زينب الكبرى عليها السلام من المهد الى اللحد

زينب الكبرى عليها السلام من المهد الى اللحد2%

زينب الكبرى عليها السلام من المهد الى اللحد مؤلف:
الناشر: دار الغدير
تصنيف: النفوس الفاخرة
ISBN: 964-7165-32-3
الصفحات: 688

زينب الكبرى عليها السلام من المهد الى اللحد
  • البداية
  • السابق
  • 688 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 105261 / تحميل: 7959
الحجم الحجم الحجم
زينب الكبرى عليها السلام من المهد الى اللحد

زينب الكبرى عليها السلام من المهد الى اللحد

مؤلف:
الناشر: دار الغدير
ISBN: ٩٦٤-٧١٦٥-٣٢-٣
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

وأمّا العقلاء ، الذين يفهمون المقاييس الأخلاقية ، والقيم الروحيّة ، فهم يتمنّون أن يخطبوا منّا فتياتنا ، لأنّنا في أوج العظمة ، وذروة الشرف ، وقمّة الفضائل.

ثم قال الإمام ـ بعد كلام ـ : «إشهدوا جميعاً أنّي قد زوّجت أمّ كلثوم بنت عبد الله بن جعفر من ابن عمّها القاسم بن محمد بن جعفر ، على أربعمائة وثمانين درهماً ، وقد نحلتها ضيعتي (١) بالمدينة (٢) وإنّ غَلّتها في السنة (٣) ثمانية آلاف دينار ، ففيها لهما غنى إن شاء الله ».

أقول : قد اشتهر ـ في ذلك الزمان ـ كلام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « بناتُنا لبنينا ، وبنونا لبناتنا » ، ومَن أولى من الإمام الحسين بتطبيق هذا الكلام؟. وقد سبقه إلى ذلك أبوه أمير المؤمنينعليه‌السلام حينما زوّج ابنته زينب الكبرى من ابن عمّها عبد الله بن جعفر.

ولهذا بادر الإمام الحسينعليه‌السلام إلى تزويج إبنة أخته من ابن عمّها ، وقد دفع الصداق من ماله ، وأمّن حياتهما

__________________

١ ـ نحلتها : أعطيتها. ضَيعَتي : مزرعتي أو بستاني.

٢ ـ أو قال : أرضي بالعقيق ، والعقيق : اسم منطقة في ضواحي المدينة.

٣ ـ غلّتها : وارِدها. قال الطريحي ـ في مجمع البحرين ـ : الغلّة : الدخل الذي يحصل من الزرع والتمر واللبن والإجارة والبناء ونحو ذلك ، وجمعُه : الغلات.

١٢١

الاقتصادية بتلك المزرعة ، الكثيرة البركة ، التي وهبها لها.

فتغيّر وجه مروان ، وقال : « أغدراً يا بني هاشم؟ تأبون إلا العداوة؟ ».

إنّ هذا العدو الغادر ينسب الغدر والعداوة إلى آل رسول الله الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

فقال مروان :

أردنـا صهركم لِنُجِدّ وُدّاً

قـد اخلقه به حدث الزمان

فلمّـا جئتكـم فجَبَهتموني

و بُحتم بالضمير من الشنان

وهنا ما أراد الإمام الحسينعليه‌السلام أن يستمرّ في محاورة ذلك الحقير ، وأن يُلقم مروان الحجر أكثر من هذا ، فتقدّم ذكوان(١) وأجاب مروان :

أمـاط الله عنهم كـل رجـسٍ

وطهّرهـم بـذلك فـي المثاني

فمـا لهم سـواهم مـن نظيـر

ولا كفـوٌ هنـاك و لا مُدانـي

أيجعـل كـلّ جبـارٍ عنيدٍ(٢)

إلى الأخيار من أهل الجنان؟(٣)

__________________

١ ـ ذكوان : اسم رجل كان عبداً للإمام الحسينعليه‌السلام ثمّ أعتقه الإمام. وكان عالماً شاعراً أديباً ، جريئاً على الكلام.

المحقق

٢ ـ وفي نسخةٍ : أتجعل. ولعل الصحيح : أيُجعل ، أو : أيَجعل.

المحقق

٣ ـ المصدر : كتاب المناقب لابن شهرآشوب ، ج ٤ ص ٣٨ ـ ٣٩.

١٢٢

أقول : لقد روى الشيخ المجلسـي ( رحمة الله عليه ) هذا الخبر في كتاب ( بحار الأنوار ) عن بعض الكتب القديمة ، ونسبه إلى الإمام الحسـن المجتبـىعليه‌السلام (١) . وليس بصحيح ، لأن إمارة يزيد كانت بعد مقتل الإمام الحسينعليه‌السلام ، وهذه الخطبة كانت في أيّام إمارة يزيد وكونه وليّاً للعهد.

__________________

١ ـ بحار الأنوار ، ج ٤٤ ص ١١٩ ، باب ٢١ ، حديث ١٣.

١٢٣

الفصل الخامس

إستعراض موجَز لحياة السيدة زينب الكبرى

١٢٤

١٢٥

بمقدار ما كانت حياة السيدة زينب الكبرىعليها‌السلام مشفوعة بالقداسة والنزاهة ، والعفاف والتقوى ، والشرف والمجد ، كانت مليئة بالحوادث والمآسي والرزايا ، منذ نعومة أظفارها وصِغر سنّها إلى أواخر حياتها.

فلقد فُجعت بجدّها الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان لها من العمر ـ يومذاك ـ حوالي خمس سنوات ، ولكنّها كانت تُدرك هول الفاجعة ومُضاعفاتها.

ومن ذلك اليوم تغيّرت معالم الحياة في بيتها ، وخيّمت الهموم والغموم على أسرتها ، فقد هجم رجال السقيفة على دارها لإخراج أبيها أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام من البيت لأخذ البيعة منه ، بعد أن أحرقوا باب الدار وكادوا أن يُحرقوا الدار بمَن فيها.

وقد ذكرنا في كتاب : ( فاطمة الزهراء من المهد الى اللحد ) شيئاً من تلك المصائب التي انصبّت على السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام من الضرب المبرّح وإسقاط الجنين ، وغير ذلك ممّا

١٢٦

يطول الكلام بذكره.

وكانت جميع تلك الحوادث بمرأى من السيدة زينب ومَسمَع ، فلقد سمعت صراخ أمّها من بين الحائط والباب ، وشاهدت الأعداء الذين أحاطوا بها يضربونها بالسوط والسيف المغمَد ، وغير ذلك ممّا أدّى إلى إسقاط إبنها المحسن ، وكسر الضلع ، وتورّم العضُد الذي بقي أثره إلى آخر حياتها.

و ـ بعد شهور ـ فُجعت السيدة زينب بوفاة أمّها ( سلام الله عليها ) وهي في رَيَعان شبابها ، لأنّها لم تبلغ العشرين من العمر ، ودُفنت ليلاً وسرّاً ، في جوّ من الكتمان ، وعُفّي موضع قبرها إلى هذا اليوم.

ومنذ ذلك الوقت كانت السيدة زينب ترى أباها أمير المؤمنينعليه‌السلام جليس الدار ، مسلوب الإمكانيات ، مدفوعاً عن حقّه ، صابراً على طول المدة وشدّة المحنة.

وبعد خمس وعشرين سنة ـ وبعد مقتل عثمان ـ أكرهوه أن يوافق على بيعة الناس له ، فبايعوه بالطوع والرغبة ، وبلا إجبار أو إكراه من أحد ، وكان أول من بايعه : الطلحة والزبير ، وكانا أوّل مَن نكث البيعة ونقض العهد ، والتحقا في مكّة بعائشة ، وحرجوا طالبين بدم عثمان ، وقادا الناكثين ( للبيعة ) من المناوئين للإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وقصدا البصرة وأقاما مجزرة رهيبة ـ في واقعة الجمل المعروفة ـ وكانت حصيلتها خمسة وعشرين ألف قتيل.

١٢٧

وبعد فترة قصيرة أقام معاوية واقعة صفّين ، وقاد القاسطين ، واشتدّ القتال وكاد نسل العرب أن ينقطع من كثرة القتلى ، وتوقّف القتال لأسباب معروفة مفصّلة.

ثمّ أعقبتها واقعة النهروان التي قُتل فيها أربعة آلاف.

وتُعتبر هذه الحروب من أهمّ الإضطرابات الداخلية في أيام خلافة الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام .

وانتهت تلك الأيام المؤلمة بشهادة الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ومَقتله على يد عبد الرحمن ابن ملجم!

ولمّا قام اخوها : الإمام الحسن المجتبىعليه‌السلام بأعباء الإمامة تخاذل بعض أصحابه في حربه مع معاوية ، وصدرت منهم الخيانة العظمى التي بقيت وصمة عارها إلى هذا اليوم ، فاضطرّ الإمام الحسنعليه‌السلام إلى إيقاف القتال حِقناً لدماء مَن بقي من أهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وخلا الجوّ لمعاوية بن أبي سفيان وعُملائه ، وظهر منهم أشدّ أنواع العداء المكشوف للإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وسنّ معاوية لعن الإمام على المنابر في البلاد الاسلامية ، وأمر باختلاق الأحاديث في ذمّ الإمام والمسّ بكرامته.

كلّ ذلك بمرأى من السيدة زينب ومسمع.

وطالت مدّة الإضطهاد عشر سنين ، وانتهت إلى دسّ السمّ إلى

١٢٨

الإمام الحسنعليه‌السلام بمكيدة من معاوية ، وقضى الإمام نحبه مسموماً ، ورشقوا جنازته بالسهام حتى لا يدفن عند قبر جدّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .(١)

وهكذا امتدّت سنوات الكبت والضغط ، وبلغ الظلم الأموي القمّة ، وتجاوز حدود القساوة ، وانصبّت المصائب على الشيعة في كلّ مكان ، بكيفيّة لا مثيل لها في التاريخ الإسلامي يومذاك ، مِن قطع الأيدي والأرجل ، وسمل العيون ، وصلب الأجساد ، وأمثال ذلك من الأعمال الوحشيّة البربريّة!(٢)

وعاصر الإمام الحسينعليه‌السلام تلك السنوات السود التي انتهت بموت معاوية واستيلاء إبنه يزيد على منصّة الحكم.

هذه عُصارة الخلاصة للجانب المأساوي في حياة السيدة زينب الكبرىعليها‌السلام المليء بالكوارث والحوادث ، طيلة نيّف وأربعين سنة من عمرها.

وأعظم حادثة ، وأهمّ فاجعة حدثت في حياة السيدة زينب هي فاجعة كربلاء التي أنست ما قبلها من الرزايا ، وهوّنت ما بعدها من الحوادث والفجائع.

__________________

١ ـ كتاب المناقب ، لابن شهرآشوب ج ٤ ، ص ٤٢ و٤٤.

٢ ـ كتاب سُليم بن قيس الهلالي ، طبع بيروت ، مؤسسة البعثة ، ص ١٦٥ ـ ١٦٦.

١٢٩

الفصل السادس

السيدة زينب وفاجعة كربلاء

مجيء إبن زياد إلى الكوفة

يوم التروية

الإمام الحسين يصطحب العائلة

الإمام الحسين في طريق الكوفة

١٣٠

١٣١

السيدة زينب وفاجعة كربلاء

لا بدّ مِن أن نبدأ من أوائل الواقعة ، مع رعاية الإختصار ، ليكون القارئ على بصيرة أكثر من الأمر :

مات معاوية بن أبي سفيان في النصف من شهر رجب ، سنة ٦٠ من الهجرة ، وجلس ابنه يزيد على منصّة الحكم ، وكتب إلى الولاة في البلاد الاسلامية(١) يُخبرهم بموت معاوية ، ويطلب منهم أخذ البيعة له من الناس.

وكتب إلى والي المدينة كتاباً يأمره بأخذ البيعة له من أهل المدينة بصورة عامّة ، ومن الإمام الحسينعليه‌السلام بصورة خاصّة ، وإن امتنع الإمام عن البيعة يلزم قتله ، وعلى الوالي تنفيذ الحُكم.

واستطاع الإمام الحسين أن يتخلّص مِن شرّ تلك البيعة ،

__________________

١ ـ الوُلاة ـ جمع والي ـ : وهو حاكم البلد ، ويُعبّر عنه ـ حالياً ـ بالمحافظ.

١٣٢

وخرج إلى مكة في أواخر شهر رجب ، وانتشر الخبر في المدينة المنوّرة أن الإمام امتنع عن البيعة ليزيد. وانتشر الخبر ـ أيضاً ـ في مكة ، ووصل الخبر إلى الكوفة والبصرة.

وكانت رحلة الإمام الحسين إلى مكة بداية نهضتهعليه‌السلام ، وإعلاناً واعلاما صريحاً بعدم اعترافه بشرعيّة خلافة يزيد ، واغتصاب ذلك المنصب الخطير.

وهكذا استنكف المسلمون أن يدخلوا تحت قيادة رجل فاسد فاسق ، مُستهتر مفتضح ، متجاهر بالمنكرات.

فجعل أهل العراق يكاتبون الإمام الحسينعليه‌السلام ويطلبون منه التوجّه إلى العراق ليُنقذهم من ذلك النظام الفاسد ، الذي غيّر سيماء الخلافة الإسلامية بأبشع صورة وأقبح كيفيّة!

كانت الرسل والمراسلات متواصلة بين الكوفة ومكة ، ويزداد الناس إصراراً وإلحاحاً على الإمام الحسين أن يُلبّي طلبهم ، لأنه الخليفة الشرعي لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المنصوص عليه بالخلافة من جدّه الرسول الكريم.

فأرسل الإمام الحسينعليه‌السلام إبنَ عمّه مسلم بن عقيل إلى الكوفة ، والتفّ الناس حول مسلم ، وبايعوه لأنّه سفير الإمام ومبعوثه ، وبلغ عدد الذين بايعوه ثمانية عشر ألفاً ، وقيل : أكثر مِن

١٣٣

ذلك. فكتب مسلم إلى الإمام يُخبره باستعداد الناس للتجاوب معه ، والترحيب به ونصرته ـ كما فهمه مسلم مِن ظواهر الأمور ـ.

وقرّر الإمام أن يخرج من مكة نحو العراق مع عائلته المصونة وإخوته وأخواته ، وأولاده وأبناء عمّه وجماعة مِن أصحابه وغيرهم.

وخاصّة بعدما عَلِم بأنّ يزيد قد بعث عصابة مسلّحة ، مؤلّفة من ثلاثين رجل ، وأمرهم بقتل الإمام الحسينعليه‌السلام في مكّة ، أينما وجدوه حتى لو كان مُتعلّقاً بأستار الكعبة!

١٣٤

١٣٥

مجيء ابن زياد الى الكوفة

وجاء عبيد الله بن زياد ابن أبيه من البصرة الى الكوفة والياً عليها من قِبل يزيد بن معاوية ، وجعل يهدّد الناس بجيش موهوم ، قادم من الشام.

واجتمع حوله الذين كانوا لا يتعاطفون مع الإمام الحسين ، وجعل ابن زياد يُفرّق الناس عن مسلم بالتهديد والتطميع ، فانفرج الناس عن مسلم ، وتفرّقوا عنه.

وفي اليوم الذي خرج الإمام الحسينعليه‌السلام من مكة نحو العراق كانت الأمور منقلبة ضدّ مسلم في الكوفة ، وأخيراً أُلقي عليه القبض وقُتل ( رضوان الله عليه ).

وفي أثناء الطريق بلغ خبر شهادة مسلم إلى الإمام الحسين ، فكانت صدمة على قلبه الشريف.

ولا نعلم ـ بالضبط ـ هل رافقت السيدة زينب الكبرى عائلة

١٣٦

أخيها من المدينة؟ أم أنّها التَحقت به بعد ذلك؟

وخَفيت علينا كيفيّة خروجها من المدينة المنوّرة إلى مكّة ، ولكنّنا نعلم أنّها كانت مع عائلة أخيها حين الخروج من مكّة ، وفي اثناء الطريق نحو الكوفة ، وعاشت أحداث الطريق من لقاء الحرّ بن يزيد الرياحي بالإمام ، ومُحاولته إلقاء القبض على الإمام في أثناء الطريق وتسليمه إلى عبيد الله بن زياد.

وإلى أن وصلوا إلى كربلاء في اليوم الثاني من المحرّم ، ونزل الإمام ومَن معه ، ونَصَبوا الخيام ينتظرون المُقدّرات والحوادث.

١٣٧

يوم التروية

يوم التروية : هو اليوم الثامن من شهر ذي الحجة(١) ، وهو اليوم الذي يزدحم فيه الحُجّاج في بلدة مكة المكرمة ، فالقوافل تدخل مكّة من جميع أبوابها.

وطائفة من الحجاج يخرجون في هذا اليوم إلى منى ويبيتون فيها ليلة واحدة ، فإذا أصبح الصباح من يوم عرفة ـ وهو اليوم التاسع ـ يخرجون إلى أرض عرفات.

وبعضهم يبقى في مكة حتى يوم عرفة ، ثم يخرج إلى عرفات ، إستعداداً لأداء مناسك الحجّ.

__________________

١ ـ التروية : روّى تَرويةً : تزوّد بالماء. وقد جاء في الحديث أنّه سُئل الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام عن سبب تسمية اليوم الثامن بيوم التروية؟ فقال : « لأنّه لم يكن بعرفات ماء وكانوا يستقون من مكّة من الماء لِرَيّهم ، وكان يقول بعضهم لبعض : تروّيتم تروّيتم؟؟ فسُمّي يوم التروية لذلك ». رواه الشيخ الصدوق في كتاب « علل الشرائع » ج ٢ ص ١٤١ ، باب ١٧١.

١٣٨

في هذا اليوم الذي كانت مكة تموج بالحجّاج ، خرج الإمام الحسينعليه‌السلام من مكّة ، بجميع من معه من الأهل والأولاد والأصحاب.

إذن ، فمِن الطبيعي أن تكون مغادرة الإمام الحسين من مكة ـ في هذا اليوم ـ تجلب إنتباه الحجّاج ، وتدعو للتساؤل ، وخاصّةً بعد أن علموا بأنّ الإمام مكث في مكّة طيلة أربعة أشهر ، فما الذي دعاه أن يُغادر مكّة في هذا اليوم الذي يقصد الحجاج مكة لأداء المناسك الحج؟!

وما المانع من أن يبقى الإمام أياماً قلائل لإتمام حجّة ، ثم مغادرة مكة؟

والإمام الحسينعليه‌السلام أولى من غيره بأداء الحج ورعاية هذه الأمور!

فلا عجب إذا تقدّم إليه بعض الناس يعترضون عليه ويسألونه عن سبب خروجه من مكة في هذا اليوم ، فكان الإمام يُجيب كلّ واحد منهم بما يُناسب مستواه الفكري والعقلي.

إنّ هناك دواع ودوافع وأسباباً كثيرة اجتمعت ، وفرضت على الإمام أن يخرج من مكة في ذلك اليوم ، ونسأل الله تعالى أن يوفّقنا لذكر بعضها في كتاب ( الإمام الحسين من المهد الى اللحد ) إن شاء الله تعالى.

١٣٩

ومِن جملة الذين تقدّموا إلى الإمام وسألوه عن سبب خروجه هو عبد الله بن جعفر زوج السيدة زينب الكبرى.

فإنّه حاول ـ حسب تفكيره ـ أن يَردّ الإمام عن مغادرة مكّة نحو العراق ، ولكن الإمام قال له : « إنّي رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في المنام ، وأمرني بما أنا ماضٍ له ».

فقال له : فما تلك الرؤيا؟

قال : « ما حدّثت أحداً بها ، ولا أنا مُحدّثٌ بها حتى ألقى ربّي »(١) .

فلمّا يئس منه عبد الله بن جعفر أمر إبنَيه عوناً ومحمّداً بمرافقة الإمام ، والمسير معه ، والجهاد دونه.(٢)

وفي كتاب « المنتخب » للطُريحي أن محمد بن الحنفية لمّا بلغه الخبر أن أخاه الإمام الحسين خارج من مكة إلى العراق ، جاءه وأخذ بزمام ناقته وقد ركبها ، وقال له :

يا أخي! ألم تَعِدني النظر فيما سألتك؟

قال : بلى.

__________________

١ ـ كتاب الإرشاد للشيخ المفيد ، ص ٢١٩ فصل « خروج الإمام الحسين مِن مكة » ، وبحار الأنوار للشيخ المجلسي ج ٤٤ ص ٣٦٦ ، باب ٣٧.

٢ ـ نفس المصدر.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688