تاريخ مقام الامام المهدي (عج) في الحلة

تاريخ مقام الامام المهدي (عج) في الحلة27%

تاريخ مقام الامام المهدي (عج) في الحلة مؤلف:
تصنيف: تاريخ التشيع
ISBN: 964-297-132-5
الصفحات: 215

تاريخ مقام الامام المهدي (عج) في الحلة
  • البداية
  • السابق
  • 215 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 96404 / تحميل: 6366
الحجم الحجم الحجم
تاريخ مقام الامام المهدي (عج) في الحلة

تاريخ مقام الامام المهدي (عج) في الحلة

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٢٩٧-١٣٢-٥
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

7 - فرض البيعة بالقوّة ليزيد الفاجر:

لقد كانت الخلافة أيام أبي بكر وعمر وعثمان ذات مسحة إسلامية وكانوا يحكمون تحت شعار خلافة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

على أنّ معاوية حينما بدأ بالسيطرة على زمام السلطة فإنّه - رغم الخداع والتضليل الذي عرفنا شيئاً عنه - لم يجترئ على تحدّي الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ورسالته بشكل علني وصريح في بداية حكمه; إذ كان يستغل المظاهر الإسلامية لإحكام القبضة ولتحقيق مزيد من السيطرة على رقاب أبناء الأمة الإسلامية. ومن هنا وصف معاوية بالدهاء والذكاء المفرط; لأنه كان يُلبس باطله لباساً إسلامياً.

ولكن تحميله ليزيد الفاجر المعلن بفسقه على الأمة جاء هتكاً صريحاً للقيم الإسلامية واستهتاراً واضحاً لعرف المسلمين؛ وذلك لما عرفه المسلمون جميعاً من أنّ الخلافة الإسلامية ليست حكماً قيصرياً ولا كسروياً لينتقل بالوراثة، ولا يستحق هذا المنصب إلاّ العالم بالكتاب والسنّة، العامل بهما والقادر على تحقيق أهداف الرسالة الإسلامية وتطبيق أحكامها.

هذا مضافاً إلى أنّ فرض البيعة ليزيد على المسلمين كان جريمة كبرى ذات أبعاد اجتماعية وسياسية خطيرة تنتهي بتصفية الإسلام ومحوه من على وجه الأرض، لولا ثورة الإمام الحسينعليه‌السلام سبط الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله الحافظ لدين جدّه من الضياع والدمار.

ولأجل الوقوف على عظمة هذه الجريمة; لابدّ أن نعرف أوّلاً من هو يزيد؟ وما هو السبب الذي جعله غير صالح للخلافة؟ ولماذا يكون فرض بيعته عدواناً صريحاً على الإسلام وارتداداً عنه وعودة إلى الجاهلية التي ناهضها الإسلام؟

١٠١

البحث الثاني: من هو يزيد بن معاوية؟

قبل الحديث عن تولّي يزيد للحكم وموقف الإمام الحسينعليه‌السلام من ذلك لابدّ وأن نعرف من هو يزيد في منظار الإسلام والمسلمين؟ وما هو رأي الإسلام في البيت الأموي بصورة عامة؟

لا يشك أحد من الباحثين والمؤرّخين في أنّ الأمويين كانوا من ألدّ أعداء الإسلام وأنكد خصومه منذ أن بزغ فجره وحتى آخر مرحلة من مراحل حكمهم. وأنهم لم يدخلوا فيه إلاّ بعد أن استنفدوا جميع إمكاناتهم في محاربته حتّى باؤوا بالفشل. ولمّا دخلوا فيه مرغمين أخذوا يخطّطون لتشويه معالمه وإعادة مظاهر الجاهلية بكلّ أشكالها بأسلوب جديد وتحت ستار الإسلام.

وكان معاوية يرتعش جزعاً ويضجر عندما كان يسمع النداء باسم النبي محمد بن عبد اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ويشعر بانطلاق هذا الاسم المبارك في أجواء العالم الإسلامي من أعلى المآذن في كلّ يوم.

وهكذا كان غيره من حكّام ذلك البيت الذين حكموا باسم الإسلام وهم يعملون على تقويضه وإبرازه على غير واقعه وتشويه قوانينه وتشريعاته ومُثله.

ويزيد بن معاوية الذي وقف الإمام الحسينعليه‌السلام منه ذلك الموقف الخالد كان كما يصفه المؤرّخون والمحدّثون مستهتراً إلى حدّ الإسراف في الاستهتار، وممعناً في الفحشاء والمنكرات إلى حدّ الغلوّ في ذلك(1) .

____________________

(1) سيرة الأئمّة الاثني عشر: 2 / 41.

١٠٢

ولادة يزيد ونشأته وصفاته:

ولد يزيد سنة (25 أو 26 هـ )(1) وأمه ميسون بنت بجدل الكلبية، وقد ذكر المؤرّخون: أنّ ميسون بنت بجدل الكلبية أمكنت عبد أبيها من نفسها، فحملت بيزيد (لعنه الله) وإلى هذا أشار النسّابة الكلبي بقوله:

فإن يكن الزمان أتى علينا

بقتل الترك والموت الوحي

فقد قَتل الدعيُّ وعبدُ كلب

بأرض الطف أولادَ النبي

أراد بالدعيّ عبيد الله بن زياد لعنه الله... ومراده بعبد كلب يزيد بن معاوية، لأنّه من عبد بجدل الكلبي(2) .

وفيما يتّصل بصفاته الجسميّة فقد وصفه ابن كثير - في بدايته - بأنّه كان كثير اللحم عظيم الجسم وكثير الشعر مجدوراً(3) .

أمّا صفاته النفسية فقد ورث صفات الغدر والنفاق والطيش والاستهتار من سلفه، حتّى قال المؤرّخون: وكان يزيد قاسياً غدّاراً كأبيه، (إن كان من معاوية طبعاً) ولكنّه ليس داهيةً مثله، كانت تنقصه القدرة على تغليف تصرّفاته القاسية بستار من اللباقة الدبلوماسية الناعمة، وكانت طبيعته المنحلّة وخُلقه المنحطّ لا تتسرّب اليها شفقة ولا عدل. كان يقتل ويعذّب نشواناً للمتعة واللّذة التي يشعر بها، وهو ينظر إلى آلام الآخرين، وكان بؤرة لأبشع الرذائل، وها هم ندماؤه من الجنسين خير شاهد على ذلك، لقد كانوا من حثالة المجتمع(4) .

____________________

(1) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : 2 / 179.

(2) بحار الأنوار: 44 / 309.

(3) سيرة الأئمّة الاثني عشر: 2 / 42.

(4) حياة الإمام الحسين: 2 / 181 - 182.

١٠٣

وقد نشأ يزيد عند أخواله في البادية من بني كلاب الذين كانوا يعتنقون المسيحية قبل الإسلام، وكان مرسل العنان مع شبابهم الماجنين فتأثّر بسلوكهم إلى حد بعيد، فكان يشرب معهم الخمر ويلعب معهم بالكلاب.

ولع يزيد بالصيد:

ومن مظاهر صفات يزيد ولعه بالصيد، فكان يقضي أغلب أوقاته فيه، قال المؤرّخون: كان يزيد بن معاوية كلفاً بالصيد لاهياً به، وكان يُلبِسُ كلابَ الصيد الأساورَ من الذهب والجلال المنسوجة منه، ويهب لكلّ كلب عبداً يخدمه(1) .

شغفه بالقرود:

وكان يزيد - فيما أجمع عليه المؤرّخون - ولعاً بالقرود، وكان له قرد يجعله بين يديه ويكنّيه بأبي قيس، ويسقيه فضل كأسه، ويقول: هذا شيخ من بني اسرائيل أصابته خطيئة فمسخ، وكان يحمله على أتان وحشية ويرسله مع الخيل في حلبة السباق، فحمله يوماً فسبق الخيل فسرّ بذلك وجعل يقول:

تمسّك أبا قيس بفضل زمامها

فليس عليها إن سقطتَ ضمانُ

فقد سبقتَ خيل الجماعة كلّها

وخيل أمير المؤمنين أتانُ

وأرسله مرّةً في حلبة السباق فطرحته الريح فمات فحزن عليه حزناً شديداً، وأمر بتكفينه ودفنه كما أمر أهل الشام أن يعزّوه بمصابه الأليم، وأنشأ راثياً له:

كم من كرام وقوم ذوو محافظة

جاءوا لنا ليعزوا في أبي قيس

____________________

(1) راجع الفخري لابن الطقطقي: 45، وتاريخ اليعقوبي: 2/230، وتاريخ الطبري: 4/368، والبداية والنهاية: 8/236 - 239.

١٠٤

شيخ العشيرة أمضاها وأجملها

على الرؤوس وفي الأعناق والريس

لا يُبعد الله قبراً أنت ساكنه

فيه جمال وفيه لحية التيس(1)

وذاع بين الناس هيامه وشغفه بالقرود حتى لقّبوه بها، ويقول رجل من تنوخ هاجياً له:

يزيد صديق القرد ملّ جوارنا

فحنّ إلى أرض القرود يزيد

فتبّاً لمن أمسى علينا خليفة

صحابته الأدنون منه قرود(2)

إدمانه على الخمر:

والظاهرة البارزة من صفات يزيد إدمانه على الخمر حتى أسرف في ذلك إلى حد كبير، فلم يُرَ في وقت إلاّ وهو ثمل لا يعي من فرط السكر، ومن شعره في الخمر:

أقول لصحب ضمّت الخمر شملهم

وداعي صبابات الهوى يترنّم

خذوا بنصيب من نعيم ولذّة

فكلّ وإن طال المدى يتصرّم(3)

وينقل المؤرّخون عن عبد الله بن حنظلة الذي خرج على يزيد بعد أن اصطحب وفداً من أهل المدينة إلى الشام في أعقاب استشهاد الإمام الحسينعليه‌السلام وصفه ليزيد بقوله: والله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نُرمى بالحجارة من السماء، إنّه رجل ينكح الاُمهات والبنات والأخوات، ويشرب الخمر ويدع الصلاة، والله لو لم يكن معي أحد من الناس لأبليت لله بلاءً حسناً(4) .

____________________

(1) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : 2 / 182، نقلاً عن جواهر المطالب: 143.

(2) أنساب الأشراف: 2 / 2.

(3) حياة الإمام الحسين: 2 / 183، نقلاً عن تأريخ المظفري.

(4) تأريخ ابن عساكر: 7 / 372، وتأريخ الخلفاء للسيوطي: 81.

١٠٥

وقال أعضاء الوفد: قدمنا من عند رجل ليس له دين، يشرب الخمر ويعزف بالطنابير ويلعب بالكلاب(1) .

ونقل عن المنذر بن الزبير قوله في وصفه: والله إنّه ليشرب الخمر، والله إنّه ليسكر حتى يدع الصلاة(2) .

ووصفه أبو عمر بن حفص بقوله: والله رأيت يزيد بن معاوية يترك الصلاة مسكراً...(3)

ويتبدّى الكفر في وصفه للخمر في الأبيات الآتية:

شميسة كرم برجها قعردنِّها

ومشرقها الساقي ومغربها فمي

اذا اُنزلت من دنِّها في زجاجة

حكت نفراً بين الحطيم وزمزمِ

فإن حَرُمَتْ يوماً على دين أحمد

فخذها على دين المسيح ابن مريمِ(4)

وعنه قال المسعودي: وكان يزيد صاحب طرب وجوارح وكلاب وقرود وفهود ومنادمة على الشراب، وجلس ذات يوم على شرابه وعن يمينه ابن زياد وذلك بعد قتل الحسين، فأقبل على ساقيه فقال:

إسقني شربةً تُروّي مُشاشي

ثم مِلْ فاسقِ مثلها ابن زيادِ

صاحب السرّ والأمانة عندي

ولتسديد مغنمي وجهادي

ثم أمر المغنّين فغنّوا، وغلب على أصحاب يزيد وعمّاله ما كان يفعله من الفسوق، وفي أيامه ظهر الغناء بمكة والمدينة، واستعملت الملاهي وأظهر الناس شرب الشراب(5) .

____________________

(1) تأريخ ابن عساكر: 7 / 372، وتأريخ الخلفاء للسيوطي: 81.

(2) البداية والنهاية: 8 / 216، الكامل لابن الأثير: 4 / 45.

(3) المصدر السابق.

(4) تتمة المنتهى: 43.

(5) مروج الذهب: 2 / 94.

١٠٦

ويؤكّد في مكان آخر: وكان يسمّى يزيد السكران الخمّير(1) .

وكان ليزيد جماعة من الندماء الخليعين والماجنين يقضي معهم لياليه الحمراء بين الشراب والغناء (وفي طليعة ندمائه الأخطل الشاعر المسيحي الخليع، فكانا يشربان ويسمعان الغناء، وإذا أراد السفر صحبه معه، ولمّا هلك يزيد وآل أمر الخلافة إلى عبد الملك بن مروان قرّبه، فكان يدخل عليه بغير استئذان، وعليه جبّة خزّ، وفي عنقه سلسلة ذهب، والخمر يقطرمن لحيته)(2) .

إن مطالعة الحياة الماجنة ليزيد في حياة أبيه تكفي لفهم دليل امتناع عامة الصحابة والتابعين من الرضوخ لبيعة يزيد بالخلافة.

إنّ نوايا يزيد ونزعاته المنحرفة قد تجلّت بشكل واضح خلال فترة حكمه القصيرة، حتى أنّه لم يبال بإظهار ما كان يضمره من حقد للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وما كان ينطوي عليه من إلحاد برسالتهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد أن دنّس يديه بقتل سبط الرسول وريحانته أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام وهو متسلّط - بالقهر - على رقاب المسلمين باسم الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله .

إلحاد يزيد وحقده على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

لقد أترعت نفس يزيد بالحقد على الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله والبغض له، لأنّه وتره باُسرته يوم بدر، ولمّا أباد العترة الطاهرة جلس على أريكة الملك جذلان مسروراً، فقد استوفى ثأره من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وتمنّى حضور أشياخه ليروا كيف أخذ بثأرهم، وجعل يترنّم بأبيات عبد الله بن الزبعرى:

ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسلْ

____________________

(1) مروج الذهب: 2 / 94.

(2) الأغاني لأبي الفرج الإصفهاني: 7 / 170.

١٠٧

لأهلّوا واستهلّوا فرحاً

ثم قالوا يا يزيد لا تشلْ

قد قتلنا القرم من أشياخهم

وعدلناه ببدر فاعتدلْ

لعبت هاشم بالملك فلا

خبر جاء ولا وحي نزلْ

لست من خندف إن لم أنتقم

من بني أحمد ما كان فعلْ(1)

بل إنّ يزيداً جاهر بإلحاده وكفره عندما تحرّك عبد الله بن الزبير ضدّه في مكة، فقد وجّه جيشاً لإجهاض تحرّك ابن الزبير وزوّده برسالة إليه، ورد فيها البيت الآتي:

ادع إلهك في السماء فإنّني

أدعو عليك رجال عك وأشعرا(2)

جرائم حكم يزيد:

ذكر المؤرّخون أنّ يزيد ارتكب خلال فترة حكمه القصيرة التي لم تتجاوز ثلاث سنين ونصف، ثلاث جرائم مروّعة لم يشهد لها التأريخ نظيراً، بحيث لم تسوّد تأريخ الأمويين إلى الأبد فحسب; وإنّما شوّهت تأريخ العالم الإسلامي كذلك، ومن هذه الجرائم:

1 - انتهاك حرمة أهل بيت الوحي بقتل الإمام الحسين السبطعليه‌السلام ومن معه من أسرته وأصحابه وسبي نسائه وأطفاله وعرضهم على الجماهير من بلد إلى بلد سنة (61 هـ ) وهم ذرية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وملايين المسلمين تقدّسهم وتذكر فيهم الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وكلّ ما في الإسلام من حقّ وخير.

2 - إقدامه بعد ملحمة عاشوراء على انتهاك حرمة مدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وقتل أهلها وإباحة أعراضهم لجيش الشام، لأنّهم استعظموا قتل الإمام

____________________

(1) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : 2 / 187، نقلاً عن البداية والنهاية: 8 / 192.

(2) مروج الذهب: 2 / 95.

١٠٨

الحسينعليه‌السلام وأنكروه عليه.

3 - إقدامه على حصار مكّة وتدمير الكعبة وقتل آلاف الأبرياء في الحرم الذي جعله الله حراماً وآمناً.

السرّ الكامن وراء نزعات يزيد الشرّيرة:

رجّح بعض المؤرّخين أنّ بعض نساطرة النصارى تولّى تربية يزيد وتعليمه، فنشأ نشأةً سيّئة ممزوجةً بخشونة البادية وجفاء الطبع، وقالوا: إنّه كان من آثار تربيته المسيحية أنّه كان يقرّب المسيحيين ويكثر منهم في بطانته الخاصة، وبلغ من اطمئنانه إليهم أن عهد بتربية ولده إلى مسيحي، كما اتّفق على ذلك المؤرّخون(1) .

ولا يمكن أن تعلّل هذه الصلة الوثيقة وتعلّقه الشديد بالأخطل وغيره إلاّ بتربيته ذات الصبغة المسيحية. هكذا حاول بعض المؤرّخين والكتّاب أن يعلّل استهتار يزيد بالإسلام ومقدّساته وحرماته.

وهذا التعليل يمكن أن يكون له ما يسوّغه لو كانت لحياة البادية وللتربية المسيحية تلك الصبغة الشاذّة التي برزت في سلوك يزيد من مطلع شبابه إلى أن أصبح وليّاً لعهد أبيه وحاكماً من بعده.

في حين أن العرب في حاضرتهم وباديتهم كانت لهم عادات وأعراف كريمة قد أقرّها الإسلام كالوفاء وحسن الجوار والكرم والنجدة وصون الأعراض وغير ذلك ممّا تحدّث به التأريخ عنهم، ولم يعرف عن يزيد شيء من ذلك، كما وأنّ التأريخ لم يحدّث عنهم بأنّهم استحلّوا نكاح الأخوات والعمّات كما حدّث التأريخ عنه. والذين ولدوا في البادية على النصرانية طيلة

____________________

(1) سيرة الأئمّة الاثني عشر: 2 / 42 وراجع أيضاً: حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : 2 / 180. عن المناقب: 71 للقاضي نعمان المصري، وسمو المعنى في سموّ الذات: 59 العلائلي.

١٠٩

حياتهم قبل الفتح الإسلامي وعاشوا في ظلّ أعرافها وعاداتها حينما دخلوا في الإسلام تغلّبوا على كلّ ما اعتادوه وألفوه عن الآباء والأجداد.

فلابدّ إذن من القول بأنّ لذلك الانحراف الشديد والوبيء في شخصية يزيد وسلوكه سبباً وراء التربية والحضانة المسيحية.

إلى هنا نكون قد وقفنا على صورة واضحة عن واقع شخصية يزيد المنحرفة عن خطّ الإسلام انحرافاً لا يسوغ لأيّ مسلم الانقياد لها والسكوت عليها ما دام الإسلام يمنع الإباحية والفسق ويدعو إلى العدل والتقوى، ويحاول تحقيق مجتمع عامر بالتقوى، ويريد للمسلمين قيادة تحرص على تحقيق أهداف الإسلام المُثلى.

ومن هنا كان علينا أن نطالع بدقّة كل مواقف الإمام الحسينعليه‌السلام باعتباره القائد الرسالي الحريص على مصالح الرسالة والأمة الإسلامية وندرس تخطيطه الرسالي للوقوف أمام الانحراف الهائل الذي كان يمتدّ بسرعة في أعماق المجتمع الإسلامي آنذاك.

١١٠

الفصل الثاني:

مواقف الإمام الحسينعليه‌السلام وإنجازاته

البحث الأوّل: موقفهعليه‌السلام من البيعة ليزيد

1 - دعوة انتهازية وخطّة شيطانية:

عندما ارتفعت راية الحقّ مرفرفةً فوق ربوع مكّة ومعلنةً عن انتصارها; دخل أبو سفيان ومعاوية في الإسلام ونار الحقد تستعر في قلبيهما ونزعة الثأر من الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيتهعليهم‌السلام تكمن في صدريهما، فتحوّلا من كونهما كافرين إلى كونهما مستسلِمَين طليقين من طلقاء الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله . ولم يطل العهد حتى حكم عثمان بن عفان فتسرّب ما كان مختبئاً في القلب وظهر على لسان أبي سفيان وهو يخاطب عثمان بقوله: صارت إليك بعد تيم وعديّ فأدرها كالكرة فإنّما هو الملك ولا أدري ما جنّة ولا نار(1) .

وخاطب أبو سفيان بني أمية ثانيةً: يا بني أمية! تلقّفوها تلقّف الكرة، فو الذي يحلف به أبو سفيان مازلت أرجوها لكم، ولتصيرنّ إلى صبيانكم ورثة(2) .

وحين أطلّ معاوية من نافذة السقيفة على كرسيّ الحكم بانت نتائج

____________________

(1) الاستيعاب: 2 / 690.

(2) مروج الذهب: 1 / 440، تأريخ ابن عساكر: 6 / 407.

١١١

الانحراف واتّضحت خطورته; فإنّه قد لاحظ، أنّ أبا بكر وعمر وعثمان قد ملكوا قبله ولم تسمح لهم الظروف بإعادة صرح الجاهلية من جديد، ولا زال صوت الحقّ هادراً كلّ يوم بالتوحيد وبالرسالة لمحمّد بن عبد اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (1) .

كما أنّ الانحراف السياسي الذي ولّدته السقيفة وتربّت عليه فئات من الأمة استثمره معاوية أيّما استثمار، فقد احتجّ على الناس بأنّ أبا بكر بويع بدون نصّ سماويّ أو أمر من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنّه خالف سيرة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ جعل عمر خليفةً من بعده، وصنع عمر ما لم يصنعه قبله وخالف بذلك الله ورسوله وأبا بكر. ووفق هذا المنطق فإنّ الأمة ومصير الرسالة الإسلامية تكون ألعوبة بيد معاوية يسوسها كيف يشاء. من هنا قرّر أن يبايع بالخلافة ليزيد(2) من بعده.

وقد خلت الساحة السياسية للزمرة الأُموية بعد فتن ومصاعب أشعلها معاوية مستغلاًّ جهالة طبقات من الأمة، وموظّفاً كلّ الطاقات التي وقفت ضدّ الإمام عليعليه‌السلام لصالحه في مواجهة تيار الحقّ بقيادة الإمام الحسنعليه‌السلام . واستأثر بالحكم بعد قتله للإمام الحسنعليه‌السلام واستهتاره بقيم الإسلام وتعاليمه. وكان حاذقاً في إحكام سيطرته وملكه، ولكنّه لم يجرؤ لإعلان خطّته تثبيتاً لملك بني أُمية باستخلاف يزيد من بعده وفي الأمة من هو صاحب الخلافة الشرعية وهو الإمام الحسنعليه‌السلام ومن بعده أخوه الإمام الحسينعليه‌السلام الذي كان على الأمة أن تعود لقيادته بعد افتقادها للحسنعليه‌السلام .

يضاف إلى ذلك أنّ أحداً من الخلفاء الثلاثة لم يوصِ بالخلافة لولده من بعده. ونظراً لما كان ينطوي عليه يزيد من ضعف واستهتار ومجون

____________________

(1) مروج الذهب: 2 / 343، وشرح النهج: 2 / 357.

(2) الإمامة والسياسة: 1 / 189.

١١٢

فقد مضى معاوية بكلّ جدٍّ ليحبك الأمر ويدبّره بطريقة يخدع بها الأمة، بل يقهرها على قبول البيعة ليزيد. من هنا بادر إلى قتل الإمام الحسن السبطعليه‌السلام وخيار المؤمنين في خطوة أُولى ليرفع بذلك أهمّ الموانع التي كانت تحول بينه وبين تنفيذ خطّته.

على أنّ أصحاب النفوس الرذيلة والمطامع الدنيوية على استعداد تام لبلوغ أتفه المطامع من أيّ طريق كان. فقد روي أنّ المغيرة بن شعبة - الذي كان والياً من قبل معاوية على الكوفة - علم بأنّ معاوية ينوي عزله فأسرع إلى نسج خيوط مؤامرة جلبت الويلات على الأمة الإسلامية وليكون بذلك سمساراً يصافق على ما لا يملك; إذ همس في أذن يزيد يمنّيه بخلافة أبيه ويزيّن له الأمر ويسهّله. ووجد معاوية أنّ خطّة شيطانية يمكن أن يكون المغيرة عاملاً لتنفيذها(1) ، فسأله مخادعاً: ومن لي بهذا؟ فردّ عليه المغيرة: أكفيك أهل الكوفة ويكفيك زياد أهل البصرة، وليس بعد هذين المصرين أحد يخالفك. وهكذا قبض المغيرة على ربح عاجل لصفقة مؤجّلة، ورجع إلى الكوفة بكلّ قوّة لينفّذ الخطّة وهو يقول: لقد وضعت رِجل معاوية في غرز بعيد الغاية على أمة محمّد(2) .

ورفض زياد بن أبيه هذه الخطّة الخبيثة; ولعلّه لما كان يلمسه من رذائل في شخصية يزيد بحيث تجعله غير صالح لزعامة الأمة. وقد أثارت هذه الخطّة مطامع أطراف أخرى من بني أُمية، فمدّ كل من مروان بن الحكم وسعيد بن عثمان بن عفان عنقه لذلك(3) .

____________________

(1) الكامل في التأريخ: 3 / 249، وتأريخ اليعقوبي: 2 / 195، والإمامة والسياسة: 2 / 262.

(2) الكامل في التأريخ: 3 / 249.

(3) وفيات الأعيان: 5 / 389، والإمامة والسياسة: 1 / 182، وتأريخ اليعقوبي: 2 / 196.

١١٣

وجمّد معاوية رسمياً وبشكل مؤقّت خطّته لأخذ البيعة ليزيد؛ وذلك ليتّخذ إجراءات أخرى تمهّد للإعلان الرسمي وفي الفرصة المناسبة لذلك.

2 - أساليب معاوية لإعلان بيعة يزيد:

لمس معاوية رفض العائلة الأُموية المنحرفة لحكم يزيد من بعده، فكيف بصاحب الحقّ الشرعي - الإمام الحسنعليه‌السلام ومن بعده الإمام الحسينعليه‌السلام - وعدد من أبناء الصحابة؟!

من هنا مضى جادّاً باتّخاذ سبل أخرى تتراوح بين مخادعة الأمة وبين قهرها بالقوّة على بيعة الخليع يزيد، ومن تلك السبل:

أ - استخدام الشعراء لإسباغ فضائل على يزيد ولبيان مقدرته وإشاعة أمره، لكي تخضع الأمة لولايته(1) ، وأوعز إلى ولاته والخطباء في الأمصار لنشر تلك الفضائل المفتعلة.

ب - بذل الأموال الطائلة وشراء ذمم المعارضين ممّن كان يقف ضدّ يزيد لا بدافع العقيدة والحرص على الإسلام وإنّما بدوافع شخصية وذاتية(2) .

ج - استقدام وفود من وجهاء الأنصار(3) ومناقشة قضية يزيد معهم لمعرفة الرافض والمؤيّد منهم، ومعرفة نقاط الضعف لكي ينفذ منها إليهم.

د - إيقاع الخلاف بين عناصر بني أُمية الطامعين في الحكم كي يضعف منافستهم ليزيد، فقد عزل عامله على يثرب سعيد بن العاص واستعمل مروان ابن الحكم مكانه، ثم عزل مروان واستعمل سعيداً(4) .

هـ - اغتيال الشخصيات الإسلامية البارزة والتي كانت تحظى باحترام

____________________

(1) الأغاني: 8 / 71، وشعراء النصرانية بعد الإسلام: 234: للويس شيخو اليسوعي.

(2) الكامل في التأريخ: 3 / 250.

(3) الكامل في التأريخ: 3 / 250.

(4) تأريخ الطبري: 4 / 18.

١١٤

كبير في نفوس الجماهير، فاغتال الإمام الحسنعليه‌السلام وسعد بن أبي وقّاص وعبد الرحمن بن خالد وعبد الرحمن بن أبي بكر(1) .

و - استخدام سلاح الحرمان الاقتصادي ضدّ بني هاشم للضغط عليهم وإضعاف دورهم، فقد حبس عنهم العطاء سنة كاملة(2) ; إذ وقفوا مع الإمام الحسينعليه‌السلام يرفضون البيعة ليزيد.

3 - محاولات الإمام الحسينعليه‌السلام لإيقاظ الأمة:

لم يخلد الإمام الحسينعليه‌السلام إلى السكون والخمول حتى عند إقراره الصلح مع معاوية، فقد تحرّك انطلاقاً من مسؤوليّته تجاه الشريعة والأمة الإسلامية وبصفته وريث النبوّة - بعد أخيه الإمام الحسنعليه‌السلام - مراعياً ظروف الأمة وساعياً إلى المحافظة عليها. وقد عمل الإمامعليه‌السلام في فترة حكم معاوية على تحصين الأمة ضدّ الانهيار التام فأعطاها من المقوّمات المعنوية القدرَ الكافي، كي تتمكّن من البقاء صامدةً في مواجهة المحن. وإليك جملة من هذه المواقف:

1 - مواجهةُ معاوية وبيعةِ يزيد.

2 - محاولة جمع كلمة الأمة.

3 - فضح جرائم معاوية.

4 - استعادة حقّ مضيّع.

5 - تذكير الأمة بمسؤوليّاتها.

____________________

(1) مقاتل الطالبيّين: 29، وتأريخ الطبري: 5 / 253، والكامل في التأريخ: 3 / 352.

(2) الكامل في التأريخ: 3 / 252، والإمامة والسياسة: 1 / 200.

١١٥

مواجهةُ معاوية وبيعة يزيد:

أعلن الإمام الحسينعليه‌السلام رفضه القاطع لبيعة يزيد وكذا زعماء يثرب، فقرّر معاوية أن يسافر إلى يثرب ليتولّى بنفسه إقناع المعارضين، فاجتمع بالإمام وعبد الله بن عباس، فأشاد بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وأثنى عليه، وعرض بيعة ابنه ومنحه الألقاب الفخمة ودعاهما إلى بيعته، فانبرى الإمامعليه‌السلام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:

(أمّا بعد يا معاوية فلن يؤدّي المادح وإن أطنب في صفة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد فهمتُ ما لبست به الخلف بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من إيجاز الصفة، والتنكّب عن استبلاغ النعت، وهيهات هيهات يا معاوية!! فضح الصبحُ فحمةَ الدجى، وبهرت الشمسُ أنوار السرج، ولقد فضّلت حتى أفرطت، واستأثرت حتى أجحفت، ومنعت حتى بخلت، وجُرت حتى تجاوزت، ما بذلت لذي حقّ من اسم حقّه من نصيب، حتى أخذ الشيطان حظّه الأوفر ونصيبه الأكمل.

وفهمتُ ما ذكرته عن يزيد من اكتماله، وسياسته لأمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، تريد أن توهم الناس في يزيد كأنّك تصفُ محجوباً أو تنعت غائباً، أو تخبر عمّا كان ممّا احتويته بعلم خاص، وقد دلّ يزيد من نفسه على موقع رأيه، فخذ ليزيد فيما أخذ به من استقرائه الكلاب المهارشة عند التحارش، والحمام السبق لأترابهنّ، والقيان ذوات المعازف، وضروب الملاهي، تجده ناصراً.

ودع عنك ما تحاول، فما أغناك أن تلقى الله بوزر هذا الخلق بأكثر ممّا أنت لاقيه! فوالله ما برحتَ تقدح باطلاً في جور وحنقاً في ظلم حتى ملأتَ الأسقية، وما بينك وبين الموت إلاّ غمضة، فتقدم على عمل محفوظ في يوم مشهود، ولات حين مناص، ورأيتك

١١٦

عرّضت بنا بعد هذا الأمر، ومنعتنا عن آبائنا تراثاً ولعمر الله لقد أورثنا الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ولادة، وجئت لنا بما حججتم به القائم عند موت الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله فأذْعنَ للحجّة بذلك وردّه الإيمان إلى النصف.

فركبتم الأعاليل وفعلتم الأفاعيل، وقلتم كان ويكون حتى أتاك الأمر يا معاوية من طريق كان قصدها لغيرك، فهناك فاعتبروا يا أولي الأبصار.

وذكرتَ قيادةَ الرجلِ القومَ بعهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وتأميرَه له، وقد كان ذلك لعمرو ابن العاص يومئذ فضيلة بصحبة الرسول وببعثه له وما صار لعمرو يومئذ حتى أنف القوم إمرته وكرهوا تقديمه وعدّوا عليه أفعاله، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله لا جَرَمَ يا معشرَ المهاجرين لا يعمل عليكم بعد اليوم غيري، فكيف تحتجُّ بالمنسوخ من فعل الرسول في أوكد الأحكام وأولاها بالمجتمع عليه من الصواب؟ أم كيف ضاهيتَ بصاحب تابعاً وحولك من يُؤمن في صحبته، ويُعتمد في دينه وقرابته، وتتخطّاهم إلى مسرف مفتون؟ تريد أن تُلبس الناس شبهةً يسعد بها الباقي في دنياه وتشقى بها في آخرتك، إنّ هذا لهو الخسران المبين، وأستغفر الله لي ولكم.

وذهل معاوية من خطاب الإمامعليه‌السلام ، وضاقت عليه جميع السبل

فقال لابن عباس: ما هذا يا ابن عباس؟ فقال ابن عباس: لعمر الله إنّها لذرّية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأحد أصحاب الكساء ومن البيت المطهّر، فاسأله عمّا تريد فإنّ لك في الناس مقنعاً حتى يحكم الله بأمره وهو خير الحاكمين(1) .

وقد اتّسم موقف الإمام الحسينعليه‌السلام مع معاوية بالشدّة والصرامة، وأخذ يدعو المسلمين علناً إلى مقاومة معاوية، ويحذّرهم من سياسته الهدّامة التي تحمل الدمار إلى الإسلام.

____________________

(1) حياة الإمام الحسين: 2 / 219 - 220.

١١٧

محاولة جمع كلمة الأمة والاستجابة لحركة الجماهير:

وأخذت الوفود تترى على الإمام من جميع الأقطار الإسلامية وهي تعجّ بالشكوى وتستغيث به نتيجة الظلم والجور الذي حلّ بها، وتطلب منه القيام بإنقاذها من الاضطهاد، ونقلت العيون في يثرب إلى السلطة المحلّية أنباء تجمّع الناس واختلافهم إلى الإمامعليه‌السلام وكان الوالي مروان بن الحكم، ففزع من ذلك وخاف من عواقبه جداً، فرفع مذكّرة إلى معاوية جاء فيها: أمّا بعد فقد كثر اختلاف الناس إلى الحسين، والله إنّي لأرى لكم منه يوماً عصيباً(1) .

واضطرب معاوية من تحرّك الإمام الحسينعليه‌السلام فكتب إليه رسالةً جاء فيها: أمّا بعد، فقد أنهيت إليّ عنك أمور، إن كانت حقّاً فإنّي لم أظنّها بك رغبة عنها، وإن كانت باطلة فأنت أسعد الناس بمجانبتها، وبحظ نفسك تبدأ، وبعهد الله توفي فلا تحملني على قطيعتك والإساءة إليك، فإنّك متى تنكرني أنكرك، ومتى تكدني أكدك، فاتّق الله يا حسين في شقّ عصا الأمة، وأن تردّهم في فتنة(2) .

فضح جرائم معاوية:

كتب الإمامعليه‌السلام إلى معاوية مذكّرةً خطيرةً كانت ردّاً على رسالته يحمّله فيها مسؤوليّات جميع ما وقع في البلاد من سفك الدماء وفقدان الأمن وتعريض الأمة للأزمات. وتعدّ من أروع الوثائق الرسمية التي حفلت بذكر الأحداث التي صدرت من معاوية، وهذا نصّها: (أمّا بعد، بلغني كتابك تذكر فيه أ نّه انتهت اليك عنّي اُمور أنت عنها راغب وأنا بغيرها عندك جدير، وأنّ الحسنات لا يهدي لها

____________________

(1) حياة الإمام الحسين: 2/223.

(2) المصدر السابق: 2 / 224.

١١٨

ولا يسدّد إليها إلاّ الله تعالى. أمّا ما ذكرت أ نّه رقى إليك عنّي فإنّه إنّما رقاه إليك الملاّقون المشاءون بالنميمة، المفرّقون بين الجمع، وكذب الغاوون، ما أردت لك حرباً ولا عليك خلافاً، و إنّي لأخشى الله في ترك ذلك منك، ومن الإعذار فيه إليك وإلى أوليائك القاسطين حزب الظلمة.

ألستَ القاتل حجر بن عدي أخا كندة وأصحابه المصلّين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم، ويستعظمون البدع، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ولا يخافون في الله لومة لائم؟ قتلتهم ظلماً وعدواناً من بعد ما أعطيتهم الأيْمان المغلّظة والمواثيق المؤكّدة، جرأةً على الله واستخفافاً بعهده.

أوَلستَ قاتل عمرو بن الحمق الخزاعي صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله العبد الصالح الذي أبلتْه العبادة فنحل جسمُه واصفرّ لونُه؟ فقتلته بعد ما أمّنته وأعطيته ما لو فهمته العصم لنزلت من رؤوس الجبال.

أوَلستَ بمدّعي زياد بن سمية المولود على فراش عبيد ثقيف، فزعمَت أ نّه ابن أبيك؟ وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (الولدُ للفراش وللعاهر الحجر) فتركت سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تعمّداً، وتبعت هواك بغير هدىً من الله، ثم سلّطته على أهل الإسلام يقتلهم ويقطع أيديهم وأرجلهم ويسملُ أعينهم ويصلبهم على جذوع النخل، كأنّك لست من هذه الأمة وليسوا منك.

أوَلستَ قاتل الحضرمي الذي كتب فيه اليك زياد أ نّه على دين عليّكرم الله وجهه، فكتبتَ إليه أن اقتل كلّ من كان على دين عليّ؟ فقتلهم ومثّل بهم بأمرك، ودين عليّ هو دين ابن عمّهصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي أجلسك مجلسك الذي أنت فيه، ولولا ذلك لكان شرفك وشرف آبائك تجشّم الرحلتين رحلة الشتاء ورحلة الصيف.

وقلت فيما قلت: اُنظر لنفسك ودينك ولأمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله واتّق شقّ عصا هذه الأمة

١١٩

وأن تردّهم إلى فتنة، وإنّي لا أعلم فتنةً أعظم على هذه الأمة من ولايتك عليها، ولا أعظم لنفسي ولديني ولأمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله أفضل من أن اُجاهرك، فإنْ فعلتُ فإنه قربة إلى الله، وإن تركتُه فإنّي استغفر الله لديني واسأله توفيقه لإرشاد أمري.

وقلت فيما قلت: إنّي إن أنكرتك تنكرني، وإن أكدك تكدني، فكدني ما بدا لك، فإنّي أرجو أن لا يضرّني كيدك، وأن لا يكون على أحد أضرّ منه على نفسك، لأنّك قد ركبت جهلك وتحرّصت على نقض عهدك، ولعمري ما وفيتَ بشرط، ولقد نقضتَ عهدك بقتل هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصلح والأيمان والعهود والمواثيق، فقتلتهم من غير أن يكونوا قاتلوا أو قُتلوا، ولم تفعل ذلك بهم إلاّ لذكرهم فضلَنا وتعظيمهم حقَّنا، مخافة أمر لعلّك إن لم تقتلهم مُتّ قبل أن يفعلوا، أو ماتوا قبل أن يدركوا.

فأبشر يا معاوية بالقصاص، واستيقن بالحساب، واعلم أنّ لله تعالى كتاباً لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلاّ أحصاها، وليس الله بناس لأخذك بالظنّة، وقتلك أولياءه على التُّهم، ونفيك إيّاهم من دورهم إلى دار الغربة، وأخذك الناس ببيعة ابنك الغلام الحدث، يشرب الشراب، ويلعب بالكلاب، ما أراك إلاّ قد خسرت نفسك، وبترت دينك، وغَشَشْتَ رعيّتك، وسمعت مقالة السفيه الجاهل، وأخفت الورع التقيّ)(1) .

ولا توجد وثيقة سياسية في ذلك العهد عرضت لعبث السلطة وسجّلت الجرائم التي ارتكبها معاوية غير هذه الوثيقة، وهي صرخة في وجه الظلم والاستبداد.

استعادة حقّ مضيّع:

وكان معاوية ينفق أكثر أموال الدولة لتدعيم ملكه، كما كان يهب

____________________

(1) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : 2/235 عن الإمامة والسياسة: 1 / 284، والدرجات الرفيعة: 334، وراجع الغدير: 10 / 161.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

الهندية ، وعبرت الى الجانب الغربي منه ، وجدت الزوار الذاهبين من الحلة وأطرافها ، والواردين من النجف ونواحيه ، جميعاً محاصرين في بيوت عشيرة بني طرف من عشائر الهندية ، ولا طريق لهم الى كربلاء لأن عشيرة عنزة قد نزلوا على ، الطريق وقطعوه عن المارة ، ولا يدعون أحداً يخرج من كربلاء ولا أحد يلج الاّ انتهبوه.

قال : فنزلت على رجل من العرب وصليت صلاة الظهر والعصر ، وجلست أنتظر ما يكون من أمر الزوار ، وقد تغيمت السماء ومطرت مطراً يسيراً ، فبينما نحن جلوس إذ خرجت الزوار بأسرها من البيوت متوجهين نحو طريق كربلاء ، فقلت لبعض من معي : اخرج واسأل ما الخبر؟

فخرج ورجع إلي وقال لي : إن عشيرة بني طرف قد خرجوا بالاسلحة النارية ، وتجمعوا لا يصال الزوار الى كربلاء ولو آل الامر الى المحاربة مع عنزة فلما سمعت قلت لمن معي :

هذا الكلام لا أصل له ، لأن بني طرف لا قابلية لهم على مقابلة عنزة في البر ، وأظن هذه مكيدة منه لاخراج الزوار عن بيوتهم لانهم استثقلوا بقائهم عندهم ، وفي ضيافتهم.

فبينما نحن كذلك إذ رجعت الزوار الى البيوت ، فتبين الحال كما قلت فلم تدخل الزوار الى البيوت وجلسوا في ضلالها والسماء متغيمة ، فأخذتني لهم رقة شديدة ، وأصابني انكسار عظيم ، وتوجهت الى الله بالدعاء والتوسل بالنبي وآله ، وطلبت إغاثة الزوار مما هم فيه.

فبينما أنا على هذا الحال إذ أقبل فارس على فرس رابع(١) كريم

____________

١ ـ لعله رائع وكان القدماء يحففّون الهمزة فيكتبونه رايع.

١٦١

لم أر مثله وبيده رمح طويل وهو مشمر عن ذراعيه ، فأقبل يخب به جواده حتى وقف على البيت الذي أنا فيه ، وكان بيتاً من شعر ، مرفوع الجوانب ، فسلم فرددناعليه‌السلام ثم قال : يا مولانا ـ يسميني بأسمي ـ بعثني من يسلم عليك ، وهم كنج محمد آغا وصفر آغا ، وكانا من قوات العساكر العثمانية يقولان فليأت بالزوار فانا قد طردنا عنزة عن الطريق ونحن ننتظره مع عسكرنا في عرقوب السليمانية على الجادة.

فقلت له : وأنت معنا الى عرقوب السليمانية؟ قال : نعم ، فأخرجت الساعة وأذا قد بقي من النهار ساعتان ونصف تقريبا ، فقلت : بخيلنا ، فقدمت الينا فتعلق بي ذلك البدوي الذي نحن عنده وقال :

يا مولاي لا تخاطر بنفسك وبالزوار وأقم الليلة حتى يتضح الامر ، فقلت له : لابد من الركوب لا دراك الزيارة المخصوصة ، فلما رأتنا الزوار قد ركبنا ، تبعوا أثرنا بين حاشر وراكب فسرنا والفارس المذكور بين أيدينا كأنه الاسد الخادر ونحن خلفه ، حتى وصلنا الى عرقوب السليمانية فصعد عليه وتبعناه في الصعود ، ثم نزل وارتقينا على أعلى العرقوب فنظرنا ولم نر له عينا ولا أثرا ، فكأنما صعد في السماء أو نزل في الارض ولم نر قائداً ولا عسكراً.

فقلت لمن معي : ابقي شك في أنه صاحب الامر؟ فقالوا : لا والله ، وكنتـ وهو بين أيدينا ـ أطيل النظر اليه كأني رأيته قبل ذلك ، لكنني لا أذكر أين رأيته فلما فارقنا تذكرت أنه هو الشخص الذي زارني بالحلة وأخبرني بواقعة السليمانية ، وأما عشيرة عنزة ، فلم نر لهم أثراً في منازلهم ولم نر أحدا نسأله عنهم سوى انا رأينا غبرة شديدة مرتفعة في كبد البر ، فوردنا كربلاء تخب بنا

١٦٢

خيولنا فوصلنا الى باب البلاد وإذا بعسكر على سور البلد فنادوا من أين جئتم؟ وكيف وصلتم؟ ثم نظروا الى سواد الزوار ثم قالوا : سبحان الله هذه البرية قد امتلأت من الزوار ، أجل أين صارت عنزة؟ فقلت لهم : اجلسوا في البلد وخذوا أرزاقكم ولمكة رب يرعاها ، ثم دخلنا البلد فاذا انا بكنج محمد آغا على تخت قريب من الباب ، فسلمت عليه فقام في وجهي ، فقلت له : يكفيك فخرا أنك ذكرت باللسان ، فقال : ما الخبر؟ فأخبرته بالقصة.

فقال لي : لا مولاي من أين لي علم بأنك زائر حتى أرسل لك رسولا ، وان عسكري منذ خمسة عشر يوما محاصرون في البلد لا نستطيع أن نخرج خوفا من عنـزة ، ثم قال : فأين صارت عنزة؟

فقلت : لا علم لي سوى اني رأيت غبرة شديدة في كبد البر كأنها غبرة الظعائن ثم أخرجت الساعة وإذا قد بقي من النهار ساعة ونصف ، فكان مسيرنا كله في ساعة وبين منازل بني طرف وكربلاء ثلاث ساعات ثم بتنا تلك الليلة في كربلاء ، فلما أصبحنا سألنا عن خبر عنزة ، فأخبر بعض الفلاحين الذين في بساتين كربلاء قال : بينما عنزة جلوس في أنديتهم وبيوتهم إذا بفارس قد طلع عليهم على فرس مطهم ، وبيده رمح طويل ، فصرخ فيهم بأعلى صوته ، يا معاشر عنزة قد جاء الموت الزؤام عساكر الدولة العثمانية تجبهت عليكم بخيلها ورجلها ، وها هم على أثري مقبلون فارحلوا وما أظنكم تنجون منهم.

فألقى الله عليهم الخوف والذل حتى أن الرجل يترك بعض متاع بيته استعجالا بالرحيل ، فلم تمض ساعة حتى ارتحلوا بأجمعهم وتوجهوا نحو البر ، فقلت له : صف لي الفارس؟ فوصف لي وإذا هو

١٦٣

صاحبنا بعينه ، وهو الفارس الذي جاءنا والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.(١)

٧ ـ حكاية اللقاء الثالث للسيد القزوينيرحمه‌الله وتشرف معه رحمه‌الله رجل اسمه علي وجماعة من أهل الحلة ، والحكاية على ما نقلها العلامة النوري رحمه‌الله عن السيد محمد ابن السيد مهدي القزويني رحمه‌الله قال : بسم الله الرحمن الرحيم حدثني بعض الصلحاء الابرار من أهل الحلة قال : خرجت غدوة من داري قاصداً داركم لأجل زيارة السيد أعلى الله مقامه فصار ممري في الطريق على المقام المعروف بقبر السيد محمد ذي الدمعة فرأيت على شباكه الخارج الى الطريق شخصاً بهي المنظر يقرأفاتحة الكتاب ، فتأملته فاذا هو غريب الشكل ، وليس من أهل الحلة.

فقلت في نفسي : هذا رجل غريب قد اعتنى بصاحب هذا المرقد ، ووقف وقرأ له فاتحة الكتاب ، ونحن أهل البلد نمر ولا نفعل ذلك ، فوقفت وقرأت الفاتحة والتوحيد ، فلما فرغت سلمت عليه ، فرد السلام ، وقال لي :يا علي أنت ذاهب لزيارة السيد مهدي؟ قلت : نعم ، قال :اني معك.

فلما صرنا ببعض الطريق قال لي :يا علي لا تحزن على ما أصابك من الخسران وذهاب المال في هذه السنة ، فانك رجل امتحنك الله بالمال فوجدك مؤدياً للحق وقد قضيت ما فرض الله عليك ، وأما المال فانه عرض زائل يجئ ويذهب ، وكان قد أصابني خسران في تلك السنة لم يطلع عليه أحد مخافة الكسر ، فاغتممت في نفسي وقلت : سبحان الله كسري قد شاع وبلغ حتى الى الإجانب ، الا اني قلت له في

__________________

١ ـ انظر : جنة المأوى /رحمه‌الله ، ص ٢٨٨.

١٦٤

الجواب : الحمد لله على كل حال فقال :إن ما ذهب من مالك سيعود اليك بعد مدة ، وترجع كحالك الاول ، وتقضي ما عليك من الديون.

قال : فسكتُّ وأنا مفكر في كلامه حتى انتهينا الى باب داركم ، فوقفت ووقف ، فقلت : ادخل يا مولاي فانا من أهل الدار فقال لي :ادخل أنت أنا صاحب الدار ، فامتنعت فأخذ بيدي وأدخلني أمامه فلما صرنا الى المسجد وجدنا جماعة من الطلبة جلوساً ينتظرون خروج السيدقدس‌سره من داخل الدار لأجل البحث ، ومكانه من المجلس خال لم يجلس فيه أحد احتراماً له ، وفيه كتاب مطروح.

فذهب الرجل ، وجلس في الموضع الذي كان السيدقدس‌سره يعتاد الجلوس فيه ثم أخذ الكتاب وفتحه ، وكان الكتاب شرائع المحقققدس‌سره ثم استخرج من الكتاب كراريس مسودة بخط السيدقدس‌سره ، وكان خطه في غاية الضعف لا يقدر كل أحد على قراءته ، فأخذ يقرأ في تلك الكراريس ويقول للطلبة :ألا تعجبون من هذه الفروع وهذه الكراريس؟ هي بعض من جملة كتاب مواهب الافهام في شرح شرائع الاسلام وهو كتاب عجيب في فنه لم يبرز منه الا ست مجلدات من أول الطهارة الى أحكام الاموات.

قال الوالد أعلى الله درجته : لما خرجت من داخل الدار رأيت الرجل جالساً في موضعي فلما رآني قام وتنحى عن الموضع فألزمته بالجلوس فيه ، ورأيته رجلاً بهي المنظر ، وسيم الشكل في زي غريب ، فلما جلسنا أقبلت عليه بطلاقة وجه وبشاشة ، ومؤال عن حاله واستحييت أن اسأله من هو وأين وطنه؟ ثم شرعت في البحث فجعل الرجل يتكلم في المسألة التي نبحث عنها بكلام

١٦٥

كأنه اللؤلؤ المتساقط فبهرني كلامه فقال له بعض الطلبة : اسكت ما أنت وهذا ، فتبسم وسكت.

قالرحمه‌الله : فلما انقضى البحث قلت له : من أين كان مجيئك الى الحلة؟ فقال :من بلد السليمانية ، فقلت : متى خرجت؟ فقال :بالامس خرجت منها ، وما خرجت منها حتى دخلها نجيب باشا فاتحاً لها عنوة بالسيف وقد قبض على أحمد باشا الباباني المتغلب عليها ، وأقام مقامه أخاه عبد الله باشا ، وقد كان أحمد باشا المتقدم قد خلع طاعة الدولة العثمانية وادعى السلطنة لنفسه في السليمانية.

قال الوالدقدس‌سره : فبقيت مفكراً في حديثة وان هذا الفتح وخبره لم يبلغ الى حكام الحلة ، ولم يخطر لي أن اسأله كيف وصلت الى الحلة وبالامس خرجت من السليمانية ، وبين الحلة والسليمانية ما نزيد على عشرة أيام للراكب المجد.

ثم ان الرجل أمر بعض خدمة الدار أن يأتيه بماء فأخذ الخادم الاناء ليغترف به ماء من الجب فناداهلا تفعل! فان في الاناء حيواناً ميتاً ، فنظر فيه ، فاذا فيه سامُّ أبرص ميت فأخذ غيره وجاء بالماء اليه فلما شرب قام للخروج.

قال الوالدقدس‌سره : فقمت لقيامه فودعني وخرج فلما صار خارج الدار قلت للجماعة : هلا أنكرتم على الرجل خبره في فتح السليمانية ، فقالوا : هلا أنكرت عليه؟

قال : فحدثني الحاج علي المتقدم بما وقع له في الطريق وحدثني الجماعة بما وقع قبل خروجي من قراءته في المسودة ، وإظهار العجب من الفروع التي فيها.

١٦٦

قال الوالد أعلى الله مقامه : فقلت : اطلبوا الرجل وما أظنكم تجدونه هو والله صاحب الامر روحي فداه فتفرق الجماعة في طلبه فما وجدوا له عيناً ولا اثراً فكأنما صعد في السماء او نزل في الارض.

قال : فضبطنا اليوم الذي أخبر فيه عن فتح السليمانية فورد الخبر ببشارة الفتح الى الحلة بعد عشرة أيام من ذلك اليوم ، وأعلن ذلك عند حكامها بضرب المدافع المعتاد ضربها عند البشائر ، عند ذوي الدولة العثمانية.(١)

تنبيه لكل نبيه :

( عن أحوال السيد محمد ذي الدمعة ونسبه وموضع قبره ).

قال العلامة النوريرحمه‌الله بعد إيراد هذه الحكاية : الموجود فيما عندنا من كتب الانساب أن اسم ذا(٢) الدمعة حسين ويلقب أيضاً بذي العبرة ، وهو ابن زيد الدمعة لبكائه في تهجده في صلاة الليل ، ورباه الصادقعليه‌السلام فأرّثه علماً جمّاً وكان زاهداً عابداً وتوفي سنة خمس وثلاثين ومائة وزوَّج ابنته بالمهدي الخليفة العباسي وله أعقاب كثيرة ، ولكنه سلمه الله أعرف بما كتب ( أي القزويني ) ، قال الشيخ محمد حزر الدينرحمه‌الله : أبو دميعة محمد بن علي بن الحسين ذي الدمعة الساكبة ابن زيد الشهيد ابن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، مرقده في الحلة بالقرب من مرقد الشيخ الجليل

__________________

١ ـ انظر : كتاب جنة المأوى ، العلامة النوريرحمه‌الله ، ص ١٠٤ ـ ١٠٨.

٢ ـ هكذا ورد في الاصل والصحيح ذي الدمعة.

١٦٧

نجيب الدين أبي زكريا المشهور بابن سعيد الهذلي الحلي في الجهة الغريبة له. وقد اشتهر في مدينة الحلة اشتهاراً يعتد به عند الحليين بأن صاحب هذا القبر هو السيد محمد أبو دميعة وقيل : أن هذه البقعة هي موضع قبر الحسين بن زيد الملقب بذي الدمعة الساكبة ، وقال حفيده محمد حسين حرز الدين : يقع قبره ( بمحلة الطاق ) على الشارع العام ، في السوق ، مشيد عليه آثار القدم ، يقع في غرفة صغيرة في وسطها شباك خشبي هو رسم القبر ، وكان عليه ستار أخضر ، فوق القبر لوحة مكتوب عليها هذا مرقد ( السيد محمد بن السيد علي بن الحسين الملقب بذي الدمعة ابن زيد الشهيد ).

عليه قبة بيضاء متوسطة الحجم والارتفاع ، أمام القبر صحن دار صغير فيه نخلة وسدرة وكان قبره عندما زرناه مزدحماً بالزائرين ، وكانت زيارتنا له عصر يوم الجمعة ١٠ شوال سنة ١٣٨٧ هـ ( وتوجد صورة لهذا المرقد في كتاب مـراقد المـعارف ).(١)

أقول : أما نسبه الصحيح على ما ضبطه صاحب كتاب ( المزارات ومراقد العلماء في الحلة الفيحاء ) لمؤلفه السيد حيدر بن السيد موسى وتوت الحسيني ( ومؤلف هذا الكتاب يرجع لصاحب القبر ).

العلامة الجليل والفقيه العابد السيد محمد الملقب بالمنتجب بن السيد علي بن السيد الحسين ( صاحب لقب وطوط ) بن العلامة الفقيه السيد مراد صاحب كتاب ( خير الزاد في الرحلة الى العباد ) بن السيد

١٦٨

حسن بن خميس بن يحيى بن هزال بن علي بن محمد بن ابو عبد الله(١) الحسن الاطروش بن النقيب الفقيه ابو الحسن علي بن الفقيه ابو طالب محمد نقيب العلويين بن نقيب النقباء ابو علي الفقيه عمر بن النقيب الفقيه يحيى بن النقيب الحسين النسابة ( اول نقيب للعلويين ) بن الفقيه العالم احمد المحدث بن الفقيه الشريف عمر بن الفقيه يحيى بن قدوة الفقهاء ذي الدمعة الساكبة بن زيد الشهيد بن الامام علي السجاد بن الحسين بن علي بن ابي طالبعليهم‌السلام .

موقع قبره السابق :

يقع في الحلة في محلة الطاق مقابل مرقد دبيس بن علي المزيدي ، وكان هناك في السابق سوق صغير بالقرب من مرقده يعرف بسوق المنتجب يعرفه كافة الحليين ولكن بسبب التوسع الذي حصل في الشارع المعروف اليوم بشارع الامام عليعليه‌السلام فقد تم نقل رفاته ، وقد تهدم القبر وضاعت كل معالمه وضاع معه السوق واندثر بعد تهدم القبر ونقله ، واشتهر هذا السيدرحمه‌الله بالمنتجب لكثرة طهارته.

__________________

١ ـ هكذا ورد بالكنية في كتاب ( المزارات ومراقد العلماء في الحلة الفيحاء ) لكن الصحيح والذي حققه العلامة النسابة السيد مهدي الوردي الكاظمي ، ونقله عن العلامة الدكتور حسين علي ال محفوظ في ( موسوعة العتبات المقدسة ) قسم الكاظمين ج ٣ ص ٦٦ انه عبد الله الملقب بالبهائي بن ابي القاسم بن ابي البركات بن القاسم بن علي بن شكر بن ابي محمد الحسن الاسمر بن النقيب شمس الدين ابي عبد الله احمد بن النقيب ابي الحسن علي بن ابي طالب محمد بن الشريف الجليل ابي علي عمر الى اخر النسب المذكور اعلاه.

والذي نقلناه من الموسوعة هو الثابت والمتواتر في كتب الانساب من مشجر ومبسوط.

١٦٩

موقع قبره الحالي :

يقع في منطقة الحي الجمهوري قرب مقام الامام الصادقعليه‌السلام وبالقرب من مرقد السيد عبد الله الفارس في ساحة دار مسيجة ، يقع الضريح في ركنها الخارجي وهو عبارة عن دكة القبر فقط ، ولا يعلوه شباك أو أي بناء آخر وبالقرب منه قبور تنتسب لبعض العلويين لا أعرف شيئاً عنه.(١)

أقول : إن هذا القبر وللاسف الشديد هدم في عصر حزب البعث الكافر بحجة التوسعة ( وعداء هذا الحزب لدين الاسلام ورسوله ( ص ) مشهور ). وبني في مكان هذا القبر سينما تدعي ( سينما بابل ) وهي قائمة الى الان ، وأهل الحلة يعرفون أن صاحب السينما اثر هذا الفعل يقع بالنكبة بعد النكبة ، وهناك من حدثني من أهل الحلة عن سوء عاقبة كل من أمر بهدم القبر ونقل رفاة هذا السيد بحيث أصبحوا يسألون الناس ( وانا لله وانا اليه راجعون ).

فمن قلمنا هذا ننادي الشرفاء والخيرين من أهل الحلة لبناء هذا القبر من جديد وخصوصاً بعدما عرفنا وقوف الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف على قبره وقراءته الفاتحة لصاحب هذا القبر ، وعجبا لأهل الحلة كيف تركوا هذا السيد مدة ثلاثين عاماً من غير إقامة مشهد عليه.

٨ ـ السيد حيدر ابن السيد سليمان الحلي رحمه‌الله : الحسيب الاديب خربت صناعة الشعر الذي ما اختلف أحد في تقواه ، ولقاؤه مع الامام عجل الله تعالى فرجه الشريف مشهور ومتداول على ألسن الخطباء وأهل المنابر ومضمون حكايته :(٢)

__________________

١ ـ انظر : كتاب المزارات ومراقد العلماء في الحلة الفيحاء / للسيد حيدر آل وتوت.

٢ ـ الحكاية لم اجدها انا مدونة فهي عن لسان اهل المنابر وكتبتها هنا بتعبيري الخاص.

١٧٠

« إن السيد حيدر الحلي كان من عادته في كل سنة أن نيشئ قصيدة رثاء للامام الحسينعليه‌السلام وينشدها أمام قبره في يوم عاشوراء وعندما نظم قصيدته العينية ( التي يستنهض بها الامام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف ) سراً بينه وبين المولي عَزَّوَجَل ، إذ لم يطلع عليها أحد بعد فذهب الى كربلاء في يوم عاشوراء لينشد قصيدته العينية الجديدة عند الامام الحسينعليه‌السلام وفي الطريق رافقه سيد اعرابي وقال له بعد السلام : يا سيد حيدر انشدني قصيدتك العينية فأنشده قصيدة عينية سابقة اخرى ( للسيد نفسه ) غير التي في خاطره فقال :لا أريد هذه ، أريد قصيدتك التي أنت ذاهب من أجلها ، فقرأها له والتي مطلعها.

مات التصبّر في انتظارك

أيها المچبي الشريعة

فانهض فما أبقى التحمل

غير أحشاء جزوعة

أترى تجىء فجيعةٌ بأمض

من تلك الفجيعة

حيث الحسين على الثرى

خيل العدا طحنت ضلوعه

ورضيعه بدم الوريد

مخضبٌ فاطلب رضيعه(١)

فأخذ السيد الاعرابي بالبكاء وقال :يا سيد حيدر كفى كفى والله ان الامر ليس بيدي ، واختفى عن أنظار السيد فعرف السيد انه الامام عجل الله تعالى فرجه الشريف إذ لم يطلّع أحد على قصيدته وناداه باسمه بدون سابق معرفة وكلامه لهبكفى كفى.

وهناك ندبة شجية أنشأها السيد حيدر الحليرحمه‌الله بأمر سيد الفقهاء السيد مهدي القزوينيرحمه‌الله النزيل في الحلة في السنة التي صار

____________

١ ـ انظر : ديوان السيد حيدر الحلي ج ١ ص ٨٨.

١٧١

عمر باشا والياً على أهل العراق ، وشدد عليهم وأمر بتحرير النفوس لاجراء القرعة ، وأخذ العسكر من أهل القرى والانصار سواء الشريف فيه والوضيع والعالم فيه والجاهل ، والعلويّ فيه وغيره ، والغني فيه والفقير ، فاشتد عليهم الامر وعظم البلاء وضاقت الارض ، ومنعت السماء فأنشأ السيد هذه الندبة المشجية ، فرأى واحد من صلحاء المجاورين في النجف الاشرف الحجة المنتظرعليه‌السلام فقال له ما معناه :قد أقلقني السيد حيدر قل له : لا يؤذيني فان الامر ليس بيدي ، ورفع الله عنهم القرعة في أيامه وبعده بسنين ، وهي هذه :

يا غمرة من لنا بمعبرها يطفح

موارد الموت دون مصدرها

وج البلا الخطير بها

فيغرق العقل في تصوّرها

ضاقت ولم يأتها مفرِّجها

فجاشت النفسي من تحيّرها

لِمَ صاحب الامر عن رعيّته

أغضى فغضت بجور أكفرها

ما عذره نصب عنيه اُخذت

شيعته وهو بين أظهرها

سيفك والضرب إن شيعتكم

قد بلغ السيف حزّ منحرها

مات الهدى سيدي فقم وأمت

شمس ضحاها بليل عيثرها

فالنطف اليوم تشتكي وهي في

الارحام منها الى مصوِّرها

فالله يا ابن النبي في فئة

ما ذخرت غيركم لمحشرها

ماذا لأعدائها تقول إذا

لم تنجها اليوم من مدمرها

ماتت شعار الايمان واندفنت

ما بين خمر العدى وميسرها

١٧٢

فدعوة الناس إن تكن حجبت

لأنها ساء فعل أكثرها

فربّ جرى حشى لواحدها

شكت الى الله في تصورها

توشك أنفاسها وقد صعدت

أن تحرق القوم فى تسعرها(١)

لقد ذكر العلامة النوريرحمه‌الله في كتابه جنة المأوى هذه الندبة بخمسة وثلاثين بيتاً واقتصرنا نحن على خمسة عشر بيتاً خوف الاطالة من أرادها فليراجع جنة المأوى صفحة ١٦١ و ١٦٢.

__________________

١ ـ انظر : جنة المأوى / النوريرحمه‌الله ص ١٠٥.

١٧٣
١٧٤

ملحق للباب الحادي عشر

في ذكر

جملة من مشاهد الحلة وقبور أعلامها

١٧٥
١٧٦

عدت عوادي الأيام وصروف الزمان وما فتئت تفعل ذلك على كثير من الاثار الجليلة والمشاهد المشرفة ولا يختص هذا ببقعة دون أخرى على ما لا يخفى على الباحث المتتبع ومما شمله الضياع والاندثار قبور كثير من علماء الامامية وانطماس مشاهدهم ولم يبق لها عين ولا أثر ورٌبّ قبر لأحد أولئك الأعاظم عرف في زمان ثم دَرَسَ في زمان آخر وجهل موضعه ثم أخذت الآراء تتباين في تحديد موضع قبره ومما يرجح العناية والاهتمام بهذا الجانب عدة أمور منها : ما ورد من ثواب زيارة أولاد الائمةعليه‌السلام والمشاهير من محدثي الشيعة وعلمائهم الحافظين لأثار الأئمّة الطاهرينعليهم‌السلام ، فقد روى الثقة الجليل الشيخ جعفر بن قولويه القمي عن عمرو بن عثمان الرازي قال :

سمعت أبا الحسن الإمام موسى بن جعفرعليهما‌السلام يقول :« من لم يقدر أن يزورنا فليزر صالحي موالينا يكتب له ثواب زيارتنا ، ومن لم يقدر على صلتنا فليصل موالينا يكتب له ثواب صلتنا ». (١)

ومنها انه إذا اراد الداخل إلى مدينة الحلة أن يزور الإمام صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف في مقامه المشهور بها ربّما يتسنى له زيارة بعض تلك المشاهد ومنها انه يتسنى للقاريء العزيز معرفة بقاء عمارة مقام صاحب الزمان أرواحنا فداه ببقاء عمارة تلك المشاهد المشرفة ، ومنها معرفة القاريء العزيز بمنزلة مدينة الحلة من خلال معرفة من دُفن فيها

__________________

١ ـ انظر : مفاتيح الجنان / القميرحمه‌الله ص ٩١٤.

١٧٧

من عظماء الامامية الاجلاء ولهذه الامور مجتمعة رأيت من المناسب هنا أن أذيل ما كتبته عن مقام سيدنا ومولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه بهذا الملحق الذي أحصيت فيه نحو خمسين مشهداً في مدينة الحلة توثيقاً لها وتعميماً للفائدة ، ولم نسلك خطة التفصيل ومن رامَ الوقوف على تمام الكلام عليها فليراجع كتاب ( المزارات ومراقد العلماء في الحلة الفيحاء ) للأستاذ الباحث السيد حيدر ابن السيد موسى آل وتوت الحسيني ( سلمه الله ونفع به ) ، وقد التزمت في ذكر هاتيك المشاهد بالتسلسل الهجائي والله المستعان.

١ ـابراهيم القطيفي رحمه‌الله : هو الشيخ الجليل العلامة ابراهيم بن سليمان القطيفي الاصل ، الغروي الحلي المسكن والمدفي ، يقع مرقده في ( محلة الطاق ) بالقرب من مرقد العلامة ابن فهد الاحسائي ( من علماء القرن العاشر ).

٢ ـابراهيم ابن الامام موسى الكاظم عليه‌السلام : هو السيد ابراهيم ابن الامام موسى بن جعفرعليه‌السلام يقع المرقد المنسوب اليه في منطقة تعرف اليوم بـ ( الحي الجمهوري ) قرب باب المشهد.

٣ ـابراهيم بن احمد الموسوي رحمه‌الله : يقع مرقده في ( سرداب تحت جامع الامام عليعليه‌السلام ) الواقع في محلة الطاق مطلاً على شارع الامام عليعليه‌السلام وصاحب القبر مجهول.

٤ ـابراهيم بن محمد رحمه‌الله ( سيد ابراهيم ) : ويقع مرقده في ( محلة التعيس ) خلف بناية بلدية مدينة الحلة ، واحتمل السيد حيدر ال وتوت من انه الشيخ ( ابراهيم بن محمد بن احمد بن صالح الحلي ) الذي يروي عن السيد الجليل علي بن موسى بن طاوسرحمه‌الله .

١٧٨

٥ ـالشيخ احمد بن ادريس الحلي رحمه‌الله : يقع في ( حي راغب ) بالقرب من مرقد الشيخ محمد بن ادريس الحليرحمه‌الله مطلا على الشارع العام وصاحب هذا القبر مجهول.

٦ ـأحمد بن الحسن المثنى بن الحسن السبط عليه‌السلام : يقع مرقده في ( محلة جبران ) على مقربة من مرقد الشيخ ابراهيم القطيفيرحمه‌الله .

٧ ـأحمد بن فهد الاحسائي رحمه‌الله : هو الشيخ العلامة شهاب الدين أحمد بن فهد بن حسن بن محمد بن ادريس بن فهد الاحسائيرحمه‌الله ، مولدا الحلي مدفنا ، يقع مرقده في ( محلة الطاق ) في شارع الكوازين سابقا ، المعروف في هذه الايام بـ ( سوق الحطابات ) ( توفّي في اوائل القرن التاسع ).

٨ ـالسيد جمال الدين ابو الفضائل أحمد بن سعد الدين موسى بن جعفر بن طاوس الحسني رحمه‌الله : يقع مرقده في ( محلة الجباويين ) في حجرة داخل مسجد يعرف بأسمه ( مسجد ابي الفضائل ) تـ ( ٦٧٣ هـ ).

٩ ـالسيد أحمد ابن الامام موسى الكاظم عليه‌السلام : يقع مرقده في ( محلة التعيس ) قرب شارع المحافظة القديمة وفي نهاية ممر ضيق.

١٠ ـجلال الدين أحمد ابن الفقيه رحمه‌الله : السيد العلامة الفقيه الزاهد نقيب العلويين جلال الدين أبو القاسم الطاهر احمد بن الفقيه يحيى بن أبي طاهر يقع مرقده ضمن مرقد الشيخ الجليل محمد بن ادريسرحمه‌الله صاحب السرائر.

١١ ـنبي الله أيوب عليه‌السلام : يقع مرقده الشريف على يسار الطريق المؤدي الى ناحية القاسمعليه‌السلام وعلى مقربة من مركز المدينة ويبعد عن الطريق العام نحو ( ١ كم ).

١٧٩

١٢ ـبكر بن الامام علي عليه‌السلام : يقع مرقده خارج مدينة الحلة على يمين الذاهب الى النجف الاشرف.

١٣ ـالشيخ جعفر بن الحسن الهذلي رحمه‌الله ( المحقق الحلي ) : هو الشيخ الجليل والعلامة الكبير إمام الطائفة وزعيمها المطلق في عصره ، نجم الدين ابو القاسم جعفر بن ابي يحيى الحسن ابن نجيب الدين يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي المعروف بالمحقق الحلي ، يقع مرقده في محلة ( الجباويين ) وعلى واجهة الشارع الذي يعرف باسمه شارع ( ابو القاسم ) ، تـ ( ٦٧٦ هـ ).

١٤ ـالشيخ جعفر بن نما الحلي رحمه‌الله : نجم الدين جعفر بن نجيب الدين محمد بن جعفر بن هبة الله أبي البقاء محمد بن نما الحلي الربعي ، يقع مرقده في ( محلة الجباويين ) على الشارع العام مقابل حديقة عامة تعرف بـ ( متنزه الشعب ).

١٥ ـالجومرد : يقع مرقده في ( محلة الطاق ) وبالقرب من مرقد الشيخ أحمد بن فهد في شارع مطل على السوق الكبير ( مجهول ).

١٦ ـالشيخ حسن الدمستاني رحمه‌الله : يقع مرقده في ( محلة الجباويين ) على مسافة قريبة من مرقد السيد أبي الفضائل بن طاووس الحليرحمه‌الله وفاته ٢٣ شهر ربيع الاول سنة ١١٨١ هـ

١٧ ـالحسن بن موسى الكاظم عليه‌السلام : يقع مرقده خلف ( سوق الخضار القديم ) في ساحة لوقوف السيارات وبالقرب من بداية سوق الحلة الكبير السوق المسقف.

١٨ ـالامير دبيس بن علي المزيدي : من أمراء الحلة والنيل

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215