الثاقب في المناقب

الثاقب في المناقب11%

الثاقب في المناقب مؤلف:
الناشر: مؤسّسة أنصاريان
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 697

الثاقب في المناقب
  • البداية
  • السابق
  • 697 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 202023 / تحميل: 7961
الحجم الحجم الحجم
الثاقب في المناقب

الثاقب في المناقب

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة أنصاريان
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

وغيرها. بالاضافة الى أبواب السير والفضائل في كتب الحديث.

وفي الفقه الى:

١ - المبسوط لشمس الدين السرخسي.

٢ - بدائع الصنائع للكاشاني.

٣ - الهداية وشروحها.

٤ - نيل الأوطار للشوكاني.

٥ - احكام الاحكام في شرح عمدة الاحكام لعماد الدين الحلبي.

٦ - المحلى لابن حزم الاندلسي.

وفي أصول الفقه الى:

١ - المختصر لابن الحاجب وشروحه.

٢ - الاصول للسرخسي.

٣ - الأصول للبزودي وشروحه.

٤ - المنار وشروحه.

٥ - مسلم الثبوت وشروحه.

٦ - المحصول للفخر الرازي.

٧ - التلويح في شرح التنقيح للتفتازاني.

٨ - التحرير لابن همام وشروحه.

٩ - الاحكام في اصول الاحكام للآمدي.

١٠ - الاحكام في أصول الاحكام لابن حزم.

١١ - ارشاد الفحول للشوكاني.

١٢ - نهاية العقول للفخر الرازي.

٤١

و في معرفة الصحابة الى:

١ - الاستيعاب لابن عبد البر.

٢ - الاصابة لابن حجر.

٣ - أسد الغابة لابن الأثير.

٤ - تجريد أسماء الصحابة للذهبي.

وفي معرفة الاحاديث الموضوعة والمشتهرة والمتواترة من غيرها الى:

١ - الموضوعات لابن الجوزي.

٢ - اللاالي المصنوعة للسيوطي.

٣ - التعقبات على الموضوعات للسيوطي.

٤ - الموضوعات لمحمد طاهر الفتني.

٥ - الموضوعات لعلي القاري.

٦ - تذكرة الموضوعات لعبد الحق الهندي.

٧ - العلل المتناهية في الأحاديث الواهية لابن الجوزي.

٨ - تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة لابن عراق.

٩ - مختصر تنزيه الشريعة لرحمة الله الهندي.

١٠ - الفوائد المجموعة في الاحاديث الموضوعة للشوكاني.

١١ - الدرر المنتثرة في الاحاديث المشتهرة للسيوطي.

١٢ - المقاصد الحسنة في الاحاديث المشتهرة على الالسنة للسخاوي.

١٣ - الدرر المتناثرة في الأحاديث المتواترة للسيوطي. والى غيرها من الكتب.

٤٢

و في معرفة الضعفاء والوضاعين والمدلسين الى:

١ - الضعفاء والمتروكين للبخاري.

٢ - الضعفاء والمتروكين للنسائي.

٣ - كشف الاحوال في الرجال لعبد الوهاب المدراسي.

٤ - الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث لسبط ابن العجمي.

٥ - التبيين لاسماء المدلسين لسبط ابن العجمي.

٦ - تمييز الطيب من الخبيث للشيباني.

٧ - المغني في الضعفاء للذهبي.

وفي معرفة رجال الحديث الى:

١ - تهذيب الكمال للمزي.

٢ - تذهيب التهذيب للذهبي.

٣ - تهذيب التهذيب لابن حجر.

٤ - تقريب التهذيب لابن حجر.

٥ - خلاصة تذهيب تهذيب الكمال للخزرجي.

٦ - الكمال في أسماء الرجال لعبد الغني المقدسي.

٧ - الجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسراني المقدسي.

٨ - الكاشف عن أسماء رجال الصحاح الستة للذهبي.

٩ - ميزان الاعتدال في نقد الرجال للذهبي.

١٠ - لسان الميزان لابن حجر العسقلاني.

١١ - الثقات لابن حبان.

١٢ - أسماء رجال المشكاة للخطيب التبريزي وغيره.

٤٣

و في الدراية وقواعد التجديث الى:

١ - علوم الحديث لا بن الصلاح.

٢ - التقييد والإيضاح للزين العراقي.

٣ - التقريب للنووي.

٤ - تدريب الراوي للسيوطي.

٥ - شرح ألفية الحديث للزين العراقي.

وفي الكلام الى:

١ - شرح المقاصد للتفتازاني.

٢ - شرح المواقف للجرجاني.

٣ - شرح التجريد للقوشچي.

وفي تراجم العلماء الى:

١ - اتحاف الورى بأخبار أم القرى لابن فهد المكي.

٢ - اخبار الأخيار لعبد الحق الدهلوي.

٣ - اخبار اصبهان لابي نعيم الحافظ.

٤ - الانساب للسمعاني.

٥ - التاج المكلل لصديق حسن القنوجي.

٦ - تاريخ بغداد للخطيب البغدادي.

٧ - التدوين بذكر علماء قزوين للرافعي.

٨ - تذكرة الحفاظ للذهبي.

٩ - تراجم الحفاظ للبدخشاني.

١٠ - تهذيب الاسماء واللغات للنووي.

١١ - خلاصة الاثر في اعيان القرن الحادي عشر للمحبي.

١٢ - الدرر الكامنة في اعيان المائة الثامنة لا بن حجر.

٤٤

١٣ - دول الإسلام للذهبي.

١٤ - الضوء اللامع لاهل القرن التاسع للسخاوي.

١٥ - سبحة المرجان في علماء هندوستان للبلكرامي.

١٦ - سير أعلام النبلاء للذهبي.

١٧ - طبقات الحفاظ للسيوطي.

١٨ - طبقات الشافعية للسبكي والاسنوي وابن قاضي شهبة الاسدي.

١٩ - طبقات الصوفية للسلمي.

٢٠ - طبقات القراء لابن الجزري.

٢١ - طبقات المفسرين للداودي.

٢٢ - الطبقات لمحمد بن سعد.

٢٣ - العبر في خبر من غبر للذهبي.

٢٤ - العقد الثمين في تاريخ البلد الامين للفاسي.

٢٥ - فوات الوفيات لابن شاكر.

٢٦ - كتائب اعلام الاخيار للكفوي.

٢٧ - لواقح الانوار في طبقات الاخيار للشعراني.

٢٨ - الجواهر المضية في طبقات الحنفية للقرشي.

٢٩ - مرآة الجنان لليافعي.

٣٠ - معجم الادباء لياقوت الحموي.

٣١ - اتحاف النبلاء المتقين لصديق حسن خان.

٣٢ - البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع للشوكاني.

٣٣ - بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة للسيوطي.

٣٤ - وفيات الاعيان لابن خلكان.

٣٥ - الوافي بالوفيات للصفدي.

٣٦ - النور السافر في اعيان القرن العاشر للعيدروسي.

٤٥

٣٧ - سلك الدرر في اعيان القرن الحادي عشر لمحمد خليل المرادي.

وفي التاريخ الى:

١ - تاريخ الطبري.

٢ - تاريخ ابن الأثير.

٣ - تاريخ ابن خلدون.

٤ - تاريخ اليعقوبي.

٥ - مروج الذهب للمسعودي.

٦ - تاريخ المظفري لابن أبي الدم.

٧ - تاريخ الخلفاء للسيوطي.

٨ - تاريخ الخميس للدياربكري.

٩ - تاريخ أبي الفداء - المختصر في اخبار البشر.

١٠ - روضة المناظر لابن الشحنة.

١١ - النجوم الزاهرة لابن تغري بردي.

١٢ - حسن المحاضرة في اخبار مصر والقاهرة للسيوطي.

١٣ - مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي.

١٤ - عقد الجمان في تاريخ اهل الزمان للعينى.

١٥ - فتوح البلدان للبلاذري.

وفي غريب الحديث وعلوم العربية الى:

١ - النهاية لابن الأثير.

٢ - الفائق للزمخشري.

٣ - مجمع البحار للفتني.

٤ - المفردات في غريب القرآن للراغب.

٤٦

٥ - الصحاح للجوهري.

٦ - المخصص لابن سيدة.

٧ - القاموس المحيط للفيروزآبادي.

٨ - تاج العروس للزبيدي.

٩ - لسان العرب لابن منظور.

١٠ - النثير في مختصر نهاية ابن الاثير للسيوطي.

١١ - أساس البلاغة للزمخشري.

١٢ - منتهى الارب للصفي پوري.

١٣ - تهذيب اللغة للازهري.

١٤ - المزهر في علوم اللغة للسيوطي.

١٥ - المغني في علم النحو لا بن هشام.

١٦ - الاشباه والنظائر في اللغة للسيوطي.

١٧ - التصريح في شرح التوضيح لخالد الأزهري.

١٨ - مفتاح العلوم للسكاكي.

١٩ - المطول في علم البلاغة للتفتازاني.

٢٠ - الكافية لابن الحاجب وشروحها.

وفي معرفة البلدان الى:

١ - معجم البلدان لياقوت الحموي.

٢ - مراصد الاطلاع للبغدادي.

... وهكذا في كتب الاخلاق، والتصوف، والسلوك، وحتى في كتب المحاضرات والطرائف والقصص والادب كل ذلك يرجع فيه الى كتب أهل السنة

هذا، وفي كثير من الاحايين يؤكد على اعتبار الكتاب الذي ينقل عنه أو يستشهد بما جاء فيه، وأسلوبه في ذلك هو:

٤٧

١ - ذكر كلام كاشف الظنون. وبذلك يثبت اسم الكتاب واسم مؤلفه وصحة نسبة الكتاب الى مؤلفه.

٢ - ذكر رواية العلماء للكتاب في كتب الاجازات والاسانيد.

٣ - ذكر من نقل عن الكتاب واعتمد عليه.

٤ - ذكر من جعل الكتاب من مصادر كتابه ونص على ذلك في خطبة مؤلفه.

٥ - خطبة الكتاب المشتملة على التزام مؤلفه بالنقل عن الكتب المعتبرة وإيراد الاخبار المعتمدة.

ولا يخفى ما لهذا الاسلوب من الاثر في بلوغ المرام وكفاية الخصام.

« تنبيه »

قد ذكرنا ان احتجاج الشيعة بأخبار أهل السنة ورجوعهم الى كتب أولئك هو من قواعد البحث وقوانين المناظرة لكن بعض متعصبي أهل السنة جهلوا أو تجاهلوا، فقالوا بأن ذلك دليل على أن الشيعة ليس لهم كتاب ولا رواية ولا علماء، فهم في كل ما يدعونه عيال على أهل السنة قال ابن روزبهان في الرد على العلامة الحلّي:

« العجب من هذا الرجل، لا ينقل حديثاً الا من جماعة أهل السنة، لان الشيعة ليس لهم كتاب ولا رواية ولا علماء مجتهدون مستخرجون للاخبار، فهو في اثبات ما يدعيه عيال على أهل السنة ».

والسيدرحمه‌الله غير غافل عن هذا التوهم أو التجاهل، فأورد في بحثه حول بعض الاحاديث ( كحديث النور ) ألفاظاً منه بطريق الشيعة الامامية عن أئمتهم الاطهار عن النبي المختارصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رداً على كلام ابن روزبهان ومن لف لفه

٣ - الاستناد الى فهم الاصحاب

ومن أساليبه في الاستدلال على ما يذهب اليه هو الرجوع الى فهم

٤٨

الاصحاب فان فهم الصحابة - لا سيما من خالف منهم علياًعليه‌السلام - يكون حجة ومرجعاً لدى الخصومة والنزاع في معنى الحديث النبوي، وذلك:

١ - لانهم عدول عند المشهور بين أهل السنة.

٢ - لانهم عاصروا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحضروا الوقائع وشهدوا صدور الحديث المتنازع فيه وسمعوه ووعوه.

٣ - ولانهم أهل اللسان.

فمن الحري بنا أن نرجع الى فهمهم، وهذا ما صنعه السيد في مواضع من بحوثه، نذكر هنا بعضها من باب التمثيل:

أ - في معنى « من كنت مولاه فعليّ مولاه »

لقد فهم الاصحاب مما قاله النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في يوم غدير خم نفس المعنى الذي تقول به الشيعة:

١ - ناشد أمير المؤمنينعليه‌السلام الناس عن ( حديث الغدير ) وطلب ممن حضر ذلك اليوم وسمع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يقوم فيشهد.

أترى انهعليه‌السلام كان يفهم من الحديث غير الامامة؟

٢ - ولو كان المراد من ( حديث الغدير ) غير « الامامة » من معاني « الولاية » فلماذا كتم جماعة من الاصحاب الشهادة بذلك؟ ولماذا دعاعليه‌السلام على من كتم؟

٣ - ولماذا « سأل سائل بعذاب واقع، للكافرين ليس له دافع » أليس قد فهم « الامامة » من الخطبة؟ ألم يقل للنبي: « ثم لم ترض بذلك حتى رفعت بضبع ابن عمك ففضلته علينا وقلت: من كنت مولاه فعليّ مولاه »

٤ - وقال حسان بن ثابت الانصاري في شعره في يوم الغدير:

« رضيتك من بعدي اماماً وهادياً ».

٤٩

٥ - واستنكر أبو الطفيل ( حديث الغدير ). قال: « فخرجت وفي نفسي شيء ».

٦ - وقال أبو أيوب الانصاري وجماعة من الاصحاب دخلوا على أمير المؤمنينعليه‌السلام : السلام عليك يا مولانا. فقالعليه‌السلام : وكيف أكون مولاكم وأنتم عرب؟ قالوا: سمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم: « من كنت مولاه فعليّ مولاه ».

٧ - وهنأ ابو بكر وعمر وسائر الصحابة وأزواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علياً يوم الغدير قائلين: « ليهنئك يا عليّ، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة »

٨ - وقال عمر - في جواب من قال له: تصنع بعلي شيئاً لا تصنعه بأحد من اصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - قال: « انه مولاي ».

٩ - وقال لمن استنكف من قضاء علي:

« ويحك ما تدري من هذا؟ هذا مولاي ».

١٠ - وقال ابن حجر المكي في ( الصواعق ) في وجوه الجواب عن حديث الغدير: « ثالثها: سلمنا انه أولى، لكن لا نسلم أن المراد انه الاولى بالامامة، بل بالاتباع والقرب منه، فهو كقوله تعالى:( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ. ) ولا قاطع بل ولا ظاهر على نفي هذا الاحتمال. بل هو الواقع، اذ هو الذي فهمه ابو بكر وعمر، وناهيك بهما في الحديث، فانهما لما سمعاه قالا له: أمسيت يا ابن أبي طالب مولى كل مؤمن ومؤمنة. أخرجه الدارقطني. وأخرج أيضاً انه قيل لعمر: انك تصنع بعلي شيئاً لا تصنعه بأحد من أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فقال: انه مولاي».

ب - في معنى حديث الطائر

قال الدهلوي: ان المراد من « الاحب » في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « اللهم ائتني بأحب خلقك اليك والى رسولك يأكل معي من هذا الطائر »

٥٠

هو « الأحب في الاكل ».

وقد أجاب السيدرحمه‌الله عن هذه الدعوى بـ (٧٠) وجهاً، ومنها الرجوع الى فهم الاصحاب، فانهم قد فهموا من هذا اللفظ ما تقوله الشيعة وتفهمه فمن ألفاظ الحديث عن مالك بن أنس قال:

« أهدي لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حجل مشوي، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللهم ائتني بأحب خلقك اليك يأكل معي من هذا الطعام. فقالت عائشة: اللهم اجعله أبي. وقالت حفصة: اللهم اجعله أبي. قال أنس: فقلت أنا: اللهم اجعله سعد بن عبادة. قال أنس: سمعت حركة الباب فسلم فإذا عليّ. فقلت: ان رسول الله على حاجة. فانصرف. ثم سمعت حركة الباب فسلم عليّ وسمع رسول الله فقال: أنظر من هذا. فخرجت فاذا عليّ فجئت الى رسول الله فأخبرته فقال: ائذن له فأذنت له فدخل - فقال رسول الله: الي الي ».

فليت شعري هل كان هذا الشوق من عائشة وحفصة وانس لان يكون « الأحب في الاكل » غير عليّ؟ وما ضرهم لو كان عليّ « الأحب في الاكل »؟ وهل يرتكب انس بن مالك كبيرة الكذب لأمر صغير كهذا؟

ثم ان هذه القضية لتذكر الإنسان بقضية أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ايام مرضه بأن يدعو له الحاضرون علياًعليه‌السلام لأجل الوصية اليه، ولان يأمره بالصلاة في مقامه ففي الحديث عن الأرقم بن شرحبيل قال: « سألت ابن عباس: أوصى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قال: لا. قلت: فكيف كان ذلك؟ قال:

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ابعثوا الى علي فادعوه. فقالت عائشة:

لو بعثت الى أبي بكر. وقالت حفصة: لو بعثت الى عمر، فاجتمعوا عنده جميعاً. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انصرفوا فان تك لي حاجة أبعث إليكم. فانصرفوا »

وفيه: عن عائشة قالت « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - وهو في بيتها

٥١

لما حضره الموت - ادعوا لي حبيبي. فدعوت له أبا بكر، فنظر اليه ثم وضع رأسه، ثم قال: ادعوا لي حبيبي. فدعوت له عمر، فنظر اليه ثم وضع رأسه، ثم قال: ادعوا لي حبيبي. فقلت: ويلكم أدعوا له علياً فو الله ما يريد غيره. فلما رآه أفرج الثوب الذي كان عليه ثم أدخله معه. فلم يزل محتضنه حتى قبض ويده عليه »(١) .

ج - في معنى ثلاثة أحاديث

و رووا عن سعد بن أبي وقاص قال: قدم معاوية في بعض حجاته فدخل على سعد، فذكروا علياً، فنال منه، فغضب سعد وقال: تقول هذا لرجل سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول له ثلاث خصال لئن تكون له واحدة منهن أحب الي من الدنيا وما فيها.

سمعته يقول: من كنت مولاه فعليّ مولاه.

و سمعته يقول: لأعطينّ الراية رجلا يحب الله ورسوله.

وسمعته يقول: أنت مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبيّ بعدي ».

فما الذي فهم من « الولاية » و « الحب » و « المنزلة » وتمنى حصوله له مرجحاً إياه على الدنيا وما فيها؟!

____________________

(١). بحث الحافظ ابن الجوزي مسألة صلاة أبى بكر في مرض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في رسالة له اسمها ( آفة أصحاب الحديث ). فأثبت فيها خروج النبي عند ذاك الى المسجد وإقامته تلك الصلاة بنفسه الشريفة، وقد نشرنا هذه الرسالة لاول مرة سنة ١٣٩٨. مكتبة نينوى الحديثة - طهران - مع مقدمة أثبتنا فيها كون خروج أبى بكر بأمر من عائشة لا من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذكرنا فيها مطالب جليلة، وأضفنا الى تلك الرسالة فوائد علمية وتعاليق هامة لا تخفى قيمتها على الباحثين. ثمّ بحثنا ذلك في رسالة مفردة نشرت والحمد لله.

٥٢

د – في معنى حديث المنزلة

وفهم معاوية من حديث: « أنت مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبيّ بعدي » أعلمية الامامعليه‌السلام ، فقد قال ابن حجر المكي وغيره واللفظ له: « أخرج أحمد أن رجلا سأل معاوية عن مسألة، فقال: اسأل عنها علياً فهو أعلم. فقال: يا أمير المؤمنين جوابك فيها أحب الي من جواب علي. فقال: بئسما قلت، لقد كرهت رجلا كان رسول الله يغزره بالعلم غزراً. ولقد قال له: أنت مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبيّ بعدي. وكان عمر إذا أشكل عليه شيء أخذ منه.

وقد أخرجه آخرون بنحوه، لكن زاد بعضهم: قم لا أقام الله رجليك، ومحا اسمه من الديوان. ولقد كان عمر يسأله ويأخذ عنه، ولقد شهدته إذا أشكل عليه شيء قال: هاهنا عليّ؟ »

ه - في معنى حديث التشبيه

وفهم أبو بكر من حديث التشبيه ما يفهمه الامامية، ففي الحديث عن حارث الأعور قال: بلغنا أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان في جمع من أصحابه فقال: أريكم آدم في علمه ونوحاً في فهمه وابراهيم في حكمته.

فلم يكن بأسرع من أن طلع عليّ.

فقال أبو بكر: يا رسول الله أقست رجلا بثلاثة من الرسل؟! بخ بخ لهذا الرجل، من هو يا رسول الله؟

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألا تعرفه يا أبا بكر.

قال: الله ورسوله أعلم.

قال: أبو الحسن عليّ بن أبي طالب.

قال أبو بكر: بخ بخ لك يا أبا الحسن ؛ وأين مثلك يا أبا الحسن؟!

٥٣

٤ - الاستدلال بالقواعد المقررة

ثم ان في كل علم من العلوم قواعد مقررة مقبولة عند علماء ذاك العلم، وكل استدلال يجب ان لا يتنافى مع قاعدة من تلك القواعد، بل لا بد من أن ينطبق عليها، والا فلا يتم الاستدلال ولا ينتج المطلوب.

وأنت لا تجد في استدلال من استدلالات صاحب العبقات مخالفة لشيء من القواعد المسلمة في علم من العلوم، بل الأمر بالعكس، فإنك ترى - في كل مقام اقتضى البحث - الاستدلال المتين بالقواعد العلمية المتفق عليها بين العلماء، وهو حيث يستدل بقاعدة يستشهد لاعتبارها بموارد من استدلال كبار علماء القوم بها في كتبهم المختلفة، ونحن نشير هنا الى بعض تلك القواعد:

أ - قاعدة « تقدم المثبت على النافي »

وهذه قاعدة عامة استند إليها السيد في الجواب عن مناقشة الفخر الرازي لحديث الغدير، فكان مما ذكر الرازي أن البخاري ومسلماً لم يخرجوا حديث الغدير، فأجاب عن كل جملة جملة من كلامه في فصل خاص يتوفر على مطالب جليلة ومباحث مهمة ووجوه كثيرة

وكان من تلك الوجوه: تقديم قول الرواة المثبتين لحديث الغدير على قول النافين له - فضلا عن الساكتين عن روايته - استناداً الى قاعدة « تقدم المثبت على النافي »، وهي قاعدة استند إليها المحدثون والفقهاء والاصوليون والأدباء

ففي ( السيرة الحلبية ) في البحث عن أنه هل صلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الكعبة يوم فتح مكة أولا: « فبلالرضي‌الله‌عنه مثبت للصلاة في الكعبة وأسامةرضي‌الله‌عنه ناف، والمثبت مقدم على النافي ».

وفي ( زاد المعاد في هدي خير العباد ) - في كيفية جلوس النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الصلاة، وانه هل كان يحرك إصبعه عند ما يشير بإصبعه إذا دعا

٥٤

فيها أولا ذكر حديثين أحدهما لأبي داود عن عبد الله بن الزبير وفيه: « لا يحركها » والآخر لأبي حاتم عن وائل بن حجر وفيه: « ويحركها ». فأجاب عن الاول بوجوه، منها قوله: « وأيضاً فليس في حديث أبي داود ان هذا كان في الصلاة، فلو كان في الصلاة لكان نافياً، وحديث وائل مثبتاً، وهو مقدم ».

وفي ( الفتح الوهبي ) في تحقيق أنه هل في لفظ « المشورة » لغة واحدة أو لغتان؟ فنقل عن بعض اللغويين أنها لغة واحدة لا غير، وعن بعض لغتان. وقال مرجحاً للقول الثاني: « والمثبت مقدم على النافي، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ ».

ب - قاعدة « عدم حمل الاستثناء على المنفصل ما أمكن المتصل »

وهذه قاعدة أصولية نص عليها كبار الأصوليين، استند إليها السيد في الاستدلال بحديث « أنت مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبي بعدي » في جواب دعوى الدهلوي الضرورة على كون الاستثناء في هذا الحديث منقطعاً. فأثبت أنه لا وجه للحمل على الانفصال وحمله على الاتصال ممكن، والأصل هو الحمل على الاتصال مهما أمكن، لان الاستثناء المتصل حقيقة، والمنقطع مجاز، ومهما أمكن حمل الاستثناء على الحقيقة وجب حمله عليها، إذ الأصل في الكلام هو الحقيقة.

وقد أورد هناك نصوص عدة من الأصوليين على هذه القاعدة عن المتون الاصولية الشهيرة وشروحها، كالمختصر لابن الحاجب، والمنهاج للبيضاوي، والتلويح للتفتازاني، وكشف الأسرار في شرح اصول البزودي لعبد العزيز البخاري. وغيرها.

ج - قاعدة « الحمل على المعنى »

وهي قاعدة أدبية، استند إليها السيد في حديث المنزلة قائلا بأن « الا

٥٥

أنه لا نبي بعدي » محمول على « الا النبوة » عملا بقاعدة « الحمل على المعنى ». ثم ذكررحمه‌الله نظائر لهذا الحمل عملا بتلك القاعدة عن كتاب ( الأشباه والنظائر ) للسيوطي.

د - قاعدة « الحديث يفسر بعضه بعضاً »

وهي قاعدة حديثية. استند إليها في بعض بحوثه وهو بصدد الاستدلال بحديث أو الرد على كلام. فمن الاول: استدلاله على دلالة « المولى » في ( حديث الغدير ) على معنى « الاولوية بالتصرف » بالألفاظ المختلفة الأخرى الأوضح دلالة على المعنى المذكور، فتكون تلك الألفاظ مفسرة للفظ « المولى » في لفظ « من كنت مولاه فهذا مولاه ».

ومن الثاني: استدلاله بشواهد ومؤيدات ( حديث أنا مدينة العلم ) - والتي ذكرنا نصوص طائفة منها - على إبطال تأويل يوسف الواسطي لفظ « عليّ » في الحديث بأن المراد منه هو « العلو والارتفاع ».

وقد استند الى هذه القاعدة كبار علماء الحديث كالحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري - في شرح الأحاديث وبيان معانيها.

ه - قاعدة « لزوم حمل اللفظ المشترك عند فقد المخصص على جميع معانيه »

استند الى هذه القاعدة في دلالة حديث: « ان عليّاً مني وأنا من عليّ وهو ولي كل مؤمن من بعدي » . فان لفظ « ولي » يحمل هنا على جميع معانيه ومنها « الاولى بالتصرف » بعد التنزل عن تبادر هذا المعنى منها بالخصوص في هذا الحديث الشريف.

٥٦

الباب الثالث

أسلوبه في الرد

وتتجلى عظمة المؤلف، ودقته في النظر، واحاطته بالعلوم، وتتبعه للأقوال، وأمانته في النقل، والتزامه العملي بقواعد البحث في أساليبه في الرد على الإشكالات أو النقد للاستدلالات

لقد قطعرحمه‌الله بأقوى الحجج وأمتن البراهين كافة الطرق والذرائع، ودفع جميع الشكوك والشبهات، حتى لم يبق للخصوم أي طعن في المذهب، أو قدح في دليل، أو تضعيف لحديث الا ودفعه بالتي هي أحسن، ورد عليه الرد الجميل: « بتحقيقات أنيقة، وتدقيقات رشيقة، واحتجاجات برهانية، وإلزامات نبوية، واستدلالات علوية، ونقوض رضوية » مستنداً في ذلك كله الى كتب أهل السنة، ومستدلا بأقوال أساطين علمائهم في مختلف العلوم والفنون.

لقد تناول كل كلمة جاءت في « التحفة » رادا عليها أو منتقداً لها.

وكثيراً ما يرد كلمات صاحب « التحفة » بما ذكره هو في نفس الكتاب أو غيره من كتبه، وطالما يفندها بكلمات والده وغيره من شيوخه وأساتذته. « حتى عاد الباب من التحفة الاثني عشرية خطابات شعرية، وعبارات هندية، تضحك منها البرية ».

وقد يناقش كلمات شيخه ووالده « ولي الله الدهلوي » وكلمات تلامذته ولا سيما محمد رشيد الدين خان الدهلوي، وحيدر علي الفيض آبادي.

بل لقد تناول بالرد والبحث كل ما ذكره أولئك المتعصبون المنكرون للحقائق طعناً في مذهب أهل البيت، أمثال أبناء تيمية والجوزي وحجر وكثير

فتراه في حديث: « أنا مدينة العلم وعليّ بابها » الذي بحث فيه في مجلدين كبيرين - يخصص المجلد الاول منهما بإثبات الحديث سنداً ثم بيان وجوه دلالته على امامة أمير المؤمنينعليه‌السلام بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

٥٧

بلا فصل كل ذلك رداً على المولوي عبد العزيز صاحب « التحفة » وبه يتم البحث اثباتاً ورداً، ثم يخصص المجلد الثاني للبحث مع الذين ناقشوا في الاستدلال بهذا الحديث على الامامة بالطعن في سنده أو دلالته من علماء أهل السنة من المتقدمين والمتأخرين من الهنود وغيرهم كما سيأتي.

وبذلك أصبح هذا الكتاب موسوعة عقائدية علمية تاريخية ومن أهم وأوسع الكتب المؤلفة في مجال الصراع العقيدي وإليك بعض الجوانب المهمة من خصائص الكتاب في أسلوبه في النقاش العلمي:

(١) - نقل كلام الخصم كاملا

قد ذكرنا أن من عادة علماء الشيعة في الرد هو نقل كلام الخصم بصورة كاملة، وبلفظه الوارد في كتابه، فلا ينقصون منه شيئاً ولا ينقلونه بالمعنى وهكذا كان دأب السيد صاحب العبقات فانه يورد كلام الدهلوي وغيره ثم يرد عليه جملة جملة تحت عنوان « قوله - أقول »

(٢) - الاستيعاب الشامل

واستوعب هذا الكتاب جميع جوانب البحث حول كل موضوع من مواضيعه فهو حينما يأخذ بالرد على استدلال الخصم بحديث من الأحاديث، أو بكلام له في الطعن على استدلال الامامية لا يغفل عن جانب من جوانب البحث فيه، ولا يكتفي بالرد عليه من ناحية أو ناحيتين، بل يعالجه علاجاً جذرياً، ويهدم ما تفوه به من الأساس هدماً كليا

فتراه حينما يرد على قدح ابن الجوزي في حديث الثقلين بايراده في كتابه « العلل المتناهية في الأحاديث الواهية » قائلا: « حديث في الوصية لعترته: أنبأنا عبد الوهاب الانماطي قال: أخبرنا محمد بن المظفر قال: نا أحمد ابن محمد العتيقي قال: حدثنا يوسف بن الدخيل قال: حدثنا أبو جعفر

٥٨

العقيلي قال: نا أحمد بن يحيى الحلواني قال: نا عبد الله بن داهر قال: نا عبد الله بن عبد القدوس عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد قال:

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

انّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي وانهما لن يفترقا جميعاً حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما.

قال المصنف: هذا حديث لا يصح. أما عطية فقد ضعفه أحمد ويحيى وغيرهما. واما ابن عبد القدوس فقال يحيى: ليس بشيء رافضي خبيث. وأما عبد الله بن داهر فقال أحمد ويحيى: ليس بشيء ما يكتب منه انسان فيه خير ».

يرد عليه بمائة وست وخمسين وجهاً توفرت هذه الوجود على الرد لهذا الكلام من جهات:

١ - النقض برواية أصحاب الصحاح والمسانيد وغيرهم إياه وتصحيح آخرين له

٢ - البحث حول « عطية » و « ابن عبد القدوس » و « عبد الله بن داهر ».

٣ - استنكار جماعة من علماء أهل السنة كلام ابن الجوزي، وإيراده الحديث في « العلل المتناهية ». فأورد كلام سبط ابن الجوزي في الرد على جده قائلا: « والعجب كيف خفي على جدي ما روى مسلم » وكلام الحافظ السخاوي حيث يقول: « وتعجبت من إيراد ابن الجوزي له في العلل المتناهية، بل أعجب من ذلك قوله انه حديث لا يصح » والحافظ السمهودي القائل: « ومن العجيب ذكر ابن الجوزي له في العلل المتناهية، فإياك أن تغتر به » وابن حجر المكي: « وذكر ابن الجوزي لذلك في العلل المتناهية وهم أو غفلة » والمناوي: « ووهم من زعم ضعفه كابن الجوزي ».

فهل ترى لابن الجوزي من باقية؟

وتراه حينما يرد على معارضة الخصم حديث: « أنا مدينة العلم وعليّ

٥٩

بابها » بما وضعوهعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ما صب الله شيئاً في صدري الا وصببته في صدر أبي بكر » يرد عليه باثني عشر وجهاً توفرت هذه الوجوه على الرد عليه من جهات، أهمها:

١ - مصادمته للواقع.

٢ - تصريح العلماء ببطلانه ووضعه، كابن الجوزي، والطيبي، وابن قيم الجوزية، ومجد الدين الفيروزآبادي، ومحمد بن طاهر الفتني، والشيخ علي القاري، والشيخ عبد الحق الدهلوي، والشوكاني

قال القاري نقلا عن ابن القيم: « ومما وضعه جهلة المنتسبين الى السنية في فضل الصديق حديث: ان الله يتجلى للناس عامة يوم القيامة ولابي بكر خاصة. و حديث: ما صب الله في صدري شيئاً الا وصببته في صدر أبي بكر ، و حديث: كان إذا اشتاق الى الجنة قبل شيبة أبي بكر ».

(٣) - التتبع الهائل

وتتّبع السيدرحمه‌الله جميع الأقوال الواردة في كل موضوع بحثه، فلم يترك قولا لم يتعرض له، بل يذكر ما يمكن أن يقال أيضاً

فهو عند ما ينتهي من الرد على خصمه الدهلوي يشرع في البحث مع الآخرين، وربّما يقدم الرد على كلام غيره - لاقتضاء البحث ذلك - ثم يدخل في مناقشة كلمات « التحفة ».

فمن الثاني ما صنعه في حديث: « مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح » الذي رد الدهلوي على الاستدلال به على امامة أمير المؤمنينعليه‌السلام من جهة الدلالة، ولم يتعرض الى جهة السند فذكر السيدرحمه‌الله أسماء طائفة من المخرجين لهذا الحديث الشريف وهم ٩٢ رجلا، ابتداء بالشافعي فأحمد فمسلم بن الحجاج وانتهاء بالمعاصرين له ثم نصوص رواياتهم لما ذكرنا سابقاً من أن البحث عن السند مقدم على البحث الدلالي. وقد دعاه الى ذلك طعن ابن تيمية في هذا الحديث بقوله: « أما

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

رسول الله (ص)، فقرّب ورحّب، ثمّ قال: « إنّ لي في الدلالة دليلاً على ما تريدين، أفتريدين مني دلالة الإمامة؟ » فقلت: نعم.

فقال: « هاتي ما معك ». فناولته الحصاة، فطبع لي فيها.

قالت ثمّ أتيت عليّ بن الحسين زين العابدينعليه‌السلام ، وقد بلغني(١) الكبر إلى أن عييت، وأنا أعدّ يومئذ مائة وثلاث عشرة سنة، فرأيته راكعاً وساجداً مشغولاً بالعبادة، فيئست من الدلالة فأومى إلي بالسبابة، وعاد إلي شبابي.

قالت: فقلت: يا سيّدي كم مضى من الدنيا وكم بقي؟

فقال: « أمّا ما مضى، فنعم، وأما ما بقي، فلا ».

ثم قال: « هاتي ما معك »، فأعطيته الحصاة، فطبع لي فيها.

ثمّ أتيت أبا جعفرعليه‌السلام ، فطبع لي فيها.

ثمّ أتيت أبا عبد الله جعفراً الصادقعليه‌السلام فطبع لي فيها.

ثمّ أتيت أبا الحسن موسىعليه‌السلام فطبع لي فيها.

ثمّ أتيت الرضاعليه‌السلام فطبع لي فيها.

وعاشت حبابة بعد ذلك تسعة أشهر على ما ذكر محمّد بن هشام.

ولخليل الله إبراهيمعليه‌السلام قصة أخرى في القرآن، وهى قوله تعالى:( وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ) (٢) .

__________________

(١) في ص: بلغ بي.

(٢) سورة الأنعام / الآية: ٧٥.

١٤١

١٣٣ / ٥ - فروى عمران، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « كشط له عن السموات حتّى نظر إلى العرش والكرسي والسموات والأرض ».

وقد أعطى الله تبارك وتعالى أمير المؤمنينعليه‌السلام ما يحاكي ذلك.

١٣٤ / ٦ - وهو ما روي عن الطاهرينعليهم‌السلام في تفسير قوله تعالى:( فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى ) (١) أنّ رسول الله (ص) لمّا عرج به إلى السماء، رفع الله تعالى الحجاب بينه وبين عليّ، حتّى نظر إلى حيث وضع (ص) قدمه. وبيان ذلك.

١٣٥ / ٧ - ما حدّث المعلى بن هلال عن الكلبيّ، عن أبي صالح، عن ابن عبّاسرضي‌الله‌عنه أنه، قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: « أعطاني الله تعالى خمساً، وأعطى عليّاً خمساً.

أعطاني جوامع الكلم، وأعطى عليّاً جوامع العلم، وجعلني نبيّاً، وجعله وصيّاً، وأعطاني الكوثر وأعطاه(٢) السلسبيل، وأعطاني الوحي، وأعطاه الإلهام، وأسري بي إلى السماء، وفتح له أبواب السماوات والحجب حتّى نظر إلي ونظرت إليه ».

قال: ثمّ بكى رسول الله (ص)، فقلت له: ما يبكيك، فداك أبي

__________________

٥ - الاختصاص: ٣٢٢، بصائر الدرجات: ١٢٦ - باب ٢٠ - مفصلاً، تفسير البرهان ١: ٥٣٢ / ٨، تفسير التبيان ٤: ١٧٧، مجمع البيان ٢: ٣٢٢.

٦ - أخرجه في البحار ١٨ / ٣٧٠ / ٧٧ عن الأمالي للشيخ الطوسي نحوه

(١) سورة النجم / الآية: ٩.

٧ - فضائل شاذان بن جبرائيل ٥ / ١٦٨، بشارة المصطفى: ٤١، وروي صدر الحديث في الخصال: ٣٩٣ / ٥٧، أمالي الطوسي ١: ١٩١ و ١٩٢، روضة الواعظين: ١٠٩،

(٢) في ص: واعطى عليّاً.

١٤٢

وأمي؟ قال: « يا ابن عبّاس إنّ أوّل ما كلمني به ربّي، أن قال لي: يا محمّد انظر تحتك، فنظرت إلى الحجب قد انخرقت، وإلى أبواب السماء قد فتحت، ونظرت إلى عليّ وهو رافع رأسه إلى السماء، فكلمني وكلمته ».

فقلت: يا رسول الله، حدّثني بما كلمك به ربّك.

قال: قال لي: يا محمّد قد جعلت عليّاً وصيّك ووزيرك وخليفتك من بعدك، فاعلمه، فها هو يسمع كلامك. فأعلمته، وأنا بين يدي ربّي عزّ وجلّ، فقال لي: قد قبلت.

فأمر الله تعالى الملائكة أن يسلموا عليه ففعلت، فردّعليهم‌السلام ، فرأيت الملائكة يتباشرون، فما مررت بملأ من الملائكة إلاّ وهم يهنئوني، ويقولون: يا محمّد والذي بعثك بالحقّ نبيّا، لقد دخل السرور على جميع الملائكة.

ورأيت حملة العرش قد نكسوا رؤوسهم فقلت: يا جبرائيل، لم نكسوا رؤوسهم؟ فقال: يا محمّد ما من ملك من الملائكة إلاّ وقد نظر إلى عليّ ما خلا حملة العرش، فإنّهم استأذنوا الله عزّ وجلّ في هذه الساعة أن ينظروا إلى عليّ، فأذن لهم.

فلمّا هبط جعلت أعلمه بذلك، وهو يخبرني به، فعلمت أنّي لم أطأ موطئا إلاّ وقد كشف لعليّ عنه، حتّى نظر إليه، لمّا رأيت من علمه به ».

قال ابن عباس: قلت: يا رسول الله، أوصني قال: « عليك بحبّ عليّ بن أبي طالب ».

قال: قلت: يا رسول الله، أوصني. قال: « عليك بحبّ عليّ ».

ثم قلت: يا رسول الله، أوصني. قال: « يا ابن عبّاس، والّذي بعثني بالحقّ نبيّاً، لا يقبل الله من عبد حسنة حتّى يسأله عن حبّ عليّ

١٤٣

ابن أبي طالب، وهو أعلم بذلك، فإن كان من أهل ولايته قُبل عمله ويؤمر به إلى الجنّة، وإن لم يكن في أهل ولايته، لم يسأله عن شيء، ويؤمر به إلى النار، وإنّ النار لأشد غيظاً(١) على مبغض عليّ منها على من زعم أنّ لله ولد.(١)

يا ابن عباس لو أنّ الملائكة المقربين، والأنبياء والمرسلين، أجمعوا على بغضه لعذّبهم الله بالنار، وما كانوا ليفعلوا ذلك ».

قلت: يا رسول الله، وكيف يبغضونه؟ قال: « يا ابن عبّاس، قوم يذكرون أنّهم من أمّتي، ولم يجعل الله لهم في الإسلام نصيباً، يفضّلون عليه غيره، والذي بعثني بالحقّ، ما بعث الله نبيّاً أكرم عليه منّي، ولا وصيّا أكرم عليه من عليّ وصيّي ».

قال ابن عبّاسرضي‌الله‌عنه : فلم أزل له كما أمرني رسول الله (ص)، وإنّه لأكبر عملي.

فلمّا حضر رسول الله (ص) الوفاة قلت له: فداك أبي وأمّي يا رسول الله ما تأمرني به قال: « يا ابن عبّاس، خالف من خالف عليّاً، ولا تكونن لهم ظهيراً ولا ولياً ».

قلت: يا رسول الله، فلم لا تأمر الناس بترك مخالفته؟

قال: فبكى حتّى أغمي عليه، ثمّ أفاق.

فقال: « يا ابن عبّاس سبق فيهم علم ربّي ولا يخرج الله أحداً من الدنيا ممّن خالفه، وأنكر حقّه، حتّى يغيّر خلقته.

يا ابن عبّاس إذا أردت أن تلقى الله وهو عنك راضٍ، فاسلك طريقه، ومل حيث مال، وارض به إماماً، وعاد من عاداه، ووال من والاه، ولا يدخلنك فيه شك، فإن اليسير من الشك كفر بالله تعالى ».

__________________

(١) في م، هامشي ك وص: غضباً.

١٤٤

٤ - فصل:

في بيان آيات إسماعيل ممّا ذكره الله تعالى في القرآن

وفيه: حديثان

إنّ الله سبحانه وتعالى ذكر لإسماعيلعليه‌السلام في القرآن آية واحدة، وفضيلة رائقة في حال كونه طفلاً فالآية.

١٣٦ / ١ - ما ذكر المفضّل بن عمر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال: « لمّا وضعه إبراهيم بأرض مكّة، ومعه أمّه هاجر، ونفد ماؤهما، وخرجت هاجر، فصعدت على الصفا، ثمّ أقبلت راجعة إلى إسماعيلعليه‌السلام ، فإذا عقبه يفحص في الماء، فجمعته، ولو تركته لساح ».

وفي الحديث طول، وقد جعل الله ما يوافق ذلك للرضا عليّ بن موسىعليهما‌السلام .

١٣٧ / ٢ - وهو ما حدّث به أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي الفقيه، قال: لمّا خرج عليّ بن موسى الرضاعليه‌السلام من نيسابور يريد المأمون، فبلغ قرب القرية الحمراء قيل له: يا ابن رسول

__________________

١ - قصص الأنبياء للراوندي: ١١٠ / ١٠٧، تفسير علي بن إبراهيم القمي ١: ١٦ نحوه.

٢ - عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ٢: ١٣٦ / ١.

١٤٥

الله قد زالت الشمس أو لا تصلي؟ فنزل وقال: « إئتوني بماء » فقيل له: ما معنا ماء.

فبحثعليه‌السلام الأرض بيده فنبع من الأرض الماء فأخذ ما توضَّأ به هو ومن معه.

والماء باق إلى يومنا هذا، ويقال للمنبع « عين الرضا »، وإنّ إنسانا حفر المنبع ليجري الماء، ويتخذ عليه مزرعة، فذهب الماء وانقطع مدَّة، ثمّ أهيل التراب فيه، فعاد الماء، والموضع مشهور.

وأما فضيلة إسماعيلعليه‌السلام ، فهو ما نبّه عليه الله تعالى من قوة يقينه، وتسليمه لأمر الله تعالى، والانقياد لحكمه، والصبر على ما ابتلاه به من الذبح، وعظيم المحنة، وشديد البلوى، كما قال الله تعالى:( إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ) (١) .

وقد وقع لعليّعليه‌السلام مثل ذلك، حين أمر الله تبارك وتعالى نبيّه (ص) بالخروج من مسقط رأسه، مهاجراً إلى المدينة، إذ لم يبق بها ناصر، وقد تألب المشركون عليه واجتمعوا، وصارت كلمتهم واحدة على ذلك، وأمره الله تعالى أن يلتمس من ينام مكانه، ويقوم مقامه، ويعرض للأعداء نحره، وللبلاء صدره، ليدفع به عن نفسه مضرّة البوار، ومعرّة(٢) الكفار، فذكر (ص) ذلك لعليّعليه‌السلام ، فهشّ إليه، وما تلكأ، وأسرع إلى الامتثال، وتلقى بالقبول والإقبال عليه، ونام على الفراش غير مكترث، وتعرض للأعداء والقتل غير محتفل، وقد أنزل الله تبارك وتعالى في شأنه:( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ ) (٣) .

__________________

(١) سورة الصافات / الآية: ١٠٢.

(٢) في ع: معركة.

(٣) سورة البقرة / الآية: ٢٠٧.

١٤٦

٥ - فصل:

في ذكر آيات يوسف

وفيه: حديثان

إنّ الله سبحانه وتعالى قد ذكر للصديق يوسفعليه‌السلام في القرآن آية واحدة، وهي قوله تعالى:( قالَ هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ. وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ ) (١) .

وسبب ذلك أنّ العزيز لمّا دخل داره، وقد راودت امرأته يوسفعليه‌السلام عن نفسه، ولم يجبها إلى ما التمست، وقد تعلّقت به:( قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلاَّ أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ ) (٢)

وقال يوسف:( هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي ) (٣) .

وكان هناك مهد فيه طفل رضيع، فسأله يوسفعليه‌السلام ، فشهد له بما ذكره الله تعالى في كتابه.

وقد أعطى الله تعالى عليّ بن الحسينعليه‌السلام ما يزيد على ذلك:

__________________

(١) سورة يوسف / الآيتان: ٢٦ - ٢٧.

(٢) سورة يوسف / الآية: ٢٥.

(٣) سورة يوسف / الآية: ٢٦.

١٤٧

١٣٨ / ١ - وهو ما روى عمّار الساباطي، قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام أنّه قال: « لمّا قتل الحسين بن عليّعليهما‌السلام ، وأقبل محمّد بن الحنفية إلى عليّ بن الحسين بن عليّعليهم‌السلام وقال: له ما الذي فضّلك عليّ، وأنا أكثر رواية، وأسن منك.

قال: كفى بالله شهيداً يا عمّ، قال له محمّد بن الحنفية: أحلت على غائب.

قال: وكان في دار عليّ بن الحسينعليهما‌السلام شاة حلوب فقال: « اللهم انطقها، اللهمّ انطقها ».

فقالت الشاة: يا عليّ بن الحسين إنّ الله استودعك علمه ووحيه(١) ، فأمر سودة الخادمة تتخذ لي العلف.

قال: فصفق محمّد بن الحنفية على وجهه، ثمّ قال: أدركني أدركني يا ابن أخي، ثمّ ضرب بيده على كتفه فقال: اهتد هداك الله ».

وقد ذكر الله سبحانه وتعالى ليوسفعليه‌السلام آية أخرى في كتابه بقوله:( فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ) (٢) فلمّا ألقوه في غيابت الجبّ، وقّاه الله تعالى سوء صنيعهم، وحفظه من الردى، وجنبه الأذى، بحيث لم ينله ألم، ولم تزل به قدم، ولم يصبه نصب، ولم ينبه(٣) وصب(٤) وقد أكرم الله تعالى الباقرعليه‌السلام بما يوازي ذلك ويضاهيه:

__________________

١ - مدينة المعاجز: ٣٢٢ / ١٠٥ عنه.

(١) في ص، ع: ورحمته.

(٢) سورة يوسف / الآية: ١٥.

(٣) يَنبِهُ: أي يصبه، انظر: « الصحاح ١: ٢٢٩ ». وفي ع: يثنيه.

(٤) الوصب: أي المرض. « القاموس المحيط - وصب - ١: ١٤٢ ».

١٤٨

١٣٩ / ٢ - على ما رواه الموليني في تصنيفه في ( سير الأئمة ) بإسناده أنّ الباقرعليه‌السلام كان صبيّاً، فجاء إلى رأس بئر في داره، فوقع فيها، فأحسّت به أمّه، فصاحت، وأخبرت أباه زين العابدينعليه‌السلام وهو يصلّي، فلم يقطع الصلاة، ولم يخففها، ولم يضطرب في صلاته، فرجعت عنه إلى رأس البئر، وطفقت تبكي وتنظر في البئر، وتتردد ذاهبة إلى أبيه وجائية إلى البئر، إلى أن تمكّن منها الحزن، وغلب عليها الضعف، فقالت: ما أغلظ أكبادكم يا معشر بني هاشم، فلمّا سمع ذلك زين العابدينعليه‌السلام ، أتمّ صلاته، وجاء إلى رأس البئر، وأدخل يده فيها، وتناوله وأخرجه، وقال: « خذيه يا ضعيفة اليقين »، فلمّا نظرت إليه استبشرت، وضحكت سروراً به، ثمّ بكت من قولهعليه‌السلام : « يا ضعيفة اليقين ».

وفي ذلك آية أخرى لزين العابدينعليه‌السلام ، إذ أخرجه من البئر العميقة من غير حبل ورشاء.

__________________

٢ - مناقب ابن شهرآشوب ٤: ١٣٥، العدد القوية: ٦٣ / ٨٢، باختلاف يسير

١٤٩

٦ - فصل:

في ذكر آيات أيوب

إنّ الله سبحانه وتعالى لمّا ابتلى أيوبعليه‌السلام بما ابتلاه في نفسه وأهله وماله وولده، فصبر عليه، وسلّم لأمر ربّه تعالى، وأثابه على ذلك، وعوّضه من جميع ذلك، وردّ عليه أهله وماله ومثلهم معهم، فلمّا استكمل أيّام محنته، صابراً على بليته( نادى رَبَّهُ ) وقال:( أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ ) (١) فقال تعالى:( ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ ) (٢) وركض برجله الأرض، وظهرت له منها عين ماء فاغتسل منها، وشرب وذهب عنه ما كان يجده من الوجع، ورجع إليه شبابه، واتاه أهله، ومثلهم معهم، رحمة من ربّه عزّ وجلّ.

وإنّ أئمتناعليهم‌السلام قد صبروا على أذيّة كلّ جبّار عنيد، وشيطان مريد، وعلى كلّ محنة قد طار شررها، وشديدة قد استطار ضررها، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله، وما ضعفوا وما استكانوا، وجعل الله لهم ما هو أزيد من ذلك وأوكد رحمة منه.

وإنّ الحسينعليه‌السلام لمّا قتل في سبيل الله وصبر عليه، ولم

__________________

(١) سورة ص / الآية: ٤١.

(٢) سورة ص / الآية: ٤٢.

١٥٠

يبق منه غير زين العابدين عليّ بن الحسينعليهما‌السلام ، فبارك الله عليه، وأخرج(١) من صلبه الأئمة الهداة، وجعلهم حججاً على بريّته وقادة الحق إلى جنّته، وجعلهم نجوماً زاهرة يهتدى بهم في ظلمات الشبهات، إلى محجة الدين، وجادة اليقين، كلّما غاب منهم نجم طلع آخر مكانه وزيّن به زمانه، لا ينقطع ضياؤه ولا يخمد بهاؤه، ما بقي من الدنيا أثر، ثمّ قد طبّق الأرض من ولده بكلّ سيّد شريف، وحلاحل(٢) غطريف،(٣) ، قد بلغ السماء قدراً، وحاز من مجلس الشرف صدراً.

وأمّا رجوع الشباب إليه فقد أعطي زين العابدينعليه‌السلام ما هو أفضل من ذلك، وهو ما أوردناه في هذا الكتاب، من نظره إلى حبابة الوالبية بعد ما كبرت وشاخت، فرجع إليها الشباب في الحال، وعاشت مدة مديدة.

وأمّا ما نبع من العين وفار منها من الماء، ورجوع صحته إليه. فقد أوردنا في هذا الكتاب ما يزيد على ذلك من آياتهمعليهم‌السلام ، من خروج الماء من الحجر، ومن إشارتهم إلى المريض حتّى ذهب عنه المرض ورجع إليه الصحّة، على ما سنفصّل ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.

__________________

(١) في ع: وجعل.

(٢) الحلاحل: السيد الشجاع أو الضخم الكثير المروءة. « القاموس المحيط ٣: ٣٧١ ».

(٣) الغطريف: السيّد السخي. « مجمع البحرين - غطرف - ٥: ١٠٦ ».

١٥١

٧ - فصل:

في بيان آيات كليم الله موسى

وفيه: ثلاثة عشر حديثاً

أوّل آية قد أظهرها الله لموسىعليه‌السلام ، أنّه خلق في بطن أمّه بحيث لم يعرف أحد بأنّها حامل، وستر عن جميع الخلق، حفظاً لهعليه‌السلام ، لأنّ فرعون كان يطلبه، ويشق في طلبه بطون الحبالى، لمّا قيل له أنّ زوال ملكه يكون على يد مولود يكون من شأنه كذا وكذا، فصنع الله تعالى لهعليه‌السلام بذلك ما خفي على الناس أمره.

وقد فعل الله تبارك وتعالى ما يضاهي ذلك لمولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه، حين طلب بنو العبّاس أثره، وراقبوا أمر أبيه، لمّا سمعوا أن زوال ملكهم يكون على يد ولد الحسين بن عليّعليه‌السلام ، فأخفى الله تعالى أمره، حتّى لم يعرف أهله بأن أمّه حامل، حتّى أن حكيمةعليها‌السلام قالت حين قال لها أبو محمّدعليه‌السلام : « الليلة يولد حجّة الله من نرجس » قالت: وما نرى بها أثر حبل؟! فقال: « سيظهر لك وقت الصبح ».

ثمّ لمّا وضع صنع الله تعالى له ما يبهت العقول، حتّى خفي على الناس أمره.

وأمّا موسىعليه‌السلام فقد أعطاه الله تبارك وتعالى آيات كثيرة

١٥٢

من اليد البيضاء من غير سوء، وانقلاب العصا حيّة، وفلق البحر، ونتق الجبل فوق أمّته، وإنزال المنّ والسلوى عليه وعلى أمّته في التيه، وانفجار الحجر بالماء، وابتلاع الأرض لقارون بأمره، وإظلال الغمام على رأسه ورأس أمّته.

وقد أعطى الله سبحانه وتعالى أئمتناعليهم‌السلام ما يقارب جميع ذلك ويماثله ويدانيه ويشاكله.

فأما موسىعليه‌السلام فإنّه أخرج يده بيضاء من غير سوء، كما قال الله تعالى في غير موضع في كتابه منها:( وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ) (١) .

وقال:( أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ) (٢) .

وقد أعطى الله تعالى الرضاعليه‌السلام ما يزيد على ذلك.

١٤٠ / ١ - وهو ما روى الحسن بن منصور(٣) ، عن أخيه، قال: دخلت على الرضاعليه‌السلام في بيت داخل جوف بيت، فرفع يديه(٤) وكان ليلا فكأنّ يده بها ضياء عشرة مصابيح، فاستأذن عليه رجل، فخلى يده ثمّ أذن له.

وأمّا انقلاب العصا حيّة، فقد أعطى الله تبارك وتعالى أئمتناعليهم‌السلام ما هو أجلّ من ذلك وأفضل، وهو ما قد أوردناه في هذا

__________________

(١) سورة طه / الآية: ٢٢.

(٢) سورة النمل / الآية: ١٢.

١ - الكافي ١: ٤٠٧، مناقب ابن شهرآشوب ٤: ٣٤٨.

(٣) في ك، م، والمناقب: الحسين بن منصور، وفي: ش، ع: الحسين بن منقرة، وما أثبتناه من الكافي، وهو الصواب، راجع « معجم رجال الحديث ٥: ١٤٠ » ويؤيده ما في صفحة: ٢٢٠ من نسخة ش حيث ورد السند: الحسن بن منصور عن أخيه ...

(٤) في ع: يده.

١٥٣

الكتاب، في باب معجزة موسىعليه‌السلام من قلب الصورة على الستر أسداً، حتّى ابتلع الساحر بقوة الله تعالى، بين يدي هارون.

ومن قلب الصورتين أسدين على المسند حتّى ابتلعا حميد بن مهران حاجب المأمون بين يديه، بأمر الرضاعليه‌السلام (١) .

ومن قلب الصورة على المسورة أسداً بإذن الله تعالى، وذلك بأمر أبي الحسن الثالثعليه‌السلام بين يدي المتوكل، حتّى ابتلع المشعبذ الهندي، وقد ذكرنا جميع ذلك في الكتاب(٢) .

١٤١ / ٢ - وروى أبو الصامت، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أعطني شيئاً أزداد به يقيناً، وأنفي الشك من قلبي، قال لي: « هات ما معك » وكان في كمي مفتاح، فناولته، فإذا المفتاح أسد، ففزعت منه، ثمّ قال: « أنح وجهك عني » ففعلت، فعاد مفتاحاً.

١٤٢ / ٣ - وروى سلمانرضي‌الله‌عنه قال: كان بين رجل من شيعة عليّ وبين رجل آخر من شيعة غيره خلاف، فاختصما إلى ذلك الغير، فمال مع شيعته على شيعة عليّ، فشكا إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام صاحبه، فذهبعليه‌السلام وقال: « ألم أنهك(٣) أن يكون بينك وبين شيعتي عمل ».

قال سلمان: قال لي ذلك الغير: يا سلمان، فلمّا سمعت ذلك منه خفت من هيبته وشجاعته، وفي يده قوس عربية فما شبّهته إلاّ بموسى ابن عمرانعليه‌السلام ، وقوسه بعصاه، وفتح فاه ليبتلعني، حتّى قلت له: يا عليّ بحقّ أخيك رسول الله (ص) إلاّ عفوت عني، فرده.

__________________

(١) سوف تأتي تخريجات الرواية في معاجز الإمام الرضا عليه‌السلام .

(٢) سوف تأتي تخريجات الرواية في معاجز الإمام الهادي عليه‌السلام .

٢ - الخرائج والجرائح ١: ٣٠٦، مدينة المعاجز: ٤١٦ / ٢٣٧

٣ - مدينة المعاجز: ٧٩ / ١٩٨.

(٣) في ر: أمنعك

١٥٤

وأمّا انفلاق البحر لموسىعليه‌السلام فكما قال الله سبحانه وتعالى:( أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ) (١) وقد خرج موسىعليه‌السلام من مصر فاتّبعه فرعون بجنوده، فلمّا قارب البحر قال أصحاب موسى:( إِنَّا لَمُدْرَكُونَ. قالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ ) (٢) فأمره تعالى أن يضرب بعصاه البحر، فضربه فظهر اثنا عشر طريقاً في البحر، فسلك كلّ سبط من بني إسرائيل طريقاً.

وقد أظهر الله سبحانه وتعالى لأمير المؤمنينعليه‌السلام ما يداني ذلك.

١٤٣ / ٤ - وهو: ما حدّث به أبو بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « مدّ الفرات عندكم على عهد أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فأقبل إليه الناس فقالوا: يا أمير المؤمنين، نحن نخاف الغرق، لأنّ الفرات قد جاء بشيء من الماء لم نر مثله قط، وقد امتلأت جنبتاه(٣) فالله الله.

فركب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والناس حوله يميناً وشمالاً، حتّى انتهى إلى الفرات وهو يزجر(٤) بأمواجه، فوقف الناس ينظرون فتكلّم بكلام خفي عبراني ليس بعربي، ثمّ إنّه قرع الفرات قرعة واحدة، فنقص الفرات ذراعاً، وأقبل الناس - وفي رواية أخرى فقال

__________________

(١) سورة الشعراء / الآية: ٦٣.

(٢) سورة الشعراء / الآيتان: ٦١ - ٦٢.

٤ - خصائص أمير المؤمنين: ٢٦، اليقين: ١٥٤، اثبات الهداة ٢: ٤١٥.

(٣) في ك: اخبيتنا، وفي م: جنباه.

(٤) في م: يزجي، ومعناه يسوق أو يدفع: « مجمع البحرين - زجا - ١: ٢٠٢ ». والزجر: لعلّه كناية عن شدة دفع الفرات أمواجه، ولعل الكلمة ( يزخر ) لأنّ معناه: مدّ وكَثُرَ ماؤه وارتفعت أمواجه. « مجمع البحرين - زخر - ٣: ٣١٦ ».

١٥٥

لهم -: « هل يكفيكم ذلك؟ ». فقالوا: زدنا يا أمير المؤمنين. فقرع قرعة أخرى، فنقص ذراعاً آخر، فقالوا: يكفينا، فقالعليه‌السلام : لو أردت لقرعته حتّى لا يبقى فيه شيء من الماء ».

وأمّا نتق الجبل، فإنّ قوم موسىعليه‌السلام لمّا استثقلوا أحكام التوراة ولم يعملوا بها، قلع الله سبحانه وتعالى جبلاً من أصله، فرفعه في الهواء فوق رؤوسهم، وقال لهم موسىعليه‌السلام : لئن لم تؤمنوا بالتوراة، وتعملوا بها، لسقط عليكم. كما قال الله تعالى:( وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (١) .

وقد أعطى الله تعالى لبعض أئمتناعليهم‌السلام ما يقارب ذلك ويدانيه.

١٤٤ / ٥ - وهو ما حدّث به عبد الرحمن بن الحجّاج، قال: كنت مع أبي عبد اللهعليه‌السلام بين مكّة والمدينة، وهو على بغلة، وأنا على حمار، وليس معنا أحد، فقلت: يا سيّدي، ما يجب من عظّم حقّ الإمام؟ فقال: « يا عبد الرحمن، لو قال لهذا الجبل سر لسار » فنظرت والله إلى الجبل يسير، فنظر والله إليه فقال: « والله، إنّي لم أعنك » فوقف.

وأمّا إنزال المنّ والسلوى عليه وعلى أمّته في التيه، وهو أنّه لمّا بقي هو وأمّته في التيه أربعين سنة، واحتاجوا إلى القوت، أنزل الله تعالى كلّ غدوة عليهم المن والسلوى، كما قال الله تعالى:( وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ ) (٢) .

__________________

(١) سورة الأعراف / الآية: ١٧١.

٥ - الخرائج والجرائح ٦٢١.

(٢) سورة الأعراف / الآية: ١٦٠.

١٥٦

فقد أعطى الله تبارك وتعالى الأئمةعليهم‌السلام ما يزيد عليه، ولم ينقص عنه، ممّا يشاكله ويدانيه.

١٤٥ / ٦ - وهو ما حدّث به الثقات، أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام ، لمّا امتد مقامه بصفّين، شكوا إليه نفاد الزاد والعلف، بحيث لم يجد أحد من أصحابه شيئاً يؤكل، فقالعليه‌السلام لهم: « غداً يصل إليكم ما يكفيكم » فلما أصبحوا تقاضوه(١) صعدعليه‌السلام على تل كان هناك ودعا بدعاء وسأل الله تعالى أن يطعمهم ويعلف دوابهم، ثمّ نزل فرجع إلى مكانه، فما استقر قراره، إلاّ وقد أقبلت العير بعد العير، وعليها اللحمان والتمور والدقيق، حتّى(٢) امتلأت به البراري، وفرّغ أصحاب الجمال جميع الأحمال من الأطعمة، وما كان معهم من علف الدواب، وغيرها من الثياب، وجلال الدواب، وجميع ما يحتاجون إليه، ثمّ انصرفوا، ولم يدر من أي البقاع وردوا، أو من الإنس كانوا أم من الجنّ، وتعجب الناس من ذلك.

١٤٦ / ٧ - وروى بعض أصحابنا، وقال: حملت مالاً لأبي عبد اللهعليه‌السلام ، فاستكثرته في نفسي، فلمّا أدخلته عليه، دعا الغلام، فإذا طشت في آخر الدار، فأمر أن يأتيه به، ثمّ تكلم بكلام أومى بها إلى الطشت، فانحدرت الدنانير من الطشت حتّى ( حالت بيني )(٣) وبين الغلام، قال: فالتفت إليّ وقال: « أترانا نحتاج إلى ما في أيديكم؟! إنما آخذ منكم ما آخذ، لأطهّركم ».

__________________

٦ - الخرائج والجرائح ٢: ٥٤٣ / ٤، اثبات الهداة ٢: ٤٥٨ / ١٩٧.

(١) تقاضوه: طلبوه، يقال: تقاضاه الدين: طلبه منه. « مجمع البحرين - قضا - ١: ٣٤٤ ».

(٢) في ع: بحيث.

٧ - الخرائج والجرائح ٢: ٦١٤ / ١٢، اثبات الهداة ٣: ١١٧ / ١٤١، مدينة المعاجز: ٤٠٥ / ١٧٧.

(٣) في جميع النسخ: حال بينه، وما أثبتناه من الخرائج.

١٥٧

وأمّا انفجار الماء من الحجر، فهو أن موسىعليه‌السلام كان معه حجر يحمله معه حيث يذهب، فلمّا احتاج هو وقومه إلى الماء، ضرب الحجر بعصاه؛( فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ ) (١) .

وقد أخرج الله تعالى الماء للصادقعليه‌السلام من خشبة رحله:

١٤٧ / ٨ - وهو ما حدّث به الشيخ أبو جعفر محمّد بن معروف الهلالي الخرّاز، وقد أتى له مائة وثمان وعشرون سنة قال: أتيت(٢) إلى أبي عبد الله جعفرعليه‌السلام إلى الحيرة فأقمت بها ثلاثة أيّام، فما قدرت عليه من كثرة الناس، فلمّا كان اليوم الرابع مضى إلى قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فمضيت معه، فلمّا صار(٣) إلى بطن الطريق، غلبه البول، فاعتزل عن الجادّة فبال، ثمّ نبش الرحل فخرج له الماء، فتطهّر للصلاة فقام وصلّى ركعتين، ودعا ربّه فقال في دعائه:

« اللّهم لا تجعلني ممّن تقدم فمرق، ولا ممّن تأخر فرهق، واجعلني من النمط الأوسط ».

وقال لي: « يا غلام، لا تتحدث بما رأيت ».

وقد أوردت له في معجزاته.

__________________

(١) سورة البقرة / الآية: ٦٠.

٨ - دلائل الإمامة: ١١٥، مناقب ابن شهرآشوب: ٤: ٢٣٨، وفيه: عن محمد بن ميمون الهلالي، وما في المتن والدلائل هو الصواب، راجع « معجم رجال الحديث ١٧: ٢٦٧ / ١١٨١٠ و ١١: ٣٤٣ / ٨٠١٢، ورجال الشيخ: ٤٨١ / ٢٩ فيمن لم يرو عنهمعليهم‌السلام في ترجمة علي بن الحسن القشيري ».

(٢) في ر: مضيت.

(٣) في ع: صرنا.

١٥٨

١٤٨ / ٩ - ما رواه داود الرّقيّ من إظهار الماء في السبخة في طريق الحجّ عينا فوّارة، وما رواه يحيى بن هرثمة.

وقد ذكرناه في آيات أبي جعفر الثانيعليه‌السلام من ظهور عين الماء له حين خرج من المدينة معه إلى المتوكل، وأمثال ذلك كثيرة لا تحصى.

وأمّا ابتلاع الأرض لقارون، وهو أنّ قارون قال لامرأة كانت بغياً ذات جمال وهيئة: أعطيك مائة ألف درهم إن جئت غداً إلى موسىعليه‌السلام وهو جالس في بني إسرائيل يتلو عليهم التوراة، وقلت: يا معشر بني إسرائيل، إنّ موسى دعاني إلى نفسه فأنعمت له.

ثم قالت في نفسها: قد فعلت ما فعلت فأذهب إلى بني إسرائيل وأرميه بالفاحشة؟! لا والله لا أفعل.

فلمّا كان في الغد جلس موسىعليه‌السلام في بني إسرائيل، وجاءه قارون في زينته، وعليه ثياب حمر، وجاءت المرأة، فقامت على رؤوسهم ثم قالت لموسىعليه‌السلام : إنّ قارون أعطاني مائة ألف درهم على أن أقوم على بني إسرائيل اليوم، وأقول لهم: إنّ موسى دعاني إلى نفسه، بحضرتك ومعاذ الله أن يكون ذلك، لقد أكرمك الله تعالى. فغضب موسىعليه‌السلام فقال للأرض: خذيه. فأخذته إلى ساقه، فقال: يا موسى، الله الله، ارحمني.

فقالعليه‌السلام : خذيه. فأخذته إلى حقويه، فقال: يا موسى، الله الله، ارحمني،

فقالعليه‌السلام : خذيه. فابتلعته الأرض حتّى غاب(١) .

وقد ظهر على يد ولي الله جعفر بن محمّد الصادقعليه‌السلام ما يوازي ذلك شرفاً.

__________________

٩ - مدينة المعاجز: ٤١٧.

(١) روى ابن كثير في قصص الأنبياء ٢: ١٦٥ مثله.

١٥٩

١٤٩ / ١٠ - وهو ما حدّث به صالح بن الأشعث البزّاز الكوفيّ، قال: كنت بين يدي المفضّل إذ وردت عليه رقعة من مولانا الصادقعليه‌السلام ، فنظر فيها، فنهض قائماً واتكأ عليَّ، ثمّ تسايرنا(١) إلى باب حجرة الصادقعليه‌السلام ، فخرج إليه عبد الله بن وشاح، فقال: أسرع يا مفضّل في خطواتك، أنت وصاحبك هذا.

فدخلنا فإذا بالمولى الصادقعليه‌السلام قد قعد على كرسي، وبين يديه امرأة، فقال: يا مفضّل، خذ هذه الامرأة وأخرجها إلى البرية في ظاهر البلد فانظر ما يكون من أمرها وعد إليّ سريعا.

فقال المفضل: فامتثلت ما أمرني به مولايعليه‌السلام وسرت بها إلى برية البلد، فلمّا توسطتها سمعت مناديا ينادي: احذر يا مفضل. فتنحيت عن المرأة، فطلعت غمامة سوداء ثمّ أمطرت عليها حجارة حتّى لم يكن(٢) للمرأة حساً ولا أثراً فهالني ما رأيته! ورجعت مسرعا إلى مولايعليه‌السلام ، وهممت أن أحدثه بما رأيت، فسبق إلي الحديث، فقالعليه‌السلام : « يا مفضل، أتعرف المرأة؟ » فقلت: لا يا مولاي. فقال: « هذه امرأة الفضال بن عامر، وقد كنت سيّرته إلى فارس ليفقّه أصحابي بها، فلمّا كان عند خروجه من منزله قال لامرأته: هذا مولاي جعفر شاهد عليك، لا تخونيني في نفسك. فقالت: نعم، إن خنتك في نفسي أمطر الله عليّ من السماء عذاباً واقعاً. فخانته في نفسها من ليلتها، فأمطر الله عليها ما طلبت، يا مفضل، إذا هتكت امرأة سترها، وكانت عارفة بالله، هتكت حجاب الله، وقصمت ظهرها، والعقوبة إلى العارفين والعارفات أسرع ».

وأمّا تظليل الغمام عليهم فهو أنّ موسىعليه‌السلام لمّا مكث

__________________

١٠ - مناقب ابن شهرآشوب ٢: ٢٣٩.

(١) في ع: تياسرنا.

(٢) في ص، ع: أر.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697