دروس في الاخلاق

دروس في الاخلاق21%

دروس في الاخلاق مؤلف:
الناشر: نشر الهادي
تصنيف: كتب الأخلاق
الصفحات: 279

دروس في الاخلاق
  • البداية
  • السابق
  • 279 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 71758 / تحميل: 7897
الحجم الحجم الحجم
دروس في الاخلاق

دروس في الاخلاق

مؤلف:
الناشر: نشر الهادي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

وأنه ما حبس عبد نفسه على الله إلا أدخله الله الجنة(١) .

وأن رجلاً اسمه مجاشع قال : يا رسول الله كيف الطريق إلى معرفة الحق؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : معرفة النفس ، فقال : فكيف الطريق إلى موافقة الحق؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : مخالفة النفس ، فقال : فكيف الطريق إلى رضا الحق؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : سخط النفس ، فقال : فكيف الطريق إلى طاعة الحق؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : عصيان النفس ، فقال : فكيف الطريق إلى ذكر الحق؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : نسيان النفس ، فقال : فكيف الطريق إلى قرب الحق؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : التباعد عن النفس ، فقال : فكيف الطريق إلى اُنس الحق؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : الوحشة عن النفس ، فقال : فكيف الطريق إلى ذلك؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الاستعانة بالحق على النفس »(٢) .

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٧١.

٢ ـ عوالي اللئالي : ج١ ، ص٢٤٦ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٧٢ ـ مستدرك الوسائل : ج١١ ، ص١٣٨.

٤١

٤٢

الدرس الرابع

في ترك اتباع الأهواء والشهوات

قال تعالى : ( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه )(١) . وقال تعالى :( ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ) (٢) . وقال تعالى : ( فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهوائهم ومن أضل ممن اتبع هواه )(٣) . وقال تعالى :( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى ) (٤) .

أقول : الهوى : ميل النفس إلى الشهوة ، وقد يطلق على النفس المائلة إلى الشهوة أيضاً ، ولعله سمي بذلك لأنه يهوي بصاحبه في الدنيا إلى كل داهية وفي الآخرة إلى الهاوية ، فإن من معاني هذه المادة : السقوط ، وقوله :( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه ) قدم المفعول الثاني إعظاماً لذم اتباع الهوى وعناية لتعظيمه الهوى بحيث

__________________

١ ـ الجاثية : ٢٣ ، الفرقان : ٤٣.

٢ ـ ص : ٢٦.

٣ ـ القصص : ٥٠.

٤ ـ النازعات : ٤٠.

٤٣

جعله إلهاً يعبد من دون الله.

وفي الآيات الشريفة إشارة إلى أن اتباع هوى النفس عبادة لها وأنه سبب للضلالة عن سبيل الله ، وأنه لا ضلالة فوقه ، وأنه يدعوا إلى عدم إجابة رسل الله وأن منع النفس عن هواها سبب لدخول الجنة.

وهنا نصوص كثيرة موضحة لهذا المعنى. فقد ورد : أن الله أقسم بجلاله وجماله وبهائه وعلاه أنه لا يؤثر عبد هوى الله تعالى على هواه إلا جعل غناه في نفسه وهمه في آخرته وضمن رزقه(١) .

وأنه لو آثر هواه على هوى الله شتت أمره ، ولبس عليه دنياه وشغل قلبه بها(٢) .

وأن اتباع الهوى من أخوف ما كان يخاف منه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والوليعليه‌السلام على الأمة(٣) .

وأنه : طوبى لمن ترك شهوة حاضرة لموعود لم يره(٤) .

وأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان لا يرجوا النجاة لصاحب الهوى(٥) .

 وأن أشجع الناس من غلب هواه(٦) .

وأن الهوى أقوى سلطان على الإنسان ، وهو الذي يصده عن الحق(٧) .

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٧٥.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٨٥.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٧٥ و ٧٧.

٤ ـ ثواب الأعمال : ص٢١١ ـ الخصال : ص٣ ـ الأمالي : ص٥١ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص١٦٤ ـ بحار الأنوار : ج١٤ ، ص٣٢٧ ، وج٧٠ ، ص٧٤ و ج٧٧ ، ص١٥٣ ـ مستدرك الوسائل : ج١١ ، ص٣٤١.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٧٦.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٧٦ ـ مستدرك الوسائل : ج١٢ ، ص١١١.

٧ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ٧٦.

٤٤

وأن من أطاع هواه أعطى عدوه مناه(١) .

وأن راكب الشهوات لا تستقال عثراته(٢) .

وأن من كرمت عليه نفسه هانت عليه شهوته(٣) .

وأنه استرحم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لرجل نزع عن شهوته وقمع هوى نفسه(٤) .

وأن الصادقعليه‌السلام قال : « إحذروا أهواءكم كما تحذرون أعداءكم ، فإنه ليس شيء أعدى للرجال من اتباع أهوائهم »(٥) . وأنه قال : « لا تدع النفس وهواها فإن هواها في رداها وترك النفس وما تهوى أذاها وكف النفس عما تهواه دواها(٦) .

تبصرة : ينبغي أن يعلم أنه ليس كلما تهاه النفس وتشتهيه منهياً عنه من قبل الله تعالى ومبغوضاً عنده ، كما أنه ليس كلما لا تهواه وتبغضه محبوباً عنده ، بل الحق أن ما تهواه النفس على قسمين : محرّم ومبغوض ، ومكروه مذموم. والأول ما تهواه وتشتهيه من المحرمات التي حرمها الله وأبغضها. والثاني ما تهواه وتشتهيه مما كرهه الله ولم يحرمه وكان ارتكاب الإنسان له لمجرد الشهوة النفسانية غير قاصد به نفعاً ، حتى تأثيره في إغناء النفس عن الحرام وعما لا يليق بحالها ولا ينبغي لها ، فما يرتكبه الإنسان من الملاذ التي تهواه النفس ولم يحرمه الشرع كالانتفاع بالأغذية والألبسة المحللة والمساكن المجللة والنساء والبنين والأموال ونحوها ليس مشمولاً للنواهي المذكورة ، كيف والشرع الأنور قد حث على الزواج ، بل على اختيار المرأة

__________________

١ ـ نزهة الناظر : ص١٣٤ ـ أعلام الدين : ص٣٠٩ ـ بحار الأنوار : ج٧٨ ، ص٣٦٤ ـ مستدرك الوسائل : ١٢ ، ص١١٢.

٢ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص٧٨.

٣ ـ غرر الحكم ودرر الكلم : ج٥ ، ص٣٦٥ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٧٨.

٤ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص٧٨ ـ نهج البلاغة : الخطبة ١٧٦.

٥ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣٣٥ ـ الوافي : ج٥ ، ص٩٠١ ـ وسائل الشيعة : ج١١ ، ص٣٤٦ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٨٢.

٦ ـ الكافي : ج٢ ، ص٣٣٦ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص٨٩.

٤٥

الحسناء والأكل من الطيبات ، وكثيراً ما يتلذذ بعض العلماء بعلمهم أكثر مما يتلذد الفساق بفسقهم ويستلذ العباد بمناجاتهم أكثر من أهل اللهو بمعاصيهم ، كما أنه ليس كل ما لا تشتهيه النفس مرغوباً إليه في الشرع ، وإلا لاستلزم وجوب تناول كل مالا تشتهيه من الأطعمة والأشربة والزواج بمن لا يميل إليها الطبع من النساء ولا أقل من إستحبابه مع أنه ليس كذلك. فما ورد من النواهي عن اتباع الهوى والتعابير الحاكية عن كراهته ومبغوضيته خطابات إرشادية تهدي إلى وجود مضار ومفاسد في اتباع الهوى وارتكاب ما تعلقت به النواهي التحريمية والتنزيهية وترتب عقوباتها الدنيوية والأخروية.

٤٦

الدرس الخامس

في اليقين

قال تعالى :( قد بينا الآيات لقوم يوقنون ) (١) .

وقال تعالى :( وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) (٢) .

وقال تعالى :( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لمّا صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ) (٣) .

وقال تعالى :( وليكون من الموقنين ) (٤) .

وقال تعالى :( وبالآخرة هم يوقنون ) (٥) .

اليقين من صفات العلم ، وهو سكون العلم وثباته وإتقانه بانتفاء الشك والشبهة عنه بالاستدلال أو الإشراق. ومتعلقه في هذا الباب مطلق ما يجب

__________________

١ ـ البقرة : ١١٨.

٢ ـ الذاريات : ١٩ ـ ٢٠.

٣ ـ السجدة : ٢٤.

٤ ـ الأنعام : ٧٥.

٥ ـ البقرة : ٤.

٤٧

الإذعان به من المبدء تعالى وصفاته وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وجميع آياته وما أنزله على أنبيائه من شرائعه ، وهو بهذا المعنى أشرف صفات النفس وأعلاها وأفضلها وأسماها ، وهو الذي عبر عنه بالأطمئنان في قصة إبراهيم الخليل. فإنه لما استدعى من ربه أن يريه إحياء الموتى قال تعالى( أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئنّ قلبي ) (١) . فأقر أولاً بالايمان الذي هو : التصديق والعلم ، ثم سأل ما يزداد به الإيمان حتى يكون يقيناً ، وببيان آخر أنه سأل أن يرتقي بمشاهدة العيان من علم اليقين إلى عين اليقين ، وقد ذكر تعالى في الآية الثانية : أن الآيات الآفاقية والأنفسية لا تنفع كما ينبغي ولا تكشف عن وجه الحقيقة كما يليق إلا لمن تزين بهذه الفضيلة النفسية والكرامة الالهية. وذكر في الآية الثالثة : أن الملاك في اختيار الصفوة من الناس للإمامة وهداية المجتمع الانساني هو : الصبر واليقين ، وهما وصفان فاضلان لكل منهما تأثير متقابل في الآخر ، فالصبر في إقامة أحكام الدين وحدوده يزيد في اليقين ، واليقين يزيد في الصبر.

وفي النصوص الواردة عن أهل البيت في المقام ما يغني عن كل شيء. فقد ورد أن اليقين أفضل من الإيمان(٢) ، فإن الإيمان فوق الإسلام ، والتقوى فوق الإيمان واليقين فوق التقوى ، فما من شيء أعز من اليقين(٣) ؛ وذلك لأن الإقرار بالشهادتين إسلام ، والأذعان بالقلب بعده إيمان ، والعمل بالأذعان تقوى ، وكمال الإيمان بالعمل يقين.

وأن الصادقعليه‌السلام قال ـ لمن لم يحصل له اليقين ـ : إنما تمسكتم بأدنى الإسلام ،

__________________

١ ـ البقرة : ٢٦٠.

٢ ـ المحجة البيضاء : ج١ ، ص٢٨٠ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص١٨١ ـ مستدرك الوسائل : ج١١ ، ص١٩٧.

٣ ـ نفس المصدر السابق.

٤٨

فإياكم أن ينفلت من أيديكم(١) .

 وأنه لم يقسم بين الناس شيء أقل من اليقين(٢) .

وأن اليقين تظهر آثاره وتتجلى حقيقته في الموقن بأمور أكملها أربعة : التوكل والتسليم والرضا والتفويض(٣) . التوكل على الله في تنجز مقاصده عند التوسل بأسبابها ، والتسليم لأحكامه وحكومة ولاة أمره ، والرضا بما قضى عليه ربه في الحوادث الجارية عليه في حياته ، والتفويض الكامل في كل ذلك بحيث يرى نفسه وقدرته مضمحلة في جنب إرادة ربه وقدرته ، وهذا من مراتب القانتين.

وأنه ليس شيء إلا وله حد ، وحد اليقين أن لا تخاف مع الله شيئاً(٤) .

وأن من صحة اليقين وتمامه أن لا يرضي الناس بسخط الله ، وأن لا يلومهم على مالم يؤتهم ربهم. فإن الأمر بيد الله(٥) .

وأن الله جعل الروح والراحة في اليقين(٦) .

وأن العمل الدائم القليل على اليقين أفضل من العمل الكثير على غير يقين(٧) .

وأن من الكنز الذي كان لغلامين يتيمين تحت الجدار صحيفة فيها ذكر اليقين وبعض آثاره(٨) .

وأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نظر إلى شاب في المسجد يخفق ويهوي برأسه مصفراً لونه

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص١٣٧.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص١٣٨.

٣ ـ نفس المصدر السابق.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص١٤٢.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص١٤٣.

٦ ـ نفس المصدر السابق.

٧ ـ الكافي : ج٢ ، ص٥٧ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص١٤٧.

٨ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص١٥٢.

٤٩

قد نحف جسمه ، فقال : كيف أصبحت؟ قال : أصبحت موقناً ، فعجبصلى‌الله‌عليه‌وآله من قوله ، وقال : إن لكل يقين حقيقة فما حقيقة يقينك؟ قال : إن يقيني هو الذي أحزنني وأسهر ليلي وأظمأ هواجري. فعزفت نفسي عن الدنيا وما فيها حتى كأني أنظر إلى أهل الجنة يتنعمون في الجنة ويتعارفون ، وكأني أنظر إلى أهل النار وهم معذبون مصطرخون ، وكأني الآن أسمع زفير النار يدور في مسامعي ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : هذا عبد نور الله قلبه بالأيمان ، ثم قال له : الزم ما أنت عليه(١) .

وأن اول صلاح هذه الأمة كان بالزهد واليقين(٢) .

وأن خير ما ألقي في القلب اليقين(٣) .

وأن النبي سأل جبرئيل عن تفسير اليقين ، قال : المؤمن يعمل لله كأنه يراه(٤) .

وأنه كفى باليقين غنىً(٥) .

وأن علياًعليه‌السلام قال : سلوا الله اليقين ، وخيرما دام في القلب اليقين ، والمغبوط من غبط يقينه(٦) .

وأن اليقين يوصل العبد إلى كل مقام سنيّ(٧) .

وأنه ذكر عند النبي أن عيسى بن مريم كان يمشي على الماء ، فقال : لو زاد يقينه لمشى في الهواء ، فالأنبياء يتفاضلون على اليقين وكذا المؤمنون(٨) .

__________________

١ ـ الكافي : ج٢ ، ص٥٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص١٥٩.

٢ ـ الأمالي : ج١ ، ص١٨٩ ـ الخصال : ص٧٩ ـ وسائل الشيعة : ج٢ ، ص٦٥١ و ج١١ ، ص٣١٥ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص١٧٣ وج٧٣ ، ص١٦٤ ـ نور الثقلين : ج٣ ، ص٣.

٣ ـ من لا يحضره الفقيه : ج٤ ، ص٣٧٦ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص١٧٣.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص١٧٣.

٥ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص١٧٦.

٦ ـ بحار الأنوار : ج ٧٠ ، ص١٧٦ ، وج٧٨ ، ص٤٤.

٧ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص١٧٩.

٨ ـ نفس المصدر السابق.

٥٠

وأن النوم على اليقين خير من الصلاة في الشك(١) .

وأنه إنما سميت الشبهة شبهة لأنها تشبه الحق. وأما أولياء الله فضياؤهم فيها اليقين(٢) .

وأنه يجب طرح واردات الأمور بحسن اليقين(٣) .

__________________

١ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٩٧ ـ جامع الأسرار ومنبع الأنوار : ص٦٠١.

٢ ـ نهج البلاغة : الخطبة ٣٨.

٣ ـ نهج البلاغة : الكتاب ٣١.

٥١

٥٢

الدرس السادس

في النية وتأثيرها وثوابها

النية : هي القصد والإرادة المحركة للإنسان نحو الفعل ، وليس الغرض من البحث عنه في المقام مجرد إثبات صدور الفعل عنها ، فإنه لا إشكال في ذلك في الأفعال الاختيارية ، بل يرجع البحث هنا إلى ملاحظتها من جهة عللها ومعاليلها اعني : مناشئ صدورها من إقتضاء العقل والايمان والغرائز وآثارها وكيفية تأثيرها في أعمال العباد وأنفسهم في الدنيا ويوم القيامة ، وإلى أنواعها من خالصها ومشوبها ، ومراتب خلوصها وشوبها ، والى ترتب الثواب والعقاب عليها وعدمه وغير ذلك.

فعن المحقق الطوسيقدس‌سره : النية : هي القصد إلى الفعل ، وهي واسطة بين العلم والعمل ، اذ ما لم يعلم الشيء لم يمكن قصده ، وما لم يقصده لم يصدر عنه ، ثم لما كان غرض السالك العامل الوصول إلى مقصد معين وهو الله تعالى لابد من إشتماله على قصد التقرب به إنتهى. فالأولى ذكر نصوص الباب.

٥٣

قال تعالى :( قل كل يعمل على شاكلته ) (١) .

الشاكلة : الطبيعة والسجية كما مرت ، وقد فسرت في عدة من النصوص بالنية ، ولعله لأن النية تنشأ عن الشاكلة ، فمعنى الآية : أن مبنى عمل كل إنسان وما يصدر منه فعله ، نيته الصادرة عن شاكلته ، فالنية مصدر الأعمال وملاكها ولها دخل تام في حسنها وقبحها وخيرها وشرها ، وهذا مما تشير إليه أخبار الباب وتوضحه وتفسره.

فقد ورد :

أنه لا قول ولا عمل إلا بنية ، ولا نية إلا بإصابة السنة(٢) ، أي : لا صحة ولا ثواب لأي قول أو فعل يصدر من المكلف إلا إذا قصد كونه لله ورجاء وجهه ورضاه ، أو طلب ثوابه ، أو الخلاص من عقابه. وهذا معنى إصابة السنة.

وأن نية المؤمن خير من عمله ونية الكافر شر من عمله(٣) النية هنا بمعنى : الاعتقاد والإيمان ، وهو خير من العمل الخارجي ، كما أن الكفر القلبي شر من الفسق العملي ، أو أن نية الخير من المؤمن إذا لم يقدر عليه خير من العمل إذا قدر ؛ لأن النية خالصة لله ، والعمل ربما كان رئاءً ونحوه. والكافر ينوي من الشر فوق ما قد يعمل به ، أو أن النية لما كانت أمراً قلبياً كثير الشوب بالأغراض النفسية والدنيوية وإخلاصها وتصفيتها وتمحيصها بحيث لا يشوبها أي غرض غير رضا الله تعالى ، أمر صعب جداً لا يناله إلا الاوحديّ من الناس ومع ذلك لها عندهم مراتب كثيرة ، فمع ملاحظة أن حسن العمل وكماله ينشئان من حسنها وكمالها يعلم

__________________

١ ـ الإسراء : ٨٤.

٢ ـ المحاسن : ص٣٤٩ ـ بحار الأنوار : ج١ ، ص٢٠٧.

٣ ـ الأمالي : ج٢ ، ص٣١٥ ـ المحجة البيضاء : ج٨ ، ص١٠٩ ـ الوافي : ج٤ ، ص٣٦٧ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٢٣٧ وج٨٤ ، ص٣٧٢ ـ مستدرك الوسائل : ج١ ، ص٩٤.

٥٤

أن طيبعة النية وجوهرتها تغاير طبيعة العمل ، وأنها خير بالاصالة والعمل خير بالتبع ، ومنه يعلم شرية نية الكافر ، وقيل في هذا المقام معان أخر.

وأنه يحشر الناس على نياتهم يوم القيامة(١) ، المراد بها : العقائد الاصولية فيحشرن مؤمنين أو كفاراً أو منافقين كيفما كانت النيات ، أو يحشرون في اتصافهم بجزاء الأعمال على وفق نياتهم في تلك الأعمال.

وأن صاحب النية الصادقة صاحب القلب السليم(٢) .

وأن حد العبادة حسن النية بالطاعة(٣) .

وأن العبادة لله رغبة في ثوابه عبادة التجار وعبادة العبد المطمع ، إن طمع عمل وإلا لم يعمل. والعبادة رهبة وخوفاً من النار عبادة العبيد ، إن لم يخافوا لم يعملوا. والعبادة له تعالى لكونه أهلاً لها وشكراً لأياديه وإنعامه عبادة الأحرار.

وقوله : « عبادة التجار » قد يتخيل بطلان العبادة إذا قصد بها طلب الجنة أو الفرار من النار لكنه فاسد ؛ فإن أكثر الناس يتعذر منهم العبادة لمجرد كونه تعالى أهلاً لها ، أو لابتغاء ذات الله ووجهه ، فإنهم لا يعرفون الله تعالى إلا بعنوان أنه صاحب جنة ونار ونحوه من الأوصاف ، فيتذكرون الجنة ويعملون لطلبها ، والنار فيعملون للفرار عنها ، كما أنه ليس غرضهم تأثير العمل تكويناً بلا واسطة الرب تعالى ، بل يعتقدون أن له الخيرة كلها في بذل الثواب ودفع العقاب لكونهما بيده وهذا المقدار كاف في الصحة وترتب الأثر ، كيف وقد قال الحكيم تعالى :( وادعوه خوفاً وطمعاً ) (٤) وقال :( ويدعوننا رغباً ورهباً ) (٥) . وهذا أمر وترغيب في العبادة

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٢٠٩.

٢ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٢١٠ ـ نور الثقلين : ج٤ ، ص٥٨.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص١٩٩.

٤ ـ الأعراف : ٥٦.

٥ ـ الأنبياء : ٩٠.

٥٥

للخوف والرهبة والطمع والرغبة. وقد كتب عليعليه‌السلام : « هذا ما أوصى به وقضى به عبد الله علي ابتغاء وجه الله ليولجني به الجنة ويصرفني به عن النار ». ولو لم يكن ذلك صحيحاً لما فعله عليعليه‌السلام ولما لقن به غيره.

وأن العبد المؤمن الفقير إذا قال : يا رب ارزقني حتى أفعل كذا من وجوه البر وعلم الله ذلك منه بصدق نيته كتب الله له من الأجر مثل ما يكتب له لو عمله فإن الله واسع كريم(١) .

وأنه يحتج عبد يوم القيامة ويقول : يا رب لم أزل أوسع على خلقك لكي تنشر علي هذا اليوم رحمتك ، فيقول الرب : صدق عبدي أدخلوه الجنة(٢) .

وأن علياًعليه‌السلام كتب في صحيفة بعض صدقاته : « هذا ما أمر به علي في ماله ابتغاء وجه الله ليولجني به الجنة ويعطيني الأمنة »(٣) .

وأن من صام يوماً تطوعاً ابتغاء ثواب الله وجبت له المغفرة(٤) .

وأن من عمل الخير لثواب الدنيا أعطاه الله ثوابه في الدنيا وكان له في الآخرة النار(٥) لقوله تعالى :( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها ) (٦) .

وأن المؤمن إذا أوقف يوم القيامة بين يدي الله يقول للملائكة : هلموا الصحف التي فيها أعماله التي لم يعملها فيقرأها ويقول : وعزتك إني لم أعمل منها

__________________

١ ـ المحاسن : ص٤٠٧ ـ الكافي : ج٢ ، ص٨٥ ـ وسائل الشيعة : ج١ ، ص ٣٥ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص١٩٩ ، وج ٧١ ، ص٢٦١ ، وج٧٢ ، ص٥١.

٢ ـ الكافي : ج٤ ، ص٤٠ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٢٠٣.

٣ ـ نهج البلاغة : الكتاب ٢٤.

٤ ـ الأمالي : ج١ ، ص٤٤٣ ـ وسائل الشيعة : ج٧ ، ص٢٩٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٢٠٣ و ج٩٦ ، ص٢٤٧.

٥ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٢٠٤.

٦ ـ هود : ١٥.

٥٦

شيئاً ، فيقول : صدقت ، نويتها فكتبناها لك ، ثم يثاب عليها(١) .

وأنه ما ضعف بدن عبد عما قويت عليه النية(٢) .

 وأن من حسنت نيته زاد الله في رزقه(٣) .

وأن صاحب النية الصادقة صاحب القلب السليم(٤) .

وأن عون الله على العباد على قدر نياتهم. فمن صحت نيته تم عون الله له ، ومن قصرت نيته قصر عون الله(٥) .

وأنه لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته إلى الدنيا فهجرته إلى ما هاجر إليه(٦) .

__________________

١ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٢٠٤ ، وج٧١ ، ص٢٤٢ ـ مرآة العقول : ج٨ ، ص١٩١ ـ مستدرك الوسائل : ج١ ، ص٩١.

٢ ـ الأمالي : ج١ ، ص٢٧٠ ـ من لا يحضره الفقيه : ج٤ ، ص٤٠٠ ـ وسائل الشيعة : ج١ ، ص٣٧ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٢٠٨.

٣ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٢٠٥.

٤ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٢١٠.

٥ ـ الأمالي : ص٦٦ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص ٢١١.

٦ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٢١١.

٥٧

٥٨

الدرس السابع

في الإخلاص والقربة

قال تعالى :( قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين ) (١) .

وقال تعالى :( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ) (٢) .

الدين : الطاعة والعبادة ، والحنيف : المائل إلى الحق ، والحنفاء : المائلون إلى ربهم في أعمالهم الراغبون عن غيره إليه في طاعاتهم.

وقال تعالى :( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العاليمن ) (٣) .

النسك : العبادة ، واللام في قوله : « لله » للملكية والسلطنة ، والمعنى : أن عملي ونفسي جميعاً لله تعالى ، وليس لغيره فيهما نصيب.

وقال تعالى :( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ) (٤) .

__________________

١ ـ الزمر : ١١.

٢ ـ البينة : ٥.

٣ ـ الأنعام : ١٦٢.

٤ ـ الإسراء : ٢٣.

٥٩

هذا البحث لبيان لزوم إخلاص العبد قصده لله في جميع ما يعمله له ، وعدم شوب أي غرض فيه ، وأن لا يعبد غيره تعالى من الوثن والشيطان والنفس ، ولا يشرك غيره فيما هو عبادة له.

فالإخلاص يكون ـ تارة ـ واجباً عقلاً وشرعاً ، ويكون تركه شركاً وكفراً كعبادة غير الله تعالى فقط أو إشراكه في عبادته ، و ـ أخرى ـ واجباً وتركه فسقاً مبطلاً للعمل كالرئاء ونحوه. و ـ ثالثة ـ مندوباً مطلوباً وتركه مسقطاً للعمل عن درجة الكمال ، كشوب الضمائم المباحة التبعية لنية العبادة ، ويقرب منه العبادة لله طمعاً في جنته أو خوفاً من ناره كما مر.

والنصوص الدالة على لزوم إخلاص الأعمال وتزكيتها وتمحيصها والسعي في كونها خالصة لله تعالى بحيث لا يشوبها أي غرض غيره كثيرة جداً بألسنة مختلفة ، بعضها وارد في تفسير الآيات الشريفة ، وبعضها مستقل.

فقد ورد أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « أيها الناس ، إنما هو الله والشيطان ، والحق والباطل ، والهدى والضلال ، والرشد والغي ، والعاجلة والعاقبة ، والحسنات والسيئات ، فما كان من حسنات فلله ، وما كان من سيئات فللشيطان »(١) . والضمير في « هو الله » راجع إلى مقصد كل عامل ونيته ، والمعنى : أن الغرض الباعث إلى العمل في الناس لا يخلوا من أحد أمرين : إما هو الله تعالى فهو إذا حق وهداية ورشد وعاقبة وحسنة ، أو هو الشيطان فهو باطل وضلالة وغي وعاجلة وسيئة. وقوله : « فما كان من حسنات » تفريع لما قبله ، والمعنى : أن كل حسنة نراها فهي من الأول ، وكل سيئة فهي من الثاني.

وورد أنه : طوبى لمن أخلص لله العبادة والدعاء ولم يشغل قلبه بما ترى

__________________

١ ـ المحاسن : ص٣٩١ ـ الكافي : ج٢ ، ص١٦ ـ الوافي : ج٤ ، ص٣٧٣ ـ وسائل الشيعة : ج١ ، ص٤٩ ـ بحار الأنوار : ج٧٠ ، ص٢٢٨.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

أخبرنا جعفر بن عَوْن ، حدَّثنا هشام بن سعيد ، قال : حدَّثنا زيد بن أَسْلم :

أن مَرْوَان بن الحكم كان يوماً وهو أمير على المدينة عنده أبو سعيد الخُدْرِي ، وزيد بن ثابت ، ورافع بن خُدَيْجٍ ، فقال مروان : يا أبا سعيد ، أرأيت قوله تعالى :( لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا ) والله إنا لنفرح بما أتينا ، ونحب أن نحمد بما لم نفعل؟ فقال أبو سعيد : ليس هذا في هذا ، إنما كان رجال في زمن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يتخلفون عنه وعن أصحابه في المغازي ، فإذا كانت فيهم النكبة وما يكرهون فرحوا بتخلفهم ، فإذا كان فيهم ما يحبون حلفوا لهم ، وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا.

٢٨٢ ـ أخبرنا سعيد بن محمد الزاهد ، أخبرنا أبو سعيد بن حمدون ، أخبرنا أبو حامد بن الشرقيّ ، قال : حدَّثنا أبو الأزهر ، قال : حدَّثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن جريج ، قال : أخبرني ابن أبي مليكة : أن علقمة بن وقاص أخبره أن مروان قال لرافع بوابه : اذهب إلى ابن عباس ، وقل له : لئن كان [كل] امرئ منا فرح بما أتي ، وأحب أن يحمد بما لم يفعل عذَّب ـ لنعذبن أجمعين. فقال ابن عباس : ما لكم ولهذا؟ إنما دعا النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، اليهود فسألهم عن شيء ، فكتموه إياه وأخبروه بغيره ، فأروه أن قد استحمدوا إليه بما أخبروه فيما سألهم ، وفرحوا بما أَتوا من كتمانهم إِياه. ثم قرأ ابن عباس :( وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ ) رواه البخاري عن إبراهيم بن موسى عن هشام ، ورواه مسلم عن زهير بن حرب عن حجاج ، كلاهما عن ابن جُرَيج.

__________________

[٢٨٢] أخرجه البخاري في كتاب التفسير (٤٥٦٧).

ومسلم في كتاب صفات المنافقين (٨ / ٢٧٧٨) ص ٢١٤٣.

والترمذي في التفسير (٣٠١٤).

والنسائي في التفسير (١٠٦) وابن جرير (٤ / ١٣٨).

والحاكم في المستدرك (٢ / ٢٩٩) وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.

وذكره السيوطي في اللباب (ص ٦٧).

وزاد نسبته في الدر (٢ / ١٠٨) لابن المنذر وابن أبي حاتم.

والطبراني والبيهقي في الشعب.

١٤١

٢٨٣ ـ وقال الضحاك : كتب يهود المدينة إلى يهود العراق واليمن ومَنْ بلغهم كتابهم من اليهود في الأرض كلها : أن محمداً ليس نبي الله ، فاثبتوا على دينكم ، وأجمعوا كلمتكم على ذلك. فأجمعت كلمتهم على الكفر بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والقرآن. ففرحوا بذلك. وقالوا : الحمد لله الذي جمع كلمتنا ، ولم نتفرق ، ولم نترك ديننا ، وقالوا : نحن أهل الصوم والصلاة ونحن أولياء الله. وذلك قول الله تعالى :( يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا ) بما فعلوا( وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا ) يعني بما ذكروا من الصوم والصلاة والعبادة.

[١٢٩]

قوله تعالى :( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) الآية. [١٩٠].

٢٨٤ ـ أخبرنا أبو إسحاق المقري ، قال : أخبرنا عبد الله بن حامد ، أخبرنا أحمد بن محمد بن يحيى العنبري ، حدَّثنا أحمد بن نجدة ، حدَّثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ، أخبرنا يعقوب القمي ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال :

أتت قريش اليهودي ، فقالوا : ما جاءكم به موسى من الآيات؟ قالوا : عصاه ويده بيضاء للناظرين. وأتوا النصارى فقالوا : كيف كان عيسى فيكم؟ فقالوا : يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى. فأتوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالوا : أدع لنا ربك يجعل [لنا] الصفا ذهباً. فأنزل الله تعالى :( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ ) .

[١٣٠]

قوله تعالى :( فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ ) الآية. [١٩٥].

__________________

[٢٨٣] مرسل ، وعزاه في الدر (٢ / ١٠٩) لعبد بن حميد وابن جرير.

[٢٨٤] في إسناده : يحيى بن عبد الحميد الحماني وهو متهم بسرقة الحديث.

وأخرجه النسائي في تفسيره (٣١٠) وذكره السيوطي في اللباب (ص ٦٩) قال الحافظ في الفتح (٨ / ٢٣٥) : فيه إشكال من جهة أن هذه السورة مدنية وقريش من أهل مكة ، ويحتمل أن يكون سؤالهم لذلك بعد أن هاجر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى المدينة ولا سيما في زمن الهدنة أ. ه.

١٤٢

٢٨٥ ـ أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم النَّصْرَابَادِي ، أخبرنا أبو عمرو إسماعيل بن نجيد ، حدَّثنا جعفر بن محمد بن سوار ، أخبرنا قتيبة بن سعيد ، عن سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن سلمة بن عمر بن أبي سَلَمة ـ رجل من ولد أم سلمة ـ قال :

قالت أم سلمة : يا رسول الله ، لا أَسْمَعُ الله ذَكَرَ النساءَ في الهجرة بشيء. فأنزل الله تعالى :( فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ) الآية. رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه ، عن أبي عون محمد بن أحمد بن ماهان ، عن محمد بن علي بن زيد ، عن يعقوب بن حميد ، عن سفيان.

[١٣١]

قوله تعالى :( لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ ) . [١٩٦].

٢٨٦ ـ نزلت في مشركي مكة ، وذلك أنهم كانوا في رخاء ولين من العيش ، وكانوا يَتّجِرُونَ ويتنعمون ، فقال بعض المؤمنين : إن أعداء الله فيما نرى من الخير ، وقد هلكنا من الجوع والجهد. فنزلت هذه الآية.

[١٣٢]

قوله تعالى :( وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ ) الآية. [١٩٩].

٢٨٧ ـ قال جابر بن عبد الله ، وأنس ، وابن عباس ، وقتادة :

__________________

[٢٨٥] أخرجه الترمذي في كتاب التفسير (٣٠٢٣).

وأخرجه الحاكم (٢ / ٣٠٠) من طريق مجاهد عن أم سلمة وصححه ووافقه الذهبي ، وأخرجه ابن جرير (٤ / ١٤٣).

وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٦٩) وزاد نسبته لعبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وزاد نسبته في الدر (٢ / ١١٢) لابن المنذر والطبراني.

[٢٨٦] بدون سند.

[٢٨٧] حديث جابر بن عبد الله أخرجه ابن جرير (٤ / ١٤٦) وفي إسناده عنده أبو بكر الهذلي ، قال الحافظ في التقريب [٢ / ٤٠١] : متروك.

١٤٣

نزلت في النجاشي ، وذلك [أنه] لما مات نعاه جبريل ،عليه‌السلام لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، في اليوم الذي مات فيه. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لأصحابه : اخرجوا فصلوا على أخ لكم مات بغير أرضكم. فقالوا : ومن هو؟ فقال : النجاشي ، فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى البَقِيع ، وكُشِفَ له من المدينة إلى أرض الحبشة ، فأبصر سرير النجاشي ، وصلى عليه ، وكبّر أربع تكبيرات ، واستغفر له ، وقال لأصحابه : استغفروا له. فقال المنافقون : انظروا إلى هذا يصلي على عِلْجٍ حَبَشِيّ نَصْرَاني ، لم يره قط ، وليس على دينه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

٢٨٨ ـ أخبرنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن عبد الله بن يوسف ، حدَّثنا أبو عمرو محمد بن جعفر بن مطر إملاء ، قال : أخبرنا جعفر بن محمد بن سنان الواسطي ، أخبرنا أبو هانئ محمد بن بكار الباهلي ، حدَّثنا المُعْتَمِر بن سليمان ، عن حميد ، عن أنس قال :

قال نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لأصحابه : قوموا فصلوا على أخيكم النجاشي ، فقال بعضهم لبعض : يأمرنا أن نصلي على عِلْج من الحبشة! فأنزل الله تعالى :( وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ ) الآية.

٢٨٩ ـ وقال مجاهد وابن جريج وابن زيد : نزلت في مؤمني أهل الكتاب كلّهم.

[١٣٣]

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا ) الآية. [٢٠٠].

__________________

[٢٨٨] في إسناده حميد بن أبي حميد الطويل : قال الحافظ في التقريب : ثقة مدلس ، والحديث أخرجه الطبراني في الأوسط (٢٦٨٨) والبزار (٨٣٢ كشف).

وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٣ / ٣٨) وقال : رواه البزار والطبراني في الأوسط ورجال الطبراني ثقات أ. ه.

وعزاه في الدر (٢ / ١١٣) للنسائي والبزار وابن أبي حاتم وابن مردويه.

وقد أخرجه النسائي في التفسير (١٠٨)

[٢٨٩] مرسل.

١٤٤

٢٩٠ ـ أخبرنا سعيد بن أبي عمرو الحافظ ، أخبرنا أبو علي الفقيه ، حدَّثنا محمد بن معاذ المَالِيني. حدَّثنا الحسين بن الحسن بن حرب المروزي ، حدَّثنا ابن المبارك ، أخبرنا مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير ، حدَّثني داود بن صالح ، قال :

قال أبو سلمة بن عبد الرحمن : يا ابن أخي ، هل تدري في أي شيء نزلت هذه الآية :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا ) ؟ قال : قلت : لا ، قال : إنه يا ابن أخي لم يكن في زمان النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم غَزْو يُرابطُ فيه ، ولكن انتظار الصلاة خلف الصلاة. رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه ، عن أبي محمد المزني ، عن أحمد بن نجدة ، عن سعيد بن منصور ، عن ابن المبارك.

__________________

[٢٩٠] مرسل : أخرجه ابن جرير (٤ / ١٤٨) ، وأخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٣٠١) من حديث أبي هريرة وصححه ووافقه الذهبي.

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٢ / ١١٣) لابن المبارك وابن المنذر والبيهقي في الشعب.

١٤٥

سورة النساء

١٣٤

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قولهعزوجل :( وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ ) الآية. [٢].

٢٩١ ـ قال مقاتل والكلبي : نزلت في رجل من غطفان كان عنده مال كثير لابن أخ له يتيم ، فلما بلغ اليتيم ، طلب المال فمنعه عمه ، فترافعا إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فنزلت هذه الآية. فلما سمعها العم قال : أطعنا الله وأطعنا الرسول ، نعوذ بالله من الحُوبِ الكبير. فدفع إليه ماله ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : من يُوقَ شُحَّ نفسه ورجع به هكذا فإنه يَحُلُّ دَارَه. يعني جَنَّتَه. فلما قَبَضَ الفتى ماله أنفقه في سبيل الله تعالى ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : ثبت الأجر وبقي الوزر ، فقالوا : يا رسول الله ، قد عرفنا أنه ثبت الأجر ، فكيف بقي الوزر وهو ينفق في سبيل الله؟ فقال : ثبت الأجر للغلام ، وبقي الوزر على والده.

[١٣٥]

قوله تعالى :( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى ) الآية. [٣].

٢٩٢ ـ أخبرنا أبو بكر التَّمِيميّ ، أخبرنا عبد الله بن محمد ، حدَّثنا أبو

__________________

[٢٩١] مرسل.

[٢٩٢] أخرجه البخاري في كتاب الشركة (٢٤٩٤) وفي كتاب التفسير (٤٥٧٤)

أخرجه مسلم في كتاب التفسير (٧ / ٣٠١٨) ص ٢٣١٤.

١٤٦

يحيى ، حدَّثنا سهل بن عثمان ، حدَّثنا يحيى بن أبي زائدة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة في قوله تعالى :( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا ) الآية ، قالت :

أنزلت هذه في الرجل يكون له اليتيمة وهو وليها ، ولها مال ، وليس لها أحد يخاصم دونها ، فلا يُنْكِحُها حُبّاً لِمَالها وَيَضرُّ بها ويسيء صحبتها ، فقال الله تعالى :( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ ) يقول : ما أحللت لكم ودع هذه. رواه مسلم عن أبي كُرَيب ، عن أبي أسامة ، عن هشام.

٢٩٣ ـ وقال سعيد بن جُبَير ، وقتادة ، والربيع ، والضّحاك ، والسّدي :

كانوا يتحرجون عن أموال اليتامى ، ويترخصون في النساء ويتزوجون ما شاءوا ، فربما عدلوا ، وربما لم يعدلوا ، فلما سألوا عن اليتامى ونزلت آية اليتامى :( وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ ) الآية ـ أنزل الله تعالى أيضاً :( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى ) الآية.

يقول : وكما خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى ، فكذلك فخافوا في النساء أن لا تعدلوا فيهن ، فلا تتزوجوا أكثر مما يمكنكم القيام بحقهن ، لأن النساء كاليتامى في الضعف والعجز. وهذا قول ابن عباس في رواية الوَالبي.

[١٣٦]

قوله تعالى :( وَابْتَلُوا الْيَتامى ) الآية. [٦].

٢٩٤ ـ نزلت في ثابت بن رفاعة وفي عمه وذلك أن رفاعة توفي وترك ابنه ثابتاً وهو صغير ، فأتى عم ثابت إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال له : إن ابن أخي يتيم في حجري فما يحل لي من ماله ، ومتى أدفع إليه ماله؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية.

__________________

وأخرجه ابن جرير (٤ / ١٥٥) والنسائي في تفسيره (١١٠).

وعزاه السيوطي في الدر (٢ / ١١٨) للبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في السنن.

[٢٩٣] انظر السابق.

[٢٩٤] الدر (٢ / ١٢٢) وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة.

١٤٧

١٣٧

قوله تعالى :( لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ ) الآية. [٧].

٢٩٥ ـ قال المفسرون : إن أوس بن ثابت الأنصاري توفي وترك امرأة يقال لها : أم حُجَّة وثلاث بنات له منها ، فقام رجلان : هما ابنا عم الميت ووصياه ، يقال لهما : / سُوَيْد وعَرْفَجَة ، فأخذا ماله ولم يعطيا امرأته ولا بناته شيئاً ، وكانوا في الجاهلية لا يُوَرِّثُون النساء ولا الصغير وإن كان ذكراً ، إنما يورثون الرجال الكبار ، وكانوا يقولون : لا يُعطى إِلا من قاتل على ظهر الخيل وحاز الغنيمة. فجاءت أم حُجَّة إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالت : يا رسول الله إن أوس بن ثابت مات وترك عليَّ بنات وأنا امرأته ، وليس عندي ما أنفق عليهن ، وقد ترك أبوهن مالاً حسناً وهو عند سُوَيد وعَرْفَجَة ، لم يعطياني ولا بناته من المال شيئاً ، وهن في حجري ، ولا يطعماني ولا يسقياني ولا يرفعان لهن رأساً. فدعاهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالا : يا رسول الله ، ولدها لا يركب فرساً ، ولا يحمل كلّا ، ولا يُنْكي عدواً. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم انصرفوا حتى أَنظر ما يحدث الله لي فيهن. فانصرفوا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[١٣٨]

قوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً ) الآية. [١٠].

٢٩٦ ـ قال مقاتل بن حيان : نزلت في رجل من غطفان يقال له : مَرْثَد بن زيد ، وَلِيَ مالَ ابن أخيه وهو يتيم صغير فأكله ، فأنزل الله تعالى فيه هذه الآية.

[١٣٩]

قوله تعالى :( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ ) الآية. [١١].

٢٩٧ ـ أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر ، أخبرنا الحسن بن أحمد

__________________

[٢٩٥] الدر (٢ / ١٢٢) ، لباب النقول ص ٧٠.

وقد ذكر هذه القصة الحافظ ابن حجر في الإصابة (١ / ٨٠) في ترجمة أوس بن ثابت.

[٢٩٦] إصابة (٣ / ٣٩٧) في ترجمة مرثد بن زيد الغطفاني.

[٢٩٧] أخرجه البخاري في كتاب التفسير (٤٥٧٧).

١٤٨

المخلدي ، أخبرنا المُؤَمَّل بن الحسن بن عيسى ، قال : حدَّثنا الحسن بن محمد بن الصباح قال : حدَّثنا حجاج عن ابن جريج ، قال : أخبرني ابن المُنْكَدِر ، عن جابر قال :

عادني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبو بكر في بني سلمة يمشيان ، فوجدني لا أعقل ، فدعا بماء فتوضأ ثم رش عليَّ منه فأفقت ، فقلت : كيف أصنع في مالي يا رسول الله؟ فنزلت :( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) الآية.

رواه البخاري عن إبراهيم بن موسى ، عن هشام.

ورواه مسلم عن محمد بن حاتم ، عن حجاج كلاهما عن ابن جريج.

٢٩٨ ـ أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد المنصوري ، قال : أخبرنا علي بن

__________________

ومسلم في الفرائض (٦ / ١٦١٦) ص ١٢٣٥.

والنسائي في التفسير (١١١) وزاد المزي نسبته في تحفة الأشراف (٣٠٦٠)

للنسائي في الطهارة والفرائض في الكبرى.

وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٦ / ٢١٢).

وأخرجه أبو داود في الفرائض (٢٨٨٦) والترمذي في التفسير (٣٠١٥) والنسائي في التفسير (١٥٤) وابن ماجة في الجنائز (١٤٣٦) وفي الفرائض (٢٧٨) من طريق سفيان بن عيينة عن محمد بن المنكدر به.

وأخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٣٠٣) من طريق عمرو بن أبي قيس عن محمد بن المنكدر به وقال الحاكم : هذا إسناد صحيح.

وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٧٠).

وزاد نسبته في الدر (٢ / ١٢٤) لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.

[٢٩٨] صحيح : أخرجه أبو داود في الفرائض (٢٨٩١ ـ ٢٨٩٢).

والترمذي في الفرائض (٢٠٩٢) وقال : هذا حديث صحيح.

وابن ماجة في الفرائض (٢٧٢٠).

وأحمد في مسنده (٣ / ٣٥٢) والحاكم في المستدرك (٤ / ٣٣٤ ، ٣٤٢) وصححه ووافقه الذهبي والبيهقي في السنن (٦ / ٢٢٩).

وأورده السيوطي في لباب النقول (ص ٧١).

وزاد نسبته في الدر (٢ / ١٢٥) لابن سعد وابن أبي شيبة ومسدد وأبي داود الطيالسي وابن أبي عمرو وابن منيع وابن أبي أسامة وأبي يعلى وابن أبي حاتم وابن حبان.

١٤٩

عمر بن مهدي قال : حدَّثنا يحيى بن صاعد ، قال : حدَّثنا أحمد بن المقدام ، قال : حدَّثنا بشر بن المفضل قال : حدَّثنا عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر بن عبد الله ، قال :

جاءت امرأة [إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ] بابنتين لها فقالت : يا رسول الله ، هاتان بنتا ثابت بن قيس ـ أو قالت سعد بن الرَّبيع ـ قتل معك يوم أحد ، وقد اسْتَفَاءَ عمهما مالهما وميراثهما ، فلم يدع لهما مالاً إلا أخذه ، فما ترى يا رسول الله؟ فو الله ما ينكحان أبداً إلا ولهما مال. فقال : يقضي الله في ذلك ، فنزلت سورة النساء وفيها :( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) إلى آخر الآية ، فقال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : ادع لي المرأة وصاحبها ، فقال لعمهما : أعطهما الثلثين ، وأعط أمهما الثمن ، وما بقي فلك.

[١٤٠]

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً ) الآية. [١٩].

٢٩٩ ـ أخبرنا أبو بكر الأصفهاني ، قال : حدَّثنا عبد الله بن محمد الأصفهاني ، قال : حدَّثنا أبو يحيى قال : حدَّثنا سهل بن عثمان قال : حدَّثنا أسباط بن محمد ، عن الشيباني ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال أبو إسحاق الشيباني ـ وذكره عطاء بن الحسين السُّوَائي ولا أظنه ذكره إلا عن ابن عباس في هذه الآية( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً ) قال :

__________________

وللحافظ ابن حجر تعليق على هذا الحديث والذي قبله : انظر الفتح (٨ / ٢٤٤) شرح الحديث رقم (٤٥٧٧)

[٢٩٩] أخرجه البخاري في التفسير (٤٥٧٩).

وفي الإكراه (٦٩٤٨).

وأخرجه أبو داود في النكاح (٢٠٨٩).

والنسائي في التفسير (١١٤) وأخرجه ابن جرير (٤ / ٢٠٧) ، وذكره السيوطي في لباب النقول (ص) ٧٢) وأخرجه البيهقي في السنن (٧ / ١٣٨) وزاد نسبته في الدر (٢ / ١٣١) لابن المنذر وابن أبي حاتم.

١٥٠

كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته ، إن شاء بعضهم تزوجها ، وإن شاءوا زوجوها ، وإن شاءوا لم يزوجوها ، وهم أحق بها من أهلها. فنزلت هذه الآية في ذلك. رواه البخاري في التفسير عن محمد بن مقاتل ، ورواه في كتاب الإكراه عن حسين بن منصور ، كلاهما عن أسباط.

٣٠٠ ـ قال المفسرون : كان أهل المدينة في الجاهلية وفي أول الإسلام إذا مات الرجل وله امرأة ، جاء ابنه من غيرها أو قريبه من عَصَبَتِهِ ، فألقى ثوبه على تلك المرأة فصار أحقّ بها من نفسها ومن غيره ، فإن شاء أن يتزوجها تزوَّجَها بغير صداق إلا الصداق الذي أصدقها الميت ، وإن شاء زوّجها غيره وأخذ صداقها ولم يعطها شيئاً ، وإن شاء عَضَلَهَا وضَارَّهَا لتفتدي منه بما ورثت من الميت ، أو تموت هي فيرثها ، فتوفي أبو قيس بن الأَسْلَت الأنصاري ، وترك امرأته كُبَيْشَة بنت معن الأنصارية فقام ابن له من غيرها يقال له : حصن ، وقال مقاتل : اسمه قيس بن أبي قيس ، فطرح ثوبه عليها فَوَرِث نكاحها ، ثم تركها فلم يقربها ولم ينفق عليها ، يضارها لتفتدي منه بمالها ، فأتت كبيشة إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالت : يا رسول الله ، إن أبا قيس توفي وورث ابنه نكاحي ، وقد أضرّ بي وطوّل عليّ ، فلا هو ينفق عليّ ولا يدخل بي ، ولا هو يخلي سبيلي. فقال لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : اقعدي في بيتك حتى يأتي فيك أمر الله. قال : فانصرفت ، وسمعت بذلك النساء في المدينة ، فأتين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وقلن : ما نحن إلا كهيئة كبيشة غير أنه لم ينكحنا الأبناء ، ونكحنا بنو العم. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[١٤١]

قوله تعالى :( وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ ) الآية. [٢٢].

٣٠١ ـ نزلت في حصن بن أبي قيس ، تزوج امرأة أبيه : كبيشة بنت معن.

__________________

[٣٠٠] ابن جرير (٤ / ٢٠٧).

وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٧٢) وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم بإسناد حسن.

وذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري (٨ / ٢٤٧) شرح الحديث رقم (٤٥٧٩) وذكره في الإصابة (٤ / ١٦٢) ترجمة أبي قيس بن الأسلت.

[٣٠١] أخرجه ابن جرير عن عكرمة (٤ / ٢١٧).

الدر (٢ / ١٣٤) وعزاه لابن أبي حاتم والفريابي وابن المنذر والطبراني.

١٥١

وفي الأسود بن خلف ، تزوج امرأة أبيه. وصفوان بن أمية بن خلف ، تزوج امرأة أبيه : فَاخِتة بنت الأسود بن المطلب. وفي مَنْظُور بن زبّان تزوج امرأة أبيه : مليكة بنت خارجة.

٣٠٢ ـ وقال أشعث بن سَوَّار : توفي أبو قيس ـ وكان من صالحي الأنصار ـ فخطب ابنُه قيس امرأة أبيه ، فقالت : إني أعدك ولداً ، ولكني آتي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أستأمره. فأتته فأخبرته ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[١٤٢]

قوله تعالى :( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) [٢٤].

٣٠٣ ـ أخبرنا محمد بن عبد الرحمن البُنَانِي قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن حمدان قال : أخبرنا أبو يعلى ، قال : أخبرنا عمرو الناقد ، قال : أخبرنا أبو أحمد الزبيري قال : حدَّثنا سفيان ، عن عثمان البَتِّي ، عن أبي الخَليل ، عن أبي سعيد الخُدْري قال :

أصبنا سبايا يوم أَوطاسَ لهنَّ أزواج ، فكرهنا أن نقع عليهن ، فسألنا النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فنزلت :( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) فاستحللناهن.

__________________

[٣٠٢] البيهقي في السنن (٧ / ١٦١) من طريق أشعث بن سوار عن عدي بن ثابت الأنصاري وقال البيهقي : هذا مرسل.

وقال السيوطي في الدر (٢ / ١٣٤) : عند ابن أبي حاتم : عن عدي بن ثابت عن رجل من الأنصار.

قلت : أشعث بن سوار ضعيف (تقريب ١ / ٧٩) و (المجروحين ١ / ١٧١)

[٣٠٣] أخرجه مسلم في الرضاع (٣٥ ، ٣٥ مكرر / ١٤٥٦) ص ١٠٨٠.

وأخرجه الترمذي في النكاح (١١٣٢) وقال : هذا حديث حسن. وفي التفسير (٣٠١٧).

والنسائي في التفسير (١١٧) وأخرجه أحمد في مسنده (٣ / ٧٢).

وأخرجه ابن جرير (٥ / ٣).

وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٧٣).

وزاد نسبته في الدر (٢ / ١٣٧) للطيالسي والفريابي وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبي يعلي وابن أبي حاتم والطحاوي وابن حبان والبيهقي في السنن.

١٥٢

٣٠٤ ـ أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد بن الحارث ، قال : أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، قال : حدَّثنا أبو يحيى ، قال : حدَّثنا سهل بن عثمان ، أخبرنا عبد الرحيم ، عن أشعث بن سَوَّار ، عن عثمان البَتِّي ، عن أبي الخليل ، عن أبي سعيد قال :

لما سبا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أهل أوطَاس قلنا : يا نبي الله ، كيف نقع على نساء قد عرفنا أنسابهن وأزواجهن؟ فنزلت هذه الآية :( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) ).

٣٠٥ ـ أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي ، أخبرنا محمد بن عيسى بن عمْرَوَيْه ، حدَّثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدَّثنا مسلم بن الحجاج ، حدَّثني عبيد الله بن عمر القَوَارِيري ، حدَّثنا يزيد بن زرَيع ، حدَّثنا سعيد بن أبي عَرُوبَةَ عن قتادة ، عن أبي صالح أبي الخليل ، عن أبي علقمة الهاشمي ، عن أبي سعيد الخدري :

أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم حنين بعث جيشاً إلى أوطَاس ، ولقي عدواً فقاتلوهم فظهروا عليهم وأصابوا لهم سبايا ، وكان ناس من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، تحرَّجُوا من غِشْيَانِهِنّ من أجل أزواجهن من المشركين ، فأنزل الله تعالى في ذلك( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) .

[١٤٣]

قوله تعالى :( وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ ) [٣٢].

__________________

[٣٠٤] انظر السابق.

[٣٠٥] أخرجه مسلم في الرضاع (٣٣ ، ٣٤ / ١٤٥٦) ص ١٠٧٩.

وأبو داود في النكاح (٢١٥٥).

والترمذي في النكاح (١١٣٢ مكرر) وفي التفسير (٣٠١٦).

والنسائي في النكاح (٦ / ١١٠).

وفي التفسير (١١٦).

وأحمد في مسنده (٣ / ٨٤) والبيهقي في السنن (٩ / ١٢٤) وأخرجه ابن جرير (٥ / ٣) وانظر رقم (٣٠٣)

١٥٣

٣٠٦ ـ أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم الصّوفي ، أخبرنا إسماعيل بن نجيد ، حدَّثنا جعفر بن محمد بن سوَّار ، أخبرنا قُتَيْبَة ، حدَّثنا سفيان بن عُيَيْنَةَ ، عن ابن أبي نُجَيح ، عن مجاهد ، قال :

قالت أم سلمة : يا رسول الله ، يغزو الرجال ولا نغزو ، وإنما لنا نصف الميراث. فأنزل الله تعالى :( وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ ) .

٣٠٧ ـ أخبرنا محمد بن عبد العزيز : أن محمد بن الحسين أخبرهم عن محمد بن يحيى بن يزيد ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا عَتَّابُ بن بَشِير ، عن خُصيف ، عن عكرمة :

أن النساء سألن الجهاد فقلن : وَدِدْنَا أن الله جعل لنا الغزو فنصيب من الأجر ما يصيب الرجال. فأنزل الله تعالى :( وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ ) .

٣٠٨ ـ وقال قتادة والسدي : لما نزل قوله تعالى :( لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) قال الرجال : إنا لنرجو أن نُفَضِّل على النساء بحسناتنا في الآخرة كما فضَّلنا عليهن في الميراث ، فيكون أجرنا على الضعف من أجر النساء ، وقالت النساء : إنا لنرجو أن يكون الوزر علينا نصف ما على الرجال في الآخرة ، كما لنا الميراث على النصف من نصيبهم في الدنيا. فأنزل الله تعالى :( وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ ) .

__________________

[٣٠٦] أخرجه الترمذي في التفسير (٣٠٢٢) وقال : هذا حديث مرسل.

وأخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٣٠٥) وقال : هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين إن كان سمع مجاهد من أم سلمة ووافقه الذهبي.

وأخرجه ابن جرير (٥ / ٣٠) وذكره السيوطي في اللباب (ص ٧٣) وزاد السيوطي نسبته في الدر (٢ / ١٤٩) لعبد بن حميد وسعيد بن منصور وابن أبي حاتم.

[٣٠٧] إسناده ضعيف : عتاب بن بشير : قال الإمام أحمد : أحاديث عتاب عن خصيف منكرة وكذا قال ابن عدي [تهذيب التهذيب ترجمة عتاب بن بشير].

خصيف بن عبد الرحمن : مختلف فيه.

[٣٠٨] مرسل.

١٥٤

١٤٤

قوله تعالى :( وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ ) الآية [٣٣].

٣٠٩ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الفارسي ، قال : حدَّثنا محمد بن عبد الله بن حمويه الهَرَوِيّ ، قال أخبرنا علي بن محمد الخُزَاعي ، قال : حدَّثنا أبو اليمان الحكم بن نافع ، قال : أخبرني شُعَيب بن أبي حمزة ، عن الزّهري ، قال : قال سعيد بن المسيب :

نزلت هذه الآية :( وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ ) في الذين كانوا يَتَبَنَّوْنَ رجالاً غير أبنائهم ويورِّثونهم. فأنزل الله تعالى فيهم أن يُجْعَلَ لهم نَصِيبٌ في الوصية ، ورَدَّ اللهُ تعالى الميراثَ إلى الموالي من ذوي الرَّحم والعَصَبَةِ ، وأبى أن يجعل لِلْمُدّعَيْنَ ميراثاً ممن ادعاهم وتبناهم ، ولكن جعل [لهم] نصيباً في الوصية.

[١٤٥]

قوله تعالى :( الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ ) الآية. [٣٤].

٣١٠ ـ قال مقاتل : نزلت هذه الآية في سعد بن الرَّبِيع ، وكان من النُقَبَاء ، وامرأته حَبِيبَة بنت زَيد بن أبي زهير وهما من الأنصار ، وذلك أنها نَشَزَتْ عليه فلطمها ، فانطلق أبوها معها إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : أَفْرَشْتُهُ كريمتي فلطمها! فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : لتقتص من زوجها. وانصرفت مع أبيها لتقتص منه ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : ارجعوا ، هذا جبريلعليه‌السلام أتاني. وأنزل الله تعالى هذه الآية ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أردنا أمراً وأراد الله أمراً ، والذي أراد الله خير» ، ورفع القصاص.)

__________________

[٣٠٩] مرسل : أخرجه ابن جرير (٥ / ٣٥).

وله شاهد صحيح موصول عن ابن عباس : أخرجه البخاري في الكفالة. (٢٢٩٢) وفي التفسير (٤٥٨٠) وفي الفرائض (٦٧٤٧).

وأبو داود في الفرائض (٢٩٢٢) وزاد المزي نسبته في تحفة الأشراف (٥٥٢٣) للنسائي في الفرائض في الكبرى.

[٣١٠] مرسل ـ الإصابة (٢ / ٢٧)

١٥٥

٣١١ ـ أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد الزاهد ، قال : أخبرنا زاهر بن أحمد ، قال : أخبرنا أحمد بن الحسين بن الجنيد ، قال : حدَّثنا زياد بن أيوب ، قال : حدَّثنا هشيم قال : حدَّثنا يونس عن الحسن :

أن رجلاً لطم امرأَته فخاصمته إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فجاء معها أهلها فقالوا : يا رسول الله ، إِن فلاناً لطم صاحبتنا. فجعل رسول الله يقول : القصاص القصاص. ولا يقضي قضاء ، فنزلت هذه الآية :( الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ ) فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : أَردنا أَمراً وأَراد الله غيره.

٣١٢ ـ أخبرنا أبو بكر الحارثي ، قال : أخبرنا أبو الشيخ الحافظ ، قال : حدَّثنا أبو يحيى الرازي ، قال : حدَّثنا سهل العسكري ، قال : حدَّثنا علي بن هاشم ، عن إسماعيل ، عن الحسن ، قال :

لما نزلت آية القصاص بين المسلمين لطم رجل امرأته ، فانطلقت إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالت : إن زوجي لطمني فالقصاص ، قال : القصاص ، فبينا هو كذلك أَنزل الله تعالى :( الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ ) فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : أردنا أمراً فأبى الله تعالى [إلا غيرَه]. خذ أيها الرجل بيد امرأَتك.

[١٤٦]

قوله تعالى :( الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ ) [٣٧].

٣١٣ ـ قال أكثر المفسرين : نزلت في اليهود [حين] كتموا صفة محمدصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولم يبينوها للناس ، وهم يجدونها مكتوبة عندهم في كتبهم.

٣١٣١ م ـ وقال الكلبي : هم اليهود ، بخلوا أن يصدقوا من أتاهم بصفة محمدصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ونعته في كتابهم.

__________________

[٣١١] مرسل.

[٣١٢] مرسل. الدر (٢ / ١٥١) لباب (ص ٧٤)

[٣١٣] بدون إسناد.

[٣١٣١] م الكلبي ضعيف.

١٥٦

٣١٤ ـ وقال مجاهد : الآيات الثلاث إلى قوله :( عَلِيماً ) نزلت في اليهود.

٣١٥ ـ وقال ابن عباس ، وابن زيد : نزلت في جماعة من اليهود ، كانوا يأتون رجالاً من الأنصار يخالطونهم وينصحونهم ويقولون لهم : لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم الفقر ، فأنزل الله تعالى :( الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ ) .

[١٤٧]

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى ) الآية. [٤٣].

نزلت في أناس من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كانوا يشربون الخمر ويحضرون الصلاة وهم نَشَاوَى ، فلا يدرون كم يصلون ولا ما يقولون في صلاتهم.

٣١٦ ـ أخبرنا أبو بكر الأصفهاني ، قال : أخبرنا أبو الشيخ الحافظ ، قال : حدَّثنا أبو يحيى ، قال : حدَّثنا سهل بن عثمان ، قال : حدَّثنا أبو عبد الرحمن الأَفْرِيقي قال : حدَّثنا عطاء ، عن أبي عبد الرحمن ، قال :

صنع عبد الرحمن بن عوف طعاماً ، ودعا أناساً من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فطعموا وشربوا ، وحضرت صلاة المغرب فتقدم بعض القوم فصلى بهم المغرب فقرأ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) فلم يُقمْها ، فأنزل الله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ) .

__________________

[٣١٤] بدون إسناد.

[٣١٥] بدون إسناد ، الدر (٢ / ٢٦٢) ، لباب النقول (ص ٧٥)

[٣١٦] إسناده ضعيف : عطاء بن السائب اختلط ، وله علة أخرى وهي أنه مرسل. وله شاهد بإسناد صحيح موصول : أخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٣٠٧) من طريق سفيان عن عطاء وقال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وقد سمع سفيان من عطاء قبل الاختلاط. وأخرجه ابن جرير (٥ / ٦١) من طريق سفيان به.

١٥٧

[١٤٨]

قوله تعالى :( فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ) . [٤٣].

٣١٧ ـ أخبرنا أبو عبد الله بن أبي إسحاق ، قال : حدَّثنا أبو عمرو بن مطر ، قال : حدَّثنا إبراهيم بن علي الذُّهْلِي ، قال : حدَّثنا يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالك بن أنس ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة ، أنها قالت :

خرجنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، في بعض أسفاره ، حتى إذا كنا بالبَيْدَاء أو بِذَاتِ الجَيْش ، انقطع عقد لي فأقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، على التماسه ، وأقام الناس معه ، وليسوا على ماء وليس معهم ماء ، فأتى الناس إلى أبي بكر ، فقالوا : ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وبالناس معه [وليسوا على ماء] وليس معهم ماء. فجاء أبو بكر ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، واضعٌ رأسه على فخذي قد نام ، فقال : أَحَبَسْتِ رسولَ الله والناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء؟ قالت : فعاتبني أبو بكر وقال ما شاء الله أن يقول وجعل يطعن بيده في خاصرتي ، فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم على فخذي ، فنام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى أصبح على غير ماء ، فأنزل الله تعالى آية التيمم فتيمموا ، فقال أسيد بن حضير ـ وهو أحد النقباء ـ : ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر. قالت عائشة : فبعثنا البعير الذي

__________________

[٣١٧] أخرجه البخاري في التيمم (٣٣٤).

وفي كتاب النكاح (٥٢٥٠) مختصراً.

وأخرجه في فضائل الصحابة (٣٦٧٢) وفي كتاب التفسير (٤٦٠٧). وأخرجه في الحدود (٦٨٤٤) مختصراً.

وأخرجه مسلم في كتاب الحيض (١٠٨ / ٣٦٧) ص ٢٧٩.

والنسائي في الطهارة (١ / ١٦٣).

وفي التفسير (١٢٧).

وأخرجه مالك في الموطأ في كتاب الطهارة رقم ٨٩ (ص ٥٣).

وأخرجه ابن جرير (٥ / ٦٩) مختصراً.

والبيهقي في السنن الكبرى (١ / ٢٠٤)

١٥٨

كنت عليه فوجدنا العقد تحته. رواه البخاري عن إسماعيل بن أبي أويس ، ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى : كلاهما عن مالك.

٣١٨ ـ أخبرنا أبو محمد الفارسي ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الله بن الفضل ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ ، قال : حدَّثنا محمد بن يحيى ، قال : حدَّثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، قال : حدَّثنا أبي ، عن أبي صالح ، عن ابن شهاب ، قال : حدَّثني عبيد الله بن عبد الله بن عُتْبَةَ ، عن ابن عباس ، عن عَمّار بن يَاسِر ، قال :

عرّس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بذات الجيش ، ومعه عائشة زوجته ، فانقطع عقد لها من جذع ظَفَار فحبس الناس ابتغاء عقدها ذلك حتى أضاء الفجر ، وليس مع الناس ماء [فتغيّظ عليها أبو بكر وقالت : حبست الناس]. فأنزل الله تعالى على رسولهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قصة التطهُّر بالصَّعيد الطَّيب ، فقام المسلمون فضربوا بأيديهم الأرض ثم رفعوا أيديهم ، فلم يقبضوا من التراب شيئاً ، فمسحوا بها وجوههم وأيديهم إلى المناكب ، وبطون أيديهم إلى الآباط.

قال الزهري : وبلغنا أن أبا بكر قال لعائشة : والله إنك ما علمتُ لمباركة.

[١٤٩]

قوله تعالى :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ ) الآية [٤٩].

٣١٩ ـ قال الكلبي : نزلت في رجال من اليهود أتوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بأطفالهم ، وقالوا : يا محمد هل على أولادنا هؤلاء من ذنب؟ قال : لا ، فقالوا : والذي نحلف به ، ما نحن إلا كهيئتهم ، ما من ذنب نعمله بالنهار إلا كُفّرَ عنا بالليل ، وما من

__________________

[٣١٨] أخرجه أبو داود في الطهارة (٣٢٠).

والنسائي في الطهارة (١ / ١٦٧) في الصغرى.

وأحمد في مسنده (٤ / ٢٦٣) والبيهقي في السنن (١ / ٢٠٨).

وأخرجه ابن جرير (٥ / ٧٢).

وعزاه السيوطي في الدر (٢ / ١٦٧) لابن جرير والبيهقي.

[٣١٩] الكلبي ضعيف.

١٥٩

ذنب نعمله بالليل إلا كُفّر عنا بالنهار. فهذا الذي زكوا به أنفسهم.

[١٥٠]

قوله تعالى :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ ) . [٥١].

٣٢٠ ـ أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى ، قال : أخبرنا والدي ، قال : حدَّثنا محمد بن إسحاق الثقفي ، قال : حدَّثنا عبد الجبار بن العلاء ، قال : حدَّثنا سفيان عن عمرو ، عن عكرمة ، قال :

جاء حُيَيّ بن أخْطَب ، وكَعْبُ بن الأشْرَف إلى أهل مكة ، فقالوا لهم : أَنتم أهل الكتاب ، وأهل العلم القديم ، فأخبرونا عنا وعن محمد. قالوا : ما أنتم وما محمد؟ قالوا : نحن ننحر الكَوْمَاءَ ، ونَسْقِي اللبن على الماء ، ونَفك العُناة ، ونصل الأرحام ، ونَسْقِي الحَجِيج ، وديننا القديم ، ودين محمد الحديث. قالوا : بل أنتم خير منه وأهدى سبيلاً ، فأنزل الله تعالى :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ ) إلى قوله تعالى :( وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً ) .

٣٢١ ـ وقال المفسرون : خرج كعب بن الأشرف في سبعين راكباً من اليهود إلى مكة بعد وقعة أُحد ، ليحالفوا قريشاً على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وينقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم . فنزل كعب على أبي سفيان ، ونزلت اليهود في دور قريش ، فقال أهل مكة : إنكم أهل كتاب ، ومحمد صاحب كتاب ، ولا نأمن أن يكون هذا مكراً منكم ، فإن أردت أن نخرج معك فاسجد لهذين الصنمين ، وآمن بهما. فذلك قوله :( يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ ) ثم قال كعب لأهل مكة : ليجيءْ منكم ثلاثون ومنا ثلاثون ، فنلزق أكبادنا بالكعبة ونعاهد رب البيت لنجهدن على قتال محمد. ففعلوا ذلك ، فلما فرغوا قال أبو سفيان لكعب : إنك امرؤ تقرأ الكتاب وتعلم ، ونحن أميون لا نعلم ، فأيّنا أهدى طريقاً وأقرب إلى الحق ، أنحن أم

__________________

[٣٢٠] مرسل ، عزاه في الدر (٢ / ١٧١) لسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم.

[٣٢١] بدون إسناد.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279