بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية11%

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية مؤلف:
المحقق: السيد علي العدناني الغريفي
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 534

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية
  • البداية
  • السابق
  • 534 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 183952 / تحميل: 7001
الحجم الحجم الحجم
بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

يثوروا في ناحية جانب عسكري ، ما لقيت من هذه الامة من الفرقة و طاعة أئمة الضلالة و الدعاة إلى النار(١) و نقلهما الخوئي أيضا .

و رواه عاصم بن حميد في أصله فيما وصل إلينا من الاصول الأربعمائة عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : خطب عليعليه‌السلام الناس فقال : انما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع و أحكام تبتدع يخالف فيها كتاب اللَّه يتولى فيها رجال رجالا ، فلو أنّ الباطل أخلص لم يخف على ذي حجى ، و لو أن الحق أخلص لم يكن اختلاف ، و لكن يؤخذ من هذا ضغث و من هذا ضغث فيمزجان فيجيئان معا ، هنا لك استولى الشيطان على أوليائه و نجا الذين سبقت لهم منه الحسنى(٢) .

و رواه اليعقوبي في ( تاريخه ) و زاد : إنّ خطبتهعليه‌السلام بها كانت بعد رجوعه من صفين و حكم الحكمين(٣) .

قول المصنّف : « و من كلام لهعليه‌السلام » هكذا في ( المصرية )(٤) و الصواب :

« و من خطبة لهعليه‌السلام » كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية ) و كما يشهد له مداركه(٥) .

« إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع » كفتنة الاجتماع في السقيفة طلبا للرئاسة فقال المغيرة بن شعبة لأبي بكر و عمر : وسعوها في قريش تتسع ، أتريدون أن تجمعوا من أهل هذا البيت بيت هاشم خيل حلبة أي : بتصدي علي للأمر بعد محمّد

____________________

( ١ ) روضة الكافي للكليني ٨ : ٥٨ رواية ٢١ .

( ٢ ) بحار الأنوار ٢ : ٣١٥ رواية ٨٣ الباب ٣٤ .

( ٣ ) تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٩١ .

( ٤ ) الطبعة المصرية : ١٥٢ .

( ٥ ) شرح ابن أبي الحديد ٣ : ٢٤٠ الرواية ٥٠ ، و ابن ميثم ٢ : ١٣٣ ، و النسخة الخطية : ٣٦ .

١٨١

و كلامهعليه‌السلام و ان كان بعد وقوع فتنة الخوارج إلا انّه بيّن بدء فتنهم فلو لم يكن يوم السقيفة لم تحصل فتنة الخوارج ، لأنّها حصلت بسبب قيام معاوية في قبالهعليه‌السلام ، و قيام معاوية مع محاربته للَّه و لرسوله حتى اسر فأظهر إسلاما و أسرّ كفره كان بواسطة قيام عثمان بأمر الخلافة ، و قيام عثمان به مع عدم سابقة له أيام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلا حمايته عن أعداء اللَّه و أعداء رسوله ذويه و بني أبيه كان بتدبير عمر له لما كان كتب في غشوة أبي بكر استخلافه لعمر ، و ان كان أبو بكر بعد إفاقته أمضاه له طوعا أو كرها .

« و أحكام تبتدع » فأوصياء الأنبياء في كلّ عصر كانوا في بيوتهم و من جنسهم ذريّة بعضها من بعض و أنكر الذين في قلوبهم مرض ذلك ، فقال عمر لابن عباس اعتذارا عن صرف الأمر عنهعليه‌السلام : إنّ قومكم كرهوا أن يجمعوا لكم الخلافة و النبوّة فتكونوا عليهم جحفا .

« يخالف فيها كتاب اللَّه » أليس تعالى قال( في كتابه و ربّك يخلق ما يشاء و يختار ما كان لهم الخيرة سبحان اللَّه و تعالى عمّا يشركون ) (١) ( أم لكم كتاب فيه تدرسون ان لكم فيه لما تخيرون ) (٢) .

و قد قضى اللَّه تعالى ولايتهعليه‌السلام في قوله جل و علا إنّما وليّكم اللَّه و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون .

( و من يتول اللَّه و رسوله و الذين آمنوا فإنّ حزب اللَّه هم الغالبون ) (٣) .

و قد قضى رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولايتهعليه‌السلام بعد تقريرهم بأنّه أولى بهم من أنفسهم ، بأنّه من كان هو أولى به بنفسه فعليّ أولى به من نفسه في المتواتر

____________________

( ١ ) القصص : ٦٨ .

( ٢ ) القلم : ٣٧ ٣٨ .

( ٣ ) المائدة : ٥٥ ٥٦ .

١٨٢

عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، و قد قال تعالى( و ما كان لمؤمن و لا مؤمنة إذا قضى اللَّه و رسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم و من يعص اللَّه و رسوله فقد ضل ضلالا مبينا ) (١) .

و أما قول فاروقهم « إنّ قومكم كرهوا أن يجمعوا لكم الخلافة و النبوّة » فهل كانت النبوة بأيديهم حتى تكون الخلافة بأيديهم فيكرهوا جمعهما لهم ، و قد أجابه ابن عباس عن قوله بقوله جل و علا( ذلك بأنّهم كرهوا ما أنزل اللَّه فأحبط أعمالهم ) (٢) .

« و يتولى عليها رجال رجالا على غير دين اللَّه » قال أبو بكر يوم السقيفة للناس : إنّما أدعوكم إلى أبي عبيدة أو عمر كلاهما قد رضيت لكم و لهذا الأمر و كلاهما له أهل فقالا له : ما ينبغي لأحد من الناس أن يكون فوقك يا أبا بكر ، أنت صاحب الغار ثاني اثنين و أمرك النبي بالصلاة .

فهل هذا من دين اللَّه أن يجعلوا خلافة رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهبة بينهم ، أليس من قواعد أهل العالم أن يكون خليفة كلّ شخص أن يخرج عن عهدة ما خرج ذاك الشخص عنه و حينئذ و كما هو تعالى أعلم حيث يجعل رسالته يكون هو أعلم حيث يجعل خلافة رسوله ، و أين أولئك الأجلاف عن مقامهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

« فلو أنّ الباطل خلص من مزاج الحق » أي : من مزجه به .

« لم يخف » بفتح الفاء من الخفاء .

« على المرتادين » أي : الطالبين و الأصل فيه طلب الكلاء قال ابن قتيبة في ( خلفائه )(٣) بعد ذكر طلب الأنصار كون الأمر لهم لأن بواسطتهم تمكّن

____________________

( ١ ) الأحزاب : ٣٦ .

( ٢ ) محمد : ٩ .

( ٣ ) الخلفاء لابن قتيبة : ٦ ٧ .

١٨٣

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من نشر الاسلام أو كون الأمر بينهم و بين قريش لئلا يبغي بعضهم على بعض قام أبو بكر و قال( : إنّ اللَّه بعث محمدا رسولا إلى خلقه و شهيدا على امته ليعبدوا اللَّه و يوحّدوه ، و هم إذ ذاك يعبدون آلهة شتى يزعمون أنّها شافعة و عليهم بالغة نافعة ، و انما كانت حجارة منحوتة و خشبا منجورة ، فاقرأوا إن شئتم إنّكم و ما تعبدون من دون اللَّه حصب جهنم ) .(١) ( و يعبدون من دون اللَّه ما لا يضرّهم و لا ينفعهم و يقولون هؤلاء شفعاؤنا عند اللَّه ) .(٢) .( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى اللَّه زلفى ) .(٣) فعظم على العرب أن يتركوا دين آبائهم ، فخص اللَّه المهاجرين الأولين بتصديقه و الايمان به و المواساة و الصبر معه على الشدّة من قومهم و إذلالهم و تكذيبهم إيّاهم ، و كلّ الناس مخالف عليهم يزرؤهم فلم يستوحشوا من قلّة عددهم و إزراء الناس لهم و اجتماع قومهم عليهم ، فهم أول من عبد اللَّه في الأرض و أول من آمن باللَّه تعالى و رسوله ، و هم أولياؤه و عشيرته و أحقّ الناس بالأمر من بعده ، لا ينازعهم فيه إلاّ ظالم(٤) .

فترى مزج الباطل كونه ولي الأمر بحق أعمال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و عشيرته ، و لم يكن مصداق ذلك بتمام معنى الكلمة إلاّ أمير المؤمنينعليه‌السلام و أين كان هو و صاحبه يوم نزل( و أنذر عشيرتك الأقربين ) (٥) فجمع النبي بني عبد المطلب و هم أربعون و قال لهم : من يؤازرني حتى يكون خليفتي ؟ فلم يجبه إلاّ أمير المؤمنينعليه‌السلام .

____________________

( ١ ) الأنبياء : ٩٨ .

( ٢ ) يونس : ١٨ .

( ٣ ) الزمر : ٣ .

( ٤ ) تاريخ الخلفاء لابن قتيبة : ٦ ٧ .

( ٥ ) الشعراء : ٢١٤ .

١٨٤

و لم يجبهم الأنصار بذلك لأنّهم لما شاهدوا الأحوال في مرض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و منعه من وصيته و مخالفته في تجهيز جيش اسامة و علموا بإرادة قريش تصديهم للسلطان ، و كانوا يعرفون عاقبة ذلك و ما يرد عليهم من الإذلال و المهانة كما كان النبي أيضا أخبرهم قبل بذلك ، و كانوا واترين لقريش المؤلفة الطلقاء الذين كان أبو بكر و عمر مستظهرين بهما و علموا أنهم لا يرضون بتأمير أمير المؤمنينعليه‌السلام أصلا ، أعرضوا عن جوابهم بذلك وجدوا أن يكونوا هم المتصدين أو شركاء .

و لم يحضر أمير المؤمنينعليه‌السلام لاشتغاله بتجهيز النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، و كانوا انتهزوا الفرصة في ذلك بأخذ البيعة من الناس و إتمام الأمر لهم ثم أحضروه للبيعة فقالعليه‌السلام كما في ( خلفاء ابن قتيبة ) لهم : أنا أحقّ بهذا الأمر منكم و أنتم أولى بالبيعة لي ، أخذتم هذا الأمر من الأنصار و احججتم عليهم بالقرابة من النبي و تأخذوه منّا أهل البيت غصبا .

حتى أن بشير بن سعد الخزرجي والد النعمان بن بشير الذي كان أوّل من بايع أبا بكر حتى قبل عمر حسدا لابن عمه سعد بن عبادة لئلا ينال الرئاسة ، لما سمع كلامهعليه‌السلام بما مر قال له : لو كان هذا الكلام سمعه الأنصار منك قبل بيعتهم لأبي بكر ما اختلفت عليك فقالعليه‌السلام له : أفكنت أدع رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله في بيته لا أدفنه و أخرج انازع الناس بسلطانه و قالت له فاطمة صلوات اللَّه عليها : ما صنع أبو الحسن إلاّ ما كان ينبغي له ، و لقد صنعوا ما اللَّه حسيبهم و طالبهم .

« و لو أنّ الحق خلص من الباطل » هكذا في ( المصرية )(١) ، و الصواب : « من

____________________

( ١ ) الطبعة المصرية المصححة ورد فيها لفظ « لبس الباطل » : ١٥٢ .

١٨٥

لبس الباطل » كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية )(١) .

« انقطعت عنه ألسن المعاندين » رووا عن ابن عباس قال : كنت عند عمر فتنفس نفسا ظننت ان أضلاعه قد انفرجت ، فقلت له : ما أخرج هذا النفس منك إلاّ هم شديد قال : أي و اللَّه يابن عباس ، إني افتكرت فلم أدر فيمن أجعل هذا الأمر بعدي ثم قال : لعلّك ترى صاحبك لها أهلا قلت : و ما يمنعه من ذلك مع جهاده و سابقته و قرابته و علمه قال : صدقت و لكنه امرؤ فيه دعابة . .

و عن ( موفقيات الزبير بن بكار ) قال ابن عباس : إنّي لاماشي عمر إذ قال لي : ما أرى صاحبك إلاّ مظلوما فقلت في نفسي : و اللَّه لا يسبقني بها ، فقلت له :

فاردد إليه ظلامته فانتزع يده من يدي و مضى يهمهم ساعة ، ثم وقف فلحقته فقال : يابن عباس ما أظن منعهم إلاّ انّه استصغره قومه فقلت في نفسي : هذه شرّ من الاولى فقلت : و اللَّه ما استصغره اللَّه و رسوله حين أمره أن يأخذ ( براءة ) من صاحبك فأعرض عني و أسرع ، فرجعت .

و عن الكتاب عن ابن عباس قال : خرجت اريد عمر إلى أن قال فقال عمر : إنّ صاحبكم إن ولي هذا الأمر أخشى عجبه بنفسه أن يذهب به فليتني أراكم بعدي فقلت : إنّ صاحبنا من قد علمت إنّه ما غيّر و لا بدّل و لا أسخط النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أيام صحبته له فانقطع عليّ الكلام و قال : و لا في ابنة أبي جهل لما أراد أن يخطبها على فاطمة فقلت : قال اللَّه تعالى .( و لم نجد له عزماً ) (٢) إنّ صاحبنا لم يعزم على سخط النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و لكن الخواطر التي لا يقدر أحد على دفعها عن نفسه و ربما كانت من الفقيه في دين اللَّه العالم العامل بأمر اللَّه فقال :

____________________

( ١ ) ابن أبي الحديد ٣ : ٢٤٠ رواية ٥٠ ، و ابن ميثم ٢ : ١٣٣ ليس فيه لفظ « لبس » ، أما الخطية فقد ورد فيها لفظ « لبس الباطل » .

( ٢ ) طه : ١١٥ .

١٨٦

يابن عباس من ظن أنّه يرد بحوركم فيغوص فيها معكم حتى يبلغ قعرها فقد ظنّ عجزا(١) .

و عن ابن عباس أيضا قال : دخلت على عمر في أول خلافته فقال : كيف خلفت ابن عمك ؟ فظننته يعني عبد اللَّه بن جعفر فقلت : خلفته يلعب مع أترابه .

قال : إنّما عنيت عظيمكم أهل البيت فقلت : خلّفته يمتح بالغرب على نخيلات من فلان و هو يقرأ القرآن قال : عليك دماء البدن إن كتمتنيها ، هل بقي في نفسه شي‏ء من أمر الخلافة ؟ قلت : نعم قال : أيزعم أنّ النبي نص عليه ؟ قلت : نعم و ازيدك ، سألت أبي عمّا يدّعيه فقال صدق فقال : لقد كان من النبي في أمره ذر و من القول لا يثبت حجّة و لا يقطع عذرا ، و لقد كان يربع في أمره وقتّا ما ، و لقد أراد في مرضه أن يصرّح باسمه فمنعت من ذلك إشفاقا و حيطة على الإسلام ، لا و ربّ هذه البنية لا تجتمع عليه قريش أبدا و لو وليها لانتقضت عليه العرب من أقطارها ، فعلم رسول اللَّه أنّي علمت ما في نفسه فأمسك . .

فترى هذا المعاند ينسب تارة إليهعليه‌السلام الدعابة و اخرى صغر السن ، و تارة العجب بنفسه ، و اخرى عدم رضاء قريش به .

« و لكن يؤخذ من هذا » أي : الباطل .

« ضغث » أي : قبضة .

« و من هذا » أي : الحق .

« ضغث » أي : قبضة .

« فيخرجان » هكذا في ( المصرية )(٢) و الصواب : « فيمزجان » كما في ( ابن

____________________

( ١ ) أخبار الموفقيات : ٦١٩ .

( ٢ ) الطبعة المصرية المصححة « فيخرجان » ، و ليس « فيخرجان » راجع : ١٥٢ .

١٨٧

أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية )(١) .

« فهنالك » أي : فعند أخذ ضغث من الباطل و ضغث من الحق و مزجهما .

« يستولي الشيطان على أوليائه » لكونهم طالبي الشبهات و الشهوات .

« و ينجو الذين سبقت لهم من اللَّه الحسنى » و هم طالبوا الحق لا بالتقليد و العصبية قال جل و علا :( الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ) . .(٢) .

و قال ابن أبي الحديد : كلامهعليه‌السلام حق ، فإنّ الذين ضلّوا من مقلدة اليهود و النصارى و أرباب المقالات الفاسدة من أهل الملة الاسلامية إنّما ضلّ أكثرهم بتقليد الأسلاف ، و إنّما قلّدهم الاتباع لما شاهدوا من إصلاح ظواهرهم و رفضهم الدنيا و إقبالهم على العبادة و تمسكهم بالدين و أمرهم بالمعروف و نهيهم عن المنكر و صلابتهم في عقائدهم ، فاعتقد الأتباع و القرون التي جاءت بعدهم أنّ هؤلاء يجب اتباعهم و أنّ مخالفهم مبتدع ، و وقع الضلال و الغلط بذلك لأن الباطل استتر و انغمر بما مازجه من الحق الغالب الظاهر المشاهد عيانا و الحكم للظاهر و لولاه لما تروج الباطل و لا كان له قبول أصلا(٣) .

٧ الخطبة ( ٣٨ ) و من خطبة لهعليه‌السلام

 وَ إِنَّمَا سُمِّيَتِ اَلشُّبْهَةُ شُبْهَةً لِأَنَّهَا تُشْبِهُ اَلْحَقَّ فَأَمَّا أَوْلِيَاءُ اَللَّهِ فَضِيَاؤُهُمْ فِيهَا اَلْيَقِينُ وَ دَلِيلُهُمْ سَمْتُ اَلْهُدَى وَ أَمَّا أَعْدَاءُ اَللَّهِ فَدُعَاؤُهُمْ فِيهَا

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ٣ : ٢٤٠ ، و ابن ميثم بلفظ « يخرجان » خلاف ما ذكره العلاّمة التستري ، أما النسخة الخطية فيخرجان : ٣٦ .

( ٢ ) العنكبوت : ٦٩ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٣ : ٢٤٢ .

١٨٨

اَلضَّلاَلُ وَ دَلِيلُهُمُ اَلْعَمَى فَمَا يَنْجُو مِنَ اَلْمَوْتِ مَنْ خَافَهُ وَ لاَ يُعْطَى اَلْبَقَاءَ مَنْ أَحَبَّهُ أقول : قول المصنّف : « و من خطبة لهعليه‌السلام » الظاهر أن « من » ههنا للتبعيض أي بعض خطبة لهعليه‌السلام غير « من » في قوله « و من خطبة لهعليه‌السلام » في باقي المواضع ، ففي الباقي للتقسيم بمعنى قسم من خطبةعليه‌السلام قلنا ذلك لأنّ قوله « و إنّما سميت الشبة إلى دليلهم العمى » ليس أول كلام ، و قوله بعد « فما ينجو من الموت إلى من أحبه » ليس بمربوط بالمذكور بل بسابقه المحذوف .

« و انما سميت الشبهة شبهة لأنها تشبه الحق » أي : ليس بحق و إنّما هي شبيهة بالحق كقول الخوارج « لا حكم إلا للَّه » ، فإنّ أصله كلمة حق ، فقال تعالى( حكاية عن يوسف عليه‌السلام ) ( لصاحبي سجنه ما تعبدون من دونه إلاّ أسماء سميتموها أنتم و آباؤكم ما أنزل اللَّه بها من سلطان إن الحكم الا للَّه ) .(١) ( و عن يعقوب عليه‌السلام ) ( لبنيه و ادخلوا من أبواب متفرقة و ما اغنى عنكم من اللَّه من شي‏ء إنّ الحكم إلاّ للَّه ) .(٢) و إرشادا لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى جواب المشركين .( ما عندي ما تستعجلون به ان الحكم الا للَّه ) .(٣) .

فإنّ لفظهم ذاك اللفظ مع تبديل حرف نفي بنفي ، إلاّ أنّ المعنى من المعنى بمراحل ، فإنّ المراد من الآيات من سابقها و لاحقها معلوم ، ففي الأوّل أنّ الحكم في العبادة ليس لغير اللَّه ، و في الثاني أنّ القضاء و القدر ليس إلاّ بيده تعالى و في الثالث أنّ الوقت الذي ينزل فيه العذاب ليس تعيينه لغير اللَّه .

____________________

( ١ ) يوسف : ٤٠ .

( ٢ ) يوسف : ٦٧ .

( ٣ ) الأنعام : ٥٧ .

١٨٩

و الخوارج أرادوا بكلامهم أنه لا يجوز أن يحكم غير اللَّه في مقتضى آيات القرآن بأنه هل يجب أن يكون المتصدي لأمر الخلافة عليّا أم يجوز ان يكون معاوية .

فإن قلت : كان ذلك أمرا واضحا ، فقوله تعالى .( هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون ) .(١) و قوله جل و علا( أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقاً ) .(٢) يوجبان تعين عليّعليه‌السلام .

قلت : الأمر كذلك ، إلاّ أنّ المبنى أدّى إلى ذلك ، فلازم جواز تصدي الثلاثة كان وجوب تصدي معاوية حيث إنّه كان ولي عثمان و عثمان مدبر عمر و عمر منصوب أبي بكر .

هذا ، و في ( ملل الشهرستاني ) : اعلم أنّ أوّل شبهة وقعت في الخليقة شبهة إبليس ، و مصدرها استبداده بالرأي في مقابلة النص إلى أن قال في بيان أوّل شبهة وقعت في الملة الاسلامية و إن خفي علينا ذلك في الامم السالفة لتمادي الزمان فلم يخف أنّ شبهات الملة الاسلامية نشأت كلها من شبهات منافقي زمن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذ لم يرضوا بحكمه فيما يأمر و ينهى و شرعوا فيما لا مسرح للفكر فيه و لا مسرى ، و سألوا عما منعوا من الخوض فيه و السؤال عنه ، و جادلوا بالباطل فيما لا يجوز الجدال فيه اعتبر حديث ذي الخويصرة التميمي إذ قال : اعدل يا محمّد فإنّك لم تعدل حتى قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن لم أعدل فمن يعدل .

إلى أن قال : و أما الاختلافات الواقعة في حال مرض النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله و بعد وفاته بين الصحابة فهي اختلافات اجتهادية كما قيل إلى أن قال فأول تنازع

____________________

( ١ ) الزمر : ٩ .

( ٢ ) السجدة : ١٨ .

١٩٠

في مرضهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيها رواه محمّد بن إسماعيل البخاري بأسناده عن عبد اللَّه بن العباس قال : لما اشتد بالنبي مرضه الذي مات فيه قال : إيتوني بدواة و قرطاس أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدي فقال عمر : إنّ رسول اللَّه قد غلبه الوجع حسبنا كتاب اللَّه و كثر اللغط فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : قوموا عني لا ينبغي عندي التنازع .

قال ابن عباس : الرزية كل الرزية ما حال بيننا و بين كتاب رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

إلى أن قال : الخلاف الثاني في مرضه قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : جهزوا جيش اسامة لعن اللَّه من تخلف عنها فقال قوم : يجب علينا امتثال أمره و اسامة قد برز من المدينة ، و قال قوم قد اشتد مرض النبي فلا تسع قلوبنا مفارقته و الحال هذه فنصبر حتى نبصر أي شي‏ء يكون من أمره(١) .

قال الشهرستاني : و إنّما أوردت هذين التنازعين لأنّ المخالفين ربما عدوا ذلك من المخالفات المؤثرة في أمر الدين ، و هو كذلك و إن كان الغرض كله اقامة مراسم الشرع في حال تزلزل القلوب(٢) .

قلت : هل كان الأول و الثاني و صاحبهما أبو عبيدة أحرق قلبا على الدين من أمير المؤمنينعليه‌السلام و نعم ما قيل بالفارسية :

ز مادر مهربان‏تر دايه خاتون

هب ذلك ، هل كانوا أحوط على الدين من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ و هل كانوا أعرف من اللَّه تعالى ؟ و هل كان قوله تعالى : .( اللَّه أعلم حيث يجعل رسالته ) .(٣) غير صحيح و جزافا .

( و لعمر اللَّه لم يكن غرضهم إلاّ أمر دنياهم و استحكام أمر رياستهم

____________________

( ١ ) الملل للشهرستاني : ٢٣ .

( ٢ ) الملل للشهرستاني : ٢٩ .

( ٣ ) الأنعام : ١٢٤ .

١٩١

 و إذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنّما نحن مصلحون ألا إنّهم هم المفسدون و لكن لا يشعرون ) (١) .

و أجابت سيدة نساء العالمين ادعاءهم بأنهم فعلوا ما فعلوا لئلا تكون فتنة : زعموا خوف الفتنة .( ألا في الفتنة سقطوا و إنّ جهنم لمحيطة بالكافرين ) (٢) .

ثم إنّ الشهرستاني لم يستقص جميع شبهاتهم و اعتراضاتهم على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، و منها اعتراضهم في تأمير زيد بن اسامة مولاه عليهم أولا ، ثم تأمير ابنه اسامة عليهم ثانيا ، ففي ( طبقات كاتب الواقدي ) : لما كان يوم الاثنين لأربع ليال بقين من صفر سنة ( ١١ ) أمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بالتهيؤ لغزو الروم ، فلما كان من الغد دعا اسامة بن زيد فقال : سر إلى موضع مقتل أبيك فلما كان يوم الأربعاء بدى‏ء بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فحم و صدع ، فلما أصبح يوم الخميس عقد لاسامة بيده لواء فخرج معقودا بلوائه فدفعه إلى بريدة بن الخصيب و عسكر بالجرف ، فلم يبق من وجوه المهاجرين الأولين و الأنصار الا انتدب في تلك فيهم أبو بكر الصديق و عمر بن الخطاب و أبو عبيدة بن الجراح و سعد بن أبي وقاص و سعيد بن زيد ، فتكلم قوم و قالوا : استعمل هذا الغلام على المهاجرين الأولين فغضب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله غضبا شديدا فخرج و قد عصب على رأسه عصابة و عليه قطيفة ، فصعد المنبر فحمد اللَّه و أثنى عليه ثم قال : أما بعد أيها الناس فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري اسامة ، و لئن طعنتم في إمارتي اسامة لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبله ، و ايم اللَّه إن كان للإمارة

____________________

( ١ ) البقرة : ١١ ١٢ .

( ٢ ) التوبة : ٤٩ .

١٩٢

خليقا و إنّ بنه من بعد لخليق للإمارة(١) .

« فأما أولياء اللَّه فضياؤهم فيها اليقن » بحيث إنّ الشبهة باطل شبيه بالحق تكون كالظلمة ، فأولياء اللَّه لهم ضياء من اليقين يبصرون به الحق و الباطل و يميزون بينهما فيأخذون بالحق و يتركون الباطل .

« و دليلهم سمت الهدى » في ( صفين نصر ) : قال أبو نوح : كنت في خيل عليّعليه‌السلام و هو واقف بين جماعة من همدان و حمير و غيرهم من أفنان قحطان إذا أنا برجل من أهل الشام يقول : من دل على الحميري ؟ فقلنا : من تريد ؟ قال :

الكلاعي أبا نوح قلت : قد وجدته فمن أنت ؟ قال : أنا ذو الكلاع سر إلي فقلت :

معاذ اللَّه أن أسير إليك إلاّ في كتيبة قال : فسر فلك ذمة اللَّه و ذمة رسوله و ذمة ذي الكلاع حتى ترع إلى خيلك فإنّما اريد أن اسألكم عن أمر تمارينا فيه في حديث حدثناه عمرو بن العاص في إمارة عمر قال أبو نوح : و ما هو ؟ قال : ذو الكلاع حدّثنا أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « يلتقي أهل الشام و أهل الحق و في إحدى الكتيبتين الحق و إمام الهدى و معه عمار بن ياسر » قال أبو نوح : و اللَّه إنّه لفينا .

قال : أجاد هو في قتالنا ؟ قال أبو نوح : نعم و رب الكعبة لهو أشدّ على قتالكم مني ، و لوددت أنكم خلق واحد فذبحته و بدأت بك قبلهم و أنت ابن عمي إلى أن قال فسار أبو نوح معه حتى أتى عمرو بن العاص و هو عند معاوية و حوله الناس ، فقال ذو الكلاع لعمرو بن العاص : هل لك في رجل ناصح لبيب شفيق يخبرك عن عمار لا يكذبك قال : من هو ؟ قال : ابن عمي هذا و هو من أهل الكوفة فقال عمرو : إنّي لأرى عليك سيماء أبي تراب قال أبو نوح : علي سيماء محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله و أصحابه و عليك سيماء أبي جهل و سيماء فرعون .(٢) .

____________________

( ١ ) الطبقات الكبرى لابن سعد ٢ : ١٣٦ طبع ليدن .

( ٢ ) وقعة صفين لنصر بن مزاحم : ٣٣٢ .

١٩٣

« و أما أعداء اللَّه فدعاؤهم فيها الضلال و دليلهم العمى » في ( صفين نصر بن مزاحم ) : قال عمرو بن العاص لعمار بن ياسر : علام تقاتلنا ، أو لسنا نعبد إلها واحدا ، و نصلّي قبلتكم و ندعو دعوتكم و نقرأ كتابكم و نؤمن برسولكم ؟ قال عمار : الحمد للَّه الذي أخرجها من فيك ، إنّها القبلة و الدين و عبادة الرحمن و الكتاب ، لي و لأصحابي دونك و دون أصحابك ساخبرك على ما قاتلتك و أصحابك أمرني النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أن اقاتل الناكثين و قد فعلت ، و أمرني أن اقاتل القاسطين و أنتم هم ، و أما المارقين فما أدري ادركهم أم لا ، ألم تعلم أيّها الأبتر ألست تعلم أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليّعليه‌السلام « من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم و ال من والاه و عاد من عاداه » و أنا مولى اللَّه و رسوله و علي بعده و ليس لك مولى .

قال له عمرو : و لم تشتمني و لست أشتمك قال عمار : بم تشتمني أتستطيع أن تقول إنّي عصيت اللَّه و رسوله يوما قال : إنّ فيك لمسبات غير ذلك فقال : ان الكريم من أكرمه اللَّه ، كنت وضيعا فرفعني و مملوكا فأعتقني و ضعيفا فقواني و فقيرا فأغناني قال عمرو : فما ترى في قتل عثمان ؟ قال : فتح لكم باب كل سوء قال عمرو : فعليّ قتله قال عمار : بل اللَّه رب علي قتله و علي معه قال عمرو : أكنت فيمن قتله ؟ قال : كنت مع من قتله و أنا اليوم اقاتل معهم قال عمرو : فلم قتلتموه ؟ قال عمار : أراد أن يغيّر ديننا فقتلناه قال عمرو : ألا تسمعون قد اعترف بقتل عثمان قال عمار : و قد قال قبلك فرعون لقومه « ألا تسمعون »(١) .

و روى ( صفين نصر أيضا ) عن السدي عن يعقوب بن الأوسط قال :

احتج رجلان بصفين في سلب عمار و في قتله ، فأتيا عبد اللَّه بن عمرو بن العاص فقال لهما : و يحكما اخرجا عني فإنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال « مالهم و لعمار

____________________

( ١ ) وقعة صفين لنصر بن مزاحم : ٣٤٢ .

١٩٤

يدعوهم إلى الجنة و يدعونه إلى النار قاتله و سالبه في النار » قال السدي :

فبلغني أنّ معاوية قال : إنّما قتله من أخرجه يخدع بذلك طغام أهل الشام(١) .

« فما ينجو من الموت من خافه » في ( الكافي )(٢) : عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ ملكا كان له عند اللَّه منزلة عظيمة ، فتعتب عليه فأهبطه إلى الأرض فأتى إدريسعليه‌السلام فقال له : ان لك من اللَّه منزلة فاشفع لي عنده فصلى ثلاث ليالي لا يفتر و صام أيامها لا يفطر ، ثم طلب إلى اللَّه تعالى في السحر في الملك فقال له الملك : قد اعطيت سؤلك و قد اطلق لي جناح و أنا احب أن اكافيك فاطلب مني حاجة فقال :

تريني ملك الموت لعلي آنس به فإنّه ليس يهنئني مع ذكره شي‏ء فبسط جناحه ثم قال : اركب فصعد به يطلب ملك الموت في السماء الدنيا فقيل له :

أصعد فاستقبله بين السماء الرابعة و الخامسة ، فقال الملك لملك الموت : مالي أراك قاطبا ؟ قال : العجب أنّي تحت ظل العرش حيث امرت أن أقبض روح آدمي بين السماء الرابعة و الخامسة فسمع إدريس صوته فامتعض فخرّ من جناح الملك فقبض روحه مكانه ، قال عزّ و جلّ( و رفعناه مكاناً علياً ) (٣) .

« و لا يعطي البقاء من أحبه » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام : جاء جبرئيل إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : عش ما شئت فإنّك ميت ، و احبب من شئت فإنّك مفارقه ، و اعمل ما شئت فإنّك لاقيه(٤) .

____________________

( ١ ) وقعة صفين لنصر بن مزاحم : ٣٤٢ .

( ٢ ) الكافي ٣ : ٢٥٧ ح ٢٦ .

( ٣ ) مريم : ٥٧ .

( ٤ ) الكافي للكليني ٣ : ٢٥٥ الرواية ١٧ ، و أيضا من لا يحضره الفقيه ١ : ٤٧١ الرواية ١٣٦٠ .

١٩٥

الفصل الرابع و الخمسون في العقل

١٩٦

١ الحكمة ( ٢٣٥ ) وَ قِيلَ لَهُ صِفْ لَنَا اَلْعَاقِلَ

 فَقَالَ ع هُوَ اَلَّذِي يَضَعُ اَلشَّيْ‏ءَ مَوَاضِعَهُ فَقِيلَ فَصِفْ لَنَا اَلْجَاهِلَ فَقَالَ قَدْ فَعَلْتُ قال الرضي : يعني ان الجاهل هو الذي لا يضع الشي‏ء مواضعه ، فكان ترك صفته صفة له إذ كان بخلاف وصف العاقل « و قيل لهعليه‌السلام صف لنا العاقل » في ( مطالب السؤول ) قالعليه‌السلام : « العقل عقلان : عقل الطبع و عقل التجربة ، و كلاهما يؤدّي إلى المنفعة ، و الموثوق به صاحب العقل و الدين ، و من فاته العقل و المروة فرأس ماله المعصية ، و صديق كلّ امرى‏ء عقله و عدوّه جهله ، و ليس العاقل من يعرف الخير من الشر و لكن العاقل من يعرف خير الشرّين ، و مجالسة العقلاء تزيد في الشرف ، و العقل الكامل قاهر للطبع السوء و على العاقل أن يحصي على نفسه مساوئها

١٩٧

في الدين و الرأي و الأخلاق و الأدب ، فيجمع ذلك في صدره أو في كتاب و يعمل على إزالتها .

( و فيه ) : و قالعليه‌السلام : « الإنسان عقل و صورة ، فمن أخطأه العقل و لزمته الصورة لم يكن كاملا و كان بمنزلة من لا روح له ، و من طلب العقل المتعارف فليعرف صورة الاصول و الفضول ، فإن كثيرا من الناس يطلبون الفضول و يضيعون الأصول ، فمن أحرز الأصل اكتفى به عن الفضل(١) .

و في ( تحف العقول ) : قال راهب للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أخبرني عن العقل ما هو ؟

و كيف هو ؟ و ما يتشعب منه ؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « العقل عقال من الجهل ، و النفس مثل أخبث الدّوابّ ، فإن لم تعقل حارث (( حرنت ظ )) ، و إنّ اللَّه تعالى خلق العقل فقال له : أقبل ، فأقبل ، و قال له : أدبر ، فأدبر ، فقال تعالى : و عزّتي و جلالي ما خلقت خلقا أعظم منك و لا أطوع منك ، بك ابدى‏ء و بك اعيد ، لك الثواب و عليك العقاب ، فتشعب من العقل الحلم ، و من الحلم العلم ، و من العلم الرشد ، و من الرشد العفاف ، و من العفاف الصيانة ، و من الصيانة الحياء ، و من الحياء الرزانة ، و من الرزانة المداومة على الخير ، و من المداومة على الخير كراهيّة الشرّ ، و من كراهية الشرّ طاعة الناصح ، فهذه عشرة أصناف من أنواع الخير ، و لكلّ واحد من هذه العشرة الأصناف عشرة أنواع . »(٢) .

« فقالعليه‌السلام : هو الذي يضع الشي‏ء مواضعه » في ( شعراء ابن قتيبة ) : رأى دريد بن الصمة الخنساء تهنأ الابل فقال :

ما ان رأيت و لا سمعت به

كاليوم هانى‏ء أنيق جرب

____________________

( ١ ) مطالب السؤول في مناقب آل الرسول صلّى اللَّه عليه و آله : ٤٩ ، و نقله عنه المجلسي في البحار ٧٨ : ٦ ٧ .

( ٢ ) تحف العقول : ١٢ ١٣ .

١٩٨

متبذّلا تبدو محاسنه

يضع الهناء مواضع النّقب(١)

« فقيل : فصف لنا الجاهل فقالعليه‌السلام : قد فعلت » قيل لرجل : ما السّخاء ؟ قال :

جهد مقل قيل له : فما البخل ؟ قال : افّ و حوّل وجهه فقيل له : أجب فقال :

أجبت .

و في ( كنايات الجرجاني ) : تقول العرب في الكناية عن الجاهل : « لا يدري أيّ طرفيه أطول »(٢) .

« يعني أنّ الجاهل هو الذي لا يضع الشي‏ء مواضعه » قالوا : صعد ثابت بن قطنة منبر سجستان فأرتج عليه ، فلما نزل قال :

فان لم أكن فيهم خطيبا فإنّني

بسيفي إذا جدّ الوغى لخطيب

فقيل له : لو كنتها فوق المنبر لكنت أخطب الناس(٣) .

٢ الحكمة ( ٤٥٠ ) و قالعليه‌السلام :

مَا مَزَحَ اِمْرُؤٌ مَزْحَةً إِلاَّ مَجَّ مِنْ عَقْلِهِ مَجَّةً أقول : قال ابن أبي الحديد قيل : إنّما سمّي المزاح مزاحا لأنّه ازيح عن الحق(٤) .

قلت : لا ريب في أن « مزاح » فعال من مزح ، لا مفعل من زاح(٥) حتى يحتمل ما قال ، إلاّ أنّ الأصل في كلامه خبر روي عن فاروقهم .

____________________

( ١ ) الشعر و الشعراء لابن قتيبة : ١٢٢ ، كذا ورد في ديوان دريد بن الصمّة : ٣٤ .

( ٢ ) الكنايات للجرجاني : ١١٣ .

( ٣ ) عيون الأخبار لإبن قتيبة ٢ : ٢٧٥ و فيه : « فإلاّ أكن بدلا من : « فإن لم أكن » .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ٢٠ : ١٠٠ .

( ٥ ) يطبع هذا الهامش من ورقة الهوامش المرقمة ( ٢ ) و رقم الهامش فيها ( ٤ ) .

١٩٩

و قولهعليه‌السلام « إلاّ مجّ من عقله مجّة » استعارة من مجّ الشراب من فيه : إذا رمى به قال بعضهم : المزاج يجلب الشرّ صغيره و الحرب كبيره ، و لو كان المزاح فحلا لم ينتج إلاّ شرّا .

و في ( أخبار حكماء القفطي ) : عبث ابن حمدون النديم بابن ماسويه بحضرة المتوكّل ، فقال له ابن ماسويه : لو كان ما فيك من الجهل عقلا ثم قسّم على مئة خنفساء لكانت كلّ واحدة منهن أعقل من ارسطو طاليس .

إنّما السالم من ألجم فاه بلجام

ربما استفتحت بالمزح مغاليق الحمام

قد صار في الناس جدا ما مزحت به

كم مازح صار بين الناس مذموما(١)

٣ الحكمة ( ٤٠ ) و قالعليه‌السلام :

لِسَانُ اَلْعَاقِلِ وَرَاءَ قَلْبِهِ وَ قَلْبُ اَلْأَحْمَقِ وَرَاءَ لِسَانِهِ قال الرضي : و هذا من المعاني العجيبة الشّريفة ، و المراد به أنّ العاقل لا يطلق لسانه إلاّ بعد مشاورة الرّويّة و مؤامرة الفكرة ، و الأحمق تسبق حذفات لسانه و فلتت كلامه مراجعة فكره و مماخضة رأيه ، فكأنّ لسان العاقل تابع لقلبه ، و كأنّ قلب الاحمق تابع للسانه و قد روى عنهعليه‌السلام هذا المعنى بلفظ آخر ، و هو قوله :

____________________

( ١ ) أخبار العلماء و الحكماء للقفطي : ٢٤٩ ، و ابن ماسويه هو يوحنا كان نصرانيا سريانيا ، ولاّه الرشيد ترجمة الكتب الطبعة القديمة التي وحدها بأنقرا و عمّورية ، كان فاضلا متدما عند الملوك ، خدم المأمون و المغتصم و الواتق و المتوكل ( أخبار العلماء و الحكماء : القفطي في ترجمة يومنا ما سوية : ٢٤٨ .

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

مناقب لا ترقى إليها عزائم

ولو حلقت فوق السماك(١) العزائم

حواها أبونا غير ما متردد

يفرعها النجم المحلق هاشم

وكم للأوالي(٢) منقبا بابن فاطم

علي به يشقى(٣) العدو المخاصم.

وأما أن أبا بكر رضوان الله عليه ما خلف طائلا مع كثرة الفتوح(٤) فإن أبا عثمان صغر هذا المعنى إذ الفتوح للمسلمين كافة وله بهم أسوة رضوان الله عليه فعلى قول أبي عثمان لا شكر له ولا مدح أيضا(٥) بإيصال أموال المسلمين إليهم. وأما أن عليا كان مخفقا يعال ولا يعول واستفاد الرباع والمزارع والعيون والنخيل ومات ذا مال وأوقاف إن ذلك يوازي كل شيء ملكه أبو بكر(٦) فإن الذي يرد على ملقح الفتن في(٧) ذلك(٨) أن تكراره كون عليعليه‌السلام يعال إشارة إلى كون أمير المؤمنين في تربية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلا(٩) وصمة في ذلك ولا مذلة ولو لم يكن أخاه وابن عمه العزيز عليه القريب إليه.

ولقد أحسن أمية بن أبي الصلت(١٠) مادح عبد الله بن

__________________

(١) السماك: والسماكان كوكبان نيران في السماء.

(٢) ن: للاولى. والاوالي جمع الاول.

(٣) ق: نسقي.

(٤) العثمانية: ٩٧.

(٥) لا توجد في: ج.

(٦) العثمانية: ٩٨.

(٧) ج: من.

(٨) لا توجد في: ن.

(٩) ج: ولا.

(١٠) امية بن عبد الله ابي الصلت بن ابي ربيعة شاعر جاهلي ادرك النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يسلم يقال انه كان قد نظر في الكتب وقراها ولبس المسوح تعبدا والتمس الدين وطمع في النبوة لانه

٢٤١

جدعان(١) في قوله

عطاؤك زين لامرئ إن حبوته

يزين وما كل العطاء يزين

فما إن يشين باذلا حر وجهه

إليك كما بعض العطاء يشين(٢) .

ولقد سعد وتمجد من كان مغذوا بطعام الرسول وكنف أشرف بذول يجمع له بين الغذاءين غذاء الطعام المعتاد والحكمة الهادية إلى طريق الرشاد ود من ملك ما بين خافقي المغارب والمشارق أن يكون مغذوهما المتشرف بهما.

ويؤكد الجواب عن تعيير(٣) أمير المؤمنينعليه‌السلام بالإخفاق فنقول:

علا المجد فانخزلت(٤) دونه

نقائص لا ترتقي مجده

__________________

قرأ في الكتب ان نبيا يبعث من العرب فكان يرجو ان يكونه، فلما بعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حسده عدو الله فكان يحرض قريشا بعد وقعة بدر وكان يرثي من قتل من قريش في وقعة بدر.

انظر: الاغاني: ٤ / ١٢٠ والشعر والشعراء لابن قتيبة: ١٧٦ وتهذيب الاسماء: ١ / ١٢٦ واعلام الزركلي: ٢ / ٢٣.

(١) عبد الله بن جدعان التيمي القرشي احد الاجواد المشهورين في الجاهلية ادرك النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قبل النبوة وكانت له جفنة ياكل منها الطعام القائم والراكب فوقع فيها صبي فغرق وهو الذي خاطبه امية بن ابي الصلت بابيات اشتهر منها قوله:

ااذكر حاجتي ام قد كفاني

حياءك ان شيمتك الحياء

انظر: تاريخ اليعقوبي: ١ / ٢١٥ وخزانة البغدادي: ٣ / ٥٣٧ واعلام الزركلي: ٤ / ٧٦ والاغاني: ج ٣ و ٤ و ٨.

(٢) البيتان كما وردا في الديوان: ٤٩٩.

عطاءك زين لامرئ ان حبوته

بخير وما كل العطاء يزين

وليس بشيء لامرئ بذل وجهه

اليك كما بعض السؤال يشين

(٣) ق: تعبير.

(٤) انخزل: في كلامه انقطع ومن المكان انفرد ( المنجد ).

٢٤٢

وحنت إليه مزايا العلاء(١)

فنجم السماء غدا عبده

فكل كمال له صاحب

يدافع عن مجده ضده.

وأما ما استفادهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنه لم يخلفه بعده للوارث كما روى عنه بعض بنيه في وصفه ولقد تصدق بعين كأنها عنق جزور وقال لتطفئ عني حر النار شارحا لخوفه من الله تعالى وقد سئل هل كان علي يخاف؟

ونعم المال ما وسع المضطرين وجبر المكسورين ونقع غلة الصادين.

وقد صرح عدو رسول الله بوقفهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد روينا في صحيح الآثار صورة حال وقفيته من ذلك:

هذا ما أوصى به علي(٢) ابتغاء وجه الله ليولجني به الجنة ويصرفني به عن النار.

ويقول بعد كلام هذه صدقة واجبة بتلة(٣) حيا أنا أو ميتا تنفق في كل نفقة أبتغي بها وجه الله في سبيل الله ووجهه وذوي الرحم من بني هاشم وبني المطلب القريب(٤) .

وفي رواية أخرى معتبرة الغرض منها أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قسم الفيء فأصاب عليا أرض فاحتفر فيها عينا فخرج منها ماء ينبع في السماء كهيئة عنق الجزور فسماها عين ينبع فجاء البشير ليبشره فقال بشر الوارث بشر الوارث هي صدقة بتا بتلا في حجيج بيت الله وعابري سبيله الغرض من الحديث(٥) .

__________________

(١) ق: العلى.

(٢) في المصادر: هذا ما اوصى به وقضى به في ماله عبد الله على الى اخره.

(٣) بتلة: مقطوعة، اي مقطوعة عن صاحبها لا رجعة له فيها.

(٤) المصادر: بزيادة والبعيد انظر: الكافي: ٧ / ٤٩ كتاب الوصايا، والتهذيب: ٩ / ١٤٦ كتاب الوقوف والصدقات.

(٥) الكافي: ٧ / ٥٤ كتاب الوصايا والتهذيب: ٩ / ١٤٨ كتاب الوقوف والصدقات.

٢٤٣

إذا عرفت هذا فلو لا أن ملقح الفتن عدو مبين لأمير المؤمنين صلوات الله عليه ما كان يعد هذه المقاصد في قبيل المعايب

إذا محاسني اللائي أمت(١) بها

صارت ذنوبا(٢) فقل لي كيف أعتذر

علي نحت المعاني(٣) من أماكنها

وما علي لهم أن تفهم البقر(٤) .

هل يعيب عاقل ساعيا في مواد الإحسان إلى الفقراء والقرباء والحج إلى بيت الله الحرام هذا رأي مهين ممن اعتمده مزاج سوء ممن قصده وغير مستغرب ذلك من خليط ابن الزيات(٥) وعشيرة

__________________

(١) ق: امث وفي ديوان البحتري: ادل.

(٢) في الديوان: كانت ذنوبي.

(٣) في الديوان: القوافي من مقاطعها.

(٤) البيتان هما للبحتري ( ٨٢٠ - ٨٩٧ ) من قصيدة يمدح بها علي بن مر الارمني مطلعها:

الشيب زجر له لو كان ينزجر

وبالغ منه لو لا انه حجر

(٥) هو ابو جعفر محمد بن عبد الملك بن ابان بن حمزة المعروف بابن الزيات، وزّر لثلاثة خلفاء من بني العباس وهم: المعتصم والواثق والمتوكل.

كان ابوه زياتا الا انه كان كثير المال، وكان محمد شديد القسوة، صعب العريكة، لا يرق لاحد ولا يرحمه وكان يقول: الرحمة خور في الطبيعة.

وكان ابن الزيات المذكور قد اتخذ تنورا من حديد، واطراف مساميره المحددة الى داخل، وهي قائمة مثل رووس المسال في ايام وزارته وكان يعذب فيه المصادرين، وارباب الدواوين المطلوبين بالاموال، ولم يسبقه احد الى هذه المعاقبة، وكان اذا قال له احد منهم: ايها الوزير ارحمني، فيقول له: الرحمة خور في الطبيعة فلما اعتقله المتوكل، امر بادخاله في التنور وقيده بخمسة عشر رطلا من الحديد فقال: يا أمير المؤمنين ارحمني، فقال له: الرحمة خور في الطبيعة.

قتل ابن الزيات سنة ٢٣٣.

قال ابن خلكان: وكان الجاحظ منقطعا اليه ( يعني ابن الزيات ) فخاف ان يوخذ مع اسبابه فغاب.

٢٤٤

المتقلب(١) في حطامه المغذو بشبهات طعامه. وهذا يوضح لك حيف سفه الساقط إذ مدح أبا بكر بكثرة المال وإنفاقه في سبيل الله مما لم يثبت برهانه وعاب أمير المؤمنين بكثرة المال مع إقراره بما وقفه في سبيل الله من الوقوف المتعددة وشهدت به الروايات من ذلك وغيره من نفقته في سبيل الله.

وأما أنه خلف ذهبا أو فضة فإن صاحب كتاب الاستيعاب قال(٢) وثبت عن الحسن بن علي من وجوه أنه قال لم يترك أبي إلا ثمانمائة درهم أو سبعمائة فضلت من عطائه كان يعدها لخادم يشتريها لأهله(٣)

__________________

وحكى ابن ابي العيناء قال: كنت عند ابن ابي دؤاد بعد قتل ابن الزيات فجيء بالجاحظ مقيدا وكان في اسبابه وناحيته وعند ابن ابي دؤاد محمد بن منصور، وهو اذ ذاك يلي قضاء فارس وخوزستان فقال ابن ابي دؤاد للجاحظ: ما تاويل هذه الآية:( وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ) هود: ١٠٢ فقال: تلاوتها تاويلها اعز الله القاضي، فقال: جيئوا بحداد، فقال اعز الله القاضي، ليفك عني أو يزيدني؟ فقال: بل ليفك عنك، فجيء بالحداد وغمزه بعض أهل المجلس ان يعنف بساق الجاحظ ويطيل اسره قليلا، ففعل، فلطمه الجاحظ وقال: اعمل عمل شهر في يوم وعمل يوم في ساعة وعمل ساعة في لحظة، فان الغرر على ساقي وليس بجذع ولا ساجة، فضحك ابن ابي دواد وأهل المجلس منه، وقال ابن ابي دواد لمحمد بن منصور: انا اثق بظرفه ولا اثق بدينه. انظر وفيات الاعيان: ٥ / ٩٤ - ١٠٣ وترجمة ابن الزيات الى: مروج الذهب: ٤ / ٥ - ٦ وتاريخ ابن الاثير: ٧ / ٣٦.

(١) ج ون: المنقلب.

(٢) المصدر بزيادة: قد.

(٣) الاستيعاب: ٣ / ١١١٢.

ورواه ايضا الحاكم في مستدركه: ٣ / ١٧٣.

بسنده عن علي بن الحسين عليهما‌السلام قال: خطب الحسن بن علي عليهما‌السلام على الناس حين قتل علي عليه‌السلام ، فحمد الله واثنى عليه ثم قال: لقد قبض في هذه الليلة رجل لا يسبقه الاولون ولا يدركه الاخرون، وقد كان رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم يعطيه رايته فيقاتل وجبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره فما يرجع حتى يفتح الله عليه، وما ترك على أهل الارض صفراء ولا بيضاء الا سبعمائة درهم فضلت من عطاياه اراد ان يبتاع بها خادما لاهله ( الحديث ).

٢٤٥

__________________

وذكره ايضا ابو نعيم في حلية الاولياء: ١ / ٦٥ بسنده عن هبيرة بن يريم، ان الحسن بن عليعليهما‌السلام قام وخطب الناس وقال: لقد فارقكم رجل بالامس لم يسبقه الاولون، ولا يدركه الاخرون بعلم، كان رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم، يبعثه فيعطيه الراية فلا يرتد حتى يفتح الله عزّ وجلّ عليه، جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره، ما ترك صفراء ولا بيضاء الا سبعمائة فضلت عن عطاءه اراد ان يشتري بها خادما.

وروى هذا ايضا ابن سعد في طبقاته: ٣ / ٢٥ باختلاف يسير في اللفظ واورد ابن سعد في طبقاته: ج ٣ القسم ١ ص ٢٦ بسنده عن هبيرة بن يريم قال:

لما توفي علي بن ابي طالب عليه‌السلام قام الحسن بن علي عليهما‌السلام فصعد المنبر فقال: ايها الناس قبض الليلة رجل لم يسبقه الاولون ولا يدركه الاخرون، قد كان رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم يبعثه البعث فيكتنفه جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله فلا ينثني حتى يفتح الله له، وما ترك الا سبعمائة درهم اراد ان يشتري بها خادما ولقد قبض في الليلة التي عرج فيها بروح عيسى بن مريم ليلة سبع وعشرين من رمضان.

وذكر الهيثمي في مجمعه: ٩ / ١٢٦، قال:

عن ابي الطفيل قال: خطبنا الحسن بن علي عليهما‌السلام فحمد الله واثنى عليه وذكر أمير المؤمنين عليه‌السلام خاتم الاوصياء ووصيّ الانبياء وامين الصديقين والشهداء ( ثم قال ): يا ايها الناس لقد فارقكم رجل ما سبقه الاولون، ولا يدركه الاخرون، لقد كان رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلم يعطيه الراية فيقاتل جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره فما يرجع حتى يفتح الله عليه، ولقد قبضه الله في الليلة التي قبض فيها وصي موسى وعرج بروحه في الليلة التي عرج فيها بروح عيسى بن مريم عليه‌السلام وفي الليلة التي انزل الله عزّ وجلّ فيها الفرقان والله ما ترك ذهبا ولا فضة وما في بيت ماله الا سبعمائة وخمسون درهما فضلت من عطاءه واراد ان يشتري بها خادما لام كلثوم.

ولقد روى النسائي في صحيحه: ص ٨ والمتقى في كنز العمال: ٦ / ٤١٢ والمحب الطبري في ذخائر العقبى: ص ١٣٨ احاديث بالمضامين المتقدمة.

وروى ابن عبد البر في الاستيعاب: ٢ / ٤٦٥ قال:

وذكر عبد الرزاق عن الثوري عن ابي حيان التيمي عن ابيه قال: رأيت علي بن ابي طالب عليه‌السلام على المنبر يقول: من يشتري مني سيفي هذا؟ فلو كان عندي ثمن ازار ما بعته، فقام اليه رجل فقال: نسلفك ثمن ازار ( قال ) قال عبد الرزاق: وكانت بيده الدنيا كلها الا ما كان من الشام.

وروى هذا ايضا ابن سعد في طبقاته: ٦ / ١٦٥ عن ابي رجاء وقال: خرج علي عليه‌السلام

٢٤٦

قال صاحب كتاب الاستيعاب وأما تقشفه في لباسه ومطعمه فأشهر من هذا كله وذكر دليله في حال كسوته صلى الله عليه(١) وفي بعض ما نقلته أنه كان يختم على جراب فيه قوته لئلا يلت(٢) بدهن(٣) وكان صلّى الله

__________________

بسيف له الى السوق فقال: لو كان عندي ثمن ازار لم ابعه.

وذكره المتقى ايضا فى كنز العمال: ٦ / ٤٠٩.

عن علي بن الارقم عن ابيه قال: رأيت علي بن ابي طالب عليه‌السلام يعرض سيفا له في رحبة الكوفة ويقول: من يشتري مني سيفي هذا؟ والله لقد جلوت به غير مرة عن وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولو ان عندي ثمن ازار ما بعته.

ورواه ايضا ابو نعيم في حلية الاولياء: ١ / ٨٣ باختلاف يسير في اللفظ.

(١) الاستيعاب: ٣ / ١١١٢.

(٢) لتّ: الشيء دقه وسحقه ولت السويق: بله بشيء من الماء ( المنجد ).

(٣) وروى احمد بن حنبل في مسنده: ١ / ٧٨ بسنده عن عبد الله بن زرير انه قال:

دخلت على علي بن ابي طالب عليه‌السلام يوم الاضحى فقرب الينا حريرة ( دقيق يطبخ بلبن أو دسم. ) فقلت: اصلحك الله لو قربت الينا من هذا البط - يعني الوزر - فان الله عزّ وجلّ قد اكثر الخير، فقال: يا ابن زرير اني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: لا تحل للخليفة من مال الله الا قصعتان قصعة ياكلها هو واهله وقصعة يضعها بين يدي الناس.

وروى ابو نعيم في حلية الاولياء: ١ / ٨١.

بسنده عن عبد الله بن شريك عن جده عن علي بن ابي طالب عليه‌السلام انه اتى بفالوذج ( حلواء تعمل من الدقيق والماء والعسل. ) فوضع قدامه فقال: انك طيب الريح، حسن اللون، طيب الطعم لكن اكره ان اعود نفسي ما لم تعتده.

والمتقى في كنز العمال: ٢ / ١٦١ قال:

عن ابي جعفر قال: اكل علي عليه‌السلام من تمر دقل ثم شرب عليه الماء ثم ضرب على بطنه وقال: من ادخله بطنه في النار فابعده الله ثم تمثل:

فانك مهما تعط بطنك سؤله

وفرجك نالا منتهى الذم اجمعا

وابو نعيم في حلية الاولياء: ١ / ٨٢ بسنده عن زيد بن وهب قال:

قدم على علي عليه‌السلام وفد من اهل البصرة فيهم رجل من اهل الخوارج يقال له الجعد بن نعجة فعاتب عليا عليه‌السلام في لبوسه فقال علي عليه‌السلام : مالك وللبوسي؟ ان لبوسي

٢٤٧

عليه ينشد في تضاعيف ما روى عنه السيد الرضي من كلامه

__________________

ابعد من الكبر واجدر ان يقتدي بي المسلم.

وذكره ايضا المحب الطبري في الرياض النضرة: ٢ / ١٣٤.

وابن الاثير في اسد الغابة: ٤ / ٢٣ بسنده عن ابي نعيم قال:

سمعت سفيان يقول: ما بنى علي عليه‌السلام لبنة على لبنة ولا قصبة على قصبة وان كان ليوتى بحبوته من المدينة في جراب.

وايضا في اسد الغابة: ٤ / ٢٤ بسنده عن ابي بحر عن شيخ لهم قال:

رأيت على علي عليه‌السلام ازارا غليظا قال: اشتريته بخمسة دراهم فمن أراد اربحني فيه درهما بعته، قال: ورأيت معه دراهم مصرورة فقال: هذه بقية نفقتنا من ينبع.

وأيضا اسد الغابة: ٤ / ٤٤ بسنده عن أبي النوار بياع الكرابيس: قال:

اتاني علي بن ابي طالب عليه‌السلام ومعه غلام له فاشترى مني قميصي كرابيس فقال لغلامه:

اختر ايهما شئت فاخذ احدهما واخذ علي عليه‌السلام الاخر فلبسه ثم مد يده فقال: اقطع الذي يفضل من قدر يدي فقطعه ولبسه وذهب.

والمتقى في كنز العمال: ٦ / ٤٠٩ قال:

عن عمرو بن قيس قال: رئي على علي عليه‌السلام ازار مرقوع فقيل له فقال: يقتدي به المؤمن ويخشع به القلب.

وايضا في كنز العمال: ٦ / ٤١٠ قال:

عن زيد بن وهب قال: خرج علينا علي عليه‌السلام وعليه رداء وازار قد وثقه بخرقة فقيل له: فقال: انما البس هذين الثوبين ليكون ابعد لي من الزهو وخيرا لي في صلاتي وسنة للمؤمنين.

والمحب الطبري في الرياض النضرة: ٢ / ٢٣٠ قال:

وعن ابن عباس قال: اشترى علي بن ابي طالب عليه‌السلام قميصا بثلاثة دراهم وهو خليفة وقطع كمه من موضع الرسغين وقال: الحمد لله الذي هذا من رياشه.

المتقى في كنز العمال: ٦ / ٤١٠ قال:

عن ابي مطر قال: خرجت من المسجد فاذا رجل ينادي خلفي: ارفع ازارك فانه اتقى لربك واتقى لثوبك وخذ من راسك ان كنت مسلما، فاذا هو علي عليه‌السلام ومعه الدرة فانتهى الى سوق الابل فقال: بيعوا ولا تحلفوا فان اليمين تنفق السلعة وتمحق البركة ثم اتى صاحب التمر فاذا خادم تبكي فقال: ما شانك؟ فقالت: باعني هذا تمرا بدرهم فابى مولاي ان يقبله، فقال: خذه واعطها درهما فانه ليس لها امر فكأنّه ابى فقلت: الا تدري من هذا؟ قال: لا، قلت: علي أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فصب تمره واعطاها درهمها وقال: احب ان ترضى

٢٤٨

وحسبك داء أن تبيت ببطنة

وحولك أكباد تحن إلى القد

وأما أنه أكثر التزويج(١) معيرا له بذلك فإن ذلك طعن على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ كانت سنته حثه على ذلك.

وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المكثر من النساء مات عن تسع وعلى هذا فطعن أبي عثمان طعن على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فذكره لعلي إسرار للحسو في الارتغاء وطعن على الكتاب المجيد في قوله تعالى( لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) (٢) وقد قال سفيان بن عيينة(٣) إن كثرة النساء ليس من الدنيا فإنه لم يكن في الصحابة أزهد من علي بن أبي طالب وكان له سبع عشرة سرية وأربع نسوة.

__________________

عني يا أمير المؤمنين قال: ما ارضاني عنك اذا وفيتهم ثم مر مجتازا حتى انتهى الى اصحاب السمك فقال: لا يباع في سوقنا طافي ثم اتى دار بزاز وهي سوق الكرابيس فقال: يا شيخ احسن بيعي في قميص بثلاثة دراهم فلما عرفه لم يشتر منه شيئا، ثم اتى غلاما حدثا فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم ولبسه ما بين الرسغين الى الكعب، فجاء صاحب الثوب فقيل له: ان ابنك باع من امير المؤمنين قميصا بثلاثة دراهم، قال: فهلا اخذت منه بدرهمين فاخذ الدرهم ثم جاء به الى عليعليه‌السلام فقال: امسك هذا الدرهم، قال: ما شانه؟ قال: كان قميصنا ثمنه درهمين باعك ابني بثلاثة دراهم قال: باعني برضاي واخذت برضاه.

(١) العثمانية: ٩٨.

(٢) الاحزاب: ٢١ تتمتها:( لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً ) .

(٣) سفيان بن عيينة بن ابي عمران ميمون الهلالي الكوفي.

سكن مكة وأصله من الكوفة، كان صاحب حديث ورواية، فقد روى عن جماعة كالزهري وابي اسحاق السبيعي، كما روى عنه طائفة منهم الشافعي ويحيى بن اكثم القاضي. ولد سفيان في منتصف شعبان سنة ١٠٧ ه‍ وتوفي في جمادى الاخرة سنة ١٩٨ وقيل غير ذلك انظر: وفيات الاعيان: ٢ / ٣٩١ والجرح والتعديل: ٤ / ٢٢٥ وتهذيب التقريب: ٤ / ١١٧.

٢٤٩

وأما ما ذكره من تعيير معاوية له بالطلاق المتكاثر(١) فإني أراه واهما أو معاندا وفي السيرة أنهعليه‌السلام كان يعتذر عن الطلاق بعزة من عنده من النسوان عليه.

وأما أن أبا بكر رضوان الله عليه أوصى أن ترد عمالته(٢) فهو قول لا يمكننا الجواب عنه.

ومدح أبا بكر رضوان الله عليه بنزول الآي فيه(٣) قال وليس هو كمن ذكره في جملة المؤمنين وجمهور الأنصار والمهاجرين وأعاد ذكر عائشة رضوان الله عليها وقذفها وأن الله تعالى أنزل براءتها(٤) .

وهو قول ساقط بعيد من الأنفة وكرر قصة الغار وقد ذكرنا ما عندنا في ذلك واستجهلنا المشار إليه وأنه(٥) منافق في كونه لا يعرف ما نزل في أمير المؤمنينعليه‌السلام أو بعضه من الآي وهو لو ضبط احتاج إلى عدة أجزاء(٦) .

ومنع(٧) أن يكون الذي نزلت عليه السكينة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنه كان رابط الجأش وهذا الجاهل بالسنة ما كأنه كان سمع القرآن ولا يهمه فهمه ولا علمه لأن الله تعالى قال في غير هذا الموضع في سورة الفتح ما يشهد بجهل أبي عثمان - بالكتاب أو معاندته قال الله تعالى( فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ) (٨)

__________________

(١) العثمانية: ٩٨.

(٢) العثمانية: ٩٨.

(٣) العثمانية: ٩٩.

(٤) العثمانية: ١١٢.

(٥) ق: فانه.

(٦) ن بزيادة: او انه منافق.

(٧) ق: يمنع.

(٨) الفتح: ٢٥ واولها:( إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ ) .

٢٥٠

وأطال الكلام الغث في التعلق(١) بحديث الغار وحكى أقوالا واردة عليه والبحث الغث المطول مما تسأمه النفوس وتعافه العقول ثم كرر حديث مسطح قاذف عائشة بالزناء فلا أحسن الله تعالى جزاءه وأسحقه(٢) .

[ و ](٣) قال وكذب إن أهل التأويل أجمعوا على أنه عنى بقوله( وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما ) (٤) عبد الرحمن بن أبي بكر في أبيه(٥) وأمه(٦) .

والدليل على كذبه وأنه ممن لا يوثق برواياته وحكاياته إما لجهله البين أو كذبه الشنيع والأولى أن يقال أنه احتوى على القسمين.

قال الثعلبي في غضون تفسير سورة الأحقاف قال محمد بن زياد كتب معاوية إلى مروان حتى يبايع الناس ليزيد فقال عبد الرحمن بن أبي بكر لقد جئتم بها هرقلية أتبايعون لأبنائكم فقال مروان هذا الذي يقول الله فيه( وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما ) الآية فسمعت عائشة بذلك فغضبت وقالت(٧) والله ما هو به ولو شئت لسميته ولكن الله لعن أباك وأنت في صلبه وأنت(٨) فضض(٩) من لعنه الله(١٠) .

وأقول إن الذي أشار إليه لو ثبت لم يحسن أن يذكر من غرر مناقب من

__________________

(١) ما بين المعقوفتين لا توجد في: ن.

(٢) ه‍ ق: اسخفه.

(٣) لا توجد في: ق.

(٤) الاحقاف: ١٧ وتتمتها:( أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَيَقُولُ ما هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) .

(٥) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ج وق.

(٦) العثمانية: ١١٣.

(٧) ن: فقالت.

(٨) ن: فانت.

(٩) فضض: كل متفرق ومنتشر يقال خرج فضض من الناس أي فرق متفرقة ( المنجد ).

(١٠) الكشف والبيان: مخطوط.

٢٥١

ارتضاه جمع كثير(١) للخلافة وعولوا عليه في الرئاسة ولو صدر هذا من امرأة ما استكبر منها فكيف من مثله؟

مع ذلك فإن الحائد عن الطريق سب رجلا مسلما بعد إسلامه وادعى أن الجميع رووا كراهيته(٢) الإسلام وما كان الأمر كذا وكيف يليق بعاقل أن يذكر مثل هذا مخايرا بينه وبين فعلات العزمات الهاشميات - رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي(٣) وحمزة وجعفر وعبيدة بن الحارث وكونهم دعوا إلى الإسلام متعرضين لشبا الرماح وظبا الصفاح ومنازلة أهل الكفاح حتى قتل حمزة وجعفر وعبيدة في هاتيك المقامات وكسرت رباعية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومعنى الجميع عائد إليه.

ويشابه هذا ما ادعى من كون(٤) الحاضرين في بعض الغزوات على ما سلف من بني تيم أكثر من الهاشميين تفضيلا لأبي بكر رضوان الله عليه.

وأما هوصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنه كان في هاتيك المزاحف مجلي غياباتها مفرج كرباتها ممدوح إله الأرض والسماوات(٥) يحطم القرون ويخالط المنون ويستسهل الحزون(٦) ويجرع كأس الأهوال ولا يتهيبها ويرتع منابت الأخطار ولا يتجنبها حتى قامت دعائم الدين ووهت قوائم المعادين فله بذلك الحقوق الجمة على كل مسلم صحت عقيدته بل وإن فسدت طريقته إذ كانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صادم الخطوب ليقرر قواعد الإسلام ويسفر وجه الحق ويهدي أهل الضلالة خارجين عن الآثام.

__________________

(١) ق وج: كبير.

(٢) ن: كراهية.

(٣) ما بين المعقوفتين لا توجد في: ق.

(٤) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ج وق.

(٥) ن: ارضها وسماواتها.

(٦) الحزون: مفرده الحزن ( بالفتح ) ما غلظ من الارض ( المنجد ).

٢٥٢

مزايا إذا ما قابل الشمس ضوؤها

محا ضوؤها منه السناء المحلق(١)

يحلي ذرى تيجانها الحق إذ حوى(٢)

شوارد قد أضنى(٣) علاها التفرق(٤) .

قال واجتمع أهل التأويل على أن قوله( أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) (٥) نزلت في أبي بكر وأبي جهل(٦) .

أقول إني اعتبرت ما اتفق من كتب التفسير تصانيف أهل السنة فما رأيت لما ادعى الاتفاق عليه ذكرا أصلا(٧) ومن فظيع سوء الأدب قوله قوله إشارة(٨) إلى إله الوجود غير معظم ولا مفخم ولا ذاكر له أصلا(٩) .

[ و ](١٠) قال وقال(١١) تعالى( فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى ) الآية(١٢) يعني أبا بكر في إنفاقه المال وعتقه الرقاب والمعذبين( وَتَوَلَّى ) (١٣) يعني أبا جهل وليس في الأرض صاحب تأويل خالف تأويلنا ولا

__________________

(١) في الهامش: للمصنف لا عدمت الدنيا انواره.

(٢) ن: هوى.

(٣) ن: اخنى. وق: اضبى. واضنى: اذا تمكن منه الضعف والهزال ( المنجد ).

(٤) ن: التعلق.

(٥) الملك: ٢٢.

(٦) العثمانية: ١١٣ - ١١٤.

(٧) لا توجد في: ن.

(٨) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(٩) فان الجاحظ قال: واجتمع أهل التاويل على ان « قوله »: افمن يمشي الى اخره فلم يات بكلمة تدل على تفخيم الا له سبحانه وتعالى.

(١٠) لا يوجد في: ق.

(١١) لا يوجد في: ن.

(١٢) الليل: ٥ و ٦.

(١٣) اشارة الى الآية ١٦ من سورة الليل:( الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى ) .

٢٥٣

رد قولنا إن هذه الآية نزلت في أبي بكر -(١) .

والذي أقول على هذا إنه كذب من عدة وجوه أنا حاكيها عن(٢) جهة لا تتهم ولا تستغش.

قال الثعلبي الشيخ المقدم(٣) في علم التفسير الشافعي وقال أبو عبد الرحمن السلمي والضحاك( وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى ) لا إله إلا الله وهي رواية عطية عن ابن عباس وقال مجاهد بالجنة ودليله قوله( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى ) (٤) وقال قتادة ومقاتل والكلبي موعود الله.

وقال ما صورته وقيل نزلت هذه الآية في أبي بكر الصديقرضي‌الله‌عنه ولم يسند ذلك ولا حكاه عن مفسر(٥) .

ورواه أيضا مرفوعا من طريق هشام بن عروة عن سالم وعن هشام بن عروة عن أبيه وآل الزبير وجههم عبد الله وشيخهم ومقدمهم وكان عدوا للبيت العلوي.

ورواها أيضا عن ابن الزبير عن سعيد بن المسيب غير مرفوع وهذا الذي حكيناه يظهر منه كذب المشار إليه لأنه ادعى أن معنى( الْحُسْنى ) الصدقة التي وقعت منه إجماعا.

وقد حكيت عن جماعة ليس المراد( بِالْحُسْنى ) الصدقة.

وجه ثان في الأخذ عليه إذ حكى أن الجملة الأخيرة نزلت في أبي جهل

__________________

(١) العثمانية: ١١٤.

(٢) ن: من.

(٣) لا توجد في: ن.

(٤) يونس: ٢٦ وتتمتها:( وَزِيادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ، أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ) .

(٥) الكشف والبيان: مخطوط.

٢٥٤

إجماعا وحكى الثعلبي عن الكلبي أنها نزلت في أبي سفيان بن حرب(١) .

وجه ثالث في الأخذ عليه في ادعائه الإجماع على أنها نزلت في أبي بكر قال الثعلبي وأخبرنا أبو القاسم يعقوب بن أحمد بن السروي العروضي في درب الحاجب أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله العماني الحفيد حدثنا محمد بن سوار بن شبان(٢) حدثنا علي بن حجر عن إسحاق بن نجيح عن عطاء قال كان لرجل من الأنصار نخلة وكان له جار وكان يسقط من نخلها في دار(٣) جاره وكان صبيانه يتناولون فشكا ذلك إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعنيها بنخلة في الجنة فأبى قال فخرج فلقيه أبو الدحداح فقال له(٤) هل لك أن تبعنيها(٥) بحبس يعني حائطا فقال هي لك فأتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال يا رسول الله أتشتريها مني بنخلة في الجنة قال نعم هي لك فدعى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جار الأنصاري فقال خذها فأنزل الله تعالى( وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى ) إلى قوله( إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ) (٦) أبو الدحداح والأنصاري صاحب النخلة( فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى ) (٧) أبو الدحداح( وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى ) (٨) يعني الثواب وإن( الْأَشْقَى ) (٩) صاحب

__________________

(١) الكشف والبيان: مخطوط.

(٢) ن: سنان.

(٣) ن: داره ولا توجد فيها كلمة ( جاره ).

(٤) لا توجد في: ج ون.

(٥) ن: تبيعنيها.

(٦)( وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى. وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى. وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى. إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ) الليل:١ - ٤.

(٧) الليل: ٥.

(٨) الليل: ٦.

(٩) اشارة الى الآية:( لا يَصْلاها إِلاَّ الْأَشْقَى ) الليل: ١٥.

٢٥٥

النخلة قال( وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ) (١) يعني أبا الدحداح( الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى ) (٢) أبا الدحداح( وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى ) (٣) يكافئه بها يعني أبا الدحداح فكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يمر بذلك الحبس وعذوقه دانية فيقول عذوق وأي عذوق لأبي الدحداح في الجنة.

وروى بعض أشياخنا(٤) عن ابن عباس أنها نزلت في أبي الدحداح وروى الواحدي في الوسيط(٥) وما يبعد أن يكون منحرفا عن أهل بيت النبوة قال حدثنا الشيخ أبو معمر المفضل بن إسماعيل إملاء بجرجان سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر الحافظ حدثنا(٦) أبو الحسن علي بن الحسين(٧) بن هارون حدثنا العباس بن عبد الله اليرفعي(٨) حدثنا حفص بن عمر حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس وذكر قصة النخلة(٩) وبين القصتين تفاوت ولم يذكر أبا الدحداح بل ذكر رجلا

__________________

(١) الليل: ١٧.

(٢) الليل: ١٨.

(٣) الليل: ١٩.

(٤) لعله الشيخ الطبرسي فقد ذكر ذلك في تفسيره مجمع البيان: ١٠ / ٥٠١ و ٥٠٢.

(٥) الوسيط: مخطوط.

(٦) في المصدر: اخبرنا وكذلك البقية.

(٧) ن: الحسن وكذا في المصدر.

(٨) ن: اليرفقى وفي المصدر الترقفى.

(٩) قال في اسباب النزول ص ٢٥٤:

ان رجلا كانت له نخلة فرعها في دار رجل فقير ذي عيال وكان الرجل اذا جاء ودخل الدار فصعد النخلة لياخذ منها التمر فربما سقطت التمرة فياخذها صبيان الفقير فينزل الرجل من نخلته حتى ياخذ التمرة من فمهم، فان وجدها في فم احدهم ادخل اصبعه حتى يخرج التمرة من فيه فشكا الرجل ذلك الى النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم واخبره بما يلقى من صاحب النخلة فقال له النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم: اذهب ولقى صاحب النخلة وقال: تعطيني نخلتك المائلة التي فرعها في دار فلان ولك بها نخلة في الجنة؟ فقال له الرجل: ان لي نخلا كثيرا وما فيها نخلة اعجب اليّ ثمرة منها، ثم ذهب الرجل فلقى رجلا هو ابن الدحداح كان يسمع الكلام من

٢٥٦

مجهولا فقال(١) بعد ذلك فأنزل(٢) الله تعالى( وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ) (٣) ثم حكى عن المفسرين بعد ذلك أنها نزلت في أبي بكر(٤) ولا أعرف في رجال الحديثين اللذين رويناهما مقولا فيه متهما في الافتراء.

إذا عرفت هذا ظهر لك أن أبا عثمان رجل رديء جدا أو جاهل جدا وكيف تقلبت الحال فهو غير صالح للقاء الخصوم ومبارزة فرسان المباحث ومتى فتح باب الجهل والعناد فتح على أبي عثمان من ذلك ما لا طاقة له به وهو يأباه.

قال وأما قوله تعالى( قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) إلى قوله تعالى( أَلِيماً ) (٥) فزعم ابن عباس أن القوم بنو حنيفة وأن أبا بكر تولى حربهم وزعم غيره أنهم فارس والروم فإن المستثير إلى

__________________

رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم فقال: يا رسول الله اتعطيني ما اعطيت الرجل نخلة في الجنة ان انا اخذتها؟ قال: نعم، فذهب الرجل فلقى صاحب النخلة فساومها منه فقال له:اشعرت ان محمدا اعطاني بها نخلة في الجنة؟ فقلت: يعجبني ثمرها، فقال له الاخر: اتريد بيعها؟ قال: لا الا ان اعطي بها مالا اظنه اعطى، قال: فما مناك؟ قال: اربعون نخلة قال له الرجل: لقد جئت بعظيم تطلب بنخلتك المائلة اربعين نخلة ثم سكت عنه، فقال له: انا اعطيك اربعين نخلة، فقال له: اشهد لي ان كنت صادقا فمر ناس فدعاهم فاشهد له باربعين نخلة، ثم ذهب الى النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم فقال: يا رسول الله ان النخلة قد صارت في ملكي فهي لك، فذهب رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم الى صاحب الدار فقال: ان النخلة لك ولعيالك، فانزل الله تبارك وتعالى ( وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى. وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى. وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى. إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ) .

(١) ق: وبعد ذلك.

(٢) ق: انزل.

(٣) الليل: ١ - ٤.

(٤) انظر اسباب النزول: ٢٥٤ و ٢٥٥.

(٥) الفتح: ١٦ والآية كاملة هي( قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً ) .

٢٥٧

قتال الروم أبو بكر وإن كان عمر هو المقاتل لكسرى فإن ذلك راجع إلى أبي بكر(١) قال ومثل هذا كثير ولم يجئ المجيء الذي يحتج به المنصف والمرشد ولكن الحجة القاطعة وإجماع المفسرين في الآيات التي ذكرناها من قبل في قصة الغار والنصرة وفي قصة مسطح وفي قصة عبد الرحمن بن أبي بكر وأبويه ودعائهما(٢) إلى الإسلام وقصة أبي بكر وأبي جهل(٣) .

والذي أقول على هذا إنه لا يلزم من الدعاء إلى قتال المشركين رئاسة من دعاهم بل كل مدعو إلى الصواب يتعين عليه الانبعاث سواء كان ذلك من رئيس أو مرءوس شريف أو مشروف.

وأما ما يتعلق بالغار فقد ذكرنا ما عندنا فيه وقد ذكرنا ما يتعلق بمسطح وكذا ما يتعلق بعبد الرحمن وذكرنا ما يصلح للورود على كونه رضوان الله عليه دعا أبويه إلى الإسلام وذكرنا الجواب عن قصة أبي بكر وأبي جهل ومع ذلك فإن أبا عثمان أكثر ما يفيده التعلق بقصة أبي بكر رضوان الله عليه وأبي جهل أنه رضوان الله عليه مسلم أو نحو هذا وهذا لا ينبغي أن يذكر في معرض المفاخرة لأمير المؤمنينعليه‌السلام إذ قد روينا من طريق أرباب الحديث أنه ما نزلت آية( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) إلا وعلي أميرها حسب ما سلف(٤) .

وروى الثعلبي الشافعي السني بإسناده ولا أعرف فيه إماميا عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سباق الأمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين علي بن أبي طالب

__________________

(١) العثمانية: ١١٤.

(٢) في المصدر بزيادة: له.

(٣) العثمانية: ١١٥.

(٤) تقدمت الاشارة اليه ص (٧٠).

٢٥٨

وصاحب يس ومؤمن آل فرعون فهم الصديقون حبيب النجار مؤمن آل يس وحزقيل مؤمن آل فرعون وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم الغرض من الحديث(١) .

وأغفلت شيئا ذكره أبو عثمان فإنه قال وقد زعم جويبر عن الضحاك في قوله( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) (٢) قال أبو بكر وعمر ولم يسند أبو عثمان(٣) ذلك(٤) .

قال وقد زعم(٥) عن الفضل بن دلهم عن الحسن في قوله( فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ) (٦) قال وهم والله أبو بكر وأصحابه(٧) ولم يسند ذلك.

__________________

(١) الكشف والبيان: مخطوط. وذكر المتقي في كنز العمال: ٦ / ١٥٢ قال: الصديقون ثلاثة:حزقيل مؤمن آل فرعون، وحبيب النجار صاحب آل يس، وعلي بن ابي طالب. وذكر هذا ايضا السيوطي في الدر المنثور: ٢ في ذيل تفسير قوله تعالى ( وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ ) قال: واخرجه البخاري في تاريخه عن ابن عباس. وذكره ايضا المناوي في فيض القدير: ٤ / ٢٣٧ وابن حجر في الصواعق المحرقة: ص ٧٤. وايضا في كنز العمال: ٦ / ١٥٢ قال: الصديقون ثلاثة، حبيب النجار مؤمن آل يس، ( قالَ: يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ) ، وحزقيل مؤمن آل فرعون الذي قال: ( أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ ) ، وعلي بن ابي طالب وهو افضلهم. وذكره ايضا السيوطي في الدر المنثور: في ذيل تفسير قوله تعالى: ( وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ ) وذكره كذلك المناوي في فيض القدير: ٤ / ٢٣٨ والمحب الطبري في ذخائر العقبى: ص ٥٦ وفي الرياض النضرة: ٢ / ١٥٣.

(٢) التوبة: ١١٩.

(٣) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ق.

(٤) العثمانية: ١١٤.

(٥) في المصدر بزيادة: وكيع.

(٦) المائدة: ٥٤ والآية:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ ) .

(٧) العثمانية: ١١٥.

٢٥٩

والعجب ممن يصادم الرجال مهملا الاحتياط والتحرز.

والذي أقول عند هذا:

إن أبا عثمان كفانا مئونة البحث في هذه الجملة لأنه ضعفها وزيفها ونضرب عن هذا ونقول: إن أبا نعيم الحافظ وليس من عداد الإمامية قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد قال حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون(١) قال حدثنا محمد بن مروان عن محمد بن السائب عن أبي صالح عن ابن عباس(٢) ( اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) (٣) قال هو علي بن أبي طالبعليه‌السلام (٤) .

وروى الثعلبي عن ابن عباس أنها نزلت في علي وأصحابه وذكر غير ذلك(٥) .

وأما الآية الأخرى فإن الواحدي(٦) حكى حكاية أنها في أبي بكر

__________________

(١) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(٢) ن بزيادة: في.

(٣) التوبة: ١١٩ وقبلها:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) .

(٤) ما نزل من القرآن في علي: مخطوط.

(٥) الكشف والبيان: مخطوط. وذكر نزول هذه الآية بشان عليعليه‌السلام :

الكنجي الشافعي في كفاية الطالب: ١١١ وسبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص: ٢٠ والسيوطي في الدر المنثور: ٣ / ٢٩٠ وقال:

واخرج ابن عساكر عن ابي جعفر عليه‌السلام في قوله تعالى: ( وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) قال: مع علي بن ابي طالب عليه‌السلام .

والآلوسي في روح المعاني: ١١ / ٤١ والقندوزي في ينابيع المودة: ١١٩.

(٦) لم اعثر عليه في ( اسباب النزول )، بالطبعة التي بين يدي. اقول روى نزول آية( فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ) الثعلبي في تفسيره الكشف والبيان ( على ما في احقاق الحق ٣ / ١٩٨ ) والرازي في تفسيره: ١٢ / ٢٠ والنيشابوري في تفسيره: ٦ / ١٤٣ ( بهامش الطبري ط الميمنية بمصر ).

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534