الإمام المهدي المصلح العالمي المنتظر

الإمام المهدي المصلح العالمي المنتظر27%

الإمام المهدي المصلح العالمي المنتظر مؤلف:
تصنيف: الإمامة
ISBN: 978-964-497-086-3
الصفحات: 204

الإمام المهدي المصلح العالمي المنتظر
  • البداية
  • السابق
  • 204 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 65751 / تحميل: 6193
الحجم الحجم الحجم
الإمام المهدي المصلح العالمي المنتظر

الإمام المهدي المصلح العالمي المنتظر

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٩٦٤-٤٩٧-٠٨٦-٣
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

والوحدة والاخوّة والمساواة في ظلّ هذه الدولة العالميّة بقيادة الإمام المهديعليه‌السلام .

ولا بأس بالإشارة إلى بعض المنجزات التي يحقّقها الإمامعليه‌السلام في زمن حكومته :

١ ـ يقطع أيدي سرّاق أموال الكعبة ، وهم من بني شيبة.

٢ ـ يقتل أعداء أمير المؤمنين إذا لم يقبلوا الإسلام المحمّدي الأصيل.

٣ ـ ينتقم من أعداء الله وأنبياءه.

٤ ـ يقضي على جميع القوانين والعادات الجاهليّة.

٥ ـ يحطّم الصليب.

٦ ـ يجعل الرفاه والأمن والعدل والتساوي في أعلى مستوياتها.

٧ ـ يقسّم بيت المال على النّاس في العام مرّتين ، ويعطي الراتب في الشهر مرّتين.

٨ ـ يقضي على الظلم والجور نهائياً.

٩ ـ يقسّم الأموال بين النّاس بالسويّة(١) .

١٠ ـ يمسح بيده على رؤوس النّاس فتكمل عقولهم.

١١ ـ يظهر العلوم التي خفيت على البشر.

١٢ ـ ينشر التعاليم القرآنيّة والعلوم المودعة فيه في كلّ مكان.

١٣ ـ يُخرج جميع كنوز الأرض ويستخدمها.

١٤ ـ يبني مسجداً في النجف له ألف باب.

١٥ ـ يوسّع الطرق العامّة فيصير ذراعاً.

_________________________

(١)راجع بحاد الأنوار : ٥٢ / ٣١٣.

١٦١

١٦ ـ يحفر من خلف قبر الحسين نهراً يجري إلى الغريّين(١) .

١٧ـ وأوّل ما يظهر من العدل أن ينادي مناديه : أن يسلّم صاحب النافلة لصاحب الفريضة الحجر الأسود والطواف(٢) .

قال الإمام الباقرعليه‌السلام :«إنّ قائمنا إذا قام دعا النّاس إلى أمر جديد كما دعا إليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ،وأنّ الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ ، فطوبى للغرباء» (٣) .

السؤال الأربعون :

هل يأتي الإمام المهدي عليه‌السلام بدين جديد؟

الجواب : ورد في بعض الروايات أنّ الإمام المهديعليه‌السلام عندما يظهر يأتي بأمر جديد ، كما أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حينما بعث جاء بأمر جديد.

فلا شكّ أنّه لا يراد بالأمر الجديد الأحكام الخارجة عن الإسلام والقرآن؛ لأنّ أحكام الإسلام كانت موجودة منذ زمن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإن كان بعضها لم تبيّن لمصالح لحدّ الآن ، أو لم تصل بعد إلى مرحلة التطبيق ، فلعلّ المراد بالأمر الجديد ما كان جديداً بنظر النّاس في ذلك اليوم ، فإنّه قد ورد في بعض الروايات أنّ الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً(٤) ، وأنّ إبتعاد النّاس عن الإسلام والقرآن سيجعلهما في غربة ، وعلى هذا فإنّ النّاس في عصر الظهور سيكونون بعيدين عن القرآنوالإسلام ، فمع مجيء بقية الله سوف يظنّون أنّه جاء بأحكام جديدة.

_________________________

(١)راجع بحار الأنوار : ٥٢ / ٣١٣.

(٢)الكافي : ٤ / ٤٢٧.

(٣)المصدر المتقدّم : ٣٦٦.

(٤)الغيبة : ٣٢١.

١٦٢

وعن النعماني بسنده عن أبي بصير ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام أنّه قال :«الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ ، فطوبى للغرباء .

فقلت : اشرح لي هذا أصلحك الله؟

فقال :يستأنف الداعي منّا دعاء جديداً كما دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله » (١) .

ويستفاد من قول الإمام الصادقعليه‌السلام حيث يقول :«وهداهم إلى أمر قد دثر» (٢) ، أنّهم لما كانوا بعيدين عن القرآن وأحكام الإسلام سيخفى عليهم كلّ شيء فيهديهم الحجّةعليه‌السلام إلى ما قد خفي عليهم.

السؤال الحادي والأربعون :

في أي بلدة ستكون عاصمة الدولة الإسلاميّة في زمن الإمام المهدي عليه‌السلام ؟

الجواب : لا ريب أنّ عاصمة الإمامعليه‌السلام في قلب كلّ البشر في ذلك اليوم ، حيث لا يبقى الإمام في مكان واحد ولا بلدة معيّنة ، وإن أشرنا قبل ذلك أنّه يسكن في أيّام ظهوره مع أهله وأولاده في مسجد السهلة التي هي بقرب من مسجد الكوفة ، ولكن بملاحظة القرائن والشواهد الموجودة من أنّه لا يبقى لا بمكّةولا بالمدينة ، بل سيخرج مع أنصاره وأعوانه إلى مدينة الكوفة من المظنون قوياً أنّ عاصمته ستكون في الكوفة أو حواليها ، وممّا يدلّ على ذلك ترغيب المعصومين على أنّه من كان عنده دار بالكوفة فليتمسّك بها أو يبني مسجداً له ألف باب.

وأمّا ما روي في ترغيب المؤمنين : ما في كتاب الفضل بن شاذان رفعه عن سعد ، عن أبي محمّد الحسن بن عليّعليهما‌السلام ، قال :«لموضع في الكوفة أحبُّ إليَّ من

_________________________

(١)الغيبة : ٣٢١.

(٢)إعلام الورى : ٤٣١.

١٦٣

دار في المدينة» (١) .

وعنه : عن سعد بن الأصبغ ، قال : «سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول :من كانت له دار بالكوفة فليتمسّك بها »(٢) .

روى الشيخ المفيد في الإرشاد أنّه جاء في الأثر بأنّه عليه وعلى آبائه السلام : يسير من مكّة حتّى يأتي الكوفة ، فينزل على نجفها ، ثمّ يفرّق الجنود منها في الأمصار(٣) .

وقال : روى الجمّال عن ثعلبة ، عن أبي بكر الحضرمي ، عن ابي جعفر ، قال :«كأنّي بالقائم عليه‌السلام على نجف الكوفة قد سار إليها من مكّة في خمسة آلاف من الملائكة ، جبرئيل عن يمينه ، وميكائيل عن شماله ، والمؤمنون بين يديه ،وهو يفرق الجنود في البلاد» (٤) .

وعن المفضّل بن عمر ، قال : «سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول :إذا قام قائم آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله بنى في ظهر الكوفة مسجداً له ألف باب »(٥) .

وعن أبي جعفرعليه‌السلام أنّه ذكر المهدي فقال :«يدخل الكوفة وبها ثلاث رايات قد اضطربت ، فتصفو له ، ويدخل حتّى يأتي المنبر ، فلا يدري النّاس ما يقول من البكاء ، فإذا كانت الجمعة الثانية سأله النّاس أن يصلّي بهم الجمعة ، فيأمر أن يخطّ له مسجد على الغري ويصلّي بهم هناك» (٦) .

_________________________

(١)و(٢)بحار الأنوار : ٥٢ / ٣٨٦.

(٣)و(٤)الإرشاد / المفيد : ٣٤١.

(٥)الإرشاد / المفيد : ٣٤٢.

(٦)المصدر المتقدّم : ٣٤١.

١٦٤

السؤال الثاني والأربعون :

ما هو تعامل المهدي مع اليهود والنصارى؟

الجواب : إنّ من أحد الوعود الإلهيّة التي سوف تتحقّق في ظلّ حكومة قائم آل محمّدعليه‌السلام هو زوال الكفر والشرك ، بل طبقاً للآية الكريمة :( لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ) (١) ، فإنّ صوت التوحيد سوف يغطّي العالم كلّه ، وعلى حدّ قول الباقرعليه‌السلام :«لا يبقى أحد إلاّ أقرّ بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله » (٢) .

وهكذا مفاد قوله تعالى :( وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ) (٣) أنّه لم يبقَ أهل دين حتّى يظهروا الإسلام ، فعن الصادقعليه‌السلام :«إذاقام القائم عليه‌السلام لا تبقى أرض إلاّ نودي فيها بشهادة أن لا إلٰه إلاّ الله ، وأنّ محمّداً رسول الله» (٤) .

ومع ذلك فالروايات في هذه المسألة على طائفتين ، وإن كانت الطائفة الثانية أكثر وأصرح وأقرب إلى الآيتين ، وخصوصاً الآية الثانية المتقدّم ذكرها.

الطائفة الاُلى : ويستفاد منها أنّ الإمام المهديعليه‌السلام يصالحهم على إعطاء الجزية عن يد وهم صاغرون ، فقد سأل أبو بصير عن الإمام الصادقعليه‌السلام عن ذلك فقال :

«قلت : فنا يكون من أهل الذمّة عنده؟

_________________________

(١)التوبة(٩) : ٣٣.الفتح (٤٨) : ٢٨. (٦١) : ٩.

(٢)تفسير العيّاشي : ٢ / ٨٧.

(٣)آل عمران(٣) : ٨٣.

(٤)تفسير الصافي : ١ / ١٨٣.

١٦٥

قال :يسالمهم كما سالمهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويؤدّون الجزيّة عن يد وهم صاغرون »(١) .

الطائفة الثانية : روايات تدلّ على أنّه لا يقبل من أحد إلاّ الإسلام ، فإنّهعليه‌السلام سيقضي عليهم بعد إتمام الحجّة وعدم قبولهم الحقّ؛ لأنّ بعد نزول عيسى من السماء وحضوره في الصلاة خلف الإمام المهديعليه‌السلام وتبليغه للإسلام وكسره للصليب فهو إبطال للنصرانيّة ، فلا يبقى مجال للاعتذار أو لمخالفة عيسىعليه‌السلام .

قال الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام عند قوله تعالى :( وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا ) :«نزلت في القائم إذا خرج باليهود والنصارى والصابئينوالزنادقة وأهل الردّة والكفّار في شرق الأرض وغربها فعرض عليهم الإسلام ، فمن أسلم طوعاً أمره بالصلاة والزكاة وما يؤمر به المسلم ويجب لله عليه ، ومن لم يسلم ضرب عنقه حتّى لا يبقى في المشارق والمغارب أحد إلاّ وحّد الله .

قلت له : جعلت فداك ، إنّ الخلق أكثر من ذلك؟

فقال :إنّ الله إذا أراد أمراً قلّل الكثير وكثّر القليل» (٢) .

وروى المفيد عن عليّ بن عقبة بأنّه :«لم يبقى أهل دين حتّى يظهروا الإسلامويعترفوا بالإيمان» (٣) .

وفي سنن أبي داود عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث له ، قال :«فيقاتل النّاس على الإسلام فيدقّ الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويهلك الله في زمانه

_________________________

(١)بحار الأنوار : ٥٢ / ٣٧٦.

(٢)معجم أحاديث الإمام المهديعليه‌السلام : ٥ / ٦٠.

(٣)الإرشاد : ٣٤٤.

١٦٦

الملل كلّها إلاّالإسلام ...» (١) .

تلخّص أنّه لا يقبل في زمن المهديعليه‌السلام من أحد غير الإسلام ، ويؤيّد ذلك أيضاً ما عن الباقرعليه‌السلام في تفسير قوله تعالى :( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ للهِ ) (٢) ، قال :«لم يجئ تأويل هذه الآية بعد ، إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله رخّص لهم لحاجته وحاجة أصحابه ، فلو قد جاء تأويلها لم يقبل منهم ، ولكنّهم يقتلون حتّى يوحّد الله عزّوجلّ وحتّى لا يكون شرك» (٣) .

_________________________

(١)سنن أبي داود : ٢ / ٣٤٢.

(٢)البقرة(٢) : ١٩٣.

(٣)بحار الأنوار : ٥٢ / ٣٧٨.

١٦٧

١٦٨

١٦٩

١٧٠

لقد تحدّثت كثير من الروايات عن أنصار المهدي المنتظر عجّل الله فرجه الشريف وعن منزلتهم.

ولا بدّ أن تسأل من هم هؤلاء؟ وكم عددهم؟ ومن أي بلد؟ ومن أي طائفة؟وفي أيّ مدينة يعيشون؟ فهل ولدوا أم سيولدوا قرب ظهوره؟ وما يصنعون في عهد الغيبة؟ وما هو دورهم في ظلّ حكومة الإمام المهديعليه‌السلام ؟ وسنبحث في هذا الفصل عن هذه الأسئلة.

السؤال الثالث والأربعون :

من هو الخضر عليه‌السلام ؟ وما هو دوره في زمن غيبة الإمام المهدي عليه‌السلام ؟

الجواب : الخضر هو عبد من عباد الله الصالحين ، أو نبيّ من أنبياء الله الكرام ، آتاه الله العلم والحكمة ، وقد صاحب سيّدنا موسى بن عمرانعليه‌السلام في سفره البحري المشار إليه في القرآن الكريم.

كان من أكبر أنصار«ذو القرنين» ، ولقد أعطاه الله عمراً طويلاً حتّى يكون دليلاً قويّاً على طول عمر الحجّة القائم المنتظرعليه‌السلام ، ويكون مونساً للمهدي في زمن غيبته.

وذكر بعض مميزّاته في بعض الكتب الروائيّة أو التفسيريّة ، فنشير إلى بعضها :

١ـ قال الرضاعليه‌السلام :«إنّ الخضر شرب من ماء الحياة ، فهو حيّ لا يموت حتّى

١٧١

ينفخ في الصور» (١) .

٢ـ وفي تفسير القمّي : «أعطاه الله من القدرة على أن يتصوّر كيف شاء ،وكان على مقدّمة جيش ذي القرنين»(٢) .

٣ـ عبّر القرآن الكريم عنه بالعالم ، فقال في سورة الكهف :( فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا ) (٣) .

٤ـ متى ما ذكر اسمه في مكان فإنّه يحضر في الحال ، كما قال الرضاعليه‌السلام :« وإنّه ليحضر حيث ما ذكر ، فمن ذكره منكم فليسلّم عليه» (٤) .

٥ـ يحضر كلّ عام في موسم الحجّ ، يقول الرضاعليه‌السلام :« وإنّه ليحضر الموسم كلّ سنة ، فيقضي جميع المناسك ويقف بعرفة فيؤمّن على دعاء المؤمنين» (٥) .

ولقد كان له دور مهمّ أيّام حياة المعصومينعليهم‌السلام ، وإن لم تصل أكثر أخباره إلينا ،وله أيضاً دور مهمّ في أيّام غيبة المهدي المنتظر(عج) ، كما حدّث الرضاعليه‌السلام بذلك ، فقال :«وسيؤنس الله به وحشة قائمنا في غيبته ، ويصِلَ به وحدته» (٦) .

٦ـ مضافاً إلى الأعمال التي أوكلت إليه من قبيل إغاثة الملهوفين في الصحارى ،وإعانة المفقودين.

روى سدير الصيرفي عن أبي عبدالله في حديث طويل ، قال :«أمّا العبد الصالح ، أعني الخضر ، فإنّ الله عزّوجلّ طوّل عمره لا لنبوّةٍ قدّرها له ، ولا لكتاب

_________________________

(١)سفينة البحار : ١ / ٣٨٩.

(٢)مجمع البحرين : ٢٤٦.

(٣)الكهف(١٨) : ٦٥.

(٤ ـ ٦)كمال الدين : ٢ / ٣٩٠.

١٧٢

ينزل فيه ، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء ، ولا لإمامة يلزم عباده الإقتداء بها ، ولا لطاعة فرضها له ، بل إنّ الله تعالى لمّا كان في سابق علمه أن يُقدّر من عمر القائم في أيّام غيبة ما يُقدِّر ، وعلم ما يكون من إنكار الاُمّة له ، أراد أن يطول عمره ذلك الطول طول عمر عبده الصالح من غير سبب أوجب ذلك ، إلاّ لأجل الإستدلال به على القائم وليقطع بذلك حجّة المعاندين لئلا يكون للنّاس حجّة» (١) .

السؤال الرابع والأربعون :

هل حُدِّدَ أصحاب الإمام المهدي عليه‌السلام في الأحاديث الإسلاميّة؟

الجواب : لقد اُشير في عدّة من الروايات إلى أصحابهعليه‌السلام ، وأنّ عدد هم٣١٣ نفراً ، ويمكن تصنيف أنصاره إلى عدّة أصناف :

١ ـ الأنصار الذين يبدأ الإمام معهم نهضته.

٢ ـ الأنصار الذين يقومون من قبورهم ببركة ظهورهعليه‌السلام .

٣ ـ الأنصار الذين ينزلون من السماء مع عيسىعليه‌السلام .

فالصنف الأوّل عددهمـكما قيلـ٣١٣ شخصاً ، ولقد شخّصت الروايات محلّ سكناهم ، وعددهم من كلّ بلد ، ووضّح الصادقعليه‌السلام بطلب من أبي بصير بما يلي :

قالعليه‌السلام :«إذا كان يوم الجمعة بعد الصلاة فائتني ، قال : فلمّا كان يوم الجمعة أتيته.

فقال :يا أبا بصير ، أتيتنا لمّا سألتنا عنه.

_________________________

(١)إعلام الورى : ٤٠٦.

١٧٣

قلت : نعم ، جعلت فداك.

قال :إنّك لا تحفظ ، فأين صاحبك الذي يكتب لك ؟

فقلت أظنّ شَغَلَهُ شاغِل ، وكرهت أن أتأخّر عن وقت حاجتي.

فقال للرجل في مجلسه :اكتب له : هذا ما أملاه رسول الله على أمير المؤمنينوأودعه إيّاه من تسمية أصحاب المهدي وعدّة من يوافيه من المفقودين عن فرشهموقبائلهم والسائرين في ليلهم ونهارهم إلى مكّة ، وذلك عند استماع الصوت في السنة التي يظهر فيها أمر الله عزّوجلّ ، وهم النجباء والقضاة والحكّام على النّاس »(١) .

فهم :

ـ رجل من أسوان

ـ رجل من باغه

ـ رجل من بافاد

ـ رجل من بدا

ـ رجل من بدو

ـ رجل من بلبيس

ـ رجل من بيرم

ـ رجل من جوقان

ـ رجل من حار

ـ رجل من حران

ـ رجل من حيوان

ـ رجل من خلاط

ـ رجل من خيبر

ـ رجل من دبيلة

ـ رجل من دمياط

ـ رجل من الريّ

ـ رجل من سيمسياط

ـ رجل من سيراف ( شيراز )

_________________________

(١)دلائل الإمامة : ٣٠٧.

١٧٤

ـ رجل من صيدائيل

ـ رجل من طازبند الشرقي

ـ رجل من طالقان

ـ رجل من طبرية

ـ رجل من طهر

ـ رجل من عبثة

ـ رجل من عكبرا

ـ رجل من فرغانة

ـ رجل من قابس

ـ رجل من قارب

ـ رجل من كوثا

ـ رجل من نسوى

ـ رجل من نصيبين

ـ رجل من وادي القرى

ـ رجل مفقود في السلاهط

ـ رجل وهو المتخلى بصقيلية

ـ رجل وهو الطواف الحقّ من يخشب

ـ رجل وهو الهارب من عشيرته

ـ والمحتجّ بكتاب الله على النصاب من سرخس

ـ رجلان من إصطخر

ـ رجلان من الأهواز

ـ رجلان من بريد

ـ رجلان من حلوان

ـ رجلان من الرافقة

ـ رجلان من صامغان

ـ رجلان من طرابلس

ـ رجلان من صنعاء

ـ رجلان من قريات

ـ رجلان من قرمس

ـ رجلان من قزوين

ـ رجلان من قلزم

ـ رجلان من القيروان

ـ رجلان من المدينة

ـ رجلان : النازلان بسرانديب

ـ رجلان من مروالروذ

ـ رجلان من موليان

ـ رجلان هما الهاربان إلى السروانيّة من الشعب

١٧٥

ـ ثلاثة من البصرة.

ـ ثلاثة من جابروان

ـ ثلاثة من حلب

ـ ثلاثة من الرقّة

ـ ثلاثة من سجستان

ـ ثلاثة من كوركرمان

ثلاثة ، وهم التاجران الخارجان من عانة إلى أنطاكية وغلامهما

ـ أربعة من الديلم

ـ أربعة من سمند

ـ أربعة من سنجار

ـ أربعة من فسطاط

ـ أربعة من بوشنج

ـ أربعة من همدان

ـ أربعة من سلمية

ـ خمسة من طوس

ـ سبعة ، وهم أصحاب الكهف

ـ سبعة من الريّ

ـ ثمانية من جبل غرر

ـ ثمانية من المدائن

ـ تسعة من بيروت

ـ تسعة من طبرستان

إحدى عشر ، وهم المستأمنون إلى الروم

ـ اثنا عشر من جرجان

ـ اثنا عشر من مرو

ـ اثنا عشر من الهرات

ـ أربعة عشر من الكوفة

ـ ثمانية عشر من قم

ـ ثمانية عشر من نيسابور

أربعون وعشرون ممن طالقان» (١) .

وقفة للتأمّل

ولنا على ما مرّ من أصحابهعليه‌السلام وبلدانهم ملاحظات لا بأس بالتنبيه عليها :

_________________________

(١)راجع الملاحم والفتن : ٢٠٢.دلائل الإمامة : ٣٠٧.المهدي الموعود المنتظر : ٢ / ٢٠١.

١٧٦

١ـ من المحتمل سقوط بعض البلدان والأماكن من هذا الحديث ، حيث لم يصل عدد هؤلاء إلى٣١٣ رجلاً ، فما ذكر لا يبلغ الثلاثمائة.

٢ـ ويشهد بذلك وجود أسماء اُخرى من هذه المناطق في روايات اُخرى ، كالصاغان وقرغانه والشام وترمذ وموعود وترقعة ودمشق وفلسطين وبعلبكونوغان والحائر ونور وقاليقا وبروجرد ورها ومراغه وفالس وقبّة وتربدهوخبوان وطهى وارم وسردانه وقرية صويقان والصانعان وسكنة ودانشاه وبارودوالواد وفارياب ويافا وقومس وتيس وبالسين وملزن وأيلة والجيزة وريدار والربذة والحيرة(١) .

فيحتمل تكميل هذا العدد من هذه المدن.

٣ـ واُشير في بعض الروايات(٢) إلى اسماء أنصار الإمام المهديعليه‌السلام ، ولم يُشر إلى أسماءهم في هذه الرواية.

٤ـ وأشارت إلى بعض المدن ، وأنّه سيكون منها سبعة ، وفي بعضها الآخر تشير إلى رجل واحد ، كالريّ مثلاً(٣) .

٥ـ تكرّرت في هذه الروايات بعض المدن ، مثل : الريّ والطالقان(٤) .

٦ـ وهكذا ذكرت أسماء مشابهة لأسماء بعض المدن ، ويحتمل كونها مدينة واحدة ، مثل : قرغانه وفرغانه(٥) ، وصامغان وصاغان(٦) .

٧ـ إنّ أسماء المدن التي وردت هي محلّ سكنى أنصار المهدي قبل الظهور ،

_________________________

(١)دلائل الإمامة : ٣٠٨و٣٠٩.

(٢)و(٥)بشارة الإسلام : ٢٠٩.

(٣)و(٦)دلائل الإمامة : ٣٠٧.

(٤)المصدر المتقدّم : ٣٠٩.

١٧٧

فمن الممكن أن لا يكونوا من سكّانها الأصليّين؛ إذ لعلّهم يكونون فيها فقط في زمان ظهورهعليه‌السلام .

٨ـ لقد ورد في ضمن أسماء المدن المذكورة حوالي ثلاثون مدينة أو أكثر من المدن الإيرانيّة.

٩ـ إذا قسّمنا أسماء المدن المذكورة مع عدد الأشخاص الذين يأتون لنصرة المهدي المنتظرعليه‌السلام ، نجد أنّ أكثر أنصاره هم من الفرس.

١٠ـ واُشير في بعض الروايات إلى حضور عدد من النساء ، فقيل : عددهنّ خمسون امرأة ، ولكن لم يأت ذكر هنّ في هذه الرواية ولا في الحديث الذي ذكر أسماءهم ، حيث نرى الأغلب ذكر بعنوان رجل ورجلان وغير ذلك ممّا يطلق على الرجال ، فقد قال الباقرعليه‌السلام :«يجيئ والله ثلاث مأة وبضعة عشر رجلاً فيهم خمسون امرأة» (١) .

وأمّا الصنف الثاني والثلاث ، فقد مرّ ذكرهما في الرجعة والكلام فيها ، فراجع ولانعيد.

السؤال الخامس والأربعون :

ما هو المقصود من قول الإمام الصادق عليه‌السلام لأبي بصير : «فذلك ثلاثمائةوثلاثة عشر رجلاً بعدد أهل بدر ، يجمعهم الله إلى مكّة في ليلة واحدة» ، فهل ينحصر أصحاب المهدي وأعوانه في العدد المذكور أم يتجاوزه؟

الجواب : لا ريب في أنّ عدد أنصاره لا ينحصر بهذا العدد ، فلقد ورد في روايات اُخرى بأعداد اُخر ، مثلاً : قيل إنّ عدد أنصاره خمسة آلاف ، أو عشرة

_________________________

(١)معجم أحاديث الإمام المهديعليه‌السلام : ١ / ٥٠٠.

١٧٨

آلاف ، إثني عشر ألف ، خمسة عشر ألف رجل(١) ، بالإضافة إلى ذلك ، فإنّه سينزل مع عيسىعليه‌السلام من السماء ثمانمائة رجل وأربعمائة امرأة(٢) .

بالإضافة إلى سبعين ألف صدِّيق يرجعون إلى الدنيا ، وينضمّون إلى الإمام المهدي أرواحنا فداه في الكوفة ، وهذا يعتبر أفضل دليل على أنّ أنصار المهديعليه‌السلام هم أكثر من٣١٣ .

ويوجد احتمالان لتوجيه العدد الوارد في الأخبار :

١ـ قال العلاّمة المجلسي : «إنّ عدد أنصار المهدي عند ظهوره هو ثلاثمائة عشر رجل ، وهذا لا ينافي أنّ جماعة آخرين سوف يلتحقون به بعد ظهوره»(٣) .

٢ـ ومن الممكن أنّ هذا العدد (٣١٣ ) هم قادة الجيش وأصحاب الرُّتب العالية في حكومة المهديعليه‌السلام ، قال الصادقعليه‌السلام لمفضّل بن عمر :«كأنّي أنظر إلى القائم على منبر الكوفة وحوله أصحابه ثلاثة مائة وثلاثة عشر رجلاً ، عدّة أهل بدر ، وهم أصحاب الألوية ، وهم حكّام الله في أرضه على خلقه» (٤) .

السؤال السادس والأربعون :

ما هو دور العلماء في ظلّ الحكومة الإلهيّة بقيادة المهدي عليه‌السلام ؟

الجواب : لأجل توضيح هذا السؤال علينا في البداية أن نبحث عن دور العلماء في زمن حضور الأئمّة المعصومينعليهم‌السلام ، ثمّ في عصر الغيبة ، ثمّ في زمن ظهور

_________________________

(١)الغيبة / النعماني : ٣٠٧.بحار الأنوار : ٥٢ / ٣٢٣.جوانان ياران مهدي : ١٦.

(٢)معجم أحاديث الإمام المهديعليه‌السلام : ١ / ٥٣٤.زنان در حكومت امام زمان : ٢٠.

(٣)حقّ اليقين : ٣٥٢.

(٤)بحارالأنوار : ٥٢ / ٣٢٦.

١٧٩

الحجّة القائم المهديعليه‌السلام ، فنقول : لقد استمرّ عصر المعصومين حوالي٢٦٠ سنة ، ثمّ جاء من بعدهم العلماء ، حيث قاموا بدورهم الرسالي في العالم الإسلامي ، فكانو حرّاس القيم الدينيّة بالنيابة عن المعصومينعليهم‌السلام ، وكانوا في الحقيقة يقومون بدور الرابط بين المعصومين والنّاس.

ومن جهة اُخرى ، قام الأئمّةعليهم‌السلام بتأييدهم وحمايتهم وإرجاع النّاس إليهم ، كإرجاع النّاس إلى عثمان بن سعيد وغيره في عهد الحضور وفترة الغيبة الصغرى ،وبتأييد الأعلام في الغيبة الكبرى كما قال الإمام الهاديعليه‌السلام :«لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم من العلماء الداعين إليه ، والدالّين عليه ، والذابّين عن دينه بحجج الله ،والمنقذين لضعفاء عبادالله من شِباك إبليس ومردته ، ومن فخاج النواصب ، لما بقي أحد إلاّ ارتدّ عن دين الله ، ولكنّهم الذين يمسكون أزمّة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكّانها ، اُولئك هم الأفضلون عند الله عزّوجلّ» (١) .

فهذا الحديث يشمل كلّ أعلام الشيعة من الكليني إلى الخميني وما بعده ، حيث قاموا بدور عظيم في نشر مذهب العترة الطاهرةعليهم‌السلام ، وهيّئوا الأرضيّة لظهور الإمام المهديعليه‌السلام .

ولا ريب أنّ أنصاره هم العلماء والقضاة والفقهاء ، كما صرّح الصادقعليه‌السلام بذلك قائلاً :«وهم النجباء والقضاة والحكّام والفقهاء في الدين» (٢) ، وهؤلاء سوف ينتشرون في أنحاء العالم بأمر الإمامعليه‌السلام ، ويقومون بتطبيق حكومتهعليه‌السلام في المجتمعات.

وعلى هذا فإنً العلماء الأعلام لهم السهم الأوفر في تشكيل حكومة الإمام

_________________________

(١)الإحتجاج : ٢ / ٢٦٠.

(٢)دلائل الإمامة : ٣٦٠.

١٨٠

الشبهة مع وضوح الحق له لو أراده ، موجبا على الله دفعها ، حتى لا يكلف إلا المؤمنين ولا يؤل إلا البالغين. ولهذا الباب في الاصول نظائر كثيرة ذكرها يطول ، والاشارة إليها كافية. واما الفرق بينه وبين آبائه عليهم السلام فواضح ، لان خوف من يشار إليه بأنه القائم المهدي الذي يظهر بالسيف ويقهر الاعداء ويزيل الدول والممالك ، لا يكون كخوف غيره ممن يجوز له مع الظهور التقية وملازمة منزله ، وليس من تكليفه ولا مما سبق أنه يجري على يده الجهاد واستيصال الظالمين. المصلحة بوجوده : (مسألة) : فإن قيل : إذا كان الخوف قد اقتضى ان المصلحة في استتاره وتباعده فقد تغيرت الحال إذا في المصلحة بالامام واختلف ، وصار ما توجبونه من كون المصلحة مستمرة بوجوده وأمره ونهيه مختلفا على ما ترون ، وهذا خلاف مذهبكم. (الجواب) : قلنا المصلحة التى توجب استمرارها على الدوام بوجوده وأمره ونهيه ، انما هي للمكلفين. وهذه المصلحة ما تغيرت ولا تتغير ، وإنما قلنا ان الخوف من الظالمين اقتضى أن يكون من مصلحته هو (ع) في نفسه الاستتار والتباعد ، وما يرجع إلى المكلفين به لم يختلف ، ومصلحتنا وإن كانت لا تتم إلا بظهوره وبروزه ، فقد قلنا ان مصلحته الآن في نفسه في خلاف الظهور ، وذلك غير متناقض ، لان من أخاف الامام واحوجه إلى الغيبة والى أن يكون الاستتار من مصلحته قادر على أن يزيل خوفه ، فيظهر ويبرز ويصل كل مكلف إلى مصلحته ، والتمكن مما يسهل سبيل المصلحة تمكن من المصلحة فمن هذا الوجه لم يزل التكليف الذي (به) الامام لطف فيه عن المكلفين بالغيبة منه والاستتار ، على ان هذا يلزم في النبي صلى الله عليه وآله لما استتر في الغار وغاب عن قومه بحيث لا يعرفونه ، لانا نعلم أن المصلحة بظهوره وبيانه كانت ثابتة غير متغيرة. ومع هذه الحال فإن المصلحة له في الاستتار والغيبة عند الخوف ، ولا جواب عن ذلك. وبيان أنه لا تنافي فيه ولا

١٨١

تناقض إلا بمثل ما اعتمدناه بعينه. في الوجه في غيبته عن أوليائه وأعدائه : (مسألة) : فإن قيل : فإذا كان الامام (ع) غائبا بحيث لا يصل إليه أحد من الخلق ولا ينتفع به ، فما الفرق بين وجوده وعدمه؟ وإذا جاز ان يكون اخافة الظالمين سببا لغيبته بحيث لا يصل إلى مصلحتنا به حتى إذا زالت الاخافة ظهر ، فلم لا جاز أن يكون اخافتهم له سببا لان يعدمه الله تعالى ، فإذا انقادوا واذعنوا أوجده الله لهم؟ (الجواب) : قلنا : أول ما نقول إنا غير قاطعين على ان الامام (ع) لا يصل إليه أحد ولا يلقاه بشر ، فهذا أمر غير معلوم ولا سبيل إلى القطع عليه ، ثم الفرق بين وجوده غائبا عن اعدائه للتقية وهو في خلال ذلك منتظر أن يمكنوه فيظهر ويتصرف ، وبين عدمه واح لا خفاء به. وهو الفرق بين أن تكون الحجة فيما فات من مصالح العباد لازمة لله تعالى ، وبين أن تكون لازمة للبشر ، لانه إذا اخيف فغيب شخصه عنهم كان ما يفهوتهم من مصلحة عقيب فعل سببوه وإلجائه إليه ، فكانت العهدة فيه عليهم والذم لازما لهم وإذا أعدمه الله تعالى ، ومعلوم أن العدم لا يسببه الظالمون بفعلهم ، وانما يفعله الله تعالى اختيارا ، كان ما يفوت بالاعدام من المصالح لازما له تعالى ومنسوبا إليه. (مسألة) : فإن قيل فالحدود التي تجب على الجناة في حال الغيبة كيف حكمها؟ وهل تسقط عن أهلها؟ وهذا ان قلتموه صرحتم بنسخ شريعة الرسول صلى الله عليه وآله وان أثبتموه فمن الذي يقيمها والامام (ع) غائب مستتر؟ (الجواب) : قلنا : أما الحدود المستحقة بالاعمال القبيحة فواجبة في جنوب مرتكبي القبائح ، فإن تعذر على الامام في حال الغيبة إقامتها فالاثم فيما تعذر من ذلك على من سبب الغيبة وأوجبها بفعله ، وليس هذا نسخا للشريعة ، ولان المتقرر بالشرع وجوب إقامة الحد مع التمكن وارتفاع الموانع ، وسقوط فرض إقامته مع الموانع وارتفاع التمكن لا يكون نسخا للشرع المتقرر ، لان الشرط في الوجوب لم يحصل. وإنما يكون ذلك نسخا لو سقط فرض إقامة

١٨٢

الحدود عن الامام مع تمكنه ، على أن هذا يلزم مخالفينا في الامامة إذا قيل لهم كيف الحكم في الحدود التي تستحق في الاحوال التي لا يتمكن فيها أهل الحل والعقد من نصب إمام واختياره؟ وهل تبطل الحدود أو تستحق مع تعذر إقامتها؟ وهل يقتضي هذا التعذر نسخ الشريعة فأي شئ اعتصموا به من ذلك فهو جوابنا بعينه. حاجة الناس للامام : (مسألة) : فإن قيل فالحق مع غيبة الامام كيف يدرك وهذا يقتضي أن يكون الناس في حيرة مع الغيبة؟ فان قلتم أنه يدرك من جهة الادلة المنصوبة إليه قيل لكم هذا يقتضي الاغتناء عن الامام بهذه الادلة. (الجواب) : قلنا : أما العلة المحوجة إلى الامام في كل عصر وعلى كل حال ، فهي كونه لطفا فيما أوجب علينا فعله من العقليات من الانصاف والعدل اجتناب الظلم والبغي ، لان ما عدا هذه العلة من الامور المستندة إلى السمع والعبادة به جايز ارتفاعها لجواز خلق المكلفين من العبادات الشرعية كلها ، وما يجوز على حال ارتفاعه لا يجوز أن يكون علته في أمر مستمر لا يجوز زواله. وقد استقصينا هذا المعنى في كتابنا الشافي في الامامة وأوضحناه ، ثم نقول من بعده أن الحق في زماننا هذا على ضربين : عقلي وسمعي : فالعقلي ندركه بالعقل ولا يؤثر فيه وجود الامام ولا فقده. والسمعي انما يدرك بالنقل الذي في مثله الحجة. ولا حق علينا يجب العلم به من الشرعيات إلا وعليه دليل شرعي. وقد ورد النقل به عن النبي (صلى الله عليه وآله) والائمة من ولده صلوات الله عليهم ، فنحن نصيب الحق بالرجوع إلى هذه الادلة والنظر فيها. والحاجة مع ذلك كله إلى الامام ثابتة لان الناقلين يجوز أن يعرضوا عن النقل إما بشبهة أو اعتماد فينقطع النقل أو يبقى فيمن ليس نقله حجة ولا دليل ، فيحتاج حينئذ المكلفون إلى دليل هو قول الامام وبيانه ، وإنما يثق المكلفون بما نقل إليهم ، وانه جميع الشرع لعلمهم بأن وراء هذا النقل إماما متى اختل استدرك

١٨٣

عما شذ منه ، فالحاجة إلى الامام ثابتة مع ادراك الحق في أحوال الغيبة من الادلة الشرعية على ما بيناه. في بيان علة استتاره : (مسألة) : فإن قيل : إذا كانت العلة في استتار الامام خوفه من الظالمين واتقائه من المعاندين فهذه العلة زايلة في أوليائه وشيعته ، فيجب أن يكون ظاهرا لهم أو يجب أن يكون التكليف الذي أوجب إمامته لطفا فيه ساقطا عنهم ، لانه لا يجوز أن يكلفوا بما فيه لطف لهم ثم يحرموه بجناية غيرهم. (الجواب) : قلنا : قد أجاب أصحابنا عن هذا بأن العلة في استتاره من الاعداء هي الخوف منهم والتقية. وعلة استتاره من الاولياء لا يمتنع أن (الجواب) : قلنا : قد أجاب أصحابنا عن هذا بأن العلة في استتاره من الاعداء هي الخوف منهم والتقية. وعلة استتاره من الاولياء لا يمتنع أن يكون لئلا يشيعوا خبره ويتحدثوا عنه مما يؤدي إلى خوفه وان كانوا غير قاصدين بذلك. وقد ذكرنا في كتاب الامامة جوابا آخر ، وهو أن الامام (عليه السلام) عند ظهوره عن الغيبة إنما يعلم شخصه ويتميز عينه من جهة المعجز الذي يظهر على يديه لان النص المتقدم من آبائه عليهم السلام لا يميز شخصه من غيره ، كما يميز النص أشخاص آبائه (عليهم السلام) لما وقع على إمامتهم. والمعجز إنما يعلم دلالة وحجة بضرب من الاستدلال ، والشبهة معترضة لذلك وداخلة عليه ، فلا يمتنع على هذا أن يكون كل من لم يظهر له من أوليائه ، فلان المعلوم من حاله أنه متى ظهر له قصر في النظر في معجزه ، ولحق به هذا التقصير عند دخول الشبهة لمن يخاف منه من الاعداء ، وقلنا أيضا أنه غير ممتنع أن يكون الامام عليه السلام يظهر لبعض أوليائه ممن لا يخشى من جهته شيئا من أسباب الخوف ، فإن هذا مما لا يمكن القطع على ارتفاعه وامتناعه ، وإنما يعلم كل واحد من شيعته حال نفسه ، ولا سبيل له إلى العلم بحال غيره. ولو لا أن استقصاء الكلام في مسائل الغيبة يطول ويخرج عن الغرض بهذا الكتاب لاشبعناه ها هنا. وقد أوردنا منه الكثير في كتابنا في الامامة ولعلنا نستقصي الكلام فيه ونأتي على ما لعله لم نورده في كتاب

١٨٤

الامامة في موضع نفرده له ، إن أخر الله تعالى في المدة وتفضل بالتأييد والمعونة ، فهو المؤول ذلك والمأمول لكل فضل وخير قربا من ثوابه وبعدا من عقابه ، والحمد لله رب العالمين وصلى الله

على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين

(تنبيه) قد وقع سقط بعد آخر كلمة من آخر سطر من صحفة ١٨ وهو هذا (صالح لانه قد وقع من نوح السؤال والرغبة في قوله تع رب ان ابي و اهلي وان وعدك الحق ومعني ذلك نجه كما انجبيهم قلنا ليس يجب ان يكون الهاء في قوله انه عمل غير)

١٨٥

فهرست الكتاب

في تنزيه آدم عليه السلام ٩

تنزيه نوح عليه السلام١٧

تنزيه ابراهيم عليه السلام٢٠

يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم عليهم السلام٤١

يوسف بن يعقوب عليهما السلام٤٦

أيوب عليه السلام٥٩

شعيب عليه السلام٦٤

موسى عليه السلام٦٧

داود عليه السلام٨٧

سليمان عليه السلام٩٢

يونس عليه السلام٩٩

عيسى عليه السلام١٠٢

في تنزيه سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وآله١٠٥

تنزيه الائمة عليهم السلام١٣٢

فأما البيعة١٣٨

واما حضور مجالسهم ١٣٨

أما الصلاة خلفهم ١٣٩

فأما أخذه الاعطية١٣٩

فأما ما ذكر في السؤال من نكاح السبي ١٤٠

فأما انكاحه عليه السلام١٤١

فأما الدخول في الشورى ١٤١

١٨٦

فأما تحكيمهما١٤٧

فأما تأخيره جهاد الظالمين ١٤٨

فأما عدوله عن التسمية بأمير المؤمنين ١٤٨

فاما قول النظام١٥٨

فأما أمير المؤمنين ١٥٩

فأما بيع أمهات الاولاد١٦٢

فأما قطع السارق من الاصابع ١٦٢

واما دفع السارق إلى الشهود١٦٣

وأما جلد الوليد بن عقبة١٦٣

واما الجهر بتسمية الرجال في القنوت ١٦٤

واما قبول شهادة الصبيان ١٦٤

فاما أخذ نصف الدية١٦٥

فأما ما حكاه من أحراقه اللوطي ١٦٥

فأما حبسه (عليه السلام) المال المكتسب من مهور البغايا على غنى وباهلة١٦٧

أبو محمد الحسن بن على عليهما السلام١٦٩

فأما قول السائل ١٧٢

وأما البيعة١٧٣

وأما أخذ العطاء١٧٣

وأما أخذ الصلات ١٧٣

فأما اظهاره (عليه السلام) موالاته١٧٤

أبو عبد الله الحسين بن على عليهما السلام١٧٥

وأما مخالفة ظنه عليه السلام١٧٧

فأما السبب ١٧٨

فأما محاربة الكثير بالنفر القليل ١٧٨

١٨٧

فأما الجمع بين فعله (ع) وفعل أخيه١٧٨

أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام١٧٩

القائم المهدي صلوات الله عليه١٨٠

فأما كون ذلك سببا لنفي ولادته (ع)١٨٠

فهرست الكتاب ١٨٦

١٨٨

١٠٥

في تنزيه سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه واله

١٣٢

امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه الصلوة والسلام

١٦٩

ابي محمد الحسن بن علي عليهما السلام

١٧٥

ابي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام

١٧٩

ابي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام

١٨٠

القائم المهدي صلوات الله وسلامه عليه

١٨٩

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204