بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية11%

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية مؤلف:
المحقق: السيد علي العدناني الغريفي
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 534

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية
  • البداية
  • السابق
  • 534 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 184277 / تحميل: 7020
الحجم الحجم الحجم
بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

في قوله:(الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ) قال: الصافنات الخيل إذا أصفنّ قياماً، عقرها: قطع أعناقها وسوقها، وقوله:(أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخيْرِ...) يقول: الخير المال، والخيل من المال، يقول: فشغلته الخيل عن الصلاة.(1)

تفسير الطبريّ

« فَقَالَ إِنّي أَحْبَبْتُ حُبّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبّي حَتّى‏ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ » .

قال: وفي هذا الكلام محذوفٌ استغني بدلالة الظاهر عليه من ذِكره، فَلَهِيَ عن الصلاة حتّى فاتته فقال: إنّي أحببتُ حبَّ الخير! ويعني بقوله:« فَقَالَ إِنّي أَحْبَبْتُ حُبّ الْخَيْرِ) : أي أحببتُ حبّاً للخير، ثمّ أضيف الحبّ إلى الخير، وعَنِي بالخير في هذا الموضع الخيل، والعرب فيما بلغني تسمّي الخيل الخير، والمال أيضاً يسمّونه الخير. فعن قتادة« فَقَالَ إِنّي أَحْبَبْتُ حُبّ الْخَيْرِ » أي المال والخيل، أو الخير والمال.(2)

وبسنده عن سفيان، عن السُّدِّيّ« فَقَالَ إِنّي أَحْبَبْتُ حُبّ الْخَيْرِ) قال: الخيل. وأيضاً عن السُّدِّيّ، قال: المال. (3)

وقوله:« عَن ذِكْرِ رَبّي » يقول: إنّي أحببت حبَّ الخير حتّى سهوتُ عن ذكر ربّي وأداء فريضة. وقيل: إنّ ذلك كان صلاة العصر. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال

____________________

(1) تفسير عبد الرزّاق الصنانيّ (ت 211 هـ) 2: 133 / الحديث 2588، وأيضاً تفسير عبد الرزّاق 2: 85،(وَعَشِيّاً) الروم: 18 -: العصر.

(2) تفسير الطبريّ 23: 182.

(3) نفسه.

٢٢١

أهل التأويل. عن قتادة، وعن السدّيّ«عَنْ ذِكْرِ رَبِّي) عن صلاة العصر.(1)

وأخرج بسنده عن أبي صخر، أنّه سمع أبا معاوية الجبليّ من أهل الكوفة يقول: سمعت أبا الصّهباء البكريّ يقول: سألت عليّ بن أبي طالب عن الصلاة الوسطى، فقال: هي العصر، وهي التي فُتِن بها سليمان بن داود.(2)

وقوله:« حَتّى‏ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ » يقول: حتّى توارت الشمس بالحجاب، يعني تغيّبت في مغيبها. ذُكِر ذلك عن ابن مسعود وعن السّدّيّ.(3)

وفي قوله:« فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسّوقِ وَالْأَعْنَاقِ » : عن قتادة قال: قال الحسن: قال: لا واللهِ لا تشغليني عن عبادة ربيّ آخر ما عليك.

قال قولهما - يعني قتادة والحسن - فيه: فكسف عراقيبها، وضرب أعناقها.(4)

وعن السّدّيّ: فضرب سُوقَها وأعناقها.(5)

الفخر الرازيّ: ذكر وجوهاً لحبّ داود للخيل، منها: أنّ هذه المحبّة الشديدة إنّما حصلت عن ذكر الله وأمره، لا عن الشهوة والهوى، وهذا الوجه أظهر الوجوه.(6)

____________________

(1) تفسير الطبريّ 23: 182.

(2) نفسه 23: 183.

(3) نفسه.

(4) نفسه.

(5) نفسه.

(6) التفسير الكبير، للفخر الرازيّ 26: 204.

٢٢٢

قال: والضمير في قوله:« حَتّى‏ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ » وفي قوله:«رُدُّوهَا» يحتمل أن يكون كلّ واحد منهما عائداً إلى الشمس؛ لأنّه جرى ذكر ما له تعلّقٌ بها، وهو العشيّ.(1)

تفسير السّلميّ: قال أبو سعيد القرشيّ: من غار للهِ وتحرّك له؛ فإنّ الله يشكر له ذلك، ألا ترى سليمان لمّا شغلته الأفراس عن الصلوات حتّى توارت الشمس بالحجاب، قال: ردّوها عَلَيّ فطفق مسحاً بالسّوق والأعناق.

فشكر اللهله صنيعه فقال:« فَسَخّرْنَا لهُ الرّيحَ » ، أبدلَه مركباً أهنى منهم وأنعم.(2)

ابن عطية الأندلسي: ذكر في تفسيره بشأن الآيات فقال: اختلف الناس في قصص هذه الخيل المعروضة، فقال الجمهور: إنّ سليمانعليه‌السلام عرضت عليه آلافٌ من الخيل تركها له أبوه، فأجريت بين يديه عشاءً، فتشاغل بجنسها وجريها ومحبّتها حتّى فاتته صلاة العشاء.(3)

قال: قال قتادة: صلاة العصر، ونحوه عن عليّ بن أبي طالب، فأسف لذلك وقال: رُدّوا علَيّ الخيل. قال الحسن: فطفق يضرب أعناقها وعراقيبها بالسيف؛

____________________

(1) نفسه.

(2) تفسير السّلمي محمّد بن الحسين الأزديّ السّلميّ (ت 412 هـ) 2: 186.

(3) إنّ قوله: فاتته صلاة العشاء، غير دقيق، إذ الذي في الآية:(العَشِيَّ) وهو ما بعد الزوال، كما في المعاجم والتفاسير على ما مرّو ما سيأتي. ونسبة قولَه إلى الجمهور! ليس صحيحاً، فقد ذكرنا بعض أقوالهم وسنذكر أخرى وكلّها تقول، «العصر». وقد وجدناه بعد قوله: فاتته صلاة العشاء، يذكر قول قتادة أنّها صلاة العصر! ومثله نسبه إلى الإمام عليّعليه‌السلام .

٢٢٣

عقراً لما كانت سبب فوت الصلاة، فأبدله الله أسرع منها.

قال: والضمير في (توارت) للشّمس، وإن كان لم يَجْرِ لها ذكر صريح لأنّ المعنى يقتضيها وأيضاً فذِكْرُ العشيّ يقتضي لها ذكراً ويتضمّنها، لأنّ العشيّ إنّما هو مقدّرٌ متوهّمٌ بها.(1)

وفي تفسير ابن العربيّ:( بِالْعَشِيِّ ) : من زوال الشّمس إلى الغروب، كما أنّ الغداة من طلوع الشمس إلى الزوال.(2)

الجياد: هي الخيل، وكلّ شيء ليس برديء يقال له جيّد، عرضت الخيل على سليمانعليه‌السلام ، فشغلته عن صلاة العشيّ.

قال المفسّرون: هي العصر.(3)

قال: وكان له ميدان مستدير يسابِقُ بينها فيه، فنظر فيها حتّى غابت الشمس خلف الحجاب، وهو ما كان يحجب بينه وبينها.(4)

وفي قول مَن قال: إنّ الشمس لم يجر لها ذِكر، قال: وهذا فاسد، بل تقدّم عليها دليل، وهو قوله:«بِالْعَشِيِّ» ، كما تقول: سِرتُ بعد العصر حتّى غابت، يعني الشمس، وتركها لدلالة السامع لها عليها بما ذكر ممّا يرتبط بها وتعلّق بذكرها؛

____________________

(1) المحرّر الوجيز: لعبد الحقّ بن غالب بن عطيّة الأندلسيّ (ت 546 هـ).

(2) أحكام القرآن لأبي بكر محمّد بن عبد الله المعروف بابن العربي 4: 50.

(3) نفسه: 51.

(4) نفسه.

٢٢٤

والغداةُ والعشيُّ أمرٌ مرتبط بمسير الشمس، فذُكره ذِكْرٌ لها.(1)

نظم الدّرر:« عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيّ » ، أي فيما بعد زوال الشمس،«الصَّافِنَاتُ» أي الخيول العربيّة الخالصة التي لا تكاد تتمالك بجميع قوائمها الاعتماد على الأرض؛ اختيالاً بأنفسها وقرباً من الطيران بلطافتها وهمّتها، وإظهاراً لقوّتها ورشاقتها وخفّتها...«الْجِيَادُ) ، التي تجود في جريها بأعظم ممّا تقدر عليه، جمع جواد، فلم تزل تُعرَض عليه حتّى فاتته صلاة آخر النّهار، وكان المفروض على من تقدّمنا ركعتين أول النهار وركعتين آخره، فانتبه في الحال.

ولمّا كان بيان ضخامة ملكه وكثرة هيبته وعزّته مع زيادة أوْبته، لتحصل التأسِية به في حسن ائتماره وانتهائه بقوله: فَقَالَ ولمّا كان اللاّئق بحاله والمعروف من فعاله أنّه لا يُؤثّر على ذكر الله شيئاً، فلا يكاد أحد ممّن شاهد ذلك يظنّ به ذلك - أي التسلية واللّهو - بل يوجّهون له في ذلك وجوهاً ويحملونه على محاملَ تَليق بما يعرفونه من حالٍ من الإقبال على الله والغنا عمّا سواه، أكد قوله تواضعاً للهِ تعالى، ليعتقدوا أنّه بشر يجوز عليهم لو لا عصمةُ الله: إِنِّي، ولمّا كان الحبّ أمراً باطناً لا يظهر في شيء إلاّ بكثرة الاشتغال به، وكان الاشتغال قد يكون لغير الحبّ، فهو غيرُ دالٍّ عليه إلاّ بقرائن، قال اعترافاً أَحْبَبْتُ أي: أوجدت وأظهرت بما ظهر منّي من الاشتغال بالخيل، مقروناً بذلك بأدلّة الودّ حُبَّ الخيْرِ وهو المال، بل خلاصة المال وسبب كلّ خيرٍ دنيويّ وأخرويّ «الخيلُ معقودٌ

____________________

(1) أحكام القرآن 4: 51.

٢٢٥

بنواصيها الخير».(1)

أظهرتُ ذلك بغاية الرّغبة، غافلاً«عَنْ ذِكْرِ رَبِّي» المحسن إليّ، بهذه الخيل التي شغلتني، فلم أذكره بالصّلاة التي كانت وظيفة الوقت؛ وإن كان غرضي لها لكونه في طاعته ذكراً له. ولم يزل ذلك بي«حَتَّى تَوَارَتْ» أي الشمس المفهومة من «العَشِيّ»،«بِالْحِجَابِ» وهي الأرض التي حالت بيننا وبينها، فصارت وراءها حقيقةً.(2)

ولما اشتدّ تشّوف السامع إلى الفعل الذي أوجب له الوصف بأوّاب، بعد سماع قوله في لومه نفسه ليجمع بين معرفة القول والفعل...، فَطَفِقَ أي: أخذ يفعل ظافراً بمراده، لازماً له مصمّماً عليه واصلاً له معتمداً على الله في التقوية على العدوّ، لا على الأسباب التي من أعظمها الخيل، مفارقاً ما كان سبب ذهوله عن الذّكر، مُعْرِضاً عمّا يمكن أن يتعلّق به القلب، متقرّباً به إلى الله تعالى كما يتُقرّب في هذه الملّة - أي ملّة الإسلام - بالضحايا.

مَسْحاً: أي يوقع المسح فيها بالسيف إيقاعاً عظيماً.(3)

المفردات: العشيّ: من زوال الشمس إلى الصباح والعشاء: من صلاة المغرب

____________________

(1) أخرجه البخاريّ برقم 2849 و 3624، ومسلم 1871، والنّسائيّ 221، والبيهقيّ 6: 329، والبغويّ 2644.

(2) نظم الدّرر في تناسب الآيات والسّور: لإبراهيم بن عمر البقاعيّ (ت 885 هـ) 6: 383.

(3) نفسه 6: 384.

٢٢٦

إلى العتمة.(1)

تاريخ دمشق: قال الحسن:« إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيّ » كانت خيلاً بلقاً جياداً، وكانت أحبّ الخيل إليه البلق فعرضت عليه، فجعل ينظر إليها« حَتّى‏ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ) يعني الشمس، فغفل عن صلاة العصر.

وعن عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه، أنّه سئل عن صلاة الوسطى فقال: هي التي غفل عنها نبيّ الله سليمان بن داود حتّى تورات بالحجاب. يعني العصر.(2)

الكشّاف: ذكر الزمخشري في تفسيره القصّة، نختصرها:

إنّ سليمان قعد يوماً - بعدما صلّى الأولى - على كرسيّه واستعرضها، فلم نزل تُعرَض عليه حتّى غربت الشمس وغفل عن العصر أو عن وردٍ من الذكر كان له وقتَ العشيّ، وتهيّبوه فلم يُعلموه، فاغتمّ لما فاته، فاستردّها عقرها ومُقرّباً للهِ. وقيل: لما عقرها أبدله الله خيراً منها، وهي الريح تجري بأمره.(3)

قال: والتواري بالحجاب: مجاز في غروب الشمس عن تواري الملك، أو المخبأة بحجابها. والذي دلّ على أنّ الضمير للشمس مرور ذكر العشيّ، ولابدّ للمضمر من جري ذكرٍ أو دليل ذكر.(4)

____________________

(1) المفردات في غريب القرآن للحسين بن محمّد المعروف بالراغب الأصفهانيّ (ت 502 هـ): 338.

(2) مختصر تاريخ دمشق 10: 125.

(3) تفسير الكشّاف لمحمود بن عمر الزمخشريّ (ت 538 هـ) 91: 4 - 92.

(4) نفسه 4: 93.

٢٢٧

ابن كثير: ذكر غير واحد من السّلف والمفسّرين أنّه اشتغل بعرضها حتّى فات وقت صلاة العصر، والذي يُقطع به أنّه لم يتركها عمداً بل نسياناً، كما شُغِل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عن صلاة العصر يوم الخَنْدق حتّى صلاّها بعد الغروب.

ويُحتمل أنّه كان سائغاً في ملّتهم تأخير الصلاة لضرر الغزو والقتال، والخيل تُراد للقتال.(1)

النهاية(2) : في حديث الصلاة «حين توارت بالحجاب» الحجاب هاهنا: الأفق، يريد حين غابت الشمس في الأفق واستترت به. ومنه قوله تعالى:« حَتّى‏ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ » .

الثعالبيّ: ذكر الثعالبيّ في تفسيره، قال: اختلف المتأوّلون في قصص هذه الخيل المعروضة على سليمانعليه‌السلام ؛ فقال الجمهور: إنّ سليمان عُرضت عليه آلاف الخيل تركها له أبوه... فتشاغل بجريها ومحبّتها حتّى فاته وقتُ صلاة العشيّ، فأسف لذلك... فطفق يمسحُ سوقها وأعناقها بالسيف. قال الثعالبيّ وغيره: وجعل ينحرها تقرّباً إلى الله تعالى حيث اشتغل بها عن طاعته، وكان ذلك مباحاً لهم كما أبيح لنا بهيمةُ الأنعام؛ فرُوي أنّ الله تعالى أبدله منها أسرع منها، وهي الريح.

والضمير في«تَوَارَتْ» للشمس، وإن كان لم يتقدّم لها ذكر؛ لأنّ المعنى

____________________

(1) تفسير القرآن العظيم: لابن كثير (ت 774 هـ) 7: 56.

(2) النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير الجزريّ (ت 606 هـ) 1: 340.

٢٢٨

يقتضيها، وأيضاً فذكر العشيّ يتضمّنها.(1)

ابن وَهبْ: قال عبد الله بن وهب: سألت اللّيث عن قول الله:« بِالْغُدُوّ والآصَالِ » (2) ، فقال: الآصالُ العشيّ. (3)

ولا يخفى: أنّ الأصيل هو الوقت بين العصر والمغرب، فهو العشيّ.

هود الهُوّاريّ: ذكر في تفسيره:« فَقَالَ إِنّي أَحْبَبْتُ حُبّ الْخَيْرِ) أي: حبّ المال، يعني الخيل، وهي في قراءة عبد الله بن مسعود «حب الخيل»،« عَن ذِكْرِ رَبّي حَتّى‏ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ) أي غابت، يعني الشمس« بِالْحِجَابِ) ففاتته صلاة العصر.(4)

القرطبيّ:« تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ) يعني الشمس، كنايةً عن غير مذكور، وتركُها لدلالة السامع عليها بما ذكر ممّا يرتبط بها.(5)

مجمع البحرين:« تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ) يعني الشمس، أضمرها ولم يجر لها ذكر، والعرب تقول ذلك إذا كان في الكلام ما يدلّ على المـُضمر. (6)

الجصّاص: ذكر الآيات ثمّ قال عن ابن مسعود: حتى توارت الشمس

____________________

(1) تفسير الثعالبيّ «الجواهر الحسان في تفسير القرآن» لعبد الرحمان بن محمّد الثعالبيّ المالكيّ (ت 875 هـ) 5: 66.

(2) الأعراف: 205، الرعد: 15، النور: 36.

(3) الجامع: عبد الله بن وَهْب المصريّ (ت 197 هـ) 2: 165.

(4) تفسير كتاب الله العزيز: هود بن مُحَكَّم الهوّاريّ (ت منتصف القرن الثالث الهجريّ) 4: 16.

(5) الجامع لأحكام القرآن لمحمّد بن أحمد القرطبيّ الأنصاريّ 15: 195.

(6) مجمع البحرين لفخر الدين الطريحيّ (ت 1085 هـ) ج 1: ص 434.

٢٢٩

بالحجاب.(1)

الصدوق: ذكر روايةً عن الإمام الصادقعليه‌السلام ، هي: إنّ سليمان بن داودعليهما‌السلام عُرِض عليه ذات يوم بالعشيّ الخيل، فاشتغل بالنظر إليها حتّى توارث الشمس بالحجاب، فقال للملائكة: ردّوا الشمس عَلَيّ حتّى أصلّي صلاتي في وقتها. فرَدُّوها، فقام فمسح ساقيه وعنقه، وأمر أصحابه الذين فاتتهم الصلاة معه بمثل ذلك وكان ذلك وضوءهم للصلاة، ثمّ قال فصلّى، فلمّا فرغ غابت الشمس وطلعت النجوم. وذلك قول الله عزّ وجلّ:« وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنّهُ أَوّابٌ * إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيّ ...» (2) .

الطّبرسيّ: «المراد بالخير الخيل هنا، فإنّ العرب تُسمّي الخيل الخير ن عن قتادة والسدّيّ. فالمعنى آثرتُ حبَّ الخيل عن ذكر ربّي، وقيل: إنّ هذه الخيل كانت شَغَلَتْه عن صلاة العصر حتّى فات وقتها. عن عليّعليه‌السلام ، وقتادة والسدّي. وفي روايات أصحابنا أنّه فاته أوّل الوقت».(3)

وقوله تعالى:« رُدّوهَا عَلَيّ) ، قال: قيل: معناه أنّه سأل اللهَ تعالى أن يَرُدّ الشمس عليه، فردّها عليه حتّى صلّى العصر. فالهاء في ردّوها كناية عن الشمس. عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .(4)

____________________

(1) أحكام القرآن للجصّاص أحمد بن عليّ الرازيّ (ت 370)، 3: 502.

(2) من لا يحضره الفقيه للصدوق محمّد بن عليّ بن بابويه القميّ (ت 381 هـ 1: 129).

(3) مجمع البيان للفضل بن الحسن الطبرسيّ (ت 548 هـ) 8: 740.

(4) مجمع البيان 8: 741.

٢٣٠

وفي رواية عن ابن عبّاس: سألتُ عليّاًعليه‌السلام عن هذه الآية فقال: ما بلغك فيها يا ابن عبّاس؟ قلت: سمعتُ كعباً يقول: اشتغل سليمانُ بعرض الأفراس حتى فاتته الصّلاة، فقال ردّوها علَيَّ، يعني الأفراس، كانت أربعة عشر، فأمر بضرب سوقها وأعناقها، فقتلها، فسلبه الله مُلكه أربعة عشر يوماً؛ لأنّه ظلم الخيل بقتلها!

فقال عليّعليه‌السلام : كذب كعب، لكن اشتغل سليمان بعرض الأفراس ذات يوم؛ لأنّه أراد جهاد العدوّ، حتّى توارت الشمس بالحجاب، فقال بأمر الله تعالى للملائكة الموكّلين بالشمس: رُدّوها علَيِّ فرُدّت، فصلّى العصر في وقتها، وإنّ أنبياء الله لا يَظلمون ولا يأمرون بالظّلم؛ لأنّهم معصومون مطهّرون».(1)

ابن شهر آشوب: ذكر في مناقبه: عن ابن عبّاس بطرق كثيرة أنّه لم تُردَّ الشمس إلاّ لسليمان وصيّ داود وليوشع وصيّ موسى، ولعليّ بن أبي طالب وصيّ محمّد صلوات الله عليهم أجمعين.(2)

الكلينيّ: بسنده عن أبي جعفر «الباقر»عليه‌السلام في قول عزّ وجلّ:« إِنّ الصّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً » (3) قال: يعني مفروضاً. وليس يعني وقت فوتها إذا جاز ذلك الوقت ثمّ صلاّها، فلم تكن صلاته هذه مؤدّاةً، ولو كان ذلك كذلك

____________________

(1) مجمع البيان 8: 741. وانظر: تفسير الصافي للفيض الكاشانيّ 4: 299، والميزان للطباطبائي 17: 206، وكنز الدقائق للمشهديّ 11: 233.

(2) مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب محمّد بن عليّ المازندرانيّ (ت 588 هـ) المطبعة الحيدريّة، النجف الأشرف، 2: 146. وانظر: من لا يحضره الفقيه للصدوق 1: 29، رواية 9 - 12.

(3) النساء: 103.

٢٣١

لهلك سليمان بن داودعليهما‌السلام حين صلاّها لغير وقتها، ولكنّه متى ذكرها صلاّها.(1)

القمّيّ: ذكر في تفسيره: أنّ سليمانعليه‌السلام كان يحبّ الخيل ويستعرضها، فعرضت عليه يوماً، إلى أن غابت الشمس وفاتته صلاة العصر، فاغتمّ من ذلك غمّاً شديداً، فدعا الله أنّ يردّ عليه الشمس حتّى يصلّي العصر...».(2)

ابن أبي جامع العامليّ: ذكر في تفسيره:«رُدُّوهَا» أي الشمس عَلَيَّ أيّها الملائكة الموكّلون بها. طلب منهم ردّها بأمر الله إيّاه بذلك، فردّت، فصلّى. كما ردّت ليوشع وعليّعليه‌السلام .(3)

السيّد عبد الله شبّر: حَتَّى«تَوَارَتْ» أي الشمس، بدلالة العشيّ عليها، بِالْحِجَابِ بحجاب الأفق، أي غربت، أو حتّى غابت الخيل عن بصره حين أجريت رُدُّوهَا أي الشمس عَلَيَّ أيّها الملائكة الموكّلون بها، فردّت فصلّى، كما ردت ليوشع وعليّ عليهما‌السلام . (4)

العلاّمة الطباطبائيّ: «إنّي شغلني حبّ الخيل، حين عُرض علَيّ، عن الصلاة حتّى فات وقتها بغروب الشمس. وإنّما كان يحبّ الخيل في الله ليتهيّأ به للجهاد في سبيل الله، فكان الحضور للعرض عبادةً منه، فشغلته عبادةٌ عن عبادة، غير

____________________

(1) الكافي لمحمد بن يعقوب الكلينيّ الرازيّ (ت 328 هـ) 3: 294.

(2) تفسير القمّيّ لعلي بن إبراهيم القمّيّ (القرن الثالث والرابع الهجريّ) 2: 234.

(3) الوجيز في تفسير القرآن العزيز لعليّ بن الحسين بن أبي جامع العامليّ (1070 - 1135 هـ) 3: 101.

(4) تفسير القرآن الكريم لعبد الله شبّر (ت 1242 هـ): 429.

٢٣٢

أنّه يعدّ الصلاة أهمّ».(1)

ثمّ ذكر الرواية التي ذكرها الطّبرسيّ في دعاء سليمانعليه‌السلام واستجابة الله تعالى له، فردّ عليه الشمس حتّى صلّى.

الفيض الكاشانيّ:«رُدُّوهَا عَلَيَّ) الضمير للشمس... في «الفقيه» عن الصادقعليه‌السلام قال: إنّ سليمان بن داودعليهما‌السلام عرض عليه ذات يوم بالعشيّ الخيل، فاشتغل بالنظر إليها حتّى توارت الشمس بالحجاب. فقال للملائكة: ردّوا الشمس علَيّ حتّى أصلّي صلاتي في وقتها...، تمام الرواية التي ذكرها الصدوق عن الإمام الصادقعليه‌السلام .(2)

ظهور الضمير في الشمس

إضافة إلي ما ذكرنا من مصادر معتبرةٍ مُعتدّ بها، قد ذَكَرت أنّ الضمير في تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ عائد إلى الشمس.

نذكر مصادر أخرى ذكرت ذلك، على نحو الإيجاز:

تنزيه الأنبياء: ذكر الشريف المرتضى عن الجبائيّ: أنّها الشمس... وفاتته صلاةٌ مستحبّة.(3)

____________________

(1) الميزان في تفسير القرآن لمحمد حسين الطباطبائيّ (1321 - 1402 هـ) 17: 203.

(2) تفسير الصافي للفيض الكاشانيّ (ت 1091 هـ) 4: 298.

(3) تنزيه الأنبياء للشريف المرتضى: 135.

٢٣٣

غريب الحديث: تَوَارَتْ الشمس.(1)

وابن عساكر: عن الحسن: يعني الشمس. وأيضا: قول جمهور أهل العلم: الشمس. (تاريخ مدينة دمشق 22: 241، 42: 506). وكذلك في: «عصمة الأنبياء؛ للفخر الرازيّ: 83، زاد المعاد لابن الجوزيّ 6: 335. تأويل الآيات لعليّ الحسينيّ (ت 965 هـ) 2: 552. لسان العرب لابن منظور 1: 299. البرهان في علوم القرآن لمحمّد بن عبد الله الزركشيّ (ت 794 هـ) 4: 26.

النتيجة:

1 - أنّ الشمس ردّت ليوشع وسليمان وعليّعليهم‌السلام .

2 - بطل الإشكال الذي ذكره ابن تيميه في أنّ الشمس لو ردت حقيقة لعليّ، لم تكن له فضيلة! لأنّه يكون قد أدّى صلاته في غير وقتها! فهو إمّا مقصّر والمقصّر عليه أن يتوب؛ وإمّا غير مقصّر فلا ذنب عليه ولا حاجة لردّ الشمس.

وجوابه: لقد أدّاهاعليه‌السلام في وقتها بدليل رجوع الشمس إلى وقت العصر. ولو لم يكن لرجوعها فضيلة، لما دعا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فاستجاب الله تعالى له فردّها، ولما دعا سليمانعليه‌السلام فردّها سبحانه عليه.

وليس تقصير في البين، لا من سليمان النبيّ، ولا من عليّ الوصيّعليهما‌السلام فكلاهما كان في عبادة شغلته عن عبادة، مع الموقع المهمّ للصلاة في العبادات.

____________________

(1) غريب الحديث لابن سلام (ت 224) 3: 79.

٢٣٤

كرامات أعظم من ردّ الشمس

كبر على ابن الجوزيّ ردّ الشمس زيادةً في إعجاز رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكرامة لوليّه عليه السلام، فيها ذكر كرامات لغيرهما تبزّ عين الشمس، ويكون ردّ الشمس لا شيء إزاءها! فشايعه ابن تيميه على الأولى ولم ينكر عليه الثانية.

وقبل ذكر أمثلة من تلك الكرامات العظيمة، نقول: أثبتنا قوّة ووثاقة سند حديث ردّ الشمس؛ فيما جرّد أبو الفرج أخباره تلك من الأسانيد وألقى كثيراً منها على لسان رجل مجهولٍ أو امرأة نكِرة، وكثير منها أحلامٌ ومنامات. وآن الأوان لأن نجول في تلك الأخبار ونقتطف بعضاً من بحرها!

الله عزّ وجلّ يزور أحمد

روى ابن الجوزيّ، قال: حدّثني أبو بكر بن مكارم بن أبي يعلى الحربيّ وكان شيخاً صالحاً، قال: قد جاء في بعض السنين مطر كثير جدّاً قبل دخول رمضان بأيّام، فنمتُ ليلة فيرمضان فأريت في منامي كأنّي قد جئت على عادتي إلى قبر الإمام أحمد بن حنبل أزوره، فرأيت قبره قد التصق بالأرض مقدار سافٍ أو سافَين فقلتُ: إنّما تمّم هذا على قبر الإمام أحمد من كثرة الغيث، فسمعته من القبر وهو يقول: لا، بل هذا من هيبة الحقّ عزّ وجلّ، قد زارني فسألته عن سرّ زيارته إيّاي في كلّ عام، فقام عزّ وجلّ: يا أحمد! لأنّك نصرت

٢٣٥

كلامي فهو يُنشَر ويتلى في المحاريب.(1)

فأيّ شأن يبقى لردّ الشمس، والله - تعالى عن ذلك علوّاً كبيراً - يزور أحمد في قبره؟! إلاّ أنّ البعض يثير إشكالاً على أبي الفرج! فيقول: مَن هو هذا الرجل الصالح الذي روى لك منامَه هذا فجعلتهَ حقيقةً في مناقب أحمد، وهل يرقى إلى رواة وسند حديث ردّ الشمس؟!

وكيف سمع أحمد كلام هذا الرجل وهو في قبره، وأنت تروي في مناقبه أنّه قد رُفع إلى الجنّة متوّجاً يُدخِل مَن يشاء ويمنع من يشاء - سيأتي - وإنّ نزول الله - جلّ وعزّ عن ذلك - يعني أنّه سبحانه في جهةٍ ممّا يعني تحديده وتبعيضه، ممّا هو صفة الحوادث المخلوقة.

تتويج أحمد

وذكر أبو الفرج من أحوال أحمد قال: قال زكريّاء بن يحيى السّمسار(2) :

رأيت أحمد بن حنبل في المنام على رأسه تاج مرصّع بالجوهر، وفي رجلَيه نعلان وهو يخطر بهما. فقلت: أبا عبد الله، ماذا فعل الله بك؟ قال: غفرلي، وأدناني من نفسه، وتوّجني بيده هذا التّاج، وقال لي: هذا بقولك: القرآن كلام الله

____________________

(1) مناقب أحمد بن حنبل لأبي الفرج ابن الجوزيّ: 454.

(2) لم أجد له ترجمة في الكتب المعتمدة، وذكره ابن حجر في لسان الميزان 2: 483 / 1945: (زكريا) بن يحيى البديّ، عن عكرمة، قال ابن معين: ليس بثقة، قال ابن المدينيّ عنه: هالك. قال الدوريّ ليس بثقة. قال النسائيّ: ليس بثقة. قال ابن حبّان: يروي عن الأثبات ما لا يشبه أحاديثهم.

٢٣٦

غير مخلوق. قلت: فما هذه الخَطْرة الّتي لم أعرفها لك في دار الدّنيا؟! قال: هذه مِشْية الخُدّام في دار السلام.(1)

لا اعتراض على دخول أحمد الجنّة، ولكنّ الأمر متعلّق بتتويج الله تعالى بيده لأحمد، وتكليمه له؛ ممّا يعني: أنذ له جلّ ثناؤه أبعاضاً، وأنّه يتكلّم بحرفٍ وصوت؛ وهو ما يوافق عقيدة ابن تيميه التي أُدين بها وحُوقق لأجلها.

أحمد قسيم الجنّة

ووفاقاً لمنهجه في ذكر أعظم الكرامات التي مستند أعمّها المنامات، قال قال عليّ بن الموفّق(2) : رأيت كأنّي أدخِلت الجنّة، فإذا أنا بثلاثة نفر: رجل قاعد على مائدة قد وكّل الله به ملكين، فملك يطعمه وملك يسقيه وآخر واقف على باب الجنّة ينظر إلى وجوه قومٍ فيدخلهم الجنّة. وآخر واقف في وسط الجنّة، شاخص ببصره إلى العرش ينظر إلى الربّ. فجئت إلى رضوان فقلت: من هؤلاء؟ فقال: أمّا الأوّل فبُشْرُ الحافي، وأمّا الواقف في وسط الجنّة فمعروف الكرخي، وأمّا الواقف على باب الجنّة فأحمد بن حنبل قد أمره الجبّار أن ينظر إلى وجوه أهل السّنّة، فيأخذ بأيديهم فيُدخلهم الجنّة.(3)

وليس لنا أن نبخس الناس أشياءهم وإن كنت مستندةً إلى منامات، إلاّ

____________________

(1) مناقب أحمد بن حنبل، لأبي الفرج: 436.

(2) لم أجد له ترجمة.

(3) مناقب أحمد، لأبي الفرج: 443.

٢٣٧

أنّه تعترضنا أمور: هل يشقّ على بِشْر أن يأكل ويشرب بنفسه من دون أن يُعنّي الملَكَين؟! وأين صار عالم البرزخ فتجاوزه هؤلاء ودلفوا الجنّة؟ وأليس كون الربّ - سبحانه وتعالى - على عرش بذاته ينظر إليه في علوّه، من صفات الحوادث إذ هو صريح في حلوله جلّ وعزّ، في مكان يحتويه؟!

وأظنّ صاحب الرؤيا أخطأ في تشخيص الرجل الواقف على باب الجنّة! ذلك أنّ قسيم الجنّة كما يرد في الأحاديث هو عليّ بن أبي طالب كما قرّره أحمد بن حنبل نفسه!

قال القاضي ابن أبي يعلى الحنفيّ: سمعت محمّد بن منصور(1) يقول: كنّا عند أحمد بن حنبل فقال له رجل: يا أبا عبد الله! ما تقول في هذا الحديث الذي يُروى أنّ عليّاً قال: أنا قسيم النار؟ فقال أحمد: وما تُنكرون من ذا - وفي لفظ: من هذا الحديث؟ - أليس رَوينا أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليّ: «لا يحبّك إلاّ مؤمن، ولا يبغضك إلاّ منافق»(2) ؟ قلنا: بلى، قال فأين المؤمن؟ قلنا في الجنّة، قال: وأين

____________________

(1) محمّد بن منصوربن داود الطّوسي، نزيل بغداد. يروي عن أحمد بن حنبل، وإسماعيل بن عُلَيّة... وغيرهما. توفّي سنة ستّ وخمسين ومئتين. تهذيب الكمال للمزّيّ 26: 501 / 5631.

(2) ووفق منهجه، فقد كذبه ابن تيميه - سنأتي عليه في محلّه - ويرد الحديث بألفاظ متقاربة والمعنى واحد، وأسانيده موثّقة ومصادره في منته العلوّ والوثاقة.

الأعمش - سليمان بن مهران الأعمش الكوفيّ أبو محمّد. رأى أنس بن مالك وروى عنه. ذكره ابن حبّان في الثّقات 2: 184 / 1421 - في التّابعين -، وذكره العجليّ قال: ثقة، كوفيّ، يقال: إنّه ظهر له أربعة آلاف حديث. وكان عالماً بالقرآن رأساً فيه، وكان فصيحاً لا يلحن حرفاً، وكان عالماً بالفرائض، ولم يكن في زمانه أكثر حديثاً منه. وكان فيه تشيّع تاريخ الثقات للعجلي 204 =

٢٣٨

____________________

= / 619. وذكره الطوسيّ في أصحاب الصادقعليه‌السلام رجال الطوسيّ: 206 - عن عديّ بن ثابت - عدي بن ثابت الأنصاريّ، عداده في أهل الكوفة، يروي عن البراء بن عازب الثّقات لابن حبّان 2: 417 / 392. وهو عالم الشيعة وصادقهم (الجرح والتعديل للرازي 7: 5، تهذيب التهذيب لابن حجر 7: 165). وذكره ابن شاهين فقال: ثقة، إلاّ أنّه كان يتشيّع (تاريخ أسماء الثّقات 254 / 1016). وقال العجليّ عنه: ثقة ثبت، روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاريّ، ولم يدركه سفيان الثّوريّ، وكان شيخاً عالماً في عداد الشيوخ، روى عن عبد الله بن يزيد الخطميّ من أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله (تاريخ الثّقات للعجليّ: 330 / 1115) - عن زرّ - زرّ بن حبيش الأسديّ الكوفيّ أبو مريم ز مات سنة ثنتين وثمانين وكان من أعرب الناس و كان عبد الله بن مسعود يسأله عن العربيّة. روى عن: عمر وعليّ وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وحذيفة بن اليمان (تاريخ ابن معين 2: 172، الجرح والتعديل للرازيّ 3 / الترجمة 2817، الاستيعاب 1: 212، الثّقات لابن حبّان وفي (تاريخ الثقات للعجلي 165 / 458): زرّ بن حبيش، من أصحاب عبد الله وعليّ، ثقة. وذكره الطوسيّ في أصحاب عليّعليه‌السلام وقال: وكان فاضلاً (رجال الطوسيّ: 42) - عن عليّ قال: إنّه لعهد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إليّ أنّه لا يحبّك إلاّ مؤمن، ولا يبغضك إلاّ منافق.

أخرجه: الترمذيّ في (الجامع الصحيح، في المناقب / ح 3737)، والنسائي في (الإيمان 8 / 117)، و (مسند أحمد 1: 84 و 95، وتاريخ الإسلام للذهبيّ 3: 634، وأنساب الأشراف 225 و 226 والشفا للقاضي عياض: 31، ومناقب الإمام علي لابن المغازلي: 137 / الرقم 225 و 226 و أسد الغابة 4: 105.

وأخرجه ابن ماجة في (سننه 1: 42 / 114 بنفس السند ولفظه: «عهد إليّ النبيّ الأمّيّ أنّه لا يحبّني إلاّ مؤمن، ولا يبغضني إلاّ منافق».

وبنفس السند أخرجه ابن أبي شيبة في كتابه المصنّف 7: 494 ومسلم في صحيحه 2: 64 ولفظه: عن عليّ بن أبي طالب قال: والذي فلق الحبّة وبرأ النّسمة، أنّه لعهد النبيّ الأمّي إليّ أنّه لا يحبّني إلاّ مؤمن، ولا يبغضني إلاّ منافق. =

٢٣٩

____________________

= وأخرج ابن مردويه بسده عن أبي موسى الأشعريّ، قال: أشهد أنّ الحقّ مع عليّ، ولكن مالت الدنيا بأهلها! ولقد سمعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: (يا عليّ، أنت مع الحقّ والحقّ بعدي معك، لا يحبّك إلاّ مؤمن، ولا يبغضك إلاّ منافق) وإنّا لنحبّه، ولكنّ الدنيا تغرّ بأهلها (فضائل عليّ لابن مردويه: 115 / الحديث 138، والأربعون حديثاً لابن بابويه الرازيّ: 42.

وبسند عن مساور الحِمْيَريّ، عن أمّه، عن أمّ سلمة قالت: سمعت رسولصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: (لا يبغض عليّاً مؤمن، ولا يحبّه منافق) (المصنّف لابن أبي شيبة 7: 503).

شريك - مضت ترجمته - عن قيس بن مسلم: (قيس بن مسلم، كوفيّ، ثقة روى عن مرّة الهمدانيّ، وكان يميل مع عليّ بعض الميل، وقد شهد مع عليّ تلك المشاهد (تاريخ الثقات للعجلي 394 / 1401) عن أبي عبد الله الجدليّ: (أبو عبد الله الجدليّ الكوفيّ، اسمه: عبد بن عبد، وقيل: عبد الرحمان بن عبد. روى عن خزيمة بن ثابت، وسلمان الفارسيّ، وسليمان بن صُرَد الخزاعيّ، وأمّ سلمة، وعائشة... وغيرهم. روى عنه: إبراهيم النخعيّ وعامر الشّعبي، وعطاء بن السائب، وأبو إسحاق السبيعيّ وغيرهم. روى له: أبو داود، والتّرمذيّ، والنّسائي في الخصائص، وابن ماجة في السنن قيل لأحمد بن حنبل: أبو عبد الله الجدليّ معروف؟ قال: نعم، ووثّقه. روى له: أبو داود، والترمذيّ، والنّسائي في الخصائص وابن ماجة في السنن. ووثّقه يحيى بن معين (تهذيب الكامل للمزّيّ 34 / 2460). عن أبي ذرّ قال: ماكنّا نعرف المنافقين إلاّ بتكذيبهم اللهَ ورسولَه، والتخلّف عن الصلوات، والبغض لعليّ بن أبي طالب (المستدرك على الصحيحين 3: 139 / 4643).

وبسند عن جعفر بن سليمان: (جعفر بن سليمان الضبعيّ، بصريّ ثقة، وكان يتشيّع (تاريخ الثقات للعجلي 97 / 212)، اتّفقوا على أنّه صدوق، ولم يطعن فيه أحد في الحديث، وقالوا: ثقة (تاريخ البخاريّ الكبير 1: 2: 192). قال ابن معين: ثقة (تاريخ ابن معين 2: 104 / 3533). عن أبي هارون العبديّ: (أبو هارون العبدي، اسمه: عمارة بن جُوَين العبديّ البصريّ. روى عن: عبد الله بن عمر بن الخطّاب، وأبي سعيد الخدريّ. روى عنه جعفر بن سليمان الضبعيّ، وسفيان الثّوريّ، =

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

بيت المال والإشكال إنما يلزم إذا جرى هذا وما جرى.

قال ولو أن قائلا قال أنا أزعم أن الناس كلهم بعد بني عبد المطلب لصلبه سواء كما قلتم إن الناس كلهم بعد بني هاشم سواء(١) ورتب على هذا حديثا أطال فيه وإذا(٢) كان الأصل مهدوما فما ظنك بفرعه إذ لا يقول أحد إن الناس كلهم بعد بني هاشم سواء في شرف الأنساب وذكر غير هذا مما لا صيور له.

قال وأما ما ذكروا من(٣) أن الزبير خرج شادا بسيفه يوم السقيفة(٤) وبعد ذلك في كلام فيه بسط وقال بعده وكيف علمتم أن الزبير إنما شد بسيفه(٥) ليؤكد لعلي إمامة(٦) في فنون من هذا ساقطة.

والذي يقال على هذا إن أبا بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري صاحب كتاب السقيفة ولا أعرفه في عدادنا بوجه من الوجوه قال(٧) أخبرنا أبو زيد عمر بن شبه - قال حدثنا أحمد بن معاوية قال حدثنا النضر بن شميل(٨) - قال حدثنا محمد بن عمرو - عن سلمان(٩) بن عبد الرحمن قال رجع أبو بكر فجلس على المنبر وبايعه الناس ودخل علي والزبير وناس من بني هاشم بيت(١٠) فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجاء

__________________

(١) العثمانية: ٢١٩، ٢٢٠.

(٢) ق: فاذا.

(٣) لا توجد في: ق.

(٤) العثمانية: ٢٢١.

(٥) في المصدر: سل سيفه.

(٦) ن والمصدر امامته. انظر العثمانية: ٢٢٢.

(٧) لا يوجد في: ق.

(٨) ق: شبيل.

(٩) في المصدر: مسلمة.

(١٠) في المصدر: لما جلس ابو بكر على المنبر، كان علي والزبير وناس من بني هاشم في بيت فاطمة ...

٤٠١

عمر(١) فقال والذي نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة أو لنحرقن عليكم(٢) فخرج الزبير مصلتا بالسيف(٣) فاعتنقه رجل من الأنصار وزياد بن لبيد فدق به فبدر السيف فقال(٤) أبو بكر وهو على المنبر اضرب به الحجر قال أبو عمر(٥) بن حماس(٦) فقد(٧) رأيت الحجر فيه أثر(٨) تلك(٩) الضربة الغرض من الحديث(١٠) .

وروى غير ذلك مرفوعا من كون عمر حضر عند فاطمة وتهددها بأن يحرق على علي والزبير إذا دخلا منزلها.

وضعف الخائن ما يروى في هذا بما ثبت من محاربة الزبير لعلي وبأنه كان بين الزبير وأبي بكر أسباب واشجة فمن ذلك إسلامه على يده واحتماله مئونته في مصاهرته حيث رغب إليه في تزويجه ابنته أسماء(١١) -.

والذي يقال على هذا إن الزبير ظهرت عداوته لعليعليه‌السلام بعد أن شم روائح الملك واستنشق نسيم الخلافة بإدخاله في الشورى.

والذي أورده الخائن لا يرد على هذا.

وأما ما ذكر من الأسباب الواشجة بينه وبين أبي بكر فقد كان ينبغي أن

__________________

(١) المصدر بزيادة: اليهم.

(٢) في المصدر: لاحرقن البيت عليكم.

(٣) لا يوجد في: ن. وفي المصدر: سيفه.

(٤) في المصدر: فصاح به.

(٥) في المصدر: ابو عمرو.

(٦) ن: خماس.

(٧) المصدر: فلقد.

(٨) لا توجد في المصدر.

(٩) لا توجد في: ق.

(١٠) السقيفة: ٥٠.

(١١) العثمانية: ٢٢٢ - ٢٢٦.

٤٠٢

يستدل على أن ذلك كان وقت الخلافة موجودا وما ادعى ذلك ولو ثبت ذلك وهو ثابت ما قدح في الرواية إذ الأمر الفظيع تأباه الغرائز العربية وتغار منه النفوس الأبية والأديان القوية ولا نقول إن الزبير ما كان في وقت من الأوقات متدينا ولكنه بعد(١) ما خرج على الإمام العادل للعلة التي ذكرت.

ويكفي أرباب الإمامة في مصادمة الزبير كون الإجماع ما حصل وهذا وارد على أوائل كلامه.

وذكر مناظرة الزبير لعلي يوم الشورى قال أخبرني بهذا الكلام أبو زفر عن ضراب(٢) قال وخبرني(٣) جماعة من العثمانية عن محمد بن عائشة(٤) .

والذي يقال على هذا إن الخائن متهم وقد بينا وجوه تهمته ولا حاجة إلى أن نذكر الفوائت بل الكتاب ليست منقطعة عنه موارد التهمات.

والعجب أن يستدل على الإمامية بروايته عن أبي زفر ومن أبو زفر وعن ضراب ومن ضراب ثم عمن روى ضراب(٥) إذ كان ليس من الصحابة ولا أراه من التابعين.

وأما الرواية عن جماعة من العثمانية فمن الطرائف إيرادها في مساقط النزاع ومآزم(٦) المصاع على الإمامية ولئن ثبتت فهي قادحة في الزبير لأنها تكذيب لما ثبت عند القوم من تفضيل أمير المؤمنينعليه‌السلام بلسان الرسالة.

__________________

(١) ن بزيادة: ما.

(٢) ق: ضرار.

(٣) ق: اخبرني.

(٤) العثمانية: ٢٢٥.

(٥) ق وج: ابو ضراب.

(٦) مآزم: مفرده مأزم، المضيق. والمصاع: مصدر ماصع، المجالدة والمقاتلة، ( المنجد ).

٤٠٣

وقد أوردت في كتاب الروح على هذه المناظرة المدعاة ما يدحضها وينقضها وفيها تصغير لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ فيها تعيير(١) علي بكونه كان في الشعب مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وادعى أن الروافض تقول بأن حذيفة وعمارا كانا كافرين ثم تابا(٢) ولا أعرف هذا قولا لإمامي.

وزعم أنهما قالا لا يلي هذا الأمر بعد عمر إلا أصغر(٣) أبتر(٤) ولا نعرف هذا أيضا بل مخالصتهما لأمير المؤمنين صلوات الله عليه وأن عمارا قتل بين يديه وكان أحد الدلائل على أن معاوية وأصحابه الفئة الباغية بما ثبت عن القوم وقد أسلفته في مطاوي هذا الكتاب(٥) قال فإن قالوا فما تقول(٦) في خطبة أبي بكر التي خطب بها أول خلافته وليتكم ولست بخيركم(٧) وذكر وجه الطعن وذكر وجوها تنافي كون هذا محمولا على الظاهر(٨) وليس ذلك مما يوافق عليه الخصوم.

وتعلق أيضا بكون عمر رضوان الله عليه قال كل أحد أفقه من عمر عند النهي عن المغالاة في المهور(٩) (١٠) .

وهذا التعلق مما تتعلق به الجارودية أيضا فهو محتاج إلى حمل(١١)

__________________

(١) ن. تصغير.

(٢) العثمانية: ٢٢٦.

(٣) المصدر: اصفر.

(٤) العثمانية: ٢٢٦.

(٥) تقدمت الاشارة اليه ص: ١٧٢.

(٦) ن: فيما يقول. والمصدر: فما قول.

( ٧، ٨ ) العثمانية: ٢٢٧.

(٩) ق: المهر.

(١٠) العثمانية: ٢٣٠.

(١١) ن: حل.

٤٠٤

كالأول قال لسان الجارودية والعجب من الخائن كيف يداوي الداء بالداء والعلة بالعلة.

وقرر أيضا تأويله بتواضع أبي بكر لعمر رضوان الله عليهما وهو خير منه(١) .

والذي يقول لسان الجارودية إن كل إنسان أعلم بباطنه وما يدرينا أن أبا بكر رضوان الله عليه ما كان يعرف فضل عمر في الباطن عليه أو أنه كان يتألفه لأنه عضده ويده في غير ذلك من وجوه التأويلات الدافعة لتأويله.

وادعى آثارا في فضيلة عمر وأبي عبيدة رواها من جهته غير مرفوعة ولا مسندة إلى رجل أصلا والغرض من مدح أبي عبيدة كونه موافقا على بيعة أبي بكر رضوان الله عليه.

قال ولو كان ذلك عن مواطأة منه لأبي بكر ما استعمل عليه خالد بن الوليد أميرا أيام حياته(٢) .

والجارودية تقول لعله وجد من خالد الكفاءة التي(٣) لا يجدها من أبي عبيدة فتعداه وأمر خالدا عليه.

وقال أي(٤) بيعة أثبت من بيعة عقدها عبد الله بن مسعود والنبيعليه‌السلام يقول رضيت لأمتي ما رضيه(٥) لها ابن أم عبد وكرهت لها ما كره لها(٦) ابن أم عبد(٧) .

__________________

(١) انظر العثمانية: ٢٣٠.

(٢) العثمانية: ٢٣٣.

(٣) لا توجد في: ن.

(٤) المصدر: ايّة.

(٥) المصدر: رضى.

(٦) لا توجد في المصدر.

(٧) العثمانية: ٢٣٤.

٤٠٥

وهذه الرواية تحتاج إلى برهان الثبوت وهي مشكل(١) عند الجارودية في شأن عثمان رضوان الله عليه.

وذكر أن عبد الله بن مسعود أثنى على عثمان(٢) .

والجارودية تقول لا تقوم(٣) رواية الخصم بإزاء المعلوم من واقعة عثمان وابن مسعود.

وتعلق في ثبوت بيعة أبي بكر رضوان الله عليه أن أبا بكر لما استقال قال علي والله لا نقيلك(٤) .

والجارودية في هذا المقام تستغرب هذا القول جدا ويقول لسان حالها إن الشقشقية(٥) سمرنا واعتبار معانيها دأبنا فكيف تقابل(٦) بهذا مع هذا.

وجاء بحديث(٧) سيدا كهول(٨) أهل الجنة(٩) وقد سلف الجواب عنه.

وذكر أن عليا قال ما أحد أحب إلي(١٠) أن ألقى الله بمثل صحيفته من هذا(١١) المسجى(١٢) .

__________________

(١) ن: تشكل.

(٢) العثمانية: ٢٣٤.

(٣) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(٤) العثمانية: ٢٣٥.

(٥) الخطبة الثالثة من نهج البلاغة.

(٦) ن: نقابل.

(٧) ق: الحديث.

(٨) ق: سيد كهول.

(٩) العثمانية: ٢٣٥.

(١٠) في المصدر باضافة: من.

(١١) ن: صحيفة هذا.

(١٢) العثمانية: ٢٣٥.

٤٠٦

وهذا يرجع حاصله إلى أن عليا كان يرى أن أبا بكر رضوان الله عليه خير من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والجارودية تورد على هذا شيئا ما أرى ذكره.

وادعى نحو هذا من جنسه(١) والجارودية على مباحثها لا تنزع عنها. وذكر تزويج عمر رضوان الله عليه وتعلق بتسمية علي أولاده فلانا وفلانا بأسماء أئمته وقادته(٢) والجارودية لا تنزع عن مراتبها في مناظراتها عند هذه ولا أقدم على ذكر ما تقتضيه مذاهبهم(٣) في ذلك إذ الكف عن أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الأخيار متعين واجب رضي الله تعالى عنهم وقدسهم.

وتعجب من إلزام الروافض تسليمهم(٤) خبر المنزلة وغيره وكونهم لا يلتزمون بصواب ما يرويه(٥) .

أقول إنه قد سبق الجواب عن هذا في جملة سلفت(٦) .

وتقرر الجارودية هاهنا شيئا من ذلك فتقول فرق بين من أقر بما عليه وبين من(٧) ادعى على خصمه ما ينكره ولا شاهد له منه ولئن قبل قول كل

__________________

(١) قال الجاحظ: وبلغه ان رجلا تناول ابا بكر وعمر فقال للرجل لو سمعت منك الذي بلغني لا لقيت اكثرك شعرا. وايضا ذكر ان علياعليه‌السلام قال: لو اتيت برجل يشتمهما لجلدته حد المفتري. انظر العثمانية: ٢٣٦.

(٢) العثمانية: ٢٣٧.

(٣) ق: يقتضيه مذهبهم.

(٤) ق: بتسليمهم.

(٥) قال: والعجب انهم يوجبون على الناس تصديقهم ( الى ان قال ): وان النبي قال انت مني بمنزلة هارون من موسى العثمانية: ٢٣٧ - ٢٣٨.

(٦) ص (١٦٠).

(٧) ج: ما.

٤٠٧

مدع ذهب نور الإسلام وغير الإسلام إذ كل يروي ما يرد على خصمه ويدعي ما يدحض مراسم مغالبه.

وأعاد حديث إسلام علي في صغره(١) وقد أجبنا عنه(٢) وكرر(٣) حديث الغار والصديق(٤) والصلاة بالناس وقد سبق الجواب عنه(٥) .

وتعلق بأن أبا بكر عرفهم أن النبيعليه‌السلام مات وعلي ما تكلم بذلك(٦) .

واعترض ذلك بأن عليا كان مشغولا بحزنه(٧) وفضل أبا بكر بكونه عرف الأنصار فضل المهاجرين خوف الفتنة وعلي بمعزل حتى كأنه كان غائبا واعترض ذلك(٨) .

وتعترض الجارودية هذا بما أن الجاحظ غلط في قوله حتى كأنه كان غائبا إذ الذي كان ينبغي حيث كان علي غائبا إذ السيرة شهدت بأن البيعة وقعت وعلي مشغول بجهاز رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وتتعجب الجارودية من ادعاء الفضيلة بتفضيل من فضل قريشا على الأنصار وهو مريد للتآمر عليهم وعلى غيرهم بذلك.

__________________

(١) العثمانية: ٢٣٨.

(٢) ص: (٣٠).

(٣) العثمانية: ٢٣٩.

(٤) ن: التصديق.

(٥) ص (٦٥).

(٦) العثمانية: ٢٣٩.

(٧) المصدر: السابق.

(٨) المصدر: السابق.

٤٠٨

قال (١) فإن(٢) قلنا إن عليا رضي بالشورى قالوا هذا للتقية(٣) . وهذا ناهض بالجواب وتقريره فيا لله وللشورى(٤) وغير ذلك.

قال(٥) فإن قيل فلم رضي بعبد الرحمن مختارا وعبد الرحمن عنده من عدوه وأدنى منازله أن يكون مخوفا عنده وأدنى من ذلك أن لا يكون الغلط مأمونا عليه(٦) . هذا آخر ما رأيت من الكلام وهو غلط إذ يليق أن يكون تمامه قالوا للتقية وإذا(٧) كان الأمر كذا فقد حصل الجواب.

قال قلنا وهلا أظهر من الخلاف شيئا يسيرا(٨) إلينا وهلا نطق بحرف واحد بقدر ما يتخذه الناس بعده(٩) حجة ولم يكن بلغ أقصى خلافهم يرى(١٠) وعيدا أو إيقاعا(١١) .

والجواب بما أن هذا حديث متلاعب فيه جدا بما ظهر من إنكار مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه ما جرى ومن التفصيل ما رويناه بالسند عن أخطب خطباء خوارزم في كتابه المناقب فإنه قال وأخبرني الشيخ الإمام شهاب الدين أفضل الحفاظ أبو النجيب سعد بن عبد الله بن الحسن

__________________

(١) العثمانيّة: ٢٤٠ منقول بالمعنى.

(٢) ن: وان.

(٣) ن: بالتقية.

(٤) الخطبة الشقشقية الخطبة الثالثة في نهج البلاغة وقد تقدمت الاشارة الى ذلك.

(٥) العثمانية: ٢٤٠.

(٦) المصدر: ان يكون الغلط غير مأمون عليه.

(٧) ن: فاذا.

(٨) ن: يسيرا.

(٩) المصدر: بعد.

(١٠) ن والمصدر: فيرى.

(١١) العثمانية: ٢٤٠.

٤٠٩

الهمداني المعروف بالمروزي فيما كتب إلي من همدان أخبرنا(١) الحافظ أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد بأصفهان(٢) فيما أذن لي في الرواية عنه أخبرني الشيخ الأديب أبو يعلى عبد الرزاق بن عمرو(٣) بن إبراهيم الطهراني(٤) سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة أخبرنا(٥) الإمام الحافظ طراز المحدثين أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الأصبهاني حدثني(٦) قال الشيخ الإمام شهاب الدين أبو النجيب سعد بن عبد الله الهمداني وأخبرني(٧) بهذا الحديث عاليا(٨) الحافظ سليمان بن إبراهيم الأصبهاني في كتابه إلي من أصبهان سنة ثمان وثمانين وأربعمائة عن أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه حدثني سليمان بن أحمد(٩) حدثني علي بن سعيد(١٠) الرازي حدثني محمد بن حميد حدثني زافر بن أحمد حدثني الحارث بن محمد(١١) عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال كنت على الباب يوم الشورى فارتفعت الأصوات بينهم فسمعت عليا يقول بايع الناس أبا بكر وأنا والله أولى بالأمر منه وأحق به فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفارا يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف ثم بايع أبو بكر لعمر وأنا والله أولى(١٢) بالأمر منه

__________________

(١) المصدر: اخبرني.

(٢) لا توجد في المصدر.

(٣) المصدر: عمر.

(٤) ن: الظهراني.

(٥) المصدر: اخبرني.

(٦) لا توجد في المصدر.

(٧) المصدر: اخبرنا.

(٨) المصدر بزيادة: الامام.

(٩) المصدر: سليمان بن محمد بن احمد.

(١٠) المصدر: يعلي بن سعد.

(١١) المصدر: زاهر بن سليمان بن الحرث بن محمد.

(١٢) المصدر: احق.

٤١٠

فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفارا ثم أنتم تريدون أن تبايعوا لعثمان إذن لا أسمع ولا أطيع إن عمر جعلني في خمسة(١) أنا سادسهم(٢) لا يعرف لي فضل في الصلاح ولا يعرفونه لي مما(٣) نحن فيه شرع سواء وايم الله لو أشاء أن أتكلم بما(٤) لا يستطيع عربهم ولا عجمهم ولا المعاهد منهم(٥) ولا المشرك رد(٦) خصلة منها ثم قال:

أنشدكم بالله(٧) أيها الخمسة أمنكم أخو رسول الله غيري قالوا لا قال أمنكم أحد له عم مثل عمي حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله غيري قالوا لا قال أفيكم من له(٨) ابن عم مثل ابن عمي رسول الله قالوا لا قال أفيكم أحد له أخ مثل أخي المزين بالجناحين يطير مع الملائكة في الجنة قالوا لا قال أمنكم أحد له زوج مثل زوجتي فاطمة بنت رسول الله سيدة نساء هذه الأمة قالوا لا قال أمنكم أحد له سبطان مثل(٩) الحسن والحسين سبطي(١٠) هذه الأمة ابني رسول الله غيري قالوا لا قال أمنكم أحد قتل مشركي قريش غيري قالوا لا(١١) قال أمنكم أحد وحد الله قبلي قالوا لا قال أمنكم أحد صلى إلى القبلتين غيري قالوا لا قال أمنكم أحد أمر الله بمودته غيري قالوا لا قال

__________________

(١) المصدر: في خمس نفر.

(٢) المصدر بزيادة: لايم الله.

(٣) ن والمصدر: كما.

(٤) ثم.

(٥) لا توجد في: ن.

(٦) المصدر: ان يرد.

(٧) ن والمصدر: الله.

(٨) المصدر: امنكم احد له.

(٩) المصدر بزيادة: ولدي.

(١٠) كل النسخ: سبطا.

(١١) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

٤١١

أمنكم أحد غسل رسول الله قبلي(١) قالوا لا قال أمنكم أحد سكن المسجد يمر فيه جنبا(٢) قالوا لا قال أمنكم أحد ردت عليه الشمس بعد غروبها حتى صلى العصر غيري قالوا لا قال أمنكم أحد قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين قرب إليه الطائر فأعجبه اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر فجئت وأنا لا أعلم ما كان من قوله فدخلت قال وإلي يا رب(٣) غيري قالوا لا(٤) قال أمنكم أحد كان أعظم عناء عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مني حين اضطجعت على فراشه ووقيته بنفسي وبذلت مهجتي غيري قالوا لا قال أفيكم أحد كان يأخذ الخمس غيري وغير(٥) فاطمة(٦) قالوا لا قال أفيكم(٧) أحد كان له سهم في الخاص وسهم في العام غيري قالوا لا(٨) قال أفيكم(٩) أحد يطهره(١٠) كتاب الله غيري(١١) حين(١٢) سد رسول الله أبواب المهاجرين جميعا وفتح بابي(١٣) حين(١٤) قام إليه عماه حمزة والعباس فقالا يا

__________________

(١) المصدر: غيري.

(٢) ن والمصدر بزيادة: غيري.

(٣) المصدر بتكرار: والي يا رب.

(٤) المصدر بزيادة: قال: امنكم احد كان اقتل للمشركين عند كل شديدة. تنزل برسول الله غيري؟ قالوا: لا.

(٥) المصدر: وغير زوجتي فاطمة.

(٦) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ق.

(٧) المصدر: امنكم.

(٨) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ق.

(٩) المصدر: امنكم.

(١٠) المصدر: يظهره.

(١١) ن بزيادة: قالوا: لا. قال: افيكم احد ترك بابه غيري؟

(١٢) المصدر: حتى.

(١٣) المصدر بزيادة: اليه.

(١٤) المصدر: حتى.

٤١٢

رسول الله سددت أبوابنا وفتحت باب علي فقال النبيعليه‌السلام ما أنا فتحت بابه ولا سددت أبوابكم بل الله فتح بابه وسد أبوابكم قالوا لا قال أفيكم(١) أحد تمم الله نوره من السماء حتى(٢) قال( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ ) (٣) (٤) قالوا اللهم لا قال أفيكم(٥) أحد ناجى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ست عشرة مرة غيري(٦) (٧) حين قال( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ) (٨) قالوا اللهم لا قال أفيكم(٩) أحد غمض رسول الله(١٠) قالوا لا قال أفيكم(١١) أحد آخر عهد برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين وضع في(١٢) حفرته غيري قالوا لا(١٣) .

وليس الغرض استقصاء ما نقل في هذا الباب إذ لذلك وغيره مظان في المطولات.

وذكر كلاما حكاه عن أسماء لا نعرف(١٤) أصله ولا يليق فرعه من غث

__________________

(١) المصدر: امنكم.

(٢) المصدر: حين.

(٣) الاسراء: ٢٦ والآية كاملة( وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً ) .

(٤) المصدر بزيادة: غيري؟

(٥) المصدر: امنكم.

(٦) ن بزيادة: وتصدق.

(٧) ج ون بزيادة: قالوا: لا.

(٨) المجادلة: ١٢.

وتتمتها: ( ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .

(٩) المصدر: امنكم.

(١٠) المصدر: ولي غمض رسول الله غيري.

(١١) المصدر: امنكم.

(١٢) المصدر: آخر عهده برسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين وضعه.

(١٣) مناقب الخوارزمي: ٢٢٤، ٢٢٥.

(١٤) ن: يعرف.

٤١٣

الكلام(١) قال من قال ممازحة(٢) مع أمير المؤمنينعليه‌السلام استدل عن الجواب(٣) وتعلق ببيعة أمير المؤمنين ولا سيف على رأسه(٤) وقد أثبت القاعدة الجارودية في السيف ولم يستوف ولهم في هذا مقامات ومقالات وتعلقوا بالصحيح من الحديث من طرق القوم أن عليا وبني هاشم لم يبايعوا إلى أن ماتت فاطمةعليها‌السلام وكان لها وجهة من الناس فضرع علي إلى مصالحة أبي بكر. وتعلق بأنه زكاهم(٥) فالجارودية تدفع ذلك بل تنقل تعتبه(٦) . وتعلق بأن أمير المؤمنين تعدى في مديحهم حتى قال لابن طلحة إني لأرجو أن أكون أنا وأبوك ممن قال الله تعالى( إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ ) (٧) .!

أقول وهذا شيء(٨) لو ثبت ما ضر الجارودية وما الذي يضر عاقلا من صفح الله تعالى عن مجرم ولكن الدعاوي من غير برهان والحديث الهذر على(٩) غير قاعدة مقلو عند أرباب الحمية مهجور في نادي الحياء

__________________

(١) ق: احلام.

(٢) ن: ممازحا.

(٣) قال الجاحظ: فان قلت: إن عليا قال لاسماء بنت عميس - وهي يومئذ امرأته - حين تفاخر ولدها من ابي بكر وجعفر وعلي عندها: اقضي بين ولدك. فقالت: ما رايت شابا كان اطهر من جعفر. ولا رأيت شيخا كان افضل من ابي بكر، وان ثلاثة انت اخسهم لفضلاء. فلم ينكر ولم يحتج ولم يفرق ولم يتعجب. والكلام يؤثر والقضية تظهر. قالوا: ان فضله اظهر في الناس من ان يحتاج الى الاحتجاج، وانما قالت ذلك ممازحة كما تمزح المرأة مع زوجها وتحرّش به.

انظر العثمانية: ٢٤٠.

(٤) العثمانية: ٢٤٠.

(٥) العثمانية: ٢٤١.

(٦) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(٧) العثمانية: ٢٤١.

(٨) لا توجد في: ق.

(٩) ق: من.

٤١٤

والأنفة.

وذكر شيئا يتعلق بتسمية أمير المؤمنينعليه‌السلام أولاده بأسماء من تقدم(١) .

وذكر تزويج من تزوج عند أمير المؤمنين(٢) وقد سلف هذا وأعاد حديث أصحاب الردة متعلقا في ذلك بشجاعة الوالي(٣) وقد سبق الجواب عنه.

وتعلق في شجاعة من ذكر بكون عثمان عندكم أجبن من الأول وقد امتنع من نزع الخلافة حتى قتل(٤) .

والجارودية يقول لسانها في ذلك لعله ما درى بما يئول الحال إليه والغرام بالملك يوقع في الخطر ويبعث على المتالف.

وأعاد حديث عليعليه‌السلام في كونه كان يعلم أنه يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين وقد أسر إليه علم ما كان يحدث وهذا لا يشبه اتخاذ(٥) أبي موسى حكما عليه وقد سبق الجواب عن هذا بما(٦) أن المقهور معذور ومن جملة ما أسر النبي إليه ذلك.

وذكر شيئا يتعلق بكون الله تعالى أثنى على من بايع تحت الشجرة(٧) بعد كلام لم أر الخوض فيه إذ السباب البليغ(٨) مذاهب العامة ولسنا ممن يرضاه.

__________________

(١) العثمانية: ٢٤١.

(٢) العثمانية: ٢٤٢.

(٣) العثمانية: ٢٤٢.

(٤) العثمانية: ٢٤٣.

(٥) ن: انجاد.

(٦) العثمانية: ٢٤٣.

(٧) ق: ثم.

(٨) العثمانية: ٢٤٧.

٤١٥

وذكر شيئا حاصله انقياد الرعية وكونه دليل الشرف(١) والذي يقال على هذا إن من ملك وتصدر(٢) أطيع ومن تمكن وظهر اتبع هذا هو الغالب وقد تخالف الرعية راعيها وتعصي(٣) الأمة من تقدم عليها للعلل و(٤) الفنون إما من نقصه أو نقصها أو نقصه ونقصها.

وذكر أن عمر كان يعاتب أبا بكر في خالد وأن أبا بكر كان يقول لا أشيم سيفا سله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٥) .

ولا أعرف ما وجه الفضيلة في هذا لمن ينصره بل فيه دخل ينطق به لسان الجارودية إذ كان خالد اعتمد في مالك بن نويرة ما اعتمد فأنكر ذلك عمر عليه وعلى من لم يؤاخذه.

قال والعجب من هذه الأمة كيف اختلفت في رجلين أحدهما خير خلق الله والآخر شر خلق الله(٦) .

والذي يقال على هذا إنه كلام محال إذ لا أعرف مسلما يقول إن أمير المؤمنين خير خلق الله بيانه بالاتفاق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإن عليا مفضوله.

وأما أبو بكر رضوان الله عليه فالأمر في كونه لا يدعى له ذلك ظاهر وأما أن أحدهما شر خلق الله فإلى أي الرجلين أشار فهو قول بعيد من الصواب.

__________________

(١) ق: الشنيع وكذا في: ن بزيادة: من.

(٢) ج وق بزيادة: و.

(٣) ن: تعاصي.

(٤) ج ون: لا توجد ( و).

(٥) العثمانية: ٢٤٨.

(٦) العثمانية: ٢٤٨.

٤١٦

وتعجب أيضا كيف يقول من يقول بتفضيل علي على أبي بكر وإنما الرجحان الفضل(١) بالخصال(٢) التمام(٣) .

هذا شيء من معنى كلامه وكأنه يسفه شيعة أمير المؤمنين صلوات الله عليه إذ(٤) يفضلونه على أبي بكر مع مخالفة الخصم لهم في ذلك.

والذي يقال على هذا إن الجاحظ استغرب غير مستغرب واستبعد غير مستبعد.

إذ لا يمنع(٥) من القول الحق خلاف من خالف فيه ولو لزم الباطل الخلاف أدى ذلك إلى ألا يصح شيء ولو قال العجب(٦) كيف يفضل علي على غيره مع جمل من مناقبه التي لا تحتمل التأويل مع الذي يدعي لغيره مما يحتمل فنون(٧) التأويل كان لكلامه وجه.

ومن الوارد عليه في تعجبه قوله وإنما الرجحان بالخصال التمام(٨) تصغيرا لشرف أمير المؤمنين صلوات الله عليه وفضله التمام(٩) مما لا يشتبه على ذي حس ولا يلتبس على ذي عقل.

وتعجب أيضا كيف يقع التباس الحال بين أمير المؤمنينعليه‌السلام

__________________

(١) ن: للفضل.

(٢) ن: بالخصام التام.

(٣) العثمانية: ٢٤٩.

(٤) ن: لانهم.

(٥) ج: منع.

(٦) ن: المتعجب.

(٧) لا توجد في: ق.

(٨) ن: بالخصام التام.

(٩) ن: التام.

٤١٧

وأبي بكر مع الذي يقال من التفاوت بينهما(١) .

ولقد استطرف غير مستطرف إذ كل متلبس بمذهب لا بد ناصره كيف اختلفت الحال فيه(٢) ساريا في بيداء هواه سائرا في فلوات غرضه.

وفي السيرة أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لمالك بن الصيف وكان حبرا سمينا إن التوراة تضمنت أن الله لا يحب الحبر السمين فجحد التوراة وهي مذهبه وقال( ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ ) وخاصة إذا كان الفريقان لا يخلوان من ذي ذهن ولا يعدمان ذا بلاغة.

أقول وقد رأينا عيانا أبا عثمان صاحب هذا التعجب صنف كتابا ينصر فيه الأضداد(٣) يمدح الشيء ويضع منه ويطري الفن وينزع قلائد الثناء عنه ومن أعطي بلاغة وجرى مع رياح هواه لا يكاد يقف بإزائه شيء إن كان الرجل بطلا شجاعا مقداما ندبا قيل أهوج وإن كان مترددا متضجعا(٤) متريبا(٥) قيل جبان وإن كان سخيا قيل مبذر وإن كان متوقفا قيل شحيح وإن كان بليغا قيل متكلف وإن كان مقصرا قيل بليد وإن كان مشغولا بالعلوم قيل هو للنوافل مهمل وإن اشتغل بالنوافل قيل هو للعلوم(٦) مهمل وإن كان حليما قيل ذليل وإن كان مؤاخذا قيل حقود.

وقد رأينا في العيان ممدوحا جدا(٧) مذموما جدا والخلاف دائر بين

__________________

(١) العثمانية: ٢٤٩.

(٢) لا توجد في: ن.

(٣) زيادة ( و) في: ق.

(٤) ضجّع وتضجع في الامر: قصر فيه وتعقد ولم يقم به ( المنجد ).

(٥) ج وق: رثيبا ( كذا ).

(٦) ن بزيادة: اصل التنفلات.

(٧) ق وج: جاحدا.

٤١٨

عقلاء مجربين ديانين ونرى عيانا ترجيح المرجوح على الراجح وهو دائر بين عقلاء متدبرين معتبرين متدينين وموارد ذلك تارة الاشتباه وتارة البهت وليس المختلف فيهما بمقام ملك أو منزلة قهر وقد لا يرجى منهما المنافع ولا يخاف منهما الانتقام فكيف إذا ارتقبت سماء التفضل(١) وهيبت سطوات الانتقام.

ومما يؤكد ذلك أن في العقلاء من يقول أعلم بالضرورة أني فاعل غير مقهور وآخر ينكر ذلك ويهزأ ممن يدعيه وربما سماه مشركا جاهلا بعيدا عن النقد نازحا عن الاعتبار وكذا كان في الوجود من أنكر البديهيات والمحسنات(٢) وصرائح البراهين المحررات وسلطان الأمزجة غالبا أقوى من سلطان الألباب ولهذا قل سالكو الطريق اللاحب وكثر سالكو الطريق الخائب وكذا في الوقت من يقول وهو على ما أرى مذهب أبي عثمان من كون الباري ما ابتدع ذوات الجواهر وأنها بغير مؤثر ومع ذلك يدعي المعرفة بالصانع ولازم ذلك إنكار الصانع وكيف يستغرب شيء والأشاعرة ترى أن الله ليس في حيز ولا جهة وهو يرى هازءين ممن يخالف في ذلك.

والمعتزلة تهزأ ممن يعتمده وترى هذا لا يصلح أن يكون قولا لعاقل. والأشاعرة ومن ضارعهم يقولون إن الباري تعالى لا ينتج(٣) منه شيء ويجوز أن يصدق الكاذب وأنه لا يفعل لغرض ويندرج تحت(٤) ذلك أنه لا يفعل المعجزات لغرض التصديق ومع ذلك يثبتون نبوة الأنبياء وفعلها لأجل التصديق وهو جمع بين النقيضين وهو محال.

__________________

(١) ن: التفضيل.

(٢) ن: المحسنات.

(٣) ن: يقبح.

(٤) ن: يتدرج بحث.

٤١٩

ومن المسلمين من يقول بأن إعادة المعدوم محال والعقل شاهد بذلك ويتهمون عقل من يذهب إليه وآخرون معتبرون مهذبون يهزءون من قول من لا يقول به ويذهب إليه وكل منهم يرى أن الذي هو عليه جلي جدا لا يشتبه على ذي حس في غير ذلك من فنون يطول شرحها وهل خلا الوقت قط من أمثال هذه الأمور ممن عقل واطلع على السيرة.

ومن التنبيه على هذا ادعاء فرعون الإلهية والجمهور موافقون له على ذلك ومن القصة في هذا أنه كان معه ألف ألف مسور وخمسمائة ألف مسور مع كل مسور ألف وغيرهم ممن لا يذكر من ضعفة الناس والنساء وجماعة موسى بتقدير ستمائة ألف وقبل ذلك نمرود يدعي الربوبية مخاصما لإبراهيم ومعه الجمهور الأكثر مع أن المشار إليهما كانا بمرأى(١) من الناس معدومين ثم موجودين مصنوعين وعيسى صلوات الله عليه قوم يدعون فيه الربوبية وبإزائهم(٢) من يقدح فيه أشد القدح.

وعلي بن أبي طالبعليه‌السلام أيضا(٣) الفرقة الخارجة تسبه والنصيرية تتألهه وقد كان في زمنه من يتألهه وآخرون يفضلون عليه من لا يقارنه(٤) .

وآخرون يرجحون عبادة الأصنام على نهي الأنبياء عن ذلك وكل فريق يهزأ من فريق مع تباعد المذهبين جدا.

و(٥) قال ثم تزعم الروافض(٦) من الدليل على أن عليا كان

__________________

(١) ق: مراي.

(٢) ن: بازاءه.

(٣) لا توجد في: ن.

(٤) ن: يقاربه.

(٥) لا يوجد في: ن.

(٦) المصدر بزيادة: انّ.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534