بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية11%

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية مؤلف:
المحقق: السيد علي العدناني الغريفي
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 534

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية
  • البداية
  • السابق
  • 534 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 184283 / تحميل: 7020
الحجم الحجم الحجم
بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أقضاكم(١) علي.

وقال عمر بن الخطاب أقضانا علي(٢) .

وروى(٣) بإسناده عن إسماعيل بن خالد(٤) وقال قلت للشعبي إن مغيرة(٥) حلف بالله ما أخطأ علي في قضاء(٦) قط فقال الشعبي(٧) لقد أفرط.

أقول لقد أفرط الشعبي سارق الدراهم في خفه خليط عبد الملك في

__________________

(١) ن: اقضاهم.

وقد مرت الاشارة الى بعض مصادر الحديث بالطرق المختلفة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في هامش ص: ٩٥.

(٢) اما الاحاديث الواردة بالسند المتصل عن عمر بن الخطاب فنذكر منها: الاستيعاب: ٣ / ١١٠٢ الا انه ذكره على نحو: علي اقضانا.

وصحيح البخاري في كتاب التفسير في باب قوله تعالى: ( ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها ) روى بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس حديثا قال فيه: قال عمر: واقضانا علي.

ورواه الحاكم ايضا في مستدركه: ٣ / ٣٠٥ واحمد بن حنبل في مسنده: ٥ / ١١٣ بطرق ثلاثة وابو نعيم في حلية الاولياء: ١ / ٦٥ وروى ابن سعد في طبقاته: ج ٢ القسم ٢ ص ١٠٢ بسنده عن ابي هريرة قال: قال عمر بن الخطاب: علي اقضانا. والمحب الطبري في الرياض النضرة: ٢ / ١٩٨ قال: وعن عمر بن الخطاب قال: اقضانا علي بن ابي طالب.

(٣) الاستيعاب: ٣ / ١١٠٢.

(٤) المصدر: ابن ابي خالد.

(٥) المصدر: المغيرة.

(٦) المصدر بزيادة: قضى به.

(٧) عامر بن شرحييل بن عبد، ابو عمرو الشعبي الكوفي ولد لست سنين خلت من امرة عمر بن الخطاب وقيل ولد سنة ٢١ وقيل غير ذلك.

ذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق: قيل لابي اسحاق السبيعي: ان الشعبي يقول: ان الحارث من الكذابين، قال: وهو مثله! الشعبي دخل بيت المال فاخذ في حفنة ثلاثمائة درهم والحارث اعطى من السبي فلم ياخذ حتى خمّس. مات الشعبي سنة ١٠٤ وقيل ١٠٥ وقيل غير ذلك.

انظر: تاريخ دمشق حرف العين: ٢٣٥. والجرح والتعديل: ٦ / ٣٢٢ ووفيات الاعيان: ٣ / ١٢ وسير اعلام النبلاء: ٤ / ٢٩٤ وتاريخ بغداد: ١٢ / ٢٢٧.

٢٠١

الرد على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وروى قول عمر علي أقضانا مرفوعا عنه(١) .

وروى مرفوعا(٢) عن سعيد بن المسيب قال كان عمر يتعوذ من معضلة ليس لها أبو حسن(٣) .

ورفع حديثا إلى عبد الله قال كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي بن أبي طالب(٤) .

وروى حديثا رفعه إلى سعيد بن المسيب قال ما كان أحد من الناس يقول سلوني غير علي بن أبي طالب(٥) .

__________________

(١) الاستيعاب: ٣ / ١١٠٢ قال: حدثنا عبد الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم بن اصبغ، حدثنا ابو بكر احمد بن زهير، قال: حدثنا ابو خيثمة، حدثنا ابو سلمة التبوذكي، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا ابو قروة قال: سمعت عبد الرحمن بن ابي ليلى قال، قال عمر: علي اقضانا.

(٢) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(٣) الاستيعاب: ٢ / ١١٠٢ قال: قال احمد بن زهير، حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري، حدثنا مؤمل بن اسماعيل، حدثنا سفيان الثوري، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، قال: كان عمر يتعوذ بالله من معضلة ليس لها ابو حسن.

اقول: وقد مرت الاشارة الى بعض مصادره هامش ص ٨٥.

(٤) الاستيعاب: ٣ / ١١٠٣ قال: حدثنا عبد الوارث، حدثنا قاسم، حدثنا احمد بن زهير، حدثنا مسلم بن ابراهيم، حدثنا شعبة، عن ابي اسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن علقمة، عن عبد الله، قال: كنا نتحدث الحديث.

اقول: وذكره ايضا الحاكم في مستدركه: ٣ / ١٣٥ والجزري في اسد الغابة: ٤ / ٣٢ ومحب الدين الطبري في الرياض النضرة: ٢ / ١٩٨ والذهبي في تاريخ الإسلام: ١ / ١٩٩ والسيوطي في تاريخ الخلفاء: ٦٦ والهيثمي في الصواعق المحرقه: ٧٦ والهيثمي في مجمع الزوائد: ٩ / ١١٦ والقندوزي في ينابيع المودة: ٢٨٦ والشبلنجي في نور الابصار: ٧٤.

(٥) الاستيعاب: ٣ / ١١٠٣. قال: قال احمد بن زهير، واخبرنا ابراهيم بن بشار، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، حدثنا يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، قال: ما كان احد من الناس يقول سلوني غير علي بن ابي طالب.

اقول: ولقد تقدمت الاشارة منا الى مصادره الاخرى في هامش ص ٤٩ فلاحظ

٢٠٢

أقول ومثل أمير المؤمنينعليه‌السلام لا يقول ذلك مع كثرة الأعداء ووفور الشانئين إلا وهو بمقام المستظهر على الجواب.

ورفع حديثا إلى عائشة قال قالت عائشة من أفتاكم بصوم يوم عاشوراء قالوا علي قالت أما إنه أعلم(١) الناس بالسنة(٢) .

وفي إسناد متصل عن ابن عباس والله لقد أعطي علي(٣) تسعة أعشار العلم وايم الله لقد شاركهم(٤) في العشر العاشر(٥) .

وروى حديثا عن الحسن الحلواني رفعه إلى ابن مسعود إن أقضى

__________________

(١) المصدر: لا علم.

(٢) الاستيعاب: ٣ / ١١٠٤.

قال ابن عبد البر: قال احمد بن زهير، وحدثنا محمد بن سعيد الاصفهاني قال: حدثنا معاوية ابن هشام عن سفيان عن قليب عن جبير قال: قالت عائشة الحديث.

وروى الحديث ايضا الخوارزمي في مناقبه: ٤٦ ومحب الدين الطبري في ذخائر العقبى: ٧٨ والرياض النضرة: ٢ / ١٩٣ والسيوطي في تاريخ الخلفاء: ٦٦ والامر تسرى في ارجح المطالب: ٢١ والحمويني في فرائد السمطين: ١ / ٣٦٨ وابن عساكر في ترجمة أمير المؤمنين: ٣ / ٤٨ والمتقي الهندي في كنز العمال: ٤ / ٣٤٣

(٣) المصدر: علي بن ابي طالب.

(٤) المصدر: شارككم.

(٥) الاستيعاب: ٣ / ١١٠٤

قال حدثنا خلف بن قاسم، حدثنا عبد الله بن عمر الجوهري، قال: حدثنا احمد بن محمد بن الحجاج، قال حدثنا محمد بن ابي السري، املاءا بمصر سنة اربع وعشرين ومائتين، قال: حدثنا عمر بن هاشم الجنبي، قال: حدثنا جويبر، عن الضحاك بن مزاحم، عن عبد الله بن عباس، قال: والله لقد اعطي علي بن ابي طالب تسعة اعشار العلم وايم الله لقد شارككم في العشر العاشر.

اقول ذكره ايضا: ابن الاثير في اسد الغابة: ٤ / ٢٢ ومحب الدين الطبري في ذخائر العقبى: ٧٨ والرياض النضرة: ٢ / ١٩٤ والقندوزي في ينابيع الموده: ٧٠ و ٢١٠ و ٤٠٧ والامر تسرى في ارجح المطالب: ١٠٥.

٢٠٣

أهل المدينة علي بن أبي طالب(١) .

هذا بعض من كل أثبته في هذا المقام إذا عرفت هذا فإن كان أبو عثمان عرف ما أثبته وقال ما قال فهو عين المكذب رسول الله الراد على أصحابه عمر وغيره وإن يكن غير عارف بما أثبتناه فأراه رجلا جاهلا بالسنة جدا متقحما في أخطار يسئل عنها إذ العلم ومعرفة السنة مقدم على الخوض في المسائل الشرعية وفنون السنة المحمدية.

أضربنا عن هذا فإن الراد على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما ذكر ما يؤخذ على آحاد الفقهاء فكيف على سيد الفقهاء إذ قد ثبت من غير خلاف أن عليا من الفقهاء المعظمين ومن اجتهد فلا لوم عليه ولا نقص يلحقه وإن خالفه غيره وتعدى قوله سواه.

ولا يقال إن غيره بمقام الصواب فيما قال وهو بمقام الخطإ فيما قال(٢) وقد ثبتت الرواية عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عندهم أن كل مجتهد مصيب(٣) وليس فيما ذكر ما يأباه العقل أو ترد عليه السنة وهوصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كيف اختلفت(٤) الحال صاحب الحكمة نصا ذكرته فيما سلف(٥) واعتبارا بالعيان في خطاباته وفنون تسليكاته وتدقيقاته وبليغ مناطقه وتنبيهاته فالظن به إذن أحسن ممن لم يرم في مثل هذه المزايا المعظمة بسهم أو يحظ منها بنصيب

__________________

(١) الاستيعاب: ٣ / ١١٠٥. قال: قال الحسن الحلواني وحدثنا يحيى بن ادم قال حدثنا ابن ابي زائدة عن ابيه عن ابي اسحاق عن ابي ميسرة قال قال ابن مسعود: ان اقضى اهل المدينة علي ابن ابي طالب.

(٢) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(٣) راجع المستصفى: ٢ / ٣٥٩ وفواتح الرحموت المطبوع في هامش المستصفى: ٢ / ٣٨٢ عند نقله لحديث « اصحابي كالنجوم بايهم اقتديتم اهتديتم ».

(٤) ن: اختلف.

(٥) ص (٩١).

٢٠٤

ولكن عدو الدين لا يهاب عارا ولا يقف بإزاء سنة ولنذكر من التفصيل ما يليق.

قوله إن عليا سكت لما راجعه عثمان في الحجر على عبد الله بكون الزبير شريكه غير دال على صواب فعل عثمان وزلل قول أمير المؤمنينعليه‌السلام إذ قد أغضى مقهورا على ما هو أعظم من هذا ولم يكن عثمان سوقة بحكم أمير المؤمنينعليه‌السلام بل صاحب المنصب الذي يومأ إليه ولو جد في المخالفة لكان الحاصل عن ذلك مصادمة عثمان وبني أمية وأتباع(١) عثمان فرأى البلية في الإغضاء أقل من البلية في المنابذة والحكمة تقتضي العمل بالراجح وإلغاء(٢) المرجوح.

وأما قوله في المكاتب فهو عين الاعتبار الموزون إذ من قرر له شيء في مقابلة شيء فعمل جزءه كان له بحساب الجزء الذي عمل من عمله جزء ما قرر له.

أقول وهذا عندنا في المكاتبة المطلقة وأما امتناع رجمه فليس يلازم(٣) كونه لم يتحرر منه شيء بل لأن الرجم إنما يكون في جانب الحر المحض.

وأما قوله في النصرانية فإن الذي يروى عن بعض بنيه(٤) وهم أعرف بمذهبه أنه لا يمكن النصراني من المبيت عندها ولكنه يأتيها بالنهار وأما الاختيار فهو كلام أراه مختلا.

__________________

(١) ن: اشياع.

(٢) ق: القاء.

(٣) ن: بلازم.

(٤) عن ابي جعفرعليه‌السلام قال: ان اهل الكتاب وجميع من له ذمة اذا اسلم احد الزوجين فهما على نكاحهما وليس له ان يخرجها من دار الإسلام الى غيرها ولا يبيت معها لكنه ياتيها بالنهار.

الاستبصار: ٣ / ١٨٣. تهذيب الاحكام: ٧ / ٣٠٢ وانظر ايضا فروع الكافي: ٥ / ٤٣٧.

٢٠٥

وأما الأعور فإن التدبير فيه موزون جدا إذ كان في عين الأعور كمال نظره وفي عين الصحيح شطر نظره فإذا أفسد الأعور على الصحيح نصف بصره لم يكن للصحيح أن يفسد على الأعور جميع نظره من غير ما رد.

وأما قوله في الجد فإنا لا نعرفه مذهبا له ولو كان فأي محذور يلزم في(١) ذلك.

وأما الجارية وإلزام المرأة التي افتضتها بالمهر فإنه مناسب إذ الرجل لو افتض المرأة(٢) في نكاح استحقت كمال المهر فكذا هذا.

وأما أن أصحاب عبد الله تعجبوا من ذلك فإن الناقص لا بد يستغرب تدبيرات الكامل لبعده منها ونزوحه عنها.

وأما أنه كان يحك أصابع الصبيان فهو مذهبنا وهو عين الحكمة إذ المساواة له بالمكلفين غير داخلة في الحكمة لضعف روابطه من قيود العقل التام خلقة والتجارب أخرى والإهمال له بالكلية فتح لأبواب الفساد جدا إذ كان الصبي إذا عدم المؤاخذة تابع ذلك وأسرعت متابعته في أموال المسلمين وبتقدير أن يتقرر ذلك عند المفسدين يسلطونه على أموال البرية لا منهم عليه ويبلغ المفسدون أغراضهم بعدم الإنكار عليه وذلك خلل عظيم.

وأما ما يتعلق بالقطع فليس في القرآن دليل على قطع رجل السارق.

وأما ما يتعلق باليد فإن الله تعالى قال( فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما ) (٣) وقال

__________________

(١) ن: من.

(٢) لا توجد في: ج.

(٣) المائدة: ٣٨.

والآية كاملة هي ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) .

٢٠٦

تعالى( لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ) (١) ومعلوم أن الكتابة بالأصابع لا(٢) بالكف وأما ما يتعلق بالطلاق فإن في الطريق جهالة والمتن واه لا يليق بشرف أمير المؤمنين وهذا عند أهل بيته وبنيه خلط من الحكم.

وأما ما سبق الحديث فيه من طعنه على الأنبياء فسأومئ إلى شيء منه لا أحسن الله تعالى جزاه.

وإن السنة قضت بالستر على من وقعت منه الزلة وصدرت عنه الخطيئة قال الله تعالى( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ) (٣) فكيف بسادات(٤) المؤمنين لو وقع مثلا زلة أو صدرت عنهم(٥) خطيئة.

ومن المستغرب كونه يجادل بالهوى عن بعض الصحابة ويقوى خلاف ذلك بضعف الدين في الطعن على الأنبياء ليقدح في عين الصحابة وسيدهم وقد قال الله تعالى( وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ) (٦) وهذا خذلان بين(٧) .

شرع(٨) أولا في التعرض بآدم وقد قال الله تعالى( وَبِالْوالِدَيْنِ

__________________

(١) البقرة: ٧٩.

والآية: ( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ) .

(٢) ق: دون الكف.

(٣) النور: ١٩ وتمام الآية:( فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) .

(٤) ج وق: سادات.

(٥) ن: منهم.

(٦) الحجرات: ١٢.

والآية كاملة: ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ) .

(٧) ق: من.

(٨) العثمانية: ٩١.

٢٠٧

إِحْساناً ) (١) وقال تعالى( فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً ) (٢) .

وهذا عكس ما اعتمد أبو عثمان(٣) .

وقال تعالى( وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً ) (٤) ومن الآثار والسنة شاهد بتوقير الوالد وليس من توقيره ذكر نقائصه.

وطعن(٥) على موسى بقتل النفس بعد مغفرة الله تعالى له ذلك وقال الله تعالى( وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ ) (٦) وطعن على ذي النون وذلك بعد الرضا عنه.

__________________

(١) النساء: ٣٦.

والآية: ( وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَبِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً ) .

(٢) الاسراء: ٢٣.

والآية: ( وَقَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً ) .

(٣) فانه قال رادا على الشيعة: ويقال لهم هل تعلمون ان الله ذكر ادم وهو اول النبيين فقال:( فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ) . انظر العثمانية: ٩١.

(٤) العنكبوت: ٨.

وتتمة الآية: ( وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) .

(٥) العثمانية: ٩١.

(٦) الحجرات: ١١.

والآية: ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) .

٢٠٨

وذكر (١) قصة داود وسليمان وليس ذلك من الأخذ في شيء لأنه غاية(٢) ما حكى أن قضية ذهبت عن داود وأصابها سليمان.

وطعن على داود بحديث الخصمين وليس في ذلك طعن لأنهما جاءا(٣) معرفين له أن منازعة أوريا مرجوحة لكثرة نساء داود دون أوريا - ولم يقل أحد أن الأنبياء لا يعاتبون ويسلكون(٤) وينتهون(٥) من قبل الله تعالى.

وأورد(٦) على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله تعالى( عَبَسَ وَتَوَلَّى ) (٧) .

وقد ذكر بعض الأفاضل أن ذلك العتاب لم يكن له بل لغيره.

وأورد عليه( لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ ) (٨) .

وقد أجاب العلماء عن ذلك من وجوه.

أحدها ليغفر لغيرك ذنبه إليك.

وأورد عليه المعاتبة في الأسرى(٩) والجواب عنه بما أن علياعليه‌السلام سلك الطريق وأوضحت له المحجة وتبينت له الأحكام بما ثبت من

__________________

(١) العثمانية: ٩١.

(٢) ن: عاب.

(٣) ن: جاء.

(٤) ن: كلمة غير واضحة كذا رسمها: سايكون.

(٥) ن: ينهون.

(٦) العثمانية: ٩٢.

(٧) عبس: ١.

(٨) الفتح: ٢.

وتتمتها ( وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً ) .

(٩) اشارة الى قوله تعالى:( ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ) الانفال: ٦٧ و ٦٨.

٢٠٩

كونه عيبة علم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلا تقع(١) منه مخالفة وأما غيره من الأنبياء فلا نقول إنه نهي فخالف وأمر فجانب فإن قيل هذا منقوض بقصة آدم في قوله تعالى( وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ ) (٢) الآية وثبت نهيه عن الشجرة وإقدامه عليها(٣) .

قلت قد ذكر المفسرون أن إبليس قد حلف على النصيحة وكان آدم من تعظيم الله بالمقام الأمجد وما توهم أن أحدا يحلف بالله كذبا فبنى على ما بنى.

فإن قيل الإشكال موجود إذ بنى على قول إبليس دون قول الله تعالى.

قلت لعله توهم النسخ فإن قيل لو كان الأمر كذا ما عوتب قلت عوتب على بنائه على الوهم فإن قيل الإشكال بحاله إذ لو كان البناء على الوهم حسنا ما عوتب على ذلك قلت قد تقع المعاتبة على ترك الأولى ويسمى فاعل المرجوح عاصيا.

وأورد(٤) على جميع الأنبياء بل على جميع البشر من المأمورين والمنهيين قوله تعالى( وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ) (٥) الآية فإذا كان الله

__________________

(١) ج وق: ولا تقع.

(٢) طه: ١١٥.

تمام الآية: ( مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ) .

(٣) اشارة الى قوله تعالى:( وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ. فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ. فَدَلاَّهُما بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ ) . الأعراف: ١٩ - ٢٢.

(٤) العثمانية: ٩٢.

(٥) فاطر: ٤٥.

٢١٠

قد أخبر بما ترى عن المعصومين فلم يتبع(١) قوم على عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان خطاياهم وهفواتهم وللعمرية والعثمانية أن يعودوا عليهم بمثل ذلك وأكثر منه.

قال ومن أجهل ممن زعم(٢) أن عليا لم يخط قط ولم يعص قط ولم يضع(٣) شيئا قط مع هذا(٤) (٥) .

والذي يقال على معنى الآية إنه تعالى أراد بها غير الأنبياء بيانه السياق من قوله تعالى( وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ) الآية وذلك أمارة عتاب يوم القيامة وبقاء الذنوب وذنوب الأنبياء لو ثبت كما يزعم قوم فإنها تقع مكفرة لا يؤخذون بها في القيامة والذي يقال على عدو الدين أيضا إنه بمقام البالغ في بغضه أمير المؤمنين الانحراف عنه ومع هذا فإنه اجتهد ولم يذكر إلا أحكاما أفتى بها وقد بينا ما عندنا في ذلك جملة وتفصيلا.

وأما أنا نجيء إلى علي أو آحاد المسلمين نلزمه الخطأ وإن لم نعرفه والقبيح وإن لم نعلمه فهذا شيء لا يرتضيه ذو دين ولا يعتمده ذو بصيرة بل نحن بانون على عدالة من جربنا صيانته وعرفنا في الدين طريقته وقاعدته إلى أن نعرف منه جريمة ونتحقق منه خطيئة خاصة من ورد الأثر النبوي في شأنه بأنه لا يفارق الحق ولا يزايل الصواب فإنا بانون على أنه كذلك ظاهرا وباطنا.

__________________

تتمها:( ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً ) .

(١) المصدر: يتتبع.

(٢) المصدر من رجل زعم.

(٣) المصدر: يضيع.

(٤) لا توجد في المصدر.

(٥) العثمانية: ٩٢.

٢١١

وأما غيره ممن لم يرد فيه ما ورد فيه ولا نعرف منه حوبا(١) فإنا بانون على عدالته ظاهرا ما لم نعلم منه مواقعة حوب وانتهاك حرمة.

وأما أن قوما يتبعون عمر وعثمان فإن ذلك ليس قولا لجميع الشيعة ولا يخلو الفرق من جاهل أو مجتهد أو عاص فالدرك لازم لمن فعل العصيان ولا يتعداه ذلك.

وأما قوله إن للعثمانية والعمرية أن يعودوا عليهم بمثل ذلك وأكثر منه(٢) فقد كذب في ذلك وسب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسب الله تعالى بما رواه ابن السمعاني مرفوعا إلى أم سلمة رضي الله عنها عن رسول اللهعليه‌السلام وروى ابن مردويه عن النبيعليه‌السلام من سب عليا فقد سبني وفي رواية فقد شتمني(٣) .

وروى من طريق زيد بن علي عن آبائه أن رجلا ساب عليا يوما وكان رجلا أجوف فسمع نبي الله صوته فخرج فأخذ بيده وقال يا فلان لا تسبن عليا فإن من سب عليا فقد سبني ومن سبني سبه الله في الدنيا والآخرة

وروى ابن مردويه عن أم سلمة أيضا في إسناده عن أم سلمة عن رسول الله من سب عليا فقد سبني ومن سبني سبه(٤) الله عز وجل من عدة طرق ومن طريق الحسن بن علي في إسناد(٥) ذكره يقول سمعت جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لا تسبوا عليا فمن سب عليا فقد سبني ومن سبني فقد سب الله عز وجل ومن سب الله عز وجل عذبه الله عز وجل.

__________________

(١) الحوب: الذنب.

(٢) العثمانية: ٩٢.

(٣) تقدمت الاشارة الى بعض مصادر هذا الحديث عن أم سلمة وابن عباس هامش ص ٤٥ فلاحظ.

(٤) ن: سب.

(٥) ق: اسناده.

٢١٢

[ و ](١) رواه عن ابن عباس عن رسول الله ولم يذكر عذبه الله عز وجل(٢) وقد سلف أن أذاه أذى رسول الله وثمرات الجميع قلادة الجاحظ.

وأما الكذب فظاهر نعرفه عيانا ومن اعتبر السيرة عرف معنى ما قلت وذلك يقرر الوعيد الذي أسلفناه ولا أرى التعرض بصلحاء الصحابة رضي الله عنهم.

قال ساب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بل ساب الله بما ثبت من الأثر وكيف يقولون علي فوق(٣) الناس كلهم في صواب الرأي والفقه في الدين(٤) ونحن إذا سألنا الفقهاء وأصحاب الآثار والعلماء عن أصحاب القرآن(٥) الذين كانوا مخصوصين بحفظه على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قالوا زيد بن ثابت وأبو زيد وفلان(٦) ولم يذكروه في باب المخصوصين بحفظ القرآن أيام حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإن سألناهم عن أصحاب الحروف والقراءات والوجوه الذين بقراءتهم يقرأ الناس وبقدر اختلافهم اختلف الناس قالوا زيد بن ثابت وأبي بن كعب وعبد الله بن مسعود ولم يذكر معهم(٧) ولم يقولوا هذا في قراءة علي وهكذا(٨) في(٩)

__________________

(١) لا توجد في: ق.

(٢) انظر: مستدرك الحاكم: ١ / ١٢١ وذخائر العقبى: ٦٦ وقد تقدمت الاشارة الى ذلك ص ٣٤.

(٣) ق: فرق.

(٤) في المصدر بزيادة: ولا يكون كالرجل من عظماء السلف لضرب يخصه فيهما.

(٥) ج: القراءات.

(٦) في المصدر بزيادة: وفلان.

(٧) في المصدر بزيادة: لانا شاهدنا الناس يقولون: هذا في قراءة عبد الله بن مسعود وهكذا هو في مصحف عبد الله، وهذا في قراءة ابي وهكذا هو في مصحف ابي، وهذا من قراءة زيد وهكذا هو في مصحف زيد، ولم نرهم يقولون: هذا في قراءة علي الى اخره.

(٨) ن: وهذا.

(٩) في المصدر: وهكذا هو في مصحف علي.

٢١٣

مصحف علي وإن سألناهم عن أصحاب التأويل والتفسير قالوا عبد الله بن العباس والحسن وفلان وفلان ولم يذكروه(١) .

والذي يقال على ساب الله تعالى ولا ينبغي لنا مع هذا أن نستفضح سبه عليا إذ لنا بما ثبت من الرواية أنه ساب الله ورسوله عزية(٢) .

وأما قوله إنه ليس من المعدودين في حفظ القرآن(٣) على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإن الشيخ الفاضل أبا عبد الله بن محمد بن عبد الله الأهوازي(٤) قال وأما قراءة عاصم بن أبي النجود(٥) ورواها عنه من طريق أبي بكر بن عياش ومن طريق حفص بن سليمان عنه بالسند قال وقرأ على أبي عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السلمي وقرأ السلمي على علي بن أبي طالب رضوان الله عليه وقرأ علي على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

قال الشيخ وأما قراءة حمزة(٦) وأسند قراءته إلى علي بن أبي طالب قال وقرأ على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

__________________

(١) في المصدر بزيادة: في هذا الباب، انظر العثمانية: ٩٢.

(٢) عزي عزاءا: صبر على ما اصابه فهو عز وهي عزية ( المنجد ).

(٣) ج: القراءات.

(٤) لم اعثر على ترجمة له في المصادر التي بين يدي و( لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً ) .

(٥) عاصم بن ابي النجود ( اسم ابي النجود بهدلة ) الاسدي مولاهم الكوفي المقري احد القراء السبعة وهو الذي انتهت اليه رئاسة القراء في الكوفة بعد ابي عبد الرحمن السلمي وقد اخذ منه القراءة وكذلك عن زر بن حبيش توفي سنة ١٢٧ أو ١٢٨.

انظر تهذيب التهذيب ٥ / ٣٨ تاريخ الثقات للعجلي: ٢٣٩ طبقات القراء: ١ / ٣٤٦.

(٦) حمزة بن حبيب بن عمارة الزيات القاري ابو عمارة الكوفي التيمي مولى بني تيم الله من ربيعة احد القراء السبعة وعنه اخذ الكسائي القراءة واخذ هو عن الاعمش وانما قيل له الزيات لانه كان يجلب الزيت من الكوفة الى حلوان ويجلب من حلوان الجبن والجوز الى الكوفة فعرف به ولد سنة ٨٠ وتوفي بحلوان سنة ١٥٨ أو ١٥٦ انظر: الجرح والتعديل: ٣ / ٢٠٩ ترجمة ٩١٦ تهذيب التهذيب: ٣ / ٢٧ - ٢٨ وفيات الاعيان: ٢ / ٢١٦ ميزان الاعتدال: ١ / ترجمة ٢٢٩٧.

٢١٤

قال وأما قراءة الكسائي(١) وذكر أنه من باكسايا(٢) قرية من سواد العراق ولد بالكوفة ونشأ بها وقرأ على جماعة من أهلها منهم حمزة بن حبيب الزيات وقرأ حمزة على جماعة منهم ابن أبي ليلى وقرأ ابن أبي ليلى على أخيه وقرأ أخوه على أبيه وقرأ أبوه على علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه وقرأ علي على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

قال وأما رواية يعقوب(٣) ورفع السند إلى سلام قال وقرأ سلام على عاصم بن أبي النجود - وقرأ على أبي عمرو بن العلاء وعلى عاصم بن أبي الصباح(٤) الجحدري وقرأ عاصم بن أبي النجود على أبي عبد الرحمن السلمي وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي على علي بن أبي طالب رضوان الله عليه وقرأ علي بن أبي طالب على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وقال بعد كلام وقال روح(٥) قال لي يعقوب قرأت على شهاب بن

__________________

(١) علي بن حمزة بن عبد الله بن بهمن بن فيروز الاسدي مولاهم، ابو الحسن الكسائي.

انتهت اليه رئاسة القراء بالكوفة بعد حمزة الزيات واعلم الناس في زمانه بالنحو توفي سنة ١٨٩ وقيل: ١٨١ وقيل غير ذلك. واختلف في تسميته بالكسائي فقد قيل انه روى عنه انه سئل عن ذلك فقال: لاني احرمت في كساء وقيل لانه كان يتشح بكساء ويجلس في حلقة حمزة فيقول اعرضوا على صاحب الكسائي وقيل من قرية بالكسايا.

انظر: طبقات القراء: ١ / ٥٣٥ تهذيب التهذيب: ٧ / ٣١٣ سير اعلام النبلاء: ٩ / ١٣١ الجرح والتعديل: ٦ / ١٨٢.

(٢) ن: كساء.

(٣) يعقوب بن اسحاق بن زيد بن عبد الله بن ابي اسحاق: ابو محمد الحضرمي مولاهم البصري، احد القراء العشرة، وامام أهل البصرة ومقريها، اخذ القراءة عن سلام الطويل، ومهدي بن ميمون وغيرهما. توفي في ذي الحجة سنة ٢٠٥ وله ثمان وثمانون سنة انظر:

طبقات القراء: ٢ / ٣٨٦ وسير اعلام النبلاء: ١٠ / ١٦٩ ووفيات الأعيان: ٦ / ٣٩٠ وتهذيب التهذيب: ١١ / ٣٨٢.

(٤) ن: الصلاح.

(٥) روح بن عبد المومن، ابو الحسن الهذلي مولاهم البصري النحوي المقرئ.

٢١٥

شريفة المجاشعي في خمسة أيام وقرأ شهاب على مسلم بن محارب المحاربي(١) في سبعة أيام وقرأ مسلمة على أبي الأسود ظالم بن عمر(٢) الدؤلي وقرأ أبو الأسود على علي بن أبي طالب رضوان الله عليه وقرأ علي على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

إذا عرفت هذا ظهر لك أن أبا عثمان باغض أمير المؤمنينعليه‌السلام إذ مثل هذا لا يخفى عن مثله ومن أبغض عليا فهو منافق لا محالة بالنص الصحيح النبوي(٣) جازاه(٤) الله تعالى سوء فعله.

وهذا الذي ذكرناه آت(٥) على ما يتعلق بحفظ القرآن(٦) وما يتبعه من القراءات والحروف.

ومن التعيين الدال على كذبه ما ذكره الثعلبي في تفسير الواقعة عند قوله تعالى( وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ ) (٧) أن علياعليه‌السلام قرأ وطلع منضود عن مولى الحسن بن علي و(٨) عن قيس بن سعد(٩) .

__________________

قرأ على يعقوب الحضرمي وجماعة اخرين، وروى عنه جماعة منهم البخاري في صحيحه مات سنة ٢٣٣ وقيل ٢٣٥ وقيل غير ذلك انظر:

طبقات القراء: ١ / ٢٨٥ وتهذيب التهذيب: ٣ / ٢٩٦ والجرح والتعديل: ٣ / ٤٩٩ وتقريب التهذيب: ١ / ٢٥٣.

(١) ج: المحازي.

(٢) ن: عمرو.

(٣) مرت الاشارة الى قسم منها في هامش ص: (٢٩).

(٤) ج وق: خازاه.

(٥) ج: اب.

(٦) ج: القراءات.

(٧) الواقعة: ٢٩.

(٨) لا توجد في: ق ون.

(٩) الكشف والبيان: مخطوط.

٢١٦

وأما ما يتعلق بالتأويل والتفسير فإن الشيخ الكبير المعظم العالم الحافظ ابن عبد البر روى عن معمر عن وهب بن عبد الله عن أبي الطفيل قال شهدت عليا يخطب وهو يقول سلوني فو الله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم وسلوني عن كتاب الله فو الله ما من آية إلا وأنا أعلم بليل(١) نزلت أم بنهار(٢) في سهل أم جبل(٣)

__________________

(١) في المصدر: أبليل وكذلك في باقي المصادر.

(٢) في المصدر بزيادة: أم.

(٣) الاستيعاب: ٣ / ١١٠٧.

واورده ايضا ابن حجر في تهذيب التهذيب: ٧ / ٣٣٧ وفي الاصابة: ج ٤ القسم ١ ص ٢٧٠ وروى ابن سعد في طبقاته: ج ٢ القسم ٢ ص ١٠١.

بسنده عن ابي الطفيل قال: قال علي عليه‌السلام : سلوني عن كتاب الله فانه ليس من آية الا وقد عرفت بليل نزلت ام بنهار، في سهل أم في جبل.

وابن جرير الطبري في تفسيره: ٢٦ / ١١٦.

بسنده عن ابي الطفيل قال: سمعت عليا عليه‌السلام يقول: لا تسالوني عن كتاب ناطق ولا سنة ماضية الا حدثتكم، فساله ابن الكوا عن ( الذَّارِياتِ ) فقال: هي الرياح.

وايضا ابن جرير الطبري في تفسيره: ٢٦ / ١١٦.

بسنده عن ابي الصهباء البكري عن علي بن ابي طالب عليه‌السلام -، قال - وهو على المنبر - لا يسالني احد عن آية من كتاب الله الا اخبرته، فقام ابن الكوا ( الى ان قال ) فقال ما ( الذَّارِياتِ ذَرْواً ) ؟ قال: الرياح.

كنز العمال: ١ / ٢٢٨.

قال: عن ابي الطفيل عامر بن واثلة قال: شهدت علي بن ابي طالب عليه‌السلام يخطب فقال في خطبته: سلوني فو الله لا تسالوني عن شيء يكون الى يوم القيامة الا حدثتكم، سلوني عن كتاب الله فو الله ما من آية الا انا اعلم ابليل نزلت ام بنهار ام في سهل ام في جبل، فقام اليه ابن الكوا، فقال: يا أمير المؤمنين ما ( الذَّارِياتِ ذَرْواً ) ؟ فقال له: ويلك سل تفقها ولا تسال تعنتا ( وَالذَّارِياتِ ذَرْواً ) الرياح ( فَالْحامِلاتِ وِقْراً ) السحاب ( فَالْجارِياتِ يُسْراً ) السفن ( فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً ) الملائكة.

فقال: فما السواد الذي في القمر؟ فقال: اعمى يسأل عن عمياء، قال الله تعالى: ( وَجَعَلْنَا

٢١٧

وذكر أبو عمر الزاهد(١) أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لابن عباس القني إلى الجبان وأنه فسر له حروف( الْحَمْدُ ) وهي خمسة إلى أن برق عمود الفجر ومن هذا الحديث يقول ابن عباس ثم تفكرت فإذا علمي بالقرآن في علم عليعليه‌السلام كالقرارة في المثعنجر(٢) .

وروى الثعلبي بإسناد عن ابن عباس قال بينما أنا في الحجر أتاني رجل فسأل عن( وَالْعادِياتِ ضَبْحاً ) (٣) فقلت له الخيل حين تغير في سبيل

__________________

اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً ) فمحو آية الليل السواد الذي في القمر.

قال: فما كان ذو القرنين انبيا ام ملكا؟ فقال: لم يكن واحدا منهما، كان عبدا لله احب الله واحبه الله وناصح الله فنصحه الله، بعثه الله الى قوم يدعوهم الى الهدى فضربوه على قرنه الايمن ثم مكث ما شاء الله ثم بعثه الله الى قومه يدعوهم الى الهدى فضربوه على قرنه الايسر ولم يكن له قرنان كقرني الثور.

قال: فما هذه القوس؟ قال: هي علامة كانت بين نوح وبين ربه وهي امان من الغرق.

قال: فما البيت المعمور؟ قال: بيت فوق سبع سماوات تحت العرش يقال له الضراح يدخله كل يوم سبعون الف ملك ثم لا يعودون اليه الى يوم القيامة.

وقال: فمن ( الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً ) ؟ قال: هم الا فجران من قريش قد كفيتموه يوم بدر.

قال: فمن ( الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ) قال: قد كان اهل حروراء منهم. انتهى. وذكره ايضا العسقلاني في فتح الباري: ١٠ / ٢٢١.

(١) هو محمد بن عبد الواحد بن ابي هاشم ابو عمر الزاهد اللغوي المحدث المعروف بغلام ثعلب البغدادي ولد سنة ٢٦١ وسمع من جمع من المحدثين، ولازم ثعلبا في العربية فاكثر عنه. كما حدث عنه جماعة اخرون. توفي سنة ٣٤٥ انظر سير اعلام النبلاء: ١٥ / ٥٠٨ وبغية الوعاة:١ / ١٦٤ وانباه الرواة: ٣ / ١٧١.

(٢) ج وق: المنعجر. والمثعنجر: اكثر موضع ماء في البحر، من العثجر، المطر اذا لم يكن له امساك.

اقول: ذكر هذا الحديث وقول ابن عباس المذكور جماعة باختلاف يسير في بعض الفاظه نذكر منهم القندوزي في ينابيع المودة: ٤٠٨ والنبهاني في الشرف المؤبد: ٥٨ والامر تسرى في ارجح المطالب: ١١٣ وابن الاثير في النهاية: ١ / ١٥٢.

(٣) العاديات: ١.

٢١٨

الله ثم تأوي إلى الليل فيصنعون(١) طعامهم ويورون نارهم فانفتل عني فذهب(٢) إلى علي بن أبي طالب وهو تحت سقاية زمزم فسأله عن( وَالْعادِياتِ ضَبْحاً ) فقال سألت عنها أحدا قبلي قال نعم سألت عنها ابن عباس فقال الخيل حين تغير في سبيل الله قال اذهب فادعه لي فلما وقفت على رأسه قال تفتي الناس بما لا علم لك به والله إن كانت لأول غزاة في الإسلام بدر وما كان معنا إلا فرسان فرس للزبير وفرس للمقداد بن الأسود فكيف تكون( الْعادِياتِ ضَبْحاً ) إنما( الْعادِياتِ ضَبْحاً ) الإبل من عرفة إلى المزدلفة ومن المزدلفة إلى منى.

قال ابن عباس فنزعت عن قولي ورجعت إلى الذي قال علي(٣) .

وهذا وارد على عدو السنة ورودا جيدا إذ ذكر أن التفسير والتأويل كان المسئول عنهما ابن عباس والحسن وغيرهما.

لعن الله من يسب عليا

وحسينا من سوقة وإمام

أيسب المطهرون جدودا

والكريم(٤) الأخوال والأعمام(٥)

__________________

(١) ج وق: فيضعون.

(٢) ق: وذهب.

(٣) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

اقول: والحديث في الكشف والبيان: مخطوط.

(٤) ن: والكريمو.

(٥) البيتان لكثير بن كثير بن المطلب بن ابي وداعة. ذكره المرزباني في معجم شعراءه ص ٢٣٩ ٢٤٠ فقال: واسمه الحارث بن سعيد بن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي ابن غالب ( الى ان قال ) وكان يتشيع وهو القائل - وسمع عبد الله بن الزبير يتناول اهل البيتعليهم‌السلام ويقال: انه قالها لما كتب هشام بن عبد الملك الى عامله بالمدينة ان ياخذ الناس بسب أمير المؤمنين علي بن ابي طالبرضي‌الله‌عنه -:

لعن الله من يسب عليا

وحسينا من سوقة وامام

اتسب المطيبين جدودا

والكريمي الاخوال والاعمام

٢١٩

وروى الثعلبي في تفسيره في إسناد متصل عن عبد الله بن عطاء قال كنت جالسا مع أبي جعفر في المسجد فرأيت عبد الله بن سلام فقلت هذا الذي( عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ) فقال إنما ذلك علي بن أبي طالبعليه‌السلام (١) ورفعه إلى ابن الحنفية(٢) .

ورواه أبو نعيم الحافظ عن محمد بن الحنفية مرفوعا من طريقين إلى عباد

__________________

طبت بيتا وطاب بيتك بيتا

أهل بيت النبي والإسلام

رحمة الله والسلام عليكم

كلما قام قائم بسلام

(١) الكشف والبيان: مخطوط.

وذكره ابن المغازلي في مناقبه: ٣١٣ قال:

اخبرنا احمد بن محمد بن طاوان اذنا: ان ابا احمد عمر بن عبد الله بن شوذب اخبرهم، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن محمد العسكري: حدثنا محمد بن عثمان: حدثنا ابراهيم بن محمد ابن ميمون: حدثنا: علي بن عابس قال: دخلت انا وابو مريم على عبد الله بن عطاء قال ابو مريم: حدّث عليا بالحديث الذي حدثتني عن ابي جعفر، قال: كنت عند ابي جعفر جالسا اذ مر عليه ابن عبد الله بن سلام قلت: جعلني الله فداك هذا ابن الذي عنده علم من الكتاب؟

قال: لا ولكنه صاحبكم علي بن ابي طالب الذي نزلت فيه آيات من كتاب الله عزّ وجلّ ( الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ ) ( أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ) و ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) الآية.

واخرجه القرطبي في تفسيره: ٩ / ٣٣٦ بهذا السند والقندوزي في ينابيع المودة: ١٠٢ وبسند ولفظ اخرين الحسكاني في شواهد التنزيل: ١ / ٣٠٨.

(٢) وذكره بهذا الطريق ايضا الحسكاني في شواهد التنزيل: ١ / ٣٠٨ قال:

واخبرونا عن ابي بكر عبد الله بن محمد بن منصور بن الجنيد الرازي اخبرنا محمد بن الحسين ابن اسكاب اخبرنا احمد بن مفضل اخبرنا مندل بن علي عن اسماعيل بن سليمان عن ابي عمر زاذان عن ابن الحنفية في قوله تعالى: ( وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ) قال: هو علي بن ابي طالب.

وكذلك ذكره عنه القرطبي في تفسيره: ٩ / ٣٣٦.

٢٢٠

علي (عليه‌السلام ) إلى اليمن مرتين:

وبالنسبة لذهاب علي (عليه‌السلام ) إلى اليمن نقول:

لعل الصحيح هو: أنه (عليه‌السلام ) ذهب إلى اليمن أولاً، فأسلمت همدان كلها على يديه في ساعة واحدة، وانتشر الإسلام في تلك البلاد.

ثم شعر أهلها بحاجتهم إلى من يفقههم في الدين، فوفدوا إلى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وطلبوا منه ذلك، فأرسل إليهم علياً (عليه‌السلام ) مرة ثانية.

فقد روي: أنه أتى النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ناس من اليمن، فقالوا: ابعث فينا من يفقهنا في الدين، ويعلمنا السنن، ويحكم فينا بكتاب الله.

فقال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): انطلق يا علي إلى أهل اليمن، ففقههم في الدين وعلمهم السنن، واحكم فيهم بكتاب الله.

فقلت: إن أهل اليمن قوم طغام، يأتوني من القضاء بما لا علم لي به.

فضرب (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) على صدري، ثم قال: اذهب، فإن الله سيهدي قلبك، ويثبت لسانك. فما شككت في قضاء بين اثنين حتى الساعة(1) .

____________

1- منتخب كنز العمال (مطبوع مـع مسند أحمـد) ج5 ص36 وكنز العـمال ج13 = = ص113 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص35 و 40 و 45 وج21 ص634 وج22 ص511 وج23 ص667 وراجع: أخبار القضاة لمحمد بن خلف بن حيان ج1 ص86 و تاريخ الإسلام للذهبي ج3 ص637.

٢٢١

وقال الطبرسي: بعث رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) علياً (عليه‌السلام ) إلى اليمن، ليدعوهم إلى الإسلام، وليخمس ركازهم، ويعلمهم الأحكام، ويبين لهم الحلال والحرام، وإلى أهل نجران ليجمع صدقاتهم، ويقدم عليه بجزيتهم(1) .

هل أرسل علياً (عليه‌السلام ) إلى اليمن قاضياً؟!:

إننا لا ننكر أن يكون علي (عليه‌السلام ) قد قضى وحكم بين الناس في اليمن، كما أنه علمهم، وفقههم في دينهم، وسعى إلى تزكية نفوسهم، وبث مكارم الأخلاق فيهم..

ولكن بعض الروايات تزعم: أن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أرسل علياً (عليه‌السلام ) إلى اليمن قاضياً، وحسب بعض الروايات: أنه قال للنبي:

تبعثني إلى قوم وأنا حدث السن، ولا علم لي بالقضاء (أو بكثير من القضاء)؟!

____________

1- بحار الأنوار ج21 ص360 ومكاتيب الرسول ج1 ص210 وإعلام الورى (ط1) ص79 و 80 و (ط2) ص137 و (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص257.

٢٢٢

فوضع يده على صدره وقال: إن الله سيهدي قلبك، ويثبت لسانك.

يا علي، إذا جلس إليك الخصمان، فلا تقض بينهما حتى تسمع من الآخر الخ..(1) .

ولذلك اعتبر السكتواري: أن علياً (عليه‌السلام ) أول قاض بعثه رسول

____________

1- مسند أحمد ج1 ص83 و 88 و 149 و (ط دار صادر) ج1 ص111 والطبقات الكبرى لابن سعد (ط دار المعارف بمصر) ج2 ص337 والسنن الكبرى للبيهقي ج10 ص140 وذخائر المواريث ج3 ص14 وتيسير الوصول (ط نول كشور) ج2 ص216 وقضاة الأندلس ص23 وخصائص الإمام علي ( عليه‌السلام ) للنسائي (ط التقدم بمصر) ص12 وأخبار القضاة لوكيع ج1 ص85 وفرائد السمطين، ونظم درر السمطين ص127 والشذورات الذهبية ص119 وطبقات الفقهاء ص16 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج2 ص236 ومناقب علي ( عليه‌السلام ) لابن المغازلي ص248 والرصف ص313 وجمع الفوائد من جامع الأصول، ومجمع الزوائد ج1 ص259 وفتح المنعم (مطبوع مع زاد المسلم) ج4 ص217 وبحار الأنوار ج21 ص360 و 361 وفي هامشه عن: إعلام الورى (ط 1) ص80 و (ط2) ص137. وراجع: العمدة لابن البطريق ص256 وفتح الباري ج8 ص52 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص117 وكنز العمال ج13 ص125 والبداية والنهاية ج5 ص124 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص208 وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي ( عليه‌السلام ) ج1 ص205 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج7 ص65 وج20 ص565 و 571 وج22 ص176 وج31 ص387.

٢٢٣

الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) إلى اليمن(1) .

ونقول:

قد يقال: إن علياً كان باب مدينة علم رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وعنده علم الكتاب بنص القرآن الكريم، فما معنى قوله (عليه‌السلام ): أنا حدث السن، ولا علم لي بالقضاء؟!.

ويمكن أن يجاب:

بأنه (عليه‌السلام ) إنما تكلم بلسان غيره، وعبر عما قد يدور بِخَلَدِ بعضهم، لا سيما وأن القضاء من أي كان لا يرضي من يُقْضى عليهم.. فيبادرون إلى إدعاء المظلومية، أو ادعاء حصول خطأ في الحكم، نتيجة التقصير أو القصور لدى الحاكم، أو لغير ذلك من أسباب، قد يجدون من يصدقهم، أو من يقع في الشبهة نتيجة لذلك.. فأراد (عليه‌السلام ) أن يتلافى ذلك بهذا السؤال، وبذاك الجواب..

ويشهد لذلك:

أن الجواب الذي سمعه من رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لم يتضمن تعليماً لأحكام القضاء، بل هو مجرد دعاء له (عليه‌السلام ) بالهداية والثبات، ثم أخبره بأن الله تعالى هو الذي يتولى هداية قلبه (عليه‌السلام )، وذلك ليدلنا على عظيم منزلته (عليه‌السلام ) عند الله، لأن هداية القلب لا تكون على سبيل الجبر والقهر لأي كان من الناس، بل هي منحة إلهية لمن

____________

1- محاضرة الأوائل ص62 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص47 عنه.

٢٢٤

جاهد في الله حق جهاده على قاعدة:( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ) (1) و( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً ) (2) و( وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ) (3) .

مفردات من قضائه (عليه‌السلام ) في اليمن:

وقد ذكروا العديد من مفردات الأقضية التي صدرت عن علي (عليه‌السلام ) في اليمن، ومنها:

1 ـ إن قوماً احتفروا بئراً باليمن، فأصبحوا وقد سقط فيها أسد، فنظروا إليه، فسقط إنسان بالبئر، فتعلق بآخر، وتعلق الآخر بآخر، حتى كانوا في البئر أربعة، فقتلهم الأسد، فأهوى إليه رجل برمح فقتله.

فتحاكموا إلى علي (عليه‌السلام ).

فقال: ربع دية، وثلث دية، ونصف دية، ودية تامة: للأسفل ربع دية، من أجل أنه هلك فوقه ثلاثة، وللثاني ثلث دية، لأنه هلك فوقه إثنان، وللثالث نصف دية، من أجل أنه هلك فوقه واحد، وللأعلى الدية كاملة.

فإن رضيتم فهو بينكم قضاء، وإن لم ترضوا فلا حق لكم حتى تأتوا رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) فيقضي بينكم.

فلما أتوا رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قصوا عليه خبرهم، فقال: (أنا

____________

1- الآية 69 من سورة العنكبوت.

2- الآية 17 من سورة محمد.

3- الآية 11 من سورة التغابن.

٢٢٥

أقضي بينكم إن شاء الله تعالى).

فقال بعضهم: يا رسول الله، إن علياً قد قضى بيننا.

قال: (فيم قضى)؟!

فأخبروه، فقال: (هو كما قضى به)(1) .

2 ـ كان علي (عليه‌السلام ) باليمن، فأُتي بامرأة وطأها ثلاثة نفر في طهر واحد، فسأل اثنين: أتقران لهذا بالولد؟!

____________

1- راجع: مسند الطيالسي ص18 وأخبار القضاة لوكيع ج1 ص95 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص111 وذخائر العقبى ص84 وتذكرة الخواص ص49 والقياس في الشرع الإسلامي ص45 وأعلام الموقعين ج2 ص39 ومجمع بحار الأنوار ج2 ص57 وينابيع المودة ص75 وأرجح المطالب ص120 والطرق الحكمية لابن القيم ص262 عن أحمد، وأبي داود، والنسائي، وابن ماجة، والحاكم في صحيحه، وإرشاد الفحول ص257 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص239 ومسند أحمد ج1 ص77 و 152 ومشكل الآثار ج3 ص58 وكتاب الديات للشيباني ص65 وتفريع الأحباب ص321 ووسيلة النجاة للسهالوي ص152 ومرآة المؤمنين ص70 وكنز العمال (ط الهند) ج15 ص103 عن الطيالسي، وابن أبي شيبة، وأحمد، وابن منيع، وابن جرير وصححه، وقرة العينين في تفضيل الشيخين ص158 وبذل القوة ص285 وتلخيص التحبير ج4 ص30 عن أحمد، والبزار، والبيهقي، وإحقاق الحق (الملحقات) ج17 ص493 ـ 497 وج8 ص67 ـ 70 عما تقدم وعن مصادر أخرى.

٢٢٦

فلم يقرَّا.

ثم سأل اثنين: أتقران لهذا بالولد؟!

فلم يقرَّا.

ثم سأل اثنين، حتى فرغ، يسأل اثنين اثنين غير واحد، فلم يقرُّوا.

ثم أقرع بينهم، فألزم الولد، الذي خرجت عليه القرعة، وجعل عليه ثلثي الدية.

فرفُع ذلك للنبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، فضحك حتى بدت نواجذه

زاد في نص آخر: وقال: (القضاء ما قضى).

أو قال: (لا أعلم فيها إلا ما قضى علي).

أو قال: (حكمتَ فيه بحكم الله).

أو قال: (لقد رضي الله عز وجل حكمك فيهم)(1) .

____________

1- راجع: مسند أحمد ج4 ص373 وسنن النسائي (ط الميمنة بمصر) ج2 ص107 وأخبار القضاة ج1 ص90 و 91 و 93 و 94 ومستدرك الحاكم ج2 ص207 وج3 ص135 وج4 ص96 وتلخيص المستدرك للذهبي (مطبوع مع المستدرك) ج4 ص96 وذخائر العقبى ص85 والقياس في الشرع الإسلامي ص48 وزاد المعاد لابن القيم (ط الأزهرية بمصر) ج7 ص380 والبداية والنهاية ج5 ص107 عن أحمد، وأبي داود، والنسائي، وينابيع المودة ص211 و 75 وتيسير الوصول ج2 ص281 وأرجح المطالب ص121 والمعجم الكبير = = ج5 ص193 و 194 وفيه: أن علياً ( عليه‌السلام ) كتب إلى رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يخبره بذلك. ومسند ابن أبي شيبة ج2 ص345 وأخبار الموفقيات ص363 عن مسند الحميدي، ومرآة المؤمنين ص71.

٢٢٧

3 ـ عن أبي جعفر الباقر (عليه‌السلام )، قال: بعث رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) علياً (عليه‌السلام ) إلى اليمن، فانفلت فرس لرجل من أهل اليمن، فنفح رجلاً برجله فقتله، وأخذه أولياء المقتول، فرفعوه إلى علي (عليه‌السلام )، فأقام صاحب الفرس البيّنة أن الفرس انفلت من داره فنفح الرجل برجله، فأبطل علي (عليه‌السلام ) دم الرجل.

فجاء أولياء المقتول من اليمن إلى النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يشكون علياً (عليه‌السلام ) فيما حكم عليهم، فقالوا: إن علياً ظلمنا، وأبطل دم صاحبنا.

فقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): إن علياً ليس بظلام، ولم يخلق علي للظلم، وإن الولاية من بعدي لعلي، والحكم حكمه، والقول قوله، لا يرد حكمه وقوله وولايته إلا كافر، ولا يرضى بحكمه وقوله وولايته إلا مؤمن.

فلما سمع اليمانيون قول رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في علي (عليه‌السلام ) قالوا: يا رسول الله، رضينا بقول علي وحكمه.

فقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): هو توبتكم مما قلتم(1) .

____________

1- بحار الأنوار ج21 ص362 وج38 ص102 وج40 ص316 وج101 ص390= = والأمالي للشيخ الصدوق ص428 ومستدرك الوسائل ج18 ص322 وجامع أحاديث الشيعة ج26 ص343 وعجائب أحكام أمير المؤمنين ( عليه‌السلام ) للسيد محسن الأمين ص42 وقضاء أمير المؤمنين علي ( عليه‌السلام ) ص192 عن الكليني، والشيخ، وعن الصدوق في أماليه. والكافي ج7 ص353.

٢٢٨

ونقول:

يحسن لفت النظر إلى أمور تضمنتها النصوص الآنفة الذكر، نذكر منها ما يلي:

أولاً: ذكرت الروايات الثلاث الأولى المتقدمة أن الذين قضى عليهم أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) لم يرضوا بقضائه..

ولا نرى أن سبب ذلك هو كراهتهم لشخص علي (عليه‌السلام ).. بل لأن التخاصم عادة يكون بسبب شبهة عرضت لأحد المتخاصمين، أو كليهما، أوهمته أن الحق له، ودفعته إلى السعي لتحصيل حقه ولو بالترافع إلى القاضي، فإذا قضى عليه القاضي توهم أنه قصر في تحري الحق، أو جهل الحكم، أو مال مع الهوى..

وبما أن الناس كانوا في اليمن لا يعرفون الكثير عن علي (عليه‌السلام )، وعلمه وتقواه، وتضحياته وعدله، والآيات النازلة في حقه، وبيان فضله، فلا يلامون إذا ظنوا أنه لم يدقق بما يكفي لإحقاق الحق، أو لم يكن يعرف الكثير من أسرار القضاء، فأرادوا الإستيثاق من صحة قضائه.

فجاء الرد الحاسم من قبل رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وبين لهم:

٢٢٩

أولاً: موقع علي فيهم، وحقيقة علي (عليه‌السلام ) ومنزلته، وأن له فيهم مقام الولاية، وهو الذي لا يرد حكمه، ولا يشك في قوله..

ثانياً: لقد قرر (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أنه (عليه‌السلام ) ليس بظلام، ليكون هذا القول هو الضابطة لمن تكون له الولاية على الناس، لأن من يظلم واحداً منهم، فلا يؤمن أن ينال ظلمه الجميع، إذ لا خصوصية للفرد من هذه الجهة، ولذلك قال: (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): (إن علياً ليس بظلام)، فجاء بصيغة المبالغة لتدل على نفي الظلم عن كل فرد، والمطلوب من الولي الإنصاف والعدل، وإيصال الخير للناس، والظلاّم لا يؤمن أن ينال ظلمه هذا الفرد أو ذاك، فلا يصلح للولاية لأنها نقض للغرض.

ثالثاً: قوله: إن علياً (عليه‌السلام ) لم يخلق للظلم، أي أن علياً (عليه‌السلام ) هو صاحب الفطرة السليمة والصافية، والمعافاة من كل سوء، فهي لم تتعرض لأي تشويه، أو عدوان. وفطرة كهذه لا يصدر منها الظلم، لأن الظلم لا يلائمها، بل هي تتنافر معه وترفضه..

الذين وقعوا في زبية الأسد:

بالنسبة للذين قتلهم الأسد في البئر نقول:

اختلفت الرواية في الحكم الذي صدر عنه (عليه‌السلام )، فواحدة منها تقول: إن للأول ربع الدية، وللثاني ثلثها، وللثالث نصفها، وللرابع الدية كاملة، وقد جعلها (عليه‌السلام ) على قبائل الذين ازدحموا..

قال التستري: للأول الربع، لاحتمال استناد موته إلى أربعة أشياء:

أحدها: تضييق المزدحمين، وباقيها إسقاطه لثلاثة رجال فوق نفسه.

٢٣٠

وللثاني الثلث، لإحتمال استناده إلى ثلاثة أمور:

أحدها: إسقاط الأول له.

وللثالث النصف، حيث يحتمل استناده إلى أمرين:

أحدهما: إسقاط الثاني له.

وللرابع التمام حيث إن قتله كله مستند إلى الثالث، وجعل الدية على قبائل المزدحمين لأن الساقطين أيضاً كانوا منهم(1) .

وجاء في نص آخر أنه (عليه‌السلام ) قال: الأول فريسة الأسد، وغرّم أهله ثلث الدية لأهل الثاني، وغرّم الثاني لأهل الثالث ثلثي الدية.. وغرّم الثالث لأهل الرابع الدية كاملة(2) .

وذكر التستري: أن الوجه في ذلك: أن هلاك الأول لم يكن مستنداً إلى أحد..

____________

1- قضاء أمير المؤمنين علي ( عليه‌السلام ) ص36.

2- راجع: وسائل الشيعة (ط دار الإسلامية) ج9 ص176 وقضاء أمير المؤمنين علي ( عليه‌السلام ) للتستري ص35 عن الإرشاد، وعن المشايخ الثلاثة، والمناقب، ومسند أحمد، وأمالي أحمد بن منيع. وراجع: دعائم الإسلام ج2 ص418 ومستدرك الوسائل ج18 ص313 وشرح الأخبار ج2 ص331 والإرشاد للمفيد ج1 ص196 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص198 وبحار الأنوار ج40 ص245 وج101 ص393 وجامع أحاديث الشيعة ج26 ص338 و 339 ومستدرك سفينة البحار ج4 ص280.

٢٣١

والثاني كان هلاكه مستنداً إلى ثلاثة أمور: جذب الأول، وسقوط الثالث والرابع فوقه، وكان هو السبب في سقوطهما، فيكون ثلث قتله مستنداً إلى الأول فله الثلث.

والثالث كان ثلث قتله مستنداً إلى نفسه بجذب الرابع، فيكون له الثلثان فقط على الثاني.

والرابع كان جميع قتله مستنداً إلى الثالث، فكان عليه تمام ديته(1) .

ويحتمل أن هذه الحادثة قد تكررت مرتين، كان سقوط الأشخاص فوق بعضهم البعض في إحداهما، وكان السقوط للأفراد في مواقع أخرى في الحادثة الثانية.

من وصايا النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لعلي (عليه‌السلام ):

1 ـ روى الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين (عليه‌السلام ): بعثني رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) إلى اليمن وقال لي: يا علي، لا تقاتلن أحداً حتى تدعوه، وأيم الله لأن يهدي الله على يديك رجلاً خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت، ولك ولاؤه يا علي(2) .

____________

1- قضاء أمير المؤمنين علي ( عليه‌السلام ) ص35 و 36.

2- بحار الأنوار ج21 ص361 وج97 ص34 والكافي ج5 ص28 ومختلف الشيعة ج4 ص393 وكشف اللثام (ط ج) ج9 ص341 و (ط ق) ج2 ص276 وجـواهـر = = الكلام ج21 ص52 وتهذيب الأحكام ج6 ص141 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص43 و (ط دار الإسلامية) ج11 ص30 والنوادر للراوندي ص140 ومستدرك الوسائل ج11 ص30 وجامع أحاديث الشيعة ج3 ص143 وموسوعة أحاديث أهل البيت ج12 ص23 وأعيان الشيعة ج1 ص418.

٢٣٢

قال المجلسي (رحمه‌الله ): قوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): ولك ولاؤه، أي لك ميراثه إن لم يكن له وارث، وعليك خطاؤه(1) .

2 ـ روى جماعة عن أبي المفضل، عن عبد الرزاق بن سليمان، عن الفضل بن الفضل الأشعري، عن الرضا، عن آبائه (عليهم‌السلام ): أن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بعث علياً (عليه‌السلام ) إلى اليمن، فقال له وهو يوصيه:

يا علي، أوصيك بالدعاء، فإن معه الإجابة، وبالشكر، فإن معه المزيد، وإياك عن أن تخفر عهداً وتعين عليه، وأنهاك عن المكر، فإنه لا يحيق المكر السيء إلا بأهله، وأنهاك عن البغي، فإنه من بغي عليه لينصرنه الله(2) .

____________

1- بحار الأنوار ج21 ص361.

2- بحار الأنوار ج21 ص361 وج74 ص69 عن المجالس والأخبار ص28 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج7 ص29 و (ط دار الإسلامية) ج4 ص1088 والأمالي للطوسي ص597 وجامع أحاديث الشيعة ج15 ص192 ومستدرك سفينة البحار ج10 ص345 وموسوعة أحاديث أهل البيت ( عليهم‌السلام ) ج2 ص62 وج10 ص414.

٢٣٣

ونقول:

أولاً: تقدم: أنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أوصى علياً (عليه‌السلام ) بأن لا يقاتل أحداً حتى يدعوه، ثم قال: (وأيم الله لأن يهدي الله على يديك رجلاً خير لك مما طلعت علي الشمس وغربت..).

والكلام إنما هو بالنسبة لأولئك الذين يعلنون العداء للإسلام وأهله، أو بالنسبة لأولئك الذين يريدون منع الناس من ممارسة حريتهم في الإعتقاد، أو في الدعوة..

وهذا يدل على أن الهدف الأول والأخير هو هداية الناس، ونشر الإسلام، والقتال إنما هو لدفع الأعداء، أو للحصول على حرية الإعتقاد والدعوة..

فما يذكرونه في أكثر السرايا والبعوث من أنها كانت تبادر إلى الغارة، واغتنام الأموال، وسبي النساء والأطفال، وأسر واستعباد الرجال، إما غير صحيح، أو أنه إن كان قد حصل منه شيء فهو على سبيل التمرد على صريح الأوامر النبوية، طمعاً بالدنيا، وجريا على عادات أهل الجاهلية، واستجابة لدواعي الهوى العصبية.

ثانياً: إن مجرد إسلام شخصٍ على يد آخر ليس من أسباب اختصاصه بإرثه، إلا في موردين.

أحدهما: أن يكون مولى له، وما نحن فيه ليس كذلك، إذا المفروض: أنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أمر علياً أن يدعوهم إلى الإسلام قبل حربهم، فمن أسلم منهم كان له ما للمسلمين، وعليه ما عليهم..

٢٣٤

الثاني: أن يكون ولاؤه له من حيث أنه إمام مفترض الطاعة، لأن الإمام وارث من لا وارث له.. ومعنى هذا أن يصبح هذا الحديث من دلائل إمامة علي (عليه‌السلام ) بعد النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ).

ثالثاً: إن الوصايا المتقدمة، التي رويت عن الإمام الرضا (عليه‌السلام )، عن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ليس فقط لا تشير إلى أنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أصدر أي أمر بقتال، وإنما هي في سياق إثارة أجواء ومشاعر سليمة وطبيعية، والتوجيه نحو تنظيم العلاقة مع أهل اليمن، على أساس التوافق، وإبرام العهود، ولزوم الوفاء بها. ولزوم الوضوح والصدق في التعامل، والإبتعاد عن المكر والخداع، وعن البغي والتجني، والتزام جادة الإنصاف، والرفق..

وقد مهد لذلك كله بالتوجيه نحو الله تعالى بالدعاء، والطلب منه دون سواه، ثم بالشكر له، الذي يجلب معه المزيد من العطاءات الإلهية، والألطاف والرحمات والبركات الربانية..

هدايا علي (عليه‌السلام ) من اليمن إلى النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ):

روى الكليني عن العدة، عن سهل وأحمد بن محمد جميعاً، عن بكر بن صالح، عن سليمان الجعفري، عن أبي الحسن (عليه‌السلام ) قال: سمعته يقول: أهدى أمير المؤمنين إلى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أربعة أفراس من اليمن، فقال: سمها لي.

فقال: هي ألوان مختلفة.

فقال: ففيها وضح؟!

٢٣٥

قال: نعم، فيها أشقر به وضح.

قال: فأمسكه عليّ.

قال: وفيها كميتان أوضحان.

فقال: أعطهما ابنيك.

قال: والرابع أدهم بهيم.

قال: بعه، واستخلف به نفقة لعيالك، إنما يمن الخيل في ذوات الأوضاح(1) .

ونقول:

1 ـ في هذه الهدية إلماح إلى استمرار المسيرة الجهادية، التي تحتاج إلى إعداد القوة التي ترهب العدو.. على قاعدة:( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ ) (2) .

وقد جاءت هذه الهدية في وقت ظهر فيه أن بعض قاصري النظر من

____________

1- بحار الأنوار ج21 ص361 وج61 ص169 عن الكافي، والمحاسن للبرقي ج2 ص631 والكافي ج6 ص536 ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص285 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج11 ص475 و (ط دار الإسلامية) ج8 ص347 وجامع أحاديث الشيعة ج16 ص855 ومسند الإمام الرضا ( عليه‌السلام ) للعطاردي ج2 ص377 وموسوعة أحاديث أهل البيت ( عليهم‌السلام ) ج12 ص339.

2- الآية 60 من سورة الأنفال.

٢٣٦

المسلمين اعتبر أن زمن الجهاد قد انتهى، ولا حاجة بعد للسلاح، فباعوا أسلحتهم، كما صرحت به الروايات(1) .

2 ـ تضمن هذا النص إشارة إلى أن للألوان والأشكال دورها في الإختيار، وإن لقضية اليُمْنِ أيضاً تأثير في ذلك، فلا معنى لإسقاطها من الحساب..

ذهبية أخرى من اليمن:

وعن أبي سعيد الخدري: أن علياً كرم الله وجهه (بعث إلى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) من اليمن بذهبية في أديم مقروظ لم تحصَّل من ترابها، فقسمها رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بين أربعة نفر: بين عيينة بن بدر،

____________

1- راجع: السنن الكبرى للنسائي ج3 ص35 وج5 ص218 ومسند أحمد ج4 ص104 وسنن النسائي ج6 ص214 والآحاد والمثاني ج4 ص411 وج5 ص84 و 259 وصحيح ابن حبان ج16 ص297 والمعجم الكبير للطبراني ج7 ص52 ومسند الشاميين ج3 ص387 والأربعين في الجهاد لأبي الفرج المقرئ ص44 وموارد الظمآن ج5 ص205 وكنز العمال ج4 ص450 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص187 والطبقات الكبرى لابن سعد ج7 ص427 والتاريخ الكبير للبخاري ج4 ص70 وتاريخ مدينة دمشق ج1 ص115 و 116 و 117 وتهذيب الكمال ج11 ص324 والدر المنثور ج6 ص47 وتفسير الآلوسي ج26 ص42.

٢٣٧

وأقرع بن حابس، وزيد الخيل، وعلقمة بن غيلان (علاثة) (1) .

وهؤلاء من المؤلفة قلوبهم، الذين يهتمون لهذه الأمور.

مع ملاحظة: أن هذا الذهب لم يكن من الأموال العامة التي لا بد من تقسيمها بين أهلها ومستحقيها من المسلمين، وإنما هي مال خاص برسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ). وقد أراد أن يجعلها في خدمة هذا الدين، وكف الأذى عن أهله، وتوفير المنافع لهم بهذه الطريقة.

علي (عليه‌السلام ) في اليمن مرة أخرى:

عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه‌السلام ) قال: دعاني رسول

____________

1- سبل الهدى والرشاد ج6 ص358 وراجع: الإصابة ج1 ص572 والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص158 والدر المنثور ج3 ص251 عن البخاري، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والمحلى لابن حزم ج6 ص110 وج11 ص220 وعمدة القاري ج18 ص7 والبداية والنهاية ج5 ص123 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص206 ودعائم الإسلام ج1 ص260.

وراجع ايضاً: مستدرك الوسائل ج7 ص116 وبحار الأنوار ج93 ص70 وجامع أحاديث الشيعة ج8 ص235 و مسند أحمد ج3 ص4 وصحيح البخاري (ط دار الفكر) ج5 ص110 وصحيح مسلم (ط دارالفكر) ج3 ص110 وشرح مسلم للنووي ج7 ص162 وفتح الباري ج8 ص53 وصفات الرب جل وعلا للواسطي ص13 وأحكام القرآن للجصاص ج3 ص160.

٢٣٨

الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) فوجهني إلى اليمن لأصلح بينهم، فقلت له: يا رسول الله، إنهم قوم كثير، وأنا شاب حدث!

فقال لي: يا علي، إذا صرت بأعلى عقبة (أفيق) فناد بأعلى صوتك: يا شجر، يا مدر، يا ثرى، محمدٌ رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يقرؤكم السلام.

قال: فذهبت، فلما صرت بأعلى عقبة أفيق أشرفت على اليمن، فإذا هم بأسرهم مقبلون نحوي، مشرعون أسنتهم، متنكبون قسيهم، شاهرون سلاحهم، فناديت بأعلى صوتي: يا شجر، يا مدر، يا ثرى، محمد (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يقرؤكم السلام.

قال: فلم يبق شجرة، ولا مدرة، ولا ثرى إلا ارتجت بصوت واحد: وعلى محمد رسول الله وعليك السلام.

فاضطربت قوائم القوم، وارتعدت ركبهم، ووقع السلاح من أيديهم، وأقبلوا مسرعين، فأصلحت بينهم، وانصرفت(1) .

____________

1- بحار الأنوار ج17 ص371 وج21 ص362 وج41 ص252 وبصائر الدرجات ص145 و 146 و (ط مؤسسة الأعلمي) ص521 و 523 والأمالي للصدوق ص293 وروضة الواعظين ص116 ومختصر بصائر الدرجات (ط المطبعة الحيدرية) ص14 والثاقب في المناقب ص69 والخرائج والجرائح ج2 ص492 ومدينة المعاجز ج1 ص416 ومستدرك سفينة البحار ج7 ص299 وقصص الأنبياء للراوندي ص285 وغاية المرام ج5 ص255 وراجع: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج7 ص62 وتاريخ جرجان للسهمي ص387.

٢٣٩

ونقول:

هناك شكوك تراودنا حول هذه الرواية، فلاحظ ما يلي:

أولاً: إن عقبة أفيق كانت بين حوران وغور الأردن، فغور الأردن في أول العقبة التي تنزل منها إلى الغور، وهي عقبة طولها نحو ميلين(1) فهي شمالي المدينة..

أما اليمن فهي إلى الجنوب من المدينة، فكيف تقول الرواية: إن علياً (عليه‌السلام ) لما صار بأعلى عقبة أفيق أشرف على اليمن، فإذا هم بأسرهم مقبلون نحوهم؟!

ثانياً: هل يمكن أن يأتي أهل اليمن بأسرهم لاستقبال علي (عليه‌السلام ) بالسلاح ليحاربوه؟!

وهل هم مجتمعون عند عقبة أفيق؟!

وهل اليمن بمثابة قرية أو مدينة، يمكن أن تخرج على بكرة أبيها لمواجهة قادم؟!

ثالثاً: لم يكن هناك أية مشكلة بينهم وبين علي (عليه‌السلام ) ومن معه، بل هم قد اختلفوا فيما بينهم، وقد جاء علي (عليه‌السلام ) ليصلح بينهم، فدفع الله شرهم عنه بطريقة الكرامة والإعجاز..

فما معنى أن يتفق الفريقان المتنازعان على حرب من جاء ليصلح

____________

1- معجم البلدان ج1 ص233 وراجع: ج4 ص286 وبحار الأنوار ج21 ص363 وراجع: تاج العروس ج13 ص7 و413.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534