كامل الزيارات

كامل الزيارات16%

كامل الزيارات مؤلف:
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مكتبة الصدوق
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
الصفحات: 357

كامل الزيارات المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 357 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 149642 / تحميل: 9447
الحجم الحجم الحجم
كامل الزيارات

كامل الزيارات

مؤلف:
الناشر: مكتبة الصدوق
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

الإنسان أوَّله نُطفة وآخره جِيفة

ونموذج آخر نجده في قِصَّة المهلب بن أبي صفرة، والي عبد الملك على خُراسان، فقد كان في بعض الأيَّام مُرتدياً ثوباً مِن الخَزِّ، ويسير بكِبرياء في الطريق ويتبختر، فقابله رجل مِن عامَّة الناس، وقال له: يا عبد الله، إنَّ هذه المشية مَبغوضة مِن قِبَل الله ورسوله.

فقال له المهلب: أما تَعرِفني؟

قال: بلى أعرفك... أولك نُطفة مَذرة، وآخرك جيفة قذرة، وأنت بين ذلك تَحمل العَذرة.

فمضى المهلب، وترك مشيته تلك دون أنْ يتعرَّض للرجل بسوء (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٨١

يجمع كلَّ الناس خير الآباء آدم وأفضل الأديان الإسلام

روي عن موسى بن جعفر (عليه السلام)، أنَّه مَرَّ برجل مِن أهل السَّواد، دميم المنظر، فسلَّم عليه، ونزل عنده، وحادثه طويلاً، ثمَّ عرض عليه القيام بحاجته إنْ عُرِضت له، فقيل له: يا ابن رسول الله، أتنزل إلى هذا، ثمَّ تسأله عن حوائجه، وهو إليك أحوج؟!

فقال (عليه السلام): (عبد مِن عبيد الله، وأخٌ في كتاب الله، وجارٌ في بلاد الله، يجمعنا وإيَّاه خير الآباء آدم، وأفضل الأديان الإسلام) (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٨٢

الرَّبُّ واحد والجزاء بالأعمال

عن رجل مِن أهل بَلخ قال: كنت مع الرضا (عليه السلام) في سفره إلى خراسان، فدعا يوماً بمائدة له، فجمع عليها مواليه مِن السودان وغيرهم.

فقلت: جُعلت فداك، لو عزلت لهؤلاء مائدة!!

فقال: (مَه، إنَّ الرَّبَّ تبارك وتعالى واحد، والأُمُّ واحدة، والأب واحد، والجزاء بالأعمال) (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٨٣

قولوا السَّداد مِن القول ولا تغلوا

عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج على نفرٍ مِن أصحابه، فقالوا:

مرحباً بسيدنا ومولانا.

فغضب رسول الله غَضباً شديداً، ثمَّ قال:

لا تقولوا: هكذا، ولكنْ قولوا: مرحباً بنبيِّنا ورسول رَبِّنا، قولوا السَّداد مِن القول، ولا تغلوا في القول فتمرقوا) (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٨٤

أخاف أنْ يَدخلني ما دخلك

لقد كان أكثر أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فُقراء في صدر الإسلام، لكنَّ القرآن الكريم تعهَّد بتربيتهم على عِزَّة النفس، وقوَّة الشخصيَّة؛ بحيث لم يكونوا يخسرون أنفسهم مُقابل الزَّخارف المادِّيَّة، بالرَّغم مِمَّا كانوا عليه مِن الفَقر.

وكشاهد صريح على ما أقول، نذكر القصة التالية: روي أنَّ رجلاً موسِراً، دخل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثمَّ دخل رجل فقير، وجلس إلى جنبه، فجمع الموسِر ملابسه...

كان النبي مُنتبهاً إلى ذلك، فسأل الموسِر: (أخشيت مِن اتِّصال فقره بك؟!).

ـ كَلاَ.

ـ (أخشيت مِن انتقال شيءٍ مِن ثروتك إليه؟!).

ـ كَلاَ.

ـ (أخشيت مِن تلوِّث ملابسك؟!).

ـ كَلاَ.

ـ (فلِمَ جمعت ملابسك؟).

ـ الثروة التي تُلازمني في كلِّ حين، منعتني مِن رؤية الحَقِّ، وحبَّبت إليَّ عيوبي؛ ولأتدارك هذا فقد وهبت له نِصف ما أملِك.

فقال رسول الله للفقير: (أتقبل؟).

قال: لاَ.

فقال له الرجل: ولِمَ؟!!

قال: أخاف أنْ يدخلني ما دخلك!! (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٨٥

الطِّيرَة ليست بحَقٍّ

ولِدت طفلة في اليوم الثالث عشر مِن الشهر، وعندما شَبَّت وترعرعت، وعلمت بأنَّ ولادتها تُصادف اليوم الثالث عشر؛ بدأ الاضطراب يَدبُّ في نفسها.

كانت تتصوَّر أنَّ نحوسة يوم ولادتها (اليوم الثالث عشر) تؤدِّي إلى تعاستها، وقد اضطرَّ الوالدان؛ لتهدئة الفتاة إلى أخذها إلى عيادة طبيب نفساني، وبَذَلَ الطبيب كلَّ جهوده؛ لاقتلاع جذور القَلق مِن نفس الفتاة، ولكنَّ جهوده باءت بالفَشل في جميع مُحاولاته.

تزوَّجت هذه الفتاة بعد إنهاء دراستها الجامعيَّة، وولدت طفلاً، ولكنَّها بقيت تحترق بنار القَلق والاضطراب.

وصادف يوماً أنْ كانت في سيَّارتها، بصُحبة زوجها وطفلها، حين شاهدها الطبيب النفساني، فاستوقفهم واقترب مِن الشابَّة، وقال لها: أرأيت كيف صَدقت أقوالي فيك، وأنَّ اضطرابك كان لا مُبرِّر له؟

انظري كيف أنَّك سعيدة بجوار زوجك وطفلك.

أجهشت الشابَّة بالبكاء، وقالت: سيِّدي الطبيب، إنِّي مُتيقِّنة مِن أنَّ نَحْس العدد (13) ستؤدِّي إلى تعاستي ودماري!!

يعتقد علماء النفس، أنَّ التشاؤم وليد جهل الإنسان، وليس خطراً حقيقيَّاً، أو آفة واقعيَّة، إنَّهم يقولون: إنَّه عِبارة عن إيحاء مؤلِم، يؤدِّي إلى إضعاف الروح، ويُسيطر على قلب المُعتقد به وفكره.

كذلك الأئمَّة عليهم السلام، فإنَّهم اعتبروا التشاؤم حقيقة نفسيَّة، قد تؤدِّي إلى أمراض ومشاكل كثيرة.

قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (الطِّيرَة ليست بحَقٍّ) (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٨٦

يا رَبِّ أنت حولي ومِنك قوَّتي

أبو طيَّار تاجر مِن تُجَّار الكوفة، وتدهور وضعه المالي مَرَّة، فذهب إلى المدينة، وتشرَّف بلقاء الإمام الصادق (عليه السلام)، وذكر حالته له، وطلب مِن الإمام عِلاجاً لذلك.

أوَّل سؤال بَدأ به الإمام (عليه السلام)، هو أنَّه: (هل عندك حانوت في السوق؟).

قال: نعم، ولكنِّي هجرته مُنذ مُدَّة؛ لأنَّي لا أملك ما أبيع فيه.

فقال (عليه السلام): (إذا رجعت إلى الكوفة، فاقعُد في حانوتك واكنسه).

لا يوجد طريق لتدارك التدهور الاقتصادي، الذي أصاب تاجراً، بغير استعادة العمل والنشاط، وهذا لا يحصل مع اليأس والتردُّد، بلْ لا بُدَّ مِن العَزْم والاستقرار؛ ولذلك فإنَّ الإمام (عليه السلام) قال له: (إذا أردت أنْ تخرج إلى سوقك، فصَلِّ رَكعتين، ثمَّ قُلْ في دُبُر صلاتك:

توجَّهت بلا حول مِنِّي ولا قوَّة، ولكنْ بحولك يا رَبِّ وقوَّتك، فأنت حولي ومِنك قوَّتي).

عَمِل أبو طيَّار بوصيَّة الإمام (عليه السلام)، ففتح حانوته، ولم تمض ساعة حتَّى جاء إليه بزَّاز، وطلب منه أنْ يؤجِره نِصف حانوته، فوافق على ذلك شَريطة أنْ يدفع أُجرة الحانوت كلِّه، فجاء البزَّاز وبسط أمتعته في نِصف الحانوت، وهذا جعل الحانوت يبدو بشكل جديد.

كان البزَّاز يملك عِدَّة عِدول مِن القماش لم تفتح بعد، فطلب أبو طيَّار منه أنْ يسمح له ببيع عِدل منها، على أنْ يأخذ الأُجرة لنفسه، ويُعيد لجاره قيمة العِدل، فوافق على ذلك، وسلَّمه عِدلاً، فأخذ أبو طيَّار العدل وعرضه في النِّصف الآخر مِن الحانوت، وصادف أنَّ الجوَّ أصبح بارداً جِدَّاً في ذلك اليوم، بحيث أقبل الناس على

٨٧

السوق يشترون الأقمشة؛ لوقاية أجسامهم مِن البرد، وما أنْ غرُبت الشمس، حتَّى كانت الأقمشة كلُّها قد بيعت.

وفي هذا يقول أبو طيَّار: فما زلت آخذ عِدلاً وأبيعه وآخذ فضله، وأردُّ عليه رأس المال، حتَّى ركبت الدوابَّ واشتريت الرَّقيق وبنيت الدور (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٨٨

في أحد الأيَّام، وبينما كان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يُصلِّي بالناس صلاة الصبح في المسجد، وعندما فَرغ مِن الصلاة، التفت إلى شابٍّ كان يُصلِّي خلفه، وقد اصفرَّ وجهه، وبدا عليه التعب مِن كثرة السَّهر، وبدا عليه أنَّه لم يَنمْ طوال الليل، فقال له الرسول صلى الله عليه وآله وسلم:

(كيف أصبحت يا حارث؟).

فأجابه الشابُّ: لقد أصبحت وأنا على يقين.

فتعجَّب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مِن كلام الشابِّ وقال له: (إنَّ كلَّ يقين يقترن بحقيقة، فما هي حقيقة يقينك؟).

قال الشابُّ: يا رسول الله، إنَّ يقيني هو ما دعاني أنْ أسهر الليل، وأنْ أتغاضى عن مُغريات الدنيا. كأنِّي أنظر إلى عرش رَبِّي قد نصب للحساب، وحَشر الخلائق لذلك، وأنا فيهم، وكأنِّي أنظر إلى أهل الجَنَّة يتنعَّمون فيها ويتعارفون على الأرائك مُتَّكئين، وكأنِّي أنظر إلى أهل النار، فيها مُعذِّبون ويصطرخون، وكأنِّي أسمع الآن زفير النار يدور في مسامعي.

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (هذا عبد نوَّر الله قلبه بالإيمان)، ثمَّ قال له: (إلزم ما أنت عليه).

فقال الشابُّ: ادعُ الله لي يا رسول الله، أن أُرزق الشهادة معك.

فدعا له بذلك، فلم يلبث أنْ خرج في بعض غزوات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فاستُشهد بعد تسعة نفرٍ وكان هو العاشر (1) .

____________________

(1) المعاد، ج1.

٨٩

جاءت مجموعة مِن قريش بينهم العتبة بن ربيعة، وأُبي بن خلف، والوليد بن المغيرة، والعاص بن سعيد جاؤوا إلى النبي، وتحدَّثوا أمامه عن المعاد بطريقة تنمُّ عن إنكارهم له، ثمَّ تقدَّم أُبي بن خلف نحو النبي، وهو يحمل بيده قطعة عَظم فهشَّمها بين أنامله بقوَّة، ثمَّ نفخ فيها فتناثرت ذرَّاتها في الهواء وقال:

أتزعم أنَّ رَبَّك يُحيي هذا بعد ما ترى؟!

لقد تصوَّر أُبيّ بن خلف، أنَّ تهشيمه قطعة العَظم، ونثر ذرَّاتها في الهواء، قد أقام الدليل القاطع على عدم وجود المَعاد واستحالته؛ ولهذا نراه يقول للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): بعد الذي شاهدته، هل لازلت مُصرَّاً على رأيك، بأنَّ الناس يُبعثون يوم القيامة؟

وهنا جاء الرَّدُّ الإلهي مِن خِلال القرآن الكريم: ( وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ) (يس) (1) .

____________________

(1) المعاد، ج1.

٩٠

لقِّنوا موتاكم شهادة أنْ لا إله إلاَّ الله والولاية

عن أبي بصير، عن أبي جعفر الباقر (عليهما السلام) قال: كنَّا عنده، وعنده حَمران، إذ دخل عليه مولى له، فقال: جُعلت فِداك هذا عَكرمة في الموت.

وكان يرى رأي الخوارج، وكان مُنقطعاً إلى أبي جعفر.

ـ (أنظروني حتَّى أرجع إليكم).

فقلنا: نعم. فما لبث أنْ رجع.

فقال: (أما إنِّي لو أدركت عَكرمة، قبل أنْ تقع النفس موقعها لعلَّمته كلمات ينتفع بها، ولكنِّي أدركته، وقد وقعت النفس موقعه).

قلت: جُعلِت فِداك، وما ذاك الكلام؟

قال: (هو - والله - ما أنتم عليه، فلقِّنوا موتاكم شهادة أنْ لا إله إلاّ الله والولاية).

فالإمام الباقر (عليه السلام) يقول: لو أنِّي وصلت إلى عَكرمة، قبل أنْ تصل روحه إلى مكانها وموقعها الروحاني، في عالم ما بعد الموت، لعلَّمته كلمات يستفيد منها، وهنا سأله أبو بصير:

وما هو الكلام الذي أردت أنْ تُعلِّمه له؟

فقال الباقر (عليه السلام): والله، أردت أنْ أُعلِّمه الذي تؤمنون به أنتم، أيْ: إنَّ الإمام أراد أنْ يُعرِّف السائل، ويُلفت انتباهه إلى المقام الشامخ لولاية علي (عليه السلام)، ويُطلعه على الخطأ الذي ارتكبه الخوارج بحَقِّ عليٍّ (عليه السلام)، لعلَّه يرجع عن تأييده لموقف الخوارج، ويُنزِّه ويُطهِّر ضميره مِن سوء الظَّنِّ بالإمام عليٍّ (عليه السلام)، ويُغادر هذه الدنيا بقلب سليم ونقي ٍّ (1) .

____________________

(1) المعاد، ج1.

٩١

مَن يتَّقِ الله يجعل له مَخرجاً

ذكر أحد القُضاة في مدينة همدان: أنَّه تعرَّف إلى شخصٍ مرموقٍ في هذه المدينة، واقترض هذا مبلغاً مِن المال مِن أحد الأشخاص، وأعطاه إيصالاً بخطِّ يده، تعهَّد فيه بتسديد مبلغ القرض في التاريخ الفُلاني، وفي التاريخ المُحدَّد أحضر المَدين المبلغ الذي اقترضه، وجاء إلى الدائن؛ ليُسلِّمه المبلغ، ويسترجع منه الإيصال، ولكنَّ الدائن قال له: إنِّي لا أدري أين وضعت إيصالك، وإذا توافق فإنِّي أُعطيك إيصالاً آخر، بدل إيصالك القديم. ووافق المَدين واستلم الإيصال مِن الدائن.

يقول القاضي: إنِّي كنت على علم بهذه القضيَّة، وبعد فترة توفِّي صديقي، وبعدها عثر الشخص الذي أُعطي القرض (الدائن) على الإيصال، الذي سبق أنْ أعطاه له المَدين (المُتوفَّى) فأخذ الإيصال، وذهب إلى زوجة المُتوفَّى، وطالبها بالمبلغ المذكور في الإيصال، وبما أنَّ الزوجة كانت على علم بالأمر، قالت للدائن: إنَّ زوجي عندما كان على قيد الحياة، دفع لك ما بذمَّته واستلم منك إيصالاً بذلك. فقال لها الدائن: إذنْ، أعطيني إيصالي. ولكنَّ الزوجة لم تعثر على الإيصال، فأقام الدائن دعوى أمام المحكمة ضِدَّ المَدين (المُتوفَّى) ، وطلب مِن قاضي المحكمة - وهو صديق المُتوفَّى - النظر في القضيَّة، والقاضي كان يعلم بأنَّ صديقه قد سَدَّد دينه، ولكنَّه وافق على النظر في القضيَّة؛ استناداً إلى القوانين القضائيَّة، وأبلغ زوجة صديقه المُتوفَّى بأنَّ عليها أنْ تعثر على إيصال المُدَّعي، وتُسلِّمه إلى المحكمة.

بحثت الزوجة كثيراً عن الإيصال، ولكنْ دون جدوى، وكان القاضي على وَشك أنْ يُصدِّر حُكمه لصالح المُدَّعي، عندها رأت الزوجة زوجها في المنام وسألته: هل سَدَّدت قرض فُلان؟

٩٢

فقال لها: نعم، سَدَّدت الدَّين، واستلمت إيصالاً مِن الدائن، فسألته زوجته: إذنْ، أين الإيصال؟ لقد فتَّشت جميع أرجاء البيت ولم أعثر عليه.

قال لها الزوج: الإيصال ليس في البيت، لقد أعطيته لفلان المُحامي، الذي وضع الإيصال داخل كتاب الدُّعاء، اذهبي إليه وخُذي الإيصال منه.

وفي صباح اليوم التالي، ذهبت الزوجة إلى بيت المُحامي، الذي أخرج الإيصال مِن الكتاب، كما أخبر بذلك زوجها، وسلَّمه للزوجة التي سلَّمته بدورها للمَحكمة، وأُغلق بذلك ملفَّ القضية (1) .

____________________

(1) المعاد، ج1.

٩٣

إنْ كان كما نقول نجونا ونجوتَ

ابن أبي العوجاء، كان دهريَّاً معروفاً في زمن الإمام الصادق (عليه السلام)، وكان يعيش في المدينة، وكثيراً ما كان يتشرَّف بلقاء الإمام الصادق (عليه السلام)، ويطرح عليه بعض الأسئلة، ويستفيد مِن الأجوبة التي كان يُقدِّمها الإمام. وكان ابن أبي العوجاء في بعض السنين، يذهب إلى مَكَّة في موسم الحَجِّ، لكي يُشاهد ما يفعله الناس. ولكنَّه بقي ماديَّاً حتَّى آخر حياته، ولم يؤمن بالله خالق هذا الكون، كما لم يؤمن بتعاليم الإسلام، وفي آخر سنة مِن حياته ذهب إلى مَكَّة أثناء موسم الحَجِّ، وكانت هي المَرَّة الأُولى التي يلتقي فيها بالإمام، وهو في طريقه إلى الحَجِّ، حيث أدَّى واجب الاحترام وخاطبه عبارة: (يا سيدي ومولاي) .

فقال له الإمام: (ما جاء بك إلى هذا الموضع؟).

قال: عادة الجَسد، وسُنَّة البلد؛ ولننظر ما الناس فيه مِن الجنون والحَلق ورمي الحِجارة.

قال الإمام: (أنت بعد على عتوِّك وضلالك يا عبد الكريم).

فذهب يتكلَّم، فقال الإمام له: (لا جِدال في الحَجِّ)، ونفض رِداءه مِن يده وقال: (إنْ يكن الأمر كما تقول - وليس كما تقول - نجونا ونجوت، وإنْ يكن الأمر كما نقول - وهو كما نقول - نجونا وهلكت).

فأقبل عبد الكريم على مَن معه فقال: وجدت في قلبي حَزازة فردُّوني.

فردُّوه فمات (1) .

____________________

(1) المعاد، ج1.

٩٤

لو عاينتم ما قد عاين مَن مات منكم

لجزعتم ووهلتم وسمعتم وأطعتم

قبل سنوات تعرَّفت على رجل مُثقَّف ومؤمن، كان يُتقن ثلاث لُغات، ويُحبُّ المُطالعة كثيراً، وكان يُحاول دائماً الحصول على مزيد مِن الكتب والمَجلاَّت العلميَّة، التي تصدر في مُختلف دول العالم؛ ليطَّلع مِن خلالها على الاختراعات والاكتشافات العلميَّة الجديدة في العالم، ولأنَّه كان رجلاً مُتديِّناً ومؤمناً؛ فإنَّه كان يأتي إلى بين الحين والآخر؛ ليسألني حول موضوع جديد قرأه في الكُتب والمَجلاَّت، وما إذا كان القرآن الكريم والأئمَّة (عليهم السلام) قد تطرَّقوا إلى مِثل هذا الموضوع أم لاَ.

وفي ظهيرة أحد أيَّام الصيف الحارَّة اتَّصل بي، وقال: أُريد أنْ أراك بسُرعة؛ حيث لديَّ موضوع جديد، أُريد أنْ أُطلعك عليه.

وبعد عِدَّة ساعات جاءني الرجل، وهو يحمل في يده مَجلَّة أجنبيَّة، ثمَّ فتح المَجلَّة وإذا فيها صورة رجل جالس على كرسيٍّ، وعلى رأسه قُبَّعة خاصَّة، تتفرَّع منها أسلاك عديدة تتَّصل بلوحة قريبة مِن الكُرسي، وفي نفس الصفحة مِن المَجلَّة عدد مِن لوحات الحفر الزنكوكرافي (الغرافر) مساحة كلَّ واحد منها، كمساحة علبة كبريت، وتظهر على كلِّ واحد منها خطوط بيضاء مُنكسرة، عريضة ورفيعة، ورفيعة جِدَّاً مُتباعدة ومُتقاربة، ومُتقاربة جِدَّاً، وهي تختلف مِن حيث قطرها وسماكتها وأشكالها.

لقد قاموا بتصميم وصنع هذه الأجهزة؛ لتقوم بتسجيل الموجات المُنبعثة مِن دماغ المريض، على شريط مِن ورق، يوضع تحت تصرُّف الطبيب؛ ليتمكَّن بواسطته مِن التعرَّف على طبيعة المرض الدماغي، الذي يُعاني منه المريض، وبالتالي وصف العلاج الذي تتطلَّبه حالة المريض، ولكنَّ لوحات الغرافر المطبوعة في هذه المجلَّة

٩٥

لا تصلح لأمراض الدماغ، بلْ إنَّهم قاموا بتسجيل هذه الموجات الدماغيَّة؛ ليعرفوا كيف تكون عليه موجات دماغ الإنسان، في حالات الهيجان: كالغضب، والخوف، والاضطراب، والتألُّم وسائر الحالات الأُخرى المُماثلة.

إذاً، فعمليَّة تخطيط الدماغ أو الرأس (وهي عمليَّة تسجيل الموجات الكهربائيَّة المُختلفة المُنبعثة مِن أجزاء الدماغ) تتمُّ لهذا الغرض، فهم قد أخذوا أجزاءً صغيرة مِن الأشرطة، المُسجَّلة عليها هذه الموجات الدماغيَّة الكهربائيَّة، على شكل لوحات الحفر الزنكوكرافي (الغرافر)، وطبعوها في هذه المجلَّة، وكتبوا تحت كلِّ لوحة مِن لوحات الكرافر عبارة: هذا هو شكل الموجات الدماغيَّة، لشخص في حالة الغضب، أو في حالة الخوف، أو في حالة الاضطراب، أو في حالات أُخرى مُشابهة.

وكتب أيضاً في تلك الصفحة مِن المجلَّة، بأنَّه مِن المُمكن إجراء تخطيط لدماغ إنسان، وهو في حالة النوم، وبالتالي التأكُّد مِمَّا إذا كان هذا الشخص النائم، هو في عالم الرؤيا، أو في وضع عادي، أو في حالة اضطراب وقلق وهيجان، وهل أنَّه يرى الآن أحلاماً مُزعجة ومُرعبة (كوابيس) أم لا؟

والأمر المُثير للانتباه، هو أنَّ الصفحة الأخيرة مِن تلك المِلَّة، تضمَّنت لوحة الحفر الزنكوكرافي - الكليشية - وعليها خطوط تختلف مِن حيث العدد، ومِن حيث الشكل مع تلك المرسومة على سائر اللوحات الغرافر الأُخرى، بحيث إنَّ لوحة الغرافر هذه محشوَّة ومُكتظَّة بالخطوط الكثيرة، وكتب تحتها عبارة هذه موجات دماغ إنسان مُحتضر (يُنازع الموت).

الوضع الاستثنائي، الذي كان يُشير إليه المُخطَّط البياني (الغرافر)، للشخص الذي يُنازع الموت، يُشير إلى هذه الحقيقة: وهي أنَّ الضغوط التي يتعرَّض لها الفرد المُحتضر، هي مِن الشِّدَّة والقوَّة، بحيث لا يُمكن مُقارنتها مع أقوى الضغوط التي يتعرَّض لها الإنسان، نتيجة الغضب والخوف والألم، وسائر الاضطرابات التي يواجهها خلال حياته.

وبعد أنْ قدَّم هذا الصديق المُحترم، توضيحاته حول لوحات الغرافر سألني

٩٦

قائلاً: ماذا تقول الروايات والأحاديث المنقولة عن الأئمَّة (عليهم السلام) عن مصاعب وشدائد الموت؟

قلت له: هناك روايات وأحاديث كثيرة في هذا المجال، مذكورة في نهج البلاغة، وفي سائر كتب الحديث، وقرأت عليه هذه الكلمة للإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام):

(... فإنَّكم لو عاينتم ما قد عاين مَن مات منكم؛ لجزعتم ووهلتم، وسمعتم وأطعتم، ولكنْ محجوب عنكم ما قد عاينوا، وقريب ما يُطرح الحِجاب) (1) .

____________________

(1) المعاد، ج1.

٩٧

إنَّ الله يُحبُّ عبداً إذا عمل عملاً أتقنه

أُخبِر رسول الله (صلى الله عليه وآله) في يوم مِن الأيَّام، بأن سعد بن معاذ قد توفِّي؛ فنهض الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مِن مكانه على الفور، ولحق به الصحابة الذين كانوا معه، فأمر بتغسيل سعد وتكفينه، وسار خلف جنازته، وهو يحمل الطرف الأيسر مِن النعش تارة، والطرف الأيمن تارة أُخرى، حتَّى وضعوا الجنازة إلى جانب القبر، فنزل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بنفسه إلى داخل القبر، وأخذ جسد سعد ووضعه في اللحد، وأخذ يُغطِّي اللحد بالحَجر والطين، ويَسدُّ المنافذ الموجودة فيه.

لعلَّ البعض مِن الذين شاهدوا ما قام به رسول الله، تساءلوا مع أنفسهم:

ما الفائدة مِن سَدِّ منافذ القبر بالأحجار والطين، طالما أنَّ اللِّحد سوف ينهار ويتلاشى تلقائيَّاً، عندما يُغطَّى بالأحجار والتراب؛ وذلك بسبب ثقل هذه الطبقة مِن الأحجار والتراب؟

بعد أنْ انتهى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مِن وضع التراب على القبر، قال للحاضرين ما معناه: إنِّي أعلم بأنَّ القبر سينهار ويتلاشى، ولكنَّ الله يُحبُّ عبداً إذا عمل عملاً أتقنه .

في أحد الأيَّام كنت أتحدَّث على المنبر، فقرأت هذا الحديث الشريف، وكان المجلس يعجُّ بالحاضرين، فجلست قليلاً حتَّى يفتح الطريق ويخفُّ الازدحام، وفي هذه الأثناء جاءني أحد الأشخاص، مِن الذين حضروا المجلس، وسلَّم عليّ وقال لي: إنِّي لم أفهم حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بشكل جَيِّد، وأرجو أنْ توضِّح لي هذا الحديث.

فقلت: لا بأس، اجلس إلى جانبي.

٩٨

ثمَّ قلت له: إنَّني غالباً ما أسأل الأشخاص الذين لديهم أسئلة، يُريدون طرحها عليَّ، غالباً ما أسألهم عن طبيعة أعمالهم ومِهنهم التي يعملون فيها؛ وذلك لكي أذكر لهم بعض الأمثلة مِن نفس المجال، الذي يعملون فيه، الأمر الذي يُساعدهم على فهم الأجوبة التي أُعطيها لهم، فهل توافق على أنْ أسألك عن طبيعة عملك؟

قال: إنِّي أعمل طبيباً جرَّاحاً.

فكَّرت للحظة، وقلت في نفسي: إنَّ المِهنة التي يُزاولها هذا الشخص، يُمكن أنْ تُعينني على توضيح هذا الحديث، وبالتالي إفهامه فقلت: يا دكتور، إنَّ الشخص المحكوم عليه بالإعدام مِن قِبَل المحكمة، إذا أُصيب بمرض قبل تنفيذ حُكم الإعدام، تتمُّ مُعالجته ثمَّ يُنفَّذ فيه حُكم الإعدام، وهو بصحَّة جَيِّدة. والآن نفترض أنَّك رئيس قسم الجراحة في المَشفى، والشخص المحكوم مِن المُقرَّر أنْ يُعدم في الساعة الرابعة فجراً، ولكنَّه في الساعة العاشرة مساءً استلزم نقله إلى المَشفى، بعارضٍ مرضيٍّ شديد، فذهبت إلى المَشفى، ونُقل المريض إلى غرفة العمليَّات، فهل تُجري له العمليَّة الجراحيَّة بشكل دقيق، ووفقاً للأصول العلميَّة والطبيَّة المُتعارفة أم لا؟

أجاب الجراح: نعم بالتأكيد.

قلت: ولماذا تُجري له العمليَّة بدِقَّة وعناية، أليس هذا الشخص يجب أنْ يُعدم بعد عِدَّة ساعات؟

أجاب: إنَّ الإعدام لا عَلاقة له بعملي، فالعمليَّة الجراحيَّة يجب أنْ تتمَّ بصورة صحيحة ودقيقة، سواء أُعْدِم الشخص بعد ذلك أم لاَ.

قلت له: إنَّ هذا هو ما يُريد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أنْ يقوله؛ فهو يُريد القول: بأنَّ خراب وانهيار القبر لا عَلاقة له بعملي؛ لأنَّ الله يُحبُّ عبداً إذا عَمِل عملاً أنْ يُتقنه، ومِثل هذا الشخص الذي يُحبُّه الله لا يتخلَّى عن التدريب على إتقان العمل، تحت أيِّ ظرفٍ مِن الظروف.

٩٩

شكرني الطبيب الجرَّاح، على الجواب الذي قدَّمته له وانصرف.

وبعد أنْ انتهى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مِن دفن سعد بن معاذ، خاطبت أُمُّ سعد ولدها قائلة له: هنيئاً لك الجَنَّة.

فقال رسول الله: (يا أُمَّ سعد، مَهْ، لا تجزمي على رَبِّك، فإنَّ سعداً قد أصابته ضَمَّة).

ورجع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والمُشيِّعون مِن المقبرة، فسأله البعض: يا رسول الله، لقد بالغت في إكرام سعد بن معاذ، وقُمتَ مِن أجله بعمل لم تَقُمْ بمثله مع أحدٍ غيره، وقلت بعد ذلك: إنَّ سعداً تعرَّض لضغطة القبر!

فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): (نعم، إنَّه كان في خُلُقه مع أهله سوء) (1) .

____________________

(1) المعاد، ج1.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

وَجِلٌ مشفقٌ حتّى أرجع خَوفاً من السّلطان والسُّعاة وأصحاب المَسالِح (١) ، فقال: ياابن بُكير أما تحبّ أن يَراك الله فينا خائفاً؟ أما تعلم أنّه مَن خاف لخوفنا أظلَّه الله في ظلِّ عرشه، وكان محدِّثه الحسينعليه‌السلام تحت العرش، وآمنه الله مِن أفزاع يوم القيامة، يفزع النّاس ولا يفزع، فإن فزع وَقّرَته الملائكة وسَكنتْ قلبه بالبِشارة ».

٣ - حدّثني حكيم بن داودَ بن حَكيم السَّرَّاج، عن سَلَمة بن الخطّاب، عن موسى بن عُمَرَ، عن حَسّان البصريّ(٢) ، عن معاوية بن وَهْب، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قال: يا مُعاوية لا تَدَع زيارة قبر الحسينعليه‌السلام لخوفٍ، فإنَّ مَن تركه رأى مِن الحسرة ما يتمنّى أنّ قبره كان عنده، أما تحبّ أن يرى الله شخصك وسَوادك فيمن يدعو له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليٌّ وفاطمة والأئمّةعليهم‌السلام ؟ أما تحبُّ أن تكون ممّن ينقلب بالمغفرة لما مضى ويفغر له ذنوب سَبعين سَنَة؟ أما تحبّ أن تكون ممن يخرج مِن الدُّنيا وليس عليه ذنب يتبع به؟ أما تحبّ أن تكون غداً ممّن يصافِحُه رَسولُ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ ».

٤ - حدّثني عليُّ بن الحسينرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن إسماعيلَ بن بزيع، عن الخيبريِّ، عن يونسَ بن ظَبيان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قلت له: جعلت فداك زيارة قبر الحسينعليه‌السلام في حال التّقيّة؟ قال: إذا أتيت الفرات فاغتسل ثمَّ ألبس أثوابَك الطّاهرة(٣) ثمّ تمرَّ بإزاء القبر وقل: « صَلّى اللهُ عَلَيكَ يا أبا عَبْدِاللهِ، صَلّى اللهُ عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِالله، صَلّى الله عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِاللهِ »، فقد تمّت زيارتك ».

٥ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أبيه، عن عليِّ بن

__________________

١ - السّعاة جمع ساعي وهو عامل الصَّدقات والوالي. والمسالح جمع مَسْلحة - بفتح الميم - وهي الحدود والثّغور الّتي يرتّب فيها أصحاب السّلاح.

٢ - كذا في النّسخ، ومرّ هذا الحديث بسند آخر في الباب الأربعين، ولنا فيه كلام.

٣ - في بعض النّسخ: « ثوبيك الطّاهرين ».

١٤١

محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حمّاد البَصريّ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ قال: حدَّثنا مُدْلِج، عن محمّد بن مسلم - في حديث طويل - « قال: قال لي أبو جعفر محمّد بن عليٍّعليهما‌السلام : هل تأتي قبر الحسينعليه‌السلام ؟ قلت: نعم على خوفٍ ووَجلٍ، فقال: ما كان مِن هذا أشدّ، فالثّواب فيه على قدر الخوف، ومَن خاف في إتيانه أمن الله روعته يوم القيامة يوم يقوم النّاس لربِّ العالمين، وانصرف بالمغفرة، وسَلّمتْ عليه الملائكة وزاره النَّبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله ودعا له، وانقلب بنعمةٍ من الله وفَضْلٍ لم يمسَسْه سوءٌ واتّبع رَضوان الله - ثمَّ ذكر الحديث - ».

الباب السّادس والأربعون

( ثواب ما للرَّجل في نفقته إلى زيارة الحسين عليه السلام)

١ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حمّاد البصريِّ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ قال: حدَّثنا مُعاذ، عن أبان « قال: سمعته يقول: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : مَن أتى قبر أبي عبداللهعليه‌السلام فقد وَصَلَ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ووَصَلَنا وحرمتْ غيبتُه، وحرم لحمه على النّار، وأعطاه بكلِّ درهم أنفقه عشرة آلاف مدينة له في كتاب محفوظ(١) ، وكان الله له مِن وراء حوائجه، وحفظ في كلِّ ما خَلّف، ولم يسألِ الله شيئاً إلاّ أعطاه وأجابه فيه، إمّا أن يعجّله وإمّا أن يؤخّره له ».

وحدَّثني بذلك محمّد بن همّام بن سُهيلرحمه‌الله عن جعفر بن - محمّد بن مالك، عن محمّد بن إسماعيل، عن عبدالله بن حمّاد، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ، عن معاذ، عن أبان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام مثله.

__________________

١ - كذا في النّسخ، وما أدري ما المراد به، ولعلّ المعنى كتب الله له إنفاق أهالي عشرة آلاف مدينة مضبوطة في الكتاب، والله يعلم.

١٤٢

٢ - وحدّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حمّاد البصري ّ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصَمّ، عن الحسين(١) ، عن الحلبيّ، عن عبداللهعليه‌السلام - في حديث طويل - « قال: قلت: جُعلتُ فِداك ما تقول فيمن ترك زيارته وهو يقدر على ذلك؟ قال: أقول: إنّه قد عَقّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعقّنا واستخفّ بأمر هُوَ لَه(٢) ، ومَن زاره كان الله له من وراء حوائجه، وكفى ما أهمّه من أمر دنياه، وأنّه ليجلب الرّزق على العبد، ويخلف عليه ما أنفق ويغفر له ذنوب خمسين سنة، ويرجع إلى أهله وما عليه وِزْرٌ ولا خطيئةٌ إلاّ وقد مُحيتْ مِن صحيفته، فإن هلك في سفره نزلِت الملائكة فغسّلتْه، وفُتِحتْ له أبواب الجنّة(٣) ، ويدخل عليه رَوْحها حتّى ينشر، وإن سلم فتح له الباب الَّذي ينزل منه الرِّزق ويجعل له بكلِّ درهم أنفقه عَشَرَةَ آلاف دِرهم، وذُخِرَ ذلك له فإذا حُشِرَ قيل له: لك بكلِّ درهم عشرة آلاف دِرهم، وإنَّ الله نظر لك وذَخَرَها لك عنده ».

٣ - وبإسناده عن الأصمّ، عن هِشام بن سالم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « إنَّ رَجلاً أتاه فقال له: يا ابن رسول الله هل يُزار والدُك(٤) ؟ قال: فقال: نَعَم ويصلّى عنده، ويصلّى خلفه ولا يُتقدَّم عليه، قال: فما لمن أتاه؟ قال: الجنّة إن كان يأتمُّ به، قال: فما لمن تَرَكه رَغبة عنه؟ قال: الحَسْرَةُ يوم الحَسْرَة، قال: فما لمن أقام عنده؟ قال: كلّ يوم بألف شهر، قال: فما لِلمُنفق في خروجه إليه والمنفق عنده؟ قال: الدِّرهم بألف دِرهم - وذكر الحديث بطوله(٥) - ».

٤ - وبإسناده عن الأصَمّ، عن ابن سِنان « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : جُعلتُ فِداك إنَّ أباك كان يقول في الحجّ: يحسب له بكلِّ درهم أنفقه ألفُ دِرهم،

__________________

١ - كذا في النّسخ، والظاهر كونه تصحيف « حمّاد ».

٢ - أي هو نافع له، أو اللاّم بمعنى على، أي لازم عليه. ( البحار )

٣ - في نسخة: « وفتح له باب إلى الجنّة يدخل عليه رَوْحها » - بفتح الرّاء وسكون الواو - أي نسيمها.

٤ - المراد به الحسينعليه‌السلام .

٥ - مرّ الخبر في ص ١٣٢ تحت رقم ٢.

١٤٣

فما لمن يُنفق في المسير إلى أبيك الحسينعليه‌السلام ؟ فقال: يا ابن سِنان يُحْسَب له بالدّرهم ألفٌ وألف - حتّى عَدَّ عَشرَة -، ويرفع له من الدَّرجات مثلها، ورضا الله تعالى خيرٌ له، ودعاءُ محمّد ودعاءُ أمير المؤمنين والأئمّةعليهم‌السلام خَيرٌ له ».

٥ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن أحمدَ بن إدريسَ؛ ومحمّد بن يحيى العطّار، عن العَمْرَكي بن عليٍّ قال: حدّثنا يحيى - وكان في خدمة أبي جعفر الثّانيعليه‌السلام - عن عليٍّ، عن صَفوانَ الجمّال، عن أبي عبداللهعليه‌السلام - في حديث طويل - « قال: قلت: فما لن صَلّى عنده - يعني الحسينعليه‌السلام -؟ قال: مَن صلّى عنده رَكعتين لم يسألِ الله تعالى شيئاً إلاّ أعطاه إيّاه، فقلت: فما لمن اغتسل مِن ماء الفُرات ثمَّ أتاه؟ قال: إذا اغتسل مِن ماءِ الفرات وهو يريده تساقَطَتْ عنه خَطاياه كيوم وَلَدَتْهُ اُمُّه، قلت: فما لمن جَهّز إليه ولم يخرج لِعلّة؟ قال: يعطيهِ اللهُ بكلِّ دِرهم أنفقه مِن الحسنات مثل جَبل اُحُد ويخلف عليه أضعاف ما أنفق، ويصرف عنه من البلاء ممّا نَزَل فيدفع ويحفظ في ماله - وذكر الحديث بطوله(١) - ».

الباب السّابع والأربعون

( ما يكره اتّخاذه لزيارة الحسين بن عليٍّ عليهما السلام)

١ - حدَّثني أبي؛ وعليُّ بن الحسين؛ وجماعة مشايخيرحمهم‌الله عن سعد بن عبدالله بن أبي خَلَف، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن عليِّ بن الحكم - عن بعض أصحابنا - « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : بلغني أنَّ قوماً أرادوا الحسينعليه‌السلام (٢) حملوا معهم السُّفَر فيها الحَلاوى والأخبصة وأشباهها، لو زاروا قبورَ أحبّائهم ما حملوا معهم هذا ».

٢ - وحدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمد؛ وغيرهِ، عن سعد بن عبدالله، عن

__________________

١ - تقدّم الحديث بطوله بسندٍ آخر في ص ١٣٣ تحت رقم ٢.

٢ - أي زيارتهعليه‌السلام .

١٤٤

موسى بن عُمَرَ، عن صالِح بن السِّنديّ الجمّال، عن رَجل من أهل الرَّقَّة(١) فقال له: أبو المضا » قال: قال لي أبو عبداللهعليه‌السلام : تأتون قبرَ أبي عبداللهعليه‌السلام ؟ قلت: نَعَم، قال: أفتتّخذون لذلك سُفَراً(٢) ؟ قلت: نَعَم، فقال: أما لو أتيتم قبورَ آبائكم واُمّهاتكم لم تفعلوا ذلك، قال: قلت: أيُّ شيء نأكل؟ قال: الخبز واللّبن،

قال: وقال كِرام(٣) لأبي عبداللهعليه‌السلام : جعلت فداك إنّ قوماً يزورون قبرَ لحسينعليه‌السلام فيطيبون السُّفَر، قال: فقال لي أبو عبداللهعليه‌السلام : أما إنّهم لو زاروا قبورَ آبائهم ما فعلوا ذلك ».

٣ - حدَّثني حكيم بن داود، عن سَلَمة بن الخطّاب، عن أحمدَ بنِ محمّد(٤) ، عن عليِّ بن الحكم - عن بعض أصحابنا - « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : بلغني أنَّ قوماً إذا زاروا الحسين بن عليٍّ حَملوا معهم السُّفَر فيها الحَلاوى والأخبصة(٥) وأشباهها، لو زاروا قبور أحبّائهم ما حملوا ذلك ».

٤ - حدَّثني محمّد بن أحمدَ بن الحسين(٦) قال: حدَّثني الحسن بن عليِّ بن مَهزيار، عن أبيه، عن الحسن بن سعيد، عن زُرْعَةَ بن محمّد الحَضرَمي ّ، عن المفضّل بن عُمَر « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : تَزورونَ خيرٌ من أن لا تزورون، ولا تَزورونَ خيرٌ من أن تزورون(٧) ، قال: قلت: قَطعتَ ظهري، قال: تالله إنَّ أحدكم ليذهب إلى قبر أبيه كئيباً حَزيناً وتأتونه أنتم بالسُّفَر، كلاّ حتّى تأتونه شُعثاً غُبراً ».

__________________

١ - الرَّقَّة - بفتح أوّله وثانيه وتشديده -: مدينة مشهورة على الفرات. ( المعجم )

٢ - جمع السُّفْرة وهي طعام المسافر.

٣ - كِرام - بكسر الكاف وتخفيف الرّاء المهملة - لقب عبدالكريم بن عمرو الخثعمي. وما في بعض نسخ الكتاب: « ضرّام » و « خزّام » و « خرام » و « حزام » كلّهم تصحيف، والصواب ما أثبتناه.

٤ - المراد به أبو جعفر الأشعريّ.

٥ - الخبيص: الحلواء المخبوصة معروف.

٦ - هو الزّعفرانيّ العَسكريّ، يكنّى أبا عبدالرّحمن، روى عنه التّلعكبريّ، سمع منه سنة خمس وعشرين وثلاثمائة، وله منه إجازة.

٧ - كذا في جميع النّسخ.

١٤٥

الباب الثّامن والأربعون

( كيف يجب أن يكون زائرَ الحسين بن عليٍّ صلوات الله عليهما)

١ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سليمان، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حمّاد البصريِّ، عن عبد بن عبدالرَّحمن الأصَمّ قال: حدَّثنا مُدْلِج، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قلت له: إذا خرجنا إلى أبيك أفكنّا(١) في حجٍّ؟ قال: بلى، قلت فيلزمنا ما يلزم الحاجّ؟ قال: مِن ماذا؟ قلت: مِن الأشياء الّتي يلزم الحاجّ، قال يلزمك حسن الصَّحابة لمن يصحبك، ويَلْزِمُكَ قلَّة الكلام إلاّ بخير، ويَلْزِمُك كَثرة ذِكر الله، ويلْزِمُك نظافة الثِّياب، ويَلْزِمُكَ الغُسْل قبل أن تأتي الحائر، يلزِمُك الخشوعُ وكثرةُ الصَّلاةِ، والصّلاةُ على محمَّدٍ وآل محمَّد، ويَلْزِمُكَ التَّوقيرُ لأخذ ما ليس لك، ويَلْزِمُكَ أن تغضَّ بَصَرَك(٢) ، ويَلْزِمُكَ أن تَعودَ أهل الحاجة مِن إخوانك إذا رأيتَ مُنْقَطِعاً(٣) والمُواساة، ويَلْزِمُكَ التَّقيَّة الَّتي قمة دِينك بها(٤) ،

والورع عمّا نُهيتَ عنه والخصومة وكثرة الأيمان والجدال الَّذي فيه الأيمان فإذا فعلتَ ذلك تمَّ حَجُّك وعُمْرَتُك، واستوجبتَ مِن الَّذي طلبتَ ما عنك بنفقتك، واغترابك عن أهلك، ورغبتك فيما رغبت: أن تنصرف بالمغفرة والرَّحمة والرّضوان ».

٢ - حدَّثني محمّد بن أحمدَ بن الحسين، عن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار،

__________________

١ - في بعض النّسخ: « أفلسنا ».

٢ - غَضَّ بصرَه: منعه ممّا لا يحلّ له رؤيته.

٣ - أي الَّذي انقطع عن إدامة العمل بعدم النَّفقة أو بأيّ سببٍ.

٤ - القِوام - بالكسر -: نظام الأمر وعماده وملاكهُ الَّذي يقوم به.

١٤٦

أبيه، عن الحسن بن سعيد، عن زُرْعَةَ بنِ محمَّد الحضرَميّ، عن المفضَّل بن عُمَرَ « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : تزورون خيرٌ من أن لا تزورون، ولا تزورون خيرٌ من أن تزورون، قال: قلت: قطعتَ ظَهري، قال: تالله إنَّ أحدكم ليذهب إلى قبر أبيه كَئيباً حَزيناً، وتأتونه أنتم بالسُّفَر، كلاّ حتّى تأتونه شُعثاً غُبراً »(١) .

٣ - حدَّثني أبي؛ وأخي؛ وعليُّ بن الحسين؛ وغيرهمرحمهم‌الله عن سعد بن عبدالله بن أبي خَلَف، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى الأشعريّ، عن عليِّ بن الحكم - عن بعض أصحابنا - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إذا أردت زيارة الحسينعليه‌السلام فزره وأنتَ كَئيبٌ حَزين مَكروبٌ، شُعثاً مغبراً جائعاً عَطْشاناً، فإنَّ الحسين قُتِلَ حَزيناً مَكروباً شُعثاً مُغْبراً جائعاً عَطْشاناً، وسَلْه الحوائج وانصرف عنه، ولا تتّخِذْه وَطَناً ».

٤ - وبهذا الإسناد، عن سعد بن عبدالله، عن موسى بن عُمَرَ، عن صالح ابن السِّنديّ الجمّال - عمّن ذكره - عن كِرام(٢) بن عَمرو « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : الكرام! إذا أردت أنتَ قبر الحسينعليه‌السلام فزُرْه وأنت كئيبٌ حزين، شُعْث غُبر، فإنَّ الحسينعليه‌السلام قُتل وهو كئيبٌ(٣) حَزينٌ شُعثٌ، غُبْرٌ جائعٌ عَطْشانٌ ».

الباب التّاسع والأربعون

( ثواب مَن زار الحسين عليه السلام راكِباً أو ماشياً)

( ومُناجاة الله لزائره)

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله؛ ومحمّد بن يحيى؛ وعبدالله بن جعفر الحميريّ؛ وأحمدَ بن إدريسَ جميعاً، عن الحسين بن عُبَيداللهِ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي عثمان، عن عبدالجبّار النَّهاونديّ

__________________

١ - تقدّم الخبر بعينه بالسّند والمتن في ص ١٤٠ تحت رقم ٤.

٢ - تقدّم أنّه عبدالملك.

٣ - الكَئِب والكَئيب: المنكسر مِن الحزن.

١٤٧

عن أبي سعيد، عن الحسين بن ثُوَيْرِ بن أبي فاخِتَةَ « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : يا حسين مَن خرج مِن منزله يريد زيارةَ قبر الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام إن كان ماشياً كتب الله له بكلِّ خُطْوةٍ حَسَنةً ومَحى عنه سَيّئة (١) ، حتّى إذا صارَ في الحائر كتبه اللهُ مِنَ المفلحين المُنجِحين، حتّى إذا قضى مَناسِكه كتبه الله مِن الفائزين، حتّى إذا أراد الانصراف أتاه ملكٌ فقال: إنَّ رَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يُقرِؤك السَّلامَ ويقول لك: استأنفِ العَمَلَ فقد غُفِرَ لك ما مَضى ».

٢ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله؛ ومحمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالِح بن عُقْبَة، عن بشير الدَّهّان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنَّ الرَّجل ليخرج إلى قبر الحسينعليه‌السلام ، فله إذا خرج مِن أهله بأوَّل خُظْوَةٍ مَغْفرةٌ لذنوبه، ثمَّ لم يزل يقدَّس بكلِّ خطوةٍ حتّى يأتيه، فإذا أتاه ناجاه الله تعالى فقال: عَبدي سَلْني اُعطِك؛ اُدْعُني اُجِبْك، اُطلب منّي اُعْطِك، سَلْني حاجةً أقضيها لك! قال: وقال أبو عبداللهعليه‌السلام : وحقٌّ على الله أن يعطي ما بذل ».

٣ - وبهذا الإسناد عن صالِح، عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنّ لله ملائكة موكِّلين بقبر الحسينعليه‌السلام ، فإذا همَّ الرَّجل بزيارته أعطاهم ذُنوبه، فإذا خَطا محوها، ثمَّ إذا خَطا ضاعَفُوا له حَسَناتِه، فما تزال حَسَناتُه تُضاعَف حتّى تُوجب له الجنَّةُ، ثمَّ اكتنفوه وقدَّسوه، وينادون ملائكة السَّماء أن قَدِّسوا زُوَّار حَبيبِ حبيب اللهِ، فإذا اغتسلوا ناداهم محمّدٌصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا وَفْدَ الله أبشِروا بمُرافقَتي في الجنَّة! ثمَّ ناداهم أميرُ المؤمنينَعليه‌السلام : أنا ضامِنٌ لِقَضاء حوائجكم ودَفْع البَلاء عنكم في الدُّنيا والآخرة! ثمَّ التقاهم النَّبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله عن أيمانِهم، وعن شَمائِلِهم حتّى ينصرفوا إلى أهاليهم ».

٤ - وحدّثني عليُّ بن الحسين بن موسى بن بابويه؛ وجماعةرحمهم‌الله

__________________

١ - كأنّ فيه سقطاً، وفي ثواب الأعمال للصّدوقرحمه‌الله : « وإن كان راكباً كتب الله له بكلّ حافر حسنة، وحطّ بها عنه سيّئة، حتّى إذا صار - إلخ ».

١٤٨

عن سعد بن عبدالله، عن الحسن بن عليِّ بن عبدالله بن المُغِيرة، عن العبّاس بن عامر، عن جابر المكفوف، عن أبي الصّامت (١) « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام وهو يقول: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام ماشياً كتب الله له بكلِّ خُطْوَةٍ ألفَ حسنة، ومحا عنه ألفَ سيّئة، ورفع له ألف دَرَجة، فإذا أتيت الفُرات فاغتسِل وعلِّق نَعلَيك وامشِ حافياً، وامش مَشي العبدِ الذَّليل، فإذا أتيتَ باب الحائر فكبّر أربعاً ثمَّ أمْشِ قليلاً، ثمّ كبّر أربعاً، ثمّ ائْتِ رَأسه فَقِف عليه فكبّر أربعاً وصلِّ عنده، واسألِ الله حاجتَك ».

٥ - حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالِح بن عُقْبة، عن عبدالله بن هِلال، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قلت له: جعلت فداك ما أدنى ما لزائر قبر الحسينعليه‌السلام ؟ فقال لي: يا عبدالله إنَّ أدنى ما يكون له أنّ الله يحفظه في نفسه وأهله حتّى يردَّه إلى أهله، فإذا كان يوم القيامة كان الله الحافظ له ».

٦ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمّد بن اُورَمَة - عمّن حدَّثه - عن عليِّ بن ميمون الصّائغ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: يا عليُّ زُرِ الحسينعليه‌السلام ولا تَدَعْهُ، قال: قلت: ما لمن أتاه مِن الثّواب؟ قال: مَن أتاه ماشياً كتبَ الله له بكلِّ خُطْوَةٍ حَسَنةَ، ومحىُ عنه سيِّئةً، ورفع له درجةً، فإذا أتاه وكَّل الله به مَلَكين يكتبان ما خرج مِن فيه مِن خير، ولا يكتبان ما يخرج مِن فيه مِن شَرِّ ولا غير ذلك، فإذا انصرف وَدَّعاه، وقالا: يا وليَّ الله مغفوراً لك أنتَ مِن حِزب اللهِ وحزبِ رَسولِه وحزبِ أهلِ بيت رَسولِه، واللهُ لا ترى النّارَ بعَينك أبداً، ولا تَراكَ ولا تطعمك أبداً ».

٧ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله؛ وعبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أحمدَ بن محمّد بن خالِد البَرقيّ، عن أبيه، عن عبدالعظيم بن عبدالله بن الحسن، عن الحسن بن الحكم النَّخعيّ، عن أبي حمّاد الأعرابيّ، عن سَدِيرٍ

__________________

١ - تقدّم ذكره في ص ١٦ ذيل الخبر ٣.

١٤٩

الصّيرفي « قال: كنّا عند أبي جعفرعليه‌السلام فذكر فتى قبر الحسينعليه‌السلام فقال له أبو جعفرعليه‌السلام : ما أتاه عبدٌ فخطا خُطْوَةً إلاّ كتب الله له حَسَنةً، وحطَّ عنه سَيّئةً ».

٨ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميريّ، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالرَّحمن بن حمّاد البصري(١) ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الاُصَمِّ، عن عبدالله بن مُسكانَ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن زارَ الحسينعليه‌السلام مِن شيعتنا لم يرجع حتّى يُغفَر له كلّ ذَنْبٍ؛ ويُكتَبْ له بكلِّ خُطْوَة خَطاها وكلِّ يدٍ رَفعتْها دابَّتُه ألفُ حَسَنة، ومَحا عنه ألفُ سَيّئة، وتُرفَع له ألفُ دَرَجة ».

٩ - حدَّثني محمّد بن جعفر القُرشيُّ الرَّزَّاز، عن خاله محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن أحمدَ بن بشير السَّرّاج، عن أبي سعيد القاضي « قال: دخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام في غريفة له وعنده مُرازِم(٢) ، فسمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام ماشياً كتب الله له بكلِّ خُطْوَة وبكلِّ قدم يرفعها ويضعها عِتقَ رَقبةٍ من ولد إسماعيل، ومَن أتاه بسفينة فكفِئَت(٣) بهم سفينتُهم نادى منادٍ مِن السَّماء: طِبتم وطابَتْ لكم الجنَّة! ».

١٠ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وعليِّ بن الحسين، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن أحمدَ بن حمدان القَلانِسيِّ(٤) ، عن محمّد بن الحسين المحاربيِّ، عن أحمدَ بن ميثَم، عن محمّد بن عاصِم، عن عبدالله بن النَّجار « قال: قال لي أبو عبدالله: تَزورون الحسينعليه‌السلام وتركبون السُّفُن؟ فقلت: نَعَم، قال: أما علمتَ أنّها إذا انكفأت بكم نوديتم: ألا طِبتم وطابَتْ لكم الجنّة! ».

__________________

١ - كذا في النسخ، ومرّ السّند كراراً ومكانه: « عبدالله بن حمّاد »، والظّاهر تصحيفه.

٢ - هو مُرازِم - بضمّ الميم وكسر الزّاي المعجمة بعد الألف - ابن حُكيم - بضمّ الحاء - المدائني الثّقة.

٣ - كفأه أي قلبه، وانكفأ: انقلب.

٤ - في البحار: « محمّد بن أحمد بن محمّد بن حَمدان القَلانسيّ ».

١٥٠

الباب الخمسون

( كرامة الله تبارك وتعالى لزُوَّار الحسين بن علي عليهما السلام)

١ - حدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن إسماعيلَ بن زَيد، عن عبدالله الطّحّان(١) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سمعته وهو يقول: ما مِن أحدٍ يوم القيامة إلاّ وهو يتمنّى أنّه مِن زوّار الحسين، لما يرى ممّا يصنع بزوَّار الحسينعليه‌السلام مِن كَرامتهم على الله تعالى ».

٢ - وروى صالِح الصَّيرَفيّ، عن عِمرانَ الميثميِّ؛ أو صالِح بن ميثَم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن سَرَّه أن يكون على مَوائد النّور يوم القيامة فليكن مِن زوَّار الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام ».

٣ - حدَّثني الحسين بن محمّد بن عامِر، عن معلّى بن محمّد البصريّ قال: حدَّثني أبو الفضل، عن ابن صَدَقَة(٢) ، عن المفضَّل بن عُمَرَ « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : كأنّي بالملائكة والله قد ازدحموا المؤمنين على قبر الحسينعليه‌السلام ، قال: قلت فيتراؤون له؟ قال: هَيهات هَيهات، قد لزموا والله المؤمنين حتّى أنّهم ليَمسحون وجوههم بأيديهم، قال: وينزّل الله على زُوَّار الحسينعليه‌السلام غُدْوَةً وعَشيَّةً مِن طعام الجنَّة؛ وخُدَّامُهم الملائكة، لا يسأل اللهَ عبدٌ حاجةً مِن حوائج الدُّنيا والآخرة إلاّ أعطاها إيّاه، قال: قلت: هذه والله الكَرامة، قال لي: يا مفضّل أزيدك؟ قلت: نَعَم سيّدي! قال: كأنّي بسَرير مِن نور قد وُضِعَ وقد ضُرِبَتْ عليه قُبَّةٌ مِن ياقوتةٍ حَمراء مُكلَّلَة بالجواهر، وكأنّي بالحسينعليه‌السلام جالس على ذلك السَّرير وحَوله تسعون ألف قبّة خَضراء، وكأنّي بالمؤمنين يزورونه و

____________

١ - في البحار: « عبدالله بن الطَّمحان ».

٢ - اسمه مصدِّق - كمحدّث - وهو المدائنيّ، ورواية عمّار بن موسى السّاباطيّ.

١٥١

يسلّمون عليه، فيقول الله عَزَّوَجَلَّ لهم: أوليائي سَلوني فطال ما اُوذيتم وذللتم واضْطَهَدْتُم (١) ، فهذا يوم لا تسألوني حاجةً مِن حَوائج الدُّنيا والآخرة إلاّ قضيتها لكم، فيكون أكلهم وشربهم في الجنّة، فهذه والله الكَرامة الَّتي لا انقضاء لها، ولا يُدْرَك مُنتهاها ».

الباب الحادي والخمسون

( إنّ أيّام زائري الحسين عليه السلام لا تعدّ من أعمارهم)

١ - حدّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ قال: حدَّثني أبو سعيد الحسن بن عليِّ بن زَكريّا العَدَويُّ البَصريُّ، عن الهَيثم بن عبدالله الرُّمّانيِّ، عن أبي الحسن الرّضا، عن أبيهعليهما‌السلام « قال: قال أبو عبدالله جعفر بن محمّد الصّادقعليهما‌السلام : إنّ أيّام زائري الحسينعليه‌السلام لا تُحسَبُ مِن أعمارِهم ولا تُعَدُّ مِن آجالهم ».

الباب الثّاني والخمسون

( إنَّ زائري الحسين عليه السلام يكونون في جِوار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)

( وعليٍّ وفاطمة عليهما السلام)

١ - حدَّثني عليُّ بن الحسين؛ وعليُّ بن محمّد بن قُولُوَيْه، عن محمّد بن يحيى العطّار؛ وعليِّ بن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد بن يقطين اليقطينيّ - عَمَّن حَدَّثه - عن أبي خالد ذي الشّامّة قال: حدَّثني أبو اُسامة « قال: سَمِعتُ أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: مَن أراد أن يكون في جِوار نبيِّهصلى‌الله‌عليه‌وآله وجِوار عليٍّ وفاطمةعليهما‌السلام فلا يدع زيارة الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام ».

٢ - وبإسناده، عن أبي بصير « قال: سمعت أبا عبدالله - أو أبا جعفرعليهما‌السلام - يقول: مَن أحبَّ أن يكون مَسكنُه الجنّة ومأواه الجنّة فلا يدع زيارَةَ المظلوم،

__________________

١ - اضطهده أي قهره.

١٥٢

قلتُ: مَن هو؟ قال: الحسين بن عليٍّ صاحب كربلاء، مَن أتاه شَوقاً إليه وحُبّاً لرسول الله وحُبّاً لفاطِمَة وحُبّاً لأمير المؤمنين صلوات الله عليهم أجمعين، أقعده الله على مَوائِدِ الجنّة يأكل معهم والنّاس في الحساب ».

٣ - حدَّثني محمّد بن هَمّام بن سُهَيل، عن جعفر بن محمّد بن مالك قال: حدّثنا محمّد بن عِمرانَ قال: حدَّثنا الحسن بن الحسين اللَؤلوئيُّ، عن محمّد بن إسماعيلَ، عن محمّد بن أيّوبَ، عن الحارثِ بن المغيرةَ النَّصريّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنّ الله تبارك وتعالى جعل ملائكةً مُوَكّلين بقبر الحسينعليه‌السلام فإذا همَّ الرَّجل بزيارته واغتسل ناداه محمَّدٌصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا وَفْدَ اللهِ أبشروا بِمُرافَقَتي في الجنّة - وذكر الحديث - ».

الباب الثّالث والخمسون

( إنّ زائري الحسين عليه السلام يدخلون الجنّة قبل الناس)

١ - حدَّثني أبي؛ وأخي؛ وعليُّ بن الحسين؛ ومحمّد بن الحسنرحمهم‌الله جميعاً، عن محمّد بن يحيى العطّار، عن العَمْرَكي بن عليٍّ البوفَكيِّ، عن صَندل(١) عن عبدالله بن بُكَير، عن عبدالله بن زُرارةً « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: إنَّ لزوَّار الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام يوم القيامة فَضلاً على النّاس، قلت: وما فضلهم؟ قال: يدخلون الجنّة قبل النّاس بأربعين عاماً، وسائر النّاس في الحساب والموقف ».

الباب الرّابع والخمسون

( ثواب مَن زار الحسين عليه السلام عارفاً بحقِّه)

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن عبدالله بن جعفر الحِميريّ. وحدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريِّ، عن أبيه عبدالله، عن عليِّ بن إسماعيلَ القمّيِّ،

__________________

١ - الظّاهر كونه تصحيف « صفوان » وهو ابن يحيى، روى عن عبدالله بن بكير كثيراً.

١٥٣

عن محمّد بن عَمرو الزَّيّات، عن فائد الحنّاط (١) ، عن أبي الحسن الماضي « قال: مَن زار الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقّه غَفَر الله له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر »(٢) .

٢ - حدَّثني أبو العبّاس الكوفيُّ قال: حدّثني محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن الحسن بن عليِّ بن فَضّال، عن محمّد بن الحسين بن كثير، عن هارونَ بن خارجة « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : إنّهم يَروون أنّه مَن زارَ الحسينعليه‌السلام كانَتْ له حَجّةٌ وعُمرةٌ؟ قال لي: مَن زارَه - والله - عارفاً بحقِّه غُفِرَ له ما تَقدَّم مِن ذَنبه وما تأخَّر ».

وحدَّثني أبيرحمه‌الله وجَماعة مشايخنا، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين بإسناده مثله.

٣ - وحدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن الخيبريّ، عن الحسين بن محمّد القمّي(*) « قال: قال أبو الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام : أدنى ما يُثاب به زائر الحسينعليه‌السلام بشطّ الفُرات إذا عَرَفَ بحقّه وحُرمَتِه ووِلايتِه أن يُغْفَرَ له ما تَقَدّم من ذَنْبِه وما تأخّر ».

٤ - وحدَّثني أبو العبّاس(٣) ، عن محمّد بن الحسين، عن صَفوانَ بن يحيى،

__________________

١ - فائد - بالفاء والدّال المهملة، كقائد - الحنّاط، قال النّجاشيّ: « كوفيٌّ، قال ابن فضّال: روى عن أبي عبدالله وأبي الحسنعليهما‌السلام ، له كتاب ».

* - سيأتي الكلام فيه راجع ص ١٦٠.

٢ - أي جميع ذنوبه الَّتي ارتكبها، وقال اُستاذنا الغفّاريّ - أيّده الله - في هامش ثواب الأعمال: « ما تقدّم وما تأخّر » كلاهما فعل ماضٍ ومعناه القديم والحديث، ويحتمل بعيداً أن يكون المراد بـ « ما تقدّم » الآثام الّتي لها أثر حين الارتكاب وراجع إلى المرتكب فقط، وبـ « ما تأخّر » الذّنوب الّتي آثارها باقية في النّاس. وبذلك يمكن الجمع بين هذه الأحاديث فقط، وما سيأتي تحت رقم ٣١ ( وقد تقدّم الخبر في ص ١٤٣ تحت رقم ١ ) مِن قولهعليه‌السلام للزّائر: « استأنفِ العمل وقد غفر الله لك ما مضى »، نظير ما قال المفسّرون في قوله تعالى [القيامة: ١٣]: «بُنَيَّؤا الإنْسانُ يَومَئذٍ بما قَدَّم وَأَخَّرَ ». ولعلّ المراد بيان كثرة الثّواب من باب المبالغة - أنتهى » وعلى أيّ وجهٍ قوله: « وما تأخّر » ليس بمعنى « ما يتأخّر »، لأنّ معناه إسقاط التّكليف وهو باطل إجماعاً.

٣ - يعني الرّزّاز ابن بنت الزّيّات.

١٥٤

عن ابن مُسكان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقّه غفر [الله] له ما تقدَّم مِن ذنبه وما تأخّر ».

٥ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن أبي داودَ سليمانَ بن سُفيانَ المُستَرِق - عن بعض أصحابنا - عن مُثنّى الحنّاط، عن أبي الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام « قال: سَمِعتُه يقول: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقّه غفر [الله] ما تقدّم مِن ذنبه وما تأخّر ».

٦ - وحدَّثني محمّد بن جعفر(١) ، عن محمّد بن الحسين، عن الحكم بن مسكين، عن فائد الحنّاط(٢) « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: من زارَ الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقّه يأتمُّ به غفر الله له ما تقدَّم من ذَنبِه وما تأخّر ».

٧ - حدَّثني القاسم بن محمّد بن عليِّ(٣) ، عن أبيه، عن جَدِّه، عن عبدالله ابن حمّاد الأنصاريّ، عن عبدالله بن سِنان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقّه غُفِرَ له ما تقدّم مِن ذنبه وما تأخّر ».

٨ - وحدَّثني أبي، عن سعد بن عبدالله، عن الحسن بن عليِّ بن عبدالله بن المغيرة، عن العبّاس بن عامِر قال: أخبرني يوسف الأنباريّ، عن فائد الحَنّاط(٢) « قال: قلت لأبي الحسنعليه‌السلام : إنّهم يأتون قبر الحسينعليه‌السلام بالنّوائح والطّعام؟! قال: قد سمعت، قال: فقال: يا فائِدُ مَن أتى قبر الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام عارفاً بحقّه غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخّر ».

٩ - وحدَّثني محمّد بن جعفر(١) ، عن محمّد بن الحسين، عن فائدٍ، عن أبي الحسن الأوّلعليه‌السلام « قال: من أتى قبر الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقّه غفر [الله] له ما تقدَّم مِن ذَنبه وما تأخّر ».

١٠ - وحدَّثني أبي؛ ومحمّد بن الحسن؛ وعليُّ بن الحسين؛ وجماعة، عن سعد بن عبدالله؛ ومحمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل،

__________________

١ - يعني أبا العبّاس الرّزّاز - في المقامين -.

٢ - تقدّم ترجمته في الصّفحة الماضية.

٣ - هو القاسم بن محمّد بن عليّ بن إبراهيم بن محمّد الهمداني، وكيل النّاحية. ( صه. جش )

١٥٥

عن صالِح بن عُقْبة، عن يحيى بن عليِّ القمّيِّ قال: أخبرني رَجلٌ عن عبيدالله بن عبدالله؛ وعليِّ بن الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام « قال: سمعت أبي (١) يقول: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقّه غفر له ما تقدَّم من ذَنبه وما تأخّر ».

١١ - وبإسناده، عن صالِح بن عُقْبة، عن يحيى بن عليِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقّه غفر له ما تقدّم مِن ذنبه وما تأخّر ».

حدَّثني محمّد بن جعفر القرشيّ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالِح بن عُقْبة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام بهذين الحديثين سواء.

١٢ - حدّثني الحسين بن محمّد بن عامِر، عن مُعلّى بن محمّد البصري ّ، عن أبي داود المُسترقّ(٢) - عن بعض أصحابنا - عن مثنّى الحنّاط، عن أبي الحسن الأوَّل « قال: سمعته يقول: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقّه غَفَر له ما تقدَّم مِن ذَنبه وما تأخَّر ».

١٣ - حدَّثني محمّد بن يعقوبَ، عن أحمدَ بن إدريس، عن محمّد بن عبدالجبّار، عن صَفوان، عن ابن مُسكان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقِّه غُفِر له ما تقدَّم مِن ذَنْبِه وما تأخَّر ».

١٤ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أبيه، عن هارونَ

__________________

١ - كذا، والسّند مخدوش كما ترى، والمنقول في البحار كذلك. ويحيى بن عليّ القمّيّ غير مذكور في كتب الرّجال، ويخطر بالبال أنّ لفظة « لحسين » صحّفت بـ « يحيى » للتشابه الخطّي، وهو في الأصل: « الحسين بن عليّ القمّي »، المعنون في رجال الشّيخ من أصحاب الجوادعليه‌السلام ، وفي رجال النّجاشيّ: « الحسين بن عليّ الخزّاز القمّيّ أبو عبدالله، روى عن حمزة بن القاسم وغيره، له كتاب الزّيارات »، والله يعلم.

٢ - هو سليمان بن سفيان أبو داود المسترقَ - بتشديد القاف بعد الرّاء المهملة المكسورة - وهو المنشد، ثقة.

١٥٦

ابن مسلم، عن الحسن بن عليِّ، عن أحمدَ بن عائِذ، عن أبي يعقوبَ الأبزاريّ، عن فائد (١) ، عن عبد صالِحعليه‌السلام « قال: دخلت عليه فقلت له: جعلت فداك إنَّ الحسينعليه‌السلام قد زاره النّاس؛ مَن يعرف هذا الأمر ومَن يُنكره ورَكِبتْ إليه النِّساء، ووقع حال الشُّهرة، وقد انقبضتُ منه (٢) لما رَأيت مِن الشُّهرة، قال: فمكث مَليّاً لا يُجيبني، ثمَّ أقبل عليّ فقال: يا عراقيُّ إن شَهَروا أنفسَهم فلا تَشهَر أنتَ نفسك، فوالله ما أتى الحسينعليه‌السلام آتٍ عارفاً بحقِّه إلاّ غفر الله له ما تقدَّم مِن ذنبه وما تأخَّر ».

١٥ - حدّثني الحسين بن محمّد بن عامِر، عن المعلّى بن محمّد، عن أبي داود المسترق - عن بعض أصحابنا - عن مثنّى الحنّاط، عن أبي الحسن الأوَّلعليه‌السلام « قال: سمعته يقول: من أتى الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقّه غفر له من ذنبه ما تقدَّم وما تأخَّر ».

١٦ - حدَّثني عليُّ بن الحسين بن موسى بن بابويه، عن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سِنان، عن محمّد بن صَدَقَةَ، عن صالِح النّيليِّ(٣) « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقّه كان كمن حجّ ثلاث حِجَج مع رَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

١٧ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله قال: حدَّثني أحمد بن عليِّ بن عبيد الجعفيُّ قال: حدَّثني محمّد بن أبي جَرير القمّيُّ « قال: سمعت أبا الحسن الرِّضاعليه‌السلام يقول لأبي: مَن زارَ الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام عارفاً بحقِّه كان مِن مُحدِّثي الله(٤) فوق عرشه، ثمَّ قرء: «إنَّ المتَّقين في جَنّاتٍ ونَهَرٍ * في مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَليكٍ مُقْتَدِر (٥) ».

__________________

١ - تقدّم ترجمته في ص ١٤٩، والأبزار - بفتح الهمزة وسكون الباء بعدها راء معجمة - قرية بينها وبين نيسابور فرسخان.

٢ - أي اعتزلت مِن زيارتهعليه‌السلام .

٣ - هو ابن الحكم النّيليّ - بكسر النّون -، الأحول، ضعيف.

٤ - كذا، والظّاهر: « كان من محبّي الله »، فصحّف.

٥ - القمر: ٥٤ و ٥٥. وقوله: « عند مليك مقتدِر » أي عند الله سبحانه فهو المالك القادر الّذي لا يعجزه شيء، وليس المراد قرب المكان - تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً - بل المراد أنّهم في كنفه وجواره وكفايته حيث تنالهم غواشي رحمته وفضله. ( مجمع البيان )

١٥٧

الباب الخامس والخمسون

( مَن زار الحسينَ عليه السلام حُبّاً لرسول الله وأمير المؤمنين وفاطمة عليهم السلام)

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب. وحدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب - عن بعض أصحابه - عن جُوَيْريةَ بنِ العَلاء - عن بعض أصحابه - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إذا كان يوم القيامة نادى مُنادٍ: أين زُوَّار الحسين بن عليِّ، فيقوم عُنُقٌ مِن النّاس لا يُحصيهم إلاّ الله تعالى، فيقول لهم: ما [ذا] أردتم بزيارة قبر الحسين؟ فيقولون: يارَبِّ أتيناه حُبّاً لرسول الله وحُبّاً لعليٍّ وفاطمة؛ ورَحمةً له ممّا ارْتُكِبَ منه، فيقال لهم: هذا محمَّدٌ وعليٌّ وفاطمة والحسن والحسين فالحقوا بهم؛ فأنتم معهم في دَرَجَتهم؛ الحقوا بِلِواءِ رَسولِ اللهِ، فينطلقون إلى لِواء رَسول الله فيكونون في ظِلِّه - واللِّواء في يد عليٍّعليه‌السلام - حتّى يدخلون الجنّة، فيكونون أمام اللِّواء وعن يمينه وعن يَساره ومِن خلفه ».

٢ - وبإسناده، عن أبي بصير « قال: سمعت أبا عبدالله؛ وأبا جعفرعليهما‌السلام يقول: مَن أحَبَّ أن يكون مسكنُه الجنَّة ومأواه الجنّة فلا يدّع زيارةً المظلوم، قلت: ومَن هو؟ قال: الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام صاحب كربلاء، مَن أتاه شَوقاً إليه وحُبّاً لرسول الله وحُبّاً لأمير المؤمنين وحُبّاً لفاطِمَة أقعده الله على مَوائد الجنّة، يأكُل معهم والنّاس في الحساب »(١) .

٣ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله بن أبي خَلف القمّي، عن محمّد بن عيسى اليقطينيِّ - عن رَجل - عن فضيل بن عثمان الصّيرفيِّ - عمّن حدّثه - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن أراد الله به الخير قذف في قلبه حُبّ

____________

١ - تقدّم الخبر في ص ١٤٧تحت رقم ١، ويأتي في الباب الآتي تحت رقم ٢ بأدنى اختلاف في اللّفظ.

١٥٨

الحسينعليه‌السلام وحُبّ زيارته، ومَن أراد الله به السّوء قذف في قلبه بُغض الحسين وبُغْض زيارته ».

الباب السّادس والخمسون

( مَن زار الحسين عليه السلام تشوّقاً إليه)

١ - حدَّثني محمّد بن جعفر القرشيُّ الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن صَفوانَ بن يحيى، عن أبي اُسامة زَيدٍ الشّحّام « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام تشوّقاً إليه كتبه الله مِن الآمنين يوم القيامة، وأعطى كتابه بيمينه، وكان تحت لِواء الحسينعليه‌السلام حتّى يدخل الجنّة فيسكنه في درجته، إنَّ الله عزيز حكيم ».

٢ - وروي عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام « أنَّ مَن أحبَّ أن يكون مسكنه الجنّة ومأواه الجنّة فلا يَدعَ زيارة المظلوم، قلت: مَن هو؟ قال: الحسين بن علي صاحب كربلاء، مَن أتاه شَوقاً إليه وحُبّاً لرسول الله وحبّاً لأمير المؤمنين وحُبّاً لفاطمةعليهم‌السلام أقعده الله على موائد الجنّة، يأكل معهم والنّاس في الحساب ».

٣ - حدَّثني الحسن بن عبدالله(١) ، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن العَلاء بن رَزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: لو يعلم النّاس ما في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام مِن الفضل لماتوا شَوقاً؛ وتقطَّعتْ أنفسهم عليه حَسرات، قلت: وما فيه؟ قال: مَن أتاه تشوّقاً كتب الله له ألف حجّة متقبّلة، وألف عمرة مبرورة، وأجر ألف شهيد مِن شهداء بدر، وأجر ألف صائم، وثواب ألف صدقةٍ مقبولة، وثواب ألف نَسَمَة(٢) اُريد بها وجه الله، ولم يزل محفوظاً سنةً مِن كلِّ آفةٍ أهونها الشَّيطان، ووُكّل به ملك كريم يحفظه مِن بين

__________________

١ - هو الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى الأشعري.

٢ - أي ثواب إعتاقهم مِن الرِّقّية.

١٥٩

يديه ومِن خلفه، وعن يمينه وعن شِماله، ومِن فوقِ رأسِه ومِن تحت قَدَمِه، فإن مات سَنته حَضَرتْه ملائكةُ الرَّحمة يحضرون غُسْله وإكفانه والاستغفار له، ويشيّعونه إلى قبره بالاستغفار له، ويَفْسَح له (١) في قبره مَدَّ بَصَره، ويؤمنه الله مِن ضَغْطَة القبر، ومِن منكر ونَكير أن يروِّعاه، ويفتح له باب إلى الجنّة، ويعطى كتابه بيمينه، ويعطى له يوم القيامة نوراً يضيء لنوره ما بين المشرق والمغرب، وينادي مُنادٍ: هذا مَن زار الحسين شَوقاً إليه، فلا يبقى أحدٌ يوم القيامة إلاّّ تمنّى يومئذٍ أنّه كان مِن زُوّار الحسينعليه‌السلام ».

٤ - وعنه، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيّوب إبراهيم بن عثمان الخزَّاز، عن محمَّد بن مسلم « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : ما لِمَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام ؟ قال: مَن أتاه شَوقاً إليه كان مِن عباد الله المكرمين، وكان تحت لِواء الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام حتّى يدخلهما الله [جميعاً] الجنّة ».

٥ - وعنه، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن أبي المَغرا، عن ذَريح المحاربيِّ « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : ما ألقى مِن قومي ومن بني إذا أنا أخبرتهم بما في إتيان قبر الحسينعليه‌السلام مِن الخير إنّهم يكذّبوني ويقولون: إنّك تكذب على جعفر بن محمّد! قال: يا ذَريح دَع النّاس يذهبون حيثُ شاؤوا، واللهِ إنَّ اللهَ ليباهي بزائر الحسين بن عليٍّ، والوافد يفده الملائكة المقرَّبون وحملة عرشِه حتّى أنّه ليقول لهم: أما ترون زُوَّار قبر الحسين أتوه شَوقاً إليه وإلى فاطمة بنت رَسول الله [محمّد]، أما وعزَّتي وجَلالي وعَظمتي لأوجبنَّ لهم كَرامتي؛ ولأدخلنَهم جنَّتي الّتي أعددتها لأوليائي ولأنبيائي ورُسُلي، يا ملائكتي! هؤلاء زُوَّار قبر الحسين حبيب محمّد رَسولي، ومحمَّدٌ حبيبي، ومَن أحَبَّني أحَبَّ حبيبي، ومَن أحَبَّ حبيبي أحبَّ من يحبُّه، ومَن أبغض حبيبي أبغضَني ومَن أبغضني كان حقّاً عليَّ أنْ اُعذِّبه بأشدِّ عَذابي واُحرِقَه بِحَرِّ ناري، وأجعل جَهنّم مسكَنَه

__________________

١ - أي وسّع وفرج له.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357