الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة

الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة12%

الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة مؤلف:
المحقق: مشتاق مظفر
الناشر: دليل ما
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 496

الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة
  • البداية
  • السابق
  • 496 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 33094 / تحميل: 8191
الحجم الحجم الحجم
الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة

الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة

مؤلف:
الناشر: دليل ما
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

رضي‌الله‌عنه الى الكوفة - واللفظ للاول: « فأقبلا حتى دخلا المسجد، فكان أول من أتاهما مسروق بن الاجدع، فسلم عليهما وأقبل على عمار فقال: يا أبا اليقظان على ما قتلتم عثمانرضي‌الله‌عنه ؟ قال: على شتم أعراضنا وضرب أبشارنا، فقال: والله ما عاقبتم بمثل ما عوقبتم به، ولئن صبرتم لكان خيراً للصابرين »(١) .

وفي ( النهاية ) و ( تاج العروس ) و ( لسان العرب ) في مادة « صبر »: « وفي حديث عمار حين ضربه عثمان، فلما عوتب في ضربه إياه قال: هذي يدي لعمار فليصطبر. معناه: فليقتص».

رسول الله: من عادى عماراً عاداه الله

اذا عرفت ذلك واحطت خبراً بصنيع عثمان فلنورد طرفاً من الاحاديث الواردة في ذم بغض عماراًرضي‌الله‌عنه :

قال ابن عبد البر « ومن حديث خالد بن الوليد ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من أبغض عماراً أبغضه الله تعالى. قال خالد: فما زلت أحبه من يومئذ »(٢) .

و قال الحافظ ابن حجر: « عن خالد بن الوليد قال: كان بيني وبين عمار كلام فأغلظت له، فشكاني الى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فجاء خالد فرفع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأسه فقال: من عادى عماراً عاداه الله ومن ابغض عماراً أبغضه الله »(٣) .

و في ( اسد الغابة ٤ / ٤٥ ) عن أحمد بن حنبل و ( المشكاة ٥ / ٦٤١ هامش المرقاة ) واللفظ للاول: « عن علقمة عن خالد بن الوليد قال: كان بيني وبين عمار كلام فأغلظت له في القول، فانطلق عمار يشكوني الى النبي

__________________

(١). الطبري ٣ / ٤٩٧، الكامل ٣ / ١١٦.

(٢). الاستيعاب ٣ / ١١٣٨.

(٣). الاصابة ٢ / ٥٠٦.

٢١

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فجاء خالد وهو يشكوه الى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال فجعل يغلظ له ولا يزيده الا غلظة والنبي ساكت لا يتكلم فبكى عمار فقال: يا رسول الله ألا تراه؟ فرفع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأسه وقال: من عادى عماراً عاداه الله ومن ابغض عماراً أبغضه الله.

قال خالد: فخرجت فما كان شيء أحب الي من رضى عمار فلقيته فرضي ».

وروى المتقي الهندي: « كف يا خالد عن عمار، فانه من يبغض عمارا يبغضه الله ومن يلعن عماراً يلعنه الله. ابن عساكر عن ابن عباس.

من يحقر عماراً يحقره الله، ومن يسب عماراً يسبه الله، ومن يبغض عماراً يبغضه الله. ع. وابن قانع. طب ض عن خالد بن الوليد.

يا خالد: لا تسب عماراً، انه من يعادي عماراً يعاديه الله، ومن يبغض عماراً يبغضه الله، ومن يسب عماراً يسبه الله ومن يسفه عماراً يسفهه الله، ومن يحقر عماراً يحقره الله. ظ وسمويه، طب. ك. عن خالد بن الوليد »(١) .

وانظر ايضاً ( كنز العمال ١٦ / ١٤٢ ).

و قال نورالدين الحلبي: « وفي الحديث: من عادى عماراً عاداه الله ومن ابغض عماراً ابغضه الله، عمار يزول مع الحق حيث يزول، [ عمار ] خلط الايمان بلحمه ودمه، عمار ما عرض عليه أمران الا اختار الأرشد منهما. وجاء: ان عماراً دخل على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: مرحباً بالطيب المطيب، ان عمار بن ياسر حشي ما بين اخمص قدميه الى شحمة اذنه ايماناً، وفي رواية: ان عماراً ملىء ايماناً من قرنه الى قدمه واختلط الايمان بلحمه ودمه. وتخاصم عمار مع خالد بن الوليد في سرية كان فيها خالد اميراً، فلما جاء اليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استبا عنده، فقال خالد: يا رسول الله أيسرك ان

__________________

(١). كنز العمال ١٣ / ٢٩٨، ١٦ / ١٤٢.

٢٢

هذا العبد الاجدع يشتمني؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يا خالد لا تسب عماراً فان من سب عماراً فقد سب الله ومن ابغض عماراً أبغضه الله ومن لعن عمارا لعنه الله، ثم ان عمارا قام مغضباً، فقام خالد فتبعه حتى أخذ بثوبه واعتذر اليه فرضي عنه »(١) .

٦ - مخالفة عبد الرحمن بن عوف لعمار

لقد خالف عبد الرحمن بن عوف عماراً، ولم يهتد بهداه فضل وأضل

فقد روى الطبري ( التاريخ ٣ / ٢٩٧ ) وابن الاثير ( ٣ / ٣٧ ) وابن عبد ربه ( العقد الفريد ٢ / ١٨٢ ) في قصة الشورى واللفظ للأول ما نصه: « فلما صلوا الصبح جمع الرهط وبعث الى من حضره من المهاجرين وأهل السابقة والفضل من الأنصار والى أمراء الاجناد، فاجتمعوا حتى التج المسجد بأهله فقال: ايها الناس، ان الناس قد أحبوا ان يلحق أهل الأمصار بأمصارهم، وقد علموا من أميرهم، فقال سعيد بن زيد: انا نراك لها أهلا فقال: أشيروا عليّ بغير هذا، فقال عمار: ان أردت ان لا يختلف المسلمون فبايع علياً، فقال المقداد بن الاسود: صدق عمار، ان بايعت علياً قلنا سمعنا واطعنا. قال ابن أبي سرح: ان أردت ان لا تختلف قريش فبايع عثمان، فقال عبد الله ابن أبي ربيعة: صدقت ان بايعت عثمان قلنا سمعنا واطعنا، فشتم عمار ابن أبي سرح وقال: متى كنت تنصح المسلمين، فتكلم بنو هاشم وبنو أمية فقال عمار: أيها الناس ان الله عز وجل أكرمنا بنبيّه واعزّنا بدينه، فأنى تصرفون هذا الامر عن أهل بيت نبيكم؟! ».

٧ - بغض سعد بن ابى وقاص لعمار

ان هذا الحديث دليل على ضلال سعد بن أبي وقاص، لما ذكروا من

__________________

(١). السيرة الحلبية ٢ / ٢٦٥.

٢٣

أنه كان مهاجراً لعمار بن ياسر، وقد روى ابن قتيبة وابن عبد ربه انه: « قال له سعد: ان كنا لنعدك من افاضل أصحاب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى إذا لم يبق من عمرك الا - ظأم الحمار أخرجت ربقة الإسلام من عنقك، ثم قال له: أيما أحب إليك مودة على دخل أو مصارمة جميلة؟ بل مصارمة جميلة، فقال: عليّ ان لا اكلمك أبداً »(١) .

٨ - ترك المغيرة نصيحة عمار

ان هذا الحديث دليل ساطع على ضلال المغيرة بن شعبة، فقد روى ابن قتيبة ما هذا نصه: « ثم دخل المغيرة بن شعبة، فقال له علي: هل لك يا مغيرة في الله؟ قال: فأين هو يا أمير المؤمنين؟ قال: تأخذ سيفك فتدخل معنا في هذا الأمر فتدرك من سبقك وتسبق من معك، فاني أرى اموراً لا بد للسيوف ان تشحذ لها وتقطف الرءوس بها.

فقال المغيرة: فاني والله يا أميرالمؤمنين ما رأيت قاتل عثمان مصيباً ولا قتله صواباً، وانها لمظلمة تتلوها ظلمات فأربد يا أميرالمؤمنين ان اذنت لي ان اضع سيفي وأنا في بيتي حتى تنجلي الظلمة ويطلع قمرها فنسري مبصرين نقفوا آثار المهتدين ونتقي سبيل الجائرين، قال علي: قد أذنت لك فكن من أمرك على ما بدا لك.

فقام عمار فقال: معاذ الله يا مغيرة تقعد أعمى بعد ان كنت بصيراً يغلبك من غلبته ويسبقك من سبقته، انظر ما ترى وتفعل، وأما أنا فلا أكون الا في الرعيل الاول.

فقال له المغيرة: يا ابا اليقظان إياك أن تكون كقاطع السلسلة فر من الضحل فوقع في الرمضاء.

فقال علي لعمار: دعه فانه لن يأخذ من الآخرة الا ما خالطته الدنيا،

__________________

(١). المعارف ٥٥٠، العقد الفريد ٢ / ١٨٨.

٢٤

وأما والله يا مغيرة انها للوثبة المودية تودي من قام فيها الى الجنة ولها اختان بعدها فإذا غشيتاك فنم في بيتك.

فقال المغيرة: أنت والله يا أميرالمؤمنين اعلم مني ولئن لم اقاتل معك لا أعين عليك، فان يكن ما فعلت صواباً فاياه اردت، وان خطأ فمنه نجوت، ولي ذنوب كثيرة لا قبل لي بها الا الاستغفار منها »(١) .

٩ - تخلف كبار الاصحاب عما دعاهم عمار اليه

ان هذا الحديث دليل واضح على ضلالة عبد الله بن عمر وسعد بن أبي وقاص ومحمد بن مسلمة، فإنهم لم يتبعوا عماراً ولم يهتدوا بهداه، فقد ذكر ابن قتيبة: « اعتزل عبد الله بن عمر وسعد بن أبي وقاص ومحمد بن مسلمة عن مشاهد علي وحروبه، قال: وذكروا ان عمار بن ياسر قام الى علي فقال يا أميرالمؤمنين ائذن لي آتي عبد الله بن عمر فأكلمه لعله يخف معنا في هذا الأمر، فقال علي: نعم، فأتاه فقال له: يا ابا عبد الرحمن انه قد بايع علياً المهاجرون والأنصار ومن ان فضلناه عليك لم يسخطك وان فضلناك عليه لم يرضك، وقد أنكرت السيف في أهل الصلاة، وقد علمت ان على القاتل القتل وعلى المحصن الرجم، وهذا يقتل بالسيف وهذا يقتل بالحجارة، وان علياً لم يقتل أحداً من اهل الصلاة فيلزم حكم القاتل.

فقال ابن عمر: يا ابا اليقظان ان أبي جمع اهل الشورى الذين قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو عنهم راض، فكان أحقهم بها علي، غير انه جاء معه امر فيه السيف ولا أعرفه، ولكن الله ما أحب ان لي الدنيا وما عليها واني اظهرت أو أضمرت عداوة علي.

قال: فانصرف عنه، فأخبر علياً بقوله، فقال لو أتيت محمد بن مسلمة الانصاري، فأتاه عمار فقال له محمد: مرحباً بك يا أبا اليقظان على فرقة ما

__________________

(١). . الامامة والسياسة ١ / ٥٠.

٢٥

بيني وبينك، والله لولا ما في يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لبايعت علياً ولو ان الناس كلهم عليه لكنت معه، ولكنه يا عمار كان من النبي أمر ذهب فيه الرأي.

فقال عمار: كيف؟ قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا رأيت المسلمين يقتتلون أو إذا رأيت أهل الصلاة، فقال عمار: فان كان قال لك: إذا رأيت المسلمين فو الله لا ترى مسلمين يقتتلان بسيفهما ابداً، وان كان قال لك أهل الصلاة فمن سمع هذا معك؟ انما أنت أحد الشاهدين، فتريد من رسول الله قولا بعد قوله يوم حجة الوداع: دماؤكم وأموالكم عليكم حرام الا بحدث فتقول يا محمد لا تقاتل المحدثين، قال: حسبك يا أبا اليقظان.

قال: ثم أتى سعد بن أبي وقاص فكلمه فأظهر سعد الكلام القبيح، فانصرف عمار الى علي.

فقال له علي: دع هؤلاء الرهط، أما ابن عمر فضعيف، وأما سعد فحسود وذنبي الى محمد بن مسلمة اني قتلت قاتل أخيه يوم خيبر مرحب اليهودي »(١) .

١٠ - مخالفة ابى موسى الأشعري لعمار

ويقتضى هذا الحديث ان يعتقد أهل السنة بضلالة أبي موسى الاشعري، فانه عوضاً عن الاهتداء بهدى عمار خالفه وعانده، فقد روى الطبري في ( التاريخ ٣ / ٤٩٧ ) وابن الأثير في ( الكامل ٣ / ١١٦ ) وابن خلدون في ( التاريخ ٢ / ١٥٩ ) في قصة مجيء الحسن وعمار سلام الله عليهما الى الكوفة وقد كان أبوموسى الوالي عليها ( واللفظ للأول ):

« فخرج أبو موسى فلقى الحسن فضمه اليه، وأقبل على عمار فقال: يا أبا اليقظان أعدوت فيمن عدا على أمير المؤمنين فأحللت نفسك مع الفجار؟

__________________

(١). الامامة والسياسة ١ / ٥٣.

٢٦

فقال لم افعل ولم يسؤني ».

وروى البخاري في ( الصحيح ٩ / ٧٠ ) والحاكم في ( المستدرك ٣ / ١١٧ ) وابن الأثير في ( جامع الاصول ١٠ / ٤٣١ ) وسبط ابن الجوزي في ( تذكرة الخواص ٦٩ ) وجماعة عن أبي وائل انه قال - واللفظ للبخاري -.

« دخل أبوموسى وأبومسعود على عمار حيث بعثه علي الى أهل الكوفة يستنفرهم فقالا: ما رأيناك أتيت أمراً اكره عندنا من إسراعك في هذا الأمر منذ أسلمت، فقال عمار: ما رأيت منكما منذ أسلمتما أمراً اكره عندي من ابطائكما عن هذا الأمر، وكساهما حلة حلة، ثم راحوا الى المسجد ».

١١ - مخالفة ابى مسعود الانصاري لعمار

ان هذا الحديث يبين ضلالة أبي مسعود الانصاري، فانه اقتفى اثر أبي موسى في التخلف عن هدى عمار وإنكاره الاستنفار لنصرة أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، كما علم مما تقدم في الوجه السابق.

وأخرج البخاري بعد الحديث المتقدم: « حدثنا عيدان عن أبي حمزة عن الأعمش عن شقيق بن سلمة، قال: كنت جالساً مع أبي مسعود وأبي موسى وعمار، فقال ابو مسعود: ما من أصحابك أحد الا لو شئت لقلت فيه غيرك وما رأيت منك شيئاً منذ صحبت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اعيب عندي من استسراعك في هذا الأمر.

قال عمار: يا أبا مسعود وما رأيت منك ومن صاحبك هذا شيئاً منذ صحبتما النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعيب عندي من ابطائكما في هذا الأمر.

فقال أبومسعود - كان موسراً - يا غلام هات حلتين، فاعطى إحداهما أباموسى والأخرى عماراً، وقال: روحا فيهما الى الجمعة »(١) .

والجدير بالذكر تستر اليافعي على الرجلين لفرط فظاعة معاملتهما مع

__________________

(١). صحيح البخاري ٩ / ٧٠.

٢٧

عماررضي‌الله‌عنه في تاريخه وقوله: « وعاتبه رجلان جليلان ممن توقف عن القتال لما التقى الفريقان في كلام معناه: ما رأينا منك قط شيئاً نكرهه سوى إسراعك في هذا الأمر، يعني في القتال مع علي، أو نحو ذلك من المقال »(١) .

ومثل هذا عندهم كثير، ولكن « لن يصلح العطار ما أفسده الدهر ».

١٢ - خروج طلحة والزبير على على وعمار معه

ويتضح من هذا الحديث ضلالة طلحة والزبير، إذ لم يهتديا بهدى عمار يوم الجمل، على ان الزبير كان يعلم وجوده في جيش اميرالمؤمنينعليه‌السلام .

قال الطبري: « قال قرة بن الحارث: كنت مع الأحنف بن قيس وكان جون بن قتادة ابن عمي مع الزبير بن العوام، فحدثني جون بن قتادة قال: كنت مع الزبير فجاء فارس يسير - وكانوا يسلمون على الزبير بالامرة - فقال: السلام عليك أيها الامير. قال: وعليك السلام، قال: هؤلاء القوم قد أتوا مكان كذا وكذا ولم أرقوماً أرث سلاحاً ولا أقل عدداً ولا أرعب قلوباً من قوم أتوك، ثم انصرف عنه. قال ثم جاء فارس فقال: السلام عليك أيها الامير، فقال: وعليك السلام، قال: جاء القوم حتى أتوا مكان كذا وكذا فسمعوا بما جمع الله عز وجل من العدد والعقدة والحد، فقذف في قلوبهم الرعب فولوا مدبرين. قال الزبير: أيهاً عنك الان، فو الله لو لم يجد ابن أبي طالب الا العرفج لدب إلينا فيه، ثم انصرف.

ثم جاء فارس وقد كادت الخيول أن تخرج من الرهج فقال: السلام عليك أيها الأمير. قال: وعليك السلام، قال: القوم قد أتوك، فلقيت عماراً فقلت له فقال لي: فقال الزبير: انه ليس فيهم، فقال: بلي والله انه لفيهم، قال: والله ما جعله الله فيهم، فقال: والله لقد جعله الله فيهم، قال: والله ما

__________________

(١). مرآة الجنان - حوادث ٨٧.

٢٨

جعله الله فيهم، فلما رأى الرجل يحالفه قال لبعض أهله: اركب فانظر أحق ما يقول؟ فركب معه فانطلقا وأنا انظر إليهما حتى وقفا في جانب الخيل قليلا ثم رجعا إلينا، فقال الزبير لصاحبه ما عندك؟ قال: صدق الرجل. قال الزبير: يا جدع أنفاه، أو يا قطع ظهراه. قال محمد بن عمارة قال عبيد الله قال فضيل: لا ادري أيهما قال. قال: ثم أخذه أفكل فجعل السلاح ينتقض.

قال: فقال جون: ثكلتني أمي، هذا الذي كنت أريد ان أموت معه أو اعيش معه، والذي نفسي بيده ما أخذ هذا ما ارى الا لشيء قد سمعه أو رآه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فلما تشاغل الناس انصرف فجلس على دابته، ثم ذهب، فانصرف جون فجلس على دابته فلحق بالأحنف، ثم جاء فارسان حتى أتيا الاحنف واصحابه فنزلا فأتيا فأكبا عليه فناجياه ساعة ثم انصرفا، ثم جاء عمرو بن جرموز الى الأحنف فقال: أدركته في وادي السباع فقتلته، فكان يقول: والذي نفسي بيده ان صاحب الزبير الأحنف »(١) .

١٣ - كلمات عائشة القارصة

ويدل الحديث على ضلال عائشة بنت أبي بكر، قال الطبري: « كتب الي السري عن شعيب عن سيف عن محمد وطلحة قالا: أمر علي نفراً بحمل الهودج من بين القتلى، وقد كان القعقاع وزفر بن الحارث انزلاه عن ظهر البعير، فوضعناه الى جنب البعير فأقبل محمد بن أبي بكر اليه ومعه نفر فادخل يده فيه، فقالت: من هذا؟ قال: أخوك البر، قالت: عقوق، قال عمار بن ياسر: كيف رأيت ضرب بنيك اليوم يا أمه؟ قالت: من أنت؟ قال: انا ابنك البار عمار، قالت: لست لك بأم. قال: بلي وان كرهت، قالت:

فخرتم أن ظفرتم وأتيتم مثل ما نقمتم، هيهات والله لن يظفر من كان هذا

__________________

(١). الطبري ٣ / ٥٢٠.

٢٩

دأبه »(١) .

وانظر ( مروج الذهب ٢ / ٣٦٢ ) وغيره من التواريخ.

١٤ - سرور معاوية بمقتل عمار

ان هذا الحديث من أوضح الادلة والبراهين على ضلالة معاوية بن أبي سفيان، رئيس الفئة الباغية فلقد اعرض عن هدى عمار ثم فرح بمقتله بصفين فلما ذكر بقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له « ويحك يا ابن سمية، تقتلك الفئة الباغية » قال: « انما قتله الذين جاءوا به ».

راجع للوقوف على ذلك:

١ - الطبقات ٣ / ٢٥٣، ٢٥٩

٢ - المسند ٢ / ١٦٤، ٢٠٦

٣ - تاريخ الطبري ٤ / ٢ - ٣ و ٤ / ٢٨ - ٢٩

٤ - الكامل ٣ / ١٤٨، ١٥٧، ١٥٨

٥ - الامامة والسياسة ١ / ١٢٦

٦ - المستدرك ٣ / ٣٧٨

٧ - العقد الفريد ٢ / ٢٠٣، ٢٠٤

٨ - الروض الانف ٤ / ٢٦٤ - ٢٦٥.

٩ - تفسير ابن العربي ٢ / ٥١٩ بتفسير قوله تعالى: وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا

١٠ - فتح الباري في شرح صحيح البخاري ١٣ / ٢٦

١١ - عمدة القاري في شرح صحيح البخاري ٢٤ / ١٩٢

١٢ - شرح صحيح مسلم لابي عبد الله السنوسي

١٣ - الرياض المستطابة لعماد الدين العامري - ترجمة عمّار.

__________________

(١). الطبري ٣ / ٥٣٨.

٣٠

١٤ - وفاء الوفاء ١ / ٣٢٩ - ٣٣٢

١٥ - المصنف لابن أبي شيبة ٥ / ٨١.

١٦ - كنز العمال ١٦ / ١٤٣

١٧ - المرقاة في شرح المشكاة ٥ / ٤٤٧

١٨ - الخميس في تاريخ النفس النفيس ٢ / ٢٧٧

١٩ - نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض ٣ / ١٦٦

٢٠ - الخصائص للنسائي ١٣٣ - ١٣٥

وغيرها من مصادر التاريخ والاخبار

رسول الله: عمار تقتله الفئة الباغية

وإليك نصوص بعض عبارات أعلام القوم في هذا الباب:

قال محمد بن سعد البصري المعروف بكاتب الواقدي بترجمة عمار عليه الرحمة: « أخبرنا أبو معاوية الضرير، عن الاعمش عن عبد الرحمن بن زياد، عن عبد الله بن الحارث، قال: اني لاسير مع معاوية في منصرفه عن صفين بينه وبين عمرو بن العاص، قال: فقال عبد الله بن عمرو: يا أبة! سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لعمار: ويحك يا ابن سمية تقتلك الفئة الباغية. قال: فقال عمرو لمعاوية: ألا تسمع ما يقول هذا؟ قال: فقال معاوية: ما نزال تأتينا بهنة تدحض بها في بولك، أنحن قتلناه؟ انما قتله الذين جاءوا به.

قال: أخبرنا يزيد بن هارون عن العوام بن حوشب، قال: حدثني أسود بن مسعود، عن حنظلة بن خويلد العنزي قال: بينا نحن عند معاوية إذ جاء رجلان يختصمان في رأس عمار، يقول كل واحد منهما: أنا قتلته، فقال عبد الله بن عمرو: ليطب به أحد كما نفساً لصاحبه فاني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: تقتله الفئة الباغية. قال: فقال معاوية: ألا تغني عنا مجنونك يا عمرو فما بالك معنا؟ قال: ان أبي شكاني الى رسول الله

٣١

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: أطع أباك حياً ولا تعصه، فأنا معكم ولست أقاتل ».

وقال أيضاً « أخبرنا محمد بن عمر، حدثني عبد الحارث بن الفضيل، عن أبيه، عن عمارة بن خزيمة بمن ثابت، قال: شهد خزيمة بن ثابت الجمل وهو لا يسل سيفاً وشهد صفين وقال: أنا لا أسل ابداً حتى يقتل عمار فأنظر من يقتله، فانى سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: تقتله الفئة الباغية. قال فلما قتل عمار بن ياسر قال خزيمة: قد بانت لي الضلالة واقترب، فقاتل حتى قتل، وكان الذي قتل عمار بن ياسر ابو غادية المزني طعنه برمح فسقط وكان يومئذ يقاتل في محضة فقتل يومئذ وهو ابن اربع وتسعين سنة، فلما وقع أكب عليه رجل آخر فاحتز رأسه فأقبلا يختصمان فيه كلاهما يقول: أنا قتلته.

فقال عمرو بن العاص والله ان يختصمان الا في النار، فسمعها منه معاوية فلما انصرف الرجلان قال معاوية لعمرو بن العاص: ما رأيت مثل ما صنعت قوم بذلوا أنفسهم دوننا تقول لهما: انكما تختصمان في النار فقال عمرو: هو والله ذاك والله انك لتعلمه، ولوددت أني مت قبل هذه بعشرين سنة ».

و قال أبوبكر ابن أبي شيبة العبسي في مصنفه: « حدثنا يزيد بن هارون، قال أخبرنا العوام بن حوشب، قال: حدثني أسود بن مسعود عن حنظلة بن خويلد العنزي، قال: اني الجالس عند معاوية إذ أتاه رجلان يختصمان في رأس عمار، كل واحد منهما يقول: أنا قتلته قال عبد الله بن عمرو: ليطب به أحدكما نفساً لصاحبه، فاني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: تقتله الفئة الباغية فقال: معاوية: الا تغني عن مجنونك يا عمرو فما بالك معنا؟ قال: اني معكم ولست أقاتل، ان أبي شكاني الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أطع أباك مادام حياً ولا تعصه، فأنا معكم ولست اقاتل ».

٣٢

و قال احمد بن حنبل الشيباني في مسنده في مسند عبد الله بن عمرو بن العاص « حدثنا أبو معاوية، ثنا: الاعمش، عن عبد الرحمن بن زياد، عن عبد الله بن الحارث، قال: اني لاسير مع معاوية في منصرفه من صفين بينه وبين عمرو بن العاص، قال فقال عبد الله بن عمرو بن العاص: يا أبت سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لعمار: ويحك يا ابن سمية تقتلك الفئة الباغية. قال: فقال عمرو لمعاوية: ألا تسمع ما يقول هذا؟ فقال معاوية: لا تزال تأتينا بهنة أنحن قتلناه؟ انما قتله الذين جاءوا به. حدثنا أبو نعيم، عن سفيان، عن الأعمش، عن عبد الرحمن بن أبي زياد مثله أو نحوه».

و قال أيضاً: « حدثنا يزيد. أنا: العوام، حدثني أسود بن مسعود، عن حنظلة ابن خويلد العنبري، قال: بينما أنا عند معاوية إذ جاءه رجلان يختصمان في رأس عمار يقول كل منهما: أنا قتلته فقال عبد الله بن عمرو: ليطب به أحد كما نفساً لصاحبه فاني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: تقتله الفئة الباغية. قال معاوية: فما بالك معنا؟ قال: ان أبى شكاني الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: أطع أباك مادام حياً ولا تعصه فأنا معكم ولست اقاتل ».

و قال: « حدّثنا الفضل بن دكين، ثنا: سفيان، عن الأعمش، عن عبد الرحمن ابن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، قال: اني لا ساير عبد الله ابن عمرو بن العاص ومعاوية فقال عبد الله بن عمرو لعمرو: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول تقتله الفئة الباغية، يعني عماراً فقال عمرو لمعاوية: اسمع ما يقول هذا! فحدّثه فقال: أنحن قتلناه؟ انما قتله من جاء به. حدّثنا أبو معاوية، ثنا: الاعمش، عن عبد الرحمن بن أبي زياد، فذكر نحوه ».

و قال: « حدّثنا أسود بن عامر: ثنا يزيد بن هارون، أنا: العوام: حدثني أسود بن مسعود، عن حنظلة بن خويلد العنبري، قال: بينما أنا عند

٣٣

معاوية اذ جاءه رجلان يختصمان في رأس عمار يقول كل واحد منهما: أنا قتلته. فقال عبد الله: ليطب به أحد كما نفسا لصاحبه فانى سمعت، يعني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: تقتله الفئة الباغية. فقال معاوية ألا تغني عنّا مجنونك يا عمرو فما بالك معنا؟! قال: ان أبي شكاني الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أطع أباك ما دام حياً ولا تعصه. فأنا معكم ولست أقاتل ».

و قال أحمد في مسند عمرو بن العاص: « ثنا عبد الرزاق، قال ثنا: معمر، عن طاوس، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، قال لما قتل عمار بن ياسر دخل عمرو بن حزم على عمرو بن العاص فقال قتل عمار وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : تقتله الفئة الباغية. فقام عمرو بن العاص فزعاً يرجع حتى دخل على معاوية، فقال له معاوية: ما شأنك؟ قال: قتل عمار! فقال معاوية: قد قتل عمار فما ذا؟ قال عمرو: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: تقتله الفئة الباغية فقال له معاوية: دحضت في بولك؟ أو نحن قتلناه؟! انما قتله علي وأصحابه جاءوا به حتى ألقوه بين رماحنا، أو قال: بين سيوفنا ».

و قال أبو عبد الرحمن النسائي في كتاب ( الخصائص ) في مقام سياق طرق حديث الفئة الباغية: « أنبأنا أحمد بن سليمان، قال: ثنا: يزيد، قال: أنبأنا العوام عن الأسود بن مسعود، عن حنظلة بن خويلد، قال: كنت عند معاوية فأتاه رجلان يختصمان في رأس عمار يقول كل واحد منهما: أنا قتلته! فقال عبد الله ابن عمرو: ليطب به نفساً أحدكما لصاحبه فاني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: تقتلك الفئة الباغية.

قال [ أبو عبد الرحمن ]: خالف شعبة فقال: عن العوام، عن رجل، عن حنظلة بن سويد، أخبرنا محمد بن المثنى، [ حدثنا محمد ]، أخبرنا شعبة، عن العوام بن حوشب، عن رجل من بني شيبان، عن حنظلة بن سويد، قال: جيء برأس عمار فقال عبد الله بن عمرو: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

٣٤

يقول: تقتلك الفئة الباغية.

أخبرني محمد بن قدامة، قال: ثنا: جرير، عن الاعمش [ عن عبد الرحمن ] عن عبد الله بن عمرو، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: يقتل عماراً الفئة الباغية [ قال أبو عبد الرحمن ]: خالفه أبو معاوية فرواه عن الاعمش عن عبد الرحمن بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، أخبرنا عبد الله بن محمد قال [ حدثنا ] أبو معاوية: حدثنا الاعمش، عن عبد الرحمن ابن أبي زياد وأخبرنا عمرو بن منصور الشيباني، أخبرنا [ أبو نعيم، عن سفيان ]، عن عن الأعمش، عن عبد الرحمن بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث: قال: اني لا ساير عبد الله بن عمرو بن العاص ومعاوية فقال عبد الله ابن عمر: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: عمار تقتله الفئة الباغية. قال عمرو: يا معاوية اسمع ما يقول هذا! فجذبه فقال: نحن قتلناه؟! انما قتله من جاء به، لا تزال داحضاً في بولك ».

و قال ابن قتيبة الدينوري « ثم حمل عمار وأصحابه فالتقى عليه رجلان فقتلاه وأقبلا برأسه الى معاوية يتنازعان فيه كل يقول: أنا قتلته. فقال لهما عمرو بن العاص: والله ان تتنازعان الا في النار، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: تقتل عماراً الفئة الباغية. فقال معاوية قبّحك الله من شيخ! فما تزال تتزلق في بولك! أو نحن قتلناه؟! انما قتله الذين جاءوا به. ثم التفت الى أهل الشام فقال: انما نحن الفئة الباغية التي تبغي دم عثمان ».

وقال الطبري في خبر رسل الامامعليه‌السلام الى معاوية « وتكلم يزيد ابن قيس، فقال: انا لم نأنك الا لنبلغك ما بعثنا به اليك ولنؤدي عنك ما سمعنا منك، ونحن على ذلك لن ندع أن ننصح لك وأن نذكر ما ظننا أن لنا عليك به حجة، وانك راجع به الى الالفة والجماعة، ان صاحبنا من قد عرفت وعرف المسلمون فضله، ولا أظنه يخفى عليك أن أهل الدين والفضل لن يعدلوا بعلي ولن يمثلوا بينك وبينه، فاتق الله يا معاوية ولا تخالف علياً فانا والله ما رأينا رجلا قط أعمل بالتقوى ولا أزهد في الدنيا ولا أجمع

٣٥

لخصال الخير كلها منه. فحمد الله معاوية وأثنى، ثم قال: أما بعد! فإنكم دعوتم الى الطاعة والجماعة، فأما الجماعة التي دعوتم إليها فمعنا هي، وأما الطاعة لصاحبكم فانا لا نراها، ان صاحبكم قتل خليفتنا وفرّق جماعتنا وآوى ثارنا وقتلتنا وصاحبكم يزعم أنه لم يقتله فنحن لا نرد ذلك عليه، أرأيتم قتلة صاحبنا؟ ألستم تعلمون انهم اصحاب صاحبكم فليدفعهم إلينا فلنقتلهم به. ثم نحن نجيبكم الى الطاعة والجماعة.

فقال له شبث: أيسرّك يا معاوية أنك أمكنت من عمار تقتله؟ فقال معاوية: وما يمنعني من ذلك والله لو أمكنت من ابن سمية ما قتلته بعثمانرضي‌الله‌عنه ولكن كنت قاتله بناتل مولى عثمان! فقال له شبث: واله الأرض واله السماء ما عدلت معتدلا، لا والذي لا اله الا هو لا تصل الى عمار حتى تندر الهام عن كواهل الأقوام وتضيق الأرض الفضاء عليك برحبها! فقال له معاوية: انه لو قد كان ذلك كان الأرض عليك أضيق ».

و قال في خبر عن عبد الرحمن السلمي في مقتل عمار: « فلما كان الليل قلت لا دخلن إليهم حتى أعلم هل بلغ منهم قتل عمار ما بلغ منا؟ وكنا إذا توادعنا من القتال تحدثوا إلينا وتحدثنا إليهم فركبت فرسي وقد هدأت الزجل ثم دخلت فإذا أنا بأربعة يتسايرون: معاوية وأبو الأعور السلمي وعمرو بن العاص وعبد الله بن عمرو وهو خير الأربعة، فأدخلت فرسي بينهم مخافة ان يفوتني ما يقول احد الشقين فقال عبد الله لأبيه: يا أبة! قتلتم هذا الرجل في يومكم هذا؟ وقد قال فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سلّم ما قال؟ قال: وما قال؟ قال: ألم تكن معنا ونحن نبني المسجد والناس ينقلون حجراً حجراً ولبنة لبنة وعمار ينقل حجرين حجرين ولبنتين لبنتين، فغشي عليه فأتاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجعل يمسح التراب عن وجهه ويقول: ويحك يا ابن سمية الناس ينقلون حجرا حجرا ولبنة لبنة وأنت تنقل حجرين حجرين ولبنتين لبنتين رغبة منك في الأجر، وأنت ويحك مع ذلك تقتلك الفئة الباغية! فدفع عمر وصدر فرسه ثم جذب معاوية اليه فقال: يا معاوية!

٣٦

أما تسمع ما يقول عبد الله؟ قال: وما يقول؟ فأخبره الخبر، فقال معاوية: انك شيخ أخرق ولا تزال تحدث بالحديث وأنت تدحض في بولك! أو نحن قتلنا عماراً؟! انما قتل عماراً من جاء به. فخرج الناس من فساطيطهم وأخبيتهم يقولون: انما قتل عمارا من جاء به، فلا أدري من كان أعجب هو أوهم ».

و قال أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه القرطبي « مقتل عمار بن ياسر العتبى: قال لما التقى الناس بصفين نظر معاوية الى هاشم بن عتبة الذي يقال له المرقال لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أرقل يا ميمون! وكان أعور والراية بيده وهو يقول: أعور يبغى نفسه محلا:

قد عالج الحياة حتى ملا

لا بدّ أن يفل أو يفلا

فقال معاوية لعمرو بن العاص: يا عمرو! هذا المرقال والله لئن زحف بالراية زحفاً انه ليوم أهل الشام الاطول ولكني أرى ابن السوداء الى جنبه، يعنى عماراً وفيه عجلة في الحرب وأرجو أن تقدمه الى الهلكة، وجعل عمار يقول: يا عتبة تقدم! فيقول: يا أبا اليقظان! أنا أعلم بالحرب منك، دعني أزحف بالراية زحفاً! فلما أضجره وتقدم أرسل معاوية خيلا فاختطفوا عماراً فكان يسمى أهل الشام قتل عمار « فتح الفتوح ».

و قال أيضاً: « أبوذر، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن جده أم سلمة زوج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قالت: لم بنى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسجده بالمدينة أمر باللبن يضرب وما يحتاج اليه، ثم قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوضع ردائه، فلما رأى ذلك المهاجرون والأنصار وضعوا أرديتهم وأكسيتهم يرتجزون ويقولون ويعلمون:

لئن قعدنا والنبي يعمل

ذاك اذاً لعمل مضلل

قالت: وكان عثمان بن عفان رجلا نظيفاً متنظفاً فكان يحمل اللبنة ويجافي بها عن ثوبه، فإذا وضعه نفض كفيه ونظر الى ثوبه فإذا أصابه شيء من التراب نفضه! فنظر اليه عليرضي‌الله‌عنه فأنشد:

٣٧

لا يستوي من يعمر المساجدا

يدأب فيها راكعاً وساجداً

وقائماً طوراً وطوراً قاعدا

ومن يرى عن التراب حائداً

عثمان فقال: يا بن سمية! ما أعرفني بمن تعرض؟ ومعه جريدة، فقال: لتكفن أو لاعترضن بها وجهك! فسمعه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو جالس في ظل حائط، فقال: عمار جلدة ما بين عيني وألفي، فمن بلغ ذلك منه فقد بلغ منى وأشار بيده فوضعها بين عينيه، فكف الناس عن ذلك وقالوا لعمار: ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد غضب فيك ونخاف أن ينزل فينا قرآن! فقال: أنا أرضيه كما غضب، فأقبل عليه فقال: يا رسول الله! ما لي ولأصحابك؟ قال ومالك ولهم؟ قال: يريدون قتلي يحملون لبنة ويحملون علي لبنتين، فأخذ به وطاف به في المسجد وجعل يمسح وجهه من التراب ويقول: يا بن سمية! لا يقتلك أصحابي ولكن تقتلك الفئة الباغية. فلما قتل بصفين وروى هذا الحديث عبد الله بن عمرو بن العاص، قال معاوية: هم قتلوه لأنهم أخرجوه الى القتل. فلما بلغ ذلك علياً قال: ونحن قتلنا أيضاً حمزة لأنا أخرجناه ».

وقال أبو عبد الله الحاكم النيسابوري بترجمة عمار: « أخبرني أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصنعاني. ثنا: اسحق بن ابراهيم بن عباد. أنبأ: عبد الرزاق عمر معمر، عن ابن طاوس، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، أخبره قال: لما قتل عمار بن ياسر دخل عمرو بن حزم على عمرو بن العاص فقال: قتل عمار وقد سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: تقتله الفئة الباغية. فقام عمرو فزعاً حتى دخل على معاوية فقال له معاوية: ما شأنك؟ فقال: قتل عمار بن ياسر! فقال: قتل عمار فما ذا؟ فقال عمرو: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: يقتله الفئة الباغية. فقال له معاوية: أنحن قتلناه؟ انما قتله علي وأصحابه جاءوا به حتى ألقوه بين رماحنا، أو قال: سيوفنا. صحيح على شرطهما ولم يخرجاه بهذه السياقة.

٣٨

أخبرنا أبوزكريا الغبري ثنا: محمد بن عبد السلام، ثنا: اسحق ثنا، عطاء ابن مسلم الحلبي، قال: سمعت! لاعمش بقول: قال أبو عبد الرحمن السلمى: شهدنا صفين فكنا إذا توادعنا دخل هؤلاء في عسكر هؤلاء في عسكر هؤلاء، فرأيت أربعة يسيرون معاوية بن أبي سفيان وابوالاعور السلمى وعمرو بن العاص وابنه، فسمعت عبد الله بن عمرو يقول لأبيه عمرو: وقد قتلنا هذا الرجل وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه ما قال. قال. أي الرجل؟ قال عمار بن ياسر، أما تذكر يوم بنى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المسجد فكنا نحمل لبنة لبنة وعمار يحمل لبنتين لبنتين، فمر على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: أتحمل لبنتين لبنتين وأنت ترحض؟! أما انك ستقتلك الفئة الباغية وأنت من أهل الجنة. فدخل عمرو على معاوية فقال: قتلنا هذا الرجل وقد قال فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما قال. فقال: أسكت فوالله ما تزل تدحض في بولك! أنحن قتلناه؟! انما قتله علي وأصحابه جاءوا به حتى ألقوه بيننا! ».

و قال أبو المؤيد الموفق بن احمد الخوارزمي: « وكان الذي قتل عمارا أبو غادية المزني طعنه برمح فسقط وكان يومئذ يقاتل وهو ابن أربع وتسعين، فلما وقع أكب عليه رجل آخر فاجتز رأسه فأقبلا يختصمان كلاهما يقول: أنا قتلته! فقال عمرو بن العاص: والله ان يختصمان الا في النار، فسمعها معاوية فلما انصرف الرجلان قال معاوية لعمرو: ما رأيت مثل ما صنعت! قوم بذلوا أنفسهم دوننا تقول لهما: انكما تختصمان في النار؟! فقال عمرو: هو والله ذلك انك لتعلمه ولوددت أني مت قبل هذا بعشرين سنة ».

قال: « في اليوم السادس والعشرين من حروب صفين قتل أبو اليقظان عمار ابن ياسر وأبو الهيثم بن التيهان نقيب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورضي عنهما. روي أن الحرث بن باقور أخا ذي الكلاع برز الى عمار وضربه عمار فصرعه وكان من برز اليه قتله فينشد:

نحن ضربنا كم على تنزيله

واليوم نضربكم على تأويله

٣٩

ضرباً يزيل الهام عن مقيله

وبذهل الخليل عن خليله

أو يرجع الحق الى سبيله!

واستسقى عمار فأتى بلبن في قدح فلما رآه كبر ثم شربه وقال: ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لي: آخر زادك من الدنيا ضياح من لبن، ويقتلك الفئة الباغية! فهذا آخر أيامي من الدنيا ثم حمل وأحاط به أهل الشام واعترضه أبو الغادية الفزاري وابن جوفي السكسكي، فأما أبو الغادية فطعنه وأما ابن جوفي فاجتز رأسه الشريف، وقد كان ذو الكلاع سمع عمرو بن العاص يقول: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعمار بن ياسر: يا بن سمية! تقتلك الفئة الباغية. قال ذو الكلاع، وتحت أمره ستون ألفاً من الفرسان يقول لعمرو بن العاص: ويحك أنحن الفئة الباغية؟! وكان في شك من ذلك، فيقول عمرو: انه سيرجع الينا، واتفق أنه أصيب ذو الكلاع يوم أصيب عمار، فقال عمرو: لو بقي ذو الكلاع لمال بعامة قومه ولا فسد علينا جندنا.

و قتل أبو الهيثم وجماعة من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلما رأى ذلك عبد الله بن عمرو بن العاص قال لابيه: أشهد لسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يقول لعمار: تقتلك الفئة الباغية فقال عمرو لمعاوية: صدق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنحن قتلنا عمارا؟ انما قتله الذي جاء به فألقاه تحت رماحنا وسيوفنا.

و فرح بقتل عمار أهل الشام، وقال معاوية: قتلنا عبد الله بن بديل وهاشم بن عتبة وعمار بن ياسر، فاسترجع النعمان بن بشير وقال: والله انا كنا نعبد اللات والعزّى، وعمار يعبد الله ولقد عذّبه المشركون بالرمضاء وغيرها من ألوان العذاب، فكان يوحد الله ويصبر على ذلك، وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : صبراً آل ياسر! موعدكم الجنة. وقال له: ان عماراً يدعو الناس الى الجنة ويدعونه الى النار، وقال ابن جوفي من أهل الشام: أنا قتلت عماراً. فقال عمرو بن العاص: ما ذا قال حين ضربته؟ قال: قال اليوم ألقى

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

 فغلظوا عليهما فأخذوهما وحبسوهما في بيت الأصنام، فبعث الله الثالث - وذكر القصّة بطولها - وفيها: إنّ الثالث أظهر دين الملك أوّلاً ثمّ أمر بإحضارهما للمناظرة فطلب منهما أن يدعوا لأعمى ومقعد بالشفاء، ففعلا مرّة بعد اُخرى فأجاب الله دعاءهما، فقال: أيّها الملك قد أتيا بحجّتين ولكن بقي شيء واحد فإن فعلاه دخلت معهما في دينهما.

ثمّ قال: أيّها الملك بلغني أنّه كان للملك ولد واحد ومات فإن أحياه إلهـهما دخلت معهما في دينهما، فقال الملك: وأنا أيضاً معك، ثمّ قال لهما: قد بقيت هذه الخصلة الواحدة، قد مات ابن للملك فادعوا إلهكما فيحييه، قال: فخرّا ساجدَين فأطالا السجود ثمّ رفعا رأسهما وقالا: ابعث إلى قبر ابنك تجده قد قام من قبره إن شاء الله.

قال: فخرج الناس فوجدوه قد خرج من قبره ينفض رأسه من التراب، فأتى به الملك فعرف أنّه إبنه، فقال له: ما حالك(١) يا بني؟ قال: كنت ميّتاً فرأيت رجلين بين يدي ربّي الساعة(٢) ساجدَين يسألانه أن يحييني فأحياني، فقال: يا بني تعرفهما إذا رأيتهما؟ قال: نعم، فأخرج الناس جملة إلى الصحراء، فكان ينظر إلى رجل رجل حتّى مرّ بالأوّل بعد(٣) جمع كثير، فقال: هذا أحدهما، ثمّ مرّ أيضاً بقوم كثيرين حتّى رأى الآخر، فقال: وهذا الآخر، فآمن الملك وأهل مملكته »(٤) .

السادس والثلاثون : ما رواه علي بن إبراهيم أيضاً في «تفسيره » قال: حدّثني أبي، عن ابن فضّال، عن عبدالله بن بحر(٥) ، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن

____________

١ - في « ح »: ما جاء لك. بدل من: ما حالك.

٢ - (الساعة) لم ترد في « ح ».

٣ - في « ح »: مع.

٤ - تفسير القمّي ٢: ٢١٢ - ٢١٤.

٥ - في « ك، ش، ح، ط » والمطبوع: عبد الرحمن بن أبي نجران، وما أثبتناه من المصدر وعنه

١٦١

أبي عبداللهعليه‌السلام قال: سألته عن بلية أيّوب - وذكر الحديث - إلى أن قال أبو عبداللهعليه‌السلام في قوله تعالى( وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لاَُولِي الألْبَابِ ) (١) قال: « فردّ الله عليه أهله الذين ماتوا قبل البلاء، وردّ عليه أهله الذين ماتوا بعدما أصابهم البلاء كلّهم، أحياهم الله تعالى فعاشوا معه »(٢) .

السابع والثلاثون : ما رواه الشهيد الثاني الشيخ زين الدينقدس‌سره في كتاب «مسكّن الفؤاد عند فقد الأحبّة والأولاد » نقلاً من كتاب «العيون والمحاسن »(٣) للشيخ المفيد: عن معاوية بن مرّة، قال: كان أبو طلحة يحبّ ابنه حبّاً شديداً، فتوفّي الولد ثمّ ذكر أنّ امرأته صبرت صبراً عظيماً، وأنّ أباه أيضاً صبر وأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما علم بذلك قال: « الحمد لله الذي جعل في اُمّتي مثل صابرة بني إسرائيل » فقيل: يا رسول الله ما كان من صبرها(٤) ؟ فقال: « كان في بني إسرائيل امرأة لها زوج ولها منه غلامان، فأمرها بطعام ليدعو الناس عليه(٥) ، ففعل واجتمع الناس في دارها، فانطلق الغلامان يلعبان فوقعا في بئر كان في الدار فماتا، فكرهت أن تنغّص على زوجها الضيافة، فأدخلتهما البيت وسجّتهما بثوب.

فلمّا فرغوا دخل زوجها(٦) ، فقال: أين ابناي؟ فقالت: هما في البيت، وأنّها كانت تمسّحت بشيء من الطيب، وتعرّضت للرجل حتّى وقع عليها، ثمّ قال: أين

____________

في البحار ١٢: ٣٤١/٣ وتفسير البرهان ٤: ٦٦٠/١، وكذلك ذكر السيد الخوئي الرواية بهذا السند في معجمه ١١: ١٢٤.

١ - سورة ص ٣٨: ٤٣.

٢ - تفسير القمّي ٢: ٣٣٩ - ٢٤٢.

٣ - في مسكّن الفؤاد: عيون المجالس.

٤ - في « ك »: خبرها.

٥ - في « ح »: إليه.

٦ - في « ط »: فلمّا فرغ زوجها.

١٦٢

ابناي؟ قالت: هما في البيت فناداهما فخرجا يسعيان، فقالت المرأة: سبحان الله قد والله كانا ميّتين ولكنّ الله تعالى أحياهما ثواباً لصبري »(١) .

الثامن والثلاثون : ما رواه رئيس المحدِّثين أبو جعفر ابن بابويه في «اعتقاداته » - في باب الإعتقاد في الرجعة - مرسلاً في قوله تعالى( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلوفٌ ) (٢) قال: « هؤلاء كانوا سبعين ألف بيت وكان فيهم الطاعون كلّ سنة - إلى أن قال -: فأجمعوا على أن يخرجوا جميعاً من ديارهم إذا كان وقت الطاعون، فخرجوا بأجمعهم فنزلوا على شطّ بحر.

فلمّا وضعوا رحالهم ناداهم الله موتوا فماتوا جميعاً، فكنستهم المارّة عن الطريق، فبقوا بذلك ما شاء الله، فمرّ بهم نبيّ من أنبياء بني إسرائيل يقال له: ارميا، فقال: لو شئت يا ربّ لأحييتهم فيعمّروا بلادك ويلدوا عبادك، ويعبدونك مع من يعبدك، فأوحى الله إليه أتحبّ أن اُحييهم لك؟ قال: نعم، فأحياهم الله وبعثهم معه فهؤلاء ماتوا ورجعوا(٣) إلى الدنيا ثمّ ماتوا(٤) بآجالهم »(٥) .

التاسع والثلاثون : ما رواه ابن بابويه أيضاً في « اعتقاداته » مرسلاً في قوله تعالى( أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَة وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِيْ هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللهُ مِاْئَةَ عَام ثُمَّ بَعَثَهُ ) (٦) قال: فهذا مات مائة عام، ثمّ رجع إلى

__________________

١ - مسكّن الفؤاد: ٦٩.

٢ - سورة البقرة ٢: ٢٤٣.

٣ - في « ح »: ثمّ بُعثوا.

٤ - في « ح »: فماتوا. بدل من: ثمّ ماتوا.

٥ - اعتقادات الصدوق: ٦٠ (ضمن مصنّفات المفيد ج ٥).

٦ - سورة البقرة ٢: ٢٥٩.

١٦٣

الدنيا ثمّ مات(١) بأجله، وهو عزيرعليه‌السلام (٢) . وروي أنّه: ارمياعليه‌السلام (٣) .

الأربعون: ما رواه ابن بابويه أيضاً في «اعتقاداته » مرسلاً في قصّة المختارين من قوم موسى لميقات ربّه وقوله تعالى( ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ ) (٤) قال: إنّهم لما سمعوا كلام الله قالوا: لا نصدّق به حتّى نرى الله جهرةً فأخذتهم الصاعقة فماتوا، فقال موسى: يا ربّ ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم؟ فأحياهم الله عزّوجلّ ثمّ رجعوا إلى الدنيا فأكلوا وشربوا ونكحوا النساء، وولدت لهم الأولاد، وبقوا فيها ثمّ ماتوا بآجالهم(٥) .

الحادي والأربعون: ما رواه ابن بابويه أيضاً في «اعتقاداته » مرسلاً: أنّ عيسىعليه‌السلام كان يحيي(٦) الموتى بإذن الله، وأنّ جميع الموتى الذين أحياهم عيسىعليه‌السلام بإذن الله رجعوا إلى الدنيا، وبقوا فيها ثمّ ماتوا بآجالهم(٧) .

الثاني والأربعون: ما رواه ابن بابويه أيضاً في «اعتقاداته » مرسلاً: أنّ أصحاب الكهف لبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً، ثمّ بعثهم الله فرجعوا إلى الدنيا ليتساءلوا بينهم وقصّتهم معروفة.

قال ابن بابويه: فإن قال قائل: قد قال الله( وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ ) (٨)

__________________

١ - في « ح »: فمات. بدل من: ثمّ مات.

٢ - اعتقادات الصدوق: ٦١ (ضمن مصنّفات المفيد ج ٥).

٣ - تفسير القمّي ١: ٨٦.

٤ - سورة البقرة ٢: ٥٦.

٥ - اعتقادات الصدوق: ٦١ (ضمن مصنّفات المفيد ج ٥).

٦ - في « ح، ط »: يُخرج.

٧ - اعتقادات الصدوق: ٦١ - ٦٢ (ضمن مصنّفات المفيد ج ٥).

٨ - سورة الكهف ١٨: ١٨.

١٦٤

قيل له: إنّهم كانوا موتى، وقد قال الله عزّوجلّ( مَنْ بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ ) (١) وإن قالوا ذلك فإنّهم كانوا موتى ومثل هذا كثير(٢) « انتهى ».

الثالث والأربعون : ما رواه الشيخ تقي الدين إبراهيم بن علي العاملي الكفعمي في «مصباحه » - في الفصل الثلاثين في أدعية الأنبياءعليهم‌السلام دعاء آصفعليه‌السلام -: روي أنـّه أتى بعرش بلقيس بهذا الدعاء وإنّ به كان عيسىعليه‌السلام يحيي الموتى، وهو: « اللهمّ إنّي أسألك بأنّك لا إله إلا أنت »(٣) وذكر دعاءً قصيراً.

الرابع والأربعون: ما رواه الشيخ الجليل أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في كتاب «الاحتجاج على أهل اللجاج » - في احتجاج الصادقعليه‌السلام على الزنديق الذي سأله عن مسائل كثيرة - في حديث طويل يقول فيه الزنديق: فلو أنّ الله ردّ إلينا من الأموات في كلّ مائة عام لنسأله عمّن مضى منّا إلى ما صاروا وكيف حالهم؟

فقال أبو عبداللهعليه‌السلام : « هذه مقالة من أنكر الرسل وكذّبهم، إنّ الله أخبر في كتابه على لسان الأنبياء حال من مات منّا، أفيكون أحد أصدق من الله ورسله؟ وقد رجع إلى الدنيا ممّن مات خلق كثير، منهم أصحاب الكهف أماتهم الله ثلاثمائة عام وتسعة، ثمّ بعثهم في زمان قوم أنكروا البعث ليقطع حجّتهم، وأمات الله ارميا النبيعليه‌السلام الذي نظر إلى خراب بيت المقدس فقال:( أَنَّى يُحْيِيْ هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللهُ مِاْئَةَ عَام ) (٤) ثمّ أحياه وبعثه »(٥) الحديث.

____________

١ - سورة يس ٣٦: ٥٢.

٢ - اعتقادات الصدوق: ٦٢ (ضمن مصنّفات المفيد ج ٥).

٣ - مصباح الكفعمي ١: ٥٥٤.

٤ - سورة البقرة ٢: ٢٥٩.

٥ - الاحتجاج ٢: ٢٣٠.

١٦٥

الخامس والأربعون : ما رواه الطبرسي أيضاً في «الاحتجاج » - في احتجاج الصادقعليه‌السلام على بعض أعداء الدين - في حديث طويل(١) قال: « إنّ الله أمات قوماً خرجوا عن أوطانهم، هاربين من الطاعون لا يحصى عددهم فأماتهم الله دهراً طويلاً حتّى بليت عظامهم، وتقطّعت أوصالهم وصاروا تراباً، فبعث الله - في وقت أحبّ أن يُري عباده قدرته - نبيّاً يقال له: حزقيل، فدعاهم فاجتمعت أبدانهم ورجعت فيها أرواحهم وقاموا كهيئة يوم ماتوا لا يفتقدون من أعدادهم رجلاً، فعاشوا بذلك دهراً طويلاً »(٢) .

السادس والأربعون: ما رواه الطبرسي أيضاً في احتجاج الصادقعليه‌السلام في حديث طويل قال: « وإنّ الله تعالى أمات قوماً خرجوا مع موسى حين توجّه إلى الله فقالوا:( أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً ) (٣) فأماتهم الله ثمّ أحياهم »(٤) الحديث.

السابع والأربعون: ما رواه الشيخ الجليل قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي في كتاب «الخرائج والجرائح » - في أعلام فاطمةعليها‌السلام -: عن المفضّل بن عمر، عن الصادقعليه‌السلام (٥) قال: « لما تزوّج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خديجة هجرتها نساء قريش وقلن: تزوّجت يتيم آل أبي طالب فقيراً لا مال له، فلمّا حضرت ولادة فاطمةعليها‌السلام بعثت إليهنّ وطلبتهنّ فلم تأت منهنّ واحدة.

فاغتمّت خديجة، فبينا هي كذلك إذ دخلت عليها أربع نسوة طوال كأنّهنّ من نساء بني هاشم، ففزعت منهنّ، فقالت إحداهنّ: لا تحزني يا خديجة فإنّا رسل

____________

١ - (طويل) أثبتناه من « ح، ش، ك ».

٢ - الاحتجاج ٢: ٢٣١.

٣ - سورة النساء ٤: ١٥٣.

٤ - الاحتجاج ٢: ٢٣١.

٥ - في « ح » زيادة: في حديث طويل.

١٦٦

ربّك إليك(١) ونحن أخواتك، أنا سارة وهذه آسية بنت مزاحم وهي رفيقتك في الجنّة، وهذه مريم بنت عمران، وهذه اُمّ البشر اُمّنا حوّاء، بعثنا الله إليك لنلي منك ما تلي النساء من النساء، فجلست واحدة عن يمينها، واُخرى عن شمالها، والثالثة بين يديها، والرابعة من خلفها، فوضعت فاطمةعليها‌السلام »(٢) الحديث.

الثامن والأربعون : ما رواه رئيس المحدّثين أبو جعفر ابن بابويه في كتاب «الأمالي » - في المجلس السابع والثمانين -: عن أبي عبدالله أحمد بن محمّد الخليلي، عن محمّد بن أبي بكر الفقيه، عن أحمد بن محمّد النوفلي، عن إسحاق بن يزيد، عن حمّاد بن عيسى، عن زرعة بن محمّد الحضرمي، عن المفضّل بن عمر، قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : كيف كانت ولادة فاطمةعليها‌السلام ؟ فذكر الحديث بطوله، وفيه دخول النساء الأربع من الاُمم السالفة على خديجةعليها‌السلام كما رواه الراوندي، إلا أنّه لم يذكر حوّاء اُمّ البشر وإنّما ذكر مكانها كلثم اُخت موسى بن عمرانعليه‌السلام (٣) .

التاسع والأربعون : ما رواه الراوندي في كتاب «الموازاة بين المعجزات » - الذي ألحقه وأضافه إلى كتاب «الخرائج والجرائح » - قال: قال الصادقعليه‌السلام : « إنّ الله تعالى ردّ على أيّوب أهله وولده الذين هلكوا بأعيانهم، وأعطاه مثلهم معه، وكذلك ردّ الله عليه ماله ومواشيه بأعيانها وأعطاه مثلها »(٤) .

الخمسون : ما رواه الراوندي في كتاب « الموازاة » أيضاً عن الصادقعليه‌السلام قال: « إنّ عزيراً أماته الله مائة عام، ثمّ بعثه وأحياه وكان معه اللبن لم يتغيّر، قال: ولما

__________________

١ - (إليكِ) لم ترد في « ط ».

٢ - الخرائج والجرائح ٢: ٥٢٤/١.

٣ - أمالي الصدوق: ٦٩٠/٩٤٧.

٤ - الخرائج والجرائح ٢: ٩٣٣.

١٦٧

مرّ عزير على قرية وهي خاوية على عروشها خراب أهلها كلّهم موتى، فعلم أنّهم ماتوا بسخط الله، فدعا ربّه فقال تعالى: رشّ عليهم الماء ففعل فأحياهم الله وهم اُلوف، وبعثه إليهم رسولاً وعاش سنين »(١) .

الحادي والخمسون : ما رواه الراوندي أيضاً في كتاب «الموازاة » رفعه قال: « إنّ عيسىعليه‌السلام بعث رجلاً إلى الروم لا يداوي رجلاً إلا أبرأه، ثمّ بعث آخر وعلّمه الذي يُحيي به الموتى، فدعا الروم فاُدخل على الملك، فقال: أنا اُحيي الموتى، وكان للملك ولد قد مات، فركب الملك والناس معه إلى قبر ابنه، فدعا رسول عيسىعليه‌السلام وأمّن طبيب الملك الذي هو رسول المسيح أوّلاً.

فانشقّ القبر وخرج ابن الملك ثمّ جاء يمشي حتّى جلس في حجر أبيه، فقال: يا بنيّ مَنْ أحياك؟ فنظر إلى الرسولين(٢) فقال: هذا وهذا، فقاما وقالا: أيّها الملك إنّا رسولا المسيح، فآمن الملك وأهل بيته في الحال »(٣) .

الثاني والخمسون: ما رواه رئيس الطائفة أبو جعفر الطوسي في أوائل كتاب «الغيبة » مرسلاً قال: « وإنّ أصحاب الكهف قد أخبر الله عنهم أنّهم بقوا في كهفهم ثلاثمائة سنة وازدادوا تسعاً، ثمّ أحياهم الله تعالى فعادوا إلى الدنيا ورجعوا إلى قومهم.

وقد كان من أمر صاحب الحمار(٤) الذي نزل بقصّته القرآن، وأهل الكتاب

____________

١ - الخرائج والجرائح ٢: ٩٣٣.

٢ - في الخرائج: رسولي المسيح.

٣ - الخرائج والجرائح ٢: ٩٤٨ باختلاف يسير.

٤ - وهو الذي أخبر عنه الله عزّوجلّ في سورة البقرة آية ٢٥٩( أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَة وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِيْ هذِهِ الله بَعْدَ مَوْتِهَا ) إلى آخر الآية.

١٦٨

يرون(١) أنّه كان نبيّاً فأماته الله مائة عام ثمّ بعثه »(٢) .

الثالث والخمسون : ما رواه الحسن بن سليمان بن خالد القمّي في «رسالته » نقلاً من كتاب «مختصر البصائر » لسعد بن عبدالله: عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن الحسين بن علوان، عن محمّد بن داود العبدي، عن الأصبغ بن نباتة، أنّ عبدالله بن الكوّا قام إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام : فقال: إنّ أبا المعمّر يزعم أنّك حدّثته أنّك سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إنّا قد رأينا وسمعنا برجل أكبر سنّاً من أبيه.

فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « إنّ عزيراً خرج من أهله وامرأته في شهرها وله يومئذ خمسون سنة، فابتلاه الله وأماته مائة عام، ثمّ بعثه ورجع إلى أهله واستقبله ابنه وهو ابن خمسين ومائة(٣) سنة، وردّ الله عزيراً إلى الذي كان به، وإنّ الله ابتلى قوماً بذنوبهم فأماتهم قبل آجالهم، ثمّ ردّهم إلى الدنيا ليستوفوا أرزاقهم، ثمّ أماتهم بعد ذلك.

إنّ الله قال في كتابه:( وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقَاتِنَا ) (٤) فانطلق بهم فقالوا:( لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهُ جَهْرَةً ) (٥) قال الله عزّوجلّ:( فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ - يعني الموت -وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ * ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى ) (٦) فهذا بعد الموت إذ بعثهم، وأيضاً مثلهم الملأ الذين خرجوا من ديارهم وهم اُلوف حذر

____________

١ - في « ح، ط، ش، ك »: يروون. وفي المصدر: يزعمون.

٢ - الغيبة للطوسي: ١١١.

٣ - في المطبوع و « ط »: مائة، وما في المتن أثبتناه من « ح، ش » وهو الموافق للمصدر. وفي « ك »: أربعين ومائة.

٤ - سورة الأعراف ٧: ١٥٥.

٥ و ٦ - سورة البقرة ٢: ٥٥ - ٥٧.

١٦٩

الموت، فقال لهم الله موتوا ثمّ أحياهم، ومثلهم عزيراً أماته الله مائة عام ثمّ بعثه، يا ابن الكوّا فلا تشكّنّ في قدرة الله عزّوجلّ »(١) .

الرابع والخمسون : ما رواه أيضاً نقلاً من «مختصر البصائر » لسعد بن عبدالله: عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن أبي خالد القمّاط، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قلت له: هل كان في بني إسرائيل شيء لا يكون هاهنا مثله؟ فقال: « لا » فقلت: قوله تعالى( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوْا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ) (٢) هل أحياهم الله تعالى حتّى نظر الناس إليهم ثمّ أماتهم من يومهم أو ردّهم إلى الدنيا؟ قال: « بل ردّهم إلى الدنيا حتّى سكنوا الدور، وأكلوا الطعام ونكحوا النساء، ولبثوا بذلك ما شاء الله ثمّ ماتوا بالآجال »(٣) .

الخامس والخمسون: ما رواه ابن بابويه في كتاب «الأمالي » - في المجلس السابع والثلاثين -: عن علي بن الحسين بن شاذويه، عن محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن عكرمة، عن ابن عبّاس، قال: لما مضى لعيسىعليه‌السلام ثلاثون سنة، بعثه الله عزّوجلّ إلى بني إسرائيل، فلقيه إبليس على عقبة بيت المقدس - وهي عقبة أفيق(٤) ثمّ ذكر ما جرى بينهما من المكالمات إلى أن

____________

١ - مختصر البصائر: ١٠٢/٧٤، باب الكرّات وحالاتها وما جاء فيها.

٢ - سورة البقرة ٢: ٢٤٣.

٣ - مختصر البصائر: ١٠٥/٧٦، باب الكرّات وحالاتها، وأورده العيّاشي في تفسيره ١: ١٣٠/٤٣٣.

٤ - عقبة أفيق: العقبة: بالتحريك هو جبل طويل يعرض للطريق فيأخذ فيه، وهو صعب إلى

١٧٠

قال -: فقال إبليس: أنت الذي بلغ من عظم ربوبيتك أنّك تخلق من الطين كهيئة الطير، فتنفخ فيه فيصير طيراً؟

فقال عيسىعليه‌السلام : « بل العظمة للذي خلقني وخلق ما سخّر لي » قال إبليس: فأنت الذي بلغ من عظم ربوبيّتك أنّك تحيي الموتى؟ قال عيسى: « بل العظمة للذي(١) بإذنه اُحييهم ولابدّ من أن يميت ما أحييت ويميتني »(٢) الحديث.

السادس والخمسون : ما رواه علي بن إبراهيم بن هاشم في «تفسيره » عند قوله تعالى( أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَة ) (٣) الآية قال: حدّثني أبي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: « لما عملت بنو إسرائيل بالمعاصي - وذكر الحديث بطوله - وأنّ الله سلّط عليهم بخت نصّر فقتلهم - إلى أن قال -: فخرج ارميا فنظر إلى سباع البرّ وسباع الطير تأكل من تلك الجيف، ففكّر في نفسه وقال: أنّى يُحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثمّ بعثه أي أحياه، لما رحم الله بني إسرائيل وأهلك بخت نصّر، ردّ بني إسرائيل إلى الدنيا »(٤) الحديث(٥) .

أقول: هذا الحديث مع قوّة سنده جدّاً يدلّ على أنّ الله أحيا بني إسرائيل بعد القتل وأحيا نبيّهم بعد الموت وردّه إليهم، فرجع ورجعوا إلى الدنيا وبقوا مدّة

____________

صعود الجبل.

وأفيق: قرية من حوران في طريق الغور في أوّل العقبة.

معجم البلدان ٤: ١٥١، عقبة و ١: ٢٧٦ - أفيق.

١ - من قوله: (خلقني وخلق) إلى هنا لم يرد في « ح ».

٢ - أمالي الصدوق: ٢٧٢/١، المجلس السابع والثلاثون.

٣ - سورة البقرة ٢: ٢٥٩.

٤ - تفسير القمّي ١: ٨٦ - ٩٠.

٥ - (الحديث) أثبتناه من « ح، ش، ك ».

١٧١

طويلة.

السابع والخمسون : ما رواه الراوندي في الباب السابع من كتاب «الخرائج والجرائح »: عن يونس بن ظبيان، قال: قلت للصادقعليه‌السلام : قوله عزّوجلّ لابراهيم( فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ ) (١) الآية، قال: « نعم قد كان ذلك، فتحبّون أن اُريكم مثله »(٢) الحديث.

الثامن والخمسون : ما رواه الحسن بن سليمان بن خالد القمّي في « رسالته » نقلاً من كتاب «مختصر البصائر » لسعد بن عبدالله: عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن وهيب بن حفص(٣) ، عن أبي بصير، قال: دخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام فقلت: إنّا نتحدّث أنّ عمر بن ذر(٤) [ لا يموت حتّى يقاتل قائم آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقالعليه‌السلام : « إنّ مثل عمر بن ذر مثل ](٥) رجل كان(٦) في بني إسرائيل يقال له: عبد ربّه، وكان يدعو أصحابه إلى ضلالة فمات، فكانوا يلوذون بقبره ويتحدّثون عنده، إذ خرج عليهم من قبره ينفض التراب عن رأسه ويقول لهم: كيت وكيت »(٧) .

التاسع والخمسون (٨) : ما رواه الثقة الجليل سعيد بن هبة الله الراوندي في كتاب «قصص الأنبياء »: بإسناده عن ابن بابويه، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن

____________

١ - سورة البقرة ٢: ٢٦٠.

٢ - الخرائج والجرائح ١: ٢٩٧/٤.

٣ - في المطبوع و « ط، ك »: وهب بن حفص.

٤ - في « ح، ش، ط، ك »: عمر بن زميل.

٥ - ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر لضرورته في سياق الحديث.

٦ - في « ح »: كان رجل.

٧ - مختصر البصائر: ٩٨/٦٨، باب الكرّات وحالاتها.

٨ - هذا الحديث والذي بعده سقط من نسخة « ك ».

١٧٢

أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد البرقي، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن أبي بكر، عن زرارة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام : « إنّ داود كان يدعو الله أن يعلّمه القضاء بما هو الحقّ عنده، فأوحى الله إليه: إنّ الناس لا يحتملون ذلك وإنّي سأفعل ».

وأتاه رجلان استعدى أحدهما على الآخر فأمر المستعدى عليه أن يقوم إلى المستعدي فيضرب عنقه - إلى أن قال -: فأوحى الله إليه: إنّ هذا المستعدي قتل أبا هذا المستعدى عليه، فأمرت فضربت عنقه قوداً بأبيه، وهو مدفون في حائط كذا وكذا تحت صخرة كذا(١) ، فأته فناده باسمه فإنّه سيجيبك فسأله(٢) ، فخرج إليه داود فناداه يا فلان فقام، فقال: لبّيك يا نبيّ الله، فقال: مَنْ قتلك؟ فقال: فلان، فقالت بنو إسرائيل: سمعناه يقول »(٣) الحديث.

الستّون : ما رواه أيضاً فيه: عن ابن بابويه، عن محمّد بن إبراهيم الطالقاني، عن أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن محمّد الحلبي، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « إنّ عيسى بن مريمعليه‌السلام بعث رسولا إلى(٤) الروم وعلّمه ما به يُحيي الموتى فأخبروا الملك، وكان ابنه مات، فركب الملك والناس إلى قبر ابن الملك، فدعا رسول المسيح وأمّن طبيب الملك - الذي هو رسوله أيضاً - فانشقّ القبر فخرج ابن الملك، ثمّ جاء يمشي حتّى جلس في حجر أبيه، فقال: يا بُني من أحياك؟ فنظر فقال: هذا وهذا »(٥) الحديث.

____________

١ - في « ح »: كذا وكذا.

٢ - في « ح »: فسله. وفي المصدر: فسله، قال:

٣ - قصص الأنبياء: ٢٠٠/٢٥٦.

٤ - في المطبوع: إلى رسول. وما في المتن أثبتناه من « ح، ش، ط، ك ».

٥ - قصص الأنبياء: ٢٦٧/٣٠٩، وإلى هنا ينتهي ما سقط من « ك ».

١٧٣

أقول : وقد تقدّم ما يدلّ على مضمون هذا الباب، ويأتي ما يدلّ عليه في الباب الذي بعده وغيره.

ولا يخفى أنّ مضمون البابين واحد لكنّي جعلت الأحاديث قسمين ; لأنّ منكر الرجعة قد رجع إلى الإقرار برجعة الشيعة وغيرهم من الرعية، وتوقّف في الإقرار برجعة الأنبياء والأئمّةعليهم‌السلام ، فأردت(١) أن يكون القسم الثاني مجموعاً في باب مفرد، وإلا فالقسمان دالاّن على مضمون واحد، وقد تجاوزا حدّ التواتر المعنوي، مع أنّي لم أنقل جميع ما ورد في ذلك، ومع ضميمة أحاديث الباب الرابع يتمّ الاستدلال على الرجعة، مع قطع النظر عن أحاديث الإخبار بالرجعة الصريحة بالكلّية، فكيف إذا انضمّ الجميع بعضه إلى بعض والله الموفّق.

__________________

١ - في « ط »: فأوقف.

١٧٤

الباب السادس

في إثبات أنّ الرجعة قد وقعت في الأنبياء والأوصياء

السابقينعليهم‌السلام

والأحاديث في ذلك أيضاً كثيرة وأنا أقتصر منها على أخبار:

الأوّل : ما رواه ثقة الإسلام أبو جعفر الكليني - في باب النوادر من كتاب الجنائز -: عن علي بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن علي بن الحكم، عن ربيع بن محمّد، عن عبدالله بن سليم العامري، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « إنّ عيسىعليه‌السلام جاء إلى قبر يحيى بن زكرياعليهما‌السلام - وكان سأل ربّه أن يحييه له - فدعاه فأجابه وخرج إليه من القبر، فقال له: ما تريد منّي؟ قال: أريد أن تؤنسني كما كنت في الدنيا، فقال له: يا عيسى ما سكنت عنّي حرارة الموت وأنت تريد أن تعيدني إلى الدنيا وتعود عليَّ حرارة الموت، فتركه فعاد إلى قبره »(١) .

الثاني : ما رواه الكليني في « أوائل الروضة »: عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي وأبي منصور، عن الربيع، عن أبي جعفرعليه‌السلام أنّ نافعاً(٢) قال له: إنّي قرأت التوراة

____________

١ - الكافي ٣: ٢٦٠/٣٧.

٢ - هو مولى عمر بن الخطّاب.

١٧٥

والإنجيل والزبور والقرآن وقد جئت أسألك عن مسألة لا يجيب فيها إلا نبيّ أو وصيّ نبيّ، قال: سلْ عمّا بدا لك، قال: أخبرني كم بين عيسى ومحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قال: « اُخبرك بقولي أو بقولك؟ » قال: أخبرني بالقولين جميعاً.

قال: « أمّا في قولي: فخمسمائة سنة، وأمّا في قولك: فستّمائة سنة » قال: فأخبرني عن قول الله عزّوجلّ:( وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُسُلِنَا ) (١) من الذي سأل(٢) محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قال: « فتلا أبو جعفرعليه‌السلام (٣) هذه الآية( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ) (٤) فكان من الآيات التي رآها حين اُسري به إلى بيت المقدس أن حشر الله عزّ ذكره الأوّلين والآخرين من النبيّين والمرسلين.

ثمّ نزل جبرئيل فأذّن شفعاً وأقام شفعاً، وقال في أذانه: حيّ على خير العمل، ثمّ تقدّم محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فصلّى بالقوم، ثمّ قال(٥) عزّوجلّ: يا محمّد واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا » ثمّ ذكر ما وقع بينه وبينهم من السؤال والجواب، فقال نافع: صدقت يا أبا جعفر(٦) .

الثالث : ما رواه الكليني أيضاً في « الروضة » - في حديث عنوانه حديث نصراني الشام مع الباقرعليه‌السلام -: عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن إسماعيل بن أبان، عن عمرو بن عبدالله الثقفي - وذكر حديث إخراج

____________

١ - سورة الزخرف ٤٣: ٤٥.

٢ - في « ط »: سأله.

٣ - في « ط، ك »: ابو عبد اللهعليه‌السلام .

٤ - سورة الاسراء ١٧: ١.

٥ - في « ك »: ثمّ ذكر.

٦ - الكافي ٨: ١٢٠/٩٣.

١٧٦

هشام بن عبد الملك أبا جعفر الباقرعليه‌السلام من المدينة إلى الشام، وما وقع بينه وبين عالم النصارى من السؤال والامتحان - إلى أن قال النصراني: يا معشر النصارى والله لأسألنّه عن مسألة يرتطم فيها كما يرتطم الحمار في الوحل، فقال له: « سَلْ ».

فقال: أخبرني عن رجل دنا من امرأته فحملت باثنين، حملت بهما جميعاً في ساعة واحدة، وولدتهما في ساعة واحدة، وماتا في ساعة واحدة، ودفنا في ساعة واحدة، وعاش أحدهما خمسين ومائة سنة، وعاش الآخر خمسين سنة.

فقال أبو جعفرعليه‌السلام : « هما عزير وعزرة، حملت اُمّهما بهما على ما وصفت، ووضعتهما على ما وصفت، وعاش عزير وعزرة كذا وكذا سنة، ثمّ أمات الله عزيراً مائة سنة، ثمّ بعثه فعاش مع أخيه عزرة هذه الخمسين سنة وماتا كلاهما في ساعة واحدة » فقال النصراني: ما رأيت بعيني قطّ أعلم من هذا الرجل. الحديث(١) .

ورواه الراوندي في كتاب «الخرائج والجرائح » بلفظ آخر، وصرّح هناك بأنّ الله أكرم عزيراً بالنبوّة عشرين سنة، ثمّ أماته مائة سنة ثمّ أحياه فعاش ثلاثين سنة(٢) .

الرابع : ما رواه الكليني أيضاً في «الروضة »: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه وأحمد بن محمّد الكوفي، عن علي بن عمرو(٣) بن أيمن جميعاً، عن محسن بن أحمد بن معاذ، عن أبان بن عثمان، عن بشير النبّال، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جالساً إذ جاءته امرأة فرحّب بها وأخذ بيدها وأقعدها،

____________

١ - الكافي ٨: ١٢٢/٩٤.

٢ - الخرائج والجرائح ١: ٢٩١/٢٥.

٣ - في « ح »: عمر.

١٧٧

وقال: ابنة نبيّ ضيّعه قومه - خالد بن سنان(١) - دعاهم فأبوا أن يؤمنوا - إلى أن قال -: ثمّ قال لهم: تؤمنون بي؟ قالوا: لا.

قال: فإنّي ميّت يوم كذا وكذا، فإذا أنا متّ فادفنوني فإنّه ستجيء عانة(٢) من حُمُر يقدمها عير أبتر، حتّى يقف على قبري، فانبشوني وسلوني عمّا شئتم، فلمّا مات دفنوه وكان ذلك اليوم، إذ جاءت العانة فاجتمعوا وجاءُوا يريدون نبشه، فقالوا: ما آمنتم به في حياته فكيف تؤمنون به بعد موته؟ فاتركوه فتركوه »(٣) .

ورواه الراوندي في كتاب «الخرائج والجرائح » وفي «قصص الأنبياء »(٤) نحوه(٥) .

__________________

١ - خالد بن سنان: قال الكلبي في الأنساب ص ٤٤٩: هو ابن غيث بن مريطة بن مخزوم الذي أطفأ نار الحدثان، الذي يقال: « إنّه كان نبي ضيّعه قومه ».

وقال الجاحظ: وأمّا نار الحرّتين هي نار خالد بن سنان الذي أطفأ الله به نار الحرتين، وكانت ببلاد بني عبس، فإذا كان الليل فهي نار تسطع في السماء. حياة الحيوان ٤: ٤٧٦.

وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج ٧: ١١٥:

وأمّا خالد بن سنان فلم يقرأ كتاباً، ولا يدّعي شريعة، وإنّما كانت نبوّته مشابهة لنبوّة جماعة من أنبياء بني إسرائيل الذين لم يكن لهم كتب ولا شرائع، وإنّما ينهون عن الشرك، ويأمرون بالتوحيد.

وانظر المصادر التي ذكرت قصّته:

تاريخ المدينة لابن شبّة ٢: ٤٢٠ - ٤٣٣، مستدرك الحاكم ٢: ٥٩٨ - ٦٠٠، الإصابة ٤: ٤٠٧، ترجمة محياة بنت خالد بن سنان العبسي، بحار الأنوار ١٤: ٤٤٨، باب ٣٠، وقال في آخره: بيان: الأخبار الدالّة على نبوّته أقوى وأكثر، الكامل في التاريخ لابن الأثير ١: ٣٧٦، الاشتقاق لابن دريد: ٢٧٨.

٢ - العانة: القطيع من حُمُر الوحش. الصحاح ٦: ٢١٦٩ - عون.

٣ - الكافي ٨: ٣٤٢/٥٤٠.

٤ - (وفي قصص الأنبياء) لم يرد في « ك ».

٥ - الخرائج والجرائح ٢: ٩٥٠ - ٩٥٢، قصص الأنبياء: ٢٧٦/٣٣٤.

١٧٨

أقول: لا ريب أنّهم لو نبشوه لعاش ورجع حيّاً كما أخبرهمعليه‌السلام ، بل لعلّه عاش في ذلك الوقت ولو نبشوه لوجدوه حيّاً.

الخامس : ما رواه الكليني في - كتاب العشرة، في باب حدّ الجوار -: عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن اسباط، عن عمّه يعقوب بن سالم، عن إسحاق بن عمّار، عن الكاهلي، قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: « إنّ يعقوب لما ذهب منه يوسف وبنيامين نادى: يا ربّ أما ترحمني أذهبت ابني؟ فقال الله عزّوجلّ: لو أمتّهما لأحييتهما لك »(١) الحديث.

السادس : ما رواه رئيس المحدِّثين أبو جعفر ابن بابويه في كتاب «من لا يحضره الفقيه » - في باب فرض الصلاة - قال: قال الصادقعليه‌السلام : « إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما اُسري به إلى السماء أمره ربّه بخمسين صلاة، فمرّ على النبيّين نبيّ نبيّ لا يسألونه عن شيء حتّى مرّ على موسى بن عمرانعليه‌السلام ، فقال: بأيّ شيء أمرك ربّك؟ قال: بخمسين صلاة، قال: سَلْ ربّك التخفيف، فإنّ اُمّتك لا تطيق ذلك »(٢) الحديث، وفيه كلام طويل بين موسى ومحمّدعليهما‌السلام .

أقول : قد ظهر من هذا ومن الحديث الثاني أنّ جميع الأنبياء السابقين رجعوا وأحياهم الله تعالى ليلة الإسراء. ويأتي مثل ذلك إن شاء الله تعالى.

السابع: ما رواه ابن بابويه أيضاً في الكتاب(٣) المذكور: بإسناده عن زيدبن علي بن الحسينعليهم‌السلام قال: سألت أبي سيِّد العابدينعليه‌السلام عن جدّنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - لما عرج به إلى السماء وأمره ربّه بخمسين صلاة - كيف لم يسأله

____________

١ - الكافي ٢: ٦٦٦/٤، ولم يرد فيه: يوسفعليه‌السلام .

٢ - من لا يحضره الفقيه ١: ١٢٥/٦٠٢.

٣ - في « ح »: الباب.

١٧٩

التخفيف عن اُمّته حتّى سأله موسى بن عمرانعليهما‌السلام ؟ فقال: « إنّه كان لا يقترح على ربّه ولا يراجعه، فلمّا سأله موسى وصار شفيعاً لاُمّته لم يجز له ردّ شفاعة أخيه موسىعليه‌السلام »(١) الحديث.

ورواه في «العلل » في باب مفرد(٢) .

ورواه في « الأمالي » - في المجلس السبعين -: عن محمّد بن محمّد بن عصام، عن محمّد بن يعقوب، عن علي بن محمّد، عن محمّد بن سليمان(٣) ، عن إسماعيل، عن جعفر بن محمّد التميمي(٤) ، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن عليعليهما‌السلام ، مثله(٥) .

الثامن : ما رواه ابن بابويه في «عيون الأخبار » - في باب ذكر مجلس الرضاعليه‌السلام مع أهل الأديان وأهل المقالات - قال: حدّثنا جعفر بن علي بن أحمد الفقيه(٦) ، عن الحسن بن محمّد بن الحسن بن صدقة، عن محمّد بن عمر بن عبد العزيز، قال: حدّثني من سمع الحسن بن محمّد النوفلي يقول: - وذكر الحديث - يقول فيه الرضاعليه‌السلام : « ثمّ موسى بن عمران وأصحابه الذين كانوا سبعين اختارهم وصاروا معه إلى الجبل، فقالوا: أرنا الله كما رأيته، فقال: إنّي لم أره، فقالوا: لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة فاحترقوا عن آخرهم، وبقي

__________________

١ - من لا يحضره الفقيه ١: ١٢٦/٦٠٣.

٢ - علل الشرائع: ١٣٢/١ - باب ١١٢.

٣ - في « ط »: محمد بن علي بن سليمان.

٤ - في « ك »: اسماعيل بن جعفر بن محمد التميمي.

٥ - أمالي الصدوق: ٥٤٣/٧٢٧.

٦ - في « ش، ك »: علي بن أحمد الفقيه. وما في المتن هو الصحيح، حيث أنّه صاحب كتاب (جامع الأحاديث) وهو القميّ يعدّ من مشايخ الصدوق. انظر معجم رجال الحديث٥: ٥١/٢٢٠٤.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496