بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية11%

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية مؤلف:
المحقق: السيد علي العدناني الغريفي
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 534

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية
  • البداية
  • السابق
  • 534 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 184198 / تحميل: 7013
الحجم الحجم الحجم
بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

سورة إبراهيم

٢٢

التمثيل الثاني والعشرون

( مَثَلُ الّذِينَ كَفَرُوا بِرَبّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرّيحُ في يَوْمٍ عَاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمّا كَسَبُوا عَلى شَيءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيد ) .(١)

تفسير الآية

« العصف » : شدة الريح ، يوم عاصف أي شديد الريح ، وإنّما جعل العصف صفة لليوم مع أنّه صفة للريح لأجل المبالغة ، وكأنّ عصف الريح صار بمنزلة جعل اليوم عاصفاً ، كما يقال : ليل غائم ويوم ماطر.

انّه سبحانه يشبّه عمل الكافرين في عدم الانتفاع به برماد في مهب الريح العاصف ، فكما لا يقدر أحد على جمع ذلك الرماد المتفرق ، فكذلك هؤلاء الكفار لا يقدرون مما كسبوا على شيء فلا ينتفعون بأعمالهم البتة.

وقال سبحانه في آية أخرى :( وَقَدِمْنَا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً ) .(٢)

والمراد من أعمالهم ما يعد صالحاً في نظر العرف كصلة الأرحام وعتق الرقاب

__________________

١ ـ إبراهيم : ١٨.

٢ ـ الفرقان : ٢٣.

١٦١

وفداء الأسارى وإغاثة الملهوفين ، لأنّهم بنوا أعمالهم على غير معرفة الله والإيمان به فلا يستحقون شيئاً عليه.

وأمّا الأعمال التي تعد من المعاصي الموبقة ، فهي خارجة عن مصبّ الآية لوضوح حكمها.والآية دليل على أنّ الكافر لا يثاب بأعماله الصالحة يوم القيامة إذا أتى بها لغير وجه الله.

نعم لو أتى بها طلباً لرضاه ورضوانه فلا غرو في أن يثاب به ويكون سبباً لتخفيف العذاب.

١٦٢

سورة إبراهيم

٢٣

التمثيل الثالث والعشرون

( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيّبَة أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ * تُوَْتي أُكُلَهَا كُلَّ حينٍ بِإذْنِ رِبّهَا وَيَضْرِبُ اللهُ الأمْثالَ لِلنّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون ) .(١)

تفسير الآيات

انّه سبحانه تبارك وتعالى مثل للحق والباطل ، أو الكفر والإيمان بتمثيلات مختلفة ، وقد جاء التمثيل في هذه الآية بأنّ مثل الإيمان كشجرة لها الصفات التالية :

أ : انّها طيبة : أي طاهرة ونظيفة في مقابل الخبيثة ، فانّ الشجر على قسمين : منها ما هو طيب الثمار كالتين والنخل والزيتون وغيرها ، ومنها ما هو خبيث الثمار كالحنظل.

ب : أصلها ثابت ، أي لها جذور راسخة في أعماق الأرض لا تزعزعها العواصف الهوجاء ولا الأمواج العاتية.

ج : فرعها في السماء ، أي لها أغصان مرتفعة ، فهي بجذورها الراسخة تحتفظ بأصلها وبفروعها في السماء وتنتفع من نور الشمس والهواء والماء.

__________________

١ ـ إبراهيم : ٢٤ ـ ٢٥.

١٦٣

وهذه الفروع والأغصان من الكثرة بحيث لا يزاحم أحدها الآخر ، كما أنّها لا تتلوث بما على سطح الأرض.

د :( تعطى أكلها كل حين ) أي في كلّ فصل وزمان ، لا بمعنى كلّ يوم وكل شهرحتى يقال بأنّه ليس على وجه البسيطة شجرة مثمرة من هذا النوع.

وبعبارة أخرى : انّ مثل هذه الشجرة لا تبخس في عطائها ، بل هي دائمة الأثمار في كل وقت وقّته الله لاثمارها.

هذا حال المشبه به ، وأمّا حال المشبه ، فقد اختلفت كلمتهم إلى أقوال لا يدعمها الدليل ، والظاهر انّ المراد من المشبه هو الاعتقاد الحقّ الثابت ، أعني التوحيد والعدل وما يلازمهما من القول بالمعاد.

فهذه عقيدة ثابتة طيبة لا يشوبها شيء من الشرك والضلال ولها ثمارها في الحياتين.

والذي يدل على ذلك هو انّه سبحانه ذكر في الآية التالية ، قوله :( يُثَبّتُ اللهُ الّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الآخِرَةِ ) (١) ، وهذا القول الثابت عبارة عن العقيدة الصالحة التي تمثلها كلمة التوحيد والشهادة بالمعاد وغيرهما ، قال السيد الطباطبائي :

القول بالوحدانية والاستقامة عليه ، هو حقّ القول الذي له أصل ثابت محفوظ عن كلّ تغير وزوال وبطلان ، وهو الله عزّ اسمه أو أرض الحقائق ، وله فروع نشأت ونمت من غير عائق يعوقه عن ذلك من عقائد حقة فرعية وأخلاق زاكية وأعمال صالحة يحيا بها المؤمن حياته الطيبة ويعمر بها العالم الإنساني حق

__________________

١ ـ إبراهيم : ٢٧.

١٦٤

عمارته ، وهي التي تلائم سير النظام الكوني الذي أدى إلى ظهور الإنسان بوجوده المنظور على الاعتقاد الحق والعمل الصالح.(١)

ثمّ إنّه سبحانه ختم الآية بقوله :( وَيَضْرِبُ اللهُ الأمْثال للنّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون ) ، أي ليرجعوا إلى فطرتهم فيتحقّقوا من أنّ السعادة رهن الاعتقاد الصحيح المثمر في الحياتين.

وبذلك يعلم انّ ما ذكره بعض المفسرين بأنّ المراد كلمة التوحيد لا يخالف ما ذكرنا ، لأنّ المراد هو التمثل بكلمة التوحيد لا التلفظ بها وحده حتى أنّ قوله سبحانه :( إِنَّ الّذينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوفٌ عََلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُون ) (٢) يراد منه التحقّق بقوله( ربّنا الله ) لا التلفظ بها ، وقد أشار سبحانه إلى العقيدة الصحيحة ، بقوله :( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيّبُ وَالْعَمَلُ الصّالِحُ يَرْفَعُهُ ) (٣) .

فالكلم الطيّب هو العقيدة ، والعمل الصالح يرفع تلك العقيدة.

وبذلك يعلم أنّ كلّ عقيدة صحيحةلها جذور في القلوب ، ولها فروع وأغصان في حياة الإنسان ولهذه الفروع ثمار ، فالاعتقاد بالواجب العادل الحكيم المعيد للإنسان بعد الموت يورث التثبت في الحياة والاجتناب عن الظلم والعبث والفساد إلى غير ذلك من العقائد الصالحة التي لها فروع.

إلى هنا تمّ المثل الأوّل للمؤمن والكافر أو للإيمان والكفر.

____________

١ ـ الميزان : ١٢ / ٥٢.

٢ ـ الأحقاف : ١٣.

٣ ـ فاطر : ١٠.

١٦٥

وربما يقال : الرجال العظام من المؤمنين هم كلمة الله الطيبة ، وحياتهم أصل البركة ، ودعوتهم توجب الحركة ، آثارهم وكلماتهم وأقوالهم وكتبهم وتلاميذهم وتاريخهم وحتى قبورهم جميعها ملهمة وحيّة ومربّية.

ولكن سياق الآيات لا يؤيده ، لأنّه سبحانه يفسر الكلمة الطيبة بما عرفت ، أعني قوله :( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) .

والمراد من القول الثابت هو الكلمة الطيبة ، وقلب المؤمن هو الأرض الطيبة التي ترسخ فيها جذور تلك الشجرة.

١٦٦

سورة إبراهيم

٢٤

التمثيل الرابع و العشرون

( وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ منْ فَوْقِ الأرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَار ) .(١)

تفسير الآية

مثّل سبحانه تبارك وتعالى للعقيدة الصالحة بالمثل السابق ومقتضى الحال أن يمثل للعقيدة الباطلة بضد المثل السابق ، فهي على طرف النقيض مما ذكر في الآية السابقة ، وإليك البيان :

فالكفر كشجرة لها هذه الأوصاف :

أ : انّها خبيثة مقابلة الطيبة ، أي لا يطيب ثمارها كشجرة الحنظل.

ب :( اجتثت من فوق الأرض ) في مقابل قوله( أصلها ثابت ) وحقيقة الاجتثاث هي اقتلاع الشيء من أصله ، أي اقتطعت واستؤصلت واقتلعت جذورها من الأرض.

ج :( ما لها من قرار ) أي ليس لتلك الشجرة من ثبات ، فالريح تنسفها وتذهب بها ، وبالتالي ليس لها فروع وأغصان أو ثمار.

__________________

١ ـ إبراهيم : ٢٦.

١٦٧

هذا هو المشبه به ، وأمّا المشبه فهو عبارة عن العقيدة الضالة الكافرة التي لا تعتمد على برهان ولا دليل ، يزعزعها أدنى شبهة وشك.

فينطبق صدر الآية التالية على التمثيل الأوّل ، وذيله على التمثيل التالي ، أعني : قوله :( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) هذا هو المنطبق على التمثيل الأوّل

وأمّا المنطبق على التمثيل الثاني فهو قوله :( وَيُضِلُّ الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ) أي يضل أهل الكتاب بحرمانهم من الهداية ، وذلك لأجل قصورهم في الاستفادة عن الهداية العامة التي هي متوفرة لكل إنسان ، أعني : الفطرة ودعوة الأنبياء

وقوله :( يفعل الله ما يشاء ) بمعنى انّه تعلّقت مشيئته بتثبيت المؤمنين وتأييدهم وإضلال الظالمين وخذلانهم ، ولم تكن مشيئته عبثاً وإنّما نابعة من حكمة بالغة.

١٦٨

سورة إبراهيم

٢٥

التمثيل الخامس والعشرون

( وَأَنذِرِ النّاسَ يَوم يَأْتِيهِمُ العَذَابُ فَيَقُولُ الّذينَ ظَلَمُوا رَبّنَا أَخّرْنَا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَ لَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ * وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الأمْثالَ * وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لتَزُولَ مِنْهُ الجِبال ) .(١)

تفسير الآيات

إنّ الآية تمثل حال قوم شاهدوا نزول جزء من العذاب والبلاء فعادوا يظهرون الندم على أعمالهم البغيضة ويطلبون الإمهال حتى يتلافوا ما فاتهم من الإيمان والعمل الصالح ، كما يحكي عنه سبحانه ، ويقول :( وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب ) أي مشاهدة نزول العذاب في الدنيا بشهادة استمهالهم ، كما في قوله تعالى :( فَيَقول الذين ظلموا ربّنا أخّرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل ) .

فيرد دعوتهم بأنّ هذا الطلب ليس طلباً صادقاً وإنّما ألجأهم إليه رؤية

__________________

١ ـ إبراهيم : ٤٤ ـ ٤٦.

١٦٩

العذاب.

فيخاطبهم سبحانه بقوله :( أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال ) .

وعلى ما ذكرنا يكون مفاد الآية : حلفتم قبل نزول العذاب بأنّه ليس لكم زوال من الراحة إلى العذاب ، وظننتم انّكم بما تمتلكون من القوة والسطوة أمّة خالدة مالكة لزمام الأمور ، فلماذا تستمهلون ؟ ثمّ يخاطبهم بجواب آخر وهو قوله :( وَسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبيّن لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال ) أي سكنتم ديار من كذب الرسل فأهلكهم الله وعرفتم ما نزل بهم من البلاء والهلاك والعذاب كقوم عاد وثمود ، وضربنا لكم الأمثال وأخبرناكم بأحوال الماضين لتعتبروا فلم تتعظوا.

وعلى ذلك فالمشبه به هو حال الأمم الهالكة بأفعالهم الظالمة.

والمشبه هو الأمم اللاحقة لهم الذين رأوا العذاب فاستمهلوا الأجل وندموا ولات حين مناص.

١٧٠

النحل

٢٦

التمثيل السادس والعشرون

( وَيَجْعَلُونَ لِما لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمّا رَزَقْناهُمٍ تَاللهِ لَتُسئَلُنَّ عَمّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ * وَيَجْعَلُونَ للهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَه وَلَهُمْ ما يَشْتَهون * وإِذا بُشّرَ أَحَدُهُمْ بِالاَُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيم * يَتوارَى مِنَ القَومِ مِنْ سُوءِ ما بُشّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ ما يَحْكُمُون * لِلَّذينَ لا يُوَْمِنُونَ بِالآخِرَة مثلُ السَّوءِ وَللهِ المَثَلُ الأعلى وَهُوَ العَزِيزُ الحَكيم ) .(١)

تفسير الآيات

إنّ الله سبحانه هو الواجب الغني عن كل من سواه ، قال سبحانه :( يا أَيُّهَا النّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيد ) (٢) فلا يصحّ وصفه بما يستشمُّ منه الفقر والحاجة ، لكن المشركين غير العارفين بالله كانوا يصفونه بصفات فيها وصمة الفقر والحاجة ، وقد حكاها سبحانه في غير واحد من الآيات ، فقال :( وَجَعَلُوا للهِ مِمّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالاََنْعامِ نَصِيباً فَقَالُوا هذا للهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا فَمَا كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلى اللهِ وَمَا كانَ للهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ سَاءَ ما يَحْكُمُون ) .(٣)

__________________

١ ـ النحل : ٥٦ ـ ٦٠.

٢ ـ فاطر : ١٥.

٣ ـ الأنعام : ١٣٦.

١٧١

فقد أخطأوا في أمرين :

أ : فرز نصيب لله من الحرث والأنعام ، وكأنّه سبحانه فقير يجعلون له نصيباً ممّا يحرثون ويربّون من أنعامهم.

ب : الجور في التقسيم والقضاء ، فيعطون ما لله إلى الشركاء دون العكس ، وما هذا إلاّ لجهلهم بمنزلته سبحانه وأسمائه وصفاته.

وقد أشار إلى ما جاء تفصيله في سورة الأنعام على وجه موجز في المقام ، وقال :( وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمّا رَزَقْناهُمْ تَاللهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمّا كُنْتُمْ تَفتَرُون ) .

ونظير ما سبق انّهم كانوا يبغضون البنات ويجعلونها لله ، ويحبون البنين ويجعلونهم لأنفسهم ، وإليه يشير سبحانه بقوله :( وَيَجْعَلُونَ للهِ البَناتِ سُبحانهُ وَلَهُم ما يَشتَهُون ) والمراد من الموصول في( ما يشتهون ) هو البنون ، وبذلك تبيّن معنى قوله سبحانه :( لِلّذِينَ لا يُوَْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوء ) أي انّ المشركين المنكرين للآخرة يصفونه سبحانه بصفات السوء التي يستقبحها العقل ويذمّها ، وقد عرفت كيفية وصفهم له فوصفوه عند التحليل بالفقر والحاجة والنقص والاِمكان ، والله سبحانه هو الغني المطلق ، فهو أعلى من أن يوصف بأمثال السوء ، ولكن الموحّد يصفه بالكمال كالحياة والعلم والقدرة والعزّة والعظمة والكبرياء ، والله سبحانه عند المؤمنين( هُوَ الْمَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ الْمُوَْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الجَبّارُ الْمتَكَبّرُ سُبْحانَ اللهِ عَمّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبَارِئ الْمُصَوّرُ لَهُ الأسْماءُ الْحُسْنى ) (١) ويقول سبحانه :( وَلَهُ المَثَلُ الأعلى فِي

__________________

١ ـ الحشر : ٢٣ ـ ٢٤.

١٧٢

السَّموات وَالأرض ) (١) وقال :( لَهُ الاََسماءُ الحُسْنى ) .(٢)

ومنه يظهر جواب سؤال طرحه الطبرسي في « مجمع البيان » ، وقال : كيف يمكن الجمع بين قوله سبحانه( وَلله المثل الأعلى ) وقوله :( فَلاَ تَضْرِبُوا للهِ الأمْثالَ إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُون ) .(٣)

والجواب انّ المراد من ضرب الأمثال هو وصفه بما يدل على فقره وحاجته أو تشبيهه بأُمور مادية ، وقد تقدم انّ المشركين جعلوا له نصيباً من الحرث والأنعام ، كما جعلوا الملائكة بناتاً له ، يقول سبحانه :( وَجَعَلُوا المَلائِكَةَ الّذينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمن اناثاً ) ،(٤) ويقول سبحانه :( وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجِنّة نَسباً ) .(٥) إلى غير ذلك من الصفات التي يتنزه عنها سبحانه ، فهذا النوع من التمثيل أمر محظور ، وهو المراد من قوله( فَلا تَضْرِبُوا لله الأمْثال ) .

وأمّا التمثيل لله سبحانه بما يناسبه كالعزّة والكبرياء والعلم والقدرة إلى غير ذلك ، فقد أجاب عليه القرآن ولم ير فيه منعاً وحظراً ، بشهادة انّه سبحانه بعد هذا الحظر أتى بتمثيلين لنفسه ، كما سيتضح في التمثيل الآتي.

وربما يذكر في الجواب بأنّ الأمثال في الآية جمع « المِثْل » بمعنى « الند » ، فوزان قوله( لا تضربوا لله الأمثال ) كوزان قوله :( فَلا تَجْعَلُوا للهِ أَنْدَاداً ) (٦) ، ولكنّه معنى بعيد ، فانّ المثل بفتح العين يستعمل مع الضرب ، دون المثل بسكون

____________

١ ـ الروم : ٢٧.

٢ ـ طه : ٨.

٣ ـ النحل : ٧٤.

٤ ـ الزخرف : ١٩.

٥ ـ الصافات : ١٥٨.

٦ ـ البقرة : ٢٢.

١٧٣

العين بمعنى الند فلم يشاهد اقترانه بكلمة الضرب.

ويقرب ممّا ذكرنا كلام الشيخ الطبرسي حيث يقول :

إنّ المراد بالأمثال الاَشباه ، أي لا تشبّهوا الله بشيء ، والمراد بالمثل الأعلى هنا الوصف الأعلى الذي هو كونه قديماً قادراً عالماً حياً ليس كمثله شيء.

وقيل إنّ المراد بقوله :( المثل الأعلى ) : المثل المضروب بالحق ، وبقوله :( فلا تضربوا لله الأمثال ) : الأمثال المضروبة بالباطل.(١)

وفي الختام نودُّ أن نشير إلى نكتة ، وهي انّ عدّ قوله سبحانه( للّذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم ) من قبيل الأمثال القرآنية لا يخلو من غموض ، لأنّ الآية بصدد بيان نفي وصفه بصفات قبيحة سيئة دون وصفه بصفات عليا فأين التمثيل ؟

إلاّ أن يقال : إنّ التشبيه ينتزع من مجموع ما وصف به المشركون ، حيث شبّهوه بإنسان له حاجة ماسّة إلى الزرع والأنعام وله بنات ونسبة مع الجن إلى غير ذلك من أمثال السوء ، فالآية بصدد ردّ هذا النوع من التمثيل ، وفي الحقيقة سلب التمثيل ، أو سوق المؤمن إلى وصفه سبحانه بالأسماء الحسنى والصفات العليا.

__________________

١ ـ مجمع البيان : ٣ / ٣٦٧.

١٧٤

النحل

٢٧

التمثيل السابع والعشرون

( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالأرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ * فَلا تَضْرِبُوا للهِ الأمْثالَ إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ * ضَرَبَ الله مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَمن رَزَقْناهُ مِنّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَستَوون الحمدُ للهِ بَلْ أَكْثَرهُمْ لا يَعْلَمُون ) .(١)

تفسير الآيات

ندّد سبحانه بعمل المشركين الذين يعبدون غير الله سبحانه ، بأنّ معبوداتهم لا تملك لهم رزقاً ولا نفعاً ولا ضراً ، فكيف يعبدونها مع أنّها أشبه بجماد لا يرجى منها الخير والشر ، وإنّما العبادة للإله الرازق المعطى المجيب للدعوة ؟

هذا هو المفهوم من الآية الأولى.

ثمّ إنّه سبحانه يمثّل لمعبود المشركين والمعبود الحق بالتمثيل التالي :

افرض مملوكاً لا يقدر على شيء ولا يملك شيئاً حتى نفسه ، فهو بتمام معنى الكلمة مظهر الفقر والحاجة ، ومالكاً يملك الرزق ويقدر على التصرف فيه ، فيتصرف في ماله كيف شاء وينعم كيف شاء. فهل هذان متساويان ؟ كلاّ.

____________

١ ـ النحل : ٧٣ ـ ٧٥.

١٧٥

وعلى ضوء ذلك تمثّل معبوداتهم الكاذبة مثل العبد الرق المملوك غير المالك لشيء ، ومثله سبحانه كمثل المالك للنعمة الباذل لها المتصرف فيها كيف شاء.

وذلك لأنّ صفة الوجود الإمكاني ـ أي ما سوى الله ـ نفس الفقر والحاجة لا يملك شيئاً ولا يستطيع على شيء.

وأمّا الله سبحانه فهو المحمود بكلّ حمد والمنعم لكلّ شيء ، فهو المالك للخلق والرزق والرحمة والمغفرة والإحسان والإنعام ، فله كلّ ثناء جميل ، فهو الربّ ودونه هو المربوب ، فأيّهما يصلح للخضوع والعبادة ؟

ويدل على ما ذكرنا انّه سبحانه حصر الحمد لنفسه ، وقال : الحمد لله أي لا لغيره ، فالحمد والثناء ليس إلاّ لله سبحانه ، ومع ذلك نرى صحة حمد الآخرين بأفعالهم المحمودة الاختيارية ، فنحمد المعطي بعطائه والمعلم لتعليمه والوالد لما يقوم به في تربية أولاده.

وكيفية الجمع انّ حمد هؤلاء تحميد مجازى ، لأنّ ما بذله المنعم أو المعلم أو الوالد لم يكن مالكاً له ، وإنّما يملكه سبحانه فهو أقدرهم على هذه الأعمال ، فحمد هؤلاء يرجع إلى حمده وثنائه سبحانه ، ولذلك صح أن نقول : إنّ الحمد منحصر بالله لا بغيره. ولذلك يقول سبحانه في تلك الآية :( وَالحَمْدُ للهِ بَلْ أَكْثَرهُمْ لا يَعْلَمُون ) أي الشكر لله على نعمه ، يقول الطبرسي : وفيه إشارة إلى أنّ النعم كلّها منه.(١)

__________________

١ ـ مجمع البيان : ٣ / ٣٧٥.

١٧٦

النحل

٢٨

التمثيل الثامن والعشرون

( وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاَهُ أَينَمَا يُوَجّههُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقيم ) .(١)

تفسير الآية

كان التمثيل السابق يبيّن موقف الآلهة الكاذبة بالنسبة إلى العبادة والخضوع وموقفه تبارك وتعالى حيالها ، ولكن هذا التمثيل جاء لبيان موقف عبدة الأصنام والمشركين وموقف المؤمنين والصادقين ، فيشبّه الأوّل بالعبد الأبكم الذي لا يقدر على شيء ، ويشبّه الآخر بإنسان حرّ يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم.

نفترض عبداً رِقاً له هذه الصفات :

أ : أبكم لا ينطق وبالطبع لا يسمع لما في الملازمة بين البكم وعدم السماع ، بل الأوّل نتيجة الثاني ، فإذا عطل جهاز السمع يسري العطل إلى اللسان أيضاً ، لأنّه إذا فقد السمع فليس بمقدوره أن يتعلم اللغة.

ب : عاجز لا يقدر على شيء ، ولو قلنا بإطلاق هذا القيد فهو أيضاً لا

____________

١ ـ النحل : ٧٦.

١٧٧

يبصر ، إذ لو أبصر لا يصح في حقّه انّه لا يقدر على شيء.

ج :( كَلّ على مولاه ) : أي ثقل ووبال على وليّه الذي يتولّى أمره.

د :( أَينما يُوجّهه لا يَأْتِ بِخَير ) لعدم استطاعته أن يجلب الخير ، فلا ينفع مولاه ، فلو أرسل إلى أمر لا يرجع بخير.

فهذا الرق الفاقد لكلّ كمال لا يرجى نفعه ولا يرجع بخير.

وهناك إنسان حرٌّ له الوصفان التاليان :

أ : يأمر بالعدل.

ب : وهو على صراط مستقيم.

أمّا الأوّل ، فهو حاك عن كونه ذا لسان ناطق ، وإرادة قوية ، وشهامة عالية يريد إصلاح المجتمع ، فمثل هذا يكون مجمعاً لصفات عليا ، فليس هو أبكمَ ولا جباناً ولا ضعيفاً ولا غير مدرك لما يصلح الأمة والمجتمع. فلو كان يأمر بالعدل فهو لعلمه به فيكون معتدلاً في حياته وعبادته ومعاشرته التي هي رمز الحياة.

وأمّا الثاني : أي كونه على صراط مستقيم ، أي يتمتع بسيرة صالحة ودين قويم.

فهذا المثل يبيّن موقف المؤمن والكافر من الهداية الإلهية ، وقد أشار سبحانه إلى مغزى هذا التمثيل في آية أخرى ، وقال :( أَفَمَنْ يَهْدِي إِلى الحَقِّ أحَقُّ أن يُتَّبَعَ أَمَّن لا يَهِدِّي إلاّ أن يُهَدى فَما لكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُون ) .(١)

هذا التفسير مبني على أنّ التمثيل بصدد بيان موقف الكافر والمؤمن غير انّ هناك احتمالاً آخر ، وهو انّ التمثيل تأكيد للتمثيل السابق وهو تبيين موقف الآلهة الكاذبة والإله الحق.

__________________

١ ـ يونس : ٣٥.

١٧٨

النحل

٢٩

التمثيل التاسع والعشرون

( وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأيْمَانَ بَعْدَ تَوكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُون * وَلا تَكُونُوا كالّتي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوةٍ أَنكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمّةٌ هِي أَرْبى مِنْ أُمّةٍ إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ وَلَيُبَيّننَّ لَكُمْ يَوْمَ القِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُون ) .(١)

تفسير الآيات

التوكيد : التشديد ، يقال أوكدها عقدك ، أي شدّك ، وهي لغة أهل الحجاز و « الأنكاث » : الأنقاض ، وكلّ شيء نقض بعد الفتح ، فقد انكاث حبلاً كان أو غزلاً.

و « الدخل » ما أُدخل في الشيء على فساد ، وربما يطلق على الخديعة ، وإنّما استعمل لفظ الدخل في نقض العهد ، لأنّه داخل القلب على ترك البقاء ، وقد نقل عن أبي عبيدة ، انّه قال : كلّ أمر لم يكن صحيحاً فهو دخل ، وكلّ ما دخله عيب فهو مدخول.

هذا ما يرجع إلى تفسير لغات الآية وجملها.

____________

١ ـ النحل : ٩١ ـ ٩٢.

١٧٩

وأمّا شأن نزولها فقد نقل عن الكلبي أنّها امرأة حمقاء من قريش كانت تغزل مع جواريها إلى انتصاف النهار ، ثمّ تأمرهنَّ أن ينقضن ما غزلن ولا يزال ذلك دأبها ، واسمها « ريطة » بنت عمرو بن كعب بن سعد بن تميم بن مرة ، وكانت تسمّى فرقاء مكة.(١)

إنّ لزوم العمل بالميثاق من الأمور الفطرية التي جُبل عليها الإنسان ، ولذلك نرى أنّ الوالد إذا وعد ولده شيئاً ، ولم يف به فسوف يعترض عليه الولد ، وهذا كاشف انّ لزوم العمل بالمواثيق والعهود أمر فطر عليه الإنسان.

ولذلك صار العمل بالميثاق من المحاسن الاَخلاقية التي اتّفق عليها كافة العقلاء.

وقد تضافرت الآيات على لزوم العمل به خصوصاً إذا كان العهد لله ، قال سبحانه :( وَأوفُوا بِالعَهْدِ إِنَّ العَهْدَ كانَ مَسْؤولاً ) (٢)

وقال تعالى :( وَالّذِينَ هُمْ لأماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُون ) .(٣)

وفي آية ثالثة :( وَأوفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ) .(٤)

وفيما نحن فيه يأمر بشيء وينهى عن آخر.

أ : فيقول( أَوفُوا بِعَهْدِ اللهِ إذا عاهَدْتُمْ ) فيأمر بالوفاء بعهد الله ، أي العهود التي يقطعها الناس مع الله تعالى. ومثله العهد الذي يعهده مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وأئمة المسلمين ، فكلّ ذلك عهود إلهية وبيعة في طريق طاعة الله سبحانه.

____________

١ ـ الميزان : ١٢ / ٣٣٥.

٢ ـ الإسراء : ٣٤.

٣ ـ المؤمنون : ٨.

٤ ـ البقرة : ٤٠.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

وأصحابه في قتال أهل الردة -: ورواه عن النبي مرفوعا أنهم قوم أبي موسى الأشعري عن عياض الأشعري قال ورواه الحاكم في صحيحه عن عثمان بن السماك عن عبد الملك بن محمد عن وهب عن جرير عن شعبة.

أقول و(١) قال محمد بن حبان أبو حاتم صاحب كتاب المجروحين وهو غير متهم فيما يذكره على رجال المخالفين في الفضل بن دلهم سمعت الحنبلي يقول سمعت أحمد بن زهير يقول سألت يحيى بن معن(٢) عن الفضل بن دلهم فقال ضعيف الحديث(٣) .

وأما ما يتعلق بالضحاك فقد ذكر ابن حبان ثلاثة بهذا الاسم وضعفهم وهم الضحاك(٤) بن بيراس(٥) والضحاك بن الأهوار(٦) والضحاك(٧) بن حجرة المسبحي(٨) .

وقال وأما ما يتعلق بجويبر بن سعد(٩) أصله من بلخ ضعفه يحيى بن

__________________

(١) ما بين المعقوفتين لا توجد في: ن.

(٢) ن: معين وكذا المصدر.

(٣) المجروحين: ٢ / ٢١٠.

(٤) قال ابن حبان:

اخبرنا الحنبلي قال: حدثنا احمد بن زهير عن يحيى بن معين، قال: الضحاك بن نبراس ليس بشيء. المجروحين: ١ / ٣٧٩.

(٥) ن: نيراس وفي المصدر: نبراس.

(٦) ن: الضحاك بن زيد الاهوازي وكذا في المصدر. قال محمد بن حبان: يروى عن اسماعيل ابن ابي خالد وروى عنه عبد الملك بن مروان الاهوازي وكان ممن يرفع المراسيل ويسند الموقوف، لا يجوز الاحتجاج به، لما كثر منها. راجع المجروحين: ١ / ٣٧٩.

(٧) في المصدر: الضحاك بن حجوة المنبجي وقال عنه: يروى عن ابن عيينة وأهل بلده، العجائب اخبرنا عنه عمر بن سعيد بن سنان بنسخة مقلوبة يطول ذكرها، لا يجوز الاحتجاج به ولا الرواية عنه الا للمعرفة فقط. انظر المجروحين ١ / ٣٧٩.

(٨) ن: المسيحي.

(٩) ن: وقال جويبر بن سعيد الى اخره.

٢٦١

سعد(١) يروي عن الضحاك أشياء(٢) مقلوبة فقال كان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عن جويبر بن سعد سمعت محمد بن محمود(٣) يقول قلت ليحيي بن معن(٤) جويبر كيف حديثه فقال ضعيف(٥) .

قال وقالت العثمانية فإن زعمت الرافضة أن الله أنزل في علي آيا كثيرا وذكر قوله تعالى( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (٦) وضعف الرواية ورجح قصة الغار ومسطح(٧) .

وسوف نعتبر أصل هذه الرواية كذا حكى عن الأصحاب أن قوله تعالى( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ) (٨) أنها نزلت في علي وسوف نعتبر أصل هذه الرواية إن شاء الله تعالى.

أقول: إني اعتبرت كتاب الشيخ العالم أبي الفرج الأصفهاني الأموي في الآي النازل(٩) في أهل البيتعليهم‌السلام فرأيته قد روى من عدة طرق منها أخبرني أحمد بن الحسن قال حدثنا أبي قال حدثنا حصين بن مخارق عن سعيد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن عليعليه‌السلام في

__________________

(١) ن: سعيد وكذا المصدر.

(٢) ن: اسانيد.

(٣) ن بزيادة: سمعت الدارمي يقول. وكذا في المصدر.

(٤) ن: معين. وكذلك في المصدر.

(٥) راجع المجروحين: ١ / ٢١٧.

(٦) النساء: ٥٩.

والآية كاملة هي: ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) .

(٧) العثمانية: ١١٥ و ١١٧.

(٨) البقرة: ٢٠٨.

وتتمتها: ( وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) .

(٩) ن: النازلة.

٢٦٢

قوله تعالى( ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ) (١) فقال(٢) ولايتنا أهل البيت(٣)

وروى من طريقين أحدهما عن الباقر والآخر عن علي بن الحسينعليه‌السلام أن الدخول في السلم ولاية آل محمد.

وفي رواية أخرى في الآية عن الباقر أنه قال أمروا والله بولاية علي بن أبي طالب وآل محمدعليهم‌السلام (٤) .

وأما الأولى: فرواها الشيخ المذكور بإسناده إلى أبي مريم قال سألت جعفر بن محمد الصادق عن هذه الآية( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ ) الآية فقال كان أمير المؤمنينعليه‌السلام منهم فقلت يا ابن رسول الله أكانت طاعته مفترضة فقال والله ما كانت لأحد من هذه الأمة إلا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاصة من أطاع رسول الله فليطع أمير المؤمنين من طاعة الله عز وجل(٥)

ورواه(٦) بهذا الطريق أنها نزلت في علي بن أبي طالب وآل محمدعليهم‌السلام (٧) قال وزعموا أن الله أنزل( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ )

__________________

(١) البقرة: ٢٠٨.

والآية كاملة: ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) .

(٢) ن: قال.

(٣) ما نزل من القرآن في أهل البيت: مخطوط ومفقود.

(٤) روى نزول الآية بشان أمير المؤمنين بالاضافة الى ابي الفرج الاصفهاني القندوزي في ينابيع المودة: ١١١.

(٥) ن: من اطاع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اطاع الله عزّ وجلّ.

(٦) ن: ورواية هذا الطريق.

(٧) ما نزل من القرآن في أهل البيت: مخطوط.

وروى نزول هذه الآية بشان أمير المؤمنين عليه‌السلام جماعة منهم:

النيشابوري في تفسيره: ٥ / ٧٩ والقندوزي في ينابيع المودة: ١١٦ والحسكاني في شواهد التنزيل: ١ / ١٤٨ وابن حيان الاندلسي المغربي في تفسيره ( على ما في احقاق الحق: ٣ / ٤٢٤ ).

٢٦٣

الآية(١) .

أقول والكلام ناقص إذ يفوته(٢) في علي.

وروى هو غير ذلك من كونها نزلت في قصة أشار إليها(٣) قال وإن يكن الأمر على غير ذلك فليس(٤) تأويل الرافضة بأقرب التأويل(٥) .

والذي أقول على هذا إن أبا عثمان لم يسند روايته وكذا الواحدي وهو إلى العداوة أقرب لم يسند قوله أنها في غير عليعليه‌السلام وإنما حكى ذلك حكاية.

__________________

(١) العثمانية: ١١٨.

(٢) ن: بدل ( يفوته ) ( تتمته ).

(٣) قال الجاحظ:

اما ظاهر الكلام، فيدل على ما قال اصحاب التأويل كابن عباس وغيره، حين زعموا انها نزلت في عبد الله بن سلام ورهط من مشركي أهل الكتاب، وذلك انهم اتوا النبي (ص) عند الظهر، فقالوا: يا رسول الله، ان بيوتنا قاصية، ولا نجد مسجدا دون هذا المسجد، وان قومنا لما صدقنا الله ورسوله عادونا، وتركوا مخالطتنا، واقسموا الا يكلمونا، فبينما هم يشكون عداوة قومهم لهم، اذ نزلت: ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ، وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) . فلما قرأها النبي (ص) قالوا: رضينا بولاية الله ورسوله والمؤمنين واذّن بلال للصلاة فخرج النبي (ص) الى المسجد وهم معه، والناس من بين راكع وساجد وقائم وقاعد، فتلا النبي (ص) ( وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ ) فان تكن هذه الآية كما قال ابن عباس ومجاهد، فليس لعلي فيها ذكر. انظر العثمانية: ١١٨.

(٤) لا توجد في ق.

(٥) قال الجاحظ: وقد عرفنا ان تأويل هذا الكلام يشبه غير الذي قالوا، وليس لنا ان نجعله كما قالوا الا بخبر عن النبي (ص) او باجماع من اصحاب التاويل على تفسيره وذلك ان قوله:( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) يدل على العدد الكبير، وانتم تزعمون انه عنى عليا وحده، وليس لأحد ان يجعل( الَّذِينَ ) لواحد الا بخبر يجمع عليه، فان لم يقدر على ذلك فليس له ان يحوّل معنى الكلام عن ظاهر لفظه: انظر العثمانية: ١١٩.

٢٦٤

إذن(١) نحن نثبت ما يدعيه الأصحاب بالروايات المتكاثرات المعتبرات وإذا تقرر ذلك حملنا قوله تعالى( وَهُمْ راكِعُونَ ) بلفظ الجمع على تفخيم أمير المؤمنينعليه‌السلام وقد يأتي لفظ الجمع ويراد به الواحد قال الراجز

جاء الشتاء وقميصي أخلاق

شراذم يضحك مني النواق(٢)

وهذا ظاهر في باب الأدب. الإشارة إلى جملة من الروايات في ذلك من طرق شيخ لا يتهم نحكي منها المعنى إيثارا للإيجاز فنقول:

روى الشيخ الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه بإسناده المتصل إلى أبي رافع قال دخلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو نائم وحية في جانب البيت فكرهت أن أثب عليها وأوقظ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخفت أن يكون يوحى(٣) إليه فاضطجعت بين الحية وبين النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأن كان فيها سوء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دونه فمكثت ساعة فاستيقظ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يقول( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) الحمد لله الذي أتم لعلي نعمه وهنيئا لعلي تفضيل الله تعالى إياه(٤)

__________________

(١) ق ون: بدل ( اذن ) ( لكنا ).

(٢) النواق: اسم ابن الشاعر كما في الهامش.

(٣) ن: اوحي.

(٤) المائدة: ٥٥. روى نزول هذه الآية بشأن مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام طائفة من المفسرين والمحدثين منهم:

محب الدين الطبري في ذخائر العقبى: ٨٨ والآلوسي في روح المعاني: ٦ / ١٤٩ والشوكاني في فتح القدير: ٢ / ٥٠ وابن حيان الاندلسي في البحر المحيط: ٣ / ٥١٣ وابن كثير في، تفسيره: ٢ / ٧١ والنيسابوري في اسباب النزول: ١٤٨ والسيوطي في لباب النقول: ٩٠ وسبط

٢٦٥

وروى بإسناده المتصل عن ابن عباس في قول الله عز وجل( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) إلى قوله تعالى( فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ ) (١) قال أتى عبد الله بن سلام ورهطه من أهل الكتاب نبي الله فقالوا يا رسول الله إن بيوتنا قاصية لا نجد أحدا يجالسنا ويخالطنا دون هذا المسجد وإن قومنا لما رأونا صدقنا الله ورسوله وتركنا دينهم أظهروا العداوة وأقسموا لا يخالطونا ولا يؤاكلونا فشق ذلك علينا فبينما(٢) هم يشكون ذلك إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ نزلت هذه الآية على رسوله( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) فنودي بالصلاة صلاة الظهر وخرج رسول الله إلى المسجد والناس يصلون بين راكع وساجد وقائم وقاعد فإذا مسكين يسأل فدخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال أعطاك أحد شيئا قال نعم قال(٣) من قال ذاك الرجل القائم قال على أي حال

__________________

ابن الجوزي في تذكرة الخواص: ١٨ والشبلنجي في نور الابصار: ١٠٥ والطبري في تفسيره: ٦ / ١٦٥ والخازن في تفسيره: ١ / ٤٧٥ والقندوزي في ينابيع المودة: ١ / ١١٤ والزمخشري في الكشاف ١ / ٣٤٧ والرازي في تفسيره: ١٢ / ٢٦ والسيوطي في الدر المنثور في ذيل تفسير الآية. وذكر المتقى في كنز العمال: ٧ / ٣٠٥ قال:

عن ابي رافع دخلت على رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلم وهو نائم - او يوحى اليه - واذا حيّة في جانب البيت فكرهت ان اقتلها وايقظه فاضطجعت بينه وبين الحيّة فاذا كان شيء كان بي دونه، فاستيقظ وهو يتلو هذه الآية: ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) فقال: الحمد الله فرآني الى جنبه فقال: ما اضجعك هنا؟

قلت: لمكان هذه الحيّة، قال: قم اليها فاقتلها فقتلتها، ثم اخذ بيدي فقال: يا ابا رافع سيكون بعدي قوم يقاتلون عليا، حقا على الله جهادهم، فمن لم يستطع جهادهم بيده فبلسانه فمن لم يستطع بلسانه فبقلبه ليس وراء ذلك شيء. قال اخرجه الطبراني وابن مردويه وابو نعيم.

(١)( وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ ) المائدة: ٥٦.

(٢) ن: فبينا.

(٣) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ج.

٢٦٦

أعطاكها قال وهو راكع قال وذلك علي بن أبي طالب فكبر رسول الله عند ذلك وهو يقول( وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ ) (١) .

ورواه بالسند المتصل إلى محمد بن السائب عن أبي صالح عن ابن عباس فأنشد حسان بن ثابت يقول في ذلك:

أبا حسن تفديك نفسي ومهجتي

وكل بطيء في الهدى(٢) ومسارع

أيذهب مدحي والمحبر ضائعا

وما المدح في جنب الإله بضائع

فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعا

أقول فدتك النفس يا خير راكع

فأنزل فيك الله خير ولاية

فبينها(٣) في محكمات الشرائع

وروى في إسناده المتصل عن جعفر بن محمد أنها نزلت في علي وروي عن الباقر كلاما يشتبه الحال فيه(٤) .

وروى بإسناده المتصل عن عبد الوهاب بن مجاهد عن ابن عباس( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) قال علي بن أبي طالب:

وروى مسندا إلى مجاهد أنها نزلت في علي بن أبي طالب(٥) ولم أحك اللفظ.

وروى ذلك في إسناد متصل بعلي بن أبي طالبعليه‌السلام ورواه مرفوعا إلى عمار بن ياسر ورواه في إسناد متصل بميمون بن مهران عن ابن

__________________

(١) المائدة: ٥٦ وذكره ايضا السيوطي في الدر المنثور في ذيل الآية الشريفة باختلاف في اللفظ.

(٢) ق: الهوى.

(٣) ن: وبيّنها.

(٤) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(٥) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

٢٦٧

عباس أنها نزلت في علي بن أبي طالب(١) .

ورواه في إسناد متصل بسلمة بن كهيل(٢) وروى ذلك(٣) في إسناد متصل عن الحسن بن زيد عن أبيه عن آبائه ورواه من طريق آخر عن ابن عباس ومن طريقين آخرين ومن طريق آخر متصل بابن عباس(٤) .

[ وروى بإسناده المتصل عن مجاهد ](٥) .

[ ورواه بإسناد متصل(٦) عن السدي ](٧) ورواه في إسناد متصل بالضحاك عن ابن عباس ورواه الثعلبي في إسناد متصل بعباية الربعي في متن مطول حسن قال في سياقه قال أبو ذر فو الله ما استتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى أنزل عليه جبرئيلعليه‌السلام من عند الله عز وجل فقال يا محمد اقرأ قال وما أقرأ قال(٨) اقرأ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) .

وذكر أن إعطاء السائل الخاتم كان بعين النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودعاءه بعد ذلك اللهم ف( اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ) ( وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي ) عليا اشدد به ظهري(٩) وحكى الثعلبي عن السدي وعتبة(١٠) بن أبي حكيم وعتبة بن عبد الله إنما عنى بقوله سبحانه( وَالَّذِينَ آمَنُوا

__________________

(١) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ق.

(٢) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(٣) ن: ورواه.

(٤) ن: عن السدى.

(٥) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ق ون.

(٦) ق: وروى باسناده المتصل.

(٧) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(٨) لا يوجد في: ج.

(٩) الكشف والبيان: مخطوط.

(١٠) ق: عنه ابن ابي حكيم.

٢٦٨

الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) علي بن أبي طالب مر به سائل وهو في المسجد فأعطاه خاتمه(١) .

أقول: وقد روى الثعلبي بإسناد عن ابن عباس أنها نزلت في عبادة بن الصامت وأصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وروى الشيخ الفاضل العالم يحيى بن البطريق(٢) من طريق ابن المغازلي الشافعي بالإسناد الذي له إليه قال أخبرنا محمد بن أحمد بن عثمان قال أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن(٣) الحسن بن شاذان البزاز إذنا قال حدثنا الحسن(٤) بن علي العدوي قال حدثنا سلمة بن شبيب قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا مجاهد عن ابن عباس في قوله تعالى( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) قال نزلت في عليعليه‌السلام (٥) .

وهذا طريق لا أعرف فيه متهما مقدوحا فيه وفي صحيح النسائي عن ابن سلام قال أتيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقلنا يا رسول الله إن قومنا حادونا لما صدقنا(٦) الله ورسوله وأقسموا لا يكلموننا فأنزل الله تعالى( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) الآية ثم أذن بلال موذنه لصلاة الظهر فقام الناس يصلون فمن بين ساجد وراكع وسائل يسأل(٧) فأعطى علي خاتمه وهو راكع فأخبر السائل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقرأ

__________________

(١) الكشف والبيان: مخطوط.

(٢) عمدة عيون صحاح الاخبار: ١٢٢.

(٣) ق: عن.

(٤) في المصدر: الحسين.

(٥) مناقب ابن المغازلي: ٣١١ حديث ٣٥٤.

(٦) ن: صدوا.

(٧) ن: اذ سائل بسوال.

٢٦٩

علينا رسول الله( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) إلى آخر الآية(١) .

أقول إن الترجيح لما رويناه من وجوه.

أحدها كثرة الرواية(٢) والقائلين ونزارة هذه الرواية.

الوجه الثاني أن أيام رسول الله عقبتها دول مختلفة منها دولة بني أمية وعبد الله بن الزبير والجميع أعداء مجاهرون إلا عمر بن عبد العزيز وكان معاوية يبذل الرغائب على الوضع من عليعليه‌السلام وسبه وكانوا يعلمون الصبيان في المكاتب فنونا تضع من عليعليه‌السلام حتى أن معاوية بذل لسمرة بن جندب(٣) أربعمائة ألف درهم على معنيين يجعل أحدهما في علي والآخر في عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله فأجاب إلى ذلك وهو قوله تعالى( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ ) (٤) والمعنى الآخر( وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها ) (٥) المعنى المتعلق بالمدح في

__________________

(١) عمدة عيون صحاح الاخبار: ١٢١ نقلا عن الجمع بين الصحاح الستة من صحيح النسائي وكذلك غاية المرام: ١٠٤ والدر المنثور: ٢ / ٢٩٣.

(٢) ن: الروايات.

(٣) سمرة بن جندب بن هلال الفزاري، نزل البصرة وسكن بها.

عن ابي هريرة: ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعشرة في بيت من اصحابه: « اخركم موتا في النار » فيهم سمرة بن جندب فكان سمرة اخرهم موتا. عن عامر بن ابي عامر، قال: كنا في مجلس يونس بن عبيد فقالوا: ما في الارض بقعة نشفت من الدم ما نشفت هذه، يعنون دار الامارة قتل بها سبعون الفا. فسالت يونس، فقال: نعم من بين قتيل وقطيع، قيل من فعل ذلك؟ قال: زياد وابنه وسمرة. مات سمرة سنة ثمان وخمسين وقيل: سنة تسع وخمسين انظر: سير اعلام النبلاء: ٣ / ١٨٣ واسد الغابة: ٢ / ٣٥٤ والاصابة: ٢ / ٧٨ والجرح والتعديل: ٤ / ١٥٤.

(٤) البقرة: ٢٠٧ واخر الآية:( وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ ) .

(٥) البقرة: ٢٠٥

٢٧٠

عبد الرحمن والمتعلق بالذم في علي.

ثم إن الرواية عن ابن عباس ليس فيها صورة حال وجملة من هذه الروايات فيها صورة أحوال وهي قرينة(١) صوابها.

وأما رواية ابن عباس إن صحت عنه فلعله سمع من غير ثقة فأدى ذلك على ما سمع أو حسن ظنه مثلا(٢) بمن لم يحسن الظن به.

وتعلق الجاحظ في الخلاف بفنون منها أن عليا كان أزهد الناس فكيف يحول الحول وعنده مال يجب فيه الزكاة(٣) .

قال ولو كان ذلك كذلك ما كان بلغ من قدر صنيع رجل في إعطاء درهم ودرهمين من زكاته الواجبة ما إن يبلغ به إلى هذه القدر الذي ليس فوقه قدر(٤) .

قال وكيف اتفق له ألا يزكى إلا وهو يصلي(٥) قال فإن لا تفيد الآية الدلالة إلا أن تكون مشهورة كقصة(٦) الغار أو يكون لفظه يدل على غير ما قال غيرهم أو أن ينص الرسول على أن هذه الآية نزلت في علي ولو كان كذلك ما اختلف فيه أصحاب التأويل(٧) .

__________________

وتتمتها:( وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ ) .

(١) ق: قريبة.

(٢) لا يوجد في: ق.

(٣) العثمانية: ١١٩.

(٤) المصدر السابق.

(٥) المصدر السابق.

(٦) ق: كقضية.

(٧) العثمانية: ١٢٠.

٢٧١

والذي أقول على هذه الجملة(١) إن أبا عثمان أسلف فيما مضى أن أبا بكر أزهد من أمير المؤمنين وهاهنا ذكر أن أمير المؤمنين أزهد الناس فهو لا محالة كاذب في أحد القولين.

قوله كيف يجامع الزهد استبقاء المال حولا يجب فيه الزكاة قول ساقط من وجوه أحدها أن الله تعالى قال لرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً ) (٢) أي لا تكن بخيلا ولا متلافا فتعينت متابعته( لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) (٣) .

أضربنا عن هذا فبناء الجاحظ على أن الزكاة وجوبها محصور في حئول(٤) الحول دليل جهله إذ الغلات لا يراعى في(٥) وجوبها الحول فلعل مولانا زرع زرعا أو جاءه ثمر(٦) نخل تعينت فيه الزكاة وكان أداؤه في وقت ذلك.

أضربنا عن هذا فهل يستنكر لزاهد أو نبي أن يكون عنده خمسة أباعر لسفره وحركته ومنفعته الفنون(٧) في حضرته؟

هذا لا ينكره إلا سفيه لا يعرف السنة ولا مذاهب الحكمة وشرف المزايا إذ من بذل ما في يديه احتاج إلى غيره وذل لمن سواه والمؤمن لا

__________________

(١) ج ون: بزيادة ( اولا ).

(٢) الاسراء: ٢٩.

(٣) الاحزاب: ٢١.

تتمتها: ( لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً ) .

(٤) ن: حول.

(٥) لا توجد في: ن.

(٦) ق: تمر.

(٧) الفنون: ما يشعر مزاولها بلذة عند مزاولته اياها كركوب الخيل ( المنجد ).

٢٧٢

يذل نفسه وما كل نفس ترضى بالمهابط السفلية والرذائل الدنية.

قوله وما بلغ من قدر الصدقة بدرهمين حتى يبلغ به هذا المبلغ(١) .

قلت هذا مع الذي قررناه(٢) من صواب الرواية بحث مع إله الوجود.

أضربنا عن هذا فإن الذي شرع فيه ناقضا(٣) لغرضنا بان لغرضنا إذ كان الشكر التمام كما ذكر مع نزارة الدرهمين برهان إخلاص مولانا صلوات الله عليه وإلا(٤) فهي نظرا إلى حقارتها ليست موضع المدح التام كما ذكر.

أضربنا عن هذا فلعل الله تعالى جلاله أراد أن يوقظ أحداق(٥) الغافلين بالثناء الجم حيث لم يفعلوا مثل فعله مقوما لهم عوج غفلتهم بذلك.

أضربنا عن هذا فلعل الله تعالى(٦) جلاله أراد أن يبين أن كثيرا ممن يتصدق لا تقارن أعماله خلوص النية ليرجع إلى الله تعالى في إخلاص النية حيث يرى أثرها.

أضربنا عن هذا فلعل الله تعالى أراد أن يبين لمن يبالغ في الثناء على إنسان عند إعطاء الأموال الوافرة أن هاتيك الصدقات غير منوطة بالمقاصد الصالحات لئلا يعتمدوا عليه ويقصدوا في المهمات إليه فيزلوا.

بيان ذلك أنهم يرون الثناء الجم توجه لأجل درهمين ولا يتوجه إلى

__________________

(١) العثمانية: ١١٩.

(٢) ق: كررناه.

(٣) ق: ناقصا.

(٤) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(٥) ن: حذّاق.

(٦) ن بزيادة: جل.

٢٧٣

غيره بإعطاء المال الجم أو ليزيل(١) عن خاطر من يظن أنه مخلص أنه مخلص(٢) لئلا يدخله الزهو والعجب.

وأما استطرافه(٣) لكونه أدى الزكاة في حال صلاته لا في غير تلك الحال فإن الجواب عنه بما أنه رأى المحل القابل وقعود من حضر عن مساعدته فرأى اغتنام(٤) رحمته أو لأن الله تعالى بعث ذلك السائل ليظهر للحاضرين قدر عناية الله تعالى به عقيب صدقته بما أنزل من الآي في مدحته وإرغام الأعداء بتفخيم ناحيته(٥) من حضر منهم ومن غاب عنهم.

وأما قوله(٦) إنه إما لفظ دال أو ما يناسب خبر الغار فقد بينا فيما روينا صريحا عن أعيان وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقرائن أحوال أن الآية نزلت في أمير المؤمنينعليه‌السلام .

وأما حديث الغار فقد تكرر وتكرر الجواب عنه.

وقال لسان الجارودية عند استثمار الشرف منه:

على أنني راض بأن أحمل الهوى

وأخلص منه لا علي ولا ليا.

وأما قوله إن النبي لو نص على أن الآية في أمير المؤمنين ما اختلفوا فيه(٧) فقول رجل جاهل بالسنة بعيد عن صواب النقل إذ الآثار النبوية مختلفة جدا وما لزم ذلك بطلانها.

__________________

(١) ن: فيزول.

(٢) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(٣) ن: استطراقه.

(٤) ق وج: اغنام.

(٥) ن: ناحية.

(٦) لا يوجد في: ج.

(٧) العثمانية: ١٢٠.

٢٧٤

وعلى قود بحث الجاحظ يلزم الطعن في القرآن المجيد إذ المسلمون مختلفون(١) عنه حسب الآيات المختلفة في ظاهرها فلأن لزم الاختلاف في التأويل بطلان ما اختلفوا فيه كان هذا سعيا في فساد القرآن وهو كفر وما يجهل مثل هذا إلا غبي.

هذا فيما يرجع إلى أحكام ليست أغراضا للمختلفين فكيف ما هو مظنة لاختلاف المختلفين ومنع قول من قال إن قول الله تعالى( وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ) (٢) علي(٣) .

فقد(٤) ذكرنا ما عندنا في ذلك في مطاوي هذه الأوراق وقرائن الأحوال شاهدة بأنه المحل القابل لها ولو لم تنطق هذه الرواية بها وقد سلف تبيينه(٥) على ذلك.

قال وكذب إن النبي مات ولم يجمع القرآن(٦) إذ القراء المشهورون يروون عن الأوائل الذين مصدر القراءة عنهم أنهم قرءوه على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكيف يقرؤه من لا يجمعه؟

وقد ذكر ابن عبد البر المغربي أن جماعة جمعوا القرآن على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منهم علي(٧) .

__________________

(١) ن: يختلفون.

(٢) الرعد: ٤٣.

والآية كاملة هي: ( وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ) .

(٣) العثمانية: ١٢١.

(٤) ن: وقد.

(٥) ق: تبنيه.

(٦) العثمانية: ١٢١.

(٧) لم اعثر عليه في الاستيعاب المطبوع.

٢٧٥

وقد سبق من قبل في كلام المخذول على ما حكيته عنه أن جماعة كانوا مخصوصين بحفظ القرآن على عهد رسول الله فكيف يحفظ شيء(١) لم يجمع بعد ولكن المخذول يتكلم(٢) بحسب الهوى غير ناظر في عاقبة.

وطعن بما أن السائل إذا سأل عن علماء التأويل ذكروا ابن عباس ونحوه ولم يذكروه(٣) وقد سبق جواب الجاهل عن ذلك وأتمم ذلك فأقول:

إنه قد يكون إغفال ذكره لاشتهار أمره إذ الشمس لا تحتاج إلى دال عليها ولا كاشف لها وأما أن أبا بكر وعمر لا يذكران في علماء التأويل كما قال فإن الوجه فيه عدم ضبطهما القرآن وحفظه فكيف يتأول متأول شيئا لا يحويه ولا يدريه.

وقد كان عمر رضوان الله عليه حفظ البقرة في سبع عشرة سنة وقيل في اثنتي عشرة سنة ونحر جزورا(٤) .

وهذا يوضح عذره رضوان الله عليه في عدم المعرفة بالتأويل وكذا نعذر أبا بكر(٥) في عدم المعرفة بالأب وعمر أيضا(٦) .

__________________

(١) ن: بزيادة: و.

(٢) ن: تكلم.

(٣) العثمانية: ١٢١.

(٤) عن عبد الله بن عمر، قال: تعلم عمر سورة البقرة في اثنتي عشرة سنة فلما ختمها نحر جزورا. انظر: تفسير القرطبي ١ / ٣٤ وشرح ابن ابي الحديد: ٣ / ١١١ والدر المنثور:١ / ٢١.

(٥) اخرج ابو عبيدة عن ابراهيم التيمي قال:

سئل ابو بكر عن قوله تعالى: ( وَفاكِهَةً وَأَبًّا ) ؟ فقال: اي سماء تظلني؟ او اي ارض تقلني ان قلت في كتاب الله ما لا اعلم؟ وفي لفظ القرطبي: اي سماء تظلني؟ واي ارض تقلني؟ واين اذهب؟ وكيف اصنع؟ اذا قلت في حرف من كتاب الله بغير ما اراد تبارك وتعالى.

ذكره القرطبي في تفسيره: ١ / ٢٩ الزمخشري في الكشاف: ٣ / ٢٥٣ وابن كثير في تفسيره: ١ / ٥ الخازن في تفسيره: ٤ / ٣٧٤ النسفي في تفسيره: ٨ / ٣٨٩ السيوطي في الدر المنثور: ٦ / ٣١٧ ابن حجر في فتح الباري: ١٣ / ٢٣٠.

(٦) عن انس بن مالك قال:

٢٧٦

ورجح عبد الله بن عباس في معرفة التأويل قال في معرفته ولم نجد عند أحد شطره ولا قريبا منه(١) يعرض بأمير المؤمنين.

ويكفينا في الشهادة(٢) على تكذيبه ذل الحبر المعظم ابن عباس بين يديه واستخذاؤه عند ما نبهه عليه(٣) من معنى( الْعادِياتِ ) عليه وقد سلف(٤) من طريق لا يتهم فأراد الجاحظ أن يضع من علي فرفع منه إذ كان المدعى له معرفة التأويل ضارعا عنده مستفيدا منه مقرا على نفسه بالعجز عن مداناته على ما أسلفت فأراد الجاحظ أن يذم فمدح وأن يفضح فافتضح.

__________________

ان عمر قرأ على المنبر:( فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا. وَعِنَباً وَقَضْباً. وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً. وَحَدائِقَ غُلْباً. وَفاكِهَةً وَأَبًّا ) ، قال: كل هذا عرفناه فما الاب؟ ثم رفض عصا كانت في يده فقال: هذا لعمر الله هو التكلف، فما عليك ان لا تدري ما الاب؟ اتبعوا ما بيّن لكم هداه من الكتاب فاعملوا به وما لم تعرفوه فكلوه الى ربه. وفي لفظ اخر: قال انس: بينا عمر جالس في اصحابه اذ تلا هذه الآية: ( فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا ) الى اخرها ثم قال: هذا كله عرفناه فما الاب؟ قال: وفي يده عصية يضرب بها الارض فقال: هذا لعمر الله التكلف، فخذوا ايها الناس بما بيّن لكم فاعملوا به، وما لم تعرفوه فكلوه الى ربه. وبلفظ اخر ان عمر قرأ هذه الآية فقال: كل هذا عرفناه فما الاب؟ ثم رفض عما كانت بيده وقال: هذا لعمر الله التكلف، وما عليك يا ابن ام عمر ان لا تدري ما الاب، ثم قال: اتبعوا ما تبين لكم من هذا الكتاب وما لا فدعوه وعن ثابت: ان رجلا سأل عمر بن الخطاب عن قوله: ( وَفاكِهَةً وَأَبًّا ) : ما الاب؟ فقال عمر: نهينا عن التعمق والتكلف اورد هذه الاحاديث:

ابن جرير في تفسيره: ٣٠ / ٣٨ والحاكم في المستدرك: ٢ / ٥١٤ والخطيب في تاريخ بغداد: ١١ / ٤٦٨ والزمخشري في الكشاف: ٣ / ٢٥٣ ومحب الدين الطبري في الرياض النضرة: ٢ / ٤٩ وابن الاثير في النهاية: ١ / ١٠ وابن كثير في تفسيره: ٤ / ٤٧٣ والخازن في تفسيره: ٤ / ٣٧٤ والسيوطي في الدر المنثور: ٦ / ٣١٧ والمتقى في كنز العمال: ١ / ٢٢٧ وابن حجر في فتح الباري: ١٣ / ٢٣٠ والقسطلاني في ارشاد الساري: ١٠ / ٢٩٨.

(١) العثمانية: ١٢٢.

(٢) ن: بالشهادة.

(٣) ج: تممه.

(٤) ص: (١٠٧).

٢٧٧

وأما أنه لو كانت الآية كما تزعم الروافض كما قال لعرفها ابن عباس فقد روينا عنه(١) ما يشهد بما حاولناه من غير طريق الروافض كما زعم وأراه إشارة إلى قوله تعالى( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) الآية. ادعى أن العثمانية فضلت أبا بكر على علي بما أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سماه الصديق قال ولم يسم النبي عليا باسم يبينه(٢) به(٣) .

وهذا قول جاهل بالسيرة أو معاند وكلا القسمين يمنعان ذا الدين أن يجاري أهل الفضل في ميادينه ويساميهم في براهينه إذ قد روى المحدثون من غيرنا أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بانه بكونه أمير المؤمنين(٤) ذكر أخي السعيد رضى

__________________

(١) ن: عليه.

(٢) في المصدر: ينسبه.

(٣) العثمانية: ١٢٢.

(٤) روى ابو نعيم الاصفهاني في حلية الاولياء ١ / ٦٣ بسنده عن انس قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ]: يا انس اسكب لي وضوءا ثم قام فصلى ركعتين ثم قال: يا انس اول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين وخاتم الوصيين قال انس: قلت: اللهم اجعله رجلا من الانصار وكتمته اذ جاء علي فقال: من هذا يا انس؟ فقلت: علي فقام مستبشرا فاعتنقه ثم جعل يمسح عرق وجهه ويمسح عرق وجه علي بوجهه قال علي: يا رسول الله لقد رايتك صنعت بي شيئا ما صنعت بي من قبل قال وما يمنعني وانت تودي عني وتسمعهم صوتي وتبين لهم ما اختلفوا فيه من بعدي.

وروى الحديث بعين ما تقدم:

الخوارزمي في مناقبه: ٤٢ وكمال الدين الشافعي في مطالب السوول: ٢١ والحمويني في فرائد السمطين: ١ / ١٤٥ وابن عساكر في ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق: ٢ / ٢٥٩.

وفي تاريخ بغداد: ١٣ / ١٢٢ بسنده عن ابن عباس قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم: ليس في القيامة راكب غيرنا ونحن اربعة فقام عمه العباس فقال له: فداك ابي وامي انت ومن؟ قال: اما انا فعلى دابة الله البراق، واما اخي صالح على ناقة الله التي عقرت، وعمي حمزة اسد الله واسد رسوله على ناقتي العضباء، واخي

٢٧٨

الدين (١) قدس الله تعالى روحه فيما سطره إلي ما صورته

__________________

وابن عمي وصهري علي بن ابي طالب على ناقة من نوق الجنة.

( الى ان قال ) فلا يمر بملأ من الملائكة الا قالوا: هذا ملك مقرب، أو نبي مرسل، أو حامل عرش رب العالمين، فينادي مناد من لدنان العرش - او قال: من بطنان العرش - ليس هذا ملكا مقربا، ولا نبيا مرسلا، ولا حامل عرش رب العالمين، هذا علي بن ابي طالب أمير المؤمنين وامام المتقين وقائد الغر المحجلين الى جنان رب العالمين، افلح من صدقه، وخاب من كذبه، ولو ان عابدا عبد الله بين الركن والمقام الف عام والف عام حتى يكون كالشن البالي ولقي الله مبغضا لآل محمد اكبه الله على منخره في نار جهنم.

وفي مناقب اخطب خطباء خوارزم: ٨٦ بسنده عن ابن عباس قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] هذا علي بن ابي طالب لحمه من لحمي ودمه من دمي وهو مني بمنزلة هارون من موسى غير انه لا نبي بعدي وقال يا ام سلمة اشهدي واعلمي واسمعي هذا علي أمير المؤمنين وسيد المسلمين وعيبة علمي وبابي الذي اوتى منه، اخي في الدين وخدني في الآخرة ومعي فى السنام الاعلى.

(١) هو السيد رضي الدين ابو القاسم علي بن موسى بن جعفر الحسني اخو المؤلف.

عالم زاهد فقيه ورع اديب شاعر صاحب الكرامات والمقامات العالية.

قال عنه العلامة في بعض اجازاته: وكان رضي الدين علي صاحب كرامات حكى لي بعضها وروى لي والدي البعض الاخر.

وقال في موضع اخر: ان السيد رضي الدين كان ازهد اهل زمانه. وقال عنه الحر العاملي في امل الامل: ٢ / ٢٠٥:

حاله في العلم والفضل والزهد والعبادة والثقة والفقه والجلالة والورع اشهر من ان يذكر وكان ايضا شاعرا اديبا منشئا بليغا.

وقال عنه الامين في اعيان الشيعة: ٨ / ٣٥٨.

وكان ابرز اعلام هذه الاسرة - يعني اسرة بني طاووس - السيد النقيب رضي الدين علي بن سعد الدين ابي ابراهيم موسى بن جعفر ( الى ان قال ) ولد قبل ظهر يوم الخميس منتصف المحرم سنة ٥٨٩ بالحلة وبها نشأ وترعرع ثم عد من كتبه ٤٨ كتابا.

ثم قال عنه: كان رضي الدين على جانب كبير من العلم والفضل والمعرفة كما تشهد به مؤلفاته واثاره واقوال المؤرخين والرجاليين الذين ترجموا له.

توفي سنة ٦٦٤ وحمل الى مشهد جده علي بن ابي طالب عليه‌السلام .

٢٧٩

ومن جملته باب فيها كتاب له أول بخطبة وأخر نحو سبع كراريس تضمنت مائة وخمسة أحاديث عن ثمانية عشر شيخا برجالهم إلا شاذا عسى فيه بعض رجالهم كما ذكر من عدها في تسمية مولانا علي صلوات الله عليه في حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) بأمير المؤمنين(٢) منها ما سماه الله تعالى(٣) جلاله به(٤) ومنها ما سماه جبرئيلعليه‌السلام به(٥) ومنها ما سماه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالوحي.

ومنها ما قاله ولم يذكر أنه أوحى إليه(٦) .

ومنها ما سماه به(٧) حيوان صامت.

ومنها ما سماه به جماد بإذن الله جل جلاله وذكر غير هذا.

وفي بعض ما ذكرت مقنع إذ هو في مقابلة دعوى لا أصل لها.

ثم من طريف الأمور أن يدعي إجماع المسلمين على هذا الاسم وأنه لأبي بكر دون غيره(٨) .

واعلم أن الذي يرد على عدو السنة فيما قال ما رواه الشيخ الثقة يحيى

__________________

ترجم له كثيرون من ارباب التراجم منهم:

الحر العاملي في امل الامل: ٢ / ٢٠٥ والامين في اعيان الشيعة: ٨ / ٣٥٨ لؤلؤة البحرين: ٢٣٥ مقدمة البحار: ١ / ١٤٣ روضات الجنات: ٤ / ٣٢٥.

(١) ما بين القوسين لا يوجد في: ن.

(٢) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ق.

(٣) ن بزيادة: جل.

(٤) لا يوجد في: ق.

(٥) لا توجد في: ن.

(٦) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(٧) لا توجد في: ج وق.

(٨) العثمانية: ١٢٣.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534