بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية11%

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية مؤلف:
المحقق: السيد علي العدناني الغريفي
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 534

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية
  • البداية
  • السابق
  • 534 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 183957 / تحميل: 7001
الحجم الحجم الحجم
بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

الأحاديث ظنية ، وانعدام الأمارات المقتضية للعمل بها.

ومثل الحسن ، والموثقية ، وإجماع العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه ، وغير ذلك ، وإن صار ضابطة عند البعض مطلقا ، أو في بعض رأيه ، إلاّ أنّ ذلك البعض لم يصطلح إطلاق الصحيح عليه ، وإن كان يطلق عليه في بعض الأوقات ، بل لعل الجميع يطلقون أيضا كذلك ، كما سنشير إليه في أبان بن عثمان حذرا من الاختلاط ، لشدة اعتمادهم في مضبوطيّة قواعدهم ولئلا يقع تلبيس وتدليس.

وبالجملة لا وجه للاعتراض عليهم بتغيير الاصطلاح وتخصيصه ، بعد ملاحظة ما ذكرنا(1) .

__________________

(1) قال الشيخ البهائي في مشرق الشمسين : 270 : تبيين : الذي بعث المتأخرين نور الله مراقدهم على العدول عن متعارف القدماء ووضع ذلك الاصطلاح الجديد ، هو أنّه لمّا طالت المدة بينهم وبين الصدر السالف ، وآل الحال إلى اندراس بعض كتب الأصول المعتمدة ، لتسلط حكام الجور والضلال ، والخوف من إظهارها وانتساخها ، وانضم الى ذلك اجتماع ما وصل إليهم من كتب الأصول في الأصول المشهورة في هذا الزمان ، فالتبست الأحاديث المأخوذة من الأصول المعتمدة بالمأخوذة من غير المعتمدة ، واشتبهت المتكررة في كتب الأصول بغير المتكررة ، وخفي عليهم قدس الله أرواحهم كثير من تلك الأمور التي كانت سبب وثوق القدماء بكثير من الأحاديث ، ولم يمكنهم الجري على أثرهم في تمييز ما يعتمد عليه مما لا يركن إليه ، فاحتاجوا إلى قانون تتميّز به الأحاديث المعتبرة عن غيرها ، والموثوق بها عمّا سواها.

فقرروا لنا شكر الله سعيهم ذلك الاصطلاح الجديد ، وقربوا إلينا البعيد ، ووصفوا الأحاديث الموردة في كتبهم الاستدلالية بما اقتضاه ذلك الاصطلاح من الصحّة والحسن والتوثيق.

وأوّل من سلك هذا الطريق من علمائنا المتأخرين شيخنا العلامة جمال الحق والدين الحسن بن المطهر الحلي قدس الله روحه.

ثم إنّهم أعلى الله مقامهم ربما يسلكون طريقة القدماء في بعض الأحيان فيصفون مراسيل بعض المشاهير كابن أبي عمير وصفوان بن يحيى بالصحة ، لما شاع من أنّهم لا

٦١

وأيضا عدهم الحديث حسنا وموثقا منشأه القدماء ، ولا خفاء فيه ، مع أنّ حديث الممدوح عند القدماء ليس كحديث الثقة ، والمهمل والضعيف البتة ، وكذا الموثق ، نعم لم يعهد منهم أنّه حسن أو موثق مثلا ، وما فعله المتأخرون لو لم يكن حسنا لا مشاحة فيه البتة ، مع أن حسنه غير خفي.

ومما ذكرنا ظهر فساد ما توهم بعض من أنّ قول مشايخ الرجال : صحيح الحديث ، تعديل ، ويأتي في الحسن بن علي بن نعمان(1) أيضا ، نعم هو مدح ، فتدبر(2) .

فائدة :

قولهم : لا بأس به ، أي : بمذهبه ، أو رواياته‌. والأول أظهر إن ذكر مطلقا ، وسيجي‌ء في إبراهيم بن محمّد بن فارس : لا بأس به في نفسه ولكن ببعض من روى عنه(3) .

وربما يوهم هذا كون المطلق قابلا للمعنيين ، وفيه تأمل.

__________________

يرسلون إلا عمّن يثقون بصدقه ، بل يصفون بعض الأحاديث التي في سندها من يعتقدون أنّه فطحي أو ناووسي بالصحة نظرا إلى اندراجه فيمن أجمعوا على تصحيح ما يصحّ عنهم.

وعلى هذا جرى العلامة قدس الله روحه في المختلف ، حيث قال في مسألة ظهور فسق إمام الجماعة : إنّ حديث عبد الله بن بكير صحيح. وفي الخلاصة حيث قال : إن طريق الصدوق إلى أبي مريم الأنصاري صحيح وإن كان في طريقه أبان بن عثمان مستندا في الكتابين إلى إجماع العصابة على تصحيح ما يصح عنهما.

وقد جرى شيخنا الشهيد الثاني طاب ثراه على هذا المنوال أيضا ، كما وصف في بحث الردّة من شرح الشرائع حديث الحسن بن محبوب عن غير واحد بالصحة ، وأمثال ذلك في كلامهم كثير ، فلا تغفل.

(1) قول النجاشي في رجاله في ترجمته : 40 / 81 : له كتاب نوادر صحيح الحديث.

(2) تعليقة الوحيد البهبهاني : 6.

(3) قال الكشي في رجاله : 530 / 1014 : وأمّا إبراهيم بن محمّد بن فارس ، فهو في نفسه لا بأس به ، ولكن بعض من يروي هو عنه.

٦٢

والأظهر الأوفق بالعبارة : أنّه لا بأس به بوجه من الوجوه ، ولعله لذا قيل بإفادته التوثيق(1) ، واستقر به المصنف في الوسيط(2) ، ويومئ إليه ما في تلك الترجمة ، وترجمة بشار بن يسار(3) ، ويؤيده قولهم : ثقة لا بأس به.

والمشهور إفادته المدح(4) ، وقيل : بعدم إفادته ذلك أيضا(5) ، وفي الخلاصة عدّه من القسم الأول(6) ، فهو عنده يفيد مدحا معتدا به.

__________________

(1) قال الشهيد الثاني في الرعاية : 205 ، في تعداده لألفاظ التعديل الغير الصريحة : لا بأس به ، بمعنى أنّه ليس بظاهر الضعف.

وقال في صفحة : 207 : وأمّا نفي البأس عنه ، فقريب من الخيّر ، لكن لا يدلّ على الثقة ، بل من المشهور : أنّ نفي البأس يوهم البأس.

ونقل المحقق في حاشية الرعاية عن ابن معين : إذا قلت ليس به بأس ، فهو ثقة.

وعن ابن أبي حاتم : إذا قيل صدوق ، أو محلّه الصدق ، أو لا بأس به ، فهو ممّن يكتب حديثه وينظر فيه.

وعدّ الداماد في الرواشح السماوية : 60 : لا بأس به. في ضمن ألفاظ التوثيق والمدح.

وقال الكاظمي في العدّة : 20 : قولهم : لا بأس به ، فإنّه في العرف ممّا يفيد المدح ، بل ربما عدّ في التوثيق وقال الأصفهاني في الفصول الغروية : 303 : ومنها قولهم : لا بأس به ، فعدّه بعضهم توثيقا ، لظهور النكرة المنفية بالعموم.

(2) في نسختنا من الوسيط ـ في ترجمة إبراهيم بن محمّد بن فارس : 8 : وعن أحمد بن طاوس ، عن الكشي ، عن محمّد بن مسعود : ثقة في نفسه ولكن بعض من يروي عنه ـ ثم قال ـ : وكأنّه بناء على أنّ نفي البأس يقتضي التوثيق ، وهو غريب. انتهى.

واحتمال التصحيف بين كلمة قريب وغريب غير بعيد. ولقول الوحيد في التعليقة : 27 ، في تلك الترجمة : لعلّ ما ذكره من أنّ لا بأس ، نفي لجميع أفراد البأس ، ويؤكده قوله : ولكن ببعض من يروي عنه ، وفي ذلك إشارة إلى الوثاقة ، وقد مرّ في الفائدة الثانية.

(3) في رجال الكشي : 411 / 773 ، قال : سألت علي بن الحسن ، عن بشار بن بشار ـ الذي يروي عنه أبان بن عثمان ـ؟ قال : هو خير من أبان وليس به بأس.

(4) كما في عبارة الشهيد الثاني في الرعاية : 207 ، وقد مرّت.

(5) أرسل هذا القول في الفصول الغروية : 303 ، وهو مختار السيد الصدر في نهاية الدراية : 149.

(6) الخلاصة : 7 / 25.

٦٣

فائدة :

قولهم : عين ، ووجه ، قيل : يفيد التعديل‌(1) . ويظهر من المصنف في الحسن بن علي بن زياد(2) .

وسنذكر عن جدي فيه معناهما ، واستدلاله على كونه توثيقا(3) .

وربما يظهر ذلك من المحقق الداماد أيضا في الحسين بن أبي العلاء(4) .

وعندي أنهما يفيدان مدحا معتدا به.

وأقوى منهما قولهم : وجه من وجوه أصحابنا(5) .

__________________

(1) قال في الرواشح : 60 : ألفاظ التوثيق : ثقة. عين ، وجه.

وقال في الفصول الغروية : 303 : ومنها قولهم عين ، أو وجه.

فقد عدّه بعض الأفاضل تعديلا ، وهو غير بعيد. وقال البهائي في الوجيزة : 5 : وألفاظ التعديل : ثقة ، حجة ، عين ، وما أدى مؤدّاها.

(2) قال في منهج المقال : 103 : وربما استفيد توثيقه من استجازة أحمد بن محمّد بن عيسى ، ولا ريب أنّ كونه عينا من عيون هذه الطائفة ، ووجها من وجوهها ، أولى من ذلك.

(3) روضة المتقين : 14 / 45 ، قال : وكان هذا الشيخ عينا من عيون هذه الطائفة ، وهذا توثيق. إلى أن قال : بل الظاهر أنّ قوله : وجه ، توثيق.

وقال الميرزا القمي في القوانين : 485 : فمن أسباب الوثاقة. قولهم : عين ، ووجه ، فقيل أنّهما يفيدان التوثيق.

(4) وقال المحقق الداماد في تعليقته على رجال الكشي : 1 / 243 : والحسين بن أبي العلاء الخفاف الأزدي ، وأخواه علي وعبد الحميد : وجوه ، ثقات ، أذكياء.

(5) التعليقة : 7 ، وقال في الفصول الغروية : 303 : ومنها قولهم : عين ، أو وجه ، أو وجه من وجوه أصحابنا ، إلى أن قال : والأظهر أنّه يفيد مدحا يصح الاعتماد معه على روايته لا سيّما الأخير.

وقال الميرزا القمي في القوانين : 485 : قولهم عين ووجه ، فقيل إنّهما يفيدان التوثيق ، وأقوى منهما وجه من وجوه أصحابنا.

٦٤

فائدة :

عند خالي(1) ، بل وجدي(2) ـ على ما هو ببالي ـ كون الرجل ذا أصل ، من أسباب الحسن‌. وعندي فيه تأمل ، لأنّ كثيرا من أصحاب الأصول كانوا ينتحلون المذاهب الفاسدة(3) ، وإن كانت كتبهم معتمدة ، على ما صرح به في أول الفهرست(4) .

وأيضا الحسن بن صالح بن حي ، متروك العمل بما يختص بروايته على ما صرّح به في التهذيب(5) ، مع أنّه ذا أصل.

__________________

(1) قال المجلسي في مرآة العقول : 1 / 108 : الحديث التاسع مجهول على المشهور بسعدان بن مسلم ، وربما يعد حسنا لأنّ الشيخ قال : له أصل.

وقال أيضا في 10 / 124 ، عند ذكر الحسن بن أيوب : وقال النجاشي : له كتاب أصل ، وكون كتابه أصلا عندي مدح عظيم.

(2) قال المجلسي الأول في روضة المتقين : 1 / 86 : فإنّك إذا تتبعت كتب الرجال ، وجدت أكثر أصحاب الأصول الأربعمائة غير مذكور في شأنهم تعديل ولا جرح ، إمّا لأنّه يكفي في مدحهم وتوثيقهم أنّهم أصحاب الأصول. إلى آخره.

(3) الظاهر من أنّهم يعدونه حسنا إذا ذكر مجردا من دون مدح أو قدح ، ولذا قال المجلسي الثاني في آخر وجيزته : 409 ، بعد ذكر طرق الصدوق : واعلم ان ما نقلنا من العلامة هو بيان حال السند دون صاحب الكتاب ، وإنّما حكمنا بحسن صاحب الكتاب إذا كان على المشهور مجهولا ، لحكم الصدوقرحمه‌الله بأنّه إنّما أخذ أخبار الفقيه من الأصول المعتبرة ، التي عليها المعول وإليها المرجع ، وهذا إن لم يكن موجبا لصحة الحديث ـ كما ذهب إليه المحدثون ـ فهو لا محالة مدح لصاحب الكتاب.

ويؤيده قول المجلسي الأول الآنف الذكر.

(4) الفهرست : 2.

(5) التهذيب 1 : 408 / 1282.

٦٥

وكذلك علي بن أبي حمزة البطائني ، مع أنّه ذكر فيه ما ذكر(1) .

وأضعف من ذلك كون الرجل ذا كتاب.

وفي المعراج : كون الرجل ذا كتاب لا يخرجه عن الجهالة إلاّ عند بعض من لا يعتد به(2) .

هذا ، والظاهر أنّ كون الرجل ذا أصل يفيد حسنا ، لا الحسن الاصطلاحي. وكذا كونه كثير التصنيف ، أو جيد التصنيف ، وأمثال ذلك ، بل كونه ذا كتاب أيضا يشير الى حسن ما.

ولعل مرادهم ذلك مما ذكروا ـ وسيجي‌ء عن البلغة في الحسن بن أيوب ـ : أنّ كون الرجل ذا أصل يستفاد منه الحسن(3) ، فلاحظ.

أقول : لا يكاد يفهم حسن من قولهم : له كتاب ، أو أصل ، أصلا ، وإفادة الحسن لا بالمعنى المصطلح لا تجدي في المقام نفعا ، لكن تأمله سلمه الله تعالى في ذلك ـ لانتحال كثير من أصحاب الأصول المذاهب الفاسدة ـ لعله ليس بمكانه ، لأنّ ذلك لا ينافي الحسن بالمعنى الأعم ، كما سيعترف به دام فضله عند ذكر وجه الحكم بصحة حديث ابن الوليد ، وأحمد ابن محمّد بن يحيى ، وسائر مشايخ الإجازة.

والأولى أن يقال : لأنّ كثيرا منهم فيهم مطاعن وذموم. إلاّ أن يكون مراد خاله العلامة الحسن بالمعنى الأخص ، فتأمل.

__________________

(1) ذكر الشيخ في ترجمته في الفهرست : 96 / 418 : واقفي المذهب ، له أصل. مع كثرة ما ورد فيه من ذموم.

(2) معراج أهل الكمال : 129 / 61 ، في ترجمة : أحمد بن عبيد ، ومراده من البعض هو : المولى مراد التفرشيرحمه‌الله في التعليقة السجادية ، كما صرح بذلك في الهامش.

(3) راجع البلغة : 344 هامش رقم : 3.

٦٦

فائدة :

الكتاب مستعمل عندهم رضي الله عنهم في معناه المعروف‌ ، وهو أعمّ مطلقا من الأصل والنوادر.

فإنّه يطلق على الأصل كثيرا ، منه ما يأتي في ترجمة : أحمد بن محمّد ابن عمار(1) ، وأحمد بن ميثم(2) ، وإسحاق بن جرير(3) ، والحسين بن أبي العلاء(4) ، وبشّار بن يسار(5) ، وبشر بن مسلمة(6) ، والحسن بن رباط(7) ، وغيرهم.

وربما يطلق في مقابل الأصل ، كما في ترجمة : هشام بن الحكم(8) ، ومعاوية بن حكيم(9) ، وغيرهما.

__________________

(1) قال الشيخ الطوسي في فهرسته : 29 / 88 : كثير الحديث والأصول ، وصنف كتبا.

(2) قال الشيخ في رجاله : 440 / 21 : روى عنه حميد بن زياد كتاب الملاحم ، وكتاب الدلالة ، وغير ذلك من الأصول.

(3) قال الشيخ في فهرسته : 15 / 53 : له أصل.

وقال النجاشي في رجاله : 71 / 170 : له كتاب.

(4) قال الشيخ في الفهرست : 54 / 204 : له كتاب يعدّ في الأصول.

(5) قال الشيخ في الفهرست : 40 / 130 : له أصل. عن ابن أبي عمير عنه.

وقال النجاشي في رجاله : 113 / 290 : له كتاب ، رواه عنه محمّد بن أبي عمير.

(6) في الفهرست : 40 / 129 : له أصل ، عنه ابن أبي عمير.

وفي رجال النجاشي : 111 / 285 : له كتاب ، رواه ابن أبي عمير.

(7) في الفهرست : 49 / 174 : له أصل. رواه ابن محبوب ، وفي رجال النجاشي : 46 / 94 : له كتاب ، رواية الحسن بن محبوب.

(8) قال الشيخ في الفهرست : 174 / 781 : له أصل. وله من المصنفات كتب كثيرة.

(9) قال النجاشي في رجاله : 412 / 1098 : روى معاوية بن حكيم أربعة وعشرين أصلا ، لم يرو غيرها. وله كتب.

٦٧

وربما يطلق على النوادر ، وهو أيضا كثير ، منه قولهم : له كتاب النوادر ، وفي أحمد بن الحسين بن عمر ما يدل عليه(1) .

وكذا يطلق النوادر في مقابل الكتاب ، كما في ترجمة ابن أبي عمير(2) .

وأمّا المصنّف ، فالظاهر أنّه أيضا أعمّ منهما ، فإنه يطلق عليهما ، كما يظهر من ترجمة أحمد بن ميثم(3) .

ويطلق بإزاء الأصل ، كما في هشام بن الحكم(4) ، وديباجة الفهرست(5) .

وأمّا النسبة بين الأصل والنوادر ، فالأصل أنّ النوادر غير الأصل ، وربما يعدّ من الأصول كما يظهر من ترجمة حريز بن عبد الله(6) ، وغيره.

بقي الكلام في معرفة الأصل والنوادر ، نقل ابن شهرآشوب عن المفيد : أنّ الإمامية صنّفت من عهد أمير المؤمنينعليه‌السلام الى زمان العسكريعليه‌السلام أربعمائة كتاب تسمى الأصول ، انتهى(7) .

__________________

(1) قال النجاشي في ترجمته : 83 / 200 : له كتب لا يعرف منها إلاّ النوادر.

(2) قال النجاشي في ترجمته : 326 / 887 : وقد صنف كتبا كثيرة. حدثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير بجميع كتبه. فأمّا نوادره فهي كثيرة ، لأن الرواة لها كثيرة.

(3) قال الشيخ في الفهرست : 25 / 77 : له مصنفات ، منها كتاب الدلائل ، كتاب المتعة.

(4) قال الشيخ في الفهرست : 174 / 781 : وكان له أصل. ، ثم قال : وله من المصنفات كتب كثيرة.

(5) قال الشيخ في ديباجة الفهرست : 2 : عمدت إلى كتاب يشتمل على ذكر المصنفات والأصول ، ولم أفرد أحدهما عن الآخر لئلا يطول الكتابان ، لأنّ في المصنفين من له أصل فيحتاج إلى أن يعاد ذكره في كل واحد من الكتابين فيطول.

(6) قال الشيخ في الفهرست : 62 / 249 : له كتب. وعدّ منها : كتاب النوادر ، ثم قال : تعدّ كلّها في الأصول.

(7) معالم العلماء : 3.

٦٨

أقول : لا يخفى أنّ مصنفاتهم أزيد من الأصول(1) ، فلا بد من وجه لتسمية بعضها أصولا دون بعض.

فقيل : إنّ الأصل ما كان مجرد كلام المعصومعليه‌السلام ، والكتاب ما فيه كلام مصنفه أيضا(2) ، وأيّد ذلك بقول الشيخرحمه‌الله في زكريا بن يحيى الواسطي : له كتاب الفضائل ، وله أصل(3) .

وفي التأييد نظر ، إلاّ أنّ ما ذكره لا يخلو عن قرب وظهور.

واعترض : بأنّ الكتاب أعمّ ، وفيه أنّ الغرض بيان الفرق بين الكتاب الذي ليس بأصل ومذكور في مقابله ، والكتاب الذي هو أصل ، وبيان سبب قصر تسميتهم الأصل في الأربعمائة.

ويظهر من كلام الشيخ في أحمد بن محمّد بن نوح أنّ للأصول ترتيبا خاصا(4) .

وقيل ـ في وجه الفرق ـ : أنّ الكتاب ما كان مبوبا(5) ومفصلا ، والأصل‌

__________________

(1) قال الحر العاملي في الفائدة الرابعة من خاتمة الوسائل : 30 / 165 ـ عند تعداده للكتب التي نقل عنها ـ : وأمّا ما نقلوا منه ولم يصرحوا باسمه فكثير جدا ، مذكور في كتب الرجال ، يزيد على ستة آلاف وستمائة كتاب ، على ما ضبطناه.

بينما ذكر أنّ الأصول أربعمائة.

(2) ذكر ذلك المحقق البحراني في المعراج : 17 ، نقلا عن الفاضل الأمين الأسترآباديقدس‌سره من بعض معلقاته.

وقال المحقق محمّد أمين الكاظمي في هداية المحدثين : 307 : الفرق بين المصنف والكتاب والأصل : أن الأولين كتبا بعد انقضاء زمن الأئمة عليهم‌السلام ، بخلاف الثالث فإنه كتب في زمنهم عليهم‌السلام .

(3) الفهرست : 75 / 314 ، في ترجمة زكار بن يحيى الواسطي.

(4) الفهرست : 37 / 117 ، قال : وله كتب في الفقه على ترتيب الأصول.

(5) ولكنّ يبدو أنّ كثيرا من الكتب غير مبوبة ، كما ورد في قول النجاشي في ترجمة علي بن جعفر : 251 / 662 : له كتاب في الحلال والحرام يروي تارة غير مبوب ، وتارة مبوّبا.

٦٩

مجمع أخبار وآثار(1) .

وردّ : بأنّ كثيرا من الأصول مبوّبة(2) .

ويقرب في نظري : أنّ الأصل هو الكتاب الذي جمع فيه مصنفه الأحاديث التي رواها عن المعصومعليه‌السلام ، أو عن الراوي ، والكتاب والمصنّف لو كان فيهما حديث معتمد معتبر لكان مأخوذا من الأصول غالبا.

وقيّدنا بالغالب ، لأنّه ربما كان بعض الروايات يصل معنعنا ، ولا يؤخذ من أصل ، وبوجود مثل هذا فيه لا يصير أصلا ، فتدبر.

وأمّا النوادر : فالظاهر أنّه ما اجتمع فيه أحاديث لا تنضبط في باب لقلته أو وحدته ، ومن هذا قولهم في الكتب المتداولة : نوادر الصلاة ، نوادر الزكاة وغير ذلك(3) .

وربما يطلق النادر على الشاذ(4) ، ومن هذا قول المفيدرحمه‌الله : إنّ النوادر هي التي لا عمل عليها(5) .

وقال الشيخ في التهذيب : لا يصلح العمل بحديث حذيفة لأنّ متنه لا‌

__________________

وفي ترجمة سعد بن سعد : 179 / 470 : له كتاب مبوب وكتاب غير مبوب.

وقال في ترجمة محمّد بن علي بن بابويه الصدوق : 392 / 1049 : كتاب العلل غير مبوب.

(1) انظر عدّة الرجال : 12.

(2) كما قال الشيخ في الفهرست : 37 / 117 ، في ترجمة أحمد بن محمّد بن نوح : وله كتب في الفقه على ترتيب الأصول.

(3) قال العلامة المجلسي في مرآة العقول : 1 / 154 : النوادر : أي أخبار متفرقة مناسبة للأبواب السابقة ، ولا يمكن إدخالها فيها ، ولا عقد باب لها ، لأنّها لا يجمعها باب ، ولا يمكن عقد باب لكلّ منها.

(4) راجع نهاية الدراية : 63 ، ومقباس الهداية : 1 / 252.

(5) الرسالة العددية : 9 / 19.

٧٠

يوجد في شي‌ء من الأصول المصنّفة ، بل هو موجود في الشواذّ من الأخبار(1) .

والمراد من الشاذ ـ عند أهل الدراية ـ : ما رواه الثقة مخالفا لما رواه الأكثر(2) ، وهو مقابل المشهور(3) .

والشاذّ مردود مطلقا عند بعض ، مقبول كذلك عند بعض(4) .

ومنهم من فصّل : بأنّ المخالف له إن كان أحفظ وأضبط وأعدل فمردود ، دون العكس فيتعارضان(5) .

وعن بعض أنّ النادر ما قلّ روايته وندر العمل به(6) . وادعى أنّه الظاهر من كلام الأصحاب. ولا يخلو من تأمل(7) .

فائدة :

قولهم : أسند عنه ، قيل : معناه سمع عنه الحديث‌ ، ولعل المراد على سبيل الاستناد والاعتماد(8) ، وإلاّ فكثير ممن سمع عنه ليس ممن أسند‌

__________________

(1) التهذيب : 4 / 169.

(2) قال ابن الصلاح في المقدمة : 44 : قال الشافعي : ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة ما لا يروي غيره ، إنّما الشاذ أن يروي الثقة حديثا يخالف ما روى الناس. ونظيره في تدريب الراوي : 1 / 232 وغيرهما.

(3) كما في الرعاية : 115 ، والوجيزة للبهائي : 5 ، ونهاية الدراية : 63.

(4) الرعاية : 115.

(5) الرعاية : 115 ، مقدمة ابن الصلاح : 46 ، تدريب الراوي : 1 / 234.

(6) مقباس الهداية : 3 / 31.

وقال الشيخ الطريحي في مجمع البحرين ـ ندر ـ : 3 / 490 : والنادر من الحديث في الاصطلاح : ما ليس له أخ ، أو يكون لكنّه قليل جدا ، ويسلم من المعارض ولا كلام في صحته ، بخلاف الشاذ فإنه غير صحيح ، أو له معارض.

(7) تعليقة الوحيد البهبهاني : 7.

(8) نقل العلياري في بهجة الآمال : 1 / 161 عن القوانين أنّه قال : ومن أسباب الوثاقة قولهم :

٧١

عنه(1) .

وقال جدي : المراد روى عنه الشيوخ ، واعتمدوا عليه ، وهو كالتوثيق ، ولا شك أنّ هذا المدح أحسن من لا بأس به(2) ، انتهى.

قولهرحمه‌الله : وهو كالتوثيق ، لا يخلو من تأمل ، نعم إن أراد التوثيق بالمعنى الأعم فلعلّه لا بأس به ، لكن لعله توثيق من غير معلوم الوثاقة ، أما أنّه روى عنه الشيوخ كذلك حتى يظهر وثاقته لبعد اتفاقهم على الاعتماد على من ليس بثقة ، أو بعد اتفاق كونهم بأجمعهم غير ثقات ، فليس بظاهر.

نعم ربما يستفاد منه قوة ومدح(3) ، لكن ليس بمثابة قولهم : لا بأس به ، بل أضعف منه ، لو لم نقل بإفادة ذلك التوثيق.

وربما يقال : بايمائه الى عدم الوثوق ، ولعله ليس كذلك(4) .

أقول : لم أعثر على هذه الكلمة إلاّ في كلام الشيخرحمه‌الله ، وما ربما يوجد في الخلاصة فإنّما أخذه من رجال الشيخ ، والشيخرحمه‌الله إنّما ذكرها في رجاله دون فهرسته ، وفي أصحاب الصادقعليه‌السلام دون غيره ، إلاّ في أصحاب الباقرعليه‌السلام ندرة غاية الندرة(5) .

__________________

أسند عنه ، يعني سمع منه الحديث على وجه الاسناد.

(1) ذكر هذا القول أيضا الأسترآبادي في لب اللباب : 22 على ما نقل عنه محقق مقباس الهداية : 2 / 228.

(2) روضة المتقين : 14 / 64 ، ذكر ذلك عند شرحه لحال أيوب بن الحر الجعفي.

(3) قال الكاظمي في عدته : 50 : وكثيرا ما يقولون : أسند عنه ـ وهو بالمجهول ـ والمراد أنّ الأصحاب رووا عنه ، وتلك خلة مدح ، فإنه لا يسند ولا يروى إلاّ عمّن يعوّل عليه ويعتمد.

(4) التعليقة : 7.

(5) ذكرت لفظة « أسند عنه » في عدّة من أصحاب الأئمةعليهم‌السلام في رجال الشيخ ، ففي أصحاب الإمام الصادقعليه‌السلام جاوزوا الثلاثمائة شخص.

أما في أصحاب الإمام الباقر عليه‌السلام فذكرت العبارة في حق شخص واحد ، وهو :

٧٢

واختلفت الأفهام في قراءتها :

فمنهم من قرأها بالمجهول كما سبق ، ولعلّ عليه الأكثر ، وقالوا بدلالتها على المدح ، لأنّه لا يسند إلاّ عمن يستند إليه ، ويعوّل عليه.

وفي ترجمة محمّد بن عبد الملك الأنصاري : أسند عنه ، ضعيف(1) .

فتأمل.

وقيل في وجه اختصاصها ببعض دون بعض : أنّها لا تقال إلاّ فيمن لا يعرف بالتناول منه والأخذ عنه(2) .

وقرأ المحقق الشيخ محمّد : أسند بالمعلوم ، وردّ الضمير الى الامامعليه‌السلام ، وكذا الفاضل الشيخ عبد النبي الجزائريرحمه‌الله في‌

__________________

حماد بن راشد الأزدي : 117 / 39.

وذكرت في أصحاب الإمام الكاظم عليه‌السلام مرتين :

موسى بن إبراهيم المروزي : 359 / 7.

يزيد بن الحسن : 364 / 19.

وذكرت في أصحاب الإمام الرضا عليه‌السلام سبع مرات :

إسماعيل بن محمّد بن إسحاق بن جعفر : 367 / 4.

أحمد بن عامر بن سليمان الطائي : 367 / 5.

داود بن سليمان بن يوسف : 375 / 2.

علي بن بلال : 380 / 7.

عبد الله بن علي : 381 / 16.

محمّد بن سهل البجلي الرازي : 389 / 34.

محمّد بن أسلم الطوسي : 390 / 49.

وذكرت في أصحاب الإمام الهادي عليه‌السلام مرة واحدة : محمّد بن أحمد بن عبيد الله ابن المنصور : 422 / 14.

(1) رجال الشيخ : 294 / 223.

(2) قال الكاظمي في عدته : 50 ، بعد كلامه في هامش رقم 3 المتقدم : غير أنّهم إنّما يقولون ذلك فيمن لا يعرف بالتناول منه ، والأخذ عنه.

٧٣

الحاوي(1) كما يأتي عنهما في يحيى بن سعيد الأنصاري(2) ، وعن الثاني في عبد النور أيضا(3) .

وينافيه قول الشيخ في جابر بن يزيد : أسند عنه ، روى عنهما(4) .

وقوله في محمّد بن مسلم : أسند عنه قصير وحداج ، روى عنهما(5) .

وقوله في محمّد بن إسحاق بن يسار : أسند عنه ، يكنى أبا بكر ، صاحب المغازي ، من سبي عين التمر ، وهو أول سبي دخل المدينة ، وقيل : كنيته أبو عبد الله ، روى عنهما(6) .

وقال المحقق الداماد في الرواشح ـ ما ملخصه ـ : إنّ الصحابي ـ على مصطلح الشيخ في رجاله ـ على معان :

منها : أصحاب الرواية عن الإمام بالسماع منه.

ومنها : بإسناد عنه ، بمعنى أنّه روى الخبر عن أصحابهعليه‌السلام

__________________

(1) الحاوي : 344 / 2135.

(2) قال المحقق الشيخ محمّدقدس‌سره : العجب من العلامةرحمه‌الله أنّه أتى بقوله : أسند عنه ، مع عدم تقدم مرجع الضمير ، فكأنّه نقل كلام الشيخرحمه‌الله بصورته ، والضمير فيه عائد إلى الصادقعليه‌السلام ، وهذا من جملة العجلة الواقعة من العلامةرحمه‌الله ، انتهى.

وقال الفاضل عبد النبي الجزائري : لا يخفى أن ضمير عنه في عبارة الخلاصة لا مرجع له بحسب الظاهر ، وكان عليه أن يقول من أصحاب الصادق عليه‌السلام ، انتهى.

ثم عقب الحائري بقوله : ولا يخفى أنّ ما ذكراه مبني على قراءة « أسند » ، بصيغة المعلوم ، ولم يظهر ذلك من العلامة رحمه‌الله ، فلعلّه رحمه‌الله قرأها بالمجهول ، فلا اعتراض.

منتهى المقال ، ترجمة يحيى بن سعيد الأنصاري.

(3) الحاوي : 306 / 1851.

(4) رجال الشيخ : 163 / 30.

(5) رجال الشيخ : 300 / 317.

(6) رجال الشيخ : 281 / 22.

٧٤

الموثوق بهم ، وأخذ عن أصولهم المعتمد عليها ، فمعنى أسند عنه : أنّه لم يسمع منه ، بل سمع من أصحابه الموثقين وأخذ عنهم من أصولهم المعتمد(1) عليها.

وبالجملة قد أورد الشيخ في أصحاب الصادقعليه‌السلام جماعة جمّة إنّما روايتهم عنه بالسماع من أصحابه الموثوق بهم والأخذ من أصولهم المعوّل عليها ، ذكر كلا منهم وقال : أسند عنه ، انتهى(2) .

وردّ : بأنّ جماعة ممن قيلت فيه ، رووا عنه مشافهة(3) .

وقرأ ولد الأستاذ العلامة دام علاهما أيضا بالمعلوم ، ولكن لا أدري الى من ردّ الضمير.

وقرأ بعض السادة الأزكياء من أهل العصر(4) أيضا كذلك ، قال :

__________________

(1) في نسخة : المعمول.

(2) الرواشح السماوية : 63 ـ 65 ، الراشحة الرابعة عشر.

(3) كما في ترجمة : جابر بن يزيد الجعفي : 163 / 30 ، ومحمّد بن إسحاق بن يسار : 281 / 22 ، ومحمّد بن مسلم بن رباح : 300 / 317 ، فإن الثلاثة من أصحاب الإمام الصادقعليه‌السلام وقال عنهم الشيخ : أسند عنه ، ثم عقبه بقوله : روى عنهماعليهما‌السلام .

وكثير من الذين عدّهم الشيخ في رجاله وقال : أسند عنه ، ذكرهم النجاشي في رجاله وذكر لهم كتاب يرويه عن ذلك الامام ، مثل :

1 ـ محمّد بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام .

2 ـ أبان بن عبد الملك الخثعمي.

3 ـ عبد الله بن علي.

4 ـ أحمد بن عامر بن سليمان الطائي.

5 ـ محمّد بن إبراهيم العباسي الإمام.

6 ـ محمّد بن ميمون التميمي الزعفراني.

7 ـ إبراهيم بن محمّد بن أبي يحيى وغيرهم كثير.

(4) هو النحرير الرباني السيد بشير الجيلانيرحمه‌الله ( منه ).

٧٥

والأشبه كون المراد أنّهم أسندوا عنهعليه‌السلام ولم يسندوا عن غيره من الرواة كما تتبعت ، ولم أجد رواية أحد من هؤلاء عن غيرهعليه‌السلام إلاّ أحمد بن عائذ ، فإنه صحب أبا خديجة وأخذ عنه ، كما نص عليه النجاشي(1) ، والأمر فيه سهل ، فكأنه مستثنى لظهوره. انتهى.

وفيه أيضا تأمل ، فإن غير واحد ممن قيل فيه : أسند عنه ، سوى أحمد ابن عائذ رووا عن غيرهعليه‌السلام أيضا ، منهم : محمّد بن مسلم على ما ذكره ولد الأستاذ العلامة ، والحارث بن المغيرة ، وبسام بن عبد الله الصيرفي.

وربما يقال : انّ الكلمة : أسند بالمعلوم ، والضمير للراوي ، إلاّ أن فاعل أسند ابن عقدة ، لأنّ الشيخرحمه‌الله ذكر في أول رجاله أنّ ابن عقدة ذكر أصحاب الصادقعليه‌السلام وبلغ في ذلك الغاية. قالرحمه‌الله : وإني ذاكر ما ذكره ، وأورد من بعد ذلك ما لم يذكره(2) ، فيكون المراد : أخبر عنه ابن عقدة ، وليس بذلك البعيد.

وربما يظهر منه : وجه عدم وجوده إلاّ في كلام الشيخ. وسبب ذكر الشيخ ذلك في رجاله دون الفهرست ، وفي أصحاب الصادقعليه‌السلام دون غيره(3) . بل وثمرة قولهرحمه‌الله : إني ذاكر ما ذكره ابن عقدة ثم أورد ما لم يذكره. فتأمل جدا(4) .

__________________

(1) رجال النجاشي : 98 / 246.

(2) رجال الشيخ : 2.

(3) ذكرنا فيما سبق المواضع التي وردت الكلمة في حقهم ، من أصحاب باقي الأئمةعليهم‌السلام .

(4) وقد فصّل القول في معنى الكلمة ومدلولها ومواردها ومعناها اللغوي السيد الجلالي في مقالته التي نشرت في مجلة تراثنا ، العدد الثالث ، السنة الأولى ، تحت عنوان : المصطلح الرجالي « أسند عنه » ما هو؟ وما هي قيمته الرجالية؟.

٧٦

فائدة :

لا يخفى أنّ كثيرا من القدماء سيّما القميين وابن الغضائري كانت لهم اعتقادات خاصة في الأئمةعليهم‌السلام ‌ بحسب اجتهادهم ، لا يجوّزون التعدي عنها ، ويسمون التعدي : غلوا وارتفاعا ، حتى أنّهم جعلوا مثل نفي السهو عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله غلوا ، بل ربما جعلوا التفويض ـ المختلف فيه ـ إليهم ، أو نقل خوارق العادات عنهم ، أو الإغراق في جلالتهم ، وذكر علمهم بمكنونات السماء والأرض ارتفاعا ، أو مورثا للتهمة.

وذلك لأنّ الغلاة كانوا مختفين في الشيعة ، ومخلوطين بهم ، مدلّسين أنفسهم عليهم ، فبأدنى شبهة كانوا يتّهمون الرجل بالغلوّ والارتفاع ، وربما كان منشأ رميهم بذلك وجدان رواية ظاهرة فيه منهم ، أو ادعاء أرباب ذلك القول كونه منهم ، أو روايتهم عنه ، وربما كان المنشأ روايتهم المناكير ، الى غير ذلك.

وبالجملة الظاهر أنّ القدماء كانوا مختلفين في المسائل الأصولية ، فربما كان شي‌ء عند بعضهم فاسدا أو كفرا أو غلوّا ، وعند آخرين عدمه ، بل مما يجب الاعتقاد به ، فينبغي التّأمل في جرحهم بأمثال الأمور المذكورة.

ومما ينبه على ما ذكرنا ملاحظة ما سيذكر في تراجم كثيرة ، ويأتي في إبراهيم بن عمر ، وغيره ، ضعف تضعيفات ابن الغضائري وفي إبراهيم بن إسحاق وسهل بن زياد ضعف تضعيف أحمد بن محمّد بن عيسى ، مضافا الى غيرهما من التراجم فتأمل(1) .

__________________

(1) التعليقة : 8.

٧٧

فائدة :

للتفويض معان :

أولا : يأتي في آخر الكتاب(1) .

ثانيا : تفويض الخلق والرزق إليهمعليهم‌السلام ، ولعلّه يرجع الى الأول ، وورد فساده عن الصادق(2) والرضا(3) عليهما‌السلام .

ثالثا : تفويض تقسيم الأرزاق ، ولعلّه مما يطلق عليه(4) .

رابعا : تفويض الأحكام والأفعال إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بأن يثبت ما رآه حسنا ، ويرد ما رآه قبيحا ، فيجيز الله تعالى ذلك ، كإطعام الجدّ السدس ، وإضافة الركعتين في الرباعيات ، والركعة في المغرب ، والنوافل‌

__________________

(1) تعليقة الوحيد : 410 عند ذكره للفرق ، وفيه : ومنها المفوّضة ، القائلون بأنّ الله خلق محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله وفوّض إليه أمر العالم ، فهو الخلاّق للدنيا وما فيها ، وقيل : فوّض ذلك الى عليعليه‌السلام ، وربما يقولون بالتفويض إلى سائر الأئمة.

(2) نقل العلامة المجلسي في البحار 25 : 343 / 25 ، عن كتاب اعتقاد الصدوق : عن زرارة أنّه قال : قلت للصادقعليه‌السلام : إنّ رجلا من ولد عبد الله بن سبأ يقول بالتفويض ، فقال : وما التفويض؟ قلت : إنّ الله تبارك وتعالى خلق محمّدا وعليّا صلوات الله عليهما ، ففوّض إليهما ، فخلقا ورزقا وأماتا وأحييا ، فقالعليه‌السلام : كذب عدوّ الله ، إذا انصرفت إليه فاتل عليه هذه الآية التي في سورة الرعد :( « أَمْ جَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْ‌ءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهّارُ ) . الرعد : 16.

(3) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام 1 : 124 / 17 بسنده عن الامام الرضاعليه‌السلام أنّه قال : ومن زعم أن الله عزّ وجل فوّض أمر الخلق والرزق الى حججهعليهم‌السلام فقد قال بالتفويض ،. والقائل بالتفويض مشرك.

(4) بصائر الدرجات : 363 / 11 بسنده عن علي بن الحسينعليه‌السلام أنّه قال :. يا أبا حمزة لا تنامنّ قبل طلوع الشمس فإنّي أكرهها لك ، إنّ الله يقسّم في ذلك الوقت أرزاق العباد ، وعلى أيدينا يجريها.

٧٨

أربعا وثلاثين ، وتحريم كل مسكر عند تحريم الخمر ، الى غير ذلك(1) .

وهذا محل إشكال عندهمرحمهم‌الله ، لمنافاته لظاهر( وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ) (2) وأمثاله ، والكلينيرحمه‌الله قائل به ، والأخبار الكثيرة واردة فيه(3) .

ووجّه : بأنها تثبت من الوحي إلاّ أن الوحي تابع ومجيز.

خامسا : تفويض الإرادة ، بأن يريد شيئا لحسنه ولا يريد شيئا لقبحه ، كإرادة تغيّر القبلة ، فأوحى الله تعالى إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله بما أراد(4) .

سادسا : تفويض القول بما هو أصلح له وللخلق ، وإن كان الحكم الأصلي خلافه ، كما في صورة التقية(5) .

سابعا : تفويض أمر الخلق ، بمعنى : أنّه أوجب عليهم طاعته في كل ما يأمر وينهى ، سواء علموا وجه الصحة أم لا ، بل وإن كان بحسب ظاهر نظرهم عدم الصحة ، بل الواجب عليهم القبول على وجه التسليم(6) .

وبعد الإحاطة بما ذكر يظهر أنّ القدح بمجرد رميهم بالتفويض لا يخلو أيضا من إشكال ، وفي محمّد بن سنان ما يشير إليه(7) .

__________________

(1) راجع بحار الأنوار : 25 / 328 وما بعدها ، فصل في بيان التفويض ومعانيه ، وتفسير آية 7 من سورة الحشر قوله تعالى :( وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) .

(2) النجم : 53 / 3.

(3) الكافي : 1 / 363 ، باب في معرفتهم أوليائهم والتفويض إليهم.

(4) مجمع البيان : 1 / 227.

(5) راجع مقباس الهداية : 2 / 379 ، الرابع.

(6) راجع تفسير الآية 65 من سورة النساء :( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) .

(7) التعليقة : 8.

٧٩

فائدة :

أبو العباس الذي يذكره النجاشي على الإطلاق‌ ، قيل : مشترك بين ابن نوح ، وابن عقدة(1) ، وليس كذلك ، بل هو الأول ، ويأتي في إبراهيم بن عمر اليماني(2) .

فائدة:

كلمة « مولى » بحسب اللغة لها معان معروفة‌(3) ، وأمّا في المقام :

__________________

(1) اختلفت كلمات الرجاليين في تعيين أبي العباس ، فمنهم من جعله : ابن عقدة ، ومنهم من عيّنه ابن نوح ، والأكثر على أنّه مشترك. فقال الكاظمي في تكملة الرجال : 1 / 350 في ترجمة : حفص بن البختري : فنقل النجاشي عن أبي العباس ـ وهو ابن عقدة ـ توثيقه.

وجاء في الهامش منه أيضا : ويحتمل أن يكون ابن نوح على ضعف ، وإن كان ينقل عن كليهما ، لأنّ الظاهر أنّه عند الإطلاق يراد بأبي العباس : ابن عقدة ، وإذا أراد به ابن نوح قيّده ، كما يظهر من تتبعه ، والشيخ محمّد في الشرح ردده بينهما ، والأظهر ذلك وسيجي‌ء في ترجمة حفص بن سوقة ما يؤيده ، ووافقنا على هذا المجلسي فيما سيجي‌ء ـ إنّ شاء الله ـ في ترجمة الحكم بن حكيم.

وقال الشيخ البهائي في مشرق الشمسين : 313 : لا يقال إنّ النجاشي نقل توثيق حكم ابن حكيم عن أبي العباس ، وهو مشترك بين ابن نوح الإمامي ، وابن عقدة الزيدي ، فكيف عددت حديث حكيم من الصحيح ، والمعدل له مشترك ، قلنا : الاشتراك هنا غير مضر ، وابن عقدة وإن كان زيديا ، إلاّ أنّه ثقة مأمون ، وتعديل غير الإمامي إذا كان ثقة لمن هو إمامي حقيق بالاعتبار والاعتماد ، فان الفضل ما شهدت به الاعداء.

نعم ، جرح غير الإمامي للإمامي لا عبرة به ، وإن كان الجارح ثقة.

(2) في التعليقة : 24 ، في ترجمته : وما قيل من أنّ أبا العباس مشترك ـ والقائل هو الشهيد الثاني في تعليقه على الخلاصة ـ ففيه أنّ الظاهر أنّه ابن نوح ، لأنّه شيخ النجاشي ، مع أنّ ابن عقدة بينه وبينه وسائط ، مضاف إلى أنّ ابن نوح جليل ، والآخر عليل ، والإطلاق ينصرف الى الكامل ، سيّما عند أهل هذا الفن ، خصوصا النجاشي ، فإنّه يعبرون عن الكامل به ، أمّا الناقص فلا ، بل ربما كان عندهم ذلك تدليسا ، فتأمل.

(3) راجع القاموس : 4 / 401 ، والصحاح : 6 / 2529 ، وتاج العروس : 10 / 399 ، ولسان

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

ومن مناقب أمير المؤمنين صلوات الله عليه في الغزاة البدرية ما رواه الواحدي عند قوله تعالى( هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ) (١) روى عن البخاري ومسلم أنها نزلت في حمزة وعبيدة وعلي بن أبي طالب وعتبة وشيبة ابني(٢) ربيعة والوليد بن عتبة ورواه مرفوعا عن(٣) أبي ذر و(٤) أنه كان يقسم على ذلك(٥) .

__________________

قال سلمة بن الأكوع: فجئت به أقوده الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : مالك؟ قال: رمدت فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ادن منّي، فدنى منه، فتفل في عينيه، فما شكى وجعهما بعد، حتى مضى لسبيله، ثم اعطاه الراية، فنهض بالراية وعليه حلّة ارجوان حمراء قد أخرج كميّها، فأتى مدينة خيبر، فخرج مرحب صاحب الحصن، وعليه مغفر، وحجر قد ثقبه مثل البيضة على رأسه، وهو يرتجز ويقول:

قد علمت خيبر انّي مرحب

شاكي السلاح بطل مجرّب

اطعن احيانا وحينا اضرب

اذ الحروب اقبلت تلهب

كان حماي كالحما لا يقرب

فبرز اليه علي - صلوات الله وسلامه عليه - فقال:

انا الذي سمتني امي حيدرة

كليث غابات شديد القسوره

اكتالكم بالسيف كيل السندره

فاختلفا ضربتين، فبدره علي عليه‌السلام بضربة فقدّ الحجر والمغفر وفلق رأسه حتى أخذ السيف في الاضراس، وأخذ المدينة، وكان الفتح على يديه.

وكذلك نقل هذا الخبر عن الثعلبي السيد هاشم البحراني في غاية المرام: ٤٦٧.

وقد أشار ابن ابي الحديد الى فرار الشيخين في قصيدته العلوية بقوله:

وما انس لا انس اللذين تقدما

وفرهما والفرقد علما حوب

وللراية العظمى وقد ذهبا بها

ملابس ذل فوقها وجلابيب

(١) الحج: ١٩.

(٢) ن: ابن ابي ربيعة.

(٣) ق: الى.

(٤) لا توجد في: ق.

(٥) قال الواحدي:

اخبرنا أبو عبد الله محمد بن ابراهيم المزكي، قال: اخبرنا عبد الملك بن الحسن بن يوسف،

١٤١

وزعم ملقح الفتن عدو الصحابة والقرابة أن منصوره خص بمخاطبته عند قذف مسطح لابنته بالذكر(١) وليس ذلك كما أثنى على جملة المهاجرين والأنصار فقال( وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ ) (٢) .

أقول: إن هذا الترجيح من ملقح الفتن ما جهل مفرط بالسيرة وهو خلق من لا اهتمام له بالإسلام أو حلية مغالط مدلس يهزأ في مباحثه ولا يربطه رباط دين ولا يقيده قيد حياء إذ أمير المؤمنين صلوات الله عليه المخصوص بنزول القرآن المتكاثر فيه من طريق من ليس من عدادنا ولو جمع ذلك لكان عدة أجزاء وسأذكر نبذة يسيرة من ذلك من كتاب الشيخ

__________________

قال: أخبرنا يوسف بن يعقوب القاضي قال: اخبرنا عمر بن مرزوق قال: أخبرنا شعبة عن أبي هاشم، عن ابي مجلز عن قيس بن عبادة قال: سمعت ابا ذر يقول: اقسم بالله لنزلت( هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ) في هؤلاء الستة: حمزة وعبيدة، وعلي بن ابي طالب، وعتبة، وشيبة، والوليد بن عتبة.

ورواه البخاري عن حجاج بن منهال، عن هشيم بن هاشم.

انظر: أسباب النزول: ١٧٦.

وذكر نزول الآية بشأن هؤلاء الستة جماعة آخرون وسطروها في كتبهم نذكر منها: شواهد التنزيل: ١ / ٣٨٦، صحيح البخاري: ٦ / ٩٨، وصحيح ابن ماجة: في ابواب الجهاد، والمستدرك: ٢ / ٣٨٦، وتفسير الرازي: ٢٣ / ٢٩، ومشكل الآثار: ٢ / ٢٦٨ والجامع لأحكام القرآن: ١٢ / ٢٥ وتفسير ابن كثير: ٣ / ٢١٢ وجامع الاصول: ٢ / ٣٢٢ والصواعق المحرقة: ١٢٤ وذخائر العقبى: ٨٩ والرياض النضرة: ٢٠٧.

(١) قال الجاحظ: ( ضمن كلام له ):

حتى انزل الله سبحانه على رسوله براءة عائشة، وامر أبا بكر بالانفاق على مسطح وعياله، وبالعفو عنه. وان يعيده الى رحله وتحت جناحه، فأنزل الله في محكم كتابه على نبيه يريد أبا بكر ( الى ان قال ) فقال الله - وهو يريد أبا بكر -: ( وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ ) الآية. فقال ابو بكر: بلى يا رب، فرده الى رحله، وعفا عنه كما أمره الله.

انظر العثمانية: ٥٥.

(٢) النور: ٢٢.

١٤٢

الإمام الحافظ أبي نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الأصبهاني(١) قال بعد الخطبة:

واعلم أدام الله رعايتك أن القرآن مجزأ على أربعة أجزاء فربع فيه وفي أهل بيته ومواليه وربع في مخالفه(٢) ومعاديه وربع حلال وحرام وربع فرائض وأحكام(٣) .

وروى أبو الفرج الأصفهاني الأموي(٤) هذا المعنى أو ما يناسبه عن عليعليه‌السلام بالسند المتصل صورة المتن قال

__________________

(١) ابو نعيم احمد بن عبد الله بن احمد بن اسحاق بن موسى بن مهران الاصبهاني، الحافظ المشهور صاحب كتاب « حلية الأولياء » كان من الاعلام المحدثين وأكابر الحفاظ، وله كتاب « اخبار اصبهان » يقال: ان اول من اسلم من أجداده مهران وانه مولى عبد الله بن معاوية بن عبد الله ابن جعفر بن ابي طالبعليه‌السلام .

ولد ابو نعيم في رجب سنة ست وثلاثين وثلاثمائة وقيل غير ذلك، وتوفي في صفر وقيل يوم الاثنين الحادي والعشرين من المحرم سنة ثلاثين وأربعمائة بأصبهان.

ترجم له: وفيات الأعيان: ١ / ٩١ تذكرة الحفاظ: ٣ / ٢٩٢ طبقات الشافعية: ٤ / ١٨.

(٢) ن: مخالفيه.

(٣) ما نزل من القرآن في علي: مخطوط.

(٤) هو ابو الفرج علي بن الحسين بن محمد بن احمد بن الهيثم بن عبد الرحمن بن مروان بن عبد الله ابن مروان بن محمد بن مروان بن الحكم بن ابي العاص بن امية القرشي الأموي الكاتب الاصبهاني جده مروان بن محمد المذكور آخر خلفاء بني امية وهو اصبهاني الأصل بغدادي المنشأ كان من أعيان ادباءها وأفراد مصنفيها وكان عالما بأيام الناس والأنساب والسير له مصنفات كثيرة منها كتاب « الأغاني » يقال انه جمعه في خمسين سنة وحمله الى سيف الدولة فأعطاه ألف دينار وله أيضا « الاماء الشواعر » و « مقاتل الطالبيين » و « آداب الغرباء » وغير ذلك.

ولد سنة اربع وثمانين ومائتين وتوفى يوم الأربعاء رابع عشر ذي الحجة سنة ست وخمسين وثلاثمائة ببغداد وقيل سنة سبع وخمسين.

ترجم له: وفيات الأعيان: ٣ / ٣٠٧، ومعجم الادباء: ١٣ / ٩٤، اخبار اصبهان: ٢ / ٢٢ معجم المؤلفين: ٧ / ٧٨، تاريخ بغداد: ١١ / ٣٩٨.

١٤٣

نزل القرآن ربعا فينا وربعا في عدونا وربعا سير وأمثال(١) وربعا فرائض وأحكام ولنا كرائم القرآن(٢) .

وروى نحو هذا عن عدة طرق في كتابه المتعلق بما نزل من القرآن في أهل البيتعليهم‌السلام (٣) .

وروى أبو نعيم عن محمد بن عمر بن غالب قال حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خيثمة قال حدثنا عباد بن يعقوب(٤) قال حدثنا موسى بن عثمان الحضرمي عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال:

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما أنزل الله تعالى آية فيها( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) إلا وعلي رأسها وأميرها كذا حدثناه مرفوعا(٥) .

ورواه غير مرفوع من عدة طرق وفي بعض ما رواه إلا وعلي سيدها وشريفها(٦) .

__________________

(١) ن: في امثال.

(٢) ما نزل من القرآن في أهل البيت: مخطوط ومفقود.

(٣) وذكر القندوزي في ينابيع المودة: ١٢٦ ( ط اسلامبول ):

روى في المناقب عن الأصبغ بن نباتة عن علي عليه‌السلام قال: نزل القرآن على أربعة أرباع، ربع فينا وربع في عدونا وربع سنن وامثال وربع فرائض وأحكام ولنا كرائم القرآن.

وجاء في حبيب السير لغياث الدين بن همام: ٢ / ١٣ ( ط طهران ): روى الحافظ أبو بكر احمد ابن موسى بن مردويه بسنده عن علي كرم الله وجهه قال: نزل ربع القرآن في شأننا وربعه في اعداءنا وربعه في السير والأمثال وربعه في الفرائض والأحكام ولنا كرائم كلام الملك العلاّم.

(٤) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(٥) حلية الأولياء ١ / ٦٤.

وذكره ايضا الخوارزمي في المناقب: ص ١٧٩، والمتقي في منتخب كنز العمال: ٥ / ٣١ ( المطبوع بهامش المسند )، ومحب الدين الطبري في ذخائر العقبى: ٨٩، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب: ٥٤، وسبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص: ١٩، وسليمان القندوزي في ينابيع المودة: ١٢٥.

(٦) ورواه بهذا اللفظ اضافة على حلية الاولياء، جماعة من علماء العامة منهم: أخطب خوارزم في

١٤٤

وروى بإسناده عن ابن عباس قال لما نزلت( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) (١) أومأ بيده إلى منكب علي فقال أنت الهادي يا علي بك يهتدي المهتدون من بعدي(٢) .

ومن غريب ما يرد على المخذول ما رواه أبو الفرج(٣) بإسناده المتصل عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال نزلت في عليعليه‌السلام ثمانون آية صفوا ما شركه فيها أحد من هذه الأمة(٤) .

__________________

مناقبه: ١٨٩، والهيثمي في مجمع الزوائد: ٩ / ١١٢، بزيادة: ولقد عاتب الله أصحاب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله في غير مكان وما ذكر عليا الاّ بخير. والسيوطي في تاريخ الخلفاء: ٦٦، والمتقي في منتخب كنز العمال: ٥ / ٢٨، واحمد بن حنبل في فضائله: ٣ / ٦٥٤، ومحب الدين الطبري في ذخائر العقبى: ٨٩، وفي الرياض النضرة: ٢٠٧، والكنجي في كفاية الطالب: ٥٤، والفخر الرازي في نهاية العقول: ١٩٦، والشبلنجي في نور الابصار: ١٠٥، وابن حجر في صواعقه: ٣٨ و ١٢٥، والقندوزي في ينابيع المودة: ١٢٦، والبرزنجي في مقاصد الطالب: ١٠.

(١) الرعد: ٧.

(٢) روى ابن جرير الطبري في تفسيره: ١٣ / ٧٢ بسنده عن ابن عباس قال لما نزلت( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) وضع - صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم - يده على صدره، فقال: أنا المنذر،( وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) ، واومأ بيده الى منكب علي -عليه‌السلام - فقال: انت الهادي يا علي، بك يهتدي المهتدون بعدي.

وذكره السيوطي في الدر المنثور في تفسير الآية في سورة الرعد والفخر الرازي في تفسيره في ذيل تفسير الآية والمتقي في كنز العمال: ٦ / ١٥٧ والشبلنجي في نور الأبصار ص ٧٠ والمناوي في كنوز الحقائق ص ٤٢ والحاكم في المستدرك على الصحيحين: ٣ / ١٢٩. فقد روى هؤلاء هذا الحديث مع اختلافات في بعض ألفاظه.

(٣) ق: ابو الفتوح.

(٤) روى الخطيب في تاريخ بغداد: ٢ / ٢٢١ بسنده عن ابن عباس قال: نزلت في عليعليه‌السلام ثلاثمائة آية.

ابن حجر في الصواعق المحرقة ص ٧٢ والشبلنجي في نور الابصار ص ٧٣ عن ابن عباس قال: نزل في علي عليه‌السلام ثلاثمائة آية.

١٤٥

إذا عرفت هذا فاعلم أن ملقح الفتن فضل على علي غيره بجماعة يسيرة نزرة رغبهم منصوره في الإسلام كما ادعى وهم(١) الزبير وطلحة وسعد وعبد الرحمن وعثمان وبلال ومسطح وعامر بن فهيرة(٢) .

أقول وقد نبهت على شيء من قواعدهم أو قواعد أعيانهم عنده وهذه الرواية الواردة من عدة طرق ومنها يا علي بك يهتدي المهتدون دالة على أن كل مهتد بعده على وجه الأرض إلى أن تقوم القيامة مهتدون بأمير المؤمنين صلوات الله عليه فأين النفر الذين أشار إليهم ممن لا يحصى عدده(٣) ولا تضبط أفراده(٤) مع حوادث جرت من أعيان من ذكر رضوان الله عليهم.

وروى مرفوعا عن ابن عباس في قوله تعالى( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) (٥) قال عن ولاية علي بن أبي طالبعليه‌السلام فأين من

__________________

وكذلك أيضا ذكر السيوطي في تاريخ الخلفاء: ١١٧، والعلامة الكنجي في كفاية الطالب: ١٠٨، وسليمان القندوزي في ينابيع المودة: ١٢٦.

(١) الاضافة منا.

(٢) العثمانية: ٥٤.

(٣) ن: عددهم.

(٤) ن: افرادهم.

(٥) الصافات: ٢٤.

وذكر ابن حجر في الصواعق المحرقة: ص ٨٩ قال:

الآية الرابعة قوله تعالى ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) قال: اخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري ان النّبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم قال: ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) عن ولاية عليّ عليه‌السلام ( ثم قال ) وكأنّ هذا هو مراد الواحدي بقوله: روي في قوله تعالى: ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) اي عن ولاية عليّ عليه‌السلام وأهل البيت.

وانظر أيضا تذكرة الخواص: ٢١ ارجح المطالب: ٦٣ ينابيع المودّة: ١١٢.

١٤٦

تسأل جميع الأمة عن ولايته ممن أمر مثلا بالنفقة على ابن خالته قاذف ابنته وهو بمقام منهي عن كلفته(١) وهي عندنا منزهة وإنما ملقح الفتن ذكرها في كتابه لأمر غير مهم لا يفي(٢) بذكرها لا أحسن الله تعالى جزاءه.

وروى ما هو مشهور من نزول قوله تعالى( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) (٣) الآية في عليعليه‌السلام وأقل مراتبها ناصركم فإذا أمير المؤمنين ناصر جميع المؤمنين فكل منهم مغموس في حقه مرموس في مواهبه.

وروى عن ابن عباس مرفوعا في قوله جل وعز( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) (٤) أن النبيعليه‌السلام قال لعلي أنت وشيعتك تأتي أنت وشيعتك(٥) يوم القيامة راضين مرضيين ويأتي عدوك غضابا مقمحين قال يا رسول الله ومن عدوي قال من تبرأ منك ولعنك ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قال رحم الله عليارحمه‌الله (٦) .

__________________

(١) ن: خلقيّته.

(٢) ن: نفي.

(٣)( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) المائدة: ٥٥.

لقد روى الحديث نزول هذه الآية بشأن مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام طائفة من الرواة وحملة الحديث منهم: الفخر الرازي في تفسيره في سورة المائدة في ذيل الآية المذكورة، والزمخشري في الكشاف في ذيل الآية، ابن جرير الطبري في تفسيره: ٦ / ١٨٦ والسيوطي في الدر المنثور في ذيل تفسير الآية، كنز العمال: ٦ / ٣١٩ و ٧ / ٣٠٥ والهيثمي في مجمع الزوائد: ٧ / ١٧ والمحب الطبري في ذخائر العقبى: ص ٨٨ وص ١٠٢.

(٤) البيّنة: ٧.

(٥) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(٦) اورده الحسكاني في شواهد التنزيل: ٢ / ٣٥٧ باختلاف يسير في بعض الفاظه.

١٤٧

إذا عرفت هذا فاعلم أن ملقح الفتن بما أراد من ترجيح غيره عليه كاذب بالنقل الذي لا يتهم راويه(١) ولا يغلط من روى عنه صلوات الله عليه وأقل المراتب أن يكون علي وشيعته خير البشر إذا كانت اللفظة بغير همز وإن كانت بهمزة كان الفضل بها على جميع المكلفين بالإطلاق هذا نوع تنبيه يليق بما نحن فيه في هذه الأوراق المختصرة.

وقد روى ابن مردويه من نيف وأربعين طريقا - أن عليا خير البشر(٢) .

__________________

وذكر ابن حجر في صواعقه: ٩٦ قال:

الآية الحادية عشرة قوله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) قال: أخرج الحافظ جمال الدين الزرندي، عن ابن عباس: ان هذه الآية لما نزلت قال - صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم - لعلي - عليه‌السلام -: هو انت وشيعتك، تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين، ويأتي عدوك غضابا مقمحين قال: ومن عدوي؟ قال: من تبرأ منك ولعنك.

وذكر هذا أيضا الشبلنجي في نور الابصار: ٧٠ و ١٠١.

وذكر السيوطي في الدر المنثور: في ذيل تفسير الآية:

اخرج ابن عساكر، عن جابر بن عبد الله، قال كنا عند النبي - صلى الله عليه [ وآله ] وسلّم فأقبل علي، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : والذي نفسي بيده، انّ هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة، ونزلت: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) فكان أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله اذا اقبل علي قالوا: جاء ( خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) .

وقال ايضا: اخرج ابن مردويه عن علي قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه [ وآله ] وسلّم الم تسمع قول الله: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) انت وشيعتك، موعدي وموعدكم الحوض، اذا جاءت الامم للحساب تدعون غرا محجلين.

وذكره ايضا الالوسي في روح المعاني: ٣٠ / ٢٠٧ ( ط مصر ).

وذكر ابن الصباغ في الفصول المهمة: ١٠٥ ( ط النجف ) عن ابن عباس - رضي‌الله‌عنه - لما نزلت هذه الآية: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) قال لعلي: هو أنت وشيعتك، تأتي يوم القيامة انت وهم راضون مرضيون. ويأتي اعداءك غضابا مقمحين.

(١) ن: رواته.

(٢) وروى الخطيب في تاريخ بغداد: ٧ / ٤٢١ بسنده عن جابر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم -: علي خير البشر فمن امترى فقد كفر.

١٤٨

وهذا مؤكد لرد ملقح الفتن على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في تفضيل غير علي عليه.

وذكر ملقح الفتن أن سعدا فخر عليه فلم يعارضه(١) .

ولا يمتنع أن يكون غرض ملقح الفتن بذلك الطعن على سعد ونحن لا نستثبت ما حكاه إذ كان قد ثبت(٢) أن من آذى عليا آذى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وثبت أن سبه سبه(٣) وثبت أن مفارق علي مفارق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤)

وروى من طريق الخصم أن مبغض علي منافق(٥) .

وروى المخالف لنا عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه من مات على بغض علي فلا يبالي مات يهوديا أو نصرانيا(٦) وقد روينا آنفا أن

__________________

وروى ايضا في: ٣ / ١٩ من الكتاب المذكور، بسنده عن زر عن عبد الله عن علي -عليه‌السلام - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم -: من لم يقل علي خير الناس فقد كفر.

وذكر هذا ايضا ابن حجر في تهذيب التهذيب: ٩ / ٤١٩.

كنوز الحقائق: ص ٩٢ قال:

علي خير البشر من شك فيه كفر.

الرياض النضرة: ٢ / ٢٢٠ قال:

عن عقبة بن سعد العوفي، قال: دخلنا على جابر بن عبد الله - وقد سقط حاجباه على عينيه - فسألناه عن علي عليه‌السلام ، قال: فرفع حاجبيه بيده فقال: ذاك من خير البشر.

وذكره ايضا المحب الطبري في ذخائر العقبى: ص ٩٦ والحديث أيضا ورد في لسان الميزان: ٣ / ١٦٦ وفرائد السمطين: ١ / ١٥٤ وكنز العمال: ٦ / ١٥٩.

(١) العثمانية: ٥٦.

(٢) مرت الاشارة الى عدة أحاديث في هذا الباب ص: ٣٤.

(٣) مرت الاشارة الى عدة أحاديث في هذا الباب ص: ٤٦.

(٤) مرت الاشارة الى عدة أحاديث في هذا الباب ص: ٣٥.

(٥) مرت الاشارة الى عدة احاديث في هذا الباب ص: ٢٠.

(٦) ابن المغازلي في مناقبه: ٥٠.

١٤٩

علياعليه‌السلام خير البشر وإذا كان الأمر كذا فمن حاول تقدمه عليه بالشرف وعلوه عليه بالمنزلة كان رادا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومشاقا(١) له ونحن ننزه خلصاء الصحابة عن ذلك.

ولو ثبت أن غير سعد كان المخاطب لأمير المؤمنينعليه‌السلام بالفخر عليه وأنه سكت عنه لكان الوجه في الرد عليه منه كونه لا يحفل بما وقع اعتبارا بما نظمته في مثل هذا المقام أو فيما يناسبه والدهر مولع بأرباب السجايا الميمونة الكرام.

إذا الفلك الأعلى الأثير تعرضت

لعز علاه الساقطات النوازل

أبى مجده الأسمى الحجاج وعابه

بنادي النهى يوم الفخار التفاضل.

وشرع يصف سعدا مستثمرا من ذلك أنه مستجيب لمن نصره(٢) .

ونحن غير قادحين في سعد ولا ينهض الثناء عليه بكون من حثه على الإسلام أشرف من أمير المؤمنينعليه‌السلام سيد البشر حسب النقل الذي أشرنا إليه ولا يكون سعد مدانيا لأمير المؤمنين في شرفه أو مقارنا له في

__________________

بسنده عن معاوية بن جيدة القشيري، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه [ وآله ] وسلّم يقول لعلي: لا يبالي من مات وهو يبغضك مات يهوديا أو نصرانيا.

وكذلك أورده الهمداني الحسيني في مودة القربى: ٦٣. وفي ص ٩١: يا علي لا يبغضك من الانصار الاّ من كان يهوديا.

وكذلك ذكر القندوزي في ينابيع المودة: ٢٥٧.

وأيضا في نفس الكتاب ص ٢٥١: من احبك يا علي كان مع النبيين في درجتهم يوم القيامة ومن مات يبغضك فلا يبالي مات يهوديا أو نصرانيا.

(١) من: مشتاقا.

(٢) العثمانية: ٥٦ فانه قال: وقد فخر عليه سعد فلم يعارضه، فأين مبلغ ما ذكرتم مما ذكرنا اذا كان مثل سعد من مستجيبه وهو المستجاب الدعوة وأول من أراق دما في الاسلام وأول من رمى بسهم يوم بدر الى آخره.

١٥٠

منزله فكيف فرعه الذي يستثمر ملقح الفتن الشرف به لمن عول عليه.

قال ملقح الفتن مفارق أمير المؤمنين ما معناه إنكم إذا قلتم بأن المحارب أبلغ رتبة من الوادع كان ذلك طعنا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ(١) كان علي محاربا والنبيعليه‌السلام وادعا(٢) .

والجواب بما أن الكلام في كون غير الرئيس وادعا وغيره محاربا يشرب(٣) كئوس المتاعب ويخضب من دماء الأقران بنان القواضب.

وذكر ملقح الفتن عدو الدين ما حاصله إن الرئيس يعالج أتعابا كثيرة(٤) بخلاف المحارب(٥) .

وهذا كلام مدغل إذ لم يكن منصوره أيام رسول الله رئيسا حتى يتم له ما أراد وهو موضع البحث.

أضربنا عن هذا الكلام(٦) بأن(٧) الجارودية تمنع هذا وتقول لو سلمنا أن أتعاب الرئيس أشد لما فضل على علي غيره إلا بعد تقرير أن ذلك الاجتهاد(٨) مشروع وأين ذاك.

أضربنا عن هذا فإن أتعاب عليعليه‌السلام ما(٩) تحمله من أعباء

__________________

(١) ن: اذا.

(٢) العثمانية: ٥٧.

(٣) ن: يرشف.

(٤) ن: كبيرة.

(٥) العثمانية: ٥٧ و ٥٨.

(٦) لا توجد في: ن.

(٧) ن: فان.

(٨) ن: لاجتهاد.

(٩) ن: بما.

١٥١

الخلافة وأتعاب من تقدم(١) عليه جزء يسير(٢) وعين اليقين(٣) شاهدة(٤) ولا يساوي الأنزر الأغزر ولا الأصغر التافه الأكبر.

وأخذ(٥) يصغر من حال عمرو بن عبد ود وحال الوليد بن عتبة متعصبا على أمير المؤمنينعليه‌السلام وهو بما أشار إليه مكذب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ كانت الرواية من طرق القوم لضربة علي بن أبي طالب عمرو بن عبد ود تعدل عمل أمتي إلى يوم القيامة(٦) ولا يقال لمن قتل نكسا(٧) أو صادم خائما(٨) أو لاقى جبانا.

هذا وروى أخطب خطباء خوارزم(٩) في إسناده أن علياعليه‌السلام لما قتل عمروا قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اللهم أعط علي بن أبي طالب فضيلة لم تعطها أحدا قبله ولا تعطيها أحدا بعده(١٠) .

__________________

(١) ن: يعدم.

(٢) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن، وبدله: عنه حروبه.

(٣) ن: التعين.

(٤) ن: ساهرة.

(٥) العثمانية: ٥٩.

(٦) تقدمت الاشارة الى بعض المصادر التي ذكرت هذا الحديث هامش ص (٥٩).

(٧) النكس بالكسر فالسكون: الرجل الضعيف ( المنجد ).

(٨) ن: حاتما، والخائم: الجبان المنكسر والمتراجع ( لسان العرب - خيم - ).

(٩) هو الحافظ الموفق بن احمد بن محمد ( أو اسحاق ) البكري المكي الحنفي المعروف بأخطب خوارزم، يكنى بأبي المؤيد وأبي محمد وأبي الوليد، كان فقيها حافظا ومحدثا خطيبا طائر الصيت وأديبا شاعرا وكان يخطب بجامع خوارزم سنين كثيرة، ولد سنة ٤٨٤ ه‍ وتوفي في اليوم الحادي عشر من صفر سنة ٥٦٨ ه‍ وقيل غير ذلك له مؤلفات كثيرة منها: مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام وكتاب الأربعين وكتاب مقتل الحسينعليه‌السلام .

ترجم له: معجم المؤلفين: ١٣ / ٥٢ الغدير. ٤ / ٣٩٨ وأنباه الرواة: ٣ / ٣٣٢ اعلام الزركلي: ٧ / ٣٣٣.

(١٠) مناقب الخوارزمي: ١٠٥ و ١٠٦.

١٥٢

وهذا شاهد تكثير(١) النكاية في المشركين والأثر البين في الكافرين. وقد ذكر الثعلبي أن الجراح أثبتت عمرا يوم بدر فلم يحضر أحدا(٢) .

ومن أثبتته(٣) الجراح وبعد شرب كأسه أقدم على الحرب متقدما أبطالا كثيرة كانوا معه في الجيش يطلب المبارزة عين الندب الشجاع وقلب أنجاد البهم المكافحين.

وحكى الثعلبي صورة حال محاورته عليا قبل مصاولته تشهد بأن المشار إليه كان من النجدة في قلتها والشجاعة في ذروتها(٤) .

__________________

(١) ن: ثليين ( كذا ).

(٢) الكشف والبيان: مخطوط.

(٣) ن: اثبته.

(٤) روى الحاكم في المستدرك: ٣ / ٣٢ بسنده عن ابن اسحاق، قال: كان عمرو بن عبدود ثالث قريش وكان قد قاتل يوم بدر حتى أثبتته الجراحة ولم يشهد أحدا، فلما كان يوم الخندق خرج معلما ليرى مشهده، فلما وقف هو وخيله قال له علي -عليه‌السلام -: يا عمرو قد كنت تعاهد الله لقريش ان لا يدعوك رجل الى خلتين الا قبلت منه احداهما، فقال عمرو: اجل، فقال له علي -عليه‌السلام -: فاني ادعوك الى الله عز وجل والى رسوله والى الاسلام. فقال: لا حاجة لي في ذلك، قال: فاني ادعوك الى البراز، قال: يا ابن اخي لم؟ فو الله ما احب ان أقتلك فقال عليعليه‌السلام : لكني والله أحب ان اقتلك، فحمى عمرو فاقتحم عن فرسه فعقره ثم أقبل فجاء الى عليعليه‌السلام وقال: من يبارز؟ فقال عليعليه‌السلام وهو مقنع في الحديد فقال: انا له يا نبي الله، فقال انه عمرو بن عبدود، اجلس فنادى عمرو: الاّ رجل؟ فاذن له رسول الله - صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم - فمشى اليه عليعليه‌السلام وهو يقول:

لا تعجلن فقد أتاك مجيب صوتك غير عاجز

ذو نبهة وبصيرة والصدق منجي كل فائز

إني لأرجو ان اقيم عليك نائحة الجنائز

من ضربة نجلاء يبقى ذكرها عند الهزاهز

فقال له عمرو: من أنت؟ قال: أنا علي، قال ابن من؟ قال: ابن عبد مناف، أنا علي ابن أبي طالب، فقال: عندك يا ابن أخي من اعمامك من هو أسن منك فانصرف فاني أكره أن أهريق دمك، فقال علي عليه‌السلام : لكني والله ما اكره أن أهريق دمك، فغضب فنزل فسلّ

١٥٣

ولم يذكر المدغل طائلا حتى يكون الكلام بحسبه.

ثم من المستغرب أن يكون لمنصور ملقح الفتن شرف بمحاربة مستجيبيه ولا يكون لأمير المؤمنينعليه‌السلام الشرف بمحاربة يمينه كما أسلفت(١) .

ولقد ضرب مقدم العلماء في زمنه ابن الخطيب الرازي(٢) المثل بأمير المؤمنينعليه‌السلام وحاتم هذا في شجاعته وهذا في سخاوته جاعلا ذلك في جانب الأمور الضرورية والعلوم الجلية.

ولقد بلغنا خبر طريف عن رجل يقال له مفرج الفرنجي وقد حضر

__________________

سيفه كأنه شعلة نار، ثم اقبل نحو عليعليه‌السلام مغضبا واستقبله علي -عليه‌السلام - بدرقته فضربه عمرو في الدرقة فقدها وأثبت فيها السيف وأصاب رأسه فشجه، وضربه علي -عليه‌السلام - على حبل العاتق فسقط وثار العجاج فسمع رسول الله - صلى الله عليه [ وآله ] وسلّم التكبير فعرف ان علياعليه‌السلام قتله ( الى آخر الحديث ).

وذكره الشبلنجي ايضا في نور الابصار: ص ٧٩.

وزاد ابياتا لعمرو يقول:

ولقد بححت من النداء بجمعكم هل من مبارز

ووقفت إذ وقف الشجاع مواقف القرن المناجز

وكذاك اني لم أزل متسرعا قبل الهزاهز

ان الشجاعة في الفتى والجود من خير الغرائز

فأجابه علي عليه‌السلام :

لا تعجلن فقد أتاك مجيب صوتك غير عاجز

( الى آخر الأبيات المتقدمة ).

(١) لا توجد في: ن.

(٢) هو محمد بن عمر بن الحسن، التميمي البكري الرازي الشافعي المعروف بالفخر الرازي وبابن خطيب الري. مفسر متكلم فقيه اصولي اديب شاعر طبيب، ولد بالري سنة ٥٤٣ وقيل ٥٤٤ وتوفي سنة ٦٠٦ ه‍ له تآليف كثيرة منها التفسير الكبير.

انظر: وفيات الأعيان: ١ / ٦٠٠ وطبقات الشافعية: ٥ / ٣٥. ميزان الاعتدال: ٢ / ٣٢٤ لسان الميزان: ٤ / ٤٢٦.

١٥٤

بساط بعض الملوك فسئل عن أمير المؤمنينعليه‌السلام وغيره فجهل غيره وقال عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه إنه مصور عندنا في البيع لا ينال صورته إلا بطاليا(١) وهو رجل حاسر يلقى دارعا.

وإن شروعنا في التنبيه على هذا يلحقنا بملقح الفتن في عبارة أو عقلية(٢) فلنقتصر على هذا حذارا من خطر زلته.

قال عدو السنة ما معناه إن الشيعة ترى أن الذي(٣) منع العرب من تقديمه كونه قتل منهم الأحبة في كلام بسيط ودافع بأن أبا سفيان وكان وجها كان(٤) مع بني هاشم على أبي بكر وذكر أبا حذيفة(٥) وأطرأه وكان علي قتل أخاه(٦) .

واعلم أن هذا كلام لا حاصل له ناصرا(٧) لملقح الفتن إذ الإمامية تقول أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام منصوص عليه فسواء بايعته العرب أو لم تبايعه لا ينقص ذلك ما(٨) ثبت من النص المعلوم عليه وإن دوفعت عن النص فهم قائلون أنه كان أفضل الصحابة والأفضل مقدم سواء وقعت الموافقة على بيعته أو لا.

فإن قال إنما أردت أن الشيعة تقول إنه منصوص عليه وإنما عدلوا عن النص لتلك العلة وهي قتل الأحبة من العرب.

__________________

(١) ن: بايطاليا.

(٢) ق: غفلة.

(٣) ن: الذين.

(٤) لا توجد في: ق.

(٥) يعني أبا حذيفة بن عتبة.

(٦) العثمانية: ٦٠.

(٧) ن: ناصر.

(٨) ق: مما.

١٥٥

قلت فقد كان ينبغي أن يبين ذلك وما بينه سلمنا أنه ذكر ذلك لكن أمير المؤمنينعليه‌السلام ما كان قتله مقصورا على الجماعة الذين أشار إليهم حتى يتوجه الكلام إذ كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه قتل ولده حنظلة وشرك في عتبة وربيعة وقتل الوليد بن عتبة وعلى الإيراد بحنظلة قول.

ولقد تضمنت السيرة أنه قتل يوم أحد من أرباب الألوية تسعة فكيف من عداهم وله المناقب المأثورة في بني قريظة وما صنعه في خيبر والأحزاب وغير ذلك من المقامات المعلومة والمصادمات المفهومة وقد فهم عمر ذلك وهو أقرب عهدا وأعرف بالقواعد فقال إن قريشا تنظر إليكم يعني بني هاشم نظر الثور إلى جازره.

ولو لم تبن الإمامية دفع النص على قتل أمير المؤمنينعليه‌السلام لأحبة(١) المشركين لكان له وجه بما أنهعليه‌السلام كان مشغولا بجهاز النبيعليه‌السلام وخلا الجمهور بالملك فغلبوا عليه والحكم للحاضر.

وهذا كما قال بعض الوعاظ وقد سئل عن خبر السقيفة فقال ضاق نطاق الوقت عن شرح ما تم ثم مات الشاه فاشتغل(٢) الرخ(٣) بتجهيزه تفرزن(٤) البيذق(٥) .

أو نقول إنهم أحسوا من أمير المؤمنين بخشونته في الدين وحموسته في الحق فتجافاه من تجافاه لذلك.

__________________

(١) ق: احبة.

(٢) ق وج: اشتغل.

(٣) الرخ بالضم فالسكون: قطعة من قطع الشطرنج ( المنجد ).

(٤) ق وج: تفرزت.

(٥) ق وج: البيدق. والبيذق هو الماشي راجلا ومنه بيدق الشطرنج وتفرزن البيذق، صار فرزانا، والفرزان: الملكة في لعب الشطرنج. ( المنجد ).

١٥٦

أو نقول إن أمير المؤمنينعليه‌السلام جمع محاسن الشرف فرأى كثير منهم أنه إذا انضم إلى ذلك شرف الرئاسة غارت نجومهم عند مجده النفساني والعرضي فرأوا تقديم غيره ممن ليس كذا.

وأقول إن عمر فهم ما يشبه هذا في قوله إن قومكم كرهوا أن تجتمع لكم الخلافة والنبوة.

وقال إنه لم يحضر من بني هاشم غير علي وحضر من بني تيم رجلان أبو بكر وطلحة وربما كانت إشارته بذلك إلى وقعة أحد(١) .

أقول إن تمام المعنى على مذهب عدو الإسلام - فبنو تيم أفضل من بني هاشم وأدفع وأشد عناء.

والجواب عن هذا بما أنه لم يجعل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نصيبا في الحضور وأن وجوده وعدمه سيان فإن قال إنما أردت بذلك من عدا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قلت من اعتبر(٢) عرف أن حاصل الكلام يفيد بظاهره أن شرف القبيلة التيمية أشرف من القبيلة الهاشمية وإلا فقد كان يكفي أن يقول إن بلاء علي دون بلاء فلان وفلان لكنه تلفظ بلفظ حاصله:

إن القبيلة أشرف من القبيلة وهو كذب و(٣) تكذيب لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيكون كفرا.

سلمنا أنه قال إن بلاء اثنين من بني تيم أفضل وأحمد(٤) من بلاء علي وهو كذب متعمد أو قول جاهل جدا لا يصلح له أن يجري في

__________________

(١) العثمانية: ٦٣ نقله بالمعنى.

(٢) ق: اعترف.

(٣) فقط في: ن.

(٤) ن وق: اكمل.

١٥٧

الصحائف يراعته(١) ولا تسري في فلوات اللطائف عزمته إذ بسيف أمير المؤمنينعليه‌السلام قتل تسعة من أرباب الألوية فكيف بمن عداهم وقتل الواحد الفرد من أرباب الألوية يقاوم قتال جيش لاكتناف الصناديد بهاتيك البنود ومعرفتهم أن الحراسة بعزها(٢) المعقود وبكونهم(٣) روح الأنجاد الأمجاد الصابرين على الجلاد قوام العساكر قوام عزها الباهر وما عرفنا لمن أشار إليه اصطلام قرن أو كشف غمه بل الذي نقله السدي أن طلحة استسلم وعزم على ما لا أقدم(٤) على حكايته ولا أرى التهجم بروايته.

وأما ابن عمه فما عرفت أنه ذكر في تلك الوقعة بمقام صيال ومحل جلاد.

وتعلق(٥) في شجاعة منصوره بشتم بديل بن ورقاء يوم الحديبية وشتم عروة بن مسعود(٦) وكان ذلك وهو مع رسول الله ومعه أصحابه هذا هو

__________________

(١) ن: يراعة.

(٢) ن: يعزها.

(٣) ن: يلويهم.

(٤) ق: اقدر.

(٥) قال الجاحظ في العثمانية: ٦٤.

« وأبو بكر الذي لما أتى بديل بن ورقاء الخزاعي يوم الحديبية في نفر من أصحابه فأقبل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا محمد لقد اغتررت بقتال قومك، وان قريشا ستقاتلكم عن ذراريهم واموالهم، قد استنفروا الأحابيش وخرجوا الى بلدح معهم العوذ المطافيل، والله ما ارى معك احدا له وجه مع اني اراكم قوما لا سلاح لكم، ولو قد عض هؤلاء الحديد لقد اسلموكم. قال ابو بكر: عضضت ببظر اللات، أنحن نسلمه؟ قال له بديل: أما والله لو لا يدلك عندي لاجبتك والله اني وقومي لنحب أن يظهر محمد ».

(٦) قال الجاحظ:

« وأقبل عروة بن مسعود في نفر من قومه حتى أناخ راحلته عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال: اني تركت كعبا وعامرا على أعداد الحديبية، معهم العوذ المطافيل وما أرى معك أحدا أعرف

١٥٨

المعروف قال لسان الجارودية عند هذا مع ثبوته:

أين السباب لمفردين مسالمي

عز الرسول وحزبه الكرار(١)

ألقى سلاحهما الأمان فلا يد

ترجو الدفاع بصارم بتار

من خوض ملتطم الحتوف فسائح

أو سابح(٢) في موجه التيار(٣)

تستسلم الأنجاد فيه لضيغم

وترى الفرار منزها من عار(٤)

لو لا غلاب الموت كل مدرع

لكسا الممات ملابس الفرار

شهدت له الأسماع بعد وقبلها

عين العيان لحاضر نظار(٥)

صهر الرسول وسيفه ووصيه

وأخوه وارث علمه الزخار

حاز العلاء تقاصرت عن شأوه

شمس النهار ببرجها السيار

فليصمت المثني عليه وشانئ

حلى الجميع بحلية الإحصار.

وتعلق في شجاعته بتجهيز الجيش إلى أهل الردة وإصبائه(٦) على ذلك(٧) .

وهذا تعلق واه إذ هو قار(٨) والجيش هو المصادم وعدة أولئك بالأخلق القلة وعدة الجيش بالكثرة فأين البسالة الباهرة الراجحة على

__________________

وجهه ونسبه، وأنهم لخلقاء أن يخذلوك - والقوم سكوت - فغضب أبو بكر وقال: امصص بظر اللات، انحن نخذله؟ قال عروة: أما والله لو لا يدلك عندي لأجبتك » أنظر العثمانية: ٦٤.

(١) في الهامش: للمصنف جزاه الله أفضل الجزاء.

(٢) ق: سارح.

(٣) ن: من خوض ملتطم الحضوف ( كذا ) لضيغم وترى الفرار - منزها عن عار.

(٤) لا يوجد هذا البيت في: ن.

(٥) ن: النظار.

(٦) اصبأ القوم: هجم عليهم ( المنجد ).

(٧) العثمانية: ٦٥.

(٨) ن: فار.

١٥٩

شجاعة أمير المؤمنينعليه‌السلام من هذا.

وتعلق في شجاعته بأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جعله على ميمنته يوم حنين ولم يذكر أن علياعليه‌السلام ثبت وذكر أن أبا بكر ثبت في موضعه(١) .

والذي يقال على هذا إنا لا نعرف ثبوت ما قال وقد حكينا ما جرت عليه الحال في وقعة هوازن وهي وقعة يوم حنين من طريق المفضل بن سلمة ولو ثبت فما عرفنا للمشار إليه قتيلا ولو ثبت فما ذهب أحد إلى أن المشار إليه رضوان الله عليه ما كان بمقام من لا يحضر حربا ولا يقف في صف حتى يتوجه الطعن بما قال بل هو في مقام المفاخرة بينه في النجدة وبين أمير المؤمنين صلوات الله عليه ولا نسبة بين نجدة أمير المؤمنين وصورة ما أشار إليه بل المروي(٢) أن أمير المؤمنينعليه‌السلام كان من الثابتين المحاربين الصابرين المصاولين.

وذكر مخاطبة أبي بكر رسول الله في أسرى بدر وإشارته بأخذ الفدية(٣) .

وروى الثعلبي أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال(٤) في سياق حديث أبكي للذي على أصحابك في أخذهم الفداء ولقد عرض علي عذابكم أدنى من هذه الشجرة شجرة قريبة من نبي الله(٥) .

وذكر شيئا لا نعرفه وإذا فتح تصديق الخصم أعضل على الفريقين.

__________________

(١) العثمانية: ٦٦.

(٢) ج ون: عن.

(٣) العثمانية: ٦٧ - ٦٨.

(٤) لا توجد في: ن.

(٥) الكشف والبيان: مخطوط.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534