الثاقب في المناقب

الثاقب في المناقب0%

الثاقب في المناقب مؤلف:
الناشر: مؤسّسة أنصاريان
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 697

الثاقب في المناقب

مؤلف: ابن حمزة الطوسي
الناشر: مؤسّسة أنصاريان
تصنيف:

الصفحات: 697
المشاهدات: 189830
تحميل: 7033

توضيحات:

الثاقب في المناقب
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 697 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 189830 / تحميل: 7033
الحجم الحجم الحجم
الثاقب في المناقب

الثاقب في المناقب

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة أنصاريان
العربية

عليهما، فقال له: يا وردان. فقال كنكر: ليس اسمي وردان. فقال له عليّ بن الحسين: بل تكذب، يوم ولدتك أمّك سمّتك وردان، وجاء أبوك فسمّاك كنكر. فقال: أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله، وأنّك وصيّه من بعده، وأشهد أن أمّي حدّثتني بهذا الحديث بعد ما عقلت ».

٣٠٠ / ٣ - عن الصادق جعفر بن محمّد صلوات الله عليهما، قال: « لمّا قُتِل ابن الزبير وظهر عبد الملك بن مروان على الأمر كتب إلى الحجّاج بن يوسف - وكان عامله على الحجاز -:

بسم الله الرّحمن الرّحيم.

من عبد الله عبد الملك إلى الحجّاج بن يوسف.

أمّا بعد، فانظر دماء بني عبد المطلب واحقنها واجتنبها، فإنّي رأيت آل أبي سفيان لمّا ولغوا في دمائهم لم يلبثوا إلاّ قليلا، والسلام.

وبعث بالكتاب سرّاً، فبعث عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما إلى عبد الملك بن مروان:

أما بعد، فإنّك كتبت في يوم كذا، في ساعة كذا، في شهر كذا، في سنة كذا بكذا وكذا، وإنّ الله تعالى قد شكر لك ذلك، لأنّ رسول الله (ص) أتاني في منامي فأخبرني أنّك كتبت في يوم كذا، في ساعة كذا، وأنّ الله تعالى قد شكر لك ذلك، وثبّت ملكك، وزادك فيه برهة.

ثمّ طوى الكتاب وختمه وأرسله مع غلام له على بعير، وأمره أن

__________________

٣ - بصائر الدرجات: ٣٩٦ / ٤، اثبات الوصية: ١٦٨، الاختصاص: ٣٠٨، الخرائج والجرائح ١: ٢٥٦، كشف الغمة ٢: ٣٢٤، الصراط المستقيم ٢: ١٨٠ / ٢، الهداية الكبرى: ٢٢٣، مدينة المعاجز: ٣٠٧ / ٤٣، عن كتابنا.

٣٦١

يوصله إلى عبد الملك، فلمّا نظر في التاريخ وجده وافق تلك الساعة التي بعث بالكتاب إلى الحجّاج فيها، فلم يشكّ في صدق عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما، وفرح فرحاً شديداً، وبعث إلى عليّ بن الحسين بوقر راحلته دنانير وأثواباً لما سرّ به من الكتاب » والمنّة لله.

٣٠١ / ٤ - عن الزهريّ، قال: كان لي أخ في الله تعالى، وكنت شديد المحبّة له، فمات في جهاد الروم، فاغتبطت به وفرحت أن استشهد، وتمنيت أنّي كنت استشهدت معه، فنمت ذات ليلة، فرأيته في منامي.

فقلت له: ما فعل بك ربّك؟ فقال: غفر الله لي بجهادي، وحبّي محمّداً وآل محمّد، وزادني في الجنّة مسيرة مائة ألف عام من كلّ جانب من الممالك بشفاعة عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما.

فقلت له: قد اغتبطت أن استشهدت بمثل ما أنت عليه [ قال: أنت ](١) فوقي من مسيرة ألف ألف عام.

فقلت: بماذا؟! فقال: ألست تلقى عليّ بن الحسينعليه‌السلام في كلّ جمعة مرّة وتسلّم عليه، وإذا رأيت وجهه صلّيت على محمّد وآل محمّد، ثمّ تروي عنه، وتذكر في هذا الزمان النكد - زمان بني أميّة - فتعرّض للمكروه، ولكن الله يقيك.

فلمّا انتبهت قلت: لعلّه أضغاث أحلام. فعاودني النوم فرأيت ذلك الرجل يقول: أشككت؟ لا تشك فإنّ الشكّ كفر، ولا تخبر بما رأيت أحداً، فإنّ عليّ بن الحسين يخبرك بمنامك هذا كما أخبر رسول الله (ص) أبا بكر بمنامه في طريقه من الشام. فانتبهت وصلّيت فإذا

__________________

٤ - عنه في مدينة المعاجز: ٣١٩ / ٩٥.

(١) في الأصل: وكنت. وفي ر: فقال: قد اغتبطت أن تستشهد بمثل ما أنا عليه وكنت.

٣٦٢

رسول عليّ بن الحسين صلوات الله عليه، فصرت إليه فقال: « يا زهريّ، رأيت البارحة كذا وكذا » المنامين جميعاً على وجههما.

٣٠٢ / ٥ - عن أبي خالد الكابليّ، قال: لمّا قتل أبو عبد الله الحسين صلوات الله عليه وبقيت الشيعة متحيرة ولزم عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما منزله، اختلفت الشيعة إلى الحسن بن الحسن، وكنت فيمن يختلف إليه وجعلت الشيعة تسأله عن مسألة ولا يجيب فيها، وبقيت لا أدري مَن الإمام متحيّراً، وإنّي سألته ذات يوم فقلت له: جعلت فداك، عندك سلاح رسول الله (ص) فغضب، ثمّ قال:

يا معشر الشيعة، تعنّونا(١) ؟! فخرجت من عنده حزيناً كئيباً لا أدري أين أتوجه، فمررت بباب عليّ بن الحسين زين العابدين عليه الصلاة والسلام قائمٌ الظهيرة، فإذا أنا به في دهليزه قد فتح بابه، فنظر إليّ فقال: « يا كنكر » فقلت: جعلت فداك، والله إنّ هذا الاسم ما عرفه أحد إلاّ الله عزّ وجل، وأنا، وأمّي كانت تلقبني به وتناديني وأنا صغير.

قال: فقال لي: « كنت عند الحسن بن الحسن؟ » قلت: نعم. قال: « إن شئت حدّثتك، وإن شئت تحدّثني؟ ». فقلت: بأبي أنت وأمّي فحدّثني، قال: « سألته عن سلاح رسول الله (ص)، فقال: يا معشر الشيعة، تعنّونا؟ » فقلت: جعلت فداك، كذا والله كانت القضيّة، فقال للجارية: « ابعثي إليَّ بالسفط » فأخرجت إليه سفطاً مختوما، ففضّ خاتمه وفتحه، ثمّ قال: « هذه درع رسول الله (ص) » ثمّ أخذها ولبسها، فإذا هي إلى نصف ساقه.

__________________

٥ - رجال الكشي: ١٢٠، مناقب ابن شهرآشوب ٤: ١٣٥، الهداية الكبرى: ٢٢٥، مدينة المعاجز: ٣١٢ / ٦٤، قطعة منه.

(١) في بعض النسخ: تعيبونا، وفي هامش ر: تعنتونا.

٣٦٣

قال: فقال لها: « اسبغي »(١) فإذا هي تنجرّ في الأرض. ثمّ قال: « تقلّصي » فرجعت إلى حالها. ثمّ قال صلوات الله عليه: « إنّ رسول الله (ص) إذا لبسها قال لها هكذا، وفعلت هكذا مثله ».

__________________

(١) يقال للدرع التي تجرّها في الأرض أو على كعبيك طولاً وسعة: الدرع السابغة. « لسان العرب - سبغ - ٨: ٤٣٣ ».

٣٦٤

٨ - فصل:

في بيان ظهور آياته في معان شتّى

وفيه: حديث واحد

٣٠٣ / ١ - عن الباقرعليه‌السلام ، قال: « كان عبد الملك بن مروان يطوف بالبيت، وعليّ بن الحسينعليهم‌السلام يطوف بين يديه ولا يلتفت إلينا؟ ولم يكن عبد الملك يبصر(١) وجهه، فقال: من هذا الذي يطوف بين يدينا ولا يلتفت إلينا؟ فقيل له: هذا عليّ بن الحسين. فجلس مكانه، فقال: ردوه إليّ. فردوه فقال له: يا عليّ بن الحسين إنّي لست قاتل أبيك، فما يمنعك من المصير إليّ؟

فقال عليّ بن الحسين صلوات الله عليهما: إنّ قاتل أبي أفسد على نفسه بما فعله دنياه عليه، وأفسد أبي عليه بذلك آخرته، فإن أحببت أن تكون كهو فكن.

فقال: كلا، ولكن تصير إلينا لتنال من دنيانا.

فجلس زين العابدين صلوات الله عليه وبسط رداءه، فقال:

__________________

١ - الاختصاص: ١٩١، أمالي المرتضى ١: ٦٩، الخرائج والجرائح ١: ٢٥٥، مناقب ابن شهرآشوب ٤: ١٦٩، كشف الغمة ٢: ٢٩١، الصراط المستقيم ٢: ١٨٠، وفي الكل نحوه وبألفاظ عدا الخرائج، مدينة المعاجز: ٣١٣ / ٧٣، عن كتابنا هذا.

(١) في م: ينظر.

٣٦٥

اللّهمّ أره حرمة أوليائك عندك. فإذا رداؤه مملوء درّاً يكاد شعاعها يخطف بالأبصار، فقال: من يكون هذه حرمته عند ربّه كيف يحتاج إلى دنياك؟! ثمّ قال: اللّهمّ خذها فلا حاجة لي فيها ».

٣٦٦

الباب الثامن

في ذكر آيات أبي جعفر محمّد بن عليّ

صلوات الله عليهما

وفيه سبعة فصول

٣٦٧

٣٦٨

١ - فصل:

في بيان ظهور آياته من إحياء الموتى

وفيه: ثلاثة أحاديث

٣٠٤ / ١ - عن المفضّل بن عمر، قال: بينا أبو جعفر صلوات الله عليه سائر بين مكّة والمدينة إذ انتهى إلى جماعة على الطريق، فإذا رجل منهم قد نفق(١) حماره، وتبدّد متاعه، وهو يبكي، فلمّا رأى أبا جعفر صلوات الله عليه أقبل إليه وقال له: يا ابن رسول الله، نفق(٢) حماري، فدعا أبو جعفرعليه‌السلام فأحيا الله تعالى له حماره.

٣٠٥ / ٢ - وقد سمعت شيخي أبا جعفر محمّد بن الحسن الشوهانيّرضي‌الله‌عنه بمشهد الرضا عليه الصلاة والسلام في داره، وهو يقرأ من كتابه، وقد ذهب عني(٣) اسم الراوي، أنّ فتى من أهل الشام كان يكثر الجلوس عند أبي جعفر صلوات الله عليه فقال ذات يوم: والله، ما أجلس إليك حبّاً لك، وإنّما أجلس إليك لفصاحتك وفضلك. فتبسم صلوات الله عليه ولم يقل شيئاً، ثمّ فقده بعد ذلك

__________________

١ - مناقب ابن شهرآشوب ٤: ١٨٤، مدينة المعاجز: ٣٤٣ / ٧٣، عن كتابنا هذا.

(١) في ر، ك، ع، م: مات.

(٢) في ر، ك، ع، م: مات.

٢ - أمالي الطوسي ٢: ٢٤، مناقب ابن شهرآشوب ٤: ١٨٦، مدينة المعاجز: ٣٤٤ / ٧٤.

(٣) في م: عنه.

٣٦٩

أيّاماً، فسأل عنه فقيل له: مريض فدخل عليه إنسان وقال له: يا ابن رسول الله، إنّ الفتى الذي كان يكثر الجلوس إليك قد قضى، وقد أوصى إليك أن تصلّي عليه. فقال صلوات الله عليه: « إذا غسّلتموه فدعوه على السرير ولا تكفنوه حتّى آتيكم » ثمّ قام فتطهّر، وصلّى ركعتين، ودعا، وسجد بعده فأطال السجود، ثمّ قام فلبس نعله، وتردّى برداء رسول الله (ص)، ومضى إليه.

فلمّا وصل ودخل البيت الذي يغسّل فيه وهو على سريره، وقد فرغ من غسله ناداه باسمه فقال: يا فلان. فأجابه ولبّاه، ورفع رأسه وجلس، فدعا صلوات الله عليه بشربة سويق فسقاه، ثمّ سأله: « ما حالك؟ » فقال: إنه قد قبض روحي بلا شك مني، وإنّي لمّا قبضت سمعت صوتاً ما سمعت قط أطيب منه: ردّوا إليه روحه، فإنّ محمّد بن عليّ قد سألناه.

٣٠٦ / ٣ - عن محمّد بن مسلم، عن أبي عيينة، قال: إنّ رجلاً جاء إلى أبي جعفر صلوات الله عليه وقال: أنا رجل من أهل الشام لم أزل - والله - أتولاكم أهل البيت، وأبرأ من عدوكم، وإنّ أبي - لارحمه‌الله - كان يتولّى بني أميّة ويفضّلهم عليكم، وكنت أبغضه على ذلك، ويبغضني على حبّكم، ويحرمني ماله، ويجفوني في حياته وبعد مماته، وقد كان له مال كثير، ولم يكن له ولد غيري، وكان مسكنه بالرملة(١) ، وكان له بيت(٢) يخلو فيه بنفسه، فلمّا مات طلبت ماله في كلّ موضع

__________________

٣ - الخرائج والجرائح ١: ٥٩٧ / ٩، مناقب ابن شهرآشوب ٤: ٩٣، روضة الواعظين: ٢٠٥، الصراط المستقيم ٢: ١٨٤ / ١٩، مدينة المعاجز: ٣٤٤ / ٧٥، عن كتابنا هذا.

(١) الرملة: مدينة في فلسطين شمال شرقي القدس « معجم البلدان ٣: ٦٩ ».

(٢) في ر، ص، ع، ك، م: كنيسة.

٣٧٠

فلم أظفر به، ولست أشكّ أنّه دفنه في موضع وأخفاه عنّي لارضي‌الله‌عنه .

فقال أبو جعفر صلوات الله عليه: « أفتحب أن تراه وتسأله أين موضع ماله؟ » فقال له: أجل فإنّي فقير محتاج. فكتب له أبو جعفر صلوات الله عليه كتاباً بيده الكريمة في رق أبيض، ثمّ ختمه بخاتمه، وقال: « اذهب بهذا الكتاب الليلة إلى البقيع حتّى تتوسطه، ثمّ تنادي: يا ذرجان(١) فإنّه سيأتيك رجل معتم، فادفع إليه الكتاب وقل له: أنا رسول محمّد بن عليّ بن الحسين بن زين العابدين - صلوات الله عليه - واسأله عمّا بدا لك ».

قال: فأخذ الرجل الكتاب وانطلق، فلمّا كان من الغد أتيت أبا جعفر صلوات الله عليه متعمداً لأنظر ما كان حال الرجل، فإذا هو على باب أبي جعفر ينتظر حتّى أذن له، فدخلنا عليه.

فقال له الرجل: الله أعلم حيث يجعل رسالته، وعند من يضع علمه، قد انطلقت بكتابك الليلة حتّى توسطت البقيع، فناديت يا ذرجان(٢) فأتاني رجل معتم، فقال: أنا ذرجان(٣) ، فما حاجتك؟ فقلت: أنا رسول محمّد بن عليّ بن الحسين صلوات الله عليهم إليك، وهذا كتابه. فقال: مرحبا برسول حجّة الله على خلقه. وأخذ الكتاب وقرأه، وقال: أتحب أن ترى أباك؟ قلت: نعم. قال: فلا تبرح من موضعك حتّى آتيك به، فإنّه بضجتان(٤) .

فانطلق فلم يلبث إلاّ قليلاً حتّى أتاني برجل أسود، في عنقه حبل أسود فقال لي: هذا أبوك، ولكن غيّره اللهب، ودخل الجحيم، وجرع الحميم، والعذاب الأليم. فقلت: أنت أبي؟! قال: نعم.

قلت: ما غيّرك عن صورتك؟!.

__________________

(١) في م: درحان.

(٢) في م: درحان.

(٣) في م: درحان.

(٤) ضجنان: جبل بناحية تهامة. « معجم البلدان ٣: ٤٥٣ ».

٣٧١

قال: إنّي كنت أتولى بني أميّة وأفضّلهم على أهل بيت رسول الله (ص)، فعذّبني الله على ذلك، وإنّك تتولى أهل بيت النبيّ، وكنت أبغضك على ذلك، وحرمتك مالي، وزويته عنك، وأنا اليوم على ذلك من النادمين، فانطلق إلى بيتي(١) واحتفر تحت الزيتونة وخذ المال، وهو مائة ألف وخمسون ألفاً، فادفع إلى محمّد بن عليّ صلوات الله عليه خمسين الفا، ولك الباقي.

قال: فإنّي منطلق حتّى آتي بالمال.

قال أبو عيينة: فلمّا حال الحول قلت لأبي جعفر صلوات الله عليه: ما فعل الرجل؟ قال: « قد جاءنا بالخمسين ألفاً، فقضيت منها ديناً كان عليَّ وابتعت منها أرضاً، ووصلت منها أهل الحاجة من أهل بيتي، أما إنَّ ذلك سينفع الميت النادم على ما فرّط من حبّنا، وضيع من حقنا بما أدخل عليّ من الرفق والسرور ».

__________________

(١) في ر، ك، م: كنيستي.

٣٧٢

٢ - فصل:

في بيان ظهور آياته من إبراء الأعمى

وفيه: حديث واحد

٣٠٧ / ١ - عن المثنى بن الوليد، عن أبي بصير، قال: دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام فقلت له: أنتم ذريّة رسول الله (ص)؟ قال: « نعم » قلت: أنتم تقدرون على أن تحيوا الموتى وتبرئوا الأكمه والأبرص؟ قال: « نعم؛ بإذن الله تعالى »

ثمّ قال: « أدن منّي » فدنوت منه، فمسح على وجهي، وعلى عيني، فأبصرت الشمس والسماء والأرض والبيوت، وكلّ شيء كان في الدار، ثمّ قال: « أتحب أن تكون هكذا ولك ما للناس وعليك ما على الناس يوم القيامة؟ أو تعود كما كنت ولك الجنّة خالصة؟ » قلت: أعود كما كنت، قال: فمسح على عيني، فعدت كما كنت.

قال عليّ بن الحكم: فحدّثت بذلك محمّد بن أبي عمير فقال: أشهد أن هذا حق كما أن النهار حق؛ والمنّة لله.

__________________

١ - الكافي ١: ٣٩١ / ٣، دلائل الإمامة: ١٠٠، كشف الغمة: ٧٥، عيون المعجزات: ٧٥.

٣٧٣

٣ - فصل:

في ظهور آياته صلوات الله عليه

في خروج الثمر من الشجرة اليابسة

وفيه: حديث واحد

٣٠٨ / ١ - عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله، قال: « نزل أبو جعفرعليه‌السلام بواد فضرب خباءه فيه، ثمّ خرج يمشي حتّى انتهى إلى نخلة يابسة، فحمد الله تعالى، ثمّ تكلم بكلام لم نسمع بمثله، ثمّ قال: أيّتها النخلة، أطعمينا ممّا جعل الله فيك. فتساقط منها رطب أحمر وأصفر، فأكل ومعه أبو أيوب الأنصاريّ(١) ، فقال(٢) : هذه الآية فينا كالآية في مريم إذ هزّت إليها النخلة، فتساقط عليها رطباً جنياً ».

__________________

١ - بصائر الدرجات: ٢٧٣ / ٢، دلائل الإمامة: ٩٧، الخرائج والجرائح ٢: ٥٩٣ / ٢، مناقب ابن شهرآشوب ٤: ١٨٨، الصراط المستقيم ٢: ١٨٣، مدينة المعاجز: ٣٢٣ عن كتابنا هذا.

(١) في ر، م، ك: أبو أميّة الأنصاريّ.

(٢) زاد في ر: يا أبا أميّة.

٣٧٤

٤ - فصل:

في بيان ظهور آياته في العنب واللباس

وفيه: حديث واحد

٣٠٩ / ١ - عن الليث بن سعد، قال: كنت على جبل أبي قبيس أدعو فرأيت رجلاً يدعو الله عزّ وجلّ وقال في دعائه: « اللّهمّ إنّي أريد العنب فارزقنيه » فرأيت(١) غمامة أظلته، ودنت من رأسه، فرفع يده إليها، فأخذ منها سلّة من عنب، ووضعها بين يديه.

ثمّ رفع يده ثانية فقال: « اللّهمّ إنّي عريان فاكسني » فدنت الغمامة منه ثانية فرفع يده، ثانية فأخذ منها شيئا ملفوفا في ثوب، ثمّ جلس يأكل العنب، وما ذلك في زمان العنب.

فقربت منه، فمددت يدي إلى السلّة وتناولت حبّات، فنظر إليّ وقال: « ما تصنع؟ » فقلت: أنا شريكك في العنب. قال: « ومن أين؟ » قلت: لأنّك كنت تدعو وأنا أؤمِّن على دعائك، والداعي والمؤمّن شريكان. فقال: « اجلس وكل » فجلست وأكلت معه، فلمّا اكتفينا ارتفعت السلّة.

فقام وقال لي: « خذ أحد الثوبين » فقلت: أمّا الثوب فلا أحتاج

__________________

١ - مناقب ابن شهرآشوب ٤: ٢٣٢، كشف الغمة ٢: ١٦٠، باختلاف فيه، مدينة المعاجز: ٣٤٨ / ٨٩، عن كتابنا هذا.

(١) في ش، ص: فنزلت.

٣٧٥

إليه. فقال: « انحرف عنّي حتّى ألبسه » فانحرفت عنه، فاتزر بأحدهما وارتدى بالآخر عليه، وطواه ورفعه بكفه، ونزل عن أبي قبيس، فلمّا وصل قريباً من الصفا استقبله إنسان فأعطاه، فسألت عنه وقلت لبعض من كان: من هذا؟ قال: هذا ابن رسول الله (ص): أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام .

٣٧٦

٥ - فصل:

في بيان ظهور آياته فيما رأى من ملكوت السماء

وفيه: حديث واحد

٣١٠ / ١ - عن جابر بن يزيد الجعفيّ، قال: سألت أبا جعفر محمّد بن عليّعليهما‌السلام عن قوله تعالى:( وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ) (١) وكان مطرقاً إلى الأرض، فرفع رأسه إلى فوق، فإذا نور ساطع حال بصري دونه، ثمّ قال: « رأى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض هكذا » ثمّ قال لي: « اطرق » فأطرقت، ثمّ قال لي: « ارفع رأسك » فرفعت، فإذا السقف على حاله.

__________________

١ - الاختصاص: ٣٢٢، رواه مفصلاً، مناقب ابن شهرآشوب ٤: ١٩٤، قطعة منه، مدينة المعاجز: ٣٣٨ / ٥٦.

(١) سورة الأنعام الآية: ٧٥.

٣٧٧

٦ - فصل:

في بيان ظهور آياته في الإخبار عن الغائبات

وفيه: ثمانية أحاديث

٣١١ / ١ - عن عيسى بن عبد الرحمن، عن أبيه، قال: دخل ابن عكاشة بن مُحصن(١) الأسديّ على أبي جعفرعليه‌السلام - وكان أبو عبد اللهعليه‌السلام قائماً عنده - فقال لأبي جعفر: لأي شيء لا تزوج أبا عبد الله فقد أدرك التزويج؟ وكان(٢) بين يديه صرّة مختومة فقال: « أما إنّه سيجيء نخاس من أهل بربر، وينزل دار ميمون، فنشتري له بهذه الصرّة منه جارية ».

قال: فأتى على ذلك ما أتى، فدخلنا يوما عليه، فقال: « ألاّ أخبركم عن النخّاس الذي ذكرته لكم؟ قد قدم، فاذهبوا واشتروا بهذه الصرّة منه جارية ».

قال: فأتينا النخّاس فدفعت ما كان معي فقلت: أبغي بها

__________________

١ - الكافي ١: ٣٩٧، اثبات الوصية: ١٦٠، نحوه، الخرائج والجرائح ١: ٢٨٦ / ٢٠، مناقب ابن شهرآشوب ١: ٢٦٦، كشف الغمة ٢: ١٤٥.

(١) في ر، م: على ابن حصين، وفي ك: بن علي بن حصين، ولم أعثر على ترجمة له في كتب الرجال المتوفرة لدينا.

(٢) في ر: قال: وكان.

٣٧٨

جارية. فقال: ما معي إلاّ جاريتين مريضتين، إحداهما أمثل من الأخرى.

قلنا: فأخرجهما حتّى ننظر إليهما. فأخرجهما، فقلنا: بكم تبيعنا هذه المتماثلة؟ قال: بسبعين ديناراً قلنا: أحسن قال: لا، شريتها بأنقص من سبعين دينارا. فقلنا: نشتريها بهذه الصرّة ما بلغت، ولا ندري ما فيها. وكان عنده رجل أبيض الرأس واللحية فقال: فكّوا وزنوا. فقال النخاس: لا تفكّوا، فإنّها إن نقصت حبّة من سبعين ديناراً لم أبايعكم.

قال الشيخ: أدنوا، فدنونا، وفككنا الختم، ووزنا الدنانير، فإذا هي سبعون ديناراً لا تزيد ولا تنقص.

فأخذنا الجارية وأدخلناها على أبي جعفر، وجعفر عنده قائم، فأخبرناه بما كان، فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثمّ قال لها: « ما اسمك؟ قالت: حميدة فقال: « حميدة في الدنيا، محمودة في الآخرة، فأخبرني عنك أبكرٌ أنت أم ثيب؟ » قالت: بكر.

فقال: « وكيف؟! ولا يقع في أيدي النخّاسين شيء إلاّ أفسدوه ». قالت: كان يجيء ويقعد منّي مقعد الرجل من المرأة فيسلط الله عليه رجلاً أبيض الرأس واللحية، فلا يزال يلطمه حتّى يقوم عنّي، ففعل بي مراراً، وفعل الشيخ به مراراً.

فقال أبو جعفر: « خذها إليك » فولدت خير أهل الأرض موسى بن جعفرعليه‌السلام .

٣١٢ / ٢ - عن داود بن كثير الرقيّ، قال: كنت يوماً عند أبي جعفرعليه‌السلام ، وكان عبد الله بن عليّ بن عبد الله بن الحسن يدّعي أنّه إمام، إذ أتى وفد من خراسان اثنان وسبعون رجلاً معهم المال

__________________

٢ - عنه في مدينة المعاجز: ٣٤٨ / ٩٠.

٣٧٩

والتحف، فقال بعضهم: من [ أين ] لنا أن نفهم منهم الأمر فيمن هو، فأتاهم رسول من عند عبد الله بن عليّ بن عبد الله بن الحسن فقال: أجيبوا صاحبكم. فمضوا إليه وقالوا له: ما دلالة الإمام؟ قال: درع رسول الله (ص) وخاتمه وعصاه وعمامته. قال: يا غلام عليَّ بالصندوق. فأتي بصندوق ما بين غلامين فوضع بين يديه ففتحه واستخرج درعاً فلبسها، وعمامة فتعمّم بها وعصا فتوكأ عليها ثمّ خطب، فنظر بعضهم إلى بعض، وقالوا: نوافيك غدا إن شاء الله تعالى.

قال داود: فقال لي أبو جعفرعليه‌السلام : « امض إلى باب عبد الله، فقم على طرف الدكان فسيخرج إليك اثنان وسبعون رجلاً من وفد خراسان، فصح بكلّ واحد منهم باسمه واسم أبيه وأمّه ».

قال داود: فوقفت على طرف الدّكان فسمّيت كلّ واحد منهم باسمه واسم أبيه وأمّه، فتعجبوا فقلت: أجيبوا صاحبكم. فأتوا معي فأدخلتهم على أبي جعفرعليه‌السلام فقال لهم: « يا وجوه خراسان، أين يُذهب بكم؟ أوصياء محمّد (ص)، أكرم على الله من أن يعرف عن أيتهم أين هي.

ثمّ التفت إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام وقال: « يا ولدي ائتني بخاتمي الأعظم » فأتاه بخاتم فصَّه عقيق، فوضعه أمامه فحرّك شفتيه، وأخذ الخاتم فنفضه، فسقط منه درع رسول الله (ص) والعمامة والعصا، فلبس الدرع، وتعمّم بالعمامة، وأخذ العصا بيده، ثمّ انتفض فيها نفضة فتقلّص الدرع، ثمّ انتفض ثانية فجرّها ذراعاً أو أكثر، ثمّ نزع العمامة ووضعها بين يديه، والدرع والعصا، ثمّ حرّك شفتيه بكلمات، فغاب الدرع في الخاتم.

ثمّ التفت إلى أهل خراسان وقال: « إن كان ابن عمّنا عنده درع رسول الله (ص) والعمامة والعصا في صندوق ويكون عندنا في صندوق

٣٨٠