بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية11%

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية مؤلف:
المحقق: السيد علي العدناني الغريفي
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 534

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية
  • البداية
  • السابق
  • 534 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 184147 / تحميل: 7011
الحجم الحجم الحجم
بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

طريقا ونقله مسلم بن الحجاج(١) ومسلم بن الهيثم(٢) النيسابوري.

ورواه أبو نعيم الحافظ في كتابه حلية الأولياء(٣) .

نقله الفقيه العدل أبو الحسن علي بن خمارويه(٤) الشافعي الواسطي(٥) من اثنين وسبعين طريقا منهم نساء ست منهم(٦) فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعائشة بنت أبي بكر الصديق(٧) (٨) وفاطمةبنت حمزة بن عبد المطلب وأم سلمة زوج النبيعليه‌السلام وأم هانئ بنت أبي طالب وأسماء بنت عميس الخثعمية.

ورواه أبو العباس أحمد بن عقدة(٩) من مائة طريق.

قال الفقيه برهان الدين حجة الإسلام أبو جعفر محمد بن علي

__________________

(١) صحيح مسلم: ٧ / ١٢٢ و ١٢٣ ومسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري صاحب الصحيح احد الائمة الحفاظ عند العامة وهو مشهور معروف لا يحتاج الى ترجمة وافية توفي في شهر رجب سنة ٢٦١ ه‍ بنيسابور وعمره خمس وخمسون سنة وترجمته موجودة في اغلب كتب التراجم.

(٢) ن: هيثم. لم اعثر على ترجمة له.

(٣) حلية الاولياء: ٤ / ٢٣.

(٤) ن: كما رويه.

(٥) لم اعثر على ترجمة له.

(٦) ن: منهن.

(٧) لا توجد في: ن.

(٨) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ق.

(٩) احمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن بن ابراهيم بن زياد بن عبد الله بن عجلان، ابو العباس الكوفي الحافظ العلامة احد اعلام الحديث ونادرة الزمان. وعقدة لقب لابيه النحوي البارع محمد بن سعيد ولقب بذلك لتعقيده في التصريف.

ولد ابو العباس في سنة ٢٤٩ بالكوفة وسمع من محمد بن عبيد الله بن المنادي وعلي بن داود القنطري وغيرهما. روى عنه الطبراني وابن عدي وابو بكر بن الجعابي وابو علي النيسابوري وابو احمد الحاكم سير اعلام النبلاء: ١٥ / ٣٤٠ تاريخ بغداد: ٥ / ١٤ ميزان الاعتدال: ١ / ١٣٦ الوافي بالوفيات: ٧ / ٣٩٥ لسان الميزان: ١ / ٢٦٣.

٣٠١

الحمداني(١) القزويني(٢) سمعت بعض أصحاب أبي حنيفة يقول شاهدت بالكوفة شابا بيده مجلدة يذكر فيها روايات هذا الكتاب مكتوب عليه المجلدة الثامنة والعشرون من طريق خبر قولهعليه‌السلام من كنت مولاه فعلي مولاه ويتلوه في المجلدة التاسعة أخبرني.

وقد رأيت الاقتصار على هذا فكيف يتقدر من ذي لب أن يتهم هؤلاء ولا أعرفهم متهمين ولا رافضة كما يزعم عدو أمير المؤمنينعليه‌السلام قال الحافظ المعظم أبو عمر صاحب كتاب الاستيعاب الشاطبي وليس من الروافض في شيء وروى(٣) أبو هريرة وجابر والبراء بن عازب وزيد بن أرقم كل واحد منهم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال يوم غدير خم من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وبعضهم لا يزيد على من كنت مولاه فعلي مولاه(٤) (٥) .

وروى سعد بن أبي وقاص وأبو هريرة وسهل بن سعد وبريدة الأسلمي وأبو سعيد الخدري وعبد الرحمن(٦) بن عمر وعمران بن الحصين(٧) وسلمة بن الأكوع كلهم بمعنى واحد عن النبي ص

__________________

(١) ن: الحملاني وج وق: الجملاني والصحيح ما اثبتناه.

(٢) هو محمد بن علي بن ظفر بن علي الحمداني القزويني، عالم مفسر واعظ، صالح. ذكره الطهراني في الثقات العيون وعد له عدة مؤلفات.

ووصفه الميرزا عبد الله الافندي بالفاضل الثقة الجليل. وذكر ان العلامة الحلي يروي بواسطتين عنه. ويروى هو عن الشيخ منتجب الدين.

انظر: الثقات العيون: ٢٧٤ ورياض العلماء: ٥ / ١٢٢ وفهرست منتجب الدين: ١٦١.

(٣) في المصدر: بريدة وابو هريرة.

(٤) ما بين القوسين لا يوجد في: ق.

(٥) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(٦) في المصدر: عبد الله.

(٧) ن: الحسين.

٣٠٢

أنه قال يوم خيبر لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ليس بفرار يفتح الله على يديه ثم دعا له(١) وهو أرمد فتفل في عينيه وأعطاه الراية ففتح الله عليه.

قال أبو عمر وهي كلها آثار ثابتة(٢) وأما قولهعليه‌السلام أنت

__________________

(١) في المصدر: دعا بعلي.

(٢) الاستيعاب: ٣ / ١٠٩٩ و ١١٠٠

هذا وقد ذكر حديث الراية طائفة كبيرة من علماء العامة ومحدثيهم ونحن نذكر قسما منها: صحيح البخاري في كتاب الجهاد والسير في باب ما قيل في لواء النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم: ٤ / ٦٤.

روى بسنده عن سلمة بن الاكوع قال: كان علي عليه‌السلام تخلف عن النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم في خيبر، وكان به رمد، فقال: انا اتخلف عن رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم فخرج علي عليه‌السلام فلحق بالنبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم فلما كان مساء الليلة التي فتحها في صباحها فقال رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم: لاعطين الراية - او قال: ليأخذن - غدا رجل يحب الله ورسوله - او قال: يحبه الله ورسوله - يفتح الله عليه فاذا نحن بعلي عليه‌السلام وما نرجوه، فقالوا: هذا علي، فاعطاه رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ففتح الله عليه.

ورواه ايضا في كتاب بدء الخلق في باب مناقب علي بن ابي طالب ٥ / ٢٢ وباب غزوة خيبر ٥ / ١٧١.

ورواه مسلم ايضا في صحيحه في كتاب فضائل الصحابة في باب من فضائل علي بن ابي طالب عليه‌السلام : ٤ / ١٨٧٢.

ورواه البيهقي في سننه: ٦ / ٣٦٢ وابو نعيم في حلية الاولياء: ١ / ٢٦.

وروى ايضا البخاري في صحيحه في كتاب الجهاد والسير في باب فضل من اسلم على يديه رجل: ٤ / ٧٣ روى بسنده عن سهل بن سعد قال: قال النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم يوم خيبر: لاعطين الراية غدا رجلا يفتح على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، فبات الناس ليلتهم ايهم يعطي فغدوا كلهم يرجوه، فقال: اين علي؟ فقيل يشتكي عينيه فبصق في عينيه ودعا له فبرئ كان لم يكن به وجع فاعطاه فقال: اقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم الى الإسلام واخبرهم بما يجب عليهم فو الله لان يهدي الله بك رجلا خير لك من ان يكون لك حمر النعم.

ورواه ايضا مسلم في صحيحه في كتاب فضائل الصحابة في باب من فضائل علي بن ابي طالب

٣٠٣

مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي فإن الحافظ المعظم صاحب

__________________

عليه‌السلام : ٤ / ١٨٧٢ واحمد بن حنبل في مسنده ٥ / ٣٢٢ والنسائي في خصائصه: ص ٦.

صحيح مسلم في كتاب الجهاد والسير في باب غزوة ذي قرد: ٣ / ١٤٤٠.

روي بأسانيد متعددة عن عكرمة بن عمار عن اياس بن سلمة عن ابيه ( وساق الحديث الى ان قال ) فلما قدمنا خيبر قال: خرج ملكهم مرحب يخطر بسيفه ويقول:

قد علمت خيبر اني مرحب

شاكى السلاح بطل مجرب

اذا الحروب اقبلت تلهب

قال: وبرز له عمي عامر فقال:

قد علمت خيبر اني عامر

شاكى السلاح بطل مغامر

قال: فاختلفا ضربتين فوقع سيف مرحب في ترس عامر وذهب عامر يسفل له فرجع سيفه على نفسه فقطع اكحله فكانت فيها نفسه ( الى ان قال ) ثم ارسلني - اي النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم - الى علي عليه‌السلام وهو ارمد فقال: لاعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله - او يحبه الله ورسوله - قال: فاتيت عليا عليه‌السلام فجئت به اقوده وهو ارمد حتى اتيت به رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم فبصق في عينيه فبرئ واعطاه الراية وخرج مرحب فقال:

قد علمت خيبر اني مرحب

شاكى السلاح بطل مجرب

اذا الحروب اقبلت تلهب

فقال علي عليه‌السلام :

انا الذي سمتني امي حيدرة

كليث غابات كريه المنظره

اوفيهم بالصاع كيل السندره

ورواه ايضا احمد بن حنبل في مسنده: ٤ / ٥١ وابن سعد في طبقاته ج ٢ القسم ١ ص ٨٠ وابن عبد البر في الاستيعاب: ٢ / ٤٥٠ والمتقي في كنز العمال: ٥ / ٢٨٤ والمحب الطبري في الرياض النضرة: ٢ / ١٨٥.

وايضا صحيح مسلم في كتاب فضائل الصحابة في باب من فضائل علي بن ابي طالب عليه‌السلام : ٤ / ١٨٧١.

روى بسنده عن ابي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم قال يوم خيبر: لاعطين هذه الراية رجلا يحب الله ورسوله يفتح الله على يديه.

قال عمر بن الخطاب: ما احببت الامارة الا يومئذ قال: فتساورت لها رجاء ان ادعى لها قال:

فدعا رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم علي بن ابي طالب عليه‌السلام فاعطاه اياه وقال:

٣٠٤

كتاب الاستيعاب المغربي قال رواه جماعة من الصحابة وهو من أثبت الآثار

__________________

امش ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك، قال: فسار عليعليه‌السلام شيئا ثم وقف ولم يلتفت فصرخ يا رسول الله على ماذا اقاتل الناس؟ قال: وقاتلهم حتى يشهدوا ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله، فاذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دمائهم واموالهم الا بحقها وحسابهم على الله.

رواه ايضا احمد بن حنبل في مسنده: ٢ / ٣٨٤ وابو داود الطيالسي في مسنده: ١٠ / ٣٢٠ وابن سعد في طبقاته: ج ٢ القسم ١ ص ٨٠ والمتقي في كنز العمال: ٥ / ٢٨٥ والنسائي في خصائصه ص ٦ والخطيب في تاريخ بغداد: ٨ / ٥.

صحيح ابن ماجة في باب فضائل اصحاب رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم: ص ١٢.

روى بسنده عن عبد الرحمن بن ابي ليلى قال: كان ابو ليلى يسير مع علي عليه‌السلام فكان يلبس ثياب الصيف في الشتاء وثياب الشتاء في الصيف فقلنا له: لو سألته فقال: ان رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم بعث اليّ وانا ارمد العين يوم خيبر قلت: يا رسول الله اني ارمد العين فتفل في عيني ثم قال: اللهم اذهب عنه الحر والبرد، قال: فما وجدت حرا ولا بردا بعد يومئذ، وقال: لابعثن رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ليس بفرار، فتشرف له الناس فبعث الى علي عليه‌السلام فاعطاه اياه.

ورواه ايضا احمد بن حنبل في مسنده: ١ / ٩٩ و ١٣٣ والنسائي في خصائصه: ص ٥ باختلاف في اللفظ والمتقي في كنز العمال: ٦ / ٣٩٤ ايضا باختلاف في اللفظ.

وروى المتقي في كنز العمال: ٥ / ٢٨٤ الحديث وقال فيه: فبعث رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم عمر بن الخطاب بالناس فلقي اهل خيبر فردوه وكشفوه هو واصحابه فرجعوا الى رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم يجبن اصحابه ويجبنه اصحابه فقال رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم: لاعطين اللواء غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فلما كان الغد تصادر لها ابو بكر وعمر فدعا عليا عليه‌السلام ( وساق الحديث الى اخره ).

ورواه ايضا الطبري في تاريخه: ٢ / ٣٠٠ بطريقين والهيثمي في مجمعه: ٦ / ١٥٠ والنسائي في خصائصه: ص ٥ والمحب الطبري في الرياض النضرة: ٢ / ١٨٧. وروى احمد بن حنبل في مسنده: ٥ / ٣٥٣.

بسنده عن بريدة قال: حاصرنا خيبر فاخذ اللواء ابو بكر فانصرف ولم يفتح له، ثم اخذه من الغد فخرج فرجع ولم يفتح له، واصاب الناس يومئذ شدة وجهد، فقال رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم: اني دافع اللواء غدا، الى رجل يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله لا يرجع حتى يفتح له، فبتنا طيبة انفسنا ان الفتح غدا، فلما ان اصبح رسول الله صلى الله عليه ( وآله )

٣٠٥

وأصحها رواه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سعد بن أبي وقاص وطريق حديث سعد فيه كثيرة جدا(١) قد ذكرها ابن أبي خيثمة وغيره.

ورواه ابن عباس وأبو سعيد الخدري وأم سلمة وأسماء بنت عميس وجابر بن عبد الله وجماعة يطول ذكرهم(٢) .

وأرى ابن مردويه الشيخ المقدم الحافظ رواه في نحو كراستين.

ورواه الشيخ المعظم ابن البطريق في نحو كراسة(٣) .

وممن رواه الشيخ المعظم ربع السنة أحمد بن حنبل(٤) والبخاري(٥) ،

__________________

وسلّم صلى الغداة ثم قام قائما فدعا باللواء والناس على مصافهم، فدعا علياعليه‌السلام وهو ارمد فتفل في عينيه ودفع اليه اللواء وفتح له، قال بريدة: وانا فيمن تطاول لها.

ورواه ايضا النسائي في خصائصه: ص ٥ بزيادة مختصرة والمحب الطبري في الرياض النضرة: ٢ / ١٨٧ والهيثمي في مجمعه: ٦ / ١٥٠ والمتقي في كنز العمال: ٥ / ٢٨٣ .

هذا بالاضافة الى مصادر اخرى ذكرت الحديث باختلاف في الألفاظ ونحن نذكر اسماءها اختصارا، صحيح مسلم في كتاب فضائل الصحابة في باب من فضائل علي بن ابي طالب عليه‌السلام بسنده عن عامر بن سعد بن ابي وقاص عن ابيه ضمن حديث. صحيح الترمذي: ١ / ٢١٨ ومجمع الزوائد: ٩ / ١٢٤ صحيح ابن ماجة: ص ١٢ بسنده عن ابن سالط عن سعد ابن ابي وقاص مستدرك الصحيحين: ٣ / ٣٨ و ٣ / ٤٣٧ مسند احمد بن حنبل: ١ / ٣٢٠ بسنده عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس، حلية الاولياء ١ / ٦٢ كنز العمال: ٥ / ٢٨٣ و ٢٨٥ و ٣٩٥.

(١) ن بزيادة: و.

(٢) الاستيعاب: ٣ / ١٠٩٧.

(٣) عمدة عيون صحاح الاخبار: ١٢٦ الى ١٣٨.

(٤) مسند احمد بن حنبل: ١ / ١٧٣ و ١٧٥ و ١٧٧ و ١٨٤ و ٦ / ٢٣٠ و ٣٦٩ وكذلك اورده في فضائله:٢ / ٥٦٦ و ٥٦٧ حديث ٩٥٤ و ٢ / ٥٦٨ حديث ٩٥٧. و ٢ / ٦١١ و ٦١٢ حديث ١٠٤٥ و ٢ / ٦٤٢ حديث ١٠٩١ و ٢ / ٦٧٠ حديث ١١٤٣ و ٢ / ٦٧٥ حديث ١١٥٣.

(٥) صحيح البخاري: في كتاب بدء الخلق في باب غزوة تبوك: ٦ / ٣.

٣٠٦

ومسلم(١) .

وأما حديث الطائر فرواه الشيخ الحافظ المعظم يحيى بن البطريق(٢) عن ربع السنة ابن حنبل(٣) وعن الشيخ الحافظ ابن المغازلي(٤) ومن الجمع بين الصحاح الستة لرزين العبدري من الجزء الثالث في باب مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام من صحيح أبي داود السجستاني وهو كتاب السنن(٥) .

أقول مجموع الروايات نحو خمس قوائم.

قال الشيخ المعظم يحيى بن البطريق(٦) قال ابن المغازلي قال

__________________

بسنده عن مصعب بن سعد عن ابيه وايضا في كتاب بدء الخلق في باب مناقب علي بن ابي طالبعليه‌السلام : ٥ / ١٩ بسنده عن ابراهيم بن سعد عن ابيه بحذف ( الا انه ليس نبي بعدي ).

ورواه ايضا الطيالسي في مسنده: ١ / ٢٩ وابو نعيم في حلية الاولياء: ٧ / ١٩٥ و ١٩٦ بطرق عديدة والطحاوي في مشكل الاثار: ٢ / ٣٠٩، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد: ١١ / ٤٣٢ بطريق، والنسائي في خصائصه: ١٦.

(١) صحيح مسلم في كتاب فضائل الصحابة في باب من فضائل علي بن ابي طالبعليه‌السلام :بسنده عن سعيد بن المسيب عن عامر بن سعد بن ابي وقاص عن ابيه. وايضا في كتاب فضائل الصحابة في باب من فضائل علي بن ابي طالب عليه‌السلام : ورواه ايضا الترمذي في صحيحه: ٢ / ٣٠٠ وابن الاثير في اسد الغابة: ٤ / ٢٦ وابن سعد في طبقاته: ج ٣ ق ١ ص ١٤ و ١٥ والهندي في كنز العمال: ٣ / ١٥٤ و ٥ / ٤٠ و ٦ / ٤٠٥ و ٨ / ٢١٥ والهيثمي في مجمع الزوائد: ٩ / ١٠٩ و ١١٠ و ١١١ والمحب الطبري في الرياض النضرة: ٢ / ١٦٢ و ١٦٤ و ١٩٥ وكذلك ورد في ذخائر العقبى: ١٢٠.

(٢) عمدة عيون صحاح الاخبار: ٢٤٢.

(٣) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل: ٢ / ٥٦٠ و ٥٦١ حديث ٩٤٥.

(٤) مناقب ابن المغازلي: ١٥٦ حتى ١٧٥ احاديث ١٨٩ الى ٢١٢.

(٥) عنه عمدة عيون صحاح الاخبار: ٣٥٢.

(٦) عمدة عيون صحاح الاخبار: ٢٤٦.

٣٠٧

أسلم روى هذا الحديث عن أنس بن مالك يوسف بن إبراهيم الواسطي وإسماعيل بن سليمان الأزرق و(١) الزهري وإسماعيل السدي(٢) وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة وثمامة بن عبد الله بن أنس وسعيد بن زربي(٣) .

قال ابن سمعان سعيد بن زربي إنما(٤) حدث به عن ثابت عن أنس.

وقد روى جماعة عن أنس منهم سعيد بن المسيب وعبد الملك بن عمير ومسلم الملائي(٥) وسليمان بن حجاج(٦) الطائفي وابن أبي الرجاء(٧) الكوفي(٨) أبو الهندي وإسماعيل بن عبد الله بن جعفر ونعيم(٩) بن سالم بن هبيرة(١٠) وغيرهم.

قال ابن سمعان وهم أسلم(١١) في قوله سعيد بن زربي لأن سعيد بن زربي(١٢) إنما حدث به عن ثابت البناني(١٣) عن أنس(١٤) . وأما حديث المؤاخاة

__________________

(١) اثبتناه من المصدر.

(٢) كل النسخ: اسماعيل بن السدي.

(٣) مناقب ابن المغازلي: ١٦ - ٢٧.

(٤) ما بين المعقوفتين اثبتناه من المصدر.

(٥) في النسخ: الملاي.

(٦) في المصدر: الحجاج.

(٧) في المصدر: الرجال.

(٨) في المصدر: المدني.

(٩) في المصدر: يغنم.

(١٠) ن: قبيرة. والمصدر: قنبر.

(١١) في المصدر: ووهم ابن اسلم.

(١٢) ن: الزربي.

(١٣) ن: البنائي.

(١٤) مناقب ابن المغازلي: ١٥٩ و ١٦٠.

٣٠٨

فإن الشيخ العالم الفاضل يحيى بن البطريق رواه(١) عن الشيخ المقدم ربع السنة أحمد بن حنبل رفعه(٢) إلى سعيد بن المسيب أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم آخى بين أصحابه فبقي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبقي أبو بكر وعمر وعلي فآخى بين أبي بكر وعمر وقال لعليعليه‌السلام أنت أخي(٣) .

وفي حديث آخر أن عليا لما قال(٤) آخيت بين الناس وتركتني قال ولمن تراني تركتك إنما تركتك لنفسي(٥) .

وفي حديث آخر عن زيد بن أبي أوفى(٦) نحو الأول وفيه زوائد عدة منها وأنت معي في قصري في الجنة مع ابنتي فاطمة وأنت أخي ورفيقي(٧)

__________________

(١) عمدة عيون صحاح الاخبار: ١٦٦.

(٢) ق ون: يرفعه.

(٣) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل: ٢ / ٥٩٧ حديث ١٠١٩ وفي المصدر بزيادة: وانا اخوك.

(٤) ن بزيادة: له.

(٥) والحديث في فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ٢ / ٦١٦ حديث ١٠٥٥ قال:

حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل قال: حدثنا احمد بن الحسن بن عبد الجبار قال: حدثنا ابو عمر، سهل بن زنجلة الرازي، قال: حدثنا الصباح بن محارب، عن عمر بن عبد الله عن ابيه، عن جده: ان النبي (ص) اخا بين الناس وترك عليا حتى بقي اخرهم لا يرى له اخا فقال: يا رسول الله اخيت بين الناس وتركتني؟ قال: ولم تراني تركتك؟ وانما تركتك لنفسي، انت اخي وانا اخوك، فان ذاكرك احد فقل: انا عبد الله واخو رسول الله لا يدعيها بعدك الا كذاب.

(٦) ق وج: زيد بن ادمي. ن: ابن ابي ادمي.

(٧) وقد ذكره احمد بن حنبل في فضائله: ٢ / ٦٣٨ حديث ١٠٨٥ قال:

حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل، قال: حدثنا حسين بن محمد الزارع قال: حدثني عبد المؤمن بن عباد، حدثني يزيد بن معنى، عن عبد الله بن شرحبيل عن زيد بن ابي اوفى قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلّم في مسجده فذكر قصة مواخاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بين اصحابه فقال علي: - يعني للنبي (ص) -: لقد ذهبت روحي وانقطع ظهري حين رايتك فعلت باصحابك ما فعلت غيري فان كان هذا من سخط علي،

٣٠٩

ورواه بإسناده أيضا من طريق حذيفة(١) .

ورواه عن ابن المغازلي(٢)

__________________

فلك العتبى والكرامة، فقال رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلّم: والذي بعثني بالحق، ما اخرتك الا لنفسي، فانت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي، وانت اخي ووارثي قال: فقال: وما ارث منك يا رسول الله؟ قال: ما ورث الانبياء من قبلي، قال: وما ورث الانبياء قبلك؟ قال: كتاب الله وسنة نبيهم وانت معي في قصري في الجنة، مع ابنتي فاطمة وانت اخي ورفيقي تم تلا رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم:( إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ ) المتحابون في الله ينظر بعضهم الى بعض.

(١) ذكره ابن المغازلي في مناقبه: ٣٨.

أخبرنا ابو غالب: محمد بن احمد بن سهل النحوي يرفعه الى سعد بن حذيفة عن ابيه حذيفة بن اليمان قال: اخا رسول الله (ص) بين أصحابه الى ان قال: فقال: هذا اخي قال حذيفة فرسول الله (ص) سيد المرسلين وامام المتقين ورسول رب العالمين الذي ليس له في الانام شبيه ولا نظير ورسول الله (ص) وعلي بن ابي طالب اخوان.

(٢) مناقب ابن المغازلي ( نقلا عن كتاب عمدة ابن البطريق: ١٦٩ ) قال:

اخبرنا ابو الحسن بن احمد بن المظفر العطار، قال: اخبرنا ابو محمد بن السقاء، واخبرنا ابو الحسن بن علي بن عبيد الله بن القصبات البيع الواسطي فيما اذن لي في روايته عنه قال: حدثني ابو بكر محمد بن زكريا بن ادويد العبدي، قال: حدثني حميد الطويل، عن انس، قال:

لما كان يوم المباهلة، واخى النبي (ص) بين المهاجرين والانصار، وعلي واقف يراه ويعرف مكانه، لم يواخ بينه وبين احد، فانصرف علي باكي العين، فافتقده النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم فقال: ما فعل ابو الحسن؟ فقالوا: انصرف بكاكي العين يا رسول الله، قال: يا بلال اذهب، فاتني به، فمضى بلال الى علي عليه‌السلام وقد دخل منزله باكي العين، فقالت فاطمة: ما يبكيك؟ لا ابكى الله عينيك، قال: يا فاطمة اخى النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم بين المهاجرين والانصار وانا واقف يراني، ويعرف مكاني ولم يواخ بيني وبين احد، قالت: لا يحزنك الله، لعله انما ادخرك لنفسه، فقال بلال: يا علي اجب النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم، فاتى علي النبي (ص) فقال النبي (ص): ما يبكيك يا ابا الحسن؟ قال: آخيت بين المهاجرين والانصار يا رسول الله، وانا واقف تراني وتعرف مكاني، لم تواخ بيني وبين احد، قال: انما ادخرتك لنفسي، اما يسرك ان تكون اخا نبيك؟ قال: بلى يا رسول الله انى ليّ بذلك، فاخذه بيده وارقاه المنبر فقال: اللهم ان هذا مني وانا منه الا وانه مني بمنزلة هارون من موسى، الا، من كنت مولاه فهذا علي مولاه، قال: فانصرف علي قرير العين، فاتبعه عمر بن

٣١٠

من عدة طرق(١) .

ورواه من الجمع بين الصحاح الستة لرزين العبدري من الجزء الثالث في باب مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام من سنن أبي داود وصحيح الترمذي(٢) قال عن ابن عمر لما آخى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين أصحابه جاء عليعليه‌السلام تدمع عيناه فقال يا رسول الله آخيت بين أصحابك(٣) ولم تؤاخ بيني وبين أحد قال فسمعت النبيعليه‌السلام يقول أنت أخي في الدنيا والآخرة(٤) .

وأقول إن الشيخ الحافظ ابن مردويه رواه في نحو سبع قوائم(٥) وليس هذا الكتاب جمع الفضائل إذ ذلك لا ينحصر وإنما ذكرنا ما ينبه على غرضنا ويدل عليه.

ولنذكر الآن ما أورده الجاحظ على هذه المتون ونتكلم عليه إن شاء الله تعالى. قال إن قولهعليه‌السلام وعاد من عاداه إنما سمعناه من

__________________

الخطاب فقال: بخ بخ يا ابا الحسن اصبحت مولاي ومولى كل مسلم. اقول: ان غاية المرام: ١١٢ نقله ايضا عن ابن المغازلي ولكنه لا يوجد في مناقبه المطبوع.

(١) فقد نقل الحديث عن ابن عمر وابن عباس وحذيفة بن اليمان وابي الحمراء انظر مناقب ابن المغازلي: ٣٧ و ٣٨ و ٣٩.

(٢) صحيح الترمذي: ٢ / ٢٩٩.

(٣) ق: اصحابي.

(٤) عمدة عيون صحاح الاخبار: ١٧٢ نقلا عن الجمع بين الصحاح الستة.

(٥) وروى حديث المواخاة طائفة من علماء العامة ومحدثيهم وذكروها في كتبهم منها: صحيح ابن ماجة: ١٢ ومستدرك الصحيحين بثلاث طرق: ٣ / ١٤ و ٣ / ١٢٦ و ٣ / ١٥٩ ومسند احمد بن حنبل بطريقين: ١ / ١٥٩ و ٢٣٠ وطبقات ابن سعد: ٨ / ١١٤ وج ٣ ق ١ ص ١٣ وكنز العمال.

٦ / ٣٩٤ و ٤٠٠ و ٣ / ١٥٥ و ١٥٤ والرياض النضرة: ١ / ١٣ و ١٥ و ١٧ و ٢ / ١٦٨ و ٢٠١ وذخائر العقبى: ٩٢ واسد الغابة: ٣ / ٣١٧ والاستيعاب: ٢ / ٤٦٠ وحلية الاولياء: ٧ / ٢٥٦ وتاريخ بغداد: ١٢ / ٢٦٨ والصواعق المحرقة: ٧٤ و ٧٥ ومجمع الزوائد: ٩ / ١٢١ والاصابة: ج ٨ ق ١ ص ١٨٣.

٣١١

الشيع(١) ولم نجد له أصلا في الحديث المحمول(٢) .

والذي يقال على هذا إن الجاحظ متهم فيما تقوله(٣) وهذا لا شبهة فيه وهو جاهل بالقرآن والسنة مدع المحال بيانه:

أنه جهل أن في القرآن( فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ ) (٤) وادعى الإجماع على أن قوله تعالى( وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما ) (٥) نزل(٦) في عبد الرحمن بن أبي بكر وكذبته عائشة.

وادعى الإجماع على أن قوله تعالى( فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى ) (٧) نزل في أبي بكر.

ويرد عليه العيان وكذا غير هذا مما ادعى فيه الإجماع ولا نعرفه في الآحاد وقد أسلفنا قواعد الحديث جلية من جهة القوم ثابتة جدا.

وكذا ادعى أن قولهعليه‌السلام أنت مني بمنزلة هارون من موسى لم يروه إلا شخص(٨) وهو كذب صريح يرد عليه العيان وقد أسلفت ذلك.

وقد أوردت من قواعد الحديث على عين ما أنكره جملة كافية ويكفي في ثبوت ذلك كون المعظم ربع السنة ارتضى الرواية(٩) وهو أعلم بالحديث منه ولا نسبة بينه وبينه وقد أسلفت من طريق أبي عمر الشاطبي صاحب كتاب

__________________

(١) ن: الشيعة.

(٢) العثمانية: ١٤٤.

(٣) ق ون: يقوله.

(٤) الفتح: ٢٥.

(٥) الاحقاف: ١٧.

(٦) ق: نزلت.

(٧) الليل: ٥.

(٨) العثمانية: ١٥٨.

(٩) مر ذلك ص: (١٥١).

٣١٢

الاستيعاب الخبير العارف المعظم الذي لا يتهم وليس من الرفض في شيء أن هذه الصورة التي أنكرها ثابتة(١) فظهر كذب ملقح الفتن.

وأما الرواية من طريق ابن مردويه فتكاد تلحق بالتواتر.

وقال إن قولهعليه‌السلام من كنت وليه فعلي وليه يشركه فيه سعد بن معاذ(٢) وكذب لأن اللفظة إما أن يريد بها الأولى أو الناصر فإن كان الأول امتنع إجماعا إذ ما عرفنا بشرا يقول عن بشر إنه يقول كل من كان الرسول أولى به فإن سعدا أولى به وإن كان يريد الناصر فمن أين اقتحم وقال إن كل من نصرته فإن سعدا ناصره هذا قول سفيه يتقحم في مساقط الزلل عيانا أو سفها.

ثم إنه عدل عن قولهعليه‌السلام مولاه إلى وليه(٣) وقد روينا الرواية صريحة بمولاه(٤) وقال إنهم رووا لعلي كلاما قبيحا(٥) .

والذي أقول على عدو الله وعدو رسوله ساب الله ورسوله المنافق بالنص الصحيح عند القوم ملعون القنابر على ما رويت من جهة من لا يتهم(٦) إذ صورة هذا الكلام يقتضي بغضته(٧) أمير المؤمنينعليه‌السلام وذلك ثمرته.

أقول من الذي روى ومن الذي قال ولأن فتح باب رووا(٨) فلنا

__________________

(١) مرّ سلفا ص: (١٥١).

(٢) العثمانية: ١٤٥.

(٣) فان الجاحظ قال: وثانية، انه لم يقل من كنت مولاه وقال: من كنت وليه. العثمانية ١٤٤.

(٤) ن: مولاه.

(٥) العثمانية: ١٤٥.

(٦) مرّ ذكره ص: (١١٢).

(٧) ن: بغضه.

(٨) ن: روى.

٣١٣

أن نقول سمعنا من يقول لعن الله الجاحظ وأخزاه وجعل مثواه درك الجحيم(١) غير مسندين ذلك إلى أصل ثابت وقاعدة وكما أن ذلك ما كان يجوز لنا قبل أن يثبت عندنا جوازه فكذا(٢) كان ينبغي له أن يتوقف كما توقفنا وعدل المنافق بالرواية عن وجهها إلى كون ذلك إشارة إلى زيد بن حارثة وأن النبيعليه‌السلام قال من كنت مولاه فعلي مولاه(٣) وهذا لا يقوله إلا معاند فاجر.

أين نسبة ما رويناه عمن لا يتهم من الأشياخ المعظمين من صورة حال هذا القول وما ذهب إليه السفيه أبو عثمان وفرع على هذا هذيانا لا أصل له على قاعدته في التعرض بالكتاب والتصغير له.

وذكر أنه أسلف في صدر كتابه أن إسلام زيد كان قبل إسلام علي وأنه دل على فضيلة إسلامه على إسلام علي(٤) وكذب كيف يكون الدليل في جهة الممتنع والبرهان في قبيل(٥) المتعذر وقد روى علماء الحديث وحفاظه خلاف ذلك فيما سلف(٦) ونؤكده إن شاء الله تعالى بما يقتضيه ضيق الوقت والرغبة في المبادرة.

__________________

(١) ق: وجعل درك الجحيم مثواه.

(٢) ج: فلذا.

(٣) قال الجاحظ: ووجه اخر مما يدل في هذا الحديث على الاختلاف والوهن: انهم نقلوا ان هذا القول في علي كان ان عليا جارى زيد بن حارثة في بعض الامر، ولا حاه فيه، لانه اغلظ له، فرد عليه زيد مثل مقالته فقال له علي: تقول هذا القول لمولاك؟ فقال زيد: انما ولائي لرسول الله صلى الله عليه [ وآله ] ولست لي بمولى فاتى علي النبي صلى الله عليه [ وآله ] فشكا اليه زيدا فقال النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم: من كنت مولاه فعلي مولاه. العثمانية:١٤٥.

(٤) العثمانية: ١٤٦.

(٥) ق: قبل.

(٦) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ق.

٣١٤

روى الحافظ ابن مردويه قال حدثنا أبو بكر أحمد بن كامل بن خلف قال حدثنا علي بن المنزل الربيعي قال حدثنا إبراهيم بن سعيد قال حدثنا أمير المؤمنين المأمون قال حدثنا أبي(١) الرشيد عن أبيه المهدي عن أبيه المنصور عن أبيه عن جده عن عبد الله بن عباس قال سمعت عمر بن الخطابرضي‌الله‌عنه يقول قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يا علي أنت أول المسلمين إسلاما وأنت أول المؤمنين إيمانا(٢) .

وروى المشار إليه فقال حدثنا عبد الله بن محمد بن عيسى قال حدثنا الحسين بن معاذ بن حرب قال حدثنا محفوظ بن أبي توبة وواصل بن عبد الأعلى قالا(٣) حدثنا ضرار بن صرد قال حدثنا معتمر قال سمعت أبي يذكر عن الحسن عن أنس أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال علي أعلم الناس علما وأقدمهم سلما(٤) حدثنا إبراهيم بن محمد بن موسى حدثنا الحسن بن علي بن نصر قال حدثنا محمد بن السكن الأبلي قال حدثنا داود بن المفضل الطائي قال حدثنا أبو محمد السلمي عن محمد بن واسع عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال دخلنا على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقلنا من أحب أصحابك إليك فإن كان أميرا كنا معه وإن كان نائبة كنا من دونه قال هذا علي أقدمكم سلما وإسلاما

__________________

(١) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ق وبدله ( عن ابيه ).

(٢) رواه ايضا المتقي الهندي في كنز العمال: ٦ / ٣٩٥ والخوارزمي في مناقبه: ١٩ والمحب الطبري في الرياض النضرة: ٢ / ١٥٧ وذخائر العقبى: ٥٨.

(٣) ق: قال.

(٤) ذكر هذا الحديث بهذا اللفظ أو باضافة ( واعظمهم حلما ) جماعة منهم:

احمد بن حنبل في مسنده: ٥ / ٢٦ والخوارزمي في مناقبه: ٢٠٦ والجزري في اسد الغابة: ٥ / ٥٢ ومحب الدين الطبري في ذخائر العقبى: ٧٨ والرياض النضرة: ٢ / ١٩٣ والهيثمي في مجمع الزوائد: ٩ / ١٠١ وابو نعيم في حلية الاولياء: ١ / ٦٥ والعسقلاني في لسان الميزان: ٢ / ١٩.

٣١٥

وروى نحو كراستين مع الذي نقلت من كتابه.

وليس الغرض المبالغة في هذا وشبهه إذ ليس هذا موضع الإيغال في هذه المقامات.

ورواه صاحب العمدة عن(١) أحمد بن حنبل في أسانيد كثيرة(٢) منها ما رواه ولده عنه عن عبد الرزاق عن معمر قال(٣) أخبرني عثمان الجذري(٤) عن مقسم عن ابن عباس أن عليا أول من أسلم(٥) ورواه عن الثعلبي(٦)

__________________

(١) ما بين المعقوفتين اثبتناه من عندنا وفي كل النسخ رمز اليه بحرف عليه السلام انظر: عمدة عيون صحاح الاخبار: ٦٠ و ٦١ و ٦٢.

(٢) رواه عن ابن عباس والحسن وسلمة بن كهيل وزيد بن ارقم وحبة العرني وعمر بن مرة وعبد الله بن نجى.

(٣) اثبتناه من المصدر.

(٤) في المصدر: الجزري وفي النسخ: الخدري.

(٥) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل: ٢ / ٥٨٩.

(٦) قال الثعلبي - على ما في عمدة ابن البطريق ص ٦٣ - وروى اسماعيل بن اياس بن عفيف عن ابيه، عن جده عفيف، قال: كنت امرءا تاجرا فقدمت مكة ايام الحج، فنزلت على العباس بن عبد المطلب وكان العباس لي صديقا، وكان يختلف الى اليمن، يشتري العطر، فيبيعه ايام الموسم فبينا انا والعباس بمنى، اذ جاء رجل شاب حين حلّقت الشمس في السماء، فرمى ببصره الى السماء ثم استقبل الكعبة فقام مستقبلها، فلم يلبث حتى جاء غلام، فقام عن يمينه، فلم يلبث ان جاءت امرأة فقامت خلفه، فركع الشاب وركع الغلام والمرأة فخر الشاب ساجدا، فسجدا معه، فرفع الشاب، فرفع الغلام والمرأة فقلت: يا عباس، امر عظيم! فقال: امر عظيم، فقلت: ويحك ما هذا؟ فقال: هذا ابن اخي، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، يزعم ان الله بعثه رسولا وان كنوز كسرى وقيصر ستفتح على يديه، وهذا الغلام ابن اخي علي بن ابي طالب وهذه خديجة بنت خويلد زوجته، تابعاه على دينه، وايم الله ما على ظهر الارض كلها احد على هذا الدين غير هؤلاء. قال عفيف الكندي: ما اسلم ورسخ الإسلام في قلبه غيرهم، يا ليتني كنت لهم رابعا.

ويروى ان ابا طالب عليه السلام قال لعلي عليه السلام: اي بني، ما هذا الدين الذي انت عليه؟ قال: يا

٣١٦

والشافعي ابن المغازلي(١) في عدة أحاديث(٢) .

وأقول إن صاحب كتاب الاستيعاب المعظم الذي ليس برافضي ولا يتهم فضله وبعده عن الشيعة معروف ذكر(٣) ما صورته:

وروى عن سلمان وأبي ذر والمقداد وخباب وجابر وأبي سعيد الخدري وزيد بن أرقم أن علي بن أبي طالب أول من أسلم وفضله هؤلاء(٤) على غيره وقال ابن إسحاق أول من آمن بالله ورسوله محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الرجال علي بن أبي طالب وهو قول ابن شهاب إلا أنه قال من الرجال بعد خديجة وهو قول الجميع(٥) في خديجة(٦) .

وذكر غير ذلك في ممادحه ثم قال حدثنا عبد الوارث بن سفيان(٧) حدثنا

__________________

ابه، امنت بالله وبرسوله، وصدقته فيما جاء به، وصليت معه لله، فقال له: اما ان محمدا لا يدعو الا الى خير، فالزمه.

(١) ابن المغازلي قال: اخبرنا ابو طالب محمد بن احمد بن عثمان بن الفرج بن الازهر البغدادي قدم علينا واسطا، قال: اخبرني ابو الحسن علي بن محمد بن عرفة بن لؤلؤ قال: حدثني عمر بن احمد الباقلاني قال: حدثني محمد بن خلف الحدادي: قال: حدثني عبد الرحمن بن قيس ابو معاوية قال: حدثني عمر بن ثابت، عن يزيد بن ابي زياد، عن عبد الرحمن بن ابي سعيد مولى ابي ايوب، عن ابي ايوب الانصاري قال:

قال رسول الله (ص): صلت الملائكة عليّ وعلى علي سبع سنين، وذلك انه لم يصل معي احد غيره.

انظر مناقب ابن المغازلي: ١٣.

(٢) ذكرنا من تفسير الثعلبي حديثا واحدا ومن مناقب ابن المغازلي كذلك كنموذج وقد نقل عنهما ابن البطريق احاديث كثيرة وبطرق متعددة. انظر: عمدة عيون صحاح الاخبار: ٦٣ و ٦٤ و ٦٥ و ٦٦.

(٣) لا توجد في: ق وج.

(٤) لا توجد في: ق.

(٥) ق: الجمع.

(٦) الاستيعاب: ٣ / ١٠٩٠.

(٧) في المصدر: بزيادة: قال.

٣١٧

قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير بن حارث(١) قال حدثنا الحسن بن حماد قال حدثنا أبو عوانة عن أبي بلخ(٢) عن عمر(٣) بن ميمون عن ابن عباس قال كان علي أول من آمن من الناس بعد خديجة

قال أبو عمر هذا إسناد لا مطعن فيه لأحد لصحته وثقة نقلته(٤) .

وهو يعارض ما ذكر(٥) عن ابن عباس في باب أبي بكر والصحيح في أمر أبي بكر أنه أول من أظهر(٦) .

الإشارة إلى طريق الرواية في باب أبي بكر.

روى عن أبي بكر بن أبي شيبة قال حدثنا شيخ لنا قال حدثنا مجالد عن الشعبي عن ابن عباس أنه سئل عن أول الناس إسلاما فقال أما سمعت قول حسان(٧) إشارة إلى أبي بكر(٨)

والذي أقول على هذا إنه ضعيف من وجوه أحدها جهالة الشيخ والثاني معرفتنا بأن الراوي الشعبي وهو منحرف عن أهل البيت صاحب

__________________

(١) في المصدر: احمد بن زهير بن حرب.

(٢) في المصدر: ابي بلج.

(٣) في المصدر: عمرو.

(٤) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ق.

(٥) في المصدر: ما ذكرناه.

(٦) الاستيعاب: ٣ / ١٠٩٢.

(٧) ق: حيان. والابيات:

اذا تذكرت شجوا من اخي ثقة

فاذكر اخاك ابا بكر بما فعلا

خير البرية اتقاها واعدلها

بعد النبي واوفاها بما حملا

والثاني التالي المحمود مشهده

واول الناس ممن صدق الرسلا

(٨) الاستيعاب: ٣ / ٩٦٤.

٣١٨

عبد الملك سارق الدراهم على ما يرويه الخصوم.

وقال ابن حبان عن مجالد إنه كان رديء الحفظ يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل لا يجوز الاحتجاج به وحكى عن يحيى بن معين أنه ضعيف وعن الشافعي ما يناسب هذا(١) .

وذكر ابن حبان أنه روى عن الشعبي وذكر غير هذا(٢) .

ثم إن(٣) ابن عباس ما صرح بالخلاف ولو ثبتت الروايات متساوية كان الرجحان لما رووه لنا لا علينا لبعد التهمة.

قال ولو كان هذا الحديث مجتمعا(٤) على أصله وصحة مخرجه وكان لا يحتمل من التأويل إلا معنى واحدا ما اختلف(٥) في تأويله العلماء ولا اضطربت فيه الفقهاء ولكان ذلك ظاهرا لكل من صح لبه وحسن بيانه ولا سيما إذا كان الحديث ليس مفصحا عن نفسه ومعربا عن تأويله إلا عن قصد الرسول وإرادته لأن يكفيهم مئونة الرؤية(٦) والأسباب المشككة(٧) فينبغي على هذا أن يكون علماء العثمانية وفقهاء المرجئة تعرف من ذلك ما تعرف الروافض و(٨) لكنها تجحد ما تعرف وتنكر ما تعلم(٩) .

وأرى كلامه هذا متعلقا بخبر الغدير من كنت مولاه فعلي مولاه واعلم

__________________

(١) المجروحين: ٣ / ١٠.

(٢) المصدر السابق.

(٣) لا توجد في: ن.

(٤) ن: مجمعا.

(٥) في المصدر: اختلفت.

(٦) ن: الرواية.

(٧) ق وج: المسلكة.

(٨) لا توجد في: ق.

(٩) العثمانية: ١٤٨.

٣١٩

أن هذا الكلام ساقط جدا من أين يلزم إذا اختلف الناس في تأويل الحديث المشار إليه أن يكون الذين أشار إليهم عارفين بما تعرف به الإمامية إذ القاعدة الحقة أن المختلفين قد يختلفون فبعض يصيب في التأويل وبعض يخطئ.

وهذا الكلام الذي صدر عنه إن كان ما فهم الدرك عليه فيه فهو بليد وإن كان عرفه وتعصب على أمير المؤمنينعليه‌السلام فهو إذن منافق بالحديث الصحيح الشاهد بذلك ثم إنه لو اتفقت الآراء وتناسبت الاجتهادات فإن الاختلاف في الظاهر لا يندفع إذا كانت شائبة العناد وإنما كانت الاختلافات تقل إذا كانت المقاصد متناسبة في إيثار الحق ونزع سربال العصبية ومناسبة الاجتهادات والاعتبارات والعصبية موجودة والأذهان قد تتفاوت وعلى هذا فلا يلزم من وجود المحل القابل للتأويل اشتراك العقلاء جميعا في إصابة الصواب ولا أن حزبا منهم أقرب إلى إصابة الصواب إلا بدليل يدل على ذلك أو أمارة وليس مع الجاحظ دليل على الاشتراك(١) ولا أمارة يعرفها على أن حزبه(٢) فيما ذهب إليه من حزب القائلين بالإمامة فبطل قوله في لزوم الاشتراك وبطل أن يكون حزبه أرباب الأهلية للظفر بالصواب دون غيرهم.

ويمكن أن يقال بعد هذا إن الجاحظ قال إن الكلام لو لم يحتمل إلا معنى واحدا ما وقع الاختلاف وهذا شيء ما أجبتم عنه(٣) .

والذي يقال على هذا إنه قد يكون الشيء لا يحتمل في الإنصاف إلا معنى واحدا ويقع الاختلاف بالعباد أو(٤) يحتمل معاني كثيرة يكون الصواب

__________________

(١) ق: زيادة ( ولا دليل ).

(٢) ن بزيادة: انه.

(٣) العثمانية: ١٤٨.

(٤) ق: ( و) بدل ( او ).

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

ففي هذه الآية نرى ـ لو أمعنا النظر ـ كيف بيّن القرآن الكريم المقدّمات الطبيعية لنزول المطر والثلج من السماء من قبل أن يعرفها العلم الحديث ويطّلع عليها بالوسائل التي يستخدمها لدراسة الظواهر الطبيعية واكتشاف عللها ومقدماتها.

فقبل أن يتوصل العلم الحديث إلى معرفة ذلك ـ بزمن طويل ـ سبق القرآن إلى بيان تلك المقدمات في عبارات هي :

١. يزجي ( يحرك ) سحاباً.

٢. ثم يؤلّف ( ويركب ) بينه.

٣. ثم يجعله ركاماً ( أي كتلة متراكمة متكاثفة ).

٤. فترى الودق ( أي المطر ) يخرج من خلاله.

٥. يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار.

وهكذا يصرح الله سبحانه في كل المراحل بتأثير الأسباب والعلل الطبيعية، غاية ما هنالك أنّ تأثير هذه العلل والأسباب بإذن الله ومشيئته بحيث إذا لم يشأ هو سبحانه لتعطلت هذه العلل عن التأثير.

( اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَىٰ الوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مِنْ يَشَاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ) (١) .

وأية جملة أوضح من قوله:( فَتُثِيرُ سَحَاباً ) أي الرياح، فالرياح في نظر

__________________

(١) الروم: ٤٨.

٣٤١

القرآن هي التي تثير السحاب وتسوقه من جانب إلى جانب آخر.

إنّ الإمعان في عبارات هذه الآية يهدينا إلى نظرية القرآن ورأيه الصريح حول « تأثير العلل الطبيعية بإذن الله ».

ففي هذه الجمل جاء التصريح :

١. بتأثير الرياح في نزول المطر.

٢. وتأثير الرياح في تحريك السحب.

٣. وانبساط السحب في السماء.

٤. وتجمع السحب ـ فيما بعد ـ على شكل قطع متراكمة.

٥. ثم نزول المطر بعد هذه التفاعلات والمقدمات.

فإذا ينسب القرآن هذه الأفاعيل إلى الله في هذه الآيات عند تعرضه لذكر مراحل تكون المطر ونزوله بأنّه ( هو ) يبسط السحاب في السماء و ( هو ) الذي يجعله كسفاً، فإنّما يقصد ـ من وراء ذلك ـ التنبيه إلى مسألة « التوحيد الافعالي » الذي سنبحثه من وجهة نظر القرآن في هذا الفصل وما بعده.

على أنّ الآيات التي تؤكد دور العلل الطبيعية وتأثيرها المباشر، وتعتبر العالم مجموعة من الأسباب والمسببات التي تعمل بإرادة الله وإذنه وتكون فاعليتها فرعاً من فاعلية الله، أكثر من أن يمكن إدراجها هنا، ولكننا نرى في ما ذكرنا الكفاية لمن تدبّر.

هذا وقال أحمد أمين المصري: إنّ من الدائر على ألسنة الأزهريين :

ومن يقل بالطبع أو بالعلّه

فذاك كفر عند أهل الملّه

٣٤٢

وقال الزبيدي في إتحاف السادة(١) وهو شرح لإحياء العلوم :

ثبت مما تقدم أنّ الإله هو الذي لا يمانعه شيء وإنّ نسبة الأشياء إليه على السوية، وبهذا أبطل قول المجوس وكل من أثبت مؤثراً غير الله من علة أو طبع أو ملك أو أنس أو جن، إذ دلالة التمانع تجري في الجميع ولذلك لم يتوقف علماء ما وراء النهر في تكفير المعتزلة حيث جعلوا التأثير للإنسان.

هذا، وقد تقرب الإمام الأشعري إلى أهل السنّة بنسبته فعل الشر إلى الله تعالى لـمّا تاب عن الاعتزال، فرقى يوم الجمعة كرسياً في المسجد الجامع بالبصرة ونادى بأعلى صوته: « من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي، أنا فلان بن فلان، كنت أقول بخلق القرآن وانّ الله لا يرى بالأبصار وانّ أفعال الشر أنا أفعلها وأنا تائب مقلع معتقد للرد على المعتزلة فخرج بفضائحهم ومعايبهم »(٢) .

ولا يخفى أنّ التوحيد الافعالي بهذا المعنى أي سلب العلية والتأثير عن أي موجود سواه استقلالاً وتبعاً وبالمعنى الاسمي والمعنى الحرفي جر الويل بل الويلات على أصحاب هذا الرأي من أهل السنّة فدخلوا في عداد الجبرية وان كانوا لا يقبلون بإطلاق هذا الاسم عليهم.

غير أنّ هذا الرأي الزائف لا ينتج غير الجبر والإلجاء في أفعال الإنسان، ولذا رأينا أنّ الإمام الأشعري قد تاب عن قول: « إنّ أفعال الشر أنا أفعلها »، وذلك حينما دخل في عقيدة السنّة ـ حسب رأيه ـ.

__________________

(١) اتحاف السادة: ٢ / ١٣٥.

(٢) الفهرست لابن النديم: ٢٥٧.

٣٤٣

ما معنى هذه الجملة التي ذكرها الإمام الأشعري في جملة عقائد أصحاب الحديث والسنّة إنّ سيئات العباد يخلقها الله عزّ وجلّ، وإنّ العباد لا يقدرون أن يخلقوا منها شيئاً(١) .

أو ليس هذا موجباً للغوية بعث الأنبياء والرسل، ولغوية الحث على العمل الصالح والزجر عن غير الصالح.

ونرى إمام الحنابلة يمشي على هذا الضوء فيفسر القضاء والقدر على نحو يساوي الجبر والحتم حيث يقول: القدر خيره وشره، حسنه وسيئه من الله قضاء قضاه وقدر قدره لا يعدو واحد منهم مشيئة الله عز وجل والعباد صائرون إلى ما خلقهم له واقعون فيما قدر عليهم لأفعاله وهو عدل منه عزّ ربنا وجل والزناء والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس وأكل المرء المال الحرام والشرك بالله والمعاصي كلها بقضاء وقدر(٢) .

إنّ تفسير القضاء والقدر بهذا المعنى تشعب عن الفكرة الخاطئة من إنكار العلية والمعلولية في عالم الطبيعة مطلقاً وانّ الظواهر الطبيعية لا مصدر ولا منشأ لها إلّا إرادته سبحانه من دون وساطة علة أو مشاركة سبب، وهو ما عرفت بطلانه في الصفحات السابقة.

وأمّا كشف النقاب عن حقيقة قضائه وقدره سبحانه مع شمولها لعامة الحوادث والظواهر الطبيعية والأفعال الإنسانية، فقد أسهبنا فيه الكلام في بعض أبحاثنا الفلسفية(٣) .

__________________

(١) مقالات الإسلاميين: ١ / ٣٢١.

(٢) طبقات الحنابلة: ١ / ٢٥.

(٣) راجع القضاء والقدر في العلم والفلسفة تأليف شيخنا الأُستاذ وتعريب محمد هادي الغروي طبع في بيروت ١٣٩٩ ه‍.

٣٤٤

وللعلاّمة الحجة السيد مهدي الروحاني مقال مسهب في المقام في كتابه « بحوث مع أهل السنّة والسلفية » فراجعه.

مذهب أئمة أهل البيت

أقول: من جعل القرآن رائده وإمامه، ونظر في آياته مجرّداً عن الميول والأفكار المسبقة، يقف على أنّ كلا المذهبين ( مذهب المعتزلة والأشاعرة ) على جهتي الإفراط والتفريط، فلا تفويض ولا جبر، لا إشراك ولا ثنوية ولا اضطرار والجاء، لا أنّ الممكن مستقل في فعله وتأثيره، ولا هو منعزل عن فعله وأثره بتاتاً.

إنّ كلا الرأيين والمذهبين لا يصدقهما القرآن ولا الدلائل العقلية الواضحة بل إنّ هناك مذهباً ثالثاً أسماه أئمّة أهل البيت بالأمر بين الأمرين وهو الذي يرشدنا إليه التدبر في القرآن وبه يحافظ على التوحيد في الخالقة والفاعلية، وانّه لا خالق مستقل إلّا هو، وعلى مشاركة العلل والأسباب مختارها ومضطرها في الفعل والأثر « فلا جبر ولا تفويض بل أمر بين الأمرين » وسيوافيك توضيح الفرق بين المذهبين والأمر بين الأمرين بطرح مثال بديع.

* * *

ويمكن تلخيص التوحيد الافعالي في فصلين :

١. انّه ليس في عالم الوجود إلّا خالق أصيل ومستقل واحد، وأمّا تأثير العلل الأُخرى وفاعليتها فليست إلّا في طول خالقية الله وعلّيته وفاعليته، ومتحقّقة بإذنه.

٣٤٥

٢. انّه لا مدبر للعالم إلّا « الله » ولا تدبير لغيره إلّا بإذنه سبحانه وأمره.

وأمّا القسم الأوّل فهو « التوحيد في الخالقية ».

والقسم الثاني فهو « التوحيد في التدبير والربوبية ».

وسيوافيك انّ « الرب » ليس بمعنى: الخالق، بل بمعنى المدبر الذي وكل إليه أمر إصلاح فرد أو جماعة(١) .

التوحيد في الخالقية

من مراجعة القرآن الكريم يتضح أنّ هذا الكتاب السماوي لا يعرف خالقاً مستقلاً أصيلاً إلّا الله، وأمّا خالقية ما سواه فهي في طول خالقيته وليس له استقلال في الخلق والإيجاد، وإليك فيما يلي طائفة من الآيات التي تشهد بهذا الأمر :

( قُلِ اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الوَاحِدُ القَهَّارُ ) (٢) .

( اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيءٍ وَكِيلٌ ) (٣) .

( ذَلِكُمُ الله رَبُّكُمْ خَالُقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إلّا هُوَ ) (٤) .

__________________

(١) قد فسر الوهابيون « الرب » بالخالق واعتبروا التوحيد في الربوبية والتوحيد في الخالقية قسماً واحداً، في حين أنّ الربوبية لا تعني الخالقية، بل تعني إدارة فرد أو جماعة وتدبير أُمورهم وسيأتي توضيح هذا القسم في المستقبل.

(٢) الرعد: ١٦.

(٣) الزمر: ٦٢.

(٤) غافر: ٦٢.

٣٤٦

( ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لاَ إِلهَ إلّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْء فَاعْبُدُوهُ ) (١) .

( هُوَ اللهُ الخَالِقُ البَارِئُ المُصَوِّرُ لَهُ الأسْمَاءُ الحُسْنَىٰ ) (٢) .

( أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ ) (٣) .

( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ ) (٤) .

( أَلاَ لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ ) (٥) .

ولا يمكن أن تكون هناك عبارات أوضح من هذه العبارات في إفادة المقصود وهو: أنّ كل الأشياء ـ بذاتها وآثارها ـ معلولة لله ومخلوقة له سبحانه.

فهو الذي خلق الشمس والقمر والنار، وهو الذي أعطاها النور والضوء والحرارة، وأقام ارتباطاً وثيقاً بين هذه الآثار وتلك الأشياء.

وبالتالي فهو الذي أعطى للأسباب سببيّتها وللعلل علّيتها.

إنّ القرآن يرى ـ بحكم نظرته الواقعية ـ بأنّ كل ما في هذه الحياة من سماء وكواكب وأرض وجبال وصحراء وبحر، وعناصر ومعادن، وسحاب ورعد وبرق وصاعقة، ومطر وبرد، ونبات وشجر، وحجر وحيوان وإنسان، وغيرها من الموجودات غير مستقلة في التأثير، وإنّ كل ما ينتسب إليها من الآثار ليست لذوات هذه الأسباب، وانّما ينتهي تأثير هذه المؤثرات إلى الله سبحانه.

__________________

(١) الأنعام: ١٠٢.

(٢) الحشر: ٢٤.

(٣) الأنعام: ١٠١.

(٤) فاطر: ٣.

(٥) الأعراف: ٥٤.

٣٤٧

فجميع هذه الأسباب والمسببات رغم ارتباطها بعضها ببعض ـ بحكم العلية ـ فهي مخلوقة لله جميعاً، فإليه تنتهي العلية وإليه تؤول السببية وهو معطيها للأشياء.

ولا شك أنّ البشر هو أيضاً ذو آثار وأفعال، كالأكل والشرب والقيام والقعود وغيرها من الأفعال، وكلّها مرتبطة بالإنسان نفسه، فهي أفعاله الاختيارية التي يتعلّق بها الأمر والنهي.

ولكنّه ليس مستقلاً في فعله وأثره، فكما أنّ فعله يعد فعلاً له ومرتبطاً به، فهكذا يعد فعله فعلاً لله سبحانه ومرتبطاً به بحكم كون وجوده وما أُعطي من القوى والطاقات مستندة إلى الله سبحانه، وعلى ذلك فلا يمكن أن يكون فعل العبد مرتبطاً بالعبد ومنقطعاً عن الله، إذ كيف يكون ذات الشيء مرتبطاً ويكون فعله منقطعاً، فإنّ غير المستقل بالذات غير مستقل في الفعل، والمستقل في الذات مستقل في الفعل أيضاً.

وبعبارة أُخرى: انّ المراد من كون أفعال العباد مخلوقة لله ليس هو كونها فعلاً له سبحانه بلا مشاركة العبد، بل المراد هو عدم استقلال العبد والعلل كلها في مقام الإنشاء والإيجاد وإلاّ لزم أن يكون في صفحة الوجود فاعلون مستقلون في الفعل والإيجاد وهو بمنزلة الشرك.

وبذلك يرتفع الاستيحاش عن القول بأنّ أفعال العباد مخلوقة لله، إذ ليس المراد انّه سبحانه فاعل دونهم كما ليس المراد أنّها أفعال لهم دونه سبحانه، بل هي أفعال له تعالى من جهة وأفعال لهم من جانب آخر.

وقد أوضحه بعض المحقّقين بالمثال التالي الذي يوضح موقف كل من مذهبي الجبر والتفويض وما هو الحق من الأمر بين الأمرين، فلنفرض أنّ إنساناً

٣٤٨

أعطى لأحد سيفاً مع علمه بأنّه يقتل به نفساً، فالقتل إذا صدر منه لا يكون مستنداً إلى المعطي بوجه، فإنّه حين صدوره يكون أجنبياً عنه بالكلية غاية الأمر أنّه هيّأ بإعطائه السيف مقدمة إعدادية من مقدمات القتل، وهذا واقع التفويض.

كما أنّه لو شد آلة جارحة بيد الإنسان المرتعش بغير اختيار، فأصابت الآلة من جهة الارتعاش نفساً فجرحته، فالجرح لا يكون صادراً من ذاك الإنسان المرتعش، بإرادته واختياره، بل هو مقهور عليه في صدوره منه، وهذا واقع الجبر وحقيقته.

وإذا فرضنا أنّ يد الإنسان مشلولة لا يتمكّن من تحريكها إلّا مع إيصال الحرارة إليها بالقوة الكهربائية، فأوصل رجل القوة إليها بواسطة سلك يكون أحد طرفيه بيد المولى، فاختار ذلك الإنسان قتل نفس والموصل يعلم بذلك، فالفعل بما انّه صادر من الإنسان المشلول باختياره يعد فعلاً له، وبما أنّ السلك بيد الموصل وهو الذي يعطي القوة للعبد آناً فآناً فالفعل مستند إليه، وكل من الإسنادين حقيقي من دون أن يكون هناك تكلّف أو عناية، وهذا هو واقع الأمر بين الأمرين، فالأفعال الصادرة من المخلوقين بما أنَّها تصدر منهم بالإرادة والاختيار، فهم مختارون في أفعالهم ; وبما أنّ فيض الوجود والقدرة والشعور من مبادئ الفعل يجري عليهم من قبل الله تعالى آناً فآناً، فأفعالهم منتسبة إلى خالقهم(١) .

إنّ هناك طائفة من الآيات القرآنية تبيّن هذه الحقيقة بنحو آخر وهو أنّه ليس الله تعالى خلق الأشياء فقط، بل هو الذي قدر تأثير كل شيء وخلق له

__________________

(١) أجود التقريرات: ١ / ٩٠.

٣٤٩

« حدوداً » خاصة، وغايات معينة مثل قوله تعالى :

( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً ) (١) .

( رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ ) (٢) .

( الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ *وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ ) (٣) .

هذه الآيات وما قبلها تبيّن « التوحيد الخالقي » بوضوح ولا تعترف بخالق أصيل ومستقل إلّا الله، كما أنّها لا تعترف بمقدّر أصيل للأشياء وهاد واقعي لها غيره سبحانه.

ما هو معنى الخالقية ؟

ماذا يراد من أنّ الله سبحانه هو الخالق الوحيد وانّ الذوات والأشياء وما يتبعها من الأفعال والآثار حتى الإنسان وما يصدر منه، مخلوقات لله سبحانه بلا مجاز ولا شائبة عناية ؟

إنّ الوقوف على تلك الحقيقة القرآنية يتوقف على تحليل معنى الخلق لغة واستعمالاً.

إنّ لفظة « الخلق » تارة يراد منها « التقدير » وأُخرى الإبداع والإيجاد، والميزان في ذلك هو إنّه إذا قيل: خلق هذا من ذاك وذكرت معه المادة القابلة للصياغة والتصوير والنحت والتكوين يراد منه التقدير، قال سبحانه حاكياً عن سيدنا المسيحعليه‌السلام :

( أَنِّي أخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهِيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً

__________________

(١) الفرقان: ٢.

(٢) طه: ٥٠.

(٣) الأعلى: ٢ ـ ٣.

٣٥٠

بِإِذْنِ اللهِ ) (١) .

يقال: خلقت الأديم للسقاء، إذا قدرته، ويقال أيضاً: خلق العود: سوّاه(٢) .

وأمّا إذا تعلّق الخلق بالشيء ونسب إليه من دون أن تقترن بمادة خاصة، فيراد منه الإبداع والإيجاد من كتم العدم، كقوله سبحانه :

( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً ) (٣) .

نعم دلت البراهين الفلسفية على أنّ « الخلق » لا ينفك عن الإيجاد والإبداع حتى في القسم الأوّل، فإنّ المادة وإن كانت موجودة لكن الصورة ـ لا شك ـ إنّها أبداعية قطعاً، كقوله سبحانه :

( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ) (٤) .

ولعلّه لذلك اكتفى ابن فارس في مقاييسه في توضيح معنى الخلق بالمورد الأوّل أي التقدير ولم يذكر المورد الثاني اعتماداً بأنّ التقدير لا ينفك عن الإيجاد والإبداع كما أنّ الإيجاد لا ينفك عن التقدير، كما صرح بقوله:( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً ) (٥) .

__________________

(١) آل عمران: ٤٩.

(٢) المقاييس لابن فارس: ٢ / ٢١٤، والقاموس المحيط: مادة خلق.

(٣) الفرقان: ٢.

(٤) غافر: ٦٧.

(٥) الفرقان: ٢.

٣٥١

ثمّ إنّه وقع النزاع في صحة استعمال لفظ الخلق في الأفعال، لغة، وانّه هل يتعلّق الخلق بالأفعال كتعلّقه بالذوات، أو أنّه لا يتعلّق إلّا بالذوات، وأمّا الأفعال والأحداث فيتعلّق بها الإيجاد، والإنسان موجد لفعله لا خالق له، فيقال: أوجد فعله ولا يقال: خلقه.

وربما يستدل على صحة تعلّقه بالفعل والعمل بقوله تعالى :

( فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ *فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزفُّونَ *قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ *واللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ) (١) .

والشاهد هو قوله:( خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ) غير انّه يمكن أن يقال: انّ المراد من الموصول في قوله:( وَمَا تَعْمَلُونَ ) هو الأصنام التي كانوا يعملونها وينحتونها بقرينة ما سبقها من الآيات، أعني قوله:( فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ ) والمقصود انّ الله خلقكم وخلق الأصنام التي تصنعونها، ويكون وزان الآية وزان قوله سبحانه:( يَعمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَان كَالْجَوَابِ ) (٢) .

وبذلك يسقط الاستدلال بالآية.

وربما يستدل على نفي صحة اسناد الخلق إلى غيره سبحانه بقوله تعالى :

( أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ ) (٣) .(٤)

فإنّ الظاهر من قوله( لا يَخْلُقُ شَيْئاً ) انّ كل معبود سواه لا يخلق شيئاً ولا

__________________

(١) الصافات: ٩٣ ـ ٩٦.

(٢) سبأ: ١٣.

(٣) الأعراف: ١٩١.

(٤) ومثله الآية ٢٠ من سورة النحل والآية ٣ من سورة الفرقان.

٣٥٢

يقال لفعله انّه مخلوق ولا لنفسه انّه خالق.

غير أنّ الإجابة عن هذا الاستدلال أيضاً واضحة، فإنّ المراد بعد الغض عن احتمال كون المراد الأصنام المنحوتة لا كل موجود سواه، نفي الخالقية اللائقة لساحته سبحانه، وهي الخالقية المستقلة غير المعتمدة على شيء ومن المعلوم أنّ الخالقية بهذا المعنى لا يقدر عليها أحد.

إذا وقفت على استدلال الطرفين من حيث صدق الخلق على الفعل وعدم صدقه، فهلمّ معنا نوقفك على الحقيقة وانّه هل يجوز استعمال لفظ الخلق في مورد الأعمال وعدمه ؟

فنقول: أمّا أوّلاً: لا شك أنّ الخلق يتعلّق بالفعل كما يتعلّق بالذات، كما في قوله سبحانه :

( إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً ) (١) .

فإنّ قوله سبحانه:( وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً ) بمعنى تقولون: كذباً، فليس الكذب والصدق إلّا من أفعال البشر.

وفي الحديث :

« خلقت الخير وأجريته على يدي من أحب وخلقت الشر وأجريته على يدي من أُريد ».

قال الطريحي في تفسير الحديث: المراد بخلق الخير والشر خلق تقدير لا خلق تكوين، ومعنى التقدير نقوش في اللوح المحفوظ، ومعنى خلق التكوين

__________________

(١) العنكبوت: ١٧.

٣٥٣

وجود الخير والشر في الخارج، وهو من أفعالنا وقد ورد في الحديث يا خالق الخير والشر(١) .

وثانياً: سلمنا أنّ الخلق لا يتعلّق بالفعل غير أنّ عمومية المتعلّق في الآيات الواردة في هذا الفصل التي تخص الخالقية بالله سبحانه كقوله:( خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ ) وقوله:( قُلِ اللهُ خَالِقُ كُلَّ شَيْءٍ ) أو قوله:( هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيرِ الله ) تكون قرينة على أنّ المراد من الخلق في الآيات هو مطلق الإيجاد والإبداع، سواء تعلّق بالذات أو بالفعل، فيستدل بعموم المتعلّق ( كل شيء ) مثلاً على إلغاء الخصوصية المتوهمة في لفظ الخلق من أنّه لا يتعلّق إلّا بالذوات دون الأفعال.

إنّ عناية القرآن بطرح متعلّق الخلق بشكل عام عناية لا يرى مثلها في غيره تكون قرينة على أنّ المراد هو نفي وجود أي مؤثر أو موجود مستقل في صفحة الوجود دون الله، وقد ذكر علماء المعاني، انّ خصوصية الفعل ربّما يسري إلى المتعلّق فيخرجه عن السعة، فإذا قال القائل: لا تضرب أحداً، ينصرف لفظ الأحد بقرينة « لا تضرب » إلى الحي وإن كانت تلك اللفظة عامة تشمل الحي الميت.

وقد يعكس فتكون سعة المتعلّق قرينة على شمول الفعل وعموميته، كما لا يخفى مثلاً أنّ قوله سبحانه:( إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ) (٢) وإن كان خاصاً من جهة الموصول والصلة بالعاقل فلا يشمل إلّا دعوة العقلاء، إلّا أنّ قوله من دون الله قرينة على أنّ الممنوع هو دعوة مطلق غير الله عاقلاً كان أو غيره ،

__________________

(١) مجمع البحرين مادة خلق، ولا يخفى أنّه كما تكون ذوات الأشياء خيراً وشراً كذلك تكون الأفعال خيراً وشراً، بل نسبة الخير والشر إلى الذوات كصحة البدن والمال إنّما هي باعتبار كونها مبدأ للخير والشر.

(٢) الحج: ٧٣.

٣٥٤

وبذلك يظهر أنّ للعموم الحاكم على المتعلّق في الآيات، أعني قوله تعالى:( كُلَّ شَيْءٍ ) ، وإضرابه دليلاً على أنّ المقصود حصر مطلق الخلق المتعلّق بالذوات والأفعال بالله سبحانه.

ثالثاً: انّ المقصود من التوحيد في الخالقية هو التوحيد في التأثير والإيجاد سواء أصح إطلاق الخلق عليه أم لا.(١) والمراد أنّ كل موجود ممكن غير مستقل في ذاته غير مستقل في فعله وتأثيره أيضاً، لأنّ غير المستقل في الذات والقوى والطاقات غير مستقل في أعمال هذه القوى والاستفادة من هذه الطاقات، إلّا أنّ كون الفاعل غير مستقل ليس بمعنى كونه مجبوراً ومضطراً في أعمال هذه القوى والطاقات، بل هو مخير في أعمالها على أي نحو شاء.

وتظهر حقيقة هذا المعنى بالتدبّر في الآيات التي تصف الله تبارك وتعالى بالقيومية كما في قوله سبحانه:( اللهُ لاَ إِله إلّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ ) (٢) .(٣)

فإنّ معنى القيومية ليس إلّا قيام ما سواه ـ من ذات وفعل ومؤثر وأثر ـ به سبحانه ومعه كيف يمكن أن نصف الموجودات الإمكانية بالاستقلال في الفاعلية والتأثير.

سؤال في المقام

إذا كان المشركون لا يشكّون في موضوع « التوحيد في الخالقية »، فلماذا نجد

__________________

(١) نعم عند ذاك لا تصلح الآيات الحاصرة للخلق بالله سبحانه للاستدلال في المقام إلّا بضرب من التأويل، ولابد من الاستدلال بالآيات التي تحصر القيومية بالله سبحانه وغيرها من الآيات.

(٢) البقرة: ٢٥٥، وآل عمران: ٢.

(٣) وقوله سبحانه:( وَعَنَتِ الوُجُوهُ لِلْحَيِّ القَيُّومِ ) ( طه: ١١١ ).

٣٥٥

القرآن ينهض لذم المشركين، ويذكرهم بأنّ معبوداتهم لم تخلق شيئاً ؟ كقوله :

( هٰذَاخَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلاَلٍ مُبِين ) (١) .

( وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لإنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَلاَ يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً ) (٢) .

( أَمْ جَعَلُوا للهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ الله خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الوَاحِدُ القَهَّارُ ) (٣) .

( إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ الله لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَو اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لاَ يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالمَطْلُوبُ ) (٤) .

( اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) (٥) .

( قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمْ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ماذا خَلَقُوا مِنَ الأرضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمٰوَاتِ ) (٦) .

الجواب: انّ الهدف من التذكير بخالقية الله وحده وسلب الخالقية من غيره ليس لأنّ المشركين كانوا يعتبرون الأوثان خالقة، إنّما الهدف من طرح « حصر الخالقية بالله ونفيها من الأصنام » هو في الحقيقة « ردع » المشركين من عبادة غير الله

__________________

(١) لقمان: ١١.

(٢) الفرقان: ٣.

(٣) الرعد: ١٦.

(٤) الحج: ٧٣.

(٥) الروم: ٤٠.

(٦) فاطر: ٤٠.

٣٥٦

تعالى، ذلك لأنّ العبادة إنّما يستحقها من يكون متصفاً بالكمال ومنزّهاً عن أية نقيصة أو عائبة، وأي كمال أعلى من الاتصاف بالخالقية التي أسبغ صاحبها لباس الوجود على كل شيء مما سواه ؟

وبعبارة أُخرى فإنّ العبادة من مقتضيات المالكية والمملوكية، الناشئتين من الخالقية والمخلوقية، وإذ يعترف المشركون بأنّ الله هو الخالق دون سواه، فلماذا يعبدون غيره ؟ ولماذا لا يجتنبون عن عبادة من سواه ؟

وعلى هذا الأساس فإنّ إصرار القرآن الكريم ليس لأنّ المشركين كانوا يشكون في « التوحيد الخالقي » وغافلين عن هذه الحقيقة الساطعة الثابتة، بل لأنّهم كانوا غافلين عن لوازم التوحيد الخالقي، وهو: التوحيد في العبادة، فأراد الله بالتذكير بهذه الحقيقة أنّ يلفت نظرهم إلى لازمه وهو « التوحيد في العبادة ».

هذا وقد نقلنا لك فيما مضى بعض هذه الآيات(١) .

وقد ذكرت هذه الحقيقة ( أي حصر الخالقية في الله تعالى ) في آيات أُخرى بعبارة( الخَلاَّقُ العَلِيمُ ) ، مثل قوله :

( إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الخَلاَّقُ العَلِيمُ ) (٢) .

( أَوَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمٰوَاتِ والأرضِ بِقَادِر عَلَىٰ أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَىٰ وَهُوَ الخَلاَّقُ العَلِيمُ ) (٣) .

__________________

(١) راجع الآيات التالية: الأنعام: ١٠٢، فاطر: ٣، الزمر: ٦٢، غافر: ٦٢، الحشر: ٢٤ وغيرها.

(٢) الحجر: ٨٦.

(٣) يس: ٨١.

٣٥٧

وصفوة القول: إنّ السبب وراء طرح « حصر الخالقية في الله » ونفيها عمّا سواه، وكذا التنديد بالأوثان والأصنام بأنّها لا تقدر على خلق ذبابة،(١) وغير ذلك هو تنبيه الضمائر الغافلة عن عبادة الله وحده، لأنّه مع اعتراف المشركين بانحصار الخالقية في الله ونفيها عن المعبودات الأُخرى ( المصطنعة ) ينبغي أن يعبدوا الله وحده، الذي خلق كل شيء وأخرج جميع الموجودات من العدم إلى حيز الوجود والتحقّق لا أن يعبدوا ما سواه، من الأوثان والأصنام العاجزة عن فعل أو خلق شيء حتى ذبابة أو دفعها عن نفسها، وهذا هو ما تريد هذه الآيات التنبيه إليه.

سؤال

إذا لم يكن في الوجود من خالق غير الله، فكيف يصف القرآن عيسى المسيحعليه‌السلام بأنّه يخلق أيضاً حيث يقول حاكياً عنه :

( أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ ) (٢) ؟

ثم كيف يصف الله نفسه ـ بعد أن يذكر مراحل خلقه للإنسان ـ بأنّه( أَحْسَنُ الخَالِقِينَ ) ، وفي ذلك اعتراف ضمني بوجود « خالقين » آخرين إلى جانب الله، إذ يقول :

( فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ ) (٣) ؟

__________________

(١) الحج: ٧٣( إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً ) .

(٢) آل عمران: ٤٩.

(٣) المؤمنون: ١٤.

٣٥٨

إنّ الجواب: يتضح من التوجه إلى « استقلال » الله في التأثير والفعل، و « عدم استقلال » غيره في مقام الذات والفعل.

فالخالقية المنحصرة في الله غير قابلة لاتصاف الغير بها، ولا قابلة لإثباتها للغير، إذ هو مستقل أصيل في خلقه بمعنى أنّه لا يعتمد على شيء ولا يستعين بأحد ولا يحتاج لأذن آذن، ومن المعلوم أنّ القرآن الكريم لم يصف أحداً بمثل هذه الخالقية دون الله تعالى.

أمّا الخلق والخالقية التي يكون المتصف بها معتمداً على الله، ومحتاجاً إلى قدرته وإرادته وعونه، فهي يمكن أن تثبت للمخلوقين، إذ لا مشاركة حينئذ مع الله في الصفة الثابتة له المذكورة سابقاً.

فكل شيء من أشياء هذا الوجود يكون خالقاً في حد نفسه عندما يكون مؤثراً لأثر وسبباً لمسبب، ولا ريب أنّ إثبات هذا النوع من الخالقية لغير الله لا ينافي « التوحيد الخالقي » على النحو الذي مر تفسيره وبيانه.

وربما يجاب عن هذا السؤال بأنّ لفظة « الخلق » تطلق ويراد منها الإيجاد من العدم تارة وأُخرى التقدير، والمراد من قوله سبحانه:( أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ ) هو المعنى الثاني، أي أقدر لكم من الطين كهيئة الطير.

غير انّ هذا الجواب لا يخالف مع ما اخترناه في هذا الفصل، فانّ التقدير وإن كان فعلاً للمسيح، إلّا أنّه بما هو ظاهرة كونية يحتاج إلى فاعل، وليس الفاعل القريب إلّا المسيحعليه‌السلام ، ولكنه ليس مستقلاً في فعله هذا، كما هو ليس مستقلاً في ذاته وإلاّ تلزم الثنوية في الفاعلية المستقلة، على ما أوضحنا برهانه فالتقدير مع كونه فعلاً له، فعل لله سبحانه، ونعم ما قاله الحكيم السبزواري في منظومته

٣٥٩

الفلسفية :

وكيف فعلنا إلينا فوضا

وإنّ ذا تفويض ذاتنا اقتضى

لكن كما الوجود منسوب لنا

فالفعل فعل الله وهو فعلنا(١)

سؤال آخر

إنّ حصر الخالقية في الله سبحانه ربما يستشم منه القول بالجبر ويكون المسؤول عن فعل العبد هو خالق الفعل والمفروض إنّه لا خالق سوى الله ؟

الجواب

إنّ هذا الإشكال ـ في الحقيقة ـ إنّما يتجه ويصح إذا قلنا بأحد الأصلين التاليين، وهما :

١. إنكار علّية أية ظاهرة من الظواهر الطبيعية، وإحلال خالقيته سبحانه مكان العلل الطبيعية، كما هو الظاهر من كل من أنكر قانون العلية في الأشياء وأراح نفسه بعادة الله.

٢. أن نعترف بعلية الموجودات الأُخرى ومشاركتها المباشرة في الآثار والأفعال، ولكن نعتقد بوجود نوع واحد من العلة في العالم فقط وهو العلة المضطرة المسيرة، لا أكثر.

فمع قبول أحد هذين الأصلين يتوجه الإشكال المذكور على ما قلناه ويتجه ولكن إذا أنكرنا كلا الأصلين المذكورين اتضح جواب الإشكال.

فبالنسبة للأصل الأوّل بحثنا فيما سبق وأوضحنا كيف أنّ البراهين الفلسفية

__________________

(١) شرح المنظومة: ١٧٥.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534