا الاسناد قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا أحب المتكلفين ».

__________________

٤ - تفسير العياشي ج ١ ص ٤٨.

(١) في الحجرية: « عن رجل » وفي المصدر: « عن برير » وما أثبتناه هو الصواب ( راجع معجم رجال الحديث ج ٣ ص ٢٩٠ و ج ٤ ص ٢٥٤.

٥ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ١٣٣.

الباب ١٧

١ - الجعفريات ص ١٩٣.

٢ - الجعفريات ص ١٩٣.

٢٣٨

[١٩٧٢٣] ٣ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « أكرم أخلاق النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، التزاور في الله، وحق على المزور أن يقرب إلى أخيه ما تيسر عنده، ولو لم يكن إلا جرعة من ماء، فمن احتشم أن يقرب إلى أخيه ما تيسر عنده، لم يزل في مقت الله يومه وليلته ».

[١٩٧٢٤] ٤ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « إن من تكرمة الرجل أخاه أن يقبل تحفته، وأن يتحفه بما عنده، ولا يتكلف له، فإني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقول: إن الله لا يحب المتكلفين ».

١٨ -( باب عدم جواز استقلال صاحب المنزل ما يقدمه للضيف واحتقاره، واستقلال الضيف له واحتقاره)

[١٩٧٢٥] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال في حديث: « ومن احتقر ما يقرب إليه أخوه، لم يزل في مقت الله يومه وليلته ».

١٩ -( باب أنه يستحب للضيف أن لا يكلف صاحب المنزل شيئا ليس فيه، وأن يمنعه من الاتيان بشئ من خارج ويستحب لصاحب المنزل إذا دعا أخاه أن يتكلف له)

[١٩٧٢٦] ١ - دعائم الاسلام: عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: حدثني

__________________

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٠٦ ح ٣٤١.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٢٦.

الباب ١٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٠٧

الباب ١٩

١ - دعائم الاسلام، وصحيفة الرضاعليه‌السلام ص ٦٩ ح ١٥٥ وعنه في البحار ج ٧٥ ص ٤٥١.

٢٣٩

أبي الحسين بن عليعليهما‌السلام ، قال: « دعا رجل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فقال له: أجبت على أن تضمن لي ثلاث خصال، قال: وما هي يا أمير المؤمنين؟ قال: أن لا تدخل علي شيئا من خارج، ولا تدخر عني شيئا في البيت، ولا تجحف بالعيال، قال: ذلك لك، فأجابه عليعليه‌السلام ».

[١٩٧٢٧] ٢ - أبو عمرو الكشي في رجاله: عن جعفر بن معروف قال: حدثني محمد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن أبان بن عثمان، عن محمد بن زياد، عن ميمون بن مهران، عن عليعليه‌السلام ، قال: « قال لي الحارث: أتدخل منزلي يا أمير المؤمنين؟ فقالعليه‌السلام : على شرط أن لا تدخرني شيئا مما في بيتك، ولا تكلف لي شيئا مما وراء بابك، قال: نعم، فدخل يتحرف(١) ويحب أن يشتري له، وهو يظن أنه لا يجوز له، حتى قال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : يا حارث، قال: هذه دراهم معي، ولست أقدر [ على ](٢) أن أشتري لك ما أريد، قال: أوليس قلت لك: لا تتكلف ما وراء بابك؟ فهات مما في بيتك ».

[١٩٧٢٨] ٣ - الحسين بن حمدان الحضيني في الهداية: عن صباح المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن الأصبغ بن نباتة قال: خرجنا مع أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وهو يطوف في السوق يوفي الكيل والميزان، حتى إذا انتصف النهار مر برجل جالس، فقام إليه فقال: يا أمير المؤمنين، سر معي إلى أن تدخل بيتي، وتتغدى(١) وتدعو الله لي، وما أحسبك اليوم تغديت، قال عليعليه‌السلام : « على أن أشرط عليك » قال: لك شرطك، قال

__________________

٢ - رجال الكشي ج ١ ص ٣٠٠ ح ١٤٣.

(١) يتحرف: أي يميل يمينا وشمالا ( لسان العرب ج ٩ ص ٤٣ ) وفي المصدر: يتحرق.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٣ - الهداية ص ٣١ - أ.

(١) في المصدر زيادة: عندي.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

بقولهم:( لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا ) .

والله سبحانه يجيب عليها:

١ ـ بأنّ أمر النصر بيد الله كما أخبر به النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ولكنّه مرهون بعوامل وأسباب غيبيّة واُخرى اكتسابيّة خاصّة، وأنتم أيّها المعترضون قد فوّتم تحصيل تلك الأسباب والعوامل، فلا يحق لكم الاعتراض بعد تقصيركم.

٢ ـ بأنّ لكل نفس أجلاً محدّداً لا يتقدّم عليه ولا يتأخّر.

٣ ـ إنّ في هذه النكسة الفادحة تمحيص لما في الصدور والقلوب فقد تميّز به المؤمن المثابر من المتظاهر بالإيمان، وبذلك يعلم أنّ القول بأنّ الصحبة كافية في تحقيق إتّصاف الرجل بالعدالة والنزاهة والإستقامة شيء لا حقيقة له ولا أساس وقد تحقّق لديك بفضل هذه الآيات أنّ أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إنقسموا إلى طوائف: فمن منافق نكص على عقبيه في أثناء الطريق ولم يشترك في القتال وتذرّع بقولهم:( لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ ) ( آل عمران / ١٦٧ ).

ومن مؤمن كابر أمر الرسول وخرج عن طاعته وأخلى ساحة القتال ولكنّه لم تنتابه وتعتريه شبهات وظنون أهل الجاهليّة، فتاب ورجع إلى النبيّ بعد جلاء المعركة وهم من مصاديق قوله سبحانه:( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ) ( الأعراف / ٢٠١ ).

ومن متظاهر بالإيمان لم يتمكّن الإيمان من قلبه حقّ التمكّن، فلمّا حاق به البلاء ورأى الانتكاسة المروّعة الرهيبة، ارتدّ القهقري وصار يتفوّه بمقولات أهل الشرك والجاهلية.

أضف إلى ذلك، الطائفة الثالثة الذين رجعوا أثناء الطريق ولم يساهموا النبيّ والمسلمين، وهؤلاء هم أتباع عبد الله بن اُبيّ المنافقون.

٣٦١

أفبعد هذا يصحّ لنا القول بأنّ كلّ صحابي عادل ؟!! وأنّ العدل والصحبة متلازمان؟! كلّا ومن يذهب إليه فإنّما يجترئ عظيماً.

والذي يعرب عن أنّ بعضهم قد بلغ به الحال إلى المشارفة على أعتاب الرّدة قوله سبحانه:( وَمَا مُحَمَّدٌ إلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا ) ( آل عمران / ١٤٤ ).

قال أنس بن النضر: في السّاعة التي زاغت فيها الأبصار والبصائر وبلغت القلوب فيها الحناجر، وحين فشا في النّاس أنّ رسول الله قد قتل، وقال بعض ضعفاء المؤمنين ليت لنا رسولاً إلى عبد الله بن اُبي فيأخذ لنا أماناً من أبي سفيان(١) وقال ناس من أهل النّفاق: إن كان محمد قد قتل فالحقوا بدينكم الأوّل. قال أنس: إن كان محمد قد قتل فإنّ ربّ محمّد لم يقتل، وما تصنعون بالحياة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقاتلوا على ما قاتل عليه وموتوا على ما مات عليه، ثمّ قال: أللّهم إنّي أعتذر إليك ممّا قال هؤلاء، وأبرأُ إليك ممّا جاء به هؤلاء، ثمَّ شدّ بسيفه فقاتل حتّى قتلرضي‌الله‌عنه ، كما مرّ(٢) .

فمحصّل معنى الآية على ما فيها من سياق العتاب والتوبيخ: إنّ محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله ليس إلّا رسولاً من الله مثل سائر الرّسل ليس شأنه إلّا تبليغ رسالة ربّه لا يملك من الأمر شيئاً، وإنّما الأمر لله والدين دينه باق ببقائه، فما معنى اتّكاء إيمانكم على حياته، حيث يظهر منكم أنّه لو مات أو قتل تركتم القيام بالدين ورجعتم إلى أعقابكم القهقري واتّخذتم الغواية بعد الهداية ؟

وهذا السياق أقوى شاهد على أنّهم ظنّوا يوم أُحد بعد أن حمى الوطيس أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قد قتل فانسلّوا عند ذلك وتولّوا عن القتال.

__________________

(١) مجمع البيان: ج ١ ص ٥١٣.

(٢) لاحظ ص ٣٣٢.

٣٦٢

القصاص بالقسط:

إنّ المشركين لـمّا مثّلوا بقتلى المسلمين في اُحد وبحمزة بن عبد المطّلب فشقّوا بطنه، وأخذت هند بنت عتبة كبده فجعلت تلوكه، وجدعوا أنفه واُذنه قال المسلمون: لئن أمكننا الله منهم لنمثّلنّ بالأحياء منهم فضلاً عن الأموات، وفي ذلك نزل قوله سبحانه:( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ *وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إلّا بِاللهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ ) (١) .

وروى السيوطي في الدر المنثور عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم قتل حمزة ومثّل به: لئن ظفرت بقريش لاُمثلنّ بسبعين رجلاً منهم، فأنزل الله:( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ ) الآية، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « بل نصبر يا ربّ. فصبر ونهى عن المثلة » والظّاهر أنّ الحكاية الاُولى أوثق وذلك لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أجلّ وأعلى شأناً من أن يتمنّى قصاصاً فيه اجحاف وانتقاص بالآخرين.

وروى البيهقي عن محمّد بن كعب القرظي قال: لـمّا رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حمزة بالحال التي هو بها حين مثّل به، قال: لئن ظفرت بقريش لاُمثلنّ بثلاثين منهم، فلمّا رأى أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما به من الجزع قالوا: لئن ظفرنا بهم لنمثلنّ بهم مثلة لم يمثّلها أحد من العرب بأحد، فأنزل الله عزّ وجلّ:( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ ) إلى آخر السورة فعفا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) .

والإختلاف بين الحكايتين واضح لكنّ محمّد بن كعب القرظي من بني قريظة الذين تمّت إبادتهم أيام رسول الله في المدينة ولم يبق منهم إلّا قلّة قليلة، ولا يعبأ بنقله، ولعلّ غرضه الازدراء بالنبيّ وادّعاء عدم قيامه بمقتضى العدل.

__________________

(١) مجمع البيان: ج ٣ ص ٦٠٥.

(٢) دلائل النبوّة: ج ٣ ص ٢٨٦، والسيرة النبويّة لابن هشام: ج ٢ ص ٩٥.

٣٦٣

مطاردة العدو:

ثمّ إنّه لـمّا بلغ رسول الله أنّ العدو بصدد معاودة الكرّة إلى المدينة حتّى يستأصل بقية المسلمين، فأمر رسول الله المؤذّن أن يؤذّن بالخروج إلى مطاردة العدو وأن لا يخرج إلّا من حضر الأمس في المعركة، وإليه يشير قوله سبحانه:( الَّذِينَ اسْتَجَابُوا للهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ *فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ *إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) ( آل عمران / ١٧٢ ـ ١٧٥ ).

ويستفاد من جملتها:

( أوّلاً ): إنّ المؤمن إذا انتابته الهزيمة واعتراه الإنكسار الظاهري لا يصل به الأمر إلى فقد الثقة بالله سبحانه وتعالى، فلو تمكّن من معاودة الكرّة لتحقيق الإنتصار لهبّ مسرعاً ولم يقعد به القرح ولا يكون جليس البيت لأجل ملمّة ألـمـّت به، وإليه يشير قوله سبحانه:( الَّذِينَ اسْتَجَابُوا للهِ ) .

( وثانياً ): لو بلغهم تأهّب العدوّ لكرّ عليهم ثانياً وجاءت النذر يخوفونهم من بأس العدو ومازادهم إلّا إيماناً وثقة وانقطاعاً إلى الله وقالوا:( حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ) .

( وثالثاً ): إنّ ما جاءت به النذر من الأنباء إنّما كانت من الشياطين الّذين يخوّفون أولياءهم، وأمّا المؤمنون فإنّهم قد خرجوا عن نطاق تأثير تلك الإرهاصات النفسيّة.

غزوة اُحد بين السلبيات والإيجابيّات:

إنّ غزوة اُحد كسائر الغزوات التي تمخّض عنها ما هو سلبي وما هو إيجابي، وقد ورد في الذّكر الحكيم آيات تشير إلى جملتها، وإليك نصوصها مشفوعة بما

٣٦٤

يليق بها من التحليل:

قال عزّ وجلّ:( وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ) .

( وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ ) .

( أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ) .

( وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ المَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ) ( آل عمران / ١٤٠ ـ ١٤٣ ).

( مَّا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ المُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَٰكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ) ( آل عمران / ١٧٩ ).

ويستفاد من هذه الآيات ما يلي:

١ ـ الانتصار والانكسار من سنن الله:

إنّ من سنن الله تعالى الطبيعية في الاُمم أنّه لم يكتب على جبين اُمّة السيادة والإنتصار في جميع الأزمنة والأمكنة، وكذلك شأن الهزيمة. فهي تعيش بين هذين مقبلة ومدبرة تارة اُخرى كما يشير إليه قوله سبحانه:

( وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ) .

٢ ـ التمحيص بالمحنة والبلاء:

إذا كتب النصر على جبين اُمّة على ممرّ الأعصار والدهور لم يتميّز المؤمن عن المنافق والصابر المجاهد عن المتهاون المتقاعد، وقد كان المسلمون قبل لقاء العدوّ

٣٦٥

يتمنّون الموت ولكنّهم فشلوا في الإمتحان عند اللّقاء كما يشير إليه قوله:( وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ المَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ ) وقد طبّقت غزوة اُحد ذلك المقياس وقد عرفت ما آل إليه جيش المسلمين حيث إنقسموا إلى ثلاث طوائف أو أكثر، وإليه يشير قوله سبحانه:( وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا ) وقوله سبحانه:( وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ ) وقال أيضاً:( مَّا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ المُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ) .

٣ ـ خُلّص الغزاة شهداء على الأعمال:

وقد بلغ إخلاص بعض الغزاة إلى حدّ جعلهم يتسنّمون درجة الشهادة على الأعمال وهي درجة رفيعة تحتاج إلى بصيرة مثاليّة وكماليّة في القلب حتّى يشهد على سائر إخوانه بخير أو شرّ كما يشير إليه قوله سبحانه:( وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ) ومع ذلك فربّما يحتمل أن يراد من الشهداء في الآية هو الشهيد في المعركة والمضحّي بنفسه في سبيل إعلاء كلمة الحق.

٤ ـ الجنّة رهن الجهاد والصمود:

إنّ إستحقاق دخول الجنّة لا يكتسب بمجرّد التفوّه بمحض عبارات اللّسان بل يحتاج إلى عظيم جهاد بالنفس والنفيس.

وإليه يشير قوله سبحانه:( أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ) .

هذا ما يستفاد من جملة هذه الآيات، وهناك طائفة اُخرى من الآيات وردت في شأن تلك الغزوة فيها من العظات والحكم البليغة.

٣٦٦

٥ ـ استنهاض الهمم والعزائم:

لا شكّ أنّ الهزيمة والانكسار في الحرب من أعظم عوامل تثبيط العزائم كما أنّ الإنتصار من أقوى عوامل النهوض بها وتتويجها بتاج الإستبسال والبطولة.

وبما أنّ الهزيمة كانت قد لحقت بالمسلمين في خاتمة المعركة فقد كان لها بطبيعة الحال آثار سيّئة مروّعة خصوصاً عند ظهور الأعداء عليهم فهم قد انبروا يحيكون حولها من الأراجيف، قال عليٌّعليه‌السلام : « إذا أقبلت الدنيا على أحد أعارته محاسن غيره، وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه »(١) فعاد الذكر الحكيم يعالج هذا الداء المزمن الّذي استشرى في نفوس المسلمين وتمكّن في قلوبهم وذلك بإعلامهم بأنّ الموت من سنن الله سبحانه الحتميّة وأنّ لكلّ نفس كتاباً مؤجّلاً لا يتخلّف ولا يحيد عنه أبداً، وإليه يشير قوله سبحانه:( وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إلّا بِإِذْنِ اللهِ كِتَابًا مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ) ( آل عمران / ١٤٥ ).

٦ ـ الاعتبار بالاُمم الماضية:

إنّه سبحانه من أجل رفع معنويّات المسلمين واستنهاض هممهم يذكرّهم بالاُمم الماضية وكيف أنّ فئتهم القليلة كانت تغلب الفئات الكثيرة وتجعل الصبر على البلاء دثارها وذلك لأخذ هم بأسباب النّصر من الصمود والمفاداة في سبيل إظهار الحق واعلاء كلمته، قال سبحانه:( وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ) ( آل عمران / ١٤٦ ).

( وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إلّا أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) ( آل عمران / ١٤٧ ).

__________________

(١) نهج البلاغة قسم الحكم رقم ٢.

٣٦٧

٧ ـ إخماد ثائرة الفتنة:

ولـمّا رجع المسلمون إلى المدينة بعد أن أصابهم ما أصابهم فوجئوا بشماتة المتقاعدين والمنافقين حيث خاطبوهم بقولهم: لو كنتم معنا لما قتلتم، وذلك ما يحكيه عنهم سبحانه بقوله:( الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ المَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) ( آل عمران / ١٦٨ ).

وقد ورد ذلك المضمون في موضع آخر من السورة في قوله سبحانه:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَّوْ كَانُوا عِندَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللهُ ذَٰلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) ( آل عمران / ١٥٦ ).

فهو سبحانه يجيب عن هذه الشبهة باُمور:

أ ـ ما أشار إليه في قوله:( قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ المَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) وحاصله أنّ قولكم « لو أطاعونا ما قتلوا » يعرب عن أنّ القائل يعتقد بأنّ الموت والحياة بيد الانسان ولو صحّ ذلك فليدفع الموت عن نفسه، مع أنّه سنّة الله الحتميّة في جميع الكائنات.

ب ـ بأنّ موت الإنسان في ساحة القتال مع الشرك ليس موتاً حقيقياً وإنّما هو في حقيقة الأمر ارتحال من دار إلى دار ومن حياة مادّية إلى حياة مثالية وأبدية سرمدية في خاتمة المطاف في جنات النعيم وأنّ الشهداء أحياء عند ربّهم يرزقون ويستبشرون بالّذين لم يلحقوا بهم بما هم فيه من حياة بلا كآبة ووجل، قال سبحانه:

( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ *فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ إلّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ *يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ المُؤْمِنِينَ ) ( آل عمران / ١٦٩ ـ ١٧١ ).

ثمّ إنّ المستفاد منها أنّ حياة الشهداء حياة حقيقية لها آثار جسمية ولها آثار

٣٦٨

روحية، ومن آثارها الجسميّة هو الرزق، ومن آثارها النفسية الاستبشار، فمن زعم أنّ المراد من حياة الشهداء هو خلودهم في صفحة تاريخ أمجاد الشعوب فقد فسّر القرآن تفسيراً مادّياً أعاذنا الله تعالى منه ولذلك قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في جوابه لأبي سفيان ـ عندما قال: « إنّ الحرب سجال يوم بيوم » ـ:

« قتلانا في الجنّة وقتلاكم في النار ».

وقال الإمام الحسين حينما أمر أصحابه بالصبر:

« صبراً بني الكرام فما الموت إلّا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضرّاء إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائمة فأيّكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر وما هو لأعدائكم إلّا كمن ينتقل من قصر إلى سجن وعذاب، وإنّ أبي حدّثني عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الدنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر، والموت جسر هؤلاء إلى جنانهم وجسر هؤلاء إلى جحيمهم ما كذبت ولا كذّبت »(١) .

فما جاء في كلامهعليه‌السلام صريح في كون الحياة حياة حقيقية.

وهذه الآيات بجملتها قد تناولت غزوة اُحد بجوانبها المختلفة وهناك آيات أخرى أيضاً وردت بالتنديد بالمتقاعدين وباستنهاض هممهم مثل قوله سبحانه:( وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ *إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ) ( آل عمران / ١٣٩ و ١٤٠ ).

__________________

(١) بلاغة الحسين ص ٤٧.

٣٦٩

٣ ـ غزوة الخندق

أجلى النبي الأكرم قبيلتي « بني قينقاع » و « بني النضير » من المدينة المنوّرة إلى شمال شبه الجزيرة العربيّة فنزلت عدّة منهم قلاع خيبر ورحلت عدّة اُخرى منهم إلى الشام ولبثتا تتحيّنان الفرص لإدراك ثأرهما من النبيّ وأصحابه والإنقضاض عليهم في عقر دارهم، وقد كان اليهود أبصر خصوم المسلمين وأشدّهم حنكة وسياسة، فهم كانوا دعاة التوحيد في شبه الجزيرة العربية، وكانوا ينافسون المسيحيين في سلطانهم حيث كانوا دعاة التثليث، وفي خِضَمُّ هذه الظروف فوجئوا ببزوغ نجم شخصيّة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وكتابه الجديد حيث يدعوا إلى التوحيد بعبارات قويّة جذّابة وبمبادئ خلّابَة تأخذ بمجامع القلوب وتستقطب الأفكار.

ولأجل ذلك اجتمعت كلمتهم على تأليب العرب وإثارة حفائظهم ضدّ محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فأرسلوا رسلهم إلى قريش منهم سلّام بن أبي الحقيق، وحيي بن أخطب، وكنانة بن أبي الحقيق من بني النضير، ونفراً من بني وائل حتى قدموا قريشاً فدعوهم إلى حرب رسول الله وقالوا: إنّا سنكون معكم حتى نستأصله، فقالت لهم قريش: يا معشر اليهود إنّكم أهل الكتاب الاُوّل والعلم وتعلمون اختلافنا ومحمّد، أفديننا خير أم دينه ؟

قالوا: بل دينكم خير من دينه وأنتم أولى بالحق.

الله أكبر ما هذه الشراسة والصلافة والوقاحة ! وهم يزعمون أنّهم دعاة التوحيد وهاهم يفضّلون ويرجّحون الوثنيّة على التوحيد بملء فيهم لغاية التشفّي والإنتقام، وإليه يشير قوله سبحانه:( أَلَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالجِبْتِ

٣٧٠

وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَٰؤُلاءِ أَهْدَىٰ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً *أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَن يَلْعَنِ اللهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا ) ( النساء / ٥١ ـ ٥٢ )(١) .

فلمّا قالوا ذلك لقريش طاروا فرحاً وامتلأوا سروراً ونشطوا لإنجاح وتلبية ما دعوهم إليه من حرب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ولـمـّا تمكّنوا من أخذ الميثاق منهم على الحركة صوب المدينة في وقت مُخصّص ارتحلوا من مكّة إلى شمال الجزيرة فجاءوا إلى غطفان من قيس بن غيلان ومن بني مرّة، ومن بني فزارة، ومن أشجع، ومن سليم، ومن بني سعد، ومن أسد التي هي بمجموعها تشكّل بطون غطفان، وما زالوا بهم يحرّضونهم ويستحثّونهم ويذكرون لهم متابعة قريش إيّاهم على حرب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فاجتمع أمرهم على نصرتهم ووعدهم يهود خيبر على أن يدفعوا إليهم محاصيل نخيلهم طيلة عام واحد ازاء نصرتهم لهم ومعاضدتهم إيّاهم(٢) .

حفر الخندق واحداثه حول المدينة(٣) :

ولـمـّا بلغ رسول الله اتّفاق كلمتهم على حربه واجتماع قبائلهم على غزوه، أخذ يخطّط لكيفيّة الدفاع وصدّ هجوم القبائل عليه في عقر داره. إذ فرق كبير بين غزوتي بدر واُحد وغزوة الخندق، فإنّ المحاربين في هذه الغزوة المترقبة أشد شراسة وعدداً وعدّة من سلفهم، ومن أجل ذلك فإنّ الصمود في وجهم يحتاج إلى حنكة عسكرية فائقة وتخطيط حربي متقن فاستشار أصحابه في أمرهم فقال سلمان: يا رسول الله إنّ القليل لا يقاوم الكثير في المطاولة، قال: فما نصنع ؟ قال: نحفر خندقاً يكون بيننا

__________________

(١) وقد أشبعنا الكلام في توضيح الآية في الفصل المخصّص بأهل الكتاب فراجع.

(٢) المغازي للواقدي: ج ٢ ص ٤٤٦.

(٣) عسكر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الثلاثاء لثمان مضت من ذي القعدة فحاصروه خمس عشرة وانصرف يوم الأربعاء لسبع بقين سنة خمس، وقد استعمل على المدينة ابن اُمّ مكتوم.

٣٧١

وبينهم حجاباً فيمكنك منعهم في المطاولة، ولا يمكنهم أن يأتوا من كل وجه، فإنّا كنا معاشر العجم في بلاد فارس إذا باغتنا العدو نحفر خندقاً فتكون الحرب من مواضع معروفة، فأمر رسول الله بالحفر من ناحية « اُحد » إلى « راتج » وجعل على كل عشرين خطوة وثلاثين خطوة(١) قوماً من المهاجرين يحفرونه، فحملت المساحي والمعاول وبدأ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأخذ معولاً فحفر في موضع المهاجرين بنفسه وأميرالمؤمنينعليه‌السلام ينقل التراب من الحفرة حتى عرق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعيّ وقال: « لا عيش إلّا عيش الآخرة أللّهم اغفر للأنصار والمهاجرة » فلمّا نظر الناس إلى رسول الله يحفر اجتهدوا في الحفر ونقل التراب فلمّا كان في اليوم الثاني بكّروا إلى الحفر(٢) .

ومع ذلك أبطأ عن رسول الله وعن المسلمين رجال من المنافقين يستترون بالضعيف من العمل ويتسلّلون إلى أهليهم بغير علم من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا إذن، وأمّا غيرهم من المسلمين فإذا نابته النائبة من الحاجة التي لابدّ له منها يذكر ذلك لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ويستأذنه في اللحوق بحاجته، فيأذن له، فاذا قضى حاجته رجع إلى ما كان فيه من عمله رغبة في الخير واحتساباً له(٣) .

فخرجت قريش ومن لحق بها من أحابيشها أربعة آلاف فارس وعقدوا اللواء في دار الندوة وقادوا معهم ثمانمائة فرس، وكان معهم من الظهر ألف وخمسمائة بعير لحمل أمتعتهم ومؤونتهم.

وأمّا من غير قريش فقد خرجت جموح من القبائل، فبلغ القوم الذين وافوا

__________________

(١) ولعلّ في النصّ سقط، ويحتمل أن يكون الصواب بهذا النحو: وجعل على كل عشرين خطوة قوماً من المهاجرين وعلى كل ثلاثين خطوة قوماً من الأنصار، والوجه في ذلك كثرة عدد الأنصار وقلّة عدد المهاجرين فتأمّل.

(٢) البحار: ج ٢٠ ص ٢١٨.

(٣) السيرة النبويّة لابن هشام: ج ٢ ص ٢١٦.

٣٧٢

الخندق من قريش وسواهم عشرة آلاف بين راكب وراجل، فنزلت قريش برومة ووادي العقيق في أحابيشها ومن انضوى إليها من العرب، وأقبلت غطفان حتى نزلوا بالزغابة بجانب اُحد(١) .

وخرج رسول الله والمسلمون حتى جعلوا ظهورهم إلى سلع في ثلاثة آلاف من المسلمين، فضرب هنالك عسكره والخندق بينه وبين القوم(٢) .

بينما كانت قريش وحلفاؤها ترجو أن تلقى المسلمين باُحد، فلم تجد عنده أحداً فجاوزته إلى المدينة حتى فاجأها الخندق، ولم تكن عارفة بهذا الاُسلوب من الدفاع، فرابطوا حول الخندق وعلموا أنّهم لا يستطيعون اقتحامه واجتيازه بعد جهد جهيد، فاكتفوا بتراشق النبل والسهام عدّة أيّام متوالية وكلّما أراد بطل من أبطال الحلفاء أن يجتاز الخندق، رُمي بالحجارة والنبل من خلف كثبان الرمل التي نصبت على أطرافه في مواقع المسلمين، وقد استمرّت الحال على هذا المنوال قرابة خمسة عشر يوماً أو أزيد.

قال المقريزي: كان المشركون يتناوبون بينهم فيغدو أبوسفيان بن حرب في أصحابه يوماً وخالد بن الوليد يوماً ويغدو عمرو بن العاص يوماً وهبيرة بن أبي وهب يوماً وعكرمة بن أبي جهل يوماً وضرار بن الخطاب الفهري يوماً، فلا يزالون يجيلون خيلهم ويتفرّقون مرّة ويجتمعون مرّة اُخرى ويناوشون المسلمين ويقدّمون رماتهم فيرمون، وإذا أبوسفيان في خيل يطيفون بمضيق من الخندق فرماهم المسلمون.

حتى رجعوا وكان عبّاد بن بشر ألزم الناس لقبّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يحرسها وكان « أسيد بن حضير » يحرس في جماعة، فاذا عمرو بن العاص في نحو المائة يريدون العبور من الخندق فرماهم حتى ولّوا، وكان المسلمون يتناوبون الحراسة وكانوا في فقر وجوع وكان عمرو بن العاص وخالد بن الوليد كثيراً ما يطلبان

__________________

(١) المغازي للواقدي: ج ٢ ص ٤٤٤.

(٢) السيرة النبويّة: ج ٢ ص ٢٢٠.

٣٧٣

غرّة ومضيقاً من الخندق يقتحمانه فكانت للمسلمين معها وقائع في تلك الليالي(١) .

فأقام رسول الله والمشركون بضعاً وعشرين ليلة، فبينما الناس على ذلك من الخوف والبلاء ولم يكن قتال إلّا الحصار والرمي بالنبل إلّا أنّ فوارس من قريش منهم عمرو بن عبد ودّ، وعكرمة ابن أبي جهل، وضرار بن الخطاب، وهبيرة بن أبي وهب، تلبّسوا للقتال وخرجوا على خيولهم حتى مرّوا على منازل بني كنانة ووقفوا فقالوا: تهيئوا للحرب يا بني كنانة فستعلمون من الفرسان اليوم، ثم أقبلوا تسرع بهم خيولهم حتى وقفوا على الخندق فقالوا: والله إنّ هذه لمكيدة ما كانت العرب تكيدها.

ثم يمّموا شطرهم مكاناً من الخندق ضيّقاً، فضربوا خيولهم فجالت بهم حتى عبرت الخندق فطلب عمرو بن عبد ودّ البراز مرّة بعد اُخرى إلىٰ أن ارتجز بقوله:

ولقد بححت من النداء

بجمعكم هل من مبارز

ووقفت إذ جبن المشجع

موقف القرن المناجز

ولذاك إنّي لم أزل

متسرّعاً قبل الهزائز

إنّ الشجاعة في الفتى

والجود من خير الغرائز(٢)

ثمّ قال النبي لأصحابه ثلاث مرّات: أيّكم يبرز لعمرو وأضمن له على الله الجنّة، في كلّ مرّة كان يقوم عليٌّ فاستدانه وعمّمه بيده، فلمّا برز قال: « برز الإيمان كلّه إلى الشرك كلّه » وقال: « أللّهم إنّك أخذت منّي عبيدة بن الحارث يوم بدر وحمزة بن عبد المطلب يوم اُحد وهذا أخي عليّ بن أبي طالب، ربّ لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين »(٣) .

وقال الواقدي: إنّ المسلمين كأنّ على رؤوسهم الطير لمكان عمرو وشجاعته، فلمّا استقبله عليٌّ ارتجز بقوله:

__________________

(١) امتاع الأسماع ص ٢٤١.

(٢) دلائل النبوّة: ج ٣ ص ٤٣٨.

(٣) بحار الأنوار: ج ٢٠ ص ٢١٥ نقلاً عن كنز الفوائد للعلامة الكراجكي ص ١٣٦.

٣٧٤

لا تعجلنّ فقد أتاك

مجيب صوتك غير عاجز

ذو نيّة وبصيرة

والصدق منجى كلّ فائز

إنّي لأرجو أن اُقيم

عليك نائحة الجنائز

من ضربة نجلاء

يبقى ذكرها عند الهزائز

فقال له عمرو: ومن أنت ؟ قال: أنا عليٌّ. قال: ابن عبد مناف ؟ فقال: عليّ بن أبي طالب. فقال: غيرك يا ابن أخي ومن أعمامك من هو أسنّ منك فأنا أكره أن أهريق دمك.

وقال الواقدي: أقبل عمرو يومئذٍ وهو فارس وعليّ راجل فقال له عليٌّعليه‌السلام : إنّك كنت تقول في الجاهلية: لا يدعوني أحد إلى واحدة من ثلاث إلّا قبلتها ! قال: أجل ! قال عليٌّ: فإنّي أدعوك أن تشهد أن لا إلٰه إلّا الله وأنّ محمداً رسول الله وأسلم لله رب العالمين، قال: يا ابن أخي أخّر هذا عني. قال: فاُخرى ترجع إلى بلادك فإن يكن محمد صادقاً كنت أسعد الناس به، وإن كان غير ذلك كان الذي تريد، قال: هذا ما لا تتحدّث به نساء قريش أبداً، وقد نذرت ما نذرت وحرّمت الدهن، قال: فالثالثة ؟ قال: البراز، قال: فضحك عمرو، ثمّ قال: إنّ هذه الخصلة ما كنت أظن أنّ أحداً من العرب يرومني عليها إنّي لأكره أن أقتل مثلك وكان أبوك لي نديماً، فارجع فأنت غلام حدث وإنّما أردت شيخي قريش أبا بكر وعمر قال، فقال عليٌّعليه‌السلام : فإنّي أدعوك إلى المبارزة فأنا أحبّ أن أقتلك، فأسفّ عمرو ونزل وعقل فرسه(١) وسلّ سيفه كأنة شعلة نار ثمّ أقبل نحو عليّ مغضباً، فأنحى بسيفه على هامّة عليٍّ، فصدّها عليٌّ بمجنّه فانقدّ المجن واثبت فيها السيف وأصاب رأسه فشجّه، فعاجله عليٌّ فضربه على حبل العاتق فسقط وثار العجاج، وسمع رسول الله التكبير فعرف أنّ عليّاً قد قتله، وعند ذلك خرجت خيلهم منهزمة حتى جاوزت الخندق هاربة، ثمّ أقبل عليٌّ نحو رسول الله ووجهه يتهلّل، فقال عمر بن الخطاب هلا استلبته درعه ؟ فإنّه ليس للعرب درع خير منها

__________________

(١) المغازي للواقدي: ج ٢ ص ٤١٧.

٣٧٥

فقال: ضربته فاتقاني بسواده(١) فاستحييت ابن عمي أن استلبه ثمّ أنشد يقول:

نصر الحجارة من سفاهة رأيه

ونصرت ربّ محمد بصواب

فصددتّ حين تركته متجدّلاً

كالجذع بين دكادك(٢) ورواب

لا تحسبنّ الله خاذل دينه

ونبيّه يا معشر الأحزاب(٣)

استبشار المؤمنين وكآبة المشركين:

قد كان الخوف والوجل مستولياً على نفوس المسلمين منذ جاء الأحزاب وحاصروا المدينة ولـمـّا قتل عليٌّ بطل الأحزاب وفارسها وانهزم من كان معه من أبطالهم وذؤبانهم، حتى أنّ عكرمة بن أبي جهل ألقى رمحه يومئذٍ وفرّ، انقلبت الاُمور رأساً على عقب، فصار الخوف والهلع نصيب المشركين ومخيّماً عليهم. هذا من جانب، ومن جانب آخر، كان الوقت إذ ذاك شتاءً قارساً برده، عاصفة رياحه، يخشى في كل وقت مطره، فالخيام التي ضربوها أمام يثرب لا تحميهم منها فتيلاً.

ومن ناحية ثالثة وقف أبو سفيان وحلفاؤه على أنّ الخندق مادام حائلاً بينهم وبين المسلمين والأبطال منهم يذودون عنه بالنبال والحجارة، وما دامت بنو قريظة تمدّ المسلمين بالمؤونه امداداً، فإنّه من الصعب العسير إحراز النصر عليهم بل بإمكانهم الصمود أمامهم على تلك الحال مدّة مديدة تطول مع الشهور، والحل الوحيد الذي أصبح أمامهم هو أن ترجع الأحزاب إلى أدراجهم.

ولكن إجتماع هؤلاء الأحزاب على حرب المسلمين مرّة اُخرى ليس بالأمر

__________________

(١) هكذا في المصدر ولعلّ الصحيح: بسوأته.

(٢) جمع « دكداك » وهو الرمل اللّين، و « الروابي »: جمع « رابية » وهي الكدية المرتفعة.

(٣) السيرة النبويّة لابن هشام: ج ٢ ص ٢٦٥.

٣٧٦

الميسور فإن افلتت الفرصة ربّما لم يسنح لهم الزمان بمثلها في المستقبل.

هذه النهاية التي آل إليها أمر الأحزاب وكانوا في حيرة من أمرهم وغمّة شديدة.

وعند ذلك تفطّن حيي بن أخطب فتيل الفتنة بأنّ في إمكانه أن يتّصل ببني قريظة القاطنين في داخل المدينة ويحرّضهم على نقض عهدهم مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والمسلمين، فعند ذلك تنقطع الميرة والمؤونة والمدد أوّلاً، وينفتح الطريق لدخول يثرب من قلاع بني قريظة ثانياً.

وخال حيي بن أخطب بأنّه جاء بمكيدة محكمة، فعرضت فكرته على قريش وغطفان فحبّذاها وسارعا إلى انجازها فذهب بنفسه يريد كعب بن أسد صاحب عقد بني قريظة وقد أغلق كعب دونه باب حصنه إذ عرف أنّه حيى بن أخطب، ولكنّه آخر الأمر فتح باب قلعته واعتنق نظريّته ونقض عهده مع الرسول، وأوجد ذلك قلقاً شديداً بين المسلمين، وقد ذكرنا تفصيله عند البحث عن أهل الكتاب، ولكنّه سبحانه دفع شرّهم بحدوث الاختلاف بين المشركين وبني قريظة فآل الأمر إلى انجلاء الأحزاب من ساحة القتال من دون نتيجة وإليك بيانه:

انقسام المشركين على أنفسهم:

إنّ نعيم بن مسعود أتى رسول الله فقال: يا رسول الله إنّي قد أسلمت وإنّ قومي لم يعلموا بإسلامي، فمرني بما شئت. فقال رسول الله: إنّما أنت فينا رجل واحد فادخل بين القوم خذلانا إن استطعت فإنّ الحرب خدعة، فخرج نعيم بن مسعود حتى أتى بني قريظة وكان لهم نديماً في الجاهلية فقال: يا بني قريظة قد عرفتم ودّي إياكم وخاصة ما بيني وبينكم قالوا: صدقت لست عندنا بمتّهم، فقال لهم: إنّ قريشاً وغطفان ليسوا كأنتم. البلد بلدكم فيه أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم لا تقدرون على أن تحوّلوا منه إلى غيره، وإن قريشاً وغطفان قد جاءوا لحرب محمد وأصحابه

٣٧٧

وقد ظاهرتموهم عليه وبلدهم وأموالهم ونساؤهم بغيره فليسوا كأنتم، فإن رأوا نهزة أصابوها، وإن كان ذلك لحقوا ببلادهم، وخلّوا بينكم وبين الرجل ببلدكم ولا طاقة لكم به إن خلا بكم فلا تقاتلوا مع القوم حتى تأخذوا منهم رهناً من أشرافهم يكونون بأيديكم ثقة لكم على أن تقاتلوا معهم محمداً حتى تناجزوه، فقالوا له: أشرت بالرأي.

ثمّ خرج حتى أتى قريشاً فقال لأبي سفيان بن حرب ومن معه من رجال قريش: قد عرفتم ودّى لكم وفراقي محمداً وانّه بلغني أمر قد رأيت عليّ حقّاً أن اُبلغكموه نصحاً لكم فاكتموا عنّي، فقالوا: نفعل. قال: تعلَّموا أنّ معشر يهود قد ندموا على ما صنعوا فيما بينهم وبين محمّد وقد أرسلوا إليه: إنّا قد ندمنا على ما فعلنا فهل يرضيك أن نأخذ لك من القبيلتين من قريش وغطفان رجالاً من أشرافهم فنعطيكهم فتضرب أعناقهم ثمّ نكون معك على من بقي منهم حتى نستأصلهم ؟ فأرسل إليهم نعم، فإن بعثت إليكم يهود يلتمسون منكم رهناً من رجالكم فلا تدفعوا إليهم منكم رجلاً واحداً.

ثمّ خرج حتّى أتى غطفان فقال: يا معشر غطفان إنّكم أصلي وعشيرتي وأحبّ الناس إليّ ولا أراكم تتّهموني، قالوا: صدقت ما أنت عندنا بمنّهم، قال: فاكتموا عني، قالوا: نفعل، فما أمرك ؟

ثمّ قال لهم مثل ما قال لقريش وحذّرهم ما حذّرهم.

فلمّا كانت ليلة السبت من شوّال سنة خمس أرسل أبو سفيان بن حرب ووجهاء غطفان إلى بني قريظة عكرمة بن أبي جهل، فقالوا لهم لسنا بدار مقام، قد هلك الخف والحافر، فاغدوا للقتال حتى نناجز محمّداً، فأجابوا أنّ اليوم يوم السبت لا نعمل فيه شيئاً ومع ذلك لسنا بالذين نقاتل معكم محمداً حتى تعطونا رهناً من رجالكم يكونون بأيدينا ثقة لنا حتى نناجز محمّداً، فإنّنا نخشى إن اشتدّ عليكم القتال تتركوننا في بلادنا ولا طاقة لنا بذلك منه، فلمّا رجعت إليهم الرسل بما قالته بنو قريظة، قالت قريش وغطفان: والله إنّ الذي حدّثكم به نعيم بن مسعود لحق، فارسلوا إلى بني قريظة: إنّا لا ندفع إليكم رجلاً واحداً من رجالنا، فإن كنتم تريدون

٣٧٨

القتال فاخرجوا فقاتلوا، فقالت بني قريظة حين انتهت الرسل إليهم بهذا: إنّ الذي ذكر لكم نعيم بن مسعود لحق ما يريد القوم إلّا أن يقاتلوا، فإن رأوا فرصة انتهزوها وإن كان غير ذلك تفرّقوا إلى بلادهم وخلّوا بينكم وبين محمّد في بلدكم، فارسلوا إلى قريش وغطفان: إنّا والله لا نقاتل معكم محمداً حتى تعطونا رهناً فأبوا عليهم.

فلمّا كان ليلة السبت بعث الله عليهم الريح في ليلة شاتية باردة شديدة البرد فجعلت تكفأ قدورهم وتطرح آنيتهم، ولـمـّا انتهى إلى رسول الله ما فرّق الله من جماعتهم دعا حذيفة بن اليمان فبعثه إليهم لينظر ما فعل القوم ليلاً.

فذهب حذيفه ورجع بقوله: دخلت في القوم والريح وجنود الله تفعل بهم ما تفعل لا تقرّ لهم قِدراً ولا ناراً ولا بناءاً، فقال أبوسفيان: يا معشر قريش إنّكم والله ما أصبحتم بدار مقام، لقد هلك الكراع والخف واخلفنا بنو قريظة ولقينا من شدّة الريح ما ترون ما تطمئن لنا قِدْر ولا تقوم لنا نار فارتحلوا فإنّي مرتحل.

وبذلك اختلفت الأحزاب ولم يبق منهم أحد وأصبح الصبح ولم ير منهم شيء، فرجع المسلمون إلى منازلهم شاكرين.

هذا خلاصة ما أفادته كتب السير والتواريخ(١) وإليك تحليل ما ورد حول تلك الواقعة من الآيات ولا محيص لمفسّر عن الوقوف بما جاء في كتب السيرة فإنّها كالقرائن المنفصلة لفهم معنى ما تضمّنته الآيات الشريفة ونحن نذكر الآيات الواردة حول هذه الغزوة كاملة ثمّ نعقبّها، بما تسنح به الفرصة من التحليل والتوضيح.

__________________

(١) راجع السيرة النبويّة: ج ٢، ومغازي الواقدي: ج ٢، وبحار الأنوار: ج ٢٠، ومجمع البيان: ج ٤.

٣٧٩

غزوة الأحزاب في الذكر الحكيم

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا *إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا *هُنَالِكَ ابْتُلِيَ المُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدًا *وَإِذْ يَقُولُ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إلّا غُرُورًا *وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إلّا فِرَارًا *وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إلّا يَسِيرًا *وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللهَ مِن قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللهِ مَسْئُولاً *قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ المَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لاَّ تُمَتَّعُونَ إلّا قَلِيلاً *قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا *قَدْ يَعْلَمُ اللهُ المُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إلّا قَلِيلاً *أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ المَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الخَيْرِ أُولَٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا *يَحْسَبُونَ الأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِن يَأْتِ الأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُم بَادُونَ فِي الأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُم مَّا قَاتَلُوا إلّا قَلِيلاً *لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا *وَلَمَّا رَأَى المُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَٰذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إلّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا *مِّنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً *لِّيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ المُنَافِقِينَ إِن شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا *وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللهُ المُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزًا *وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا *وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا ) ( الأحزاب / ٩ ـ ٢٧ ).

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494