مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٧

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل12%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 469

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 469 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 230116 / تحميل: 5722
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

٢

٣

٤

أبواب الأشربة المباحة

١ -( باب استحباب اختيار الماء للشرب)

[ ٢٠٥٦٥ ] ١ - صحيفة الرضاعليه‌السلام : بإسناده عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : سيد طعام(١) الدنيا والآخرة اللحم، وسيد شراب الدنيا والآخرة الماء ».

[ ٢٠٥٦٦ ] ٢ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام : أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « الماء سيد الشراب في الدنيا والآخرة ».

[ ٢٠٥٦٧ ] ٣ - أمين الاسلام في مجمع البيان: روى العياشي بإسناده عن الحسين بن علوان قال: سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام ، عن طعم الماء، قال: « سل تفقها ولا تسأل تعنتا، طعم الماء طعم الحياة، قال الله سبحانه:( وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ) (١) ».

[ ٢٠٥٦٨ ] ٤ - ولده الطبرسي في المكارم: من طب الأئمة عن الصادق

__________________

أبواب الأشربة المباحة

الباب ١

١ - صحيفة الرضاعليه‌السلام ص ٤٥ ح ٥٥.

(١) في نسخة: أدام.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٧ ح ٤٤٠.

٣ - مجمع البيان ج ٤ ص ٤٥.

(١) الأنبياء ٢١: ٣٠.

٤ - مكارم الأخلاق ص ١٥٥.

٥

عليه‌السلام ، قال: « سيد شراب أهل الجنة الماء ».

[ ٢٠٥٦٩ ] ٥ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « سيد الأشربة في الدنيا والآخرة الماء ».

ورواه المستغفري في طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثله(١)

٢ -( باب استحباب شرب الماء مصا، وكراهة شربه عبا)

[ ٢٠٥٧٠ ] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال لنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : مصوا الماء مصا، ولا تعبوه عبا، فإنه منه يكون الكباد ».

دعائم الاسلام عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثله(١) .

[ ٢٠٥٧١ ] ٢ - الطبرسي في المكارم: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه كان إذا شرب بدأ فسمى - إلى أن قال - ويمص الماء مصا ولا يعبه عبا، ويقول: « إن الكباد من العب ».

[ ٢٠٥٧٢ ] ٣ - أبو العباس المستغفري في طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا شربتم(١) الماء فاشربوه مصا ولا

__________________

٥ - مكارم الأخلاق ص ٣٢.

(١) طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ص ٢٣، وعنه في البحار ٦٢ ص ٢٩٣.

الباب ٢

١ - الجعفريات ص ١٦١.

(١) دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٣٠ ح ٤٥٢.

٢ - مكارم الأخلاق ص ٣١.

٣ - طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ص ٢٣، وعنه في البحار ج ٦٢ ص ٢٩٣.

٦

تشربوه عبا ».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « العب يورث الكباد ».

٣ -( باب شرب الماء بعد أكل التمر)

[ ٢٠٥٧٣ ] ١ - القطب الراوندي في الدعوات: قال: وأكل أمير المؤمنينعليه‌السلام من تمرة دقل، ثم شرب عليه الماء وضرب يده على بطنه، وقال: « من أدخله(١) بطنه النار فأبعده الله، ثم تمثل:

وإنك مهما تعط بطنك سؤله

وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا »

٤ -( باب كراهة كثرة شرب الماء، خصوصا بعد أكل الدسم)

[ ٢٠٥٧٤ ] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أكل اللحم لا يعجل بشرب الماء، فقال له بعض أصحابه من أهل بيته: يا رسول الله، ما أقل شربك للماء على اللحم! فقال: ليس أحد يأكل هذا الودك ثم يكف عن شرب الماء إلى آخر طعامه، إلا استمرأ الطعام ».

[ ٢٠٥٧٥ ] ٢ - الرسالة الذهبية للرضاعليه‌السلام : « ومن أراد أن لا تؤذيه معدته، فلا يشرب على(١) طعامه ماء حتى يفرغ، ومن فعل ذلك

__________________

الباب ٣

١ - دعوات الراوندي ص ٦٠.

(١) في الحجرية: « ادخل » وما أثبتناه من المصدر.

الباب ٤

١ - الجعفريات ص ١٦١.

٢ - الرسالة الذهبية ص ٣٥ ح ٦.

(١) في الحجرية: « بين » وما أثبتناه من المصدر.

٧

رطب بدنه، وضعفت معدته، ولم تأخذ العروق قوة الطعام، فإنه(٢) يصير في المعدة فجا(٣) إذا صب الماء على الطعام أولا فأولا» .

[ ٢٠٥٧٦ ] ٣ - أبو العباس المستغفري في طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال: قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من تعود كثرة الطعام والشراب قسا قلبه ».

٥ -( باب استحباب الشرب من قيام نهارا، وكراهته ليلا)

[ ٢٠٥٧٧ ] ١ - الجعفريات: بالسند المتقدم عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي، اشرب الماء قائما، فإنه أقوى لك وأصح ».

[ ٢٠٥٧٨ ] ٢ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه شرب قائما وجالسا.

[ ٢٠٥٧٩ ] ٣ - الطبرسي في المكارم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه كان يشرب قائما، وربما شرب راكبا، وربما قام فشرب من القربة أو الجرة أو الإداوة، وفي كل إناء يجده، وفي يديه.

[ ٢٠٥٨٠ ] ٤ - وعن أنس: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، آخذ(١) عن

__________________

(٢) في المصدر: لأنه.

(٣) الفج من كل شئ بكسر الفاء وتشديد الجيم: ما لم ينضج ( لسان العرب ج ٢ ص ٣٤٠ ).

٣ - طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ص ٢٣، وعنه في البحار ٦٢ ص ٢٩٣.

الباب ٥

١ - الجعفريات ص ١٦٢.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٩ ح ٤٤٩.

٣ - مكارم الأخلاق ص ٣١.

٤ - مكارم الأخلاق ص ١٥١.

(١) آخذه على ذنبه: حاسبه وعاقبه عليه ( لسان العرب ج ٣ ص ٤٧٣ )، وفي المصدر: نهى.

٨

الشرب قائما، قال: قلت: فالاكل، قال: « هو أشر منه ».

[ ٢٠٥٨١ ] ٥ - القطب الراوندي في الدعوات: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من شرب قائما فأصابه شئ من المرض لم يستشف أبدا ».

وشرب رجل قائما، فرآه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: « أيسرك أن تشرب معك الهرة؟ » فقال: لا، فقال: « قد شرب معك من هو شر منه، الشيطان ».

[ ٢٠٥٨٢ ] ٦ - المستغفري في طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال: « لا يشربن أحدكم قائما، فمن نسي فليستق(١) ».

٦ -( باب كراهة الشرب بنفس واحد، واستحباب الشرب بثلاثة أنفاس إن ناوله مملوك، وإن ناوله حر فبنفس واحد)

[ ٢٠٥٨٣ ] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « تفقدت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله غير مرة، وهو إذا شرب الماء تنفس » الخبر.

[ ٢٠٥٨٤ ] ٢ - وعن محمد بن علي وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، أنهما قالا: « ثلاثة أنفاس في الشراب، أفضل من نفس واحد، وكرها أن يتشبه الشارب بشرب الهيم » يعنيان الإبل الصادية، لا ترفع رؤوسها من الماء حتى تروى.

__________________

٥ - دعوات الراوندي ص ٦٢، وعنه في البحار ٦٦ ص ٤٧٢.

٦ - طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ص ٢١، وعنه في البحار ٦٢ ص ٢٩٢.

(١) في المصدر: فليتقيأ.

الباب ٦

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٣٠ ح ٤٥٣.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٣٠ ح ٤٥٤.

٩

[ ٢٠٥٨٥ ] ٣ - الحسن بن فضل الطبرسي في المكارم: عن عبد الله بن مسعود قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يتنفس في الاناء ثلاثة أنفاس، يسمي عند كل نفس، ويشكر الله في آخرهن.

[ ٢٠٥٨٦ ] ٤ - وعن ابن عباس قال: رأيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، شرب الماء فتنفس مرتين.

[ ٢٠٥٨٧ ] ٥ - وسئل الصادقعليه‌السلام ، عن الشرب بنفس واحد، فقال: « إذا كان الذي يناول الماء مملوكا لك فاشرب بثلاثة أنفاس وإن كان حرا فاشربه بنفس واحد ».

[ ٢٠٥٨٨ ] ٦ - وبرواية أخرى - وهو الأصح عنهعليه‌السلام - قال: « ثلاثة أنفاس في الشرب أفضل من شرب بنفس واحد، وكان يكره أن يشبه بالهيم » قلت: وما إليهم؟ قال: « الإبل ».

[ ٢٠٥٨٩ ] ٧ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « إذا شرب أحدكم فليشرب في ثلاثة أنفاس: الأول(١) شكرا لشرابه، والثاني مطردة للشيطان، والثالث شفاء لما في جوفه» .

[ ٢٠٥٩٠ ] ٨ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه كان إذا شرب، بدأ فسمى وحسى حسوة وحسوتين، ثم يقطع فيحمد الله تعالى، ثم يعود فيسمي، ثم يزيد في الثالثة ثم يقطع فيحمد الله تعالى.

__________________

٣ - مكارم الأخلاق ص ١٥١، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٧٥.

٤ - مكارم الأخلاق ص ١٥١.

٥ - مكارم الأخلاق ص ١٥١.

٦ - مكارم الأخلاق ص ١٥١، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٧٣.

٧ - مكارم الأخلاق ص ١٥١.

(١) في الحجرية: « أوله » وما أثبتناه من المصدر.

٨ - مكارم الأخلاق ص ٣١، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٧٢.

١٠

وكان(١) صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يتنفس في الاناء إذا شرب، فإن أراد أن يتنفس أبعد الاناء عن فيه حتى يتنفس وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ربما شرب بنفس واحد حتى يفرغ.

[ ٢٠٥٩١ ] ٩ - كتاب عاصم بن حميد الحناط: عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « ثلاثة أنفاس في الشراب أفضل من نفس واحد ».

قال: وكره أن يمصه كالهيم(١) ، والهيم: الكثيب.

[ ٢٠٥٩٢ ] ١٠ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا تشربوا واحدا كشرب البعير، ولكن اشربوا مثنى وثلاث، وسموا إذا أنتم شربتم واحمدوا إذا أنتم رفعتم ».

[ ٢٠٥٩٣ ] ١١ - المستغفري في طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا شرب أحدكم الماء ( بأنفس ثلاث )(١) كان ( أهنأ وأمرأ )(٢) » .

٧ -( باب استحباب التسمية قبل الشرب، والتحميد بعده، والدعاء بالمأثور، وكذا في كل نفس)

[ ٢٠٥٩٤ ] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن

__________________

(١) في الحجرية: « ويقول » وما أثبتناه من المصدر.

٩ - كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٢٨.

(١) الهيم: الكثيب من الرمل، وهو ما اجتمع منه، والرمل معروف بشربه للماء ( انظر لسان العرب ج ١٢ ص ٦٢٧ ).

١٠ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٨٧ ح ٢٦٤.

١١ - طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ص ٢٣.

(١) في المصدر: وتنفس ثلاثا.

(٢) في المصدر: آمنا.

الباب ٧

١ - الجعفريات ص ١٦١.

١١

جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: « تفقدت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله غير مرة، وهو إذا شرب تنفس ثلاثا، مع كل واحدة منها تسمية إذا شرب، وتحميد إذا انقطع، فسألته عن ذلك، فقال: يا علي، شكر الله تعالى بالحمد، وتسمية من الداء ».

دعائم الاسلام: عنهعليه‌السلام ، مثله إلى قوله: « إذا قطع »(١) .

[ ٢٠٥٩٥ ] ٢ - وعن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أمر أن يسمي الله الشارب إذا شرب، ويحمده إذا فرغ، يفعل ذلك كلما تنفس في الشرب، ابتدأ أو قطع ».

[ ٢٠٥٩٦ ] ٣ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه إذا شرب الماء قال: « الحمد لله الذي سقانا عذبا زلالا برحمته، ولم يسقنا ملحا أجاجا بذنوبنا ».

[ ٢٠٥٩٧ ] ٤ - الحسن الطبرسي في المكارم: في أخلاق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في مشربه: فكان له في شربه، ثلاث تسميات وثلاث تحميدات.

الدعاء المروي عند شرب الماء: « الحمد لله منزل الماء من السماء، ومصرف الامر كيف يشاء، بسم الله خير الأسماء »(١) .

[ ٢٠٥٩٨ ] ٥ - وعن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال في حديث في

__________________

(١) دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٣٠ ح ٤٥٣.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٩ ح ٤٤٧، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٧٣ ح ٥٧.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٣٠ ح ٤٥٦.

٤ - مكارم الأخلاق ص ٣١.

(١) نفس المصدر ص ١٥١، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٧٥ ح ٥٩.

٥ - مكارم الأخلاق ص ١٥١.

١٢

الشرب: « ثم قل: الحمد لله الذي سقاني ماء عذبا، ولم يجعله ملحا أجاجا بذنوبي ».

وبرواية مثله، بزيادة: « الحمد لله الذي سقاني فأرواني، وأعطاني فأرضاني، وعافاني فكفاني، اللهم اجعلني ممن تسقيه في المعاد من حوض محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتسعده بمرافقته، برحمتك يا أرحم الراحمين »(١) .

[ ٢٠٥٩٩ ] ٦ - وعن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « ومن شرب الماء بالليل وقال ثلاث مرات: [ يا ماء ](١) عليك السلام من ماء زمزم، وماء الفرات، لم يضره الماء بالليل ».

[ ٢٠٦٠٠ ] ٧ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي: عن حميد بن زياد السبيعي، عن جابر بن يزيد، عن جعفرعليه‌السلام ، قال: سمعته يقول: « إذا توضأ أحدكم أو أكل أو شرب أو لبس ثوبا وكل شئ يصنع، ينبغي أن يسمي عليه، فإن هو لم يفعل، كان الشيطان فيه شريكا ».

[ ٢٠٦٠١ ] ٨ - القطب الراوندي في لب اللباب: روي أن من شرب الماء فقال: بسم الله في أوله، وقال: الحمد لله في آخره، لم تصبه منه آفة.

٨ -( باب استحباب سقي المؤمنين الماء، حيث يوجد الماء وحيث لا يوجد)

[ ٢٠٦٠٢ ] ١ - الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب المؤمن: عن علي بن

__________________

(١) مكارم الأخلاق ص ١٥١.

٦ - مكارم الأخلاق ص ١٥٧، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٧١.

(١) أثبتناه من المصدر.

٧ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي ص ٧٢.

٨ - لب اللباب: مخطوط.

الباب ٨

١ - كتاب المؤمن ص ٦٣ ح ١٦١.

١٣

الحسينعليهما‌السلام ، أنه قال في حديث: « ومن سقى مؤمنا من ظمأ، سقاه الله يوم القيامة من الرحيق المختوم ».

[ ٢٠٦٠٣ ] ٢ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « وأيما مؤمن سقى مؤمنا، سقاه الله من الرحيق المختوم ».

[ ٢٠٦٠٤ ] ٣ - وعنهعليه‌السلام ، قال: « ما من مؤمن يطعم مؤمنا شبعه إلا أطعمه(١) الله عز وجل من ثمار الجنة، ولا سقاه شربة إلا سقاه الله من الرحيق المختوم ».

[ ٢٠٦٠٥ ] ٤ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من سقى أخاه المسلم شربة سقاه الله من شراب الجنة، وأعطاه بكل قطرة منها قنطارا في الجنة ».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من سقى ظمآن سقاه الله من الرحيق المختوم، من سقى مؤمنا قربة من ماء أعتقه الله من النار، ومن سقى ظمآن في فلاة ورد حياض القدس مع النبيين ».

٩ -( باب استحباب الشرب في الأقداح الشامية، وكراهة الأكل في فخار مصر)

[ ٢٠٦٠٦ ] ١ - الطبرسي في المكارم: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه كان يشرب في أقداح القوارير التي يؤتى بها من الشام، ويشرب في الأقداح التي تتخذ من الخشب والجلود.

__________________

٢ - كتاب المؤمن ص ٦٤ ح ١٦٢.

٣ - كتاب المؤمن ص ٦٥ ح ١٦٦.

(١) في الحجرية: « أعطاه » وما أثبتناه من المصدر.

٤ - لب اللباب: مخطوط.

الباب ٩

١ - مكارم الأخلاق ص ٣١، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٧٣.

١٤

[ ٢٠٦٠٧ ] ٢ - القطب الراوندي في قصص الأنبياء: بإسناده إلى الصدوق، بإسناده إلى الحسن بن محبوب، عن داود الرقي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث - قال: « قال أبو جعفرعليه‌السلام إني أكره أن آكل شيئا طبخ في فخار مصر، وما أحب أن اغسل رأسي من طينها، مخافة أن تورثني تربتها الذل وتذهب بغيرتي ».

١٠ -( باب الشرب في الصفر والخزف، وأواني الذهب والفضة)

[ ٢٠٦٠٨ ] ١ - الطبرسي في المكارم: في الحديث المتقدم في صفة مشربهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ويشرب في الخزف الخبر.

١١ -( باب كراهة الشرب من ثلمة الاناء وعروته واذنه وكسر فيه، بل يشرب من شفته الوسطى، وكراهة الوضوء من قبل العروة)

[ ٢٠٦٠٩ ] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه نهى أن يشرب من قبل عروة الاناء.

[ ٢٠٦١٠ ] ٢ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق قال: قال أبو جعفر محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام ، وقد قدمت المائدة إلى بين يديه: « الحمد لله الذي جعل لكل شئ حدودا - إلى أن قال - فلما أوتي بشربة الماء قال: الحمد الله الذي جعل لكل شئ حدودا » فقيل له: وما حدود الكوز؟

__________________

٢ - قصص الأنبياء ص ١٨٨، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٥٢٩ ذكره إلى: في فخار مصر.

الباب ١٠

١ - مكارم الأخلاق ص ٣١.

الباب ١١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٩ ح ٤٥٠.

٢ - كتاب الأخلاق: مخطوط.

١٥

قال: « تذكر اسم الله في ابتداء الشرب منه، وتحمد الله بعد الفراغ من الشرب منه، وتشرب من يمنة عروته، ولا تشرب من موضع كسر إن كان فيه، وأن تشرب منه في بعد واحد أو بعدين أو ثلاثة أبعاد، وذكر الله في ابتداء كل بعد، وحمد الله في آخره ».

[ ٢٠٦١١ ] ٣ - الحسن الطبرسي في المكارم: عن الصادقعليه‌السلام قال: « أتى أبي جماعة فقالوا له: زعمت أن لكل شئ حدا ينتهى إليه، فقال لهم أبي: نعم، قال: فدعا بماء ليشربوا، فقالوا: يا أبا جعفر، هذا الكوز من الشئ هو؟ قالعليه‌السلام : نعم، قالوا: فما حده؟ قال: حده أن تشرب من شفته الوسطى، وتذكر الله عليه، وتتنفس ثلاثا كلما تنفست حمدت الله، ولا تشرب من اذن الكوز فإنه شرب(١) الشيطان » الخبر.

[ ٢٠٦١٢ ] ٤ - وعن موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، سئل عن حد الاناء، فقال: « حده أن لا تشرب من موضع كسر إن كان به فإنه مجلس الشيطان، فإذا شربت سميت، فإذا فرغت حمدت الله ».

١٢ -( باب كراهة الشرب بالأفواه، واستحباب الشرب بالأيدي)

[ ٢٠٦١٣ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مر على رجل

__________________

٣ - مكارم الأخلاق ص ١٥١، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٧٥.

(١) في المصدر: مشرب.

٤ - مكارم الأخلاق ص ١٥١، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٧٥.

الباب ١٢

١ - الجعفريات ص ١٦٢.

١٦

يكرع الماء بفمه، فقال: تكرع ككرع البهيمة! اشرب بيديك، فإنهما من أطيب آنيتكم» .

[ ٢٠٦١٤ ] ٢ - دعائم الاسلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه مر برجل يكرع الماء بفيه - يعني يشربه من إناء أو غيره من وسطه - فقال: « أتكرع ككرع البهيمة(١) إن لم تجد اناء فاشرب بيديك، فإنها من أطيب آنيتكم ».

[ ٢٠٦١٥ ] ٣ - الحسن الطبرسي في المكارم: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه كان يشرب بكفيه يصب الماء فيهما ويشرب ويقول: « ليس إناء أطيب من اليد ».

١٣ -( باب استحباب الشرب من ماء زمزم، والاستشفاء به من كل داء، وكراهة الشرب من ماء برهوت( * ) الذي بحضرموت)

[ ٢٠٦١٦ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « أروي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال ماء: زمزم شفاء لما شرب له.

وفي حديث آخر: ماء زمزم شفاء لما استعمل.

وأروي: ماء زمزم شفاء من كل داء وسقم، وأمان من كل خوف وحزن» .

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٣٠ ح ٤٥١، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٧٤.

(١) في الحجرية: « الصمة » وما أثبتناه من المصدر.

٣ - مكارم الأخلاق ص ٣١.

الباب ١٣

* برهوت: بئر أو واد بحضرموت، توضع فيه أرواح الكفار والمنافقين، وهو أبغض بقعة إلى الله، وتهب منه ريح منتنة فظيعة جدا ( معجم البلدان ج ١ ص ٤٠٥ ).

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٦.

١٧

[ ٢٠٦١٧ ] ٢ - القطب الراوندي في الدعوات: عن ابن عباس قال: إن الله يرفع المياه العذبة قبل يوم القيامة غير زمزم، وإن ماءها يذهب بالخمار والصداع، والاطلاع فيها يجلو البصر، ومن شربه للشفاء شفاه الله، ومن شربه للجوع أشبعه الله.

[ ٢٠٦١٨ ] ٣ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله بن محمد قال: أخبرنا محمد بن محمد قال: حدثني موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : شر اليهود يهود بيسان(١) وشر النصارى نصارى نجران، وخير ماء ينبع على وجه الأرض ماء زمزم، وشر ماء ينبع على وجه الأرض ماء برهوت، واد بحضرموت يرد عليه هام الكفار وصداهم(٢) ».

ورواه ثقة الاسلام في الكافي: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مثله(٣) .

١٤ -( باب استحباب الشرب من سؤر المؤمن تبركا)

[ ٢٠٦١٩ ] ١ - الشيخ المفيد في الإختصاص قال: قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من شرب من سؤر أخيه تبركا به، خلق الله بينهما ملكا يستغفر لهما حتى تقوم الساعة ».

__________________

٢ - دعوات الراوندي، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٥١ ح ١٧.

٣ - الجعفريات ص ١٩٠.

(١) في الحجرية: « سيبان » وما أثبتناه من المصدر وبيسان: هي مدينة بالأردن.

وموضع في جهة خيبر ( معجم البلدان ج ١ ص ٥٢٧ ).

(٢) الهام والصدى: الأرواح ( لسان العرب ج ١٢ ص ٦٢٤ ).

(٣) الكافي ج ٣ ص ٢٤٦ ح ٥.

الباب ١٤

١ - الاختصاص ص ١٨٩.

١٨

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « في سؤر المؤمن، شفاء من سبعين داء ».

[ ٢٠٦٢٠ ] ٢ - المستغفري في طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال: ومن التواضع أن يشرب الرجل من سؤر أخيه المؤمن.

١٥ -( باب كراهية الشرب من أفواه الأسقية، والنفخ في القدح)

[ ٢٠٦٢١ ] ١ - دعائم الاسلام: بإسناده عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى عن اختناث الأسقية - وهو أن يثنى أفواه القرب ثم يشرب منها - وقيل: إن ذلك نهي عنه لوجهين: أحدهما: أنه يخاف أن تكون فيها دابة أو حية فتنساب في في الشارب، والثاني: أن ذلك - يقال - ينتنها.

[ ٢٠٦٢٢ ] ٢ - الحسن الطبرسي في المكارم: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه كان يشرب من أفواه القرب والأداوى ولا يختنثها(١) اختناثا(٢) ، ويقول: « إن اختناثها ينتنها ».

[ ٢٠٦٢٣ ] ٣ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى أن يتنفس في الاناء أو ينفخ فيه.

١٦ -( باب استحباب شرب صاحب الرحل أولا، وساقي القوم آخرا)

[ ٢٠٦٢٤ ] ١ - أبو الفتوح الكراجكي في كنز الفوائد قال: إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

٢ - طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ص ٢١.

الباب ١٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٩ ح ٤٤٨.

٢ - مكارم الأخلاق ص ٣١.

(١) في الحجرية: « يخنثها » « اختناثا » وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في الحجرية: « يخنثها » « اختناثا » وما أثبتناه من المصدر.

٣ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٧٠ ح ١٩٤.

الباب ١٦

١ - كنز الفوائد ص ٧٤، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٦١ ح ٩.

١٩

كان في سفر فاستيقظ من نومه فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « مع من وضوء؟» فقال أبو قتادة: معي في ميضاة، فأتاه به فتوضأ، وفضلت في الميضاة فضلة فقال: « احتفظ بها يا أبا قتادة، فيكون لها شأن » فلما حمي النهار واشتد العطش بالناس، ابتدروا إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقولون: الماء الماء، فدعا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بقدحه، ثم قال: « هلم الميضاة يا أبا قتادة» فأخذها ودعا فيها وقال: « أسكب» فسكب في القدح، وابتدر الناس الماء، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « كلكم يشرب الماء إن شاء الله» فكان أبو قتاد يسكب، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يسقي، حتى شرب الناس أجمعون، ثم قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لأبي قتادة: « اشرب» فقال: لا، بل اشرب أنت يا رسول الله، فقال: « اشرب، فإن ساقي القوم آخرهم شرابا» فشرب أبو قتادة، ثم شرب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

[ ٢٠٦٢٥ ] ٢ - القاضي القضاعي في الشهاب: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « ساقي القوم آخرهم شربا ».

[ ٢٠٦٢٦ ] ٣ - الشيخ الطبرسي في إعلام الورى: من معجزات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في حديث شاة أم معبد، وساق الحديث إلى أن قال: فدعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بإناء لها يربض الرهط(١) ، فحلب فيه ثجا حتى علته الثمال(٢) ، فسقاها فشربت حتى رويت، ثم سقى أصحابه فشربوا حتى رووا، فشرب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله آخرهم، وقال: « ساقي القوم آخرهم شربا » الخبر.

__________________

٢ - شهاب الاخبار ص ١٧ ح ٩٢، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٦١ ح ١٠.

٣ - إعلام الورى ص ٢٣.

(١) يربض الرهط: الرهط: الجماعة، والمعنى ان هذا الاناء يسع ما يرويهم ويثقلهم حتى يناموا ويمتدوا على الأرض ( النهاية ج ٢ ص ١٨٤ ).

(٢) الثمال: الرغوة التي تكون فوق اللبن ( لسان العرب ج ١١ ص ٩٤ ).

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

تَخْلُ صفحة فيه من ذكر ابن الراونديّ، ومقدّمته النفيسة بقلم نيبرج(١) ، والفهرست ٤-٥ من ملحق طبعة مصر، ومروج الذهب ٧: ٢٣٧ من الطبعة الأجنبيّة، ووفيات الأعيان ١: ٢٨ طبعة طهران، والبداية والنّهاية، والمنتظم، وتلبيس إبليس ٧٢ و١١٨، وتبصرة العوامّ ٣٩٨ و٤٤٠، ومواضع متعدّدة من مقالات الإسلاميّين، وشرح نهج البلاغة، والفَرق بين الفِرق، والملل والنحل، والفِصَل في الملل والنحل، وكتاب الشافي في الإمامة، والفصول، وروضات الجنّات ٥٤، ورسالة ابن القارح في مجموعة رسائل البلغاء ٢١٠ طبعة مصر، وكنز الفوائد ٥١ وغيرها.

١٣ - أبو جعفر بن قبّة الرازي

(أوائل القرن الرابع)

أبو جعفر محمّد بن عبد الرحمن بن قبة الرازيّ من كتبار متكلّمي الشيعة، كان في بادئ أمره من المعتزلة، ثمّ صَدَف عن الاعتزال وركن إلى المذهب الشيعيّ الإماميّ، وكان أحد تلامذة أبي القاسم الكعبيّ البلخيّ، ثمّ أصبح من مخالفيه، وصنّف عدداً من الكتب في الردّ على الزيديّة وإثبات الإمامة، أشهرها كتاب في الإمامة بعنوان الإنصاف، وهو الكتاب الذي نقل منه بعض العلماء كالشيخ الصدوق في كمال الدين، والشريف المرتضى في الشافي والفصول،وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة، وغيرهم.

وينقل أبو الحسين محمّد بن بشر السوسنجرديّ تلميذ أبي سهل إسماعيل بن عليّ النوبختيّ أنّه زار مرقد الإمام الرضاعليه‌السلام في طوس، ثمّ ذهب إلى أبي القاسم الكعبيّ في بلخ، وكان معه كتاب الإنصاف، فقرأه الكعبيّ وصنّف كتاباً في نقضه بعنوان المُستَرشَد، ثمّ عاد إلى الريّ ومعه الكتاب المذكور، فعرضه على أبي جعفر،

____________________

١ - H. S. Nyberg.

١٢١

فصنّف كتاباً في تفنيده عنوانه المُستَثبَت، ولمّا أرجع هذا الكتاب إلى الكعبيّ ردّ عليه بكتاب آخر تحت نقض المُستَثَبت، وعندما عاد إلى الريّ مرّة أُخرى وجد أبا جعفر قد مات(١) ، فوفاته كانت قبل وفاة الكعبيّ، أي: قبل سنة ٣١٩هـ.

للاطّلاع على ترجمته، يُنظَر: رجال الطوسيّ ٢٩٧، رجال النجاشيّ ٢٦٥-٢٦٦، الفهرست ١٧٦، كمال الدين ٣١، ٣٦، الشافي ١٠٠، الفصول (مخطوط)، شرح نهج البلاغة ١: ٦٩، وغيرها.

____________________

١ - رجال النجاشيّ: ٢٦٦.

١٢٢

الفصل السادس

أبو سهل إسماعيل بن عليّ

(٢٣٧-٣١١هـ)

أبو سهل إسماعيل بن عليّ بن إسحاق بن أبي سهل بن نوبخت، أحد كبار البيت النوبختيّ بل من أشهرهم، كان من رؤساء الشيعة العظام ومن مشاهير متكلّميهم في عصره المتزامن مع الغيبة الصغرى، ويعدّ أحد الشعراء والمصنّفين والمشجّعين على الأدب والشعر، وكان صدراً في الأعمال الإداريّة إذ تَسلّم منصباً قريباً من منصب الوزارة في ديوان الحكومة، وألّف كتباً كثيرة في دعم المذهب الشيعيّ الإماميّ ودحض كتب المناوئين للشيعة.

وهو أحد النوبختيّين الذين نجد معلومات مفصّلة نسبيّاً عن سيرتهم، فقد اهتمّ المؤرّخون القدماء وعلماء الأخبار والرجال بترجمته، ونقل أقواله، وتدوين عناوين كتبه بسبب منصبه المهمّ وكثرة مؤلّفاته.

وعلى الرغم من أنّ أبا سهل كان شاعراً وكاتباً بليغاً(١) ، وكانت له مناصب إداريّة مهمّة في ديوان الحكومة، بَيْد أنّ شهرته تعود إلى اشتغاله في علم الكلام،

____________________

١ - تاريخ الإسلام للذهبيّ fol. ٦٠ b. نسخة المكتبة الوطنيّة بباريس.

١٢٣

واحتجاجه على مناوئي الإماميّة، ومحاولته إدخال الإمامة في أُصول الدين. وأكثر كتبه ترتبط بهذه الموضوعات، وإذا كان كلام البُحتريّ الشاعر عنه خالياً من الأغراض، فإنّ شعره ليس فيه رقّة، بل هو يشبه مضغ الماء، ليس له طعم ولا معنى، على ما ذكره هذا الشاعر(١) ، ولم يَبقَ أثر من أعماله الإدارية له أهمية تفضي إلى ذيوع صيته.

١ - الحياة الإداريّة لأبي سهل النوبختيّ

إنّ ما في أيدينا من المعلومات عن الحياة الإداريّة لأبي سهل يعود إلى الأشهر الستّة الأخيرة من عمره البالغ أربعاً وسبعين سنة، ومن الثابت أنّه كان يتصدّر بعض الأعمال في الجهاز الحاكم قبل هذا التاريخ، أو كان يُكلّف بإنجاز بعضها في الأمصار مبعوثاً من قبل رؤساء الدواوين، بخاصّة في عهد المقتدر (٢٩٥-٣٢٠هـ) وما رافقه من تبدّلات(٢) ، ذلك أنّ المقتدر وآل الفرات الذين كانت في أيديهم الوزارة والمناصب الإداريّة الأُخرى، كانوا حماة الشيعة المائلين إليهم، وأبو سهل يومئذ رئيس الشيعة في بغداد، هذا من جهة، ومن جهة أُخرى ذكر بعض المؤلّفين أنّ له منصباً في الشؤون الدنيويّة وأنّه كان بين الكتّاب تالياً منصب الوزراء(٣) . وهذا يدلّ على أنّ أبا سهل كان يتمتّع بنفوذ كبير في البلاط العبّاسيّ خلال الشطر الأوّل من حكومة المقتدر ووزارات ابن الفرات، وكان الإماميّة يعيشون بعزّ يومذاك بتأثير أبي سهل إسماعيل، وكان رجال من آل نوبخت ذوي رئاسة وقدرة في بغداد، كأبي

____________________

١ - الأغاني ١٨: ١٧٠.

٢ - ممّا يدعم ذلك وجوده في الأهواز ومناظراته فيها مع أبي علي الجبّائيّ (٢٣٥-٣٠٣هـ) قبل سنة ٣٠٣هـ التي توفّي فيها أبو عليّ (الفهرست للطوسيّ ٥٨ ورجال النجاشيّ ٢٣)، وكذلك مناظرته مع الحلاّج في الأهواز قبل سنة ٣٠١هـ وبُعده عن بغداد.

٣ - رجال النجاشيّ ٢٣.

١٢٤

الحسين علىّ بن عبّاس (٢٤٤-٣٢٤هـ)، وأبي القاسم الحسين بن روح المتوفّى سنة ٣٢٦هـ.

يعدّ عهد المقتدر من عهود النكسة في الحكم العبّاسيّ؛ لأنّ الأُمور في عصر هذا الحاكم الضعيف، الشهوانيّ، الخائر الإرادة كانت تُدار من قبل نساء القصر وعمّال الديوان والكتّاب والغلمان وأُمراء الجيش، ولمّا كان هؤلاء من المغرضين الطمّاعين اللاهثين وراء المناصب، فإنّهم كانوا يَسْعَون في تحطيم بعضهم بعضاً.

وممّا كان يزيد التنافس بينهم موضوع الخلاف بين الشيعة والسنّة، ذلك أنّ المقتدر كان كالمأمون يُبدي ميلاً إلى بني هاشم وآل عليّ، وأنّ آل الفرات الذين تسلّموا الوزارة والأعمال الديوانيّة المهمّة الأُخرى في عهده مراراً كانوا يدعمون الشيعة بكلّ جدّ، ويسندون الوظائف إلى بني العبّاس وآل أبي طالب. وسنرى لا حقاً أنّ عدد المخالفين لأهل السنّة بعامّة، والإماميّة بخاصّة كان أخذاً بالازدياد في ظلّ دعم آل الفرات، وعلى هذا المنوال نجد أنّ خصماء مذهب آل الفرات من السنّة كانوا يتعاملون مع الشيعة بعنف مستغلّين ضعف السلطان العبّاسيّ عندما كانوا يتقلّدون بعض المناصب، وأهمّ هذه الصراعات السياسيّة والمذهبيّة الصراع الذي كان قائماً بين آل الجرّاح وآل الفرات، حيث كان عملاء السلطان، وهو نفسه، وأنصار الأُسرتين المذكورتين الطامحون إلى الوزارة يوقدون ناره تشفّياً وطمعاً في المال، وكانوا يجرحون كرامة من قلّدهم المناصب ويسلبون أموالهم، ثمّ يستميلونهم، وهكذا تتجدّد اللعبة نفسها.

واستوزر المقتدر أبا الحسن عليّ بن محمّد بن الفرات في ٢١ ربيع الأوّل سنة ٢٩٦هـ، بَيْد أنّه حبسه بعد ثلاث سنين وثمانية أشهر وثلاثة عشر يوماً، أي: في الرابع من ذي الحجّة سنة ٢٩٩هـ، وصادر أمواله وأموال أعوانه وهتك حرمته، واختار أبا عليّ محمّد بن يحيى بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان للوزارة، ولما لم يكن هذا الوزير بصيراً، وكانت الأمور قد اضطربت في عهده، قرّر المقتدر استيزار

١٢٥

أبي الحسن بن الفرات ثانية في العاشر من المحرّم سنة ٣٠١هـ، لكنّ بعض الأُمراء حالوا دون هذا الأمر، فاستوزر أبا الحسن عليّ بن عيسى بن داود بن الجرّاح وقبض على الخاقانيّ، وآخَذَه، وصادر أمواله.

واستمرّت وزارة عليّ بن عيسى حتّى سنة ٣٠٤هـ، ولكن لمّا كانت الأوضاع غير قابلة للإصلاح بسهولة بسبب الفساد الإداريّ، ونفوذ الأمراء، وعمّال الدواوين، وطمع قادة الجيش، وعدم لياقة السلطان العبّاسيّ، فإنّ المقتدر كان يستشير أبا الحسن بن الفرات دائماً مع أنّه كان قد حبسه، ولمّا أحسّ عليّ بن عيسى بغلبة أنصار ابن الفرات اعتزل الوزارة، فاستوزر المقتدر أبا الحسن بن الفرات مرّة أُخرى في الثامن من ذي الحجّة سنة ٣٠٤هـ، فسلك نفس المسلك الذي كان عليه أسلافه من حبس، وتكبيل، ومصادرة للأموال، وهكذا تعامل مع أبي الحسن عليّ بن عيسى بن الجرّاح بأمر المقتدر.

ولم تَدُم وزارة ابن الفرات الثانية طويلاً إذ خوّل المقتدر حامدَ بن العبّاس هذا المنصب في جمادى الآخرة سنة ٣٠٦هـ، بعد مضيّ سنة وخمسة أشهر وتسعة عشر يوماً، ولم يكن الوزير الجديد مطّلعاً على شؤون الوزارة فاختار أبا الحسن عليّ بن عيسى نائباً له، فأضحت شؤون الوزارة في الواقع كلّها بيده، واكتفى حامد باسم الوزارة وتولّي خراج واسط وضرائبها، إذ كان قد ضمنها.

وكان أبو محمّد حامد بن العبّاس لئيماً سفيهاً متعصّباً حاقداً، وارتكب أنواع الرذائل عند مؤاخذة أبي الحسن بن الفرات وبطانته بمؤازرة عليّ بن عيسى. كما أنّ بطانته نالت من أبي الحسن بن الفرات وآذته وأرغمته على دفع مال كثير، وعذّبت ولده مُحسّناً وأعوانه بضربهم بالعصا، وحامد بن العبّاس هو الذي صلب الحسين بن منصور الحلاّج في بغداد سنة ٣٠٩هـ، وهو الذي سجن النائب الثالث للإمام المهديّعليه‌السلام أبا القاسم الحسين بن روح النوبختيّ في دار الخلافة في أواخر وزارته.

١٢٦

وقرّر المقتدر في ربيع الآخر سنة ٣١١هـ عزل حامد بن العبّاس وعليّ بن عيسى من الوزارة ورئاسة الدواوين، وكانا من حماة السنّة ومن خصوم مخالفيهم، وخلع على أبي الحسن عليّ بن محمّد بن الفرات، وعيّنه وزيراً للمرّة الثالثة.

وأقرّ ابن الفرات حامد بن العبّاس على ما كان عليه في وزارة الخاقانيّ من تولّي خراج واسط وضرائبها، حيث كان ذلك على عاتقه وبضمانه، ولكنّ الوزير سرعان ما أجبره أعداء حامد على مطالبته بالمال الذي كان في ذمّته، فاستجب ابن الفرات الذي كان قد استُوزِر للمرّة الثالثة في الحادي والعشرين من ربيع الآخر سنة ٣١١هـ، وكلّف الإماميّة في بغداد الذي كان له منصب في الديوان أيضاً بالتوجّه إلى واسط ومطالبة حامد بالحسابات الماليّة التي كانت في ذمّته للديوان، وكان ذلك بعد مضيّ فترة قصيرة على تسلّمه مقاليد الوزارة.

وتصرّف أبو سهل مع حامد بن العبّاس في هذا المجال على طريقة كتّاب الدواوين، ولم يخرج عن أُسلوب الرفق والمصانعة، أمّا البزوفريّ فقد تعامل معه بعنف، وطالبه مُغلِظا مقرّعاً، لكنّه لم يستطع أن يأخذ منه شيئاً نتيجة للنفوذ الذي كان يتمتّع به في واسط، فاضطرّ المقتدر إلى إيفاد عدد من غلمانه وجنوده من أجل دعم البزوفريّ وأبي سهل النوبختيّ، لكنّ حامد بن العبّاس فرّ من واسط وقد غيّر هيئته إثر تحذير المقتدر إيّاه فيمّم بغداد، بَيْد أنّ المقتدر قبض عليه وسلّمه أبا الحسن بن الفرات، فتولّى تعذيبه ابن أبي الحسن - وهو محسّن المعروف بقساوته وظلمه وسوء سيرته، والمشهور بالخبيث بن الطيّب - وأرسله إلى واسط مع بعض أعوانه من أجل محاسبته، ثمّ أمر بسمّه في رمضان سنة ٣١١هـ(١) .

ولما لم تتمّ مهمّة محمّد بن عليّ البزوفريّ في واسط حتّى تاريخ وفاة حامد بن

____________________

١ - تاريخ الوزراء ٣٤-٣٥. وتتمّة تاريخ الطبريّ f.٢٤ b (نسخة المكتبة الوطنيّة بباريس).

١٢٧

العبّاس، وكان أبو سهل النوبختيّ معه كما في السابق على الأعمّ الأغلب فإنّنا نحتمل أنّ أبا سهل كان مشغولاً في أداء مهمّته بواسط حتّى تاريخ وفاة حامد (رمضان سنة ٣١١هـ)، ثمّ وافاه الأجل بعده بقليل، في شوّال من نفس السنة، وهو ابن أربع وسبعين عاماً(١) .

ولعلّ رفق أبي سهل النوبختيّ ومصانعته حامدَ بن العبّاس المتعصّب المعترف بعدائه للرافضة وابن الفرات (صديق أبي سهل والإماميّة وحاميهما) يعودان إلى أسباب سياسيّة؛ لأنّ أبا سهل - كما سنرى - ناهَضَ دعوة الحسين بن منصور الحلاّج بشدّة سواء في وزارة ابن الفرات أم في وزارة حامد بن العبّاس، وعارض هذا الداعية الجديد الذي كان يهدّد الأساس الذي يقوم عليه الكيان الشيعيّ، وكاد أن يجتثّ جذور نفوذه في البلاط. ولم يَدَعْ دعوته تنتظم في بغداد والبلاط ممّا أفضى إلى القبض على الحلاّج، وقتله على يد حامد بن العبّاس سنة ٣٠٩، ويُحتَمل بعامّة أنّ أبا سهل النوبختيّ كان متّفقاً مع حامد بن العبّاس في قتل الحلاّج، ولعلّه كان من محرّضيه على ذلك، وهذه السابقة في وحدة الاتّجاه السياسيّ هي التي دفعت أبا سهل إلى رعاية الحقوق القديمة عند قيامه بمهمّته في واسط.

٢ - حياته العلميّة والأدبيّة

تزامنت حياة أبي سهل إسماعيل بن عليّ النوبختيّ مع برهة من أيّام الغيبة الصغرى من جهة، ومع وقت بلغ الشيعة فيه مستوى من النُّضج بفعل جهاد الطبقة الأُولى من متكلّميهم، ومساعي أنصارهم العاملين في البلاط الحاكم من جهة أُخرى، وعلى الرغم من جميع ضروب المعارضة السياسيّة والدينيّة التي أبدتها الفرق الأُخرى واحتجاجات المعتزلة وردودهم، فقد قام المذهب الشيعيّ على

____________________

١ - تاريخ الإسلام للذهبيّ f.٦٠ b (نسخة المكتبة الوطنيّة بباريس).

١٢٨

سُوقه، ودوّن رجاله أُسسه المذهبيّة والكلاميّة، واستقرّ على قواعد متّفق عليها عند الشيعة الإماميّة كلّهم.

أمّا مخالفو الإماميّة فإنّهم كانوا ما يزالون يتمتّعون بقدرة تامّة آنذاك، ولم يَرعَووا عن انتقاد عقائد ومقالات الإماميّة ونقضها، يضاف إلى ذلك أنّ الإماميّة أنفسهم تعرّضوا إلى محنة كبيرة في عصر الغيبة الصُّغرى بسبب بروز الخلافات الكثيرة وظهور عدد من الفرق بين الشيعة القطعيّة، فتدخّل أبو سهل الذي انتهت إليه رئاسة الفرقة المذكورة في بغداد يومئذٍ، وكانت له شوكته ومنزلته العلميّة، يعاضده سائر أعضاء الأُسرة النوبختيّة وأفراد من الأُسر الأُخرى، وقام بإزالة التفرقة التي طرأت على الإماميّة، وصدّ مخالفيهم من جهة، ومن جهة أُخرى استعمل علم الكلام، وبذل جهوداً علميّة، فأفلح في الحصول على نتائج كبيرة، وبذل خدمات جُلّى في تثبيت الأُصول الدينيّة للمذهب الشيعيّ الاثني عَشَريّ والمحافظة عليها، فخلد ذكره في تاريخ هذا المذهب، وأصبح جديراً بلقب (شيخ المتكلّمين).

ومع أنّ أبا سهل النوبختيّ كان تلميذ المتكلّمين الأُوّل من الشيعة في علم الكلام، وأنّه دافع عن مسائل كانت مطروحة قبله، ثمّ دوّنها في كتبه بعد تدقيق كثير، لكنّه قام بعملين من أجل اكتمال علم الكلام على مذهب الإماميّة، كما يُستشفّ ذلك من قائمة كتبه وإشارات أُخرى غيرها، وهذان العملان أهمّ الأعمال، وهما لافتان للنظر قابلان للتدوين من كلّ جهة:

١ - دافع أبو سهل عن العقائد التي كان قد دوّنها عدد من متكلّميّ الإماميّة قبله، بعد أن حَظِيت بتأييد أئمّة الهدىعليهم‌السلام وقبول جمهور الإماميّة، يضاف إلى ذلك أنهّ احتذى - أكثر من ذي قبل - أصول الاعتزال في تقرير القضايا الكلاميّة وفقاً لعقيدة الإماميّة، بخاصّة أنّه خلّص الفرقة القطعيّة من بعض التُّهم الّتي رُمي بها عدد من متكلّمي الإماميّة الأُوَل في باب الرّؤية والتّشبيه والتجسيم وغيرها، وأعلن عن نفسه - كالمعتزلة - مناصراً لاستحالة رؤية الله تعالى، و(حدوث العالم)، ومخالفاً

١٢٩

للمجبّرة في باب (المخلوق)، و(الاستطاعة)، كما أنّه سلك سبيل المعتزلة في باب (الإنسان)، والردّ على (أصحاب الصّفات)، ومنذ ذلك الوقت تقارب المذهبان المعتزليّ والإماميّ أكثر من السابق، وبثّ تلاميذ أبي سهل تلك العقائد من بعده من الإماميّة دون تغيير كبير.

٢ - نلحظ في مسألة الإمامة التي كانت من أهمّ المسائل الخلافيّة بين الفرق الإسلاميّة أنّ متكلّمي الشيعة قبل أبي سهل - كما رأينا - قد تحدّثوا عن موضوع النصّ الجليّ والخفيّ، وأثبتوا خلافة الإمام عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام بلا فصل كما أثبتوا أحقّيّة أولاده في الإمامة بالأدلّة السمعيّة والنقليّة، من خلال المقالات أو الكتب التي صنّفوها، بَيْد أنّ أبا سهل النوبختيّ واثنين من معاصريه هما ابن أُخته أبو محمّد الحسن بن موسى النوبختيّ، وأبو الأحوَص داود بن أسد البصريّ(١) كانوا أوّل من استخدم الأدلّة العقليّة في إثبات وجوب الإمامة وبيان أوصاف الإمام تبعاً لأبي عيسى الورّاق وابن الراونديّ، وإذا كان قد استظهر بالأدلّة السمعيّة فمن أجل تأييد الأدلّة العقليّة والتصرّف في الاستدلال، وكان الشريف المرتضى يقتني كتب أبي سهل وأبي محمّد النوبختيّ، فكتب في ردّه على القاضي عبد الجبّار المعتزليّ قائلاً: (... وهذه كتب أبي محمّد وأبي سهل رحمهما الله في الإمامة تشهد بما ذكرناه، وتتضمّن نصرة جميع ما ذكره أبو عيسى الورّاق، وابن الراونديّ في كتبهما في الإمامة، بل قد اعتمدا على أكثر ما ذكراه من الأدلّة، وسلكا في نصرة أُصول الإمامة تلك الطرق بعينها، ومَن خَفِي عليه ما ذكرناه من قولهم ظالم لنفسه بالتعرّض للكلام في الإمامة(٢» .

وكان لاحتجاج الورّاق وابن الراونديّ وأبي الأحوص وأبي محمّد وأبي سهل

____________________

١ - انظر ما ذكرناه عن أبي الأحوص في هذا الكتاب.

٢ - الشافي في الإمامة ١٤-١٥.

١٣٠

في إثبات وجوب الإمامة وتقرير صفات الإمام بالأدلّة العقليّة دور في جعل الإمامة من أُصول الدين عند الإماميّة مَثَلها مَثَل التَوحيد، والعدل، والنبوّة، وإدخالها في المباحث الكلاميّة، وأبو سهل إسماعيل بن عليّ النوبختيّ هو الذي ثبّت ذلك وجعله قطعيّاً، وجمع الأدلّة والاحتجاجات التي عرضها السبّاقون في هذا المجال، وصيّر مسألة الإمامة تابعة للنبوّة من المسائل الكلاميّة لمذهب الإماميّة(١) . وصنّف أبو سهل - كما سيأتي لاحقاً - في موضوع الإمامة كتباً عديدة، ووقف عمره على الدفاع عن عقائد الإماميّة و ردّ الغلاة والواقفة وأهل السنَّة، ويمكن القول: إنّ كتبه وآراءه في موضوع الإمامة قد بزّت جميع مؤلّفات المتكلّمين الذين سبقوه، وأصبحت مرجعاً للمتكلّمين الذي جاؤوا بعده، وهذا من بركات الطلاّب الكثيرين الذين تربّوا على يده ونشروا كتبه وعقائده، إضافة إلى ما كان له من منزلة علميّة ونفوذ واعتبار وشوكة.

وكان أبو سهل من الأُدباء والشعراء أيضاً، مضافاً إلى مكانته السياسيّة والعلميّة، وكان معاشراً لاثنين من فحول شعراء العرب هما البحتريّ (٢٠٦-٢٨٣هـ)، وابن الروميّ (٢٢١-٢٨٣هـ)، علماً أنّنا نقلنا سابقاً رأي البحتريّ في شاعريّة أبي سهل، وكان البحتريّ مادحاً لأبي سهل وابنه أبي يعقوب إسحاق (المقتول سنة ٣٢٢هـ )، وآخرين من آل نوبخت، وله قصائد في الثناء عليهم، كنّا قد نقلنا طرفاً منها في فصول متقدّمة.

وكان الشاعر الشيعيّ المشهور عليّ بن العبّاس بن جريج الروميّ ربيب نعمة آل نوبخت، بخاصّة أبي سهل وأخيه أبي جعفر محمّد، وله معهم أخبار أشار إليها المسعوديّ باختصار(٢) . منها أنّ ابن الروميّ نظم مرّةً مقطوعة في مدح آل نوبخت ذكر فيها أنّهم اعلم الناس بالنجوم، فشكره أبو سهل بن عليّ في مقطوعة أُخرى وقال:

____________________

١ - نخبة المقال ١٣٢.

٢ - مروج الذهب ٨: ٢٣٣ (الطبعة الأجنبيّة).

١٣١

إنّ آل نوبخت عاجزون عن نظم جواب لشعر ابن الروميّ بما فيه من ماء ورواء(١) .

يضاف إلى ذلك أنّ أبا سهل كان معاشراً لكثير من العلماء والمتكلّمين والشعراء والأُدباء المعاصرين له، وكانت له مراسلات شعريّة، وقرأ عليه الأدبَ جماعة من الأُدباء ورواة الشعر، ونلحظ في كتب الرجال والتاريخ ذكراً لمجالسه مع أبي علي الجُبّائيّ في الأهواز، ومع الحكيم الرياضيّ المعروف ثابت بن قرّة، كما نقرأ فيها قصيدة أبي الحسين عليّ بن العبّاس النوبختيّ (المتوفّى سنة ٣٢٤هـ) في مدحه، وسنأتي على ذلك كلّه في موضعه.

ونزيد على ما مرّ أنّ أبا سهل نفسه كان من رواة الأشعار، وقد رويَ عنه قسم من أخبار أبي نواس(٢) ، وكان له تلاميذ كثر أيضاً كلّهم من الكتّاب والشعراء والمتكلّمين المعروفين، أخذوا منه الأدب والشعر والكلام، وتلمذوا له في هذه العلوم.

٣ - تلاميذه

كان لأبي سهل عدد من التلاميذ في الكلام والأدب، قد بثّوا آراء أُستاذهم بين الإماميّة وطلاّب العلم والأدب، وذكرت كتب الأدب والتاريخ أسماء ستّة منهم على النحو الآتي:

١ -عليّ بن إسماعيل ولده: أخذ العلم والأدب عن أبيه(٣) ، ودرس أيضاً عند العالم النحويّ اللغويّ الشهير أبي العبّاس أحمد بن يحيى المعروف بثعلب (٢٠٠-٢٩١هـ)، وكنّاه الخطيب البغداديّ أبا الحسين تارةً، وأبا الحسن تارة أُخرى.

____________________

١ - المقطوعتان كلتاهما في ديوان ابن الروميّ ١: ١٢٢-١٢٣ (طبعة مصر، سنة ١٩٢٧م).

٢ - الجزء الثاني من كتاب أخبار أبي نواس (مخطوط).

٣ - تاريخ الإسلام الذهبيّ، fol. ٦٠ b، نسخة المكتبة الوطنيّة بباريس.

١٣٢

وكان يروي الشعر عن أبيه أبي سهل، وعن ثعلب، وسمع أبو محمّد الحسن بن الحسين بن عليّ بن العبّاس بن إسماعيل بن أبي سهل بن نوبخت (٣٢٠-٤٠٢هـ) منه بعض أشعار ثعلب ودوّنها وروى الخطيب البغداديّ بواسطةٍ واحدة مقطوعةً شعريّة لثعلب عن أبي محمّد النوبختيّ الذي ستأتي ترجمته، وكان أبو محمّد قد أخذها من عليّ بن إسماعيل النوبختيّ(١) .

٢ -أبو الحسين عليّ بن عبد الله بن وصيف: الناشئ الأصغر (٢٧١-٣٦٥هـ)(٢) الشاعر والمتكلّم المعروف الذي كان من مشاهر المدّاحين لأهل البيت الأطهارعليهم‌السلام ، ومن مصنّفي الشيعة المعروفين. وكان تلميذ أبي سهل النوبختيّ في الكلام(٣) ، وألّف كتاباً في الإمامة(٤) .

وكان المترجَم له أُستاذ الشيخ المفيد أبي عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان وشيخه في الرواية(٥) ، ويُعدّ الشيخ المفيد تلميذاً لأبي سهل النوبختيّ عن طريقين: الأوّل: تلمذته للناشئ الأصغر، والثاني: تعلّمه على أبي الجيش مظفّر بن محمّد البلخيّ (م٣٦٧هـ)(٦) .

٣ -أبو الحسن محمّد بن بشر السوسنجرد يّ: صاحب كتاب الإنفاذ في الإمامة(٧) .

____________________

١ - تاريخ بغداد ١١: ٣٤٧.

٢ - أو ٣٦٦.

٣ - وفيات الأعيان ١: ٣٨٩.

٤ - فهرست الطوسيّ ٢٣٣؛ رجال النجاشيّ ١٩٣.

٥ - فهرست الطوسيّ ٢٣٣.

٦ - الناشئ الأصغر في مقابل الناشئ الأكبر، وهو أبو العبّاس عبد الله بن محمّد الملقّب بابن شرشير، شاعر ومتكلّم مشهور من أهل الأنبار، توفّي سنة ٢٩٣هـ، وتعود شهرته غالباً إلى مخالفته أهلَ المنطق والشعراء وعلماء العَروض، وإنكاره عموم المعاني المسلّمة عندهم، وله كتاب في نقض المنطق، ونظم قصيدة نونيّة في أربعة آلاف بيت تقريباً ذكر فيها أهل الآراء والنحل والمذاهب والملل، (للاطّلاع على ترجمته، انظر: مروج الذهب ٢: ٢٦٦ طبعة مصر، الفِصَل ٤: ١٩٤؛ تاريخ بغداد ١٠: ٩٢-٩٣).

٧ - انظر: ص١١٥ من هذا الكتاب، والفهرست ١٧٧، ورجال النجاشيّ ٢٦٦.

١٣٣

٤ -أبو عليّ الحسين بن القاسم الكوكبيّ: الكاتب (المتوفّى في ربيع الأوّل سنة ٣٢٧هـ)(١) .

٥ -أبو الجيش مظفّر بن محمّد بن أحمد البلخيّ: (المتوفّى سنة ٣٦٧هـ) أُستاذ الشيخ المفيد، له كتاب في الإمامة(٢) .

٦ -أبو بكر محمّد بن يحيى الصُّوليّ: (المتوفّى سنة ٣٣٥هـ) الكاتب والأديب المشهور(٣) .

وكان جميع المتكلّمين الكبار من الإماميّة في القرن الرابع والخامس كالشيخ المفيد، والنجاشيّ، والشريف المرتضى، والشيخ الطوسيّ، وغيرهم تلاميذ أبي سهل النوبختيّ بواسطةٍ واحدة أو بواسطتين؛ لذلك نجد أنّ آراءهم في موضوع الإمامة وغيره من المسائل الكلاميّة تُشبه إلى حدٍّ ما آراء أبي سهل التي شرحها ودوّنها في كتبه العديدة.

٤ - أبو سهل النوبختيّ وموضوع الغَيبة

ولد أبو سهل النوبختيّ سنة ٢٣٧هـ في عصر الإمام العاشر أبي الحسن عليّ بن محمّد الهادي (٢٢٠-٢٥٤هـ)، وعندما توفّي الإمام الحادي عشر أبو محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ سنة ٢٦٠هـ، كان له من العمر ثلاث وعشرون سنة، وكانت وفاة أبي سهل سنة ٣١١هـ، وهو ابن أربع وسبعين، أمضى منها إحدى وخمسين سنة من عمره في أيّام الغيبة الصُّغرى، وصادفت وفاته في أيّام سفارة النائب الثالث الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح النوبختيّ، وهما من بيت واحد.

____________________

١ - تاريخ الإسلام fol. ٦٠ b، نسخة المكتبة الوطنيّة بباريس، وتاريخ بغداد ٨: ٨٧.

٢ - الفهرست ١٧٨، رجال النجاشيّ ٢٩٩؛ روضات الجنّات ٣١.

٣ - تاريخ الإسلام fol. ٦٠ b.

١٣٤

وتعدّ الفترة التي أمضاها أبو سهل في عصر الغيبة الصغرى - وهي إحدى وخمسون سنة كانت له في الأيام الأخيرةِ منها الرئاسة على الإماميّة الاثني عشريّة، ويكاد يكون هو الموجّه لهذه الطائفة هو وسائر أفراد البيت النوبختيّ - من أشدّ الفترات توتّراً بالنسبة إلى الطائفة المذكورة، ذلك أنّ أعداءها من جانب، والسلطان العبّاسيّ من جانب آخر قد بذلوا قصارى جهودهم من أجل تقويض الكيان الشيعيّ، ولم يدّخروا وسعاً في إذاقة الشيعة شتّى صنوف الأذى والعذاب، والذي أثارهم أكثر في هذه المرحلة هو حادث وفاة الإمام الحادي عشرعليه‌السلام واختفاء ولده، وهذا الأمر لم يُجرّئ مناوئي الشيعة على معارضتهم فحسب، بل ترك المؤمنين بهذا المذهب يموجون في قلق وحيرة عجيبة، فبرز الخلاف بين صفوفهم وبلغ بهم مبلغاً أنّهم صاروا أربع عشرة فرقة يكفّر بعضهم بعضاً، ويلعن بعضهم بعضاً، وكاد الكيان الشيعيّ الذي كانت أركانه قد توطّدت بجهود بذلها رجاله على امتداد السنين يتقوّض بفعل تلك الخلافات، ومضافاً إلى مكائد الأعداء، وإقبال الدنيا على مناوئي هذه الفرقة وعلى السلطان العبّاسيّ الذي سئم من تحكّم الكتّاب والعاملين الفرس الشيعة في الجهاز الحكوميّ، ونفد صبره من طعن رؤساء الإماميّة ولومهم المتواتر، وكان يفكّر بعموم الوسائل والخطط لإنقاذ نفسه من هذه الورطة.

روى الشيعة أنّ الإمام الحادي عشر أبا محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ توفّي في سُرّ من رأى يوم الجمعة لثمانٍ خلون من ربيع الأوّل سنة ٢٦٠هـ بعد خمس سنين وثمانية أشهر وخمسة أيّام مضت على إمامته، وأعقب ولداً مكتوماً أمره لم يَرَه عامّة الناس، من هنا أمر المعتمد العبّاسيّ (٢٥٦-٢٧٩هـ) بتفتيش دار الإمام وحجراتها، وكبس جميع ما فيها، وجَدَّ رجاله في البحث عنه، وكلّفوا القوابل بالتحقيق من جواري الإمام، وعندما ذكرت إحداهنّ أنّ جارية من جواري الإمام حامل، جعلوها في غرفة خاصّة من غرف الدار، ووكّلوا بها أحد الخدم مع أصحابه وعدداً من النسوة، وصلّى أبو عيسى بن المتوكّل أخو المعتمد على جنازة الإمام.

١٣٥

وأشهدَ كبار العلويّين والعبّاسيّين, وأُمراء الجيش، والكتّاب، والقضاة، والفقهاء، والمعدّلين على أنّ الإمام مات حتف أنفه، ثمّ دفنوا جثمانه الطاهر في البيت الذي دُفن فيه أبوه، وبذل الحاكم العبّاسيّ وأعوانه قصارى جهودهم في البحث عن ابن الإمام، ولمّا لم تُثمر جهودهم شيئاً، ولم تلد تلك الجارية التي توهّموا عليها الحبل ملازمين لها سنتين أو أكثر، عزم السلطان العبّاسيّ على تقسيم ميراث الإمام العسكريّعليه‌السلام ، فنشب نزاع بين حديث والدة الإمام وبين أخيه جعفر لأجل ذلك، ومع أنّ والدة الإمام أثبتت عند القاضي أنّها الوارثة الوحيدة للإمام لكنّ جعفر عارضها وسعى بها عند السلطان، واستعان به في الحصول على ميراث أخيه، ومكث السلطان سبع سنين، ثمّ قسّم تركة الإمام بين حديث وجعفر(١) .

وكان جعفر مقبلاً على الدنيا لاهياً، طالباً لمنصب أخيه، فتشبّث بشتّى الحيل كي يُعرَفَ بهذا المنصب، وكان يشي عند المعتمد بأصحاب الإمام العسكريّ الذين كانوا يَرَون أنّ ولده الصغير الغائب هو الإمام الثاني عشر وهو حجّة الحقّ على الخلق، وممّا قام به أنّه حرّض السلطان على تكبيل صَيقل(٢) جارية الإمام العسكريّ ووالدة الإمام المهديّ، ومطالبتها بولدها القائم، فأنكرت ذلك وادّعت الحَبل لتردع جلاوزة السلطان عن التجسّس في أمر الإمام، فأوقفها المعتمد في حرمه، وتولّى نساؤه وجواريه وأخوه الموفّق وخدمه ونساء القاضي ابن أبي الشوارب(٣) رعايتها والقيام بأمرها. واستمرّت هذه الحالة إلى أن تضعضعت أركان الحكومة سنة ٢٦٣هـ، بفعل الهزّات التي تعرّضت لها، كاستيلاء يعقوب بن ليث الصفّار على

____________________

١ - كمال الدين ٢٥-٢٦ و٣٤ و٤٧ و٢٦١ و٢٦٢، فرق الشيعة ٧٩، الغيبة للشيخ الطوسيّ ١٤١-١٤٢؛ الفِصَل في الملل والأهواء والنِّحَل ٤: ٩٣.

٢ - اختلف الرواة والمؤلّفون في اسم أُمّ الإمام، فمنهم من قال: صيقل، ومنهم من قال: ريحانة، ومنهم من قال: سوسن، ومنهم من قال: نرجس.

٣ - المقصود عليّ بن أبي الشوارب محمّد الذي نُصب قاضياً للقضاة في سنة ٢٦٢هـ.

١٣٦

الأهواز ومحاولته الهجوم على بغداد، وفتنة صاحب الزنج، وموت الوزير عبيد الله بن يحيى بن خاقان فجأةً؛ ولذلك أُنسِيَت صيقل فنجت من مخالب جلاوزة السلطان(١) .

وبرز خلاف وعداء شديد بين أصحاب جعفر، وأصحاب صيقل، وانحاز جماعة من أفراد الحكومة وجلاوزة السلطان إلى جانب جعفر، وجماعة إلى جانب صيقل، واصّاعد لهب الفتنة، فقام أحد النوبختيّين - وهو الحسن بن جعفر الكاتب - بإخفاء صيقل في داره، وآلَ الأمرُ إلى أن قام المعتضد (٢٧٩-٢٨٩هـ) - الذي كان مناوئاً شديداً للإماميّة كالمتوكّل - بإخراجها من بيت الحسن بن جعفر النوبختيّ بعد مضيّ بضع وعشرين سنة على وفاة الإمام الحسن العسكريّعليه‌السلام ، فأقامت في قصره حتّى وافاها الأجل أيّام حكم المقتدر (٢٩٥-٣٢٠هـ)(٢) .

إنّ وفاة الإمام العسكريّعليه‌السلام ، وغيبة ولده القائم، وادّعاء أخيه جعفر الذي لقّبه الإماميّة: الكذّاب، كما أشرنا إلى ذلك سلفاً، كلّ أولئك مهّد الأرضيّة لمناوئي الإماميّة - بخاصّة المعتزلة، والزيديّة، وأصحاب الحديث والسُّنّة، والحاكم العبّاسيّ - لأن ينالوا من الإماميّة، هذا من جانب، ومن جانب آخر، أدّى إلى انقسامها أربع عشرة فرقة، منها من أنكر وجود ولد للإمام العسكريّ، ومنها من تردّد في ذلك، ومنها من اعتقد بانتهاء الإمامة، لكن أفراد هذه الفرقة الأخيرة لم يتّفقوا على ذلك، فمنهم من اعتقد بأنّه خليفة أبيه العسكريّ، ومنهم من رأى أنّه منصوب للإمامة من قِبل أخيه الآخر محمّد الذي كان قد مات في حياة أبيه الإمام الهادي، ومنهم من ذهب إلى أنّ أباه هو الذي اختاره إماماً، وهبّ جماعة من الفَطحيّة والمحمّدية (أصحاب محمّد بن الإمام الهادي توفّي قبل أبيه) إلى تأييد جعفر

____________________

١ - كمال الدين ٢٦٢ و٢٦٣.

٢ - الفصل ٤: ٩٣-٩٤.

١٣٧

على رغم الإماميّة الاثني عشريّة، والتفّ حوله جمع من متكلّمي الفطحيّة الحاذقين، وأُخت فارس بن حاتم بن ماهَوَيه القزوينيّ، وهي من أصحاب الإمام الهادي، وكان الإمامعليهم‌السلام قد لعنها وطردها؛ لإظهارها الغلوّ والفساد، لكنّ جعفر برّأها وزكّاها(١) . وأفضى التفافهم حوله إلى تقويته، وإلى خلق المتاعب للشيعة الاثني عشريّة.

ومن الملاحَظ في ذلك العصر الذي نشبت فيه الفتنة الممتدّة من عهد المعتمد إلى عهد المقتدر، وعانى فيه الإماميّة ما عانَوا من الجور والاضطهاد، أنّ للأُسرة النوبختيّة الشيعيّة دورها بما كانت تتمتّع به من نفوذ مطلق في بغداد يعود إلى منزلتها العلميّة والرسميّة، وهيبتها الشخصيّة وما كانت تمتلكه من عقارات وثروات. فتطلّع إليها الشيعة وعقدوا عليها الأمل في الذبّ عنهم و ردّ مخالفيهم، وكان رئيس الأُسرة والموجّه للشيعة الإماميّة في فترة من فترات ذلك العصر المتكلّم الشاعر الأديب المعروف أبو سهل إسماعيل بن عليّ النوبختيّ.

وقد أمضى أبو سهل القِسم الأعظم من حياته في تحصيل علم الكلام والاحتجاج على المخالفين ومناظرتهم، وكان فَطِناً واعياً، ومن الطبيعيّ أنّه لم يكن بوسعه في تلك الظروف المحفوفة بالأخطار أن يسكت، ولا يدافع عن مسألة الإمامة التي كان قد دوّن لها صورة تامّة وفقاً للأُصول المذهبيّة عند الإماميّة، ولا يُبرز العقيدة الصحيحة في الغيبة - وكان يراها حقّاً - في حين كان كلّ شخص يُبدي رأياً في الغَيبة ممّا يبعث على تشتّت الشيعة.

وبلغ الخلاف بين الشيعة في موضوع الإمامة والغَيبة يومئذٍ درجة أنّهم اختلفوا حتّى في عدد الأئمّة أيضاً. فذهبت طائفة منهم إلى أنّهم ثلاثة عشر استناداً إلى

____________________

١ - فرق الشيعة ٨٢، كمال الدين ٣٤.

١٣٨

حديث رواه سُلَيم بن قيس الهلاليّ(١) ، وهو من أصحاب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، ومن وحي هذا الحديث عدّ أبو نصر هبة الله بن محمّد الكاتب - وهو من المعاصرين لأبي القاسم الحسين بن روح النوبختيّ في أيّام الغيبة الصغرى وسيأتي ذكره - زيدَ بنَ عليّ بن الحسين في الأئمّة(٢) ، وكان الحسين بن منصور الحلاّج الصوفيّ المعروف يعتقد باثني عشر إماماً ويقول: إنّ الإمام الثاني عشر قد مات، ولن يظهر إمام، وانّ أمر الساعة قريب(٣) .

ونسب ابن النديم في الفهرست رأياً خاصّاً لأبي سهل في الغيبة لم يُسبَق إليه، وهو أنّه كان يقول: (أنا أقول: إنّ الإمام محمّد بن الحسن ولكنّه مات في الغيبة، وقام بالأمر في الغيبة ابنه، وكذلك فيما بعد من ولده إلى أن يُنفِذ اللهُ حكمَه في إظهاره)(١) .

ولعلّ نسبة هذا الرأي إلى أبي سهل بالشكل المذكور مثار شكّ وترديد؛ لأنّه لم يَرد في أي من كتب الشيعة. ويضاف إليه أنّ الشيخ الصدوق نقل في كتاب كمال الدّين مقطوعة في باب الإمامة عن كتاب التنبيه لأبي سهل، وهي تتّفق مع عقيدة علماء الإماميّة الاثني عشريّة في الغيبة(٢) ، بل يمكن القول: إنّ أبا سهل الذي كان ممّن شهد على ولادة الإمام الثاني عشر(٣) ورؤيته وغيبته، وممّن أيّد نيابةَ السفير الثالث أبي القاسم الحسين بن روح النوبختيّ(٤) ، كان من أعظم العلماء الذين دافعوا عن مسألة الغيبة حسب عقيدة الإماميّة، ثمّ دوّنوها في كتبهم، وسار على خطاه مَن جاء بعده من علماء الطائفة، ولو صحّ ما نسبه إليه ابن النديم، وكان له مثل ذلك

____________________

١ - وهو راوٍ لأوّل كتاب شيعيّ، للاطّلاع على ترجمته، انظر: الفهرست ٢١٩، وكتب الرجال المعتبرة.

٢ - رجال النجاشيّ ٣٠٨.

٣ - Louiz Massignon, passion d`al-Hallady p. ١٥١.

٤ - الفهرست ١٧٦.

٥ - كمال الدين ٥٣-٥٥.

٦ - الغيبة للطوسيّ ١٧٥-١٧٦.

٧ - نفسه ٣٢٥.

١٣٩

الرأي في بادئ أمره، فإنّه تراجع عنه فيما بعد، وأقرّ بما يقرّ به جمهور الإماميّة ودافع عنه.

٥ - أبو سهل النوبختيّ والحسين بن منصور الحلاّج

نلحظ في أيّام الغيبة الصغرى - حيث كان الإماميّة ينتظرون نهاية الغيبة وظهور الإمام الغائب، وحيث كان زمام شؤونهم الدينيّة والدنيويّة بيد النوّاب الأربعة - أنّ الحسين بن منصور الحلاّج البيضاويّ الصوفيّ المعروف كان يبثّ آراءه وعقائده في المراكز المهمّة للشيعة، بخاصّة قمّ وبغداد، فأفلح في استقطاب عدد من الشيعة، ورجال البلاط الحاكم بعد سنين أمضاها في السفر والتبليغ والوعظ.

وكان في بداية أمره يزعم أنّه رسول الإمام الغائب ووكيله وبابه، كما ذكر ذلك مصنّفو الإماميّة؛ من هنا أوردوا اسمه في عداد مدّعي البابيّة(١) ، وعندما التقى برؤساء الإماميّة في قمّ، ودعاهم إلى قبول العنوان المذكور، أبدى رأيه في الأئمّة - كما تطرّقنا إلى ذلك سلفاً - فتبرّأ الشيعة في قمّ منه وطردوه من مدينتهم.

وكان ادّعاء الحلاّج البابيّة، وإبداء رأيه الخاصّ حول عدد الأئمّة، بمنزلة إعلان العداء السافر لآل نوبخت، ذلك أنّ أحدهم - وهو أبو القاسم الحسين بن روح - كان نائباً للإمام الغائب منذ سنة ٣٠٥هـ، وكان قبل ذلك من خاصّة النائب الثاني أبي جعفر محمّد بن عثمان، والشخص الآخر من هذه الأُسرة هو أبو سهل إسماعيل بن عليّ، وكان يعدّ رئيساً للإماميّة في بغداد عند تحرّك الحلاّج، كما كان له نفوذ بين الوزراء وكتّاب البلاط والعاملين في الأجهزة الحكوميّة، وكان راعياً للأُصول المذهبيّة الشيعيّة ومدافعاً عنها، ويضاف إلى ما كان عليه سياسيّاً

____________________

١ - الغيبة للطوسيّ ٢٦٢.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469