بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية11%

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية مؤلف:
المحقق: السيد علي العدناني الغريفي
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 534

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية
  • البداية
  • السابق
  • 534 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 184193 / تحميل: 7013
الحجم الحجم الحجم
بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية

بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

وأقول :

إن أراد بملاحظة الغاية كونها داعية للفعل ، فهو مذهبنا(١) ، ولا يقوله الأشاعرة.

وإن أراد بها مجرّد إدراك الغاية من دون أن تكون باعثة على الفعل ، فهو مذهب الأشاعرة(٢) ، ويلزمه العبث وسائر المحالات ، ويجوز بمقتضاه أن يعذّب الله سبحانه أعظم المطيعين ، ويثيب أعظم العاصين ؛ لأنّه لا غاية له تبعثه إلى الفعل ، بل يفعل مجّانا بلا غرض ، بل يجوز أن لا تكون أفعاله متقنة ، وإن اتّفق إتقانها في ما وقع ، وأمّا في ما لم يقع بعد ـ كالثواب والعقاب ـ فمن الجائز أن لا يكون متقنا ؛ لفرض عدم الغرض له تعالى ، ولأنّه لا يقبح منه شيء ، ولا يجب عليه شيء!

فما زعمه من عدم تحرير الفريقين لمحلّ النزاع حقيق بالسخرية! أتراه يخفى على جماهير العلماء ويظهر لهذا الخصم وحده؟! وهل يخفى على أحد أنّ النزاع في الغرض والعلّة الغائيّة ، وأنّ الإمامية والمعتزلة لم يروا بالقول بالغرض بأسا ونقصا ، بخلاف الأشاعرة؟! وهذا الخصم ما زال ينسب لقومه القول بالغاية ، فإن أراد بها الغاية الباعثة على الفعل ، فهي خلاف مذهبهم بالضرورة.

__________________

(١) تجريد الاعتقاد : ١٩٨ ، كشف المراد : ٣٣١ ، تلخيص المحصّل : ٣٤٣ ـ ٣٤٤.

(٢) الأربعين في أصول الدين ـ للفخر الرازي ـ ١ / ٣٥٠ ، المواقف : ٣٣١ ـ ٣٣٢ ، شرح المواقف ٨ / ٢٠٢ ـ ٢٠٦.

٦١

وإن أراد بها الأمر المترتّب اتّفاقا ، كقوله تعالى :( فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً ) (١) ، غاية الأمر : أنّ الله تعالى عالم بهذا الأمر المترتّب ، فهو حقيقة مذهبهم ، وعليه ترد الإشكالات ، ولا ينفع معه التسويلات والتنصّلات.

وأمّا ما ذكره من قولهم بالحكمة والمصلحة ، فهو وإن قالوا به ظاهرا ، لكن لا بنحو اللزوم كقولهم بالإتقان ؛ لأنّ اللزوم لا يجتمع مع نفي الغرض ونفي الحسن والقبح العقليّين ونفي وجوب شيء عليه تعالى.

وأمّا قوله : « ولولاه لم يكن للفاعل المختار أن يفعل ذلك الفعل »

فإن أراد به أنّه لا يفعله لكونه عبثا ، فهو صحيح ، والله سبحانه أحقّ به.

وإن أراد أنّه لا يفعله لعدم قدرته عليه كما زعمه سابقا ، فهو باطل ـ كما عرفت ـ ، ومنه يعلم ما في قوله : « فهذا الفاعل بالاختيار يحتاج في صدور الفعل عنه ».

وقد بيّنّا أنّ هذا الاحتياج لإخراج الفعل عن العبث لا لنقص في القدرة ، فيكون كمالا للفعل ، ودليلا على كمال ذات الفاعل ، لا كاحتياج الذات إلى صفاتها الزائدة الموجب لنقص الذات في نفسها(٢) ؛ تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.

* * *

__________________

(١) سورة القصص ٢٨ : ٨.

(٢) انظر ج ٢ / ١٦٩ وما بعدها من هذا الكتاب.

٦٢

إنّه تعالى يريد الطاعات ويكره المعاصي

قال المصنّف ـ قدّس الله روحه ـ(١) :

المطلب الخامس

في أنّه تعالى يريد الطاعات ويكره المعاصي

هذا هو مذهب الإمامية ، قالوا : إنّ الله تعالى أراد الطاعات سواء وقعت أم لا ، ولا يريد المعاصي سواء وقعت أم لا ، [ وكره المعاصي سواء وقعت أم لا ] ، ولم يكره الطاعات سواء وقعت أم لا(٢) .

وخالفت الأشاعرة مقتضى العقل والنقل في ذلك ، فذهبوا إلى أنّ الله تعالى يريد كلّ ما يقع في الوجود ، سواء كان طاعة أم لا ، وسواء أمر به أم نهى عنه(٣) [ وكره كلّ ما لم يقع ، سواء كان طاعة أو لا ، وسواء أمر به أو نهى عنه ] ، فجعلوا كلّ المعاصي الواقعة في الوجود من الشرك والظلم والجور والعدوان وأنواع الشرور مرادة لله تعالى ، وأنّه تعالى راض بها!

__________________

(١) نهج الحقّ : ٩٤.

(٢) أوائل المقالات : ٥٧ ـ ٥٨ ، شرح جمل العلم والعمل : ٨٧ ، المنقذ من التقليد ١ / ١٧٩ ، تجريد الاعتقاد : ١٩٩.

(٣) الإبانة في أصول الديانة : ١٢٦ ـ ١٢٧ ، تمهيد الأوائل : ٣١٧ ، الاقتصاد في الاعتقاد ـ للغزّالي ـ : ١٠٢ ، الملل والنحل ١ / ٨٣ ، الأربعين في أصول الدين ـ للفخر الرازي ـ ١ / ٣٤٣ ، المواقف : ٣٢٠ ، شرح المقاصد ٤ / ٢٧٤ ، شرح المواقف ٨ / ١٧٣.

٦٣

وبعضهم قال : إنّه محبّ لها ، وكلّ الطاعات التي لم تصدر عن الكفّار مكروهة لله تعالى غير مريد لها ، وإنّه تعالى أمر بما لا يريد ونهى عمّا لا يكره ، وإنّ الكافر فعل في كفره ما هو مراد لله تعالى وترك ما كره الله تعالى من الإيمان والطاعة منه(١) .

وهذا القول يلزم منه محالات ، منها : نسبة القبيح إلى الله تعالى ؛ لأنّ إرادة القبيح قبيحة ، وقد بيّنّا أنّه تعالى منزّه عن فعل القبائح كلّها(٢) .

* * *

__________________

(١) انظر : الأربعين في أصول الدين ـ للفخر الرازي ـ ١ / ٣٤٣ ـ ٣٤٥ ، شرح المواقف ٨ / ١٧٣ وقال : « منهم ـ أي الأشاعرة ـ من جوّز أن يقال : الله مريد للكفر والفسق والمعصية » وذكر في ص ١٧٤ أنّ خالق الشيء بلا إكراه مريد له بالضرورة ، وفيه أيضا : أنّ عدم إيمان الكافر مراد لله فلاحظ!

(٢) راجع كلام العلّامة الحلّي1 في ج ٢ / ٣٣٤ المبحث الحادي عشر من هذا الكتاب.

٦٤

وقال الفضل (١) :

قد سبق أنّ مذهب الأشاعرة : إنّ الله تعالى مريد لجميع الكائنات غير مريد لما لا يكون ، فكلّ كائن مراد وما ليس بكائن ليس بمراد ، واتّفقوا على جواز إسناد الكلّ إليه تعالى جملة ، واختلفوا في التفصيل كما هو مذكور في موضعه(٢) .

ومذهب المعتزلة ومن تابعهم من الإمامية : إنّه تعالى مريد لجميع أفعاله ، أمّا أفعال العباد فهو مريد للمأمور به منها كاره للمعاصي والكفر(٣) .

ودليل الأشاعرة : إنّه خالق للأشياء كلّها ، وخالق الشيء بلا إكراه مريد له بالضرورة(٤) .

وأمّا ما استدلّ به هذا الرجل في عدم جواز إرادة الله تعالى للشرك والمعاصي ، فهو من استدلالات المعتزلة.

والجواب : إنّ الشرك مراد لله تعالى ، بمعنى : إنّه أمر قدّره الله تعالى في الأزل للكافر ، لا أنّه رضي به وأمر المشرك به ، وهذا من باب التباس

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ١ / ٤٤٨.

(٢) الأربعين في أصول الدين ـ للفخر الرازي ـ ١ / ٣٤٣ ، المواقف : ٣٢٠ ، شرح المواقف ٨ / ١٧٣ و ١٧٤.

(٣) تقدّم في الصفحة ٦٣ ه‍ ٢ ، وراجع المصارد التالية التي تذكر آراء المعتزلة : شرح الأصول الخمسة : ٤٥٦ ـ ٤٥٧ ، الملل والنحل ١ / ٣٩ ، شرح المواقف ٨ / ١٧٣.

(٤) الأربعين في أصول الدين ـ للفخر الرازي ـ ١ / ٣٤٣ ، المواقف : ٣٢٠ ، شرح المواقف ٨ / ١٧٤.

٦٥

الرضا بالإرادة.

وأمّا كون الطاعات التي لم تصدر من الكافر مكروهة لله تعالى

فإن أراد بالكراهة عدم تعلّق الإرادة به ، فصحيح ؛ لأنّه لو أراد لوجد

وإن أراد عدم الرضا به ، فهو باطل ؛ لأنّه لم يحصل في الوجود حتّى يتعلّق به الرضا أو عدمه.

وأمّا أنّه تعالى أمر بما لا يريد ونهى عمّا لا يكره ، فإنّه تعالى أمر الكفّار بالإسلام ولم يرد إسلامهم ، بمعنى عدم تقدير إسلامهم ، وهذا لا يعدّ من السفه ، ولا محذور فيه ، وإنّما يكون سفها لو كان الغرض من الأمر منحصرا في إيقاع المأمور به ، ولكن هذا الانحصار ممنوع ؛ لأنّه ربّما كان لإتمام الحجّة عليهم فلا يعدّ سفها.

وأمّا ما ذكره من لزوم نسبة القبيح إلى الله تعالى ؛ لأنّ إرادة القبيح قبيحة

فجوابه : إنّ الإرادة بمعنى التقدير ، وتقدير خلق القبيح في نظام العالم ليس بقبيح من الفاعل المختار ، إذ لا قبيح بالنسبة إليه.

على أنّ هذا مبنيّ على القبح العقلي وهو غير مسلّم عندنا ، ومع هذا فإنّه مشترك الإلزام ؛ لأنّ خلق الخنزير الذي هو القبيح يكون قبيحا ، والله تعالى خلقه بالاتّفاق منّا ومنكم.

* * *

٦٦

وأقول :

لا يخفى أنّ الأمور الممكنة إنّما يفعلها القادر المختار أو يتركها بإرادة منه ؛ لأنّ الممكن لا يترجّح أحد طرفيه إلّا بمرجّح ، وهو الإرادة ، فيكون العدم على طبع الوجود مقدورا ومستندا إلى الإرادة.

ولذا أسند الله تعالى العدم المسبوق بالوجود إلى إرادته حيث يقول :

( وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً ) (١) الآية ، فإنّ إهلاك القرية عبارة عن إماتة أهلها بسبب العذاب ، والموت عدم الحياة.

ولا ريب أنّ الإرادة تتوقّف على أمور :

منها : تصوّر المراد

ومنها : الرضا به ، سواء كان وجودا أو عدما ، وسواء كان حكما أم غيره ، فإنّ من يريد شيئا لا بدّ أن يرضى به بالضرورة.

ومنها : الرضا بمتعلّق المراد على وجه التعيّن له أو الترجيح له أو التساوي كما في متعلّق التكاليف ، فإنّ الحاكم إذا كلّف بنحو الوجوب لا بدّ أن يرضى بوجود الواجب على وجه التعيّن له بحيث يكون كارها لنقيضه ، ومثله الحرمة بالنسبة إلى الرضا بالترك والكراهة لنقيضه.

وإذا كلّف بنحو الندب ، لزم أن يرضى بالوجود على وجه الرجحان ، ومثله الكراهة بالنسبة إلى الرضا بالترك.

وإذا حكم على وجه الإباحة ، لزم أن يرضى بالوجود والعدم بنحو

__________________

(١) سورة الإسراء ١٧ : ١٦.

٦٧

التساوي.

نعم ، إذا كان التكليف امتحانيا لم تتوقّف إرادته إلّا على الرضا بأصل التكليف ، لا بمتعلّقه.

فإذا عرفت هذا فنقول : لمّا كانت أفعال العباد عند الإمامية غير مخلوقة لله تعالى ، لم تكن له إلّا إرادة تشريعية ، أي إرادة للأحكام ، فلم يكن له تعالى رضا بما يريده العباد ويفعلونه من المعاصي ، ولا كراهة لما يتركونه من الطاعات.

بخلافه على مختار الأشاعرة من أنّ أفعال العباد مخلوقة لله تعالى ، فإنّه يلزم أن يكون الله سبحانه مريدا للمعاصي الواقعة راضيا بها ، ولعدم الطاعات المتروكة كارها لها ؛ لأنّ فعله للمعاصي يتوقّف على إرادتها المتوقّفة على الرضا بها ، وتركه للطاعات يتوقّف على إرادة الترك المتوقّفة على الرضا به وكراهته الفعل ، كما سبق(١) .

ويلزم أن يكون الله تعالى آمرا بما يريد عدمه ويكرهه ولا يرضى به ، وهو الذي لم يخلقه من الطاعات ، وناهيا عمّا أراده ورضي به ، وهو الذي خلقه من المعاصي ، بل يلزم اجتماع الضدّين : الرضا والكراهة في ما أمر به وتركه ؛ لأنّ أمره دليل الرضا وتركه دليل الكراهة.

وكذا يجتمعان في ما نهى عنه وفعله ؛ لأنّ نهيه مستلزم للكراهة ، وفعله مستلزم للرضا.

وهذا الذي قلناه لا يبتني على أنّ تكون الإرادة بمعنى الرضا كما تخيّله الخصم ، بل هو مبنيّ على توقّف الإرادة على الرضا ـ كما بيّنّاه ـ ،

__________________

(١) راجع ردّ الشيخ المظفّر1 في مبحث « استلزام الأمر للإرادة والنهي للكراهة » في ج ٢ / ٣٧٣ من هذا الكتاب.

٦٨

فلا معنى لقوله : « الشرك مراد لله تعالى ، بمعنى أنّه أمر قدّره الله في الأزل ، لا أنّه رضي به وأمر المشرك به ، وهذا من باب التباس الرضا بالإرادة ».

على أنّ تفسير الإرادة بالتقدير ، خطأ ؛ لأنّ الإرادة صفة ذاتية والتقدير فعل ، ولو سلّم فقد عرفت أنّ التقدير موقوف على الإرادة(١) ، وهي موقوفة على الرضا.

ومن الفضول قوله في ما سمعت : « وأمر المشرك به »

فإنّ المصنّف لم يدّع أنّه يلزم مذهبهم أمر المشرك به حتّى ينفيه ، ولا هو متوهّم من كلام المصنّف.

وأمّا إنكاره لعدم الرضا بترك الطاعات ، بحجّة أنّها لم تحصل في الوجود حتّى يتعلّق بها الرضا أو عدمه ، فخطأ ؛ لأنّ الرضا وعدمه إنّما يتعلّقان بالشيء من حيث هو ، لا بما هو موجود ، كيف؟! وهما سابقان على الإرادة السابقة على الوجود.

وأمّا إنكاره للسفه في الأمر بالإسلام الذي لم يقدّره ، فمكابرة ظاهرة.

وقوله : « إنّما يكون سفها لو كان الغرض من الأمر منحصرا في إيقاع المأمور به »

باطل ؛ لأنّ إتمام الحجّة إنّما يكون على القادر المتمكّن ، لا على العاجز ، فيكون امتحانه سفها آخر ، تعالى الله عنه علوّا كبيرا ، وسيأتي قريبا زيادة إشكال عليه فانتظر.

وأمّا قوله : « وتقدير خلق القبيح في نظام العالم ليس بقبيح »

__________________

(١) راجع ردّ الشيخ المظفّر1 في مبحث « استلزام الأمر للإرادة والنهي للكراهة » في ج ٢ / ٣٧٣ من هذا الكتاب.

٦٩

فمكابرة أخرى كما مرّ(١) ، إذ لا وجه لعدم قبح القبيح منه سبحانه ، وهو أولى من يتنزّه عن فعل القبيح.

وأمّا ما زعمه من الاشتراك في الإلزام ، فقد عرفت جوابه(٢) .

* * *

__________________

(١) راجع ردّ الشيخ المظفّر1 في مبحث « إنّه تعالى لا يفعل القبيح » ، الصفحة ٩ من هذا الجزء.

(٢) راجع الصفحة ٢٥ من هذا الجزء.

٧٠

قال المصنّف ـ طاب ثراه ـ(١) :

ومنها : كون العاصي مطيعا بعصيانه ، حيث أوجد مراد الله تعالى وفعل وفق مراده.

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٩٥.

٧١

وقال الفضل(١) :

جوابه : إنّ المطيع من أطاع الأمر ، والأمر غير الإرادة ، فالمريد هو المقدّر للأشياء ومرجّح وجوداتها ، فإذا وقع الخلق على وفق إرادته فلا يقال : إنّ الخلق أطاعوه.

نعم ، إذا أمرهم بشيء فأطاعوه يكونون مطيعين.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ١ / ٤٥٢.

٧٢

وأقول :

غير خفيّ أنّ الطاعة منوطة بموافقة الإرادة ، والعصيان بمخالفتها ، لا بموافقة لفظ الأمر ومخالفته

ولذا لو علمت إرادة المولى لشيء ولم يأمر به لمانع وجب إتيانه

ولو علم عدم إرادته مع أمره صورة لم يجب فعله

وإنّما قالوا : الطاعة موافقة الأمر ؛ لأنّه دليل الإرادة ولا تعرف بدونه غالبا ، وحينئذ فيلزم ما ذكره المصنّف من كون العاصي مطيعا بعصيانه لموافقته للإرادة التكوينية ، بل هو موافق للأمر التكويني فيكون مطيعا ألبتّة.

قال عزّ من قائل :( فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ ) (١)

وقال تعالى :( إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) (٢) .

* * *

__________________

(١) سورة فصّلت ٤١ : ١١.

(٢) سورة يس ٣٦ : ٨٢.

٧٣

قال المصنّف ـ أعلى الله مقامه ـ(١) :

ومنها : كونه تعالى يأمر بما يكره ؛ لأنّه أمر الكافر بالإيمان وكرهه منه حيث لم يوجد وينهى عمّا يريد ، لأنّه نهاه عن الكفر وأراده منه.

وكلّ من فعل هذا من أشخاص البشر ينسبه كلّ عاقل إلى السفه والحمق ، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.

فكيف يجوز للعاقل أن ينسب إلى ربّه تعالى ما يتبرّأ هو منه ويتنزّه عنه؟!

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٩٥.

٧٤

وقال الفضل(١) :

قد سبق المنع من أنّ الأمر بخلاف ما يريده يعدّ سفها(٢) ، وإنّما يكون كذلك لو كان الغرض من الأمر منحصرا في إيقاع المأمور به ، وليس كذلك ؛ لأنّ الممتحن لعبده هل يطيعه أم لا؟ قد يأمره ولا يريد منه الفعل.

أمّا أنّ الصادر منه أمر حقيقة ؛ فلأنّه إذا أتى العبد بالفعل يقال : امتثل أمر سيّده.

وأمّا أنّه لا يريد الفعل منه ؛ فلأنّه يحصل مقصوده وهو الامتحان ، أطاع أو عصى ، فلا سفه بالأمر بما لا يريده الآمر.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ١ / ٤٥٢.

(٢) راجع ردّ الفضل في مبحث « استلزام الأمر للإرادة والنهي للكراهة » في ج ٢ / ٣٧٢ ، وانظر الصفحتين ٦٥ ـ ٦٦ من هذا الجزء.

٧٥

وأقول :

لا يخفى أنّ السفه يحصل بطلب الفعل والأمر به حقيقة مع كراهته في الواقع ، وبالنهي عنه حقيقة مع إرادته واقعا ، كما هو الحاصل في الشرعيّات ، ضرورة مطلوبية مثل الإيمان وعدم الكفر حقيقة.

ولا محلّ لاحتمال أن يكون الطلب لمثل ذلك صوريا لغرض الامتحان أو غيره ، على أنّ الامتحان للعاجز سفه آخر.

ثمّ إنّ كلامه دالّ على ثبوت الغرض لله تعالى ، وهو باطل على قولهم : « إنّ أفعاله تعالى لا تعللّ بالأغراض »(١) !

* * *

__________________

(١) الأربعين في أصول الدين ـ للفخر الرازي ـ ١ / ٣٥٠ ، محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين : ٢٩٦ ، المواقف : ٣٣١ ، شرح المواقف ٨ / ٢٠٢.

٧٦

قال المصنّف ـ طيّب الله رمسه ـ(١) :

ومنها : مخالفة النصوص القرآنية الشاهدة بأنّه تعالى يكره المعاصي ويريد الطاعات ، كقوله تعالى :( وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ ) (٢)

( كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً ) (٣)

( فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ) (٤)

( وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ ) (٥)

إلى غير ذلك من الآيات

فترى لأيّ غرض يخالفون هؤلاء القرآن العزيز وما دلّ العقل عليه؟!

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٩٥.

(٢) سورة غافر ٤٠ : ٣١.

(٣) سورة الإسراء ١٧ : ٣٨.

(٤) سورة الزمر ٣٩ : ٧.

(٥) سورة البقرة ٢ : ٢٠٥.

٧٧

وقال الفضل(١) :

قد يستعمل لفظ الإرادة ويراد به الرضا والاستحسان ، ويقابله الكراهة بمعنى السخط وعدم الرضا ، فقوله تعالى :( وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ ) (٢) ، أريد من الإرادة الرضا ، فسلب الرضا بالظلم عن ذاته المقدّسة ، وهذا عين المذهب.

وأمّا الإرادة بمعنى التقدير والترجيح ، أو مبدأ الترجيح ، فلا تقابلها الكراهة ، وهو معنى آخر.

وسائر النصوص محمولة على الإرادة بمعنى الرضا.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ١ / ٤٥٤.

(٢) سورة غافر ٤٠ : ٣١.

٧٨

وأقول :

لمّا كان من مذهبه : أنّ الله سبحانه هو الخالق للظلم الواقع في الكون ، المريد له(١) ، وكان ذلك خلافا صريحا للآية الأولى ، التجأ إلى حمل الإرادة فيها على الرضا ، وهو لو سلّم لا ينفعه ؛ لتوقّف الإرادة على الرضا ؛ لأنّه من مقدّماتها ، فإذا نفت الآية رضاه تعالى بالظلم ـ كما زعم ـ استلزم نفي إرادته له ، وهو خلاف مذهبه.

وليت شعري إذا لم يرض سبحانه بالظلم والكفر وكان السيّئ عنده مكروها ولا يحبّ الفساد ، فكيف أرادها وخلقها وهو العالم المختار؟!

وإذا كان يرضى الشكر ، فما المانع له عن إرادته وخلقه وهو المتصرّف فيه كما زعموا؟!

وأمّا قوله : « وسائر النصوص محمولة على الإرادة بمعنى الرضا »

فكلام صادر من غير تروّ ، إذ ليس في بقيّة الآيات التي ذكرها المصنّفرحمه‌الله ما يشتمل على لفظ الإرادة ، ولا يعوزه الجواب إذا كان مبنيا على المغالطة.

* * *

__________________

(١) راجع الصفحة ٦٣ من هذا الجزء.

٧٩

قال المصنّف ـ قدّس الله روحه ـ(١) :

ومنها : مخالفة المحسوس وهو : استناد أفعال العباد إلى تحقّق الداعي وانتفاء الصوارف ؛ لأنّ الطاعات حسنة والمعاصي قبيحة.

وإنّ الحسن جهة دعاء والقبح جهة صرف ، فيثبت لله تعالى في الطاعة دعوى الداعي إليها وانتفاء الصارف عنها.

وفي القبيح ثبوت الصارف وانتفاء الداعي ؛ لأنّه ليس داعي الحاجة لاستغنائه تعالى ، ولا داعي الحكمة لمنافاتها إيّاها ، ولا داعي الجهل لإحاطة علمه به.

فحينئذ يتحقّق ثبوت الداعي إلى الطاعات ، وثبوت الصارف في المعاصي ، فثبت إرادته للأوّل وكراهته للثاني.

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٩٦.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

محقا(١) دون طلحة والزبير أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) ذكر زيد(٣) بن صوحان(٤) زيد وما زيد يسبق(٥) عضو منه إلى الجنة فقتل يوم الجمل فجعلوا الدليل على صواب علي في قتاله(٦) أن زيدا قتل في طاعته(٧) قيل لهم وفي(٨) قول النبيعليه‌السلام يسبقه عضو منه إلى الجنة دليل على(٩) أن(١٠) العضو لم يسبق إلى الجنة إلا وقد قطع في طاعة الله وقد أجمعوا على(١١) أن يده قطعت يوم نهاوند(١٢) .

والذي يقال في(١٣) هذا على قواعد الجارودية إن غرض الجارودية لا ينتقض في تصويب علي أما أنه يلزم منه تصويب عمر رضوان الله عليه فلا بل يلزم عنه أن أهل نهاوند كانوا ضلالا والمسلمون على الحق كما أن أصحاب أمير المؤمنين على الحق وعمر على الحق(١٤) ومحاربهم على الباطل.

فإن قيل إذا لزم أن يكون أصحاب أمير المؤمنين على الحق لزم أن

__________________

(١) المصدر: المحق.

(٢) المصدر بزيادة: قال و ...

(٣) ج وق: يزيد بن صوحان.

(٤) ن بزيادة: فقال.

(٥) ن والمصدر: يسبقه.

(٦) ن: بقتاله.

(٧) ن بزيادة: و.

(٨) المصدر: ففي.

( ٩، ١١ ) لا توجد في: المصدر.

(١٠) في الصمدر بزيادة: ذلك.

(١٢) العثمانية: ٢٤٩.

(١٣) ق: على.

(١٤) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

٤٢١

يكون علي على(١) الحق وإذا تقرر هذا فالتزموا في كون أصحاب عمر على الحق وعمر على الحق وإلا فما الفارق.

والجواب بما أن الجارودية تقول إن عمر على الحق في إنفاذ الجيوش وأصحابه على الحق في المحاربة لكن لا يلزم من ذلك إقرار برئاسة إذ مجاهدة الكفار حسن.

فإن قيل هل لغير الرئيس تجهيز الجيوش أم لا فإن قلتم لا أشكل عليكم وإن قلتم نعم أشكل عليكم.

وتقول(٢) الجارودية عند هذا ليس لغير الرئيس الحق أن يبعث الجيوش لكن الجيش المحارب عند اصطفاف الكتائب واصطفاف المقانب(٣) متعين عليه القتال فقاتلهم في النار ومقتولهم في الجنة مع أن أمير المؤمنين كان غاية الموافق على إنفاذ الجيوش ونصرة الإسلام فأي جيش خرج فعن رضاه خرج وبرضاه(٤) انبعث وبيانه المشورة على عمر بأنه لا يلقى الجيوش بنفسه ويستعين على الجهاد بالمسلمين فانبعاث الجيوش إذن برضا الرئيس ولو لم يكن أمير المؤمنين مثلا يعرف منه الرضا والسخط فإن المسلمين إذا لاقوا المشركين كيف كان لم يكونوا مأجورين(٥) في الدفاع عن أنفسهم وحوزة(٦) الإسلام بل مأجورين مشكورين مثابين.

وذكر كلاما بسيطا في الاختيار عبارة طويلة ومعنى قصير(٧) جثمان

__________________

(١) الزيادة من عندنا ليستقيم المعنى.

(٢) ن: فتقول.

(٣) المقانب: مفرده المقنب، جماعة من الخيل تجتمع للغارة. ( المنجد ).

(٤) ج: مرضاه.

(٥) في كل النسخ: مأزورين ( كذا ).

(٦) ق: جوّزه.

(٧) العثمانية: ٢٥٠.

٤٢٢

بغير روح وعساكر من دون رئيس وساق الكلام في كونه ألزم إشكالا في معرفة الفاضل المؤهل للرئاسة(١) وكأنه يذهب إلى أن المقدم الأفضل والغي بإدخال(٢) العامة في الاختيار وأجاب بأن الفاضل لا يخفى(٣) وضرب المثل بعمرو بن عبيد ونحوه من الأعيان وانساق كلامه إلى اختيار عثمان غير مكرهين ولا محمولين(٤) .

وذكر أن الصحابة كان يعرف بعضهم بعضا وعولوا على أبي بكر(٥) وادعى أن النبيعليه‌السلام لم يختر للأمة رئيسا ولو اختار لكان خيرا لهم لكن ذلك لا يلزم وضرب مثلا(٦) .

والذي يقال على هذا إن الدنيا مع سعة الأقاليم وتقاذف الجهات إذا بني الأمر على الاختيار أشكل الحال فيما بينهم عند العزم على إقامة رئيس عام أفضل لأنه إما أن يرتقب كل أهل إقليم تعرف من(٧) باقي الأقاليم حتى ينصبوا رئيسا أو ينصب كل إقليم رئيسا من غير أن يرتقبوا(٨) جميع الأفاضل فيما عدا الإقليم الذي هم فيه فإن كان الأول أشكل جدا ونضرب المثل في ذلك عيانا فنقول إنا لا نعرف من في أقاصي المغرب من العلماء والأفاضل وأهل العقد والنقد والتجربة والشجاعة وميمون التدبير الرئاسي في فنون كثيرة جمة يعتبر في جانب الرئيس وكذا هم قد لا يعرفون وكذا غير البلاد المغربية من الأصقاع.

__________________

(١) العثمانية: ٢٦٥.

(٢) ق ون: ادخال.

(٣) العثمانية: ٢٦٥.

(٤) العثمانية: ٢٦٨.

(٥) العثمانية: ٢٦٨ - ٢٧٠ منقول بالمعنى.

(٦) العثمانية: ٢٧٨.

(٧) ن بزيادة: في.

(٨) ن بزيادة: تعرّف.

٤٢٣

وذلك يقف الحكم ويتعطل به(١) أمر الدنيا إذ حاجة الدنيا إلى الرئيس حاجة الجوارح إلى القلب والجسد إلى الروح وأين الناقد لمقادير الرجال والحال هذه وأنه مع اجتماع الجميع والتطلع على أحوالهم يشكل فكيف مع الذي ذكرت من تباعد الجهات ونبأ(٢) كذا المحال.

وإن كان الفرض أن كل أهل إقليم يعينون على رئيس حسب ما يقع عندهم من التدبير أشكل إذ فيه اجتماع خلفاء متعددين وهو ممنوع عند هذا الخصم وعند خصمه هذا مع إشكال فيه جدا إذ عقول أصحاب الاختيار متباينة جدا ونقدهم(٣) متغاير(٤) جدا ولو اتفقوا مثلا في العقول والتجارب والدين والعلوم فإن بين هذه المزايا شائبة الهوى ومفاسد الأغراض وهذه العوارض مانعة من اتفاق من له أهلية الاختيار على شخص واحد.

ثم إن الفرق الإسلامية فنون هذا شيعي وهم فرق وهذا سني وهم فرق بين معتزلي وأشعري وشافعي وحنفي وحنبلي ومالكي في غير ذلك من اختلافات(٥) بين المسائل في العقائد والفروع فكل قبيل لا يرضى إلا برئيس على مذهبه وخليفة على طريقته(٦) وهذا يؤدي إلى انتشار عظيم وفساد جم و(٧) ربما كان ترك الرئيس أنفع للرعية من مداناته وأجدى لهم من مقاربته(٨) .

__________________

(١) ق: بدء.

(٢) ن: تنائي المجال.

(٣) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(٤) ن: متغايرة.

(٥) ن: الاختلافات.

(٦) ن: طريقة.

(٧) لا توجد في: ج.

(٨) ق: مطاربته.

٤٢٤

أضربنا عن هذا ونقول هل المؤثر إجماع كل عاقل وعالم ومجرب أو يكفي بعض منهم فإن كان الأول أعضل جدا وإن قيل بالثاني فلا يخلو إما أن يكون عددا محصورا أو لا فإن كان الأول أشكل إقامة البرهان عليه وإن كان الثاني أشكل أيضا(١) إقامة البرهان عليه والمثل الذي ضربه بعمرو بن عبيد وشبهه يخص(٢) إقليما لا الأقاليم وقد أوردنا على اعتبار الأقاليم أولا اعتبارها ما فيه مقنع.

وأما ادعاؤه أنهم اتفقوا على عثمان غير مكرهين ولا مجبرين(٣) فإن الجاحظ يطالب بإقامة البرهان عليه والعيان يخالف ما قال وكذا ادعاؤه أنهم اجتمعوا على أبي بكر رضوان الله عليه(٤) ولو لم يكن إلا مخالفة سعد بن عبادة إلى أن مات أو قتل.

فإن قال لا نراعي اعتبار قول الجميع قلنا قد سبق الكلام عليه. وأما أن النبيعليه‌السلام ما عين عليا رئيسا فإن الخصم ينازع في ذلك ويتعلق بالوارد من طريق الخصم عن النبيعليه‌السلام في إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام ولذلك مظان معروفة(٥) يعرفها من شاء الوقوف عليها.

وأما أن الله تعالى لم يبن الأمر مع الرعية على الأخف والأقرب بيانه ما تضمنه مثله من مسائل لو كشفت كشفا جيدا كان أخف وأرفه فإن الجواب عنه بما أنا والجاحظ جميعا متفقون على أنه لا بد من رئيس فالإمامية تقول يجب على الله والجاحظ وحزبه يقولون يجب على الأمة.

__________________

(١) لا يوجد في: ج.

(٢) ن: يختص.

(٣) العثمانية: ٢٦٨.

(٤) العثمانية: ٢٧٠.

(٥) ن بزيادة: لهم.

٤٢٥

إما من دليل العقل أو النقل وإذا(١) كان الأمر كذا فنقول الاختيار كما ذكرته ممتنع قطعا فتعين النص وإذا كان الأمر كذا تعين في علي إذ الجاحظ لا تعلق له به في إمامة أبي بكر رضوان الله عليه وهذا آت على سياق كلامه.

وأورد على ادعاء النص أن أحدا ما ادعاه يوم السقيفة لأحد(٢) .

والجواب عنه بما أن صاحب الحق لم يحضره ومن حضر السقيفة كان بموضع الكراهية(٣) لذكره أعني الرؤساء والعامة لا عبرة لهم مع الرؤساء وقد رأينا المسلمين تفرقوا عن النبي وهو قائم يخطب ولم يحفلوا بملازمته وذلك بمشهد منه ومرأى فكيف غير ذلك وهم على السلم رغبة في شراء حنطة وفروا عنه مع الحرب في وقعة هوازن إلا أمير المؤمنينعليه‌السلام ونفرا يسيرا وفر في يوم أحد من فر وجاء بعد مدة وفيه نزل قوله تعالى( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى ) (٤) رواه الثعلبي وهو ممن لا يتهم ولم تدع الإمامية أن النص كان ينادي به على المنابر ويسمعه البادي والحاضر وإنما كان بالمقام الذي تنهض به الحجة على الأعيان والمخالطين من الرؤساء أسوة بمهمات كثيرة من الشرائع وهذا شيء يندفع مع المواطاة والممالاة وهذا بحث يحتمل بسطا.

وذكر مقامات زعم كان يليق أن يذكر فيها النص وما ذكر فلو كان موجودا لذكر(٥) .

والجواب على قواعد الجارودية بما أن علياعليه‌السلام لو صرح

__________________

(١) ق: فاذا.

(٢) العثمانية: ٢٧٣.

(٣) ق: الكراهة.

(٤) النجم: ٣٣.

(٥) انظر العثمانية: ٢٧٤ - ٢٧٥.

٤٢٦

بالنص لكان في ذلك تعرض بخلافة أبي بكر وغيره ممن تلاه فأسر ثم إن الناس كانوا فيه بين متقبل له وجاحد فذكر ما ينهض به الإنصاف لو كان ويقوم(١) به الحجة عند من اعتبر مما لا خلاف فيه ولا منازعة لمتحر عنده.

ثم إن من اعتبر عرف أن من الصحابة من أعرض عن صحيح النصوص وصريحها برأيه ولم يعتمد عليها وإذا عرف الإنسان أن ذكر دواء لمريض(٢) لا يستعمل ويضر الطبيب ذكره كانت الحكمة موجودة في الإضراب عن ذكره وشغل الوقت بالخوض فيه.

وزعم الجاحظ أن عمر بن علي قال ما أعرف وصية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأبي(٣) قال وأيضا وقد تعلمون أن الأمة كلها مع اختلاف أهوائها(٤) لا تعرف مما تدعون من أمر النص والوصية قليلا ولا كثيرا وإنما هي دعوى مقصورة فيكم لا يعرفها سواكم(٥) .

وقد رأيت أن أذكر ما هو قامع لدعواه وأن الجاحظ ما(٦) بين مباهت وجاهل والمتفنن المتطلع إذا دافع عن شيء ظاهر الأخلق به أن يكون مباهتا جاحدا معاندا.

روى الشيخ الحافظ يحيى بن البطريق من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثنا هيثم بن خلف قال حدثنا محمد بن أبي عمر الدوري قال حدثنا شاذان قال حدثنا جعفر بن زياد عن مطر عن أنس يعني ابن

__________________

(١) ن: تقوم.

(٢) ن: لمرض.

(٣) العثمانية: ٢٧٥.

(٤) المصدر بزيادة: ونحلها.

(٥) العثمانيّة: ٢٧٥.

(٦) لا توجد في: ن.

٤٢٧

مالك قال قلنا لسلمان سل النبي عن(١) وصيه فقال له سلمان يا رسول الله من كان(٢) وصيك فقال يا سلمان من كان وصي موسى فقال يوشع بن نون قال(٣) وصيي ووارثي يقضي ديني وينجز موعدي علي بن أبي طالبعليه‌السلام (٤) .

ومن تفسير الثعلبي حديث رفعه إلى النبيعليه‌السلام يتضمن الشهادة لعلي بالإخوة والمؤازرة والولاية والوصية بعده والخلافة في أهله بمعنى(٥) الإمارة عليهم(٦) .

__________________

(١) المصدر: من.

(٢) لا توجد في المصدر.

(٣) المصدر بزيادة فان.

(٤) عمدة عيون صحاح الاخبار: ٧٦. عن فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل ٢ / ٦١٥ حديث ١٠٥٢. وروى هذا الحديث ايضا المحب الطبري في الرياض النضرة: ٢ / ١٧٨ باختلاف في اللفظ يسير. وذكر الهيثمي في مجمع الزوائد: ٩ / ١١٣.

قال: وعن سلمان قال: قلت يا رسول الله ان لكل نبي وصيا فمن وصيّك؟ فسكت عني فلما كان بعد رآني فقال: يا سلمان فاسرعت اليه قلت: لبيك قال: تعلم من وصي موسى عليه‌السلام ؟ قلت: نعم يوشع بن نون قال: لم؟ قلت: لانه كان اعلمهم يومئذ ( قال ) فان وصيي وموضع سري وخير من اترك بعدي وينجز عدتي، ويقضي ديني علي بن ابي طالب. قال:

رواه الطبراني. وذكره ايضا ابن حجر في تهذيب التهذيب: ٣ / ١٠٦ والمتقي الهندي في كنز العمال: ٦ / ١٥٤ والمناوي في فيض القدير: ٤ / ٣٥٩.

(٥) ج: معنى.

(٦) وفي عمدة عيون صحاح الاخبار: ٧٦ ومن تفسير الثعلبي في تفسير قوله تعالى:( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) الشعراء: ٢١٤ وبالاسناد المقدم قال: اخبرني الحسين بن محمد بن الحسين، حدثني موسى بن محمد، حدثنا الحسين بن علي بن شعيب المغربي، حدثنا عباد ابن يعقوب، حدثنا علي بن هاشم، عن صباح بن يحيى المزني، عن زكريا بن ميسرة، عن ابي اسحاق، عن البراء قال:

لما انزلت ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) جمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بني عبد المطلب

٤٢٨

وفي كتاب المناقب لابن المغازلي(١) ما يقتضي إقسام الله تعالى بأنه وصي رسول الله بعده وهو سبب نزول قوله تعالى( وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ) إلى قوله( بِالْأُفُقِ الْأَعْلى ) (٢) بعد أن ذكر(٣) شيئا عن الحميدي ما اتفق عليه مسلم والبخاري في معنى الوصية صورته

__________________

وهم يومئذ اربعون رجلا، الرجل منهم يأكل المسنة ويشرب العس ( العس: القدح الضخم ( لسان العرب ). ) فامر عليا ان يدخل شاة فادمها، ثم قال: ادنوا بسم الله، فدنى القوم عشرة عشرة، فاكلوا حتى صدروا، ثم دعا بقعب من لبن، فجرع منه جرعة، ثم قال لهم: اشربوا بسم الله، فشربوا حتى رووا، فبدرهم ابو لهب فقال: هذا ما سحركم به الرجل، فسكت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يومئذ، فلم يتكلم. ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك الطعام والشراب، ثم انذرهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا بني عبد المطلب، اني انا النذير اليكم من الله عزّ وجلّ، والبشير بما لم يجيء به احد، جئتكم بالدنيا والآخرة، فاسلموا واطيعوني تهتدوا. ومن يواخيني ويوازرني، يكون وليي ووصيي بعدي وخليفتي في اهلي ويقضي ديني، فاسكت القوم، واعاد ذلك ثلاثا، كل ذلك يسكت القوم، ويقول عليعليه‌السلام : انا فقال: انت. فقام القوم وهم يقولون لابي طالب: اطع ابنك فقد امرّ عليك.

(١) الذي وجدته في النسخة المطبوعة التي عندي لمناقب ابن المغازلي هو ما يلي: قال في ص ٢٦٦.

وبسنده عن مالك بن غسان النهشلي [ قال ] حدثنا ثابت عن انس قال: انقضّ كوكب على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : انظروا الى هذا الكوكب فمن انقض في داره فهو الخليفة من بعدي، فنظروا فاذا هو قد انقض في منزل علي، فانزل الله تعالى ( وَالنَّجْمِ إِذا هَوى. ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى. وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى. إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى ) . وقال في ص ٣١٠.

وبسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كنت جالسا مع فتية من بني هاشم عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله اذا انقض كوكب فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من انقض هذا النجم في منزله فهو الوصي من بعدي! فقام فتية من بني هاشم فنظروا فاذا الكوكب قد انقضّ في منزل علي عليه‌السلام قالوا: يا رسول الله قد غويت في حب علي فانزل الله تعالى: ( وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ) الى قوله ( وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى ) .

(٢) النجم: ١ - ٧.

(٣) يعني ابن البطريق في كتابه العمدة والا فان ابن المغازلي لم يذكر هذه الزيادة.

٤٢٩

وفي حديث ابن مهدي زيادة ذكرها أبو مسعود و(١) أبو بكر البرقاني(٢) ولم يخرجها البخاري ولا مسلم فيما عندنا من كتابيهما وهي قال(٣) قال هذيل بن شرحبيل(٤) أبو بكر كان يتأمر على وصي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٥) .

ومن كتاب أخطب خطباء خوارزم يرفع الحديث إلى سلمان الفارسي

__________________

( ١ - ٣ ) من المصدر.

(٢) ج وق: البرواي ( كذا ).

(٤) المصدر: هزيل بن شرحبيل.

(٥) عمدة عيون صحاح الاخبار: ٧٨ نقلا عن الجمع بين الصحيحين للحميدي الحديث التاسع من المتفق عليه من مسلم، والبخاري، من مسند عبد الله بن ابي عوفى، بالاسناد المقدم عن طلحة بن مصرّف قال:

سألت عبد الله بن ابي عوفى، هل كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله اوصى؟ فقال: لا فقلت: فكيف كتب على الناس الوصية؟ أو أمر بالوصية فقال: أوصى بكتاب الله قال الحميدي: وفي حديث ابن مهدي زيادة ذكرها ابو مسعود وأبو بكر البرقاني ولم يخرجها البخاري ولا مسلم فيما عندنا من كتابيهما وهي قال: قال هزيل بن شرحبيل: ابو بكر كان يتأمر على وصي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله . وفي حديث وكيع، قلت: فكيف امر الناس بالوصية؟ وفي حديث ابن نمير: كيف كتب على المسلمين الوصية؟ وليس لطلحة بن مصرّف عن ابن ابي عوفى في الصحيحين غير هذا الحديث الواحد. قال يحيى بن الحسن ومما يدل على وجوب الوصية، ما هو مذكور في صحيح مسلم في الجزء الثالث من اجزاء ستة في ثلثه الاخير منه في كتاب الفرائض ( - ذكر مسلم في صحيحه: ٥ / ٧٠.

وبسنده عن ابن شهاب، عن سالم عن ابيه، انه سمع رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم قال: ما حق امرئ مسلم له شيء يوصى فيه يبيت ثلاث ليال الا ووصيته عنده مكتوبة. قال عبد الله بن عمر: ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال ذلك الا وعندي وصيتي. اقول هناك احاديث اخرى في هذا الباب ذكرها مسلم والبخاري في صحيحه: ٤ / ٢ و ٣ فراجع. ).

٤٣٠

عن النبي(١) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال لعلي يا علي تختم باليمين تكن(٢) من المقربين قال يا رسول الله وما المقربون قال جبرئيل وميكائيل قال فبم أتختم(٣) يا رسول الله قال بالعقيق الأحمر فإنه جبل أقر لله بالوحدانية ولي بالنبوة ولك بالوصية ولولدك بالإمامة ولمحبيك بالجنة ولشيعتك(٤) بالفردوس ومن حديث رفعه المذكور إلى أم سلمة يقول النبيعليه‌السلام (٥)

__________________

(١) قال الخوارزمي في مناقبه ٢٣٣. واخبرني شهردار هذا اجازة اخبرني ابي شيرويه اخبرني ابو طالب احمد بن محمد بن خال الريحاني الصوفي بقراءتي عليه من اجل سماعه في مسجد الشونيزيةرحمه‌الله اخبرني ابو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن طلحة الصعداني اخبرني ابو القاسم اسماعيل بن محمد بن اسماعيل الحلبي بمصر اخبرني ابو احمد العباس بن الفضل بن جعفر الملي حدثني علي بن العباس المقانعي حدثني سعد بن مزيد الكندي عن عبد الله بن حازم الخزاعي عن ابراهيم بن موسى الجهني عن سلمان الفارسي ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليعليه‌السلام : يا علي تختم باليمين تكن من المقربين. قال: يا رسول الله ومن المقربون؟ قال: جبرئيل وميكائيل. قال: فبم اتختم يا رسول الله؟ قال: بالعقيق الاحمر فانه اقر لله بالعبودية ولي بالنبوة ولك بالوصية ولولدك بالامامة ولمحبيك بالجنة ولشيعة ولدك بالفردوس والحديث ايضا ذكر في نزهة المجالس: ٢ / ٢٠٨. ومناقب ابن المغازلي: ٢٨١.

(٢) في كل النسخ: تكون وظاهرا هو من سهو قلم الناسخ.

(٣) ه‍ ق: الختم.

(٤) ن: لشيعتك وولدك.

(٥) واول الحديث كما جاء في هذا المصدر:

عن ابي بكر احمد بن موسى بن مردويه هذا اخبرني ابو بكر احمد بن محمد السري بن يحيى التميمي حدثني المنذر بن محمد بن المنذر، حدثني ابي، حدثني عمي الحسين بن يوسف بن سعيد بن ابي الجهم، حدثني ابي، عن ابان بن تغلب عن علي بن محمد بن المنكدر، عن ام سلمة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وكانت الطف نساءه، واشدهن له حبا، قال: وكان لها مولى خصها ورباها، وكان لا يصلي صلاة الا سب عليا وشتمه، فقالت له: يا ابة ما حملك على سب علي؟ قال: لانه قتل عثمان وشرك في دمه، فقالت له: اما انه لو لا انك مولاي وربيتني وانك عندي بمنزلة والدي ما حدثتك بسر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولكن اجلس حتى احدثك عن علي وما رايته. قد اقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان يومي، وانما

٤٣١

يا أم سلمة لا تلوموني(١) فإن جبرئيل أتاني من الله يأمر(٢) أن أوصي به(٣) عليا من بعدي وكنت بين جبرئيل وعلي(٤) - جبرئيل عن يميني وعلي عن شمالي فأمرني جبرئيل أن آمر عليا بما هو كائن بعدي إلى يوم القيامة فاعذريني ولا تلوموني(٥) إن الله اختار من كل أمة نبيا واختار لكل نبي وصيا وأنا نبي(٦) هذه الأمة وعلي وصيي في عشيرتي(٧) وأهل بيتي وأمتي من بعدي(٨)

__________________

كان نصيبي في تسعة ايام، يوم واحد فدخل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو مخلل اصابعه في اصابع عليعليه‌السلام واضعا يده عليه، فقال: يا ام سلمة، اخرجي من البيت واخليه لنا، فخرجت واقبلا يتناجيان، واسمع الكلام ولا ادري ما يقولان، حتى اذا انا قلت قد انتصف النهار واقبلت فقلت: السلام عليكم، ألج؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تلجي وارجعي الى مكانك. ثم تناجيا طويلا، حتى قام عمود الظهر، فقلت: ذهب يومي وشغله علي، فأقبلت أمشي، حتى وقفت على الباب، فقلت: السلام عليكم، ألج؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تلجي، فرجعت وجلست مكاني حتى اذا انا قلت قد زالت الشمس الآن يخرج الى الصلاة، فيذهب يومي ولم ار قط اطول منه، اقبلت امشي حتى وقفت على باب الدار، فقلت: السلام عليكم، ألج؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : نعم، فلجي، فدخلت وعليعليه‌السلام واضع يده على ركبتي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قد أدنى فاه من اذن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وفم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على اذن عليعليه‌السلام يتساران، وعلي يقول افأمضي؟ وافعل؟ والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: نعم. فدخلت وعلي معرض وجهه حتى دخلت وخرج، فاخذني النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله واقعدني في حجره فالتزمني فاصاب مني ما يصيب الرجل من اهله من اللطف والاعتذار، ثم قال لي: يا ام سلمة لا تلوميني الى آخره.

( ١ - ٥ ) ن والمصدر: لا تلوميني.

(٢) ن: يأمرني.

(٣) لا توجد في: ن.

(٤) المصدر بزيادة: و.

(٦) ن: والمصدر: فانا نبي.

(٧) المصدر: عترتي.

(٨) تتمة الحديث كما جاء في هذا المصدر: فهذا ما شهدت من عليعليه‌السلام ، الان يا ابتاه فسبه او دعه. فاقبل ابوها يناجي الليل والنهار، ويقول: اللهم اغفر لي ما جهلت من امر علي

٤٣٢

ومنه بحذف الإسناد(١) عن أنس بن مالك قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يا أنس اسكب لي وضوء ثم قام فصلى ركعتين ثم قال يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين وخاتم الوصيين قال قلت اللهم اجعله رجلا من الأنصار فكتمته(٢) إذ جاء علي فقال من هذا يا أنس فقلت(٣) علي فقام مستبشرا فاعتنقه ثم قام(٤) يمسح عرق وجهه ويمسح عرق وجه علي عن(٥) وجهه فقال(٦) يا رسول الله لقد رأيتك صنعت شيئا ما صنعت(٧) بي قبل فقال ما يمنعني وأنت تؤدي عني وتسمعهم صوتي وتبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي(٨) .

وروى أخطب خطباء خوارزم مرفوعا(٩) إلى عليعليه‌السلام قال:

__________________

ابن ابي طالبعليه‌السلام فان وليي وليي علي، وعدوي عدو علي، فتاب المولى توبة نصوحا، واقبل فيما بقى من دهره يدعو الله ان يغفر له. انظر مناقب الخوارزمي: ٨٩ و ٩٠.

(١) قال: وانبأني ابو العلاء هذا، اخبرني الحسن بن احمد المقري اخبرنا احمد بن عبد الله الحافظ، حدثنا ابو عبد الله محمد بن علي بن مخلد، حدثني محمد بن عثمان بن ابي شيبة، حدثني ابراهيم بن محمد بن ميمون حدثني علي بن عباس عن الحرث بن حصين عن القاسم بن جندب عن انس، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الحديث.

(٢) المصدر: وكتمته.

(٣) المصدر: فقلت جاء علي.

(٤) المصدر: جعل.

(٥) المصدر: على.

(٦) المصدر بزيادة: علي.

(٧) المصدر: صنعته بي من قبل.

(٨) مناقب الخوارزمي: ٤٢.

وذكره ايضا ابو نعيم في حلية الاولياء: ١ / ٦٣.

(٩) قال الخوارزمي: واخبرني شهردار هذا اجازة، اخبرني ابي شيرويه بن شهردار الديلمي، اخبرني ابو الفضل احمد بن الحسين بن خيرون الباقلاني الامين فيما اجازني، اخبرني ابو علي الحسن بن الحسين بن دوما ببغداد اخبرني احمد بن نصر بن عبد الله بن الفتح الدراع بالنهروان،

٤٣٣

خرجت مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات يوم نمشي في طرقات المدينة إذ مررنا بنخل من نخلها فصاحت نخلة بأخرى هذا النبي المصطفى و(١) علي المرتضى ثم جزنا(٢) فصاحت ثانية بثالثة هذا موسى وأخوه هارون ثم جزناها(٣) فصاحت رابعة بخامسة(٤) هذا نوح وإبراهيم ثم جزناها(٥) فصاحت سادسة بسابعة(٦) هذا محمد سيد النبيين(٧) وعلي سيد الوصيين فتبسم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم قال يا علي إنما سمي نخل المدينة صيحانيا لأنه صاح بفضلي وفضلك(٨) .

ومن كتاب ابن المغازلي الشافعي يرفعه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لفاطمة ووصينا خير الأوصياء وهو بعلك(٩) .

__________________

حدثني صدقة بن موسى بن تميم بن ربيعة ابو العباس، حدثني ابي، حدثني الرضا عن ابيه موسى بن جعفر عن ابيه جعفر بن محمد عن ابيه محمد بن علي عن ابيه علي بن الحسين عن ابيه الحسين بن علي عن ابيه عليعليه‌السلام قال: خرجت الحديث.

(١) المصدر بزيادة: اخوه.

( ٢، ٣، ٥ ) المصدر: جزناهما.

(٤) المصدر: ثالثة برابعة.

(٦) المصدر: رابعة بخامسة.

(٧) المصدر بزيادة: هذا.

(٨) مناقب الخوارزمي: ٢٢١ وفرائد السمطين: ١ / ١٣٧ باختلاف في لفظه، ميزان الاعتدال:١ / ٧٩ لسان الميزان: ١ / ٣١٧ أرجح المطالب: ٣٦.

(٩) قال: ص ١٠١.

اخبرنا ابو غالب محمد بن احمد بن سهل النحوي رحمه‌الله إذنا انّ ابا الفتح محمد بن الحسن البغدادي حدثهم، قال: قرئ على ابي محمد جعفر بن نصير الخلدي وانا اسمع: حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان، حدثنا محمد بن مرزوق، حدثنا حسين الاشقر، عن قيس، عن الاعمش، عن عباية بن ربعي، عن ابي ايوب الانصاري، انّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مرض مرضة، فدخلت عليه فاطمة صلّى الله عليها تعوده، وهو ناقه من مرضه، فلما رأت ما برسول الله من الجهد والضعف خنقتها العبرة حتى خرجت دمعتها فقال لها: يا فاطمة ان الله عزّ وجلّ اطلع الى الارض اطلاعة، فاختار منها اباك، فبعثه نبيا، ثم اطلع اليها ثانية فاختار منها بعلك، فاوحى اليّ فانكحته واتخذته وصيا، اما علمت يا فاطمة، انّ لكرامة الله اياك زوّجك

٤٣٤

__________________

اعظمهم حلما، واقدمهم سلما، واعلمهم علما؟ فسرّت بذلك فاطمةعليها‌السلام واستبشرت. ثم قال لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا فاطمة لعلي ثمانية اضراس ثواقب، ايمان بالله وبرسوله وحكمته وتزويجه فاطمة، وسبطاه الحسن والحسين وامره بالمعروف ونهيه عن المنكر وقضاه بكتاب الله عزّ وجلّ يا فاطمة، انا اهل بيت اعطينا سبع خصال لم يعطها احد من الاولين، ولا الاخرين قبلنا - او قال: ولا يدركها احد من الاخرين غيرنا - نبينا افضل الانبياء وهو ابوك، ووصينا خير الاوصياء وهو بعلك، وشهيدنا خير الشهداء وهو عم ابيك، ومنا من له جناحان يطير بهما في الجنة حيث يشاء وهو جعفر ابن عمك ومنا سبطا هذه الامة وهما ابناك، ومنا والذي نفسي بيده مهدي هذه الامة. والحديث كما جاء في مجمع الزوائد للهيثمي: ٩ / ١٦٥ قال:

وعن علي بن علي الهلالي عن ابيه قال: دخلت على رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم في شكاته التي قبض فيها فاذا فاطمة سلام الله عليها عند رأسه، قال: فبكت حتى ارتفع صوتها فرفع رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم طرفه اليها فقال: حبيبتي فاطمة ما الذي يبكيك؟

فقالت: اخشى الضيعة بعدك فقال: يا حبيبتي اما علمت ان الله عزّ وجلّ اطلع على الارض اطلاعة فاختار منها اباك فبعثه برسالته ثم اطلع الى الارض اطلاعة فاختار منها بعلك واوحى اليّ ان انكحك اياه؟ يا فاطمة ونحن اهل بيت قد اعطانا الله سبع خصال لم يعط احدا قبلنا ولا يعطي احدا بعدنا، انا خاتم النبيين واكرم النبيين على الله، واحب المخلوقين الى الله عزّ وجلّ، وانا ابوك ووصيي خير الاوصياء واحبهم الى الله وهو بعلك، الحديث وروى المتقي في كنز العمال: ٦ / ١٥٣، قال:

اما علمت ان الله عزّ وجلّ اطلع على اهل الارض فاختار منهم اباك فبعثه نبيا؟ ثم اطلع الثانية فاختار بعلك فاوحى اليّ فانكحتكه واتخذته وصيا قاله لفاطمة عليها‌السلام .

ذكره ايضا الهيثمي في مجمعه: ٨ / ٢٥٣.

وفي كنز العمال: ٦ / ٣٩٢، قال:

عن علي عليه‌السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم: يا بني عبد المطلب اني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد امرني الله ان ادعوكم اليه فايكم يوازرني على هذا الامر على ان يكون اخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ قال: فاحجم القوم عنها جميعا، قلت: يا نبي الله اكون وزيرك عليه، فاخذ برقبتي ثم قال: هذا اخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له واطيعوا. وايضا في مجمع الزوائد: ٦ / ٣٩٧.

عن علي عليه‌السلام لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم: ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) دعاني رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ( الى ان قال ) ان هذا اخي

٤٣٥

إذا عرفت هذا ظهر لك غلط أبي عثمان فيما ادعاه من نفي الوصية وأن الأمة لا تعرف من ذلك قليلا ولا كثيرا ومنها ما يتضمن الخلافة في أهله وأنه أمير المؤمنين وأن العقيق مقر له بالولاية ولولده(١) بالإمامة ومنع الجاحظ الجميع.

وإذا تقرر هذا فاعلم أنه مقو لما ذكرناه من الوجه في المدافعة(٢) عن

__________________

ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له واطيعوا، فقام القوم يضحكون ويقولون لابي طالب: قد امرك ان تسمع وتطيع لعلي. وفي كنوز الحقائق للمناوي: ص ٤٢:

انا خاتم الانبياء، وانت يا علي خاتم الاوصياء.

وفي تاريخ بغداد: ١٠ / ٣٥٦.

بسنده عن انس بن مالك قال: لما حضرت وفاة ابي بكر ( وساق الحديث الى ان قال ): قال: اي ابو بكر - سمعت رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم يقول: ان على الصراط لعقبة لا يجوزها احد الاّ بجواز من علي بن ابي طالب عليه‌السلام ( الى ان قال ) قال انس: فلما افضت الخلافة الى عمر قال لي علي عليه‌السلام ( وساق الحديث الى ان قال ): وقد سمعت رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم يقول: انا خاتم الانبياء وانت يا علي خاتم الاولياء.

وفي كنوز الحقائق: ص ١٢١.

لكل نبي وصي ووارث وعلي وصيي ووارثي. وكذلك رواه المحب الطبري في الرياض النضرة: ٢ / ١٧٨.

وروى الخطيب في تاريخ بغداد: ١١ / ١١٢.

بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم: ما في القيامة راكب غيرنا نحن اربعة ( وساق الحديث الى ان قال ) واخي علي على ناقة من نوق الجنة زمامها من لؤلؤ رطب، عليها محمل من ياقوت احمر، قضبانها من الدر الابيض على رأسه تاج من نور لذلك التاج سبعون ركنا ما من ركن الا وفيه ياقوتة حمراء تضيء للراكب المحث عليه حلتان خضراوان وبيده لواء الحمد وهو ينادي: اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم، فيقول الخلائق: ما هذا الا نبي مرسل أو ملك مقرب، فينادي مناد من بطنان العرش:

ليس هذا ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا حامل عرش، هذا علي بن ابي طالب وصي رسول الله رب العالمين، وامام المتقين، وقائد الغر المحجلين.

(١) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(٢) ن بزيادة: وذكر كلاما.

٤٣٦

النص إذ هذا الشيخ ليس له سبب(١) على ما أعرف في المتقدمين على عليعليه‌السلام ولا محل قابل للرئاسة والتقدم بطريقهم بحيث يكون خليفة متبوعا فهو(٢) متطلع(٣) على السيرة فبالأخلق أن يكون دافع فما ظنك بغيره ممن يؤثر الرئاسة وأتباعهم ممن نفعهم نفعهم ورفعهم رفعهم ووضعهم وضعهم.

وهذه الآثار من طرق القوم من جهات معروفة ليست من كتب الروافض كما يزعم وتدليس للشيعة(٤) كما يتوهم.

قال وزعم ناس من العثمانية أن الله قد اختار للناس إماما(٥) لأن الله تعالى(٦) قال( وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ) (٧) وقد عرفنا صفة العدالة فمتى رأيناها في إنسان علمنا أنه الذي(٨) عنا الله بالآية وإن لم يسمه فيها وكذلك قول الرسول ليؤمكم خياركم(٩) .

والذي يقال عند هذا إن هذا أحد متعلقات الشيعة إذ قد قرروا أن

__________________

(١) ن: نسب.

(٢) ن: وهو.

(٣) ن بزيادة: به.

(٤) ن: الشيعة.

(٥) المصدر بزيادة: ونصب لهم قيّما على معنى الدلالة والايضاح عنه بالعلامة لا على النص والتسمية.

(٦) المصدر بزيادة: اذا.

(٧) الطلاق: ٢

والآية كاملة: ( فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ، وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ) .

(٨) المصدر بزيادة: كان.

(٩) العثمانية: ٢٧٧.

٤٣٧

خير المسلمين(١) علي بن أبي طالب وأوضحوا برهان ذلك عيانا وأثرا.

فتى ما تخطي خطوة لدنية

ولا مد في يوم إلى سوءة يدا.

وذكر التقدم في الصلاة(٢) وقد ذكرنا الجواب عنه وأن أحدا من الإمامية لا يوافق علما ولا ظنا على أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر بذلك ولو كان فلا يقدر أحد أن يقول إني أعلم كون علي كان مأموما لأبي بكر في الصلاة مقدما عليه وهو موضع غرض الخصم وادعى الجاحظ أن الذي ذكره جمل جوابات العثمانية لجمل مسائل الرافضة والزيدية ولو لا(٣) أن فيما قدمه غنى عما أخره لقد فسره كما أجمله في كلمات منمقات ولفظات ملفقات(٤) .

وأقول على هذا إنه بهت في إيهامه(٥) قصد الإيجاز بل الذي ظهر منه أنه أطال من غير حاجة وكرر من غير ضرورة وأساء الأدب من غير مناسبة وفي المثل أول الغي الاختلاط وأسوء القول الإفراط لكنا نحن نقول إنا لو أجرينا في ميادين البلاغة خيولها وبلغنا اليراعة أفانين سؤلها ومأمولها لصدعت غياهب الإيهام(٦) بفجر غايات إبانتها وصرعت كتائب المغالط بسهام نهايات بسالتها وفجرت ينابيع الحكم من صفاة صلادتها وسجرت(٧) وطيس القول الألزم بشفاه أوارها وحرارتها ولكنها حالفت الإغضاء عن تشقيق المقال وخالفت انتضاء سيوف اللقاء بدقيق الجدال ورأت أن الحق إذا

__________________

(١) ن: المرسلين.

(٢) العثمانية: ٢٧٧.

(٣) ن: ولو انّ ....

(٤) العثمانية: ٢٧٩.

(٥) ق: ابهامه.

(٦) ن: الابهام.

(٧) ق: وشجرت.

٤٣٨

قامت بالقول اليسير دعائمه وحامت بالصول الحقير عزائمه وخامت(١) به من الخصم غلواؤه وشكائمه(٢) فلا ضرورة لها إذن إلى صفها صف المنازلات وخطفها عصف المبارزات وقنعت بأنفاس كتائبها عن خوض بحار المآزم ورفضت مراس مقانبها رفض الوادع الآمن نزال الجانح الخائم(٣) ورأت أن العار قلادة منازلته(٤) والفخار معقود بجبهات متاركته وكيف لا يكون الأمر كذا وأمير المؤمنينعليه‌السلام منصور مباحثنا وشرفه الفنون منثور منافثنا ومناقبه ترفرف على أندية محافلنا وثواقبه تشرف على أفنية لطائفنا تنطق لسان البليد وتطلق بنان الوليد وتخرس بيان الخطيب المجيد العنيد ولئن تفوه بلفظ فإن لفظه تخالفه سرائره ولبه يعاصفه ويقاهره فالحمد لله الذي جعل لنا نصيبا من نزال الكتائب في خدمة مولانا بشفرات اليراع وقلبا مجيبا إلى الصيال بنيات تنافر مدافعات الخداع وتحثنا على اللقاء حث الركاب إلى لقاء الأحباب وتحدنا عن التضجيع(٥) حد الوالد الرءوف عن الولد الموافق فنون الأتعاب.

وها نحن نرجو من دفاع ابن فاطم

معاقل من يحلل بها لم يروع

يحث عليها منه عزم وسؤدد

تذري سنان الفخر غير مدفع

أغث من رماه الدهر عن قوس فتكه(٦)

بسهم متى يقرع(٧) صفا القلب يصدع

ورو بصوب منك جدبا تباعدت

سحائبه يروي الربا غير مقلع

وإلا فمن للحادثات إذا عرت

يحايدها عزم الكمي المقنع.

__________________

(١) خام: جبن.

(٢) الشكائم: مفرده شكيمة: الانفة.

(٣) ن: الحائم.

(٤) ن: منازلة.

(٥) تضجع في الامر: قصّر فيه.

(٦) ن: فتكة.

(٧) ق: يصرع.

٤٣٩

أقول إنه ينبغي للعاقل أن يتدبر حال أبي عثمان الجاحظ ليعرف وجوه وجوب الرد عليه ولزوم السعي في الإيراد إليه.

صنف هذا الكتاب ناصرا لفرقة سماها العثمانية وهو تدليس وتلبيس إذ ليس حاصل الكتاب متعلقا بالمسمين بهذه القضية.

وصنف كتابا ينصر فيه فرقة سماها بالعباسية ولا أعرف فرقة تسمى بهذا الاسم كما تسمى الفرقة الشافعية بالشافعية والحنفية بالحنفية أصحاب مباحث عقلية أو نقلية بل ابتدأ تقريرات ومباحثات ينصر من أراده ويحرر إصداره وإيراده.

وصنف كتابا للفرقة العلوية بناه على قواعدهم المشهورة الجلية يضرب القرابة عند ذلك بالقرابة والصحابة بالصحابة فأغرى كل فريق بفريقه بما زبره من ترويقه وتنميقه وما خلت مطاوي هذا الكتاب الذي نحن بصدده من ضرب الأنساب بالأنساب والأصحاب بالأصحاب شيمة متفرج على أرباب المذاهب غير حان على دين ثابت الأساس باسق الذوائب أكد الفتنة وولد المحنة ومضى هازلا في مقام جاد(١) مازحا في نظام استعداد وخاصة هذا كتاب العثمانية فإنه بالغ في تصغير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه قلب الإسلام ويديه(٢) .

ولن يضر علا(٣) الأفلاك عائبه

والنقص إذ ذاك طوق المبغض الشاني

سيان إن جهل المهذار منقبها

أو عاند المجد قصد الخائف(٤) الجاني

مفاخر لأبي السبطين يعرفها

قلب البسيطة جهرا أي عرفان

__________________

(١) ق بزيادة: و.

(٢) لا توجد في: ن وفيها زيادة: ونشدته.

(٣) ق: على.

(٤) ن: الخائف.

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534