مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٧

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل12%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 469

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 469 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 229852 / تحميل: 5697
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

٢

٣

٤

أبواب الأشربة المباحة

١ -( باب استحباب اختيار الماء للشرب)

[ ٢٠٥٦٥ ] ١ - صحيفة الرضاعليه‌السلام : بإسناده عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : سيد طعام(١) الدنيا والآخرة اللحم، وسيد شراب الدنيا والآخرة الماء ».

[ ٢٠٥٦٦ ] ٢ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام : أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « الماء سيد الشراب في الدنيا والآخرة ».

[ ٢٠٥٦٧ ] ٣ - أمين الاسلام في مجمع البيان: روى العياشي بإسناده عن الحسين بن علوان قال: سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام ، عن طعم الماء، قال: « سل تفقها ولا تسأل تعنتا، طعم الماء طعم الحياة، قال الله سبحانه:( وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ) (١) ».

[ ٢٠٥٦٨ ] ٤ - ولده الطبرسي في المكارم: من طب الأئمة عن الصادق

__________________

أبواب الأشربة المباحة

الباب ١

١ - صحيفة الرضاعليه‌السلام ص ٤٥ ح ٥٥.

(١) في نسخة: أدام.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٧ ح ٤٤٠.

٣ - مجمع البيان ج ٤ ص ٤٥.

(١) الأنبياء ٢١: ٣٠.

٤ - مكارم الأخلاق ص ١٥٥.

٥

عليه‌السلام ، قال: « سيد شراب أهل الجنة الماء ».

[ ٢٠٥٦٩ ] ٥ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « سيد الأشربة في الدنيا والآخرة الماء ».

ورواه المستغفري في طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثله(١)

٢ -( باب استحباب شرب الماء مصا، وكراهة شربه عبا)

[ ٢٠٥٧٠ ] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال لنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : مصوا الماء مصا، ولا تعبوه عبا، فإنه منه يكون الكباد ».

دعائم الاسلام عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثله(١) .

[ ٢٠٥٧١ ] ٢ - الطبرسي في المكارم: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه كان إذا شرب بدأ فسمى - إلى أن قال - ويمص الماء مصا ولا يعبه عبا، ويقول: « إن الكباد من العب ».

[ ٢٠٥٧٢ ] ٣ - أبو العباس المستغفري في طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا شربتم(١) الماء فاشربوه مصا ولا

__________________

٥ - مكارم الأخلاق ص ٣٢.

(١) طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ص ٢٣، وعنه في البحار ٦٢ ص ٢٩٣.

الباب ٢

١ - الجعفريات ص ١٦١.

(١) دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٣٠ ح ٤٥٢.

٢ - مكارم الأخلاق ص ٣١.

٣ - طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ص ٢٣، وعنه في البحار ج ٦٢ ص ٢٩٣.

٦

تشربوه عبا ».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « العب يورث الكباد ».

٣ -( باب شرب الماء بعد أكل التمر)

[ ٢٠٥٧٣ ] ١ - القطب الراوندي في الدعوات: قال: وأكل أمير المؤمنينعليه‌السلام من تمرة دقل، ثم شرب عليه الماء وضرب يده على بطنه، وقال: « من أدخله(١) بطنه النار فأبعده الله، ثم تمثل:

وإنك مهما تعط بطنك سؤله

وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا »

٤ -( باب كراهة كثرة شرب الماء، خصوصا بعد أكل الدسم)

[ ٢٠٥٧٤ ] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أكل اللحم لا يعجل بشرب الماء، فقال له بعض أصحابه من أهل بيته: يا رسول الله، ما أقل شربك للماء على اللحم! فقال: ليس أحد يأكل هذا الودك ثم يكف عن شرب الماء إلى آخر طعامه، إلا استمرأ الطعام ».

[ ٢٠٥٧٥ ] ٢ - الرسالة الذهبية للرضاعليه‌السلام : « ومن أراد أن لا تؤذيه معدته، فلا يشرب على(١) طعامه ماء حتى يفرغ، ومن فعل ذلك

__________________

الباب ٣

١ - دعوات الراوندي ص ٦٠.

(١) في الحجرية: « ادخل » وما أثبتناه من المصدر.

الباب ٤

١ - الجعفريات ص ١٦١.

٢ - الرسالة الذهبية ص ٣٥ ح ٦.

(١) في الحجرية: « بين » وما أثبتناه من المصدر.

٧

رطب بدنه، وضعفت معدته، ولم تأخذ العروق قوة الطعام، فإنه(٢) يصير في المعدة فجا(٣) إذا صب الماء على الطعام أولا فأولا» .

[ ٢٠٥٧٦ ] ٣ - أبو العباس المستغفري في طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال: قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من تعود كثرة الطعام والشراب قسا قلبه ».

٥ -( باب استحباب الشرب من قيام نهارا، وكراهته ليلا)

[ ٢٠٥٧٧ ] ١ - الجعفريات: بالسند المتقدم عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي، اشرب الماء قائما، فإنه أقوى لك وأصح ».

[ ٢٠٥٧٨ ] ٢ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه شرب قائما وجالسا.

[ ٢٠٥٧٩ ] ٣ - الطبرسي في المكارم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه كان يشرب قائما، وربما شرب راكبا، وربما قام فشرب من القربة أو الجرة أو الإداوة، وفي كل إناء يجده، وفي يديه.

[ ٢٠٥٨٠ ] ٤ - وعن أنس: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، آخذ(١) عن

__________________

(٢) في المصدر: لأنه.

(٣) الفج من كل شئ بكسر الفاء وتشديد الجيم: ما لم ينضج ( لسان العرب ج ٢ ص ٣٤٠ ).

٣ - طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ص ٢٣، وعنه في البحار ٦٢ ص ٢٩٣.

الباب ٥

١ - الجعفريات ص ١٦٢.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٩ ح ٤٤٩.

٣ - مكارم الأخلاق ص ٣١.

٤ - مكارم الأخلاق ص ١٥١.

(١) آخذه على ذنبه: حاسبه وعاقبه عليه ( لسان العرب ج ٣ ص ٤٧٣ )، وفي المصدر: نهى.

٨

الشرب قائما، قال: قلت: فالاكل، قال: « هو أشر منه ».

[ ٢٠٥٨١ ] ٥ - القطب الراوندي في الدعوات: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من شرب قائما فأصابه شئ من المرض لم يستشف أبدا ».

وشرب رجل قائما، فرآه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: « أيسرك أن تشرب معك الهرة؟ » فقال: لا، فقال: « قد شرب معك من هو شر منه، الشيطان ».

[ ٢٠٥٨٢ ] ٦ - المستغفري في طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال: « لا يشربن أحدكم قائما، فمن نسي فليستق(١) ».

٦ -( باب كراهة الشرب بنفس واحد، واستحباب الشرب بثلاثة أنفاس إن ناوله مملوك، وإن ناوله حر فبنفس واحد)

[ ٢٠٥٨٣ ] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « تفقدت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله غير مرة، وهو إذا شرب الماء تنفس » الخبر.

[ ٢٠٥٨٤ ] ٢ - وعن محمد بن علي وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، أنهما قالا: « ثلاثة أنفاس في الشراب، أفضل من نفس واحد، وكرها أن يتشبه الشارب بشرب الهيم » يعنيان الإبل الصادية، لا ترفع رؤوسها من الماء حتى تروى.

__________________

٥ - دعوات الراوندي ص ٦٢، وعنه في البحار ٦٦ ص ٤٧٢.

٦ - طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ص ٢١، وعنه في البحار ٦٢ ص ٢٩٢.

(١) في المصدر: فليتقيأ.

الباب ٦

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٣٠ ح ٤٥٣.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٣٠ ح ٤٥٤.

٩

[ ٢٠٥٨٥ ] ٣ - الحسن بن فضل الطبرسي في المكارم: عن عبد الله بن مسعود قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يتنفس في الاناء ثلاثة أنفاس، يسمي عند كل نفس، ويشكر الله في آخرهن.

[ ٢٠٥٨٦ ] ٤ - وعن ابن عباس قال: رأيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، شرب الماء فتنفس مرتين.

[ ٢٠٥٨٧ ] ٥ - وسئل الصادقعليه‌السلام ، عن الشرب بنفس واحد، فقال: « إذا كان الذي يناول الماء مملوكا لك فاشرب بثلاثة أنفاس وإن كان حرا فاشربه بنفس واحد ».

[ ٢٠٥٨٨ ] ٦ - وبرواية أخرى - وهو الأصح عنهعليه‌السلام - قال: « ثلاثة أنفاس في الشرب أفضل من شرب بنفس واحد، وكان يكره أن يشبه بالهيم » قلت: وما إليهم؟ قال: « الإبل ».

[ ٢٠٥٨٩ ] ٧ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « إذا شرب أحدكم فليشرب في ثلاثة أنفاس: الأول(١) شكرا لشرابه، والثاني مطردة للشيطان، والثالث شفاء لما في جوفه» .

[ ٢٠٥٩٠ ] ٨ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه كان إذا شرب، بدأ فسمى وحسى حسوة وحسوتين، ثم يقطع فيحمد الله تعالى، ثم يعود فيسمي، ثم يزيد في الثالثة ثم يقطع فيحمد الله تعالى.

__________________

٣ - مكارم الأخلاق ص ١٥١، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٧٥.

٤ - مكارم الأخلاق ص ١٥١.

٥ - مكارم الأخلاق ص ١٥١.

٦ - مكارم الأخلاق ص ١٥١، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٧٣.

٧ - مكارم الأخلاق ص ١٥١.

(١) في الحجرية: « أوله » وما أثبتناه من المصدر.

٨ - مكارم الأخلاق ص ٣١، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٧٢.

١٠

وكان(١) صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يتنفس في الاناء إذا شرب، فإن أراد أن يتنفس أبعد الاناء عن فيه حتى يتنفس وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ربما شرب بنفس واحد حتى يفرغ.

[ ٢٠٥٩١ ] ٩ - كتاب عاصم بن حميد الحناط: عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « ثلاثة أنفاس في الشراب أفضل من نفس واحد ».

قال: وكره أن يمصه كالهيم(١) ، والهيم: الكثيب.

[ ٢٠٥٩٢ ] ١٠ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا تشربوا واحدا كشرب البعير، ولكن اشربوا مثنى وثلاث، وسموا إذا أنتم شربتم واحمدوا إذا أنتم رفعتم ».

[ ٢٠٥٩٣ ] ١١ - المستغفري في طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا شرب أحدكم الماء ( بأنفس ثلاث )(١) كان ( أهنأ وأمرأ )(٢) » .

٧ -( باب استحباب التسمية قبل الشرب، والتحميد بعده، والدعاء بالمأثور، وكذا في كل نفس)

[ ٢٠٥٩٤ ] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن

__________________

(١) في الحجرية: « ويقول » وما أثبتناه من المصدر.

٩ - كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٢٨.

(١) الهيم: الكثيب من الرمل، وهو ما اجتمع منه، والرمل معروف بشربه للماء ( انظر لسان العرب ج ١٢ ص ٦٢٧ ).

١٠ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٨٧ ح ٢٦٤.

١١ - طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ص ٢٣.

(١) في المصدر: وتنفس ثلاثا.

(٢) في المصدر: آمنا.

الباب ٧

١ - الجعفريات ص ١٦١.

١١

جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: « تفقدت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله غير مرة، وهو إذا شرب تنفس ثلاثا، مع كل واحدة منها تسمية إذا شرب، وتحميد إذا انقطع، فسألته عن ذلك، فقال: يا علي، شكر الله تعالى بالحمد، وتسمية من الداء ».

دعائم الاسلام: عنهعليه‌السلام ، مثله إلى قوله: « إذا قطع »(١) .

[ ٢٠٥٩٥ ] ٢ - وعن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أمر أن يسمي الله الشارب إذا شرب، ويحمده إذا فرغ، يفعل ذلك كلما تنفس في الشرب، ابتدأ أو قطع ».

[ ٢٠٥٩٦ ] ٣ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه إذا شرب الماء قال: « الحمد لله الذي سقانا عذبا زلالا برحمته، ولم يسقنا ملحا أجاجا بذنوبنا ».

[ ٢٠٥٩٧ ] ٤ - الحسن الطبرسي في المكارم: في أخلاق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في مشربه: فكان له في شربه، ثلاث تسميات وثلاث تحميدات.

الدعاء المروي عند شرب الماء: « الحمد لله منزل الماء من السماء، ومصرف الامر كيف يشاء، بسم الله خير الأسماء »(١) .

[ ٢٠٥٩٨ ] ٥ - وعن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال في حديث في

__________________

(١) دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٣٠ ح ٤٥٣.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٩ ح ٤٤٧، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٧٣ ح ٥٧.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٣٠ ح ٤٥٦.

٤ - مكارم الأخلاق ص ٣١.

(١) نفس المصدر ص ١٥١، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٧٥ ح ٥٩.

٥ - مكارم الأخلاق ص ١٥١.

١٢

الشرب: « ثم قل: الحمد لله الذي سقاني ماء عذبا، ولم يجعله ملحا أجاجا بذنوبي ».

وبرواية مثله، بزيادة: « الحمد لله الذي سقاني فأرواني، وأعطاني فأرضاني، وعافاني فكفاني، اللهم اجعلني ممن تسقيه في المعاد من حوض محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتسعده بمرافقته، برحمتك يا أرحم الراحمين »(١) .

[ ٢٠٥٩٩ ] ٦ - وعن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « ومن شرب الماء بالليل وقال ثلاث مرات: [ يا ماء ](١) عليك السلام من ماء زمزم، وماء الفرات، لم يضره الماء بالليل ».

[ ٢٠٦٠٠ ] ٧ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي: عن حميد بن زياد السبيعي، عن جابر بن يزيد، عن جعفرعليه‌السلام ، قال: سمعته يقول: « إذا توضأ أحدكم أو أكل أو شرب أو لبس ثوبا وكل شئ يصنع، ينبغي أن يسمي عليه، فإن هو لم يفعل، كان الشيطان فيه شريكا ».

[ ٢٠٦٠١ ] ٨ - القطب الراوندي في لب اللباب: روي أن من شرب الماء فقال: بسم الله في أوله، وقال: الحمد لله في آخره، لم تصبه منه آفة.

٨ -( باب استحباب سقي المؤمنين الماء، حيث يوجد الماء وحيث لا يوجد)

[ ٢٠٦٠٢ ] ١ - الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب المؤمن: عن علي بن

__________________

(١) مكارم الأخلاق ص ١٥١.

٦ - مكارم الأخلاق ص ١٥٧، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٧١.

(١) أثبتناه من المصدر.

٧ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي ص ٧٢.

٨ - لب اللباب: مخطوط.

الباب ٨

١ - كتاب المؤمن ص ٦٣ ح ١٦١.

١٣

الحسينعليهما‌السلام ، أنه قال في حديث: « ومن سقى مؤمنا من ظمأ، سقاه الله يوم القيامة من الرحيق المختوم ».

[ ٢٠٦٠٣ ] ٢ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « وأيما مؤمن سقى مؤمنا، سقاه الله من الرحيق المختوم ».

[ ٢٠٦٠٤ ] ٣ - وعنهعليه‌السلام ، قال: « ما من مؤمن يطعم مؤمنا شبعه إلا أطعمه(١) الله عز وجل من ثمار الجنة، ولا سقاه شربة إلا سقاه الله من الرحيق المختوم ».

[ ٢٠٦٠٥ ] ٤ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من سقى أخاه المسلم شربة سقاه الله من شراب الجنة، وأعطاه بكل قطرة منها قنطارا في الجنة ».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من سقى ظمآن سقاه الله من الرحيق المختوم، من سقى مؤمنا قربة من ماء أعتقه الله من النار، ومن سقى ظمآن في فلاة ورد حياض القدس مع النبيين ».

٩ -( باب استحباب الشرب في الأقداح الشامية، وكراهة الأكل في فخار مصر)

[ ٢٠٦٠٦ ] ١ - الطبرسي في المكارم: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه كان يشرب في أقداح القوارير التي يؤتى بها من الشام، ويشرب في الأقداح التي تتخذ من الخشب والجلود.

__________________

٢ - كتاب المؤمن ص ٦٤ ح ١٦٢.

٣ - كتاب المؤمن ص ٦٥ ح ١٦٦.

(١) في الحجرية: « أعطاه » وما أثبتناه من المصدر.

٤ - لب اللباب: مخطوط.

الباب ٩

١ - مكارم الأخلاق ص ٣١، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٧٣.

١٤

[ ٢٠٦٠٧ ] ٢ - القطب الراوندي في قصص الأنبياء: بإسناده إلى الصدوق، بإسناده إلى الحسن بن محبوب، عن داود الرقي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث - قال: « قال أبو جعفرعليه‌السلام إني أكره أن آكل شيئا طبخ في فخار مصر، وما أحب أن اغسل رأسي من طينها، مخافة أن تورثني تربتها الذل وتذهب بغيرتي ».

١٠ -( باب الشرب في الصفر والخزف، وأواني الذهب والفضة)

[ ٢٠٦٠٨ ] ١ - الطبرسي في المكارم: في الحديث المتقدم في صفة مشربهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ويشرب في الخزف الخبر.

١١ -( باب كراهة الشرب من ثلمة الاناء وعروته واذنه وكسر فيه، بل يشرب من شفته الوسطى، وكراهة الوضوء من قبل العروة)

[ ٢٠٦٠٩ ] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه نهى أن يشرب من قبل عروة الاناء.

[ ٢٠٦١٠ ] ٢ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق قال: قال أبو جعفر محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام ، وقد قدمت المائدة إلى بين يديه: « الحمد لله الذي جعل لكل شئ حدودا - إلى أن قال - فلما أوتي بشربة الماء قال: الحمد الله الذي جعل لكل شئ حدودا » فقيل له: وما حدود الكوز؟

__________________

٢ - قصص الأنبياء ص ١٨٨، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٥٢٩ ذكره إلى: في فخار مصر.

الباب ١٠

١ - مكارم الأخلاق ص ٣١.

الباب ١١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٩ ح ٤٥٠.

٢ - كتاب الأخلاق: مخطوط.

١٥

قال: « تذكر اسم الله في ابتداء الشرب منه، وتحمد الله بعد الفراغ من الشرب منه، وتشرب من يمنة عروته، ولا تشرب من موضع كسر إن كان فيه، وأن تشرب منه في بعد واحد أو بعدين أو ثلاثة أبعاد، وذكر الله في ابتداء كل بعد، وحمد الله في آخره ».

[ ٢٠٦١١ ] ٣ - الحسن الطبرسي في المكارم: عن الصادقعليه‌السلام قال: « أتى أبي جماعة فقالوا له: زعمت أن لكل شئ حدا ينتهى إليه، فقال لهم أبي: نعم، قال: فدعا بماء ليشربوا، فقالوا: يا أبا جعفر، هذا الكوز من الشئ هو؟ قالعليه‌السلام : نعم، قالوا: فما حده؟ قال: حده أن تشرب من شفته الوسطى، وتذكر الله عليه، وتتنفس ثلاثا كلما تنفست حمدت الله، ولا تشرب من اذن الكوز فإنه شرب(١) الشيطان » الخبر.

[ ٢٠٦١٢ ] ٤ - وعن موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، سئل عن حد الاناء، فقال: « حده أن لا تشرب من موضع كسر إن كان به فإنه مجلس الشيطان، فإذا شربت سميت، فإذا فرغت حمدت الله ».

١٢ -( باب كراهة الشرب بالأفواه، واستحباب الشرب بالأيدي)

[ ٢٠٦١٣ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مر على رجل

__________________

٣ - مكارم الأخلاق ص ١٥١، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٧٥.

(١) في المصدر: مشرب.

٤ - مكارم الأخلاق ص ١٥١، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٧٥.

الباب ١٢

١ - الجعفريات ص ١٦٢.

١٦

يكرع الماء بفمه، فقال: تكرع ككرع البهيمة! اشرب بيديك، فإنهما من أطيب آنيتكم» .

[ ٢٠٦١٤ ] ٢ - دعائم الاسلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه مر برجل يكرع الماء بفيه - يعني يشربه من إناء أو غيره من وسطه - فقال: « أتكرع ككرع البهيمة(١) إن لم تجد اناء فاشرب بيديك، فإنها من أطيب آنيتكم ».

[ ٢٠٦١٥ ] ٣ - الحسن الطبرسي في المكارم: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه كان يشرب بكفيه يصب الماء فيهما ويشرب ويقول: « ليس إناء أطيب من اليد ».

١٣ -( باب استحباب الشرب من ماء زمزم، والاستشفاء به من كل داء، وكراهة الشرب من ماء برهوت( * ) الذي بحضرموت)

[ ٢٠٦١٦ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « أروي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال ماء: زمزم شفاء لما شرب له.

وفي حديث آخر: ماء زمزم شفاء لما استعمل.

وأروي: ماء زمزم شفاء من كل داء وسقم، وأمان من كل خوف وحزن» .

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٣٠ ح ٤٥١، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٧٤.

(١) في الحجرية: « الصمة » وما أثبتناه من المصدر.

٣ - مكارم الأخلاق ص ٣١.

الباب ١٣

* برهوت: بئر أو واد بحضرموت، توضع فيه أرواح الكفار والمنافقين، وهو أبغض بقعة إلى الله، وتهب منه ريح منتنة فظيعة جدا ( معجم البلدان ج ١ ص ٤٠٥ ).

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٦.

١٧

[ ٢٠٦١٧ ] ٢ - القطب الراوندي في الدعوات: عن ابن عباس قال: إن الله يرفع المياه العذبة قبل يوم القيامة غير زمزم، وإن ماءها يذهب بالخمار والصداع، والاطلاع فيها يجلو البصر، ومن شربه للشفاء شفاه الله، ومن شربه للجوع أشبعه الله.

[ ٢٠٦١٨ ] ٣ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله بن محمد قال: أخبرنا محمد بن محمد قال: حدثني موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : شر اليهود يهود بيسان(١) وشر النصارى نصارى نجران، وخير ماء ينبع على وجه الأرض ماء زمزم، وشر ماء ينبع على وجه الأرض ماء برهوت، واد بحضرموت يرد عليه هام الكفار وصداهم(٢) ».

ورواه ثقة الاسلام في الكافي: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مثله(٣) .

١٤ -( باب استحباب الشرب من سؤر المؤمن تبركا)

[ ٢٠٦١٩ ] ١ - الشيخ المفيد في الإختصاص قال: قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من شرب من سؤر أخيه تبركا به، خلق الله بينهما ملكا يستغفر لهما حتى تقوم الساعة ».

__________________

٢ - دعوات الراوندي، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٥١ ح ١٧.

٣ - الجعفريات ص ١٩٠.

(١) في الحجرية: « سيبان » وما أثبتناه من المصدر وبيسان: هي مدينة بالأردن.

وموضع في جهة خيبر ( معجم البلدان ج ١ ص ٥٢٧ ).

(٢) الهام والصدى: الأرواح ( لسان العرب ج ١٢ ص ٦٢٤ ).

(٣) الكافي ج ٣ ص ٢٤٦ ح ٥.

الباب ١٤

١ - الاختصاص ص ١٨٩.

١٨

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « في سؤر المؤمن، شفاء من سبعين داء ».

[ ٢٠٦٢٠ ] ٢ - المستغفري في طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال: ومن التواضع أن يشرب الرجل من سؤر أخيه المؤمن.

١٥ -( باب كراهية الشرب من أفواه الأسقية، والنفخ في القدح)

[ ٢٠٦٢١ ] ١ - دعائم الاسلام: بإسناده عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى عن اختناث الأسقية - وهو أن يثنى أفواه القرب ثم يشرب منها - وقيل: إن ذلك نهي عنه لوجهين: أحدهما: أنه يخاف أن تكون فيها دابة أو حية فتنساب في في الشارب، والثاني: أن ذلك - يقال - ينتنها.

[ ٢٠٦٢٢ ] ٢ - الحسن الطبرسي في المكارم: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه كان يشرب من أفواه القرب والأداوى ولا يختنثها(١) اختناثا(٢) ، ويقول: « إن اختناثها ينتنها ».

[ ٢٠٦٢٣ ] ٣ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى أن يتنفس في الاناء أو ينفخ فيه.

١٦ -( باب استحباب شرب صاحب الرحل أولا، وساقي القوم آخرا)

[ ٢٠٦٢٤ ] ١ - أبو الفتوح الكراجكي في كنز الفوائد قال: إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

٢ - طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ص ٢١.

الباب ١٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٩ ح ٤٤٨.

٢ - مكارم الأخلاق ص ٣١.

(١) في الحجرية: « يخنثها » « اختناثا » وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في الحجرية: « يخنثها » « اختناثا » وما أثبتناه من المصدر.

٣ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٧٠ ح ١٩٤.

الباب ١٦

١ - كنز الفوائد ص ٧٤، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٦١ ح ٩.

١٩

كان في سفر فاستيقظ من نومه فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « مع من وضوء؟» فقال أبو قتادة: معي في ميضاة، فأتاه به فتوضأ، وفضلت في الميضاة فضلة فقال: « احتفظ بها يا أبا قتادة، فيكون لها شأن » فلما حمي النهار واشتد العطش بالناس، ابتدروا إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقولون: الماء الماء، فدعا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بقدحه، ثم قال: « هلم الميضاة يا أبا قتادة» فأخذها ودعا فيها وقال: « أسكب» فسكب في القدح، وابتدر الناس الماء، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « كلكم يشرب الماء إن شاء الله» فكان أبو قتاد يسكب، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يسقي، حتى شرب الناس أجمعون، ثم قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لأبي قتادة: « اشرب» فقال: لا، بل اشرب أنت يا رسول الله، فقال: « اشرب، فإن ساقي القوم آخرهم شرابا» فشرب أبو قتادة، ثم شرب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

[ ٢٠٦٢٥ ] ٢ - القاضي القضاعي في الشهاب: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « ساقي القوم آخرهم شربا ».

[ ٢٠٦٢٦ ] ٣ - الشيخ الطبرسي في إعلام الورى: من معجزات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في حديث شاة أم معبد، وساق الحديث إلى أن قال: فدعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بإناء لها يربض الرهط(١) ، فحلب فيه ثجا حتى علته الثمال(٢) ، فسقاها فشربت حتى رويت، ثم سقى أصحابه فشربوا حتى رووا، فشرب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله آخرهم، وقال: « ساقي القوم آخرهم شربا » الخبر.

__________________

٢ - شهاب الاخبار ص ١٧ ح ٩٢، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٦١ ح ١٠.

٣ - إعلام الورى ص ٢٣.

(١) يربض الرهط: الرهط: الجماعة، والمعنى ان هذا الاناء يسع ما يرويهم ويثقلهم حتى يناموا ويمتدوا على الأرض ( النهاية ج ٢ ص ١٨٤ ).

(٢) الثمال: الرغوة التي تكون فوق اللبن ( لسان العرب ج ١١ ص ٩٤ ).

٢٠

٢١

اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ آدَمَ صِفْوَةِ اللهِ

قد عَلِمَ أولوا الألباب أنّ السّلام تحية الإسلام(١) ، وإنّ التسليم مطيّة التعظيم والتكريم، وقد ورد عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: (إبدؤا بالسّلام قبل الكلام، فمن بدأ بالكلام قبل السّلام فلا تُجيبوه)(٢)

وعن عليّعليه‌السلام قال: (لا تَغْضَبُوا ولا تُغْضَبُوا، أفشُوا السّلام وأطيبُوا الكلامَ وَصَلّوا باللّيل والناسُ نيام تَدْخُلُوا الجنّةَ بسلامٍ)(٣)

________________________

١ ـ ولذا نری الشريعة المقدّسة قد أكّدت علی إفشاء السّلام ونشره في الأوساط ومدحت المبتدأ به ووعدته بالثواب الجزيل، وجعلت ردّ السّلام واجباً كفائيّاً وهذا ما نطق به القرآن الكريم في سورة النساء آية (٨٦)، والسنّة الشريفة أيضاً ومَن أراد أنْ يقف علی الروايات التي تتطرّق للسلام عليه بمراجعة أصول الكافي ج ٢، ص ٦٣٨ ـ باب التسليم

٢ ـ أُصول الكافي للكليني ج ٢، ص ٦٣٨

٣ ـ وهذا نصّ الرواية المذكورة في الكافي ج ٢ ص ٦٣٨، ح ٧ ط الأسوة، (عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القدّاح عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: إذا سَلّم أحَدُكُمْ فليَجهر بسلامه لا يقول: سلّمتُ فَلَم يَردُّوا عليَّ، ولعلّهُ يكونُ قد سلَّمَ ولمْ يسمعُهم، فإذا رَدَّ أحدُكم فليجهر بردِّهِ ولا يقُولُ الـمُـسلِّمُ : سلّمتُ فلم يردّوا عليَّ، ثمّ قال: كان عليٌّ يقول: لا تَغْضَبُوا ولا تُغضَبوا افشوا السلامَ وأطيبوا الكلام وصَلّوا بالليل والناس نيام تَدْخلوا الجنّة بسلام، ثمّ تلاعليه‌السلام قول الله عزّوجلّ :( السَّلَامُ المُؤمِنُ المُهَيمِنُ )

٢٢

وعن الباقرعليه‌السلام قال: (إنّ الله يحبُّ إفشاء السلام)(١)

وعن الصادقعليه‌السلام قال: (البادي بالسّلام أولی بالله ورسوله)(٢) ، إلی غير ذلك ممّا لا يحصیٰ(٣) فإن قال قائلٌ : أوليسَ حياةُ الـمُـسلَّمِ عليه وحضوره وقربه شروطاً لصحّة التسليم، فما معناه في هذه الزيارات ؟

قلتُ : بلی، والكلّ متحقّق بالنسبة إلی آل الله(٤) المعصومين، فإنّهم أحياءٌ عند ربّهم(٥) في بساط القرب وعرش القُدس يرزقون بموائد العلم والمعرفة فيُطعمون بألوان أطعمة الروحانيّين، ويسقون من كأس المقرّبين، يروْن مقام شيعتهم، ويسمعون كلامهم، ويردّون سلامهم كما في الزيارة الرضويةعليه‌السلام (٦)

________________________

١ ـ أصول الكافي : ج ٢، ص ٦٣٨، ح ٥

٢ ـ نفس المصدر : ص ٦٣٩، ح ٨

٣ ـ روی الكلينيرحمه‌الله في الكافي ج ٢، ص ٤٧٢، ح ١٢، ط المكتبة الإسلامية عن هارون بن خارجة عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: (مِنَ التواضع أنْ تُسلّم علی مَنْ لقيتَ)

وأيضاً روی الطبرسي رحمه‌الله في مجمع البيان ج ٣، ص ١٠٨ ـ ط بيروت عن مالك بن التيهان قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (مَن قال السّلامُ عليكم كُتبَ له عشر حسنات، ومَن قال السّلامُ عليكم ورحمة الله كُتِبَ له عشرون حسنة، ومَن قال السّلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاته كُتِبَ له ثلاثون حسنة)

٤ ـ هذه العبارة (آلُ الله) وردت في زيارة الإمام الحسينعليه‌السلام في النصف من رجب، راجع مفاتيح الجنان ص ٥٣٧

٥ ـ هذه إشارة إلی قوله تعالی في سورة آل عمران آية (١٦٩) :( وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ )

٦ ـ وهي إحدی زيارات الإمام الرضاعليه‌السلام التي لم يذكرها الشيخ عبّاس القمّي في

٢٣

ويدلُّ عليه من العقل براهين ساطعة، ومِن النقل أخبارٌ كثيرة لائحة يطول يطول المختصر بذكرها(١) ، وقد كفاك شاهداً علی هذا ما في الزيارة الجامعة

مفاتيحه وإنّما ذكرها صاحب ضياء الصالحين ص ٢٦٧

وهي : «السّلامُ عَلَيكَ يا مولايَ وابن مولاي وَرَحمةُ اللهِ وبركاته أشهدُ باللهِ أنّكَ تشهدُ مَقامي وتسمع كلامي وَتَردّ سلامي وأنتَ حيٌّ عند ربّكَ مَرزوقٌ ...»

وأيضاً هذا المعنی ورد في زيارة أمير المؤمنينعليه‌السلام في ميلاد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وهي : ( . أشهدُ أنّك تسمعُ كلامي، وتشهدُ مقامي .)

١ ـ ومن الأخبار والروايات التي تؤكّد علی أنّهمعليهم‌السلام أحياء، عليكَ بمراجعة كتاب بصائر الدرجات لابن الصفّار القمّي ص ٢٨٢ ـ وص ٤٢٤ باب الأعمال تعرض علی رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّةعليهم‌السلام ومن المعلوم والواضح لو لم يكونواعليهم‌السلام أحياءً ما تُعرض عليهم أعمال العباد، وعرض الأعمال من شأن الأحياء لا الأموات، ومن هذه الروايات :

أ ـ (عن الحسن بن علي الوشاء عن أحمد بن عمير عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: سأل عن قول الله عزّوجلّ :( اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّـهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ) قال: إنّ أعمال العباد تُعرض علی رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كلُّ صباح أبرارها وفجّارها فاحذروا)

ب ـ (عن أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: الأعمال تعرض كلَّ خميس علی رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليّ أمير المؤمنين صلوات الله عليهما

وأيضاً ممّا يدلّ علی أنّ الأئمّةعليه‌السلام أحياءٌ هو ما نطقت به الروايات التي صرّحت بزيارتهمعليهم‌السلام للموتی وأنّ الموتیٰ يزورونهم، وفي هذا الخصوص عقد صاحبُ البصائر باباً مستقلّاً ص ٢٧٤ منها :

«عن أبان بن تغلب عن أبي عبداللهعليه‌السلام أنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام لقي أبابكر فاحتجّ عليه ثمّ قال له : أما ترضیٰ برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بيني وبينكَ ؟ قال: فكيف لي به فأخذ بيده

٢٤

(ورضيكم خلفاء(١) في أرضه وحججاً علی بريّته)(٢) إلی قوله (وشهداء علی خلقه وأعلاماً لعباده ومناراً في بلاده)(٣) وكذا ما فيها أيضاً (أنتم السبيل الأعظم والصراط الأقوم وشهداء دار الفناء وشفعاء دار البقاء(٤) والرحمةُ الموصولة والآية المخزونة .)(٥)

وأتیٰ مسجد قبا فإذا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه فقضیٰ علی أبي بكر فرجع أبو بكر مذعوراً فلقي عمر فأخبره فقال : مالكَ أما عَلِمتَ سحر بني هاشم»

«عن عباية الأسدي قال: دخلتُ علی أمير المؤمنين عليه‌السلام وعنده رجل رثّ الهيئة وأمير المؤمنين عليه‌السلام مقبل عليه يكلِّمه فلمّا قام الرجل قلتُ : يا أمير المؤمنين عليه‌السلام مَن هذا الذي أشغلكَ عنّا ؟ قال: هذا وصيّ موسیٰ عليه‌السلام » وهناك سيل من الروايات

١ ـ (عن الجعفري قال: سمعتُ أبا الحسن ـ الرضاعليه‌السلام ـ يقول: الأئمّة خلفاء الله عزّوجلّ في أرضه) راجع الكافي ج ١، ح ١، باب أنّ الأئمّة خلفاء الله

٢ ـ (عن عبدالله بن أبي يعفور قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : يابن أبي يعفور إنّ الله واحد متوحِّد بالوحدانية، متفرِّد بأمره، فخلق خلقاً فقدّرهم لذلك الأمر فنحن هم يابن أبي يعفور فنحن حجج الله في عباده، وخزّانه علی علمه، والقائمون بذلك) راجع الكافي ج ١، ح ٥ باب الأئمّة ولاة أمر الله وخزنة علمه)

٣ ـ راجع شرح هذه الجملة من الزيارة الجامعة في الأنوار اللامعة للسيّد الجليلرحمه‌الله عبدالله شبّر ص ١١٣ ـ ط، مكتبة الأمين

٤ ـ عن الإمام الصادق والباقرعليهما‌السلام قالا : (والله لنشفعنّ في المذنبين من شيعتنا حتّی يقول أعداؤنا :( فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ... ) ، راجع تفسير البرهان ج ٣، ص ١٨٧، ح ١

٥ ـ قال العلّامة المرحوم عبدالله شبّر في شرحه لهذه الجملة في الأنوار اللامعة ص ١٣٨ : (أي هم علامات قدرة الله تعالیٰ وعظمته ولكن معرفة ذلك كما ينبغي

٢٥

وكذا ما في حديث النورانية «يا سلمان إنّ ميّتنا إذا مات لم يمت ومقتولنا إذا قُتِل لم يُقتل، وغائبنا إذا غابَ لم يَغب ولا نلد ولا نولد ولا في البطون ولا يُقاس بنا أحد من الناس .»(١)

وما ورد من التسليم علی أهل القبور(٢) ممّا يرفع الاستبعاد المذكور فإنّ المخاطب به هو أرواحهم الباقية، ونفوسهم الناطقة التي خُلِقت للبقاء دون أجسادهم البالية التي يعرضها التلاشي والفناء، فإذا صحّ التسليم علی مَن هذا حاله، فكيف يُنكر صحّته بالنسبة إلی المعصومين الذين لا تُفنی أرواحهم، ولا تُبلی أجسادهم(٣) المصونة عند عرش الله العظيم فإنّ( كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا )

مخزونة إلّا عن خواص أوليائهم وفيه إشارة إلی أنّ الآيات هم الأئمّة الهداةعليهم‌السلام وقد قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ما لله آية أكبر منّي)

١ ـ أخرج هذا الحديث الحافظ رجب البرسي في مشارق أنوار اليقين ص ٢٥٧، ط بيروت الأعلمي وهذا الحديث هو مقطع من خطبةٍ للإمام عليّعليه‌السلام

٢ ـ روي بسندٍ صحيح عن عبدالله بن سنان قال: قلتُ للصادقعليه‌السلام : كيف أُسلِّم علی أهل القبور ؟ قالعليه‌السلام : نعم، تقول : «السلام علی أهل الدِّيار من المؤمنينَ والمسلمينَ أنتم لنا فَرطٌ ونحن إنْ شاء الله بكم لاحقُونَ»

وروی المحدِّث القمّي في مفاتيح الجنان ص ٦٨٨ عن محمّد بن مسلم قال: قلت للصادق صلوات الله وسلامه عليه : (نزور الموتی ؟ قال: نعم قلت : فيعلمون بنا إذا أتيناهم ؟ قال: إي والله ليعلمون بكم ويفرحون بكم ويستأنسون إليكم)

٣ ـ روی الصفّار في كتاب بصائر الدرجات ص ٤٤٣، ح ١ عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: (قال النبيّ يوماً لأصحابه : حياتي خيرٌ لكم ومماتي خيرٌ لكم

قال : فقالوا : يارسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هذا حياتك نعم، قالوا : فكيف مماتك ؟ فقال : إنّ الله

٢٦

وَجْهَهُ ) (١) وقد ورد تفسيره(٢) بهمعليهم‌السلام ، فهم الباقون بعد فناء الأشياء،( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) (٣)

وروی في البصائر بسنده عن الباقرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأصحابه : حياتي خيرٌ لكم تُحدّثون ونحدّث لكم، ومماتي خيرٌ لكم تعرض عليَّ أعمالكم

حرّم لحومنا علی الأرض أنْ يُطعم منها

وأيضاً في نفس المصدر قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (إنّ الله حرّم لحومنا علی الأرض فلا يطعم منها شيئاً)

١ ـ القصص : ٨٨

٢ ـ أي تفسير الوجه المذكور بالآية الشريفة فسّروه بالأئمّةعليهم‌السلام كما في تفسير القمّي ج ٢، ص ١٢٤، ط الأعلمي في تفسير هذه الآية الشريفة حيث قال: عن أبي حمزة، عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله :( كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ) قال: فيفنی كلُّ شيءٍ ويبقی الوجه ؟ الله أعظم من أنْ يوصف، لا، ولكن معناها كلُّ شيءٍ هالك إلّا دينه ونحن الوجه الذي يؤتی الله منه، لم نزل في عباده ما دام الله له فيهم روبة، فإذا لم يكن له فيهم روبة فرفعنا إليه ففعل بنا ما أحبّ، قلتُ : جُعِلتُ فداك وما الروبة ؟ قال: الحاجة

وأيضاً روی أبو جعفر الصفّار في كتابه بصائر الدرجات ص ٦١ ج ٢، ط : مكتبة المرعشي روايةً علی أنّ الأئمّةعليهم‌السلام هم وجه الله تعالی وهي :

(عن محمّد بن حمران عن أسود بن سعيد قال: كنت عند أبي جعفرعليه‌السلام فأنشأ يقول ابتداءً من غير أن يُسأل : نحن حجّة الله ونحن باب الله، ونحن لسان الله، ونحن وجه الله، ونحن عين الله في خلقه، ونحن ولاة أمر الله في عباده)

٣ ـ الرحمن : ٢٦ ـ ٢٧ وروی القمّي في تفسيره ج ٢، ص ٣٢٣، ط الأعلمي في تفسيره لهذه الآية قال:( وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ) دين ربّك، وقال عليّ بن الحسينعليهما‌السلام : نحن الوجه الذي يؤتی الله منه

٢٧

فإنْ رأيتُ حسناً جميلاً حمدتُ الله علی ذلك، وإنْ رأيتُ غيرَ ذلك استغفرتُ الله لكم)(١)

وكيف كان فعلی الزائر أنْ يذعن بحياتهمعليهم‌السلام وحضورهم، وإحاطة علمهم بأحوال شيعتهم، وأطوارهم وحركاتهم وسكناتهم وجميع تنقّلاتهم(٢) فليراع الأدب عند زيارتهم، وليكن بين يديهم خاشعاً خاضعاً ضارعاً مسكيناً مستكيناً كالعبد الذليل الواقف بين يدي مولاه الجليل، كيف وهم موالي الخلق والخلق كلّهم عبيد لهم عبيد الطاعة كما في بعض الأخبار، بل عبيد الرق كما عن بعض الأخبار

بقي الكلام في مواضع ثلاثة :

الأوّل : في تفسير السلام فقد اختلفت فيه أقاويل الأعلام علی وجوه :

منها : إنّه مأخوذ من سلم الآفات سلامةً أي سلمت من المكاره والآفات(٣) وإليه يرجع ماقيل من أنّه دعاء بالسلامة لصاحبه من آفات الدُّنيا وعذاب الآخرة وضعه الشارع موضع التحية والبشریٰ بالسلامة وكذا ماقيل من أنّه من السلامة من الأذی(٤)

________________________

١ ـ بصائر الدرجات : ص ٤٤٤، ح ٤، ط : مكتبة المرعشي

٢ ـ عن محمّد بن مسلم قال: سألته عن الأعمال هل تُعرض علی النبيّ ؟ قال: ما فيه شك، قلت له : أرأيتَ قول الله تعالی :( اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّـهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ) قال: إنّهم شهود الله في أرضه

وأيضاً عن بُريد العجلي قال: كنتُ عند أبي عبداللهعليه‌السلام فسألته عن قوله تعالی :( اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّـهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ) قال: إيّانا عنی

راجع بصائر الدرجات : ص ٢٢٤ وص ٤٢٧، ط مكتبة المرعشي النجفي

٣ ـ راجع لسان العرب ج ٦، ص ٣٤٣، ط : بيروت

٤ ـ نفس المصدر

٢٨

كما في قوله :( فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ) (١) أي لايؤذونكَ كما يؤذيكَ غيرهم وأنت خبير بأنّ هذا المعنی لا يُناسب المقام إلّا أنْ يتكلّف بجعله دعاء لشيعته ومحبّيه

ومنها : إنّه مأخوذ من السلام الذي هو اسم من أسماء الله(٢) كما قال:( السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ ) (٣) ، وقال :( لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ ) (٤) أي دار الله علی أحد الوجهين سُمّي به لسلامته وتنزهه عن نقائص الإمكان، أو لأنّ أفعاله صواب وسداد لا يعتريها النقصان، أو لأنّه مسلم ومؤمن لكلّ مَن التجأ إلی ما به من مكاره الحدثان، وحافظ علی كلّ مَن توجّه إلی جنابه بوسيلة الإيمان، فالمعنی : اللهُ عليك أي حافظ لأسرارك المستترة، وعلومك المكنونة المخزونة من أنْ تنالها أيدي الجهلة أو عاصم لك من الرِّجس والسهو والخطأ، ومن كلّ ما يكره من المعائب والنقائص، وقد يقال : إنّ المراد اسم السلام عليكَ أي اسم الله عليك فإن أُريد به ما ذُكِر وإلّا فلا معنی له ولذا حملوا قول الشاعر اسم السلام عليكما علی الزيادة، وربما يتكلّف لتصحيحه بما لا حاجة إليه

ومنها : إنّه من السلم وهو الصلح كما قال:( وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ ) (٥) ، وقال : ________________________

١ ـ الواقعة : ٩١

ـ أي السلام

٢ ـ لسان العرب : ج ٦، ص ٣٤٣

٣ ـ سورة الحشر : ٢٣

٤ ـ سورة الأنعام : ١٢٧ راجع تفسير مجمع البيان للطبرسي ج ٤، ص ٤٥٣ ط : التاريخ العربي

٥ ـ سورة الأنفال : ٦١، وذيل الآية الشريفة :( فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )

٢٩

(إنّي سلمٌ لمن سالمكم وحربٌ لمَن حاربكم)(١) أي مسالم، فهذه الكلمة للائذان بالمسالمة وترك المحاربة، وقد كانوا يؤمنون بها مَن يخاف شرّهم ومكيدتهم

ومنها : إنّه من التسليم فهو إمّا بشری له(٢) بما بشّره الله به من السلطنة الكاملة والغلبة علی الأعداء في زمان الرجعة)(٣) ، أو إيذان بأنّه مُسلِّم ومفوّض له جميع أموره مطيع له في جميع أوامره ونواهيه، ومؤمن بسرّه وعلانيّته، كما في الزيارة الجامعة : «مؤمن بسرّكم وعلانيّتكم(٤) وشاهدكم وغائبكم وأوّلكم وآخركم، ومفوِّض في ذلك كلّه إليكم(٥) ، ومسلِّم فيه معكم وقَلْبي لكم مُسلِّم ورأيي لكم

________________________

١ ـ لقد وردت هذه العبارة في زيارة عاشوراء المقدّسة المرويّة عن الإمام الباقرعليه‌السلام ، وأيضاً وردت في أحاديث كثيرة منها قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله للإمام عليّ والحسن والحسينعليهم‌السلام : (إنّي سلمٌ لمَن سالمكم وحربٌ لمن حاربكم)

وبهذا الشأن راجع أمالي الشيخ المفيد ص ٢١٣، ط : جامعة المدرّسين، ومشارق أنوار اليقين للبرسي ص ٣١، وص ٥٣، ط : الأعلمي

٢ ـ أي للإمام الحسينعليه‌السلام

٣ ـ راجع تفسير القمّي ج ١، ص ٣٨٧، ط : بيروت، وتفسير العياشي : ج ٢، ص ٢٥٩ و ٢٦٠، ح ٢٨، وتفسير البرهان للبحراني ج ٢، ص ٣٦٨ ح ١، وكتاب الرجعة للأسترآبادي

٤ ـ أي بما استتر عن أكثر الخلق من غرائب أحوالكم وبما عُلِن منها أو مؤمن باعتقاداتكم السرنية وبأعمالكم وأقوالكم العلانية

٥ ـ أي لا اعتراض عليكم في شيءٍ من أُموركم بل أعلم أنّ كلّما تأتون به فهو بأمره تعالی أو المعنی أُسلِّم جميع أموري إليكم لكي تصلحوا خللها وفاسدها، فإنّ

٣٠

تَبعٌ ونُصرَتي لكم مُعدَّةٌ حتّی يُحييَ الله تعالی دينَهُ بكم، ويردَّكم في أيّامه، ويُظهركم لعدلِهِ، ويُمكِّنكم في أرضه، فمعكُم معكُم(١) لا مع عدوّكم ...»

ويؤيّد الأوّل(٢) : ما روي عن داود بن كثير الرقي، قال: قلتُ : ما معنی السلام علی الله وعلی رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقال : إنّ الله لـمّا خلق نبيّه ووصيّه وابنيه وابنته وجميع الأئمّة وخلق شيعتهم أخذ عليهم الميثاق، وأنْ يصبروا ويصابروا وأن يتّقوا الله، ووعدهم أنْ يسلم لهم الأرض المباركة والحرم الآمن، وأنْ ينزل لهم البيت المعمور ويظهر لهم السقف المرفوع وينجيهم من عدوّهم والأرض التي يبدّلها من دار السلم ويسلّم ما فيها لهم ولا شبهة فيها ولا خصومة فيها لعدوّهم وأن يكون لهم فيها ما يحبّون وأخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله علی الأئمّة وشيعتهم الميثاق بذلك وإنّما عليه أن يذكره نفس الميثاق وتجديد له علی الله لعلّه أن يعجله ويعجل المسلم لهم بجميع ما فيه(٣)

ويؤيّد الثاني(٤) : ما في جملة من التفاسير من أنّ المراد بقوله : «ويُسلِّموا تسليماً» في قوله :( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا

أعمال الخلائق تعرض عليهم، كما روي عن مولانا الصادقعليه‌السلام قال :

(تُعرض الأعمال علی رسول الله أعمال العباد كلّ صباحٍ أبرارها وفجّارها فاحذروها وهو قول الله تعالی : ( اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّـهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ) (راجع أصول الكافي ج ١، ح ١، باب عرض الأعمال علی النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّة)

١ ـ أي معكم بالقلب واللسان أو في الدُّنيا والرجعة أو في الدُّنيا والآخرة

وللزيادة راجع شرح الزيارة الجامعة للعلّامة شبر ص ١٦٥ ـ ١٦٦، ط : مكتبة الأمين

٢ ـ وهو أنّ السلام مأخوذ من السلم من الآفات والمكاره

٣ ـ الكافي، ج ١ ص ٤٥١

٤ ـ وهو أنّ السلام مأخوذ من السلام وهو من أسماء الله تعالی

٣١

يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) (١)

هو السلام عليك أيّها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال الطريحي : واستصوبه بعض الأفاضل لقضية العطف، ولأنّه المتبادر إلی الفهم عرفاً

وروی الكاهلي(٢) عن الصادقعليه‌السلام أنّه تلا هذه الآية فقال : لو أنّ قوماً عبدوا الله ووحّدوه، ثمّ قالوا لشيء صنعه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لو صنع كذا وكذا ووجدوا ذلك في أنفسهم كانوا بذلك مشركين، ثمّ قال:( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ ) قال: هو التسليم في الاُمور(٣)

وعنه(٤) عليه‌السلام في قوله الله تعالی :( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّـهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا ) (٥) قال : هم الأئمّة(٦) ، ويجري فيمن استقام من شيعتنا وسلّم لأمرنا، وكتم حديثنا

________________________

١ ـ النساء : ٦٥

٢ ـ هو عبدالله بن يحيی أبو محمّد الكاهلي عربي، روی عن أبي عبدالله الصادق وأبي الحسن الكاظمعليهما‌السلام ، وكان وجهاً عند الإمام الكاظم، ووصّیٰ به علي بن يقطين فقال له : (اضمن لي الكاهلي وعياله أضمن لك الجنّة) راجع رجال النجاشي ص ٢٢١ رقم ٥٨٠

٣ ـ بصائر الدرجات : ص ٥٢٠، الجزء العاشر، ح ٣، ط : المرعشي النجفي

٤ ـ أي عن الإمام الصادقعليه‌السلام

٥ ـ سورة فصلت : ٣٠

٦ ـ أخرج القمّي في تفسيره ج ٢، ص ٢٣٧، ط : الأعلمي في تفسير هذه الآية( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّـهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا ) قال: علی ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام

وأخرج الطبرسي في تفسيره مجمع البيان ج ٩، ص ١٧، ط : مؤسسة التاريخ العربي، ونور الثقلين ج ٤، ص ٥٤٧، ح ٤٣، (عن محمّد بن الفضيل قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن الاستقامة فقال : هي والله ما أنتم عليه)

٣٢

عند عدوّنا(١)

وعن الباقرعليه‌السلام قال: (قد أفلح المسلّمون، إنّ المسلّمين هم النجباء)(٢)

وعنهعليه‌السلام : (إنّ الإمام هادٍ مهدي لا يدخله الله في عماء ولا يحمله علی هيئة ليس للناس النظر في أمره ولا التبختر عليه وإنّما أُمروا بالتسليم)(٣)

وأخبار التسليم لآل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله كثيرة(٤)

ومنها(٥) : إنّ هذه الجملة(٦) قد صارت حقيقيّة عرفية في إنشاء الثناء

________________________

١ ـ تجد هذه الرواية في بصائر الدرجات ص ٥٢٤، ح ٢٢ وهذه تكملة الرواية : ( فتستقبلهم الملائكة بالبشریٰ من الله بالجنّة وقد والله مضی أقوامٌ كانوا علی مثل ما أنتم عليه من الذين استقاموا وسلّموا لأمرنا وكتموا حديثنا ولم يذيعوه عند عدوّنا ولم يشكّوا كما شككتم فاستقبلهم الملائكة بالبشری من الله بالجنّة

٢ ـ اُنظر بصائر الدرجات ص ٥٢٠ الجزء العاشر، وتفسير البرهان ج ٤، ص ٥٤٩، ح ١١

٣ ـ بصائر الدرجات ص ٥٢٣، الجزء العاشر، ح ٢١

٤ ـ مَن أراد الوقوف علی أخبار وروايات التسليم لآل محمّدعليهم‌السلام عليه بمراجعة كتاب بصائر الدرجات حيث عقد باباً مستقلّاً تحت عنوان (التسليم لآل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله فيما جاء عندهم) تجده في الجزء العاشر من الكتاب ص ٥٢٠، ط : المرعشي النجفي وسوف نذكر روايتين خوفاً من الإطالة والاطناب :

روی عن جميل بن درّاج عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: (إنّ من قرّة العين التسليم إلينا أن تقولوا لكلّ ما اختلف عنّا أنْ تردوا إلينا)

وأيضاً عن صفوان عن داود بن فرقد عن زيد عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: (تدري بما أُمروا، أُمِروا بمعرفتنا والردّ إلينا والتسليم لنا)

٥ ـ أي من الأقوال التي ذكرها الأعلام في معنی السلام وهو المعنی الخامس

٦ ـ أي جملة (السّلامُ عليكَ)

٣٣

والتمجيد نظير جملتي الصلاة والتحميد، فيجري فيها ما ذكروه في الحمد لله من الأصل، والعدول عنه إلی الجملة الإسمية للدلالة علی الدوام وغير ذلك من الاحتمالات في اللام وتفصيل الكلام لا يليق بالمقام(١)

الموضع الثاني في تفسير كونه عليه السّلام وارثاً للأنبياء والأوصياء

فاعلم إنّ الوارث هو الذي يبقیٰ بعد موت آخر مع استحقاقه لتركته بقيامه مقامه، ونزوله في منزلته فكأنّه هو(٢) ، وسُمِيَ تعالی بالوارث، لأنّه باقٍ بعد فناء الأشياء(٣) ، ولأنّه يرث الأرض ومَن عليها وهو خير الوارثين، والمؤمنون هم الوارثون لأنّهم يرثون منازل الكفّار في الجنّة، أو لأنّهم يمكَنْون في الأرض في زمان الرجعة كما قال تعالیٰ :( أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) (٤)

وفي الدُّعاء : (واجعلهما ـ أي السمع والبصر ـ الوارثين منّي، أي ابقهما صحيحين إلی زمان الموت بعد ضعف جميع أعضائي)(٥) ، وكونهعليه‌السلام وارثاً

________________________

١ ـ راجع تفسير (الفرقان في تفسير القرآن للشيخ الدكتور محمّد الصادقي) ج ١، ص ٨٩، ط : طهران

٢ ـ راجع المصباح المنير للفيومي ص ٦٥٤ ط : دار الهجرة

٣ ـ إشارة إلی قوله تعالی في سورة الرحمان (الآية ٢٦ و ٢٧) :( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ )

٤ ـ الأنبياء : ١٠٥

٥ ـ بحار الأنوار، ج ٨٣، ص ١٣٠، باب ٤٣ ـ التعقيب المختص بصلاة الفجر، وإليك نصّه : «كان رسول الله صلی الله عيله وآله إذا صلی الغداة قال: اللهم متعني بسمعي وبصري واجعلهما الوارثين مني وأرني ثاري في عدوّي»

٣٤

للأنبياء كسائر الأئمّة النقباء ممّا لا ريب فيه، والأخبار والزيارات(١) مشحونة بذلك كما لا يخفیٰ علی المتتبّع فيها

وروي عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال: إنّ العلماء ورثة الأنبياء وذلك أنّ الأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً، وإنّما ورّثوا أحاديث من أحاديثهم فمَن أخذ بشيءٍ منها فقد أخذ حظّاً وافرا(٢)

وقد فسّر العلماء في بعض الأخبار بأئمّتنا الأبرارعليهم‌السلام (٣)

ولا يُنافي ذلك ما روي عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: (نحن معاشر الأنبياء لا نورّث)(٤) أي لا نبقي الميراث لأحدٍ أو لا يرث أحدٌ منّا، لضعفه أوّلاً بروايته من غير طرقنا، ومخالفته للآيات القرآنية(٥) ، والأخبار الكثيرة، وقد وضعوا هذا الخبر ليحرموا ________________________

١ ـ منها زيارتهعليه‌السلام في النصف من رجب : (... السلامُ عليكَ ياوارث علم الأنبياء السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله، السلام عليك يا وارث نوح نبيّ الله ...)

ومنها زيارته في يوم عرفة : (السلامُ عليك ياوارث آدم صفوة الله، السلامُ عليك يا وارث نوح نبيّ الله . السلامُ عليك يا وارث محمّدٍ حبيب الله ...)

٢ ـ راجع بصائر الدرجات ص ١١، ح ٣، ط : مكتبة المرعشي النجفي وهذه تتمّة الحديث (فانظروا علمكم هذا عمّنْ تأخذونه فإنّ فينا في كلِّ خلفٍ عدولاً ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين

٣ ـ راجع المصدر نفسه

٤ ـ أخرجه البخاري ج ٣ ص ٧ في غزوة خيبر ؛ صحيح مسلم ج ٢، ص ٧٢ باب قول النبيّ : لا نورّث، ما تركنا فهو صدقة من كتاب الجهاد والسير ؛ مسند أحمد ج ١ ص ٦

٥ ـ إنّ مسألة توريث الأنبياء منصوص عليها بعموم القرآن مثل قوله تعالی :( لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا ) النساء : ٧

٣٥

وقوله تعالی :( يُوصِيكُمُ اللَّـهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ) النساء : ١١

قال السيّد عبد الحسين شرف الدِّين في كتابه النصّ والاجتهاد ص ٥٥، المورد السابع : «كلّها ـ أي آيات المواريث ـ عامّة تشمل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فمن دونه من سائر البشر فهي علی حدّ قوله عزّوجلّ :( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ ) وقوله :( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّـهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ ) ونحو ذلك من آيات الأحكام الشرعية يشترك فيها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وكلُّ مكلّف من البشر، لا فرق بينهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبينهم، غير أنّ الخطاب فيها متوجّه إليه ليعمل به وليبلّغه إلی مَن سواه فهو من الحيثيّة أولی في الالتزام بالحكم من غيره» وأيضا ممّا يدلّ علی الإرث قوله تعالی في خبر زكريا :( إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا )

ولابدّ من حمل الإرث في هذه الآية علی إرث المال دون النبوّة وشبهها حملاً للفظ يرثني من معناه الحقيقي المتبادر منه إلی الأذهان، إذ لا قرينة هنا علی النبوّة ونحوها، بل القرائن في نفس الآية متوفّرة علی إرادة المعنی الحقيقي دون المجاز وأيضاً قوله تعالی في سورة النمل :( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ )

وإنّ هذه الآيتين الأخيرتين صريحتان علی توريث الأنبياءعليهم‌السلام ، واستدلّت فاطمة الزهراء عليها‌السلام بهاتين الآيتين في خطبتها، حيث قال السيّد شرف الدِّين في النص والاجتهاد ص ٦٣ : (ولعمري أنّها عليها‌السلام أعلم بمفاد القرآن ممّن جاءوا متأخِّرين عن تنزيله، فصرفوا الإرث هنا إلی وراثة الحكمة والنبوّة دون الأموال، تقديماً للمجاز علی الحقيقة بلا قرينة تصرف اللفظ عن معناه الحقيقي المتبادر منه بمجرّد الإطلاق وهذا ممّا لا يجوز)

٣٦

فاطمةعليها‌السلام عن ميراث النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ومحاجّة عليّعليه‌السلام معهم في ذلك معروفة(١) ، وتأويله ثانياً : بأنّ المراد عدم توريث متاع الدُّنيا بشأن النبوّة لاقتضائه توريث العلوم والمعارف خاصّة، وهذا لا يُنافي توريثهم إيّاه بشأن البشرية، فإنّ لكلٍّ من الشأنين خواص ليست للآخر، هذا مع أنّ الغرض إثبات الوارثية في الجملة، وهو ممّا لم ينكره أحد، وأمّا معنی كونهمعليهم‌السلام ورثة للأنبياء فيحتمل وجوهاً :

منها : إنّهم ورثوا ما أعطاهمعليهم‌السلام من العلوم والمعارف والأسرار فعلموه كما علموه، فإنّ العلم لا يموت بموت العالم، بل يصير إلی عالمٍ آخر، وقد قال الباقرعليه‌السلام : «إنّ عليّاًعليه‌السلام عالم هذه الاُمّة، والعلم يتوارث ولا يهلك أحدٌ منّا إلّا تركَ من أهله مَن يعلم مثل علمه أو ما شاء الله»(٢)

وروي أيضاً في باب (أنّ الأئمّةعليهم‌السلام ورثوا علم آدمعليه‌السلام وجميع العلماء) بسنده عن الفضل بن يسار قال: (سمعتُ أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: إنّ العلم الذي هبط مع آدم لم يُرفع، وأنّ العلم يتوارث وما يموت منّا عالمٌ حتّى يخلفه من أهله مَن يعلم علمه أو ما شاء الله)(٣)

وبسنده عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: (كانت في عليّعليه‌السلام سنّة ألف نبيّ، وقال : إنّ العلم الذي نزل مع آدم لم يُرفع، وما ماتَ عالمٌ فذهب علمه، وأنّ العلم ليتوارث [و] أنّ الأرض لا تبقیٰ بغير عالم)(٤)

________________________

١ ـ راجع الاحتجاج للطبرسي ج ١، ص ٩٠ ـ ٩٣

٢ ـ رواه الصفّار في بصائر الدرجات ج ٣، ص ١١٨، ح ٤ في باب (العلماء إنّهم يرثون العلم بعضهم من بعض ولا يذهب العلم من عندهم)

٣ ـ نفس المصدر : ص ١١٤، ح ١

 ـ الواو في المصدر غير موجودة

٤ ـ بصائر الدرجات : ص ١١٤، ح ٢

٣٧

وبسنده عنهعليه‌السلام أيضاً قال: (يمصّون الصماء ويدعون النّهر العظيم، قيل له : ومَن النهر العظيم ؟ قال: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والعلم الذي أتاه الله، أنّ الله جمع لمحمّدٍصلى‌الله‌عليه‌وآله سنن النبيّين من آدم هلّم جرّا إلی محمّد، قيل له : وما تلك السنن ؟ قال : علم النبيّين بأسره، وأنّ الله جمع لمحمّدٍصلى‌الله‌عليه‌وآله علم النبيّين بأسره، وأنّ رسول الله صيّر ذلك كلّه عند أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال له الرجل : يابن رسول الله فأمير المؤمنين أعلم أو بعض النبيّين ؟ فقالعليه‌السلام (١) : اسمعوا ما نقول : إنّ الله يفتح مسامع مَنْ يشاء، أنّي حدّثتُ أنّ الله جمع لمحمّدٍصلى‌الله‌عليه‌وآله علم النبيّين، وأنّه جعل ذلك كلّه عند أمير المؤمنين، وهو يسألني هو أعلم أم بعض النبيّين)(٢)

وبسنده أيضاً عن أبي الحسن الأوّلعليه‌السلام قال: قلتُ له : جعلت فداك النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ورث علم النبيّين كلّهمعليهم‌السلام ؟

قال لي : نعم قلت : من لدن آدم إلی أن انتهی إلی نفسه ؟ قال: نعم قلت : ورثهم النبوّة وما كان في آبائهم من النبوّة والعلم ؟ قال: ما بعث الله نبيّاً إلّا وقد كان محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله أعلم منه قال: قلتُ : إنّ عيسی بن مريم كان يُحيي الموتیٰ بإذن الله قال: صدقت وسليمان بن داود كان يفهم كلام الطير قال ؛ وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقدر علی هذه المنازل(٣)

________________________

 ـ في مصدر الرواية (الثماد) بدل (الصماء) والثماد هو الماء الذي لا مادّة له

١ ـ في المصدر (فقال أبو جعفرعليه‌السلام ) بدل من (فقالعليه‌السلام )

٢ ـ بصائر الدرجات : ص ١١٧، ح ١٢

٣ ـ الشارحرحمه‌الله ما نقل الرواية بتمامها وإنّما ذكر صدرها وذيلها ونحن نذكر المقطع الذي لم يذكره : (علی هذه المنازل فقال : إنّ سليمان بن داود قال للهدهد حين فقده وشكّ في أمره مالي لا أری الهدهد أم كان من الغائبين وكانت المردة والريح والنمل

٣٨

إلی أن قال: فقد ورثنا نحن هذا القرآن، فعندنا ما يقطع به الجبال ويقطع به البلدان ويحيي به الموتی بإذن الله، ونحن نعرف ما تحت الهواء(١)

إلی أن قال: إنّ الله يقول:( وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) (٢) ثمّ قال(٣) :( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ) (٤) فنحن الذين اصطفانا الله، فقد ورثنا علم هذا القرآن الذي فيه تبيان كلّ شيء(٥)

وروي أيضاً في باب أنّ الأئمّة ورثوا علم أُولي العزم من الرُّسل وجميع الأنبياء، وأنّهم أُمناء الله في أرضه وعندهم علم البلايا والمنايا وأنساب العرب(٦)

والإنس والجنّ والشياطين له طائعين وغضب عليه فقال : لأعذّبنّه عذاباً شديداً أو لأذبحنّه أو ليأتيني بسلطانٍ مبين، وإنّما غضب عليه لأنّه كان يدلّه علی الماء، فهذا وهو طير قد أُعطی ما لم يعطَ سليمان وإنّما أراده ليدلّه علی الماء فهذا لم يعط سليمان وكانت المردة له طائعين ولم يكن يعرف الماء تحت الهواء وكانت الطير تعرفه، أنّ الله يقول في كتابه :( وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَىٰ ) (الرعد : ٣١)

١ ـ أيضاً الشارح هنا لم يكمل الرواية ونحن سوف نكملها : ( الهواء وإن كان في كتاب الله لآياتٍ ما يُراد بها أمرٌ من الاُمور التي أعطاه الله الماضين النبيّين والمرسلين إلّا وقد جعله الله ذلك كلّه لنا في أُمّ الكتاب، إنّ الله تبارك وتعالی يقول .)

٢ ـ النمل : ٧٥

٣ ـ في مصدر الرواية هكذا (ثمّ قال عزّوجلّ ...)

٤ ـ فاطر : ٣٢

٥ ـ بصائر الدرجات : ص ١١٤، ح ٣

٦ ـ راجع بصائر الدرجات ج ٣، ص ١١٨ الباب الثاني

٣٩

وبسنده عن عبد الرحمان بن أبي نجران(١) قال: كتبَ أبو الحسن الرضاعليه‌السلام رسالةً وأقرأنيها قال: قال عليّ بن الحسينعليهما‌السلام : إنّ محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله كان أمينُ الله في أرضه فلمّا قُبض محمّدٌصلى‌الله‌عليه‌وآله كنّا أهل البيت ورثته ونحن أُمناء الله في أرضه، عندنا علم البلايا والمنايا وأنساب العرب ومولد الإسلام وإنّا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان وحقيقة النفاق(٢) إلی أنْ قال: نحن ورثة الأنبياء ونحن ورثة أُولي العزم من الرُّسل(٣)

وبسنده عن الباقرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (إنّ أوّل وصيّ كان علی وجه الأرض هبة الله بن آدم وما من نبيّ مضیٰ إلّا وله وصيّ، لأنّ عدد جميع

________________________

١ ـ هو عمرو بن مسلم التميمي مولیً كوفي رویٰ عن الرضاعليه‌السلام ، وكان عبد الرحمان ثقة ثقة معتمداً علیٰ ما يرويه راجع رجال النجاشي ص ٢٣٥ (٦٢٢)

٢ ـ هذه تكملة الرواية : ( وحقيقة النفاق وأنّ شيعتنا لمكتوبون بأسمائهم وأسماء آبائهم أخذ اللهُ علينا وعليهم الميثاق يردون موردنا ويدخلون مدخلنا نحن النجباء وأفراطنا أفراط الأنبياء ونحن أبناء الأوصياء ونحن المفرحون في كتاب الله ونحن أولی الناس بالله ونحن أولی الناس بكتاب الله ونحن أولی الناس بدين الله ونحن الذين شرع لنا دينه فقال في كتابه شرع لكم يا آل محمّد من الدِّين ما وصّی به نوحاً، وقد وصّانا بما أوصی به نوحاً والذي أوحينا إليك يا محمّد وما وصّينا به إبراهيم وإسماعيل وموسیٰ وعيسیٰ وإسحاق ويعقوب فقد علمنا وبلغنا ما علمنا واستودعنا علمهم، نحن ورثة الأنبياء ونحن ورثة أولي العزم من الرُّسل أنْ أقيموا الدِّين يا آل محمّد ولا تفرّقوا فيه وكونوا علی جماعة كبر علی المشركين مَنْ أشرك بولاية علي ما تدعوهم إليه من ولاية عليّ أنّ الله يا محمّد يهدي إليه مَنْ يُنيب من يُجيبكَ إلی ولاية عليّعليه‌السلام

٣ ـ بصائر الدرجات : ج ٣، ص ١١٨، ح ١

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469