السّلام في القرآن والحديث

السّلام في القرآن والحديث18%

السّلام في القرآن والحديث مؤلف:
الناشر: دار الأضواء
تصنيف: كتب الأخلاق
الصفحات: 320

السّلام في القرآن والحديث
  • البداية
  • السابق
  • 320 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 40239 / تحميل: 7386
الحجم الحجم الحجم
السّلام في القرآن والحديث

السّلام في القرآن والحديث

مؤلف:
الناشر: دار الأضواء
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

الفـصل الخامـس

السَـلام قَـبل الـكـلاَم

٨١
٨٢

السـلام قبـل الكـلام

من الإدب الإسلامي السامي الابتداء بالسلام عند المواجهة ، التي لها جمالها وكرامتها ، ومن ثّم جاء الأمر به قبل كلّ شيءٍ ، في الكتاب العزيز ، والأحاديث المرويّة عن أهل البيتعليهم‌السلام .

من الكتاب العزيز آي :

١ ـ( وَإِذا جاءَكَ الّذينَ يُؤْمِنُونَ بآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) (١) . أمر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند مجيء المؤمنين ومواجهتهم بالسلام عليهم قبل تبليغ البشارة بشمول الرحمة للتائبين منهم ، وسائر الأمور.

٢ ـ( يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيكُمْ ادْخُلُوا الجَنَّةَ بِما كُنْتُم تَعْمَلُونَ ) (٢) . بدأت الملائكة بالسلام على العاملين قبل قولهم لهم : ادخلوا الجنة.

٣ ـ( قال سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبّي إنَّهَ كانَ بي حَفِيّاً ) (٣) . قدّم إبراهيمعليه‌السلام السلام على آزر ، ثم ضمن له أن يستغفر له.

__________________

١ ـ الأنعام : ٥٤.

٢ ـ النحل : ٣٢.

٣ ـ مريم : ٤٧.

٨٣

٤ ـ( إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قال إِنّا مِنْكم وَجِلُونَ ) (١) . كان سلام الملائكة المبشرة لإبراهيمعليه‌السلام قبل تبادل الكلام بينهم.

ففي الآي المتلوّة نوع من الدلالة على قبليّة السلام على الكلام.

والأحاديث المروية عن أهل البيتعليهم‌السلام منها :

١ـ النبوي : « من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه وقال : ابدأوا بالسلام قبل الكلام ، فمن بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه »(٢) .

٢ ـ الصادقي قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه »(٣) .

٣ ـ الآخر : « ولا تدع إلى طعامك أحداً حتى يسلّم »(٤) .

٤ ـ النبوي : « السلام قبل السؤال ، فمن بدأكم بالسؤال قبل السلام فلا تجيبوه »(٥) .

٥ ـ الآخر : « لا تأذنوا لمن لم يبدأ بالسلام »(٦) .

٦ ـ الحسيني أي الحديث المروي عن الحسينعليه‌السلام : « قال له رجل ابتداءً كيف أنت عافاك الله؟ فقالعليه‌السلام له : السلام قبل الكلام عافاك الله ، ثم قالعليه‌السلام : لا تأذنوا لأحد حتى يسلّم »(٧) .

أقـول :

لا مانع أن تكون كلمة قالها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقولها أحد المعصومينعليهم‌السلام أيضاً(٨) .

__________________

١ ـ الحجر : ٥٢.

٢ ـ أصول الكافي ٢ | ٦٤٤ ، باب التسليم ، الحديث ٢.

٣ ـ الوسائل ٨ | ٤٣٧.

٤ ـ الوسائل ٨ | ٤٣٧ ، البحار ٧٦ | ٣.

٥ ـ كنز العمال ٩ | ١٢٢ ، الرقم ٢٥٢٩٢.

٦ ـ كنز العمال ٩ | ١٢٩ ، الرقم ٢٥٣٣٦.

٧ ـ تحف العقول ٢٤٦ ، في قصار هذه المعاني ، البحار ٧٨ | ١١٧.

٨ ـ كما في حديث ١ و ٢.

٨٤

ثم إن دعاء الإمام الحسينعليه‌السلام بالعافية للرجل من تطابق الجواب والسؤال ، وللتنبيه له بالأدب الإسلامي ، والإنساني عند المواجهة وافتتاح الكلام بالسلام ، وتعليم الجاهل بالأحكام ، وأنه كالمريض الذي ينبغي له الدعاء بالعافية ، وإن كان التعارف بهذه الكلمة لمجرد الدعاء ، ومن التحية ، ولكن الإمامعليه‌السلام نوى بها التنبيه والتعليم ، وغيرهما من المعاني المتناسبة.

ثم إن النهي المشدد عن الكلام قبل السلام ؛ لصون كرامة المواجهة ورعاية حقوق الأخوّة الإسلامية ، بل وحقّ إنسان مع إنسان آخر وهو السلام الضامن عن نيل الشر ، وقد سبق حديث الصدوق عن الصادقعليه‌السلام وفيه الجواب عن سؤال معنى التسليم في الصلاة؟ فقال : التسليم علامة الأمن ، وتحليل الصلاة ـ إلى أن قالعليه‌السلام : ـ كان الناس فيما مضى إذا سلّم عليهم وارد أمنوا شرّه ، وكانوا إذا ردّوا عليه أمن شرّهم(١)

والعادة مستمرة بين بعض طوائف العرب : إذا دخل داخل عليهم ولم يسلّم أو لم يأكل من طعام ربّ البيت ، خيف منه ، وعلم أنّه أضمر أمراً لابد منه ، والسلام أو أكل الطعام عندهم علامة الأمن منه.

٧ ـ العلوي : « أمرنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا مرّ بنا رجل ولم يسلّم والطعام بين أيدينا أن لا ندعوه إليه »(٢) .

__________________

١ ـ الوسائل ٤ | ١٠٠٦ ، معاني الأخبار ١٧٦.

٢ ـ مستدرك الوسائل ٨ | ٣٥٦.

٨٥
٨٦

الفـصل السـادس

سَـلاَم الاستـئذَان وَالإعـلاَم

٨٧
٨٨

سلام الاستئذان والإعلام

المهمة هنا رعاية حقوق الناس ، والحظر عن أي تصرف فيها بلا إذن سابق ، وأنّ حُرمة أموالهم كحُرمة دمائهم ، والدخول في بيوتهم وممتلكاتهم بدون إجازة مُسبقة منهي عنه بالكتاب العزيز ، وسنة رسول الله ، وأحاديث أهل البيت عليهم سلام الله تعالى.

فمن الكتاب العزيز آية :

١ ـ( يأَيّها الّذينَ ءامَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غُيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ذلِكُم خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلّكُم تَذَّكَرُونَ * فَإِنْ لَمْ تَجدُوا فيها أَحَداً فَلا تَدْخُلُوها حَتّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وإِنْ قِيلَ لَكُم اِرجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكى لَكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ عَليمٌ ) (١) .

التفسـير :

قال الشيخ الصدوق طاب ثراه : حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرحمه‌الله قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ومحسن بن أحمد ، عن أبان بن الأحمر ، عن

__________________

١ ـ النور : ٢٧ ـ ٢٨. اشتملت على أحكام وآداب تخص الحقوق منها : المنع من دخول البيوت غير بيت الداخل قبل الاستئذان والتسليم ، والرجوع عند عدم الإذن ، والإذن في الدخول لمرة ويجب الاستئذان للمرة الأخرى كما في النبوي الوسائل ٨ | ٩٨٥. إلا في الإذن الصريح في الدوام.

٨٩

عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : « سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عزّ وجلّ :( لا تَدْخلُوا بيُوتاً غَيرَ بيُوتِكُمْ حَتّى تَستَأنِسُوا وتُسَلِمُوا عَلى أَهلِها ) ؟ قال : الاستئناس وقع النعل والتسليم »(١) .

وعن أبي أيوب الأنصاري قال : قلنا : يا رسول الله ما الاستئناس؟ قال : « يتكلم الرجل بالتسبيحة والتحميدة والتكبيرة ، يتـنحنح على أهل البيت »(٢) وفي رواية : « ويؤذن أهل البيت »(٣) .

ولا ينافى التسبيح والتحميد والتكبير والتنحنح مع التسليم ، لأنها ليست من نوع الكلام الممنوع قبل السلام ، وكل ذلك للإسماع والاستئذان ووجوهه ثلاثة :

قال الشيخ الصدوق : حدثنا محمد بن الحسنرضي‌الله‌عنه قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه ، عن علي بن أسباط ، عن عمه يعقوب بن سالم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « الاستئذان ثلاثة : أوّلهنّ يسمعون ، والثانية يحذرون ، والثالثة إن شاؤوا أذنوا ، وإن شاؤوا لم يفعلوا فيرجع المستأذن »(٤) .

وقال الطبرسي : روي أنّ رجلاً استأذن على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فتنحنح ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لامرأة يقال لها روضة : « قومي إلى هذا فعلميه وقولي له : قل : السلام عليكم أأدخل؟ فسمعها الرجل ، فقالها ، فقال : ادخل »(٥) .

وقال القمي : الاستئناس هو الاستئذان(٦) .

__________________

١ ـ معاني الأخبار ١٦٣.

٢ ـ تفسير مجمع البيان ٧ | ١٣٥ ، تفسير نور الثقلين ٣ | ٥٨٥.

٣ ـ مجمع البحرين ـ أنس ـ.

٤ ـ الخصال ١ | ٩١.

٥ ـ تفسير مجمع البيان ٧ | ١٣٦ ، تفسير نور الثقلين ٣ | ٥٨٦ ، تفسير الميزان ١٥ | ١١٥.

٦ ـ تفسير القمي ٢ | ١٠١.

والنبوي : « سئل عن الاستئذان في البيوت؟ قال : من دخلت عينه قبل أن يستأذن فقد عصى الله ولا إذن له ». الدرّ المنثور ٥ | ٣٩.

٩٠

أقـول : قوله تعالى :( حَتّى تَسْتَـأْنِسُوا ) قيل فيه وجهان :

أحدهما : أنه من الاستئناس الظاهر الذي هو خلاف الاستيحاش ، لأن الذي يطرق باب غيره لا يدري أيؤذن له أم لا؟ فهو كالمستوحش من خفاء الحال عليه ، فإذا أذن له استأنس ، فالمعنى : حتى يؤذن لكم كقوله :( لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم ) (١) وهذا من باب الكناية والإرداف(٢) ، لأن هذا النوع من الاستئناس يردف الإذن فوضع موضع الإذن.

والثاني : أن يكون من الاستئناس الذي هو الاستعلام والاستكشاف : استفعال من أنس الشيء إذا أبصره ظاهراً مكشوفاً. والمعنى حتى تسلّموا وتستكشفوا الحال هل يراد دخولكم أم لا(٣) ؟

وقيل : كان أهل الجاهلية يقول الرجل منهم إذا دخل بيتاً غير بيته : حُيّيتم صباحاً وحُيّيتم مساءً ، ثم يدخل ، فربّما أصاب الرجل مع امرأته في لحاف واحد ، فصد الله عن ذلك ، وعلم الأحسن والأجمل.

وكم من باب من أبواب الدين هو عند الناس كالشريعة المنسوخة قد تركوا العمل به ، وباب الاستئذان من ذلك : بينا أنت في بيتك إذا رعف عليك الباب بواحد من غير استئذان ولا تحية من تحايي إسلام ولا جاهلية ، وهو ممَّن سمع ما أنزل الله فيه ، وما قال رسول الله ، صلّى الله عليه ـ وآله ـ وسلم ، ولكن أين الأُذن الواعية(٤) ؟.

ولدخول بيوت الأهل ، والأرحام ، والمشاهد ، والأعتاب المقدسة ، وبيوت الله جلّ جلاله ، آداب قد بينها الكتاب والحديث ، فمن الأول قوله تعالى :

__________________

١ ـ الأحزاب : ٥٣.

٢ ـ من جعل الشيء رديفاً لآخر ، وصرح في المتن بالمقصود.

٣ ـ تفسير الكشاف ٣ | ٢٢٦ ، ومنه آية( ءانَسَ مِن جانِب الطُّورِ ناراً ). القصص : ٢٩. أي : أبصر ناراً ، وكان نور الربّ تعالى قد تجلى للجبل.

٤ ـ تفسير الكشاف ٣ | ٢٢٧.

٩١

 ١ ـ( فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون ) (١) . وصدر الآية نفي الحرج عن الأعمى ، والأعرج ، والمريض(٢) ، وأرباب البيوت ، من دخولها والأكل منها ، وبيوت الآباء ، والأمهات ، والإخوة ، والأخوات ، والأعمام ، والعمات ، والأخوال ، والخالات ، ومالكي المفاتيح ، والأصدقاء ، أن يأكلوا جميعاً أو أشتاتاً ثم قال عزّ وجلّ :( فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا ) .

ويريد تعالى من( بيوتاً ) البيوت المذكورة في الآية بيوت الأهل ، والأرحام ، فعلى الداخل لكلٍ منهما السلام : تحية الله المباركة الطيبة سلام الاستئذان قبل الأكل منها ، سواء أكان أحد فيها أم لا ؛ فإن ملائكة الله في كل مكان موجودون ، وعلى الأقل الملكان الموكلان الكاتبان لأعمال الإنسان ، وقد سبق ذكر آي للملائكة الموكلة عليه منها :( وإن عليكم لحافظين * كراماً كاتبين ) (٣) .

التفسير :

١ ـ روى الشيخ الصدوق بإسناده إلى أبي الصباح قال : « سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله عزّ وجلّ :( فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على

____________

١ ـ النور : ٦١.

٢ ـ كان أهل المدينة يتحرجون من أكل الطعام مع الأعمى والأعرج والمريض من ذوي قرباهم ، وجاء الإسلام يدفع عللهم للتحرج مع هؤلاء الدر المنثور ٥ | ٥٨.

٣ ـ الانفطار : ١٠ ـ ١١. والكاتبان أحدهما الملك المسمى بـ « الرقيب » ، والثاني « العتيد ».

قال ابن أبي الحديد المعتزلي : ( قيل : إن عمر كان يعسّ بالليل ، فسمع صوت رجل وامرأة في بيت ، فارتاب فتسور الحائط ، فوجد امرأة ورجلاً ، وعندهما زقّ خمر ، فقال : يا عدوّ الله ، أكنت ترى أن الله يسترك وأنت على معصيته! قال : يا أمير المؤمنين ، إن كنت أخطأت في واحدة فقد أخطأت في ثلاث ، قال الله تعالى : ( ولا تجسسوا ) [ سورة الحجرات : ١٢ ] ، وقد تجسست. وقال : ( واتوا البيوت من أبوابها ) [ سورة البقرة : ١٨٩ ] ، وقد تسورت. وقال : ( وإذا دخلتم بيوتاً فسلموا ) [ سورة النور : ٦١ ] ، وما سلَّمت ).

شرح النهج ١ | ١٨٢.

ومن استدلال الرجل بالآية الأخيرة في النفس شيء ، والمناسبة آية ( غير بيوتكم ) [ النور : ٢٧ ].

٩٢

أنفسكم ) (١) الآية؟ قال : هو تسليم الرجل على أهل البيت حين يدخل ، ثم يردّون عليه ، فهو سلامكم على أنفسكم »(٢) .

٢ ـ الباقري الآخر : « إذا دخل منكم الرجل بيته فإن كان فيه أحد يسلم عليهم ، وإن لم يكن فيه أحد فليقل : السلام علينا من عند ربنا ، يقول الله : تحية من عند الله مباركة طيبة )(٣) .

٣ ـ قال القمي : وقيل : إذا لم ير الداخل بيتاً أحداً فيه يقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، يقصد به الملكين الذين عليه شهوداً(٤) .

٤ ـ النبوي : « إذا دخل أحدكم بيته فليسلم ؛ فإنه ينزله البركة وتونسه الملائكة »(٥) .

٥ ـ العلوي : « دخلت على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو في بعض حجراته ، فاستأذنت عليه ، فأذن لي ، فلما دخلت قال لي : ياعلي أما علمت أن بيتي بيتك ، فما لك تستأذن عليّ؟ قال : فقلت : يا رسول الله أحببت أن أفعل ذلك. قال : يا علي أحببت ما أحب الله وأخذت بآداب الله »(٦) .

٦ ـ الصادقي : « إذا دخلت منزلك فقل : بسم الله وبالله ، وسلم على أهلك ، فإن لم يكن فيه أحد فقل : بسم الله وسلام على رسول الله وعلى أهل بيته ، والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، فإذا قلت ذلك فرّ الشيطان من منزلك »(٧) .

٧ ـ الصادقي الآخر قال : « يسلّم الرجل إذا دخل على أهله ، وإذا

__________________

١ ـ الأهل بمنزلة نفس الإنسان كما في آية :( والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً ) النحل : ٧٢.

٢ ـ معاني الأخبار ١٦٢ ـ ١٦٣. وتفسير البرهان ٣ | ١٥٣ ، البحار ٧٦ | ٥.

٣ ـ تفسير البرهان ٣ | ١٥٣ ، البحار ٧٦ | ٣.

٤ ـ تفسير البرهان ٣ | ١٥٣ ، تفسير القمي ٢ | ١٠٩.

٥ ـ البحار ٧٦ | ٧.

٦ ـ البحار ٧٦ | ١٤ ـ ١٥.

٧ ـ البحار ٧٦ | ١١.

٩٣

دخل يضرب بنعليه ، ويتنحنح ويصنع ذلك حتى يؤذنهم أنه قد جاء ، حتى لا يرى شيئاً يكرهه »(١) .

ومن الكتاب العزيز أيضاً قوله تعالى :

٢ـ( يأَيّها الَّذين ءامَنُوا لِيسْتَئْذِنكُمْ الَّذينَ مَلَكَتْ أَيْمنُكُمْ وَالَّذينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُم مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلوةِ الفَجْرِ وَحينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلوةِ العِشاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ كَذلِكَ يُبَيّنُ اللهُ لَكُمُ الاياتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكيمٌ * وَإِذا بَلَغَ الأَطْفالُ مِنْكُمُ الحُلُمَ فَليَسْتَئْذِنُوا كَمَا اسْتَئْذَنَ الّذين مِنْ قَبْلِهِمْ كذلِك يُبيّنُ اللهُ لَكُمْ ءايتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) (٢) .

التفسير :

١ ـ قال علي بن إبراهيم القمي : وأما قوله :( يأيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم ـ إلى قوله :ثلاث عورات لكم ) قال : إن الله تبارك وتعالى نهى أن يدخل أحد في هذه الثلاثة الأوقات على أحد : لا أب ، ولا أخت ، ولا أم ، ولا خادم إلا بإذن. والأوقات : بعد طلوع الفجر ، ونصف النهار ، وبعد العشاء الآخرة ، ثم أطلق بعد هذه الثلاثة الأوقات فقال :( ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن ) . يعني بعد هذه الثلاثة الأوقات(٣) .

أقول : قوله : ( بعد طلوع الفجر ) ظاهره المنافاة مع قوله تعالى :( من قبل صلوة الفجر ) ولعل النسخة الصحيحة ( قبل طلوع الفجر )(٤) . ويمكن

__________________

١ ـ البحار ٧٦ | ١١ ـ ١٢. في الصادقي الآخر : « إذا استأذن أحدكم فليبدأ بالسلام ، فإنه اسم من أسماء الله عزَّ وجلّ، فليستأذن من وراء الباب قبل أن ينظر إلى قعر البيت ، فإنما أُمرتم بالاستئذان من أجل العين » مستدرك الوسائل ٨ | ٣٧٦ ـ ٣٧٧.

٢ ـ النور : ٥٨ ـ ٥٩.

٣ ـ تفسير القمي ٢ | ١٠٨.

٤ ـ وقد راجعنا بعض المخطوطات من تفسير القمي فلم نجد فيه ما يدفع ذلك ، وفي كلها لفظة ( بعد طلوع الفجر ) طبق المطبوع موجودة.

٩٤

أن يقال : بأن وقت نزول الآية لعل عادة الناس كانت على أداء فريضة الصبح بعد مضيّ شيء من الفجر ، لا مقارناً له ، وعليه لفظ ( بعد طلوع الفجر ) لا ينافي قوله تعالى :( من قبل صلوة الفجر ) بل ينطبق عليه تماماً ، وإنما أضاف تعالى ( قبل ) إلى صلاة الفجر ، لا إلى الفجر ، حتى لا يكون منافياً لبعد طلوعه ، فتدبّره جيداً.

٢ ـ قال الشيخ الكليني طاب ثراه : عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، جميعاً عن النضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عن جرّاح المدايني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « ليستأذن( الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحُلم منكم ثلاث مرّات ) كما أمركم الله عزّ وجلّ(١) ، ومن بلغ الحُلُم فلا يلج على أمه ، ولا على أخته ، ولا على خالته ، ولا على سوى ذلك إلا بإذن ، فلا تأذنوا حتى يسلم ، والسلام طاعة لله عزّ وجلّ ».

قال : وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « ليستأذن عليك خادمك إذا بلغ الحُلُم في ثلاث عورات ، إذا دخل في شيءٍ منهن ولو كان بيته في بيتك ؛ قال : وليستأذن عليك بعد العشاء التي تسمى العتمة ، وحين تصبح ، وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ، إنما أمر الله عز وجل بذلك للخلوة ، فإنها ساعة غِرة وخلوة »(٢) .

أقول : قولهعليه‌السلام : « فلا تأذنوا حتى يسلم ، والسلام طاعة لله عز وجل » يماثله قول الإمام الحسينعليه‌السلام في حديث تقدم ذكره(٣) : « لا تأذنوا لأحد حتى يسلم » ، وقوله روحي فداه : « والسلام طاعة لله » لامتثال أمره جل جلاله :( فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ ) ومنه يعلم مدى الاهتمام بالسلام في الشريعة الإسلامية.

__________________

١ ـ أي قال الله عز وجل :( يأَيّها الَّذينَ ءامَنُوا لِيسْتَأذِنَكُم ) النور : ٥٨ ـ ٥٩.

٢ ـ الكافي ٥ | ٥٢٩ ، باب آخر من باب الدخول على النساء ، كتاب النكاح ، الحديث ١.

٣ ـ الحديث ٦ من ( ٥ ـ السلام قبل الكلام ).

٩٥

٣ ـ وقالرحمه‌الله أيضاً : عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضَّال ، عن أبي جميلة ، عن محمد الحلبي ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل :( الذين ملكت أيمانكم ) قال ؛ « هي خاصة في الرجال دون النساء ، قلت : فالنساء يستأذنّ في هذه الثلاث ساعات؟ قال : لا ، ولكن يدخلن ويخرجن ،( والّذين لم يَبْلُغُوا الحُلُم منكم ) قال : من أنفسكم(١) قال : عليكم استئذان كاستئذان من قد بلغ في هذه الثلاث ساعات »(٢) .

٤ ـ وقال : محمد بن يحيى عن أحمد ين محمد ؛ وعدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله ، جميعاً عن محمد بن عيسى ، عن يوسف بن عقيل ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال :( ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحُلُم منكم ثلاث مرات من قبل ) ومن بلغ الحُلُم منكم فلا يلج على أمه ، ولا على أخته ، ولا على ابنته ، ولا على من سوى ذلك إلا بأذن ولا يأذن لأحد حتى يسلّم(٣) ، فإن السلام طاعة الرحمن »(٤) .

بيـان :

قولهعليه‌السلام : « ولا يأذن لأحد حتى يسلم ؛ فإن السلام طاعة الرحمن » ، هي الجملة المتقدمة الذكر مع تغيير غير مضر ، ولئن دلت على شيءٍ ، فإنها دالة على مزيد الاهتمام بالسلام والمنع المشدد عن تركه ، لأن السلام طاعة الله : طاعة الرحمن ، وما حال من ترك الطاعة؟ وهل جزاؤه إلا الذل والهوان؟ فترى أهل البيت عليهم السالم لإكبارهم أمر السلام ، وإن

__________________

١ ـ قولهعليه‌السلام : « من أنفسكم » بيان ( منكم ) وتفسيره أي : من الأحرار. قولهعليه‌السلام : « عليكم » كذا في النسخ ، والظاهر « عليهم » ولعل المعنى كأنه تعالى وجه الخطاب إلى الأطفال هكذا ، أو أنهم لما كانوا غير مكلفين فعليكم أن تأمروهم بالاستئذان. مرآة العقول ٢٠ | ٣٦٦.

٢ ـ الكافي ٥ | ٥٢٩ ـ ٥٣٠.

٣ ـ أي : لا يأذن صاحب البيت لأحد حتى يسلم. مرآة العقول ٢٠ | ٣٦٦.

٤ ـ الكافي ٥ | ٥٣٠.

٩٦

الرسول ،صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، من أعظمهم إكباراً له واهتماماً به عملاً وقولاً.

ولتتميم الفائدة نذكر رابع أحاديث الشيخ الكليني في هذا الصدد :

٥ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن خلف بن حماد ، عن ربعي بن عبد الله ، عن الفضل بن يسار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل : «( يأيّها الّذين ءامَنُوا ليستأذنكم ) قيل : من هم؟ فقال : هم المملوكون من الرجال ، والنساء(١) ، والصبيان الذين لم يبلغوا ، يستأذنون عليكم عند هذه الثلاث العورات من بعد صلاة العشاء وهي العتمة ، وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ، ومن قبل صلاة الفجر ، ويدخل مملوككم [ غلمانكم ] من بعد هذه الثلاث عورات بغير إذن إن شاؤوا »(٢) .

بـيـان :

هذه الأحاديث الأربعة مع كلام القمي المتقدم ، تنص على الاستئذان بمقتضى تفسيرها للآية ، وأن على المأذون في هذه الساعات الثلاث وغيرها السلام عند الدخول كائناً من كان ؛ لأن السلام طاعة الرحمن ، ولعل الإضافة إلى الرحمن إشارة إلى أن الرحمة اقتضت أن تسلموا كي تعيشوا حياة سالمة طيبة ومباركة كما في الآية : قال تعالى :( تحية من عند الله مباركة طيبة ) وتكونون أبداً سالمين ، وإخوة متحابين ، متبادلين الوفاء بينكم ، يرحم بعضكم بعضاً ، كما قال عز وجل :( مُحَمّدٌ رَسُولُ اللهِ والّذينَ مَعهُ أَشِدّاءَ عَلى الكُفّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ ) (٣) .

وللشيخ المجلسي ، طاب ثراه ، حول آية الاستئذان تعليق مبسط يلي

__________________

١ ـ قيل : ذكر النساء فيه لا ينافي حديث زرارة الدال على وجوب الاستئذان على الرجال فقط ، لأنه محمول على الاستحباب. هامش الكافي ٥ | ٥٣٠.

٢ ـ الكافي : ٥ | ٥٣٠.

٣ ـ الفتح : ٢٩.

٩٧

قسم منه : وفي اللباب عن ابن عباس : يعنى الإماء ، لأن على العبيد أن يستأذنوا في هذه الأوقات وغيرها ،( والذين لم يبلغوا الحُلُم منكم ) قال المحقق الاسترابادي أي : من الأحرار، وكأنه أريد بهم الأطفال المميزون بين العورة وغيرها.

قيل : وعبر عن البلوغ بالاحتلام ، لأنه أقوى دلائله ( ثلاث مرات ) في اليوم والليلة ، وقيل : ( ثلاث مرات ) كل مرة في وقت ، والظاهر أن المراد بها ثلاثة أوقات ، كما بينه بقوله ـ تعالى ـ( من قبل صلوة الفجر ) لأنه وقت القيام من المضاجع ، وطرح الثياب من النوم ، ولبس ثياب اليقظة ؛( وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ) ، لأنها وقت وضع الثياب للقيلولة ؛( ومن بَعد صلوة العشاء ) ، لأنه وقت التجرد من ثياب اليقظة والاستخلاف بثياب النوم ؛( ثلاث عورات لكم ) وفي الكشاف سمى كل واحدة من هذه الأحوال عورة ؛ لأن الناس يختل تسترهم وتحفظهم فيها ، والعورة : الخلل(١) .

وفي مجمع البيان : لأن الإنسان يضع في هذه الأوقات ثيابه فتبدو عورته(٢) . وعن السدّي أن أناساً من الصحابة كان يعجبهم أن يواقعوا نساءهم في هذه الأوقات ، ليغتسلوا ثم يخرجوا إلى الصلاة ، فأمرهم الله سبحانه أن يأمروا الغلمان والمملوكين أن يستأذنوا في هذه الساعات(٣)

وفي مجمع البيان : أراد به الصبي الذي يميز بين العورة وغيرها وهو ظاهر الأكثر ، وأيضاً : ظاهره كما تقدم أن حكم غير الأوقات الثلاثة حكمها إذا كانت مشتملة على ما اشتملت تلك ؛ فإن المقصود مراعاة التستر في مظان الخلاء.

وأيضاً : الظاهر أن المراد بـ ( بعد صلوة العشاء ) وقت النوم تمام الليل ، فالظاهر وجوب الاستئذان عند الدخول على من في مظنة حالة

__________________

١ ـ تفسير الكشاف ٣ | ٢٥٣.

٢ ـ تفسير مجمع البيان ٧ | ١٥٤.

٣ ـ تفسير مجمع البيان ٧ | ١٥٤.

٩٨

يستقبح الدخول عليه فيها بغير إذن ، وأن المراد بالاستئذان كل ما يحسن ويتحقق الإعلام بأنه يريد الدخول ويريد الإذن فيه(١) .

ثم إن الله سبحانه نادى كبار المؤمنين ولم يأمرهم بالأمر لهؤلاء ؛ لأنهم أولياؤهم وهم في طاعتهم ، فكأنه منهم فعل غيرهم ، فالظاهر أنه أوجب عليهم ذلك ، وجعل تمشيته وإتمامه في عهدتهم ، فكأنه آكد من الأمر بالأمر.

ومما ينبه عليه قوله تعالى :( ليس عليكم ولا جناح بعدهن ) . فإن الظاهر أنه لا يجب على السادات أمرهم وتخويفهم من الترك ، وزجرهم عنه ، والسعي في إتمام ذلك بكل ما أحتيج إليه في ذلك حسن والله أعلم. فهذا الأمر للوجوب نظراً إلى السادة قطعاً، وإلى البالغ من العبيد والإماء ظاهر ؛ لأن ظاهر الأمر للوجوب ، ولا مانع منه في حقهم. وإن قيل بالتخلف لمانع في حق من يشاركهم فيه ، وأما بالنسبة إلى من لم يبلغ فيحتمل أن يكون متوجهاً إلى الأولياء ، ويختص بهم وجوبه ، ولكن حيث كان الكلام في المميز قال شيخنا هو خلاف الظاهر

وفي الكشاف :

ثم أعذرهم في ترك الاستئذان وراء هذه المرات ، وبين وجه العذر في قوله :( طوافون عليكم بعضكم .. ) يعني أن بكم وبهم حاجة إلى المخالطة والمداخلة ، يطوفون عليكم للخدمة ، وتطوفون عليهم للاستخدام ؛ فلو جزم الأمر بالاستئذان في كل وقت لأدى إلى الحرج ، وهو استئناف لبيان العذر وهو كثرة المخالطة والمداخلة ، وفيه دليل على تعليل الأحكام. وكذا في الفرق بين الأوقات الثلاثة وبين غيرها بأنها عورات أي : هن ثلاث عورات مخصوصة بالاستئذان في تلك الأحوال خاصة(٢) .

واعلم أنه يجوز أن يراد بـ( طوافون عليكم ) الخدمة وبـ( بعضكم

__________________

١ ـ تفسير مجمع البيان ٧ | ١٥٤ عند تفسير قوله تعالى :( والذين لم يبلغوا الحلم منكم ) قال : من أحراركم ، وأراد به الصبي

٢ ـ تفسير الكشاف ٣ | ٢٥٣.

٩٩

 على بعض ) السادة والأطفال ، ويحتمل أن يراد بالأول الاطفال والمماليك جميعاً من حيث الخدمة ، وبالثاني السادة للاستخدام ، كما هو ظاهر الكشاف(١) ، ويمكن أن يراد بالأول جهة الخدمة مختصة بالمماليك أو بهم وبالأطفال ، وبالتالي جهة المخالطة فيكون من الجانبين من جانب السادة وغيرهم فتدبر.

وقال في كنز العرفان : ظن قوم أن الآية منسوخة ، لا والله ما هي بمنسوخة لكن الناس تهاونوا بها ، وأنما أطنبنا الكلام في تفسير الآيات لتوقف فهم الأخبار عليه. والغِرة بالكسر : الغفلة(٢) .

هذا بعض فوائد الكلام حول الاستئذان ونشير أيضاً إلى بعضها الآخر من أحاديث الشيخ الكليني طاب ثراه فقال :

٦ ـ أحمد بن محمد عن ابن فضال ، عن أبي جميلة ، عن محمد بن علي الحلبي قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : الرجل يستأذن على أبيه؟ قال : « نعم ، قد كنت أستأذن على أبي ، وليست أمي عنده ، إنما هي أمرأة أبي ، توفيت أمي وأنا غلام ، وقد يكون من خلوتهما ما لا أحب أن أفجأهما عليه ولا يحبان ذلك مني والسلام أصوب وأحسن »(٣) .

٧ ـ ما رواه الكليني بإسناده إلى جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : خرج رسول الله ،صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يريد فاطمةعليها‌السلام ، وأنا معه ، فلما انتهيت إلى الباب وضع يده عليه فدفعه(٤) ثم قال : السلام عليكم ، فقالت فاطمة : عليك السلام يا رسول الله ، قال أدخل؟ قالت : أدخل يا رسول الله ، قال : أدخل أنا ومن معي؟ فقالت : يا رسول الله ليس علي قناع ، فقال : يا فاطمة خذي فضل ملحفتك فقنعي به رأسك ، ففعلت ؛ ثم قال : السلام عليكم ، فقالت فاطمة : وعليك

__________________

١ ـ تفسير الكشاف ٣ | ٢٥٣.

٢ ـ مرآة العقول ٢٠ | ٣٦٢ ـ ٣٦٥. الغرة إشارة إلى قولهعليه‌السلام : « فإنها ساعة غِرّة وخلوة ». الكافي ٥ | ٥٢٩.

٣ ـ الكافي ٥ | ٥٢٨. وفي هامشه : لعل المنعي : أن السلام أحسن وأصوب أنواع الاستئذان.

٤ ـ في هامش المصدر المتقدم : في بعض النسخ [ فرفعه ].

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

فصل : مما روي في الأرزاق(1)

روي عن سيدنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنه قال : « أكثروا الإستغفار فإنه يجلب الرزق ».

وقالعليه‌السلام : « من رضي باليسير من الرزق(2) ، رضي الله منه باليسيرمن العمل ».

وروي ان الله ـ جل اسمه ـ أوحى إلى عيسى بن مريمعليه‌السلام : « ليحذر الذي يستبطئني في الرزق ، أن أغضب فافتح عليه باباً من الدنيا ».

وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : « الرزق رزقان : رزق تطلبه ، ورزق يطلبك ، فإن لم تأته أتاك ».

وروي عن أحد الأئمةعليه‌السلام ، أنه قال في الرزق المقسوم بالحركة : « إن من طلبه من غير حلّه فوصل إليه ، حوسب به من حله وبقي عليه وزره » فالواجب أن لايطلب إلا من الوجه المباح دون المحظور.

وروي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال : « من حسنت نيته زيد في رزقه ».

واعلم أن الدليل على جواز الزيادة في الأرزاق ، هوالدليل على جواز الزيادة في الأعمار ، لأن الله تعالى إذا زاد في عمرعبده ، وجب أن يرزقه ما يغتذي به.

ذكروا إن إبراهيم بن هرمة إنقطع إلى جعفر بن سليمان الهاشمي ، فكان يجريله رزقاً فقطعه ، فكتب إليه إبن هرمة :

إن الذي شق فمي ضامن

للرزق حتى يتوفاني

حرمتني شيئاً قليلاً فما

ان زاد في مالك حرماني(3)

 فرد عليه رزقه وأحسن إليه ، فأنشد لبعضهم :

التمس الأرزاق عند الذي

مادونه إن سيل من حاجب

من يبغض التارك تسآله

جوداً؟ ومن يرضى عن آل طالب!؟

__________________

1 ـ كنز الفوائد : 290 ـ 292 ، وفيه تمام الفضل.

2 ـ في الأصل : بالرزق ، وما اثبتناه من المصدر.

3 ـ في الأصل : وما أثبتناه من المصدر.

حرمتني شيئاً قليلاً نلته

مازاد في مالك حرماني

 

١٦١

ومن [ إذا ](1) قال جرى قوله

بغير توقيع إلى كاتب

 ورويَ عن الصادق صلوات الله عليه ، أنه قال : « ثلاثة يدعون فلا يستجاب لهم : رجل جلس عن طلب الرزق ، ثم يقول : اللهم ارزقنى ، يقول الله تعالى : ألم أجعل لك طريقاً إلى الطلب! ورجل له امرأة سوء يقول : اللهم خلصني منها ، يقول الله تعالى : أليس قد جعلت أمرها بيدك! ورجل سلم ماله إلى رجل [ و ](2) لم يشهد [ عليه ](3) به ، فجحده إياه ، فهو يدعو(4) عليه ، يقول الله تعالى : قد أمرتك بالاشهاد فلم تفعل ».

لابن وكيع التنيسي :

لا تحيلن على سعدك في الرزق ونحسك

وإذا أغفلك الدهر فذكّره بنفسك

لا تعجّل بلزوم البيت رمساً قبل رمسك

إنما يحمد حسن الرزق في حمده حسك

 وروي في بعض الكتب : إن الله عز وجل يقول : « يابن آدم ، حرك يدك أبسطلك في الرزق ، وأطعني فيما آمرك فما اعلمني بما يصلحك ».

قيل لبعضهم : لو تعرضت لفلان لوصلك ، فقال : ما تلهفت على (أحد بشيء)(5) من أمر الدنيا ، منذ حفظت هذه الأربع الآيات من كتاب الله عز وجل : قوله :( ما يفتح الله للناس من رحمة فلا مسمك لها ) (6) [ وقوله سبحانه : ](7) ( وان يردك بخير فلا رادّ لفضله ) (8) وقوله سبحانه :( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ) (9) وقوله جل اسمه :( وفي السماء رزقكم وما توعدون ) (10) .

فروي أن صلة الرجل الذي قيل له : لوتعرضت له ، أتت الى منزله من غيرطلب

__________________

1 ـ أثبتناه من المصدر.

2 ـ أثبتناه من المصدر.

3 ـ أثبتناه من المصدر.

4 ـ في ألاصل : فيدعو ، وما أثبتناه من المصدر.

5 ـ في المصدر : شيء.

6 ـ فاطر35 : 2.

7 ـ أثبتناه ليستقيم السياق.

8 ـ يونس 107 : 10

9 ـ هود 11 : 6.

10 ـ الذاريات 51 : 22.

١٦٢

وانشد لابن أصبغ :

لو كان في صخرة في البحر راسية

صماء ملمومة ملس نواحيها

رزق لنفس براها الله لانفلقت

عنه فأدّت إليها كل مافيها

أو كان بين طباق السبع مطلبها

لسهل الله في المرقى مراقيها

حتى يلاقي الذي في اللوح خط له

إن هي أتته [ و ](1) ألاسوف يأتيها

 وروي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنه قال : « مامن مؤمن إلأ وله باب يصعد منه عمله ، وباب ينزل منه رزقه ، فإذا مات بكيا عليه ، وذلك قول الله عز وجل :( فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين ) (2) .

* * *

__________________

1 ـ أثبتناه من المصدر.

2 ـ الدخان 44 : 29.

١٦٣

قصيدة في الآداب والأمثال لابن دريد(1)

ما طاب فرع لايطيب أصله

حمى مؤاخاة اللئيم فعله

 وكل من آخا لئيماً مثله

من يشتكي الدهر يطل في الشكوى

والدهر ماليس عليه عدوى

 مستشعر الحرص عظيم البلوى

من أمن الدهر اُتي من مأمنه

لاتستثر ذا لبد من مكمنه

 وكل شيء يُبتغى من معدنه

لكل ناع ذات يوم ناعي

وانما السعي بقدر الساعي

 قد يُهلك المرعيَّ عنف الراعي

من ترك القصد تضق مذاهبه

دل على فعل امرىء مصاحبه

 لا تركب الأمر وأنت عائبه

من لزم التقوى استبان عدله

من ملك الصبر عليه عقله

 نجا من العثر وبان فضله

يجلو اليقين كدر الظنون

والمرء في تقلّب الشؤون

 حتى توفاه يد المنون

يارب حُلوٍ سيعود سمّا

ورب حمد سيحور ذَمّا

 ورب روح سيصير همّا

من لم يصل فارض إذا جفاكا

وأوله حمداً إذا قلاكا

 أو أوله منك الذي أولاكا

مالك إلا ما عليك مثله

لاتحمدّن المرء مالم تبله

 والمرء كالصورة لولا فعله

ياربما أورثت اللجاجة

ماليس بالمرء إليه حاجة

 وضيق أمر يتبع انفراجه

__________________

1 ـ كنز الفوائد : 11 ، تمام القصيدة

١٦٤

ليس يقي من لم يق الله الحذر

وليس يفتات امرؤ على القدر

 والقلب يعمى مثل ما يعمى البصر

كم من وعيد يخرق الاذانا

كأنما يعني به سوانا

 أصمّنا الامهال بل أعمانا

ما أفسد الخرق اساهُ الرفق

وخير ما أنبأ عنك الصدق

 كم صعقة دلّ عليها البرق

لكل ما يؤذي وإن قل ألم

ما أطول الليل على من لم ينم

 وسقم عقل المرء من شر السقم

أعداءُ غيب إخوة التلاقي

ياسوءتا لهذه(1) الأخلاق

 كأنما اشتقت من النفاق

أنف الفتى وهو صريم(2) أجدع(3)

من وجهه وهو قبيح أشنع

 هل يستوى المحفوظ(4) والمضيَّع

ما منك من لم يقبل المعاتبة

وشر أخلاق الفتى المواربة

 ينجيك مما تكره المجانبة

متى تصيب الصاحب المهذبا

هيهات ما أعسر هذا مطلبا

 وشرّ ما طالبته ما استصعبا

آفة عقل الأشمط التصابي

رب مَعيب فعله عيّاب

 زم الكلام حذر الجواب

لكل ما مجري جواد كبوه

مالك إلاّ ما قبلت عَدْوَه

 من ذا الذي يسقيك عفواً صفوه

لا يسلك الشر سبيل الخير

والله يقضي ليس زجر الطير

 كم قمرعاد إلى قمير

__________________

1 ـ في الأصل : ياسوء مالهذه ، وما أثبتناه من المصدر.

2 ـ يقال : صَرَمْت الشيء صرماً من باب ضرب : قطعته « مجمع البحرين ـ صرم ـ 6 : 101 ».

3 ـ الجدع : قطع الأنف والأذن والشفة واليد « مجمع ألبحرين ـ جدع ـ 4 : 310 ».

4 ـ في المصدر : المحظوظ.

١٦٥

لايجتمع جمع لغير بين

لفرقة كل اجتماع اثنين

 يعمى الفتى وهو بصيرالعين

الصمت إن ضاق الكلام أوسع

لكل جنب ذات يوم مصرع

كم جارع لغيره ما يجمع

مالك إلا ما بذلت مال

في طرفة العين يحول الحال

 ودون آمال الفتى الآجال

كم قد بكت عين وليس تضحك

وضاق من بعد اتساع مسلك

 لاتُبرَ مَنْ أمراً عليك يُملك

خير الاُمور ما حمدت غبه

لايرهب المذنب إلاذنبه

 والمرء(1) مقرون بمن أحبه

كل مقام فله مقال

كل زمان فله رجال

 وللعقول تضرب الأمثال

دع كل أمر منه يوماً تعتذر

عف كل ورد غير محمود الصدر

 لاتنفع الحيلة في ماضي القدر

نوم امرىء خير له من يقظه

لم ترضه فيه الكرام الحفظه

 وفي صروف الدهر للمرء عظه

مسألة الناس لباس ذل

من عف لم يسأم ولم يمل

 فارضَ من الاستر بالأقل

جواب سوء المنطق السكوت

قد أفلح المُتَّئدُ(2) الصموت

 ماحم من رزقك لايفوت

في كل شيء عبرة لمن عقل

قد يسعدالمرء إذا المرء اعتدل

 يرجو غداً ودون ما يرجو الأجل(3)

من لك بالمحض وليس محض

يخبث بعض ويطيب بعض

 وربّ أمر قد نهاه النقض

__________________

1 ـ في الأصل : والأمر ، وما أثبتناه من المصدر.

2 ـ التؤده : التأني والرزانة ضد التسرع « مجمع البحرين ـ تأتد ـ 18 : 3 ».

3 ـ في ألأصل : ألأمل ، وما أثبتناه من المصدر.

١٦٦

كم زاد في ذنب جهول عذره

دع أمر من يعنى عليك(1) أمره

 يخشى امرؤ شيئاً ولا يضره

يارب إحسان يعود ذنبا

ورب سلم سيعود حربا

 وذو الحجى يجهل إن أحبّا

قد يدرك المعسر في إعساره

ما يبلغ الموسر في إيساره

 وينتهى الهاوي إلى قراره

الشيء في نقص إذا تنهاها

والنفس تنقاد إلى رداها

 مذعنة تجيب سائقاها

الناس في فطرتهم سواء

وإن تساوت بهم الأهواء

 كل بقاء بعده فناء

لم يغل شيء وهو موجود الثمن

مال الفتى ما فضه لا ما احتجن

 إذا حوى جثمانه يرى الحبن(2)

المال يحكى الفيء بانتقاله

وإنما المنفق من أمواله

 ما عمر الخلة من سؤاله(3)

من لاح في عارضه القتير(4)

فقد أتاه بالبلى النذير

 ثم إلى ذي العزة المصير

رأيت غب الصبر مما تحمد

وإنما النفس(5) كما تعود

 وشر ما يطلب مالا يوجد

إن أتباع المرء كل شهوة

ليلبس القلب لباس قسوة

 وكبوة العجب أشد كبوة

من يزرع المعروف ما رضي

لكل شيء غاية ستنقضي

 والشر موقوف لذي التعرض

__________________

1 ـ في الأصل : يغني عليكم ، وما أثبتناه من المصدر.

2 ـ الحبن : عظم البطن « النهاية ـ حبن ـ 335 : 1 ».

3 ـ في الاصل : نسأله ، وما أثبتناه من المصدر.

4 ـ القتبر : الشيب « النهاية ـ قتر ـ 4 : 12 ».

5 ـ في الاصل : المنفق ، وما أثبتناه من المصدر.

١٦٧

 

لا يأكل الانسان إلا ما رزق

ما كل أخلاق الرجال تتفق

 هان على النائم ما يلقى الأرق

من يلذع الناس يجد من يلذعه

لسان ذى الجهل وشيكاً يوقعه

 لا يعدم الباطل حقاً يدمغه

كل زمان فله توابع

والحق للباطل ضد دافع

 يغصك المشروب وهو سائغ

رب رجاء مض(1) من مخافة

ورب أمن سيعود آفة

 ذو النجح لايستبعد المسافة

كم من عزيز قد رأيت ذلاً

وكم سرور مقبل تولّى

 وكم وضيع شال فاستقلا

لا خير في صحبة من لا ينصف

والدهر يجفو أمره ويلطف

 والموت يفني كل عين تطرف

رب صباح لامريء لم يمسه

حتف الفتى موكّل بنفسه

 حتى يحل في ضريح رمسه

إني أرى كل جديد بالي

وكل شيء فإلى زوال

 فاستشف من جهلك بالسؤال

إن رحيلاً فأعدّ الزادا

إن معاداً فاحذر المعادا

 لايلهك العمر وإن تمادا

إنك مربوب مدين تُسأل

والدهرعن ذي غفلة لا يغفل

وكل ما قدمته محصّل

حتى يجيء يومك المؤجل

 * * *

__________________

1 ـ في الاصل : فص ، وما أثبتناه من المصدر.

١٦٨

 [ فصل ](1)

روي عن أحد الائمةعليهم‌السلام انه قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن الله عز وجل كتم ثلاثة في ثلاثة : كتم رضاه في طاعته ، حتى لايستصغر أحداً شيئاً من الطاعات ، فلعل فيه رضاه. وكتم سخطه في معصيته ، حتى لايستصغر أحد سيئة ، فلعل فيها سخطه. وكتم وليه في خلقه ، فلا يستخفن أحدكم أخاه ، فإنه لايدري لعله ولي لله »(2) .

وأيضاً أخفى الصلاة الوسطى في الصلوات الخمس ، ليحافظ الإنسان على ، الصلوات الخمس فيحصل الوسطى ، وأخفى ليلة القدر في ليالي رمضان ليحافظ الرجل على ليالي رمضان ، فيحصل له ليلة القدر ، وأخفى ساعة الإجابة في الليل والنهار ، ليحافظ على ، الدعاء في الليل والنهار.

ومن كلامهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من سرته حسنته ، وساءته سيئته ، فهو مؤمن ».

لاخير في العيش إلاّ لرجلين : عالم مطاع ، ومستمع واع.

وكفى بالقناعة غنى ، وبالعبادة شغلاً.

لا تنظروا إلى صغير الذنب ، ولكن انظروا إلى من اجترأتم عليه.

وقالعليه‌السلام : آفة الحديث الكذب ، وآفة العلم النسيان ، وآفة العبادة الفترة ، وآفة الظرف الصلف.

لاحسب إلا بتواضع ، ولاكرم إلا بتقوى ، ولا عمل إلا بنية ، ولا عبادة إلابيقين.

إن العاقل من أطاع الله وإن كان ذميم المنظر حقير الخطر ، وإن الجاهل من عصى الله وإن كان جميل المنظر عظيم الخطر.

أفضل الناس أعقل الناس ، إن الله تعالى قسم العقل ثلاثة أجزاء ، فمن كانت‏

__________________

1 ـ أثبتناه من كنز الفوائد.

2 ـ كنزالفوائد : 13 باختلاف يسير.

١٦٩

فيه كمل عقله ، ومن لم تكن فيه فلا عقل له : المعرفة بالله تعالى ، وحسن الطاعة ، وحسن الصبر.

إن لكل شيء آلة وعدة ، وآلة المؤمن وعدته العقل ، ولكل شيء مطية ، ومطية المرء العقل ، ولكل شيء دعامة ، ودعامة الدين العقل ، ولكل شيء غاية ، وغاية العبادة العقل ، ولكل قوم راع ، وراعي العابدين العقل ، ولكل تاجر بضاعة ، وبضاعة المجتهدين العقل ، ولكل خراب عمارة ، وعمارة الآخرة العقل ولكل سفر فسطاط يلجأون اليه ، وفسطاط المسلمين العقل(1) .

* * *

__________________

1 ـ كنزالفوائد : 13 ، وفيه من كلامهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من سرته حسنته ...

١٧٠

فصل

روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه أنه قال : « العقل ولادة ، والعلم إفادة ، ومجالسة العلماء زيادة »(1) .

وروي عنهعليه‌السلام أنه قال : « هبط جبريلعليه‌السلام على آدم صلوات الله عليه فقال له : يا آدم ، اُمرت أن أخيّرك بين ثلاث ، فاختر منهن واحدة ودع اثنتين.

فقال له آدمعليه‌السلام : وما الثلاث؟

قال : العقل ، والحياء ، والدين.

فقال آدم صلى الله عليه : فاني قد اخترت العقل.

فقال جبريل للحياء والدين : انصرفا ، فقالا يا جبريل : انا اُمرنا أن نكون مع العقل(2) ».

روي أن طاووس اليماني قال : رأيت في جوف الليل رجلاً متعلقاً بأستار الكعبة وهو يقول :

ألا أيها المأمول في كلّ حاجة

شكوت إليك الضرّ فاسمع شكايتي

ألا يارجائي أنت كاشف كربتي

فهب لي ذنوبي كلها واقض حاجتي

زادي قليل ما أراه مبلّغي

أللزاد أبكي أم لبعد مسافتي

أتيت بأعمال قباح رديّة

فما في الورى خلق جنى كجنايتي

أتحرقني في النار ياغاية المنى

فأين رجائي منك أين مخافتي

 قال فتأملته فإذا هوعلي بن الحسينعليه‌السلام فقلت : يا ابن رسول الله ، ما هذا الجزع وأنت ابن رسول الله! ولك أربع خصال : رحمة الله ، وشفاعة جدك رسول الله ، وأنتابنه ، وأنت طفل صغير(3) .

__________________

1 ـ كنز الفوائد 13.

2 ـ كنز الفوائد 13 ، وفيه زيادة : حيث كان قال : فشأنكما ، وعرج

3 ـ لايخفى تعارض هذه القطعة من الحديث ، وما يأتي من قولهعليه‌السلام : « وأنما كوني طفلاً » مع ماتقدم في بدايته من قول طاووس اليماني : « رأيت في جوف الليل رجلاً متعلقاً بأستار الكعبة » ، كما أن المشهور في هذه الواقعة التأريخية ان طاووس قال : رايت رجلاً يصلي في المسجد الحرام تحت الميزاب يدعو ويبكي فيدعائه ، فجئته حين فرغ من الصلاة فإذا هو علي بن الحسينعليه‌السلام فقلت له يا أبن رسول الله رأيتك على

١٧١

فقال له : « يا طاووس ، إنني نظرت في كتاب الله فلم أرلي من ذلك شيئاً فإن الله تعالى يقول :( ولايشفعون إلالمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون ) (1) وأما كوني ابن رسول الله ، فإن الله تعالى يقول :( فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ، فن ثقلت موازينه فاولئك هم المفلحون ، ومن خفت موازينه فاولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ) (2) وأما كوني طفلاً ، فإني رأيت الحطب الكبار لايشتعل إلا بالصغار » ثم بكىعليه‌السلام حتى غشي عليه(3) .

خبر اخر في العقل ، وهو المشتهر بين الخاصة والعامة ، من أن أول شيء خلق الله تعالى العقل ، فقال له : أقبل فأقبل ، ثم قال له : أدبر فأدبر ، فقال : وعزتي وجلالي ، ما خلقت خلقاً أحب الي منك ، بك اُعطي وبك أمنع ، وبك اُثيب وبك اُعاقب ، وعزتي وجلالي ، ما أكملتك إلاّ فيمن أحببت.

* * *

__________________

حاله كذا ، ولك ثلاثة أرجو أن تؤمنك الخوف ، أحدها : أنك ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والثاني شفاعة جدك ، والثالث : رحمة الله ، فقال : يا طاووس أمّا اني ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلا يؤمنني وقد سمعت الله تعالى يقول : «فلا أنساب بينهم يومئذ » وأمّا شفاعة جدي فلا تؤمنني لأن الله تعالى يقول : «ولايشفعون إلا لمن ارتضى » وامّا رحمة الله فإن الله تعالى يقول انها قريبة من المحسنين ، ولا علم اني محسن ، اُنظر « كشف الغمة 2 : 108 ، وعنه في البحار 46 : 101 / 89 ».

1 ـ الأنبياء 21 : 28.

2 ـ المؤمنون 23 : 101 ـ 103.

3 ـ أخرجه المجلسي في بحار الانوار 99 : 198 / 15 عن اعلام الدين.

١٧٢

فصل : في ذم الدنيا(1)

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من أحب دنياه أضرّ بآخرته ».

وقال أمير المؤمنينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « الدنيا دول ، فاطلب حظك منها بأجمل الطلب ».

وقالعليه‌السلام : « من أمن الزمان خانه ، ومن غالبه أهانه ».

وقال : « الدهر يومان : يوم لك ، ويوم عليك ، فإن كان لك فلاَ تبطر ، وإن كان عليك فاصبر ، فكلاهما عنك سينحسر ».

لبعض الشعراء :

وإن امرءاً دنياه أكبر همّه

لمستمسك منها بحبل غرور

 وقال بعضهم : إياك والاغترار بالدنيا والركون إليها ، فإن أمانيها كاذبة ومالها خائبة ، وعيشها نكد وصفوها كدر ، وأنت منهاعلى خطر ، اما نعمة زائلة واما بلية نازلة ، واما مصيبة موجعة واما منية مفجعة.

وقال اخر : صاحب الدنيا في حرب ، يكابد الأهوال لتنقدع(2) ، والجهالة لتنقمع ، والأدواء لتندفع ، والآمال لتنال ، والمكروه ليزال ، وبعض ذلك عن بعض شاغل ، والمشتغل عنه ضائع ، فلما رأى الحكماء أنه لاسبيل إلى إحكام ذلك ، تركوا مايفنى ليحرزوا ما يبقى.

* * *

__________________

1 ـ تمام الفصل في كنزالفوائد : 16 ، وفيه (ذكر) بدل (ذم).

2 ـ قدعت فرسي : كففته. « مجمع البحرين ـ قدع ـ 4 : 376 ».

١٧٣

فصل : في ذكر الأمل(1)

روي ان الله تعالى قال : يابن آدم ، في كل يوم تؤتى رزقك وأنت تحزن ، وعمرك ينقص وأنت لاتحزن ، تطلب ما يطغيك ، وعندك ما يكفيك.

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من كان يأمل أن يعيش غداً ، فإنه يأمل أن يعيش أبداً ».

وقال بعضهم : الآمال لاتنتهي ، والحي لايكتفي.

وقيل : ما أطاع عبد أمله ، إلاّ قصرعمله.

وقال اخر : لايلهك الأمل الطويل عن الأجل القصير.

وقال اخر : من جرى في عنان أمله عثر بأجله.

وقال اخر : إنك إن أدركت أملك قرّبك من أجلك ، وإذا أدركك أجلك لم تبلغ أملك.

ابن الرومي :

خمسون عاماً كنت أمّلتها

كانت أمامي ثم خلفتها

كنز حياة لي أنفقته

على تصاريف تصرفتها

لو كان عمري مئة هدّني

يذكرني اني تنصفتها

 * * *

__________________

1 ـ كنز الفوائد : 16 ، وفيه تمام الفضل.

١٧٤

فصل : في ذكر الموت(1)

روي أنه كان في التوراة مكتوباً : يا ابن آدم ، أنت لاتشتهي تموت حتى تتوب ، وأنت لاتتوب حتى تموت.

وقال أمير المؤمنين صلى الله عليه : « من أكثر ذكرالموت رضي من الدنيا باليسير ».

وقال بعضهم : لو رأيتم الأجل ومسيره ، لأبغضتم الأمل وغروره ، وأنشد :

نُراعُ لذكر الموت ساعة ذكره

وتعترض الدنيا فنلهو ونلعب

 وقيل : إن أمراً اخره الموت لحقيق أن يخاف مابعده.

وروي أن أمير المؤمنينعليه‌السلام سمع إنساناً يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، فقال : « قولنا : إنا لله إقراراً له منا بالملك ، وقولنا : إنا إليه راجعون إقراراً على أنفسنا بالهلك ».

وقيل : من عجائب الدنيا أنك تبكي على ، من تدفنه ، وتترك(2) التراب على وجه من تكرمه.

وقال ابو نؤاس :

غرّ جهولاً أمله

يموت من جا أجله

ومن دنا من يومه

لم تغن عنه حيله

وكيف يبقى آخر

قد غاب عنه أوله

لا يصحب الانسان من

دنياه إلا عمله(3)

 أبو ذؤيب :

وإذا المنية أنشبت أظفارها

ألفيت كل تميمة لا تنفع

 غيره :

ننافس في الدنيا ونحن نعيبها

فقد حذّرتناها لعمري خطوبها

ومانحسب الساعات تقطع مدة

على انها فينا سريع دبيبها

 __________________

1 ـ كنز الفوائد : 16 ـ 18 ، وفيه تمام الفصل.

2 ـ في المصدر : وتطرح.

3 ـ في الأصل : أمله ، وما أثبتناه من المصدر.

١٧٥

كأني برهطي يحملون جنازتي

إلى حفرة يحثى عليَّ كثيبها

وباكية حرى تنوح وإنني

على غفلة عن صوتها لا اُجيبها

أيا هادم اللذات ما منك مهرب

تحاذر نفسي منك ماسيصيبها

رأيت المنايا قسمت بين أنفس

ونفسي سيأتي بعد ذاك نصيبها

 لأبي إسحاق الصابي من قطعة كتبها إلى الشريف الرضي أبي الحسن الموسوي :

وإني على عيث الردى في جوانبي

وماكف من خطوى(1) وبطش بناني

وإن لم يدع إلا فؤاداً مروعا

به غُبر باق من الخفقان

تلوم تحت الحجب ينفث حكمة

إلى اُذن تصغي لنطق لساني

لأعلم أني ميت عاق دفنه

ذماء قليل في غد هو فاني

وان فما للأرض غرثان حائماً

يراصد من أكلي حضور اؤان

به شرهُ عم الورى بفجائع

تركن فلاناً ثاكلاً لفلان

غدا فاغراً يشكو الطوى وهو راتع

فماتلتقي يوماً له شفتان

وكيف وحدّ الفوت منه فناؤنا

وما دون ذاك الحدِ رَدّ عنان

إذا غاضنا بالنسل ممن نعوله

تلا أولاً منه بمهلك ثاني

إلى ذات يوم لاترى الأرض وارثاً

سوى الله من انس براه وجان(2)

 لغيره :

فكم من صحيح بات للموت آمنا

أتته المنايا رقدة بعدما هجع

فلم يستطع اذجاءه الموت بغتةً

فراراً ولامنه بحيلته انتفع

فأصبح تبكيه النساء مكفّناً

ولايسمع الداعي إذا صوته ارتفع(3)

وقُرّب من لحدٍ فصار مقيله

وفارق ماقد كان بالأمس قد جمع

 __________________

1 ـ في الأصل : خطوبي ، وما أثبتناه من المصدر.

2 ـ رسائل الصابي والشريف الرضي : 16.

3 ـ في المصدر : رفع.

١٧٦

فصل في ذكرالموت والقتل وما

بينهما والفرق بينهما(1)

إعلم ، أن الموت غير القتل ، والذي يدل على أنهما غير ان قول الله عز وجل :( أفان مات أوقتل ) (2) وقوله تعالى :( ولئن متم أوقتلتم ) (3) وقوله سبحانه :( ما ماتوا وما قتلوا ) (4) وليس يجوز أن يكون التأكيد والتكرير في لفظين يرجعان إلى معنى واحد.

ويدل على ذلك أيضاً العلم بأن الله سبحانه ليس بقاتل لمن مات حتف أنفه ، ولو قال قائل في ميت : إن الله قتله ، لعاب العقلاء عليه ، والموت والقتل عرضان وليسا بجسمين.

وقد قال شيخنا المفيدرضي‌الله‌عنه : إن القتل متولد عن الأسباب ، ومحله محل حياة الأجسام ، والموت معنى يضاد حياة الفاعل المخلوق ولايصح حلوله في الأجسام ، قال : وهذا مذهب يختص بي.

والقتل عند جميع أهل العدل من مقدورات العباد ، والموت لايقدر عليه أحد إلاّ الله عز وجل.

ولو كان القتل هو الموت لكان من ذبح فرس غيره وإبله وغنمه قد أحسن إليه ، لأن لولا ذبحه لماتت ـ على رأي من يقول : إن القتل هو الموت ـ ومعلوم خلاف ذلك ، وذاك أن القتل سبب لزوال الحياة ، لأن المقتول لو تعداه القتل لجاز من الله تعالى أن يبقيه أويميته ، ولا دليل على أحد الأمرين.

* * *

__________________

1 ـ كنز الفوائد : 18 ، وفيه إلى قول : ولو كان القتل هو الموت.

2 ـ آل عمران 3 : 144.

3 ـ آل عمران 3 : 158.

4 ـ آل عمران 3 : 156.

١٧٧

فصل من كلام أمير المؤمنين

صلوات الله عليه

في الأخوان واداب الأخوة

في الإيمان(1)

« الناس إخوان فمن كانت اخوته في غير ذات الله فهي عداوة ، وذلك قوله عز وجل :( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلاّ المتقين ) (2) .

من قلب الاخوان عرف جواهر الرجال.

امحض أخاك النصيحة حسنة كانت أم قبيحة ، ساعده على كل حال وزل معه حيث مازال ، فلا تطلبن منه المجازاة ، فإنها من شيم الدناة.

ابذل لصديقك كل المودة ، ولا تبذل له كل الطمأنينة ، واعطه كل المواساة ، ولا تفضي إليه بكل الأسرار ، توفي الحكمة حقها ، والصديق واجبه.

لايكوننّ أخوك أقوى منك على مودتك.

البشاشة فخ المودة ، والمودة قرابة مستفادة.

لايفسدك الظن على صديق أصلحه لك اليقين.

كفى بك أدباً لنفسك ماكرهته لغيرك.

لأخيك عليك مثل الذي لك عليه.

لاتضيعنّ حق أخيك إتكالاً على ما بينك وبينه ، فإنه ليس لك بأخ من ضيعت حقه.

ولا يكن أهلك أشق الناس بك.

إقبل عذر أخيك ، وإن لم يكن له عذر فالتمس له عذراً.

لا يكلف أحدكم أخاه الطلب إذا عرف حاجته.

لا ترغبن فيمن زهد فيك ، ولا تزهدن فيمن رغب فيك.

__________________

1 ـ كنز الفوائد : 34 : وفيه تمام الفصل.

2 ـ الزخرف 43 : 67.

١٧٨

إذا كان للمحافظة موضعاً لاتكثرن العتاب ، فإنه يرث الضغينة ويجرالى البغضة ، وكثرته من سوء الأدب.

إرحم أخاك وإن عصاك ، وصله وإن جفاك.

إحفظ(1) زلة وليك لوقت وثبة عدوك.

من وعظ أخاه سراً فقد زانه ، ومن وعظه علانية فقد شانه.

من كرم المرء بكاؤه على ما مضى من زمانه ، وحنينه إلى أوطانه ، وحفظ قديم إخوانه.

* * *

__________________

1 ـ في المصدر : احتمل.

١٧٩

فصل مما جاء نظماَ في الإخوان(1)

روي أن الصادق جعفر بن محمدعليه‌السلام كان يتمثل كثيراً بهذين البيتين :

أخوك الذي لوجئت بالسيف عامداً

لتضربه لم يستَغِشَّك في الود

ولوجئتَهُ تدعوه للموت لم يكن

يردك إبقاءاً عليك من الرد(2)

وقال سالم(3) بن وابصة :

احب الفتى ينفي الفواحشَ سمعه

كأن به من كل فاحشة وقرا

سليم دواعي الصدرلاباسطاً أذى

ولا مانعاً خيراً ولا قائلاً هجرا

إذا ما أتت من صاحب لك زلة

فكن أنت محتالاً لزلته عذرا

غنى النفس ما يكفيك من سدّ خِلة

فإن زاد شيئاًعاد ذاك الغنى فقرا

لغيره :

إذاجمع الفتى حسبا ودينا

فلا تعدل به أبدا قرينا

ولاتسمح بحظك منه بل كن

بحظك من(4) مودته ضنينا(5)

وقال آخر :

وكنت إذا الصديق أرادغيظي

وأشرقني على حنق بريقي

غفرت ذنوبه وصفحت عنه

مخافة أن أعيش بلاصديق

 لآخر :

ومن لم يغمض عينه عن صديقه

وعن بعض مافيه يعيش وهو عاتب

ومن يتتبع جاهداً كل عثرة

يجدها ولم يسلم له الدهر صاحب

 وقال إياس بن القائف :

يقيم الرجال الأغنياء بأرضهم

ترمي النوى بالمقترين المراميا

فاكرم أخاك الدهرمادمتما معاً

كفى بالممات فرقة وتنائيا

 __________________

1 ـ كنزالفوائد : 34 وفيه تمام الفصل.

2 ـ في المصدر : الود.

3 ـ في المصدر : مسلم.

4 ـ في الأصل : في ، وما أثبتناه من المصدر.

5 ـ الضنين : البخيل « الصحاح ـ ضنن ـ 6 : 2156 ».

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320