مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٧

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل12%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 469

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 469 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 230074 / تحميل: 5717
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

١٧ -( باب استحباب قراءة الحمد والاخلاص والمعوذتين - سبعين مرة - على ماء السماء قبل وصوله إلى الأرض، وشربه للاستشفاء به)

[ ٢٠٦٢٧ ] ١ - القطب في الدعوات: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « الا أعلمكم بدعاء علمني جبرئيل ما لا تحتاجون معه إلى طبيب ودواء؟ » قالوا: بلى يا رسول الله، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من يأخذ ماء المطر ويقرأ عليه فاتحة الكتاب سبعين مرة وقل أعوذ برب الناس سبعين مرة، وقل أعوذ برب الفلق سبعين مرة، ويصلي على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سبعين مرة، ويسبح سبعين مرة، ويشرب من ذلك الماء غدوة وعشية سبعة أيام متواليات » الخبر بتمامه.

قلت: الظاهر أن هذا الخبر وما نقله في الأصل عن المكارم، مختص من خبر ماء نيسان، ويأتي شرحه في باب النوادر.

١٨ -( باب استحباب شرب ماء السماء، وكراهة أكل البرد)

[ ٢٠٦٢٨ ] ١ - القطب الراوندي في الدعوات: عن الصادقعليه‌السلام : « البرد لا يؤكل، لقوله:( فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ ) (١) ».

[ ٢٠٦٢٩ ] ٢ - الحسن الطبرسي في المكارم: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يأكل البرد، ويتفقد ذلك أصحابه فيلتقطونه له فيأكله، ويقول: « إنه يذهب بأكلة الأسنان ».

__________________

الباب ١٧

١ - دعوات الراوندي ص ٨٢، وفي البحار ج ٦٦ ص ٤٧٦ عن المهج نحوه.

الباب ١٨

١ - دعوات الراوندي ص ٦٩، وفي البحار ج ٦٦ ص ٤٤٩ ح ١١ عن الكافي.

(١) النور ٢٤: ٤٣.

٢ - مكارم الأخلاق ص ٣١، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٥٠ ح ١٥.

٢١

١٩ -( باب استحباب الشرب من ماء الفرات، والاستشفاء به، وتحنيك الأولاد به)

[ ٢٠٦٣٠ ] ١ - جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارة: عن علي بن الحسين، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن الحكم، عن سليمان بن نهيك، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في قول الله عز وجل:( وَآوَيْنَاهُمَا إِلَىٰ رَ‌بْوَةٍ ذَاتِ قَرَ‌ارٍ‌ وَمَعِينٍ ) (١) قال: « الربوة نجف الكوفة، والمعين الفرات ».

[ ٢٠٦٣١ ] ٢ - وعن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عمن حدثه، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن حكيم بن جبير قال: سمعت علي بن الحسينعليهما‌السلام يقول: « ان ملكا يهبط كل ليلة معه ثلاثا مثاقيل مسك من مسك الجنة، فيطرحها في الفرات، وما من نهر في شرق ولا غرب أعظم بركة منه ».

[ ٢٠٦٣٢ ] ٣ - وعن علي بن قولويه، عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان، عمن ذكره، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « يقطر في الفرات كل يوم قطرات من الجنة ».

[ ٢٠٦٣٣ ] ٤ - وعن محمد بن الحسن، عن أبيه، عن جده علي بن مهزيار، عن الحسن بن سعيد [ عن ](١) علي بن الحكم، عن ربيع بن محمد المسلي،

__________________

الباب ١٩

١ - كامل الزيارات ص ٤٧.

(١) المؤمنون ٢٣: ٥٠.

٢ - كامل الزيارات ص ٤٨.

٣ - كامل الزيارات ص ٤٨.

٤ - كامل الزيارات ص ٤٨.

(١) في الحجرية: « و » وما أثبتناه من المصدر هو الصواب راجع « معجم رجال الحديث ج ٥ ص ٢٤٦ و ج ١١ ص ٣٨٤، والظاهر أن الذي قبله هو الحسين بن سعيد

٢٢

عن عبد الله بن سليمان قال: لما قدم أبو عبد اللهعليه‌السلام الكوفة في زمن أبي العباس، فجاء على دابته في ثياب سفره حتى وقف على جسر الكوفة، ثم قال لغلامه: « اسقني » فأخذ كوز ملاح فغرف له فأسقاه، فشرب والماء يسيل من شدقيه على لحيته وثيابه، ثم استزاده فزاده فحمد الله ثم قال: « ما أعظم بركته! أما انه يسقط فيه كل يوم سبع قطرات من الجنة، اما لو علم الناس ما فيه من البركة لضربوا الأخبية على حافتيه، أما لولا ما يدخله من الخاطئين ما اغتمس فيه ذو عاهة إلا أبرأه ».

[ ٢٠٦٣٤ ] ٥ - وبهذا الاسناد: عن الحسن بن سعيد، عن علي بن الحكم، ( عن عرفة عن ربعي )(١) قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « شاطئ الوادي الأيمن الذي ذكره الله في كتابه، هو الفرات، والبقعة المباركة هي كربلاء، والشجرة هي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

[ ٢٠٦٣٥ ] ٦ - وعن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير، عن حكيم بن جبير الأسدي، قال: [ سمعت علي بن الحسينعليهما‌السلام يقول ](١) : « ان الله يهبط ملكا » وذكر مثل الخبر الثاني.

[ ٢٠٦٣٦ ] ٧ - وعن أبيه، عن الحسن بن متيل، عن عمران بن موسى، عن محمد بن أحمد الرازي، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن سيف بن

__________________

لا الحسن راجع « معجم رجال الحديث ج ٤ ص ٣٤٩ وجامع الرواة ج ١ ص ٥٧٦ ».

٥ - كامل الزيارات ص ٤٨.

(١) في الحجرية: « وعنه، عن ربعي » وما أثبتناه من المصدر وهامش المستدرك: هو الصواب « راجع معجم رجال الحديث ج ١١ ص ٣٧١ ».

٦ - كامل الزيارات ص ٤٩.

(١) ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.

٧ - كامل الزيارات ص ٤٩، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٤٨ ح ٣.

٢٣

عميرة، عن صندل، عن هارون بن خارجة قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « ما أحد يشرب من ماء الفرات ويحنك به إذا ولد إلا أحبنا، لان الفرات نهر مؤمن ».

[ ٢٠٦٣٧ ] ٨ - نوادر علي بن أسباط: عن عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده قال: قالعليه‌السلام : « لو عدل في الفرات، لأسقى ما على الأرض كله ».

٢٠ -( باب كراهة الشرب بالشمال والتناول بها، وعدم تحريمه)

[ ٢٠٦٣٨ ] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى أن يأكل أحد بشماله، أو يشرب بشماله.

[ ٢٠٦٣٩ ] ٢ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، وإذا شرب فليشرب بيمينه، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله ».

٢١ -( باب الشرب من نيل مصر، وماء العقيق، وسيحان، وجيحان، وكراهة اختيار ماء دجلة وماء بلخ( * ) للشرب)

[ ٢٠٦٤٠ ] ١ - جعفر بن قولويه في كامل الزيارة: عن أبيه، عن الحسن بن متيل، عن عمران بن موسى، عن الجاموراني، عن الحسن بن علي بن أبي

__________________

٨ - نوادر علي بن أسباط ص ١٢٤.

الباب ٢٠

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١١٩ ح ٣٩٩، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٧٣.

٢ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٤٥ ح ٧٥.

الباب ٢١

* بلخ: مدينة مشهورة بخراسان، ويقال لجيحون: نهر بلخ ( معجم البلدان ج ١ ص ٤٧٩ ).

١ - كامل الزيارات ص ٤٩ ح ١٦، وعنه في البحار ج ٦٠ ص ٤٢ ح ١١.

٢٤

حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « نهران مؤمنان ونهران كافران، نهران كافران: نهر بلخ ودجلة، والمؤمنان: نيل مصر والفرات، فحنكوا أولادكم بماء الفرات ».

[ ٢٠٦٤١ ] ٢ - البحار: عن كتاب الأقاليم والبلدان: روي أن أربعة من أنهار الجنة: سيحون، وجيحون، والنيل، والفرات.

[ ٢٠٦٤٢ ] ٣ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « النيل يخرج من الجنة، ولو التمستم فيه حين يخرج لوجدتم من ورقها ».

[ ٢٠٦٤٣ ] ٤ - أبو علي في أماليه: عن والده الشيخ الطوسي، عن أبي محمد الفحام، عن المنصوري محمد بن أحمد الهاشمي، عن عم أبيه عيسى بن أحمد بن عيسى قال: قال يوما الإمام علي بن محمدعليهما‌السلام : « يا أبا موسى، أخرجت إلى سر من رأى كرها، ولو أخرجت عنها أخرجت كرها » قال: قلت: ولم يا سيدي؟ قال: « لطيب هوائها، وعذوبة مائها، وقلة دائها » الخبر.

[ ٢٠٦٤٤ ] ٥ - البحار ومدينة المعاجز: عن مسند فاطمةعليها‌السلام لمحمد بن جرير الطبري قال: حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله قال: حدثنا أبو العباس غياث الديلمي، عن الحسن بن محمد بن يحيى الفارسي، عن زيد الهروي، عن الحسن بن مسكان، عن نجبة، عن جابر، عن محمد بن عليعليهما‌السلام ، في حديث في تزويج فاطمةعليها‌السلام : « ان الله تعالى جعل نحلتها من عليعليه‌السلام خمس الدنيا، وثلثي الجنة، وجعل نحلتها في الأرض أربعة أنهار: الفرات

__________________

٢ - بحار الأنوار ج ٦٠ ص ٤١ ح ٦.

٣ - بحار الأنوار ج ٦٠ ص ٤١ ح ٩.

٤ - أمالي الطوسي ج ١ ص ٢٨٧.

٥ - بحار الأنوار ومدينة المعاجز ص ١٤٦، دلائل الإمامة ص ١٨.

٢٥

والنيل، ونهر دجلة(١) ونهر بلخ» الخبر.

[ ٢٠٦٤٥ ] ٦ - القطب الراوندي في لب اللباب: روي: أن في الجنة نهر أصل الأنهار كلها، منها يخرج سيحان وجيحان والفرات ودجلة ونيل مصر، ثم تردها يوم القيامة إلى الجنة، فيصير سيحان وجيحان ماءها، والفرات خمرها، ودجلة لبنها، والنيل عسلها.

[ ٢٠٦٤٦ ] ٧ - وروي: أن هذه الأنهار الخمسة أنزلها الله من الجنة إلى الأرض على جناح جبرئيل: سيحان بالهند، وجيحان ببخارى، وبلخ، والفرات، ودجلة بالعراق، والنيل بمصر، فذلك قوله:( وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ‌ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْ‌ضِ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُ‌ونَ ) (١) فإذا كان آخر الزمان يرسل الله جبرئيل حتى يرفع هذه الأنهار الخمسة من الأرض الخبر.

٢٢ -( باب استحباب ذكر الحسينعليه‌السلام ولعن قاتله عند شرب الماء)

[ ٢٠٦٤٧ ] ١ - الشيخ إبراهيم الكفعمي في جنته: عن سكينة بنت الحسينعليه‌السلام ، قالت: لما قتل الحسينعليه‌السلام ، اعتنقته فأغمي علي فسمعته يقول:

« شيعتي ما إن شربتم

ري عذب فاذكروني

أو سمعتم بغريب

أو شهيد فاندبوني ».

فقامت مرعوبة قد قرحت مآقيها، وهي تلطم على خديها الخبر.

__________________

(١) في البحار: والنهروان.

٦ - لب اللباب: مخطوط.

٧ - لب اللباب: مخطوط.

(١) المؤمنون ٢٣: ١٨.

الباب ٢٢

١ - مصباح الكفعمي ص ٧٤١.

٢٦

٢٣ -( باب شرب اللبن مما يؤكل لحمه، وإباحة أبوالها ولعابها)

[ ٢٠٦٤٨ ] ١ - الطبرسي في المكارم: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه كان يشرب الماء الذي حلب عليه اللبن.

[ ٢٠٦٤٩ ] ٢ - دعائم الاسلام: روينا عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام ، قال: « قدم على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قوم من بني ضبة مرضى، فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أقيموا عندي، فإذا برئتم بعثتكم في سرية(١) فاستوخموا المدينة فأخرجهم إلى إبل الصدقة، وأمرهم أن يشربوا من ألبانها وأبوالها، يتداوون بذلك » الخبر.

٢٤ -( باب استحباب التواضع لله بترك الأشربة اللذيذة)

[ ٢٠٦٥٠ ] ١ - الطبرسي في المكارم: ولقد جاءهصلى‌الله‌عليه‌وآله ابن خولي بإناء فيه عسل ولبن، فأبى أن يشربه فقال: « شربتان في شربة، وإناءان في إناء واحد » فأبى أن يشربه، ثم قال: « ما أحرمه، ولكن أكره الفخر والحساب بفضول الدنيا غدا، وأحب التواضع، فإن من تواضع لله رفعه الله ».

٢٥ -( باب أن الماء الذي ينبذ فيه التمر أو الزبيب حلال قبل أن يغلي)

[ ٢٠٦٥١ ] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « كنا

__________________

الباب ٢٣

١ - مكارم الأخلاق ص ٣٢.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٧٦ ح ١٧١١.

(١) في الحجرية: « سيرته » وما أثبتناه من المصدر.

الباب ٢٤

١ - مكارم الأخلاق ص ٣٢.

الباب ٢٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٨ ح ٤٤٤.

٢٧

ننقع لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله زبيبا أو تمرا في مطهرة في الماء لنحليه له، فإذا كان اليوم واليومين شربه، فإذا تغير أمر به فهريق(١) » .

[ ٢٠٦٥٢ ] ٢ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « الحلال من النبيذ أن تنبذه وتشربه من يومه ومن الغد، فإذا تغير فلا تشربه، ونحن نشربه حلوا قبل أن يغلي» .

وقالعليه‌السلام : « كان سقاية زمزم فيها ملوحة، فكانوا يطرحون فيها تمرا ليعذب ماؤها ».

[ ٢٠٦٥٣ ] ٣ - القطب الراوندي في لب اللباب: النبيذ الحلال هو ما كان بالمدينة، وهو ان ماءها كان زعاقا، فأمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يجعل في شن من الماء عظيم تميرات ليذهب مرارة الماء، فكانوا يشربون منه، ويتوضؤون به.

٢٦ -( باب استحباب اختيار الماء العذب الحلو البارد للشرب، وإضافة شئ حلو إليه كالسكر والفالوذج)

[ ٢٠٦٥٤ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وأروي في الماء البارد أنه يطفئ الحرارة، ويسكن الصفراء، ويهضم الطعام، ويذيب الفضلة التي على رأس المعدة، ويذهب بالحمى ».

ورواه الطبرسي في المكارم: عن الصادق(١) عليه‌السلام ، مثله(٢) .

__________________

(١) هريق: هرق الماء وغيره صبه وأراقه ( لسان العرب ج ١٠ ص ٣٦٥ ).

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٩ ج ٤٤٥.

٣ - لب اللباب: مخطوط.

الباب ٢٦

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٧.

(١) في المصدر: عن أبي الحسن الماضي.

(٢) مكارم الأخلاق ص ١٥٥.

٢٨

[ ٢٠٦٥٥ ] ٢ - الرسالة الذهبية للرضاعليه‌السلام : « وخير الماء شربا لمن هو مقيم أو مسافر ما كان ينبوعه من الجهة المشرقية من الخفيف الأبيض، وأفضل المياه ما كان مخرجها من مشرق الشمس الصيفي، وأصحها وأفضلها ما كان بهذا الوصف الذي نبع منه، وكان مجراه في جبال الطين، وذلك أنها تكون في الشتاء باردة وفي الصيف ملينة للبطن نافعة لأصحاب الحرارات.

وأما [ الماء ](١) المالح والمياه الثقيلة، فإنها تيبس البطن، ومياه الثلوج والجليد رديئة لسائر الأجساد، وكثيرة الضرر جدا.

وأماه مياه السحب، فإنها خفيفة عذبة صافية نافعة للأجسام إذا لم يطل خزنها وحبسها في الأرض.

وأما مياه الجب، فإنها عذبة صافية نافعة، إن دام جريها ولم يطل حبسها في الأرض.

وأما البطائح والسباخ، فإنها حارة غليظة في الصيف، لركودها ودوام طلوع الشمس عليها، وقد يتولد من دوام شربها المرة الصفراوية، وتعظم به أطحلتهم(٢) » .

[ ٢٠٦٥٦ ] ٣ - الحسن بن فضل الطبرسي في المكارم: وكان أحب الأشربة إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله الحلو.

[ ٢٠٦٥٧ ] ٤ - وفي رواية: أحب الشراب إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الحلو البارد، وكان يشرب الماء على العسل، وكان يماث الخبز فيشربه أيضا.

__________________

١ - الرسالة الذهبية ص ٤٥ باختلاف.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أطحلتهم: جمع طحال وهو العضو المعروف من جسم الانسان وغيره من الحيوان.

٣ - مكارم الأخلاق ص ٣٢.

٤ - مكارم الأخلاق ص ٣٢.

٢٩

[ ٢٠٦٥٨ ] ٥ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، ( أنه كان )(١) يعجبه الفالوذج، وكان إذا أراده قال: « اتخذوه لنا وأقلوا ».

٢٧ -( باب إباحة شرب العصير قبل أن يغلي وبعد أن يذهب ثلثاه)

[ ٢٠٦٥٩ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، أنه قال: « ليس على الخمر صدقة، ولا بأس بشرب العصير إذا كان حلوا، ويحل شربه ».

٢٨ -( باب أن الخمر إذا صار خلا صار حلالا)

[ ٢٠٦٦٠ ] ١ - صحيفة الرضاعليه‌السلام : بإسناده عن آبائه قال: « قال أمير المؤمنينعليهم‌السلام : كلوا خل الخمر [ على الريق ](١) فإنه يقتل الديدان في البطن ».

٢٩ -( باب شرب السويق)

[ ٢٠٦٦١ ] ١ - ابنا بسطام في طب الأئمةعليهم‌السلام : عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام ، قال: « ما أعظم بركة السويق! إذا شربه الانسان

__________________

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١١١ ح ٣٦١.

(١) في المصدر: أنه قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

الباب ٢٧

١ - الجعفريات ص ٥٥.

الباب ٢٨

١ - صحيفة الرضاعليه‌السلام ص ٦٦.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ٢٩

١ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ٦٧.

٣٠

على الشبع امرأ وهضم الطعام، وإذا شربه الانسان على الجوع أشبعه» الخبر.

[ ٢٠٦٦٢ ] ٢ - الطبرسي في المكارم: وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله يشرب الماء الذي حلب عليه اللبن، ويشرب السويق.

٣٠ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب الأشربة المحللة)

[ ٢٠٦٦٣ ] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، نهى عن شرب الحميم، يعني الماء الحار إذا انتهى [ إلى ](١) غاية الحرارة.

[ ٢٠٦٦٤ ] ٢ - الطبرسي في المكارم: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « الماء المغلي ينفع من كل شئ، ولا يضر من شئ ».

[ ٢٠٦٦٥ ] ٣ - وعن أنس بن مالك قال: كانت لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شربة يفطر عليها وشربة للسحر، وربما كانت واحدة، وربما كانت لبنا، وربما كانت الشربة(١) خبزا يماث، فهيأتها له ذات ليلة، فاحتبس النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فظننت أن بعض أصحابه دعاه، فشربتها حين احتبس، فجاءصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد العشاء بساعة، فسألت بعض من كان معه: هل كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أفطر في مكان، أو دعاه أحد؟ فقال: لا، فبت بليلة لا يعلمها إلا الله من غم(٢) أن يطلبها مني النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا يجدها فيبيت جائعا، فأصبح

__________________

٢ - مكارم الأخلاق ص ٣٢.

الباب ٣٠

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٥١ ح ٥٤٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - مكارم الأخلاق ص ١٥٧.

٣ - مكارم الأخلاق ص ٣٢.

(١) في الحجرية: « الأشربة » وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: خوف.

٣١

صائما وما سألني عنها ولا ذكرها حتى الساعة.

ولقد قرب إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله اناء فيه لبن، وابن عباس عن يمينه، وخالد بن الوليد عن يساره، فشرب ثم قال لعبد الله بن العباس: « إن الشربة لك، أفتأذن أن أعطي خالد بن الوليد؟ » يريد السن، فقال ابن عباس: لا والله، لا أؤثر بفضل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أحدا، فتناول ابن عباس القدح فشربه.

[ ٢٠٦٦٦ ] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : « السكر ينفع من كل شئ، ولا يضر من شئ )(١) ، وكذلك الماء المغلي ».

[ ٢٠٦٦٧ ] ٥ - السيد علي بن طاووس في مهج الدعوات: نقلا من كتاب زاد العابدين تأليف حسين بن أبي الحسن بن خلف الكاشغري الملقب بالفضل، ما هذا لفظه: حديث نيسان، قال: وأخبرنا الوالد أبو الفتوح رحمه الله، حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الخشاني البلخي، حدثنا أبو نصر محمد بن أحمد الباب الحريري، حدثنا أبو نصر عبد الله بن العباس المذكر البلخي، حدثنا أحمد بن أحمد البلخي، حدثنا عيسى بن هارون عن محمد بن جعفر بن عبد الله بن عمر قال: حدثنا نافع، عن ابن عمر قال: كنا جلوسا إذ دخل علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وسلم علينا فرددناعليه‌السلام ، فقال: « ألا أعلمكم دواء علمني جبرئيلعليه‌السلام حيث لا أحتاج إلى دواء الأطباء؟ وقال عليعليه‌السلام وسلمان وغيرهما - رحمة الله عليهم - وما ذاك الدواء؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : تأخذ من ماء المطر بنيسان، وتقرأ عليه فاتحة الكتاب سبعين مرة، وآية الكرسي سبعين مرة، وقل هو الله أحد سبعين مرة، وقل

__________________

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٧، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٥٨ ح ٤٥.

(١) ليس في المصدر.

٥ - مهج الدعوات ص ٣٥٥، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٧٦ ح ١.

٣٢

أعوذ برب الفلق سبعين، مرة وقل أعوذ برب الناس سبعين مرة، وقل يا أيها الكافرون سبعين مرة وتشرب من ذلك الماء غدوة وعشية سبعة أيام متواليات.

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : والذي بعثني بالحق نبيا، إن جبرائيل قال: إن الله يرفع عن الذي يشرب من هذا الماء كل داء في جسده، ويعافيه ويخرج من عروقه وجسده وعظمه وجميع أعضائه، ويمحو ذلك من اللوح المحفوظ، والذي بعثني بالحق نبيا، إن لم يكن له ولد وأحب أن يكون له ولد بعد ذلك، فشرب من ذلك الماء كان له ولد، وإن كانت المرأة عقيما شربت من ذلك الماء رزقها الله ولدا، وإن كان الرجل عنينا والمرأة عقيما وشرب من [ ذلك ](١) الماء أطلق الله عنه(٢) ، وذهب ما عنده ويقدر على المجامعة، وإن أحبت أن تحمل بابن حملت، وإن أحبت أن تحمل بذكر أو أنثى حملت، وتصديق ذلك في كتاب الله:( يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ‌ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَ‌انًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا ) (٣) وإن كان به صداع يشرب من ذلك يسكن عنه الصداع، بإذن الله تعالى.

وإن كان به وجع العين، يقطر من ذلك الماء في عينيه، ويشرب منه ويغسل [ به ](٤) عينيه، يبرأ بإذن الله تعالى، ويشد أصول الأسنان، ويطيب الفم، ولا يسيل من أصول الأسنان اللعاب، ويقطع البلغم، ولا يتخم إذا أكل وشرب، ولا يتأذى بالريح، ولا يصيبه الفالج، ولا يشتكي ظهره، ولا يتجع بطنه، ولا يخاف من الزكام، ووجع الضرس، ولا يشتكي المعدة و [ لا ](٥) الدود، ولا يصيبه قولنج، ولا يحتاج إلى

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: ذلك.

(٣) الشورى ٤٢: ٤٩، ٥٠.

(٤) أثبتناه من المصدر.

(٥) أثبتناه من المصدر.

٣٣

الحجامة، ولا يصيبه الباسور(٦) ، ولا يصيبه الناسور(٧) ، ولا يصيبه الحكة، ولا الجدري، ولا الجنون، ولا الجذام، والبرص، والرعاف، ولا القلس، ولا يصيبه عمى، ولا بكم، ولا خرس، ولا صمم، ولا مقعد، ولا يصيبه الماء الأسود في عينيه، ولا يصيبه داء يفسد عليه صومه وصلاته، ولا يتأذى بالوسوسة، ولا الجن، ولا الشياطين.

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال جبرائيل: إنه من شرب من ذلك الماء، ثم كان به جميع الأوجاع التي تصيب الناس، فإنها شفاء له من جميع الأوجاع، فقلت يا جبرائيل، هل ينفع في غير ما ذكرت من الأوجاع؟ قال جبرائيل: والذي بعثك بالحق نبيا، من قرأ هذه الآيات ( على هذا الماء )(٨) ، ملا الله قلبه نورا وضياء، ويلقي الالهام في قلبه، ويجري الحكمة على لسانه، ويحشو قلبه من الفهم والتبصرة ما لم يعط مثله، أحدا من العالمين، ويرسل إليه ألف مغفرة، وألف رحمة، ويخرج الغش، والخيانة، والغيبة، والحسد، والبغي، والكبر، والبخل، والحرص، والغضب من قلبه، والعداوة، والبغضاء، والنميمة، والوقيعة في الناس، وهو الشفاء من كل داء» .

وقد روي في رواية أخرى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيما يقرأ على ماء المطر في نيسان زيادة، وهي أنه يقرأ عليه سورة إنا أنزلناه، ويكبر الله ويهلل الله، ويصلي على النبي ( عليه وعليهم السلام )، كل واحدة منها سبعين مرة.

__________________

(٦) الباسور: واحد البواسير، وهي كالدمل في مقعدة الانسان ( مجمع البحرين ج ٣ ص ٢٢١ ).

(٧) الناسور: مرض كسابقه إلا أنه أشد ( مجمع البحرين ج ٣ ص ٤٩٢ ).

(٨) في الحجرية: « في الماء » وما أثبتناه من المصدر.

٣٤

[ ٢٠٦٦٨ ] ٦ - البحار: وجدت بخط الشيخ علي بن الحسين(١) بن جعفر المرزباني، وكان تاريخ كتابته(٢) سنة ثمان وتسعمائة، قال: وجدت بخط الامام العلامة الشهيد السعيد محمد بن مكي رحمه الله: روى عن جعفر بن محمد، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : علمني جبرئيل دواء لا أحتاج معه إلى طبيب، فقال بعض أصحابه: نحب يا رسول الله [ أن ](٣) تعلمنا، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يؤخذ(٤) بنيسان يقرأ عليه فاتحة الكتاب، وآية الكرسي، وقل يا أيها الكافرون، وسبح اسم ربك الأعلى - سبعين مرة - والمعوذتان، والاخلاص - سبعين مرة - ثم يقرأ: لا إله إلا الله - سبعين مرة - والله أكبر - سبعين مرة - وصلى الله على محمد وآل محمد - سبعين مرة - وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر - سبعين مرة - ثم يشرب منه جرعة بالعشاء وجرعة غدوة، سبعة أيام متواليات، قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : والذي بعثني بالحق نبيا، إن الله يدفع عمن يشرب هذا الماء، كل داء وكل أذى في جسده، ويطيب الفم، ويقطع البلغم، ولا يتخم إذا أكل وشرب، ولا تؤذيه الرياح، ولا يصيبه فالج، ولا يشتكي ظهره، ولا جوفه، ولا سرته، ولا يخاف البرسام(٥) ، ويقطع عنه البرودة، وحصر البول، ولا تصيبه حكة، ولا جدري، ولا طاعون، ولا جذام، ولا برص، ولا يصيبه الماء الأسود في عينيه، ويخشع قلبه، ويرسل الله عليه ألف رحمة، وألف مغفرة، ويخرج من قلبه النكر، والشرك، والعجب، والكسل، والفشل، والعداوة، ويخرج من عروقه الداء، ويمحو عنه الوجع

__________________

٦ - بحار الأنوار ج ٦٦ ص ٤٧٨.

(١) في المصدر: حسن.

(٢) في الحجرية: « كتابه » وما أثبتناه من المصدر.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) لعل هناك سقط: ماء المطر، هامش الحجرية.

(٥) البرسام: مرض يصيب الانسان في رأسه ( لسان العرب ج ١٢ ص ٤٦ ).

٣٥

من اللوح المحفوظ، وأي رجل أحب أن تحبل امرأته حبلت امرأته ورزقه الله الولد، وإن كان رجل محبوسا وشرب ذلك أطلقه الله من السجن ويصل إلى ما يريد، وإن كان به صداع سكن عنه، وسكن عنه كل داء في جسمه، بإذن الله تعالى» .

[ ٢٠٦٦٩ ] ٧ - الفضل بن الحسن الطبرسي في مجمع البيان: عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله قال: لما مر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بالحجر(١) في غزوة تبوك، قال لأصحابه: « لا يدخلن أحد منكم القرية، ولا تشربوا من مائهم، ولا تدخلوا على هؤلاء المعذبين، إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم الذي أصابهم » الخبر.

ورواه الشيخ أبو الفتوح في تفسيره: مثله(٢) .

[ ٢٠٦٧٠ ] ٨ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله بن محمد قال: أخبرنا محمد بن محمد قال: حدثني موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان إذا رقى في الماء أدنى الاناء إلى فيه، فدعا بما شاء الله، من غير أن يتفل فيه ».

[ ٢٠٦٧١ ] ٩ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه(١) ، فإن في أحد جناحيه سما و [ في ](٢) الأخرى شفاء، وانه يقدم السم ويؤخر الشفاء ».

__________________

٧ - مجمع البيان ج ٢ ص ٤٤٣.

(١) الحجر بكسر الحاء: ديار ثمود بوادي القرى بين المدينة والشام ( معجم البلدان ج ٢ ص ٢٢١ ).

(٢) تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٢ ص ٤٢٣.

٨ - الجعفريات ص ٢١٦.

(١) مقل الشئ في الماء: غمسه ( لسان العرب ج ١١ ص ٦٢٧ ).

(٢) أثبتناه من المصدر.

٣٦

أبواب الأشربة المحرمة

١ -( باب أقسام الخمر المحرمة)

[ ٢٠٦٧٢ ] ١ - دعائم الاسلام: عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، أنه قال: « الخمر من خمسة أشياء: من التمر والزبيب والحنطة والشعير والعسل » يعني بعد العنب.

[ ٢٠٦٧٣ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « الخمر حرام بعينها، والمسكر من كل شراب، فما أسكر كثيره فقليله حرام، ولها خمسة أسام: فالعصير من الكرم وهي الخمرة الملعونة، والنقيع من الزبيب، والبتع من العسل، والمزر(١) من الشعير وغيره، والنبيذ من التمر ».

[ ٢٠٦٧٤ ] ٣ - الصدوق في المقنع: إن الله تبارك وتعالى حرم الخمر بعينها - إلى أن قال - ولها خمسة أسام، وساق مثله، إلا أن فيه: والمزر وهو من الحنطة.

[ ٢٠٦٧٥ ] ٤ - الشيخ أبو الفتوح في تفسيره: عن رسول الله ( صلى الله عليه

__________________

أبواب الأشربة المحرمة

الباب ١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٣٣ ح ٤٦٩.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٨.

(١) المزر: نبيذ مسكر كانوا يصنعونه من الحنطة وقيل: من الذرة ( لسان العرب ج ٥ ص ١٧٢ ).

٣ - المقنع ص ١٥٢.

٤ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٣٦٣.

٣٧

وآله )، قال: « إن من التمر لخمرا، وإن من العنب لخمرا، وإن من الزبيب لخمرا، وإن من العسل لخمرا، وإن من الحنطة لخمرا، وإن من الشعير لخمرا ».

٢ -( باب تحريم العصير العنبي والتمري وغيرهما إذا غلى ولم يذهب ثلثاه، وإباحته بعد ذهابهما)

[ ٢٠٦٧٦ ] ١ - زيد النرسي في أصله: قال سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام ، عن الزبيب يدق ويلقى في القدر، ثم يصب عليه الماء ويوقد تحته، فقال: « لا تأكله حتى يذهب الثلثان ويبقى الثلث، فإن النار قد أصابته، قلت: فالزبيب كما هو [ يلقى ](١) في القدر ويصب عليه الماء، ثم يطبخ ويصفى عنه الماء، فقال كذلك هو سواء، إذا أدت الحلاوة إلى الماء فصار حلوا بمنزلة العصير ثم نش من غير أن تصيبه النار فقد حرم، وكذلك إذا أصابته النار فأغلاه فقد فسد ».

قلت: هكذا متن الخبر في نسختين من الأصل، وكذا نقله المجلسي فيما عندنا من نسخ البحار، ونقله في المستند عنه، ولكن في كتاب الطهارة للشيخ الأعظم تبعا للجواهر ساقا متنه هكذا: عن الصادقعليه‌السلام ، في الزبيب يدق ويلقى في القدر ويصب عليه الماء، فقال: « حرام حتى يذهب الثلثان » وفي الثاني: « حرام إلا أن يذهب ثلثاه » قلت: الزبيب كما هو يلقى في القدر، قال: « هو كذلك سواء، إذا أدت الحلاوة إلى الماء فقد فسد، كلما غلى بنفسه أو بالماء أو بالنار فقد حرم حتى يذهب ثلثاه » وفي الثاني: « إلا أن يذهب ثلثاه » بل فيه نسبة الخبر إلى زيد الزراد وزيد النرسي في مقام الاستدلال، ورده، ولا يخفى ما في المتن

__________________

الباب ٢

١ - أصل زيد النرسي ص ٥٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

٣٨

الذي ساقه من التحريف والتصحيف والزيادة، وكذا نسبته إلى الزراد فلاحظ.

[ ٢٠٦٧٧ ] ٢ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « الحلال من النبيذ أن تنبذه وتشربه من يومه ومن الغد، فإذا تغير فلا تشربه، ونحن نشربه حلوا قبل أن يغلي ».

[ ٢٠٦٧٨ ] ٣ - وقد روينا عن عليعليه‌السلام ، أنه كان يروق(١) الطلا - وهو ما طبخ من عصير العنب - حتى يصير له قوام.

[ ٢٠٦٧٩ ] ٤ - نصر بن مزاحم في كتاب صفين قال: كتب أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى الأسود بن قطنة: « واطبخ للمسلمين(١) من الطلا ما يذهب ثلثاه ».

[ ٢٠٦٨٠ ] ٥ - فقه الرضاعليه‌السلام : « اعلم أن أصل الخمر من الكرم إذا أصابته النار، أو غلى من غير أن تصيبه النار، فهو خمر ولا يحل شربه إلا أن يذهب ثلثاه على النار ويبقى ثلثه، فإن نش من غير أن تصيبه النار، فدعه حتى يصير خلا من، ذاته من غير أن يلقى فيه شئ ».

[ ٢٠٦٨١ ] ٦ - كتاب عاصم بن حميد الحناط: عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام ، عن نبيذ السقاية، فقال: « يا أبا محمد، كانوا يومئذ أشد جهدا من أن يكون لهم زبيب ينبذونه، إنما السقاية زمزم ».

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٩ ح ٤٤٥.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٨ ح ٤٤١.

(١) الترويق: التصفية ( مجمع البحرين ج ٥ ص ١٧٣ ).

٤ - كتاب صفين ص ١٠٦.

(١) في المصدر زيادة: قبلك.

٥ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٨.

٦ - كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٢٤.

٣٩

قلت: الأولى تبديل التمري بالزبيبي في العنوان، واسقاط غيرهما منه لعدم ما يدل عليه في التمري وغيره، وصراحة خبر زيد على إلحاق الزبيبي بالعنبي، وقد أثبتنا اعتبار أصله في الفائدة الثانية من الخاتمة بما لا مزيد عليه.

٣ -( باب حكم ماء الزبيب وغيره، وكيفية طبخه)

[ ٢٠٦٨٢ ] ١ - الرسالة الذهبية للرضاعليه‌السلام : صفة الشراب الذي يحل شربه واستعماله بعد الطعام، قالعليه‌السلام : « وصفته هو أن يؤخذ من الزبيب المنقى عشرة أرطال، فيغسل وينقع في ماء صاف، في غمرة وزيادة عليه أربعة أصابع، ويترك في إنائه ذلك ثلاثة أيام في الشتاء، وفي الصيف يوما وليلة، ثم يجعل في قدر نظيفة، وليكن الماء ماء السماء إن قدر عليه، وإلا فمن الماء العذب الذي ينبوعه من ناحية المشرق، ماء براقا أبيض خفيفا، وهو القابل لما يعترضه على سرعة من السخونة والبرودة، وتلك دلالة على خفة(١) الماء، ويطبخ حتى ينشف الزبيب وينضج ثم يعصر ويصفى ماؤه، ويبرد ثم يرد إلى القدر ثانيا ويؤخذ مقداره بعود، ويغلى بنار(٢) لينة غليانا لينا رقيقا حتى يذهب(٣) ثلثاه ويبقى ثلثه، ثم يؤخذ من عسل النحل المصفى رطل فيلقى عليه، ويؤخذ مقداره ومقدار الماء إلى أين كان من القدر، ويغلى حتى يذهب قدر العسل ويعود إلى حده، ويؤخذ خرقة صفيقة فيجعل فيها زنجبيل وزن درهم، ومن القرنفل نصف(٤) درهم، ومن الدارصيني نصف درهم، ومن الزعفران درهم، ومن سنبل

__________________

الباب ٣

١ - الرسالة الذهبية ص ٢١ - ٢٦ باختلاف في اللفظ.

(١) في الحجرية: « صفة » وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في الحجرية: « بماء » وما أثبتناه من المصدر.

(٣) في نسخة: يمضي.

(٤) في المصدر: وزن.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

7 - فرض البيعة بالقوّة ليزيد الفاجر:

لقد كانت الخلافة أيام أبي بكر وعمر وعثمان ذات مسحة إسلامية وكانوا يحكمون تحت شعار خلافة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

على أنّ معاوية حينما بدأ بالسيطرة على زمام السلطة فإنّه - رغم الخداع والتضليل الذي عرفنا شيئاً عنه - لم يجترئ على تحدّي الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ورسالته بشكل علني وصريح في بداية حكمه; إذ كان يستغل المظاهر الإسلامية لإحكام القبضة ولتحقيق مزيد من السيطرة على رقاب أبناء الأمة الإسلامية. ومن هنا وصف معاوية بالدهاء والذكاء المفرط; لأنه كان يُلبس باطله لباساً إسلامياً.

ولكن تحميله ليزيد الفاجر المعلن بفسقه على الأمة جاء هتكاً صريحاً للقيم الإسلامية واستهتاراً واضحاً لعرف المسلمين؛ وذلك لما عرفه المسلمون جميعاً من أنّ الخلافة الإسلامية ليست حكماً قيصرياً ولا كسروياً لينتقل بالوراثة، ولا يستحق هذا المنصب إلاّ العالم بالكتاب والسنّة، العامل بهما والقادر على تحقيق أهداف الرسالة الإسلامية وتطبيق أحكامها.

هذا مضافاً إلى أنّ فرض البيعة ليزيد على المسلمين كان جريمة كبرى ذات أبعاد اجتماعية وسياسية خطيرة تنتهي بتصفية الإسلام ومحوه من على وجه الأرض، لولا ثورة الإمام الحسينعليه‌السلام سبط الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله الحافظ لدين جدّه من الضياع والدمار.

ولأجل الوقوف على عظمة هذه الجريمة; لابدّ أن نعرف أوّلاً من هو يزيد؟ وما هو السبب الذي جعله غير صالح للخلافة؟ ولماذا يكون فرض بيعته عدواناً صريحاً على الإسلام وارتداداً عنه وعودة إلى الجاهلية التي ناهضها الإسلام؟

١٠١

البحث الثاني: من هو يزيد بن معاوية؟

قبل الحديث عن تولّي يزيد للحكم وموقف الإمام الحسينعليه‌السلام من ذلك لابدّ وأن نعرف من هو يزيد في منظار الإسلام والمسلمين؟ وما هو رأي الإسلام في البيت الأموي بصورة عامة؟

لا يشك أحد من الباحثين والمؤرّخين في أنّ الأمويين كانوا من ألدّ أعداء الإسلام وأنكد خصومه منذ أن بزغ فجره وحتى آخر مرحلة من مراحل حكمهم. وأنهم لم يدخلوا فيه إلاّ بعد أن استنفدوا جميع إمكاناتهم في محاربته حتّى باؤوا بالفشل. ولمّا دخلوا فيه مرغمين أخذوا يخطّطون لتشويه معالمه وإعادة مظاهر الجاهلية بكلّ أشكالها بأسلوب جديد وتحت ستار الإسلام.

وكان معاوية يرتعش جزعاً ويضجر عندما كان يسمع النداء باسم النبي محمد بن عبد اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ويشعر بانطلاق هذا الاسم المبارك في أجواء العالم الإسلامي من أعلى المآذن في كلّ يوم.

وهكذا كان غيره من حكّام ذلك البيت الذين حكموا باسم الإسلام وهم يعملون على تقويضه وإبرازه على غير واقعه وتشويه قوانينه وتشريعاته ومُثله.

ويزيد بن معاوية الذي وقف الإمام الحسينعليه‌السلام منه ذلك الموقف الخالد كان كما يصفه المؤرّخون والمحدّثون مستهتراً إلى حدّ الإسراف في الاستهتار، وممعناً في الفحشاء والمنكرات إلى حدّ الغلوّ في ذلك(1) .

____________________

(1) سيرة الأئمّة الاثني عشر: 2 / 41.

١٠٢

ولادة يزيد ونشأته وصفاته:

ولد يزيد سنة (25 أو 26 هـ )(1) وأمه ميسون بنت بجدل الكلبية، وقد ذكر المؤرّخون: أنّ ميسون بنت بجدل الكلبية أمكنت عبد أبيها من نفسها، فحملت بيزيد (لعنه الله) وإلى هذا أشار النسّابة الكلبي بقوله:

فإن يكن الزمان أتى علينا

بقتل الترك والموت الوحي

فقد قَتل الدعيُّ وعبدُ كلب

بأرض الطف أولادَ النبي

أراد بالدعيّ عبيد الله بن زياد لعنه الله... ومراده بعبد كلب يزيد بن معاوية، لأنّه من عبد بجدل الكلبي(2) .

وفيما يتّصل بصفاته الجسميّة فقد وصفه ابن كثير - في بدايته - بأنّه كان كثير اللحم عظيم الجسم وكثير الشعر مجدوراً(3) .

أمّا صفاته النفسية فقد ورث صفات الغدر والنفاق والطيش والاستهتار من سلفه، حتّى قال المؤرّخون: وكان يزيد قاسياً غدّاراً كأبيه، (إن كان من معاوية طبعاً) ولكنّه ليس داهيةً مثله، كانت تنقصه القدرة على تغليف تصرّفاته القاسية بستار من اللباقة الدبلوماسية الناعمة، وكانت طبيعته المنحلّة وخُلقه المنحطّ لا تتسرّب اليها شفقة ولا عدل. كان يقتل ويعذّب نشواناً للمتعة واللّذة التي يشعر بها، وهو ينظر إلى آلام الآخرين، وكان بؤرة لأبشع الرذائل، وها هم ندماؤه من الجنسين خير شاهد على ذلك، لقد كانوا من حثالة المجتمع(4) .

____________________

(1) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : 2 / 179.

(2) بحار الأنوار: 44 / 309.

(3) سيرة الأئمّة الاثني عشر: 2 / 42.

(4) حياة الإمام الحسين: 2 / 181 - 182.

١٠٣

وقد نشأ يزيد عند أخواله في البادية من بني كلاب الذين كانوا يعتنقون المسيحية قبل الإسلام، وكان مرسل العنان مع شبابهم الماجنين فتأثّر بسلوكهم إلى حد بعيد، فكان يشرب معهم الخمر ويلعب معهم بالكلاب.

ولع يزيد بالصيد:

ومن مظاهر صفات يزيد ولعه بالصيد، فكان يقضي أغلب أوقاته فيه، قال المؤرّخون: كان يزيد بن معاوية كلفاً بالصيد لاهياً به، وكان يُلبِسُ كلابَ الصيد الأساورَ من الذهب والجلال المنسوجة منه، ويهب لكلّ كلب عبداً يخدمه(1) .

شغفه بالقرود:

وكان يزيد - فيما أجمع عليه المؤرّخون - ولعاً بالقرود، وكان له قرد يجعله بين يديه ويكنّيه بأبي قيس، ويسقيه فضل كأسه، ويقول: هذا شيخ من بني اسرائيل أصابته خطيئة فمسخ، وكان يحمله على أتان وحشية ويرسله مع الخيل في حلبة السباق، فحمله يوماً فسبق الخيل فسرّ بذلك وجعل يقول:

تمسّك أبا قيس بفضل زمامها

فليس عليها إن سقطتَ ضمانُ

فقد سبقتَ خيل الجماعة كلّها

وخيل أمير المؤمنين أتانُ

وأرسله مرّةً في حلبة السباق فطرحته الريح فمات فحزن عليه حزناً شديداً، وأمر بتكفينه ودفنه كما أمر أهل الشام أن يعزّوه بمصابه الأليم، وأنشأ راثياً له:

كم من كرام وقوم ذوو محافظة

جاءوا لنا ليعزوا في أبي قيس

____________________

(1) راجع الفخري لابن الطقطقي: 45، وتاريخ اليعقوبي: 2/230، وتاريخ الطبري: 4/368، والبداية والنهاية: 8/236 - 239.

١٠٤

شيخ العشيرة أمضاها وأجملها

على الرؤوس وفي الأعناق والريس

لا يُبعد الله قبراً أنت ساكنه

فيه جمال وفيه لحية التيس(1)

وذاع بين الناس هيامه وشغفه بالقرود حتى لقّبوه بها، ويقول رجل من تنوخ هاجياً له:

يزيد صديق القرد ملّ جوارنا

فحنّ إلى أرض القرود يزيد

فتبّاً لمن أمسى علينا خليفة

صحابته الأدنون منه قرود(2)

إدمانه على الخمر:

والظاهرة البارزة من صفات يزيد إدمانه على الخمر حتى أسرف في ذلك إلى حد كبير، فلم يُرَ في وقت إلاّ وهو ثمل لا يعي من فرط السكر، ومن شعره في الخمر:

أقول لصحب ضمّت الخمر شملهم

وداعي صبابات الهوى يترنّم

خذوا بنصيب من نعيم ولذّة

فكلّ وإن طال المدى يتصرّم(3)

وينقل المؤرّخون عن عبد الله بن حنظلة الذي خرج على يزيد بعد أن اصطحب وفداً من أهل المدينة إلى الشام في أعقاب استشهاد الإمام الحسينعليه‌السلام وصفه ليزيد بقوله: والله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نُرمى بالحجارة من السماء، إنّه رجل ينكح الاُمهات والبنات والأخوات، ويشرب الخمر ويدع الصلاة، والله لو لم يكن معي أحد من الناس لأبليت لله بلاءً حسناً(4) .

____________________

(1) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : 2 / 182، نقلاً عن جواهر المطالب: 143.

(2) أنساب الأشراف: 2 / 2.

(3) حياة الإمام الحسين: 2 / 183، نقلاً عن تأريخ المظفري.

(4) تأريخ ابن عساكر: 7 / 372، وتأريخ الخلفاء للسيوطي: 81.

١٠٥

وقال أعضاء الوفد: قدمنا من عند رجل ليس له دين، يشرب الخمر ويعزف بالطنابير ويلعب بالكلاب(1) .

ونقل عن المنذر بن الزبير قوله في وصفه: والله إنّه ليشرب الخمر، والله إنّه ليسكر حتى يدع الصلاة(2) .

ووصفه أبو عمر بن حفص بقوله: والله رأيت يزيد بن معاوية يترك الصلاة مسكراً...(3)

ويتبدّى الكفر في وصفه للخمر في الأبيات الآتية:

شميسة كرم برجها قعردنِّها

ومشرقها الساقي ومغربها فمي

اذا اُنزلت من دنِّها في زجاجة

حكت نفراً بين الحطيم وزمزمِ

فإن حَرُمَتْ يوماً على دين أحمد

فخذها على دين المسيح ابن مريمِ(4)

وعنه قال المسعودي: وكان يزيد صاحب طرب وجوارح وكلاب وقرود وفهود ومنادمة على الشراب، وجلس ذات يوم على شرابه وعن يمينه ابن زياد وذلك بعد قتل الحسين، فأقبل على ساقيه فقال:

إسقني شربةً تُروّي مُشاشي

ثم مِلْ فاسقِ مثلها ابن زيادِ

صاحب السرّ والأمانة عندي

ولتسديد مغنمي وجهادي

ثم أمر المغنّين فغنّوا، وغلب على أصحاب يزيد وعمّاله ما كان يفعله من الفسوق، وفي أيامه ظهر الغناء بمكة والمدينة، واستعملت الملاهي وأظهر الناس شرب الشراب(5) .

____________________

(1) تأريخ ابن عساكر: 7 / 372، وتأريخ الخلفاء للسيوطي: 81.

(2) البداية والنهاية: 8 / 216، الكامل لابن الأثير: 4 / 45.

(3) المصدر السابق.

(4) تتمة المنتهى: 43.

(5) مروج الذهب: 2 / 94.

١٠٦

ويؤكّد في مكان آخر: وكان يسمّى يزيد السكران الخمّير(1) .

وكان ليزيد جماعة من الندماء الخليعين والماجنين يقضي معهم لياليه الحمراء بين الشراب والغناء (وفي طليعة ندمائه الأخطل الشاعر المسيحي الخليع، فكانا يشربان ويسمعان الغناء، وإذا أراد السفر صحبه معه، ولمّا هلك يزيد وآل أمر الخلافة إلى عبد الملك بن مروان قرّبه، فكان يدخل عليه بغير استئذان، وعليه جبّة خزّ، وفي عنقه سلسلة ذهب، والخمر يقطرمن لحيته)(2) .

إن مطالعة الحياة الماجنة ليزيد في حياة أبيه تكفي لفهم دليل امتناع عامة الصحابة والتابعين من الرضوخ لبيعة يزيد بالخلافة.

إنّ نوايا يزيد ونزعاته المنحرفة قد تجلّت بشكل واضح خلال فترة حكمه القصيرة، حتى أنّه لم يبال بإظهار ما كان يضمره من حقد للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وما كان ينطوي عليه من إلحاد برسالتهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد أن دنّس يديه بقتل سبط الرسول وريحانته أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام وهو متسلّط - بالقهر - على رقاب المسلمين باسم الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله .

إلحاد يزيد وحقده على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

لقد أترعت نفس يزيد بالحقد على الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله والبغض له، لأنّه وتره باُسرته يوم بدر، ولمّا أباد العترة الطاهرة جلس على أريكة الملك جذلان مسروراً، فقد استوفى ثأره من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وتمنّى حضور أشياخه ليروا كيف أخذ بثأرهم، وجعل يترنّم بأبيات عبد الله بن الزبعرى:

ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسلْ

____________________

(1) مروج الذهب: 2 / 94.

(2) الأغاني لأبي الفرج الإصفهاني: 7 / 170.

١٠٧

لأهلّوا واستهلّوا فرحاً

ثم قالوا يا يزيد لا تشلْ

قد قتلنا القرم من أشياخهم

وعدلناه ببدر فاعتدلْ

لعبت هاشم بالملك فلا

خبر جاء ولا وحي نزلْ

لست من خندف إن لم أنتقم

من بني أحمد ما كان فعلْ(1)

بل إنّ يزيداً جاهر بإلحاده وكفره عندما تحرّك عبد الله بن الزبير ضدّه في مكة، فقد وجّه جيشاً لإجهاض تحرّك ابن الزبير وزوّده برسالة إليه، ورد فيها البيت الآتي:

ادع إلهك في السماء فإنّني

أدعو عليك رجال عك وأشعرا(2)

جرائم حكم يزيد:

ذكر المؤرّخون أنّ يزيد ارتكب خلال فترة حكمه القصيرة التي لم تتجاوز ثلاث سنين ونصف، ثلاث جرائم مروّعة لم يشهد لها التأريخ نظيراً، بحيث لم تسوّد تأريخ الأمويين إلى الأبد فحسب; وإنّما شوّهت تأريخ العالم الإسلامي كذلك، ومن هذه الجرائم:

1 - انتهاك حرمة أهل بيت الوحي بقتل الإمام الحسين السبطعليه‌السلام ومن معه من أسرته وأصحابه وسبي نسائه وأطفاله وعرضهم على الجماهير من بلد إلى بلد سنة (61 هـ ) وهم ذرية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وملايين المسلمين تقدّسهم وتذكر فيهم الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وكلّ ما في الإسلام من حقّ وخير.

2 - إقدامه بعد ملحمة عاشوراء على انتهاك حرمة مدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وقتل أهلها وإباحة أعراضهم لجيش الشام، لأنّهم استعظموا قتل الإمام

____________________

(1) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : 2 / 187، نقلاً عن البداية والنهاية: 8 / 192.

(2) مروج الذهب: 2 / 95.

١٠٨

الحسينعليه‌السلام وأنكروه عليه.

3 - إقدامه على حصار مكّة وتدمير الكعبة وقتل آلاف الأبرياء في الحرم الذي جعله الله حراماً وآمناً.

السرّ الكامن وراء نزعات يزيد الشرّيرة:

رجّح بعض المؤرّخين أنّ بعض نساطرة النصارى تولّى تربية يزيد وتعليمه، فنشأ نشأةً سيّئة ممزوجةً بخشونة البادية وجفاء الطبع، وقالوا: إنّه كان من آثار تربيته المسيحية أنّه كان يقرّب المسيحيين ويكثر منهم في بطانته الخاصة، وبلغ من اطمئنانه إليهم أن عهد بتربية ولده إلى مسيحي، كما اتّفق على ذلك المؤرّخون(1) .

ولا يمكن أن تعلّل هذه الصلة الوثيقة وتعلّقه الشديد بالأخطل وغيره إلاّ بتربيته ذات الصبغة المسيحية. هكذا حاول بعض المؤرّخين والكتّاب أن يعلّل استهتار يزيد بالإسلام ومقدّساته وحرماته.

وهذا التعليل يمكن أن يكون له ما يسوّغه لو كانت لحياة البادية وللتربية المسيحية تلك الصبغة الشاذّة التي برزت في سلوك يزيد من مطلع شبابه إلى أن أصبح وليّاً لعهد أبيه وحاكماً من بعده.

في حين أن العرب في حاضرتهم وباديتهم كانت لهم عادات وأعراف كريمة قد أقرّها الإسلام كالوفاء وحسن الجوار والكرم والنجدة وصون الأعراض وغير ذلك ممّا تحدّث به التأريخ عنهم، ولم يعرف عن يزيد شيء من ذلك، كما وأنّ التأريخ لم يحدّث عنهم بأنّهم استحلّوا نكاح الأخوات والعمّات كما حدّث التأريخ عنه. والذين ولدوا في البادية على النصرانية طيلة

____________________

(1) سيرة الأئمّة الاثني عشر: 2 / 42 وراجع أيضاً: حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : 2 / 180. عن المناقب: 71 للقاضي نعمان المصري، وسمو المعنى في سموّ الذات: 59 العلائلي.

١٠٩

حياتهم قبل الفتح الإسلامي وعاشوا في ظلّ أعرافها وعاداتها حينما دخلوا في الإسلام تغلّبوا على كلّ ما اعتادوه وألفوه عن الآباء والأجداد.

فلابدّ إذن من القول بأنّ لذلك الانحراف الشديد والوبيء في شخصية يزيد وسلوكه سبباً وراء التربية والحضانة المسيحية.

إلى هنا نكون قد وقفنا على صورة واضحة عن واقع شخصية يزيد المنحرفة عن خطّ الإسلام انحرافاً لا يسوغ لأيّ مسلم الانقياد لها والسكوت عليها ما دام الإسلام يمنع الإباحية والفسق ويدعو إلى العدل والتقوى، ويحاول تحقيق مجتمع عامر بالتقوى، ويريد للمسلمين قيادة تحرص على تحقيق أهداف الإسلام المُثلى.

ومن هنا كان علينا أن نطالع بدقّة كل مواقف الإمام الحسينعليه‌السلام باعتباره القائد الرسالي الحريص على مصالح الرسالة والأمة الإسلامية وندرس تخطيطه الرسالي للوقوف أمام الانحراف الهائل الذي كان يمتدّ بسرعة في أعماق المجتمع الإسلامي آنذاك.

١١٠

الفصل الثاني:

مواقف الإمام الحسينعليه‌السلام وإنجازاته

البحث الأوّل: موقفهعليه‌السلام من البيعة ليزيد

1 - دعوة انتهازية وخطّة شيطانية:

عندما ارتفعت راية الحقّ مرفرفةً فوق ربوع مكّة ومعلنةً عن انتصارها; دخل أبو سفيان ومعاوية في الإسلام ونار الحقد تستعر في قلبيهما ونزعة الثأر من الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيتهعليهم‌السلام تكمن في صدريهما، فتحوّلا من كونهما كافرين إلى كونهما مستسلِمَين طليقين من طلقاء الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله . ولم يطل العهد حتى حكم عثمان بن عفان فتسرّب ما كان مختبئاً في القلب وظهر على لسان أبي سفيان وهو يخاطب عثمان بقوله: صارت إليك بعد تيم وعديّ فأدرها كالكرة فإنّما هو الملك ولا أدري ما جنّة ولا نار(1) .

وخاطب أبو سفيان بني أمية ثانيةً: يا بني أمية! تلقّفوها تلقّف الكرة، فو الذي يحلف به أبو سفيان مازلت أرجوها لكم، ولتصيرنّ إلى صبيانكم ورثة(2) .

وحين أطلّ معاوية من نافذة السقيفة على كرسيّ الحكم بانت نتائج

____________________

(1) الاستيعاب: 2 / 690.

(2) مروج الذهب: 1 / 440، تأريخ ابن عساكر: 6 / 407.

١١١

الانحراف واتّضحت خطورته; فإنّه قد لاحظ، أنّ أبا بكر وعمر وعثمان قد ملكوا قبله ولم تسمح لهم الظروف بإعادة صرح الجاهلية من جديد، ولا زال صوت الحقّ هادراً كلّ يوم بالتوحيد وبالرسالة لمحمّد بن عبد اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (1) .

كما أنّ الانحراف السياسي الذي ولّدته السقيفة وتربّت عليه فئات من الأمة استثمره معاوية أيّما استثمار، فقد احتجّ على الناس بأنّ أبا بكر بويع بدون نصّ سماويّ أو أمر من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنّه خالف سيرة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ جعل عمر خليفةً من بعده، وصنع عمر ما لم يصنعه قبله وخالف بذلك الله ورسوله وأبا بكر. ووفق هذا المنطق فإنّ الأمة ومصير الرسالة الإسلامية تكون ألعوبة بيد معاوية يسوسها كيف يشاء. من هنا قرّر أن يبايع بالخلافة ليزيد(2) من بعده.

وقد خلت الساحة السياسية للزمرة الأُموية بعد فتن ومصاعب أشعلها معاوية مستغلاًّ جهالة طبقات من الأمة، وموظّفاً كلّ الطاقات التي وقفت ضدّ الإمام عليعليه‌السلام لصالحه في مواجهة تيار الحقّ بقيادة الإمام الحسنعليه‌السلام . واستأثر بالحكم بعد قتله للإمام الحسنعليه‌السلام واستهتاره بقيم الإسلام وتعاليمه. وكان حاذقاً في إحكام سيطرته وملكه، ولكنّه لم يجرؤ لإعلان خطّته تثبيتاً لملك بني أُمية باستخلاف يزيد من بعده وفي الأمة من هو صاحب الخلافة الشرعية وهو الإمام الحسنعليه‌السلام ومن بعده أخوه الإمام الحسينعليه‌السلام الذي كان على الأمة أن تعود لقيادته بعد افتقادها للحسنعليه‌السلام .

يضاف إلى ذلك أنّ أحداً من الخلفاء الثلاثة لم يوصِ بالخلافة لولده من بعده. ونظراً لما كان ينطوي عليه يزيد من ضعف واستهتار ومجون

____________________

(1) مروج الذهب: 2 / 343، وشرح النهج: 2 / 357.

(2) الإمامة والسياسة: 1 / 189.

١١٢

فقد مضى معاوية بكلّ جدٍّ ليحبك الأمر ويدبّره بطريقة يخدع بها الأمة، بل يقهرها على قبول البيعة ليزيد. من هنا بادر إلى قتل الإمام الحسن السبطعليه‌السلام وخيار المؤمنين في خطوة أُولى ليرفع بذلك أهمّ الموانع التي كانت تحول بينه وبين تنفيذ خطّته.

على أنّ أصحاب النفوس الرذيلة والمطامع الدنيوية على استعداد تام لبلوغ أتفه المطامع من أيّ طريق كان. فقد روي أنّ المغيرة بن شعبة - الذي كان والياً من قبل معاوية على الكوفة - علم بأنّ معاوية ينوي عزله فأسرع إلى نسج خيوط مؤامرة جلبت الويلات على الأمة الإسلامية وليكون بذلك سمساراً يصافق على ما لا يملك; إذ همس في أذن يزيد يمنّيه بخلافة أبيه ويزيّن له الأمر ويسهّله. ووجد معاوية أنّ خطّة شيطانية يمكن أن يكون المغيرة عاملاً لتنفيذها(1) ، فسأله مخادعاً: ومن لي بهذا؟ فردّ عليه المغيرة: أكفيك أهل الكوفة ويكفيك زياد أهل البصرة، وليس بعد هذين المصرين أحد يخالفك. وهكذا قبض المغيرة على ربح عاجل لصفقة مؤجّلة، ورجع إلى الكوفة بكلّ قوّة لينفّذ الخطّة وهو يقول: لقد وضعت رِجل معاوية في غرز بعيد الغاية على أمة محمّد(2) .

ورفض زياد بن أبيه هذه الخطّة الخبيثة; ولعلّه لما كان يلمسه من رذائل في شخصية يزيد بحيث تجعله غير صالح لزعامة الأمة. وقد أثارت هذه الخطّة مطامع أطراف أخرى من بني أُمية، فمدّ كل من مروان بن الحكم وسعيد بن عثمان بن عفان عنقه لذلك(3) .

____________________

(1) الكامل في التأريخ: 3 / 249، وتأريخ اليعقوبي: 2 / 195، والإمامة والسياسة: 2 / 262.

(2) الكامل في التأريخ: 3 / 249.

(3) وفيات الأعيان: 5 / 389، والإمامة والسياسة: 1 / 182، وتأريخ اليعقوبي: 2 / 196.

١١٣

وجمّد معاوية رسمياً وبشكل مؤقّت خطّته لأخذ البيعة ليزيد؛ وذلك ليتّخذ إجراءات أخرى تمهّد للإعلان الرسمي وفي الفرصة المناسبة لذلك.

2 - أساليب معاوية لإعلان بيعة يزيد:

لمس معاوية رفض العائلة الأُموية المنحرفة لحكم يزيد من بعده، فكيف بصاحب الحقّ الشرعي - الإمام الحسنعليه‌السلام ومن بعده الإمام الحسينعليه‌السلام - وعدد من أبناء الصحابة؟!

من هنا مضى جادّاً باتّخاذ سبل أخرى تتراوح بين مخادعة الأمة وبين قهرها بالقوّة على بيعة الخليع يزيد، ومن تلك السبل:

أ - استخدام الشعراء لإسباغ فضائل على يزيد ولبيان مقدرته وإشاعة أمره، لكي تخضع الأمة لولايته(1) ، وأوعز إلى ولاته والخطباء في الأمصار لنشر تلك الفضائل المفتعلة.

ب - بذل الأموال الطائلة وشراء ذمم المعارضين ممّن كان يقف ضدّ يزيد لا بدافع العقيدة والحرص على الإسلام وإنّما بدوافع شخصية وذاتية(2) .

ج - استقدام وفود من وجهاء الأنصار(3) ومناقشة قضية يزيد معهم لمعرفة الرافض والمؤيّد منهم، ومعرفة نقاط الضعف لكي ينفذ منها إليهم.

د - إيقاع الخلاف بين عناصر بني أُمية الطامعين في الحكم كي يضعف منافستهم ليزيد، فقد عزل عامله على يثرب سعيد بن العاص واستعمل مروان ابن الحكم مكانه، ثم عزل مروان واستعمل سعيداً(4) .

هـ - اغتيال الشخصيات الإسلامية البارزة والتي كانت تحظى باحترام

____________________

(1) الأغاني: 8 / 71، وشعراء النصرانية بعد الإسلام: 234: للويس شيخو اليسوعي.

(2) الكامل في التأريخ: 3 / 250.

(3) الكامل في التأريخ: 3 / 250.

(4) تأريخ الطبري: 4 / 18.

١١٤

كبير في نفوس الجماهير، فاغتال الإمام الحسنعليه‌السلام وسعد بن أبي وقّاص وعبد الرحمن بن خالد وعبد الرحمن بن أبي بكر(1) .

و - استخدام سلاح الحرمان الاقتصادي ضدّ بني هاشم للضغط عليهم وإضعاف دورهم، فقد حبس عنهم العطاء سنة كاملة(2) ; إذ وقفوا مع الإمام الحسينعليه‌السلام يرفضون البيعة ليزيد.

3 - محاولات الإمام الحسينعليه‌السلام لإيقاظ الأمة:

لم يخلد الإمام الحسينعليه‌السلام إلى السكون والخمول حتى عند إقراره الصلح مع معاوية، فقد تحرّك انطلاقاً من مسؤوليّته تجاه الشريعة والأمة الإسلامية وبصفته وريث النبوّة - بعد أخيه الإمام الحسنعليه‌السلام - مراعياً ظروف الأمة وساعياً إلى المحافظة عليها. وقد عمل الإمامعليه‌السلام في فترة حكم معاوية على تحصين الأمة ضدّ الانهيار التام فأعطاها من المقوّمات المعنوية القدرَ الكافي، كي تتمكّن من البقاء صامدةً في مواجهة المحن. وإليك جملة من هذه المواقف:

1 - مواجهةُ معاوية وبيعةِ يزيد.

2 - محاولة جمع كلمة الأمة.

3 - فضح جرائم معاوية.

4 - استعادة حقّ مضيّع.

5 - تذكير الأمة بمسؤوليّاتها.

____________________

(1) مقاتل الطالبيّين: 29، وتأريخ الطبري: 5 / 253، والكامل في التأريخ: 3 / 352.

(2) الكامل في التأريخ: 3 / 252، والإمامة والسياسة: 1 / 200.

١١٥

مواجهةُ معاوية وبيعة يزيد:

أعلن الإمام الحسينعليه‌السلام رفضه القاطع لبيعة يزيد وكذا زعماء يثرب، فقرّر معاوية أن يسافر إلى يثرب ليتولّى بنفسه إقناع المعارضين، فاجتمع بالإمام وعبد الله بن عباس، فأشاد بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وأثنى عليه، وعرض بيعة ابنه ومنحه الألقاب الفخمة ودعاهما إلى بيعته، فانبرى الإمامعليه‌السلام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:

(أمّا بعد يا معاوية فلن يؤدّي المادح وإن أطنب في صفة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد فهمتُ ما لبست به الخلف بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من إيجاز الصفة، والتنكّب عن استبلاغ النعت، وهيهات هيهات يا معاوية!! فضح الصبحُ فحمةَ الدجى، وبهرت الشمسُ أنوار السرج، ولقد فضّلت حتى أفرطت، واستأثرت حتى أجحفت، ومنعت حتى بخلت، وجُرت حتى تجاوزت، ما بذلت لذي حقّ من اسم حقّه من نصيب، حتى أخذ الشيطان حظّه الأوفر ونصيبه الأكمل.

وفهمتُ ما ذكرته عن يزيد من اكتماله، وسياسته لأمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، تريد أن توهم الناس في يزيد كأنّك تصفُ محجوباً أو تنعت غائباً، أو تخبر عمّا كان ممّا احتويته بعلم خاص، وقد دلّ يزيد من نفسه على موقع رأيه، فخذ ليزيد فيما أخذ به من استقرائه الكلاب المهارشة عند التحارش، والحمام السبق لأترابهنّ، والقيان ذوات المعازف، وضروب الملاهي، تجده ناصراً.

ودع عنك ما تحاول، فما أغناك أن تلقى الله بوزر هذا الخلق بأكثر ممّا أنت لاقيه! فوالله ما برحتَ تقدح باطلاً في جور وحنقاً في ظلم حتى ملأتَ الأسقية، وما بينك وبين الموت إلاّ غمضة، فتقدم على عمل محفوظ في يوم مشهود، ولات حين مناص، ورأيتك

١١٦

عرّضت بنا بعد هذا الأمر، ومنعتنا عن آبائنا تراثاً ولعمر الله لقد أورثنا الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ولادة، وجئت لنا بما حججتم به القائم عند موت الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله فأذْعنَ للحجّة بذلك وردّه الإيمان إلى النصف.

فركبتم الأعاليل وفعلتم الأفاعيل، وقلتم كان ويكون حتى أتاك الأمر يا معاوية من طريق كان قصدها لغيرك، فهناك فاعتبروا يا أولي الأبصار.

وذكرتَ قيادةَ الرجلِ القومَ بعهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وتأميرَه له، وقد كان ذلك لعمرو ابن العاص يومئذ فضيلة بصحبة الرسول وببعثه له وما صار لعمرو يومئذ حتى أنف القوم إمرته وكرهوا تقديمه وعدّوا عليه أفعاله، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله لا جَرَمَ يا معشرَ المهاجرين لا يعمل عليكم بعد اليوم غيري، فكيف تحتجُّ بالمنسوخ من فعل الرسول في أوكد الأحكام وأولاها بالمجتمع عليه من الصواب؟ أم كيف ضاهيتَ بصاحب تابعاً وحولك من يُؤمن في صحبته، ويُعتمد في دينه وقرابته، وتتخطّاهم إلى مسرف مفتون؟ تريد أن تُلبس الناس شبهةً يسعد بها الباقي في دنياه وتشقى بها في آخرتك، إنّ هذا لهو الخسران المبين، وأستغفر الله لي ولكم.

وذهل معاوية من خطاب الإمامعليه‌السلام ، وضاقت عليه جميع السبل

فقال لابن عباس: ما هذا يا ابن عباس؟ فقال ابن عباس: لعمر الله إنّها لذرّية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأحد أصحاب الكساء ومن البيت المطهّر، فاسأله عمّا تريد فإنّ لك في الناس مقنعاً حتى يحكم الله بأمره وهو خير الحاكمين(1) .

وقد اتّسم موقف الإمام الحسينعليه‌السلام مع معاوية بالشدّة والصرامة، وأخذ يدعو المسلمين علناً إلى مقاومة معاوية، ويحذّرهم من سياسته الهدّامة التي تحمل الدمار إلى الإسلام.

____________________

(1) حياة الإمام الحسين: 2 / 219 - 220.

١١٧

محاولة جمع كلمة الأمة والاستجابة لحركة الجماهير:

وأخذت الوفود تترى على الإمام من جميع الأقطار الإسلامية وهي تعجّ بالشكوى وتستغيث به نتيجة الظلم والجور الذي حلّ بها، وتطلب منه القيام بإنقاذها من الاضطهاد، ونقلت العيون في يثرب إلى السلطة المحلّية أنباء تجمّع الناس واختلافهم إلى الإمامعليه‌السلام وكان الوالي مروان بن الحكم، ففزع من ذلك وخاف من عواقبه جداً، فرفع مذكّرة إلى معاوية جاء فيها: أمّا بعد فقد كثر اختلاف الناس إلى الحسين، والله إنّي لأرى لكم منه يوماً عصيباً(1) .

واضطرب معاوية من تحرّك الإمام الحسينعليه‌السلام فكتب إليه رسالةً جاء فيها: أمّا بعد، فقد أنهيت إليّ عنك أمور، إن كانت حقّاً فإنّي لم أظنّها بك رغبة عنها، وإن كانت باطلة فأنت أسعد الناس بمجانبتها، وبحظ نفسك تبدأ، وبعهد الله توفي فلا تحملني على قطيعتك والإساءة إليك، فإنّك متى تنكرني أنكرك، ومتى تكدني أكدك، فاتّق الله يا حسين في شقّ عصا الأمة، وأن تردّهم في فتنة(2) .

فضح جرائم معاوية:

كتب الإمامعليه‌السلام إلى معاوية مذكّرةً خطيرةً كانت ردّاً على رسالته يحمّله فيها مسؤوليّات جميع ما وقع في البلاد من سفك الدماء وفقدان الأمن وتعريض الأمة للأزمات. وتعدّ من أروع الوثائق الرسمية التي حفلت بذكر الأحداث التي صدرت من معاوية، وهذا نصّها: (أمّا بعد، بلغني كتابك تذكر فيه أ نّه انتهت اليك عنّي اُمور أنت عنها راغب وأنا بغيرها عندك جدير، وأنّ الحسنات لا يهدي لها

____________________

(1) حياة الإمام الحسين: 2/223.

(2) المصدر السابق: 2 / 224.

١١٨

ولا يسدّد إليها إلاّ الله تعالى. أمّا ما ذكرت أ نّه رقى إليك عنّي فإنّه إنّما رقاه إليك الملاّقون المشاءون بالنميمة، المفرّقون بين الجمع، وكذب الغاوون، ما أردت لك حرباً ولا عليك خلافاً، و إنّي لأخشى الله في ترك ذلك منك، ومن الإعذار فيه إليك وإلى أوليائك القاسطين حزب الظلمة.

ألستَ القاتل حجر بن عدي أخا كندة وأصحابه المصلّين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم، ويستعظمون البدع، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ولا يخافون في الله لومة لائم؟ قتلتهم ظلماً وعدواناً من بعد ما أعطيتهم الأيْمان المغلّظة والمواثيق المؤكّدة، جرأةً على الله واستخفافاً بعهده.

أوَلستَ قاتل عمرو بن الحمق الخزاعي صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله العبد الصالح الذي أبلتْه العبادة فنحل جسمُه واصفرّ لونُه؟ فقتلته بعد ما أمّنته وأعطيته ما لو فهمته العصم لنزلت من رؤوس الجبال.

أوَلستَ بمدّعي زياد بن سمية المولود على فراش عبيد ثقيف، فزعمَت أ نّه ابن أبيك؟ وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (الولدُ للفراش وللعاهر الحجر) فتركت سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تعمّداً، وتبعت هواك بغير هدىً من الله، ثم سلّطته على أهل الإسلام يقتلهم ويقطع أيديهم وأرجلهم ويسملُ أعينهم ويصلبهم على جذوع النخل، كأنّك لست من هذه الأمة وليسوا منك.

أوَلستَ قاتل الحضرمي الذي كتب فيه اليك زياد أ نّه على دين عليّكرم الله وجهه، فكتبتَ إليه أن اقتل كلّ من كان على دين عليّ؟ فقتلهم ومثّل بهم بأمرك، ودين عليّ هو دين ابن عمّهصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي أجلسك مجلسك الذي أنت فيه، ولولا ذلك لكان شرفك وشرف آبائك تجشّم الرحلتين رحلة الشتاء ورحلة الصيف.

وقلت فيما قلت: اُنظر لنفسك ودينك ولأمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله واتّق شقّ عصا هذه الأمة

١١٩

وأن تردّهم إلى فتنة، وإنّي لا أعلم فتنةً أعظم على هذه الأمة من ولايتك عليها، ولا أعظم لنفسي ولديني ولأمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله أفضل من أن اُجاهرك، فإنْ فعلتُ فإنه قربة إلى الله، وإن تركتُه فإنّي استغفر الله لديني واسأله توفيقه لإرشاد أمري.

وقلت فيما قلت: إنّي إن أنكرتك تنكرني، وإن أكدك تكدني، فكدني ما بدا لك، فإنّي أرجو أن لا يضرّني كيدك، وأن لا يكون على أحد أضرّ منه على نفسك، لأنّك قد ركبت جهلك وتحرّصت على نقض عهدك، ولعمري ما وفيتَ بشرط، ولقد نقضتَ عهدك بقتل هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصلح والأيمان والعهود والمواثيق، فقتلتهم من غير أن يكونوا قاتلوا أو قُتلوا، ولم تفعل ذلك بهم إلاّ لذكرهم فضلَنا وتعظيمهم حقَّنا، مخافة أمر لعلّك إن لم تقتلهم مُتّ قبل أن يفعلوا، أو ماتوا قبل أن يدركوا.

فأبشر يا معاوية بالقصاص، واستيقن بالحساب، واعلم أنّ لله تعالى كتاباً لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلاّ أحصاها، وليس الله بناس لأخذك بالظنّة، وقتلك أولياءه على التُّهم، ونفيك إيّاهم من دورهم إلى دار الغربة، وأخذك الناس ببيعة ابنك الغلام الحدث، يشرب الشراب، ويلعب بالكلاب، ما أراك إلاّ قد خسرت نفسك، وبترت دينك، وغَشَشْتَ رعيّتك، وسمعت مقالة السفيه الجاهل، وأخفت الورع التقيّ)(1) .

ولا توجد وثيقة سياسية في ذلك العهد عرضت لعبث السلطة وسجّلت الجرائم التي ارتكبها معاوية غير هذه الوثيقة، وهي صرخة في وجه الظلم والاستبداد.

استعادة حقّ مضيّع:

وكان معاوية ينفق أكثر أموال الدولة لتدعيم ملكه، كما كان يهب

____________________

(1) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : 2/235 عن الإمامة والسياسة: 1 / 284، والدرجات الرفيعة: 334، وراجع الغدير: 10 / 161.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469