كامل الزيارات

كامل الزيارات16%

كامل الزيارات مؤلف:
المحقق: علي أكبر الغفاري
الناشر: مكتبة الصدوق
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
الصفحات: 357

كامل الزيارات المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 357 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 150014 / تحميل: 9478
الحجم الحجم الحجم
كامل الزيارات

كامل الزيارات

مؤلف:
الناشر: مكتبة الصدوق
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

ثانياً: أوصاف القائم المنقذ في العهدين

ذكرت الكتب المقدّسة أوصافاً تدلُّ دلالةً مباشرة على رجل الله الموعود المنقذ للعالم وفيا يلي نذكرُ جانباً منها، فيما يتعلَّقُ بعلمهِ و شدتهِ في الله وقوّته الربانية وجمالُ منقذ العالم ظاهراً وباطناً، وكونه عبدُ الله المختار والمسدَّد بروحه... مراعين في ذلك الإختصار:

1: العلم الرباني لمنقذ العالم

إنَّ (معرفة منقذ البشرية بجميع العلوم والقوانين والمصالح الإنسانية)(1) أمرٌ لابّدَّ منهُ، لكي يتمكَّن من إدارة العالم إدارةً ربانيةً بأكمل وأحسن صورة، لذا فقد طفحت الكتب المقدسة بذلك.ٍ

في سفر أشعيا:

(2) ويحل عليه روح الرب، وروح الحكمة والفهم، وروح المشورة والقوة، روح المعرفة ومخافة الرب. (3) ولذته في مخافة الرب، لا يقضي بحسب مرأى عينيه، ولا بحسب مسمع اذنيه).(2)

2: شدة المنقذ وقوّته الربانيّة

إنَّ (وجوب قدرة المصلح العالمي)(3) نستطيع إدراكهُ بالوجدان، لكي يتسنّى له أن يحقَّ الحقَّ ويحييه ويميت الباطل ويدحضهُ، لذلكَ يُعزِّزهُ الله تبارك وتعالى بالإمداد الغيبي والخوف والرعب والملائكة والجن

____________________

(1) المصلح الغيبي والحكومة العالمية الواحدة، ص 30-31.

(2) سفر أشعيا 11: 2، 3:ألأصل العبرى،العهد القديم، ص625.

انظر: العهد القديم، سفر إشعياء، الإصحاح 11، الفقرات، 2،3، الكتاب المقدّس باللغة العربية 73 سفراً، مصر. (أهل البيت فى الكتاب المقدس) ص123-127.

(3) المصلح الغيبي والحكومة العالمية الواحدة، ص 32-33.

(4) انظر: جولةٌ في حكومة الإمام المهدي (ع)، ص 201 وما بعدها.

(5) سفر أشعيا 11: 4:ألأصل العبرى،العهد القديم، ص625.انظر: العهد القديم، سفر إشعياء، الإصحاح 11، الفقرة: 4، الكتاب المقدّس باللغة العربية، مصر. (أهل البيت فى الكتاب المقدس) ص123-127.

١٨١

والمؤمنين...(1) ويقوّي بذلك سلطانه ودولته الإلهية الكبرى:

في سفر أشعيا:

(4 ويحكم بالانصاف لبائسي الارض، ويضرب الارض بقضيب فمه،ويميت المنافق بنفخة شفتيه ).(2)

وفي سفر الرؤيا:

(12) و عيناهُ كلهيب نارٍ و على راسه تيجانٌ كثيرةٌ و لهُ اسمٌ مكتوبٌ ليسَ احد يعرفه الا هو. (13)و هو متسربل بثوب مغموس بدم و يدعى اسمه كلمة الله.(14) والاجناد الذين في السماء كانوا يتبعونه على خيل بيض لابسين بزا ابيض ونقيا. (15) و من فمه يخرجُ سيفٌ ماضٍ لكي يضرب به الامم و هو سيرعاهم بعصَاً من حديد و هو يدوس معصرة خمر سخط و غضب الله القادر على كل شيء. (16) وله على ثوبه و على فخذه اسم مكتوب ملك الملوك و رب الارباب. (17) و رايتُ ملاكاً واحداً واقفاً في الشمس فصرخ بصوت عظيم قائلاً لجميع الطيور الطائرة في وسط السماء: هلم اجتمعي الى عشاء الاله العظيم. (18) لكي تاكلي لحومَ ملوكٍ و لحومَ قوادٍ و لحومَ اقوياءٍ و لحومَ خيلٍ و الجالسين عليها و لحوم الكل حراً و عبداً صغيراً و كبيراً. (19) و رايت الوحش و ملوك الارض و اجنادهم مجتمعين ليصنعوا حرباً مع الجالس على الفرس و مع جنده.

____________________

(1) انظر: جولةٌ في حكومة الإمام المهدي (ع)، ص 201 وما بعدها.

(2) سفر أشعيا 11: 4:ألأصل العبرى،العهد القديم، ص625.انظر: العهد القديم، سفر إشعياء، الإصحاح 11، الفقرة: 4، الكتاب المقدّس باللغة العربية، مصر. (أهل البيت فى الكتاب المقدس) ص123-127.

١٨٢

(20) فقبض على الوحش و النبي الكذاب معه الصانع قدامه الايات التي بها اضل الذين قبلوا سمة الوحش و الذين سجدوا لصورته و طرح الاثنان حيين الى بحيرة النار المتقدة بالكبريت. (21) و الباقون قتلوا بسيف الجالس على الفرس الخارج من فمه و جميع الطيور شبعت من لحومهم(1) .

وفي سفر حبقوق النبيّ (ع):

(5) قدام وجهه يسيرُ الوباء ووراء قدميه الموت (6) يقفُ فتهتزُّ الأرضُ، وينظرُ فترتعدُ الاممُ.تَتَحطَّمُ جبال الدهر و تنخسفُ تلالُ الأزَل، حيثٌ سارَ في قديم الزمن (7) رايتُ البلاءَ في خيام كوشَ ولإضطرابَ في مساكن مديان (8) أعَلى الانهار يتَّحدُ غَضَبُك؟...(2)

3: جمالُ منقذ العالم ظاهراً وباطناً.

فأما جمالهُ الظاهري فهو أكملُ الناس خَلقاً وخُلُقاً ومنطقاً فيتجلّى فيه نورُ الله للخلق كافةً، وأما الباطني فهو معصومٌ(3) لايتسرَّبُ اليه الرجسُ بكلّ أبعاده ولو حتى يسير الشكّ منهُ، لذا فهو ورقةٌ بيضاء لم يُكتب فيها سوى اسم الله تباركَ وتعالى.

في سفر حبقوق النبيّ:

(4 يجيءُ كلمعان البرق ومن يده يسطعُ النورُ وفيها تستترُ عزَّتُهُ...)(4) .

____________________

(1) سفر الرؤيا، 19: 12-21،العهد الجديد، جمعية الكتاب المقدس في لبنان، الكتاب المقدس، ص 415.

(2) سفر حبقوق، 3: 5-8،العهد القديم، جمعية الكتاب المقدس في لبنان، الكتاب المقدس،ص 1224. انظر: العهد القديم، سفر حبقوق النبيّ، الإصحاح 3، الفقرات، 5، 8، الكتاب المقدّس باللغة العربية 73 سفراً، مصر. مع بعض الفروقات في الترجمة.

(3) المصلح الغيبي والحكومة العالمية الواحدة، ص 34- 35، موضوع: عصمة منقذ البشرية.

(4) سفر حبقوق، 3: 4،العهد القديم، جمعية الكتاب المقدس في لبنان، الكتاب المقدس،ص 1224. انظر: العهد القديم، سفر حبقوق النبيّ، الإصحاح 3، الفقرة، 4، الكتاب المقدّس باللغة العربية، مصر.

١٨٣

4: عبدُ الله المختار والمسدَّد بروحه

فقد جاءَ هذا، وجملةٌ من أوصافه الشريفة المهمة في سفر أشعيا النبيّ (ع):

(1)هوَ ذا عبدي الذي أَعضدهُ، مختاري الذي سُرَّت به نفسي! وَضَعتُ روحي عليه، فيخرج الحق للامم(2) لا يَصيحُ و لا يَرفعُ(1) و لا يُسمَعُ في الشارع صوتَهُ(3) قصبة مرضوضة لا يقصف و فتيلة خامدة لا يطفئ الى الامان يخرج الحق (4) لا يكل و لا ينكسر حتى يضع الحق في الارض و تنتظر الجزائر شريعته (5) هكذا يقول الله الرب خالق السماوات و ناشرها باسط الارض و نتائجها معطي الشعب عليها نسمة و الساكنين فيها روحا (6) انا الرب قد دعوتك بالبر فامسك بيدك و احفظك و اجعلك عهدا للشعب و نورا للامم (7) لتفتح عيون العمي لتخرج من الحبس الماسورين من بيت السجن الجالسين في الظلمة (8) انا الرب هذا اسمي و مجدي لا اعطيه لاخر و لا تسبيحي للمنحوتات (9) هوذا الاوليات قد اتت و الحديثات انا مخبر بها قبل ان تنبت اعلمكم بها (10) غنوا للرب اغنية جديدة تسبيحه من اقصى الارض ايها المنحدرون في البحر و ملؤه و الجزائر و سكانها (11) لترفع البرية ومدنها صوتها الديار التي سكنها قيدار لتترنم سكان سالع من رؤوس الجبال ليهتفوا (12) ليعطوا الرب مجدا و يخبروا بتسبيحه في الجزائر (13) الرب كالجبار يخرج كرجل حروب ينهض غيرته يهتف و يصرخ و يقوى

____________________

(1) كلمة (صوتهُ) سقطت من هذا المصدر، وهي مثبةٌ في غيره.

١٨٤

على اعدائه (14) قد صمت منذ الدهر سكت تجلدت كالوالدة اصيح انفخ و انخر معا (15) اخرب الجبال و الاكام و اجفف كل عشبها و اجعل الانهار يبسا و انشف الاجام (16) واسير العمي في طريق لم يعرفوها في مسالك لم يدروها امشيهم اجعل الظلمة امامهم نورا و المعوجات مستقيمة هذه الامور افعلها و لا اتركهم (17) قد ارتدوا الى الوراء يخزى خزيا المتكلون على المنحوتات القائلون للمسبوكات انتن الهتنا (18) ايها الصم اسمعوا ايها العمي انظروا لتبصروا (19) من هو اعمى الا عبدي و اصم كرسولي الذي ارسله من هو اعمى كالكامل و اعمى كعبد الرب (20) ناظر كثيرا و لا تلاحظ مفتوح الاذنين و لا يسمع(21) الرب قد سر من اجل بره يعظم الشريعة و يكرمها (22) و لكنه شعب منهوب و مسلوب قد اصطيد في الحفر كله و في بيوت الحبوس اختباوا صاروا نهبا و لا منقذ و سلبا و ليس من يقول رد (23) من منكم يسمع هذا يصغى و يسمع لما بعد (24) من دفع يعقوب الى السلب و اسرائيل الى الناهبين اليس الرب الذي اخطانا اليه و لم يشاءوا ان يسلكوا في طرقه و لم يسمعوا لشريعته (25) فسكب عليه حمو غضبه و شدة الحرب فاوقدته من كل ناحية و لم يعرف و احرقته و لم يضع في قلبه.(1)

____________________

(1) سفر إشعياء، الإصحاح 42، الفقرة:1-25، العهد القديم، الكتاب المقدّس باللغة العربية 73 سفراً، مصر. سفر أشعيا 42: 1-25،العهد القديم، جمعية الكتاب المقدس في لبنان، الكتاب المقدس، ص 961. مع فرقٍ يسير بين الترجمات.

١٨٥

١٨٦

المبحث الثالث: أوصاف حكومة منقذ العالم ودولته

إنَّ للحكومة الالهيَّة المقدَّسة ودولة العدل الإلهي المباركة المنتظرة في آخر الزمان ذكراً جميلاً واسعاً ووصفاً مميَّزاً يليق بها وبما ادَّخرهُ الله لها باعتبارها واحدة من غايات الكمال المنشودة التي يصلُ اليها البشر بلطفهِ ومنِّهِ وفضله تعالى وببركة وليّهِ وحبيبهِ الموعود والمعهود، ونذكرُ منها على نحو الإختصار:

أوّلاً: حكم منقذ العالم بالعدل والإنصاف

1: في القرآن الكريم

عن الباقر (ع): في قوله تعالى:( اعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يُحْيِي الْأَرْ‌ضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ) (1) ، قال: يحييها اللهُ بالقائم فيعدل فيها، فيحيي الأرض بالعدل بعدَ موتها بالظلم).(2)

وعن الإمام الباقر (ع): في قوله تعالى:( الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْ‌ضِ ) (3) ، قال: نزلت في المهدي وأصحابه... ويظهر الله بهم الدين حتى لايرى أثر من الظلم والبدع...).(4)

____________________

(1) سورة الحديد: 17.

(2) كمال الدين وتمام النعمة، ص 668. المحجة، ص 429. نور الثقلين، ج5 ص 242. ينابيع المودة، ص 429. بحار الأنوار، ج 51، ص 54. للمزيد انظر: جولةٌ في حكومة الإمام المهدي(ع)، ص 202 وما بعدها.

(3) سورة الحج: آية 41.

(4) تفسير القمي: ج2 ص 87. المحجة، ص 143. إحقاق الحق، ج13، ص 341.

١٨٧

وعن الإمام الرضا (ع): (فإذا خرجَ (ع)... ووضعَ ميزان العدلِ بين الناسِ فلا يظلمُ أحدٌ أحداً).(1)

وروى علي بن عقبة عن ابي عبد الله(ع) قال:

« اذا قام القائم (ع) حكم بالعدل وارتفع في ايامه الجور، وأمنت به السبل،واخرجت الارض بركاتها، ورد كل حق الى اهله، ولم يبق اهل دين حتى يظهروا الاسلام ويعترفوا بالايمان، اما سمعت الله عزوجل يقول:( وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضِ طَوْعًا وَكَرْ‌هًا وَإِلَيْهِ يُرْ‌جَعُونَ ) (2) ، وحكم في الناس بحكم داودوحكم محمد صلّى الله عليهما فيحنئذٍ تظهر الارض كنوزها وتبدي بركاتها، فلايجد الرجل منكم يومئذٍ موضعاً لصدقته ولا لبرّة، لشمول الغنى جميع المؤمنين.

ثم قال: إن دولتنا آخر الدول، ولم يبق اهل بيت لهم دولة إلاّ ملكوا قبلنا لئلاّ يقولوا إذا رأوا سيرتنا اذا ملكنا سرنا مثل سيرة هؤلاء، وهو قول الله عزوجل:( وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) .(3)

2: في العهدين:

ورد التأكيد على هذا المعنى في (سفر زكريا): (ابتهجي كثيراً يا بنت

____________________

(1) كمال الدين، ص 372. كفاية الأثر، ص270. اعلام الورى، ص 408. بحار الأنوار، ج 52 ص321. غاية المرام، ص 696.

(2) آل عمران: 83.

(3) كشف الغمه: ج2ص966. الإرشاد، ص 364. روضة الواعظين، ج2 ص265. إعلام الورى، ص432.

١٨٨

صهيون هو ذا ملك سيأتي اليك عادل ومنصور).(1)

وجاء في سفر اشعيا:

(3 ولذته في مخافة الرب، لا يقضي بحسب مرأى عينيه، ولا بحسب مسمع اذنيه. 4 ويحكم بالانصاف لبائسي الارض، ويضرب الارض بقضيب فمه، ويميت المنافق بنفخة شفتيه).(2)

وقد بشّر إشعيا (ع) بعدله وملكه وكذلك بعموم الرجعة التي تبدأ به وبمن يأتي خلفه من أولياء الله عزّ وجلّ وكما يلي:

(1 سيأتي ملكٌ يملك بالحقّ، وحكّامٌ يحكمون بالعدل 2 ويكون كلّ واحد كمخبأ من الريح وكسدٍّ يقي من السيل، كسواقي ماءٍ في أرض قاحلة وكظلّ صخر عظيم في قفر 3 فلا تنكسف عيون الناظرين، وآذان السامعين تصغي 4 قلوب المتسرّعين تلزم الرّصانة، وألسنة المتلعثمين تنطلق بفصاحة.(3)

وجاء في سفر الرؤيا:

(11ثم رايتُ السماءَ مفتوحةٌ و اذا فرسٌ ابيضٌ و الجالسُ عليه يُدعى اميناً و صادقاً و بالعدل يحكم و يحارب).(4)

____________________

(1) سفر زكريا 9: 9، ألأصل العبرى، العهد القديم، ص134. العهد القديم، سفر زكريا، الإصحاح 9، الفقرة 9، الكتاب المقدّس باللغة العربية، مصر: حيث جاء النص كالآتي:

(9 ابتهجي جداً يا ابنة صهيون اهتفي يا بنت اورشليم هوذا ملكك ياتي اليك هو عادل و منصور وديع...) الخ..للإطلاع على النصين العبري والعربي، انظر: (أهل البيت فى الكتاب المقدس) ص122ـ 123. وللوقوف على جمال النص وتمامه، انظر: سفر زكريا 9: 9، العهد القديم، جمعية الكتاب المقدس في لبنان، الكتاب المقدس، ص 1239. مع فرقٍ يسير في الترجمة.

(2) سفر أشعيا 11: 3، 4:ألأصل العبرى،العهد القديم، ص625. انظر: العهد القديم، سفر إشعياء، الإصحاح 11، الفقرات، 3، 4، الكتاب المقدّس باللغة العربية 73 سفراً، مصر. (أهل البيت فى الكتاب المقدس) ص123-127. سفر أشعيا 11: 3، 4،العهد القديم، جمعية الكتاب المقدس في لبنان، الكتاب المقدس، ص 924. مع فرقٍ يسير في الترجمة.

(3) سفر أشعيا 32: 1-4، العهد القديم، جمعية الكتاب المقدس في لبنان، الكتاب المقدس، ص 946.انظر: العهد القديم، سفر إشعياء، الإصحاح 32، الفقرات، 1-4، الكتاب المقدّس باللغة العربية 73 سفراً، مصر.

(4) سفر الرؤيا، 19: 11،العهد الجديد، جمعية الكتاب المقدس في لبنان، الكتاب المقدس، ص 415.

١٨٩

ثانياً: إنتقام المصلح الأعظم من الظالمين

1: في القرآن الكريم والروايات الشريفة

هو المنتصر من الظالمين، في قوله تعالى:( وَلَمَنِ انتَصَرَ‌ بَعْدَ ظُلْمِهِ ) (1) .

أ: عن جابر، عن أبي جعفر (ع) في قولهِ:( وَلَمَنِ انتَـصَرَ‌ بَعْدَ ظُلْمِهِ ) : قال:(القائم وأصحابه، قال الله: ( فَأُولَـٰئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ ) : القائم إذا قامَ انتصرَ من بني أُميَّة والمكذبين والنصاب وهو قولهُ: ( إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْ‌ضِ بِغَيْرِ‌ الْحَقِّ ) )(2) .

ب: وهو وعدُ الآخرة لليهود، في قوله تعالى:( إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَ‌ةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّ‌ةٍ ) (3) .

حيث جاء في تفسير القمي:( إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَ‌ةِ ) : يعني القائم صلوات الله عليه وأصحابه(4) .

____________________

(1) سورة الشورى: آية 41.

(2) تفسير فرات الكوفي، ص 150. ومثله في تفسير القمي،ج2 ص278، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر(ع). تأويل الآيات، ج2 ص 549.

(3) سورة الإسراء: آية 7.

(4) تفسير القمي، ج2 ص14.وعنهُ البرهان، ج2ص409. والبحار، ج51 ص45.

١٩٠

ج: وهو وأصحابهُ المظلومون الذين ينصرهم الله تعالى النصرَ الموعود على الظالمين، وذلك في قوله تعالى:( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّـهَ عَلَىٰ نَصْرِ‌هِمْ لَقَدِيرٌ‌ ) (1) .

عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (ع) في قول الله عزَّ وجلَّ:( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّـهَ عَلَىٰ نَصْرِ‌هِمْ لَقَدِيرٌ‌ ) : قال: (هي في القائم(ع) وأصحابه)(2) .

2: في العهدين

ارميا يبشّر بانتقام المصلح من أعداء الله:

فقد جاء في (سفر ارميا): ان التوراة قد اخبرت بانتقام صاحب الزمان (عج ) من قتلة الحسين سيد الشهداء عليه السلام، حيث قالت:

«... يقول الرب.

6 الخفيف لا ينوص والبطل لا ينجو. في الشمال بجانب نهر الفرات عثروا وسقطوا. من هذا الصاعد كالنيل، كانهار تتلاطم امواجها... »

الى ان تقول:

« 10 فهذا اليوم للسيد ربّ الجنود يوم نقمة، للانتقام من مبغضيه، فيأكل السيف ويشبع ويرتوي من دمهم ».

ثم تذكر التوراة ان السبب في هذا الانتقام من الاعداء هو ما يلي: (ان

____________________

(1) سورة الحج: آية 39.

(2) غيبة النعماني، 241. وعنه البحار، ج51 ص 58. والمحجة، 142.

١٩١

للسيّد ربّ الجنود ذبيحة في ارض الشمال عند نهر الفرات) (1)

وممن ذكر هذا النص أيضاً كأحد ادلّة التوراة على خروج صاحب الزمان، وقتل اعداء الله صاحب كتاب: (البحث عن الحقيقة )، ص 49، باللغة الانجليزية(2) ، ولأهمية هذا النص لذا سنورد فقراته مع شيء من التحليل في موضوع (قواعد و متبنّيات ثورة المنقذ في العهدين).

وجاء في سفر زكريا:

في باب (الملك العتيد)، في بشارته بالمخلّص الوديع والعادل عن طريق الوحي وكيفيّة نُصرة الله لهُ:

(...سأقضي على مركبات الحرب في أفرايمَ، والخيل وأقواس القتال في أورشليم،...).(3)

ثالثاً: حلول السلام في عهد المنقذ

1: في القرآن الكريم والروايات الشريفة

أ: اتمام النور وإنتهاء الظلم بالقائم:

في قوله تعالى:( يُرِ‌يدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ‌ اللَّـهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّـهُ مُتِمُّ نُورِ‌هِ ) (4) ؟ قال: بالقائم من آل محمد عليهم السلام حتى إذا خرج يظهره الله على الدين كله حتى لآيُعبَدُ غيرُ الله، وهو قولهُ (ص): يملأُ الأرضَ

____________________

(1) سفر ارميا 46: 6، 10، العهد القديم. الكتاب المقدس باللغة العربية، العهد القديم، سفر ارميا تحت رقم 28، الإصحاح 46: الفقرات 6، 10، مصر. الكتاب المقدس تحت المجهر: ص155. سفر إرميا 46: 6، 10،العهد القديم، جمعية الكتاب المقدس في لبنان، الكتاب المقدس، ص 1060. مع فرقٍ يسير بين عبارات المترجمين.

(2) الكتاب المقدس تحت المجهر: ص155 بإيجاز وتصرف.

(3) سفر زكريا 9: 9، ألأصل العبرى، العهد القديم، ص134. العهد القديم، سفر زكريا، الإصحاح 9، الفقرة 9، الكتاب المقدّس باللغة العربية، مصر. وللوقوف على جمال النص وتمامه، انظر: سفر زكريا 9: 9، العهد القديم، جمعية الكتاب المقدس في لبنان، الكتاب المقدس، ص 1239. مع فرقٍ يسير في الترجمة.

(4) سورة الصف: آية 8.

١٩٢

قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً)(1) .

ب: بخروجه تضع الحرب أوزارها:

في قوله تعالى:( حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْ‌بُ أَوْزَارَ‌هَا ) (2) .

جاء في كتاب الكافي:(علي، عن أبيه والقاساني جميعاً، عن الاصفهاني، عن المنقري، عن فضيل بن عياض، عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام قال: بعث الله محمداً صلى الله عليه وآله بخمسة أسياف: ثلاثة منها شاهرة فلا تغمد حتى تضع الحرب أوزارها، ولن تضيع الحرب أوزارها حتى تطلع الشمس من مغربها(3) ، فإذا طلعت الشمس من مغربها أمن الناس كلهم في ذلك اليوم، فيؤمئذ لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً)(4) .

وفي سنن البيهقي:

(أخبرنا) أبو عبد الله الحافظ، أخبرني عبد الرحمن بن الحسن القاضي، ثنا إبراهيم بن الحسين، ثنا آدم بن أبي إياس، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله عز وجل:( حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْ‌بُ أَوْزَارَ‌هَا ) : وذلك في زمن ظهور المهدي(ع)(5) .

____________________

(1) تفسير القمي، ج2 ص 365. البحا، ج 51 ص 49.ونحو ذلك في الكافي، ج1ص 432.

(2) سورة محمد: آية 4.

(3) كنايةٌ عن ظهور منقذ العالم.

(4) بحار الأنوار، ج 6، ص 312-313، عن الكافي.

(5) سنن البيهقي، ج 9 ص 180. بايجاز وتصرف. معجم أحاديث الإمام المهدي (ع)، ج 5، ص 149.

١٩٣

ج: وفي عصره يعمُّ السلام والإسلام:

وذلك في قوله تعالى:( هُوَ الَّذِي أَرْ‌سَلَ رَ‌سُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَ‌هُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِ‌هَ الْمُشْرِ‌كُونَ ) .(1)

وفي الدر المنثور، وقال: وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر والبيهقي في سننه، عن جابر رضي الله عنه في قوله:( لِيُظْهِرَ‌هُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ) : قال: لا يكون ذلك حتى لا يبقى يهودي ولا نصراني (ولا) صاحب ملة إلا الاسلام، حتى تأمن الشاة الذئب، والبقرة الأسد، والانسان الحية، وحتى لا تقرض فأرة جرابا وحتى توضع الجزية، ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير وذلك إذا نزل عيسى بن مريم عليه السلام(2) .

2: في العهدين

جاء في سفر أشعيا:

(6 ويسكن الذئب والخروف، ويربض النمر مع الجدي، والعجل الشبل معاً، وصبي صغير يسوقها.

8 ويلعب الرضيع على سرب الصل، ويمد الفطيم يده على جحر الافعوان.

9 لا يسيئون ولا يفسدون في كل جبل قدسي، لان الارض تمتليء من معرفة الرب، كما تغطي المياه البحر).(3)

____________________

(1) سورة الصف: ألآية 9.

(2) الدر المنثور، ج 3 ص 231. معجم أحاديث الإمام المهدي (ع)، ج 5، ص 149.

(3) سفر أشعيا 11: 6، 8، 9:ألأصل العبرى، العهد القديم، ص625.العهد القديم، سفر إشعياء، الإصحاح 11، الفقرات، 6، 8، 9، الكتاب المقدّس باللغة العربية، مصر. (أهل البيت فى الكتاب المقدس): ص123-127. سفر أشعيا 11: 6، 8، 9، العهد القديم، جمعية الكتاب المقدس في لبنان، الكتاب المقدس، ص 924. مع فرقٍ يسير في الترجمة.

١٩٤

وجاء في سفر زكريا، في باب(الملك العتيد) ، في بشارته بالمخلّص العادل والمنصور:

ها مَلكُك يأتيك عدلاً ومخلّصاً وديعاً... الى أن يقول:

فيتكلّم مَلكُك بالسَّلام للأُمم، ويكون سلطانهُ من البحر الى البحر

ومنَ النهر الى أقاصي الأرض.(4)

رابعاً: سموّ المعارف في عهد منقذ العالم

1: في القرآن الكريم والروايات الشريفة

إنَّ في القرآن الكريم والروايات الشريفة المباركة مايقطعُ الشكَّ باليقين في مجال علم النبيّ الأكرم والأئمَّةِ من آلهِ الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين) وبضمنهم خاتم الأوصياء والأئمة (منقذ العالم) وأن عندهم جميع علوم الملائكة والأنبياء، وأنهم أعطوا ما أعطاه الله الأنبياء، وأن كل إمام يعلم جميع علم الإمام الذي قبله، وأنَّهُ لا تبقى الأرض بغير عالم منهم، وأن عندهم كتب الأنبياء يقرؤونها على اختلاف لغاتها، وأنهم أعلم من الأنبياء السابقين (ع)، وأنَّهم يفيضون ذلك العلم الربَّاني على جميع العباد، وخاصَّةً في آخر الزمان فيكملون بهِ علوم وحلوم البشر...الخ(2) .

وقد عقدَ الكثيرُ من العلماء أبواباً مهمَّةً بهذا الصدد. وفي مايلي بعض الأدلَّةِ والشواهدٌ على صدقِ هذا المدّعى:

____________________

(1) سفر زكريا 9: 9، ألأصل العبرى، العهد القديم، ص134. العهد القديم، سفر زكريا، الإصحاح 9، الفقرة 9، الكتاب المقدّس باللغة العربية، مصر. للإطلاع على النصين العبري والعربي، انظر: (أهل البيت فى الكتاب المقدس) ص122ـ 123. وللوقوف على جمال النص وتمامه، انظر: سفر زكريا 9: 9،العهد القديم، جمعية الكتاب المقدس في لبنان، الكتاب المقدس، ص 1239. مع فرقٍ يسير بين الترجمات.

(2) مستدرك سفينة البحار، ج 6،ص 199-200. بحار الأنوار، ج 26-ص 159.

١٩٥

أ: في قوله تعالى:( وَرَ‌حْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ) (1) .

- (... عن أبي عبيدة الحذاء قال: سألت أبا جعفر عليه السلام قلت: قوله:( إِلَّا مَن رَّ‌حِمَ رَ‌بُّكَ ) ؟ قال: هم شيعتنا ولرحمته خلقهم وهو قوله:( وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ) يقول: لطاعة الامام، الرحمة التي يقول:( وَرَ‌حْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ) يقول: علم الإمام ووسع علمه الذي هو من علمه كل شئ هم شيعتنا، ثم قال:( فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ) (2) يعني ولاية غير الامام وطاعته، ثم قال:( يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَ‌اةِ وَالْإِنجِيلِ ) يعني النبي صلى الله عليه وآله والوصي والقائم( يَأْمُرُ‌هُم بِالْمَعْرُ‌وفِ ) - إذا قام -( وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ‌ ) (3) .

ب: في قوله تعالى:( تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَ‌بِّهَا ) (4) .

في بصائر الدرجات: إبراهيم بن هاشم عن عمرو بن عثمان الخزاز عن عبد الرحمان بن حماد عن عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تعالى:( أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْ‌عُهَا فِي السَّمَاءِ ) (5) فقال: رسول الله صلى الله عليه وآله جذرها وأمير المؤمنين عليه السلام ذروها وفاطمة عليها السلام فرعها،

____________________

(1) سورة الأعراف: آية 156.

(2) سورة الأعراف: آية 155.

(3) الكافي، ج 1، ص 429.

(4) سورة ابراهيم: آية 25.

(5) سورة ابراهيم: آية 24.

١٩٦

والأئمة من ذريتها أغصانها، وعلم الأئمة ثمرها، وشيعتهم ورقها، فهل ترى فيهم فضلاً؟ فقلت: لا، فقال: والله إن المؤمن ليموت فتسقط ورقة من تلك الشجرة، وإنه ليولد فتورق ورقة فيها، فقلت: قوله:( تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَ‌بِّهَا ) فقال: ما يخرج إلى الناس من علم الإمام في كل حين يسأل عنه(1) .

ج: في قوله تعالى:( وَمَا آتَاكُمُ الرَّ‌سُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) (2) .

في معاني الأخبار: أحمد بن يحيى المكتب عن أحمد بن محمد الوراق عن علي بن هارون الحميري عن علي بن محمد بن سليمان عن أبيه عن علي بن يقطين عن موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: والله أوتينا ما أوتي سليمان وما يؤت سليمان وما لم يؤت أحد من العالمين قال الله عز وجل في قصة سليمان:( هَـٰذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ‌ حِسَابٍ ) (3) ، وقال في قصة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم):( وَمَا آتَاكُمُ الرَّ‌سُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) (4) .

____________________

(1) بصائر الدرجات: ص18. بحار الأنوار، ج 24، ص 140-141.تفسير فرات: 79 و 80، فيه: النبي صلى الله عليه وآله جذرها، وأمير المؤمنين فرعها، والأئمة عليهم السلام من ذريتهما أغصانها.كمال الدين: 197 و 198، وفي كمال الدين وتمام النعمة، ص345: (... قلت: قوله عز وجل:( تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَ‌بِّهَا ) قال: ما يخرج من علم الإمام إليكم في كل سنة من حج وعمرة). تفسير العياشي، ج 2،ص224.

(2) سورة الحشر: آية 7.

(3) سورة ص:آية 39.

(4) معاني الأخبار، ص353.

١٩٧

بيان:

أي كما أنه تعالى فوض إلى سليمان العطاء من المال والمنع منه وأمر الخلق بتسليم ذلك له أعطى الرسول (صلى الله عليه وآله) وسلم أفضل من ذلك فقال: ما آتاكم الرسول من المال والعلم والحكم والامر فخذوا به وارضوا، وما نهاكم عنه من جميع ذلك فانتهوا فهذا أعظم من ذلك، وقد صرح بذلك في كثير من الاخبار.(1)

د: في قول أمير المؤمنين (ع): (أُوتينا فصلَ الخطاب).(2)

وهو في علم الإمام باللغات:

(أبو الصلت الهروي: كان الرضا (عليه السلام) يكلم الناس بلغاتهم، وكان والله أفصح الناس وأعلمهم بكل لسان ولغة، فقلت له يوما: يا بن رسول الله، إني لأعجب من معرفتك بهذه اللغات على اختلافها؟ فقال: يا أبا الصلت، أنا حجة الله على خلقه، وما كان الله ليتخذ حجة على قوم وهو لا يعرف لغاتهم، أوما بلغك قول أمير المؤمنين (عليه السلام):

(أوتينا فصل الخطاب)، فهل فصل الخطاب إلا معرفة اللغات؟.(3)

هـ: أنَّ فيهم روح القدس:

(الحسين بن محمد، عن المعلى بن محمد، عن عبد الله بن إدريس، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن

____________________

(1) بحار الأنوار، ج 26-ص 159.

(2) الصدوق، عيون أخبار الرضا 1: 251.

(3) بحار الأنوار، ج60، ص186،ح 17. عيون أخبار الرضا (ع): ج2، ص 228، ح 3. ميزان الحكمة، ج 1، ص 168-169.

١٩٨

علم الإمام بما في أقطار الأرض وهو في بيته مرخى عليه ستره، فقال: يا مفضل إن الله تبارك وتعالى جعل في النبي (صلى الله عليه وآله) خمسة أرواح: روح الحياة فبه دب ودرج، وروح القوة فبه نهض وجاهد، وروح الشهوة فبه أكل وشرب وأتى النساء من الحلال، وروح الإيمان فبه آمن وعدل، وروح القدس فبه حمل النبوة، فإذا قبض النبي (صلى الله عليه وآله) انتقل روح القدس فصار إلى الإمام، وروح القدس لا ينام ولا يغفل ولا يلهو ولا يزهو، والأربعة الأرواح تنام وتغفل وتزهو وتلهو، وروح القدس كان يرى به)(1) .

وعلى ماتقدَّم وهو غيضٌ من فيض، فانَّ التطوّر الثقافي والأخلاقي والعلمي والصناعي وفي مختلف الميادين سيكون هو السمةَ البارزةَ في عصرمنقذ العالم الموعود(2) وهو أمرٌ ضروري لمن يستطيع أن يديرَ العالم بأسرهِ إدارةً الهيَّةً حَقَّةً لاظلمَ ولاجورَ فيها وذلك بتسديد ومباركة الله عزَّ وجلَّ، لذلكَ ففي عصره تكتملُ العلومُ والحلوم وذلك لأنَّ منقذ العالم هو مصدرُ إفاضتها على الخلق، وكثيراً ماوردَ ذلك في الكتب المقدسة وبذلك جاءت الأخبار الشريفة المباركة وفيها ملا نستطيع الوقوف عليه في هذا البحث، ولكن نشيرُ اليها بالإجمال والإختصار:

فقد وردَ عن موسى بن عمر عن ابن محبوب عن صالح بن حمزة عن أبان عن أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق (ع) قال: (العلمُ سبعةٌ

____________________

(1) شرح أصول الكافي، ج 6، ص 72-73.

(2) للمزيد انظر: جولةٌ في حكومة الإمام المهدي (ع)، ص215-227.

١٩٩

وعشرون حرفاص فجميع ما جاءت به الرسل حرفان فلم يعرف الناس حتى اليوم غير الحرفين فإذا قام قائمنا أهل البيت أخرج الخمسة والعشرين حرفاً فبثَّها في الناس وضَمَّ اليها الحرفين حتى يبثُّها سبعةٌ وعشرين حرفاً).(1)

وعن أبي جعفر (ع): (إذا قام قائمنا وضعَ يَدَهُ على رؤوس العباد فَجَمَعَ بهِ عقولهم وأكملَ به أحلامَهُم).(2)

2: في العهدين

في سفر أشعيا (ع):

(9 لا يسيئون ولا يفسدون في كل جبل قدسي، لانَّ الارضَ تمتليءُ من معرفةِ الرب، كما تغطي المياه البحر).(3)

ومعلومٌ أنَّ عدمَ الإساءة والإفساد، والإمتلاء من معرفة الربِّ سبحانهُ وتعالى، كُلُّها إشاراتٌ واضحةٌ لذلكَ التطوّر العلمي والأخلاقي المشار اليه.

خامساً: الحكومة الإلهية العالمية الواحدة

وهو مشروعٌ إنسانيٌّ ذو جذورٍ عميقة وموغلة في القدم(4) ، ولطالما حَلمَ به العلماءُ والفلاسفةُ والمفكرون على مدى مسيرة الحياة الطويلة، وقبل ذلك

____________________

(1) مختصر بصائر الدرجات، ص 117. الخرائج والجرائح، ج 2 ص 841. بحار الأنوار، ج 52، ص336... الخ.وانظر: الطُّورُ المهدوي، ص329. جولةٌ في حكومة الإمام المهدي (ع)، ص215-227.

(2) الكافي، ج 1، ص 25. الخرائج والجرائح، ج 2، ص 840. كمال الدين وتمام النعمة، ج 2، ص 675.

(3) سفر أشعيا 11: 9:ألأصل العبرى، العهد القديم، ص625.العهد القديم، سفر إشعياء، الإصحاح 11، الفقرة 9، الكتاب المقدّس باللغة العربية 73 سفراً، مصر. (أهل البيت فى الكتاب المقدس): ص123-127. سفر أشعيا 11: 9،العهد القديم، جمعية الكتاب المقدس في لبنان، الكتاب المقدس، ص 924. مع فرقٍ يسير بين الترجمات.

(4) للمزيد من الإطلاع، انظر: الطُّورُ المهدوي، ص156-173، تحت عنوان: الحكومة العالمية والقائد الموعود.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

فقال: يا أخي سَرَرت بكم - وقال مُزاحِم بن عبدالوارث في حديثه ههنا: - فقال: يا حبيبي إنّي سَرَرتُ بكم سروراً ما سَرَرت مثله قطّ وإنّي لأنظر إليكم وأحمدُ الله علىُ نعمته عليَّ فيكم إذا هبط عليَّ جبرئيلعليه‌السلام فقال: يا محمّد إنَّ الله تبارك وتعالى اطّلع على ما في نَفسِك وعرف سرورَك بأخيك وابنتك وسِبطيك فأكمل لك النِّعمة وهَنَّأك العَطِيّة بأن جعلهم وذُرّيّاتهم ومحبِّيهم وشيعتهم مَعَكَ في الجنَّة لا يفرق بينك وبينهم يحبون كما نحبي (١) ويُعطون كما تعطى حتّى ترضى وفوق الرِّضا على بلوى كثيرة تنالهم في الدُّنيا ومكاره تصيبهم بأيدي اُناس يَنتحلون مِلّتك ويزعمون أنّهم من اُمّتك بُرَآء من الله ومنك خَبْطاً خَبْطاً (٢) وقَتلاً قَتلاً، شتّى مَصارِعُهم، نائية قبورهم، خيرة من الله لهم ولك فيهم، فاحمدِ اللهَ عزَّوجَلَّ على خيرته وارضِ بقضائه.

فحمدتُ اللهَ ورَضيت بقضائِه بما اختاره لكم، ثمَّ قال لي جبرئيل: يا محمّد إنَّ أخاك مُضطَهدٌ بعدَك مغلوبَ على اُمّتك متعوبُ من أعدائِك، ثمَّ مقتلولٌ بعدَك يقتله أشرُّ الخلق والخَليقة، وأشقى البَريّة، يكون نظيرَ عاقِرِ النّاقة ببلد تكون إليه هِجرته وهو مَغرَسُ شيعته وشيعة ولده، وفيه على كلِّ حال يكثر بَلواهم ويعظم مُصابهم، وإنَّ سِبطَك هذا - وأومأ بيده إلى الحسينعليه‌السلام - مقتولٌ في عِصابة من ذُريّتك وأهل بيتك وأخيار من اُمّتك بضِفَّة الفرات(٣) بأرض يقال لها: كربلاء(٤) ، مِن أجلِها يكثر الكَرْب والبَلاء على أعدائك وأعداء ذرِّيتك في اليوم الّذي لا ينقضي كَربُه، ولا تَفنى حَسرتُه، وهي أطيب بقاع الأرض(٥) ، وأعظمها حُرْمةً، يُقتَل فيها سِبْطُك وأهلُه، وأنّها مِن بَطحاء الجَنّة، فإذا كان ذلك اليَوم الَّذي يُقتَل فيه سِبطُك وأهلُه، وأحاطتْ به كَتائبُ أهل -

__________________

١ - من الحباء وهو العطاء بلا منٍّ ولا جزاء. وفي بعض النّسخ: « يحيون كما تحيي »، والأنسب هو ما في المتن.

٢ - خبط خبطاً ضرب ضرباً شديداً.

٣ - الضِّفَّة من النّهر جانبه، ومن البحر ساحله.

٤ - في البحار: « بأرض تدعى كربلاء ».

٥ - في البحار: « وهي أطهر بقاع الأرض ».

٢٨١

الكفر واللَّعنة، تَزَعْزَعَتِ الأرضُ مِن أقطارها ومادّتِ الجبالُ وكثر اضطرابها واصطفَقَتِ (١) البِحار بأمواجِها، وماجَتِ السّماوات بأهلها غضباً لك يا محمّد ولِذُرّيَّتك، واستعظاماً لما يُنْتَهك مِن حُرْمَتِك، ولشرّ ما تكافى به في ذرِّيّتك وعِترتك، ولا يبقى شَيءٌ من ذلك إلاّ استأذن اللهَ عزَّوجَلَّ في نُصرةِ أهلك المستضعَفين المظلومين الّذين هم حُجّة الله على خَلقه بعدك فيوحي اللهُ إلى السَّماوات والأرض والجِبال والبَحار ومَن فيهنَّ: أنّي أنا الله؛ الملِكُ القادِرُ الَّذي لا يَفوتُه هاربٌ ولا يعجزه مُمتنعٌ وأنا أقدر فيه على الانتصار والانتقام، وعزَّتي وجَلالي لأُعذِّبنَّ مَن وَتر رسولي وصَفِيّي؛ وانتَهكَ حُرمَتَه وقَتَلَ عترتَه ونبذَ عَهدَه وظَلَم أهل بَيْته (٢) عذاباً لا اُعذِّبه أحداً من العالمَينَ، فعند ذلك يَضِجّ كلُّ شيء في السّماوات والأرضين بلَعن مَن ظَلَم عِترتَك واستحلَّ حُرمَتك، فإذا بَرزت تلك العِصابة إلى مضاجِعها تولّى الله عزَّوجلَّ قبض أرواحها بيده وهبط إلى الأرض ملائكة من السّماء السّابعة معهم آنِيةٌ من الياقوت والزُّمرُّد مملوءة من ماء الحياة وحُلَلٌ مِن حُلَلِ الجنّة وطيبٌ من طيب الجنّة، فغَسّلوا جثثهم بذلك الماء وألبسوها الحلل وحَنّطوها بذلك الطّيب، وصلَّت الملائكة صَفّاً صَفّاً عليهم، ثمَّ يبعث الله قَوماً من اُمّتك لا يَعرِفُهم الكُفّار لم يشركوا في تلك الدِّماء بقولٍ ولا فعلٍ ولا نِيّة، فيوارُون أجسامَهم ويقيمون رَسْماً لقبر سَيّد الشّهداء بتلك البطحاء يكون عَلَماً لأهل الحقّ، وسَبباً للمؤمنين إلى الفَوز وتحفّه ملائكة من كلِّ سماء مائة ألف ملك في كلِّ يوم وليلة، ويصلّون عليه ويطوفون عليه ويسبّحون الله عنده ويستغفرون الله لِمَن زارَه ويكتبون أسماءَ مَن يأتيه زائراً من اُمتك مُتقرّباً إلى الله تعالى وإليك بذلك، وأسماء آبائهم وعَشائرهم وبُلدانهم، ويوسِمون في وجوههم بِميسم (٣) نور عرش اللهِ: « هذا زائر قبر خَيرِ الشُّهداء وابن خيرِ الأنبياء »، فإذا كان يوم القيامه سطع في وجوههم من أثر ذلك الميسم

__________________

١ - اصطفق الأشجار اضطربت، واهتزّتت بالرّيح والعود: تحرّكت أوتاره.

٢ - في بعض النّسخ: « أهله ».

٣ - الميسم: الحديدة أو الآلة الّتي يوسم بها.

٢٨٢

نور تغشى منه الأبصار يدلُّ عليهم ويعرفون به، وكأنّي بك يامحمّد بيني وبين ميكائيل، وعليُّ أمامنا ومعنا من ملائكة اللهِ ما لا يُحصىُ عَددُهم، ونحن نلتقط من ذلك الميسم في وجهه من بين الخلائق حتّى ينجيهم الله مِن هول ذلك اليوم وشدائده، وذلك حكم الله وعطاؤه لمن زارَ قبرَك يا محمّد أو قبرَ أخيك أو قبرَ سِبطيك لا يريد به غيرَ اللهِ عزَّوجلَّ، وسَيجتهد(١) أناس ممّن حقّتْ عليهم اللّعنة مِن الله والسَّخَط أن يعفوا رَسْم ذلك القبر ويمحو أثره فلا يجعل الله تبارك وتعالى لهم إلى ذلك سبيلاً. ثمَّ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فهذا أبكاني وأحْزَنني،

قالت زَينب: فلمّا ضرب ابن مُلْجم - لعنه الله - أبيعليه‌السلام ورأيت عليه أثَر الموت منه قلت له: يا أبة حدَّثتْني اُمُّ أيمن بكذا وكذا، وقد أحببت أن أسمعه منك، فقال: يا بنيّة الحديث كما حدَّثَتْك اُمُّ أيمن، وكأنّي بك وببنات أهلِك سبايا(٢) بهذا البلد أذِلاّء خاشعين تخافون أن يَتَخَطّفكم النّاس؛ فصبراً صَبراً، فوالَّذي فَلَق الحبَّة وبَرَءَ النَّسَمة ما لله على ظَهر الأرض يومئذٍ وليُّ غيرُكم وغيرُ مُحبّيكم وشيعتكم، ولقد قال لنا رَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين أخبرنا بهذا الخبر: أنَّ إبليس - لعنه الله - في ذلك اليوم يطِيرُ فَرحاً فيَجول الأرض كلّها بشياطينه وعَفارِيتِه فيقول: يا معاشِرَ الشّياطين قد أدركنا مِن ذُريّة آدم الطّلبة وبلغنا في هَلاكهم الغاية وأورثناهم النّار إلاّ مَن اعتصَمَ بهذه العِصابة، فاجعلوا شغلكم بتشكيك النّاس فيهم وحملهم على عَداوتهم، وإغرائهم بهم وأوليائهم حتّى تستحكمـ[ـوا] ضَلالة الخلق وكفرهم، ولا ينجو منهم ناجٍ، ولقد صدق عليهم إبليس وهو كَذوب، أنّه لا ينفع مع عداوتكم عمل صالِح ولا يضرّ مع محبّكم وموالاتكم ذَنبٌ غير الكبائر؛

قال زائدة: ثمَّ قال عليُّ بن الحسينعليهما‌السلام بعد أن حدَّثني بهذا الحديث: خذه إليك، أما لو ضربت في طلبه إباط الإبل حَولاً لكان قليلاً ](٣)

__________________

١ - في البحار: « سيجدّ ».

٢ - في بعض النّسخ: « نساء ».

٣ - في صحّة الحديث وعدم صحّته أقوال لا يسعنا ذكرها.

٢٨٣

رَجعنا إلى الأصل

١ - أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولُوَيه القمّيُّ الفقيهرحمه‌الله قال: حدَّثني أبي؛ وعليُّ بن الحسين؛ وجماعة مشايخيرحمهم‌الله عن سعد بن عبدالله بن أبي خَلَف، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سِنان، عن أبي سعيد القَمّاط قال: حدَّثني عبدالله بن أبي يَعفور « قال: سمعتُ أبا عبداللهعليه‌السلام يقول لرجل مِن مَواليه: يا فلان أتزورُ قبر أبي عبدالله الحسين بن عليِّعليهما‌السلام ؟ قال: نَعَم إني أزورُه بين ثلاث سنين أو سَنتين مرَّة، قال له - وهو مصفرُّ الوجه -: أما واللهِ الَّذي لا إله إلاّ هو لَوْ زُرتَه لكان أفضل لك ممّا أنت فيه! فقال له: جُعلتُ فِداك أكلُّ هذا الفضل؟ فقال: نَعَم والله، لو إنّي حدَّثتكم بفضل زيارته وبفضل قبره لتركتمُ الحَجَّ رأساً وما حَجَّ منكم أحَدٌ، ويحك أما تعلم أنَّ الله اتّخذ [بفضل قبره] كربلاء حَرَماً آمِناً مبارَكاً قبل أن يتّخذ مَكّة حَرَماً؟ قال ابن أبي يعفور: فقلت له: قد فرض اللهُ على النّاس حِجَّ البيت ولم يذكر زيارة قبر الحسينعليه‌السلام فقال: وإن كان كذلك فإنَّ هذا شيء جعله الله هكذا، أما سمعت قول أبي أمير المؤمنينعليه‌السلام حيث يقول: إنَّ باطن القدم أحقُّ بالمسح من ظاهر القدم ولكنَّ الله فرض هذا على العِباد؟! أو ما علمتَ أنَّ الموْقف لو كان في الحَرَم كان أفضل لأجل الحَرَم ولكنَّ الله صنع ذلك في غير الحَرَم؟! ».

٢ - حدَّثني محمّد بن جعفر القرشيُّ الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد ابن سِنان، عن أبي سعيد القَمّاط، عن عُمَرَ بن يزيدَ بيّاع السّابريّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنَّ أرض كعبة قالت: مَن مِثلي؛ وقد بنى الله بيته على ظَهري ويأتيني النّاس من كلِّ فجِّ عَمِيق، وجُعِلتُ حَرمَ الله وأمنه؟!! فأوحى الله إليها أن كفّي وقَرّي؛ فَوَعِزَّتي وجَلالي ما فضل ما فضّلت به فيما أعطيت به أرض كربلاء إلاّ بمنزلة الإبرة غَمَسَت(١) في البَحر فحملت من ماء البحر، ولو

____________

١ - في بعض النّسخ: « غرست ».

٢٨٤

لا تُربة كربلاء ما فضّلتك؛ ولو لا ما تضمّنتْه أرضُ كربلاء لما خلقتك ولا خلقتُ البيت الَّذي افتخرتِ به؛ فقرِّي واستقرِّي وكوني دَنيّاً متواضعاً ذليلاً مَهيناً غير مُستَنكفٍ ولا مُستَكبرٍ لأرض كربلاء وإلاّ سُختُ بك(١) وهَوَيتُ بك في نار جهنّم ».

وحدَّثني أبي؛ وعليُّ بن الحسين، عن عليِّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن عليٍّ قال: حدَّثنا عبّاد أبو سعيد العُصْفُريّ، عن عمرَ بن يزيد بيّاع السّابري، عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام - وذكر مثله -.

٣ - حدَّثني أبو العبّاس الكوفيّ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن أبي سعيد العُصْفُريّ، عن عَمرو بن ثابت، عن أبيه، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: خلق الله تبارك وتعالى أرض كربلاء قبل أن يخلق الكعبة بأربعة وعشرين ألف عام، وقدَّسها وبارَك عليها، فما زالَتْ قبل خلْق الله الخلق مقدّسة مباركةً، ولاتزال كذلك حتّى يجعلها الله أفضلَ أرْض في الجنّة وأفضل منزل ومسكن يسكن الله فيه أولياءه في الجنّة ».

٤ - حدَّثني محمّد بن جعفر القرشيُّ الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن أبي سعيد - عن بعض رجاله - عن أبي الجارود « قال: قال عليُّ بن الحسينعليهما‌السلام : اتّخذ الله أرض كربلاء حَرماً آمناً مباركاً قبل أن يخلق الله أرض الكعبة ويتّخذها حرماً بأربعة وعشرين ألف عام، وأنّه إذا زلزل الله تبارك وتعالى الأرض وسيّرها رفعتْ كما هي بتربتها نوارنيّة صافية، فجعلت في أفضل رَوضة مِن رياض الجنَّة، وأفضل مسكنٍ في الجنَّة، لا يسكنها إلاّ النّبيّون والمرسلون - أو قال أولوا العزم مِن الرُّسل - وأنّها لتزهر بين رياض الجنّة كما يزهر الكوكب الدُّرّيّ بين الكواكب لأهل الأرض يغشي نورها أبصار أهل الجنَّة جميعاً، وهي تنادي: أنا أرضُ الله المقدَّسة الطيِّبة المبارَكة الّتي تضمّنت سَيّد الشّهداء وسَيّد شباب أهل الجنّة ».

__________________

١ - ساخت بهم الأرض أي خسفت.

٢٨٥

حدَّثني أبيرحمه‌الله وعليُّ بن الحسين؛ وجماعة مشايخي، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن عليِّ، عن عبّاد أبي سعيد العُصْفُريِّ - عن رَجل - عن أبي الجارود قال: قال عليُّ بن الحسينعليهما‌السلام - وذكر مثله -.

٥ - وروي « قال أبو جعفرعليه‌السلام : الغاضِريّة هي البقعة الّتي كلّم الله فيها موسى بن عِمرانَعليه‌السلام ، وناجى نوحاً فيها، وهي أكرم أرض الله عليه، ولولا ذلك ما استودع الله فيها أولياءَه وأنبياءَه، فزوروا قبورنا بالغاضِريّة ».

٦ - وقال أبو عبداللهعليه‌السلام : « الغاضريّه تربةٌ من بيت المقدس(١) ».

٧ - وعنهما(٢) بهذا الإسناد عن أبي سعيد العُصفريِّ، عن حمّاد بن أيّوب، عن أبي عبدالله، عن آبائه، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام « قال: قال رَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يقبر ابني بأرض يقال لها: كربلاء، هي البقعة الّتي كانت فيها قبّة الإسلام، الّتي نجا الله عليها المؤمنين الّذين آمنوا مع نوح في الطّوفان ».

٨ - وبإسناده عن ابن ميثَم التّمّار(٣) ، عن الباقرعليه‌السلام « قال: مَن بات ليلة عرفة في كربلاء وأقام بها حتّى يعيد وينصرف وقاه الله شرّ سنته ».

٩ - وبهذا الإسناد عن عليِّ بن حَرب(٤) ، عن الفضل بن يحيى، عن أبيه، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: زوروا كربلاء ولا تقطعوه، فإنّ خير أولاد الأنبياء ضمنته، ألا وإنَّ الملائكة زارَتْ كربلاء ألف عام من قبل أن يسكنه جَدِّي الحسينعليه‌السلام ، وما مِن ليلة تمضي إلاّ وجبرئيل وميكائيل يزورانه، فاجتهدْ يا يحيى أن لا تفقد من ذلك الموطن ».

١٠ - حدَّثني أبي؛ وجماعة مشايخيرحمهم‌الله عن سعد بن عبدالله،

__________________

١ - في بعض النّسخ: « من تربة بيت المقدس ». وهذه الأخبار مرسلات لا يحتجّ بها، ولاُستاذنا الغفّاريّ - أيّده الله - في مورد بيت المقدس والكعبة والكوفة كلامٌ في هامش الفقيه، راجع ج ١ ص ٢٣٣ و ٢٣٤.

٢ - يعني محمّد بن قولويه وعليّ بن الحسين بن بابويه.

٣ - مشترك بين عمران الميثميّ وصالِح بن ميثم.

٤ - في بعض النّسخ: « علي بن حارث ».

٢٨٦

عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن جعفر بن محمّد بن عبيدالله، عن عبدالله بن ميمون القدَّاح، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مرَّ أمير المؤمنينعليه‌السلام بكربلاء في اُناس من أصحابه فلمّا مرَّ بِهَا اغْرَوْرَقَت عَيناهُ بالبكاء، ثمَّ قال: هذا مناخُ رِكابهم وهذا مُلْقىُ رِحالُهم، وهنا تُهْرَق دِماؤهم، طوبى لك من تُربة عليك تُهرقُ دِماء الأحبَّة ».

١١ - حدَّثني أبي، ومحمّد بن الحسن، عن الحسن بن متّيل، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن أسباط، عن محمّد بن سِنان - عمّن حدّثه - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: خرج أمير المؤمنين عليٌّعليه‌السلام يَسيرُ بالنّاس حتّى إذا كان مِن كربلاء على مَسيرَة مِيل أو مِيلين تقدَّم بين أيديهم حتّى صار بمصارع الشُّهداء، ثمَّ قال: قبض فيها مائتا نَبيٍّ ومائتا وَصيٍّ ومائتا سبطٍ، كلّهم شُهداء بأتباعهم، فطاف بها على بَغلَتِه خارجاً رِجله من الرِّكاب فأنشأ يقول: مَناخ رِكاب ومَصارعُ الشُّهداء، لا يسبقهم من كان قبلهم ولا يلحقهم مَن أتى بعدهم »(١) .

__________________

١ - ذكر ابن أعثم الكوفيّ المتوفّى ٣١٤ في كتابه المعروف بـ « الفتوح » في ذكر مسير عليّ بن أبي طالب عليه السلام إلى صفّين كلاماً طويلاً - إلى أن قال: - « ثمَّ سار حتّى نزل بدير كعب فأقام هنالك باقي يومه وليلته. وأصبح سائراً حتّى نزل بكربلاء، ثمَّ نظر إلى شاطيء الفرات وأبصر هنالك خَيلاً، فقال: يا ابن عبّاس أتعرف هذا الموضع؟ فقال: لا يا أمير المؤمنين ما أعرفه، فقال: أما! إنّك لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجاوزه حتّى تَبكي كبكائي، قال: ثم بكى علي عليه السلام بكاء شديدا، حتى اخضلّت لحيته بدموعه وسالت الدموع على صدره، ثمّ جعل يقول: أواه! ما لي ولآل أبي سفيان! ثمّ التفت إلى الحسين عليه السلام فقال: أصبر ابا عبدالله! فلقد لقي أبوك منهم مثل الّذي تلقى مِن بَعدي.

قال: ثمَّ جعل عليٌّ عليه السلام يجول في أرض كربلاء كأنّه يطلب شيئاً، ثمّ نزل ودعا بماء فتوضّأ وضوء الصّلاة، ثمّ قام فصلّى ما شاء أن يصلّي، والنّاس قد نزلوا هُنالك من قرب نِينَوى إلى شاطىء الفرات، قال: ثمّ خفق برأسه خفقة فنام وانتبه فزعاً فقال: يا ابن عبّاس ألا اُحدِّثك بما رأيتُ السّاعة في منامي؟! فقال: بلى يا أمير المؤمنين، فقال: رأيت رجالاً بيض الوجوه، في أيديهم أعلام بيض، وهم متقلّدون بسيوف لهم، فخطّوا حول هذه الأرض خطّة، ثمَّ رأيت هذه النّخيل وقد ضربت بسعفها الأرض، ورأيت نَهراً يجري بالدَّم العبيط، ورأيت ابني الحسين و

٢٨٧

١٢ - حدَّثني أبي وجماعة مشايخيرحمهم‌الله عن محمّد بن يحيى العطّار

__________________

قد غرق في ذلك الدَّم وهو يستغيثُ فلا يُغاث، ثمّ إنّي رأيت أولئك الرّجال البيض الوجوه الّذين نزلوا من السّماء وهو ينادون: صبراً آل الرّسول صبراً! فإنّكم تقتلون على أيدي أشرار النّاس، وهذه الجنّة مشتاقة إليك يا ابا عبدالله، ثمّ تقدَّموا إليَّ فعزوني وقالوا: أبشر يا أبا الحسن فقد أقرَّ الله عينك بابنك الحسين غداً يوم يقوم النّاس لربّ العالمين، ثمّ إنّي انتبهت؛ فهذا ما رأيت فوالّذي نفس علي بيده لقد حدَّثني الصّادق المصدّق أبو القاسم صلى الله عليه وآله وسلم أنّي سأرى هذه الرؤيا بعينها في خروجي إلى قتال أهل البغي علينا، وهذه أرض كربلاء الّتي يدفن فيها ابني الحسين وشيعته وجماعة من ولد فاطمة بنت محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، وأنّ هذه البقعة المعروفة في أهل السّماوات تذكر بأرض كرب وبلاء، وليحشرنّ منها قوم يدخلون الجنّة بلا حساب.

ثمّ قال: يا ابن عبّاس اطلبْ لي حولها صِيران الظّباء، فطلبها ابن عبّاس وجدها، ثمّ قال: يا أمير المؤمنين قد أصبتها، فقال علي عليه السلام: الله أكبر! صدق الله ورسوله.

ثمّ قام علي عليه السلام يهرول نحوها حتى وقف عليها، ثمّ أخذ قبضة من بعر الظّباء فشمّها، فإذا لها لون كلون الزَّعفران ورائحة كرائحة المِسك، فقال عليُّ عليه السلام: نعم هي هذه بعينها، ثمّ قال: أتعلم ما هذه يا ابن عبّاس؟ قال: لا يا أمير المؤمنين، فقال: إنّ مسيح عيسى ابن مريم قد مرَّ بهذه الأرض ومعه الحواريّون، فشمَّ هذه البَعر كما شممته، وأقبلت إليه الظّباء حتّى وقفت بين يديه، فبكى عيسى وبكى معه الحواريّون، وهم لا يدرون لماذا يبكي عيسى عليه السلام، فقالوا: يا روح الله ما يُبكيك؟ ولماذا اختلست ههنا؟ فقال لهم: أتعلمون ما هذه الأرض؟ قالوا: لا يا روح الله، فقال: هذه أرض يقتل عليها فرخ الرَّسول أحمد المصطفى، وفرخ ابنته الزّهراء قرينة الطّاهرة البتول مريم بنت عِمران، - إلى أن قال: -

قال ابن عبّاس: فلمّا رجع عليّ عليه السلام من صِفّين وفرغ من أهل النّهروان دخل عليه الأعور الهَمدانيّ، فقال له عليُّ عليه السلام: يا حارث أعَلِمتَ أنّي منذ البارحة كئيب حزين فزع وَجِل؟ فقال الحارث: ولم ذاك يا أمير المؤمنين؟ أندماً منك على قتال أهل الشّام وأهل البصرة والنَّهروان؟ فقال: لا، ويحك يا حارث وإنّي بذلك مَسرور، ولكنّي رأيت في منامي أرض كربلاء، ورأيت ابني الحسين مذبوحاً مطروحاً على وجه الأرض، ورأيت الأشجار منكبة، والسّماء مصدّعة، والرّحال متطأمنة، وسمعت منادياً ينادي بين السّماء والأرض وهو يقول: أفزعتمونا يا قتلة الحسين أفزعكم الله وقتلكم، ثمَّ إنّي انتبهت وأنا منه على وَجَل لما رأيت، فقال له الحارث: كلاّ يا أمير المؤمنين، لا يكون إلاّ خيراً، فقال له عليّ عليه السلام: هيهات يا حارث سبقتْ كلمة الله ونفذ قضاؤه، وقد أخبرني حبيبي محمّد عليه السلام أنْ ابني يقتله يزيد - زاده الله في النّار عذاباً. ( راجع الفتوح ج ١ ص ٥٧١ إلى ٥٧٤، طبع دار الكتب العلميّة: بيروت - لبنان )

٢٨٨

عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سِنان، عن عَمرو بن ثابت، عن أبيه، عن ابي جعفرعليه‌السلام « قال: خلق الله تعالى كربلاء قبل أن يخلق الكعبة بأربعة وعشرين ألف عام، وقدّسها وبارك عليها، فما زالتْ قبل أن يخلق الله الخلق مقدّسة مباركة، ولا تزال كذلك، ويجعلها أفضل أرضٍ في الجنَّة ».

١٣ - وروى هذا الحديث جماعة مشايخنارحمهم‌الله : أبي؛ وأخي؛ وغيرهم، عن أحمدَ بن إدريسَ، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عليٍّ، عن أبي سعيد العُصْفُريِّ، عن عَمرو بن ثابت أبي المِقدام، عن أبيه، عن أبي جعفرعليه‌السلام مثله، وزاد فيه: « وأفضل منزل ومسكن يسكن الله فيه أولياءه في الجنَّة ».

حدَّثني أبي؛ وأخي؛ وعليُّ بن الحسين، عن عليِّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن عليٍّ قال: حدّثنا عبّاد أبو سعيد العُصْفُريُّ، عن عَمْرِو بن ثابِت أبي المِقدام، عن أبيه، عن أبي جعفرعليه‌السلام - وذكر مثله مع الزِّيادة -.

١٤ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن عليِّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن عليٍّ قال: حدَّثنا عبّاد أبو سعيد العُصْفُريّ، عن صَفوانَ الجمّال « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: إنَّ اللهَ تبارَك وتعالى فضّل الأرضين والمياه بعضها على بعضٍ، فمنها ما تفاخَرَتْ ومنها ما بَغَتْ، فما مِنْ ماءٍ ولا أرض إلاّ عوقبت لتركها التَّواضع لله حتّى سلّط اللهُ المشركينَ على الكَعبة، وأرسل إلى زَمزم ماءً مالحاً حتّى أفسد طعمَه، وإنَّ أرض كربلاء وماء الفُرات أوَّلُ أرض وأوَّلُ ماء قدَّس اللهُ تبارك وتعالى، فباركَ الله عليهما فقال لها: تكلّمي بما فضّلك الله تعالى فقد تفاخرتِ الأرضون والمياه بعضها على بعض؟! قالت: أنا أرض الله المقدَّسة المباركة؛ الشِّفاء في تُربتي ومائي، ولا فخر، بل خاضعة ذليلة لمن فعل بي ذلك، ولا فخر على مَن دوني، بل شُكراً لله. فأكرمها وزاد في تواضعها(١) وشكرها الله بالحسينعليه‌السلام وأصحابه، ثمَّ قال أبو عبداللهعليه‌السلام : مَن تواضع لله رَفَعَهُ الله و

__________________

١ - في بعض النّسخ: « وزادها لتواضعها ».

٢٨٩

مَن تكبّر وَضعه الله تعالى ».

الباب التّاسع والثّمانون

( فضل الحائر وحُرْمَته)

١ - حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه عبدالله بن محمّد ابن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن عمّار « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: موضعُ قبرِ الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام منذ يوم دُفِنَ فيه رَوْضَةٌ من رِياض الجنَّة، وقال: موضع قبر الحسينعليه‌السلام تُرْعَةٌ من تُرَع الجَنّة(١) ».

٢ - حدَّثني أبي؛ وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن عيسى بن عبيد اليقطينيِّ، عن محمّد بن إسماعيل البصريِّ - عمّن رواه - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: حُرْمةُ قبر الحسين فرسخ في فرسخ من أربعة جَوانبه ».

٣ - حدَّثني حكيم بن داود بن حكيمرحمه‌الله عن سَلَمة بن الخطّاب، عن منصور بن العبّاس - يرفعه إلى أبي عبداللهعليه‌السلام - « قال: حَريم(٢) قبر الحسينعليه‌السلام خمس فراسخ من أربعة جَوانِبِ القبر ».

٤ - حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاقَ بن عمّار « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: إنَّ لموضع قبر الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام حرمةً معلومة، مَن عَرفها واستجار بها اُجير، قلت: فَصِفْ لي مَوضِعَها جُعِلتُ فِداك، قال: أمسح من موضع قبره اليوم، فامسح خمسة وعشرين ذِراعاً مِن ناحية رِجلَيه وخمسة وعشرين ذراعاً ممّا يلي وَجهَه، وخمسة وعشرين ذراعاً مِن خَلْفَه، وخمسة وعشرين ذراعاً مِن ناحية

__________________

١ - قال في النّهاية: فيه: « إنّ منبري على تُرْعة من تُرَع الجنَّة »، التُّرْعة في الأصل: الرّوضة على المكان المرتفع خاصّة، فإذا كانت في المطمئنّ فهي روضة. قال القتيبيّ: معناه أنّ الصّلاة والذّكر في هذا الموضع يؤدّيان إلى الجنّة، فكأنّه قطعة منها - انتهى.

٢ - في بعض النّسخ: « حرم ».

٢٩٠

رأسِه، وموضع قبره مُنذ يوم دُفِنَ رَوضةٌ من ريِاض الجنَّة، ومنه معراج يعرج فيه بأعمال زوَّاره إلى السّماء، فليس ملكٌ ولا نَبيٌّ في السَّماوات إلاّ وَهُم يسألون - الله أنْ يأذن لهم في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، فَفَوجٌ ينزل وفَوجٌ يعرج ».

٥ - حدَّثني أبي؛ وجماعة مشايخيرحمهم‌الله عن سعد بن عبدالله، عن هارون بن مسلم، عن عبدالرَّحمن الأشعَث، عن عبدالله بن حمّاد الأنصاريّ، عن عبدالله بن سِنان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سَمعتُه يقول: قبر الحسينعليه‌السلام عِشرون ذِراعاً في عِشرين ذِراعاً مُكسَّراً رَوضةٌ من رياض الجنَّة - وذكر الحديث - ».

وعنه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليٍّ الوشّاء، عن إسحاقَ بنِ عَمّار، عن أبي عبداللهعليه‌السلام - مثله.

الباب التّسعون

( إنَّ الحائر مِن المواضع الَّتي يحبُّ الله أنْ يُدعىُ فيها)

١ - حدَّثني أبي؛ ومحمّد بن الحسن، عن الحسن بن مَتِّيل، عن سَهل بن زياد، عن أبي هاشم الجعفريِّ(١) « قال: بعث إليَّ أبو الحسنعليه‌السلام في مرضه؛ وإلى محمّد بن حَمزة، فسبقني إليه محمّد بن حمزة فأخبرني أنّه ما زال يقول: ابعثوا إلى الحائر(٢) [ابعثوا إلى الحائر]، فقلت لمحمّد: ألا قلت: أنا أذهب إلى الحائر؟!

ثمّ دخلت عليه فقلت له: جُعِلتُ فِداك أنا أذهب إلى الحائر، فقال: انظروا

__________________

١ - هو داود بن القاسم بن إسحاق بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب أبو هاشم الجعفري رحمه الله، من أهل بغداد، جليل القدر عظيم المنزلة عند الأئمّة علهيم السلام، وقد شاهد الجواد والهادي والعسكريّ عليهم السلام. ( جش، ست، صه )

٢ - أي ابعثوا رجلاً إلى حائر الحسين عليه السلام يدعو لي ويسأل الله شفائي عنده. ( البحار )

٢٩١

في ذلك (١) ، ثمَّ قال: إنَّ محمّداً ليس له سِرٌّ مِن زيد بن عليٍّ (٢) ، وأنا أكره أن يسمع ذلك، قال: فذكرت ذلك لِعليِّ بن بلال، فقال: ما كان يصنع بالحائر وهو الحائر!

فقدمت العَسكر فدخلت عليه، فقال لي: أجلس - حين أردت القيام -، فلمّا رأيته أنِسَ بي ذكرتُ قول عليّ بن بِلال، فقال لي: ألا قلت له: إنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يطوف بالبيت ويقبّل الحَجر، وحرمة النَّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والمؤمن أعظم من حُرمَة البيت، وأمره الله أن يقِفَ بَعَرَفَة، إنّما هي مواطن يحبُّ الله أن يذكر فيها، فأنا اُحبُّ أن يُدعى لي حيث يحبُّ الله أن يُدعىُ فيها، والحائر مِن تلك المواضع ».

٢ - حدَّثني عليُّ بن الحسين؛ وجماعة، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن عيسى، عن أبي هاشم الجعفريّ « قال: دخلت أنا ومحمّد بن حمزةَ عليه(٣) نعوده وهو عَليل، فقال لنا: وجّهوا قوماً إلى الحائر مِن مالي، فلمّا خرجنا من عنده قال لي محمّدُ بن حمزةَ: المشير يوجّهنا إلى الحائر وهو بمنزلة مَن في الحائر، قال: فعدتُ إليه فأخبرته، فقال لي: ليس هو هكذا، إنَّ لله مواضع يحبُّ أن يعبد فيها، وحائر الحسينعليه‌السلام مِن تلك المواضع ».

٣ - قال الحسين بن أحمدَ بن المغيرة: وحدَّثني أبو محمّد الحسن بن أحمد بن عليٍّ الرَّازيّ المعروف بالوهورديُّ(٤) بنيسابور بهذا الحديث، وذكر في آخره غير ما مضى في الحديثين الأوّلين، أحببت شرحه في هذا الباب لأنّه منه:

قال أبو محمّد الوهورديُّ: حدَّثني أبو عليٍّ محمّد بن همّامرحمه‌الله قال: حدَّثني محمّد الحميريُّ قال: حدَّثني أبو هاشم الجعفريُّ « قال: دخلت على أبي الحسن عليِّ بن محمّدعليهما‌السلام وهو محمومٌ عَليلٌ، فقال لي: يا ابا هاشم ابعث رَجلاً

__________________

١ - قيل: أي تفكّروا وتدبّروا فيه بأن يقع على وجه لا يطّلع عليه أحدٌ للتّقية.

٢ - « إنّ محمّداً » يعني ابن حمزة، « ليس له سرّ » أي حصانة، بل يفشي الأسرار. ( البحار )

٣ - يعني أبا الحسن العسكري عليه السلام.

٤ - في البحار: « بالرّهورديّ ».

٢٩٢

مِن موالينا إلى الحائر يدعو الله لي، فخرجتُ من عِنده فاستقبلني عليُّ بن بِلال فأعلمتُه ما قال لي، وسألته أن يكون الرَّجل الّذي يخرج، فقال: السّمع والطّاعة ولكنّي أقول: أنّه أفضل مِن الحائر إذ كان بمنزلة مَن في الحائر، ودعاؤه لنفسه أفضل مِن دعائي له بالحائر!

فأعلمتهعليه‌السلام ما قال، فقال لي: قل له: كان رَسولُ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أفضل من البيت والحَجر، وكان يطوف بالبيت ويستلم الحجر، وإنَّ لله تعالى بِقاعاً يحبّ أن يُدعى فيها فيستجيب لمن دَعاه، والحائر منها ».

الباب الحادي والتّسعون

( ما يستحبُّ مِن طين قبر الحسين عليه السلام وأنَّه شِفاءٌ)

١ - حدَّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليِّ بن فضّال، عن كِرام(١) ، عن ابن أبي يَعْفور « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : يأخذ الإنسان من طِين قبر الحسينعليه‌السلام فيتنفع به ويأخذ غيره فلا ينتفع به؟ فقال: لا؛ واللهِ الَّذي لا إله إلاّ هو ما يأخذه أحَدٌ وهو يَرى أنَّ الله ينفعه به إلاّ نفعه الله به ».

٢ - حدَّثني محمّد بن عبدالله، عن أبيه، عن أبي عبدالله البرقيِّ - عن بعض أصحابنا - « قال: دفعت إليَّ امرءة غَزْلاً فقالت: ادفعه إلى حجبة مَكّة ليخاط به كِسوة الكعبَة، قال: فكرهت أن أدفعه إلى الحَجَبة وأنا أعْرِفهم، فلمّا أن صِرنا إلى المدينة دَخلْتُ على أبي جعفرعليه‌السلام فقلت له: جُعِلتُ فِداك إنَّ امرءة أعطَتْني غَزْلاً فقالت: ادفعه بمكّة ليخاط به كِسوة الكعبة؛ فكرهت أن أدفعه إلى الحَجَبة،

__________________

١ - هو عبدالكريم بن عمرو الخثعميّ الملقّب بـ « كرام » بكسر الكاف وتخفيف الرّاء المهملة. روى عن الصّادق والكاظم عليهما السلام.

٢٩٣

فقال: اشتر به عَسَلا وزَعفَران، وخذ مِن طِين قبر الحسينعليه‌السلام واعْجنه بماء السَّماء واجعل فيه من العَسَل والزَّعْفَران وفرِّقه على الشّيعة ليداووا به مَرضاهم ».

٣ - حدَّثني أبي، عن سَعد بن عبدالله، عن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيلَ البَصريّ، ولقبه فهد - عن بعض رِجاله - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: طين قبر الحسينعليه‌السلام شِفاءٌ من كلِّ داءٍ ».

٤ - وعنه، عن سَعد بن عبدالله، عن أحمد بن الحسين بن سعيد، عن أبيه، عن محمّد بن سليمانَ البَصريّ، عن أبيه، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: في طين قبر الحسينعليه‌السلام الشِّفاء مِنْ كلِّ داءٍ، وهو الدَّواء الأكبر ».

٥ - حدَّثني محمّد بن جعفر، عن محمّد بن الحسين - عن شيخ من أصحابنا - عن أبي الصَّبّاح الكِنانيِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: طين قبر الحسينعليه‌السلام شَفاه وإنْ اُخذ على رأس ميل ».

٦ - وروي عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن أصابتْه علَّةٌ فبَدَء بطِين قبر الحسينعليه‌السلام شَفاه اللهُ مِن تِلك العِلَّة إلاّ أن تكون عِلّة السّام(١) ».

٧ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريُّ، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حمّاد البَصريِّ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ قال: حدَّثنا مُدْلِج، عن محمّد بن مسلم « قال: خرجت إلى المدينة وأنا وَجِعٌ، فقيل له: محمّد بن مسلم وَجِعٌ، فأرسل إليَّ أبو جعفرعليه‌السلام شِرْباً مع غُلام مغطّى بمِنْديل، فناولنيه الغلام وقال لي: اشربه؛ فإنّه قد أمرني أن لا ابرح حتّى تشربه، فتناولته فإذا رائحة المسك منه، وإذا بشرابٍ طيِّب الطَّعم بارد، فلمّا شَرِبْتُه قال لي الغلام: يقول لك مولاك: إذا شربته فتعال.

ففكّرت فيما قال لي وما أقدرُ علَى النُّهوض قبل ذلك على رِجلي، فلمّا استقرّ الشّراب في جَوْفي فكأنّما نشطتُ(٢) مِن عِقال، فأتيتُ بابه فاسْتأذنتُ عليه

__________________

١ - السّام هنا بمعنى الموت.

٢ - كذا في النّسخ، والصّواب: « فكأنّي اُنشط » من باب الإفعال، كما يأتي.

٢٩٤

فصوّت بي: صحّ الجسم أُدخل! فدَخَلتُ عليه وأنا باكٍ، فسلّمت عليه وقبّلت يدَه ورأسَه؛

فقال لي: وما يُبكيك يا محمّد؟! قلت: جُعِلتُ فِداك أبكي على اغترابي وبُعْدِ الشُقَّة وقِلَّة القُدْرَة على المَقام عندَك أنظر إليك،

فقال لي: أمّا قلّة القُدرَة فكذلك جعل اللهُ أولياءَنا وأهلَ مودَّتنا، وجعل البَلاء إليهم سَريعاً، وأمّا ما ذكرت من الغُرْبة، فإنَّ المؤمن في هذه الدُّنيا غريب وفي هذا الخلق المنكوس، حتّى يخرج مِن هذه الدَّار إلى رحمة الله، وأمّا ما ذكرت من بُعدِ الشُّقَّة فلك بأبي عبداللهعليه‌السلام اُسْوَة بأرض نائية عنّا بالفُرات، وأمّا ما ذكرتَ مِن حُبِّك قُرْبنا والنَّظر إلينا؛ وأنّك لا تَقدِر على ذلك، فاللهُ يعلم ما في قلبك وجَزاؤك عليه؛

ثمّ قال لي: هل تأتي قبر الحسينعليه‌السلام ؟ قلت: نَعَم؛ على خوف ووَجَل، فقال: ما كان في هذا أشدُّ فالثَّوابُ فيه على قَدْرِ الخَوف، ومَن خاف في إتيانه أمِنَ الله رَوعَته يَومَ يقومُ النّاس لِرَبِّ العالمين، وانْصَرَفَ بالمغفرةِ، وسَلَمَتْ عليه الملائكة، ورآه النَّبيُّ(١) صلى‌الله‌عليه‌وآله وما يصنع، ودعا له: وانقلب بنعمةٍ من الله وفَضلٍ لم يَمْسَسْه سُوءٌ واتّبعَ رَضوانَ الله؛

ثمَّ قال لي: كيف وَجدتَ الشَّراب؟ فقلت: أشهد أنّكم أهل بيت الرَّحمة وأنّك وصيّ الأوصياء، ولقد أتاني الغلام بما بعثته وما أقدرُ على أن استقلَّ على قدمي، ولقد كنتُ آيساً مِن نفسي، فنالني الشَّراب فشَرِبتُه فما وَجَدتُ مثلَ رِيحه ولا أطيبَ مِن ذَوقِه ولا طَعْمِه ولا أبرَد منه، فلمّا شَربتُه قال لي الغلام: إنّه أمرني أن أقولَ لك: إذا شربته فَاقبَلْ إليَّ؛ وقد علمتُ شِدَّةَ ما بي، فقلت: لأذهبنَّ إليه ولو ذَهَبَتْ نفسي، فأقبلتُ إليك فكأنّي اُنشطت مِن عِقال، فالحمد ‏للهِ الَّذي جعلكم رَحمةً لِشيعتكم [ورَحمة عليَّ]؛

فقال: يا محمّد إنّ الشَّراب الَّذي شَرِبته فيه من طِينَ قبر الحسينعليه‌السلام (٢) ،

__________________

١ - في بعض النّسخ: « زار النّبيّ ».

٢ - في البحار: « فيه من طين قبور آبائي ».

٢٩٥

وهو أفضل ما استشفي به، فلا تَعدل به، فإنّا نَسقيه صبياننا ونساءَنا فنَرى فيه كلَّ خير، فقلت له: جُعِلتُ فِداك إنّا لنأخذ منه ونستشفي به؟ فقال: يأخذه الرَّجل فيخرجه مِنَ الحائر وقد أظهره فلا يمرُّ بأحدٍ من الجنِّ به عاهَةٌ، ولا دابّةٍ ولا شيءٍ فيه آفةٌ إلاّ شَمّه فتذهب بَرَكته فيصير بَرَكته لغيره، وهذا الَّذي نتَعالج (١) به ليس هكذا، ولولا ما ذكرت لك ما يمسح به (٢) شيءٌ ولا شُرِبَ منه شيءٌ إلاّ أفاق مِن ساعته، وما هو إلاّ كحَجَر الأسوَد أتاه صاحبُ العاهات والكفر والجاهليّة، وكان لا يتمسّح به أحَدٌ إلاّ أفاق، وكان كأبيض ياقوتة فَأسْوَدَّ حتّى صار إلى ما رأيت، فقلت: جُعِلت فِداك وكيف أصنع به؟ فقال: تصنع به مع إظهارك إيّاه ما يصنع غيرك تَستخفّ به فتطرحه في خُرجِك وفي أشياءَ دَنِسة فيذهب ما فيه ممّا تريده له (٣) ، فقلت: صدقتَ جُعلتُ فداك، قال: ليس يأخذه أحَدٌ إلاّ وهو جاهل بِأخذِه ولا يكادُ يسلم بالنّاس، فقلتُ: جُعِلتُ فِداك وكيف لي أن آخذه كما تأخذ[ه]؟ فقال لي: اُعطيك منه شيئاً؟ فقلت: نَعَم، قال: إذا أخذته فكيف تصنع به؟ فقلت: أذهب به معي، فقال: في أيِّ شيءٍ تَجعلُهُ؟ فقلت: في ثيابي، قال: فقد رَجَعْتَ إلى ما كنتَ تَصنَع، أشرَب عندنا منه حاجَتَك ولا تَحمِله، فإنّه لا يسلم لك، فسقاني منه مرَّتين، فما أعلم أنّي وجدتُ شيئاً ممّا كنتُ أجدُ حتّى انصرفت ».

٨ - حدَّثني محمّد بن الحسين بن متّ الجوهريّ، عن محمّد بن أحمدَ بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن الخَيبريّ، عن أبي وَلاّد، عن أبي بكر الحَضرَميّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: لو أنَّ مريضاً مِن المؤمنين يعرف حَقَّ أبي عبداللهعليه‌السلام (٤) وحُرْمَتَه ووِلايَتَه أخذَ مِن طِين قبرِه مثل رأس أنملَة كان له دَواء ».

* * * * *

__________________

١ - في بعض النّسخ: « يتعالج ».

٢ - في البحار: « ما تمسّح به ».

٣ - في البحار: « ممّا تريد به ».

٤ - المراد به السِّبط الشَّهيد المُفَدَّى الحسين عليه السلام.

٢٩٦

الباب الثّاني والتّسعون

( إنّ طين قبر الحسين عليه السلام شفاء وأمان)

١ - حدَّثني أبي؛ وجماعةرحمهم‌الله عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن عيسى - عن رَجل - « قال: بعث إليّ أبو الحسن الرّضاعليه‌السلام من خراسان ثياب رِزَم(١) وكان بين ذلك طِينٌ، فقلت للرَّسول: ما هذا؟ قال: طين قبر - الحسينعليه‌السلام ؛ ما كان يوجِّه شيئاً من الثِّياب ولا غيره إلاّ ويجعل فيه الطِّين، وكان يقول: هو أمانٌ بإذنِ الله »(٢) .

٢ - حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن موسى بن سَعدانَ، عن عبدالله بن القاسم، عن الحسين بن أبي العلاء « قال: سمعتُ أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: حنّكوا أولادَكم بتربة الحسينعليه‌السلام فإنّه أمان ».

٣ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أيّوب بن نوح، عن عبدالله بن المغِيرة قال: حدَّثنا أبو اليَسَع « قال: سأل رَجلٌ أبا عبداللهعليه‌السلام - وأنا أسمع - قال: آخُذُ من طِين قبر الحسين ويكون عندي أطلبُ بَرَكته؟ قال: لا بأس بذلك ».

٤ - وعنه، عن سعد، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن العبّاس بن موسى الورَّاق، عن يونس، عن عيسى بن سُليمان، عن محمّد بن زياد، عن عمّته « قالت: سَمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: إنَّ في طِين الحائر الَّذي فيه الحسينعليه‌السلام شِفاءً مِن كلِّ داءٍ وأماناً من كلِّ خوف ».

____________

١ - الرِّزْمَة - بالكسر -: ما شُدّ في ثوبٍ واحدٍ، جمعها رِزَم. والخبر مذكور في التّهذيب مع زيادة، وفيه: « بعث إليَّ أبو الحسن عليه السلام رزم ثياب ». ( راجع التّهذيب ج ٨ باب أحكام الطّلاق ح ٣٩ ).

٢ - قال العلاّمة المجلسيّ رحمه الله: يدلّ الخبر على استحباب جعل التّربة بين الأمتعة لحفظها، وأنّه لا ينافي احترامها. ( ملاذ الأخيار ).

٢٩٧

٥ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن أحمدَ بن إدريسَ؛ ومحمّد بن يحيى، عن العَمْرَكي بن عليٍّ البوفكيِّ، عن يحيى - وكان في خدمة أبي جعفر الثّاني - عن عيسى بن سليمان، عن محمّد بن مارِد، عن عَمّته « قالت: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: إنَّ في طِينِ الحائر الَّذي فيه الحسينعليه‌السلام شِفاءً من كلِّ داءً وأماناً من كلِّ خَوف ».

٦ - حدَّثني محمّد بن جعفر، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيلَ، عن الخَيبريِّ، عن أبي وَلاّد، عن أبي بكر الحَضرَميِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: لو أنَّ مريضاً مِن المؤمنين يَعرِف حَقَّ أبي عبداللهعليه‌السلام وحُرْمته وولايته اُخذ له من طِين قَبره على رأس ميل كان له داوءً وشفاءً ».

الباب الثّالث والتّسعون

( من أين يؤخذ طين قبر الحسين عليه السلام وكيف يؤخذ)

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن يعقوبَ بن يزيدَ، عن الحسن بن عليِّ، عن يونس بن رَبيع، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنَّ عند رأس الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام لتربة حَمراء فيها شِفاء من كلِّ داءٍ إلاّ السّام(١) ، قال: فأتينا القبر بَعْدَ ما سَمعنا هذا الحديث فاحتفرنا عند رأس القبر، فلمّا حفرنا قدرَ ذِراع انحدرت علينا من رأس القبر مثل السِّهلَة(٢) حَمراء قدر دِرهم فحملناه إلى الكوفة فمزجناه وخَبَئناه(٣) ، فأقبلنا نعطي النّاس يَتداوون به ».

٢ - حدَّثني أبي؛ ومحمّد بن الحسن؛ وعليُّ بن الحسين؛ عن سعد، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن رِزق الله بن العَلاء، عن سليمان بن عَمْرو والسَّرَّاج - عن بعض أصحابنا - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: يؤخذ طين قبر الحسينعليه‌السلام من عند القبر على قدر سَبعين باعاً »(٤)

__________________

١ - أي الموت، كما مرّ.

٢ - السّهلة - بالكسر -: ترابٌ كالرّمل يجيء به الماء.

٣ - أي جعلناه مستوراً.

٤ - الباع قدر مدّ اليدين.

٢٩٨

٣ - حدَّثني عليُّ بن الحسين، عن عليِّ بن إبراهيمَ، عن إبراهيم بن إسحاقَ النّهاونديِّ، عن عبدالله بن حمّاد الأنصاريِّ، عن عبدالله بن سِنان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إذا تَناوَلَ أحَدُكم مِن طينَ قبر الحسين فليقل:

«اللّهُمَّ إنّي أسْأَلُك بحقِّ المَلَكِ الَّذي تَناوَلَهُ، وَالرَّسُولَ الَّذي بَوَّأَهُ، وَالْوَصِيِّ الَّذي ضُمِّنَ فيهِ، أنْ تجعَلَهُ شِفاءً مِن كُلِّ داءٍ ( - كذا وكذا - ) ويسمّي ذلك الدَّاء »(١) .

٤ - حدَّثني حكيم بن داود، عن سَلَمةَ، عن عليِّ بن الرّيّان بن الصَّلت، عن الحسين بن أسد، عن أحمدَ بن مُصْقَلَة، عن عمّه، عن أبي جعفر الموصليّ « أنّ أبا جعفرعليه‌السلام قال: إذا أخذت طين قبر الحسين فقل:

«اللّهُمَّ بِحَقِّ هذِهِ التُّرْبَةِ، وَبِحقِّ المَلَكِ المُوَكِّلِ بِها، وَالملكِ الَّذِي كَرَبها (٢) ،وَبِحَقِّ الْوَصيِّ الَّذِي هُوَ فيها، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلْ هذا الطِّين شِفاءً مِن كلِّ داءٍ وَأماناً مِنْ كُلِّ خَوْفٍ »،

فإن فعل ذلك كان حتماً شفاءً [له] مِن كلِّ داء، وأماناً من كلِّ خَوف ».

٥ - حدَّثني محمّد بن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار، عن أبيه، عن جدِّه عليِّ بن مَهزيار، عن الحسن بن سعيد، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ قال: حدّثنا أبو عمرو شيخ من أهل الكوفة، عن أبي حمزة الثُّماليِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: كنت بمكّة - وذكر في حديثه - قلت: جُعِلتُ فِداك إنّي رأيت أصحابنا يأخذون من طين الحائر ليستشفون به؛ هل في ذلك شَيءٌ ممّا يقولون من الشِّفاء؟ قال: قال: يُستَشفى بما بينه وبين القبر على رأس أربعة أميال، وكذلك قبر جَدِّي رَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكذلك طِين قبر الحسن وعليٍّ ومحمّد(٣) ، فَخُذْ منها فإنّها شِفاءٌ مِن

__________________

١ - في مصباح الطّوسي رحمه الله عن ابن سنان مثله وفيه: « بحقّ الملك الّذي تناول، والرّسول الّذي نزّل » ورواية ابن قولويه أصوب. ( البحار )

٢ - كربها أي حفرها، من قولهم: كربت الأرض، ويحتمل أن يكون بتشديد الرّاء والباء للتّعدية، أي أخذها ورجع بها إلىُ النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كما في ساير الأدعية. ( البحار )

٣ - فيه كلام، وقال العلاّمة المجلسيّ رحمه الله: « ما تضمّنه الخبر من جواز الاستشفاء.

٢٩٩

كلِّ سُقْم، وجُنّةٌ ممّا يُخاف ولا يَعدِلُها شيءٌ من الأشياء الّتي يستشفى بها إلاّ الدُّعاء، وإنّما يفسدها ما يخالطها من أوعيتها وقلّة اليقين لِمَن يُعالِج بها، فأمّا مَن أيقنَ أنّها له شِفاء إذا يعالِج بها كَفَتْه بإذن اللهِ من غَيرها ممّا يتعالِج به، ويفسدها الشّياطين والجنُّ من أهل الكفر مَن هم يتمسّحون بها، وما تمرُّ بشيء إلاّ شمّها، وأمّا الشّياطين وكفّار الجنِّ فإنّهم يَحسدون بني آدم عليها فيتمسّحون بها فيذهب عامّة طِيبها، ولا يُخرَجُ الطّين مِنَ الحائر إلاّ وقد استعدّ له ما لا يحصى منهم وأنّه لفي يد صاحبها (١) ، وهم يتمسّحون بها، ولا يقدرون مع الملائكة أن يدخلوا الحائِر ولو كان مِنَ التُّربة شيءٌ يَسلمُ ما عولِج به أحدٌ إلاّ بَرِئ مِن ساعته، فإذا أخذتَها فَاكتُمْها، وأكثِرْ عليها من ذكر الله تعالى، وقد بلغني أنَّ بعضَ مَن يأخذ مِن التُّربة شيئاً يستخفُّ به حتّى أنَّ بعضهم ليطرحها في مِخْلاة الإبل والبَغل والحِمار أو في وِعاءِ الطّعام وما يمسح به الأيدي من الطّعام، والخُرَج والجَوالق! فكيف يستشفي به مَن هذا حاله عنده؟! ولكنَّ القلب الّذي ليس فيه [الـ]ـيقينُ من المُستَخفِّ بما فيه صلاحه يفسد عليه عَمله ».

٦ - حدَّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن رزق الله بن العَلاء، عن سليمان بن عَمرٍو السَّرَّاج - عن بعض أصحابنا - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: يؤخذ طين قبر الحسينعليه‌السلام مِن عند القبر على سبعين باعاً في سبعين باعاً ».

٧ - حدَّثني محمّد بن يعقوب، عن علي بن محمّد(٢) - رفعه - « قال: قال:

__________________

بتربة غير الحسين عليه السلام مخالفٌ لسائر الأخبار وما ذهب إليه الأصحاب، ولعلّه محمولٌ على الاستشفاء بغير الأكل من الاستعمالات، كالتّمسّح بها وحملها معه »، وقال العلاّمة الأمينيّ ( ره ) مثله.

١ - في بعض النّسخ: « ما لايحصى منهم والله إنّها لفي يدي صاحبها - إلخ ».

٢ - هو أبو الحسن عليّ بن محمّد بن إبراهيم بن أبان الرّازيّ المعروف بـ « علاّن » وهو من مشائخ الكليني ( ره )، وما في بعض النسخ: « عليّ بن محمّد بن عليّ » سهو من النّسّاخ. والخبر مذكور في الكافي، راجع ج ٤ ص ٥٨٨ ح ٧.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357