كامل الزيارات

كامل الزيارات16%

كامل الزيارات مؤلف:
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مكتبة الصدوق
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
الصفحات: 357

كامل الزيارات المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 357 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 149853 / تحميل: 9464
الحجم الحجم الحجم
كامل الزيارات

كامل الزيارات

مؤلف:
الناشر: مكتبة الصدوق
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

ورجع معهم فأعطوه ناقة مهرية، وزادوه أربعمئة أو ستمئة درهم(١) .

واعتلت عليه عائشة وقد احتفى بها أنصارها من الاُمويِّين وغيرهم من الطامعين في الحكم.

ماء الحوأب

وسارت قافلة عائشة تجدّ في السير لا تلوي على شيء، فاجتازت على مكان يُقال له الحوأب، فتلقّت كلاب الحيّ القافلة بهرير وعواء، فذعرت عائشة من شدّة ذلك النباح، فقالت لمحمد بن طلحة: أيّ ماء هذا؟

- ماء الحوأب.

فذعرت عائشة، وقالت: ما أراني إلاّ راجعة.

- لِمَ يا اُمّ المؤمنين؟

- سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول لنسائه:«كأنّي بإحداكنَّ قد نبحتها كلاب الحوأب (٢) ، وإيّاك أن تكوني يا حُميراء» .

فردّ عليها محمّد وقال لها: تقدّمي رحمك الله، ودعي هذا القول. ولم تقتنع عائشة، وذاب قلبها أسى على ما فرّطت في أمرها.

____________________

(١) تاريخ الطبري ٣ / ٤٧٥.

(٢) روى ابن عباس عن النبي (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال يوماً لنسائه وهنّ جميعاً عنده:((أيّتكنّ صاحبة الجمل الأدبب، تنبحها كلاب الحوأب، يُقتل عن يمينها وشمالها قتلى كثيرة كلّهم في النار، وتنجو بعد ما كادت؟)) . جاء ذلك في شرح النهج ٢ / ٤٩٧، وهذا الحديث من أعلام النبوّة، ومن إخباره بالمغيّبات.

١٤١

وعلم طلحة والزّبير بإصرارها على الرجوع إلى يثرب، فأقبلا يلهثان؛ لأنّها متى انفصلت عن الجيش تفرّق وذهبت آمالهما أدراج الرياح، فتكلّما معها في الأمر فامتنعت من إجابتهما، فجاؤوا لها بشهود اشتروا ضمائرهم فشهدوا عندها أنّه ليس بماء الحوأب. وهي أوّل شهادة زور تُقام في الإسلام(١) ، وبهذه الشهادة الكاذبة استطاعوا أن يحرفوها عمّا صمّمت عليه.

في ربوع البصرة

وأشرفت قافلة عائشة على البصرة، فلمّا علم ذلك عثمان بن حنيف والي البصرة أرسل إلى عائشة أبا الأسود الدؤلي ليسألها عن قدومها، ولمّا التقى بها قال: ما أقدمك يا اُمّ المؤمنين؟

- أطلب بدم عثمان.

فردّ عليها من منطقه الفيّاض قائلاً: ليس في البصرة من قتلة عثمان أحد.

- صدقت، ولكنّهم مع علي بن أبي طالب بالمدينة، وجئت أستنهض أهل البصرة لقتاله، أنغضب لكم من سوط عثمان ولا نغضب لعثمان من سيوفكم؟!

فردّ عليها أبو الأسود ببالغ الحجّة قائلاً: ما أنتِ من السوط والسيف، إنّما أنتِ حبيبة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، أمرك أن تقرّي في بيتك وتتلي كتاب ربّك، وليس على النساء قتال، ولا لهنّ الطلب بالدماء، وأنّ عليّاً لأولى منكم وأمسّ رحماً؛ فإنّهما ابنا عبد مناف؟!

ولم تقنع عائشة وأصرّت على محاربة الإمام (عليه السّلام)، وقالت لأبي الأسود: لست بمنصرفة حتّى أمضي لما قدمت إليه، أفتظنّ [يا] أبا الأسود أنّ أحداً يقدم

____________________

(١) مروج الذهب ٢ / ٣٤٢، تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٨١.

١٤٢

على قتالي؟

فأجابها أبو الأسود: أما والله لتقاتلنَ قتالاً أهونه الشديد.

ثمّ تركها وانصرف صوب الزّبير، فقابله وذكّره بماضي جهاده وولائه للإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) قائلاً له: يا أبا عبد الله، عهد الناس بك وأنت يوم بويع أبو بكر آخذ بقائم سيفك تقول: لا أحد أولى بهذا الأمر من ابن أبي طالب، وأين هذا المقام من ذاك؟

فأجابه الزّبير: نطلب بدم عثمان.

ونظر إليه أبو الأسود فأجابه بسخرية: أنت وصاحبك ولّيتماه فيما بلغنا.

ورأى الزّبير في كلام أبي الأسود النصح والسداد فانصاع لقوله، إلاّ أنّه طلب منه مواجهة طلحة، وعرض الأمر عليه، فمضى أبو الأسود مسرعاً نحو طلحة وكلّمه في الأمر فلم يجد منه أيّة استجابة، وقفل أبو الأسود راجعاً إلى ابن حنيف فأخبره بنيّة القوم وإصرارهم على الحرب.

وعقد الفريقان هدنة مؤقتة، وكتبا في ذلك وثيقة وقّعها كلا الطرفين على أن لا يفتح أحدهما على الآخر باب الحرب حتّى يستبين في ذلك رأي الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام).

مظاهرة نسوية لتأييد عائشة

وقامت بعض السيّدات من النساء بمظاهرة لتأييد عائشة وهنَّ يجبنَ في شوارع يثرب ويضربنَ بالدفوف، وقد رفعنَ أصواتهنَّ بهذا النشيد: ما الخبر، ما الخبر، إنّ عليّاً كالأشقر، إن تقدّم عقر، وإن تأخّر نحر.

١٤٣

ولمّا سمعت ذلك اُمّ المؤمنين السيدة اُمّ سلمة خرجت هي وحفيدة الرسول العقيلة زينب (عليها السّلام) تحفّ بها إماؤها، فجعلت توبّخهنّ، وقالت لهنّ: إن تظاهرتنَ على أبي فقد تظاهرتنَ من قبل على جدّي رسول الله (صلّى الله عليه وآله). فاستحيت النساء وتفرّقنَ، وعادت السيدة زينب (عليها السّلام) إلى بيتها(١) .

نقض الاتفاق

وعمل حزب عائشة إلى نقض الهدنة؛ فقد هجموا على والي البصرة ابن حنيف، وكان مقيماً في دار الإمارة، فاعتقلوه ونكّلوا به، فنتفوا شعر رأسه ولحيته وحاجبيه، ونهبوا ما في بيت المال، وثارت الفتنة في البصرة؛ فقد قتلوا خزّان بيت المال وبعض الشرطة، ووقعت معركة رهيبة بين أنصار الإمام (عليه السّلام) وحزب عائشة، وقد حملوها على جمل، وسُمّيت تلك الوقعة بيوم الجمل الأصغر، وقد استشهد فيها جمع من المسلمين(٢) .

زحف الإمام (عليه السّلام) إلى البصرة

وزحف الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) بجيوشه إلى البصرة للقضاء على هذا الجيب المتمرّد الذي ينذر بانتشار التمرّد وسقوط الحكم، وحينما انتهى إلى البصرة بعث عبد الله بن عباس وزيد بن صوحان إلى عائشة وطلحة والزّبير يدعوهم إلى السلم وعدم إراقة الدماء، فلم يستجيبوا لدعوته وأصرّوا على التمرّد والبغي ومناجزة الإمام (عليه السّلام).

وأرسل الإمام فتىً نبيلاً وأمره أن يحمل كتاب الله تعالى ويدعوهم إلى تحكيمه، فأخذ الفتى الكتاب العزيز وجعل يلوّح به أمام عسكر عائشة، وهو يدعوهم إلى العمل بما فيه ويدعوهم إلى السلم والوئام، فحملوا عليه فقطعوا

____________________

(١) زينب الكبرى / ٢٥.

(٢) عرضنا لهذه الأحداث بصورة مفصّلة في كتابنا حياة الإمام الحسن (عليه السّلام).

١٤٤

يمينه، فأخذ المصحف بيساره، وجعل يدعوهم إلى السلم والعمل بما في الكتاب، فحملوا عليه فقطعوا يساره، فأخذ المصحف بأسنانه، وجعل يناديهم: الله في دمائنا ودمائكم.

فانثالوا عليه يرشقونه بسهامهم حتّى سقط إلى الأرض جثة هامدة، ولم تُجْدِ معهم هذه الدعوة الكريمة، وأصرّوا على الحرب.

إعلان الحرب

ولم تُجب مع عائشة وحزبها دعوة الإمام (عليه السّلام) إلى السلم وعدم إراقة الدماء؛ فقد أصرّوا على الحرب والتمرّد على الحقّ؛ فاضطرّ الإمام إلى مناجزتهم، فعبّأ جنوده، ونظرت إليه عائشة وهو يجول بين الصفوف، فقالت: انظروا إليه كأنّ فعله فعل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يوم بدر! أما والله ما ينتظر بكم إلاّ زوال الشمس.

ومع علمها بأنّ فعله كفعل رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، كيف ساغ لها أن تحاربه؟!وخاطبها الإمام (عليه السّلام)، فقال لها:«يا عائشة، عمّا قليل ليصبحنَّ نادمين» (١) .

وأعطى الإمام خطته العسكريّة لجنوده، فقال لهم:«أيّها الناس، إذا هزمتموهم فلا تجهزوا على جريح، ولا تقتلوا أسيراً، ولا تتّبعوا مولّياً، ولا تطلبوا مدبراً، ولا تكشفوا عورة، ولا تمثّلوا بقتيل، ولا تهتكوا ستراً، ولا تقربوا من أموالهم إلاّ ما تجدونه في معسكرهم من سلاح أو كراع، أو عبد أو أمة، وما سوى ذلك فهو ميراث لورثتهم على كتاب الله» .

ومثّلت هذه الوصية الشرف والرأفة والرحمة، كما وضعت الأصول الفقهية في حرب المسلمين بعضهم مع بعض، كما أعلن ذلك بعض الفقهاء.

____________________

(١) حياة الإمام الحسن (عليه السّلام) ١ / ٤٤٧.

١٤٥

واعتلت عائشة جملها المسمّى بعسكر وأخذت كفّاً من حصباء فرمت به أصحاب الإمام (عليه السّلام)، وقالت: شاهت الوجوه. فأجابها رجل من شيعة الإمام: يا عائشة، وما رميت إذ رميت ولكنّ الشيطان رمى.

وتولّت عائشة القيادة العامة للقوات المسلحة، فكانت هي التي تصدر الأوامر للجيش. وبدأ القتال كأشدّه، وقد حمل الإمام (عليه السّلام) على معسكر عائشة وقد رفع العلم بيسراه، وشهر بيمينه ذا الفقار الذي طالما كشف به الكرب عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

واشتدّ القتال، وقد بان الانكسار في جيش عائشة، وقد قُتل طلحة والزّبير والكثيرون من قادة عسكر عائشة، وأخذت عائشة تبثّ في نفوس عسكرها روح التضحية والنضال، وقد دافعوا عنها بحماس بالغ، وقد شاعت القتلى بين الفريقين.

عقر الجمل

وأحاط أصحاب عائشة بجمل اُمّهم، فدعا الإمام (عليه السّلام) عمّار بن ياسر ومالك الأشتر، وأمرهما بعقر الجمل قائلاً:«اذهبا فاعقرا هذا الجمل؛ فإنّ الحرب لا يخمد ضرامها ما دام حيّاً؛ فإنّهم قد اتّخذوه قبلة لهم» .

وانطلق الأشتر وعمّار ومعهما فتية من مراد، فوثب فتى يُعرف بمعمر بن عبد الله إلى الجمل فضربه على عرقوبه فهوى إلى الأرض، وله صوت منكر لم يُسمع مثله، وتفرّق أصحاب عائشة حينما هوى الصنم الذي قدّموا له آلاف القتلى، وأمر الإمام (عليه السّلام) بحرقه وذرّ رماده في الهواء؛ لئلا تبقى منه بقيّة يفتتن بها الغوغاء، وبعدما فرغ من ذلك قال:«لعنه الله من دابة، فما أشبهه بعجل بني إسرائيل!» .

١٤٦

ثمّ مدّ بصره نحو الرماد الذي تناهبته الريح وتلا قوله تعالى:( وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً ) (١) .

وانتهت بذلك حرب الجمل التي أثارتها الأحقاد والأطماع، وقد أشاعت بين المسلمين الضغائن والفتن، وألقتهم في شرّ عظيم.

العفو العام

وأصدر الإمام (عليه السّلام) أوامره بالعفو العام عن جميع أعدائه وخصومه، وطلبت عائشة من الإمام أن يعفو عن ابن أختها عبد الله بن الزّبير وهو من ألدّ أعدائه فعفا عنه، وكذلك عفا عن مروان بن الحكم، وقد توسّط في أمره الحسن والحسين (عليهما السّلام)، وآمن الأسود والأحمر - على حدّ تعبير اليعقوبي -، ولم ينكّل بأيّ أحد من خصومه وأعدائه.

تسريح عائشة

وسرّح الإمام (عليه السّلام) عائشة وردّها إلى يثرب، ولم يعرض لها بأيّ مكروه أو أذى، وقد غادرت البصرة ونشرت في ربوعها الحزن والحداد والثكل، وتصدّعت الوحدة بين المسلمين، وشاعت بينهم الكراهية والبغضاء.

وعلى أيّ حال، فقد وعت سيّدة النساء زينب (عليها السّلام) هذه الأحداث، وعرفت ما تحمله الاُسر القرشيّة من العداء العارم والبغض الشديد لأبيها (عليه السّلام)، وأنّها قد شنّت الحرب عليه كما شنّته على أخيه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من قبل.

تمرّد معاوية

ومهّدت عائشة الطريق إلى معاوية، وفتحت له أبواب المعارضة لحكومة الإمام

____________________

(١) سورة طه / ٩٧.

١٤٧

أمير المؤمنين (عليه السّلام)، فلولاها لما تمكّن ابن هند من مناجزة الإمام ورفضه لبيعته.

وقد اتّخذ معاوية دم عثمان ورقة رابحة للمطالبة بدمه، ومن المؤكّد زيف هذه الدعوى وعدم واقعيتها؛ فقد استنجد به عثمان حينما حوصر وطلب منه أن يسعفه بقوّة عسكرية لرفع الحصار عنه فلم يستجب له حتّى أجهز عليه الثوار.

إنّ الذي دعا معاوية إلى التمرّد على حكومة الإمام (عليه السّلام) هو ما يعلمه من سيرة الإمام وسياسته الهادفة إلى إقامة الحقّ وتدمير الباطل؛ فالإمام لا يُبقي معاوية في جهاز الحكم لحظة واحدة، ويُجرّده من جميع أمواله التي اختلسها من بيت مال المسلمين، ويُحاسبه حساباً عسيراً على جميع تصرّفاته المجافية لروح الإسلام؛ من لبس الحرير والديباج، واستعمال أواني الذهب والفضة، والإسراف الفظيع في بناء القصور، ولا يقرّ شرعيّة دعم عمر له وثنائه عليه ومبالغته في تأييده؛ فهو الذي لم يحاسبه على أعماله التي تصادمت مع تعاليم الإسلام، وقال فيه: إنّه كسرى العرب. واعتبر الإمام ذلك تعدٍّ على سياسة العدل التي تبنّاها في جميع مراحل حكمه وحياته.

وعلى أيّ حال، فقد بعث الإمام إلى معاوية جرير بن عبد الله البجلي وزوّده برسالة يدعوه فيها إلى مبايعته والدخول في طاعته، إلاّ أنّ معاوية أصرّ على غيّه ورفض الاستجابة لدعوة الحقّ والوئام؛ فقد توفّرت عنده القوّة العسكريّة التي يستطيع بها على محاربة الإمام.

زحف معاوية لصفّين

وبعدما توفّرت لمعاوية الإمكانيات العسكريّة والقوى المكثفة زحف بها إلى صفّين وأقام فيها، وكان أوّل عمل قام به احتلال الفرات، واعتبر ذلك أوّل الفتح؛ لأنّه حبس الماء على عدوّه، وظلّت جيوشه مقيمة هناك تصلح أمرها وتنظّم قواها لتستعدّ إلى حرب وصيّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وباب مدينة علمه.

١٤٨

مسير الإمام (عليه السّلام) إلى صفّين

وتهيّأ الإمام (عليه السّلام) للخروج إلى صفّين، وأمر الحارث بن الأعور أن ينادي في الناس بالخروج إلى معسكرهم في النخيلة، فعجّت الكوفة بالنفار، وخرج الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) تحفّ به البقية الخيرة من صحابة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وفي طليعتهم الصحابي العظيم عمّار بن ياسر.

ولزمت جيوش الإمام (عليه السّلام) في زحفها السريع الفرات حتّى انتهت إلى صفّين، فلم يجدوا شريعة يستقون منها الماء إلاّ وعليها الحرس الكثير وهم يُمانعونهم أشدّ الممانعة من الوصول إليه، فأخبروا الإمام (عليه السّلام)، فدعا صعصعة بن صوحان وأمره بمقابلة معاوية ليسمح لجنوده بورود الماء، وسار إليه صعصعة وعرض عليه مقالة الإمام، فامتنع من إجابته، واعتبر ذلك أوّل الفتح.

وحملت جيوش الإمام حتّى احتلت الفرات وانهزمت جيوش معاوية، وطلب أصحاب الإمام منه أن يمنع الماء عن عسكر معاوية فأبى (عليه السّلام)، وأبى أن يكيل لهم الصاع بالصاع، وقابلهم مقابة المحسن الكريم إلى أعدائه وخصومه.

الحرب

وأوفد الإمام إلى معاوية رسل السّلام رجاءً في الصلح وحقن الدماء، فردّهم بعنف وأعلمهم أنّه مصمّم على الحرب، ورجعت كتائب السلام إلى الإمام، وعرّفته برفض معاوية لدعوته وإصراره على الحرب.

ولم يجد الإمام بدّاً من الحرب، فأصدر تعاليمه لعموم جيشه بعدم قتل المدبر، وعدم الإجهاز على الجريح، وعدم المُثلة بأيّ قتيل منهم، وعدم أخذ أموالهم إلاّ ما وجد في معسكرهم، وغير ذلك من صنوف الشرف والرحمة التي لم يعهد لها نظير في عالم الحروب.

وبدت الحرب بين جيش الإمام (عليه السّلام) وجيش معاوية، فكانت كتائب من عسكر

١٤٩

الإمام تخرج إلى فرق من أهل الشام فيقتتل الفريقان نهاراً كاملاً أو طرفاً منه، ولم يرغب الإمام (عليه السّلام) أن تقع حرب عامة بين الفريقين؛ رجاء أن يجيب معاوية إلى الصلح.

وخرج الزعيم الكبير مالك الأشتر يتأمّل في رايات أهل الشام فإذا هي رايات المشركين التي خرجت لحرب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فراح يقول لأصحابه: أكثر ما معكم رايات كانت مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، ومع معاوية رايات كانت مع المشركين على عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فما يشكّ في قتال هؤلاء إلاّ ميّت القلب.

وخطب الصحابي العظيم عمّار بن ياسر فجعل يبيّن للمسلمين واقع معاوية، وأنّه جاهلي لا إيمان له، وأنّه معاد لله ورسوله.

وعلى أيّ حال، فلم تقع حرب عامة بين الفريقين، وقد سئم الجيش العراقي هذه الحرب وآثر العافية، كما سئم ذلك جيش أهل الشام.

الحرب العامة

ولمّا رأى الإمام (عليه السّلام) أنّه لا أمل في الإصلاح وجمع الكلمة عبّأ أصحابه وتهيّأ للحرب العامة، وفعل معاوية مثل ذلك، وبدأ الهجوم العام، وبذلك فقد استعرت نار الحرب واشتدّ أوارها، وقد خيّم الذعر والفزع على كلا الجيشين، وقد انكشفت ميمنة الإمام وتضعضع قلب جيشه إلاّ أنصار ربيعة قد ثبتت في الميدان، وأخذت على عاتقها أن تقوم بحماية الإمام ونصرة الحقّ.

وقد استشهد في المعركة بطل الإسلام المجاهد العظيم عمّار بن ياسر، وقد حزن عليه الإمام كأشدّ ما يكون الحزن، وكذلك استشهد غيره من أعلام الإسلام وكان لفقدهم أثر كبير في انهيار الجيش العراقي.

هزيمة معاوية

وبدا الانكسار في جيش ابن هند وكاد أصحابه يبلغون فسطاطه، وهمّ بالفرار إلاّ أنّه

١٥٠

تذكر قول ابن الإطنابة:

أبت لي عفّتي وحياءُ نفسي = وإقدامي على البطلِ المشيحِ

وإعطائي على المكروهِ مالي = وأخذي الحمدَ بالثمنِ الربيحِ

وقولي كلّما جشأت وجاشتْ = مكانك تحمدي أو تستريحي

فردّه هذا الشعر إلى الثبات وعدم الهزيمة كما كان يتحدّث بذلك أيام العافية.

مكيدة رفع المصاحف

ولم تكن مكيدة رفع المصاحف وليدة الساعة، ولم تأت عفواً، وإنّما كانت نتيجة مؤامرة سرّية بين عمرو بن العاص وبعض قادة الجيش العراقي، وعلى رأسهم الخائن العميل الأشعث بن قيس. لقد رفع أهل الشام المصاحف على أطراف الرماح وهم يدعون الجيش العراقي إلى تحكيم كتاب الله، فاندفعت كتائب من عسكر الإمام (عليه السّلام) وهم يهتفون: لقد أعطى معاوية الحقّ؛ دعاك إلى كتاب الله فاقبل منه.

لقد استجاب لهذه الدعوة الكاذبة السذّج، والسائمون من الحرب، والطامعون في الحكم، وعملاء الحكم الاُموي، وجعل الأشعث بن قيس يشتدّ كالكلب رافعاً صوته ليُسمع الجيش: ما أرى الناس إلاّ قد رضوا، وسرّهم أن يجيبوا القوم إلى ما دعوهم إليه من حكم القرآن، فإن شئت أتيت معاوية فسألته ما يريد.

وأخذ الأشعث يلحّ على الإمام (عليه السّلام) وهو يمتنع من إجابته وكثرة إلحاحه، وقد استجابت له فرق من الجيش فلم يجد الإمام بُدّاً من إجابته، فمضى مسرعاً نحو معاوية فقال له: لأي شيء رفعتم هذه المصاحف؟

١٥١

والأشعث يعلم لِمَ رفعوا المصاحف ولاذوا بها، فأجابه معاوية: لنرجع نحن وأنتم إلى أمر الله عزّ وجلّ في كتابه؛ تبعثون منكم رجلاً ترضون به ونبعث منّا رجلاً، ثمّ نأخذ عليهما أن يعملا بما في كتاب الله لا يعدوانه، ثم نتّبع ما اتّفقنا عليه.

وهل ابن هند يؤمن بكتاب الله ويتّبع ما حكم به؟! أوَليس خروجه على السلطة الشرعيّة مجافية لتعاليم القرآن؟!

وعلى أيّ حال، فقد انبرى الخائن الأشعث يصدّق مقالة معاوية قائلاً: هذا هو الحقّ.

وانبرى الإمام (عليه السّلام) فزيّف دعوة التحكيم، وعرّف الجماهير أنّها خدعة ومكيدة، وأنّ معاوية وحزبه لا يؤمنون بالقرآن، وأنّهم على ضلالهم القديم.

وأصرّ جيش الإمام على الاستجابة لدعوة معاوية، وهدّدوه بالقتل إن رفض ما أرادوه؛ فاستجاب (عليه السّلام) مرغماً مكرهاً على ذلك، وقد أشرفت بعض قطعات جيشه بقيادة الزعيم الكبير مالك الأشتر على الفتح، ولم يبقَ بينها وبين القبض على معاوية إلاّ مقدار حلبة شاة، فطلب منه الإمام (عليه السّلام) في تلك الساعة الحرجة أن يسحب الجيش ويوقف القتال، فلم يستجب أوّلاً إلى ذلك، فأمره الإمام (عليه السّلام) ثانياً بالانسحاب؛ لأنّ جيشه قد أحاط به وأعلنوا العصيان وهدّدوه بالقتل، فاستجاب الأشتر وانسحب عن ميدان القتال.

وعلى أيّ حال، فقد أوقف القتال، وكان ذلك فوزاً ساحقاً لمعاوية؛ فقد سلم من الخطر المحدق به، ومُني جيش الإمام بالتمرّد والعصيان، وشاعت في جميع قطعاته التفرقة والخلاف.

انتخاب الأشعري

وأصرّ المتمرّدون على انتخاب الأشعري ليكون ممثلاً للجيش العراقي، فرفض

١٥٢

الإمام ذلك ورشّح عبد الله بن عباس أو مالك الأشتر فلم يستجيبوا له وأرغموه ثانياً على انتخابه فخلّى بينهم وبين رغباتهم، وقد ذابت نفسه أسى وحسرات على ذلك؛ فقد أيقن بانتهاء حكومته وفوز معاوية بالحكم.

وانتخب الشاميون عمرو بن العاص ممثّلاً لهم، وهو أدهى سياسي في ذلك العصر، وبذلك فقد عُقدت هدنة مؤقتة راح فيها معاوية يبني جيشه ويُصلح شؤونه. وأمّا جيش الإمام فقد مُني بالتفكّك والانحلال والتخاذل، وانتشرت في جميع قطعاته الفكرة الهدّامة، وهي فكرة الخوارج كما سنتحدّث عن ذلك.

اجتماع الحكمين

وأوفد معاوية إلى الإمام (عليه السّلام) رسله يستنجزه الوفاء بالتحكيم، وإنّما طلب منه ذلك لعلمه بما اُصيب به جيش الإمام من التخاذل والفتن والانحلال، وأجابه الإمام إلى ذلك؛ فأوفد أربعمئة رجل عليهم شريح بن هانئ الحارثي وهو من أجلّ أصحاب الإمام، كما كان معهم عبد الله بن عباس حبر الاُمّة، ومعهم قاضي التحكيم الخامل الغبي أبو موسى الأشعري، فأرشاه ابن العاص بالولائم، وقابله بمزيد من الحفاوة والتكريم ليجعله طوع إرادته، وقد اتّفق معه على أن يعزل كل صاحبه ويرشّحا عبد الله بن عمر.

وقدّم ابن العاص الأشعري فاعتلى المنبر فخلع عليّاً عن منصبه، وكذلك خلع معاوية ورشّح ابن عمر، وقام بعده ابن العاص فأقرّ صاحبه وخلع عليّاً. ولمّا أعلن ابن العاص خلعه لعليّ وإقامته لمعاوية انطلق صوبه الأشعري فقال له: ما لك عليك لعنة الله؟! ما أنت إلاّ كمثل الكلب تلهث. فصاح ابن العاص: لكنّك مثل الحمار يحمل أسفاراً.

نعم، هما كلب وحمار، وهرب الأشعري إلى مكة يصحب معه الخزي والعار

١٥٣

بعدما أحدث الفتنة والانشقاق بين جيش الإمام (عليه السّلام)، وقد أكثر شعراء ذلك العصر في ذمّه. يقول فيه أيمن بن خزيم الأسدي:

لو كانَ للقومِ رأيٌ يعصمونَ بهِ = من الضلالِ رموكم بابنِ عباسِ

للهِ درّ أبيهِ أيّما رجلٍ = ما مثلهُ لفصالِ الخطبِ في الناسِ

لكن رموكم بشيخٍ من ذوي يمنٍ = لم يدرِ ما ضرب أخماسٍ بأسداسِ

إن يخلُ عمرو به يقذفهُ في لججٍ = يهوي بهِ النجمُ تيساً بين أتياسِ

أبلغ لديكَ علياً غير عاتبه = قولَ امرئ لا يرى بالحقِّ من باسِ

ما الأشعري بمأمونٍ أبا حسنٍ = فاعلم هُديتَ وليس العجزُ كالراسِ

فاصدم بصاحبكَ الأدنى زعيمهمُ = إنّ ابنَ عمِّكَ عباسٌ هو الآسي

لقد امتحن الإمام (عليه السّلام) كأشدّ وأقسى ما يكون الامتحان بهؤلاء الأوغاد الذين وقفوا أمام الإصلاح الاجتماعي، ومكّنوا الظالمين والمنحرفين من الاستبداد باُمور المسلمين.

فتنة الخوارج

وتمرّد الخوارج على الإمام (عليه السّلام) وألزموا بأمر التحكيم، وهم الذين أرغموه على ذلك وهدّدوه بالقتل إن لم يوقف القتال مع معاوية، وأخذوا يعيثون في الأرض فساداً؛ فقد رحلوا عن الكوفة وعسكروا في النهروان، فاجتاز عليهم الصحابي الجليل عبد الله بن خبّاب بن الأرت فأحاطوا به قائلين: مَنْ أنت؟

- رجل مؤمن.

- ما تقول في عليّ بن أبي طالب؟

- إنّه أمير المؤمنين، وأوّل المسلمين إيماناً بالله ورسوله.

- ما اسمك؟

١٥٤

- عبد الله بن خباب بن الأرت صاحب رسول الله.

- أفزعناك؟

- نعم.

- لا روع عليك، حدّثنا عن أبيك بحديث سمعه عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لعلّ الله أن ينفعنا به.

- نعم، حدّثني عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال:«ستكون فتنة بعدي يموت فيها قلب الرجل كما يموت بدنه، يُمسي مؤمناً ويُصبح كافراً» .

فهتفوا جميعاً: لهذا الحديث سألناك، والله لنقتلنّك قتلة ما قتلنا بمثلها أحداً. وعمدوا مصرّين على الغيّ والعدوان، فأوثقوه كتافاً وأقبلوا به وبامرأته، وكانت حبلى قد أشرفت على الولادة، فأنزلوهما تحت نخل، فسقطت رطبة منها، فبادر بعضهم إليها فوضعها في فيه، فأقبل إليه بعضهم منكراً عليه قائلاً: بغير حلّ أكلتها! فألقاها بالوقت من فيه.

واخترط بعضهم سيفه فضرب به خنزيراً لأهل الذمّة فقتله، فصاح به بعضهم: إنّ هذا من الفساد في الأرض! فبادر الرجل إلى الذمّي فأرضاه، ولمّا نظر عبد الله بن خباب احتياط هؤلاء في هذه الاُمور سكن روعه، وقال لهم: لئن كنتم صادقين فيما أرى ما عليَّ منكم بأس؛ ووالله ما أحدثت حدثاً في الإسلام، وإنّي لمؤمن، وقد آمنتموني وقلتم لا روع عليك.

فلم يعنَ هؤلاء الأخباث الذين هم صفحة خزي وعار على البشرية، فجاؤوا به وبامرأته فأضجعوه على شفير النهر و ووضعوه على ذلك الخنزير الذي قتلوه، ثمّ ذبحوه، وأقبلوا على امرأته وهي ترتعد من الخوف، فقالت لهم مسترحمة:

١٥٥

إنّما أنا امرأة، أما تتّقون الله؟

فلم يعنوا باسترحامها، وأقبلوا عليها كالكلاب فقتلوها وبقروا بطنها، وانعطفوا على ثلاث نسوة فقتلوهنّ، وفيهنّ اُمّ سنان الصيداوية، وكانت قد صحبت النبي (صلّى الله عليه وآله)، ولم يقف شرّ هؤلاء الأرجاس عند هذا الحدّ، وإنّما أخذوا يذيعون الذعر وينشرون القتل والفساد في الأرض.

واقعة النهروان

وبعدما أعلن الخوارج تمرّدهم على حكومة الإمام (عليه السّلام)، ورفعوا شعارهم (لا حكم إلاّ لله)، ولكنّه لم يعد في جميع تصرفاتهم وشؤونهم ظلاً وواقعاً لهذا الشعار؛ فقد كان شعارهم الحقيقي لا حكم إلاّ للسيف والفساد.

ولمّا أراد الإمام (عليه السّلام) الخروج إلى محاربة معاوية، وعبّأ أصحابه وجنوده لذلك، أشار عليه بعض أصحابه بمناجزة الخوارج؛ فإنّ خطرهم أعظم من خطر معاوية، وإنّهم إذا نزحوا من الكوفة يُحدثون القتل والدمار فيها.

فاستصوب الإمام (عليه السّلام) رأيهم، وتحرّكت قوات الإمام لقتالهم، وقبل أن تندلع نار الحرب وجّه الإمام (عليه السّلام) إليهم الحارث بن مرّة يطلب منهم قتلة عبد الله بن خباب ليقتصّ منهم، فأجابوا جميعاً: إنّا كلّنا قتلناهم، وكلّنا مستحلّ لدمائكم ودمائهم.

وأقبل الإمام (عليه السّلام) بنفسه فوجّه لهم خطاباً رائعاً يدعوهم فيه إلى الطاعة ورفض التمرّد، فلم يفهموا خطاب الإمام ونصيحته، وطلبوا منه أن يشهد على نفسه بالكفر ويتوب إلى الله تعالى على قبوله للتحكيم، فامتنع الإمام من إجابتهم؛ فإنّه لم يقترف أيّ ذنب في أمر التحكيم، وإنّما هم أرغموه على ذلك.

ولمّا يئس الإمام (عليه السّلام) من إرجاعهم إلى الحقّ عبّأ جنوده لحربهم، وفعل الخوارج مثل ذلك، وهتف بعضهم:

١٥٦

هل من رائح إلى الجنّة؟

فأجابوه جميعاً: الرواح إلى الجنّة، وهم يهتفون بشعارهم (لا حكم إلاّ لله). وحملوا حملة منكرة على جيش الإمام، وما هي إلاّ ساعة حتّى قُتلوا عن آخرهم، ولم يفلت منهم إلاّ تسعة، وبذلك فقد انتهت حرب النهروان، وقد أعقبت هي وحرب صفّين تمرّد الجيش العراقي؛ فقد مُني بالتمرّد والانحلال والسئم من الحرب، وأصبح الإمام (عليه السّلام) يدعوهم فلا يستجيبون له، كما فقد الإمام في هذين الحربين أعلام أصحابه وخيارهم الذين يعتمد على إخلاصهم وتفانيهم في الولاء له.

وعلى أيّ حال، فقد رجع الجيش من النهروان إلى الكوفة، وجبن عن ملاقاة معاوية، وأخذ الإمام (عليه السّلام) يدعوهم إلى حربه فامتنعوا من إجابته.

اُفول دولة الحقّ

وأفلت دولة الحقّ التي تبنّت حقوق الإنسان وقضاياه المصيرية، وواكبت العدل الاجتماعي والعدل السياسي، وأقامت صروح الحقّ ومعاقل الشرف والفضيلة لكلّ إنسان.

ولم يعهد الشرق في جميع مراحل تأريخه حكماً نزيهاً وعادلاً كحكم الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) الذي لم يخضع في جميع فتراته لأيّة عاطفة لا تتّصل بالحقّ؛ فقد تجرّد حكمه عن كلّ نزعة يؤول أمرها إلى التراب.

وقد نقمت عليه كأشدّ ما يكون الانتقام الرأسمالية القرشيّة؛ فقد خافت على مصالحها، وخافت على أموالها التي استولت عليها بغير حقّ، فوضعت الحواجز والسدود أمام مخطّطاته السياسيّة الهادفة إلى الإصلاح الشامل، واتّهمته بالتآمر على قتل عثمان عميد الاُسرة الاُمويّة، واتّخذت من قتله ورقة رابحة لفتح أبواب الحرب عليه، فكانت حرب الجمل وصفين والنهروان.

وقد انهارت حكومة الإمام (عليه السّلام)، وبقي في أرض الكوفة يصعّد زفراته وآهاته، وقد استفحل شرّ معاوية وقوي سلطانه، واتّسع نفوذه،

١٥٧

وزادت قواته العسكريّة وتسلّحت بجميع المعدّات الحربية في ذلك العصر، وأخذ معاوية يشنّ الغارات على معظم الأقاليم الإسلاميّة الخاضعة لحكم الإمام، فكانت جيوشه تقتل وتنهب الأموال؛ وذلك لإسقاط هيبة حكومة الإمام، وأنّها لا تقدر على حماية الأمن العام للمواطنين.

وقد انتهت الغارات إلى الكوفة والإمام (عليه السّلام) يدعو جيشه لحماية البلاد وصدّ العدوان الغادر على الناس فلم يستجيبوا له؛ فقد خلدوا إلى الراحة وسئموا الحرب وشاعت في أوساطهم أوبئة الخوف من معاوية. وأخذ الإمام الممتحن يناجي ربّه ويدعوه أن ينقذه من ذلك المجتمع الذي لم يعِ مبادئه وسياسته الهادفة إلى نشر العدل وإشاعة المساواة بين الناس.

وتوالت المحن الشاقة يتبع بعضها بعضاً على الإمام (عليه السّلام)، وكان من أشقّها عليه الغارات المتّصلة التي تشنّها قوات معاوية على أطراف البلاد الإسلاميّة، وترويعها للنساء والأطفال والعُجّز، والإمام مسؤول عن توفير الأمن لهم وحمايتهم من كلّ أذى أو مكروه، ولكنّه لم يجد سبيلاً لذلك؛ لأنّ جيشه قد تمرّد عليه، وسرت فيه أوبئة الخوف وأفكار الخوارج ممّا جعلته أعصاباً رخوة لا حراك فيها ولا حياة.

وكان من بين الذين اعتنقوا مبادئ الخوارج الأثيم المجرم عبد الرحمن بن ملجم، فنزح مع عصابة من الخواج إلى مكة، وعقدوا فيها مؤتمراً عرضوا فيه ما لاقاه حزبهم من القتل والتنكيل، وما مُني به العالم الإسلامي من الفتن والخطوب، وعزوا ذلك إلى الإمام (عليه السّلام) ومعاوية وابن العاص، فصمّموا على اغتيالهم، فقال ابن ملجم: أنا أكفيكم عليّ بن أبي طالب.

وقال عمرو بن بكير التميمي: أنا أكفيكم عمرو بن العاص. وضمن الحجّاج بن عبد الله الصريمي اغتيال معاوية، واتّفقوا على يوم معيّن وهو يوم الثامن عشر من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة، كما عيّنوا ساعة الاغتيال وهي ساعة خروجهم إلى صلاة الصبح.

وقفل ابن ملجم إلى الكوفة، وهو يحمل معه الشرّ والشقاء لجميع سكّان الأرض، والتقى بقطام وكان هائماً في حبّها، وكانت تعتنق فكرة الخوارج؛ فقد قُتل أبوها وأخوها في واقعة النهروان، وعرض عليها الزواج،

١٥٨

فشرطت عليه مهراً وهو ثلاثة آلاف درهم، وعبد وقينة، وقتل الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام)، واتّفقا على هذا المهر المشؤوم، وفيه يقول الفرزدق:

ولم أرَ مهراً ساقهُ ذو سماحةٍ = كمهرِ قطامٍ من فصيحٍ وأعجمِ

ثلاثة آلافٍ وعبد وقينة = وضرب عليّ بالحسامِ المسمّمِ

فلا مهرَ أغلى من عليّ وإن غلا = ولا فتكَ إلاّ دونَ فتك ابن ملجمِ(١)

ولمّا أطلّت ليلة الثامن عشر من شهر رمضان المبارك اضطرب الإمام (عليه السّلام)، وجعل يمشي في صحن الدار وهو محزون النفس خائر القوى، وهو ينظر إلى الكواكب ويتأمّل فيها فيزداد قلقه، وهو يقول:«ما كذبتُ ولا كُذّبت، إنّها الليلة التي وُعدت فيها» .

وصادفت تلك الليلة ليلة الجمعة، وقد أحياها بالصلاة وتلاوة كتاب الله، ولمّا عزم على الخروج إلى الجامع ليؤدّي الصلاة صاحت في وجهه وزّ اُهديت إلى الإمام الحسن (عليه السّلام)، فتنبّأ عن وقوع الحادث العظيم قائلاً:«لا حول ولا قوّة إلاّ بالله، صوائح تتبعها نوائح» (٢) .

وأقبل الإمام (عليه السّلام) على الباب ليفتحه فعسر عليه؛ لأنّها كانت من جذوع النخل لا من الساج، فاقتلعها فانحلّ إزاره، فشدّه وهو يقول:

اشدد حيازمكَ للموتِ = فإنّ الموتَ لاقيكا

ولا تجزع من الموتِ = إذا حلّ بناديكا(٣)

وخرج الإمام (عليه السّلام)، فلمّا انتهى إلى بيت الله جعل على عادته يوقظ الناس لصلاة الصبح، وشرع الإمام في أداء الصلاة، فلمّا استوى من السجدة الأولى هوى عليه

____________________

(١) مستدرك الحاكم ٣ / ١٤٣.

(٢) مروج الذهب ٣ / ٢٩١.

(٣) حياة الإمام الحسن (عليه السّلام) ١ / ٥٥٧.

١٥٩

الوغد الأثيم ابن ملجم بسيفه وهو يهتف بشعار الخوارج: (الحكم لله لا لك).

وضرب الإمام (عليه السّلام) على رأسه فقدّ جبهته الشريفة، وانتهت الضربة القاسية إلى دماغه المقدّس الذي ما فكّر إلاّ في إقامة العدل وتدمير الظلم وإسعاد البؤساء والفقراء.

ولمّا أحسّ الإمام (عليه السّلام) بلذع السيف، رفع صوته قائلاً:«فزت وربّ الكعبة» .

لقد فزت يا إمام المتّقين ويعسوب الدين، فأيّ فوز أعظم من فوزك؟ لقد أقمت الإسلام بسيفك، وجاهدت في سبيل الله كأعظم ما يكون الجهاد، وحطّمت الشرك وأفكار الجاهليّة وتقاليدها، ورفعت كلمة الله مع ابن عمّك رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عالية في الأرض.

لقد فزت أيّها الإمام العظيم، فأنت أوّل حاكم في دينا الإسلام طلّقت الدنيا ثلاثاً فلم تغرّك مباهجها، ولم تخدعك السلطة، فلم تبنِ لك بيتاً، ولم تدّخر لعيالك وأبنائك شيئاً من حطام الدنيا.

لقد فزت، فقد كانت نهايتك المشرّفة في أقدس بيت من بيوت الله، وفي أعظم شهر من شهور الله، فبداية حياتك في الكعبة، ونهايتها في هذا الجامع العظيم، ولسانك يلهج بذكر الله.

ولمّا رُفع الإمام (عليه السّلام) صريعاً في محرابه هتف معرّفاً بقاتله قائلاً:«قتلني ابن اليهودية عبد الرحمن بن ملجم فلا يفوتنّكم» .

وهرع الناس من كلّ جانب، قد أذهلهم الخطب وأضناهم المصاب، وبلغ بهم الحزن إلى قرار سحيق، فوجدوا الإمام صريعاً في محرابه، فأخذوا يندبونه بذوب أرواحهم، ولم يستطع الإمام (عليه السّلام) الصلاة بالناس، فصلّى وهو جالس والدم ينزف منه، وأمر ولده الإمام الحسن فصلّى بالناس، وحُمل الإمام إلى منزله، واُلقي القبض على الوغد ابن ملجم فجيء به مخفوراً إلى الإمام (عليه السّلام)، فقال له بصوت خافت:

١٦٠

ومأواه، واُعذِّبه عَذاباً لا اُعذِّبه أحداً مِن العالمين ».

وحدَّثني مَن رفعه إلى أبي بصير قال: سمعت أبا عبدالله وأبا جعفرعليهما‌السلام يقولان: مَن أحبَّ أن يكون مسكنُه ومأواه الجنَّة - إلىُ آخره كما في صدر الباب -.

الباب السّابع والخمسون

( مَن زار الحسين عليه السلام احتساباً)

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وعليُّ بن الحسين؛ ومحمّد بن الحسن جميعاً، عن محمّد بن يحيى العطّار، عن حَمدانَ بنِ سليمانَ النّيسابوريِّ قال: حدَّثنا عبدالله بن محمّد اليمانيُّ، عن مَنيع بن الحَجّاج، عن يونسَ بن عبدالرَّحمن، عن قُدامَةَ بن مالك، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن زارَ الحسين مُحتسباً لا أشَرَاً ولا بَطَراً ولا رياء ولا ولا سُمْعَةً مُحِصَتْ عنه ذنوبُه(١) كما يمحص الثَّوب بالماء، فلا يبقى عليه دَنَس، ويكتب له بكلِّ خُطْوةٍ حَجّة، وكلّما رفع قدماً عُمرة ».

٢ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد، عن أبان الأحمر، عن محمّد بن الحسين ( كذا ) الخزَّاز، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قلت: جُعِلتُ فِداك ما لمن أتى قبر الحسينعليه‌السلام زائراً له عارفاً بحقِّه يريد به وَجهَ الله تعالى والدَّارَ الآخرة؟ فقال له: يا هارونُ مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام زائراً له عارفاً بحقِّه يريد به وجهَ الله والدَّار الآخرة غَفر الله - وَاللهِ - له ما تقدَّم مِن ذَنْبِه وما تأخَّر، ثمَّ قال لي - ثلاثاً -: ألم أحْلِف لك؟ ألم أحْلِفْ لك؟ ألم احْلِف لك؟! ».

٣ - حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه عبدالله بن محمّد

__________________

١ - قال في النّهاية: « اصل المَحْص: التّخليص. ومنه تمحيص الذَنوب أي إزالتها ». وفي القاموس: « مَحَصَ الذَّهب بالنّار اخْلَصه مَما يَشُوبُه ». وفي نسخة: « يمضمض » أي يغسل. و « لا أشَراً ولا بطراً » قال الفيضرحمه‌الله : « الأشر والبطر متقاربان يعني سبب الطّغيان ».

١٦١

ابن عيسى، عن أبيه محمّد بن عيسى بن عبدالله، عن عبدالله بن المغيرة، عن عبدالله بن ميمون القَدّاح، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قلت له: ما لمن أتى قبر الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام زائراً عارفاً بحقِّه، غير مُسْتَنْكِفٍ ولا مُسْتَكْبر؟ قال: يُكتب له ألفُ حَجّة مقبولةً، والفُ عُمرة مَبرورةً، وإن كان شَقيّاً كُتب سعيداً، لم يزل يخوض في رحمة الله عزَّوجلَّ ».

٤ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن محمّد بن يحيى العطّار، عن حَمدان بن سليمان النّيسابوريّ، عن عبدالله بن محمّد اليمانيِّ، عن مَنيع بن الحجّاج، عن صَفوانَ بن يحيى، عن صَفوانَ بن مِهران الجمّال، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن زار قبر الحسينعليه‌السلام وهو يريد الله عزَّوجَلَّ شيَّعه جَبرئيل وميكائيل وإسرافيل حتّى يردَّ إلى منزله ».

٥ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميريّ، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حمّاد البصريّ، عن عبدالله ابن عبدالرَّحمن الأصمّ، عن عبدالله بن مُسكانَ « قال: شهدتُ أبا عبداللهعليه‌السلام وقد أتاه قومٌ مِن أهل خراسان فسألوه عن إتيان قبر الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام وما فيه مِن الفضل، قال: حدَّثني أبي، عن جدِّي أنّه كان يقول: مَن زاره يريد به وَجْهَ الله أخرجه الله مِن ذنوبه كمَولودٍ وَلَدَتْه اُمّه، وشيّعتْه الملائكة في مسيره، فرَفْرَفَتْ على رَأسه(١) قد صَفّوا بأجنِحَتِهم عليه حتّى يرجع إلى أهله، وسألتِ الملائكةُ المغفرة له مِن رَبِّه، وغَشيَتْه الرَّحمة مِن [أ] عنان السّماء، ونادَتْه الملائكة: طِبتَ وطابَ مَن زُرْتَ! وحفظ في أهله »(٢) .

وحدَّثني عبيدالله بن الفضل بن محمّد بن هِلال قال: حدَّثنا عبدالرَّحمن قال: حدّثنا سعيد بن خَيْثم، عن أخيه مُعَمّر « قال: سمعت زَيد بن عليٍّ يقول: مَن زار قبر الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام لا يريد به إلا [وجه] الله تعالى غفر الله له جميع

__________________

١ - رَفْرَف الطّائر: بسط جناحيه وحرّكهما. وصَفَّ الطّائر بسطهما ولم يحرّكهما.

٢ - سيأتي الخبر في آخر الباب ٦٢ تحت رقم ٨.

١٦٢

ذُنوبه، ولو كانَتْ مِثلَ زَبَد البحر، فاستكثروا مِن زيارته يغفر الله لكم ذنوبكم ».

٧ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر، عن أبيه، عن أحمدَ بن أبي عبدالله البرقيِّ، عن أبيه، عن محمّد بن سِنان، عن حُذَيْفَة بن منصور « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : مَن زار قبر الحسينعليه‌السلام لله وفي الله أعتقه الله من النّار، وآمنه يوم الفزع الأكبر، ولم يسألِ الله تعالى حاجةً مِن حوائج الدُّنيا والآخرة إلاّ أعطاه ».

الباب الثّامن والخمسون

( إنَّ زيارة [قبر] الحسين عليه السلام أفضل ما يكون مِن الأعمال)

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعةٌ مِن أصحابنا، عن سَعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليٍّ الوَشّاء، عن أحمدَ بن عائِذ، عن أبي خديجة(١) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سألته عن زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، قال: إنّه أفضل ما يكون مِن الأعمال ».

٢ - وعنه(٢) ، عن أحمدَ بنِ محمّد بن عيسى، عن الوَشّاء، عن أحمدَ بنِ عائِذ، عن أبي خَديجة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، قال: إنّه أفضل ما يكون من الأعمال ».

٣ - حدَّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمدَ بن محمّد، عن الوَشّاء، عن أحمدَ بن عائِذ، عن أبي خَديجة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سألته عن زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، قال: إنّه أفضل ما يكون من الأعمال ».

٤ - حدَّثني أبو العبّاس الكوفيِّ، عن محمّد بن الحسين، عن الحسن بن محبوب - عن رَجل - عن ابان الأزرق - عن رَجل - عن أبي عبدالله « قال: مِن أحبِّ الأعمال إلى الله تعالى زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، وأفضل الأعمال عند الله

__________________

١ - هو سالم بن مكرم الجمّال يكنّى به وبأبي سلمة.

٢ - الضّمير راجع إلى سعد بن عبدالله.

١٦٣

إدخال السّرور على المؤمن، وأقرب ما يكون العبد إلى الله تعالى هو ساجدٌ باك ».

٥ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أبيه، عن أحمدَ بن أبي عبدالله، عن أبي الجَهْم، عن أبي خَديجة « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : ما يبلغ مِن زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، قال: أفضل ما يكون من الأعمال ».

٦ - حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين، عن عبدالرَّحمن بن أبي هاشم الرَّزَّاز قال: حدَّثنا سالم بن سلمة - وهو أبو خديجة - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنَّ زيارة الحسينعليه‌السلام افضل ما يكون مِن الأعمال »(١) .

الباب التّاسع والخمسون

( إنّ مَن زار الحسين عليه السلام كان كمن زار الله في عَرشه)

( وكتب في أعلىُ علّيّين)

١ - حدَّثني أبي؛ وعليُّ بن الحسين؛ وجماعة مشايخيرحمهم‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد؛ ومحمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيلَ بن بزيع، عن صالِح بن عُقْبة، عن زَيد الشَّحّام « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : ما لِمَن زار قبر الحسين(٢) عليه‌السلام ؟ قال: كان كمن زارَ الله في عَرشه، قال: قلت: ما لمن زارَ أحداَ منكم؟ قال: كمن زارَ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

٢ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيلَ، عن الخَيبري، عن الحسين بن محمّد القمّيِّ، عن أبي الحسن الرِّضاعليه‌السلام « قال: مَن زارَ قبر أبي عبداللهعليه‌السلام بشطّ الفُرات كان

__________________

١ - الخبر واحدٌ كما ترى، وكذا سنده، لكن كرّره المصنّفرحمه‌الله ونقله عن واحدٍ واحدٍ مِن شيوخه.

٢ - كذا، والصّواب ما يأتي في الباب السّتّين تحت رقم ٤، وفيه: « ما لمن زار رسول الله وعليّاًعليهما‌السلام - إلخ ».

١٦٤

كمن زار الله فوق عَرشه »(١) .

٣ - وحدَّثني عليُّ بن الحسين؛ وجماعة مشايخيرحمهم‌الله عن عليِّ بن إبراهيم [عن أبيه إبراهيم] بن هاشم، عن محمّد بن عمر، عن عُيَيْنة بيّاع القَصب(٢) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقِّه كتبه الله في أعلى علِّيّين ».

٤ - حدَّثني أبو العبّاس الكوفيُّ، عن محمّد بن الحسين، عن أبي داودَ المسترقَ، عن عبدالله بن مُسكان - عن بعض أصحابنا - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قال: من أتى قبر الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقّه كتبه الله(٣) في أعلى علّيّين ».

٥ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن عليِّ بن الحكم، عن عبدالله بن مُسكانَ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: من أتى قبر الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقّه كتبه الله في علّيّين ».

٦ - وحدَّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصّفّار؛ وسَعد بن عبدالله جميعاً، عن عليِّ بن إسماعيلَ، عن محمّد بن عَمرو الزَّيّات، عن هارون بن خارجة « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: من أتى قبر الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقّه كتبه الله في أعلى علّيّين ».

٧ - وحدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل بن بَزيع، عن الخيبريّ، عن الحسين بن محمّد القمّيِّ(٤) « قال: قال لي

__________________

١ - قال العلاّمة المجلسيّ رحمه الله: أي عبدالله هناك، أو لاقى الأنبياء والأوصياء هناك، فإنّ زيارتهم كزيارة الله، أو يحصل له مرتبة في القُرب كمن صعد عرش ملك وزاره.

٢ - الظّاهر كونه عيينة بن ميمون بيّاع القصب البجليِّ مولاهم. وقد ذكر في كتب الرّجال: « عتبة بن ميمون ».

٣ - في بعض النّسخ: « كُتب في أعلى علّيّين ». وعلّيّون: اسمٌ لأعلى درجات الجنّة.

٤ - عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الجواد عليه السلام، وجلّ روايته في هذا الكتاب عن الرّضا عليه السلام، وتقدّم في ص ١٤٩ تحت رقم ٣ عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام، والظّاهر فيه إرسال.

١٦٥

الرّضاعليه‌السلام : مَن زار قبر أبي ببغداد كان كمن زارَ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين إلاّ أنَّ لرسول الله وأمير المؤمنينعليهما‌السلام فضلهما، قال: ثمَّ قال لي: مَن زار قبر أبي عبدالله بشطِّ الفُرات كان كمن زارَ الله فوقَ كُرسِيّه ».

٨ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن الحسن بن عليِّ بن عبدالله بن المغيرة، عن العبّاس بن عامِر، عن أبان، عن ابن مُسكان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام كتبه الله في علّيّين ».

٩ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن ابن فَضّال، عن عبدالله بن مُسكانَ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: من أتى قبر الحسينعليه‌السلام كتبه الله في عِلّيّين ».

١٠ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن الحسن بن عليٍّ الكوفيّ، عن عبّاس بن عامِر، عن رَبيع بن محمّد المُسْليِّ(١) ، عن عبدالله بن مُسكانَ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: من أتى قبر الحسينعليه‌السلام كتبه الله في عِلّيّين ».

١١ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أبيه قال: حدَّثني محمّد بن الحسن بن شَمّون البَصريّ قال: حدَّثني محمّد بن سِنان، عن بَشير الدَّهّان « قال: كنت أحجّ في كلِّ سنةٍ فأبطأت سنة عن الحجّ فلمّا كان مِن قابل حَجَجتُ ودَخَلتُ على أبي عبداللهعليه‌السلام فقال لي: يا بشير ما أبطأك عن الحجّ في عامنا الماضي؟ قال: قلت: جُعِلتُ فِداك مال كان لي على النّاس خِفت ذهابه، غير أنّي عَرَّفت عند قبر الحسينعليه‌السلام (٢) ، قال: فقال لي: ما فاتك شيءٌ ممّا كان فيه أهل الموقف! يا بشير مَن زار قبر الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقِّه كان كمن زارَ الله في عرشه ».

وعنه، عن أبيه، عن محمّد بن الحسن بن شَمّون قال: حدَّثني جعفر بن

__________________

١ - مُسْلِيَة: قبيلة من مَذْحِج، ومحلّة لهم بالكوفة. ( اللّباب )

٢ - أي كنت يوم عرفة زرت قبر الحسين عليه السلام، وعرَّف الحُجّاج وقفوا بعرفات.

١٦٦

محمّد الخُزاعيّ - عن بعض أصحابه - عن جابر، عن أبي عبداللهعليه‌السلام مثله.

حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل بن بَزيع، عن عمِّه - عن رَجل - عن جابر نحوه.

١٢ - وحدَّثني أبي؛ ومحمَّد بن عبدالله - رحمهما الله - عن عبدالله بن جعفر الحِميريّ قال: حدَّثنا عبدالله بن محمّد بن خالد الطّيالسيُّ، عن ربيع بن محمّد، عن عبدالله بن مُسْكانَ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام كتبه الله في عِلِّيّين ».

الباب السّتّون

( إنَّ زيارة الحسين والأئمّة عليهم السلام تعدل زيارة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)

١ - حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن جُوَيرية بن العَلاء - عن بعض أصحابنا(١) - « قال: مَن سَرَّه أنْ ينظر إلى اللهِ يومَ القيامة وتهوِّن عليه سَكْرَةُ الموت وهَول المطَّلَع(٢) فليكثر زيارة قبر الحسينعليه‌السلام فإنَّ زيارة الحسينعليه‌السلام زيارة رَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

٢ - وحدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز الكوفيُّ، عن خاله محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب الزّيّات، عن الحسن بن محبوب، عن فضل بن عبدالمَلِك - أو عن رَجل، عن الفضل - عن أبي بصير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنَّ زائر الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام زائر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

٣ - حدَّثني محمّد بن يعقوبَ الكلينيُّ، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب. وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيلَ بن بَزيع، عن صالِح بن عُقْبة، عن زَيدٍ

__________________

١ - كذا، والظّاهر سَقَطَ « عن أبي عبداللهعليه‌السلام » من كلام الرّاويّ أو النّاسخ.

٢ - المطَّلع: موقف القيامة الَّذي يحصل الاطِّلاع عليه بعد الموت. ( المجمع )

١٦٧

الشَّحّام « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : ما لمن زارَ أحداً منكم؟ قال: كمن زار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

٤ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن الحسن بن مَتِّيل، عن سَهل بن زياد الآدميِّ، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالِح بن عُقْبَةَ، عن زَيدٍ الشَّحّام « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : ما لمن زارَ رسول الله وعليّاً(١) عليهما‌السلام ؟ قال: كمن زار الله في عَرشِه، قال: قلت: فما لمن زار أحداً منكم، قال: كمن زارَ رسولَ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالِح بن عُقْبة، عن زيد الشّحّام، عن أبي عبداللهعليه‌السلام مثله.

الباب الحادي والسّتّون

( إنَّ زيارة الحسين عليه السلام تزيد في العمر والرِّزق)

( وإنَّ تركها تنقصهما)

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله؛ ومحمّد بن يحيى العطّار؛ وعبدالله بن جعفر الحِميريّ جميعاً، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيلَ بن بزيع، عن أبي أيّوب(٢) ، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: مُروا شيعتنا بزيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، فإنَّ إتيانه يزيد في الرِّزق، ويَمدّ في العمر، ويدفع مَدافع السّوء، وإتيانه مفترضٌ على كلِّ مؤمنٍ يقرُّ للحسين بالإمامة مِن اللهِ عزَّوجَلَّ »(٣) .

__________________

١ - في بعض النّسخ: « ما لمن زار الحسينعليه‌السلام »، والظّاهر أنّ الصّواب ما في المتن.

٢ - يعني إبراهيم بن عثمان الخزّاز الثّقة.

٣ - قوله: « يدفع مدافع السَّوء »، قال في الصِّحاح: المَدْفَعُ: واحد مَدافِع المياه الّتي تجري فيها. ( تاج العروس ) وقال العلاّمة المجلسيّ رحمه الله: لعلّ المراد الاُمور الَّتي يجري السّوء إليها ويستلزمها.

١٦٨

٢ - حدَّثني محمّد بن عبدالله الحِميريّ، عن أبيه، عن محمّد بن عبدالحميد، عن سَيف بن عَميرة، عن منصور بن حازم « قال: سمعناه(١) يقول: مَن أتى عليه حَولٌ لم يأتِ قبرَ الحسينعليه‌السلام أنقص الله مِن عُمره حَولاً، ولو قلتُ: إنَّ أحَدَكم لَيَموت قبلَ أجلِه بثلاثين سَنَة لكنتُ صادقاً، وذلك لأنّكم تتركون زيارةَ الحسينعليه‌السلام ، فلا تَدَعوا زيارَته يَمدُّ الله في أعماركم ويزيد في أرزاقكم، وإذا تركتم زيارته نَقّصَّ الله مِن أعمارِكم وأرْزاقكم، فتنافسوا في زيارته(٢) ولا تَدَعوا ذلك، فإنَّ الحسين شاهدٌ لكم في ذلك عند الله وعند رَسوله وعند فاطمة وعند أمير المؤمنينعليهم‌السلام ».

٣ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل - عمّن حدَّثه - عن عبدالله بن وَضّاح، عن داودَ الحَمّار، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن لم يَزُرْ قبرَ الحسينعليه‌السلام فقد حُرِمَ خيراً كثيراً ونقص مِن عُمره سَنَة ».

٤ - حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن صَبّاح الحذاء، عن محمّد بن مَروانَ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سمعته يقول: زوروا الحسينعليه‌السلام ولو كلَّ سَنةٍ، فإنَّ كلَّ مَن أتاه عارفاً بحقِّه غيرَ جاحدٍ لم يكن له عِوَضٌ غير الجنّة، ورُزق رِزقاً واسعاً، وآتاه الله مِن قبلِه بفرح عاجل - وذكر الحديث - ».

وحدَّثني جماعة أصحابنا، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن الحسن بن محبوب بإسناده مثله سواء.

٥ - حدَّثني أبي؛ وجماعة مشايخيرحمهم‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن أحمدَ بن محمّد بن أبي نَصر - عن بعض أصحابنا - عن أبان، عن عبدالملِك الخَثعميِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قال لي: يا

__________________

١ - منصور بن حازم كان من أصحاب الصّادقعليه‌السلام ، والضَمير راجع إليهعليه‌السلام .

٢ - أي ارغبوا في زيارته.

١٦٩

 

عبدالملِك لا تدع زيارة الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام ومُرْ أصحابَك بذلك يَمدّ الله في عُمُرك، ويزيد الله في رِزقك، ويحييك الله سَعيداً، ولا تموت إلاّ سعيداً، ويكتبك سعيداً ».

الباب الثّاني والسّتّون

( إنَّ زيارة الحسين عليه السلام تحطّ الذّنوب)

١ - حدَّثني محمّد بن الحسن بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصّفار، عن الحسن بن موسى الخشّاب - عن بعض رجاله - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنّ زائر الحسين جعل ذنوبه جِسْراً على باب داره ثمَّ يعبرها، كما يَخلِف أحدكم الجسرَ وراءَه إذا عَبَر[ه] ».

٢ - حدّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن اسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن بشير الدَّهَان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنّ الرّجل ليخرج إلى قبر الحسينعليه‌السلام فله إذا خرج مِن أهله بكلّ خُطْوة مغفرةٌ مِن ذُنوبه، ثمّ لم يزلْ يقدَّس بكلِّ خطوة حتّى يأتيه، فإذا أتاه ناجاه الله عزَّوجَلَّ فقال: عبدي سَلني اُعطك، اُدعني اُجبك، اُطلب مني اُعطك، سَلني حاجتك اقضيها لك، قال: وقال أبو عبداللهعليه‌السلام : وحقٌّ على الله أن يعطى ما بَذَل »(١) .

٣ - وعنه بهذا الإسناد، عن صالحِ بن عُقْبة، عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنّ ‏لله ملائكة مؤكّلين بقبر الحسينعليه‌السلام ، فإذا همَّ الرَّجل بزيارته أعطاهم ذنوبه(٢) ، فإذا خطا محوها، ثمَّ إذا خطا ضاعفوا حسناته، فما تزال حسناته تضاعف حتّى توجب له الجنّة، ثمّ اكتنفوه وقدَّسوه، وينادون ملائكة السّماء أن قدِّسوا زوّار حبيب حبيب الله، فإذا اغتسلوا ناداهم

__________________

١ - مرّ الحديث بطريق آخر في ص ١٤٣ تحت رقم ٥.

٢ - أي صحيفة ذنوبه.

١٧٠

محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا وَفدَ اللهِ (١) أبشروا بموافقتي في الجنّة، ثمَّ ناداهم أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنا ضامِنٌ لقضاءِ حوائجكم ودَفْع البلاء عنكم في الدُّنيا والآخرة، ثمَّ اكتنفوهم عن أيمانهم وعن شمائلهم حتّى ينصرفوا إلى أهاليهم »(٢) .

٤ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أبي عبدالله الجامورانيِّ الرَّازيّ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي حمزة، عن الحسن بن محمّد بن عبدالكريم، عن المفضّل بن عُمَرَ، عن جابر الجعفيِّ « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام - في حديث طويل -: فإذا انقلبتَ مِن عند قبر الحسينعليه‌السلام ناداكَ منادٍ لو سمعت مقالته لأقمتَ عُمرَك عند قبر الحسينعليه‌السلام وهو يقول: طوبى لكَ أيّها العبد؛ قد غَنِمتَ وسَلِمتَ، قد غُفِرَ لك ما سلف فاستأنفِ العمل - وذكر الحديث بطوله - ».

٥ - حدَّثني أبو العبّاس الرَّزَّاز قال: حدَّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن إسماعيل، عن الخَيبريّ، عن الحسين ( كذا ) بن محمّد القمّيِّ « قال: قال أبو الحسن موسىعليه‌السلام : أدنى ما يثاب به زائر الحسينعليه‌السلام بشاطِئ الفُرات إذا عرف حَقّه وحُرمته وولايته أن يغفر ما تقدَّم من ذَنبه وما تأخّر(٣) ».

٦ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمّد بن اُورَمَة، عن زكريّا المؤمن أبي عبدالله(٤) ، عن عبدالله بن يحيى الكاهليِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن أراد أن يكون في كَرامة الله يوم القيامة وفي شفاعة محمّد صلوات الله عليه وعلى آله، فليكن للحسين زائراً ينال مِن الله أفضل الكَرامة(٥) وحُسن الثَّواب، ولا يسأله عن ذنب عَمِله في حياته الدُّنيا ولو كانَتْ ذنوبه عدد رَملِ عالِج وجبال تِهامَة وزَبَد البَحر، إنَّ الحسين [بن عليٍّ]عليهما‌السلام قُتِل مظلوماً مُضْطَهَداً نفسُه، عَطشاناً هو وأهل بيته وأصحابه ».

__________________

١ - الوافد: الزّائر، ووفد القوم عليه أي تواردوا.

٢ - تقدّم الخبر بطريق آخر في ص ١٤٢ تحت رقم ٣.

٣ - تقدّم الخبر مع بيانه في ص ١٤٩ تحت رقم ٣.

٤ - المراد به زكريّا بن محمّد.

٥ - في بعض النّسخ: « الفضل والكرامة ».

١٧١

٧ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد البرقيِّ، عن القاسم بن يحيى بن الحسن بن راشد، عن جدِّه الحسن بن راشد، عن أبي إبراهيمعليه‌السلام « قال: مَن خرج مِن بيته يريد زيارة قبر أبي عبدالله الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام وكّل الله به مَلَكاً فوضع أصبعه في قفاه فلم يزل يكتب ما يخرج من فيه حتّى يَردَ الحائر، فإذا خرج مِن باب الحائِر وضع كفّه وسط ظهرِه، ثمَّ قال له: أمّا ما مضى فقد غُفِرَ لك فاستأنفِ العَمَل ».

وبهذا الإسناد، عن الحسن بن راشد، عن إبراهيم بن أبي البلاد بإسناده مثله.

٨ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حمّاد الأنصاريِّ، عن عبدالله بن عبدالرّحمن الأصَمّ، عن عبدالله بن مُسكانَ « قال: شهدتُ أبا عبداللهعليه‌السلام وقد أتاه قومٌ مِن أهل الخراسان فسألوه عن إتيان قبر الحسينعليه‌السلام وما فيه من الفضل، قال: حدَّثني أبي، عن جدِّي أنّه كان يقول: مَن زارَه يريد به وجه الله أخرجه الله مِن ذنوبه كمولود وَلَدَتْه اُمُّه، وشَيّعتْه الملائكة في مَسيره، فَرَفْرَفَتْ على رأسِه قد صَفّوا بأجْنِحَتهم عليه حتّى يرجع إلى أهله، وسألتِ الملائكة المغفرةَ لَه مِن رَبِّه، وغَشيتْه الرَّحمة مِن [أ] عنان السَّماء، ونادَتْه الملائكة: طِبتَ وطابَ مَن زُرْتَ وحُفِظ في أهله »(١) .

الباب الثّالث والسّتّون

( إنَّ زيارة الحسين عليه السلام تَعدِلُ عُمْرَة)

١ - حدَّثني أبي؛ وعليُّ بن الحسين؛ ومحمّد بن يعقوبَرحمهم‌الله جميعاً، عن عليِّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن أحمدَ بن محمّد بن أبي نَصر « قال: سأل بعض أصحابنا أبا الحسن الرّضاعليه‌السلام عمّن أتى قبر الحسينعليه‌السلام ، قال: تَعدِل عُمرَة ».

__________________

١ - تقدّم الخبر في ص ١٥٧ تحت رقم ٥ وسيأتي بطريقين آخرين في باب ٦٦ و ٦٧.

١٧٢

٢ - وحدَّثني محمّد بن جعفر، عن محمّد بن الحسين، عن الحسن بن عليِّ بن أبي عثمان، عن إسماعيل بن عَبّاد، عن الحسن بن عليِّ، عن أبي سعيد المدائنيّ « قال: دَخلتُ علىُ أبي عبداللهعليه‌السلام فقلت: جُعِلتُ فِداك آتي قبر الحسين؟ قال: نَعَم يا أبا سعيد ائتِ قبر ابن رسولِ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أطيبِ الطّيّبين وأطْهرِ الطّاهرين وأبَرِّ الأبرار، فإذا زُرْتَه كُتِبَ لك اثنتان وعشرون عُمْرَة(١) ».

٣ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سِنان « قال: سمعت الرّضاعليه‌السلام يقول: زيارة قبر الحسينعليه‌السلام تَعدِلُ عُمرَة مَبرورَة متقبّلة ».

٤ - حدَّثني أبيرحمه‌الله ومحمّد بن الحسن، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد؛ وعبدا‏ ابني محمّد بن عيسى، عن موسى بن القاسم، عن الحسن بن الجَهْم « قال: قلت لأبي الحسنعليه‌السلام : ما تقول في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ؟ فقال لي: ما تقول أنت فيه؟ فقلت: بعضنا يقول حَجّة، وبعضنا يقول: عُمْرَة، فقال: هو عمرة مقبولة »(٢) .

__________________

١ - الخبر مذكور في الكافي ( ج ٤ ص ٥٨١ تحت رقم ٤ ) بسند آخر عن أبي سعيد المدائنيّ وفيه: « كتب الله لك به خمسة وعشرين حجّة ».

٢ - قال اُستاذنا الغفّاري - أيّده الله -: كأنّ اختلاف مبلغ الثّواب في الرّوايات كما يأتي في الباب الآتي تارةً لاختلاف عقول الزّائرين، واُخرى لاختلاف الزَّمان بمنع الظّالمين، وشدَّة الخوف وعدم ذلك، ويجب أن يُعلم أنّ ثواب الزّائر في الأيّام الّتي كانت السَّبيل إلى زيارته مفتوحة، غير مَسدودة ولا ممنوعة غير ثواب الزّائر في أيّام المنع مِن زيارة قبره عليه السلام، ووجود الخوف مِن قوّاد السّلطان، وجور الخلفاء على قبره الشّريف، روى شيخ الطّائفة رحمه الله في أماليه بإسناده عن عليِّ بن عبدالمنعم قال: حدّثني جدّي القاسم بن أحمد بن معمر الأسديّ الكوفيّ - وكان له علم بالسّيرة وأيّام النّاس - قال: بلغ المتوكّل جعفر بن المعتصم أنّ أهل السّواد يجتمعون بأرض نينوى لزيارة قبر الحسين عليه السلام فيصير إلى قبره منهم خلقٌ كثير، فانفذ قائداً مِن قُوّاده وضمّ إليه كَنَفاً من الجند كثيراً ليشعّث قبر الحسين ويمنع النّاس مِن زيارته والاجتماع إلى قبره، فخرج القائد إلى الطّفّ وعمل بما اُمر - وذلك في سنة سبع وثلاثين ومائتين - فثار أهل السّواد به واجتمعوا عليه قالوا: لو قُتِلنا عن آخرنا لما أمسك مَن بقي منّا عن زيارته، ورأوا

١٧٣

٥ - وحدَّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصَّفّار، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن عليٍّ قال: حدَّثنا إبراهيم بن يحيى القطّان، عن أبيه أبي البلاد « قال: سألت أبا الحسن الرّضاعليه‌السلام عن زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، فقال: ما تقولون أنتم؟ قلت: نقول: حَجّة وعُمرة، قال: تعدل عُمرةً مَبرورة ».

٦ - حدّثني عليُّ بن الحسين، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن عليِّ بن أحمدَ بن أشْيَم، عن صَفوان بن يحيى « قال: سألت الرّضاعليه‌السلام عن زيارة قبر الحسينعليه‌السلام أيُّ شيءٍ فيه مِن الفضل؟ قال: تعدل عُمْرَة ».

٧ - حدَّثني أبيرحمه‌الله ومحمّد بن عبدالله جميعاً، عن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن إبراهيم بن مَهزيار، عن أخيه عليّ بن مَهزيار، عن محمّد بن سِنان « قال: سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول: إنَّ زيارة قبر الحسينعليه‌السلام تَعدِل عمرةً مَبرورة مُتَقبّلة ».

٨ - حدَّثني محمّد بن جعفر، عن محمّد بن الحسين، عن صَفوانَ بن يحيى،

__________________

مِنَ الدّلائل ما حملهم على ما صنعوا، فكتب بالأمر إلى الحضرة فورد كتاب المتوكّل إلى القائد بالكفّ عنهم والمسير إلى الكوفة، مظهراً أنّ مسيره إليها في مصالِح أهلها، والانكفاء إلى المصير.

فمضى الأمر على ذلك حتّى كانت سنة سبع وأربعين، فبلغ المتوكّل أيضاً مصير النّاس من أهل السّواد والكوفة إلى كربلاء لزيارة قبر الحسين عليه السلام وأنّه قد كثر جمعهم لذلك وصار لهم سوق كبير، فأنفذ قائداً في جمع كثير من الجند وأمر منادياً ينادي ببراءة الذّمة ممّن زار قبره، ونبش القبر وحرث أرضه وانقطع النّاس عن الزيارة، وعمل على تتبّع آل أبي طالب عليهم السلام والشّيعة، فقتل ولم يتمّ له ما قدّره - انتهى.

قوله: « كَنَفاً من الجند » أي جانباً، كناية عن الجماعة منهم، وفي بعض النّسخ بالثّاء وهو بالفتح: الجماعة، وقوله: « ليشعّث من قبره »، يقال: شعّث منه تشيعثاً نضح عنه وذبّ ودفع. وانكفأ: رجع. وفي بعض النّسخ: « ليشعّب » أي يشقّ وينبش. ( من البحار )

وأمثال هذه القضايا مذكورة في البحار ج ٤٥ تحت عنوان « باب جور الخلفاء لقبره الشّريف » من ص ٣٩٠ إلى آخر الكتاب. واختلاف الثّواب يمكن أن يكون بهذه الجهات، والله يعلم.

١٧٤

عن أبي الحسنعليه‌السلام « قال: سألته عن زيارة قبر الحسينعليه‌السلام أيُّ شيءٍ فيه من الفضل؟ قال: تَعدِل عُمرَة ».

٩ - حدَّثني جماعة أصحابنا، عن أحمدَ بن إدريسَ؛ ومحمّد بن يحيى العطّار، عن العَمْركي بن عليٍّ - عن بعض أصحابه - عن بعضهمعليهم‌السلام « قال أربع عُمُرٍ تَعدل حجّة، وزيارة قبر الحسينعليه‌السلام تَعدل عُمرَة ».

١٠ - وبهذا الإسناد، عن العَمْركي البوفكيِّ - عمّن حدّثه - عن محمّد بن الفَيض، عن ابن رِئاب(١) « قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، قال: نَعَم تَعدِل عُمرَة، ولا ينبغي أن يتخلّف عنه(٢) أكثر من أربع سِنين ».

الباب الرّابع والسّتّون

( إنَّ زيارة قبر الحسين عليه السلام تعدل حَجّة)

١ - حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن دُرَّاج، عن فَضَيل بن يَسار، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، وزيارة قبر رَسولِ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وزيارة قبور الشّهداء تَعدِل حَجّة مَبرورَة مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

٢ - حدَّثني محمّد بن جعفر، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سِنان « قال: سمعت أبا الحسن الرّضاعليه‌السلام يقول: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام كتب الله له حَجّة مَبرورة ».

٣ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن الحسن بن عليِّ بن

__________________

١ - في بعض النّسخ: « أبي رباب »، وفي بعضها: « أبي رئاب »، والصّواب ما أثبتناه، وراويه محمّد بن الفيض التّيميّ المعنون في مشيخة الفقيه وكتب الرّجال، وما في جلّ النّسخ: « محمّد بن الفضيل » تصحيف.

٢ - في البحار: « لا ينبغي التّخلّف عنه ».

١٧٥

عبدالله بن المغيرة، عن عبّاس بن عامِر قال: أخبرني عبدالله بن عُبَيد الأنباريّ « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : جُعِلتُ فِداك إنّه ليس كلُّ سنةٍ يتهيّاً لي ما أخرج به إلى الحجّ؟ فقال: إذا أردت الحجّ ولم يتهيّأ لك فائتِ قبر الحسينعليه‌السلام فإنها تُكتب لك حَجّة، وإذا أردت العُمرة ولم يتهيّأ لك فائتِ قبرَ الحسينعليه‌السلام فإنها تُكتب لك عُمرَة ».

٤ - وحدَّثني محمّد بن الحسنرحمه‌الله عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن ابن أبي عُمَير، عن هِشام بن الحكم، عن عبدالكريم بن حَسّان « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : ما يقال إنَّ زيارة قبر الحسين تَعدل حَجّة وعُمْرة، قال: فقال: إنّما الحجّ والعُمرة ههنا ولو أنّ رَجلاً أراد الحجّ ولم يتهيّأ له فأتاه كتب الله له حَجّة، ولو أنَّ رَجلاً أراد العُمرة ولم يتهيّأ له فأتاه كتبت له عُمرة ».

٥ - وعنه، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليِّ بن فَضّال، عن حَريز، عن فَضَيل بن يَسار « قال: قالعليه‌السلام : إنَّ زيارةَ قبرِ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وزيارةَ قبورِ الشّهداء وزيارةَ قبرِ الحسينعليه‌السلام تَعدِلُ حَجّة مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن جَميل بن صالِح، عن فضيل بن يسار، عن أبي عبدالله عليه مثله.

٦ - حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالِح، عن فَضيل بن يسار، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: زيارة قبر الحسينعليه‌السلام تَعدل حَجّة مَبرورة مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

٧ - حَدَّثني محمّد بن الحسن بن عليٍّ بن مَهزيار، عن أبيه، عن عليِّ بن مَهزيار، عن الحسن بن سعيد، عن صَفوانَ بن يحيى، عن حَريز؛ والحسن بن محبوب، عن جميل بن صالِح، عن فضيل بن يسار عنهماعليهما‌السلام « قالا: زيارة قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وزيارة قبور الشّهداء وزيارة قبر الحسينعليه‌السلام تَعدِل حَجّة

١٧٦

مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

٨ - حدَّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن محمّد بن عيسى بن عُبيد، عن أبي سعيد القَمّاط، عن ابن أبي يَعفور « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: لو أنَّ رَجلاً أراد الحجّ ولم يتهيّأ له ذلك فأتى قبر الحسينعليه‌السلام فَعرَّف عنده يجزئه ذلك عن الحجّ ».

٩ - حدَّثني محمّد بن جعفر، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سِنان، عن ابراهيم بن عُقْبة(١) « قال: كتبت إلى العبد الصّالحعليه‌السلام إن رأى سَيّدنا أن يخبرني بأفضل ما جاءَ به في زيارة الحسينعليه‌السلام وهل تعدل ثواب الحجّ لمن فاته، فكتبعليه‌السلام : تَعدلُ الحجَّ لمن فاته الحجُّ ».

الباب الخامس والسّتون

( في أنَّ زيارة الحسين عليه السلام تعدل حجّة وعمرة)

١ - حدَّثني جعفر بن محمّد بن إبراهيم بن عُبَيدالله بن موسى بن جعفر، عن عبدالله بن أحمدَ بن نَهيك، عن محمّد بن أبي عُمَير، عن الحسن الأحمسيِّ، عن اُمّ سعيد الأحْمَسِيّة(٢) « قالت: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، فقال: تَعدِل حَجّة وعُمرة، ومن الخير هكذا وهكذا - واُومأ بيده - ».

٢ - وعنه، عن عبدالله بن نَهيك، عن ابن أبي عُمَير، عن هِشام بن الحكم، عن عبدالكريم بن حَسّان « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : ما يقال: إنَّ زيارة قبر أبي عبدالله الحسينعليه‌السلام تَعدِل حَجّة وعُمرة؟ فقال: إنّما الحجّ والعُمرة ههنا ولو أنَّ رَجلاً أراد الحجَّ ولم يتهيّأ له فأتاه كتب الله له حَجّة، ولو أنّ رَجلاً أراد الُعمرة ولم يتهيّأ له فأتاه كتب الله له عُمرَة ».

__________________

١ - كذا في النّسخ، والظّاهر أنّ فيه سقطاً، لأنّ إبراهيم بن عقبة من أصحاب الهاديعليه‌السلام ، ومكاتباته مع الجوادعليه‌السلام .

٢ - تقدّم ضبطه في ص ١١٨ ذيل الخبر ٣.

١٧٧

٣ - حدَّثني أبيرحمه‌الله ومحمّد بن الحسن، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن إسحاقَ بن إبراهيم، عن هارونَ بن خارجة « قال: سأل رجلٌ أبا عبداللهعليه‌السلام - وأنا عنده - فقال: ما لمن زارَ قبرَ الحسينعليه‌السلام ؟ فقال: إنَّ الحسين وكّل اللهُ به أربعةَ آلافِ مَلَك شُعثاً غُبراً يَبكونه إلى يوم القيامة، فقلت له: بأبي أنت واُمّي روي عن أبيك: الحجّ والعُمرة، قال: نَعَم؛ حَجّة وعُمرَة - حتّى عَدَّ عشرة - ».

٤ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وعليُّ بن الحسين، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد، عن الحسن بن عليٍّ الوَشّاء، عن أحمدَ بن عائِذ، عن أبي خديجةَ « عن رَجل سأل أبا جعفرعليه‌السلام عن زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، فقال: إنّهــ[ـا] تَعدِل حَجّة وعُمرة، وقال بيده هكذا من الخير - يقول بجميع يديه هكذا - ».

٥ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن محمّد بن يحيى، عن حَمدانَ بن سليمانَ النّيسابوري أبي سعيد قال: حدَّثنا عبدالله بن محمّد اليمانيُّ، عن مَنيع بن الحجّاج، عن يونسَ، عن هِشام بن سالم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: زيارة قبر الحسينعليه‌السلام حَجّة، ومِن بعد الحَجّة حَجَّة وعُمرة » - بعد حَجَّة الإسلام -.

٦ - وبإسناده، عن يونسَ، عن الرّضاعليه‌السلام « قال: من زار قبر الحسينعليه‌السلام فقد حَجَّ واعْتَمر، قال: قلت: يطرح عنه حجة الإسلام؟ لا هي حجّة الضّعيف حتّى يقوى ويحجّ إلى بيت الله الحرام، أما علمت أنَّ البيت يطوف به كلَّ يوم سبعون ألف مَلَك حتّى إذا أدركهم اللّيل صعدوا، ونزل غيرهم فطافوا بالبيت حتّى الصّباح، وأنّ الحسينعليه‌السلام لأكرم على الله مِن البيت وأنّه في وقت كلِّ صلاة لينزل عليه سبعون ألف ملك شُعثٌ غُبر، لا تقع عليهم النّوبة إلى يوم القيامة ».

٧ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد؛ ومحمّد بن عبدالحميد، عن يونس بن يعقوب، عن اُمّ سعيد الأحْمَسِية « قالت: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : أيُّ شيءٍ تذكر في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام مِن الفضل؟

١٧٨

قال: نذكر فيه يا اُمّ سعيد فضل حَجّة وعمرة، وخيرها كذا - وبسط يديه ونكس أصابعه - ».

٨ - حدَّثني محمّد بن أحمدَ بنِ الوليد، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن حبيب(١) ، عن فَضيل بن يَسار « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: وكّل الله بقبر الحسينعليه‌السلام أربعة آلاف ملك شُعثاً غُبراً يبكونه إلى يوم القيامة، وإتيانه يعدل حَجّة وعُمرة وقبور الشُّهداء »(٢) .

٩ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي؛ عن سعد بن عبدالله، عن الحسن بن عليٍّ الكوفيّ، عن العبّاس بن عامِر، عن أبان، عن الحسين بن عَطيّة أبي - النّاب، عن بيّاع السّابريّ « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام وهو يقول: من أتى قبر الحسينعليه‌السلام كتب الله له حَجّة وعُمرة، أو عُمرة وحجّة - وذكر الحديث - ».

١٠ - وبإسناده، عن العبّاس بن عامر، عن أبان بن عثمان قال: حدّثني أبو خلاّن الكِنديّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام كتب الله له حَجّة وعُمرة ».

١١ - وحدَّثني محمّد بن الحسن بن عليٍّ، عن أبيه، عن جدِّه عليِّ بن مَهزيار، عن أبي القاسم(٣) ، عن القاسم بن محمّد، عن إسحاقَ بن إبراهيم، عن هارون بن خارجة « قال: سأل رجلٌ أبا عبداللهعليه‌السلام - في حديث له طويل يقول في آخره: - بأبي أنت واُمّي رووا عن أبيك في الحجّ؟ قال: نَعَم حَجّة وعُمرَة - حتى عدَّ عشرة - ».

__________________

١ - الظّاهر هو حبيب بن المُعَلّل الخثعمي المدائني، روى عن الصّادق والكاظم والرّضاعليهم‌السلام، ثقة صحيح. وراويه الجوهريّ.

٢ - أي وتعدل مع الحجّ والعمرة إتيان قبور الشّهداء بالمدينة أيضاً، أو المعنى أنّ إتيان قبور الشّهداء عنده تعدل حجّة وعمرة أيضاً، والظّاهر أنّه من زايادات النّسّاخ. ( البحار )

٣ - تقدّم الكلام فيه، راجع ص ٨٩ ذيل الخبر ١٢.

١٧٩

١٢ - حدَّثني أبي؛ وجماعة مشايخيرحمهم‌الله عن محمّد بن يحيى العطّار، عن العَمركي - عمّن حدَّثه - عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن فضيل، عن محمّد بن مُصادف قال: حدَّثني مالك الجهني، عن أبي جعفرعليه‌السلام في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام « قال: مَن أتاه زائراً له عارفاً بحقّه كتب الله له حَجّة، ولم يزل محفوظاً حتّى يرجع، قال: فمات مالك في تلك السَّنة وحجَجْتُ فدخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام فقلت: إنّ مالك حدَّثني بحديث عن أبي جعفرعليه‌السلام في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، قال: هاته، فحدَّثته فلمّا فرغت، قال: نعم يا محمّد حَجّة وعُمرة ».

١٣ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن محمّد بن يحيى العطّار؛ وأحمدَ بن إدريسَ، عن العَمْرَكي - عمّن حدَّثه - عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن المختار « قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، فقال: فيها حَجّة وعُمرة ».

١٤ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن الحسن بن عليٍّ الزَّيتوني، عن هارون بن مسلم، عن عيسى بن راشد « قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام فقلت: جُعِلتُ فِداك ما لمن زارَ قبرَ الحسينعليه‌السلام وصلّى عنده رَكعتين؟ قال: كُتِبَتْ له حَجّة وعُمرة، قال: قلت له: جُعِلتُ فِداك وكذلك كلُّ مَن أتى قبر إمام مفترض طاعته؟ قال: وكذلك كلُّ من أتى قبر إمام مفترض طاعته ».

١٥ - حدَّثني محمّد بن جعفر القرشيُّ الكوفيُّ الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيلَ بن بزيع، عن صالِح بن عُقبَة، عن يزيدَ بن عبدالمَلِك « قال: كنتُ مع أبي عبداللهعليه‌السلام فمرَّ قوم على حُمُر فقال: أين يريدون هؤلاء؟ قلت: قبور الشُّهداء، قال: فما يمنعهم مِن زيارة الشّهيد الغريب؟!! قال: فقال له رجلٌ من أهل العراق: زيارته واجبة؟ قال: زيارته خير من حَجّة وعمرة - حتّى عدَّ عشرين حَجّة وعُمرة -، ثمَّ قال: مَبرورات متقبّلات، قال: فوالله ما

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357