الإنفاق في سبيل الله

الإنفاق في سبيل الله30%

الإنفاق في سبيل الله مؤلف:
الناشر: دار الزهراء (عليها السلام)
تصنيف: كتب الأخلاق
الصفحات: 194

الإنفاق في سبيل الله
  • البداية
  • السابق
  • 194 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 65039 / تحميل: 6113
الحجم الحجم الحجم
الإنفاق في سبيل الله

الإنفاق في سبيل الله

مؤلف:
الناشر: دار الزهراء (عليها السلام)
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

خلق النبي صلّى الله عليه وآله على بن أبى طالب (عليه السلام) من شجرة واحدة

٧٢ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ابن يحيى العطار، قال: حدثني أبوسعيد سهل بن زياد الآدمي، قال: حدثنا الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن علي بن حفص العبسي، عن الصلت بن العلاء، عن أبي الحزور، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: خلق الناس من شجر شتى، وخلقت أنا وابن أبي طالب من شجرة واحدة، أصلي علي وفرعي جعفر.

شكر كل نعمة خصلة

٧٣ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن - يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن الحسن بن عطية(١) ، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سمعته يقول: شكر كل نعمة وإن عظمت أن تحمد الله عزّوجلّ.

الدين هو الحب

٧٤ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن سعيد بن يسار قال: قال لي أبوعبدالله عليه السلام: هل الدين إلا الحب؟ إن الله عزّوجلّ يقول:( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ ) .(٢)

المؤمن إذا صافح المؤمن تفرقا عن غير ذنب

٧٥ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن الحسين بن المختار، عن أبي عبيدة الحذاء

______________

(١) في بعض النسخ « الحسين بن عطية ».

(٢) آل عمران: ٣١.

٢١

قال: قال أبوجعفر عليه السلام: إن المؤمن إذا صافح المؤمن تفرقا عن غير ذنب.(١)

خصلة تحيى القلوب

٧٦ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن خطاب بن - مسلمة، عن الفضيل بن يسار قال: قال لي أبوجعفر عليه السلام: يا فضل إن حديثنا يحيي القلوب.

خصلة فيها حياة لامر حجج الله عزّوجلّ

٧٧ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن - أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن خيثمة قال: قال لي أبوجعفر عليه السلام: تزاوروا في بيوتكم فإن ذلك حياة لامرنا، رحم الله عبدا أحيا أمرنا.

ما خلق الله عزّوجلّ شيئا أقر للعين من خصلة

٧٨ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن أبي الصهبان عن محمد بن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن محمد بن مروان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال لي: يا محمد كان أبي عليه السلام يقول: يا بني ما خلق الله شيئا أقر لعين أبيك من التقية.

تسعة أعشار الدين في خصلة

٧٩ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن إدريس قال: حدثني أبوسعيد الآدمي قال: حدثنا الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن ابن أبي عمير، عن عبدالله بن جندب، عن أبي عمر العجمي قال: قال لي أبوعبدالله عليه السلام: يا أبا عمر إن تسعة أعشار الدين في التقية، ولا دين لمن لا تقية له، والتقية في كل شئ إلا في شرب -

______________

(١) في بعض النسخ « من غير ذنب » وقال في مجمع بحار الانوار: في حديث المصافحة « لم يبق بينهما ذنب » أي غل وشحناء.

٢٢

النبيذ والمسح على الخفين(١) .

من رضى القضاء ومن سخطه

٨٠ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثنا أيوب بن نوح، عن محمد بن أبي عمير، عن الفراء، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: من رضي القضاء أتى عليه القضاء وهو مأجور، ومن سخط القضاء أتى عليه القضاء وأحبط الله أجره.

خصلة لا يتحبب(٢) بها حمر النعم

٨١ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثني يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن خلاد، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن - الحسين عليهما السلام قال: ما أحب أن لي بذل نفسي حمر النعم(٣) وما تجرعت جرعة أحب إلي من جرعة غيظ لا اكافي بها صاحبها.

خصلة تزيد في الرزق

٨٢ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد - رحمه الله - قال: حدثني الحسن بن متيل الدقاق، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن ابن أبي عمير، عن أبي عوف العجلي قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: الوضوء قبل الطعام وبعده يزيد في الرزق.

______________

(١) ذلك لعدم مس الحاجة إلى التقية فيهما لانه يمكن الاحتزار عنهما بأن لا يشرب النبيذ لان الشافعي يحرمه. ولا يمسح الخفين لانه بدعة حدثت بعد ثبوت حكم المسح على الرجلين بنص القرآن إذ لاخفاء في أن الخف غير الرجل، على أنه يمكنه أن ينزعه ويمسحه ثم يغسله. كما يظهر من بعض الروايات. راجع الوسائل ج ١ ص ٦٥ باب وجوب المسح على الرجلين.

(٢) كذا في نسخة مصححة وفى أكثر النسخ « لا يستحب ».

(٣) حمر النعم كرائمها وهى مثل في كل نفيس من المال. والابل الحمر أنفس أموال العرب.

٢٣

خصلة من الذنوب التى لا تغفر

٨٣ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن - يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن أخي الفضيل، عن الفضيل، عن أبي جعفر عليه السلام قال: من الذنوب التي لا تغفر قول الرجل: يا ليتني لا اؤاخذ إلا بهذا(١) .

خصلة تورث النفاق وتعقب الفقر

٨٤ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن - يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن مهران بن محمد، عن الحسن بن هارون قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: الغناء يورث النفاق ويعقب الفقر.

أول ما يتحف به المؤمن خصلة

٨٥ - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن - الحسين السعد ابادي، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن عثمان، وابن أبي حمزة: عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قلت له: ما أول ما يتحف به المؤمن؟ قال: يغفر لمن تبع جنازته.

يغفر لعبد يوم القيامة ليست له حسنة بخصلة

٨٦ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثني عمي محمد بن - أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن محمد بن عمران، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: يؤتى بعبد يوم القيامة ليست له حسنة، فيقال له: اذكر أو تذكر(٢) هل لك من حسنة، قال: فيتذكر فيقول: يا رب مالي

______________

(١) لان هذا الكلام يدل على استصغار الذنب وعدم الندامة عليه وهو جرأة على الله سبحانه قال أبوالحسن عليه السلام « لا تستقلوا قليل الذنوب ». وقال أبوعبدالله عليه السلام « اتقوا - المحقرات من الذنوب فانها لا تغفر ».

(٢) ياد كن، ياد بياور.

٢٤

من حسنة إلا أن فلانا عبدك المؤمن مر بي فطلبت منه ماء فأعطاني ماء فتوضأت به وصليت لك، قال: فيقول الرب تبارك وتعالى: قد غفرت لك أدخلوا عبدي الجنة.

رأس كل خطيئة خصلة

٨٧ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن - يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن درست بن أبي منصور، عن رجل، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: حب الدنيا رأس كل خطيئة.

ما أقبح بالرجل أن يدخل الجنة وهو مهتوك الستر

٨٨ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أيوب بن - نوح، عن محمد بن أبي عمير، عن سعد بن أبي خلف، عن نجم(١) ، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال لي: يا نجم كلكم في الجنة معنا إلا أنه ما أقبح بالرجل منكم أن يدخل الجنة قد هتك ستره وبدت عورته، قال: قلت له: جعلت فداك وإن ذلك لكائن؟ قال: نعم إن لم يحفظ فرجه وبطنه.

خصلة من فعلها استوجب رحمة الله عزّوجلّ

٨٩ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أيوب بن - نوح، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن مدرك بن الهزهاز قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: يا مدرك رحم الله عبدا اجتر مودة الناس إلى نفسه، فحدثهم بما يعرفون، وترك ما ينكرون.

خصلة من فعلها كثر خير بيته

٩٠ - حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه، عن أبيه، عن أبي سعيد الآدمي، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن محمد بن سعيد بن غزوان، عن إسماعيل ابن أبي زياد، عن أبي عبدالله، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال أميرالمؤمنين عليه السلام:

______________

(١) نجم بن حطيم من أصحاب الباقر عليه السلام والظاهر هو الغنوى.

٢٥

من أراد أن يكثر خير بيته فليغسل يده قبل الاكل.

في من ظهرت صحته على سقمه فيعالج بشئ فمات

٩١ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن سهل بن - زياد، عن النوفلي، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: من ظهرت صحته على سقمه فيعالج بشئ فمات فأنا إلى الله منه برئ.

المؤمن مشغول عن خصلة

٩٢ - حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه، عن أبيه، عن سهل ابن زياد قال: حدثنا أبونصر محمد بن جعفر بن عقبة، عن الحسن بن محمد ابن اخت أبي مالك، عن عبدالله بن سنان، عن عبد الواحد بن المختار قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن اللعب بالشطرنج فقال: إن المؤمن لمشغول عن اللعب.

ما محق الايمان محق خصلة شئ

٩٣ - حدثنا محمد بن الحسن رضي الله عنه قال: حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري قال: حدثني هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ما محق الايمان محق الشح شئ(١) ، ثم قال: إن لهذا الشح دبيبا كدبيب النمل، وشعبا كشعب الشرك.

سعد امرء لم يمت حتى يرى خلفه من بعده

٩٤ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار قال: حدثني أيوب بن نوح، عن محمد بن سنان، عن موسى بن بكر الواسطي قال: قلت لابي - الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: الرجل يقول لابنه أو لابنته بأبي أنت وامي أو بأبوي. أترى بذلك بأسا؟ فقال: إن كان أبواه حيين فأرى ذلك عقوقا، وإن كانا قد ماتا فلا

______________

(١) الشح - بضم المعجمة وشد الحاء -: الحرص مع البخل. ومحقه: أبطله ومحاه.

٢٦

بأس. قال: ثم قال: كان جعفر عليه السلام يقول: سعد امرء لم يمت حتى يرى خلفه من بعده(١) وقد والله أراني الله خلفي من بعدي.

المؤمن أعظم حرمة من الكعبة

٩٥ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن - يزيد، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: المؤمن أعظم حرمة من الكعبة.

حسب المؤمن(٢) من الله نصرة أن يرى عدوه يعمل بمعاصي الله عزّوجلّ

٩٦ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أيوب بن - نوح، عن محمد بن أبي عمير، عن قتيبة الاعشى، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: حسب المؤمن من الله نصرة أن يرى عدوه يعمل بمعاصي الله.

الهدية تذهب بالضغائن

٩٧ - حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه، عن أبيه، عن سهل ابن زياد، قال: أخبرنا محمد بن سعيد، عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: نعم الشئ الهدية أمام الحاجة، وقال: تهادوا تحابوا فإن الهدية تذهب بالضغائن(٣) .

طوبى لعبد نومة

٩٨ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن - أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن صفوان الجمال، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: طوبى

______________

(١) الخلف - بالتحريك -: الولد الصالح، فإذا كان فاسدا سكنت اللام. وربما استعمل كلا منهما مكان الاخر.

(٢) حسبك درهم أي كفاك.

(٣) ضغن ضغنا من باب تعب: حقد، والاسم الضغن.

٢٧

لعبد نومة(١) ، عرف الناس فصاحبهم ببدنه ولم يصاحبهم في أعمالهم بقلبه فعرفهم في الظاهر ولم يعرفوه في الباطن

خصلة تدع الرجل فقيرا يوم القيامة

٩٩ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا أبوالحسن محمد بن أحمد بن علي ابن أسد الاسدي قال: حدثني محمد بن أبي أيوب النهروي قال: حدثني جعفر بن - سنسيد بن داود قال: حدثني أبي قال: حدثنا يوسف بن محمد بن المنكدر، عن أبيه، عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: قالت ام سليمان بن داود لسليمان عليه السلام: إياك وكثرة النوم بالليل فإن كثرة النوم بالليل تدع الرجل فقيرا(٢) يوم القيامة.

عرفاء أهل الجنة صنف

١٠٠ - حدثنا أبوالحسن محمد بن أحمد بن علي بن أسد الاسدي قال: حدثنا أبي، وعلي بن العباس البجلي، والحسن علي بن نصر الطوسي قالوا: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن غزوان قال: حدثنا أبوسنان العابدي قال: حدثنا صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: حملة القرآن عرفاء أهل الجنة(٣) .

توضأ رسول الله صلّى الله عليه وآله مرة مرة

١٠١ - حدثنا أبوأحمد محمد بن جعفر البندار الفرغاني بفرغانة قال: حدثنا أبوالعباس الحمادي قال: حدثنا أبومسلم الكجي قال: حدثنا عبدالله بن عبد الوهاب

______________

(١) رجل نومة - بالضم ساكنة الواو - أي لا يؤبه به، ويقال للخامل الذكر الذى لا يؤبه به: نومة. وروى المصنف في معاني الاخبار باسناده عن أميرالمؤمنين عليه السلام في معنى النومة قال عليه السلام: « الذى لا يدرى الناس ما في نفسه ».

(٢) أي يتركه فقيرا.

(٣) حملة القرآن حفظته العاملون به. وعرفاء أهل الجنة: المقدمون في الرتب العلية.

٢٨

قال: حدثنا عبد الرحيم بن زيد العمي، عن أبيه، عن معاوية بن قرة، عن ابن عمر أن رسول الله صلّى الله عليه وآله توضأ مرة مرة.

أحسن الحسن خصلة

١٠٢ - حدثنا أبوالحسن علي بن عبدالله بن أحمد الاسواري قال: حدثنا أبويوسف أحمد بن محمد بن قيس السجزي(١) المذكر قال: حدثني أبومحمد عبد العزيز ابن علي السرخسي بمرو الروذ قال: حدثني أبوبكر أحمد بن عمران البغدادي قال: حدثنا أبوالحسن قال: حدثنا أبوالحسن، قال: حدثنا أبوالحسن، قال: حدثنا الحسن، عن الحسن، عن الحسن: إن أحسن الحسن الخلق الحسن. فأما أبوالحسن الاول فمحمد بن عبد الرحيم التستري، وأما أبوالحسن الثاني فعلى بن أحمد البصري التمار، وأما أبوالحسن الثالث فعلي بن محمد الواقدي وأما الحسن الاول فالحسن بن عرفة العبدي، وأما الحسن الثاني فالحسن بن أبي - الحسن البصري وأما الحسن الثالث فالحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.

ترك النبي صلّى الله عليه وآله دعوته لخصلة

١٠٣ - أخبرني أبوالحسن طاهر بن محمد بن يونس قال: حدثنا محمد بن عثمان الهروي قال: حدثنا أحمد بن نجدة قال: حدثنا أبوبشر ختن المقرئ قال: حدثنا معمر بن سليمان قال: إني سمعت أنس بن مالك يقول: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: لكل نبي دعوة قد دعا بها وقد سأل سؤلا، وقد خبأت دعوتي(٢) لشفاعتي لامتي يوم القيامة.

أفضل العبادة خصلة وأفضل الدين خصلة

١٠٤ - أخبرني الخليل بن أحمد قال: أخبرنا ابن منيع(٣) قال: حدثنا هارون

______________

(١) في بعض النسخ « السحري » وهو منسوب إلى السحر، واما السجزي فمنسوب إلى سجز اسم لسجستان. (٢) السؤل - بالضم -: ما يسأل. وخبأ الشئ: ستره وأخفاه.

(٣) في بعض النسخ « أبومنيع » وكذا فيما يأتي.

٢٩

ابن عبدالله قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي قال: حدثنا خالد بن - أبي خالد الازرق، عن محمد بن عبد الرحمن - وأظنه ابن أبي ليلى - عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنه قال: أفضل العبادة الفقه، وأفضل الدين الورع.

شئ هو كثير وفاعله قليل

١٠٥ - أخبرني الخليل بن أحمد قال: أخبرنا ابن منيع قال: حدثنا أحمد بن - عمران الاخنسي سنة ثمان وعشرين(١) وفيها مات، قال: سمعت أبا خالد الاحمري يحدث عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبدالله ابن عمرو(٢) قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: الخير كثير(٣) وفاعله قليل.

خصلة هي نصف الدين

١٠٦ - أخبرني الخليل بن أحمد قال: حدثنا ابن منيع قال: حدثنا علي بن - عيسى المخرمي سنة إحدى وثلاثين(٤) قال: حدثنا خلاد بن عيسى، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: حسن الخلق نصف الدين.

أفضل ما أعطى المسلم خصلة

١٠٧ - أخبرني الخليل بن أحمد قال: أخبرنا أبوالعباس السراج قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا وكيع، عن مسعر، وسفيان، عن زياد بن علاقة، عن اسامة بن شريك قال: قيل لرسول الله صلّى الله عليه وآله: ما أفضل ما أعطي المرء المسلم؟ قال: الخلق الحسن.

______________

(١) يعنى بعد المائتين بقرينة رواية ابن منيع عن المخرمى المتوفى سنة ٢٣٣ كما في التقريب في الخبر الاتى.

(٢) رواه الخطيب في التاريخ والطبراني في الاوسط عن عبدالله بن عمرو يعنى ابن العاص. وفى بعض النسخ « عن عبدالله بن عمر » وهو خطأ.

(٣) أي طرقه وأنواعه كثيرة وفاعله قليل لان اقبال الناس على دنياهم وأهملوا ما ينفعهم في اخراهم، والغالب عليهم حب الشهوات.

(٤) يعنى بعد المائتين كما هو ظاهر التقريب.

٣٠

خلق النبي وعلى بن أبى طالب عليهما السلام من نور واحد

١٠٨ - حدثنا محمد بن عمر الحافظ البغدادي قال: حدثني أبومحمد الحسن بن - عبدالله الرازي قال: حدثني أبي قال: حدثني سيدي علي بن موسى الرضا قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمد قال: حدثني أبي محمد ابن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين قال: حدثني أخي الحسن بن علي قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: خلقت أنا وعلى من نور واحد.

صلاح العبد في صلاح شئ من جسده

١٠٩ - أخبرني الخليل بن أحمد قال: حدثنا أبوجعفر محمد بن إبراهيم الديبلي(١) قال: حدثنا أبوعبدالله قال: حدثنا سفيان، عن مجاهد قال: سمعت الشعبي يقول: سمعت النعمان بن بشير يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: في الانسان مضغة إذا هي سلمت وصحت سلم بها سائر الجسد، فإذا سقمت سقم بها سائر الجسد وفسد، وهي القلب.

١١٠ - أخبرني الخليل بن أحمد قال: حدثنا أبوالعباس السراج قال: حدثنا قتيبة قال: حدثنا رشدين بن سعد المصري أبوالحجاج(٢) قال: حدثنا شراحيل ابن يزيد(٣) عن عبدالله بن عمر، وأبي هريرة قالا: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: إذا طاب قلب المرء طاب جسده، وإذا خبث القلب خبث الجسد.

______________

(١) ديبل - بفتح الدال وتقديم المثناة التحتية على الباء الموحدة المضمومة مدينة على ساحل البحر الهندي قريبة من السند ينسب إليها جماعة كثيرة من العلماء منهم أبوجعفر محمد بن ابراهيم بن عبدالله الديبلى الراوى عن أبى عبدالله الحسين بن الحسن المروزى. (اللباب)

(٢) رشدين - بكسر الراء وسكون المعجمة ابن سعد بن مفلح المهرى المصرى. وفى نسخ الكتاب « رشيد بن سعد البصري » وهو تصحيف.

(٣) يعنى المعافرى.

٣١

دخل الرجل الجنة بخصلة

١١١ - أخبرني الخليل بن أحمد السجزي قال: أخبرنا ابن معاذ قال: حدثنا الحسين المروزي قال: حدثنا عبدالله قال: أخبرنا يحيى بن عبيد الله(١) قال: سمعت أبي يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: دخل عبد الجنة بغصن من شوك كان على طريق المسلمين فأماطه عنه.(٢)

من سره خصلتان فليستعمل خصلة

١١٢ - حدثنا أبوأحمد محمد بن جعفر البندار الفرغاني، قال: حدثنا أبوالعباس محمد بن محمد بن جمهور الحمادي قال: حدثنا أبوعبدالله محمد بن علي بن - زيد الصايغ المكي بمكة قال: حدثنا أحمد بن شبيب قال: أخبرني أبي، عن يونس عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك قال: سمعت النبي صلّى الله عليه وآله يقول: من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أجله فليصل رحمه(٣) .

كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يسلم تسليمة واحدة

١١٣ - حدثنا أبوأحمد محمد بن جعفر البندار قال: حدثني أبوالقاسم سعيد بن - أحمد بن أبي سالم قال: حدثنا أبوزكريا يحيى بن الفضل الوراق قال: حدثنا إسحاق ابن إبراهيم الوراق السمرقندي قال: حدثنا سليمان بن سلمة قال: حدثنا بقية بن - الوليد، عن الزيادي(٤) ، عن الزهري، عن أنس أن رسول الله صلّى الله عليه وآله كان يسلم تسليمة واحدة.

______________

(١) هو يحيى بن عبيد الله بن موهب التيمى يروى عنه عبدالله بن المبارك. وقال الجوزجاني: هو كوفى وأبوه لا يعرف. يروى عن أبيه عن أبى هريرة.

(٢) أماطه أي أزاله ونحاه.

(٣) أخرجه مسلم في صحيحه ج ٨ ص ٨ وفيه « أو ينسأ في أثره ». والاثر الاجل.

(٤) الظاهر هو محمد بن زياد بن عبيد الزيادي أبوعبدالله البصري الملقب بيؤيؤ.

٣٢

باب الاثنين

معرفة التوحيد بخصلتين

١ - حدثنا أحمد بن هارون الفامي(١) وجعفر بن محمد بن مسرور رضي الله عنهما قالا: حدثنا محمد بن جعفر بن بطة قال: حدثنا أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سمعت أبي يحدث عن أبيه عليه السلام أن رجلا قام إلى أميرالمؤمنين عليه السلام فقال له: يا أميرالمؤمنين بما عرفت ربك؟ قال: بفسخ العزم ونقض الهم لما أن هممت فحال بيني وبين همي، وعزمت فخالف القضاء عزمي فعلمت أن المدبر غيري، قال: فبماذا شكرت نعماه؟ قال: نظرت إلى بلاء قد صرفه عني وأبلى به غيري، فعلمت أنه قد أنعم علي فشكرته، قال: فبماذا أحببت لقاءه؟ قال: لما رأيته قد اختار لي دين ملائكته ورسله وأنبيائه علمت أن الذي أكرمني بهذا ليس ينساني فأحببت لقاءه.

قال النبي صلّى الله عليه وآله خلتان(٢) لا احب أن يشاركني فيهما أحد

٢ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: خلتان لا احب أن يشاركني فيهما أحد: وضوئي فانه من صلاتي، وصدقتي فانها من يدي إلى يد السائل فانها تقع في يد الرحمن.

غريبتان فاحتملوهما

٣ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر

______________

(١) في بعض النسخ « القاضى » ولعله تصحيف.

(٢) الخلة: الخصلة.

٣٣

ابن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: غريبتان فاحتملوهما كلمة حكم من سفيه فاقبلوها، وكلمة سفه من حكيم فاغفروها.

لا ينقض الوضوء الا ما خرج من الطرفين

٤ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال: حدثني محمد بن سماعة، عن عبدالله بن مسكان، عن أبي بصير المرادي، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سألته عن الحجامة والقئ وكل دم سائل، فقال: ليس فيه وضوء إنما الوضوء مما خرج من طرفيك اللذين أنعم الله بهما عليك.

قال مصنف هذا الكتاب - أدام الله عزه -: يعني من بول أو غائط أو ريح أو مني.

نعمتان مكفورتان

٥ - حدثنا جعفر بن علي الكوفي رضي الله عنه قال: حدثني جدي الحسن ابن علي بن عبدالله بن المغيرة، عن جده عبدالله بن المغيرة، عن إسماعيل بن مسلم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: نعمتان مكفورتان: الامن والعافية.(١)

خصلتان كثير من الناس مفتون فيهما

٦ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: خصلتان كثير من الناس مفتون فيهما(٢) : الصحة والفراغ.

٧ - أخبرني الخليل بن أحمد قال: أخبرنا أبوجعفر محمد بن معاذ قال: حدثنا الحسين بن الحسن المروزي، عن عبدالله بن المبارك، والفضل بن موسى قالا: أخبرنا

______________

(١) المكفور: المستور أو غير المشكور.

(٢) أي مختبرون وممتحنون بهما.

٣٤

عبدالله بن سعيد بن أبي هند، عن أبيه، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: نعمتان مفتون فيهما كثير من الناس الفراغ والصحة.

ما عبدالله عزّوجلّ بشئ أفضل من الصمت والمشي إلى بيته

٨ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار، عن أيوب بن نوح، عن الربيع بن محمد المسلي، عن أبي الربيع الشامي، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ما عبدالله بشئ أفضل من الصمت والمشي إلى بيته.

يؤمر بالمعروف رجلان

٩ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن - يزيد، عن ابن أبي عمير، عن يحيى الطويل البصري(١) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إنما يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر مؤمن فيتعظ، أو جاهل فيتعلم، وأما صاحب سوط وسيف فلا.

للكفر جناحان

١٠ - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي العباس جرير البجلي(٢) عن محمد بن إسحاق، عن أبيه، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: للكفر جناحان: بنو امية وآل المهلب(٣) .

______________

(١) في التهذيب في باب النوادر من كتاب الجهاد يحيى الطويل صاحب المصرى، ولعل الصواب المقرى وهو غير يحيى بن ام الطويل الذى كان من حوارى على بن الحسين عليهما السلام وخواصه.

(٢) في بعص النسخ « حريز البجلى » ولم أجدهما.

(٣) المهلب - بضم الميم وفتح الهاء واللام المشددة أبوبطن. وآل المهلب جماعة = >

٣٥

قسم الله تبارك وتعالى اهل الارض قسمين

١١ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار، عن محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ظريف بن ناصح، عن إبراهيم بن يحيى قال: حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: قسم الله تبارك وتعالى أهل الارض قسمين فجعلني في خيرهما ثم قسم النصف الآخر على ثلاثة فكنت خير الثلاثة، ثم اختار العرب من الناس، ثم اختار قريشا من العرب، ثم اختار بني هاشم من قريش، ثم اختار بني عبد المطلب من بني هاشم، ثم اختارني من بني عبد المطلب.

صنفان من هذه الامة إذا صلحا صلحت الامة. وإذا فسدا فسدت الامة

١٢ - حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه، عن أبيه، عن محمد ابن أحمد، عن العباس بن معروف، عن محمد بن سعيد بن غزوان، عن السكوني، عن

______________

< = من الامراء والولاة لدولة بنى امية وبنى العباس وهم منسوبون إلى المهلب بن أبى صفرة ظالم ابن سراق الازدي العتكى، يكنى أبا سعيد، أمير، بطاش، جواد، قال فيه عبدالله بن الزبير: هذا سيد أهل العراق ولد في دبا، ونشأ بالبصرة، وقدم المدينة مع أبيه في أيام عمر، وولى امارة البصرة لمصعب بن الزبير، وفقئت عينه بسمرقند كما في المحبر ص ٢٦١ وانتدب لقتال الازارقة، وكانوا قد غلبوا على البلاد، وشرط له أن كل بلد يجليهم عنه يكون له التصرف في خراجه تلك السنة، فأقام يحاربهم تسعة عشر عاما لقى فيها منهم الاهوال، وأخيرا تم له الظفر بهم، فقتل كثيرين، وشرد بقيتهم في البلاد، ثم ولاه عبد الملك بن مروان ولاية خراسان فقدمها سنة ٧٩ ه‍ ومات فيها. قال ابن الجوزى في المدهش من العجائب ثلاثة اخوة ولدوا في سنة واحدة وقتلوا في سنة واحدة وكانت أعمارهم ثمانيا وأربعين سنة: يزيد، وزياد، ومدرك بنو المهلب بن أبى صفرة. وأخبارهم كثيرة، راجع الوفيات ج ٢ ص ١٤٥ ورغبة الامل ج ٢ ص ٢٠١ و ٢٠٤. وج ٣ ص ٦٠ و ١١٦. وج ٥ ص ١٣٠. وج ٦ ص ١٠٥. والطبري ج ٨ ص: ١٩. وابن الاثير ج ٤ ص ١٨٣. (الزركلي)

٣٦

جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله صنفان من امتي إذا صلحا صلحت امتي، وإذا فسدا فسدت امتي، قيل: يا رسول الله ومن هما؟ قال: الفقهاء والامراء.

اتقو الله في الضعيفين

١٣ - حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه قال: حدثني أبي، عن محمد بن أحمد، عن علي بن السندي، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: اتقوا الله في الضعيفين يعني بذلك اليتيم والنساء.

ثواب من عال ابنتين أو اختين أو عمتين أو خالتين

١٤ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد، عن زكريا المؤمن رفعه إلى أبي عبدالله عليه السلام قال: من عال ابنتين أو اختين أو عمتين أو خالتين حجبتاه من النار.

لا يجد ريح الجنة رجلان

١٥ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن السندي، عن علي بن الحكم، عن محمد بن الفضيل، عن شريس الوابشي(١) ، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: إن الجنة ليوجد ريحها من مسيرة خمسمائة عام، ولا يجدها عاق ولا ديوث، قيل: يا رسول الله وما الديوث قال: الذي تزني امرأته وهو يعلم.

ما جاء في ذى وجهين

١٦ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن - أحمد، عن أبي جعفر أحمد بن أبي عبدالله، عن أبي الجوزاء المنبه بن عبدالله، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن

______________

(١) نسبة إلى بنى وابش بطن من قريش.

٣٧

علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: يجئ يوم القيامة ذو الوجهين دالعا لسانه(١) في قفاه وآخر من قدامه يلتهبان نارا حتى يلهبا جسده، ثم يقال له: هذا الذي كان في الدنيا ذا وجهين وذا لسانين يعرف بذلك يوم القيامة.

١٧ - أخبرني الخليل بن أحمد قال: حدثنا ابن منيع قال: حدثنا أبوبكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبومعاوية، عن الاعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: إن من شر الناس عند الله عزّوجلّ يوم القيامة ذا الوجهين.

١٨ - أخبرني الخليل بن أحمد قال: أخبرنا ابن منيع قال: حدثنا أبوبكر بن أبي شيبة قال: حدثنا شريك، عن الركين(٢) عن نعيم بن حنظلة، عن عمار قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: من كان له وجهان في الدنيا كان له يوم القيامة لسانان من نار.

١٩ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد ابن يحيى بن عمران الاشعري، عن موسى بن عمر، عن ابن سنان، عن عون بن معين بياع القلانس، عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: من لقى المؤمنين بوجه، وغابهم بوجه أتى يوم القيامة وله لسانان من نار.

٢٠ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن النعمان، عن عبدالله بن مسكان، عن داود بن فرقد، عن أبي شيبة الزهري، عن أبي جعفر عليه السلام قال: بئس العبد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين، يطري أخاه في الله شاهدا، ويأكله غائبا، إن اعطي حسده، وإن ابتلي خذله.

الناس اثنان واحد أراح، وآخر استراح

٢١ - حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضي الله عنه، عن أبيه، عن محمد بن - سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال:

______________

(١) في بعض النسخ « دلعا لسانه ».

(٢) هو الركين بن الربيع الراوى عن نعيم بن حنظلة. ونعيم بن حنطب كما في بعض نسخ الكتاب تصحيف والخبر رواه أبوداود بهذا الاسناد في السنن ج ٢ ص ٥٦٧.

٣٨

قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: الناس اثنان واحد أراح وآخر استراح، فأما الذي استراح فالمؤمن إذا مات استراح من الدنيا وبلائها، وأما الذي أراح فالكافر إذا مات أراح الشجر والدواب وكثيرا من الناس.

الناس اثنان عالم ومتعلم

٢٢ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثني عمي محمد ابن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه محمد بن خالد، عن محمد ابن أبي عمير رفعه إلي أبي عبدالله عليه السلام قال: الناس اثنان عالم ومتعلم، وسائر الناس همج والهمج في النار.

خصلتان احداهما تنسى الذنوب والاخرى تقسى القلوب

٢٣ - حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه قال: حدثني أبي، عن الحسين بن إسحاق التاجر، عن علي بن مهزيار، عن فضالة، عن إسماعيل بن أبي زياد عن أبي عبدالله، عن أبيه عليهما السلام قال: أوحى الله تبارك وتعالى إلى موسى عليه السلام: لا تفرح بكثرة المال، ولا تدع ذكري على كل حال، فان كثرة المال تنسي الذنوب، وترك ذكري يقسي القلوب.

خصلتان امان من الجذام

٢٤ - حدثنا أحمد بن علي بن إبراهيم رضي الله عنه قال: حدثني أبي، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: تقليم الاظفار وأخذ الشارب من جمعة إلى جمعة أمان من الجذام.

الشغل بالعظيمتين

٢٥ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن الحسين ابن إسحاق التاجر، عن علي بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب،

٣٩

عن إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي عبدالله، عن أبيه عليهما السلام قال: بكى أبوذر رحمه الله من خشية الله عزّوجلّ حتى اشتكى بصره، فقيل له: يا أبا ذر لو دعوت الله أن يشفي بصرك، فقال: إني عنه لمشغول وما هو من أكبر همي، قالوا: وما يشغلك عنه؟ قال: العظيمتان: الجنة والنار.

الدنيا كلمتان ودرهمان

٢٦ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: قام أبوذر رحمة الله عليه عند الكعبة فقال: أنا جندب بن سكن، فاكتنفه الناس، فقال: لو أن أحدكم أراد سفرا لاتخذ فيه من الزاد ما يصلحه، فسفر يوم القيامة أما تريدون فيه ما يصلحكم؟ فقام إليه رجل فقال: أرشدنا، فقال: صم يوما شديد الحر للنشور، وحج حجة لعظائم الامور وصل ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور، كلمة خير تقولها وكلمة شر تسكت عنها أو صدقة منك على مسكين لعلك تنجو بها يا مستكين من يوم عسير. اجعل الدنيا درهمين درهما أنفقته على عيالك، ودرهما قدمته لآخرتك، والثالث يضر ولا ينفع فلا ترده. اجعل الدنيا كلمتين كلمة في طلب الحلال وكلمة للاخرة، والثالثة تضر ولا ننفع لا تردها، ثم قال: قتلني هم يوم لا ادركه.

لا يكون الرجل فقيها حتى يكون فيه خصلتان

٢٧ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد ابن أحمد، عن علي بن السندي، عن محمد بن عمرو بن سعيد، عن موسى بن أكيل قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: لا يكون الرجل فقيها حتى لا يبالي أي ثوبيه ابتذل وبما سد فورة الجوع.

لا خير في العيش الا لرجلين

٢٨ - حدثنا جعفر بن علي بن الحسن الكوفي - رحمه الله - عن أبيه علي ابن الحسن، عن أبيه الحسن بن علي بن عبدالله بن المغيرة، عن عبدالله بن المغيرة، عن

٤٠

البطالة ينافي ما عليه الإسلام ، وما هو معروف من مبادئه من انه ينكر البطالة ويحث عل العمل وعدم الاتكال على الآخرين.

ويقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« ملعون من القى كلّه على الناس »(١) .

ويقول الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام :

« لنقـل الصخر من قلل الجبال

أعز الي من مـنـن الـرجال

يقول الناس لي في الكسب عار

فقلت العار في ذْل السؤال »(٢)

بهذا الأسلوب يواجه الإسلام الأفراد فهو دين العزة والرفعة ، وهو دين الجد والعمل ، ولا يريد للمجتمع أن يعيش أفراده يتسكعون ويتكففون.

فلماذا اذاً يعودهم على الاتكال على غيرهم ؟.

للإجابة على ذلك نقول :

إن الإسلام بتشريعه الانفاق بنوعيه الالزامي والتبرعي لم يرد للأفراد أن يتكلوا على غيرهم في مجال العيش والعمل بل على العكس نراه يحارب بشدة الاتكالية ، والاعتماد على أيديِ الآخرين.

بل الإسلام يكره للفرد أن يجلس في داره وله طاقة على العمل ، ويطلب الرزق من الله فكيف بالطلب من انسان مثله.

يقول الإمام الصادقعليه‌السلام :

__________________

(١ و ٢) المحجة البيضاء ٧ / ٤٢٠.

٤١

« أربعة لا تستجاب لهم دعوة رجل جالس في بيته يقول : اللهم أرزقني فيقال له : ألم آمرك بالطلب ؟ »(١) .

وفي حديث آخر عنهعليه‌السلام فيمن ترد دعوته :

« ورجل جلس في بيته وقال : يا رب ارزقني »(٢) .

وهناك احاديث أخرى جاءت بهذا المضمون ان الله الذي قال في أكثر من آية( ادعوني أستجب لكم ) ، ووعد بالاستجابة بمجرد دعاء عبده ليكره على لسان هذه الأخبار وغيرها أن يدعوا العبد بالرزق ، وهو جالس لا يبدي أي نشاط وفعالية بالاسباب التي توجب الرزق.

واذاً فالإسلام عندما شرع بنوعية الإلزامي والتبرعي لم يشرعه لمثل هؤلاء المتسولين بل حاربهم ، واظهر غضبه عليهم.

فعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنه قال :

« ثلاثة يبغضهم الله ـ الشيخ الزاني ، والفقير المحتال ، والغني الظلوم »(٣) .

إنما شرع الإنفاق للفقير الذي لا يملك قوت سنته ، وقد اضطره الفقر لأن يجلس في داره.

وقد تضمنت آية الزكاة مصرف الزكاة فحصرت الاصناف الذين يستحقونها في ثمانية اثنان منهم الفقراء ، والمساكين ، وستة أصناف لم يؤخذ الفقر صفة لهم بل لمصالح خاصة استحقوها :

__________________

(١ و ٢) أصول الكافي ٢ / ٥١١ ـ طبعة طهران ـ تصحيح وتعليق الغفاري.

(٣) الدر المنثور في تفسير الآية ٢٧١ من صورة البقرة.

٤٢

يقول سبحانه :

( إنما الصّدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرّقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل ) (١) .

وأما مصرف بقية موارد الانفاق الإلزامي من كفارات ، والإنفاق التبرعي فكلفه للفقراء.

والفقراء في المصطلح الشرعي هم الذين يستحقون هذا النوع من المساعدة كلهم اخذ فيهم أن لا يملكوا قوت سنتهم ، أو كان ما عنده من المال لا يكفيه لقوت سنته أما من كان مالكاً لقوت سنته وأخذ منها فهو محتال وسارق لقوت غيره.

ولا يعطى من الصدقات ، وإذا اعطي من الصدقات فمن التبرعية لا الإلزامية وله عند الله حسابه لو عوّد نفسه على التكفف والتسول والأخذ من الصدقات التبرعية ، وبه طاقة على العمل.

__________________

(١) سورة التوبة / آية : ٦٠.

٤٣

الطرق التي سلكها القرآن الكريم

للحث على الإنفاق

وكما قلنا إن الأساليب التي اتخذها القرآن الكريم لحث الفرد على هذه العملية الإنسانية كثيرة وبالامكان بيان ابرز صورها وهي :

١ ـ الترغيب والتشويق إلى الإنفاق.

٢ ـ التنأيب على عدم الإنفاق.

٣ ـ الترهيب والتخويف على عدم الإنفاق.

١ ـ التشويق إلى الإنفاق والبذل والحث عليه :

ولم يقتصر هذا النوع من التشويق على صورة واحدة بل سلك القرآن في هذا المجال مسالك عديدة وصور لتحبيب الإنفاق صوراً مختلفة :

٤٤

الصورة الأولى من التشويق :

الضمان بالجزاء

لقد نوخت الآيات التي تعرضت إلى الإنفاق والتشويق له أن تطمئن المنفق بأن عمله لم يذهب سدى ، ولم يقتصر فيه على كونه عملية تكافلية إنسانية لا ينال الباذل من ورائها من الله شيئاً ، بل على العكس سيجد المنفق أن الله هو الذي يتعهد له بالجزاء على عمله في الدنيا وفي الآخرة.

أما بالنسبة إلى الجزاء وبيان ما يحصله الباذل ازاء هذا العمل فإن الآيات الكريمة تتناول الموضوع على نحوين :

الأول : وقد تعرضت إلى بيان أن المنفق سيجازيه الله على عمله ويوفيه حقه أما ما هو الحزاء ونوعيته فإنها لم تتعرض لذلك ، بل أوكلته إلى النحو الثاني الذي شرح نوعية الجزاء وما يناله المنفق في الدنيا والآخرة.

١ ـ الآيات التي اقتصرت على ذكر الجزاء فقط :

يقول تعالى :

( وما تنفقوا من خير يوفّ إليكم وانتم لا تظلمون ) (١) .

وفي آية أخرى قال سبحانه :

__________________

(١) سورة البقرة / آية : ٢٧٢.

٤٥

( وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوفّ إليكم وأنتم تظلمون ) (١) .

ويظهر لنا من مجموع الآيتين أنهما تعرضتا لأمرين :

الأول : اخبار المنفق واعلامه بأن ما ينفقه يوقى إليه ، وكلمة ( وفى ) في اللغة تحمل معنيين :

أحدهما : انه يؤدي الحق تاماً.

ثانيهما : انه يؤدي بأكثر.

وقوله سبحانه :( يُوَفَ إليكُم ) تشتمل بإطلاقها المعنيين أي يعطى جزاءه تاماً بل بأكثر مما يتصوره ويستحقه والمنفق.

الثاني : تطمين المنفق بأنه لا يظلم إذا أقدم على هذه العملية الإنسانية وهذا تأكيد منه سبحانه لعبده وكفى بالله ضامناً ومتعهداً في الدارين ويستفاد ذلك من تكرار الآية الكريمة وبنفس التعبير في الأخبار بالوفاء ، وعدم الظلم وحاشا له وهو الغفور الرحيم أن يظلم عبداً أنفق لوجهه ، وبذل تقرباً إليه.

هذا النوع من الإطمئنان للمنفق بأنه لا يظلم بل يؤدى إليه حقه كاملاً بل بأكثر.

وفي آية أخرى نرى التطمين من الله عز وجل يكون على شكل آخر فيه نوع من الحساب الدقيق مع المنفقين.

( الّذين ينفقون أموالهم باللّيل والنّهار سراً وعلانية فلهم

__________________

(١) سورة الانفال / آية : ٦٠.

٤٦

أجرهم عند ربّهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) (١) .

ولم يتعرض سبحانه لنوعية الجزاء من الأجر بل أخفاه ليواجههم به يوم القيامة فتزيد بذلك فرحتهم.

( ولا خوف عليهم ) من فقرٍ ، أو ملامة لأن الله عز وجل هو الذي يضمن لهم ، ثم ممن الخوف ؟

من اعتراض المعترضين ؟ ، وقد جاء في الحديث ( صانع وجهاً يكفيفك الوجوه ) ، أم من الفقر ، ونفاد المال ؟ وقد صرحت الآيات العديدة بأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يقسم بين الناس معايشهم كما ذكرنا ذلك في الآيات السابقة.

( ولا هم يحزنون ) .

وقد ورد في تفسير هذه الآية أنها نزلت في الإمام علي بن أبي طالب أمير المؤمنينعليه‌السلام : « كانت عنده أربع دراهم فانفق بالليل درهماً ، وفي النهار درهماً وسراً درهماً وعلانيةً درهماً »(٢) .

وتتفاوت النفوس في الإيمان والثبات فلربما خشي البعض من العطاء فكان في نفسه مثل ما يلقاه المتردد في الاقدام على الشيء.

لذلك نرى القرآن الكريم يحاسب هؤلاء ويدفع بهم إلى الإقدام على الانفاق وعدم التوقف فيقول سبحانه :

( قل إنّ ربّي يبسُطُ الرّزقَ لمن يشاءُ من عبادِهِ ويقدِرُ له وما

__________________

(١) سورة البقرة / آية : ٢٤٧.

(٢) الدر المنثور : في تفسيره لهذه الآية.

٤٧

أنفقتُم من شَيءٍ فهو يخلفُهُ وهو خيرُ الرّازقينَ ) (١) .

ومع الآية الكريمة فإنها تضمنت مقاطع ثلاثة :

١ ـ قوله :( قل أن ربي يبسط الرّزقَ لمن يشاءُ من عبادهِ ويقدِرُ له ) .

٢ ـ قوله :( وما أنفقتُم من شيء فهوَ يخلفْهُ ) .

٣ ـ قوله :( وهو خيرُ الرازقين ) .

أولاً :

( قل إن ربي يبسُطُ الرزق لمن يشاءُ ) .

ولا بد للعبد أن يعلم أن الرازق هو الله وأن بيده جميع المقاييس والضوابط فالبسط منه والتقتير منه أيضاً وفي كلتا الحالتين تتدخل المصالح لتأخذ مجراها في هاتين العمليتين ، وليس في البين أي حيف وميل بل رحمة وعطف على الغني بغناه ، وعلى الفقير بفقره فكلهم عبيده وعباده وحاشا أن يرفع البعض على اكتاف الآخرين.

أما ما هي المصالح ؟.

فإن علمها عند الله وليس الخفاء فيها يوجب القول بعدم وجودها.

وفي الحديث عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إن الله سبحانه يقول :

__________________

(١) سورة سبأ / آية : ٣٩.

٤٨

( عبدي أطعني بما أمرتك ولا تعلمني ما يصلحك ) .

ثانياً :

( وما أنفقتُم من شيءٍ فهو يخلفْهُ ) .

فعن جابر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله :

« كل معروف صدقة ، وما وقى به الرجل عرضه فهو صدقة ، وما انفق المؤمن من نفقة فعلى الله خلفها ضامناً »(١) .

ثالثاً :

( وهو خير الرازقين ) .

أما أنه خير الرازقين فلأن عطاءه يتميز عن عطاء البشر.

عطاؤه يأتي بلا منة.

وعطاء البشر مقرون بمنة.

وعطاؤه من دون تحديد نابع عن ذاته المقدسة الرحيمة الودودة التي هي على العبد كالأم الرؤوم بل وأكثر من ذلك ، وعطاء البشر محدود.

وكذب من قال انه محدود العطاء :

( بل يداهُ مبسوطتانِ ينفِقُ كيفَ يشاءُ ) (٢) .

وقد جاء عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :

__________________

(١) مجمع البيان في تفسيره لهذه الآية.

(٢) سورة المائدة / آية : ٦٤.

٤٩

« ان يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة سخاء بالليل والنهار أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه »(١) .

وقد جاء الوعد بالجزاء فقط في آيات أخرى فقد قال سبحانه :

( وما تُنفقوا من خيرٍ فأنَّ اللهَ به عليمٌ ) (٢) .

( وما أنفقتُم من نفقةٍ أو نذرتُم من نذرٍ فأنَّ الله يعلَمَهُ ) (٣) .

( وما تُنفقُوا من شيءٍ فإنَّ الله به عليمٌ ) (٤) .

وقد فسر قوله «عليم » أو «يعلمه » بالجزاء لأنه عالم فدل ذكر العلم على تحقيق الجزاء.

وفي تفسير آخر للآيات الكريمة أن معنى عليم أو يعلمه في هذه الآيات أي يجازيكم به قل أو كثر لأنه عليم لا يخفى عليه شيء من كل ما فعلتموه وقدمتموه لوجهه ولمرضاته عز وجل.

٢ ـ الآيات التي تطرقت لنوعية الجزاء :

يختلف لسان الآيات بالنسبة لبيان نوعية الجزاء فهي تارة : تذكر الجزاء ولا ذكر فيه للجنة.

وأخرى : تذكر الجنة وتبشر المنفق بأنها جزاؤه.

وما ذكر فيه الجنة أيضاً جاء على قسمين :

__________________

(١) الدر المنثور في تفسيره لهذه الآية.

(٢) سورة البقرة / آية : ٢٧٣.

(٣) سورة البقرة / آية : ٢٧٠.

(٤) سورة آل عمران / آية : ٩٢.

٥٠

فمرة : نرى الآية تقتصر على ذكر الجنة جزاء.

وثانية : تحبب إلى المنفق عمله فتذكر الجنة وما فيها من مظاهر تشتاق لها النفس كالانهار والاشجار وما شاكل.

ومن الاجمال إلى التفصيل :

يقول سبحانه :

( إنما المؤمنونَ الذينَ إذا ذُكِرَ اللهُ وجلَتْ قلوبُهُم وإذا تليَتْ عليهِم آياتُهُ زادتهُم إيماناً وعلى ربِّهِم يتوكَّلُون *الذينَ يقيمونَ الصَّلاةَ وممّا رزقناهُم يُنفِقون *أولئِكَ هُمُ المؤمنونَ حقّاً لهم درجاتٌ عندَ ربِّهِم ومغفرَةٌ وَرِزقٌ كَريمٌ ) (١) .

( إنما المؤمنون ) إنما أداة حصر تفيد أن ما بعدها هم المؤمنون هؤلاء الذين عددت الآية الكريمة صفاتهم وهم الذين جمعوا هذه الصفات.

وكانت صفة الانفاق من جملة مميزات المؤمنين وصفاتهم التي بها نالوا هذا التأكيد من الله سبحانه بقوله :

( أولئِكَ هُمُ المُؤمِنونَ حقّاً ) (٢) .

أما ما أعد لهم من جزاء فهو :

( درجات عند ربهم ) وهي الحسنات التي استحقوا بها تلك المراتب العالية.

__________________

(١) سورة الانفال / آية : ٢ ـ ٤.

(٢) سورة الانفال / آية : ٤ و ٧٤.

٥١

( ومغفرة ) لذنوبهم من غير حساب على ما فعلوه في هذه الدنيا من مخالفات.

( ورزق كريم ) : وهو رزق لا يصيبه ضرر ولا يخاف من نقصانه لأنه من الله جلت عظمته ، وما كان من الله ينمو وتكون فيه البركة فهو رزق طيب ومن كريم.

وفي آية كريمة أخرى يقول عز وجل :

( إنّ المسلمينَ والمسلماتِ والمؤمنينَ والمؤمناتِ والقانتينَ والقانتاتِ والصّادقينَ والصّادقاتِ والصّابرينَ والصّابراتِ والخاشعينَ والخاشعاتِ والمُتصدّقينَ والمُتصدّقاتِ ـ إلى قوله تعالى ـأعدَّ اللهُ لهم مغفرةً وأجراً عظيماً ) (١) .

( والمتصدقين والمتصدقات ) .

هؤلاء من جملة من أعد الله لهم المغفرة والأجر العظيم جزاء على هذه الصفة وهذا الشعور التعاطفي بالنحو على الضعيف.

وأما الأيات التي ذكرت الجنة جزاء للمنفق فمنها قوله تعالى :

( أفمن يعلمُ أنّما أُنزلَ إليكَ من ربّكَ الحقُّ كمن هو أعمَى إنّما يتذكّرُ أولُوا الألبابِ *الّذينَ يُوفُونَ بعهدِ اللهِ ولا يُنقضُونَ الميثاقَ *والّذين يصلُونَ ما أمرَ اللهُ بهِ أنْ يوصَلَ ويخشونَ ربّهم ويَخافونَ سوءَ الحساب *والّذينَ صَبَرُوا ابتغاءَ وجهِ ربّهم وأقامُوا الصّلاة وأنفَقُوا ممّا رزقناهُم سرّاً وعلانِيَةً ويدْرَءُونَ بالحَسَنَةِ السّيِّئَةَ أولئك لهم عقبى الدّارِ *جنّاُت عدنٍ يَدخلونَهَا ) (٢) .

__________________

(١) سورة الأحزاب / آية : ٣٥.

(٢) سورة الرعد / آية : ١٩ ـ ٢٣.

٥٢

يقف الإنسان عند هذه الآيات وهو يرتلها بخشوع ليلحظ من خلالها إنها فرقت بين صنفين من الناس كافر ، ومؤمن ، وقد وصفت الكافر أنه( أعمى ) لا يتذكر ولا ينفع معه شيء.

أما المؤمن ، وهو من يتذكر فأنه ينظر بعين البصيرة ، وقد شرعت ببيان أوصاف هؤلاء المؤمنين ، ومن جملة صفاتهم أنهم الذين ينفقون مما رزقناهم سراً وعلانيةً.

في السر : فإنما هي لرعاية الفقير وحفظ كرامته لئلا يظهر عليه ذل السؤال.

ويحدثنا التاريخ عن أئمة أهل البيتعليهم‌السلام إنهم كانوا إذا أرادوا العطاء أعطوا من وراء ستار حفاظاً منهم على عزة السائل وكرامته ، وتنزيهاً للنفس لئلا يأخذ العجب والزهو فتمن على السائل بهذا العطاء فيذهب الأجر.

أما في العلانية : فإنما هو لتشجيع الأخرين على التسابق على الخير والاحسان أو لدفع التهمة عن النفس لئلا يرمى المنفق بالبخل والامتناع عن هذا النوع من التعاطف الإنساني.

أما جزاؤهم : فهو العاقبة الحسنة ، وأن لهم الجنة جزاء قيامهم بهذه الأعمال وتفقدهم لهؤلاء الضعفاء في جميع الحالات سراً وعلانيةً.

وفي آيات أخرى نرى القرآن لا يقتصر على ذكر الجنة فقط كجزاء للمنفق بل يتطرق لبيان ما فيها وما هي ليكون ذلك مشوقاً للمنفق في أن يقوم بهذه الأعمال الخيرة لينال جزاءه في الآخرة.

٥٣

قال تعالى :

( وسارعُوا إلى مغفرةٍ من ربّكُم وجنّةٍ عرضُهَا السماواتُ والأرضُ أعدَّت للمُتّقينَ *الّذين ينفقونَ في السّرّاءِ والضّرّاءِ والكاظِمِينَ الغيظَ والعافينَ عن النّاسِ واللهُ يحبُّ المُحسنينَ ) (١) .

وقال جلت عظمته :

( قل أؤنبّئكمُ بخيرٍ من ذلكُم للذينَ اتّقَوا عندَ ربّهم جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهارُ خالدينَ فيها وأزواجٌ مطهّرةٌ ورضوانٌ من اللهِ واللهُ بصيرٌ بالعبادِ *الّذين يقولونّ ربّنا إنّنا آمَنّا فأغفِر لنا ذُنُوبَنَا وقِنا عذابَ النّار *الصّابرينَ والصّادقينَ والقانتينَ والمُنفقينَ والمُستغفرينَ بالأسحارِ ) (٢) .

وقد تضمنت الآيات نحوين من الجزاء :

الأول : جزاء حسي.

الثاني : جزاء روحي.

أما الجزاء الحسي : فيتمثل بقوله تعالى في الآية الأولى :

( جنة عرضُها السماواتُ والأرضُ ) .

وفي الآية الثانية فيتمثل بقوله تعالى :

( جنّاتٌ تجري من تَحتِها الأنهارُ خالدينَ فيها وأزواجٌ مطهرةٌ ) .

وتأتي هذه الصفات أو المشوقات للجنة من كونها بهذا الحجم الواسع عرضاً فكيف بالطول لأن العرض غالباً يكون أقل من الطول ،

__________________

(١) سورة آل عمران / آية : ١٣٣ ـ ١٣٤.

(٢) سورة آل عمران / آية : ١٥ ـ ١٦ ـ ١٧.

٥٤

ومن أن فيها الأشجار ، ومن تحت تلك الأشجار الأنهار الجارية وفيها أزواج ، وتلك الأزواج مطهرة من دم الحيض والنفاس ، ومن كل الأقذار والقبائح وبقية الصفات الذميمة.

تأتي كل هذه الصفات مطابقة لما تشتهيه النفس ، وما اعتادت على تذوقه في الدنيا من مناظر الأشجار والأنهار والنساء وأن ذلك غير زائل بل هو باقٍ وكل هذه الأمور محببة للنفس وقد استحقها المنفق جزاء تعاطفه وإنفاقه في سبيل الله ونيل مرضاته جلت عظمته.

أما الجزاء الروحي : فيتمثل بقوله تعالى في الآية الأولى :

( والله يحبُ المحسنين ) .

( ورضوانٌ من اللهِ ) .

رضا الله ومحبته له والتفاته وعطفه كل هذه غاية يتوخاها الإنسان يبذل بازائها كل غالٍ ونفيس ، وما أسعد الإنسان وهو يرى نفسه محبوباً لله سبحانه راضياً عنه.

على أن في الأخبار بالرضا والمحبة في آيتين تدرجاً ظاهراً وواضحاً فإن المحبة أمر أعمق من مجرد الرضا وواقع في النفس من ذلك.

وصحيح ان الإنسان يسعى جاهداً ويقوم بكل عبادة ليحصل على رضا الله ، ولكن محبة الله له هي معنى له تأثيره الخاص في النفس.

ان عباد الله المؤمنين يشعرون بهذه اللذة وهذه الراحة النفسية عندما يجد الفرد منهم أنه مورد عناية الله في توجهه إليه.

٥٥

الصورة الثانية من التشويق :

جعل المنفقين من المتقين أو المؤمنين

ويتحول القرآن الكريم إلى إعطاء صورة أخرى من صور التشويق للانفاق والبذل والعطاء فنراه يرفع من مكانة هؤلاء المحسنين ، ويجعلهم بمصاف النماذج الرفيعة من الذين اختارهم وهداهم إلى الطريق المستقيم.

ففي آية يعدّهم من أفراد المتقين ، وفي أخرى من المؤمنين ، وفي ثالثة يقرنهم بمقيم الصلاة ، والمواظبين عليها ، وهو تعبير يحمل بين جنباته بأن هؤلاء من المطيعين لله والمواظبين على امتثال أوامره يقول سبحانه عز وجل :

( ذلكَ الكتابُ لا ريبَ فيه هدىً للمُتّقينَ *الذينَ يؤمنونَ بالغيبِ ويقيمونَ الصّلاةَ وممّا رزقناهُم يُنفقونَ ) (١) .

ومن خلال هذه الآية نلمح صفة الإنفاق وما لها من الأهمية بحيث كانت إحدى الركائز الثلاثة التي توجب إطلاق صفة المتقي على الفرد.

__________________

(١) سورة البقرة / آية : ٢ ـ ٣.

٥٦

فمن هم المتقون ؟.

ويأتينا الجواب عبر الآية الكريمة بأنهم :

( الّذين يؤمنونَ بالغيبِ ويُقيمونَ الصلاةَ ومما رزقناهم يُنفقونَ ) .

( يُؤمنونَ بالغيبِ ) :

يؤمنون بما جاء من عند الله من أحكامه وتشريعاته وما يخبر به من المشاهد الآتية من القيامة والحساب والكتاب والجنة والنار وما يتعلق بذلك من مغيبات يؤمنون بها ، ولا يطلبون لمثل هذا الايمان مدركاً يرجع إلى الحس والنظر والمشاهدة بل تكفيهم هذه الثقة بالله وبما يعود له.

( ويقيمونَ الصلاة ) :

فمنهم في مقام اداء فرائضهم مواظبون ولا يتأخرون ويتوجهون بعملهم إلى الله يطلبون رضاه ، ولا يتجهون إلى غيره ، يعبدونه ولا يشركون معه أحداً ، وأداء الصلاة هو مثال الخضوع والعبودية بجميع الأفعال ، والأقوال. يقف الفرد في صلاته خاشعاً بين يدي الله ويركع ويسجد له ، ويضع أهم عضو في البدن وهو الجبهة على الأرض ليكون ذلك دليلاً على منتهى الإطاعة والخضوع ، ويرتل القرآن ليمجده ويحمده ويسبحه ويهلله فهي إذاً مجموعة أفعال وأقوال يرمز إلى الاذعان لعظمته ، والخضوع لقدرته وبذلك تشكل عبادة فريدة من نوعها لا تشبهها بقية العبادات.

( ومما رزقناهم ينفقون ) :

كل ذلك من الجوانب الروحية ، وأما من الجوانب المالية ،

٥٧

فإن المال لا يقف في طريق وصولهم إلى الهدف الذي يقصدونه من الاتصال بالله فهم ينفقون مما رزقناهم غير آبهين به ولا يخافون لومة لائم في السر والعلن ، وفي الليل والنهار كما حدّث القرآن الكريم في آيات أخرى مماثلة.

هؤلاء هم المنفقون الذين كات الإنفاق من جماة مميزاتهم ، وقد مدحهم الله جلت قدرته بقوله :

( أولئكَ على هدىً من ربّهم وأولئكَ هُمُ المُفلحونَ ) (١) .

( هدىً من ربهم ) :

بلى : هدى وبصيرة فلا يضلون ولا يعمهون في كل ما يعود إلى دينهم ودنياهم.( وأولئك هم المفلحون ) :

بكل شيء مفلحون في الدينا بما ينالهم من عزٍ ورفعة لأنهم خرجوا من ذل معصية الله إلى عز طاعته تماماً كما يقول الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام :

« إذا أردت عز بلا عشيرة وهيبةً بلا سلطان فاخرج من ذل معصية الله إلى عز طاعته »(٢) .

ومفلحون في الآخرة التي وعدهم بها كما جاء ذلك في آيات عديدة من كتابه الكريم.

ولم يقتصر الكتاب على هذه الآية في عد الانفاق من جملة صفات المتقين بل درج مع الذين ينفقون من المتقين حيث قال سبحانه :

__________________

(١) سورة البقرة / آية : ٥.

(٢) من كلماتهعليه‌السلام في نهج البلاغة.

٥٨

( وسارعُوا إلى مغفرةٍ مِن ربّكُم وَجنَّةً عرضُهَا السَمَاواتُ و الأرضُ أعِدَّتْ للمتّقينَ *الّذين يُنفقونَ في السّرّاءِ والضّرّاءِ والكاظمينَ الغيظَ والعافينَ عن النّاسِ واللهُ يُحبُّ المُحسنينَ ) (١) .

ومن خلال هذه الآية نرى الأهمية للإنفاق تبرز بتقديم المنفقين على غيرهم من الأصناف الذين ذكرتهم الآية والذين أعدت لهم الجنة من الكاظمين والعافين.

هؤلاء المنفقون الذين لا يفترون عن القيام بواجبهم الإجتماعي في حالتي اليسر والعسر في السراء والضراء يطلبون بذلك وجه الله والتقرب إلى ساحته المقدسة.

وعندما نراجع الآية الكريمة في قوله تعالى :

( الم *تلك آياتُ الكتابِ الحكيمِ *هدىً ورحمةً للمحسنينَ *الذينَ يقيمونَ الصّلاةَ ويؤتونَ الزّكاةَ وهم بالأخرةِ هُم يوقنونَ *أولئكَ على هدىً من ربّهِم وأولئكَ هُمُ المُفلحونَ ) (٢) .

نرى نفس الموضوع تكرره الآية هنا ، ولكن في الآية السابقة قالت عن المنفق بأنه من المتقين ، وهنا من المحسنين.

وفي الآية السابقة الانفاق بكل ما ينفق وهنا عن الانفاق بالزكاة ، فالنتيجة لا تختلف كثيراً ، والصورة هي الصورة نفسها إنفاق من العبد ، وتشويق من الله ، ومدح له بنفس ما مدح المتقي سابقاً.

__________________

(١) سورة آل عمران / آية : ١٣٣ ـ ١٣٤.

(٢) سورة لقمان / آية : ١ ـ ٥.

٥٩

والحديث في الآيتين عن المتقين والمحسنين ، ومن جملة صفاتهم الإنفاق وأداء ما عليهم من الواجب الإجتماعي المتمثل في الإنفاق التبرعي ، أو الإلزامي ، وقد قال عنهم في نهاية المطاف بنفس ما مدح به المتقين في الآية السابقة.

( أولئكَ على هدىً من ربّهم وأولئكَ هُمُ المفلحونَ ) (١) .

وفي وصف جديد في آية كريمة أخرى يصفهم الله بأنهم من المخبتين.

( وبشِّرِ المخبتينَ *الذين إذا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قلوبهم والصّابرينَ على ما أصابَهُم والمُقيمي الصّلاةِ وممّا رزقناهُم يُنفقونَ ) (٢) .

( والمخبتون ) هم المتواضعون لله المطمئنون إليه.

وعندما شرعت الآية بتعدادهم قالت عنهم :

( الذين إذا ذُكِرَ الله وجلتْ قلوبهُمْ ) .

انها النفوس المطمئنة التي إذا ذكر الله ، ـ وذكر الله هنا التخويف من عقابه وقدرته وسطوته ـ وجلت قلوبهم أي دخلها الخوف ولكنه خوف مشوب برجاء عطفه ورحمته.

ولا يأس معه من روح الله لأنه :

( لا يايئسُ من روحِ اللهِ إلا القومُ الكافرونَ ) (٣) .

__________________

(١) سورة لقمان / آية : ٥.

(٢) سورة الحج / آية : ٣٤ ، ٣٥.

(٣) سورة يوسف / آية : ٨٧.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194