الثاقب في المناقب

الثاقب في المناقب0%

الثاقب في المناقب مؤلف:
الناشر: مؤسّسة أنصاريان
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 697

الثاقب في المناقب

مؤلف: ابن حمزة الطوسي
الناشر: مؤسّسة أنصاريان
تصنيف:

الصفحات: 697
المشاهدات: 189821
تحميل: 7033

توضيحات:

الثاقب في المناقب
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 697 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 189821 / تحميل: 7033
الحجم الحجم الحجم
الثاقب في المناقب

الثاقب في المناقب

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة أنصاريان
العربية

رسول الله (ص)، فقرّب ورحّب، ثمّ قال: « إنّ لي في الدلالة دليلاً على ما تريدين، أفتريدين مني دلالة الإمامة؟ » فقلت: نعم.

فقال: « هاتي ما معك ». فناولته الحصاة، فطبع لي فيها.

قالت ثمّ أتيت عليّ بن الحسين زين العابدينعليه‌السلام ، وقد بلغني(١) الكبر إلى أن عييت، وأنا أعدّ يومئذ مائة وثلاث عشرة سنة، فرأيته راكعاً وساجداً مشغولاً بالعبادة، فيئست من الدلالة فأومى إلي بالسبابة، وعاد إلي شبابي.

قالت: فقلت: يا سيّدي كم مضى من الدنيا وكم بقي؟

فقال: « أمّا ما مضى، فنعم، وأما ما بقي، فلا ».

ثم قال: « هاتي ما معك »، فأعطيته الحصاة، فطبع لي فيها.

ثمّ أتيت أبا جعفرعليه‌السلام ، فطبع لي فيها.

ثمّ أتيت أبا عبد الله جعفراً الصادقعليه‌السلام فطبع لي فيها.

ثمّ أتيت أبا الحسن موسىعليه‌السلام فطبع لي فيها.

ثمّ أتيت الرضاعليه‌السلام فطبع لي فيها.

وعاشت حبابة بعد ذلك تسعة أشهر على ما ذكر محمّد بن هشام.

ولخليل الله إبراهيمعليه‌السلام قصة أخرى في القرآن، وهى قوله تعالى:( وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ) (٢) .

__________________

(١) في ص: بلغ بي.

(٢) سورة الأنعام / الآية: ٧٥.

١٤١

١٣٣ / ٥ - فروى عمران، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « كشط له عن السموات حتّى نظر إلى العرش والكرسي والسموات والأرض ».

وقد أعطى الله تبارك وتعالى أمير المؤمنينعليه‌السلام ما يحاكي ذلك.

١٣٤ / ٦ - وهو ما روي عن الطاهرينعليهم‌السلام في تفسير قوله تعالى:( فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى ) (١) أنّ رسول الله (ص) لمّا عرج به إلى السماء، رفع الله تعالى الحجاب بينه وبين عليّ، حتّى نظر إلى حيث وضع (ص) قدمه. وبيان ذلك.

١٣٥ / ٧ - ما حدّث المعلى بن هلال عن الكلبيّ، عن أبي صالح، عن ابن عبّاسرضي‌الله‌عنه أنه، قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: « أعطاني الله تعالى خمساً، وأعطى عليّاً خمساً.

أعطاني جوامع الكلم، وأعطى عليّاً جوامع العلم، وجعلني نبيّاً، وجعله وصيّاً، وأعطاني الكوثر وأعطاه(٢) السلسبيل، وأعطاني الوحي، وأعطاه الإلهام، وأسري بي إلى السماء، وفتح له أبواب السماوات والحجب حتّى نظر إلي ونظرت إليه ».

قال: ثمّ بكى رسول الله (ص)، فقلت له: ما يبكيك، فداك أبي

__________________

٥ - الاختصاص: ٣٢٢، بصائر الدرجات: ١٢٦ - باب ٢٠ - مفصلاً، تفسير البرهان ١: ٥٣٢ / ٨، تفسير التبيان ٤: ١٧٧، مجمع البيان ٢: ٣٢٢.

٦ - أخرجه في البحار ١٨ / ٣٧٠ / ٧٧ عن الأمالي للشيخ الطوسي نحوه

(١) سورة النجم / الآية: ٩.

٧ - فضائل شاذان بن جبرائيل ٥ / ١٦٨، بشارة المصطفى: ٤١، وروي صدر الحديث في الخصال: ٣٩٣ / ٥٧، أمالي الطوسي ١: ١٩١ و ١٩٢، روضة الواعظين: ١٠٩،

(٢) في ص: واعطى عليّاً.

١٤٢

وأمي؟ قال: « يا ابن عبّاس إنّ أوّل ما كلمني به ربّي، أن قال لي: يا محمّد انظر تحتك، فنظرت إلى الحجب قد انخرقت، وإلى أبواب السماء قد فتحت، ونظرت إلى عليّ وهو رافع رأسه إلى السماء، فكلمني وكلمته ».

فقلت: يا رسول الله، حدّثني بما كلمك به ربّك.

قال: قال لي: يا محمّد قد جعلت عليّاً وصيّك ووزيرك وخليفتك من بعدك، فاعلمه، فها هو يسمع كلامك. فأعلمته، وأنا بين يدي ربّي عزّ وجلّ، فقال لي: قد قبلت.

فأمر الله تعالى الملائكة أن يسلموا عليه ففعلت، فردّعليهم‌السلام ، فرأيت الملائكة يتباشرون، فما مررت بملأ من الملائكة إلاّ وهم يهنئوني، ويقولون: يا محمّد والذي بعثك بالحقّ نبيّا، لقد دخل السرور على جميع الملائكة.

ورأيت حملة العرش قد نكسوا رؤوسهم فقلت: يا جبرائيل، لم نكسوا رؤوسهم؟ فقال: يا محمّد ما من ملك من الملائكة إلاّ وقد نظر إلى عليّ ما خلا حملة العرش، فإنّهم استأذنوا الله عزّ وجلّ في هذه الساعة أن ينظروا إلى عليّ، فأذن لهم.

فلمّا هبط جعلت أعلمه بذلك، وهو يخبرني به، فعلمت أنّي لم أطأ موطئا إلاّ وقد كشف لعليّ عنه، حتّى نظر إليه، لمّا رأيت من علمه به ».

قال ابن عباس: قلت: يا رسول الله، أوصني قال: « عليك بحبّ عليّ بن أبي طالب ».

قال: قلت: يا رسول الله، أوصني. قال: « عليك بحبّ عليّ ».

ثم قلت: يا رسول الله، أوصني. قال: « يا ابن عبّاس، والّذي بعثني بالحقّ نبيّاً، لا يقبل الله من عبد حسنة حتّى يسأله عن حبّ عليّ

١٤٣

ابن أبي طالب، وهو أعلم بذلك، فإن كان من أهل ولايته قُبل عمله ويؤمر به إلى الجنّة، وإن لم يكن في أهل ولايته، لم يسأله عن شيء، ويؤمر به إلى النار، وإنّ النار لأشد غيظاً(١) على مبغض عليّ منها على من زعم أنّ لله ولد.(١)

يا ابن عباس لو أنّ الملائكة المقربين، والأنبياء والمرسلين، أجمعوا على بغضه لعذّبهم الله بالنار، وما كانوا ليفعلوا ذلك ».

قلت: يا رسول الله، وكيف يبغضونه؟ قال: « يا ابن عبّاس، قوم يذكرون أنّهم من أمّتي، ولم يجعل الله لهم في الإسلام نصيباً، يفضّلون عليه غيره، والذي بعثني بالحقّ، ما بعث الله نبيّاً أكرم عليه منّي، ولا وصيّا أكرم عليه من عليّ وصيّي ».

قال ابن عبّاسرضي‌الله‌عنه : فلم أزل له كما أمرني رسول الله (ص)، وإنّه لأكبر عملي.

فلمّا حضر رسول الله (ص) الوفاة قلت له: فداك أبي وأمّي يا رسول الله ما تأمرني به قال: « يا ابن عبّاس، خالف من خالف عليّاً، ولا تكونن لهم ظهيراً ولا ولياً ».

قلت: يا رسول الله، فلم لا تأمر الناس بترك مخالفته؟

قال: فبكى حتّى أغمي عليه، ثمّ أفاق.

فقال: « يا ابن عبّاس سبق فيهم علم ربّي ولا يخرج الله أحداً من الدنيا ممّن خالفه، وأنكر حقّه، حتّى يغيّر خلقته.

يا ابن عبّاس إذا أردت أن تلقى الله وهو عنك راضٍ، فاسلك طريقه، ومل حيث مال، وارض به إماماً، وعاد من عاداه، ووال من والاه، ولا يدخلنك فيه شك، فإن اليسير من الشك كفر بالله تعالى ».

__________________

(١) في م، هامشي ك وص: غضباً.

١٤٤

٤ - فصل:

في بيان آيات إسماعيل ممّا ذكره الله تعالى في القرآن

وفيه: حديثان

إنّ الله سبحانه وتعالى ذكر لإسماعيلعليه‌السلام في القرآن آية واحدة، وفضيلة رائقة في حال كونه طفلاً فالآية.

١٣٦ / ١ - ما ذكر المفضّل بن عمر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال: « لمّا وضعه إبراهيم بأرض مكّة، ومعه أمّه هاجر، ونفد ماؤهما، وخرجت هاجر، فصعدت على الصفا، ثمّ أقبلت راجعة إلى إسماعيلعليه‌السلام ، فإذا عقبه يفحص في الماء، فجمعته، ولو تركته لساح ».

وفي الحديث طول، وقد جعل الله ما يوافق ذلك للرضا عليّ بن موسىعليهما‌السلام .

١٣٧ / ٢ - وهو ما حدّث به أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي الفقيه، قال: لمّا خرج عليّ بن موسى الرضاعليه‌السلام من نيسابور يريد المأمون، فبلغ قرب القرية الحمراء قيل له: يا ابن رسول

__________________

١ - قصص الأنبياء للراوندي: ١١٠ / ١٠٧، تفسير علي بن إبراهيم القمي ١: ١٦ نحوه.

٢ - عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ٢: ١٣٦ / ١.

١٤٥

الله قد زالت الشمس أو لا تصلي؟ فنزل وقال: « إئتوني بماء » فقيل له: ما معنا ماء.

فبحثعليه‌السلام الأرض بيده فنبع من الأرض الماء فأخذ ما توضَّأ به هو ومن معه.

والماء باق إلى يومنا هذا، ويقال للمنبع « عين الرضا »، وإنّ إنسانا حفر المنبع ليجري الماء، ويتخذ عليه مزرعة، فذهب الماء وانقطع مدَّة، ثمّ أهيل التراب فيه، فعاد الماء، والموضع مشهور.

وأما فضيلة إسماعيلعليه‌السلام ، فهو ما نبّه عليه الله تعالى من قوة يقينه، وتسليمه لأمر الله تعالى، والانقياد لحكمه، والصبر على ما ابتلاه به من الذبح، وعظيم المحنة، وشديد البلوى، كما قال الله تعالى:( إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ) (١) .

وقد وقع لعليّعليه‌السلام مثل ذلك، حين أمر الله تبارك وتعالى نبيّه (ص) بالخروج من مسقط رأسه، مهاجراً إلى المدينة، إذ لم يبق بها ناصر، وقد تألب المشركون عليه واجتمعوا، وصارت كلمتهم واحدة على ذلك، وأمره الله تعالى أن يلتمس من ينام مكانه، ويقوم مقامه، ويعرض للأعداء نحره، وللبلاء صدره، ليدفع به عن نفسه مضرّة البوار، ومعرّة(٢) الكفار، فذكر (ص) ذلك لعليّعليه‌السلام ، فهشّ إليه، وما تلكأ، وأسرع إلى الامتثال، وتلقى بالقبول والإقبال عليه، ونام على الفراش غير مكترث، وتعرض للأعداء والقتل غير محتفل، وقد أنزل الله تبارك وتعالى في شأنه:( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ ) (٣) .

__________________

(١) سورة الصافات / الآية: ١٠٢.

(٢) في ع: معركة.

(٣) سورة البقرة / الآية: ٢٠٧.

١٤٦

٥ - فصل:

في ذكر آيات يوسف

وفيه: حديثان

إنّ الله سبحانه وتعالى قد ذكر للصديق يوسفعليه‌السلام في القرآن آية واحدة، وهي قوله تعالى:( قالَ هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ. وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ ) (١) .

وسبب ذلك أنّ العزيز لمّا دخل داره، وقد راودت امرأته يوسفعليه‌السلام عن نفسه، ولم يجبها إلى ما التمست، وقد تعلّقت به:( قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلاَّ أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ ) (٢)

وقال يوسف:( هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي ) (٣) .

وكان هناك مهد فيه طفل رضيع، فسأله يوسفعليه‌السلام ، فشهد له بما ذكره الله تعالى في كتابه.

وقد أعطى الله تعالى عليّ بن الحسينعليه‌السلام ما يزيد على ذلك:

__________________

(١) سورة يوسف / الآيتان: ٢٦ - ٢٧.

(٢) سورة يوسف / الآية: ٢٥.

(٣) سورة يوسف / الآية: ٢٦.

١٤٧

١٣٨ / ١ - وهو ما روى عمّار الساباطي، قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام أنّه قال: « لمّا قتل الحسين بن عليّعليهما‌السلام ، وأقبل محمّد بن الحنفية إلى عليّ بن الحسين بن عليّعليهم‌السلام وقال: له ما الذي فضّلك عليّ، وأنا أكثر رواية، وأسن منك.

قال: كفى بالله شهيداً يا عمّ، قال له محمّد بن الحنفية: أحلت على غائب.

قال: وكان في دار عليّ بن الحسينعليهما‌السلام شاة حلوب فقال: « اللهم انطقها، اللهمّ انطقها ».

فقالت الشاة: يا عليّ بن الحسين إنّ الله استودعك علمه ووحيه(١) ، فأمر سودة الخادمة تتخذ لي العلف.

قال: فصفق محمّد بن الحنفية على وجهه، ثمّ قال: أدركني أدركني يا ابن أخي، ثمّ ضرب بيده على كتفه فقال: اهتد هداك الله ».

وقد ذكر الله سبحانه وتعالى ليوسفعليه‌السلام آية أخرى في كتابه بقوله:( فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ) (٢) فلمّا ألقوه في غيابت الجبّ، وقّاه الله تعالى سوء صنيعهم، وحفظه من الردى، وجنبه الأذى، بحيث لم ينله ألم، ولم تزل به قدم، ولم يصبه نصب، ولم ينبه(٣) وصب(٤) وقد أكرم الله تعالى الباقرعليه‌السلام بما يوازي ذلك ويضاهيه:

__________________

١ - مدينة المعاجز: ٣٢٢ / ١٠٥ عنه.

(١) في ص، ع: ورحمته.

(٢) سورة يوسف / الآية: ١٥.

(٣) يَنبِهُ: أي يصبه، انظر: « الصحاح ١: ٢٢٩ ». وفي ع: يثنيه.

(٤) الوصب: أي المرض. « القاموس المحيط - وصب - ١: ١٤٢ ».

١٤٨

١٣٩ / ٢ - على ما رواه الموليني في تصنيفه في ( سير الأئمة ) بإسناده أنّ الباقرعليه‌السلام كان صبيّاً، فجاء إلى رأس بئر في داره، فوقع فيها، فأحسّت به أمّه، فصاحت، وأخبرت أباه زين العابدينعليه‌السلام وهو يصلّي، فلم يقطع الصلاة، ولم يخففها، ولم يضطرب في صلاته، فرجعت عنه إلى رأس البئر، وطفقت تبكي وتنظر في البئر، وتتردد ذاهبة إلى أبيه وجائية إلى البئر، إلى أن تمكّن منها الحزن، وغلب عليها الضعف، فقالت: ما أغلظ أكبادكم يا معشر بني هاشم، فلمّا سمع ذلك زين العابدينعليه‌السلام ، أتمّ صلاته، وجاء إلى رأس البئر، وأدخل يده فيها، وتناوله وأخرجه، وقال: « خذيه يا ضعيفة اليقين »، فلمّا نظرت إليه استبشرت، وضحكت سروراً به، ثمّ بكت من قولهعليه‌السلام : « يا ضعيفة اليقين ».

وفي ذلك آية أخرى لزين العابدينعليه‌السلام ، إذ أخرجه من البئر العميقة من غير حبل ورشاء.

__________________

٢ - مناقب ابن شهرآشوب ٤: ١٣٥، العدد القوية: ٦٣ / ٨٢، باختلاف يسير

١٤٩

٦ - فصل:

في ذكر آيات أيوب

إنّ الله سبحانه وتعالى لمّا ابتلى أيوبعليه‌السلام بما ابتلاه في نفسه وأهله وماله وولده، فصبر عليه، وسلّم لأمر ربّه تعالى، وأثابه على ذلك، وعوّضه من جميع ذلك، وردّ عليه أهله وماله ومثلهم معهم، فلمّا استكمل أيّام محنته، صابراً على بليته( نادى رَبَّهُ ) وقال:( أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ ) (١) فقال تعالى:( ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ ) (٢) وركض برجله الأرض، وظهرت له منها عين ماء فاغتسل منها، وشرب وذهب عنه ما كان يجده من الوجع، ورجع إليه شبابه، واتاه أهله، ومثلهم معهم، رحمة من ربّه عزّ وجلّ.

وإنّ أئمتناعليهم‌السلام قد صبروا على أذيّة كلّ جبّار عنيد، وشيطان مريد، وعلى كلّ محنة قد طار شررها، وشديدة قد استطار ضررها، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله، وما ضعفوا وما استكانوا، وجعل الله لهم ما هو أزيد من ذلك وأوكد رحمة منه.

وإنّ الحسينعليه‌السلام لمّا قتل في سبيل الله وصبر عليه، ولم

__________________

(١) سورة ص / الآية: ٤١.

(٢) سورة ص / الآية: ٤٢.

١٥٠

يبق منه غير زين العابدين عليّ بن الحسينعليهما‌السلام ، فبارك الله عليه، وأخرج(١) من صلبه الأئمة الهداة، وجعلهم حججاً على بريّته وقادة الحق إلى جنّته، وجعلهم نجوماً زاهرة يهتدى بهم في ظلمات الشبهات، إلى محجة الدين، وجادة اليقين، كلّما غاب منهم نجم طلع آخر مكانه وزيّن به زمانه، لا ينقطع ضياؤه ولا يخمد بهاؤه، ما بقي من الدنيا أثر، ثمّ قد طبّق الأرض من ولده بكلّ سيّد شريف، وحلاحل(٢) غطريف،(٣) ، قد بلغ السماء قدراً، وحاز من مجلس الشرف صدراً.

وأمّا رجوع الشباب إليه فقد أعطي زين العابدينعليه‌السلام ما هو أفضل من ذلك، وهو ما أوردناه في هذا الكتاب، من نظره إلى حبابة الوالبية بعد ما كبرت وشاخت، فرجع إليها الشباب في الحال، وعاشت مدة مديدة.

وأمّا ما نبع من العين وفار منها من الماء، ورجوع صحته إليه. فقد أوردنا في هذا الكتاب ما يزيد على ذلك من آياتهمعليهم‌السلام ، من خروج الماء من الحجر، ومن إشارتهم إلى المريض حتّى ذهب عنه المرض ورجع إليه الصحّة، على ما سنفصّل ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.

__________________

(١) في ع: وجعل.

(٢) الحلاحل: السيد الشجاع أو الضخم الكثير المروءة. « القاموس المحيط ٣: ٣٧١ ».

(٣) الغطريف: السيّد السخي. « مجمع البحرين - غطرف - ٥: ١٠٦ ».

١٥١

٧ - فصل:

في بيان آيات كليم الله موسى

وفيه: ثلاثة عشر حديثاً

أوّل آية قد أظهرها الله لموسىعليه‌السلام ، أنّه خلق في بطن أمّه بحيث لم يعرف أحد بأنّها حامل، وستر عن جميع الخلق، حفظاً لهعليه‌السلام ، لأنّ فرعون كان يطلبه، ويشق في طلبه بطون الحبالى، لمّا قيل له أنّ زوال ملكه يكون على يد مولود يكون من شأنه كذا وكذا، فصنع الله تعالى لهعليه‌السلام بذلك ما خفي على الناس أمره.

وقد فعل الله تبارك وتعالى ما يضاهي ذلك لمولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه، حين طلب بنو العبّاس أثره، وراقبوا أمر أبيه، لمّا سمعوا أن زوال ملكهم يكون على يد ولد الحسين بن عليّعليه‌السلام ، فأخفى الله تعالى أمره، حتّى لم يعرف أهله بأن أمّه حامل، حتّى أن حكيمةعليها‌السلام قالت حين قال لها أبو محمّدعليه‌السلام : « الليلة يولد حجّة الله من نرجس » قالت: وما نرى بها أثر حبل؟! فقال: « سيظهر لك وقت الصبح ».

ثمّ لمّا وضع صنع الله تعالى له ما يبهت العقول، حتّى خفي على الناس أمره.

وأمّا موسىعليه‌السلام فقد أعطاه الله تبارك وتعالى آيات كثيرة

١٥٢

من اليد البيضاء من غير سوء، وانقلاب العصا حيّة، وفلق البحر، ونتق الجبل فوق أمّته، وإنزال المنّ والسلوى عليه وعلى أمّته في التيه، وانفجار الحجر بالماء، وابتلاع الأرض لقارون بأمره، وإظلال الغمام على رأسه ورأس أمّته.

وقد أعطى الله سبحانه وتعالى أئمتناعليهم‌السلام ما يقارب جميع ذلك ويماثله ويدانيه ويشاكله.

فأما موسىعليه‌السلام فإنّه أخرج يده بيضاء من غير سوء، كما قال الله تعالى في غير موضع في كتابه منها:( وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ) (١) .

وقال:( أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ) (٢) .

وقد أعطى الله تعالى الرضاعليه‌السلام ما يزيد على ذلك.

١٤٠ / ١ - وهو ما روى الحسن بن منصور(٣) ، عن أخيه، قال: دخلت على الرضاعليه‌السلام في بيت داخل جوف بيت، فرفع يديه(٤) وكان ليلا فكأنّ يده بها ضياء عشرة مصابيح، فاستأذن عليه رجل، فخلى يده ثمّ أذن له.

وأمّا انقلاب العصا حيّة، فقد أعطى الله تبارك وتعالى أئمتناعليهم‌السلام ما هو أجلّ من ذلك وأفضل، وهو ما قد أوردناه في هذا

__________________

(١) سورة طه / الآية: ٢٢.

(٢) سورة النمل / الآية: ١٢.

١ - الكافي ١: ٤٠٧، مناقب ابن شهرآشوب ٤: ٣٤٨.

(٣) في ك، م، والمناقب: الحسين بن منصور، وفي: ش، ع: الحسين بن منقرة، وما أثبتناه من الكافي، وهو الصواب، راجع « معجم رجال الحديث ٥: ١٤٠ » ويؤيده ما في صفحة: ٢٢٠ من نسخة ش حيث ورد السند: الحسن بن منصور عن أخيه ...

(٤) في ع: يده.

١٥٣

الكتاب، في باب معجزة موسىعليه‌السلام من قلب الصورة على الستر أسداً، حتّى ابتلع الساحر بقوة الله تعالى، بين يدي هارون.

ومن قلب الصورتين أسدين على المسند حتّى ابتلعا حميد بن مهران حاجب المأمون بين يديه، بأمر الرضاعليه‌السلام (١) .

ومن قلب الصورة على المسورة أسداً بإذن الله تعالى، وذلك بأمر أبي الحسن الثالثعليه‌السلام بين يدي المتوكل، حتّى ابتلع المشعبذ الهندي، وقد ذكرنا جميع ذلك في الكتاب(٢) .

١٤١ / ٢ - وروى أبو الصامت، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أعطني شيئاً أزداد به يقيناً، وأنفي الشك من قلبي، قال لي: « هات ما معك » وكان في كمي مفتاح، فناولته، فإذا المفتاح أسد، ففزعت منه، ثمّ قال: « أنح وجهك عني » ففعلت، فعاد مفتاحاً.

١٤٢ / ٣ - وروى سلمانرضي‌الله‌عنه قال: كان بين رجل من شيعة عليّ وبين رجل آخر من شيعة غيره خلاف، فاختصما إلى ذلك الغير، فمال مع شيعته على شيعة عليّ، فشكا إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام صاحبه، فذهبعليه‌السلام وقال: « ألم أنهك(٣) أن يكون بينك وبين شيعتي عمل ».

قال سلمان: قال لي ذلك الغير: يا سلمان، فلمّا سمعت ذلك منه خفت من هيبته وشجاعته، وفي يده قوس عربية فما شبّهته إلاّ بموسى ابن عمرانعليه‌السلام ، وقوسه بعصاه، وفتح فاه ليبتلعني، حتّى قلت له: يا عليّ بحقّ أخيك رسول الله (ص) إلاّ عفوت عني، فرده.

__________________

(١) سوف تأتي تخريجات الرواية في معاجز الإمام الرضا عليه‌السلام .

(٢) سوف تأتي تخريجات الرواية في معاجز الإمام الهادي عليه‌السلام .

٢ - الخرائج والجرائح ١: ٣٠٦، مدينة المعاجز: ٤١٦ / ٢٣٧

٣ - مدينة المعاجز: ٧٩ / ١٩٨.

(٣) في ر: أمنعك

١٥٤

وأمّا انفلاق البحر لموسىعليه‌السلام فكما قال الله سبحانه وتعالى:( أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ) (١) وقد خرج موسىعليه‌السلام من مصر فاتّبعه فرعون بجنوده، فلمّا قارب البحر قال أصحاب موسى:( إِنَّا لَمُدْرَكُونَ. قالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ ) (٢) فأمره تعالى أن يضرب بعصاه البحر، فضربه فظهر اثنا عشر طريقاً في البحر، فسلك كلّ سبط من بني إسرائيل طريقاً.

وقد أظهر الله سبحانه وتعالى لأمير المؤمنينعليه‌السلام ما يداني ذلك.

١٤٣ / ٤ - وهو: ما حدّث به أبو بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « مدّ الفرات عندكم على عهد أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فأقبل إليه الناس فقالوا: يا أمير المؤمنين، نحن نخاف الغرق، لأنّ الفرات قد جاء بشيء من الماء لم نر مثله قط، وقد امتلأت جنبتاه(٣) فالله الله.

فركب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والناس حوله يميناً وشمالاً، حتّى انتهى إلى الفرات وهو يزجر(٤) بأمواجه، فوقف الناس ينظرون فتكلّم بكلام خفي عبراني ليس بعربي، ثمّ إنّه قرع الفرات قرعة واحدة، فنقص الفرات ذراعاً، وأقبل الناس - وفي رواية أخرى فقال

__________________

(١) سورة الشعراء / الآية: ٦٣.

(٢) سورة الشعراء / الآيتان: ٦١ - ٦٢.

٤ - خصائص أمير المؤمنين: ٢٦، اليقين: ١٥٤، اثبات الهداة ٢: ٤١٥.

(٣) في ك: اخبيتنا، وفي م: جنباه.

(٤) في م: يزجي، ومعناه يسوق أو يدفع: « مجمع البحرين - زجا - ١: ٢٠٢ ». والزجر: لعلّه كناية عن شدة دفع الفرات أمواجه، ولعل الكلمة ( يزخر ) لأنّ معناه: مدّ وكَثُرَ ماؤه وارتفعت أمواجه. « مجمع البحرين - زخر - ٣: ٣١٦ ».

١٥٥

لهم -: « هل يكفيكم ذلك؟ ». فقالوا: زدنا يا أمير المؤمنين. فقرع قرعة أخرى، فنقص ذراعاً آخر، فقالوا: يكفينا، فقالعليه‌السلام : لو أردت لقرعته حتّى لا يبقى فيه شيء من الماء ».

وأمّا نتق الجبل، فإنّ قوم موسىعليه‌السلام لمّا استثقلوا أحكام التوراة ولم يعملوا بها، قلع الله سبحانه وتعالى جبلاً من أصله، فرفعه في الهواء فوق رؤوسهم، وقال لهم موسىعليه‌السلام : لئن لم تؤمنوا بالتوراة، وتعملوا بها، لسقط عليكم. كما قال الله تعالى:( وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (١) .

وقد أعطى الله تعالى لبعض أئمتناعليهم‌السلام ما يقارب ذلك ويدانيه.

١٤٤ / ٥ - وهو ما حدّث به عبد الرحمن بن الحجّاج، قال: كنت مع أبي عبد اللهعليه‌السلام بين مكّة والمدينة، وهو على بغلة، وأنا على حمار، وليس معنا أحد، فقلت: يا سيّدي، ما يجب من عظّم حقّ الإمام؟ فقال: « يا عبد الرحمن، لو قال لهذا الجبل سر لسار » فنظرت والله إلى الجبل يسير، فنظر والله إليه فقال: « والله، إنّي لم أعنك » فوقف.

وأمّا إنزال المنّ والسلوى عليه وعلى أمّته في التيه، وهو أنّه لمّا بقي هو وأمّته في التيه أربعين سنة، واحتاجوا إلى القوت، أنزل الله تعالى كلّ غدوة عليهم المن والسلوى، كما قال الله تعالى:( وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ ) (٢) .

__________________

(١) سورة الأعراف / الآية: ١٧١.

٥ - الخرائج والجرائح ٦٢١.

(٢) سورة الأعراف / الآية: ١٦٠.

١٥٦

فقد أعطى الله تبارك وتعالى الأئمةعليهم‌السلام ما يزيد عليه، ولم ينقص عنه، ممّا يشاكله ويدانيه.

١٤٥ / ٦ - وهو ما حدّث به الثقات، أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام ، لمّا امتد مقامه بصفّين، شكوا إليه نفاد الزاد والعلف، بحيث لم يجد أحد من أصحابه شيئاً يؤكل، فقالعليه‌السلام لهم: « غداً يصل إليكم ما يكفيكم » فلما أصبحوا تقاضوه(١) صعدعليه‌السلام على تل كان هناك ودعا بدعاء وسأل الله تعالى أن يطعمهم ويعلف دوابهم، ثمّ نزل فرجع إلى مكانه، فما استقر قراره، إلاّ وقد أقبلت العير بعد العير، وعليها اللحمان والتمور والدقيق، حتّى(٢) امتلأت به البراري، وفرّغ أصحاب الجمال جميع الأحمال من الأطعمة، وما كان معهم من علف الدواب، وغيرها من الثياب، وجلال الدواب، وجميع ما يحتاجون إليه، ثمّ انصرفوا، ولم يدر من أي البقاع وردوا، أو من الإنس كانوا أم من الجنّ، وتعجب الناس من ذلك.

١٤٦ / ٧ - وروى بعض أصحابنا، وقال: حملت مالاً لأبي عبد اللهعليه‌السلام ، فاستكثرته في نفسي، فلمّا أدخلته عليه، دعا الغلام، فإذا طشت في آخر الدار، فأمر أن يأتيه به، ثمّ تكلم بكلام أومى بها إلى الطشت، فانحدرت الدنانير من الطشت حتّى ( حالت بيني )(٣) وبين الغلام، قال: فالتفت إليّ وقال: « أترانا نحتاج إلى ما في أيديكم؟! إنما آخذ منكم ما آخذ، لأطهّركم ».

__________________

٦ - الخرائج والجرائح ٢: ٥٤٣ / ٤، اثبات الهداة ٢: ٤٥٨ / ١٩٧.

(١) تقاضوه: طلبوه، يقال: تقاضاه الدين: طلبه منه. « مجمع البحرين - قضا - ١: ٣٤٤ ».

(٢) في ع: بحيث.

٧ - الخرائج والجرائح ٢: ٦١٤ / ١٢، اثبات الهداة ٣: ١١٧ / ١٤١، مدينة المعاجز: ٤٠٥ / ١٧٧.

(٣) في جميع النسخ: حال بينه، وما أثبتناه من الخرائج.

١٥٧

وأمّا انفجار الماء من الحجر، فهو أن موسىعليه‌السلام كان معه حجر يحمله معه حيث يذهب، فلمّا احتاج هو وقومه إلى الماء، ضرب الحجر بعصاه؛( فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ ) (١) .

وقد أخرج الله تعالى الماء للصادقعليه‌السلام من خشبة رحله:

١٤٧ / ٨ - وهو ما حدّث به الشيخ أبو جعفر محمّد بن معروف الهلالي الخرّاز، وقد أتى له مائة وثمان وعشرون سنة قال: أتيت(٢) إلى أبي عبد الله جعفرعليه‌السلام إلى الحيرة فأقمت بها ثلاثة أيّام، فما قدرت عليه من كثرة الناس، فلمّا كان اليوم الرابع مضى إلى قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فمضيت معه، فلمّا صار(٣) إلى بطن الطريق، غلبه البول، فاعتزل عن الجادّة فبال، ثمّ نبش الرحل فخرج له الماء، فتطهّر للصلاة فقام وصلّى ركعتين، ودعا ربّه فقال في دعائه:

« اللّهم لا تجعلني ممّن تقدم فمرق، ولا ممّن تأخر فرهق، واجعلني من النمط الأوسط ».

وقال لي: « يا غلام، لا تتحدث بما رأيت ».

وقد أوردت له في معجزاته.

__________________

(١) سورة البقرة / الآية: ٦٠.

٨ - دلائل الإمامة: ١١٥، مناقب ابن شهرآشوب: ٤: ٢٣٨، وفيه: عن محمد بن ميمون الهلالي، وما في المتن والدلائل هو الصواب، راجع « معجم رجال الحديث ١٧: ٢٦٧ / ١١٨١٠ و ١١: ٣٤٣ / ٨٠١٢، ورجال الشيخ: ٤٨١ / ٢٩ فيمن لم يرو عنهمعليهم‌السلام في ترجمة علي بن الحسن القشيري ».

(٢) في ر: مضيت.

(٣) في ع: صرنا.

١٥٨

١٤٨ / ٩ - ما رواه داود الرّقيّ من إظهار الماء في السبخة في طريق الحجّ عينا فوّارة، وما رواه يحيى بن هرثمة.

وقد ذكرناه في آيات أبي جعفر الثانيعليه‌السلام من ظهور عين الماء له حين خرج من المدينة معه إلى المتوكل، وأمثال ذلك كثيرة لا تحصى.

وأمّا ابتلاع الأرض لقارون، وهو أنّ قارون قال لامرأة كانت بغياً ذات جمال وهيئة: أعطيك مائة ألف درهم إن جئت غداً إلى موسىعليه‌السلام وهو جالس في بني إسرائيل يتلو عليهم التوراة، وقلت: يا معشر بني إسرائيل، إنّ موسى دعاني إلى نفسه فأنعمت له.

ثم قالت في نفسها: قد فعلت ما فعلت فأذهب إلى بني إسرائيل وأرميه بالفاحشة؟! لا والله لا أفعل.

فلمّا كان في الغد جلس موسىعليه‌السلام في بني إسرائيل، وجاءه قارون في زينته، وعليه ثياب حمر، وجاءت المرأة، فقامت على رؤوسهم ثم قالت لموسىعليه‌السلام : إنّ قارون أعطاني مائة ألف درهم على أن أقوم على بني إسرائيل اليوم، وأقول لهم: إنّ موسى دعاني إلى نفسه، بحضرتك ومعاذ الله أن يكون ذلك، لقد أكرمك الله تعالى. فغضب موسىعليه‌السلام فقال للأرض: خذيه. فأخذته إلى ساقه، فقال: يا موسى، الله الله، ارحمني.

فقالعليه‌السلام : خذيه. فأخذته إلى حقويه، فقال: يا موسى، الله الله، ارحمني،

فقالعليه‌السلام : خذيه. فابتلعته الأرض حتّى غاب(١) .

وقد ظهر على يد ولي الله جعفر بن محمّد الصادقعليه‌السلام ما يوازي ذلك شرفاً.

__________________

٩ - مدينة المعاجز: ٤١٧.

(١) روى ابن كثير في قصص الأنبياء ٢: ١٦٥ مثله.

١٥٩

١٤٩ / ١٠ - وهو ما حدّث به صالح بن الأشعث البزّاز الكوفيّ، قال: كنت بين يدي المفضّل إذ وردت عليه رقعة من مولانا الصادقعليه‌السلام ، فنظر فيها، فنهض قائماً واتكأ عليَّ، ثمّ تسايرنا(١) إلى باب حجرة الصادقعليه‌السلام ، فخرج إليه عبد الله بن وشاح، فقال: أسرع يا مفضّل في خطواتك، أنت وصاحبك هذا.

فدخلنا فإذا بالمولى الصادقعليه‌السلام قد قعد على كرسي، وبين يديه امرأة، فقال: يا مفضّل، خذ هذه الامرأة وأخرجها إلى البرية في ظاهر البلد فانظر ما يكون من أمرها وعد إليّ سريعا.

فقال المفضل: فامتثلت ما أمرني به مولايعليه‌السلام وسرت بها إلى برية البلد، فلمّا توسطتها سمعت مناديا ينادي: احذر يا مفضل. فتنحيت عن المرأة، فطلعت غمامة سوداء ثمّ أمطرت عليها حجارة حتّى لم يكن(٢) للمرأة حساً ولا أثراً فهالني ما رأيته! ورجعت مسرعا إلى مولايعليه‌السلام ، وهممت أن أحدثه بما رأيت، فسبق إلي الحديث، فقالعليه‌السلام : « يا مفضل، أتعرف المرأة؟ » فقلت: لا يا مولاي. فقال: « هذه امرأة الفضال بن عامر، وقد كنت سيّرته إلى فارس ليفقّه أصحابي بها، فلمّا كان عند خروجه من منزله قال لامرأته: هذا مولاي جعفر شاهد عليك، لا تخونيني في نفسك. فقالت: نعم، إن خنتك في نفسي أمطر الله عليّ من السماء عذاباً واقعاً. فخانته في نفسها من ليلتها، فأمطر الله عليها ما طلبت، يا مفضل، إذا هتكت امرأة سترها، وكانت عارفة بالله، هتكت حجاب الله، وقصمت ظهرها، والعقوبة إلى العارفين والعارفات أسرع ».

وأمّا تظليل الغمام عليهم فهو أنّ موسىعليه‌السلام لمّا مكث

__________________

١٠ - مناقب ابن شهرآشوب ٢: ٢٣٩.

(١) في ع: تياسرنا.

(٢) في ص، ع: أر.

١٦٠