مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٧

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل12%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 469

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 469 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 230169 / تحميل: 5728
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

[ ٢٠٧٥٠ ] ١٣ - القطب الراوندي في فقه القرآن: في قوله تعالى:( وَاذْكُرُ‌وا نِعْمَةَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ) (١) عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال:. « الميثاق هو ما بين الله(٢) في حجة الوداع، من تحريم كل مسكر(٣) ، وكيفية الوضوء على ما ذكره الله في كتابه، ونصب أمير المؤمنينعليه‌السلام إماما للخلق كافة ».

[ ٢٠٧٥١ ] ١٤ - المفيد في رسالة المتعة: عن جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن عبد الله بن سنان، عن الصادقعليه‌السلام ، قال: « إن الله عز وجل حرم على شيعتنا ( الشراب من كل مسكر )(١) ، وعوضهم عن ذلك المتعة ».

[ ٢٠٧٥٢ ] ١٥ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « كل مسكر خمر، وكل خمر حرام، ومن شرب مسكرا نجست صلاته أربعين صباحا، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد الرابعة كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال » قيل: وما طينة الخبال؟ قال: « صديد أهل النار » الخبر.

١٢ -( باب تحريم الاصرار على شرب الخمر والمسكر)

[ ٢٠٧٥٣ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله قال: أخبرنا محمد بن محمد قال:

__________________

١٣ - فقه القرآن ج ٢ ص ٢٨٤.

(١) المائدة ٥: ٧.

(٢) في المصدر: لهم.

(٣) وفيه: ماء.

١٤ - رسالة المتعة: عنه في البحار ج ١٠٣ ص ٣٠٦ ح ٢٠.

(١) في البحار: المسكر من كل شراب.

١٥ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٧٨ ح ٢٢٨.

الباب ١٢

١ - الجعفريات ص ١٨٧.

٦١

حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ثلاثة لا ينظر الله إليهم: المنان بالفعل، وعاق والديه، ومدمن خمر ».

[ ٢٠٧٥٤ ] ٢ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب المانعات، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا يدخل الجنة صاحب خمس: مدمن خمرا » الخبر.

[ ٢٠٧٥٥ ] ٣ - وعن أنس أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « إن الله بنى الفردوس بيده، وحظرها على كل مشرك ومدمن الخمر سكير ».

[ ٢٠٧٥٦ ] ٤ - مجموعة الشهيد نقلا: من كتاب الخصائص العلوية على جميع البرية والمآثر العلوية لسيد الذرية: أشهد بالله وأشهد الله، لقد قرأت على أبي علي القرشي، عن أبي نعيم، عن محمد بن عبد الله بن قضاعة، لقد حدثني القاسم بن العلاء الهمداني، يرفعه إلى علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن أبيهعليهم‌السلام ، أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « أشهد بالله وأشهد الله، لقد قال لي جبرئيل: يا محمد إن مدمن الخمر كعابد وثن ».

[ ٢٠٧٥٧ ] ٥ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « مدمن الخمر يلقى الله عز وجل حين يلقاه كعابد الوثن ».

[ ٢٠٧٥٨ ] ٦ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « حرمت

__________________

٢ - كتاب المانعات ص ٥٩.

٣ - كتاب المانعات ص ٦١.

٤ - مجموعة الشهيد.

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٣١ ح ٤٥٩.

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٣١ ح ٤٦٠.

٦٢

الجنة على ثلاثة: مدمن الخمر، وعابد وثن، وعدو آل محمدعليهم‌السلام ».

[ ٢٠٧٥٩ ] ٧ - الشيخ أبو الفتوح في تفسيره: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « شارب الخمر كعابد الوثن، ومدمن الخمر كعابد الوثن ».

[ ٢٠٧٦٠ ] ٨ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ثلاثة لا يحجبون عن النار: العاق والديه، والمدمن الخمر » - إلى أن قال - قيل: وما المدمن في الخمر؟ قال: « الذي إذا وجدها شربها » الخبر.

[ ٢٠٧٦١ ] ٩ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « كل مسكر حرام، وكل مسكر خمر، ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها، حرمها في الآخرة ».

[ ٢٠٧٦٢ ] ١٠ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « يجئ مدمن الخمر يوم القيامة مزرقة عيناه، مسودا وجهه، مائلا شقه، يسيل لعابه، مشدودة ناصيته إلى إبهام قدمه، خارجة يداه من صلبه، فيفزع منه أهل الجمع إذا رأوه مقبلا إلى الحساب » الخبر.

١٣ -( باب أن ما أسكر كثيره فقليله حرام)

[ ٢٠٧٦٣ ] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « حرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المسكر من كل شراب،

__________________

٧ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٢ ص ٢١٨.

٨ - الأخلاق: مخطوط.

٩ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٣٧ ح ٣٩.

١٠ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٣٦٣ ح ٤٨.

الباب ١٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٣٢ ح ٤٦٣.

٦٣

وما حرمه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقد حرمه الله، وكل مسكر حرام، وما أسكر كثيره فقليله حرام ».

[ ٢٠٧٦٤ ] ٢ - وعن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه سئل عن شرب العصير، فقال: « لا بأس بشربه من الاناء الطاهر غير الضاري(١) ، اشربه يوما وليلة ما لم يسكر كثيره، فإذا أسكر كثيره فقليله حرام، لا تشربوا حزنا(٢) طويلا، فبعد ساعة أو بعد ليلة تذهب لذة الخمر وتبقى آثامه، فاتقوا الله وحاسبوا أنفسكم، فإنما كان شيعة عليعليه‌السلام يعرفون بالورع، والاجتهاد، والمحافظة، ومجانبة الصغائر، والمحبة لأولياء الله ».

[ ٢٠٧٦٥ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « الخمر حرام بعينه، والمسكر من كل شراب، فما أسكر كثيره فقليله منها حرام ».

وقال: « وكل شراب يتغير العقل منه، كثيره وقليله حرام »(١) .

[ ٢٠٧٦٦ ] ٤ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « ما أسكر الفرق(١) منه، فملء الكف منه حرام ».

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « كل مسكر حرام، أوله

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٨ ح ٤٤٢.

(١) في حديث عليعليه‌السلام : نهى عن الشرب في الاناء الضاري، وهو الاناء الذي طال مكث الخمر فيه، فإذا جعل فيه العصير صار مسكرا ( النهاية ج ٣ ص ٨٧ ).

(٢) في المصدر: خزيا.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٨، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٩٠ ح ٣٠.

(١) نفس المصدر ص ٣٤.

٤ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٣٦٣.

(١) الفرق: مكيال ضخم لأهل المدينة ( لسان العرب ج ١٠ ص ٣٠٥ ).

٦٤

وآخره ».

[ ٢٠٧٦٧ ] ٥ - العياشي في تفسيره: عن أبي الربيع، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث - قال: « إن الله حرم الخمر بعينها، فقليلها وكثيرها حرام، كما حرم الميتة والدم ولحم الخنزير، وحرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الشراب من كل مسكر، فما حرمه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقد حرمه الله - إلى أن قال - كلما أسكر كثيره فقليله حرام ».

[ ٢٠٧٦٨ ] ٦ - وعن أبي الصباح، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن النبيذ والخمر، بمنزلة واحدة هما؟ قال: « لا، إن النبيذ ليس بمنزلة الخمر، إن الله حرم الخمر قليلها وكثيرها، كما حرم الميتة والدم ولحم الخنزير، وحرم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من الأشربة المسكر، وما حرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقد حرمه الله » الخبر.

[ ٢٠٧٦٩ ] ٧ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال في حديث: « ومن ادخل عرقا من عروقه شيئا مما يسكر كثيره، عذب ذلك العرق بستين وثلاثمائة نوع من العذاب ».

١٤ -( باب أن ما فعل فعل الخمر فهو حرام)

[ ٢٠٧٧٠ ] ١ - الشيخ الطوسي في رسالة تحريم الفقاع: عن جماعة، عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، وأبي غالب أحمد بن محمد الزراري، وأبي عبد الله الحسين بن رافع، كلهم، عن محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبي الحسن

__________________

٥ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٤٢ ح ١٩٠.

٦ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٤٠ ح ١٨٤.

٧ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٣٦٣ ح ٤٩.

الباب ١٤

١ - الرسائل العشرة ص ٢٦١.

٦٥

الرضاعليه‌السلام ، قال: « كل مسكر حرام، وكل مخمر حرام ».

[ ٢٠٧٧١ ] ٢ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه سئل عن الأواني الضاربة، فقال: « انه لم يحرم النبيذ من جهة الظروف، لكنه حرم قليل المسكر وكثيره ».

[ ٢٠٧٧٢ ] ٣ - الشيخ أبو الفتوح في تفسيره: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « كل شراب عاقبته كعاقبة الخمر فهو حرام ».

١٥ -( باب عدم جواز التداوي بشئ من الخمر والنبيذ والمسكر وغيرها من المحرمات، أكلا وشربا)

[ ٢٠٨٨٣ ] ١ - ابنا بسطام في طب الأئمةعليهم‌السلام : عن حاتم بن إسماعيل، عن النضر، عن الحسين بن عبد [ الله ](١) الا رجائي، عن مالك بن سمع المسمعي، عن قائد بن طلحة قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن النبيذ يجعل في دواء، قال: « لا ينبغي لاحد أن يستشفي بالحرام ».

[ ٢٠٧٧٤ ] ٢ - وعن عبد الحميد بن عمر بن الحر قال: دخلت على أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام ، أيام قدم من العراق، فقال: « ادخل على إسماعيل بن جعفر فإنه شاك، وانظر مما وجعه » قال: فقمت من عند الصادقعليه‌السلام ودخلت عليه، فسألته عن وجعه الذي يجده، فأخبرني به، فوصفت له دواء فيه نبيذ، فقال لي إسماعيل: يا بن الحر، النبيذ حرام، وإنا أهل بيت لا نستشفي بالحرام.

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٣٤ ح ٤٧٤.

٣ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٣٦٣.

الباب ١٥

١ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ٦٢.

(١) أثبتناه من المصدر، وهو الصواب ( راجع معجم رجال الحديث ج ٦ ص ١٦ ).

٢ - طب الأئمةعليهم‌السلام ص ٦٢.

٦٦

[ ٢٠٧٧٥ ] ٣ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى أن يعالج بالخمر والمسكر الخبر.

[ ٢٠٧٧٦ ] ٤ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « لا يتداوى بالخمر ولا المسكر، ولا تمتشط النساء به، فقد أخبرني أبي، عن أبيه، عن جده أن عليا ( صلوات الله عليه وعلى الأئمة من ولده ) قال: إن الله عز وجل لم يجعل في رجس حرمه شفاء ».

[ ٢٠٧٧٧ ] ٥ - القطب الراوندي في الخرائج: روي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : « أن حبابة الوالبية مرت بعليعليه‌السلام ومعها سمك فيها جرية، فقال: ما هذا الذي معك؟ قالت: سمك ابتعته للعيال، فقال: نعم زاد العيال السمك، ثم قال: وما هذا الذي معك؟ قالت أخي اعتل من ظهره، فوصف له أكل جري، فقال يا حبابة، إن الله لم يجعل الشفاء فيما حرم، والذي نصب الكعبة لو أشاء أن أخبرك باسمها واسم أبيها [ لأخبرتك ](١) ، فضربت به الأرض وقالت: استغفر الله من حملي هذا ».

[ ٢٠٧٧٨ ] ٦ - العياشي في تفسيره: عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، يقول: « المضطر لا يشرب الخمر، لأنها لا تزيده إلا شرا، لئن(١) شربها قتلته، فلا يشربن منها قطرة ».

[ ٢٠٧٧٩ ] ٧ - عوالي اللآلي: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا شفاء في حرام ».

__________________

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٣٣ ح ٤٧١.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٣٤ ح ٤٧٣.

٥ - الخرائج والجرائح ص ٥١.

(١) أثبتناه من المصدر.

٦ - تفسير العياشي ج ١ ص ٧٤ ح ١٥٢.

(١) في الحجرية « لان »وما أثبتناه من المصدر.

٧ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٣٣٣ ح ٤٧.

٦٧

١٦ -( باب حكم التقية في شرب المسكرات، وفي الفتوى بإباحتها)

[ ٢٠٧٨٠ ] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « حرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المسكر من كل شراب، وما حرمه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقد حرمه الله، وكل مسكر حرام، وما أسكر كثيره فقليله حرام » فقال له رجل من أهل الكوفة: أصلحك الله، إن فقهاء بلدنا يقولون إنما حرم السكر، فقال: « يا شيخ، ما أدري ما يقول فقهاء بلدك، حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، أنه قال: التقية ديني ودين آبائي، في كل شئ: إلا في تحريم المسكر، وخلع الخفين - عند الوضوء - والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ».

[ ٢٠٧٨١ ] ٢ - أبو عمرو الكشي في رجاله: عن نصر بن صباح، عن إسحاق بن محمد البصري، عن جعفر بن محمد بن الفضيل، عن محمد بن علي الهمداني، عن درست بن أبي منصور قال: كنت عند أبي الحسن موسىعليه‌السلام ، وعنده الكميت بن زيد، فقال للكميت: « أنت الذي تقول:

فالآن صرت إلى أمية

والأمور إلى مصائر »

قال: قد قلت ذلك، فوالله ما رجعت عن إيماني، وإني لكم لموال ولعدوكم قال، ولكني قلته على التقية، قال: « أما لئن قلت ذلك، إن التقية تجوز في شرب الخمر ».

__________________

الباب ١٦

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٣٢ ح ٤٦٣.

٢ - رجال الكشي ج ٢ ص ٤٦٥ ح ٣٦٤.

٦٨

١٧ -( باب تحريم النبيذ)

[ ٢٠٧٨٢ ] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « الحلال من النبيذ أن تنبذه وتشربه من يومه ومن الغد، فإذا تغير فلا تشربه، ونحن نشربه حلوا قبل أن يغلي ».

[ ٢٠٧٨٣ ] ٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنه سئل عن الأواني الضارية، فقال: « إنه لم يحرم النبيذ من جهة الظروف، لكنه حرم قليل المسكر وكثيره ».

[ ٢٠٧٨٤ ] ٣ - جامع الأخبار: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « والذي بعثني بالحق نبيا، ليأتي على الناس زمان، يستحلون الخمر ويسمونه النبيذ، عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، أنا منهم برئ وهم مني برآء ».

[ ٢٠٧٨٥ ] ٤ - الصدوق في الخصال: بالسند الآتي عن أبي الربيع الشامي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن الشطرنج والنرد، قال: « لا تقربوهما، قلت: فالغناء؟ قال: « لا خير فيه » قلت: فالنبيذ؟ قال: « نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن كل مسكر، وكل مسكر حرام ». الخبر.

١٨ -( باب حكم ظروف الشراب)

[ ٢٠٧٨٦ ] ١ - الصدوق في الخصال: عن محمد بن موسى المتوكل، عن

__________________

الباب ١٧

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٩ ح ٤٤٥.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٣٤ ح ٤٧٤.

٣ - جامع الأخبار ص ١٧٨.

٤ - الخصال ص ٢٥١ ح ١١٩.

الباب ١٨

١ - الخصال ص ٢٥١ ح ١١٩.

٦٩

عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن خالد بن جرير، عن أبي الربيع الشامي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في الحديث المتقدم - قلت: فالظروف التي تصنع فيها؟ قال: « نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الدباء والمزفت والحنتم والنقير » قلت: وما ذلك؟ قال: « الدباء: القرع، والمزفت: الدنان، والحنتم: جرار الأردن(١) ، والنقير: خشبة كان أهل الجاهلية ينقرونها حتى يصير لها أجواف ينبذون فيها » وقد قيل: الحنتم: الجرار الخضر.

١٩ -( باب تحريم الفقاع إذا غلا ووجوب اجتنابه، وذكر الحسينعليه‌السلام عند رؤيته والصلاة عليه ولعن قاتليه)

[ ٢٠٧٨٧ ] ١ - الشيخ الطوسي في رسالة تحريم الفقاع: أخبرني أبو الحسين بن أبي جيد، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن الحسن بن ابان، عن محمد بن إسماعيل، قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام ، عن شرب الفقاع، فكرهه كراهة شديدة.

وأخبرني أبو عبد الله محمد بن محمد(١) ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن بكر بن صالح، عن زكريا أبي يحيى قال: كتبت إلى أبي الحسنعليه‌السلام ، أسأله عن الفقاع وأصفه له، فقال: « لا تشربه » فأعدت عليه، كل ذلك أصفه له، كيف يصنع، فقال: « لا تشربه، ولا تراجعني فيه ».

__________________

(١) في المصدر: الارزن.

الباب ١٩

١ - الرسائل العشر ص ٢٦١.

(١) في المصدر: وأخبرني جماعة، وبما أن الشيخ المفيد من مشايخ الشيخ الطوسي فالظاهر أنه أحد مشمولي الجماعة ( راجع معجم رجال الحديث ج ١٥ ص ٢٤٦ و ج ١٧ ص ٢١٠ ).

٧٠

[ ٢٠٧٨٨ ] ٢ - وأخبرني جماعة، عن أبي غالب الزراري، وأبي المفضل الشيباني، وجعفر بن محمد بن قولويه، والحسين بن رافع، عن محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عمر بن سعيد، عن الحسن بن الجهم، وابن فضال قالا: سألنا أبا الحسنعليه‌السلام عن الفقاع، فقال: « هو خمر مجهول، وفيه حد شارب الخمر ».

[ ٢٠٧٨٩ ] ٣ - وأخبرني جماعة، عن أحمد بن محمد بن يحيى، عن أحمد بن الحسين، عن أبي سعيد، عن أبي جميلة البصري قال: كنت مع يونس بن عبد الرحمن - إلى أن قال - فقال: أخبرني هشام بن الحكم، أنه سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن الفقاع، فقال: « لا تشربه فإنه خمر مجهول، فإذا أصاب ثوبك فاغسله ».

وروى أبو خديجة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « في الفقاع حد الخمر »(١) .

[ ٢٠٧٩٠ ] ٤ - وأخبرني جماعة، عن أحمد بن محمد بن يحيى، عن أبيه، عن أحمد بن محمد، عن الحسين القلانسي قال: كتبت إلى أبي الحسن الماضيعليه‌السلام ، أسأله عن الفقاع، فقال: « لا تقربه فإنه من الخمر ».

[ ٢٠٧٩١ ] ٥ - وعن عمر بن سعيد، عن مصدق بن صدقة، عن عمار بن موسى قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن الفقاع، فقال: « هو خمر ».

[ ٢٠٧٩٢ ] ٦ - وأخبرنا جماعة، عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه،

__________________

٢ - الرسائل العشر ص ٢٦٢.

٣ - الرسائل العشر ص ٢٦٣.

(١) نفس المصدر ص ٢٦٣.

٤ - الرسائل العشر ص ٢٦٣.

٥ - الرسائل العشر ص ٢٦٠.

٦ - الرسائل العشر ص ٢٦١.

٧١

وأبي غالب أحمد بن محمد الزراري، وأبي عبد الله الحسين بن رافع، كلهم عن محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ، قال: « كل مسكر حرام، وكل مخمر حرام، والفقاع حرام ».

[ ٢٠٧٩٣ ] ٧ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه سئل عن شرب الفقاع، ( فقال للسائل )(١) : « كيف هو؟ » فأخبره، فقال: « هو حرام، فلا تشربه ».

[ ٢٠٧٩٤ ] ٨ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم أن كل صنف من صنوف الأشربة التي لا تغير العقل، شرب الكثير منها لا بأس به، سوى الفقاع فإنه منصوص عليه لغير هذه العلة ».

٢٠ -( باب تحريم بيع الفقاع وكل مسكر)

[ ٢٠٧٩٥ ] ١ - الشيخ الطوسي في رسالة تحريم الفقاع: أخبرني جماعة، عن أحمد بن محمد بن يحيى، عن أحمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن سليمان بن جعفر قال: قلت لأبي الحسن الرضاعليه‌السلام : ما تقول في شرب الفقاع؟ - إلى أن قال - قالعليه‌السلام : « أما يا سليمان، لو كان الحكم لي والدار لي، لجلدت شاربه، ولقتلت بائعه ».

[ ٢٠٧٩٦ ] ٢ - وأخبرني جماعة، عن أحمد بن محمد بن يحيى، عن أبيه

__________________

٧ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٣٤ ح ٤٧٢.

(١) في المصدر: فسأل السائل.

٨ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٤.

الباب ٢٠

١ - الرسائل العشر ص ٢٦٢.

٢ - الرسائل العشر ص ٢٦٢.

٧٢

وأحمد بن إدريس جميعا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الوشاء قال: كتبت إليه - يعني الرضاعليه‌السلام - أسأله عن الفقاع، فكتب « حرام، وهو خمر، ومن شربه كان بمنزلة شارب الخمر ».

قال: وقال لي أبو الحسنعليه‌السلام : « لو أن الدار لي، لقتلت بائعه ولجلدت شاربه ».

وقال: قال أبو الحسن الأخيرعليه‌السلام : « حده حد شارب الخمر ».

وقالعليه‌السلام : « هي خمر استصغرها الناس ».

٢١ -( باب عدم تحريم الخل، وأن الخمر إذا انقلبت خلا حلت)

[ ٢٠٧٩٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : في كلام لهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في العصير: « فإن نش(١) من غير أن تصيبه النار، فدعه حتى يصير خلا من ذاته، من غير أن تلقي فيه بشئ، فإن تغير بعد ذلك فصار خمرا، فلا بأس أن يطرح فيه ملحا أو غيره حتى يتحول خلا، فإن صب في الخل خمرا، لم يحل أكله حتى يذهب عليه أيام ويصير خلا، ثم أكل بعد ذلك ».

[ ٢٠٧٩٨ ] ٢ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك: عن محمد بن مسلم، عن

__________________

الباب ٢١

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٨.

(١) في المصدر: نشر.

٢ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك ص ١٠٩.

٧٣

أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل عن الخمر يجعل منه الخل، قال: « لا إلا ما كان من قبل نفسه ».

٢٢ -( باب تحريم الأكل من مائدة شرب عليها الخمر، فإن وضع شئ آخر بعد الشرب لم يحرم، وتحريم الجلوس في مجلس الشراب اختيارا)

[ ٢٠٧٩٩ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا تأكل في مائدة يشرب عليها بعدك خمر، ولا تجالس شارب الخمر » قالعليه‌السلام : « ولا تجتمع معه في مجلس، فإن اللعنة إذا نزلت عمت من في المجلس ».

[ ٢٠٨٠٠ ] ٢ - كتاب درست بن أبي منصور: عن أبي المغرا، عن الحسن النيلي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن أهل السواد قلت: إنا ندخل عليهم وهم على موائدهم يشربون الخمر، قال: « ليس بدخولك عليهم بأس ».

[ ٢٠٨٠١ ] ٣ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر.

__________________

الباب ٢٢

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٨.

٢ - كتاب درست بن أبي منصور ص ١٦٥.

٣ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٦٣ ح ١٦٣.

٧٤

٢٣ -( باب تحريم عصر الخمر، وسقيها، وحملها، وحفظها، وبيعها، وشرائها، وأكل ثمنها، والمساعدة على اتخاذها، وشربها)

[ ٢٠٨٠٢ ] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، عن أبيه، عن آبائه: « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: الخمر حرام، ولعن الله الخمر بعينها، وآكل ثمنها، وعاصرها، ومعتصرها، وبائعها، ومشتريها، وشاربها، وساقيها، وحاملها، والمحمولة إليه ».

[ ٢٠٨٠٣ ] ٢ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال في حديث: « لعن الله الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وساقيها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه ».

[ ٢٠٨٠٤ ] ٣ - جامع الأخبار: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال في حديث في الخمر: « الا وشاربها، وساقيها، وعاصرها، ومعتصرها، وبائعها، ومبتاعها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها، سواء في عارها واثمها، ولا يقبل الله تعالى منهم صلاة ولا صوما، ولا حجا ولا عمرة، حتى يتوب » الخبر.

[ ٢٠٨٠٥ ] ٤ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقول: « لعن الله الخمر، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها ».

__________________

الباب ٢٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٣١ ح ٤٥٨.

٢ - لب اللباب: مخطوط.

٣ - جامع الأخبار ص ١٧٧.

٤ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٢ ص ٢١٨.

٧٥

٢٤ -( باب نجاسة الخمر وكل مسكر، وعدم نجاسة بصاق شارب الخمر)

[ ٢٠٨٠٦ ] ١ - الشيخ الطوسي في رسالة تحريم الفقاع: أخبرني جماعة، عن أحمد بن محمد بن يحيى، عن أحمد بن الحسين، عن أبي سعيد عن أبي جميلة البصري، عن يونس بن عبد الرحمن - في حديث - قال: أخبرني هشام بن الحكم: أنه سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن الفقاع فقال: « لا تشربه، فإنه خمر مجهول، فإذا أصاب ثوبك فاغسله ».

٢٥ -( باب حكم شرب الخمر عند العطش)

[ ٢٠٨٠٧ ] ١ - العياشي في تفسيره: عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « المضطر لا يشرب الخمر، لأنها لا تزيده إلا شرا، فإن(١) شربها قتلته، فلا يشربن منها قطرة ».

٢٦ -( باب عدم تحريم الفقاع قبل أن يغلي، وحكم ما لم يعلم غليانه)

[ ٢٠٨٠٨ ] ١ - الشيخ الطوسي في رسالة تحريم الفقاع: بإسناده عن محمد بن أبي بن يحيى، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير،

__________________

الباب ٢٤

١ - الرسائل العشر ص ٢٦٣.

الباب ٢٥

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٧٤ ح ١٥٢.

(١) في الطبعة الحجرية: « لان »وما أثبتناه من المصدر.

الباب ٢٦

١ - الرسائل العشر ص ٢٦٤، ورواه أيضا في التهذيب ج ٩ ص ١٢٩ ح ٥٤٥ والاستبصار ج ٤ ص ٩٦ ح ٣٧٤.

(١) في الحجرية والمصدر: « أحمد بن محمد بن يحيى »وما أثبتناه من التهذيب والاستبصار وهو الصواب « راجع معجم رجال الحديث ج ٢ ص ١٤٩ ».

٧٦

عن مرازم قال: كان يعمل لأبي الحسنعليه‌السلام الفقاع في منزله، قال ابن أبي عمير: ولم يعمل فقاع يغلي.

قال الشيخ بعد رد الخبر من وجوه، ما لفظه: ورابعها: ما ذكره ابن أبي عمير، من أن المراد به فقاع لا يغلي، قال أبو علي بن الجنيد: وكان الشعير وغيره مما يعمل منه الفقاع، يؤخذ فيستخرج منه عصارته، ويجعل في إناء لم يضر(٢) بالفقاع ولا بغيره من الأشربة المسكرة، ولا لحقه نشيش(٣) ولا غليان، ولا جعل فيه ما يغليه ويقفزه، فإن ذلك لا بأس بشربه.

والذي يدل على ذلك، ما أخبرنا به جماعة، عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن الحسين بن الحسن بن ابان، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى قال: كتب عبد الله بن محمد الرازي، إلى أبي جعفر الثانيعليه‌السلام : إن رأيت أن تفسر لي الفقاع، فإنه قد اشتبه علينا، أمكروه بعد غليانه أم قبله؟ فكتب إليه: « لا تقرب إلا ما لم يضر آنيته وكان جديدا » فأعاد الكتاب إليه: إني كنت أسأل عن الفقاع ما لم يغل، فإني لا أشربه إلا ما كان في إناء جديد أو غير ضار، ولم أعرف حد الضراوة والجديد، وسأل أن يفسر ذلك له، وهل يجوز شرب ما يعمل في الغضار والزجاج والخشب ونحوه من الأواني، فكتبعليه‌السلام : « يعمل الفقاع في الزجاج وفي الفخار الجديد، إلى قدر ثلاث عملات، ثم لم يعمل فيه إلا في إناء جديد، والخشب مثل ذلك ».

[ ٢٠٨٠٩ ] ٢ - وأخبرني جماعة، عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري، عن أبي علي محمد بن همام، عن الحسن بن هارون الحارثي المعروف بابن هارونا قال: أخبرنا إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه قال: كتب علي بن محمد

__________________

(٢) ضري بالشئ ضراوة: اعتاده واجترى عليه فهو ضار « مجمع البحرين ج ١ ص ٢٧١ ».

(٣) النشيش: صوت الماء وغيره إذا غلى « مجمع البحرين ج ٤ ص ١٥٥ ».

٧٧

الحضيني إلى أبي جعفر الثانيعليه‌السلام ، يسأله عن الفقاع، وكتب: إني شيخ كبير، وهو يحط عني طعامي، ويمرئه لي، فما ترى [ لي ](١) فيه؟ فكتب إليه: « لا بأس بالفقاع إذا عمل أول عملة أو الثانية، في أواني الزجاج والفخار، فأما إذا ضري عليه الاناء فلا تقربه » قال علي: فأقرأني الكتاب وقال: لست أعرف ضراوة الاناء، فأعاد الكتاب إليه: جعلت فداك، لست أعرف حد ضراوة الاناء، فاشرح لي من ذلك شرحا بينا اعمل به، فكتب إليه: « إن الاناء إذا عمل [ به ](٢) ثلاث عملات أو أربع ضري عليه فأغلاه، فإذا غلي حرم، فإذا حرم فلا يتعرض له ».

[ ٢٠٨١٠ ] ٣ - وأخبرني جماعة، عن أحمد بن محمد بن يحيى، عن أبيه، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام ، قال: سألته عن شراب الفقاع الذي يعمل في السوق ويباع، ولا أدري كيف يعمل؟ ولا متى عمل؟ أيحل علي أن أشربه؟ قال: « لا أحبه ».

٢٧ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب الأشربة المحرمة)

[ ٢٠٨١١ ] ١ - الحسن بن أبي الحسن الديلمي في ارشاد القلوب، والحسين بن حمدان الحضيني في الهداية: واللفظ للأول، عن الصادقعليه‌السلام ، في حديث طويل في قصة مسجد قبا، ورؤية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد وفاته، ومخاصمة عمر معه، إلى أن قالعليه‌السلام : « فقال له يعني [ عمر ](١) بالله يا [ أبا بكر ](٢) أنسيت شعرك في أول شهر رمضان

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٣ - الرسائل العشر ص ٢٦٤.

الباب ٢٧

١ - إرشاد القلوب ص ٢٦٦ باختلاف يسير في الألفاظ والهداية للحضيني ص ١٤ - أ.

(١) أثبتناه لاستقامة المعنى.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٧٨

الذي فرض علينا صيامه!؟ حيث جاءك حذيفة بن اليمان، وسهل بن حنيف، ونعمان الأزدي، وخزيمة بن ثابت، في يوم جمعة إلى دارك ليتقاضوك دينا عليك، فلما انتهوا إلى باب الدار، سمعوا لك صلصلة(٣) في الدار، فوقفوا بالباب ولم يستأذنوا عليك، فسمعوا أمر بكر - زوجتك - تناشدك وتقول لك: قد عمل حر الشمس بين كتفيك، قم إلى داخل البيت، وابتعد عن الباب، لئلا يسمعك أحد من أصحاب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيهدروا دمك، فقد علمت أن محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله أهدر دم من أفطر يوما من شهر رمضان من غير سفر ولا مرض، خلافا على الله وعلى محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقلت لها: هات لا أم لك فضل طعامي من الليل، واترعي الكأس من الخمر، وحذيفة ومن معه بالباب يسمعون محاورتكما، فجاءت بصحفة فيها طعام من الليل، وقعب مملوء خمرا، فأكلت من الصحفة وشربت من الخمر في ضحى النهار، وقلت لزوجتك هذه الأبيات:

ذرينا نصطبح يا أم بكر

فإن الموت نقب عن هشام

ونقب عن أخيك وكان صعبا

من الأقوام شريب المدام(٤)

يقول لنا ابن كبشة: سوف نحيى

وكيف حياة أشلاء وهام؟

ولكن باطل ما قال هذا

وافك من زخاريف الكلام

الا هل مبلغ الرحمن عني

باني تارك الشهر الصيام

وتارك كل ما أوحى إلينا

محمد من أساطير الكلام

فقل لله يمنعني شرابي

وقل لله يمنعني طعامي

ولكن الحكيم رأى حميرا

فألجمها فتاهت في اللجام

فلما سمعك حذيفة ومن معه، تهجو محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قحموا عليك في دارك، فوجدوك وقعب الخمر في يدك وأنت تكرعها،

__________________

(٣) الصلصلة: صوت الحديد إذا حرك، وغيره ( لسان العرب ج ١١ ص ٣٨٢ ).

(٤) البيت ليس في المصدر.

٧٩

فقالوا: مالك يا عدو الله خالفت الله ورسوله؟ وحملوك كهيئتك إلى مجمع الناس بباب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقصوا عليه قصتك، وأعادوا شعرك، فدنوت منك وساررتك(٥) وقلت لك في الضجيج: قل: إني شربت الخمر ليلا فثملت فزال عقلي، فأتيت ما أتيته نهارا، ولا علم لي بذلك، فعسى أن يدرأ عنك الحد.

وخرج محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فنظر إليك فقال: استيقظوه فقلت: رأيناه وهو ثمل - يا رسول الله - لا يعقل، فقال: ويحكم الخمر يزيل العقل، تعلمون هذا من أنفسكم، وأنتم تشربونها! فقلنا: نعم يا رسول الله، وقد قال فيها امرئ القيس الشاعر شعرا:

شربت الاثم(٦) حتى زال عقلي

كذاك الخمر يفعل بالعقول

ثم قال محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله : انظروه إلى إفاقته من سكرته وأمهلوك حتى أريتهم أنك صحوت، فسألك محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأخبرته بما أوعزته إليك من شربك لها بالليل.

وزاد الحضيني هنا: وكانت حلالا في سائر الشرائع والملل وفي شريعة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ذلك اليوم، وجاء بتحريمها سبب سكرتك. » الخبر.

[ ٢٠٨١٢ ] ٢ - قال الحسين بن حمدان: حدثني جعفر بن محمد بن مالك، عن محمد بن خلف، عن محول بن إبراهيم، عن زيد الشحام، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي خالد عبد الله بن غالب، عن جابر بن عبد الله بن حزام الأنصاري، وحذيفة اليماني، وعثمان وسهل ابني حنيف، وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين، بالحديث الذي كان لحذيفة بن اليمان مع [ أبي بكر وقصده

__________________

(٥) في المصدر: وشاورتك.

(٦) في المصدر: الخمر.

٢ - الهداية للحضيني ص ١٥ - أ.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

دينه وإبادة أنصاره، وهو ابن أعدى قريش لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو أبو سفيان الذي قاد حروب المشركين ضدّ النَّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلم تكن عند معاوية الصلاحية الذاتية للخلافة الإسلامية، ولا الأهلية الموضوعية التي تجعله راجحاً في ميزان العقلاء وعند رجال الإسلام.

ولقد قال له الإمام عليعليه‌السلام في كتاب إليه: «ومتى كنتم يا معاوية ساسة الرعيَّة، وولاة الاُمّة؟ بغير قدم سابق، ولا شرف باسق »(15) .

السابع: بيّن الإمامعليه‌السلام في المقابل انّه الأحقّ بالخلافة المستوعب لجميع صفات الخليفة الشرعي التي لم تكن متوفرة في معاوية، فهو من جهة النسب سبط الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وابن فاطمة بنت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وشبل عليعليه‌السلام ، وهو الذي قال الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه وفي أخيه الإمام الحسينعليهما‌السلام : «الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجَنّة » وانّهما إمامان قاما أو قعدا، فهو الممثّل الرسمي لجدّه وأبيه، ثم انّه الذي بايعه المسلمون طائعين غير مُكرَهين الأمر الذي كان المدار عندهم(16) في الصعود إلى عرش الخلافة، وانّ معاوية نفسه يعلم بأحقّيتهعليه‌السلام : «فانّك تعلم أنّي أحقّ بهذا الأمر منكَ عند الله وعند كل أوّاب حفيظ، ومَن له قلب منيب ».

ولقد قال معاوية يوماً لابنه يزيد جواباً على استغراب له في معاملته مع الإمام الحسنعليه‌السلام في أحد المواقف بعد الصلح: يا بني إنّ الحقّ فيهم(17) .

وقد أشار إلى هذا الإمامعليه‌السلام في كلام له مع معاوية بعد الصلح، حيث عقّب معاوية على كلام للإمامعليه‌السلام يذكر فيه فضله بقوله: «أظن نفسك يا حسن تنازعك إلى الخلافة »، فقال الإمامعليه‌السلام : «ويلك يا معاوية إنّما الخليفة مَن سار بسيرة رسول الله وعمل بطاعة الله، ولعمري إنّا لأعلام الهدى ومنار التقى، ولكنّك يا معاوية ممّن أباد السنن، وأحيا البدع، واتخذ عباد الله خولا، ودين الله لعباً »(18) .

الثامن: بيّن الإمامعليه‌السلام ما عليه معاوية من الباطل وسأله أن يدع التمادي

١٢١

فيه فقال له: «فدع التمادي في الباطل » ووصفه بأنّه باغ والبغي هو تجاوز الحق إلى الباطل، قال تعالى:( انّما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق ) (19) ، يُقال بغى الجرح أي تجاوز الحد في إفساده، وبغت المرأة بغاء إذا فجرتْ وذلك لتجاوزها إلى ما ليس لها(20) .

وإنّ معاوية ممّن يتمادى في الغي أيضاً حيث قال له الإمامعليه‌السلام : «وإن أبيتَ إلاّ التمادي في غيّكَ » وقد وصفه من قبل بهذا الوصف الإمام عليعليه‌السلام بقوله في رسالة له: «وانّ نفسكَ قد أولجتْكَ شراً، وأقحمتْكَ غياً، وأوردتْكَ المهالك، وأوعرتْ عليكَ المسالك »(21) ، وقال له في رسالة اُخرى إليه: «وأرديتَ جيلاً من الناس كثيراً، خدعتهم بغيّك، وألقيتهم في موج بحرك، تغشاهم الظلمات، وتتلاطم بهم الشُّبهات »(22) .

التاسع: إنّ الذي حمل الإمامعليه‌السلام على كتابة هذه الرسالة إلى معاوية إنّما هو الإعذار في ما بينه وبين الله عزّ وجل في أمره، ولتكون الحجّة على معاوية أوقع عند أهل الرأي والحجى.

العاشر: بيّن الإمامعليه‌السلام انّ خلافته هي الأصلح للمسلمين، فكل فعل مضاد يبديه معاوية فهو خروج على مصلحتهم العليا.

الحادي عشر: دعوة من الإمامعليه‌السلام إلى معاوية أن يكف عن الولوغ في دماء المسلمين، وأن يحقنها فلقد شرب منها حتى الثّمالة وغرق فيها إلى الآخر.

• جواب معاوية:

« من عبد الله معاوية أمير المؤمنين إلى الحسن بن علي ..

فهمتُ ما ذكرتَ به محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو أحقّ الأوّلين والآخرين بالفضل كلّه ..

وذكرتَ وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتنازع المسلمين الأمر من بعده وتغلبهم على

١٢٢

أبيك، فصرحتَ بتهمة فلان وفلان وأبي عبيدة وحواري رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والصلحاء والمهاجرين والأنصار فكرهتُ ذلك لكَ، إنّكَ امرؤ عندنا وعند الناس غير الظنين ولا المسيء ولا اللّئيم، وأنا أحب لكَ القول السديد والذكر الجميل، انّ هذه الاُمّة لما اختلفتْ بعد نبيها لم تجهل فضلكم ولا سابقتكم ولا قرابتكم من نبيّكم ولا مكانكم في الإسلام وأهله، فرأت الاُمّة أن تخرج من هذا الأمر لقريش لمكانها من نبيّها، ورأى صلحاء الناس من قريش والأنصار وغيرهم من سائر الناس وعوامهم أن يولوا هذا الأمر من قريش أقدمها إسلاماً وأعلمها بالله وأحبّها له وأقواها على أمر الله فاختاروا أبا بكر، وكان ذلك رأي ذوي الدين والفضل، والناظرين للاُمّة، فأوقع ذلك في صدوركم لهم التهمة، ولم يكونوا متّهمين ولا في ما أتوا بالمخطئين، ولو رأى المسلمون أن فيكم مَن يغني غناءه ويذب عن حريم الإسلام ذبّه ما عدلوا بالأمر إلى غيره رغبة عنه.

وقد فهمتُ الذي دعوتني إليه من الصلح، والحال في ما بيني وبينكم اليوم مثل الحال التي كنتم عليها أنتم وأبو بكر بعد وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلو علمت أنّكَ أضبط منّي للرعية، وأحوط على هذه الاُمّة، وأحسن سياسة، وأقوى على جمع الأموال، وأكيد للعدو، لأجبتُكَ إلى ما دعوتني إليه، ورأيتُكَ لذلك أهلاً، ولكن قد علمتُ أنّي أطول منك ولاية، وأقدم منك بهذه الاُمّة تجربة، وأكبر منك سناً فأنت أحقّ أن تجيبني إلى هذه المنزلة التي سألتني، فأدخل في طاعتي ولك الأمر من بعدي، ولك ما في مال العراق بالغاً ما يبلغ، تحمله إلى حيث أحببت، ولك خراج أي كور العراق شئت، معونة لك على نفقتك، يجبيها أمينك، ويحملها إليك في كل سنة، ولك أن لا نستولي عليك بالإساءة ولا تقضى دونك الاُمور، ولا تُعصى في أمر أردتَ به طاعة الله، أعاننا الله وإيّاك على طاعته إنّه سميع مجيب الدعاء والسلام »(23) .

لا يخفى على مَن خبر كتب التاريخ والسير، واطّلع على حوادث السقيفة،

١٢٣

ثم عرف النفسية التي يتمتّع بها بنو عبد الدار، أن يدرك المغالطات التي اندست في هذه الرسالة والتلاعب بالعواطف والإثارات، ولذا قال الكاتب المصري توفيق أبو علم: « وكما يقول الدكتور أحمد رفاعي في كتابه ( عصر المأمون ) إنّ هذه الرسالة حوت بعض المغالطات، فقد جاء فيها: « إنّ هذه الاُمّة لما اختلفت بينها، لم تجهل فضلكم، ولا سابقتكم للإسلام، ولا قرابتكم من نبيّكم الخ »(24) .

• ونذكر هنا بعض ما يلاحظ على هذه الرسالة:

الأوّل: إنّ معاوية أضاف لقب أمير المؤمنين إلى نفسه وهو لم ينص على خلافته ولم يُبايَع من قِبَل المسلمين، وهذا تحدّ صارخ منه في وجه الاُمّة وعدم المبالاة بقوانين الإسلام ولا الاحترام لمشاعر المسلمين.

الثاني: إنّه موّه الأمر ولم يذكر حوادث ما بعد وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبرز في معرض الدفاع عن صحابة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإنّه الرجل المؤمن الذي يربأ بالإمام الحسنعليه‌السلام عن الكلام عن أولئك المتقدمين، بينما لم يذكر الإمامعليه‌السلام إلاّ ما جرى بعد وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كأي محدّث ينقل حدثاً تاريخياً خطيراً لعب دوره الكبير في حياة الاُمّة الإسلامية وأثّر في اتجاه سيرها، وإنّما ذكره لينبّه معاوية وأتباعه بأنّ الأمر الذي نطلبه منك هو حقّ لنا في أعناق المسلمين وإن خرج عن دائرته حفنة من السنين لظروف طارئة، فهو تذكير وإشارة لمَن ألقى السمع وهو منيب، ولم يكن خافياً على معاوية ذلك الأمر، ولذا كان يعيب الإمام علياًعليه‌السلام بما صنع به في تلك الأيام في كتاب له إليه، فأجابه الإمامعليه‌السلام بقوله: «وقلتَ: انّي كنتُ اُقاد كما يُقاد الجمل المخشوش حتّى اُبايع؛ ولعمر الله لقد أردتَ أن تذم فمدحت، وأن تفضح فافتضحت! وما على المسلم من غضاضة في أن يكون مظلوماً ما لم يكن شاكّاً في دينه، ولا مرتاباً بيقينه! وهذه حجتي إلى غيرك

١٢٤

قصدها، ولكنّي أطلقتُ لك منها بقدر ما سنح من ذكرها »(25) .

الثالث: إنّ قوله: « فرأت الاُمّة أن تخرج من هذا الأمر لقريش لمكانها من نبيها...الخ »، فيه الكثير من الإعلام المزيّف الذي طالما حارب به معاوية واتّخذه سلاحاً حاداً في كثير من المواقع التي مرّ بها وكادت تعصف به رياحُ الحقّ، فهل اجتمعت الاُمّة على الأوّل؟! إذن ما الذي حمل الثلاثة من المهاجرين على الذهاب إلى سقيفة بني ساعدة وإجراء المفاوضات الحادّة مع الأنصار وترك الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسجى على فراش الموت لم يوار الثرى بعد، وهو صهر أوّلهما وثانيهما! وهل كان غيرهم من قريش بل من المهاجرين هناك؟ وهل بايع علي والعباس والفضل بن العباس وسلمان وأبو ذر والمقداد وعمّار و و ..

مَنْ أهل الدين والسبق وعلِّية المسلمين؟! ألم تقل الأنصار في لحظة من لحظات السقيفة: « لا نبايع إلاّ علياً »(26) ألم يقل الخليفة الثاني كانت بيعة أبي بكر فلتة!(27) وحسبنا في التعليق ما ورد في الكتاب السابق للإمام عليعليه‌السلام : «وكتاب الله يجمع لنا ما شذّ عنّا، وهو قوله سبحانه وتعالى: ( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) (28) وقوله تعالى: ( انّ أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين ) (29) ،فنحن مرة أولى بالقرابة وتارة أولى بالطاعة .

ولمّا احتجّ المهاجرون على الأنصار في يوم السقيفة برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلجُّوا عليهم، فإن يكن الفلج به فالحقّ لنا دونكم، وإن يكن بغيره فالأنصار على دعواهم ».

الرابع: كيف اختارت الاُمّة أفضلها وأحبّها إلى الله وأعلمها به وأذبّها عن حريم الإسلام، وعليعليه‌السلام فيهم وهو الذي قال عنه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «عليّ مع الحق والحق مع علي، وأنا مدينة العلم وعليّ بابها، أقضاكم عليّ، لأعطينّ الراية

١٢٥

غداً رجلاً كراراً غير فرار يحب الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله »، بعد ان رجع الأوّل والثاني يجبّن كل منهما أصحابه وأصحابه يجبنونه، ومَن الذي وقف يدافع عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في يوم اُحد؟ ومَن الذي قام لعمرو بن ود يوم الأحزاب حينما اقتحم الخندق وطلب المبارزة فشلّت حركة المسلمين وقبضوا على أنفاسهم، أقام غير عليعليه‌السلام فأردى عمرو صريعاً؟ حتى سجّل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كلمتيه الخالدتين: «برز الإسلام كلُّه إلى الشرك كلِّه، وضربة علي يوم الخندق تعدل عمل الثقلين! »، ومَن الذي قال فيه جبرئيل: «لا سيف إلاّ ذو الفقار ولا فتى إلاّ علي! » ثم ألم يقل الخليفة الثاني أقيلوني فلستُ بخيركم؟(30) .

وكان معاوية كثيراً ما يردّد هذه الإفضلية جرياً على عادة الإعلام الاُموي فذكر ذلك إلى الإمام عليعليه‌السلام في كتابه السابق فأجاب عنه: «وزعمتَ أنّ أفضل الناس في الإسلام فلان وفلان، فذكرتَ أمراً إن تمّ اعتزلك كُلّه وإن نقص لم يلحقك ثلمه، وما أنتَ والفاضل والمفضول، والسائس والمسوس! وما للطلقاء وأبناء الطلقاء، والتمييز بين المهاجرين الأوّلين، وترتيب درجاتهم، وتعريف طبقاتهم! هيهات لقد حنّ قدح ليس منها، وطفق يحكم فيها مَن عليه الحكم لها! ألا تربع أيّها الإنسان إلى ظلعك، وتعرف قصور ذرعك، وتتأخّر حيث أخّرك القدر! فما عليك غلبة المغلوب ولا ظفر الظافر »(31) .

الخامس: ادعى أنّه فهم من كتاب الإمامعليه‌السلام دعوته إلى الصلح، ولم يكن في كتاب الإمامعليه‌السلام للصلح عين ولا أثر، فهل ترى فهم دعوى الصلح من قول الإمامعليه‌السلام : «فدع التمادي في الباطل، وادخل في ما دخل فيه الناس من بيعتي »؟!.

السادس: التناقض الواضح في كلمات معاوية، فهو يستفيد دعوته إلى الصلح في الوقت الذي يقول فيه: فأنتَ أحقّ أن تجيبني إلى هذه المنزلة التي سألتني.

١٢٦

السابع: إذا لم يكن الإمام الحسنعليه‌السلام أحوط على اُمّة جدّه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من غيره، كائناً مَن كان، فهل الأحوط عليها معاوية! الذي فعل ما فعل أيام صفّين، وقتل مَن قتل من الصحابة الكرام والبدريين الأجلاّء؟

الثامن: قوله: « وأقوى على جمع الأموال » إن كان الجمع من مصادره المشروعة فالإمامعليه‌السلام أعرف بها من معاوية لأعرفيته بكتاب الله وسنّة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فهو ربيب الرسالة ورضيعها، وابن صوت العدالة الإنسانية في الأرض. وإن لم يكن الجمع من مصادره المشروعة فما أبعد الإمامعليه‌السلام عن ذلك.

التاسع: إنّ الاُمور التي جعلها مرجّحاً له في طرف الميزان لم تكن كذلك في الرؤية الإسلامية الهادفة لأعلاء كلمة الله في الأرض، فما قيمة كبر السن وطول الولاية وما إلى ذلك أن لم تكن في رضا الله وطاعته. ولو كان لكبر السن أهمية في المنظور الإسلامي لما كان اُسامة بن زيد أميراً على جيش مؤتة وفيه أكابر الصحابة وشيوخهم، ولقد قال أبو قحافة حينما سمع بتنصيب ابنه خليفة على المسلمين: « ..لم ولوه؟ قالوا: لسنه. قال: أنا أسنّ منه »(32) .

العاشر: إنّ منطق معاوية في قوله: « ولك ما في بيت مال العراق » منطق المخادع الذي يريد أن يستولي على الملك بأي طريق، وليس منطقه منطق الطالب للحقّ ومَن تهمّه مصلحة المسلمين، وإلاّ فما يعني قوله: ولك ما في بيت مال العراق بالغاً ما يبلغ! أليست هي المساومة بعينها على شيء ليس له؟ وقد أخطأ معاوية مرماه حينما عرض على الإمامعليه‌السلام هذا العرض الدنيوي الزائل، وهل كان الإمامعليه‌السلام إلاّ كأبيه القائل: «يا صفراء يا بيضاء غرّي غيري »؟!

هذا بعض ما يؤخذ على رسالة معاوية ومنطقها، والذي يظهر أنّ الإمامعليه‌السلام لم يعبأ بهذه الرسالة فلم يجب عنها بشيء، ممّا أثار حفيظة معاوية فظهر بصورة اُخرى غير الصورة التي حاول أن يبرز بها في الرسالة الاُولى، فكتب إلى الإمامعليه‌السلام كما

١٢٧

يروي ابن أبي الحديد: « أما بعد فانّ الله يفعل في عباده ما يشاء لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب، فاحذر أن تكون منيتك على أيدي رعاع من الناس، وايأس من أن تجد فينا غميزة، وإن أنت أعرضتَ عمّا أنت فيه وبايعتني وفيتُ لك ما وعدتُ، وأجريت لك ما شرطت، وأكون في ذلك كما قال أعشى بن قيس بن ثعلبة:

وإن أحدٌ أسدى إليك أمانةً

فأوفِ بها تدعى إذا متَّ وافيا

ولا تحسد المولى إذا كان ذا غنىً

ولا تُجفهِ إن كان في المال فانيا

ثم الخلافة لك من بعدي وأنت أولى الناس بها »(33) .

قال توفيق أبو علم: « ويقول بعض رجال التاريخ إنّ هذه الرسالة المشتملة على مثل هذا اللون من التهديد والتوعيد، إنّما بعثها معاوية إلى الإمام الحسنعليه‌السلام بعدما اتصل اتصالاً وثيقاً برجال العراق وقادته وضمنوا له تنفيذ خطّته، فالغالب أنّه لم يكتب ذلك إلاّ بعد الاتصال بزعماء العراق وانقطاع أمله من إجابة الحسن له »(34) .

ولكن المحتمل غير ذلك كما سيظهر عن قريب من تتابع الحوادث ومجريات الاُمور.

والذي تجدر الإشارة إليه تهديد معاوية للإمام الحسنعليه‌السلام بالقتل إن هو لم يسلم الأمر إليه، وفيه الشيء الكثير من أخلاق آل اُميّة وروح معاوية.

الرسالة الثانية:

أجاب الإمامعليه‌السلام معاوية برسالة مختصرة:

«أمّا بعد فقد وصل إليّ كتابك فيه ما ذكرت، وتركتُ جوابك خشية البغي، وبالله أعوذ من ذلك، فاتبع الحقّ فانّك تعلم من أهله: وعليّ إثم أن أقول فأكذب »(35) .

قال توفيق أبو علم: « وكانت هذه الرسالة هي آخر الرسائل التي دارت بين

١٢٨

الإمام ومعاوية.

وعلى أثرها علم معاوية أنّه لا يجديه خداعه وأباطيله، ولا تنفع مغالطاته السياسية »(36) .

وليس الأمر كما قال، بل هناك رسائل اُخرى متبادلة بينهما كما ستأتي، وقد صدق حكمه في أنّ الإمامعليه‌السلام لم ينخدع باُطروحة معاوية ومغالطاته السياسية، وكيف ينخدع ابن أبي طالب الذي عرف معاوية وما يحمله من طموحات الرياسة والملك، وما يتلوّن به من أساليب الخديعة والمكر، وأين يبعد عن الإمام الحسنعليه‌السلام قول أبيه أمير المؤمنينعليه‌السلام في معاوية وهو يحذّر زياد ابن أبيه منه: «فاحذره، فإنّما هو الشيطان، يأتي المرء من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله، ليقتحم غفلته ويستلب لبّه » (37) .

• ظرف الرسالة:

ظرف هذه الرسالة يقرب من ظرف الرسالة السابقة، مع وضوح الرؤية في موقف معاوية وإصراره على التمادي في باطله، وانّه سوف يفعل كل ما يخدم سياسته، ويمهّد له طريق الاستيلاء ولو كان ذلك هو قتل الإمام الحسن نفسه.

• زمن الرسالة:

يحتمل أنّها كانت في أواخر شهر شوال أو أوّل شهر ذي القعدة، من السنة نفسها، فانّ مدّة السير بين الكوفة والشام تستغرق سبعة إلى عشرة أيام، وقد كتب الإمامعليه‌السلام رسالته الاُولى في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك أو أوائل شهر شوال كما احتملناه سابقاً، فإذا ما وضعنا ذلك في الحسبان مع أيام السفر ذهاباً وإياباً، وبقاء الرسول في الشام ولو لأيام معدودة، والمدة الفاصلة بين

١٢٩

جواب معاوية ورسالته الثانية للإمامعليه‌السلام يكون الوقت التقريبي لزمن الرسالة يحوم حول ما ذكرناه.

• الرسالة الثالثة:

لمّا بلغ معاوية ابن أبي سفيان وفاة الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام وبيعة الناس لابنه الإمام الحسنعليه‌السلام ، دسّ رجلاً من حمير إلى الكوفة، ورجلاً من القين إلى البصرة ليكتبا إليه بالأخبار، ويفسدا على الحسن الاُمور، فانكشف أمرهما لدى الإمام الحسنعليه‌السلام بأمر باستخراج الحميري من عند لحّام ( حجّام ) بالكوفة فاُخرج وأمر بضرب عنقه، وكتب إلى البصرة باستخراج القيني من بني سُلَيم فأخرج وضربت عنقه.

• ثم كتب الإمامعليه‌السلام إلى معاوية:

«أمّا بعد فانّك دسست الرجال للاحتيال والاغتيال وأرصدت العيون كأنّك تحبّ اللقاء، وما أشك في ذلك فتوقعه إن شاء الله، وبلغني أنّك شمتّ بما لم يشمت به ذو الحجى، وإنّما مثلك في ذلك كما قال الأوّل:

فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى

تزوّد لاُخرى مثلها فكأن قَدِ

فانّا ومن قد مات منّا لكالذي

يروح فيمسي في المبيت ويغتدي(38)

• زمن الرسالة:

يظهر أنّ هذه الرسالة جاءت عقيب الرسالة المذكورة ثانياً، فانّ تلك كانت جواباً على كتاب، وهذه ابتداء خطاب، ثم انّ المستفاد من كلام مجموعة من المؤرخين انّ هذه هي الرسالة الاُولى للإمامعليه‌السلام ، وهو جدّ بعيد، فانّ المقارنة بين

١٣٠

لسانها ولسان الرسالة التي ذكرناها أوّلاً تقضي بما أثبتناه، فانّ طبيعة الاُمور ومجاريها قائمة على أن يرسل الخليفة الجديد إلى ولاة المناطق بخبر استخلافه ويطلب منهم البيعة، ثم انّه من المستبعد جداً أن يرسل الإمامعليه‌السلام إلى معاوية بهذه اللّهجة الصارخة والشدة في الخطاب وبيان الاستعداد لحربه - كما في هذه الرسالة -، ثم يرسل له بعد ذلك بالمطالبة وأنّه الأحقّ منه.

• ظرف الرسالة:

اتضحت ملامح الأزمة وخيوطها بشكل أكبر، فالظرف ظرف تأزّم واستعداد للحرب وتهيؤ للقتال، فانّ الإمامعليه‌السلام ثابت على موقفه وطريقته في الأمت والعوج وإظهار الدّين وإبقاء الحق عند أهله، ورفض معاوية جملة وتفصيلاً، وفي المقابل يقف معاوية متمنياً الخلافة مصرّاً على الملك، طالباً لما يريد بأي ثمن كان، ويحتمل أنّ الإمامعليه‌السلام قد وصل إلى مسامعه ما أرسله معاوية إلى عمّاله في هذه الآونة، فقد أرسل إليهم بعد أن جاءه جواب الإمامعليه‌السلام السابق وعرف منه العزم على الحرب وعدم التفكير في قبوله أبداً: « من عبد الله أمير المؤمنين إلى فلان بن فلان، ومن قبله من المسلمين، سلام عليكم فإنّي أحمد الله الذي لا إله إلاّ هو، أمّا بعد فالحمد لله الذي كفاكم مؤنة عدوّكم وقاتل خليفتكم: إنّ الله بلطفه وحسن صنيعه أتاح لعلي بن أبي طالب رجلاً من عباده فاغتاله فقتله فترك أصحابه متفرقين مختلفين، وقد جاءتنا كتب أشرافهم وقادتهم يلتمسون الأمان لأنفسهم وعشائرهم فأقبلوا إليّ حين يأتيكم كتابي هذا بجهودكم وجندكم وحسن عدّتكم، فقد أصبتم بحمد الله الصبر وبلغتم الأمل وأحلّ الله أهل البغي والعدوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته »(39) .

وقد علّق الاستاذ توفيق أبو علم على هذه الرسالة بقوله: « والذي يلفت النظر

١٣١

في هذه الرسالة أن ينسب معاوية البغي والعدوان إلى الإمام عليعليه‌السلام ، مع أنّ جنود معاوية هم الباغون ولقد قتلوا الصحابي الجليل عمّار بن ياسر وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال له: «تقتلك الفئة الباغية » كما يلفت النظر شماتة معاوية في الإمامعليه‌السلام .

ولمّا وصلت هذه الرسالة إلى عمّاله وولاته قاموا بتحريض الناس وحثّهم على الخروج والاستعداد لحرب ريحانة رسول اللهعليه‌السلام وسبطه »(40) .

• معطيات الرسالة:

الأوّل: إنّ معاوية أرسل الأعين إلى أهم مركزين سياسيين في حكومة الإمامعليه‌السلام - الكوفة والبصرة - للاحتيال والاغتيال، فهو يريد بذلك التجسّس على الإمامعليه‌السلام ومعرفة ما يدور في أوساط دولته، وأن يفسد الأمر على الإمامعليه‌السلام بإشاعة الأخبار الكاذبة، وإحباط المعسكر الإسلامي وتخويفه، وإحداث البلبلة في صفوفه، وغرس الفتنة في داخل حكومة الإمامعليه‌السلام والوسطين الكوفي والبصري، وأمّا الاغتيال فلعل معاوية كانت تمنيه نفسه باغتيال الإمامعليه‌السلام من ذلك الوقت ليستتب له الأمر، كما يظهر من تحذيره السابق، أو اغتيال بعض الشخصيات الشيعية المهمّة اجتماعياً وعسكرياً حتى تضعف قوة جيش الإمام وتنهار معنوياته، أو هما معاً.

الثاني: إنّ حنكة الإمامعليه‌السلام وحزمه في مواجهة الاُمور اقتضيا أن يسلك طريق الشدّة ممّا أفشل مخطط معاوية المشؤوم، فأمر بإعدام الجاسوسين طبقاً لقوله تعالى:( إنّما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يُقتَّلوا ) (41) .

الثالث: استعداد الإمامعليه‌السلام لحرب معاوية بدون أي تردّد أو خوف، فهذه الأعين القادمة رسل حرب وليست برسل سلام.

١٣٢

الرابع: إنّ معاوية قد شمت بقتل الإمامعليه‌السلام ، وذو الحجى لا ينبغي له أن يشمت بموت أحد أو قتله، لا سيما وأنّ الإمام عليّاًعليه‌السلام قد ضرب وهو قائم يصلّي في محرابه وقد تعلّقت روحه بالعالم الآخر على يقين ممّا هو عليه قائلاً: «فزتُ وربّ الكعبة ».

• جواب معاوية:

«أمّا بعد فقد وصل كتابك وفهمت ما ذكرتَ فيه، ولقد علمتُ بما حدث فلم أفرح ولم أحزن ولم أشمت ولم آس، وإنّ علياً أباك لكما قال الأعشى:

فأنت الجواد وأنت الذي

إذا ما القلوب ملأن الصدورا

جدير بطعنة يوم اللقا

ء يضرب منها النساء النمورا

وما مزبد من خليج البحا

ريعلو الأكام ويعلو الجسورا

بأجود منه بما عنده

فيعطي الألوف ويعطي البدورا »(42)

وقد علّق على هذه الرسالة أيضاً توفيق أبو علم بقوله: « وتلمس في هذه الرسالة دهاء معاوية وخداعه وخوفه من الحسنعليه‌السلام ، وذلك لمدحه وثنائه على الإمام عليعليه‌السلام ، وإنكاره لما أظهره من الفرح بموته، ولولا ذلك لما سجّل لخصمه هذا الثناء العاطر »(43) .

• الرسالة الرابعة:

كتب معاوية إلى الإمام الحسنعليه‌السلام : « يا بن عم، لا تقطع الرحم الذي بينك وبيني، فإنّ الناس قد غدروا بك وبأبيك من قبلك »(44) .

• جواب الإمامعليه‌السلام :

«إنّما هذا الأمر لي والخلافة لي ولأهل بيتي، وإنّها لمحرّمة عليك وعلى

١٣٣

أهل بيتك، سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والله لو وجدتُ صابرين عارفين بحقّي غير منكرين، ما سلمتُ لك ولا أعطيتك ما تريد »(45) .

• ظرف الرسالة:

يقول المؤرخون: لمّا توفرت لمعاوية القوّة الهائلة من الجند وأصحاب المطامع توجّه إلى العراق فلمّا انتهى إلى جسر منبج، وعلم الإمامعليه‌السلام بذلك أمر بالصلاة جامعة ثم اعتلى المنبر فقال:

«أمّا بعد، فانّ الله كتب الجهاد على خلقه وسمّاه كرهاً، ثم قال لأهل الجهاد: اصبروا إنّ الله مع الصابرين، فلستم أيّها الناس نائلين ما تحبّون إلاّ بالصبر على ما تكرهون، إنّه بلغني أنّ معاوية بلغه ما أزمعنا على المسير إليه فتحرّك لذلك، أخرجوا رحمكم الله إلى معسكركم في النخيلة حتى ننظر وتنظرون ونرى وترون ».

وتباطأ الناس واثّاقلوا عن الذهاب خوفاً من جيش الشام، وبعد مداولات كلامية بين بعض الشخصيات الشجاعة وعامّة الناس أزمعوا على المسير، ثم لمّا ركب الإمامعليه‌السلام تخلّف عنه الكثير ولم يوفوا بما وعدوه به، فقام خطيباً وقال:

«غررتموني كما غررتم مَن كان قبلي، مع أي إمام تقاتلون بعدي؟ مع الكافر الظالم الذي لم يؤمن بالله ولا برسوله قط، ولا أظهر الإسلام هو وبنو اُميّة إلاّ فرقاً من السيف؟ لو لم يبق لبني اُميّة إلاّ عجوز درداء، لبغت دين الله عوجاً، وهكذا قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ».

ثم وجّه إليه قائداً من كندة في أربعة آلاف، وأمره أن يعسكر في الأنبار، وعلم به معاوية فأرسل إليه رسلاً وكتب إليه معهم: انّك إن أقبلت إليّ اُولِّك كور الشام والجزيرة، غير منفس عليك، وأرسل إليه بخمسمائة ألف درهم فقبض

١٣٤

الكندي المال وقلب على الإمام الحسنعليه‌السلام ، وصار إلى معاوية في مائتي رجل من خاصّته وأهل بيته.

فبلغ ذلك الإمام الحسنعليه‌السلام فقام خطيباً وقال:

«هذا الكندي توجّه إلى معاوية وغدر بي وبكم، وقد أخبرتكم مرّة بعد مرّة أنّه لا وفاء لكم، أنتم عبيد الدنيا ».

ثم أرسل آخر من مراد وأخبره أنّه سيغدر كما غدر الكندي فحلف له بالإيمان المغلظة التي لا تقوم لها الجبال - على حدّ تعبير المؤرخين -، أنّه لا يفعل، فقال الإمامعليه‌السلام انّه سيغدر، وصدقت نبوءة الإمامعليه‌السلام فيه، ففعل كما فعل الأوّل إزاء ثمن بخس. حينها بعث معاوية إلى الإمام برسالته المتقدّمة.

ظرف رسالة الإمامعليه‌السلام :

ثم انّ الإمامعليه‌السلام أخذ طريق النخيلة فعسكر عشرة أيام فلم يحضره إلاّ أربعة آلاف فانصرف إلى الكوفة فصعد المنبر وقال:

«يا عجباً من قوم لا حياء لهم ولا دين، ولو سلّمتُ له الأمر فأيم الله لا ترون فرجاً أبداً مع بني اُميّة، والله ليسومونكم سوء العذاب حتى تتمنّوا أنّ عليكم جيشاً جيشاً، ولو وجدتُ أعواناً ما سلّمتُ له الأمر، لأنّه محرّم على بني اُميّة فأف وترحاً يا عبيد الدنيا ».

ثم انّ القائد العام لجيش الإمامعليه‌السلام ابن عمّه عبيد الله بن العباس المثكول من معاوية بولديه قد غدر هو الآخر بثلثي مقدمة الجيش الذي سار إلى معاوية.

وكتب أكثر أهل الكوفة إلى معاوية: إنّا معك وإن شئت أخذنا الحسن وبعثناه إليك.

١٣٥

هذه ظرف رسالة الإمامعليه‌السلام ، والذي يظهر من البحار نقلاً عن الخرايج(46) :

أنّ الإمامعليه‌السلام كتبها بعد طعنه في فخذه والهجوم على الفسطاط، والذي يترجّح لمَن يراقب الأحداث أنّها كُتبت بعدما ذكرناه، والرسالة الاُخرى وهي الخامسة تقريباً كانت بعد الهجوم على الفسطاط.

وفي هذه الفترة بالذات نشر معاوية شائعة الصلح بينه وبين الإمامعليه‌السلام في أوساط مقدّمة الجيش، كما نشر شائعة التحاق قيس بن سعد القائد العام لجيش الإمامعليه‌السلام بعد عبيد الله بن العباس بمعاوية في أوساط مَن بقي مع الإمامعليه‌السلام ، ممّا أدى إلى زعزعة جيش الإمامعليه‌السلام وانهيار ما تبقّى عندهم من معنويات، وقد أخذت شائعات معاوية محلها في النفوس المريضة ممّن يحبون الدعة والراحة.

• معطيات الرسالة:

الأوّل: ركّز الإمامعليه‌السلام على عدم شرعية خلافة معاوية، وأنّها محرّمة عليه وعلى أهل بيته - بني اُميّة - كما جاء عن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فما سوف يحصل لمعاوية إنّما هو ملك لا يلبث أن يزول.

الثاني: إنّ لكثير من الذين مع الإمامعليه‌السلام ليسوا على شيء من ناحية العقيدة، والقليل منهم مَن يعرف الإمامعليه‌السلام حقّ معرفته، وأنّه إمام مُفترَض الطاعة من قِبَل الله يُسمَع له ويُطاع، وهذا ما بيّنه الإمامعليه‌السلام بعد الصلح أيضاً، وانّهم غير صابرين على الحرب، وإلاّ فعلى أسوأ التقادير وعدم الإيمان منهم بأنّه إمام مُفترَض الطاعة فلا أقل أنّه قائدهم وزعيمهم وأميرهم الذي بايعوه.

• الرسالة الخامسة:

كتب معاوية إلى الإمامعليه‌السلام في الهدنة والصلح وأنفذ إليه كتب أصحابه

١٣٦

الذين ضمنوا له الفتك به وتسليمه إلى معاوية، واشترط على نفسه عند استجابته إلى الصلح شروطاً كثيرة وعقد له عقوداً.

• فكتب إليه الإمام الحسنعليه‌السلام بعدما سيأتي من الحوادث في ظروف الرسالة:

«أمّا بعد فإنّ خطبي انتهى إلى اليأس من حقّ أحييه وباطل أميته، وخطبك خطب مَن انتهى إلى مراده، وإنّني اعتزل هذا الأمر، ولي شروط اشترطها لا تبهظك إن وفيت لي بها بعهد، ولا تخف إن غدرت، وستندم يا معاوية كما ندم غيرك ممّن نهض في الباطل، أو قعد عن الحقّ حين لم ينفع الندم، والسلام »(47) .

• ظروف الرسالة:

ذكر الشيخ الصدوق في العلل: دسّ معاوية إلى عمرو بن حريث والأشعث بن قيس وحجر بن الحارث وشبث بن ربعي دسيساً، أفرد كل واحد منهم بعين من عيونه، إنّك إن قتلتَ الحسن بن علي فلك مائتا ألف درهم، وجند من أجناد الشام، وبنت من بناتي، فبلغ الحسنعليه‌السلام فاستلأم ولبس درعاً وكفرها(48) ، وكان يحترز ولا يتقدّم للصلاة بهم إلاّ كذلك، فرماه أحدهم في الصلاة بسهم فلم يلبث فيه، لما عليه من اللأمة، ثم لمّا صار الإمامعليه‌السلام في مظلم ساباط ضرب الإمامعليه‌السلام بخنجر أو معول مسموم فعمل فيه(49) .

فقال الحسنعليه‌السلام : «ويلكم والله إنّ معاوية لا يفي لأحد منكم بما ضمنه في قتلي، وإنّي أظن أنّي إن وضعت يدي في يده فأسالمه لم يتركني أدين لدين جدّي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإنّي أقدر أن أعبد الله عزّ وجل وحدي، ولكنّي كأنّي أنظر إلى أبنائكم واقفين على أبواب أبنائهم، يستسقونهم ويستطعمونهم، بما جعله الله لهم

١٣٧

فلا يسقون ولا يطعمون، فبعداً وسحقاً لما كسبت أيديهم، وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون »(50) .

• معطيات الرسالة:

الأوّل: إنّ طلب الإمامعليه‌السلام للخلافة الظاهرية أعني السلطة الزمنية لم يكن هو الهدف والغاية التي يطمح لها، بل كان طلبه لها ما هو أسمى من ذلك بكثير، فإنّ الهدف الأساس للإمامعليه‌السلام إنّما هو إحياء الحق وإماتة الباطل ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، أمّا وقد بلغ الأمر إلى أن يسلم الإمامعليه‌السلام أسيراً إلى معاوية فيقتله أو يطلقه فتكون سبّة على بني هاشم إلى أبد الدهر، أو يقتل غيلة بدون أي فائدة تجنى من وراء ذلك، فالصلح مع معاوية خير وأولى، حفاظاً على نفسه وإبقاء على أهل بيته والخلّص من شيعته، مع الشروط التي ستقيّد معاوية إن هو عمل بها، أو يبقى عار التخلّف عنها صورة ماثلة أمام الأجيال تحكي ما انطوت عليه سريرته من حب المُلك والسلطان بأي طريق أتى ومن أي مسلك حصل.

الثاني: قدّم الإمامعليه‌السلام استعداده للتنازل لمعاوية بالأمر، وإنّه شرّ لمعاوية في معاده، فإنّه جاء إلى الأمر بغير طريقه المشروع وأخذه من أهله بالمكر والخديعة والقهر والغلَبَة.

فلا يعني تنازل الإمامعليه‌السلام عن الخلافة الظاهرية إعطاء الشريعة لمعاوية.

الثالث: إنّ معاوية سوف يندم على سيّئ صنيعه كما ندم غيره ممّن نهض في الباطل أو قعد عن الحق حيث لم ينفع الندم.

وقد علّق الشيخ الصدوقرحمه‌الله على هذه النقطة من كلام الإمامعليه‌السلام بقوله: « فإن قال قائل: مَن هو النادم القاعد؟ قلنا: هو الزبير، ذكره أمير المؤمنين صلوات الله عليه: ما أيقن بخطأ ما أتاه، وباطل ما قضاه وبتأويل ما عزاه، فرجع

١٣٨

عنه القهقرى، ولو وفى بما كان في بيعته لمحا نكثه، ولكنّه أبان ظاهراً الندم، والسريرة إلى عالمها.

والنادم القاعد عبد الله بن عمر بن الخطاب، فانّ أصحاب الأثر رووا في فضائله بأنّه قال: مهما آسى من شيء فإنّي لا آسى على شيء أسفي على أنّي لم أقاتل الفئة الباغية مع علي. وهذه عائشة روى الرواة أنّها لما أنّبها مؤنّب في ما أتته، قالت:

« قضي القضاء وجفّت الأقلام.

والله لو كان لي من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عشرون ذكراً مثل عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فثكلتهم بموت وقتل، كان أيسر عليّ من خروجي على ( علي ) ومسعاي التي سعيت فإلى الله شكواي لا إلى غيره ».

وهذا سعد بن أبي وقاص لما أنهي إليه أن علياًعليه‌السلام قتل ذا الثدية، أخذه ما قدم وما أخر، وقلق ونزق وقال: والله لو علمتُ أنّ ذلك كذلك لمشيت إليه ولو حبوا(51) .

هذه آخر الرسائل قبل كتاب الصلح، فيما وجدته بين يدي من مصادر.

• المعطيات الرئيسة للرسائل:

الأوّل: تركيز الإمامعليه‌السلام على شرعية خلافته دون معاوية، وانّه هو الأحقّ بتولّي زعامة المسلمين لما يتمتع به من صفات جسدية ونفسية، ظاهرية ومعنوية، ذاتية ونسبية، مضافاً إلى النص عليه من قِبَل صاحب الرسالة الخاتمة، الذي هو المدار في عملية الاستخلاف الشرعي.

وأمّا معاوية فهو طالب مُلك وسلطان يتمتّع به قليلاً ثم ما يبرح حتى يسأل عن ما اقترفته يداه، وانّ الخلافة محرّمة عليه وعلى أهل بيته بنصّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

١٣٩

الثاني: إنّ المجتمع الكوفي ولا سيما الجيش المفترض أن يكون هو المعتمد في القيادة وتثبيت أركان الدولة والمحافظة على أمن واستقرار البلاد، لم يكن جيشاً مؤهّلاً لهذه المهام، كما أنّه لم يكن مؤهّلاً للدخول في حرب مع معاوية وأهل الشام المجتمعين على باطلهم - على حدّ تعبير الإمام عليعليه‌السلام -، فإنّه جيش مذبذب قد تنازعته الأهواء وعصفت به رياح الفتن وتناوشته الإشاعات من مكان قريب، ففيه الخوارج الطالبون ثأراً من معاوية، فهم ينتظرون راية تظلهم ينطوون تحت لوائها لإنجاز مهمتهم، ولا يهمّهم - بعد ذلك - الانقلاب على قائدهم بعد ذلك، لا سيما وأن قائدهم هو الإمام الحسنعليه‌السلام بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام قاتل آبائهم وإخوانهم وأصحاب الرأي عندهم، وفيه رؤساء القبائل والقادة الذي غرتهم الدنيا بزخارفها فكتبوا إلى معاوية ما كتبوا في شأن الإمام الحسنعليه‌السلام ، وفيه أعين بني اُميّة الذين انبثّوا داخل معسكر الكوفة ليثيروا الإشاعات ويثبّطوا العزائم ويضعّفوا الهمم، وفيه عامّة الناس وغوغاؤهم الذين لم يؤمنوا بالإمام الحسنعليه‌السلام كإمام مفترَض الطاعة، وقد سئموا الحرب وملّوها، فلم تعد عندهم طاقة عليها كما لا صبر لهم على الجهاد، فلم يبق مع الإمامعليه‌السلام ممّن يعرف حقّه إلاّ أفراد قلائل.

وقد حاول الإمامعليه‌السلام بشدّته في رسالته، وصلابته في موقفه، وتوبيخه لهم وخطبه فيهم، أن يرفع من معنوياتهم، وينفخ في نفوسهم العزيمة من جديد، ويضخ في عروقهم الدم الحر، ويبث في قلوبهم الحماس والإقدام، إلاّ انّهم لم يعطوه النصف من أنفسهم فلم يجد لكلامه آذاناً صاغية ولا قلوباً واعية تعي عواقب الاُمور، وتدرك مغبّة الوهن والضعف، فباؤوا بغضب من الله وخسران مبين، وانتهت حالهم إلى أن صاروا أذلاّء تحت سيطرة بني اُميّة يسومونهم سوء العذاب، يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم، وقد صدقت نبوءة الإمامعليه‌السلام في خطبته فيهم.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469