قواعد الحديث

قواعد الحديث21%

قواعد الحديث مؤلف:
تصنيف: علم الدراية
الصفحات: 263

قواعد الحديث
  • البداية
  • السابق
  • 263 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 106142 / تحميل: 7817
الحجم الحجم الحجم
قواعد الحديث

قواعد الحديث

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

الرحمن الرحيم ثم افتتح حم السجدة فلما بلغ إلى قوله تعالى( فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ ) فلما سمعه اقشعر جلده وقامت كل شعرة في بدنه ثم قام ومشى إلى بيته ولم يرجع إلى قريش فقالوا صبا ابوعبد شمس إلى دين محمد صلى الله عليه وآله فاغتمت قريش وغدا عليه ابوجهل فقال فضحتنا يا عم قال يا ابن اخ ما ذاك واني على دين قومي ولكنى سمعت كلاما صعبا تقشعر منه الجلود، قال أشعر هو؟ قال ما هو بشعر قال فخطب؟ قال لا ان الخطب كلام متصل وهذا كلام منثور لا يشبه بعضه بعضا له طلاوة قال فكهانة هو؟ قال لا قال فما هو؟ قال دعني افكر فيه فلما كان من الغد قالوا يا ابا عبد شمس ما تقول؟ قال قولوا هو سحر فانه اخذ بقلوب الناس فانزل الله تعالى فيه (ذرني ومن خلقت وحيدا) إلى قوله (عليها تسعة عشر).

(وابنه خالد بن الوليد بن المغيرة) هو الفتاك البطل الذي له وقائع عظيمة وكان يقول على ما حكي عنه: لقد شاهدت كذا وكذا وقعة ولم يكن في جسدي موضع شبر إلا وفيه (اثر طعنة او ضربة وها انا ذا اموت على فراشي لا نامت عين الجبان. مات سنة ٢١ (كا) ودفن بحمص.

ولا يحتمل المقام الاشارة إلى وقائعه ولكنى اشير إلى وقعتين منه:

(الاولى) ما روي انه لما بعثه النبي صلى الله عليه وآله على صدقات بني جذيمة من بني المصطلق فاوقع بهم خالد لترة كانت بينه وبينهم فقتل منهم واستاق اموالهم فلما انتهى الخبر إلى النبي رفع يده إلى السماء وقال اللهم اني أبرأ اليك مما فعل خالد وبكى ثم دعا عليا فبعثه اليهم بمال وامره ان يؤدي اليهم ديات رجالهم وما ذهب لهم من اموالهم فاعطاهم امير المؤمنينعليه‌السلام جميع ذلك، فاعطاهم لميلغة كلابهم وحبلة رعاتهم وبقيت معه فاعطاهم لروعة نسائهم وفزع صبيانهم ولما يعلمون ولما لا يعلمون وليرضوا عن رسول الله.

٤١

(الثانية) قال ابن شحنة الحنفي في روضة الناظر: في ايام ابي بكر منعت يربوع الزكاة وكان كبيرهم مالك بن نويرة وكان فارسا منطقيا شاعرا قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله فولاه صدقة قومه فارسل اليه ابوبكر خالد بن الوليد فقال مالك إنا نأتي الصلاة دون الزكاة فقال خالد اما علمت ان الصلاة والزكاة معا لا يقبل احدهما بدون الآخر فقال مالك اما لو كان صاحبكم يقول ذلك ثم اعاد هذه الكلمة مرة اخرى فقال خالد أو ما تراه لك صاحبا والتفت إلى ضرار بن الازور وامره بضرب عنقه فالتفت مالك إلى زوجته وقال لخالد هذه التي قتلتني وكانت في غاية الجمال فقال بل قتلك رجوعك عن الاسلام فقال مالك انا مسلم فقال خالد يا ضرار اضرب عنقه فضرب عنقه، وذكر ابن خلكان ما يقرب من ذلك ثم قال وجعل رأسه اثفية القدر وكان من اكثر الناس شعرا فكانت القدر على رأسه حتى نضج الطعام وما خلصت لنار إلى شواه من كثرة شعره وقبض خالد امرأته فقيل انه اشتراها من الفئ وتزوج بها قال في ذلك ابوزهير السعدي.

ألا قل لحي اوطأوا بالسنابك

تطاول هذا الليل من بعد مالك

قضى خالد بغيا عليه لعرسه

وكان له فيها هوى قبل ذلك

فامضى هواه خالد غير عاطف

عنان الهوى عنها ولا متمالك

واصبح ذا اهل واصبح مالك

إلى غير شئ هالكا في الهوالك

فمن لليتامى والارامل بعده

ومن للرجال المعدمين الصعالك

اصيبت تميم غثها وسمينها

بفارسها المرجو سحب الحوالك.

ولما بلغ الخبر ابا بكر وعمر، قال عمر لابي بكر ان خالدا قد زنى فارجمه قال ما كنت لارجمه فانه تأول فاخطأ قال انه قتل مسلما فاقتله به قال ماكنت لاقتله به فانه تأول فاخطأ قال فاعزله قال ما كنت لاشيم سيفا سله الله عليهم ابدا انتهى.

وفي بعض الروايات، انه لما قتل خالد مالكا ونكح امرأته كان في عسكره ابوقتادة الانصاري فركب فرسه ولحق بأبى بكر وحلف ان لا يسير في جيش

٤٢

تحت لواء خالد ابدا، فقص على ابي بكر القصة، فقال ابوبكر: لقد فتنت الغنائم العرب وترك خالد ما امرته.

وان عمر لما سمع ذلك تكلم فيه عند ابي بكر فاكثر وقال ان القصاص قد وجب عليه، فلما اقبل خالد بن الوليد غافلا دخل المسجد وعليه قباء له عليه صداء الحديد معتجر بعمامة له قد غرز في عمامته اسهما فلما ان دخل المسجد قام اليه عمر فنزع الاسهم عن رأسه فحطمها ثم قال عدي نفسه عدوت على امرئ مسلم فقتلته ثم نزوت على امرأته، والله لنرجمنك باحجارك، وخالد لا يكلمه ولا يظن إلا ان رأي ابي بكر مثل رأي عمر فيه حتى دخل على ابي بكر واعتذر اليه فعذره وتجاوز عنه، فخرج خالد وعمر جالس في المسجد فقال هلم الي يا بن ام شملة فعرف عمران ابا بكر قد رضي عنه فلم يكلمه ودخل بيته.

(أبوجهم الكوفى)

ثوير مصغرا ابن ابى فاختة مولى ام هاني تابعي، ذكره الذهبي ونقل القول بكونه رافضيا، ومع ذلك فقد اخذ عنه علماء السنة واخرج له الترمذي في صحيحه عن ابن عمر وزيد بن ارقم، عده الشيخ في اصحاب السجادعليه‌السلام وفي (قر) وفي (ق) روى (كش) فيه حديثا يظهر منه كونه من مشاهير الشيعة ويؤيده ما عن تقريب ابن حجر: ثوير مصغرا ابن ابي فاختة معجمة مكسورة ومثناة مفتوحة سعيد بن علاقة بكسر المهملة الكوفي ابوالجهم ضعيف رمي بالرفض من الرابعة انتهى.

(أبوالجيش)

المظفر بن محمد الخراساني البلخي متكلم، كان عارفا بالاخبار من غلمان ابى سهل النوبختي، له كتب كثيرة منها: فعلت فلا تلم في المثالب ينقل منه صاحب الكامل البهائى وله نقض كتاب العثمانية للجاحظ وله كتاب في الامامة قرأ عليه ابوعبدالله المفيد (ره) واخذ عنه ويروى عنه في الارشاد وعن ابن النديم انه كان شاعرا مجودا في اهل البيت عليهم السلام متكلما بارعا انتهى.

توفي سنة ٣٦٧ (شزس).

٤٣

وقد يطلق على خمارويه بضم الخاء ابن احمد بن طولون صاحب الديار المصرية والشامية الذي يأتى ذكره في ابن طولون قتله غلمانه بدمشق على فراشه سنة ٢٨٢ وكان عمره اثنين وثلاثين سنة وحمل في تابوت إلى مصر فاخرج من التابوت وجعل على السرير وذلك على باب مصر وخرج ولده الامير جيش وسائر الامراء والاولياء فصلى عليه ودفن عند ابيه بسفح المقطم وكانت بنته قطر الندى زوجة المعتضد بالله الخليفة العباسي.

قال ابن خلكان: كان صداقها الف الف درهم، وكانت موصوفة بفرط الجمال والعقل، حكي ان المعتضد خلا بها يوما للانس في مجلس افرده لها ما احضر سواها فاخذت منه الكأس فنام على فخذها فلما استثقل وضعت رأسه على وسادة وخرجت فجلست في ساحة القصر فاستيقظ فلم يجدها فاستشاط غضبا ونادى بها فاجابته عن قرب فقال ألم اخلو بك إكراما لك ألم ادفع اليك مهجتي دون سائر حظاياي فتضعين رأسي على وسادة فقالت يا امير المؤمنين ما جهلت قدر ما انعمت علي ولكن فيما ادبني به ابى قال لا تنامي مع الجلوس ولا تجلسي مع النيام.

(أبوحاتم الرازى)

محمد بن ادريس الحنظلي الذي قال في حقه علماء اهل السنة: كان اماما حافظا من مشاهير العلماء، ويقال له حافظ المشرق وكان بارع الحفظ واسع الرحلة من اوعية العلم. وكان جاريا في مضمار البخاري وابى زرعة الرازي. توفى في شعبان سنه ٢٧٧ (زرع).

وابنه ابو محمد عبدالرحمن بن محمد بن ادريس حافظ الرى وابن حافظها، اخذ عن ابيه وعن ابي زرعة كان بحرا في العلوم ومعرفة الرجال، صنف في الفقه واختلاف الصحابة والتابعين وعد من الابدال، توفي سنة ٣٢٧ (شكز).

(أبوحاتم السجستانى)

سهل بن محمد بن عثمان النحوي اللغوي المقرى نزيل البصرة وعالمها، اخذ عنه ابن دريد والمبرد وغيرهما.

٤٤

حكي انه كان صالحا عفيفا يتصدق كل يوم بدينار، ويختم القرآن في كل اسبوع، له من المصنفات كتاب اعراب القرآن. وكتاب اختلاف المصاحف وغير ذلك قيل توفى في رجب بالبصرة سنة ٢٤٨ (رمح).

وهو غير ابي حاتم البستي محمد بن حيان صاحب التآليف المتوفى سنة ٣٥٤ (شند) والسجستاني نسبة إلى سجستان معرب سيستان ناحية كبيرة واسعة واقعة على جنوب هراة ارضها كلها سبخة رملة ينسب اليها رستم الشديد.

وفي (ضا) نقلا عن الذهبي: ان في زمن بني امية لما اعلن اهل الشرق والغرب ومكة والمدينة بسب علي بن ابي طالبعليه‌السلام امتنع اهل سجستان من ذلك حتى انهم شرطوا في معاهدتهم مع بني امية ان لا يأتوا إلى ذلك ان شاء الله.

(أبوحامد الاسفرائنى)

انظر الاسفرائنى.

(أبوحامد الغزالى)

انظر الغزالى.

(أبوالحتوف)

ابن الحارث بن سلمة الانصاري العجلاني نسبة إلى بني عجلان بطن من الخزرج.

عن الحدائق الوردية في أئمة الزيدية: انه كان مع اخيه سعد في الكوفة، ورأيهما رأي الخوارج، فخرجا مع عمر بن سعد لحرب الحسينعليه‌السلام فلما كان اليوم العاشر وقتل اصحاب الحسين وجعل الحسين ينادي: ألا ناصر فينصرنا، فسمعته النساء والاطفال فتصارخن، وسمع سعد واخوه ابوالحتوف النداء من الحسين والصراخ من عياله، قالا: إنا نقول لا حكم إلا لله ولا طاعة لمن عصاه، وهذا الحسين بن بنت نبينا محمد ونحن نرجو شفاعة جده يوم القيامة فكيف نقاتله وهو بهذا الحال لا ناصر له ولا معين، فمالا بسيفيهما مع الحسين على اعدائه وجعلا يقاتلان قريبا منه حتى قتلا جمعا وجرحا آخر ثم قتلا معا في مكان واحد، وختم لهما بالسعادة الابدية بعد ما كانا من المحكمة، وانما الامور بخواتيمها.

٤٥

(أبوالحجاج)

الاقصري هو الشيخ العارف الزاهد، له كلمات في ارشاد المريدين وكان يقول لا يقدح عدم الاجتماع بالشيخ في محبته فانا نحب اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله والتابعين، وما رأيناهم، وذلك لان صورة المعتقدات اذا ظهرت لا تحتاج إلى صورة الاشخاص، فانها اذا ظهرت تحتاج إلى صورة المعتقدات فاذا حصل الجمع بينهما فذلك كمال حقيقي.

وقيل له يوما من شيخك؟ قال شيخى ابوجعران اي الجعل فظنوا انه يمزح، فقال لست امزح، فقيل له كيف؟ فقال كنت ليلة من ليالي الشتاء سهران، واذا بأبي جعران يصعد منارة السراج فيزلق لكونها ملساء ثم يرجع فعددت عليه تلك الليلة سبعمائة زلقة ثم يرجع بعدها ولا يكل فتعجبت في نفسي فخرجت إلى صلاة الصبح ثم رجعت، فاذا هو جالس فوق المنارة بجنب الفتيلة، فاخذت من ذلك ما اخذت أي انه تعلم منه الثبات مع الجد.

(أبوالحجاج المزى)

انظر المزى.

(أبوحزرة)

جرير بن عطية التميمي الشاعر المشهور، كان من فحول شعراء الاسلام، وكانت بينه وين الفرزدق مهاجاة ومعاداة، واجمعت العلماء على انه ليس في شعراء الاسلام مثل ثلاثة: جرير والفرزدق والاخطل.

وقد اختلف اهل المعرفة بالشعر في الفرزدق وجرير والمفاضلة بينهما، والاكثرون على ان جرير افضل منه ويأتي في الفرزدق ان جرير توفي في السنة التي مات فيها الفرزدق وهي سنة ١١٠، والحزرة بفتح الحاء وسكون الزاي وفتح الراء المهملة شجرة حامضة، ومن المال خياره كذا في (ق).

(أبوالحسن الاشعرى)

علي بن اسماعيل بن ابي بشر اسحاق بن سالم بن اسماعيل بن عبدالله بن

٤٦

موسى بن بلال بن ابي بردة بن ابي موسى الاشعري، تقدم ذكر جده ابي بردة ويأتى ذكر ابي موسى بعد ذلك.

كان مولده بالبصرة ومنشؤه ببغداد، وهو امام الاشاعرة واليه تنسب الطائفة الاشعرية، توفي سنة ٣٣٤ ودفن بين الكرخ وباب البصرة، قال ابن شحنة في روضة الناظر: في سنة ٣٢٩ توفي ابوالحسن علي بن اسماعيل بن ابي بشر الاشعري ودفن ببغداد بشرعة الزوايا ثم طمس قبره خوفا ان تنبشه الحنابلة فانهم كانوا يعتقدون كفره ويبيحون دمه، وذكر: ان ابا علي الجبائى كان زوج امه انتهى.

ونسب اليه واصحابه ابن حزم فيما حكي عن كتابه فصل القول: بأن الايمان عقد بالقلب وان اعلن الكفر بلسانه بلا تقية وعبد الاوثان، أو لزم اليهودية او النصرانية في دار الاسلام، وعبد الصليب واعلن التثليث في دار الاسلام، ومات على ذلك، فهو مؤمن كامل الايمان عند الله، ولي لله، من اهل الجنة.

وقال ايضا في كتابه من الجزء ٤ صفحه ٢٠٦: واما الاشعرية فقالوا إن شتم من اظهر الاسلام لله ولرسوله بافحش ما يكون من الشتم واعلان التكذيب بهما باللسان بلا تقية ولا حكاية، والاقرار بانه يدين بذلك ليس شئ من ذلك كفرا ونقل عن الاشاعرة القول: بأن من عرف الحق من اليهود والنصارى المعاصرين لرسول الله صلى الله عليه وآله فاعتقد بأنه رسول الله حقا ثم كتم ذلك، وتمادى في الجحود واعلان الكفر، فحارب النبي في خيبر وغيرها، فهو مؤمن عند الله، ولي لله تعالى، من اهل الجنة انتهى.

والاشعري نسبة إلى اشعر، ويأتي في الاشعري.

(أبوالحسن البكرى)

احمد بن عبدالله بن محمد البكري صاحب كتاب الانوار في مولد النبي المختار، ينقل منه العلامة المجلسي في المجلد السادس من البحار، وقال في الفصل الثاني من اول كتاب البحار: وكتاب الانوار قد اثنى بعض اصحاب الشهيد

٤٧

الثاني على مؤلفه وعده من مشايخه، ومضامين اخباره موافقة للاخبار المعتبرة بالاسانيد الصحيحة، وكان مشهورا بين علمائنا يتلونه في شهر ربيع الاول في المجالس والمجامع في يوم المولد الشريف انتهى.

وفيه كلام ليس موضع نقله فليطلب من اعيان الشيعه وغيره.

(أبوالحسن التهامى)

علي بن محمد بن الحسن العاملي الشامي من شعراء الشيعة، ذكره شيخنا الحر في الامل، وكان فاضلا اديبا شاعرا منشيا بليغا له ديوان شعر حسن، ومن شعره:

تنافس في الدنيا غرورا وانما

قصارى غناها ان يعود إلى الفقر

وإنا لفي الدنيا كركب سفينة

نظل وقوفا والزمان بنا يجري

وله ايضا:

وإذا جفاك الدهر وهو ابوالورى

طرا فلا تعتب على اولاده

وله الرائية المشهورة في رثاء ولده، وقد مات صغيرا وهي غاية في الحسن والجزالة وفخامة المعنى وجودة السرد ولا بأس بذكر بعض اشعارها قال رحمه الله:

حكم المنية في البرية جار

ما هذه الدنيا بدار قرار

بينا يرى الانسان فيها مخبرا

حتى يرى خبرا من الاخبار

طبعت على كدر وانت تريدها

صفوا من الاقذاء والاكدار

ومكلف الايام ضد طباعها

متطلب في الماء جذوة نار

فالعيش نوم المنية يقظة

والمرء بينهما خيال سار

فاقضوا مآربكم عجالا إنما

اعماركم سفر من الاسفار

إني وترت بصارم ذي رونق

اعددته لطلابة الاوتار

٤٨

والنفس إن رضيت بذلك او أبت

منقادة بازمة المقدار

يا كوكبا ما كان اقصر عمره

وكذاك عمر كواكب الاسحار

إن يحتقر صغرا فرب مفخم

يبدو ضئيل الشخص للنظار

إن الكواكب في علو محلها

لترى صغارا وهي غير صغار

ولد المعزى بعضه فاذا انقضى

بعض الفتى فالكل في الآثار

ابكيه ثم اقول معتذرا له

وفقت حين تركت ألام دار

جاورت اعدائي وجاور ربه

شتان بين جواره وجواري

اشكو بعادك لي وانت بموضع

لولا الردى لسمعت فيه مزاري

والشرق نحو الغرب اقرب شقة

من بعد تلك الخمسة الاشبار

فاذا نطقت فانت اول منطقي

واذا سكت فانت في اضماري

إني لارحم حاسدي لحر ما

ضمنت صدورهم من الاوغار

نظروا صنيع الله بى فعيونهم

في جنة وقلوبهم في نار

لا ذنب لي قد رمت كتم فضائلي

فكأنما برقعت وجه نهار

سجن بالقاهرة في ع ١ سنه ٤١٦ (تيو) ثم قتل سرا في سجنه في ٩ ج ١ من السنة المذكورة، وبعد موته رآه بعض اصحابه في النوم فقال له ما فعل الله بك؟ قال غفر لي، فقال بأي الاعمال؟ قال بقولي في مرثية ولدي الصغير جاورت اعدائي وجاور ربه.. الخ.

التهامي بكسر التاء نسبة إلى تهامة وهي تطلق على مكة زادها الله شرفا والنسبة اليها تهامي بالكسر وتهام بالفتح.

(أبوالحسن جلوة)

الحكيم المتألة ابن محمد الطباطبائي المنتهي نسبه إلى سيد الحكماء والمتألهين الميرزا رفيع الدين النائيني رحمه الله، تولد في احمد اباد كجرات في سنة ١٢٣٨ واشتغل في اصبهان بتحصيل العلم وكان اكثر تحصيله في علم المعقول حتى صار من

٤٩

اساتذة هذا الفن ثم انتقل إلى طهران وتوقف في مدرسة دار الشفاء وكان يدرس في المعقول واورد ترجمته في نامة دانشوران قال: بقيت مدة في اصبهان مشتغلا بهذا الشغل اي المطالعة والتدريس ثم اتيت إلى طهران وبحسب العادة والانس وعدم القدرة على المنزل المنفرد نزلت في مدرسة دار الشفاء ولي إلى هذا الوقت وهو سنة ١٢٩٠ (غرص) احدى وعشرون سنة لم اشتغل فيها بغير المطالعة والمباحثة ولم يخطر ببالي شغل غيرهما ولما علمت ان التصنيف الجديد صعب بل غير ممكن لم اكتب شيئا مستقلا ولكن كتبت حواشي كثيرة على الحكمة المتعالية المعروفة بالاسفار وغيرها والآن هي في يد بعض الطلاب ومحل الانتفاع انتهي.

وكان انتقاله إلى طهران سنة ١٢٧٣ بعد ما اكمل المعقول وبقي في مدرسة دار الشفاء مجردا بلا زوجة مشتغلا بالتدريس احدى واربعين سنة حتى انتقل إلى الدار الآخرة في سنة ١٣١٤ (غشيد) ودفن بقرب ابن بابويه القمي رضوان الله عليه.

(أبوالحسن الخرقانى)

على بن جعفر المشهور بالزهد والعرفان، وللصوفية والعرفاء فيه اعتقاد عظيم ويعددون له كرامات وفضائل كثيرة ونحن نذكر واحدا منها ها هنا ليكون انموذجا لما سواها.

قال في (ضا) وذكر الفاضل الطيبي في باب فضل الصدقة من شرحه على مصابيح البغوي، قال روي الشيخ نجم الدين الكبري في فواتح الجمال

٥٠

عن الشيخ ابى الحسن الخرقانى انه قال: صعدت إلى العرش وطفته الف طوفة ورأيت الملائكة يطوفون مطمئنين تعجبوا من سرعة طوافي فقلت ما هذه البرودة في الطواف؟ فقالوا نحن الملائكة انوار لا نقدر ان نجاوزه، فقالوا وما هذه السرعة؟ فقلت انا آدمي وفي نور ونار وهذه السرعة من نتائج نار الشوق انتهى.

توفي سنة ٤٢٥ (تكه) ودفن خارج الخرقان من قرى بسطام.

قال الفيروز ابادي الخرقان كسحبان قرية ببسطام وتحريكه لحن.

(أبوالحسن الشاذلى)

انظر الشاذلى.

(أبوالحسن الشريف)

ابن الشيخ محمد طاهر بن عبدالحميد بن موسى بن علي بن معتوق بن عبدالحميد الفتونى النباطي العاملي الاصبهاني الغروي المتوفي سنة ١١٣٨ افضل اهل عصره واطولهم باعا، صاحب تفسير مرآة الانوار إلى اواسط سورة البقرة يقرب مقدماته من عشرين الف بيت لم يعمل مثله، وكتاب ضياء العالمين في الامامة في ستين الف بيت ورسالة تنزيه القميين في تراجم كثير من القميين واثبات براء‌تهم عن عقائد المجبرة والمشبهة وغير ذلك، وكانت امه بنت السيد الجليل الامير محمد صالح الخاتون ابادي الذي هو صهر العلامة المجلسي (ره) على بنته وهو اي ابوالحسن الشريف جد شيخ الفقهاء صاحب جواهر الكلام من طرف ام والده المرحوم الشيخ باقر وهي آمنة بنت المرحومة فاطمة بنت المولى ابى الحسن.

يروي هو عن العلامة المجلسي وعن الشيخ الحر العاملي وعن خاله الخاتون ابادي وعن السيد الجزائري وغير هؤلاء رضوان الله عليهم اجمعين.

ويروي عنه السيد الاجل الشهيد السيد نصر الله الموسوي الحائري المدرس في الروضة الحسينية صاحب الروضات الزهرات في المعجزات بعد الوفاة وسلاسل الذهب وغير ذلك، وله ديوان شعر رائق، وله تخميس قصيدة الفرزدق في مدح

٥١

الامام علي بن الحسينعليه‌السلام قوله:

هذا الذي ضمن الفرقان مدحته

هذا الذي ترهب الآساد صولته

هذا الذي تحسد الامطار منحته

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته

والبيت يعرفه والحل والحرم

هذا ابن من زينوا الدنيا بفخرهم

واوضحوا ديننا في صبح علمهم

واخصبوا عيشنا في قطر جودهم

هذا ابن خير عباد الله كلهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم

يروى عن السيد المذكور الاجل السيد حسين القزوينى احد مشايخ العلامة بحر العلوم.

والسيد محمد بن امير الحاج، شارح قصيدة ابى فراس والشيخ احمد بن الشيخ حسن النحوي، المتوفي سنة ١١٧٣ وغيرهم - رضوان الله عليهم اجمعين -.

(أبوالحسن الفارسى الوراق)

احمد بن الفرج بن منصور البغدادي، ولد سنة ٣١٢ وتوفي بها سنة ٣٩٢، فعن الخطيب في تأريخ بغداد قال في حقه: إن اول سماعه للحديث كان سنة ٣٢٤ وكان ثقة، حدثني ابوبكر البرقانى قال: ذكر لي انه كان يديم قراء‌ة القرآن وكان له في كل يوم ختمة، قال: وكان يذكر عنه التشيع سألت ابا الحسين العتبقي هل سمع شيئا بغير بغداد؟ فقال لا، وكان ثقة كتب الكثير انتهى.

وعن رياض العلماء: انه يروى عن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه.

وقال ايضا: ويروي صاحب مسند فاطمة عليها السلام ابوجعفر محمد بن جرير الطبرى عنه.

(أبوالحسن الوراق)

انظر الرمانى.

(أبوالحسين البصرى)

محمد بن علي الطيب البصري المتكلم على مذهب المعتزلة، وهو احد أئمتهم الاعلام المشار اليه في هذا الفن، له تصانيف منها: المعتمد في الفقه وهو كتاب

٥٢

كبير اخذ منه فخر الدين الرازي، كتاب المحصول، توفي ببغداد سنة ٤٤٦ (تلو).

قال ابن خلكان: ولفظة المتكلم تطلق على من يعرف علم الكلام وهو اصول الدين، وإنما قيل له علم الكلام لان اول خلاف وقع في الدين كان في كلام الله عزوجل، أمخلوق هو ام غير مخلوق؟ فتكلم الناس فيه فسمي هذا النوع من العلم كلاما إنتهى.

(أبوالحكم المغربى)

عبيد الله بن مظفر بن عبدالله بن محمد الباهلي الاندلسي الاديب الحكيم، كان فاضلا في العلوم الحكمية متفننا في الصناعة الطبية، هو الفيلسوف الفرد العلم والفاضل الذي اقرت له بالحكمة العرب والعجم، توفي ٤ (قع) سنة ٥٤٩ (ثمط) وابنه ابوالمجد بن ابي الحكم طبيب حاذق ماهر له قصص وحكايات في معالجته المرضى توفي بدمشق سنة ٥٧٠.

(أبوحمزة الثمالى)

انظر الثمالى.

(أبوحنيفة)

النعمان بن ثابت بن زوطي بن ماه مولى تيم الله بن ثعلبة الكوفي، احد الائمة الاربعة السنية صاحب الرأي(١) والقياس والفتاوى المعروفة في الفقه.

قال ابن خلكان: كان جده زوطي من اهل كابل.

وذكر الخطيب في تأريخه: ان ابا حنيفة رأى في المنام كأنه ينبش قبر رسول الله صلى الله عليه وآله فبعث من سأل ابن سيرين صاحب هذه الرؤيا يثور علما لم يسبقه اليه احد قبله.

قال ابن خلكان: كان اماما في القياس، وروى انه صلى ابوحنيفة فيما حفظ عليه صلاة الفجر بوضوء العشاء اربعين سنة وكان عامة ليلة يقرأ جميع القرآن في ركعة واحدة وكان يسمع بكاؤه

____________________

(١) وممن اخذ عنه ولكنه تقدمه في الحياة ربيعة بن عبدالرحمن المدنى الفقيه المعروف بربيعة الرأي توفي سنة ١٣٦ بالانبار في الهاشمية التي بناها السفاح.

٥٣

في الليل حتى يرحمه جيرانه، وحفظ عليه انه ختم القرآن في الموضع الذي توفي فيه سبعة آلاف ختمة، وقال ايضا: ومناقبه وفضائله كثيرة.

وقد ذكر الخطيب في تأريخه فيها شيئا كثيرا ثم اعقب ذلك بذكر ما كان الاليق تركه والاضراب عنه.

(اقول) ولعله اراد مثل ما يحكى عنه انه روى في الجزء الثالث عشر من تاريخه عن الثوري عن حماد بن ابي سليمان انه كان يظهر البراء‌ة من ابي حنيفة ويقول لاصحابه: إن سلم فلا تردوا عليه وان جلس فلا توسعوا له.

وروى انه اجتمع الثوري وشريك والحسن بن صالح وابن ابى ليلى فبعثوا إلى ابى حنيفة فاتاهم فقالوا ما تقول في رجل قتل اباه ونكح امه وشرب الخمر في رأس ابيه؟ فقال هو مؤمن، فقال ابن ابى ليلى لا قبلت لك شهادة ابدا، وقال الثوري لا كلمتك ابدا، وقال شريك لو كان لي من الامر شئ لضربت عنقك، وقال له الحسن وجهي من وجهك حرام ان انظر إلى وجهك ابدا.

وروى عن الامام مالك قال ما ولد في الاسلام مولود اضر على اهل الاسلام من ابي حنيفة وقال كانت فتنة ابى حنيفة اضر على هذه الامة من فتنة ابليس.

واخرج عن عبدالرحمن بن مهدي قال ما علم في الاسلام فتنة بعد فتنة الدجال اعظم من رأي ابي حنيفة.

وعن الاوزاعي قال عمد ابوحنيفة إلى عرى الاسلام فنقضه عروة عروة واخرج عن ابى صالح الفراء قال سمعت يوسف بن اسباط يقول رد ابوحنيفة على رسول الله اربعمائة حديث او اكثر، وقال: لو ادركنى النبي وادركته لاخذ بكثير من قولي وهل الدين إلا الرأي الحسن.

واخرج عن علي بن صالح البغوي قال انشدنى ابوعبدالله محمد بن زيد الواسطي لاحمد ابن المعدل:

إن كنت كاذبة بما حدثتني

فعليك إثم ابى حنيفة او زفر

الماثلين إلى القياس تعمدا

والراغبين عن التمسك بالخبر

وروى انه كان رأس المرجئة وانه سئل من مسألة فاجاب فيها ثم قيل له انه يروى

٥٤

عن النبى صلى الله عليه وآله فيها كذا وكذا قال دعنا من هذا.

وفي رواية اخرى قال حك هذا بذنب خنزيرة إلى غير ذلك مما ليس مقام نقله وكان الاليق تركه والاضراب عنه.

قال ابن خلكان: فمثل هذا الامام لا يشك في دينه ولا في ورعه وتحفظه ولم يكن يعاب بشئ سوى قلة العربية، وقال في ترجمة عطاء بن ابي رياح وحكي وكيع قال: قال لي ابوحنيفة النعمان بن ثابت اخطأت في خمسة ابواب من المناسك بمكة؟ فعلمنيها حجام وذلك انى اردت ان احلق رأسي فقال لي اعرابى انت قلت نعم وكنت قد قلت له بكم تحلق رأسي فقال النسك لا يشارط فيه اجلس، فجلست منحرفا عن القبلة فاومأ الي باستقبال القبلة، واردت ان احلق رأسي من الجانب الايسر فقال ادر شقك الايمن من رأسك فادرته وجعل يحلق رأسي وانا ساكت، فقال لي كبر فجعلت اكبر حتى قمت لاذهب، فقال اين تريد؟ قلت رحلي فقال صل ركعتين ثم امض فقلت ما ينبغي ان يكون هذا من مثل هذا الحجام إلا ومعه علم، فقلت من اين لك ما رأيتك امرتني به فقال رأيت عطاء بن ابى رياح يفعل هذا انتهى.

وعطاء بن ابى رياح بفتح الراء والياء الموحدة كان من فقهاء مكة، سمع جابر بن عبدالله وابن عباس وروى عنه عمرو بن دينار والزهري وقتادة ومالك بن دينار والاعمش والاوزاعي واليه والى مجاهد انتهت فتوى مكة في زمانهما، حكي ان في زمان بني امية يأمرون في الحاج صائحا يصيح لا يفتي الناس إلا عطاء بن ابي رياح، وكان اسود اعور افطس اشل اعرج ثم عمي مفلل الشعر، توفي سنة ١١٥، وتوفي ابوحنيفة سنة ١٥٠ وقبره ببغداد في مقبرة خيزران، وما ذكره علماء الفريقين في ترجمته اكثر من ان يذكر، وقد اشرنا إلى مختصر منه في سفينة البحار ولابي جعفر مؤمن الطاق مقامات معه يأتي بعضها في الطاقى ويأتى في القفال ذكر بعض فتاواه.

وقال ابن النديم: انه كان خزازا في الكوفة.

(قلت) ويظهر مما نقله كمال الدين الدميري في حياة الحيوان انه كان جزارا.

٥٥

قال في الجزور ذكر التوحيدي في كتاب بصائر القدماء وسرائر الحكماء صناعة كل من علمت صناعة من قريش فقال كان ابوبكر بزازا وكذلك عثمان وطلحة وعبدالرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنهم وكان عمر رضي الله عنه دلالا يسعى بين البائع والمشتري، وكان سعد بن ابى وقاص يبري النبل، وكان الوليد ابن المغيرة حدادا وكذلك ابوالعاص اخو ابي جهل، وكان عتبة بن ابي معيط خمارا، وكان ابوسفيان بن حرب يبيع الزيت والادم، وكان عبدالله بن جذعان نخاسا يبيع الجواري وكان النضر بن الحرث عوادا يضرب بالعود، وكان الحكم بن العاص خصاء‌ا يخصي الغنم وكذلك حريث بن عمرو والضحاك بن قيس الفهري وابن سيرين، وكان العاص بن وائل السهمي بيطارا يعالج الخيل، وكان ابنه عمرو بن العاص جزارا وكذلك ابوحنيفة صاحب الرأي والقياس، وكان الزبير بن العوام خياطا.. الخ.

قال ابن الاثير في النهاية فيه: كان عمر في الجاهلية مبرطشا هو الساعي بين البائع والمشتري شبه الدلال ويروى بالسين المهملة انتهى.

قال الفيروز آبادي مثله في القاموس وقال او هو بالسين المهملة وقال المبرطس الذى يكتري للناس الابل والحمير ويأخذ عليه جعلا.

(أبوحنيفة الدينورى)

احمد بن داود النحوي اللغوي الاديب الفاضل العالم بالهندسة والحساب والفلسفة، وكان من نوادر الرجال ممن جمع بين بيان العرب وحكم الفلاسفة اكثر عن ابن السكيت.

وذكره ابن النديم وقال: اخذ عن البصريين والكوفيين، وكان متفننا في علوم كثيرة وثقة فيما يرويه معروف بالصدق انتهى.

له كتب كثيرة منها الاخبار الطوال واصلاح المنطق وكتاب البلدان وغير ذلك توفي في حدود سنة ٢٩٠ (رص) والدينوري يأتي في حرف الدال.

٥٦

(أبوحنيفة سايق الحاج)

اسمه سعيد بن بيان الهمداني، وسايق الحاج بالمثناة التحتانية قيل القاف اي امير الحاج في كل سنة من الكوفة إلى مكة وقيل بالموحدة مكان المثناة أي يسبقهم بوصول مكة او الكوفة، وثقه (جش) وقال: روى عن ابى عبداللهعليه‌السلام له كتاب يرويه عدة من اصحابنا (كش) عن ابى عبداللهعليه‌السلام قال اتى قنبر امير المؤمنينعليه‌السلام فقال هذا سابق الحاج قد اتى وهو في الرحبة فقال لا قرب الله داره هذا خاسر الحاج يتعب البهيمة وينقر الصلاة اخرج اليه فاطرده: (كش) عن عبدالله بن عثمان قال ذكر عند ابي عبداللهعليه‌السلام ابوحنيفة السابق وانه يسير في اربع عشرة فقال لا صلاة له.

(اقول) الخبر الاول خال عن ذكر ابي حنيفة ويبعد ان يكون سابق الحاج في زمان امير المؤمنينعليه‌السلام هو سعيد بن بيان ابوحنيفة المذكور وقوله انه يسير في اربع عشرة الظاهر انه يسير من العراق إلى مكة او بالعكس. عن المحاسن عن الوليد بن صبيح يقول لابي عبداللهعليه‌السلام ان ابا حنيفة رأى هلال ذي الحجة بالقادسية وشهد معنا عرفة فقال ما لهذا صلاة.

(أبوحنيفة الشيعة)

ويقال له ابوحنيفة المغربي هو القاضي النعمان بن ابى عبدالله محمد بن منصور القاضى بمصر كان مالكيا اولا ثم اهتدى وصار اماميا وصنف على طريق الشيعة اكتبها منها كتاب دعائم الاسلام وكان كما قال ابن خلكان نقلا من ابن زولاق في غاية الفضل من اهل القرآن والعلم بمعانيه عالما بوجوه الفقه وعلم اختلاف الفقهاء واللغة والشعر الفحل والمعرفة بأيام الناس مع عقل وانصاف، والف لاهل البيت عليهم السلام من الكتب آلاف اوراق بأحسن تأليف، وله ردود على المخالفين، وله رد على

٥٧

ابى حينفة وعلى مالك والشافعي وعلى ابن سريج، وكتاب اختلاف الفقهاء وينتصر فيه لاهل البيتعليه‌السلام وله القصيدة الفقهية لقبها بالمنتخبة، وكان ملازما صحبة المعز ابي تميم معد بن منصور، ولما وصل من افريقية إلى الديار المصرية كان معه ولم تطل مدته ومات في مستهل رجب بمصر سنة ٣٦٣ (شجس) انتهى.

وحكي عن دعائمه: انه رووا ان رجلا من اهل خراسان حج فلقى ابا حنيفة وكتب عنه ثم عاد في العام الثاني فلقيه فعرضها عليه ثانية فرجع عنها كلها فحثا الخراساني التراب على رأسه فصاح فاجتمع الناس عليه فقال يا معشر الناس هذا رجل افتاني في العام الماضي بما في هذا الكتاب فانصرفت إلى بلدي في العام الماضى فحللت به الفروج وارقت به الدماء واخذت به واعطيت به المال ثم رجع لي عنه العام كله، قال ابوحنيفة انما هو رأي رأيته ورأيت الآن خلافه قال الخراساني ويحك ولعلي لو اخذت عنك العام ما رجعت اليه لرجعت لي عنه من قابل، قال ابوحنيفة لا ادري قال الخراساني لكني ادري ان عليك لعنة الله والملائكة والناس اجمعين انتهى.

يحكي ان والد القاضي النعمان ابا عبدالله محمد قد عمر مائة واربعين سنة ويحكي اخبارا كثيرة نفيسة حفظها، وكان للقاضي النعمان اولاد نجباء سراة فمنهم ابوالحسن علي بن النعمان بن محمد اشرك المعز الفاطمي بينه وبين ابي طاهر محمد بن احمد قاضى مصر في الحكم ولم يزالا مشتركين فيه إلى ان لحقت القاضى ابا طاهر رطوبة عطلت شقه ومنعته الحركة فقلده العزيز بن المعز القضاء مستقلا، وكان القاضي ابوالحسن المذكور متفننا في عدة فنون منها: علم القضاء والقيام به بوقار وسكينة، وعلم الفقه والعربية والادب والشعر وكان شاعرا مجيدا في الطبقة العليا ومن شعره:

رب خود عرفت في عرفات

سلبتني بحسنها حسناتي

حرمت حين احرمت نوم عيني

واستباحت حماي باللحظات

٥٨

وافاضت مع الحجيج ففاضت

من جفوني سوابق العبرات

ولقد اضرمت على القلب جمرا

محرقا إذ مشت إلى الجمرات

لم انل من منى منى النفس حتى

خفت بالخيف ان تكون وفاتي

توفي سنة ٣٧٤ (شعد) وقام بأمر القضاء بعده اخوه ابوعبدالله محمد بن النعمان، وكان مثل اخيه في الفضل بل قال ابن زولاق: ولم نشاهد بمصر لقاض من القضاة من الرئاسة ما شاهدناه لمحمد بن النعمان ولا بلغنا ذلك عن قاض بالعراق، ووافق ذلك استحقاقا لما فيه من العلم والصيانة والتحفظ واقامة الحق والهيبة انتهى.

وقد استخلف ولده ابا القاسم عبدالعزيز على القضاء بالاسكندرية، وعقد له على ابنة القائد ابى الحسن جوهر في سنة ٣٨٣ استخلفه في الاحكام بالقاهرة ومصر إلى ان توفي سنة ٣٨٩، فقلد الحاكم الفاطمي القضاء ابا عبدالله الحسين بن علي بن النعمان، ثم صرفه وقتله وقلد ابا القسم عبدالعزيز بن محمد، ولم يزل قاضيا إلى ان فوض القضاء إلى ابى الحسن مالك بن سعيد الفارقي، واخرجه عن اهل بيت النعمان، ثم قتله في سنة ٤٠١ (تا) قال الفيروز ابادي: ابوحنيفة كنية عشرين من الفقهاء اشهرهم امام الفقهاء النعمان.

(أبوحيان الاندلسى)

كشداد اثير الدين محمد بن يوسف بن علي الحياني الاندلسي النحوي كان من اقطاب سلسلة العلم والادب، واعيان المبصرين بدقائق ما يكون من لغة العرب حكي انه سمع الحديث بالاندلس وافريقية والاسكندرية ومصر والحجاز من نحو اربعمائة وخمسين شيخا، له شرح التسهيل ومختصر المنهاج للنووي والارتشاف وغير ذلك، وكان شيخ النحاة بالديار المصرية واخذ عنه اكابر اهل عصره.

فعن الصفدي انه قال: لم اره قط إلا يسمع أو يشتغل او يكتب او ينظر في كتاب،

٥٩

وكان ثبتا صدوقا حجة سالم العقيدة من البدع الفلسفية والاعتزال والتجسم ومال إلى مذهب اهل الظاهر والى محبة اميرالمؤمنين علي بن ابى طالبعليه‌السلام كثير الخشوع والبكاء عند قرائة القرآن انتهى ملخصا.

توفي بالقاهرة سنة ٧٤٥ (ذمة) ورثاه الصفدي.

ومن كلماته وكان يوصى بها: ينبغي للعاقل ان يعامل كل احد في الظاهر معاملة الصديق، وفي الباطن معاملة العدو في التحفظ منه والتحرز، وليكن في التحرز عن صديقه اشد مما يكون في التحرز عن عدوه وان يعذر الناس في مباحثهم وادراكاتهم فان ذلك على حسب عقولهم وان يضبط نفسه عن المراء والاستخفاف بابناء زمانه وان لا يبحث إلا مع من اجتمعت فيه شرائط الديانة والفهم والمزاولة لما يبحث وان لا يغضب على من لا يفهم مراده ومن لا يدرك ما يدركه وان لا يقدم على تخطئة احد ببادئ الرأي ولا يعرض بذكر اهله ولا يجري ذكر حرمه بحضرة جليسه وان لا يركن على احد إلا على الله تعالى وان يكثر من مطالعة التواريخ فانها تلقح عقلا جديدا.

ومن شعره:

أرحت روحي من الايناس بالناس

لما غنيت عن الاكياس بالياس

وصرت في البيت وحدي لا ارى احدا

بنات فكري وكتبي كان جلاسي

وقال ايضا:

وزهدني في جمعي المال انه

إذ ما انتهى عند الفتى فارق العمرا

فلا روحه يوما اراح من العنا

ولم يكتسب حمدا ولم يدخر اجرا

ومن شعره ايضا:

عداي لهم فضل علي ومنة

فلا اذهب الرحمن عني الاعاديا

هم بحثوا عن زلتي فاجتنبتها

وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا

يروي عنه شيخنا الشهيد بواسطه تلميذه جمال الدين عبدالصمد بن ابراهيم ابن الخليل البغدادي

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

ورابعاً : أن بعض تلك الكتب والأصول التي أخذ منها الأحاديث كانت أجوبة مسائلها بخط المعصوم (ع). كما وأن بعضها كان بخط الثقة من أصحاب المعصوم (ع) ، فلا يحتمل عروض دس فيها من قبل واضعي الحديث. قال الشيخ محمد بن الحسن الحر : « وقد صرح الصدوق في مواضع أن كتاب محمد بن الحسن الصفار المشتمل على مسائله ، وجوابات العسكري (ع) كان عنده بخط المعصوم (ع). وكذلك كتاب عبيد اللّه بن علي الحلبي المعروض على الصادق (ع) وغير ذلك »(١) . وقال الصدوق عند روايته لبعض مكاتبات الصفار الى العسكري (ع) : « هذا التوقيع في جملة توقيعاته (ع) الى محمد بن الحسن الصفار عندي بخطه في صحيفة »(٢) .

وخامساً : أن غالب الأحاديث التي دوّنها القدماء في مجاميعهم إنما تلقّوها عن مشايخهم الثقات بطريق السماع حتى تتصل بالمعصوم (ع). ومثل هذا الطريق لا يعرض له دس أو تزوير.

وخلاصة البحث أن وجود الأخبار الموضوعة في عصر المعصومين (ع) لا يمنع من العمل بالأخبار التي ضمتها مجاميع قدماء أصحابنا المعتبرة ، مثل كتبنا الأربعة ونظائرها ، فانها خالية من ذلك.

مع الدكتور فياض

وقد ظهر بهذا وهن ما كتبه الدكتور عبد اللّه فياض تحت عنوان ( كتب الحديث عند الشيعة الامامية ) ، حيث قارن بينها وبين كتب الحديث عند أهل السنة. فقال : « ومن الجدير بالذكر أنه لم تجرِ عملية تهذيب وتشذيب

__________________

١ ـ الوسائل ج ٣ ـ الفائدة ٩.

٢ ـ الوسائل ٢ ب‍‌ ٢٨ ـ غسل الميت.

١٤١

شاملة لكتب الحديث عند الشيعة الامامية على غرار العملية التي أجراها المحدثون عند أهل السنة ، والتي تمخض عنها ظهور الصحاح الستة المعروفة. ونتج عن فقدان عملية التهذيب لكتب الحديث المشهورة عند الشيعة الامامية مهمتان هما أولا : بقاء الأحاديث الضعيفة بجانب الأحاديث المعتبرة في بعض المجموعات الحديثية عندهم وأعتقد أن إهمال العلماء الذين جاؤوا بعد ابن ادريس الحلي لآرائه ، ورميه بالتخليط ، يمكن أن يعد من أهم الأسباب التي أدت الى بقاء مجموعات الحديث عند الشيعة الامامية دون تهذيب وتشذيب حتى يومنا هذا. ثانياً : تسرّب أحاديث الغلاة إلى بعض كتب الحديث عند الشيعة ، وقد تنّبه أئمة الشيعة الامامية ، وعلماؤهم الى الأخطار المذكورة وحاولوا خنقها في مهدها ، ولكن نجاحهم لم يكن كاملاً نتيجة لعدم قيام عملية تهذيب شاملة لكتب الحديث »(١) . وبحثنا معه.

أ ولاً : في كتب الحديث عند أهل السنة ، فان أصحها لديهم ( صحيح البخاري ) الذي لم يروِ فيه عن الامام الصادق (ع) ، وإنما روى عن كثير ممن اشتهر بالفسق والكذب ، مثل عمران بن حطان الخارجي ، وحريز بن عثمان الرحبي ، وسمرة بن جندب سفاك الدماء ، وعكرمة الخارجي(٢)

____________

١ ـ الاجازات العلمية عند المسلمين ص ٩٨ ، وما بعدها.

٢ ـ اشتهر عكرمة هذا بوضع الحديث ، والكذب فيه. ولذا كذبه مجاهد ، وابن سيرين ، كما في ( طبقات القراء ) للجزري ج ١ ص ٥١٥. وأعرض عنه مالك بن أنس ، ومسلم ، كما في ( تذكرة الحفّاظ ) للذهبي ج ١ ص ٩٦. وقال مالك : « لا أرى لأحد أن يقبل حديثه ». كما في ( تهذيب التهذيب ) لابن حجر ج ٧ ص ٢٦٩. وللمزيد من ذلك راجع كتابنا ( آية التطهير ) ص ٥٥ ـ ٥٩ ـ ١٢٦ ـ ١٢٧.

١٤٢

ولذا قال السيد محمد بن عقيل في ( نصائحه ) : « وهنا يتحير العاقل ، ولا يدري بماذا يعتذر عن البخاري الخ »(١) .

وجاء في كتاب ( أضواء على السنّة المحمدية )(٢) للاستاذ محمود أبي ريّة : أن البخاري كان يروي بالمعنى ، وأن الخطيب البغدادي في ( تاريخ بغداد ج ٢ ص ١١ ) روى عنه أنه قال يوماً : « رب حديث سمعته بالبصرة كتبته بالشام ، ورب حديث سمعته بالشام كتبته بمصر. فقيل له : يا أبا عبد اللّه بكماله. فسكت ».

وجاء فيه أيضاً : أن البخاري مات قبل أن يتم تبييض كتابه ، وأنه استُنسخ من الأصل الذي عند صاحبه ، وفيه أشياء لم تتم ، وأشياء مبيّضة منها تراجم لم يُثبت بعدها شيئاً ، ومنها أحاديث لم يترجم لها ، فأضيف بعض ذلك الى بعض. وقد انتقده الحفّاظ في عشرة ومائة حديث ، منها ٣٢ حديثاً وافقه مسلم على تخريجها ، و ٧٨ حديثاً انفرد هو بتخريجها. وكذلك ضعّف الحفاظ من رجال البخاري نحو ٨٠ رجلاً ، ومن رجال مسلم ١٦٠ رجلاً. والأحاديث التي انتقدت عليهما بلغت مئتي حديث وعشرة.

وقد أورد الشيخان البخاري ، ومسلم في صحيحيهما كثيراً من الأحاديث التي يمتنع صدورها عن النبي (ص) ذكر المرحوم السيد عبد الحسين شرف الدين منها أربعين حديثاً لراوي واحد ، وهو أبو هريرة الدوسي في كتابه الذي عنونه به ، وجعلها نموذجاً لأحاديثه. قائلاً : « الأذواق الفنية لا تسيغ كثيراً من أساليب أبي هريرة في حديثه ، والمقاييس العلمية عقلية ونقلية لا تقرّها. وحسبك عنواناً لهذه الحقيقة أربعون حديثاً صحت عنه الخ ». ثم ساق الأحاديث بتعاليقها. وعد فصلاً لانكار السلف

__________________

١ ـ النصائح الكافية ص ٩٣.

٢ ـ انظر ص ٢٧٤ ـ ٢٧٥.

١٤٣

لأحاديثه(١) .

وبحث الاستاذ محمود أبو ريّة عن أبي هريرة ، وأحاديثه في كتابه ( أضواء على السنّة المحمدية ). ثم توسّع في البحث ، ونشره في كتاب بعنوان ( شيخ المضيرة ). وقد أثبت فيه أن أبا هريرة كان وضاعاً يدلّس في حديثه ، ويستقي من كعب الأحبار ، الذي بث اسرائيلياته من طريقه وقد كّذبه الصحابة ، وردّوا عليه في حياته باعترافه. وانقطع الى بني أمية فوضع أحاديث في فضل معاوية ، وأخرى على الامام علي (ع). كما وأن له أحاديث لا يمكن قبولها ، أخرجها عنه البخاري ، ومسلم في صحيحيهما وأنه لم يصحب النبي (ص) إلا سنة ، وتسعة أشهر ، ثم انتقل الى البحرين لا كما اشتهر من صحبته ثلاث ، أو أربع سنين. وعلى كلا التقديرين فقد روى عن النبي (ص) عدداً ضخماً من الأحاديث بلغت ٥٣٧٤ حديثاً ، أخرج البخاري منها ٤٤٦ حديثاً.

ولذا كبر على الاستاذ أبي زهرة وجماعته أن يمس أبو هريرة ، لأن كشف حاله يوجب خدش أصول حديثهم التي اعتمدوا عليها ، يقول أبو زهرة : « كأولئك الذين لا يحلو لهم إلا أن يتهجموا على الصحابي أبي هريرة ، ليهدموا البخاري ، ومسلماً ، وغيرهما من كتب السنة الصحاح »(٢) .

وعليه كيف تكون رواية البخاري ومسلم عن أمثال أولئك الرواة ، وأمثال تلك الأحاديث عملية تهذيب وتشذيب ، كما يقوله الدكتور؟ ، ليكون « كتابهما أصح الكتب بعد كتاب اللّه العزيز » ، كما ينقله الدكتور عن ابن الصلاح بدون تعقيب.

وإن غاية ما يقال في اعتبار صحاح أهل السنة : إن مؤلفيها قد اجتهدوا

__________________

١ ـ ابو هريرة ص ٥٤ ـ ١٨٢.

٢ ـ الامام الصادق ص ٤٦٠.

١٤٤

 في صحة أخبارها ، فالبخاري اجتهد في صحة الأحاديث التي أثبتها في صحيحه ، وهكذا كل مؤلف اجتهد في صحة أحاديث كتابه ، وقلّدهم خلفهم في ذلك ، كتقليدهم في فروع الفقه مذاهب أربعة على وجه الحصر فأين عملية التهذيب الشاملة « التي أجراها المحدثون عند أهل السنة ، والتي تمخض عنها ظهور الصحاح الستة المعروفة »؟.

نعم هناك جماعة أجروا عملية تهذيب لأحاديث أهل السنة بعد ظهور الصحاح الستة ، لا قبلها لتكون وليدة تلك العملية. منهم السيوطي في كتابه ( اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ). ومنهم الحسن بن محمد الصغاني في كتابه ( الدرر الملتقطة ). ومنهم أبو الفرج بن الجوزي في كتابه الذي ألفّه لهذا الغرض. ومنهم محمد طاهر بن علي الهندي الفتني في كتابه ( تذكرة الموضوعات ). وقد جمعه من كتب ألّفت في هذا الموضوع ، أشار اليها بقوله : « ومما بعثني اليه أنه اشتهر في البلدان ( موضوعات الصغاني ) وغيره ، وظني أن إمامهم كتاب ابن الجوزي ونحوه وأنا أورد بعض ما وقع في ( مختصر ) الشيخ محمد بن يعقوب الفيروزابادي وفي ( المقاصد الحسنة ) للشيخ العلامة أبي الخير شمس الدين السخاوي ، وفي كتاب ( اللآلئ ) للشيخ جلال الدين السيوطي ، وفي كتاب ( الذيل ) له ، وفي كتاب ( الوجيز ) له ، و ( موضوعات الصغاني ) ، و ( موضوعات المصابيح ) التي جمعها الشيخ سراح الدين عمر بن علي القزويني ، و ( مؤلّف ) الشيخ علي بن ابراهيم العطار ، وغير ذلك الخ »(١) . وسبق الاشارة أيضاً الى ذلك(٢) .

و ثانياً : في كتب الحديث عند الشيعة الامامية ، حيث ذكر الدكتور

____________

١ ـ تذكرة الموضوعات ص ٣ ـ ٤.

٢ ـ انظر ص ١٣٦.

١٤٥

 الكتب الثمانية المشهورة منها(١) ، ونظر اليها على مستوى واحد ، فحكم بأن أحاديثها خام لم يجر عليها عمليات تهذيب وتشذيب الى يومنا هذا.

و يوهنه الأدلة السابقة التي ثبت بها أن ثقات رواة الامامية ، والقدماء من مؤلفي كتبهم الأربعة ، ونظائرها من الكتب المعتبرة قد أجروا أكبر عملية تهذيب للأحاديث ، حتى لم يبق مجال للقول بتسرّب الأحاديث المدسوسة الى تلك الكتب. كما أنهم صرفوا العمر في سبيل انتقاء الأحاديث الصحيحة بنظرهم ، وقد استغرقت جهود الشيخ الكليني في ذلك زمناً يناهز ربع القرن حتى انتج كتابه ( الكافي ) ، وشهد بصحة جميع أحاديثه. كما شهد الصدوق بصحة أحاديث كتابه ( الفقيه ) ، وأنها الحجة فيما بينه وبين اللّه تعالى.

ولم أدر كيف لا تعتبر تلك الجهود عملية تهذيب لتكون كتبنا الأربعة ونظائرها ناجمة عنها؟ ، فهي تفوق ما أجراه المحدثون من أهل السنة عند جمع أحاديث صحاحهم الستة. مع الغض عما سبق من النقاش في بعض رواتها ، وأحاديثها.

وإنا وإن لم نلتزم بصحة جميع أحاديث كتاب ما ، بل ننظر إليها من طريق مدارك حجية خبر الواحد ، وقواعد الجرح والتعديل ، لكنا نقول : إن مؤلفي تلك الكتب الأربعة ، ونظائرهم من قدامى المؤلفين لم يوردوا في كتبهم كل حديث رأوه أو سمعوه ، وإنما اجتهدوا ، وأجهدوا أنفسهم في انتقاء ما كان معتبراً لديهم على ضوء قرائن التصحيح ، وأصول التزكية ، ولذا اهتموا بطرق الأحاديث ، والبحث عنها. ولا نعرف شيئاً وراء ذلك يسمى تهذيباً ، وتشذيباً. فالحكم بخلو جميع تلك الكتب من عملية

____________

١ ـ وهي الكافي ١ ، الفقيه ٢ ، التهذيب ٣ ، الاستبصار ٤ ، الوافي ٥ الوسائل ٦ ، مستدرك الوسائل ٧ ، بحار الأنوار ٨.

١٤٦

التهذيب ، وجريانها في جميع الصحاح الستة عند أهل السنة ، فيه حيف ظاهر.

وقد صرح الدكتور بأن الناتج عن فقدان عملية التهذيب بقاء الأحاديث الضعيفة بجانب الأحاديث المعتبرة في بعض المجموعات الحديثية عند الشيعة ومثّل لذلك ب‍‌ ( الكافي والفقيه والبحار ). ولا ندري ما يعني بالبعض الآخر الذي لم يبق فيه حديث ضعيف من الكتب الثمانية.

وقد أجمل الدكتور في قوله : « تسرب أحاديث الغلاة الى بعض كتب الحديث عند الشيعة » ، حيث يصلح لارادة كل كتاب من تلك الثمانية ، وإن قال عن أحاديث ( البحار ) عند ذكره : « وربما كان بعضها موضوعاً ».

وحيث كان عملنا بالأخبار على ضوء تلك المدارك والقواعد فلا يمكن إعطاء ضابطة كلية تميز الأحاديث المعتبرة عن غيرها ، لاختلاف مباني الفقهاء في العمل بالأخبار ، كاختلافهم في الجرح والتعديل ، ولذا اضطروا الى تنقيح تلك المباني ، والاجتهاد فيها. وعليه فتكثر الأحاديث الضعيفة على مبنى وتقل على مبنى آخر ، وقد تنعدم بالنسبة للكتب التي ادعي احتفاف أخبارها بالقرائن المفيدة للوثوق بصدورها أجمع عن المعصوم (ع).

وهذا الاختلاف في شأن الجرح والتعديل ، وقواعد العمل بالحديث ثابت لدى أهل السنة أيضاً.

يبقى البحث في دعوى أن اللازم من تلك الأمور السابقة وجوب العمل بجميع الأخبار المدوّنة في الكتب الأربعة ، ونظائرها من كتب القدماء المعتبرة.

والجواب عنها أن الثابت بتلك الأمور سلامة الأخبار الواردة في تلك الكتب من الوضع والدس ، بمعنى أن كل راوي ورد في أسنادها قد حدّث

١٤٧

بها ، لا أنها مكذوبة عليه ، ومدسوسة في كتابه من قبل الواضع الداس لكنه لا يلزم من ذلك التعبد بصدورها أجمع عن الامام (ع) ، لتوقف حجية الخبر على أمرين ، أحدهما إحراز نقل الراوي له. ثانيهما إحراز وثاقته. والأمور السابقة إنما تثبت لنا أن الراوي كمحمد بن سنان نقل الخبر عن الامام (ع) ، لا أنه مكذوب عليه. أما وثاقته فنحتاج الى إحرازها من طريق آخر ، كوثاقة بقية رجال سند الخبر.

نعم لو حصل من تلك الأمور وثوق ، واطمئنان بصدور تلك الأخبار بأجمعها عن المعصوم (ع) كانت حجة لذلك وإن لم يثبت وثاقة رواتها وكذا لو اطمأن الفقيه بصدور بعضها لكونه موجوداً في الكتاب المعروض على المعصوم (ع) ، أو قامت القرائن على أن الجواب بخطه (ع).

وهذا جاري في اعتبار نفس الكتاب ، والأصل الناقل للأخبار ، حيث لا يثبت اعتباره إلا بعد إحراز وثاقة مؤلفه ، وصحة نسبته اليه ، فلا يجدي أحدهما. ولذا بحث الفقهاء عن صحة طرق الشيخين الطوسي ، والصدوق الى أصحاب الكتب ، والأصول التي نقلا عنها الأخبار ، فحكموا بصحة بعضها ، وضعف البعض الآخر. كما هجر كثير منهم روايات كتاب الفقه المنسوب الى الامام الرضا (ع) ، لعدم ثبوت تلك النسبة لديهم.

نعم لو حصل اطمئنان بصحة نسبة الكتاب الى مؤلفه كفى وثاقته في اعتباره ، وإن لم يثبت صحة الطريق اليه.

هذا كله بالنسبة للأحاديث الموضوعة ،

و أما الأحاديث الصادرة تقية فقد انحصرت بالأحاديث المتعارضة ، إذ لا يمكن عادة صدور الحكم عن المعصوم (ع) مخالفاً للواقع تقية ولا يصدر ما يخالفه من بيان الحكم الواقعي ، لا عنه ، ولا عن معصوم آخر طيلة عصور المعصومين (ع). بل ورد التصريح في بعض الأخبار بالقاء

١٤٨

المعصوم (ع) الخلاف في الحكم بين الشيعة حفظاً لهم من جور الحاكمين وعلل في بعض الأخبار بقوله (ع) : لو اجتمعتم على أمر واحد لصدقكم الناس علينا ، ولكان أقل لبقائنا وبقائكم الخ »(١) . وبقوله (ع) : « لو صلّوا على وقت واحد لعرفوا فأخذ برقابهم »(٢) .

و قد وضع الأئمة من أهل البيت (ع) طريقاً لمعرفة الحجة من الخبرين المتعارضين ، وهو عرضهما على كتاب اللّه تعالى ، والأخذ بما وافقه ، وترك ما خالفه. إذ لا إشكال في أن الموافق هو الذي صدر لبيان الحكم الواقعي فان لم يذكر الحكم في الكتاب أخذ بما خالف العامة ، وهجر ما وافقهم إذ لا إشكال في أن الموافق هو الذي صدر تقية.

الوجه الثاني : أن العلم الاجمالي بوجود ذينك الطائفتين من الأخبار أعني الموضوعة ، والصادرة تقية ضمن الأخبار الواصلة الينا ، على تقدير تحققه ، لا أثر له ، فان هذه الأخبار على قسمين ، أحدهما تضمن حكماً غير الزامي ، والأخر تضمن حكماً إلزامياً. ولا أثر للعلم الاجمالي في الأول فيجري الأصل في الثاني بلا معارض ، ويعمل بأخباره بعد سلامة السند والدلالة من الضعف.

ويورد عليه بأن الأثر ثابت لهذا العلم حتى في القسم الأول ، من أجل استناد الفقيه الى أخباره ، وفتواه على طبقها ، إذ تارة يفتي الفقيه بالوجوب ، وأخرى بالاستحباب ، وثالثة بالكراهة ، وفي جميع ذلك محتاج الى حجة يستند اليها في فتواه ، وعليه فالحكم الالزامي وغيره سواء في اعتبار سلامة مدركه من الخدش ، فيتنجز ذلك العلم الاجمالي.

الوجه الثالث : أن العلم الاجمالي المذكور على تقديره قد اتحل بعدم العمل بكثير من الأخبار الواصلة الينا ، لأمور دعت الى ذلك ، منها ضعف

__________________

١ ـ الكافي ج ١ ص ٦٥.

٢ ـ الحدائق ح ١ ص ٦.

١٤٩

 سند الخبر أو دلالته ، وعدم وجود الجابر لهما. ومنها شذوذه ، وهجر الفقهاء له ، ومنها حمله على التقية عند اقتضاء القواعد ذلك. ومنها وجود المعارض له المسقط عن الاعتبار. وعليه نحتمل بل نظن بوجود ذينك الطائفتين من الأخبار في تلك المجموعة التي لم نعمل بها ، فلا يبقى لنا علم إجمالي بوجودهما ضمن أخبارنا المعمول بها.

و احتمال وجودهما بينها غير ضاير ، حيث لا يعتنى باحتمال كون الخبر موضوعاً ومدسوساً بعد إطلاق دليل حجية خير الثقة ، كما لا يعتنى باحتمال صدوره تقية بعد جريان أصالة الظهور ، فان مقتضى حجية ظاهر الكلام أن مفاده مراد للمتكلم بالارادة الجدية ، فلا عبرة باحتمال إرادة خلاف ظاهره من سخرية ، أو امتحان ، أو تقية ، أو غيرها ما لم تقم قرينة على ذلك. هذا ما بنى عليه العقلاء عند التحاور ، والتفهيم.

وخلاصة البحث أنه لم يقم دليل يمكن الركون اليه في إثبات قاعدة كلية مقتضاها حجية كل خبر اشتهر عمل الفقهاء به وإن كان ضعيف السند ووهن كل خبر اشتهر الاعراض عنه وإن كان صحيح السند.

نعم لو حصل الوثوق في مورد بصدور الخبر عن المعصوم (ع) من شهرة العمل أو غيرها كان حجة ، وإن ضعف سنداً. كما أنه لو حصل الوثوق بعدم صدوره أصلاً ، أو بعدم صدوره لبيان الحكم الواقعي من شهرة الاعراض ، أو غيرها سقطت حجيته ، وإن صح سنداً. فالعبرة بذلك الوثوق.

وعليه فلو تعارض خبران في الدلالة ، أحدهما حصل الوثوق برواته والآخر بصدوره جرى عليهما أحكام المتعارضين لحجية كل منهما في نفسه.

نعم لو قلنا بانسداد باب العلم في توثيقات الرواة ، واكتفينا بالظن فيها كان الخبر الموثوق بصدوره هو الحجة دون معارضه الذي حصل الظن

١٥٠

بوثاقة رواته. كما أنه لو انعكس الأمر ، فانسد باب العلم بالنسبة للوثوق بالصدور ، دون الوثوق بالرواة ، كان خبر الثقة هو الحجة دون معارضه الذي حصل الظن بصدوره. أما لو انسد باب العلم فيهما كان الخبر الذي حصل الظن بصدوره معارضاً لما حصل الظن بوثاقة رواته لحجية الظن فيهما معاً. فانسداد باب العلم بالنسبة للوثوق بصدور الأحاديث الواصلة الينا لا يثبت حجية الظن به ما لم ينسد باب العلم في توثيقات الرواة ، وبالعكس.

وعليه يلزم النظر في شأن التوثيقات الصادرة في حق رواة الأحاديث وهل أنها تفي بالمطلوب ليكون باب العلم منفتحاً فيها ، فلا يضطر الى التنّزل الى العمل بالظن.

وتفصيل البحث عن ذلك يستدعي النظر في الأصول الرجالية التي هي المرجع في باب التوثيقات فنقول.

١٥١

١٥٢

ـ ٥ ـ

الاُصُول الِرجاليّة وَرِجَال ابن الغَضَائري

١٥٣

الأصول الرجالية

لنا أصول في الحديث نعرف بها متنه وأسماء رواته ، مثل كتبنا الأربعة.

ولنا أصول في الرجال نعرف بها حال بعض اولئك الرواة ، وما قيل فيهم من قدح ومدح وتوثيق وتضعيف ، لتوقف صحة العمل بخبر الواحد على احراز اعتبار رواته ، فيضطر الفقيه الى النظر في تلك الأصول. وهي.

١ ـ كتاب أبي الحسين احمد بن العباس النجاشي الأسدي المتوفى سنة ( ٤٥٠ هجري ) ، المعروف ب‍‌ ( رجال النجاشي ).

٢ ـ كتاب الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي المتوفى سنة ( ٤٦٠ هجري ) ، المعروف ب‍‌ ( الفهرست ).

٣ ـ كتابه الثاني المعروف ب‍‌ ( رجال الشيخ الطوسي ).

٤ ـ كتابه الثالث الذي اختاره من كتاب الشيخ الأقدام أبي عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي المعدود في طبقة الشيخ الكليني المتوفى سنة ( ٣٢٩ هجري ) ، وسماه ب‍‌ ( اختيار الرجال ) ، كما يسمى اليوم ب‍‌ ( معرفة أخبار الرجال ) ، وبه عنوان الكتاب المطبوع ، واشتهر ب‍‌ ( رجال الكشي )(١) .

__________________

١ ـ صرح بذلك جماعة. منهم الشيخ يوسف البحراني قائلاً : « وكتاب الكشي المذكور لم يصل الينا وإنما الموجود المتداول كتاب ( اختيار الكشي ) للشيخ أبي جعفر الطوسي الخ » ( لؤلؤة البحرين ص ٤٠٣ ). ونقل الشيخ أبو علي عن جملة من مشايخه : أن كتاب ( رجال الكشي ) « كان جامعاً لرواة العامة والخاصة ، خالطاً بعضهم ببعض ، فعمد اليه

١٥٤

٥ ـ كتاب أبي الحسين احمد بن الحسين بن عبيد اللّه الغضائري ، المعاصر للشيخ الطوسي والنجاشي ، ألّفه في خصوص الضعفاء من الرجال ويعرف ب‍‌ ( رجال ابن الغضائري ).

و قد جمع السيد جمال الدين احمد بن طاووس المتوفى سنة ( ٦٧٣ هجري ) هذه الأصول الرجالية الخمسة في كتابه ( حل الاشكال في معرفة الرجال ).

كما جمعها الشيخ عناية اللّه القهبائي في كتابه ( مجمع الرجال ).

وهناك كتب أخرى كثيرة للقدماء ألفت في الرجال ، نص عليها أرباب التراجم والسير ، وسبق(١) الاشارة الى بعضها. منها ( رجال ) احمد بن محمد بن خالد البرقي. لكنها لم تعد من الأصول.

ويمكن تعليل إهمالها ، وحصر الأصول في تلك الخمسة بعدم وصولها الى أيدي الفقهاء ، وإنما ذكرت عند تراجم مؤلفيها ، لكن هذا لا يتم بالنسبة ل ( رجال البرقي ) المطبوع أخيراً منضماً الى ( رجال ابن داود ) فانه من أجزاء كتابه ( المحاسن ) الشهير. فيتحكم الايراد على إهماله عند

____________

شيخ الطائفة ـ طاب مضجعه ـ فلخصه ، وأسقط منه الفضلات ، وسماه ب‍‌ ( اختيار الرجال ) ، والموجود في هذه الأزمان ، بل وزمان العلامة وما قاربه إنما هو ( اختيار الشيخ ) ، لا الكشي الأصل ). ( منتهى المقال ص ٢٨٥ ). وجاء في كتاب ( الذريعة ج ١ ص ٣٦٥ ) : ان كتاب الرجال المتداول المشهور ب‍‌ ( رجال الكشي ) هو للشيخ الطوسي ، اختاره من ( رجال الكشي ) الذي اسمه ( معرفة الناقلين ) ، كما ذكره ابن شهرآشوب في ( معالم العلماء ) ، وكانت فيه أغلاط كثيرة ، كما ذكره النجاشي ، فجرد شيخ الطائفة ما فيه من الأغلاط وهذبه ، فسمي ( اختيار الرجال ).

١ ـ أنظر ص ٢٠.

١٥٥

 تعداد الأصول.

وقد يعتذر عن إهماله بأن مؤلفه لم يتعرض فيه لجرح أو تعديل ، وإنما عد فيه بعض أصحاب النبي (ص) والأئمة من أهل بيته (ع). والغرض المهم معرفة حال الراوي من حيث الوثاقة والضعف.

ولكنه يوهن بأن البرقي أوضح فيه طبقات من ذكرهم من الرواة ، ومن أدرك الأئمة (ع) منهم ، وتلك ثمرة بالنسبة لرواة الحديث. على أنه قد وصف بعض أصحاب أمير المؤمنين (ع) ب‍‌ ( الأصفياء ) وهو فوق حد التوثيق ، كما وصف جماعة منهم ب‍‌ ( الأولياء والخواص ) وعليه يستحق أن يضاف الى الأصول الخمسة فتعد ستة.

الأصول ورواة الحديث

و ليس في تلك الأصول الرجالية الستة كتاب شامل لجميع رواة أحاديثنا بحيث يكشف عن حالهم ، توثيقاً وتضعيفاً ومدحاً وجرحاً.

١ ـ فالشيخ الكشي اقتصر في كتاب ( رجاله ) على الرواة الذين ورد فيهم أحاديث مدحاً أو ذماً ، وأهمل الباقين جميعاً. وبتعبير آخر ، إنه اقتصر على ذكر الروايات الواردة في حق الرواة. على أن كتابه قد رماه النجاشي بكثرة الأغلاط ، كما سبق(١) .

٢ ـ والشيخ النجاشي وضع كتاب ( رجاله ) لذكر كتب الامامية وتصانيفهم ، وإنما ذكر المؤلفين لها بالعرض ، فلم يذكر من ليس له كتاب من الرواة. ولذا قال في مقدمة كتابه : « فاني وقفت على ما ذكره السيد الشريف من تعيير قوم من مخالفينا ، أنه لا سلف لكم ، ولا مصنّف

____________

١ ـ أنظر ص ٥١.

١٥٦

 وهذا قول من لا علم له بالناس وقد جمعت من ذلك ما استطعته ولم أبلغ غايته ، لعدم أكثر الكتب ، وإنما ذكرت ذلك عذراً الى من وقع اليه كتاب لم أذكره أذكر المتقدمين في التصنيف من سلفنا الصالحين ».

و قد جرح وضعّف كثيراً من أولئك الرواة المؤلفين. كما لم يوثق كثيراً منهم ، مثل عبد اللّه بن بكير(١) ولم يشر الى خلافه في المذهب.

٣ ـ والشيخ الطوسي في كتابه ( الفهرست ) جرى على ذلك مقتصراً على ذكر كتب الشيعة من تصانيف وأصول وذكر أصحابها تبعاً لذكرها. وقد صرح بذلك في مقدمة كتابه ، فقال : « فاني لما رأيت جماعة من شيوخ طائفتنا من أصحاب الحديث عملوا ( فهرست ) كتب أصحابنا ، وما صنّفوه من التصانيف ، ورووه من الأصول ، ولم أجد أحداً استوفى ذلك عمدت الى كتاب يشتمل على ذكر المصنفات والأصول فاذا ذكرت كل واحد من المصنّفين ، وأصحاب الأصول فلا بد من أن أشير الى ما قيل فيه من التعديل والتجريح ، وهل يعوّل على روايته أولاً

____________

١ ـ هو من وجوه الرواة الذين نقل الكشي الاجماع على تصحيح ما يصح عنهم ، وتصديقهم لما يقولون ، والاقرار لهم بالفقه ، وقال : « قال محمد بن مسعود : عبد اللّه بن بكير ، وجماعة من الفطحية ، هم فقهاء أصحابنا وعد عدة من أجلة الفقهاء العلماء » ( رجال الكشي ص ٢٣٩ ـ ٢٢١ ). وصرح الشيخ الطوسي بتوثيقة في ( الفهرست ص ١٠٦ ).

نعم إن بعض المتأخرين لا يعملون بروايته من أجل أنه فطحي. لكن الحق أن اختلال مذهبه لا يضر بوثاقته ، والعمل بروايته. وقد وثق النجاشي كثيراً من الفطحية ونظائرهم ، فقال عند ذكر عمار بن موسى الساباطي ، وأخويه قيس وصباح : « وكانوا ثقاتاً في الرواية » ( رجال النجاشي ص ٢٠٦ ).

١٥٧

فاذا سهل الله إتمام هذا الكتاب فانه يُطلع على أكثر ما عمل من التصانيف والأصول الخ ».

فلم يذكر الشيخ في ( فهرسته ) غير المصنّفين وأصحاب الأصول من الرواة.

على أنه لم يجر على ما وعد به في المقدمة من الاشارة الى ما قيل فيهم « من التعديل والتجريح » ، حيث أهمل توثيق كثير من وجوه الرواة ، مثل زكريا بن آدم ( ص ٧٣ ) ، وزرارة بن أعين ( ص ٧٤ ) ، وسلمان الفارسي ( ص ٨٠ ) ، وعبيد بن زرارة ( ص ١٠٧ ) ، وعبد الرحمن بن الحاج ( ص ١٠٨ ) ، وعمار بن موسى الساباطي ( ص ١١٧ ) ، وليث المرادي ( ص ١٣٠ ) ، ومحمد بن اسماعيل بن بزيع ( ص ١٣٩ ) ، ومحمد بن الحسن الصفار (١٤٣) ، ومحمد بن علي بن محبوب ( ص ١٤٥ ) ومعاوية بن عمار ( ص ١٦٦ ).

ولا يصح الاعتذار عن ذلك بأن أمثال هؤلاء الرواة لا يحتاجون الى توثيق ، لأن بعضهم محتاج اليه مثل عمار الساباطي الفطحي ونظائره ، حيث خدش فيه جماعة ، وإن اشتهر توثيقه ، واعتبار حديثه ، وصرح الشيخ بوثاقته في كتاب ( التهذيب ) ، فقال : « عمار بن موسى الساباطي وهو واحد قد ضعفه جماعة من أهل النقل ، وذكروا أن ما ينفرد بنقله لا يعمل به ، لأنه كان فطحياً ، غير أنا لا نطعن عليه بهذه الطريقة ، لأنه وإن كان كذلك فهو ثقة في النقل لا يطعن عليه فيه »(١) . فكان يلزمه النص على توثيقه في ( الفهرست ) حسبما ألزم به نفسه. كما نص عليه النجاشي عند ترجمته(٢) .

على أنه لم يهمل توثيق كل من لا يحتاج اليه. ولذا وثق الشيخ الكليني

__________________

١ ـ التهذيب ج ٧ ص ١٠١.

٢ ـ رجال النجاشي ص ٢٠٦.

١٥٨

 صريحاً ( ص ١٣٥ ) ، ومحمد بن أبي عمير ( ص ١٤٢ ). وعظّم الصدوق ( ص ١٤٥ ).

فترك الشيخ الطوسي لتوثيق راوي في كتابه ( الفهرست ) لا يصلح دليلاً لبنائه على عدم وثاقته.

٤ ـ وابن الغضائري ألّف كتابه في الضعفاء من الرواة خاصة. على أنه جرح فيه كثيراً ممن لا يستحق الجرح على ما سيأتي بيانه.

٥ ـ والبرقي لم يذكر في كتابه جرحاً ولا تعديلاً للرواة وإنما عد طبقاتهم بدون استيفاء ، وإن وصف بعض أصحاب أمير المؤمنين (ع) بما سبق.

٦ ـ والشيخ الطوسي وإن وضع كتاب ( رجاله ) لاستقصاء جميع الرواة من مؤلفين وغيرهم ، موثقين ومجروحين ، حتى الذين لم يدركوا عصر المعصومين (ع) ، ولذا قال في مقدمته : « فاني أجبت الى ما تكرر سؤال الشيخ الفاضل فيه من جميع كتاب يشتمل على أسماء الذين رووا عن النبي (ص) ، وعن الأئمة (ع) من بعده الى زمان القائم (ع) ، ثم أذكر بعد ذلك من تأخر زمانه عن الأئمة (ع) من رواة الحديث ، أو من عاصرهم ولم يروِ عنهم (ع) ».

لكنه لم يلتزم بالتصريح بالتوثيق في كل مورد يقتضيه. فكان غرضه استقصاء الرواة فحسب وإن صرح بتوثيق كثير منهم بالعرض. وعليه فلا يكون تركه لتوثيق راوي دالاً على عدم وثاقته عنده ، ولذا أهمل النص على توثيق كثير من وجوه الرواة وثقاتهم.

منهم أبو ذر الغفاري ، والمقداد بن الأسود الكندي ، ذكرهما في أصحاب النبي (ص) ( ص١٣ ـ ٢٧ ).

ومنهم صعصعة بن صوحان ، وكميل بن زياد النخعي ، ذكرهما في أصحاب أمير المؤمنين (ع) ( ص ٤٥ ـ ٥٦ ).

١٥٩

 و منهم أبان بن تغلب ، ذكره في أصحاب علي بن الحسين (ع) ( ص٨٢ ). وفي أصحاب الامام الباقر (ع) ( ص ١٠٦ ). وفي أصحاب الامام الصادق (ع) ( ص ١٥١ ).

ومنهم محمد بن مسلم الثقفي ، ذكره في أصحاب الامام الباقر (ع) ( ص ١٣٥ ). وفي أصحاب الامام الصادق (ع) ( ص ٣٠٠ ). وفي أصحاب الامام الكاظم (ع) ( ص٣٥٨ ).

ومنهم زرارة بن أعين ، ذكره في أصحاب الامام الباقر (ع) ( ص ١٢٣ ) ، وفي أصحاب الامام الصادق (ع) ( ص ٢٠١ ) ولم يوثقه فيهما ، وذكره في أصحاب الامام الكاظم (ع)(١) ( ص ٣٥٩ ) ووثقه.

ومنهم ليث المرادي أبو بصير ، ذكره في أصحاب الامام الباقر (ع) ( ص ١٣٤ ) ، وفي أصحاب الامام الصادق (ع) ( ص ٢٧٨ ) ، وفي

____________

١ ـ إن تأخر وفاة زرارة عن وفاة الامام الصائق (ع) يقضي بامكان روايته عن الامام الكاظم (ع) ، ليصح عده من أصحابه (ع) ، كما فعله الشيخ الطوسي في كتاب ( رجاله ). لكنه ورد في الأحاديث أن زرارة كان بالكوفة ، فوصله نبأ وفاة الامام الصادق (ع) ، فأرسل ولده عبيداً ليفحص عن الامام (ع) بعده ، ثم توفي قبل رجوع ولده ( رجال الكشي ص ١٠٢ ـ ١٠٤ ) ، ومقتضاه أن زرارة لم يصحب الامام الكاظم (ع) ولم يروِ عنه. بالاضافة لما صرح به الشيخ المامقاني بقوله : « وقد تصفحنا ( وسائل الشيعة ) الجامعة لأخبار الكتب الأربعة من البدو الى الختام في أيام متتالية فلم نجد لزرارة عن أبي الحسن موسى (ع) رواية واحدة ، ولا يعقل روايته في غير الفروع وعدم روايته في الفقه مع كونه عمدة فنه ولا يصدق كونه من أصحاب الكاظم (ع) مع عدم روايته عنه » ( تنقيح المقال ج ١ ص ٤٤٥ ).

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263