مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٨

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل13%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 445

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 445 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 276490 / تحميل: 4792
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ١٨

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

أولياءه نصف الدية(١) ، أو أن يأخذوا نصف الدية من الرجل القاتل، ان بذل لهم ذلك» .

[ ٢٢٧٩٢ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « المرأة ديتها نصف دية الرجل، وهو خمسمائة دينار ».

٦ -( باب أن دية المملوك قيمته، إلا أن تزيد عن دية الحر فتسقط الزيادة، وإن كان المملوك للقاتل، فعليه قيمته يتصدق بها)

[ ٢٢٧٩٣ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده: « أن علياعليهم‌السلام ، قال في حر قتل عبدا: فقال عليعليه‌السلام : إنما هو سلعة تقوم عليه قيمة عدل، ولا وكس ولا شطط، ويعاقب ».

[ ٢٢٧٩٤ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ودية العبد قيمته يعني ثمنه وكذلك دية الأمة، إلا أن يتجاوز ثمنها دية الحر، فان تجاوز ذلك رد إلى دية الحر، ولم يتجاوز بالعبد عشرة آلاف ولا بالأمة خمسة آلاف ».

[ ٢٢٧٩٥ ] ٣ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « وإذا قتل الحر عبدا عمدا، كان عليه غرم ثمنه، ويضرب [ ضربا ](١) شديدا، ولا يتجاوز بثمنه دية الحر، والشهادة على أكثر من دية

__________________

(١) في المصدر: « ديته ».

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٤.

الباب ٦

١ - الجعفريات ص ١٢٣.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٤.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٠٩ ح ١٤٢٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

٣٠١

الحر باطلة» .

٧ -( باب أن المملوك إذا قتل أحدا أو جنى جناية، فللمجني عليه تملكه أو تملك ما قابل الجناية، إلا أن يفتديه مولاه، وليس على المولى شئ بعد دفع المملوك أو قيمته)

[ ٢٢٧٩٦ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا قتل العبد حرا عمدا قتل به، وإن قتله خطأ فإن شاء مولاه أن يسلمه بالجناية(١) أسلمه(٢) ، وإن شاء أن يفديه بقيمة العبد فداه، ويوجع ضربا ».

[ ٢٢٧٩٧ ] ٢ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن ابن بطة وشريك باسنادهما، عن ابن الحر(١) البجلي، قال: إن علياعليه‌السلام رفع إليه مملوك قتل حرا، قال: « يدفع إلى أولياء المقتول » فدفع إليهم فعفوا عنه، فقال له الناس: قتلت رجلا وصرت حرا، فقالعليه‌السلام : « لا، هو رد على مواليه ».

٨ -( باب حكم المدبر إذا أحدا خطأ)

[ ٢٢٧٩٨ ] ١ - الصدوق في المقنع: والمدبر إذا قتل رجلا خطأ، دفع برمته إلى

__________________

الباب ٧

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٠٩ ح ١٤٢٧.

(١) في المخطوط: « بالخيار » وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر زيادة: « وان شاء ان يفديه بالدية فداه، وان قتل عبد عبدا عمدا، فإن شاء مولاه ان يسلمه بالجناية أسلمه إلى مولى العبد ».

٢ - المناقب ج ٢ ص ٣٧٧.

(١) في المصدر: ابن أبجر، وهو الصحيح ظاهرا « راجع تهذيب التهذيب ج ٦ ص ٤٩٥ وتقريب التهذيب ج ٢ ص ٤٩٣ ».

الباب ٨

١ - المقنع ص ١٩١.

٣٠٢

أولياء المقتول، فإذا مات الذي دبره، استسعى في قيمته.

٩ -( باب حكم المكاتب إذا قتل أو قتل خطأ، وإن دية المبعض مبعضة، وحكم ما لو أعتق نصفه)

[ ٢٢٧٩٩ ] ١ - الصدوق في المقنع: وإذا قتل المكاتب رجلا خطأ، فعليه من ديته بقدر ما أدى من مكاتبته، وعلى مولاه ما بقي من قيمة المملوك، فإن عجز المكاتب فلا عاقل له، إنما ذلك على امام المسلمين.

وفيه: وإذا فقأ حر عين مكاتب، أو كسر سنه، فإن كان أدى نصف مكاتبته، فقأ عين الحر، أو أخذ ديته إن كان خطأ، فإنه بمنزلة الحر، وإن كان لم يؤد النصف، قوم فأدى بقدر ما أعتق منه، وان فقأ مكاتب عين مملوك وقد أدى نصف مكاتبته، قوم المملوك وادى المكاتب إلى مولى العبد نصف ثمنه(١) .

وفيه: فان قتل المكاتب رجلا خطأ، فإن كان مولاه حين كاتبه اشترط عليه ان عجز فهو رد إلى الرق، فهو بمنزلة المملوك، يدفع إلى أولياء المقتول إن شاؤوا استرقوا وإن شاؤوا باعوا، وإن كان مولاه حين كاتبه لم يشترط عليه، وقد كان أدى من مكاتبته شيئا، فان علياعليه‌السلام كان يقول: « يعتق من المكاتب بقدر ما أدى من مكاتبته ورقا، وعلى الامام أن يؤدي إلى أولياء المقتول من الدية، بقدر ما أعتق من المكاتب، ولا يبطل دم امرئ مسلم » وأرى أن يكون ما بقي على المكاتب مما لم يؤده إلى أولياء المقتول، يستخدمونه حياته بقدر ما بقي، وليس لهم أن يبيعوه.

[ ٢٢٨٠٠ ] ٢ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال في

__________________

الباب ٩

١ - المقنع ص ١٨٣.

(١) نفس المصدر ص ١٨٩.

٢ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٦٦ ح ١٧٩.

٣٠٣

المكاتب يقتل، قال: « يؤدي بقدر ما أدى دية الحر، وإذا أصاب حدا أو ميراثا، ورث بحساب ما عتق منه ».

١٠ -( باب أن العبد القاتل، إذا أعتقه مولاه، ضمن الدية، وصح العتق)

[ ٢٢٨٠١ ] ١ - الصدوق في المقنع: قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، في عبد قتل حرا خطأ، فلما قتله أعتقه مولاه، فأجاز عتقه، وضمنه الدية.

١١ -( باب أن دية اليهودي والنصراني والمجوسي سواء، كل واحد ثمانمائة درهم)

[ ٢٢٨٠٢ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا قتل المسلم اليهودي، أو النصراني، أدب أدبا بليغا، وغرم ديته وهي ثمانمائة درهم » الخبر.

[ ٢٢٨٠٣ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ودية الذمي الرجل ثمانمائة درهم، والمرأة على هذا الحساب أربعمائة درهم، وروي: أن دية الذمي أربعة آلاف درهم ».

[ ٢٢٨٠٤ ] ٣ - الصدوق في المقنع: ودية اليهودي والمجوسي والنصراني وولد الزنى، ثمانمائة درهم.

__________________

الباب ١٠

١ - المقنع ص ١٩٢.

الباب ١١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤١٠ ح ١٤٢٨.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٤.

٣ - المقنع ص ١٨٩.

٣٠٤

١٢ -( باب أن من اعتاد قتل أهل الذمة، فعليه دية المسلم، أو أربعة آلاف درهم، حسبما يراه الامام)

[ ٢٢٨٠٥ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « دية اليهودي والنصراني مثل دية المسلم ».

١٣ -( باب دية ولد الزنى)

[ ٢٢٨٠٦ ] ١ - الصدوق في المقنع: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « دية ولد الزنى دية العبد، ثمانمائة درهم ».

١٤ -( باب أن دية جنين الذمية عشر ديتها، ودية جنين البهيمة عشر قيمتها)

[ ٢٢٨٠٧ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده: « إن علياعليهم‌السلام ، كان يقول: في جنين اليهودية والنصرانية والمجوسية، عشر دية أمه ».

__________________

الباب ١٢

١ - الجعفريات ص ١٢٤.

الباب ١٣

١ - المقنع ص ١٨٥.

الباب ١٤

١ - الجعفريات ص ١٢٤.

٣٠٥

١٥ -( باب ماله دية من الكلاب)

[ ٢٢٨٠٨ ] ١ - القطب الراوندي في قصص الأنبياء: باسناده إلى الصدوق، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن الرضاعليه‌السلام ، في قول الله عز وجل:( وَشَرَ‌وْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَ‌اهِمَ مَعْدُودَةٍ ) (١) ، قال: « كانت عشرون درهما، وهي قيمة كلب الصيد إذا قتل ( كان قيمته عشرون درهما )(٢) ».

ورواه علي بن إبراهيم في تفسيره: عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، [ عن أحمد بن محمد، عن أبي بصير ](٣) مثله(٤) .

[ ٢٢٨٠٩ ] ٢ - الصدوق في المقنع: واعلم أن دية كلب الصيد أربعون درهما، ودية كلب الماشية عشرون درهما، ودية الكلب الذي ليس للصيد ولا للماشية زنبيل تراب، على القاتل أن يعطي، وعلى صاحب الكلب أن يقبله.

__________________

الباب ١٥

١ - قصص الأنبياء للراوندي ص ١١٧، عنه في البحار ج ١٢ ص ٢٢٢.

(١) يوسف ١٢: ٢٠.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) أثبتناه من المصدر وهو الصواب ( راجع معجم رجال الحديث ج ٢ ص ٢٣٧ و ج ٢١ ص ٤٥ ).

(٤) تفسير القمي ج ١ ص ٣٤١.

٢ - المقنع ص ١٩٢.

٣٠٦

١٦ -( باب دية النطفة، والعلقة، والمضغة، والعظم، والجنين)

[ ٢٢٨١٠ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنين، وأبي جعفر، وأبي عبد اللهعليهم‌السلام ، أنهم قالوا: « الجنين على خمسة اجزاء، ففي كل جزء منها جزء من الدية: فللنطفة عشرون دينارا، لو أن امرأة ضربت فأسقطت نطفة قبل أن تتغير، كان فيها عشرون دينارا، وفي العلقة أربعون دينارا وفي المضغة ستون دينارا، وفي العظم ثمانون دينارا، فإذا كسي لحما وكمل خلقه فهو مائة دينار، وهي الغرة، فان نشأ فيه الروح ففيه الدية كاملة، وهذا قول الله عز وجل:( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَ‌ارٍ‌ مَّكِينٍ ) إلى قوله -( ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ‌ فَتَبَارَ‌كَ اللَّـهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ) (١) ».

١٧ -( باب أن الدية كمال الميت، يقضي منه دينه، وتنفذ وصاياه)

[ ٢٢٨١١ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن عليعليهم‌السلام أنه قال في رجل أسلم ثم قتل خطأ، قال: « ثلث ديته داخل في وصيته ».

__________________

الباب ١٦

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٢٢ ح ١٤٦٩.

(١) المؤمنون ٢٣: ١٢ ١٤.

الباب ١٧

١ - الجعفريات ص ١٢١.

٣٠٧

١٨ -( باب حكم المسلم إذا قتل في أرض الشرك)

[ ٢٢٨١٢ ] ١ - علي بن إبراهيم في تفسيره: في قوله تعالى:( فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِ‌يرُ‌ رَ‌قَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ) (١) وليست له دية، يعني ان قتل رجل من المؤمنين وهو نازل في دار الحرب فلا دية للمقتول، وعلى القاتل تحرير رقبة مؤمنة، لقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من نزل دار الحرب فقد برئت منه الذمة » ثم قال:( وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِ‌يرُ‌ رَ‌قَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ) (٢) يعني إن كان المؤمن نازلا في دار الحرب وبين أهل الشرك، وبين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أو الإمامعليه‌السلام عهد ومدة، ثم قتل ذلك المؤمن وهو بينهم، فعلى القاتل دية مسلمة إلى أهله، وتحرير رقبة مؤمنة( فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَ‌يْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ) (٣) .

١٩ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب ديات النفس)

[ ٢٢٨١٣ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام : « ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بعث جيشا إلى خثعم، فلما غشوهم استعصموا بالسجود، فقتل بعضهم بعضا فبلغ ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: للورثة نصف العقل بصلاتهم ».

ورواه في الدعائم: عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثله، وفيه: « فبلغ

__________________

الباب ١٨

١ - تفسير القمي ج ١ ص ١٤٧.

(١ - ٣) النساء ٤: ٩٢.

الباب ١٩

١ - الجعفريات ص ٧٩.

٣٠٨

ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأنكر قتلهم وقال: لورثتهم نصف العقل لسجودهم» (١) .

[ ٢٢٨١٤ ] ٢ - وبهذا الاسناد: عن عليعليه‌السلام ، أنه سئل عن رجل قتل رجلا عمدا، ثم إن القاتل قتل خطأ، قال: « ديته لأهله، ليس لأهل الولي شئ ».

[ ٢٢٨١٥ ] ٣ - وبهذا الاسناد: عن عليعليه‌السلام ، قال: « من لقي الله عز وجل بدم خطأ، يجحد أهله، لقي الله تعالى يوم القيامة به ».

ورواه في الدعائم: عنهعليه‌السلام ، مثله، وفيه: « بدم خطأ، وقد جحد أهله »(١) .

[ ٢٢٨١٦ ] ٤ - الصدوق في المقنع: وسئل أبو عبد اللهعليه‌السلام ، عن رجل قتل رجلا ولا يعلم به، ما ديته؟ قال: « يؤدي ديته، ويستغفر ربه ».

__________________

(١) دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٧٦.

٢ - الجعفريات ص ١٢١.

٣ - الجعفريات ص ١٢٠.

(١) دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤١٣ ح ١٤٤٠.

٤ - المقنع ص ١٨٢.

٣٠٩

٣١٠

أبواب موجبات الضمان

١ -( باب ثبوته بالمباشرة مع الانفراد والشركة، وحكم ما لو سكر أربعة فاقتتلوا، فقتل اثنان، وجرح اثنان)

[ ٢٢٨١٧ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن عليعليهم‌السلام : « رفع إليه أربعة نفر شربوا فسكروا فتباعجوا بسكين كانت معهم، فحبسهم فمات منهم رجلان وبقي منهم رجلان، فسئل أهل المقتولين، فقال أهل المقتولين: أقدهما بصاحبنا، فقال عليعليه‌السلام للقوم: ما ترون؟ قالوا: نرى أن تقيدهما، فقال عليعليه‌السلام : لعل اللذين ماتا، قتل كل واحد منهما صاحبه قالوا: لا ندري، قال عليعليه‌السلام : بل اجعل دية المقتولين على قبائل الأربعة، واخذ دية جراح الباقين من دية المقتولين ».

[ ٢٢٨١٨ ] ٢ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنه قضى في أربعة نفر شربوا الخمر فتباعجوا بالسكاكين، فأتي بهم فحبسهم، فمات منهم رجلان وبقي رجلان، فقال أهل المقتولين: أقدنا من هذين، ولم يكن أحد أقر ولم تقم عليهم بينة، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام :

__________________

أبواب موجبات الضمان

الباب ١

١ - الجعفريات ص ١٢٥.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٢٣ ح ١٤٧٥.

٣١١

« فلعل اللذين ماتا، قتل كل واحد منها صاحبه » قالوا: لا ندري، فقضى بدية المقتولين على الأربعة، وأخذ جراحة الباقين من دية المقتولين.

٢ -( باب حكم ما لو غرق طفل، فشهد ثلاثة على اثنين أنهما غرقاه، وشهد الاثنان على الثلاثة)

[ ٢٢٨١٩ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنه قضى في ستة غلمة دخلوا في ماء فغرق أحدهم، فشهد ثلاثة على اثنين أنهما غرقاه، وشهد اثنان على ثلاثة أنهم غرقوه، فقضى بديته أخماسا: على الاثنين ثلاثة أخماس الدية، وعلى الثلاثة خمساها.

[ ٢٢٨٢٠ ] ٢ - الشيخ الطوسي في النهاية: عن السكوني، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « رفع إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ستة غلمان كانوا في الفرات، فغرق واحد منهم، فشهد ثلاثة منهم على اثنين انهما غرقاه، وشهد اثنان على الثلاثة أنهم غرقوه، فقضىعليه‌السلام بالدية: ثلاثة أخماس على الاثنين، وخمسين على الثلاثة ».

[ ٢٢٨٢١ ] ٣ - العياشي: عن السكوني أن ستة نفر لعبوا في الفرات فغرق واحد منهم، فشهد اثنان منهم على ثلاثة منهم أنهم غرقوه، وشهد الثلاثة على الاثنين انهما غرقاه، فألزمعليه‌السلام الاثنين أخماس الدية، والزم الثلاثة خمسي الدية، بحساب الشهادة.

__________________

الباب ٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٢٣ ح ١٤٧٤.

٢ - النهاية ص ٧٦٣.

٣ - بل ابن شهرآشوب في المناقب ٢: ٣٨٠، وأخرجه العلامة المجلسي في البحار ج ١٠٤ ص ٣٨٧ ح ٩ عن المناقب، وقد ذكر محقق البحار في الهامش: كان الرمز ( شئ ) وهو خطأ، والظاهر أن المصنف اعتمد على نسخة البحار ونقله عن العياشي.

٣١٢

٣ -( باب حكم ما لو اشترك ثلاثة في هدم حائط، فوقع على أحدهم فمات)

[ ٢٢٨٢٢ ] ١ - الشيخ الطوسي في النهاية: عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، في حائط اشترك في هدمه ثلاثة نفر، فوقع على واحد منهم فمات، فضمن الباقين ديته، لان كل واحد منهم ضامن صاحبه ».

٤ -( باب حكم ما لو وقع واحد في زبية(*) الأسد، فتعلق بثان، والثاني بثالث، والثالث برابع، فافترسهم الأسد)

[ ٢٢٨٢٣ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنه اختصم إليه باليمن أولياء قوم وقفوا على زبية سقط فيها أسد، فوقفوا ينظرون إليه، فهوى أحدهم في الزبية، فتعلق بالآخر، وتعلق الآخر بآخر، والآخر بآخر، حتى سقط الأربعة على الأسد فافترسهم، فاختصم إليه أولياؤهم، فقضى: أن الأول فريسة الأسد وعليه ثلث دية الثاني، وعلى الثاني ثلثا دية الثالث، وعلى الثالث دية الرابع كاملة، وليس على الرابع شئ، فاختلفوا فيما قضى به، فاتوا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وذكروا ما قضى بينهم أمير المؤمنينعليه‌السلام فيه، فقال: « القضاء ما قضى فيه بينكم ».

[ ٢٢٨٢٤ ] ٢ - وروينا عن عليعليه‌السلام ، من طريق أخرى: أن الناس ازدحموا على زبية الأسد، فسقط فيها أربعة: تعلق الأول بالثاني، والثاني

__________________

الباب ٣

١ - النهاية ص ٧٦٤.

الباب ٤

* الزبية بتشديد الزاء وضمها وسكون الباء وفتح الياء: حفيرة تحفر للأسد والصيد ويغطى رأسها بما يسترها ليقع فيها ( لسان العرب ج ١٤ ص ٣٥٣ ).

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤١٨ ح ١٤٥٩.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤١٨ ح ١٤٦٠.

٣١٣

بالثالث، والثالث بالرابع، فقضى للأول بربع الدية لأنه مات من فوقه ثلاثة، وللذي يليه بثلث الدية لأنه مات من فوقه اثنان، وللثالث بنصف الدية لأنه مات من فوقه واحد، وللرابع بالدية كاملة، وجعل ذلك على جميع من حضر الزبية.

وهذا على ما قدمنا ذكره، في اصطدام الفارسين يموت كل واحد منهما من فعله وفعل غيره، وهذه الرواية خلاف الأولى، وكل واحدة منهما ثابتة في معناها، فالأولى ذكر فيها أن الأول منهم زل من قبل نفسه من غير أن يزحمه أحد، وأنه تعلق بالثاني، والثاني بالثالث، والثالث بالرابع، فكان الأول كما قال فريسة الأسد، وهو هدر لان أحدا لم يجن عليه، والرابع فيه الدية كاملة لأنه لم يجن على أحد، والآخران حكمهما حكم ما تقدم ذكره، فصارت الدية لأولياء الرابع كاملة على الثالثة، على كل واحد منهم ثلث الدية، لأنهم ثلاثتهم جذبوه، فغرموا أولياء الأول عن صاحبهم لأولياء الثاني ثلث الدية، فأخذوها أولياء الثاني، وغرموا لأولياء الثالث ثلثي الدية، وزادوا ثلثا على ما صار إليهم، وأخذ أولياء الثالث ثلثي الدية فزادوا ثلثا على ما صار إليهم، فكملت الدية للرابع الذي لم يجن شيئا، وإنما جنى عليه من تقدمه، فهذا معنى الرواية الأولى.

ومعنى الرواية الثانية خلافها، لأنه قال: ازدحم الناس على الزبية، فسقط فيها أربعة، فجعل الدية فيهم كلهم على ما ذكر، فأوجبها على من حضر، لأنهم لما ازدحموا اشتركوا كلهم في دفع من سقط.

[ ٢٢٨٢٥ ] ٣ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن أحمد بن حنبل في المسند، وأحمد بن منيع في أماليه، باسنادهما عن حماد بن سلمة، عن سماك، عن حبيش(١) بن المعتمر، وقد رواه محمد بن قيس، عن أبي جعفر

__________________

٣ - المناقب ج ٢ ص ٣٥٣ وعنه في البحار ج ١٠٤ ص ٣٨٥ ح ١.

(١) في المخطوط: « حيش » وما أثبتناه من المصدر هو الصواب ( راجع مجمع الرجال ج ٢ ص ٧٧ ومعجم رجال الحديث ج ٤ ص ٢١٥ ).

٣١٤

عليه‌السلام ، واللفظ له: « أنه قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام في أربعة نفر اطلعوا على زبية الأسد، فخر أحدهم فاستمسك بالثاني، واستمسك الثاني بالثالث، واستمسك الثالث بالرابع، فقضىعليه‌السلام بالأول فريسة الأسد، وغرم أهله ثلث الدية لأهل الثاني، وغرم الثاني لأهل الثالث ثلثي الدية، وغرم أهل الثالث لأهل الرابع الدية كاملة، وانتهى الخبر إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: لقد قضى أبو الحسنعليه‌السلام فيهم، بقضاء الله في عرشه ».

ورواه الشيخ الطوسي في النهاية: عن محمد بن قيس، عنهعليه‌السلام ، مثله، إلى قوله: « الدية الكاملة »(٢) .

٥ -( باب أن من دفع انسانا على آخر فقتلا ضمن ديتهما، وكذا إن قتل أحدهما، وإن وقع انسان بغير اختيار لم يضمن)

[ ٢٢٨٢٦ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنين، وأبي جعفر، وأبي عبد اللهعليهم‌السلام ، أنهم قالوا في الرجل يسقط على الرجل فيموتان أو يقتلان أو أحدهما: فما أصاب الساقط فهو هدر، وما أصاب المسقوط ففيه القود على الساقط إن تعمده، أو الدية على عاقلته إن كان خطأ، فان دفعهما دافع فعليه ما أصابهما معا إن تعمد، أو على عاقلته إن أخطأ.

٦ -( باب عدم ضمان قاتل اللص ونحوه دفاعا، وجملة من احكام الضمان)

[ ٢٢٨٢٧ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال:

__________________

(٢) النهاية ص ٧٦٤.

الباب ٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤١٧ ح ١٤٥٧.

الباب ٦

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٢٦ ح ١٤٨١.

٣١٥

« ودم اللص هدر، ولا شئ على من دفع عن نفسه ».

[ ٢٢٨٢٨ ] ٢ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه عن عليعليهم‌السلام ، قال(١) : « من شهر سيفه فدمه هدر ».

٧ -( باب أنه لو ركبت جارية أخرى، فنخستها ثالثة، فقمصت المركوبة فصرعت الراكبة فماتت، فديتها على الناخسة(*) والمنخوسة نصفان، فإن كان الركوب عبثا، سقط ثلث دية الراكبة وعليهما الثلثان)

[ ٢٢٨٢٩ ] ١ - الشيخ الطوسي في النهاية: روى الأصبغ بن نباتة، قال: قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام في جارية ركبت أخرى، فنخستها جارية أخرى، فقمصت(١) المركوبة فصرعت الراكبة فماتت، قضىعليه‌السلام : أن ديتها نصفين بين الناخسة والمنخوسة.

[ ٢٢٨٣٠ ] ٢ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن أبي عبيدة(١) في غريب الحديث، وابن مهدي في نزهة الابصار، عن الأصبغ بن نباتة: انه يعني

__________________

٢ - الجعفريات ص ٨٣.

(١) في المصدر زيادة: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

الباب ٧

* النخس: الدفع، ونخس الدابة وغيرها غرز جنبها أو مؤخرها بعود أو نحوه ( لسان العرب ج ٦ ص ٢٢٨ ).

١ - النهاية ص ٧٦٣.

(١) قمصت: وثبت ( لسان العرب ج ٧ ص ٨٢ ).

٢ - المناقب ج ٢ ص ٣٥٤ ).

(١) في المصدر: أبو عبيد.

٣١٦

أمير المؤمنينعليه‌السلام قضى في القارصة والقامصة والواقصة(٢) ، وهن ثلاث جوار كن يلعبن، فركبت إحداهن صاحبتها، فقرصتها الثالثة، فقمصت المركوبة فوقعت الراكبة فوقصت عنقها، فقضى بالدية أثلاثا، وأسقط حصة الراكبة لما أعانت على نفسها، فبلغ ذلك النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاستصوبه.

[ ٢٢٨٣١ ] ٣ - الصدوق في المقنع: وقضى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، في جارية ركبت جارية، فنخستها جارية أخرى، فقمصت المركوبة فصرعت الراكبة فماتت، فقضى بديتها نصفين بين الناخسة والمنخوسة.

٨ -( باب أن من حفر بئرا في ملكه لم يضمن ما يقع فيها، وأن حفرها في طريق أو غير ملكه ضمن)

[ ٢٢٨٣٢ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر، وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، أنهما قالا: « من احتفر بئرا، أو وضع شيئا في طريق من طرق المسلمين في غير حقه، فهو ضامن لما عطب فيه ».

٩ -( باب أن كل من وضع على الطريق شيئا يضربه، ضمن ما يتلف بسببه، ومحل مشي الراكب والماشي)

[ ٢٢٨٣٣ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « من أوقف دابة في طريق أو سوق في غير حقه، فهو ضامن لما أصابت، بأي شئ أصابت ».

__________________

(٢) الوقص: الكسر ( لسان العرب ج ٧ ص ١٠٦ ).

٣ - المقنع ص ١٩٠.

الباب ٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤١٨ ح ١٤٥٨.

الباب ٩

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤١٩ ح ١٤٦١.

٣١٧

١٠ -( باب أن من اخرج ميزابا أو كنيفا أو نحوهما إلى الطريق، ضمن ما يتلف بسببه)

[ ٢٢٨٣٤ ] ١ - الصدوق في المقنع: قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من اخرج ميزابا، أو كنيفا، أو وتد وتدا، أو وثق دابة، أو حفر بئرا في طريق المسلمين، فان أصاب شيئا فعطب، فهو له ضامن ».

١١ -( باب أن الدابة المرسلة لا يضمن صاحبها جنايتها، ويضمن راكبها ما تجنيه بيديها ماشية، وبيديها ورجليها واقفة، وكذا قائدها وسائقها ما تجني بيديها ورجليها وكذا ضاربها)

[ ٢٢٨٣٥ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في بهيمة الأنعام: « لا يغرم أهلها شيئا، ما دامت مرسلة ».

[ ٢٢٨٣٦ ] ٢ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « يضمن صاحب الدابة ما أصابت الدابة، ويضمن القائد والسائق والراكب » فهذا قول مجمل، وقد فسره أبو عبد اللهعليه‌السلام ، فقال: « من أوقف دابة في طريق أو سوق في غير حقه، فهو ضامن لما أصابت، بأي شئ أصابت ».

[ ٢٢٨٣٧ ] ٣ - وقالعليه‌السلام في الراكب: « يضمن ما أصابت الدابة بيديها، أو صدمت أو اخذت بفيها، فضمان ذلك عليه، لأنه يملكها بإذن الله تعالى، إلا أن تكون أثارت بيدها حجرا صغيرا لا يؤبه له، ولا يستطاع

__________________

الباب ١٠

١ - المقنع ص ١٨٨.

الباب ١١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٢٥ ح ١٤٧٩.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤١٩ ح ١٤٦١.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤١٩ ح ١٤٦١.

٣١٨

التحفظ منه، ولا يضمن مؤخرها مثل الرجل والذنب، إلا ما كان من فعله، مثل أن يهمزها فتنفح(١) ، أو يضربها فتشيل ذنبها فتصيب به شيئا، أو يكبحها فترجع القهقري فيصيب شيئا، أو ما أشبه هذا» قالعليه‌السلام : « والسائق يضمن ما أصابت كذلك، وما يسقط منها من سرج أو إكاف(٢) أو حمل وما أشبه ذلك، فأصاب شيئا فالراكب والسائق ضامنان له» .

[ ٢٢٨٣٨ ] ٤ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن عليعليهم‌السلام : « أنه ضمن القائد والسائق والراكب ».

[ ٢٢٨٣٩ ] ٥ - وبهذا الاسناد: ان علياعليه‌السلام ، قال: « إذا استقبل البعير بحمله فأصاب شيئا فهو له ضامن ».

١٢ -( باب ضمان صاحب البعير المغتلم(*) لما يجنيه، وعدم ضمانه أول مرة)

[ ٢٢٨٤٠ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في بختي اغتلم، فخرج من الدار فقتل رجلا، فجاء أخو المقتول فقتل البختي(١) ، فقال: « صاحب البختي ضامن لدية المقتول، ويقبض ثمن بختيه» .

__________________

(١) نفحت الدابة: رفست وضربت برجلها وحافرها ( لسان العرب ج ٢ ص ٦٢٢ ).

(٢) الاكاف: البرذعة ( المعجم الوسيط ج ٢ ص ١٠٥٤ ).

٤ - الجعفريات ص ١١٨.

٥ - الجعفريات ص ١١٨.

الباب ١٢

* اغتلم البعير: غلبته شهوة الضراب فساء خلقه ( لسان العرب ج ١٢ ص ٤٣٩ ).

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٢٥ ح ١٤٨٠.

(١) البخت بضم الباء وسكون الخاء: الإبل الخراسانية ( لسان العرب ج ٢ ص ٩ ).

٣١٩

١٣ -( باب أن من دخل دارا باذن صاحبها، فعقره كلب نهارا ضمنه، وإن دخل بغير إذن لم يضمن)

[ ٢٢٨٤١ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن عليعليهم‌السلام : أنه قضى في رجل دخل دار قوم بغير اذنهم فعقره كلبهم، فقال: « لا ضمان عليهم » قيل: فان دخل دارهم بإذنهم فعقره كلبهم، قال: « ضمنوا ».

[ ٢٢٨٤٢ ] ٢ - دعائم الاسلام: باسناده عنهعليه‌السلام ، مثله، وفيه: قال: « يضمنون ».

١٤ -( باب حكم الدابة إذا جنت على أخرى)

[ ٢٢٨٤٣ ] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أن رجلا استعدى عنده على رجل، فقال: يا رسول الله، ان ثورا لهذا قتل حمارا لي، فقال لهما: « اذهبا إلى أبي بكر فاسألاه، وارجعا إلي بما يقول» فسألاه فقال: ليس على البهائم قود، فرجعا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبراه، فقال: « اذهبا إلى عمر فاسألاه، وارجعا إلي بما يقول» [ فسألاه ](١) ، فقال: مثل ما قال أبو بكر، فأخبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بقول عمر، فقال: « اذهبا إلى عليعليه‌السلام فاسألاه، وارجعا إلي بما يقول» ، فسألاه فقالعليه‌السلام : « إن كان الثور دخل على الحمار في مأمنه حتى قتله فصاحبه ضامن، وإن كان الحمار هو الداخل على الثور فقتله

__________________

الباب ١٣

١ - الجعفريات ص ١٢٢.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٢١ ح ١٤٦٤.

الباب ١٤

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٢٤ ح ١٤٧٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

غلبة الغريزة على العلم:

ما أكثر المثقفين والعلماء الذين لا يملكون قوة الوقوف أمام تيار الميول الغريزية والرغبات اللاإنسانية، ولا يستطيعون ضبط نفوسهم في تلك المواقف!

ما أكثر المثقفين الذين يستطيعون تأليف كتاب حول قبح الارتشاء وأكل أموال الناس بالباطل، وإثبات فساد ذلك من الناحية الاجتماعية والقضائية والاقتصادية والسياسية والوطنية وغير ذلك من النواحي، ولكنهم في مقام العمل وفي مرحلة التطبيق، لا يتورعون من أخذ الرشوة، ولا ينصرفون عن الدرهم الواحد!

ما أكثر المتمدّنين الذي يعرفون أضرار الخمرة عن طريق العلم، ويعرفون عوارضها المختلفة على الكبد والكلية والأعصاب والجهاز الهضمي، ولكنهم لا يستطيعون الامتناع عن شربها حتى ليلة واحدة!

ولهذا فقد وردت أحاديث كثيرة في ذم العلماء الذين لا يطبّقون علمهم، وينقادون لأهوائهم... منها:

1 - قوله ( ص): (العلماء عالمان: عالم عمل بعلمه فهو ناجٍ، وعالم تارك لعلمه فقد هلك) (1) .

2 - وقد ورد أيضاً: (أوحى الله إلى داود: لا تسألني عن عالم قد أسكره حب الدنيا، فأولئك قطاع الطريق على عبادي) (2) .

3 - قال رسول الله ( ص): يا أبا ذر، إن شر الناس عند الله يوم القيامة عالم لا ينتفع بعلمه) (3) .

____________________

(1) لئالي الأخبار ص 192.

(2) لئالي الأخبار ص 192.

(3) لئالي الأخبار.

٣٦١

4 - وفي حديث آخر: (أشد الناس عذاباً في القيامة، عالم لم يعمل بعلمه، ولم ينفعه علمه) (1) .

إن نسبة الجرائم والجنايات تزداد يوماً بعد يوم في الأمم المتمدنة في العالم بالرغم من الرقابات البوليسية الشديدة والعقوبات القانونية... وهذا هو أجلى شاهد على أن التمدن والرقي وارتفاع مستوى الثقافة عاجز بوحده من مقاومة طغيان الغرائز ودفع الإنسان إلى التمسك بالفضائل والمثل الإنسانية. ولحسن الحظ فإن علماء الغرب أنفسهم يعترفون بهذا!

(إن الأعمال التخريبية التي يرتكبها كثير من الناس بمجرد اضمحلال بعض القيود والموانع الاجتماعية؛ تثبت أنه وإن كان الأفراد يعيشون في المجتمع ويوجدون المدنيات المختلفة، لكنهم ليسوا متمدنين).

(هذه الأكثرية بهذا المعنى ليست متمدنة، حيث تحترم مظاهر المدنية تحت ضغط الرقابة الاجتماعية فقط) (2) .

الهمجية في لباس التمدُّن:

لقد كان العالم المتمدن يرفع عقائر السلام والرخاء والإنسانية قبل الحرب العالمية. ولكنه عندما اندلعت نيران الحرب انفجرت القنابل واضطرمت نيران المعارك الدموية وتحطمت الهياكل الجوفاء للمدنية وفقدت زينتها الظاهرة... وحينذاك ظهر العالم المتمدن في ثوب الهمجية والفوضوية - أي لباسه الواقعي - فقد استولت سحب الإجرام وسفك الدماء على سماء العالم وحل الحقد والانتقام محل الضحكات المصطنعة في وجوه الجماهير المتمدنة!

(النفي، والقتل العام للمدنيين، ومعسكرات العمل الإجباري ( التي لم يكن ينتشر فيها الجوع والأمراض السارية فحسب، بل كانت تستعمل فيها مختلف وسائل التعذيب

____________________

(1) مجموعات ورام ج 1|220.

(2) إنديشه هاي فرويد ص 116.

٣٦٢

والقمع والإرهاب) والتدمير الشامل اللامعقول بالقنابل... كل هذه الوسائل كانت تستعمل كأساليب طبيعية واعتيادية في الحرب. ولذلك فقد كان الخوف والاضطراب مستولياً على العالم أجمع في الحرب العالمية الثانية، وهكذا اختفت مظاهر احترام الحياة والمثل الإنسانية، والقيم الأخلاقية في كل مكان) (1) .

لقد كان فرويد ( وهو الذي يبدي مخالفته الصريحة للتعاليم الدينية والعقائد الإلهية) قبل الحرب يأمل بانتشار التعاليم والقوانين التربوية وأصول المدنية الحديثة؛ حتى تستطيع أن تحل محل الدين في أفكار العامة وبذلك يوصل البشرية إلى الكمال المنشود لها... إنه يقول:

(إن ما لا شك فيه أن الدين قد قدّم خدمات مهمة إلى الإنسانية والمدنية نظراً للدور الكبير الذي لعبه في تهدئة الغرائز غير الاجتماعية، ولكنه لم يستطع أن يتقدم في هذا المجال بالمقدار الكافي) (2) .

إن فرويد يوصي بما يلي: (من المستحسن أن نختبر منهاجاً تربوياً غير ديني، فيعود الناس على غض النظر عن هذه التسلية، ولأجل أن يثبتوا أمام الأخطار والصدمات معتمدين على أنفسهم فقط، عليهم أن يهجروا هذا الملجأ).

إنه يعتقد بأن: (الفرد يستطيع في هذه الصورة فقط أن يكون إنساناً راشداً، وسيبدأ الكفاح مع القوى الشريرة في الطبيعة) (3) .

____________________

(1) انديشه هاى فرويد ص 117.

(2) انديشه هاى فرويد ص 96.

(3) انديشه هاى فرويد ص 97.

٣٦٣

أوهام فرويدية:

كان فرويد يعتقد قبل بدء الحرب العالمية بارتفاع المستوى الأخلاقي للأمة في ظل المدنية، إنه كان يتصور أن الإنسان يستطيع في ظل المدنية الحديثة وأصول التربية المادية أن يصل إلى طريق الفضيلة القيم العليا، لكن اندلاع نيران الحرب والجرائم التي وقعت فيه هزت أفكار فرويد، وقلبت تفكيره رأساً على عقب، فاعترف بأوهامه السابقة وتفكيره الخاطئ... وراح يقول:

(ولقد أدت مشاهدة الأعمال التي نتصورها غير مطابقة للمدنية، وما نتج من هذه الأعمال الوحشية من نظرتنا إلى البشر على أنهم مجرمون إلى أن نغرق في الألم والتأثر واليأس. ولكن هذا لا يأس والألم ليسا وجيهين في الحقيقة، وذلك أنا نعتبر سكّان العالم لهذه الجهة منحطين، وقد كنا مخطئين في نظرتنا إليهم قبل الحرب على أنهم في مستوى أخلاقي ومعنوي أعلى مما هم عليه) (1) .

(بعد سرد هذا البيان الموجز الذي يوضح فرويد فيه ضرورة وقوف المدنية أمام الاعتداءات البشرية، يستنتج أن الجهود والمحاولات المبذولة في هذا السبيل لحد الآن لم تكن مثمرة كما ينبغي، ولا تزال الاعتداءات موجودة حلف أستار المجتمع).

(هناك كثير من المتمدنين الذين يستاءون من تصور ارتكاب القتل أو الاتصال الجنسي مع المحارم، ولكن هؤلاء أنفسهم لا يعرضون عن إرضاء جشعهم وحرصهم واعتدائهم وأطماعهم الجنسية).

(إنهم إذا استطاعوا الفرار من العقاب، فسيلحقون الأذى

____________________

(1) انديشه هاى فرويد ص 117.

٣٦٤

بالأفراد الآخرين عن طريق الكذب، والخداع، والفتراء، وما شاكل ذلك...) (1) .

(إن الحكومة تعتبر جميع الأمور المخالفة للعدالة والاعتداءات الأخرى التي لا يسمح بها في الأوقات الاعتيادية مباحة في حال الحرب. ولذلك فإن الحكومة لا تكتفي بالاستعانة بالمكر والحيلة المواجهة العدو فقط، بل لا تمانع من الكذب العمد. ولقد لوحظ أن الكذب والتزوير كانا رائجين في الحرب العالمية بصورة غير مألوفة قبلاً) (2) .

التمدن الفاقد للإيمان:

إن المدينة المادية وأساليب التعليم والتربية التي لا تستند إلى الإيمان تعجز عن أن تقاوم الغرائز عند طغيانها وتحمي البشرية من السقوط والانهيار.

إن الحرب العالمية كشفت اللثام عن الوجه الحقيقي للمدنية بجرائمها التي تضمنتها والاعتداءات التي ارتكبت في أثنائها وأثبتت أن وراء ستار المدنية الزائفة هيكل موحش سفاك تهتز الإنسانية من تصوره، وتخجل أشد أمم العالم وحشية من سماعه.

إن أقوى وأسلم قوة تستطيع صد هجمات الغرائز والسيطرة عليها، وتتمكن من تلطيف حدة المشاعر... هي قوة الإيمان بالله. فالإيمان قادر على أن يقاوم كل الميول والرغبات اللامشروعة وينتصر عليها... القوة الإيمانية تحفظ الإنسان في أخطر لحظات الانحراف والانزلاق في الحياة وتمنع من سقوطه الإيمان بالله قوة لا تغلب ولا تدحر، وملجأ لا يتحطم (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله، فقد استمسك بالعروة الوثقى، لا انفصال لها).

إن أهم طابع يميز مدرسة التربية الإسلامية عن غيرها من الأساليب التربوية البشرية هو (الإيمان بالله).

____________________

(1) انديشه هاى فرويد ص 123.

(2) انديشه هاى فرويد ص 125.

٣٦٥

يشترك الإسلام وعلماء الأخلاق في دعوة الناس إلى الصلاح والاستقامة، لكن الفارق بينهما هو أن العلماء والقائمين على شئون التربية يهتمون قبل كل شيء بالسلوك الظاهري للأفراد، ويحاولون أن يربوا أفراداً مطيعين للقانون، ولا شأن لهم أو دخل في أسلوب تفكيرهم. أما الهدف من التربية في الإسلام فهو أن يتربى الأفراد، مضافاً إلى استقامة سلوكهم على التفكير السليم، وأن لا يحاولوا إلا الصلاح والخير.

النوايا الصالحة:

تهتم الدول المتمدنة والمدارس التربوية في العالم بالسلوك الصحيح للإنسان فقط. أما المذهب التربوي للإسلام فهو يهتم بالنوايا الصالحة والطاهرة للأفراد أكثر من أفعالهم الصالحة.

يقول الرسول الأعظم ( ص): (نية المؤمن خير من عمله) (1) .

وعن الإمام الصادق ( ع) ضمن حديث طويل: (والنية أفضل من العمل، ألا وإن النية هو العمل)، ثم تلا قوله عَزَّ وجَلَّ: ( قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ ) يعني: (على نيته) (2) .

إن الفرد المنقاد للقانون والمطبق للتعاليم الأخلاقية يعد في الدول المتمدنة فرداً صالحاً ومواطناً شاعراً بمسؤوليته ولو كان شعوره الباطن منحرفاً وسيئاً، أما المذهب الإسلامي فيرى أن المسلم الواقعي والشاعر بمسؤوليته هو الذي يعتقد بأساس الإسلام وتعاليمه القانونية والأخلاقية بالدرجة الأولى، ويعتبر ذلك كله دستوراً إلهياً، ومنهجاً قويماً لسعادته ونجاته، ثم يطبق تلك التعاليم وينفذ تلك الأوامر بالدرجة الثانية.

يتحدث المدعي العام للمحكمة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية - الذي يعد من الشخصيات العلمية البارزة هناك - عن هذا الموضوع فيقول:

____________________

(1) الكافي لثقة الإسلام الكليني ج 2|84.

(2) وسائل الشيعة للحر العاملي ج 1|6.

٣٦٦

(للقانون الأمريكي صلة محدودة بتطبيع الواجبات الأخلاقية. ففي الحقيقة يمكن أن يكون المواطن الأمريكي إنساناً منحطاً وفاسداً من الناحية الخلقية. في نفس الوقت يمكن أن يكون فرداً مطيعاً للقانون. ولكن الحال على عكس ذلك في القوانين الإسلامية التي تنبع من إرادة الله، الإرادة التي كشفت لرسوله محمد ( ص)، هذا القانون وهذه الإرادة الإلهية يعتبران جميع المؤمنين مجتمعاً واحداً حتى لو كانوا من قبائل وعشائر مختلفة وموجودين في بلدان متباعدة ومتفرقة. إن المؤمن ينظر إلى هذا العالم على أنه ممر يوصله إلى عالم أرقى وأفضل وأن القرآن قد نظم القواعد والقوانين وأساليب سلوك الأفراد بالنسبة إلى بعضهم البعض وبالنسبة إلى المجتمع بصورة عامة كي يضمن ذلك التحول السليم من هذا العالم إلى العالم الآخر) (1) .

العمل المستند إلى الإيمان:

يستند أساس السعادة الإنسانية في الإسلام إلى دعامتين، الأولى: الإيمان، والأخرى: العمل الصالح. ولقد ورد التصريح بهذا الموضوع في القرآن الكريم في موارد عديدة بصورة: (الذين آمنوا وعملوا الصالحات) ونظائرها. والنكتة التي تجلب الانتباه هنا هي أن الإيمان مقدم على العمل الصالح دائماً، ذلك أن الإسلام يرى أن الأعمال الصالحة يجب أن تستند إلى الاعتقاد الحقيقي، وتنبع من منبع الإيمان وهذا بنفسه هو أجلى صورة للمذهب الإسلامي بهذا الصدد فيما ذكرناه.

إن الأعمال الصالحة التي يكون لها منشأ روحاني وأساس إيماني ثابت في أعماق قلب صاحبها تشبه الشجرة النضرة التي تمتد جذورها في أعماق التربة، وتستمد حيويتها وطراوتها من الغذاء الذي تتناوله عن طريقها.

____________________

(1) مقدمة كتاب ( حقوق دار إسلام) ص ج.

٣٦٧

الرياء والتظاهر:

أما الأعمال الصالحة التي لا تملك أساساً إيماناً ثابتاً، بل يكون منشؤها هو الرياء والتظاهر أمام الناس، أو العادة الاجتماعية... لا تبقى ثابتة أبداً، بل هي معرضة للزوال أمام أبسط عامل مخالف.

إن الإحسان إلى الناس وإعانة الضعفاء من الأعمال الصالحة، فمن يقوم بهذا العم المقدس امتثالاً لأمر الله واحتراماً للإيمان، يعمل في كل مكان، وبلا أي منّة، بل يكون رائده الإخلاص وجلب رضى الله، دون النظر إلى مدح الناس وإطرائهم. أما الذي لا ينبع له إحسانه من رصيد إيماني، بل يكون دافعه إلى ذلك ظروف المحيط، والتظاهر أمام الناس، وانتشار أمره في الصحف والمجلات، فبمجرد أن تنتفي ظواهر الإطراء والمدح وتنقطع المجلات عن الحديث عنه، أو يجهل الناس إحسانه نجد أنه يتقاعس عن الإحسان، أو يتخلى عنه تماماً:

(يقول بعض الملحدين الذين يتميزون بصبغة أخلاقية: لما كانت المشكلة الأساسية هي إطاعة القوانين الأخلاقية، فإننا لو استطعنا تنفيذ هذه القوانين لأصبحنا في غنى عن الدين. هذا التفكير إنما هو علامة الجهل السيكولوجي. ذلك أن الإنسان يشكك دائماً في قيمة القواعد التي لا يعرف منشأها، مضافاً إلى أن سلوكاً كهذا دليل على عدم فهم المشكلة نفسها؛ لأن المقصود أن يتكامل الإنسان في باطنه أولاً كي يستطيع التفكير بصورة أخلاقية، ليس الهدف أن نحث الإنسان على أن يؤدي حركات أخلاقية. فما لم يكن سلوك كل فرد مرآة تعكس تكامله العميق الداخلي، فإن عملياته تعد سلسلة من التحديدات المتصنعة والمؤقتة التي تزول بأبسط مبرر. إن القواعد الأخلاقية إذا فرضت على الإنسان فرضاً فمهما كانت قيمتها العملية عالية، لكنها لا تستطيع أن تكافح الميول الحيوانية بصورة موفقة) (1) .

____________________

(1) سرنوشت بشر ص 216.

٣٦٨

(يرى بعض الكتّاب أنهم أجل من أن يحتاجوا إلى المقرّرات والأنظمة الدينية والأخلاقية، ولا يعتقدون بقيمتها المطلقة. إن سيطرة هؤلاء الأشخاص وانتشار آثارهم يمكن أن تكون هدامة. ولكن الغالبية منهم يغفلون عن هذه الحقيقة. إنهم يسندون أفكارهم إلى كلمات بعض الفلاسفة الكبار التي قرءوها بصورة سطحية أو لم يقرءوها أصلاً، فيرون أن (فولتير) و(داروين) كانا ملحدين والحال أن هذا مخالف للحقيقة.

ولإثبات هذا الادعاء ننقل نصاً لفولتير في موسوعته الفلسفية...).

الإيمان والقيام بالواجب:

إن المؤمنين بالله العظيم، والذين يعمر قلوبهم العشق الإلهي، يسعون في القيام بواجباتهم، والأعمال الصالحة بشوق ونشاط لا يتطرق الملل والكلل إليهما... ولا يتسرب إلى نفوسهم الرياء... إنهم يعملون لله وحده ولا ينتظرون الجزاء إلا من عظمته.

عن أبي عبد الله (ع) في قول الله عَزَّ وجَلَّ: ( لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ) . قال: (ليس يعني أكثر عملاً، ولكن أصوبكم عملاً، وإنما الإصابة: خشية الله والنية الصداقة والحسنة).

ما الذي نستنتجه مما مر؟ إن الإنسان الملحد وحش كاسر!

(إن بعض المهندسين الجاهلين للفلسفة ينكرون العلل الغائية، ولكن الفلاسفة الحقيقيين يذعنون لها. وكما يقول كاتب معروف: إن كتاب الدعاء هو الذي يعرف الله للأطفال، بينما يثبت (نيوتن) وجود الله للمثقفين).

(إن الإلحاد هو العيب المهم في عدة قليلة من الأذكياء والخرافة عيب الحمقى) (1) .

____________________

(1) سرنوشت بشر ص 156.

٣٦٩

الإيمان وتعديل الغرائز:

إن من أهم نتائج الإيمان الواقعي بالله، السيطرة على زمام الغرائز الثائرة، وضبط الرغبات اللامشروعة، فعندما يتحطم سد العقل والعلم والوجدان، ويفق مقاومته أمام الضربات القاصمة للغرائز، يثبت الإيمان بالله خشية الله، والنية الصادقة والحسنة. ثم قال:

(الإبقاء على العمل حتى يخلص أشد من العمل والعمل الخالص: الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلا الله عَزَّ وجَلَّ) (1) .

في قوته رصيناً وطيد الأركان... ويمنع من إسراف الغرائز، ويحفظ صاحبه من السقوط الحتمي، وقد اعتبر ذلك من علائم المؤمن في الروايات الإسلامية.

عن أبي جعفر (ع) قال: (إنما المؤمن، الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في إثم ولا باطل، وإذا سخط لم سخطه من قول الحق، والذي إذا قدر لم يخرجه قدرته إلى التعدي إلى ما ليس له بحق) (2) .

لقد أشار هذا الحديث إلى ثلاثة ميول غريزية يعد كل منها مهواة سحيقة للإنسان. فما أكثر الناس الذين يرتكبون جنايات عظيمة استجابة لإحدى الرغبات النفسية. أما الرجال المؤمنون فإنهم يستطيعون في المواقع الحساسة بمساندة القوى المعنوية أن يحفظوا أنفسهم من التلوث والدنس.

يقول الإمام أمير المؤمنين (ع) ضمن حديث طويل في بيان علائم المؤمن: (لا يحيف في حكمه ولا يجور في عمله، نفسه أصلب من الصلد، حياؤه يعلو شهوته، ووده يعلو حسده، وعفو يعلو حقده) (3) .

الإيمان والعزم:

يشير الإمام علي (ع) في هذه الجمل بعد الإشارة إلى الروح الصلبة والعزم الحديدي للمؤمنين، إلى أن غريزة الشهوة والحسد والانتقام مكبوتة في

____________________

(1) الكافي للكليني ج 2|16.

(2) بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج 15|94.

(3) المصدر السابق ج 15|97.

٣٧٠

نفوس الأشخاص المؤمنين وأن القوة الإيمانية تمنع من إسراف الرغبات المضطربة وهيجانها أكثر من الحد المقرر.

عن أبي عبد الله (ع) قال: (ثلاثة هم أقرب الخلق إلى الله يوم القيامة حتى يفرغ من الحساب: رجل لم تدعه قدرة في حال غضبه أن يحيف على مَن تحت يده، ورجل مشى بين اثنين فلم يمل مع أحدهما على الآخر بشعيرة. ورجل قال بالحق في ما له وعليه) (1) .

في هذا الحديث يبين الإمام الصادق (عليه السلام) غلبة الإيمان على الميول النفسانية في ثلاثة أفراد.

وللرسول الأعظم (ص) بيان آخر يتضمن بعض صفات المؤمن فيقول: (... مشمولاً بحفظ الله، مؤيداً بتوفيق الله، لا يحيف على مَن يبغض، ولا يأثم في من يحب، لا يجوز، ولا يعتدي، لا يقبل الباطل من صديقة، ولا يرد الحق على عدوه) (2) .

إن المؤمنين بخالق الكون هم الرجال الأحرار في العالم وليس للميول النفسانية والحقد والبغضاء طريق إلى نفوسهم، أو مكنة في الانحراف بهم عن السلوك الصحيح والطريق المستقيم.

الإيمان والهدوء النفسي:

إن الأثر الثاني للإيماني بالله يظهر في الهدوء النفسي. إن المؤمنين الحقيقيين مضافاً إلى قدرتهم على تعديل غرائزهم وشهواتهم بفضل الإيمان يقدرون على الاحتفاظ بشخصيتهم أمام هجوم الحوادث، وقبال الضربات الشديدة التي توردها المصائب وآلام الحياة عليهم فلا يصابون بأي اضطراب أو قلق تجاهها.

لقد حاصرت الحوادث والمفاجئات الطبيعية في العالم مثل الموت والمرض والزلزال والفيضان، وما شاكل ذلك، البشر من جهة، والإخفاقات وحالات

____________________

(1) وسائل الشيعة للحر العاملي ج 4|38.

(2) بحار الانوار للعلامة المجلسي ج 15|82.

٣٧١

الفشل والانهيار في الحياة من جهة أخرى... بحيث تلاقي جميع الطبقات الاجتماعية الأمرين من تلك المصائب والويلات.

وكما تخطو البشرية في مجالات المدنية، وتزداد مباهج الحياة يوماً بعد يوم وتفتح العلوم الطبيعية أبواباً جديدة للذة على العالم كلما تتعقد المشاكل الاجتماعية وتتحرك حوافز الحرص والجشع وتثور دوافع حب المال والجاه ويطول الأمل، ويشتد السعي وراء اللذة، وتكثر الرغبات النفسانية. ومن الطبيعي في حاله كهذه، أن تزداد الإخفاقات والانهيارات الروحية ويسود القلق والاضطراب على العام:

مرض القلق:

لقد أدى القلق والاضطراب النفسي إلى تحويل ثلة كبيرة من المتمدنين المعاصرين في العالم إلى مرضى، وهذا المرض المؤلم قد سلب راحة المصابين به من الرجال والنساء.

فنجد البعض منهم يستعينون للحصول على نوم بضع ساعات والاستراحة بأقراص مخدرة ومنومة. أما في اليقظة فصراع دائب مع الآلام الباطنية والقلق المستمر!

والبعض الآخر يلجئون لنسيان أنفسهم لبعض الوقت، والتخلص من شر القلق الداخلي إلى استعمال المشروبات الروحية والحشيشة، وبعملهم هذا يهدمون صرح سعادتهم وسلامتهم.

أما القسم الآخر فإنهم قد فقدوا القدرة على المقاومة بالتدريج على أثر الضغط الروحي المتواصل والقلق المستمر إلى حيث الإصابة بالأمراض النفسية أو الجنون، وقضاء ما تبقى من العمر في مستشفيات المجانين بأسوأ حال وأشنع صورة!

وهناك طائفة تأزمت حالتها تجاه المضايقات الروحية المستمرة إلى درجة أنها أفلتت عنان الاختيار من يدها، وأقدمت على الانتحار هرباً من القلق والألم، وبهذا الوضع المزري ينهون تلك السلسلة من الاضطرابات.

٣٧٢

لقد اهتم قسم كبير من علماء النفس في الآونة الأخيرة بمعالجة مرض القلق الهدام، وألفوا في ذلك الكتب المختلفة، وتوصلوا إلى معالجة المصابين به عن طريق الإيحاء، والتحليل النفسي، وحل العقد النفسية... إن ما لا شك فيه أنهم تحملوا جهوداً كبيرة في هذا السبيل وتوصلوا إلى نتائج مفيدة... ولكن تلك النتائج ضئيلة، ولا يزال يتضاعف عدد المصابين بالأمراض النفسية يوماً بعد يوم.

إن الغارق في بحر القلق والاضطراب الشديد لا يجد من نفسه حافزاً لقراءة الكتب العلمية النفسية، ولا يملك القدرة على فهم تلك القواعد المجردة، كي يستطيع تنفيذ تلك الوصايا، وتخليص نفسه من القلق والاضطراب.

الإيمان وعلاج القلق:

هنا يظهر دور الإيمان الكبير في علاج مرض القلق. فإن المؤمنين يستدون إلى الله تعالى في مد الحياة وجزرها، ويستعينون بألطافه وعناياته باستمرار، ولذلك فهم يملكون أرواحاً قوية، ونفوساً تتحدى التحطيم، ولا يفشلون أمام تقلبات الحياة.

( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (1) . إن المؤمن لا يشعر بالصغار والذلة أبداً لأنه يجد أنه يستند إلى أعظم قوة في الوجود، ذلك هو الله تعالى: ( أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) (2) .

وقد ورد عن الإمام الصادق (ع) في تفسير قوله تعالى: ( فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ) قوله (ع): (هي الإيمان بالله وحده لا شريك له) (3) .

كما أن حديثاً آخر يستند هذا الموضوع، ذلك أن الراوي يقول: سألت أبا عبد الله (ع) عن قوله عَزَّ وجَلَّ: ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ

____________________

(1) سورة الأحقاف |13.

(2) سورة الرعد |28.

(3) الكافي ج 2|14.

٣٧٣

الْمُؤْمِنِينَ ) قال: (هو الإيمان). قال: قلت ( وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ) ؟ قال: (هو الإيمان). وعن قوله: ( وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى ) ؟ قال: (هو الإيمان) (1) .

لقد ورد التعبير عن الهدوء النفسي، والارتياح الباطني عند المؤمنين في القرآن الكريم بعبارات مختلفة، ولقد قام النبي (ص) والأئمة (ص) والأئمة (ع) بتفسير ذلك كله بالإيمان... فالإيمان هو القوة الرصينة والقدرة التي لا تزلزل والتي إذا حلت في كل قلب، لم يصب ذلك القلب بقلق أصلاً، بل يستطيع أن يثبت في أحرج المواقف.

(يقول ويليام جيمس أبو علم النفس الحديث وأستاذ الفلسفة في جامعة (هارفرد): إن أشد العقاقير تأثيراً في رفع القلق هو الإيمان بالله والاعتقاد الديني) (2) ، (إن الإيمان هو أحد القوى البشرية التي يحيا الإنسان بمددها، وإن فقدانها الكامل يعني سقوط الإنسانية) (3) .

تشكل القيمة المعنوية للإيمان، وآثاره العجيبة في قلوب المؤمنين، فصلاً مستقلاً من فصول علم النفس الحديث في العالم، ذلك أن كثيراً من الأطباء النفسانيين يستفيدون من قوة الإيمان في حل أعقد العقد النفسية عند المصابين!

الإلحاد والقلق:

يعترف العلماء المعاصرون بأن قسماً مهماً من الاضطرابات الباطنية والأمراض النفسية والانتحارات منشؤها فقدان الإيمان. (في الولايات المتحدة الأمريكية يبلغ معدل الانتحار: عملية انتحار واحدة كل (35) دقيقة، ويصاب في كل دقيقتين شخص بالجنون. وإذا كان لهؤلاء نصيب من الهدوء

____________________

(1) الكافي ج 2|15.

(2) دع القلق وابدأ الحياة ص 159.

(3) نفس المصدر 155.

٣٧٤

والاطمئنان اللذين يبعثهما الدين والعبادة للإنسان، كان من الممكن أن يمنع ذلك من حدوث أكثر هذه الانتحارات والإصابات بالجنون).

(يقول الدكتور (كارل جونك) أشهر الأطباء النفسانيين في أحد كتبه: لقد راجعني في طي الثلاثين عاماً الأخيرة أناس من جميع الدول المتمدنة في العالم. وقد عالجت مئات المرضى، ولم يوجد بين جميع هؤلاء المرضى الذين كانوا يقضون النصف الثاني من حياتهم، أي الذين تزيد أعمارهم على الخمس والثلاثين سنة، لم يوجد بينهم واحد لم ترتبط مشكلته بوجدان عقيدة دينية في الحياة في نهاية الأمر. ولذا أستطيع القول بكل تأكيد: إن كلاً منهم كان قد تمرّض لفقدانه ما تهبه الأديان الحية في كل عصر لأتباعها، وإن الذين لم يسترجعوا عقائدهم الدينية لم يوفّقوا للعلاج أصلاً) (1) .

إيمان الأنبياء:

إن أجلى مثال للإيمان وآثاره العجيبة يمكن مشاهدته في تاريخ الأنبياء. إنهم قاموا في ظروف شديدة ومعقدة جداً، مليئة بالأخطار والمشاكل، وكانوا يتعرّضون للموت في كل لحظة، ولكنهم استمروا على بث دعوتهم بلا أي اضطراب أو قلق؛ ذلك أنهم كانوا مؤمنين بالله وكانوا يرون أنفسهم في حماه وتحت كنفه.

ولقد تعلم اتباع الأنبياء دروس الهدوء النفسي من قادتهم فراحوا في ظل إيمانهم بالله أقوياء إلى درجة أنهم لم يتزعزعوا أمام الحوادث والمصائب التي يلاقونها، فلا يقعون فريسة القلق والاضطراب... كان نظرهم متجهاً في الحرب والسلم، في الفقر والغنى، في الموت والمرض... وفي كل الحالات، إلى الله تعالى، متطلّعين إلى رحمته وكرمه.

وعلى سبيل المثال نذكر قصة هذه المرأة المسلمة:

____________________

(1) دع القلق وابدأ الحياة ص 154.

٣٧٥

(خرجت مع صديق لي بالبادية فاضللنا الطريق، فإذا رأينا في يمين الطريق خيمة فقصدناها فسلمنا، فإذا امرأة ردت علينا السلام، فقالت: من أنتم؟ قلنا: ضالين قصدناكم لنأنس بكم. فقالت: أديروا وجوهكم حتى أعمل من حقكم شيئاً، ففعلنا، فقالت: أجلسوا حتى يجيء ابني، وكانت ترفع طرف الخيمة وتنظر. فرفعتها مرة، فقالت: أسأل الله بركة المقبل. وقالت: أما الناقة فناقة ابني، وأما الراكب فليس هو. فلما ورد الراكب عليها قال: يا أم عقيل عظم الله أجرك بسبب عقيل، قالت: ويحك مات عقيل؟ قال: نعم. قالت: بما مات؟ قال: ازدحمته الناقة وألقته في البئر. فقالت له: أنزل وخذ زمام القوم. فقربت إليه كبشاً فذبحه وصنعت لنا طعاماً، فشرعنا في أكل الطعام ونتعجّب من صبرها. فلما فرغنا خرجتْ إلينا وقالت: أيها القوم أفيكم من يحسن في كتاب الله شيئاً؟ قلت: بلى! قالت: اقرأ عليّ آيات أتسلى بها من موت الولد. قلتُ: الله عَزَّ وجَلَّ يقول: ( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ... *... الْمُهْتَدُونَ ) ، قالت: الله! هذه الآية في كتاب الله هكذا؟ قلت: أي والله، إن هذه الآية في كتاب الله هكذا، فقالت: السلام عليكم فقامت وصلت ركعات، ثم قالت: اللَّهُم إني فعلت ما أمرتني به، فأنجز لي ما وعدتني به) (1) .

أي قوة غير الإيمان بالله قادرة على تهدئة خاطر امرأة ثكلى بهذه السرعة والسلامة؟! أي قدرة غير الاعتقاد الديني تستطيع إطفاء لهب الحزن والويل من روح أم أصيبت بموت ولدها الشاب، بهذه الفورية؟!

إحياء الفطرة الأولى:

نعود فنلخّص ما ذكرناه فيما سبق، وهو أن الإيمان بالله إحياء لأولى القوى الفطرية عند الإنسان... إن الإيمان بالله كفيل بتنفيذ أوامر الوجدان الأخلاقي... وهو أعظم ملجأ للإنسان، وأكبر عامل للهدوء النفسي

____________________

(1) لئالي الأخبار ص 305 الطبعة الحديثة.

٣٧٦

واطمئنان الخاطر... وبصورة موجزة، فهو أهم أسس السعادة البشرية وأولى المواضيع التي اهتم بها الأنبياء في دعوتهم.

إن المربي الكفء والقدير هو الذي يلفت نظر الطفل منذ الصغر نحو الله تعالى، ويلقنه درس الإيمان به بلسان ساذج بسيط. إن على المربي القدير أن يتحدث إلى الطفل عن رحمة الله الواسعة اتباعاً لمنهج القرآن الكريم، ويبذر في نفسه بذور الأمل، ويفهمه أن اليأس من روح الله ذنب عظيم.

يجب أن يعرف الطفل منذ الصغر أن لا ييأس أمام حوادث الزمان، فالله قادر على حل مشاكله وتيسير أموره. فإن رفعنا يد الحاجة نحوه، ساعدنا على مهمتنا.

على المربي أن يفهم الطفل أن أعظم الواجبات الإنسانية هو جلب رضى الله، وإن رضى الله يكمن في إطاعة أوامره التي بعثها إلينا، عن طريق نبيه العظيم، إن الصدق والأمانة يسبّبان رضى الله، والخيانة تسبّب غضبه.

يجب على المربي أن يوقظ الإحساس بالمسئولية أمام الله في الطفل منذ الطفولة، ويحثه على الشعور بواجبه، وإشعاره بالأسلوب البسيط: أن الله يراقبك في كل حال، ويطلع على أفعالك الصالحة والطالحة، ولا يخفى شيء على الله... إنه يجازيك على حسناتك ويعاقبك على سيئاتك.

إن الآباء والأمهات الذين يحيون الفطرة الإيمانية عند الطفل، ويربونه مؤمناً منذ الصغر، فإنهم يصبون ركائز سعادته بذلك من جهة، ويكونون قد قاموا بأول واجباتهم في التربية من جهة أخرى.

٣٧٧

٣٧٨

المحاضرة الخامسة عشرة:

التربية في ظل العدل والحرية

قال الله تعالى: ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) (1) .

حب الكمال:

من الأمور الفطرية عند الإنسان، والتي يمكن أن تكون أساساً ثابتاً لتربية الطفل: غريزة التفوق، وحب الكمال. إن الرغبة في الترقي والتعالي تعتبر من فروع حب الذات المودع في فطرة كل إنسان، وعلى المربي القدير أن يستغل هذه الثروة النفسية، ويقيم شطراً من الأساليب التربوية الصحيحة على هذا الأساس، فيسوق الطفل إلى طريق الترقّي والتعالي.

لقد ورد بهذا الصدد حديث عن الإمام الحسن (ع): أنه دعا بنيه وبني أخيه، فقال: (إنكم صغار قوم، ويوشك أن تكونوا كبار قوم آخرين، فتعلّموا العلم... فمن لم يستطع منكم أن يحفظه فليكتبه وليضعه في بيته) (2) .

وفي هذا الحديث نجد أن الإمام الحسن (عليه السلام)، لأجل أن يحث أبناءه وأبناء أخيه على اكتساب العلوم ويشجعهم على ذلك يستفيد من حب الذات والترقي عندهم - وهو أمر فطري - من دون أن يتوسل إلى الزجر والأساليب المخيفة، ويفهمهم أن تحصيل العلم في اليوم، سبيل الوصول إلى العزة والعظمة في الغد.

____________________

(1) سورة آل عمران |159.

(2) بحار الأنوار ج 1|110.

٣٧٩

إن الأسلوب المستعمل في هذا الحديث يعد من أعظم الأساليب في مجال التعليم والتربية في العصر الحديث، فكل أسرة تستطيع أن تشجع أبناءها على تحصيل العلوم بهذا الأسلوب، وتدفعهم منذ البداية إلى التعالي والترقي فإن الأطفال يسعون وراء العلم بدافع ذاتي فيما بعد، ولا يحتاجون إلى التهديد والتعقيب.

التكامل في ظل الحرية:

والنكتة الجديرة بالملاحظة هي أن الإرضاء الصحيح لغريزة حب التفوق والوصول إلى الكمال الحقيقي يمكن أن يتحقق في ظل الحرية والعوامل المساعدة فقط، وبدونها لا يكون نيل الكمال الواقعي ميسراً وبعبارة أوضح: إن الإنسان يستطيع السعي وراء الكمال وإرضاء الميول الباطنية بالنسبة إلى بلوغ طريق التعالي في الصورة التي يكون طريق التقدم مفتوحاً أمامه، ولا تعتاقه العوارض والموانع، فما أكثر الثروات النفسية التي ظلت عاطلة وفاقدة للأثر، لعدم حصولها على العوامل المساعدة، وما أكثر الأشخاص الذين يصطدمون في طريق إحياء استعداداتهم الفطرية بالموانع الطبيعية أو الشخصية أو الاجتماعية أو السياسية ويقفون عندها محرومين من السير في مدارج الكمال والرقي!

إن زهرة صغيرة إذا لاقت عوامل مساعدة وجواً طليقاً وغذاء كافياً، تتفتح أكمامها ويفوح عطرها... وكذلك تكون الاستعدادات الداخلية عند الإنسان فإنها تزدهر وتنمو في الظروف المساعدة، وتعود عليه بالفوائد العديدة.

إن من أهم شروط التعالي والتكامل للأطفال والكبار هو كون الجو الذي يعيشون فيه حراً، ذلك أنه عندما يكفهر وجه المجتمع بالظلم والتجاوز ويسود الاستبداد والضغط الشديد... وحين يحل اليأس محل الأمل، والظلم محل العدل، والاستهتار والفوضى بدل القانون، والخوف بدل الهدوء... فمن المحتم أن ينقطع السبيل إلى التكامل في ذلك المجتمع.

والذين يعيشون في أمثال هذه المجتمعات لا يقدرون على إخراج استعداداتهم الخفية وذخائرهم المعنوية من مرحلة القوة إلى حيز الوجود

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445