بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية11%

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية مؤلف:
المحقق: السيد علي العدناني الغريفي
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 534

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية
  • البداية
  • السابق
  • 534 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 184169 / تحميل: 7011
الحجم الحجم الحجم
بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

  ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ) قال : ا ل م كأوّل البقرة )(١) .

وفي( الميزان ) :

( قال الخطيب في جامعة : لم يحكِ عن أحد مِن المحدّثين مِن التصحيف في القرآن الكريم ، أكثر ممّا حكي عن عثمان بن أبي شيبة ، ثمّ ساق بسنده عن إسماعيل بن محمّد التستري : سمعت عمثان بن أبي شيبة يقرأ( فإنْ لم يصبها وابل فظل ) وقرأ مرّة( من الخوارج مكلّبين ) .

وقال أحمد بن كامل القاضي : ثنا أبو الشيخ الأصبهاني محمّد بن الحسن قال : قرأ علينا عثمان بن أبي شيبة( بطشتم خبّازين ) .

وقال محمّد بن عبيد الله بن المنادي : قال لنا عثمان بن أبي شيبة :( ن وَالْقَلَمِ ) أيّ سورة هو ؟

وقال مطين : قرأ عثمان بن أبي شيبة( فضرب لهم سنور له ناب ) فردّوا عليه فقال : قراءة حمزة عندنا بدعة .

وقال يحيى بن محمّد بن كاس النخعي : ثنا إبراهيم بن عبد الله الخصّاف قال : قرأ علينا عثمان بن أبي شيبة تفسيره فقال :( جعل السفينة في رجل أخيه ) فقيل : إنّما هو ( السِّقَايَةَ ) فقال : أنا وأخي لا نقرأ لعاصم )(٢) .

وكما حمل الذهبي خطأ عثمان في سورة الفيل على سبقِ اللّسان ، حاول حمل تصحيفاته على المزاح والدعابة ! فقال : ( قلت : فكأنّه كان صاحب دعابة ، ولعلّه تاب وأناب )... لكن الدعابة في ألفاظ القرآن تُوجب الفسق ، ولذا قال ( لعلّه تاب

ـــــــــــــــــــ

(١) تدريب الراوي ٢ : ١٧٥ ـ النوع السادس والثلاثون .

(٢) ميزان الاعتدال ٣ : ٣٧/ ٥٥١٨ .

٢٨١

وأناب ) ، وهل يكفي ( لعلّ ) لو كان ذلك منه ( دعابة ) ؟

والألطف مِن ذلك تمنّيه موت إسحاق مِن أجل الشهرة والرئاسة ، قال في( الميزان ) :

( قال إبراهيم بن أبي طالب الحافظ : دخلت عليه فقال لي : إلى متى لا يموت إسحاق ؟ فقلت : شيخٌ مثلك يتمنّى موت شيخٍ مثله ؟ !

فقال : دعني ، فلو مات لصفا لي جوّي )(١) .

الطبقة الرابعة

قال السيوطي :

( وبعدهم : ابن جرير الطبري ، وكتابه أجلّ التفاسير وأعظمها ، ثمّ ابن أبي حاتم ، وابن ماجة ، والحاكم ، وابن مَرْدَوَيه ، وأبو الشيخ ابن حيّان ، وابن المُنذر ، في آخرين .

وكلّها مسندة إلى الصحابة وأتباعهم ، وليس فيها غير ذلك ، إلاّ ابن جرير ، فإنّه يتعرّض لتوجيه الأقوال وترجيح بعضها على بعض ، والإعراب والاستنباط ، فهو يفوقها بذلك )(٢) .

أقـول :

إنّ أفضل وأشرف تفاسير هذهِ الطبقة :

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ٣ : ٣٨/ ٥٥١٨ .

(٢) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ٢٤٢ .

٢٨٢

تفسير ابن جرير الطَبَري

كما قال السيوطي ، بل لقد ادّعى الإجماع على ذلك ، حيث قال :

( فإنْ قلْت : فأيّ التفاسير ترشد إليه ، وتأمر الناظر أنْ يعوّل عليه ؟

قلت : تفسير الإمام أبي جعفر محمّد بن جرير الطبري ، الذي أجمع العلماء والمفسّرون على أنّه لم يُؤلَّف في التفسير مثله )(١) .

وقال النووي : ( له التاريخ المشهور ، وكتابٌ في التفسير لم يُصنِّف أحدٌ مثله )(٢) .

وقال ياقوت الحموي نقلاً عن الخطيب : ( وله الكتابُ المشهور في تاريخ الأُمم والملوك ، وكتابٌ في تفسير القرآن لم يصنِّف أحدٌ مثله )(٣) .

قال ياقوت : ( ومِن كتبه : الكتاب المسمّى جامعُ البيان عن تأويل آي القرآن .

قال أبو بكر ابن كامل : أملى علينا مِن كتاب التفسير مئةً وخمسينَ آية ، ثمّ خرجه بعد ذلك إلى آخر القرآن فقرأه علينا ، وذلك في سنة سبعين ومِئتين ، واشتهر الكتاب وارتفع ذكره وأبو العبّاس أحمد بن يحيى ثعلب

ـــــــــــــــــــ

(١) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ٢٤٤ .

(٢) تهذيب الأسماء واللغات ١ : ٧٨/ ٨ .

(٣) معجم الأُدباء ١٨ : ٤١/ ١٧ .

٢٨٣

وأبو العبّاس محمّد بن يزيد المبرد يَحْيَيان ، ولأهل الإعراب والمعاني معقلان ، وكان أيضاً في الوقت غيرهما مثل : أبي جعفر الرستمي ، وأبي الحسن ابن كيسان ، والمفضّل بن سلمة ، والجعد وأبي إسحاق الزجّاج ، وغيرهم من النحويّين من فرسان هذا الشأن ، وحمل هذا الكتاب مشرقاً ومغرباً ، وقرأه كلّ مَن كان في وقته مِن العلماء ، وكلّ فضّله وقدّمه .

قال أبو جعفر : حدّثني به نفسي وأنا صبي .

قال أبو جعفر : استخرت الله تعالى في عمل كتاب التفسير ، وسألته العون على ما نويته ثلاث سنين قبل أنْ أعمله ، فأعانني .

وقال أبو محمّد عبد الله بن أحمد بن جعفر الفرغاني : أخبرني شيخ من جِسْرِ ابن عفيف قال : رأيت في النوم كأنّي في مجلس أبي جعفر والنّاس يقرؤون عليه كتاب التفسير ، فسمعت هاتفاً بين السماء والأرض يقول : مَن أراد أنْ يسمع القرآن كما اُنزل فليسمع هذا الكتاب .

ولم يتعرّض ـ أي الطبري ـ لتفسيرٍ غيرَ موثوقٍ به ، فإنّه لم يُدخل في كتابه شيئاً عن كتاب محمّد بن السائب الكلْبي ، ولا مقاتل بن سليمان ، ولا محمّد بن عمر الواقدي ؛ لأنّهم عنده أظنّاء )(١) .

وقال السمعاني في( الأنساب ) :

( قال أبو حامد الإسفرائيني : لو سافر رجلٌ إلى الصِّين ، حتّى يحصل له كتاب تفسير محمّد بن جرير ، لم يكن ذلك كثيراً )(٢) .

وأمّا محمّد بن جرير الطبري نفسه ، فتوجد مكارمه ومحامده في الكتب

ـــــــــــــــــــ

(١) معجم الأدباء ١٨ : ٦١ ـ ٦٥/ ١٧ .

(٢) الأنساب ٤ : ٤٦ .

٢٨٤

التالية :

تذكرة الحفّاظ ٢ : ٧١٠ ـ ٧١٦ .

طبقات الشافعيّة للسبكي ٣ : ١٢٠ ـ ١٢٨ .

طبقات الحفّاظ : ٣٠٧ ـ ٣٠٨ .

وفيَات الأعيان ٤ : ١٩١ ـ ١٩٢.

مرآة الجنان ٢ : ٢٦٠.

تاريخ بغداد ٢ : ١٦٢ ـ ١٦٩.

تهذيب الأسماء واللغات ١ : ٧٨ ـ ٧٩ .

سير أعلام النُبَلاء ١٤ : ٢٦٧ ـ ٢٨٢

وغيرها مِن كتب التاريخ وتراجم الرّجال .

قال ياقوت الحمَوي في( معجم الأُدباء ) نقلاً عن الخطيب :

( كان أحد أئمّة العلماء ، يحكم بقوله ، ويرجع إلى رأيه ، لمعرفته وفضله ، وكان قد جمع مِن العلوم ما لم يُشاركهُ فيه أحدٌ مِن أهل عصره ، وكان حافظاً لكتاب الله عزّ وجلّ ، عارفاً بالقراءات ، بصيراً بالمعاني ، فقيهاً بأحكام القرآن ، عالماً بالسُنن وطُرقها ، وصحيحها وسقيمها ، وناسخها ومنسوخها ، عارفاً بأقوال الصحابة والتابعين ومِن بعدهم مِن المخالفين في الأحكام ومسائل الحلال والحرام ، عارفاً بأيّام الناس وأخبارهم ، وله الكتاب المشهور في تاريخ الأُمم والملوك ، وكتاب في تفسير القرآن لم يصنِّف أحدٌ مثله ، وكتابٌ سمّاه تهذيب الآثار لم أرَ سواه في معناه ، لم يتمّه .

قال ابن خزيمة ـ لمّا لاحظ تفسير ابن جرير ـ : ما أعلم على أديم الأرض أعلم مِن ابن جرير .

٢٨٥

قال أبو محمّد بن عبد العزيز بن محمّد الطبري : كان أبو جعفر مِن الفضل والعلم والذكاء والحفظ على ما لا يجهله أحد ؛ لجمعه مِن علوم الإسلام ما لم نعلمه اجتمع لأحدٍ مِن هذه الأُمة ، ولا ظهر مِن كتب المصنّفين وانتشر مِن كتب المؤلّفين ما انتشر له ، وكان راجحاً في علوم القرآن والقراءات ، وعلم التاريخ مِن الرسُل والخلفاء والملوك واختلاف الفقهاء مع الرواية لذلك ، على ما في كتابه البسيط والتهذيب وأحكام القراءات ، مِن غير تعويل على المناولات والإجازات ، ولا على ما قيل في الأقوال ، بل يذكر ذلك بالأسانيد المشهورة .

كان كالقاري الذي لا يعرف إلاّ القرآن ، وكالمحدّث الذي لا يعرف إلاّ الحديث ، وكالفقيه الذي لا يعرف إلاّ الفقه ، وكالنحوي الذي لا يعرف إلاّ النحو ، وكالحاسب الذي لا يعرف إلاّ الحساب ، وكان عاملاً بالعبادات ، جامعاً للعلوم ، وإذا جمعت بين كتبه وكتب غيره وجدت لكتبه فضلاً على غيرها )(١) .

أقـول :

وإذا كان الطبري بهذه المنزلة ، فلماذا يسقط كلامه عن الاعتبار إذا احتجَّ به أصحابنا في موردٍ ويُتكلَّم فيه ؟

لقد احتجّ العلاّمة الحلّي برواية الطبري تهديد عمر بن الخطّاب فاطمة الزهراء الطاهرةعليها‌السلام بإحراق بيتها ، فقال ابن روزبهان في جوابه :

( ومِن أسمج ما افتراه الروافض هذا الخبر ـ وهو إحراق عمر بيت فاطمة ـ وما ذُكر أنّ الطبري ذكره في التاريخ ، فالطبري من الروافض مشهورٌ بالتشيّع ، حتّى أنّ علماء بغداد هجروه ، لغوّه في الرفض والتعصّب ، وهجروا كُتبه

ـــــــــــــــــــ

(١) معجم الأدباء ١٨ : ٤١ ـ ٤٣ و٥٩ و٦١/ ١٧ .

٢٨٦

ورواياته وأخباره .

وكلّ مَن نقل هذا الخبر فلا يُشك أنّه رافضيٌّ متعصّب ، يُريد إبداء القَدْح والطعن على الأصحاب ؛ لأنّ العاقل المؤمن الخبير بأخبار السلَف ظاهرٌ عليه أنّ هذا الخبر كذِبٌ صراح وافتراءٌ بيّن ، لا يكون أقبح منه ولا أبعد مِن أطوار السلَف )(١) .

وإذا كان الطبري مِن الروافض ، شمله كلّ ما ذكره ابن تيميّة وغيره للروافض ، من القبائح والمثالب التي تفوق الحصر وتتجاوز حدّ الشرح والتبيين...

هذا ، وقد سبقه إلى الاتّهام بالتشيّع الفخر الرازي في كتابه( نهاية العقول ) في الكلام على النصّ على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

( الثالث : إنّ هذا النص لو كان كذباً لما دعا إلى روايته إلاّ الهوى ، فكان ينبغي أنْ لا يرويه مَن لا يهوى مُقتضاه ، وقد رواه أصحاب الحديث كابن جرير الطبري ، وليس هو من الإماميّة ، فبطل أنْ يكون كذباً ) .

فأجاب الرَّازي أوّلاً بأنّ الطبري لم يروِ هذا النص ثمّ قال :

( ثمّ إنّ سلّمنا أنّه ذكره ، فلعلّه رواه قبل أنْ تثبت عنده صحّة هذا الحديث ، فإنّ مِن المحدّثين مَن يروي كلّ غثٍّ وسمين .

ثمّ إنْ سلّمنا ذلك ، فلا نسلّم أنّه ما كان متّهماً بالتشيّع )(٢) .

فكان ابن جرير الطبري صاحب التفسير والتاريخ ممّن يروي الغثّ

ـــــــــــــــــــ

(١) ورد القول في دلائل الصدق ٣ : ٧٩ .

(٢) نهاية العقول ـ مخطوط .

٢٨٧

والسمين ، وكان متّهماً بالتشيّع...!!

هذا ، ومِن العجائب تناقض ابن تيميّة تجاه ابن جرير وتفسيره ، فإنّه لمّا لم يخرج ابن جرير حديث نزول آية الولاية في أمير المؤمنينعليه‌السلام ، جعل ابن تيميّة يمدحه ويمدح تفسيره ، وينصُّ على خلوّه من الموضوعات(١) ، حتّى إذا رأى أنّه قد روى بتفسير آية الإنذار نصّ النبيّ على أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام ، بالإمامة والخلافة والولاية مِن بعده... جعل يذّم تفسير ابن جرير ومؤلِّفه بشدّةٍ...!!(٢) .

ـــــــــــــــــــ

(١) منهاج السنّة ٤ : ٥ .

(٢) منهاج السنّة ٤ : ١٢٨ .

٢٨٨

تفسير ابن أبي حاتم

المحدّث الحافظ ، الفقيه ، المفسّر ، الرجالي ، الذي ترجم له ابن قاضي شهبة في( طبقات الشافعيّة ) فقال :

( عبد الرحمان بن محمّد بن إدريس ، أبو محمّد ، ابن أبي حاتم ، الحنظلي الرّازي ، أحد الأئمّة في الحديث والتفسير والعبادة والزهد والصلاح ، حافظ ابن حافظ ، أخذ عن أبيه وعن أبي زرعة ، وصنّف الكُتب المهمّة ، كالتفسير الجليل المقدار ، في أربع مجلّدات ، غالبه آثار مُسندة... )(١) .

وفي( فوات الوفيات ) :

( قال أبو عليّ الخليلي : كان يُعدّ من الأبدال ، وقد أثنى عليه جماعة بالزهد والورع التام والعلم والعمل )(٢) .

وذكر السيوطي في( اللآلي المصنوعة ) بعد حديث تكليم الله موسى :

( وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ، وقد التزم أنْ يخرّج فيه أصحّ ما ورد ، ولم يخرّج فيه حديثاً موضوعاً ألبتّة )(٣) .

وفي( الإتقان ) بعد ذكر تفسير السدّي:

( ولم يورد منه ابن أبي حاتم شيئاً ؛ لأنّه التزم أنْ يخرّج أصحّ ما ورد )(٤) .

ـــــــــــــــــــ

(١) طبقات الشافعيّة ١ : ١١١/ ٥٨ .

(٢) فوات الوفيات ٢ : ٢٨٨/ ٢٥٧ .

(٣) اللآلي المصنوعة ١ : ١٢ .

(٤) الإتقان في علوم القرآن ٤ : ٢٣٨ .

٢٨٩

لكنّ ابن تيميّة يقول ـ في الجواب عن الاستدلال بالحديث الوارد بذيل الآية :( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) الذي رواه ابن أبي حاتم أيضاً ، كما في( الدرّ المنثور ) (١) ـ :

( والجواب مِن وجوه :

الأوّل : المطالبة بصحّة النقل ، وما ادّعاه مِن نقل النّاس كافّة ، مِن أظهر الكذِب عند أهل العلم بالحديث ، فإنّ هذا الحديث ليس في شيء من كتب المسلمين التي يستفيدون منها علم النقل ، لا في الكتب الصحاح ولا في المسانيد والسُنن والمغازي والتفسير التي يذكر فيها الإسناد الذي يحتجّ به .

وإذا كان في بعض كتب التفسير التي ينقل فيها الصحيح والضعيف ، مثل تفسير الثعلبي والواحدي والبغَوي ، بل وابن جرير وابن أبي حاتم ، لم يكن مجرّد رواية واحدٍ مِن هؤلاء دليلاً على صحّته باتّفاق أهل العلم ، فإنّه إذا عرف أنّ تلك المنقولات فيها صحيحٌ وضعيف ، فلابدّ من بيان أنّ هذا المنقول مِن قسم الصحيح دون الضعيف ، وهذا الحديث غايته أنْ يوجد في بعض كتب التفسير التي فيها الغثّ والسمين ، بل وفيها أحاديثٌ كثيرةٌ موضوعةٌ مكذوبة ، مع أنّ كتب التفسير التي يوجد فيها هذا مثل تفسير ابن جرير وابن أبي حاتم والثعلَبي والبغَوي يَنقل فيها بالأسانيد الصحيحة ما يُناقض هذا ) .

وقال :

(الثالث : إنّ هذا الحديث كذِبٌ موضوع عند أهل المعرفة بالحديث ، فما مِن عالم يعرف الحديث إلاّ وهو يعلم أنّ هذا كذِبٌ موضوع ، وهذا لم يروِه أحدٌ منهم في الكتب التي يُرجع إليها في المنقولات ؛ لأنّ أدنى مَن له معرفة

ـــــــــــــــــــ

(١) الدر المنثور ٦ : ٣٢٧ ـ ٣٢٨ .

٢٩٠

بالحديث يعلم أنّ هذا كذِب )(١) .

وعلى هذا ، فإنّ جميع المدائح المذكورة لابن أبي حاتم وتفسيره تذهب أدراج الرّياح .

هذا بالنسبة إلى تفسيره .

وأمّا بالنسبة إلى كتابه في الجرح والتعديل ، فقد ذكر ابن الجوزي في( تلبيس إبليس ) ما نصّه :

( وبالإسناد عن أبي الحسن عليّ بن محمّد البخاري يقول : سمعت محمّد ابن الفضل العبّاسي يقول : كنّا عند عبد الرحمان بن أبي حاتم وهو يقرأ علينا كتاب الجرْح والتعديل ، فدخل عليه يوسف بن الحسين الرّازي فقال : يا أبا محمّد ، ما هذا الذي تقرؤه على الناس ؟ فقال : كتابٌ صنّفته في الجرح والتعديل .

فقال : وما الجرح والتعديل ؟ فقال : أظهر أحوال أهل العلم مَن كان منهم ثقةٌ أو غير ثقة فقال له يوسف بن الحسين : استحييت لك يا أبا محمّد مِن هؤلاء القوم ، قد حطّوا رواحلهم في الجنّة منذ مئة سنة ومِئتي سنة ، تذكرهم وتغتابهم على أديم الأرض ، فبكى عبد الرحمان وقال : يا أبا يعقوب لو سمعت هذه الكلمة قبل تصنيفي هذا الكتاب لم أُصنّفه )(٢) .

ولكنّ هذا الكلام يدلّ على جهل ابن أبي حاتم وعدم فهمه ، لِلِزوم المفسدة العظيمة في الدين والشريعة لولا الجرْح والتعديل للرجال... ولذا قال ابن الجوزي :

( قلت : عفا الله عن ابن أبي حاتم ، فإنّه لو كان فقيهاً لردّ عليه كما ردّ إمام

ـــــــــــــــــــ

(١) منهاج السنة ٤ : ١٢٨ ـ ١٢٩ .

(٢) تلبيس إبليس : ٣٧٩ .

٢٩١

القوم في الجنّة أحمد على أبي تراب ، ولولا الجرح والتعديل من أين كان يعرف الصحيح من الباطل ، ثمّ كون القوم في الجنّة لا يمنع أنْ نذكرهم بما فيهم ، وتسمية ذلك غيبة حديث سوء ثمّ مَن لا يدري الجرح والتعديل ما هو كيف يذكر كلامه ؟ )(١) .

ـــــــــــــــــــ

(١) تلبيس إبليس : ٣٧٩ باختلافٍ في النص .

٢٩٢

تفسير الحاكم النّيسابوري

الذي قال عنه المناوي في( فيض القدير ) :

( قال السبكي : اتّفق العلماء على أنّه مِن أعظم الأئمّة الذين حفظ الله بهم الدين )(١) .

وقال ابن قاضي شهبة :

( وقد أطنب عبد الغافر في مدحه وذكر فضائله وفوائده ومحاسنه ـ إلى أنْ قال : ـ مضى إلى رحمة الله تعالى ولم يخلّف بعده مثله )(٢) .

وقال ابن الأثير في وصف منزلته في علم الحديث : ( كان عالماً بهذا الفن ، خبيراً بغوامضه ، عارفاً بأسراره )(٣) .

إلاّ أنّه لروايته بعض مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، تكلّم فيه بعض أكابر القوم ، قال الذهبي في( الميزان ) :

( وقد قال ابن طاهر : سألت أبا إسماعيل عبد الله الأنصاري عن الحاكم أبي عبد الله فقال : إمام في الحديث ، رافضي خبيث )(٤) .

بل إنّ الفضل ابن روزبهان اتّخذ اتّهامه بالتشيّع ذريعةً للردّ على الإماميّة حين قال :

( وذكر الإمام الحاكم أبو عبد الله النيسابوري ، المحدّث الكبير والحافظ المتقن الفاضل النحرير ، في كتاب معرفة علو الحديث ، بإسناده عن الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمّد الصادق ( عليه وعلى آبائه السلام ) أنّه قال : أبو بكر الصدّيق جدّي ، وهل يسبُّ أحد آبائه ، لا قدّمني الله إنْ لا أُقدّمه .

وقد اشتهر بين المحدّثين والعلماء : أنّ الحاكم أبا عبد الله المذكور كان مائلاً إلى التشيّع ) .

ـــــــــــــــــــ

(١) فيض القدير شرح الجامع الصغير ١ : ٢٦ .

(٢) طبقات الشافعية ١ : ١٩٤/ ١٥٣ .

(٣) جامع الأُصول ـ ترجمة الحاكم النيسابوري .

(٤) ميزان الاعتدال ٣ : ٦٠٨/ ٧٨٠٤ .

٢٩٣

تفسير ابن ماجة

وأمّا تفسير ابن ماجة القزويني ، فمن الرّجال الذين روى عنهم فيه :

عيسى بن قرطاس الكوفي : قال ابن حجر في( تقريب التهذيب ) :

( عيسى بن قرطاس الكوفي ، متروك ، وقد كذَّّبه الساجي ، مِن السادسة )(١) .

محمّد بن عبد الله الأنصاري : قال الذهبي :

( قال العقيلي : مُنكرُ الحديث .

وقال ابن حبّان : مُنكر الحديث جدّاً .

وقال ابن طاهر : كذّاب ، وله طامّات )(٢) .

وقال ابن حجر : ( كذّبوه )(٣) .

نوح بن درّاج : قال ابن حجر : ( متروك ، وقد كذّبه ابن معين )(٤) .

وقال الذهبي : ( قال النسائي وغيره : ضعيف .

وقال أبو داود : كذّاب يضع الحديث )(٥) .

نوح بن أبي مريم : وستعرفه .

ـــــــــــــــــــ

(١) تقريب التهذيب ٢ : ١٠٧/ ٥٩٨٣ .

(٢) ميزان الاعتدال ٣ : ٥٩٨/ ٧٧٦٤ .

(٣) تقريب التهذيب ٢ : ١٨٦/ ٦٧٦٣ .

(٤) تقريب التهذيب ٢ : ٣١٣/ ٨١١٢ .

(٥) ميزان الاعتدال ٤ : ٢٧٦/ ٩١٣٣ .

٢٩٤

تفسير ابن مردويه

وأمّا تفسير ابن مردويه ، فقد نصّ المولوي عبد العزيز الدهلوي صاحب التحفة الاثني عشريّة في رسالته في( أُصول الحديث ) بأنّه من التفاسير المشهورة ، إلاّ أنّه أورده في عداد كتب الطبقة الرابعة ، مُصرّحاً بأنّ أحاديث هذه الكتب ليست بقابلةٍ للاعتماد ، للدلالة على عقيدةٍ أو حكم .

كما أنّ ابن الجوزي قد حكم بالوضع على أحاديث كثيرة في هذا التفسير .

تفسير ابن المنذر

الذي جاء في( طبقات الشافعيّة ) لابن قاضي شهبة بترجمته :

( محمّد بن إبراهيم بن المنذر ، أبو بكر النيسابوري ، الفقيه ، نزيل مكّة ، أحد الأئمّة الأعلام ، وممّن يُقتدى بنقله في الحلال والحرام ، صنّف كتباً معتبرةً عند أئمّة الإسلام ، منها... التفسير وغير ذلك ، وكان مجتهداً لا يقلّد أحداً )(١) .

لكنْ في( ميزان الاعتدال ) ما نصّه :

( قال مسلمة بن قاسم الأندلسي : كان لا يُحسن الحديث : ثمّ نسب إلى العقيلي : إنّه كان يحمل عليه وينسبه إلى الكذِب ، وكان يروي عن الربيع بن سليمان عن الشافعي ، ولم يرَ الربيع ولا سمِع منه ، وذكر غير ذلك توفّي سنة ٣١٨ ، ولا عبرة بقول مسلمة فيه ، وأمّا العقيلي فكلامه مِن قبيل كلام الأقران بعضهم في بعض ، مع أنّه لم يذكره في كتاب الضعفاء له )(٢) .

ـــــــــــــــــــ

(١) طبقات الشافعيّة ١ : ٩٨/ ٤٤ .

(٢) ميزان الاعتدال ٣ : ٤٥٠ ـ ٤٥١/ ٧١٢٣ .

٢٩٥

تفسير بن أبي داود السجستاني

الذي ذكر الذّهبي مناقبه فقال :

( قد كان أبو بكر مِن كبار الحفّاظ والأئمّة الأعلام ، حتّى قال الخطيب : سمعت الحافظ أبا محمّد الخلاّل يقول : كان أبو بكر أحفظ مِن أبيه أبي داود .

وروى ابن شاهين عن أبي بكر أنّه كتب في شهر عن أبي سعيد الأشج ثلاثين ألفاً .

وقال أبو بكر النقّاش والعهدة عليه : سمعت أبا بكر ابن أبي داود يقول : إنّ تفسيره فيه مِئة ألف وعشرون ألف حديث .

قلت : ولد سنة ثلاثين ومئتين ، ورحل به أبوه ، فلقي الكبار وسمع عيسى ابن حمّاد صاحب الليث بن سعد وطبقته ، وانفرد عن طائفة .

قال أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن شاذان : ذهب أبو بكر إلى سجستان فاجتمعوا عليه وسألوه أنْ يحدّثهم فقال : ليس معي كتاب ، فقالوا : ابن أبي داود وكتاب ؟ قال : فأثاروني فأمليت عليهم مِن حفظي ثلاثين ألفَ حديث ، فلمّا قدِمت بغداد قال البغداديّون : لعبت بأهل سجستان ثمّ فيّجوا فيجاً اكتروه بستّة دنانير ليكتب لهم النسخة ، فكتب ، وجيء بها فعرضت على الحفّاظ فخطّأوني في ستّة أحاديث منها ثلاثة رويتها كما سمعت .

وقال الحافظ أبو عليّ النيسابوري : سمعت ابن أبي داود يقول : حدّثت بأصبهان مِن حفظي بستّةٍ وثلاثين ألفَ حديث ، ألزموني الوهم في سبعةأحاديث ، فلمّا رجعت وجدت في كتابي منها خمسة على ما حدّثتهم ) (١) .

لكنّ ابن أبي داود مجروحٌ ومقدوحٌ بقوادحٍ عظيمة كالنصْب والكذِب ، حتّى أنّهم نقلوا عن أبيه ـ أبي داود صاحب السُنن ـ اتّهامه بالكذِب... وقد أورده الذهبي في( الميزان ) فقال :

( عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني ، أبو بكر ، الحافظ الثقة ، صاحب التصانيف ، وثّقه الدار قطني فقال : ثقةٌ إلاّ أنّه كان كثير الخطأ في الكلام على الحديث .

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ٢ : ٤٣٥/ ٤٣٦٨ .

٢٩٦

وذكره ابن عدِي وقال : لولا ما شرطنا وإلاّ لما ذكرته ـ إلى أنْ قال : ـ وهو معروف بالطلب ، وعامّة ما كتب مع أبيه وهو مقبول عند أصحاب الحديث وأمّا كلام أبيه فيه فلا أدري أيش تبيّن له منه .

ثنا عليّ بن عبد الله الداهري ، سمعت أحمد بن محمّد بن عمرو كركرة ، سمعت عليّ بن الحسين بن الجنيد ، سمعت أبا داود يقول : ابني عبد الله كذّاب .

قال ابن صاعد : كفانا ما قال أبوه فيه .

ثمّ قال ابن عدي : سمعت موسى بن القاسم الأشيب يقول : حدّثني أبو بكر يقول : سمعت إبراهيم الأصبهاني يقول : أبو بكر ابن أبي داود كذّاب .

وسمعت أبا القاسم البغوي وقد كتب إليه أبو بكر ابن أبي داود يسأله عن لفظ حديث لجدّه ، فلمّا قرأ رقعته قال : أنت ـ والله ـ عندي منسلخٌ من العلم .

وسمعت عبدان ، سمعت أبا داود السجستاني يقول : مِن البلاء أنّ عبد الله يُطلب للقضاء .

وسمعت محمّد بن الضحّاك بن عمرو بن أبي عاصم يقول : أشهد على محمّد بن يحيى بن مندة بين يدي الله أنّه قال : أشهد على أبي بكر ابن أبي داود بين يدي الله تعالى أنّه قال : روى الزهري عن عروة قال : حفيت أظافير فلان ، من كثرة ما كان يتسلّق على أزواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

قلت : هذا لم يسنده أبو بكر إلى الزهري ، فهو منقطع ، ثمّ لا يسمع قول الأعداء بعضهم في بعض ، ولقد كاد أنْ يضرب عنق عبد الله لكونه حكى هذا ، فشدّ منه محمّد بن عبد الله بن حفص الهمداني وخلّصه من أمير أصبهان أبي ليلى ، وكان انتدب له بعض العَلَويّة خصماً ، ونسب إلى عبد الله المقالة ، وأقام الشهادة عليه ابن مندة المذكور ومحمّد بن عبّاس الأخرم وأحمد بن علي الجارود ، فأمر أبو ليلى بقتله ، فأتى الهمداني وجرح الشهود...) .

وأيضاً في( الميزان ) :

( قلت : كان ـ أي عبد الله بن سليمان ـ قويّ النفس ، وقع [فتنة] بينه وبين ابن صاعد وبين ابن جرير ، نسأل الله العافية .

٢٩٧

قال ابن شاهين : أراد الوزير عليّ بن عيسى أنْ يصلح بين أبي بكر ابن أبي داود وابن صاعد ، فجمعهما وحضر القاضي أبو عمر ، فقال الوزير لأبي بكر : أبو محمّد ابن صاعد أكبر منك فلو قمت إليه فقال : لا أفعل فقال له : أنت شيخٌ زيف قال أبو بكر : الشيخُ الزيف الكذّاب على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال الوزير : مَن الكذّاب على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قال أبو بكر : هذا ، ثمّ قال إنّي أذّل لأجلِ رزقٍ يصل إليّ على يدك ، والله لا أخذت مِن يدك شيئاً أبداً ، وعليَّ مِئة بدنة إنْ أخذت منك شيئاً ، فكان المقتدر بعد يزن رزقه بيده ويبعثه على يد خادم .

وقال محمّد بن عبد الله القطّان : كانت عند محمّد بن جرير فقال رجل :

ابن أبي داود يقرأ على النّاس فضائل عليّرضي‌الله‌عنه فقال ابن جرير : تكبيرةٌ مِن حارس .قلت : وقد قام ابن أبي داود وأصحابه ـ وكانوا خلقاً كثيراً ـ على ابن جرير ونسبوه إلى بدعة اللّفظ ، فصنّف الرجل معتقداً حسناً سمعناه ، تنصّل فيه ممّا قيل عنه وتألّم لذلك) (١) .

هذا ، وقد ذمّه ابن الجوزي على روايته الخبر الطويل الموضوع في فضائل السّور وفرَّقه عليها ، مع علمه بوضعه وبطلانه ! قال :

( وإنّما عجبت مِن أبي بكر ابن أبي داود ، كيف فرّقه على كتابه الذي صنّفه في فضائل القرآن وهو يعلم أنّه حديثٌ محال ؟! ولكنْ شره جمهور المحدّثين ، فإنّ من عادتهم تنفيق حديثهم ولو بالبواطيل ، وهذا قبيحٌ منهم ؛ لأنّه قد صحَّ عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال :( مَن حدّث عنّي حديثاً يرى أنّه كذِب ، فهو أحدُ الكاذبين ) (٢) .

وقد أورد السيوطي كلام ابن الجوزي هذا مع إسقاط الجملة الأخيرة منه التي فيها ذمّ لجمهور المحدّثين...(٣) .

فكان ابن أبي داود مطعوناً عند ابن الجوزي والسيوطي أيضاً .

وحرمة رواية الحديث الموضوع ـ مع العلم بوضعه ـ ممّا استفاض فيه الحديث النبوي واتّفق عليه العلماء .

ـــــــــــــــــــ

(١) ميزان الاعتدال ٢ : ٤٣٣ ـ ٤٣٥/ ٤٣٦٨ .

(٢) كتاب الموضوعات ١ : ٢٤٠ .

(٣) اللآلي المصنوعة ١ : ٢٢٨ .

٢٩٨

تفسير أبي بكر النقّاش

وهو مِن مشاهير مفسّريهم ، وقد اعتمد على تفسيره علماؤهم ، حتّى أنّ صاحب( التحفة ) رجّح روايته في نزول آية الولاية ، في المهاجرين والأنصار على رواية الثعلبي نزولها في أمير المؤمنينعليه‌السلام (١) .

وقال السيوطي في( اللآلي المصنوعة ) :

( وأمّا النقّاش ، فهو أحد العلماء بالقراءات ، وأحد الأئمّة في التفسير ، قال الذهبي : صار شيخ المُقرين في عصره ، على ضعفٍ فيه ، أثنى عليه أبو عمرو الداني ، وحدّث بمناكير ) .

واعتمد السبكي على توثيق أبي عمرو الداني ، قال :

( محمّد بن الحسن بن محمّد بن زياد بن هارون بن جعفر بن سند ، أبو بكر النقّاش ، الموصلي ثمّ البغدادي ، الإمام في القراءة والتفسير وكثير من العلوم... وثّقه أبو عمرو الداني وقبله وزكّاه... )(٢) .

لكنّ تكلّمهم فيه وفي تفسيره كثير :

قال السمعاني :

( ذكر طلحة بن محمّد بن جعفر النقّاشَ فقال : كان يكذب في الحديث والغالب عليه القصص .

ـــــــــــــــــــ

(١) التحفة الاثنا عشريّة : ١٩٨ .

(٢) طبقات الشافعيّة ٣ : ١٤٥ ـ ١٤٦/ ١٢٩ .

٢٩٩

وسُئل أبو بكر البرقاني عن النقّاش فقال : كلّ حديثه منكر .

وقال البرقاني وذكر تفسير النقّاش فقال : ليس فيه حديثٌ صحيح .

وكان هبة الله الطبري اللالكائي يقول : تفسير النقّاش ذلك إشفاء الصدور ليس بشفاء الصدور )(١) .

وأورد الذهبي الكلمات المذكورة في( الميزان ) (٢) وفيه أيضاً :

( محمّد بن الحسن ، روى عنه إسحاق بن محمّد السيوطي أحاديث مختلفة في فضل معاوية ، لعلّه النقّاش صاحب التفسير ، فإنّه كذّاب )(٣) .

وكذا في( لسان الميزان ) (٤) و( وفيات الأعيان ) (٥) .

ـــــــــــــــــــ

(١) الأنساب ٥ : ٥١٧ ـ ٥١٨ ( النقّاش ) .

(٢) ميزان الاعتدال ٣ : ٥٢٠/ ٧٤٠٤ .

(٣) ميزان الاعتدال ٣ : ٥١٦/ ٧٣٩٠ .

(٤) لسان الميزان ٦ : ٤٥/ ٧٢٨٨ .

(٥) وفيات الأعيان ٤: ٢٩٨/ ٦٢٧ .

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

في أحدها وهو(١) تفسير الإمامية وبراهينهم(٢) الدالة على ذلك(٣) هي مذكورة في مباحثهم.

قال ولو كان هذا الحديث مجتمعا على أصله ولكنه غامض التأويل(٤) كان العذر في جهل إمامته(٥) واسعا(٦) لأكثر المسلمين وجل الناقلين ولكبراء المتكلمين(٧) .

واعلم أن الخصم يقول إنه ليس بغامض بل هو مقترن بقرائن عدة دالة على مراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منه(٨) ذكرت في مواضعها وإنما عاند من عاند ومن أعندهم صاحب الكلام لما تضمنت مطاوي هذه الأوراق من التنبيه عليه.

قال ما حاصله إنه إذا كان الغرض بالنص تخفيف المئونة على المكلفين وكون ذلك لا يحصل في الاختيار فليكن بينا(٩) .

قلنا للنص أسوة بغير ذلك من التكاليف التي لم تنقل إلينا ضرورية كالعلم بمكة ونحوها مع أن الإمامية يدعون العلم يقينا وأن من خالف ذلك حائد عن الطريق الحق.

__________________

(١) لا توجد في: ن.

(٢) ن: ببراهينهم.

(٣) ن بزيادة: و.

(٤) في المصدر بزيادة: وعويص المعنى لا يكاد يدركه الا الراسخ في العلم، البارع في حسن الاستخراج.

(٥) في المصدر بزيادة: وفضيلته على غيره.

(٦) في المصدر بزيادة: مبسوطا.

(٧) العثمانية: ١٤٩.

(٨) ن بزيادة: قد.

(٩) العثمانية: ١٤٩.

٣٢١

وأيضا فإنا لا نقول العلة في النص التخفيف بخلاف(١) الاختيار إذ فيه نوع كلفة بل نقول الاختيار محال بما قررناه ونقرره وتقرر بيننا وبين الخصم أنه لا بد من إمام فتعين النص حسب ما تقوم به الحجة وقد روي ذلك من طرقنا وطرق القوم.

وذكر لأرباب الإمامة بعد هذا تعلقهم بحديث الطائر قال المشار إليه قيل لهم أما واحدة فإن هذا الحديث ساقط عند أهل الحديث وبعد فإنه لم يأت(٢) إلا من قبل أنس(٣) وأنس وحده ليس بحجة وبعد فأنتم تكفرون أنسا فلا يكون قوله مبنيا عليه(٤) .

والذي يقال على هذا أن المشار إليه كذب في تضعيف الرواية بما نقلناه قبل من صواب طرقها ووضوح أسانيدها من طريق أرباب الحديث من غيرنا فالمشار إليه دائر بين الجهل المفرط والإقدام على القول بالهوى في الآثار النبوية أو معاند لأمير المؤمنين فهو إذن منافق بالحديث الصحيح أو(٥) الأحاديث الصحاح من طرق القوم.

وأما قوله إنه جاء من قبل أنس وحده فليس بحجة(٦) فإنه يرد عليه أن خبر الواحد حجة عند المسلمين إلا من شذ منهم وقوله واه متروك ويعارض هذا الشيخ بما يرويه معتمدا عليه من طريق لا يذكرها أصلا بل يروي مرسلا وهو يريد بذلك الحجة(٧) والحديث الواحد عن

__________________

(١) ق: خلاف.

(٢) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر وبدله: ولو كان صحيحا عندهم فلم يجيء.

(٣) المصدر بزيادة: فقط.

(٤) العثمانية: ١٥٠.

(٥) ن: و.

(٦) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ق.

(٧) ق: حجة.

٣٢٢

الثقة خير من المرسل خاصة في موضع مصادمة الخصم وأما قوله أنس عندكم كافر(١) فإنها دعوى سلمنا ذلك جدلا(٢) لكن قد أسلفنا القاعدة في أن إيراد هذا وأمثاله حسن في باب الإلزام قال وأخرى إنه إن كان هذا الحديث كما تقولون وقد صدقتم على أنس فقد زعم أنس(٣) بزعمكم أنه كذب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في موقف(٤) ثلاث مرات وقد أمسك النبي عن الطعام وهو يشتهيه وكل ذلك رواه أنس ويكذب(٥) له وقال إن الحديث أضعف حديث عند أصحاب الأثر(٦) .

أقول إنا قد بينا الكذب في ضعف الخبر فضلا عن كونه أضعف حديث.

وإذا اعتبرت قول ملقح الفتن عدو أمير المؤمنين وبغضه(٧) رأيت الخوارج بالنسبة إليه على سبيل المبالغة غلاة في حب أمير المؤمنين إذ كانوا إنما نقموا عليه التحكيم وهو شيء جنوه.

وهذا الناصب ملقح الفتن ذو فنون في القول ساقطة بليغة وإنما قلت ذلك وهذا أمر يعقله من له أدنى فطنة إذ كيف ضبط جميع الأحاديث النبوية وعرف أن هذا أضعفها ونحن عيانا نعرف أن فيها الضعيف الساقط جدا يأتي في الجبر والتشبيه وغير ذلك من سقطات يثبتها ضعفاء الحديث لا يشتبه حالها على ناقد فكيف وقد روى هذا الحديث المحدثون المعتبرون في الصحيح عندهم.

__________________

(١) العثمانية: ١٥٠.

(٢) لا توجد في: ق.

(٣) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(٤) المصدر بزيادة: واحد.

(٥) ق: مكذب.

(٦) العثمانية: ١٥١.

(٧) ق ون: مبغضه.

٣٢٣

وأما إن أنسا كذب ثلاث مرات فلا أدري ما وجهه أما إنه كتم فلا نزاع فيه ويكفي في براءته من الحوب عدم إنكار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإقامة العذر له بأنه يحب قومه.

قال وأما قولكم أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال أنت مني بمنزلة هارون(١) من موسى إلا أنه لا نبي بعدي وأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أراد بهذا أن يعلم الناس أن عليا وصيه وخليفته(٢) .

فإنا نقول(٣) في ذلك وبالله وحده نستعين.

قال كلاما حاصله إن عليا ما استخلفه النبيعليه‌السلام في حياته ومنعها(٤) بعد الموت(٥) .

قال لأن هارون مات قبل موسى وعلى هذا فإما أن يكون الحديث باطلا أو له تأويل غير ما تأولتم(٦) .

والذي يقال على هذا أن الجاحظ جزم وأبرم بأنهعليه‌السلام لم يستخلف(٧) عليا في حال حياته وإذا عرفت هذا فنقول:

تعين أن يكون ذلك بعد موته إذ الرواية صحيحة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وننازع(٨) مضطرين في أن هارون مات قبل موسى إذ لم يقرر برهان ذلك يقينا.

__________________

(١) في المصدر: كهارون.

(٢) العثمانية: ١٥٣.

(٣) في المصدر: سنقول.

(٤) ن: منعه.

(٥) العثمانية: ١٥٣.

(٦) المصدر السابق.

(٧) ن: استخلف.

(٨) ق: ينازع ون: تنازع.

٣٢٤

سلمنا ثبوت ذلك لكن يكون ذلك مشروطا أعني قول موسى اخلفني في أهلي(١) أي إن بقيت(٢) بعدي وما بقي لكن(٣) أمير المؤمنين بقي فيكون الخليفة بعده.

قال ولو أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أراد أن يجعله خليفة بعده(٤) لكان يقول أنت مني بمنزلة يوشع بن نون لأن يوشع كان خليفة موسى في بني إسرائيل(٥) .

قال وإن ادعوا أن المراد بذلك الوزارة قلنا ما المراد من الوزارة هل هي ما تشاكل الوزارة للملوك أو المعاونة بحيث إن غاب أحدهما كان الآخر مؤازره(٦) .

وساق الكلام إلى أن النبيعليه‌السلام لا يجوز أن يستثني ما لا يملكه وهو النبوة مما يملكه وهو الخلافة(٧) .

والجواب بما أن هارون كان شريك موسى في النبوة وخليفته فهذا ينقض كلاما بسيطا ذكره ومثله في هذا الإسهاب معجبا به كمثل رجل أطال(٨) فأعجبته الإطالة فقال لعربي عنده(٩) ما العي(١٠) عندكم قال ما كنت فيه منذ اليوم.

__________________

(١) الآية:( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي ) الاعراف: ١٤٢.

(٢) ن: بقي.

(٣) ن: ( و) بدل ( لكن ).

(٤) في المصدر: يجعل عليا خليفة من بعده.

(٥) العثمانية: ١٥٥.

(٦) العثمانية: ١٥٦.

(٧) المصدر السابق: ١٥٧.

(٨) ن: تكلم فاطال.

(٩) لا يوجد في: ن.

(١٠) ن: بدلها ( ما تعدون العي ).

٣٢٥

فإن قال هذا عين الإشكال لا غيره فإن الجواب عنه بما أنه إذا كان المعنى من قولهعليه‌السلام أن جميع منازل هارون من موسى حاصلة لعلي مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاز أن يستثني النبوة وإن لم يكن ملكا له لئلا يتوهم متوهم أن الله تعالى قد جعل لعلي الشركة في النبوة كما كانت لهارون مع موسىعليهما‌السلام .

وقوله إن الخلافة يملكها رسول الله دون النبوة باطل إذ الإمامة عند الإمامية موقوفة على تنصيص الله تعالى كما أن النبوة موقوفة على تنصيص الله تعالى(١) ولو لم يكن هذا فإن إشكال الجاحظ زائل إذ قد بينا ما يظهر منه أنه جائز أن يستثني ما لا يملكه وهو النبوة من الخلافة ولو كانت مما يملكه.

قال وقد زعم قوم من العثمانية أن هذا الحديث باطل لتعذر(٢) تأويله(٣) (٤) .

أقول قد بينا صواب وجه تأويله.

قال ووجه آخر إن هذا الحديث لم يرو إلا عن عامر بن سعد فواحدة أن عامر بن سعد رواه عن أبيه ولو سمعنا من سعد نفسه لم يكن حجة على غيره كالحجة(٥) على علي في شهادته لأبي بكر وعمر بأنهما سيدا كهول أهل الجنة(٦) .

والذي يقال على هذا أنه كذب صريح ينبهك عليه ويدلك ما ذكرناه

__________________

(١) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(٢) ن: لتعذرنا.

(٣) لا توجد في: ن.

(٤) العثمانية: ١٥٨.

(٥) ق: فالحجة.

(٦) العثمانية: ١٥٨.

٣٢٦

عن قرب في ذكر طرقه.

وأما قوله كالحجة على علي في مدحه أبا بكر فإنا قد بينا كذب الجاحظ جدا وجهله للقرآن وجهله بالحديث وتهمته وبغضته أمير المؤمنين صلوات الله عليه ومن كان بهذه الصفة لا يعتمد على قوله.

ثم من الفظيع أن يأتي مخاصما شرف أمير المؤمنين برواية يرويها غير مسند لها إلى أشياخ ولا محيل بها(١) على كتاب فهو في هذا كالبقة في مصادمة العقاب والنملة في مصادمة أسود غاب ثم كيف يقول أمير المؤمنينعليه‌السلام هذا مع قوله المعروف المشتهر جدا فيا لله وللشورى(٢) وقوله عبدت الله قبلهما وبعدهما(٣) .

ولو لم يقل فمزاياه دالة عليه مانعة له من قوله ما سبقت الإشارة إليه. ثم كيف يقول علي ذلك رادا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتفضيله(٤) على البشر حسب(٥) ما نطق به الأثر.

ثم من عرف حال المحدثين المعتبرين وقدحهم في الأخبار كالدارقطني وشبهه والأعمش مطلقا اتهم صحيحها المنزه عن التهمات فكيف(٦) مرجوحها الملتحف بالتهمات الظاهرات.

__________________

(١) ق: فيها.

(٢) فيا لله وللشورى متى اعترض الريب فيّ مع الاول منهم حتى صرت اقرن الى هذه النظائر.

الخطبة الشقشقية، الخطبة الثالثة من نهج البلاغة: ١ / ٢٥ ( مطبعة الاستقامة ) شرح محمد عبده.

(٣) قال ذلك لعثمان وقد جرى بينه وبينه كلام فقال: ابو بكر وعمر خير منك فقالعليه‌السلام : انا خير منك ومنهما عبدت الله قبلهما وعبدته بعدهما. انظر: المعارف لابن قتيبه: ٧٣ وذخائر العقبى: ٥٨ الرياض النضرة: ٢ / ١٥٥ وشرح ابن ابي الحديد: ٣ / ٢٥١.

(٤) ن: تفضيله.

(٥) ق: حيث.

(٦) ج: وكيف.

٣٢٧

ثم روى الرواية عن عامر أن النبيعليه‌السلام قال إلا أنه ليس معي نبي هكذا رووه عن عامر بن سعد(١) .

وأقول إنه لو روي على هذا الوجه ما قدح في الغرض إذ كان الله تعالى حكى عن موسى( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي ) وقد قرر الجاحظ أن هذه الخلافة ما كانت والنبيعليه‌السلام حي فتعينت بعد وفاته تصديقا للرواية.

ثم إن قوله هكذا رووه من الذي رواه كذا بحوث سمريه(٢) في مقام البراهين اليقينية وهذا نقص(٣) محض وزلل بين ولغط(٤) ظاهر.

ثم بيان فساد الرواية كون الجنة ليس في سكانها كهول وما يبعد من خاطري أن الكهل في الجنة إبراهيم الخليل وحده فإذن يكون منصوره سيد إبراهيم الخليل والجميع يأبونه.

وإن كان المراد به سيدا من مات كهلا في الدنيا فإذن منصوره سيد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وغيره من الأنبياء الذين ماتوا كهولا وهو يأباه وإن لم يأب ذلك فهو كافر.

وقال إن النبيعليه‌السلام قال هذا خالي أباهي به فليأت كل امرئ بخاله تفضيلا(٥) له(٦) على كل خال في الأرض وقد كان علي خال جعدة بن هبيرة ولم يستثن أحدا(٧) .

__________________

(١) العثمانية: ١٦٠.

(٢) ن: شعرية.

(٣) ن: نقض.

(٤) ن: غلط.

(٥) ن: مفضلا.

(٦) ن: عليه.

(٧) العثمانية: ١٦٠.

٣٢٨

أقول إنه إذا كان القول لا يسند إلى برهان أمكن أن يقول قائل إن أخس الخلق الجاحظ فعلى هذا هو أخس من كذا وكذا من فنون الحيوانات وكما أن هذا لا يقوم منه عرض فكذا هذا.

ومع الإضراب عن هذا فما البرهان على أن جعدة كان موجودا حتى يتوجه الإيراد.

أضربت(١) عن هذا فإن هذا مخصوص بكمال شرف أمير المؤمنينعليه‌السلام في الفنون من العلوم وغيرها من صنوف الخصائص المورقة الغصون.

أضربنا عن هذا فإن في الآثار النبوية من طريق الخصم ما يشهد بأن أمير المؤمنينعليه‌السلام وشيعته خير البرية(٢) وأنه سيد البشر(٣) وأنه سيد العرب(٤) وأنه وجماعة من أهله سادات أهل الجنة من طريق من لا يتهم.

وأيضا فإن الناس اختلفوا في أفضل الصحابة ولم يذكروا الخال المشار إليه فأراه على هذا لا رافضيا ولا سنيا ولا خارجيا ولا متعلقا بمذهب من مذاهب المسلمين فيكون منافقا.

ثم إن عدو السنة أراد أن يضع من عليعليه‌السلام فوضع من منصوره مبالغا بيانه.

إن أولاد الأشعث بن قيس حضروا عند معاوية بن أبي سفيان ففخر أولاد ابنة أبي قحافة على إخوتهم من النخعية وكثروا فقال أولاد النخعية والله لقد تزوج أبونا أمكم وهو مأسور على حكمه وتزوج أمنا وهو مطلق على حكمها.

__________________

(١) ق: اضربنا.

(٢) مرت الاشارة الى مصادره هامش ص: ٧٢.

(٣) مرت الاشارة الى مصادره هامش ص: ٧٢.

(٤) مرت الاشارة الى مصادره هامش ص: ١١٢.

٣٢٩

وإذا تقرر هذا فليكن خال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أشرف قدرا من منصوره وهو يأباه ولو لم يأبه فلا يرضى بذلك أحد من أهل السنة ويرون الجاحظ بذلك سابا لأبي بكر رضوان الله عليه وسب خلصاء الصحابة محذور فاعلم ذلك.

ويمكن الرد على هذا بأن أبا بكر لم يكن خالا في زمن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والإشكال إنما هو متوجه بهذا ثم إن الجاحظ مرمي بمذاهب المعتزلة فالمذاهب الأشعرية تتبرأ منه والمذاهب الحنبلية تتبرأ منه والمذاهب المالكية تتبرأ منه وكذا الشافعية والمذاهب الشيعية تتبرأ منه والمذاهب الكرامية تتبرأ منه(١) وإن كان على قواعد المثبتين الجواهر وما يبعد فقواعد القائلين بالصانع تتبرأ منه إذ مذهبهم آئل إلى ذلك وهو نفي الصانع ومن كان هذا أشرف حليته فغير بدع الانحراف منه على أمير المؤمنينعليه‌السلام وشيعته وأبو بكر وعمر يبرءان(٢) منه إذ لم ينقل عنهما إيغال(٣) في الطعن مع أن عمر مع الذي عنده من حزونة المزاج والخشونة كان المثني(٤) عليه على ما رواه القوم يعتمد على رأيه ويقول لو لا علي لهلك(٥) عمر ونحو هذا وقد أثبتناه فيما سلف(٦) ولا المعتزلة راضية عنه إذ لا أعرف أحدا منهم يقول الذي يقول بل فيهم من بلغنا أنه رد عليه وسخف رأيه وهذاه أحسن الله تعالى جزاء ذاك وهو أبو جعفر الإسكافي(٧) حسب ما

__________________

(١) ما بين القوسين لا يوجد في: ن.

(٢) ن: مبرءان.

(٣) ق ون: افعال.

(٤) ج وق: المبني.

(٥) ج ون: هلك.

(٦) تقدم ص (٨٥).

(٧) هو أبو جعفر محمد بن عبد الله بن محمد الاسكافي، المتوفى سنة ٢٤٠ ه‍، شيخ من شيوخ المعتزلة كان صاحب نظر ورأي فيهم. وقد نقض المشار اليه كتاب العثمانيّة وردّ عليه ولكن هذا

٣٣٠

رأيت في كلام ابن عباد وله مقامات ساميات في تفضيل أمير المؤمنين صلوات الله عليه وأحسن جزاء ابن عباد فيما قصد إليه.

وعند الخصوم أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال كونوا مع السواد الأعظم وهذا ملقح الفتن عدل عن فنون الطرق(١) وسلك في سبيل وعر جدا فحاق به غضب الله وغضب رسوله وغيرهما.

أقول إن المشار إليه ذكر حديث المؤاخاة وادعى أن المؤاخاة كانت بين(٢) علي وسهل بن حنيف(٣) وادعى أن هذا لا دافع له وأورد على نفسه أن تكون المؤاخاة بين علي وسهل وبين النبي وعلي وذلك لا يتنافى(٤) وأورد على ذلك أنه لم يجد(٥) بذلك إسنادا يثق به أصحاب الحديث وأنه كان ينبغي أن يؤاخي بينه وبين أفضل الأنصار حيث رضيه لنفسه(٦) .

والذي يقال على الجاهل بالكتاب والسنة عدو أمير المؤمنينعليه‌السلام إنا قد روينا فيما سلف الحديث من طريق ربع المنتسبين إلى

__________________

الرّد قد ضاع في جملة الكتب الّتي ضاعت وفقدت ولعلّ الأيدي الاثيمة هي الّتي اتلفته عمدا.

ولكن ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه على نهج البلاغة أورد قسما منه ضمن كتابه. وقد جمع هذه النصوص المتفرّقة الاستاذ حسن السندوبي في كتابه ( رسائل الجاحظ ) وجاء بها حسب ترتيب ذكرها في شرح نهج البلاغة. ثمّ انّه لما طبع كتاب العثمانيّة في القاهرة سنة ١٣٧٤ بتحقيق عبد السلام هارون قام المحقّق بطبع تلك النصوص على شكل كتّيب والحقه مع العثمانيّة وطبعه معه في آخره.

(١) ن: الطريق.

(٢) ق: من.

(٣) العثمانيّة: ١٦٠.

(٤) العثمانيّة: ١٦٠.

(٥) ن: نجد.

(٦) العثمانية: ١٦١.

٣٣١

السنة أحمد بن حنبل ومن الصحيح لرزين العبدري ومن طريق ابن المغازلي ومن طريق الحافظ ابن مردويه(١) وليس أحد من هؤلاء رافضيا خاصة مع تصحيح رزين للطريق فإذن الحديث في الصحيح برزين وبمن روى عنه فظهر زلل الجاحظ عدو الدين.

أما أنه كان على قود ما ادعيناه أن يؤاخي بينه وبين أفضل الصحابة حيث رضيه لنفسه فهذيان(٢) إذ وجه المصالح يعرفها الحاضر ويجهلها الغائب وما يدرينا ما الوجه الذي يراه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ذلك وما يدرينا أن غير سهل خير منه والبواطن إلى الله إلا أن ينص رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن فلانا أفضل من فلان كما نص في عليعليه‌السلام .

ثم من وافق الجاحظ أن أمير المؤمنين كان أخا لسهل بن حنيف وأما مؤاخاة النبي لعليعليه‌السلام فإنها بالقرائن دالة على تخصيصه له بالمنزلة وبقوله تركتك لنفسي.

[ و ](٣) أقول إن الجاحظ رد التعلق في نفي إمامة أبي بكر رضوان الله عليه بكونه كان في جيش أسامة في حال مرض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان يحث على إنفاذ الجيش ويكرره إلى أن قبضه الله تعالى(٤) وأورد على ذلك أن أحدا ما أنكر عليه الرجوع ولو كان خطأ أنكر(٥) .

وللجارودية أن يجيبوا عن ذلك بأن الوقت كان أشغل من الإنكار لمرض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المخوف وقد يعرف قوم بقدومه وقد(٦)

__________________

(١) تقدم ص: ١٥٢.

(٢) ق: فهو بان ( كذا ).

(٣) لا توجد في: ق.

(٤) العثمانية: ١٦٤.

(٥) العثمانية: ١٦٦ نقله بالمعنى.

(٦) لا توجد في: ن.

٣٣٢

لا يعرف وقد يتوهم(١) قوم أنه ورد لضرورة فلا ينكرون أو أن أسامة أنفذه فلا ينكرون أو أنه ليس بالمهم كونه في الجيش ولا هو المقصود فلا ينكرون أو أن بعضا عرف الخطأ وعياذا بالله وكان له غرض في قدومه فما أنكره.

أضربنا عن هذا فإن غرض الجارودية يحصل بمجرد كون النبي حث على تبعيده عن المدينة عند مرضه المخوف وهو دون(٢) تدبير الرئاسة.

قال وما يقرب من قولنا كون النبيعليه‌السلام قال انفذوا ولا يليق بهذا الخطاب إلا أبو بكر(٣) .

وهذه دعوى لا يرضاها أصحاب(٤) النظر يرد عليها موارد كثيرة يفهمها العيي(٥) فضلا عن الناقد والمقصر فضلا عن المبرز.

قال ووجه آخر وهو أنك لو جهدت أن تجد بحديث(٦) من زعم أن أبا بكر كان في جيش أسامة أصلا لم تجد(٧) . والذي يقال على هذا أن من لا يتهم في شرفه(٨) وسداده(٩) حكاه عن البلاذري(١٠) وهو بموضع الضبط

__________________

(١) ق: موهم، ن: توهّم.

(٢) ن: وقت.

(٣) العثمانية: ١٦٩ نقله بالمعنى.

(٤) ق: اهل.

(٥) ن: الغبى.

(٦) في المصدر: لحديث.

(٧) العثمانية: ١٦٩.

(٨) يعني الشريف المرتضى ( كما ياتى التصريح بذلك عند نقله حديث ان ولوها الاجيلح سلك بهم الطريق ) فقد ذكر في كتابه الشافي: ٢٤٦ ذلك عن تاريخ البلاذري.

(٩) ن بزياده: و.

(١٠) هو احمد بن يحيى بن جابر بن داود البلاذري البغدادي خاتمة مؤرخي الفتح.

ولد في اواخر القرن الثاني ونشأ في بغداد وكان من ندماء المتوكل وادرك المستعين والمعتز وعهد اليه الاخير بتثقيف ابنه عبد الله الشاعر المشهور.

وكان البلاذري بالاضافة الى كونه مؤرخا وشاعرا وكاتبا ومترجما.

٣٣٣

عندهم ورواه أبو بكر الجوهري في كتاب السقيفة ولا أراه بموضع تهمة أصلا عن أبي زيد قال حدثنا حماد بن سلمة(١) عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله جهز جيشا واستعمل عليهم أسامة بن زيد وفيهم أبو بكر وعمر(٢) .

وروى محمد بن جرير(٣) وهو إمامي من طريق الواقدي أن أبا بكر وعمر كانا في جيش أسامة(٤) .

__________________

وسوس في اخر ايامه فاخذ الى البيمارستان لانه شرب تمر البلاذر على غير معرفة ومنه اسمه ومات سنة ٢٧٩ في اول خلافة المعتضد.

وكتابه الذي ينقل عنه الشريف المرتضى هو ( تاريخ انساب الاشراف ) وهو كتاب كبير كثير الفائدة على ما ينقل، كتب منه عشرين مجلدا ولم يتم ( كما في كشف الظنون ) طبع من هذا الكتاب جزء واحد بباريس وهو الخامس فقط ويبدا بخلافة عثمان وامر الشورى الى ايام عبد الملك بن مروان. انظر: تاريخ ابن الاثير: ٢ / ٣١٧ معجم الادباء: ٥ / ٨٩. تاريخ اداب اللغة العربية: ٢ / ١٩١.

(١) ق: مسلمة.

(٢) المذكور في السقيفة: ٧٤.

وحدثنا احمد بن اسحاق بن صالح عن احمد بن سيار عن سعيد بن كثير الانصاري، عن رجاله عن عبد الله بن عبد الرحمن، ونقله ايضا ابن ابي الحديد في شرحه على النهج: ١ / ١٥٩ وابن الاثير في تاريخه: ٢ / ٣١٧.

(٣) هو محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي أبو جعفر.

وهو امامي صاحب كتاب غريب القرآن والمسترشد في الامامة، الذي يروي عنه الشريف الحسن بن حمزة الطبري المرعشي المتوفى سنة ٣٥٨. ووصفه بالكبير في قبال أبي جعفر محمد بن جرير الطبري الصغير الذي هو عامي صاحب التاريخ المتوفى سنة ٣١٠. وللطبري الامامي مؤلفات منها « دلائل الامامة » و « غريب القرآن » و « المسترشد في الامامة » و « نوادر المعجزات في مناقب الائمة الهداة ». انظر: فهرست ابن النديم: ٣٧ عند ذكر الكتب المؤلفة في غريب القرآن وفهرست الشيخ الطوسي: ١٥٨ ترجمة ٦٩٧ ورجال النجاشي: ٣٧٦ ترجمة ١٠٢٤ والذريعة: ٨ / ٢٤١.

(٤) المغازي: ٢ / ١١١٧.

٣٣٤

وإن (١) قيل إن ابن جرير موضع تهمة قلت قد أحال على شيخ معروف لا يتهم فلينظر كلامه.

وتعلق بكون منصوره صلى بالناس(٢) والجارودية تمانع عن(٣) ثبوت ذلك.

أقول إني قد رأيت الوفاء بما وعدت به من ذكر الأحاديث المتعلقة بفضل أبي بكر رضوان الله عليه وأقول عندها ما يجيء على مذهب الجارودية وأنا بريء من الزيغ.

ذكر الجاحظ أنهم يروون عن النبيعليه‌السلام ليس أحد أمن علينا بصحبته وذات يده من أبي بكر(٤) !

وأنه قال لو كنت متخذا من هذه الأمة خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن ود(٥) وإخاء!(٦)

قال وأعجب من هذا ما(٧) يروون أن النبيعليه‌السلام قال في شكاته(٨) وقبل(٩) وفاته إن خليلي منكم أبو بكر!(١٠) .

والذي يقال عند هذا إنا قد بينا(١١) أن رواية الخصوم لا تقبل في معارضة

__________________

(١) ن: فان.

(٢) العثمانية: ١٧٠.

(٣) لا توجد في: ق.

(٤) العثمانية: ١٣٥.

(٥) ن والمصدر: ودا.

(٦) العثمانية: ١٣٥.

(٧) لا يوجد في المصدر.

(٨) ق: مكانه.

(٩) المصدر: قبيل.

(١٠) العثمانية: ١٣٥.

(١١) ق: قدمنا.

٣٣٥

الخصم وهو الجاحظ فقد تضمن كتابه هذا أن أمثال هذه الأحاديث لا عبرة بها وعول على الغار ونحو ذلك ولا أستبعد أني حكيته بفصه(١) .

ثم إن قوله أمن يمكن أن يقال أنه أراد بمن علينا بذلك والجارودية يقول لسانها لا ينبغي أن يمن(٢) بالصدقة على غير رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكيف هو وهو صاحب الحقوق الجمة قال الله تعالى( لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى ) (٣) .

وأما حديث الخلة والإخوة فيحتاج إلى أن يعرف من الراوي له من الخصوم فإن كان ضعيفا عندهم بطل التعلق به رأسا عندنا وعندهم وإن كان عندهم موثقا وبنوا(٤) على روايته فإن الجارودية لا تتقبل(٥) رواية خصم لتهمته وتهمة من وثقه وكذا يقولون أعني الجارودية عند قوله اقتدوا بالذين من بعدي!(٦) مع أن راويه عبد الملك بن عمير(٧) يقال أنه قتل

__________________

(١) ق: بقصته.

(٢) ج: تمن.

(٣) البقرة: ٢٦٤.

والآية كاملة: ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ ) .

(٤) ن: بنوه.

(٥) ق: تقبل.

(٦) قال الجاحظ: ويروون ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: اقتدوا بالذين من بعدي ابي بكر وعمر. انظر العثمانية: ١٣٥.

(٧) عبد الملك بن عمير بن سويد بن حارثة القرشي، ابو عمرو الكوفي المعروف بالقبطي.

رأى عليا وابا موسى، وروى عن جماعة منهم الاشعث بن قيس، وجابر بن سمرة وجندب بن عبد الله البجلي وغيرهم. وقال عنه العسقلاني في تهذيب التهذيب: ٦ / ٤١١: وقال علي بن الحسين الهسنجاني عن احمد: عبد الملك مضطرب الحديث جدا، مع قلة روايته، ما ارى له خمسمائة حديث، وقد غلط في كثير منها. وقال اسحاق ابن منصور: ضعفه احمد جدا. الى

٣٣٦

رسول الحسين بن عليعليهما‌السلام ولا نعلم(١) إلى من أشار بالاقتداء وأين المصحح لهذه الرواية.

وكذا يقال شيء من هذا على قوله سيدا كهول أهل الجنة! مسندا الرواية عن علي.

أقول إن الجارودية يقول لسانها لو كان عند الجاحظ حياء ما أورد علينا مثل هذا إذ هو حديث من لا يدري ما يقول كيف يكذب أمير المؤمنين نفسه ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكيف يرد على معانيه وسؤدده ما شهدت به من الفضيلة على غيره والفخر له على من(٢) سواه إذ كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شهد له بالفضيلة(٣) العالية والمذاهب السرية والأخلاق العلية مشرفا له بها على غيره ظاهرا بها على من عداه وقد سلف بيان ذلك.

مع أن الجاحظ كفانا المئونة بضعف أمثال هذا وقد سلفت زيادة إيضاح في معنى قوله سيدا كهول أهل الجنة.

وكذا يقول لسان الجارودية على مثله من شهادة علي للجماعة بالجنة وكذا يقولون على ما يروون من خبر الأحجار وقعود الثلاثة عليها وأنهم

__________________

ان قال: ذكره ابن حبان في الثقات وقال: ولد لثلاث بقين من خلافة عثمان ومات سنة ست وثلاثين ومائة وله يومئذ مائة وثلاث سنين وكان مدلسا.

انظر ايضا: ميزان الاعتدال: ٢ / ٦٦٠ وسير اعلام النبلاء: ٥ / ٤٣٨ والجرح والتعديل: ٥ / ٣٦٠. وذكر الشبلنجي في نور الابصار: ٥٢ في ترجمة عبد الله بن يقطر قال:

وهو قاتل عبد الله بن يقطر رسول الحسين بن علي الى مسلم بن عقيل حيث رمى به ابن زياد من فوق القصر - وبه رمق - فاجهز عليه، فلما عوتب على ذلك قال: انما اردت ان اريحه.

(١) ن: يعلم.

(٢) ن: ما.

(٣) ج: بالفضلية.

٣٣٧

الخلفاء من بعدي.

وراوي الحديث يعقوب بن أبي شيبة قال حدثني يحيى بن عبد الحميد قال حدثنا حشرج(١) بن نباته عن سعيد بن جمهان(٢) عن سفينة مولى رسول الله عن النبيعليه‌السلام قال ابن الوليد المحدث ببغداد إن يحيى بن عبد الحميد(٣) تكلم فيه أحمد بن حنبل واختلف الناس في جرحه وثقته وأما حشرج(٤) بن نباته فإن محمد بن حبان صاحب كتاب المجروحين وهو لنا عدو قال ما صورته:

حشرج بن نباته يروي عن سعيد بن جمهان(٥) روى عنه حماد بن سلمة ومروان بن معاوية كان قليل الحديث منكر الرواية(٦) لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد روى عن سعيد بن جمهان عن سفينة أن النبيعليه‌السلام وضع حجرا ثم قال ليضع أبو بكر حجرا(٧) إلى جنب حجري ثم(٨) ليضع

__________________

(١) ق وج: حشرح.

(٢) ق: جمهار.

(٣) يحيى بن عبد الحميد بن عبد الله بن ميمون بن عبد الرحمن الحماني. الحافظ ابو زكريا الكوفي، روى عن جماعة منهم شريك.

قال الذهبي في ميزان الاعتدال: ٤ / ٣٩٢: واما احمد فقال: كان يكذب جهارا. وقال النسائي: ضعيف. وقال البخاري: كان احمد وعلي يتكلمان فيه.

وقال محمد بن عبد الله بن نمير: ابن الحماني كذاب. وقال مرة: ثقة. توفي سنة ثمان وعشرين ومائتين.

انظر أيضا: تهذيب التهذيب: ١١ / ٢٤٣ وسير أعلام النبلاء: ١٠ / ٥٢٦ والجرح والتعديل: ٩ / ١٦٨.

(٤) ج وق: حشرح.

(٥) ن بزيادة: و.

(٦) المصدر بزيادة: فيما يرويه.

(٧) في المصدر: حجره.

(٨) في المصدر بزيادة: قال.

٣٣٨

عمر حجرا(١) إلى جنب حجر أبي بكر ثم(٢) ليضع عثمان حجره إلى جنب حجر عمر ثم قال هؤلاء الخلفاء من بعدي!

أخبرناه أبو يعلى قال حدثنا يحيى الحماني(٣) قال حدثنا حشرج بن نباته عن سعيد بن جمهان عن سفينة(٤) .

وكذا روى غير هذا مما لا يعتمد عليه هو فكيف الخصم وروى(٥) حديث الميزان الذي وضع فيه أبو بكر وعمر وعثمان في منام يرويه أبو بكرة(٦) لمعاوية وقد ورد وافدا عليه

طريق الرواية:

رواه أبو بكر الجوهري عن أبي يوسف قال حدثنا سودة(٧) بن خليفة وموسى بن إسماعيل والأسود بن عامر بن شاذان ومعنى حديثهم واحد قالوا حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد(٨) وهو مقدوح فيه عندهم وكذا علي

__________________

(١) في المصدر: حجره.

(٢) في المصدر بزيادة: قال.

(٣) ن: يحيى بن حمّان.

(٤) المجروحين: ١ / ٢٧٧.

(٥) قال الجاحظ: ويروى ان النبي صلى الله عليه [ وآله ] وضع في كفة الميزان والامة في الكفة الاخرى فرجح بهم ثم اخرج النبي صلى الله عليه [ وآله ] ووضع ابو بكر مكانه فرجح بالامة ثم اخرج ابو بكر ووضع عمر مكانه فرجح بالامة ثم اخرج فرفع الميزان. انتهى ولم يرد فيه ذكر عثمان. انظر العثمانية: ١٣٧.

(٦) ق ون: ابو بكر.

(٧) ن: سؤدد.

(٨) علي بن زيد بن جدعان ابو الحسن القرشي التيمي البصري الاعمى.

حدث عن انس بن مالك وسعيد بن المسيب وغيرهما كما حدث عنه شعبة وسفيان وحماد بن سلمة وسفيان بن عيينة. وعلي بن زيد المذكور ولد اعمى. قال ابو زرعة وابو حاتم: ليس بقوي، وقال البخاري وغيره: لا يحتج به. وقال ابن خزيمة: لا احتج به لسوء حفظه وقال حماد بن زيد: انبأنا علي بن زيد وكان يقلب الاحاديث. وقال احمد بن حنبل: ضعيف.

٣٣٩

بن زيد(١) وعبد الرحمن(٢) عمه(٣) زياد ساب أمير المؤمنينعليه‌السلام وأبو بكرة(٤) أخو زياد ابن أبيه ساب أمير المؤمنينعليه‌السلام (٥) والوفادة إلى الشام والجلساء شاميون.

إذا عرفت هذا فإن الجارودية تخرف شيخا(٦) يورد مثل هذا على خصومه قال وقالوا قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٧) إن الله بعثني إليكم جميعا فقلتم(٨) كذبت(٩) وقال لي صاحبي صدقت فهل أنتم

__________________

وروى عباس عن يحيى: ليس بشيء. مات علي بن زيد سنة ١٣١ ه‍. انظر: سير اعلام النبلاء: ٥ / ٢٠٦ والتاريخ الكبير: ٦ / ٢٧٥ والجرح والتعديل: ٦ / ١٨٦ وميزان الاعتدال:٣ / ١٢٧ وتهذيب التهذيب: ٧ / ٣٢٢.

(١) ق: علي بن زياد.

(٢) عبد الرحمن بن ابي بكرة الثقفي، يكنى ابا بحر وقيل ابا حاتم سمع علياعليه‌السلام واباه وعبد الله بن عمرو كما حدث عنه ابن سيرين وابو بشر وخالد الحذاء واخرون ولد زمن عمر وقيل انه سنة اربع عشرة. وقيل انه كان يقول: انا انعم الناس، انا ابو اربعين، وعم اربعين، وخال اربعين، وعمي زياد الأمير وكنت اول مولود بالبصرة. قيل انه توفي سنة ٩٦ وقيل غير ذلك.

انظر: سير اعلام النبلاء: ٤ / ٣١٩ و ٤١١ وتهذيب التهذيب: ٦ / ١٤٨، تهذيب الكمال: ٧٧٩.

(٣) ن: ابن عمه.

(٤) ابو بكرة الثقفي الطائفي واسمه نفيع بن الحارث وقيل نفيع بن مسروح، تدلى في حصار الطائف ببكرة فكني يومئذ بابي بكرة. اسلم على يد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله واعلمه انه عبد فاعتقه.

سكن البصرة ووفد على معاوية. وامه سمية فهو اخو زياد بن ابيه لامه وجلده عمر هو ونافع وشبل ابن معبد لشهادتهم على المغيرة بالزنا. انظر: الكامل لابن الاثير: ٣ / ٤٤٣ والجرح والتعديل: ٨ / ٤٨٩، أسد الغابة: ٥ / ٣٨ و ١٥١ وسير اعلام النبلاء: ٣ / ٥.

(٥) ن بزيادة: قال.

(٦) ن: شيئا.

(٧) في المصدر: وقالوا: ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ايها الناس.

(٨) ن: فقلت.

(٩) ن: كذبتم.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534