مستدرك الوسائل خاتمة 4 الجزء ٢٢

مستدرك الوسائل خاتمة 411%

مستدرك الوسائل خاتمة 4 مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 501

  • البداية
  • السابق
  • 501 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 2309 / تحميل: 4810
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل خاتمة 4

مستدرك الوسائل خاتمة ٤ الجزء ٢٢

مؤلف:
العربية

١

٢

٣

٤

الفائدة الخامسة

في شرح مشيخة كتاب من لا يحضره الفقيه

الّذي بعد الكافي أصحّ الكتب وأتقنها

على ما صرّح به أئمّة الفنّ.

قال العلامة الطباطبائي في ترجمة الصدوق في كلام له في توثيقه: مضافا إلى ما ذكر، إجماع الأصحاب على نقل أقواله، واعتبار مذاهبه في الإجماع والنزاع، وقبول قوله في التوثيق والتعديل، والتعويل على كتبه خصوصا كتاب من لا يحضره الفقيه، فإنه أحد الكتب الأربعة التي هي في الاشتهار والاعتبار كالشمس في رابعة النهار، وأحاديثه معدودة في الصحاح من غير خلاف ولا توقّف من أحد، حتى أنّ الفاضل المحقق الشيخ حسن بن الشهيد الثاني مع ما علم من طريقته في تصحيح الأحاديث يعد حديثه من الصحيح عنده وعند الكلّ(١) .

__________________

(١) رجال السيد بحر العلوم ٣: ٢٩٩.

٥

وحكى تلميذه الشيخ الجليل الشيخ عبد اللطيف(١) بن أبي جامع في رجاله: أنه سمع منه مشافهة يقول: ان كلّ رجل يذكره في الصحيح فهو شاهد أصل بعدالته لا ناقل، ومن الأصحاب من يذهب إلى ترجيح أحاديث الفقيه على غيره(٢) من الكتب الأربعة نظرا إلى زيادة حفظ الصدوق، وحسن ضبطه، وتثّبته في الرواية، وتأخّر كتابه عن الكافي(٣) وضمانه فيه لصحة ما يورده، وأنه لم يقصد فيه قصد المصنفين في إيراد جميع ما رووه، وإنّما يورد فيه ما يفتي به، ويحكم بصحّته، ويعتقد أنه حجّة بينه وبين ربّه(٤) .

وبهذا الاعتبار قيل: إنّ مراسيل الصدوق في الفقيه كمراسيل ابن أبي عمير في الحجيّة والاعتبار، وإنّ هذه المزيّة من خواصّ هذا الكتاب لا توجد في غيره من كتب الأصحاب، وقد ذكرنا كلام الأستاد الأكبر في التعليقة والفوائد، وكلام الشيخ الأعظم في رسالة التعادل في الفائدة السابقة(٥) .

وقد أطال بعضهم الكلام في الفقيه، وذكروا قرائن ظنّوا أنّها تفيد رجوع الصدوق عمّا ذكره في أوّله، وعدم وفائه بما جعله على عهدته، ولكنّ المتأمّل

__________________

(١) هو الشيخ عبد اللطيف بن الشيخ نور الدين علي بن شهاب الدين احمد بن أبي جامع الحارثي الهمداني الشامي العاملي، تلميذ البهائي وصاحب المعالم والمدارك وغيرهم، والمجاز هو واخوه عن صاحب المعالم، اقتصر في كتابه على رجال الكتب الأربعة، أنظر: الذريعة ١٠: ١٢٨ / ٢٥٣.

(٢) أي: على احاديث غيره.

(٣) تأخر الفقيه عن الكافي لا يعد سببا في ترجيح أحاديثه على احاديث غيره، والاّ لكانت احاديث التهذيبين اولى بالترجيح لتأخرها، ولكن قد يقال ان من مزايا تأخر الفقيه عن الكافي هو وقوف الصدوق على مروياته وتحاشي رواية بعضها والتنبيه على ما انفرد به ثقة الإسلام.

وهذا هو المراد من معنى العبارة، فلاحظ.

(٤) انظر: الفقيه ١: ٣ من المقدمة، فإن بعض فقرات هذا الكلام مأخوذ من هناك.

(٥) انظر: ماله علاقة بالمقام في الفائدة الرابعة.

٦

المنصف لعلّه لا يستفيد منها إلاّ إبطال ما زعم من قطعيّة آحاد أخباره، للشهادة المذكورة في خطبته وغيرها على منوال ما مرّ في حال أخيه الأكبر الكافي.

وأمّا صيرورتها سببا للوهن في الوثوق بها والظن بصدورها فهي أوهى حالا وأضعف بإلا من نيل هذا المقام، ورأينا نقلها وذكر ما قيل أو يقال فيها خروجا عن الغرض من هذه الفائدة، وهي شرح حال المشيخة على الطريقة المشهورة، مع أن في التأمّل في الفائدة السابقة ما يكتفي به الطالب، لاشتراك الكتابين في جملة من المطالب.

فنقول: قد سلك كلّ من مشايخنا الثلاثة أصحاب الكتب الأربعة (رضوان الله تعالى عليهم) في أسانيد كتابه مسلكا ما سلكه الآخر.

فالشيخ ثقة الإسلام جرى في الكافي على طريقة السلف الصالحين من ذكر جميع السند غالبا، وترك أوائل الاسناد ندرة اعتمادا على ذكره في الأخبار المتقدمة عليه في هذا، وقد يتفق له الترك بدون ذلك أيضا، فإن كان للمبتدء بذكره في السند طريق معهود متكرّر في الكتاب كأحمد بن محمّد بن عيسى، وأحمد بن محمّد بن خالد، وسهل بن زياد، فالظاهر البناء عليه، وإلاّ كان الحديث مرسلا، ويسمّى مثله في الاصطلاح: معلّقا.

وأمّا رئيس المحدّثين الصدوق فإنّه بنى في الفقيه من أوّل الأمر على اختصار الأسانيد، وحذف أوائل السند، ثم وضع في آخره مشيخة يعرف بها طريقه إلى من روى عنه، فهي المرجع في اتّصال سنده في أخبار هذا الكتاب، وربّما أخلّ منها بذكر الطريق إلى بعض فيكون السند باعتباره معلّقا، وسنذكر طريقة شيخ الطائفة في الفائدة الآتية إن شاء الله تعالى.

٧

ثم إنّهم أطالوا البحث والفحص عن أحوال المذكورين في المشيخة، ومدحهم وقدحهم، وصحّة الطريق من جهتهم، ولقرائن أخرى.

وأوّل من دخل في هذا الباب العلاّمة في الخلاصة، وتبعه ابن داود، ثم أرباب المجاميع الرجالية.

وشرّاح الفقيه: كالعالم الفاضل المولى مراد التفريشي، والعالم الجليل المجلسي الأول وغيرهم، ونحن نذكر خلاصة ما ذكروه مع الإشارة إلى ما عندي فيها، ثم نتبعه تنبيهات نافعة تتعلّق بالفقيه، ولتكن هذه الفائدة بمنزلة الشرح للفائدة الأولى من خاتمة الوسائل فإنّا نذكر الطرق على ترتيبه.

فنقول وبالله المستعان:

[١] أ - أمّا طريق الصدوق إلى أبان بن تغلب: فأبوه، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن صفوان بن يحيى، عن أبي أيوب، عن أبي علي - صاحب الكلل - عنه (١) .

والطريق ضعيف على المشهور لمكان أبي عليّ، فإنه مجهول.

وأمّا الباقون فمن أجلاء الثقات، ويمكن تصحيح الطريق من وجوه:

أ - رواية ابن أبي عمير عن أبي علي - صاحب الكلل - كما في الكافي في باب حقّ المؤمن على أخيه(٢) ، وهي من أمارات الوثاقة كما صرّح به الشيخ(٣) ، وعليه المحققون.

__________________

(١) الفقيه: ٤: ٢٣، من المشيخة.

(٢) أصول الكافي ٢: ١٣٧ / ٨.

(٣) عدة الأصول ١: ٣٨٧.

٨

ب - إنّ في السند صفوان الذي هو من أصحاب الإجماع الذين يحكم بصحّة رواياتهم على المشهور، وسنوضحه ان شاء الله تعالى.

ج - ما أشار إليه المحقق الكاظمي في عدّته: من أنّ ما روي في الفقيه إنّما كان من أصل أبان لا من كتاب التفسير، ولا من كتاب الفضائل(١) لعدم المناسبة، والأصول - ولا سيّما أصل مثله في أيام الصدوق - كانت مشهورة، فلا يضرّ توسط ما جهل(٢) .

د - ما أشار فيها أيضا من أنّ بعض المحققين قال: أظنّ أنّ أبا علي هذا هو عبد الرحمن بن الحجّاج لكثرة روايته عن أبان، لكن عبد الرحمن يدعى: بياع السابري(٣) ، انتهى، وفيه بعد.

هـ - ما في جامع الرواة: من أنّ الظاهر أنّ أبا علي هذا هو بعينه أبو علي صاحب الأنماط الكوفي المذكور في أصحاب الصادقعليه‌السلام من رجال الشيخ(٤) ، الذي يروي عنه ابن أبي عمير كما في التهذيب في آخر باب الأذان والإقامة من أبواب الزيارات(٥) ، وفي الكافي في باب ورود تبّع في كتاب الحج(٦) (٧) .

وهذا وإن كان يرجع إلى أوّل الوجوه إلاّ أنّ في ذكره الشيخ في رجال الصادقعليه‌السلام تأكيد للوثاقة لما سنبيّنه ان شاء الله من أنّه من أمارات

__________________

(١) في الأصل: كتاب الفاضل، والذي أثبتناه هو الصحيح لكونه من كتب أبان كما في النجاشي: ١٠ / ٧.

(٢) عدة الكاظمي: ٢ / ٨٠.

(٣) عدة الكاظمي: ٢ / ٨٠.

(٤) رجال الطوسي: ٣٣٩ / ٢٠.

(٥) تهذيب الأحكام ٢: ٢٨٦ / ١١٤٤.

(٦) الكافي ٤: ٢٢٢ / ٨.

(٧) جامع الرواة ٢: ٤٠٥.

٩

الوثاقة.

[٢] ب - وإلى أبان بن عثمان: محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد وأيوب بن نوح وإبراهيم بن هاشم ومحمّد بن عبد الجبار كلّهم، عن محمّد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى، عن أبان بن عثمان الأحمر (١) .

والسند في أعلى درجة الصحة.

وأمّا أبان فهو من أصحاب الإجماع، ويأتي بعض الكلام فيه وفي إبراهيم(٢) .

[٣] ج - وإلى إبراهيم بن أبي البلاد: أبوه علي بن بابويه، عن عبد الله ابن جعفر الحميري، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عنه، ويكنّى أبا إسماعيل (٣) .

وهذا السند أيضا صحيح بالاتفاق.

[٤] د - وإلى إبراهيم بن أبي زياد الكرخي (٤) : أبوه، عن سعد بن عبد الله، عن أيوب بن نوح، عن محمّد بن أبي عمير، عنه (٥) .

والسند إليه صحيح بالاتفاق.

__________________

(١) الفقيه ٤: ٨٣، من المشيخة.

(٢) يأتي في صحيفة: ٣٣.

(٣) الفقيه ٤: ٦٨، من المشيخة.

(٤) ذكره النجاشي في ترجمة محمد بن أحمد بن عبد الله بن مهران بعنوان: إبراهيم بن زياد الكرخي: ٣٤٦ / ٩٣٥، ومثله في الفقيه ٣: ١٤٥ / ٦٤١. إلاّ ان ما في الأصل موافق لما في المشيخة، وروضة الكافي ٨: ٣٧٠ / ٥٦٠، وتهذيب الأحكام ٧: ٨٠ / ٣٤٥ وموارد كثيرة أخرى.

والظاهر سقوط كلمة (أبي) قبل كلمة (زياد) من النجاشي والفقيه كما نبّه عليه في معجم رجال الحديث ١: ٢٢٥، فلاحظ.

(٥) الفقيه ٤: ٦١، من المشيخة.

١٠

وأمّا إبراهيم فيروي عنه ابن أبي عمير الذي لا يروي إلاّ عن ثقة.

والحسن بن محبوب، كما في الفقيه في باب المضاربة(١) ، وباب الهدية(٢) ، وفي التهذيب في باب الأحداث الموجبة للطهارة(٣) ، وفي الكافي في باب أصول الكفر وأركانه(٤) ، وهو من أصحاب الإجماع، وهم أيضا لا يروون إلاّ عن الثقة كما هو الحقّ عندنا وفاقا للعلامة الطباطبائي في ترجمة زيد النرسي(٥) ، وقد مرّ - في شرح حال أصل زيد(٦) - كلامه، وسنوضحه إن شاء الله تعالى في مقام ذكر هؤلاء العصابة.

ويروي عنه أبان بن عثمان، كما في التهذيب في باب الصلاة في السفر من أبواب الزيادات(٧) ، وهو أيضا من أصحاب الإجماع.

ويروي عنه صفوان بن يحيى، كما في الكافي في باب القول على العقيقة(٨) ، وهو شريك الجماعة، وممّن نصّ عليهم أنّهم لا يروون إلاّ عن ثقة.

ويروي عنه إبراهيم بن مهزم في الكافي في كتاب العقيقة(٩) ، وهو من أجلاّء الثقات.

وأبو أيّوب في الكافي في باب دعوات موجزات(١٠) ، وهو كسابقه، وبعد رواية هؤلاء عنه لا مجال للتأمّل فيه.

__________________

(١) الفقيه ٣: ١٤٥ / ١١ و ١٤٦ / ١٢.

(٢) الفقيه ٣: ١٩١ / ١٣.

(٣) تهذيب الأحكام ١: ٢٠ / ٤٩.

(٤) أصول الكافي ٢: ٢٢١ / ١٢.

(٥) رجال السيد بحر العلوم ٢: ٣٦٦.

(٦) تقدم في المجلد الأول صحيفة: ٦٢.

(٧) تهذيب الأحكام ٣: ٢٢٩ / ٥٨٦.

(٨) الكافي ٦: ٣٠ / ١.

(٩) الكافي ٦: ٤ / ١.

(١٠) أصول الكافي ٢: ٤٢٢ / ١٢.

١١

 [٥] ه‍ - وإلى إبراهيم بن أبي محمود: محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إبراهيم بن أبي محمود.

وأبوه علي، عن الحسن بن أحمد المالكي، عن أبيه، عنه.

ومحمّد بن الحسن، عن سعد بن عبد الله ومحمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عنه(١) .

والطريق الأول: حسن بإبراهيم على المشهور، صحيح عند المحققين كما سيأتي(٢) في الطريق إليه.

وأمّا الثاني: فضعيف على المشهور، لمكان الحسن بن أحمد المجهولين(٣) ، والظاهر كما قيل: انه نسب الى جدّه مالك بن الأحوص الأشعري القميّ، وقد ذكره الشيخ في أصحاب العسكريعليه‌السلام (٤) وفيه مدح، مضافا إلى رواية مثل علي بن بابويه الجليل عنه، فالسند قوي وفاقا للتقي المجلسي(٥) .

والثالث: صحيح بالاتفاق.

[٦] و - وإلى إبراهيم بن أبي يحيى المدائني: محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن محمّد بن عبد الجبار، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ظريف بن ناصح، عنه (٦) .

وكلّهم ثقات وأجلاّء من الإماميّة سوى ابن فضال، ولذا عدّ السند في المشهور من الموثق، ولكنّه من أصحاب الإجماع، وممن أمر العسكري (عليه

__________________

(١) الفقيه ٤: ١٤، من المشيخة.

(٢) يأتي في صحيفة: ٣٣.

(٣) أي: الحسن وأبوه أحمد.

(٤) رجال الشيخ: ٤٣٠ / ٣.

(٥) روضة المتقين ١٤: ٢٧.

(٦) الفقيه ٤: ٩٧، من المشيخة.

١٢

السلام) بأخذ رواياتهم(١) ، وقد أخبر محمّد بن عبد الله بن زرارة برجوعه عن الفطحية(٢) ، فدرج السند في سلك الصحاح أولى كما صرّح به في العدّة(٣) .

وأمّا إبراهيم فهو بعينه إبراهيم بن محمّد بن أبي يحيى أبو إسحاق المدني مولى الأسلميين، من أصحاب الباقر والصادقعليهما‌السلام له كتاب مبوّب في الحلال والحرام عن الصادقعليه‌السلام وكان خاصّا به خصيصا بحديثنا(٤)

يروي عنه: حماد كما في التهذيب في كتاب المكاسب(٥) ، وصرّح به في التعليقة(٦) ، وهو من أصحاب الإجماع، ومن الثقات الأجلاّء.

وعاصم بن حميد كما في الكافي في باب صدقات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٧) وباب ما أحل لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من النساء(٨) .

والجليل: عبد الرحمن بن محمّد بن أبي هاشم كما فيه في باب آلات الدواب(٩) ، وفي التهذيب في باب ارتباط الخيل(١٠) .

وظريف بن ناصح كما في الفقيه(١١) .

__________________

(١) بقولهعليه‌السلام : خذوا بما رووا، وذروا ما رأوا.

أنظر: كتاب الغيبة للطوسي: ٣٩٠.

(٢) رجال النجاشي: ٣٥ / ٧٢.

(٣) العدة للكاظمي: ١ / ١١١.

(٤) رجال النجاشي: ١٤ / ١٢.

(٥) تهذيب الأحكام ٦: ٣٢٨ / ٢٨.

(٦) تعليقة الوحيد على منهج المقال: ٢٠.

(٧) الكافي ٧: ٤٨ / ٣.

(٨) الكافي ٥: ٣٩١ / ٧.

(٩) الكافي ٦: ٥٤١ / ٥.

(١٠) تهذيب الأحكام ٦: ١٦٥ / ١١.

(١١) الفقيه ٤: ٩٧، من المشيخة.

١٣

وذكره الشيخ في رجال الصادقعليه‌السلام (١) ومرّ ويأتي أنّه من الشواهد على كونه ممّن وثقهم ابن عقدة في رجاله.

وقال أيضا في حقّه: أسند عنه(٢) ، وجميع ذلك يورث الظنّ القويّ بكونه من ثقاتنا.

[٧] ز - وإلى إبراهيم بن سفيان: محمّد بن عليّ ماجيلويه، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن علي الكوفي، عن محمّد بن سنان، عنه (٣) .

والظاهر أنّ المراد بمحمّد بن علي هو الصيرفي الذي يكنّى أبا سمينة، وقالوا فيه: إنّه من الغلاة الكذّابين، وبعد أن اشتهر بالكذب في الكوفة انتقل إلى قم، ونزل على أحمد بن محمّد بن عيسى، ثم اشتهر بالغلوّ فأخرجه أحمد من قم(٤) ، وله كتب مثل كتب الحسين بن سعيد(٥) .

فالسند ضعيف وإن بنينا على وثاقة محمّد بن سنان كما هو الحقّ، الاّ أنّ في شرح المشيخة: وروى الأصحاب كتبه، إلاّ ما كان فيه غلوّ، أو كان منفردا به، وكتبه كثيرة، والظاهر أنّ مساهلتهم في النقل عن أمثاله لكونهم من مشايخ الإجازة، والأمر فيه سهل، لأن الكتاب إذا كان مشتهرا متواترا عن صاحبه يكفي في النقل عنه، وكان ذكر السند لمجرّد التيمن والتبرك، مع أن الغلوّ الذي

__________________

(١) رجال الشيخ: ١٤٤ / ٢٤.

(٢) انظر: رجال الشيخ: ١٤٤ / ٢٤.

(٣) الفقيه ٤: ١٠٢، من المشيخة.

(٤) انظر: رجال النجاشي: ٣٣٢ / ٨٩٤، وقد ذكره بعنوان: محمد بن علي بن إبراهيم بن موسى أبو جعفر القرشي، مولاهم، صيرفي، وكان لقب محمد بن علي: أبا سمينة، وقال: ضعيف جدا فاسد الاعتقاد، لا يعتمد في شيء.

أقول: سيأتي في الهامش رقم ٨ من الصفحة: ١٥ ماله علاقة بالمقام، فلاحظ.

(٥) فهرست الشيخ الطوسي: ١٤٦ / ٦١٤.

١٤

ينسبونه إليهم لا نعرف أنّه كان الاخبار عاليا دقيقا أو كان موافقا للواقع، لأنا نراهم يذكرون: أنّ أوّل درجة في الغلوّ نفي السهو عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع أن أكثر الأصحاب رووا أحاديثهم، وما رأينا من أخبار أمثاله خبرا دالا على الغلو، والله تعالى يعلم(١) ، انتهى.

ويؤيد ما ذكره أنّ الصدوق مع قرب عهده به ووقوفه على حاله، وما صنع به شيخ الأشعريّين أحمد اعتمد عليه في جملة من طرقه سوى إبراهيم المذكور.

فمنها: طريقه إلى الحسن بن علي بن أبي حمزة(٢) ، وطريقه إلى محمّد بن سنان(٣) ، وإلى علي بن محمّد الحضيني(٤) ، وإلى وهيب بن حفص(٥) ، وكذا طريقه إلى أبي الجارود(٦) ، وطريقه إلى عبد الحميد الأزدي(٧) - بناء على كون محمّد بن علي القرشي الكوفي هو بعينه الصيرفي الهمداني(٨) ، كما استظهره في

__________________

(١) روضة المتقين ١٤: ٢٨.

(٢) الفقيه ٤: ١٣٠، من المشيخة.

(٣) الفقيه ٤: ١٥ و ١٠٥، من المشيخة.

(٤) الفقيه ٤: ١٢٠، من المشيخة.

(٥) الفقيه ٤: ٦٣، من المشيخة.

(٦) الفقيه ٤: ٤٠، من المشيخة.

(٧) الفقيه ٤: ١٥، من المشيخة.

(٨) الظاهر اشتباه المصنفرحمه‌الله تعالى في القول بالاتحاد بين محمد بن علي القرشي الكوفي وبين محمد بن علي الصيرفي الهمداني فيما نقله عن منتهى المقال وتبناه أيضا. وفي المقام جملة أمور نوردها اختصارا.

١ - ان محمد بن علي القرشي ليس هو أبا سمينة، وان كان قريشا واسمه محمد بن علي، فهذا لا يلزم انحصار المسمى بهذا الاسم، وبالإمكان ان يكون غيره، كما لا تدل رواية ابن ماجيلويه على الاتحاد لإمكان روايته عن الاثنين لا سيما بعد ثبوت كونهما من طبقة مشايخه.

٢ - وقوع محمد بن علي القرشي في ثمان طرق للشيخ الصدوق كما بينها المصنف، ولو كان المقصود منه هو الملقب بأبي سمينة، لما صح التزام الصدوق في أول الفقيه بان لا يذكر فيه الا ما يعتمد عليه، ويحكم بصحته، ويكون حجة بينه وبين ربه، ولا يمكن الجمع بين قوله

١٥

منتهى المقال(١) - وطريقه إلى هارون بن خارجة.

هذا وأما إبراهيم بن سفيان فغير مذكور في الرجال، ولا يوجد له رواية في الكتب الأربعة إلاّ ما في الفقيه في باب ما يجوز للمحرم إتيانه: عنه، عن أبي الحسنعليه‌السلام (٢) وروى عن الحسين بن سعيد، عنه، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام في باب ما يجب على من اختصر شوطا في الحجر(٣) ، والأمر سهل.

[٨] ح - وإلى إبراهيم بن عبد الحميد: محمّد بن الحسن، عن محمّد ابن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن سعدان بن مسلم، عنه.

وأبوه أيضا، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عنه(٤) .

والسندان حسنان في المشهور.

__________________

هذا والرواية عمن هو معروف لدى الصدوق وغيره بالغلو والكذب والتدليس والوضع، وعليه فلا بد وأن يكون المراد منه غير أبي سمينة.

٣ - استثناء محمد بن الحسن بن الوليد من رواية محمد بن أحمد بن يحيى ما رواه عن محمد ابن علي أبي سمينة، وما رواه عن محمد بن علي الهمداني، كما في النجاشي: ٣٤٨ / ٩٣٩، وهذا يدل على أن أبا سمينة هو غير الهمداني.

٤ - ذكر النجاشي كلا الرجلين وقال عن أبي سمينة (٣٣٢ / ٨٩٤): انه ضعيف جدا فاسد الاعتقاد لا يعتمد في شيء، وذكر عن الهمداني بأنه وأباه وجده من وكلاء الأئمة عليهم‌السلام ولم يطعن عليه في أي شيء (٣٤٤ / ٩٢٨).

٥ - جد الهمداني اسمه محمد وجد أبي سمينة اسمه إبراهيم والأول من أهل همدان والثاني من الكوفة ثم انتقل الى قم واخرج منها كما يظهر من ترجمة الاثنين لدى النجاشي.

معجم رجال الحديث: ١٦ / ٢٩٩ - بتصرف.

(١) منتهى المقال: ٢٨٤.

(٢) الفقيه ٢: ٢٢٤ / ١٠٤٨.

(٣) الفقيه ٢: ٢٤٩ / ١١٩٩.

(٤) الفقيه ٤: ٥٥، من المشيخة.

١٦

أمّا الأول: فبسعدان، وأمّا الثاني فبابن هاشم، والحقّ وثاقتهما.

أمّا الثاني فيأتي(١) عن قريب.

وأمّا الأول فلرواية من لا يروي إلاّ عن ثقة عنه، مؤيّدة برواية الأجلاّء الكاشفة عادة عنها.

فروى عنه ابن أبي عمير، في الكافي في باب أن الأرض لا تخلو من حجه(٢) ، وصفوان بن يحيى، كما صرح به الشيخ في الفهرست(٣) ، ويونس ابن عبد الرحمن في الكافي، في باب البيان والتعريف(٤) ، وفضالة بن أيوب، في باب النوادر من كتاب الجنائز(٥) ، والحسن بن محبوب، في الفقيه، في باب أحكام المماليك والإماء من كتاب النكاح(٦) ، والحسن بن علي بن فضال، في التهذيب، في زيارة الأربعين(٧) .

وهؤلاء الستة من أصحاب الإجماع، وفيهم ابن أبي عمير، وصفوان.

ويروي عنه العباس بن معروف كما في مشيخة الفقيه(٨) في طريقه إليه، وأحمد بن إسحاق كذلك(٩) ، وعبد الله بن الصلت القمّي(١٠) .

وشيخ القميين محمّد بن علي بن محبوب كما في التهذيب في باب

__________________

(١) يأتي في هذه الفائدة، صحيفة: ٣٣.

(٢) أصول الكافي ١: ١٣٦ / ٢.

(٣) فهرست الشيخ الطوسي: ٧ / ١٢.

(٤) أصول الكافي ١: ١٢٥ / ٦.

(٥) الكافي ٣: ٢٥٨ / ٢٩.

(٦) الفقيه ٣: ٢٨٨ / ١٤.

(٧) تهذيب الأحكام ٦: ١١٣ / ٢٠١.

(٨) الفقيه ٤: ٥٥، من المشيخة.

(٩) الكافي ٥: ٥٢٦ / ١.

(١٠) فهرست الشيخ: ٧٩ / ٣٢٦.

١٧

الأحداث الموجبة للطهارة من أبواب الزيادات(١) .

والحسن بن علي بن يوسف - المعروف بابن بقاح - فيه في باب اختيار الأزواج(٢) .

وأحمد بن محمّد [عن محمّد](٣) بن خالد فيه في باب الزيادات من الزكاة.

والحسين بن هاشم في الكافي في باب إلطاف المؤمن(٤) ، وهو من الثقات، وإن رمي بالوقف.

وعلي بن الحكم فيه في باب فضل فقراء المسلمين(٥) ، ومحمّد بن خالد(٦) ، ومحمّد بن عيسى بن عبيد(٧) ، وعلي بن أسباط(٨) وغيرهم.

وصرّح الشيخ في الفهرست أنّ له أصلا(٩) ، وقد قال المفيد في رسالة العدد: وأمّا رواة الحديث بأن شهر رمضان شهر من شهور السنة يكون تسعة

__________________

(١) تهذيب الأحكام ١: ٣٥٣ / ١٠٥١.

(٢) تهذيب الأحكام ٧: ٣٩٩ / ١٥٩٢.

(٣) في الأصل: وأحمد بن محمد بن خالد، والذي أثبتناه هو الموافق لما في المصدر، والكافي ٤: ٨ / ٣، وثواب الأعمال: ١٧٣ / ٢، ووسائل الشيعة ٦: ٢٧٨ / ٢، ومعجم رجال الحديث ٨: ١٠١، ولم تعهد رواية أحمد بن محمد بن خالد عن سعدان بن مسلم، والصحيح رواية محمد بن خالد عنه.

(٤) أصول الكافي ٢: ١٦٤ / ١.

(٥) أصول الكافي ٢: ٢٠٢ / ٩.

(٦) انظر الهامش المتعلق بما أثبتناه بين معقوفتين آنفا.

(٧) الاستبصار ١: ٣٠٩ / ١١٥١.

(٨) الكافي ٨: ٣٠٧ / ٤٧٨، من الروضة.

(٩) فهرست الطوسي: ٧٩ / ٣٢٦.

١٨

وعشرين يوما ويكون ثلاثين يوما فهم فقهاء أصحاب أبي جعفر - وعدّ إلى العسكريعليهم‌السلام - والأعلام الرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام والفتيا والأحكام، الذين لا يطعن عليهم، ولا طريق إلى ذمّ واحد منهم، وهم أصحاب الأصول المدوّنة والمصنفات المشهورة(١) ، انتهى.

وأمّا إبراهيم بن عبد الحميد، فهو الأسدي الكوفي الأنماطي، أخو محمّد ابن عبد الله بن زرارة(٢) لأمّه، الثقة، لتصريح الشيخ في الفهرست(٣) ، ورواية الأجلاء عنه مثل: النضر بن سويد(٤) ، والحسين بن سعيد(٥) ، ويعقوب بن يزيد(٦) ، وجعفر بن محمّد بن سماعة(٧) ، وعبد الله بن محمّد النهيكي(٨) ، وإبراهيم بن هاشم(٩) ، وعلي بن أسباط(١٠) . وغيرهم، ورميه بالوقف غير مضرّ، مع أنه ضعيف من أصله، مضافا إلى كونه من أرباب الأصول الذين عرفت مقامهم.

[٩] ط - وإلى إبراهيم بن عمر: أبوه، عن سعد بن عبد الله، عن

__________________

(١) الرسالة العددية: ١٤.

(٢) رجال النجاشي: ٢٠ / ٢٧.

(٣) فهرست الطوسي: ٧ / ١٢.

(٤) تهذيب الأحكام ٧: ٩٨ / ٤٢١.

(٥) أصول الكافي ٢: ٢٤٩ / ٤.

(٦) تهذيب الأحكام ٣: ٢٣ / ٨٠.

(٧) تهذيب الأحكام ٢: ٢٥٨ / ١٠٢٧.

(٨) الكافي ٦: ٥٠٥ / ٥.

(٩) روى عنه بواسطة واحدة في التهذيب ٤: ١٨٩ / ٥٣٣ وهو واقع أيضا في طريق الفهرست إليه ولكن بتوسط ابن أبي عمير وصفوان بن يحيى.

(١٠) أصول الكافي ١: ٣٥٠ / ٥٦.

١٩

يعقوب بن يزيد، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني (١) .

وكلّهم من أجلاّء الثقات، وفيهم حمّاد، وهو من أصحاب الإجماع، ومنه يظهر حال إبراهيم.

ويروي عنه أيضا ابن أبي عمير كما في الكافي في باب يوم الفطر(٢) .

ومن الأجلاّء: شيخ القميّين محمّد بن علي بن محبوب(٣) ، وسيف بن عميرة(٤) ، وعلي بن الحكم(٥) ، وأبان(٦) ، والظاهر أنه ابن عثمان، وهو من أصحاب الإجماع.

وقال النجاشي: شيخ من أصحابنا، ثقة، روى عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ذكر ذلك أبو العباس وغيره(٧) .

وقال الشيخ في [أصحاب الباقرعليه‌السلام ]: له أصول رواها عنه حماد ابن عيسى(٨) .

وقد عرفت مقام أرباب الأصول عندهم، فقول ابن الغضائري: - إنّه يكنّى أبا إسحاق، ضعيف جدا - لا يصغى اليه، ولذا قال العلاّمة في الخلاصة بعد نقل كلام النجاشي وابن الغضائري: والأرجح عندي قبول روايته وإن حصل بعض الشك في الطعن فيه(٩) .

__________________

(١) الفقيه ٤: ٩٥، من المشيخة.

(٢) الكافي ٤: ١٦٨ / ٣.

(٣) تهذيب الأحكام ٤: ٣١٧ / ٩٦٣.

(٤) أصول الكافي ١: ٦٨ / ٣.

(٥) لم نعثر على روايته عنه.

(٦) تهذيب الأحكام ٦: ٣٧٩ / ١١١٣.

(٧) رجال النجاشي: ٢٠ / ٢٦.

(٨) رجال الطوسي: ١٠٣ / ٧.

(٩) رجال العلامة: ٦ / ١٥.

٢٠

و ام أيوب بقطيفة نتتبع الماء شفقة أن يخلص إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله منه شي‏ء ، و نزلت إليه صلّى اللّه عليه و آله و أنا مشفق و قلت : ليس ينبغي أن نكون فوقك ، انتقل إلى الغرفة مات بالقسطنطينية زمن معاوية سنة ( ٥٠ ) أو ( ٥١ ) أو ( ٥٢ ) و هو الأكثر .

« في عشرة آلاف » هكذا في ( المصرية١ و ابن أبي الحديد )٢ و ليس كلّه في ( ابن ميثم )٣ .

« و لغيرهم على اعداد اخر ، و هو يريد الرجعة إلى صفين » لقتال معاوية .

« فما دارت الجمعة » بعد خطبته تلك و جعله معسكرا .

« حتى ضربه الملعون ابن ملجم لعنه اللّه » قالوا : كان في الإسلام ضربتان لم تكن ضربة أيمن من أولاهما ، و هي ضربته عليه السلام عمرا يوم الخندق التي قال فيها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله : أفضل من عبادة الثقلين و أشأم من اخراهما و هي ضربة ابن ملجم له عليه السلام فما رأى النّاس من بعده عليه السلام عدلا و لا يرونه حتى يظهر القائم عليه السلام .

و في ( تاريخ اليعقوبي )٤ : قدم ابن ملجم الكوفة لعشر بقين من شعبان سنة أربعين ، فلمّا بلغ عليّا عليه السلام قدومه قال : « أوقد وافي ؟ أما إنّه ما بقي عليّ غيره ، هذا أوانه » فنزل على الأشعث فأقام عنده شهرا يستحد سيفه .

و في ( المناقب ) قال ابن عباس : كان ابن ملجم من ولد قيدار عاقر ناقة صالح و قصّتهما واحدة ، لأنّ قيدار عشق امرأة يقال لها : رباب ، كما عشق ابن ملجم لقطام ، و سمع منه يقول لآخر : لأضربنّ عليّا بسيفي هذا فذهب به إليه عليه السلام ، فقال له : ما اسمك ؟ قال : عبد الرحمن بن ملجم قال : نشدتك باللّه عن

ــــــــــــ

 ( ١ ) الطبعة المصرية ٢ : ١٣٢ .

 ( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٠ : ١٠٠ .

 ( ٣ ) شرح ابن ميثم ٣ : ٣٩٢ .

 ( ٤ ) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢١٢ .

٢١

شي‏ء تخبرني ؟ قال : نعم قال : هل مرّ عليك شيخ يتوكأ على عصاه و أنت في الباب ، فمشقك بعصاه ثم قال : بؤسا لك أشقى من عاقر ناقة ثمود ؟ قال : نعم .

قال : هل كان الصبيان يسمّونك ابن راعية الكلاب و أنت تلعب معهم ؟ قال : نعم .

قال : هل أخبرتك امّك أنّها حملت بك و هي طامث ؟ قال : نعم قال : فبايع فبايع ،

ثم قال : خلوه .

و في ( الإرشاد )١ : روى أبو زيد الأحول عن الأجلح قال : سمعت أشياخ كندة أكثر من عشرين مرّة يقولون : سمعنا عليّا عليه السلام على المنبر يقول : ما يمنع أشقاها أن يخضبها بدم ؟ و يضع يده على لحيته .

و فيه٢ : ذكر عبد اللّه بن محمّد الأزدي قال : إنّي لاصلّي تلك الليلة في المسجد الأعظم مع رجال من أهل المصر ، كانوا يصلّون في ذلك الشهر من أوّله إلى آخره ، إذ نظرت إلى رجال قريبا من السدة ، و خرج عليه السلام لصلاة الفجر فأخذ ينادي الصلاة الصلاة : فما أدري أنادى ، أم رأيت بريق السيوف ؟

و سمعته عليه السلام يقول : لا يفوتنكم الرجل فاذا هو مضروب .

و رواه أبو الفرج٣ ، و في خبره : أم رأيت بريق سيف ثم رأيت بريق سيف آخر .

و في ( الإرشاد )٤ : كان عليه السلام خرج يوقظ النّاس لصلاة الصبح ليلة تسع عشرة ، و قد كان قصده ابن ملجم في أوّل الليل ، فلمّا مرّ به و هو متماكر بإظهار النوم في جملة النيام ثار إليه فضربه على امّ رأسه بالسيف ، فمكث عليه السلام إلى نحو الثلث الأوّل ليلة إحدى و عشرين ، و قد كان عليه السلام يعلم ذلك قبل أوانه

ــــــــــــ

 ( ١ ) الإرشاد ١ : ١٣ .

 ( ٢ ) إرشاد المفيد ١ : ٢٠ .

 ( ٣ ) المقاتل لأبي الفرج : ٢١ .

 ( ٤ ) الإرشاد ١ : ٩ .

٢٢

و يخبر به النّاس قبل زمانه ، و تولّى غسله و تكفينه و دفنه الحسنان عليهما السلام بأمره ، و حملاه إلى الغري من نجف الكوفة و عفيا موضع قبره بوصيته ، لمّا كان عليه السلام يعلمه من دولة بني امية بعده ، ثم دلّ عليه الصادق عليه السلام في الدولة العباسية ، و زاره عند وروده إلى أبي جعفر و هو بالحيرة ، فعرفته الشيعة و استأنفوا إذ ذاك زيارته ، و كان سنّه عليه السلام ثلاثا و ستين سنة .

و روى عباد بن يعقوب الرواجنيّ عن حيان الغزيّ عن مولى لعليّ عليه السلام ،

قال : لمّا حضرته الوفاة قال للحسنين : إذا أنا متّ فاحملاني على سريري ثم أخرجاني ، و احملا مؤخّر السرير فإنكما تكفيان مقدمه ، ثم ائتيابي الغريين فانّكما ستريان صخرة بيضاء تلمع نورا ، فاحتفرا فيها فإنّكما تجدان فيها ساجة فادفناني فيها إلى أن قال فاحتفرنا فإذا ساجة مكتوب عليها هذا ممّا ادّخرها نوح لعليّ بن أبي طالب عليه السلام .

و روى محمّد بن زكريا عن عبد اللّه بن محمّد عن أبي عايشة عن عبد اللّه بن حازم ، قال : خرجنا يوما مع الرشيد من الكوفة نتصيّد ، فصرنا إلى ناحية الغريين و الثوية ، فرأينا ظباء فأرسلنا عليها الصقور و الكلاب ، فجاولتها ساعة ثم لجأت الظباء إلى أكمة فوقف عليها فسقطت الصقور ناحية و رجعت الكلاب ، فعجب الرشيد من ذلك ، ثم إنّ الظباء هبطت من الأكمة فهبطت الصقور و الكلاب عليها ، فرجعت الظباء إلى الأكمة فتراجعت عنها الصقور و الكلاب فعلت ذلك ثلاثا فقال الرشيد : اركضوا فمن لقيتموه فأتوني به فأتيناه بشيخ من بني أسد ، فقال له : أخبرني ما هذه الأكمة ؟ قال : إن جعلت لي الأمان .

قال : لك عهد اللّه و ميثاقه قال : حدّثني أبي عن آبائه أنّهم كانوا يقولون : إنّ في هذه الأكمة قبر عليّ عليه السلام جعله اللّه حرما ، لا يأوي إليه شي‏ء إلاّ أمن .

« فكنّا كأغنام فقدت راعيها ، تختطفها الذئاب من كلّ مكان » في ( مقاتل

٢٣

أبي الفرج )١ : كتب معاوية بعد مقتله عليه السلام إلى عمّاله نسخة واحدة : إنّ اللّه بلطفه و حسن صنيعه أتاح لعليّ رجلا فاغتاله ، فترك أصحابه متفرّقين مختلفين ، و قد جاءنا كتب أشرافهم و قادتهم ، يلتمسون الأمان لأنفسهم و عشائرهم .

و في ( الطبري )٢ : قال أبو الأسود الدؤليّ في رثائه عليه السلام :

ألا أبلغ معاوية بن حرب

فلا قرّت عيون الشامتينا

أ في شهر الصيّام فجعتمونا

بخير النّاس طرّا أجمعينا

قتلتم خير من ركب المطايا

و رحلّها و من ركب السفينا

و من لبس النعال و من حذاها

و من قرأ المثاني و المئينا

إذا استقبلت وجه أبي حسين

رأيت البدر راع الناظرينا

لقد علمت قريش حيث كانت

بأنّك خيرها حسبا و دينا

و في ( المقاتل )٣ : قالت امّ الهيثم النخعية في رثائه عليه السلام :

ألا يا عين ويحك فاسعدينا

ألا تبكي أمير المؤمنينا

و كنّا قبل مقتله بخير

نرى مولى رسول اللّه فينا

يقيم الدين لا يرتاب فيه

و يقضي بالفرائض مستبينا

و يدعو للجماعة من عصاه

و ينهك قطع أيدي السارقينا

و ليس بكاتم علما لديه

و لم يخلق من المتجبرينا

لعمر أبي لقد أصحاب مصر

على طول الصحابة أوجعونا

و غرّونا بأنّهم عكوف

و ليس كذاك فعل العاكفينا

ــــــــــــ

 ( ١ ) المقاتل لأبي الفرج : ٣٨ .

 ( ٢ ) تاريخ الطبري ٥ : ١٥٠ .

 ( ٣ ) المقاتل لأبي الفرج : ٢٧ .

٢٤

كأن النّاس إذ فقدوا عليّا

نعام جال في بلد سنينا

و لو أنّا سئلنا المال فيه

بذلنا المال فيه و البنينا

شاب ذؤابتي و أطال حزني

امامة حين فارقت القرينا

هذا و لابن بقيلة :

فصرنا بعد هلاك أبي قبيس

كجرب المعز في اليوم المطير

٥

الخطبة ( ١٤٦ ) و من كلام له عليه السلام قبل موته :

أَيُّهَا اَلنَّاسُ كُلُّ اِمْرِئٍ لاَقٍ مَا يَفِرُّ مِنْهُ فِي فِرَارِهِ وَ اَلْأَجَلُ مَسَاقُ اَلنَّفْسِ وَ اَلْهَرَبُ مِنْهُ مُوَافَاتُهُ كَمْ أَطْرَدْتُ اَلْأَيَّامَ أَبْحَثُهَا عَنْ مَكْنُونِ هَذَا اَلْأَمْرِ فَأَبَى اَللَّهُ إِلاَّ إِخْفَاءَهُ هَيْهَاتَ عِلْمٌ مَخْزُونٌ أَمَّا وَصِيَّتِي فَاللَّهَ لاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ ؟ مُحَمَّداً ص ؟ فَلاَ تُضَيِّعُوا سُنَّتَهُ أَقِيمُوا هَذَيْنِ اَلْعَمُودَيْنِ وَ أَوْقِدُوا هَذَيْنِ اَلْمِصْبَاحَيْنِ وَ خَلاَكُمْ ذَمٌّ مَا لَمْ تَشْرُدُوا حُمِّلَ كُلُّ اِمْرِئٍ مِنْكُمْ مَجْهُودَهُ وَ خُفِّفَ عَنِ اَلْجَهَلَةِ رَبٌّ رَحِيمٌ وَ دِينٌ قَوِيمٌ وَ إِمَامٌ عَلِيمٌ أَنَا بِالْأَمْسِ صَاحِبُكُمْ وَ أَنَا اَلْيَوْمَ عِبْرَةٌ لَكُمْ وَ غَداً مُفَارِقُكُمْ غَفَرَ اَللَّهُ لِي وَ لَكُمْ إِنْ تَثْبُتِ اَلْوَطْأَةُ فِي هَذِهِ اَلْمَزَلَّةِ فَذَاكَ وَ إِنْ تَدْحَضِ اَلْقَدَمُ فَإِنَّا كُنَّا فِي أَفْيَاءِ أَغْصَانٍ وَ مَهَبِّ رِيَاحٍ وَ تَحْتَ ظِلِّ غَمَامٍ اِضْمَحَلَّ فِي اَلْجَوِّ مُتَلَفَّقُهَا وَ عَفَا فِي اَلْأَرْضِ مَخَطُّهَا وَ إِنَّمَا كُنْتُ جَاراً جَاوَرَكُمْ بَدَنِي أَيَّاماً وَ سَتُعْقَبُونَ مِنِّي جُثَّةً خَلاَءً سَاكِنَةً بَعْدَ حَرَاكٍ وَ صَامِتَةً بَعْدَ نُطْقٍ لِيَعِظَكُمْ هُدُوِّي وَ خُفُوتُ إِطْرَاقِي وَ سُكُونُ أَطْرَافِي فَإِنَّهُ أَوْعَظُ لِلْمُعْتَبِرِينَ مِنَ اَلْمَنْطِقِ اَلْبَلِيغِ وَ اَلْقَوْلِ اَلْمَسْمُوعِ وَدَاعِيْكُمْ وَدَاعُ اِمْرِئٍ مُرْصِدٍ لِلتَّلاَقِي غَداً تَرَوْنَ أَيَّامِي وَ يُكْشَفُ لَكُمْ عَنْ سَرَائِرِي

٢٥

وَ تَعْرِفُونَنِي بَعْدَ خُلُوِّ مَكَانِي وَ قِيَامِ غَيْرِي مَقَامِي أقول : رواه ( الكافي )١ في باب الإشارة و النصّ على الحسن عليه السلام ، رواه عن إبراهيم الأحمريّ مرفوعا و عن الحسين الحسنيّ مرفوعا : لمّا ضرب أمير المؤمنين عليه السلام حف به العوّاد و قيل له : أوص فقال : اثنوا ليّ الوسادة ثم قال :

الحمد للّه حقّ قدره متّبعين أمره ، أحمده كما أحب ، و لا إله إلاّ اللّه الواحد الأحد الصمد كما انتصب ، أيّها النّاس كلّ امرئ لاق في فراره ما منه يفر ، و الأجل مساق النفس إليه ، و الهرب منه موافاته ، كم أطردت الأيّام أبحثها عن مكنون هذا الأمر ، فأبى اللّه تعالى إلاّ إخفاءه ، هيهات علم مكنون مخزون ، أمّا وصيّتي :

فلا تشركوا باللّه شيئا ، و محمّدا فلا تضيّعوا سنّته أقيموا هذين العمودين ،

و أوقدوا هذين المصباحين ، و خلاكم ذمّ ما لم تشردوا ، حمل كلّ امرئ منكم مجهوده ، و خفف عن الجهلة ربّ رحيم ، و إمام عليم ، و دين قويم ، أنا بالأمس صاحبكم ، و اليوم عبرة لكم ، و غدا مفارقكم ، إن تثبت الوطأة في هذه المزلة فذاك المراد ، و إن تدحض القدم فإنّا كنّا في أفياء أغصان ، و ذرى رياح ، و تحت ظلّ غمامة اضمحل في الجو ملتفّقها ، و عفا في الأرض مخطّها ، و إنّما كنت جارا جاوركم بدني أياما ، و ستعقبون منّي جثّة خلاء ساكنة بعد حركة ،

و كاظمة بعد نطق ، ليعظكم هدوّي و خفوت إطراقي و سكون أطرافي ، فإنّه أوعظ لكم من الناطق البليغ ، ودّعتكم وداع امرئ مرصد للتلاقي ، غدا ترون أيامي و يكشف اللّه تعالى عن سرائري ، و تعرفوني بعد خلو مكاني و قيام غيري مقامي ، إن أبق فأنا وليّ دمي ، و إن افن فالفناء ميعادي ، العفو لي قربة و لكم حسنة ، فاعفوا و اصفحوا ، ألا تحبون أن يغفر اللّه تعالى لكم ؟ فيالها حسرة على كلّ ذي غفلة ، أن يكون عمره عليه حجّة ، أو تؤدّيه أيامه إلى شقوة

ــــــــــــ

 ( ١ ) الكافي ١ : ٢٩٩ ح ٦ .

٢٦

جعلنا اللّه و إيّاكم ممّن لا يقصر به عن طاعة اللّه تعالى رغبة ، أو يحل به بعد الموت نقمة ، فإنّا نحن له و به ثم أقبل على الحسن عليه السلام فقال : يا بني ضربة مكان ضربة ، و لا تأثم .

و رواه ( مروج المسعودي )١ في باب لمع من كلامه عليه السلام فقال : ذكر جماعة من أهل النقل عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد عن أبيه أنّ عليّا عليه السلام قال في صبيحة الليلة التي ضربه فيها عبد الرحمن بن ملجم بعد حمد اللّه و الثناء عليه و الصلاة على رسوله عليه السلام : كلّ امرئ ملاقيه ما يفرّ منه ، و الأجل تستاق النفس إليه ، و الهرب منه موافاته ، كم أطردت الأيّام أتحينها عن مكنون هذا الأمر ، فأبى اللّه عزّ و جلّ إلاّ اخفاءه ، هيهات علم مكنون ، أمّا وصيّتي : فلا تشركوا به شيئا ، و محمّد فلا تضيّعوا سنّته ، أقيموا هذين العمودين ، حمل كلّ امرئ منكم مجهوده ، و خفف عن الجهلة ربّ رحيم ، و دين قويم و إمام عليم ،

كنّا في اعصار و ذرى رياح ، تحت ظلّ غمامة اضمحل راكدها فخطها من الأرض إلى أن قال ليعظكم هدوّي و خفوت أطرافي ، إنّه أوعظ لكم من نطق البليغ ، ودّعتكم وداع امرئ مرصد للتلاق ، و غدا ترون و يكشف عن ساق ،

عليكم السلام إلى يوم المرام ، كنت بالأمس صاحبكم ، و اليوم عظة لكم ، و غدا افارقكم ، إن أفق فأنا وليّ دمي ، و ان أمت فالقيامة ميعادي ، و العفو أقرب للتقوى ألا تحبون أن يغفر اللّه لكم و اللّه غفور رحيم٢ و نقل عن ( اثباته ) أيضا .

قول المصنف : « و من كلام له عليه السلام قبل موته » لمّا حف به العواد و قيل له عليه السلام : أوص كما عرفته من خبر ( الكافي ) فقال عليه السلام : اثنوا لي و سادة

ــــــــــــ

 ( ١ ) المروج للمسعودي ٢ : ٤٣٦ .

 ( ٢ ) النور : ٢٢ .

٢٧

ففعلوا و في صبيحة ليلة ضربه ، كما عرفته من المسعودي .

قوله عليه السلام : « أيّها النّاس كلّ امرئ لاق ما يفرّ منه في فراره » قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل .١ و في سورة الجمعة قل إنّ الموت الذي تفرّون منه فإنّه ملاقيكم .٢ .

« و الأجل مساق النفس » فكلّ نفس نتنفّس خطوة إلى الموت .

« و الهرب منه موافاته » في ( تفسير القمي ) عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى : و رفعناه مكانا عليّا٣ : كان لملك منزلة أهبطه اللّه فأتى إدريس فشفع له ، فصلّى ثلاث ليال لا يفتر و صام ثلاثة أيام لا يفطر ، ثم طلب إلى اللّه في السحر له فأذن له في الصعود ، فقال الملك : أحبّ أن اكافيك بحاجة لك قال :

احب أن تريني ملك الموت لعلّي آنس به ، فليس يهنأني مع ذكره شي‏ء فبسط جناحيه و صعده فاستقبل ملك الموت بين السماء الرابعة و الخامسة ، فقال لملك الموت : أراك قاطبا ؟ قال : أتعجب ، كنت تحت ظل العرش حتى امرت أن أقبض روح إدريس بين السماء الرابعة و الخامسة فسمع إدريس بذلك فانتقض ، و قبض روحه مكانه .

و في السير : كان أبو مسلم يتجنّب الروم لأنّه سمع أنّ قتله في الروم ،

فذهب إلى رومية المدائن فقتله المنصور ثمة .

و كان المأمون سمع أنّ موته في الرقة ، فكان يتجنّب المقام برقّة العراق ، و لمّا غزا الروم و وصل إلى موضع مرض ، فسأل عن اسمه فقالوا :

الرقة فتيقّن أنّه موضع موته .

ــــــــــــ

 ( ١ ) الأحزاب : ١٦ .

 ( ٢ ) الجمعة : ٨ .

 ( ٣ ) مريم : ٥٧ .

٢٨

« كم أطردت الأيّام أبحثها عن مكنون هذا الأمر ، فأبى اللّه إلاّ إخفاءه » قال ابن أبي الحديد١ : مراده عليه السلام أنّ تفصيل موته كان عنده غير معلوم و اعترض عليه الخوئي بما رواه هو عنه عليه السلام : « سلوني قبل أن تفقدوني ، فو الذي نفسي بيده لا تسألوني عن شي‏ء في ما بينكم و بين الساعة ، و لا عن فئة تهدي مائة و تضلّ مائة إلاّ أنبأتكم بناعقها ، و قائدها و سائقها و مناخ ركابها و حط رحالها ،

و من يقتل من أهلها قتلا و من يموت منهم موتا » .

و بما رواه ( الكافي )٢ في باب : « إنّ الأئمة يعلمون متى يموتون » عن الحسن ابن جهم قال : قلت للرضا عليه السلام : إنّ أمير المؤمنين عليه السلام عرف قاتله و الليلة التي يقتل فيها ، و قوله عليه السلام لمّا سمع صياح الأوز في الدار : « صوائح تتبعها نوائح » و قول امّ كلثوم : « لو صلّيت الليلة داخل الدار و أمرت غيرك يصلّي بالناس » فأبى عليها ، و كثر دخوله و خروجه تلك الليلة بلا سلاح و قد عرف أنّ ابن ملجم قاتله بالسيف ، كان هذا ممّا لا يحسن تعرّضه فقال عليه السلام :

ذلك كان و لكنه عليه السلام خيّر ( خ ل ) حين في تلك الليلة لتمضي مقادير اللّه عز و جل .

قلت : الخبر لا ينافي الكلام ، فإنّ المراد من الخبر أنّ اللّه تعالى أخفى تفصيل الأمر عليه عليه السلام لتمضي مقاديره ، و يعقوب وجد ريح يوسف من مسافة بعيدة لمّا أراد اللّه تعالى وصله به ، و لم يره في بئر خارج بلده لمّا أراد اللّه تعالى فصله عنه .

و يشهد أيضا له ما رواه الصفار في ( بصائره )٣ عن إبراهيم بن أبي

ــــــــــــ

 ( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ١٢٠ .

 ( ٢ ) الكافي ١ : ٢٥٩ ح ٤ .

 ( ٣ ) البصائر للصفار : ٥٠١ ح ٣ .

٢٩

محمود ، قال قلت للرضا عليه السلام : الامام يعلم متى يموت ؟ قال : نعم قلت : أبوك حيثما بعث إليه يحيى بن خالد برطب و ريحان مسمومين علم به ؟ قال : نعم .

قلت : فأكله و هو يعلم فيكون معينا على نفسه فقال : يعلم قبل ذلك ليتقدّم في ما يحتاج إليه ، فاذا جاء الوقت ألقى اللّه على قلبه النسيان ليقضي فيه الحكم .

و رواه في خبر آخر و فيه : أنساه لينفذ فيه الحكم .

و روى الكشي١ في عبد اللّه بن طاووس عنه عن الرضا عليه السلام في خبر ،

قال : قلت له : إنّ يحيى بن خالد سمّ أباك قال : نعم ، سمّه في ثلاثين رطبة قلت :

فما كان يعلم أنّها مسمومة ؟ قال : غاب عنه المحدّث قلت : و من المحدّث ؟ قال :

ملك أعظم من جبرئيل و ميكائيل كان مع النبيّ و هو مع الأئمة ، و ليس كلّما طلب وجد .

و قال المفيد في ( المسائل العكبرية ) : القول بأن أمير المؤمنين عليه السلام يعلم قاتله و الوقت الذي كان يقتل فيه ، فقد جاء الخبر متظاهرا أنّه كان يعلم في الجملة أنّه مقتول ، و جاء أيضا بأنّه يعلم قاتله على التفصيل ، فأمّا علمه بوقت قتله فلم يأت أثر على التحصيل ، و لو جاء به أثر لم يلزم فيه ما يظنّه المعترضون ، إذ كان لا يمتنع أن يتعبّده اللّه تعالى بالصبر على الشهادة و الاستسلام للقتل ، ليبلغه بذلك علوّ الدرجات ما لا يبلغه إلاّ به ، بأنّه يطيعه في ذلك طاعة لو كلّفها سواه لم يردها ، و لا يكون عليه السلام بذلك ملقيا بيده إلى التهلكة ،

و لا معينا على نفسه معونة تستقبح في العقول .

و قال الجزري في ( اسده )٢ بعد ذكر رواية أنّه عليه السلام كان ليلة عند الحسن عليه السلام و ليلة عند الحسين و ليلة عند عبد اللّه بن جعفر لإفطاره ، و لا يزيد

ــــــــــــ

 ( ١ ) الكشي : ٦٠٤ ح ١٢٣ .

 ( ٢ ) الاسد للجزري ٤ : ٣٥ ٣٦ .

٣٠

على ثلاث لقم و يقول : « إنّما هي ليلة أو ليلتان يأتي أمر اللّه و أنا خميص » .

و رواية صيحة الأوز و طردهم لهن في تلك الليلة ، و قوله عليه السلام : « دعوهن فانهنّ نوائح » : و هذا يدلّ على أنّه عليه السلام علم السنة و الشهر و الليلة التي يقتل فيها .

و روى ( تنبيه البكري ) على أوهام القالي عن العباس بن ميمون عن سليمان ابن داود عن حماد بن زيد عن هشام بن حسان ، قال : قال ابن سيرين :

ان كان يعلم أحد متى أجله فإنّ عليّ بن أبي طالب كان يعلم متى أجله و قال العباس : فحدّثت به ابن عايشة فقال : أنت تعلم يا بن أخي أنّه قاتل يوم الجمل فلم يتكلّم ، و يوم صفين فلم يتكلّم ، و لقد لقى ليلة الهرير ما لقى فلم يتخوّف و لم ينطق بشي‏ء ، فلمّا رجع إلى الكوفة بعد قتله الخوارج قال : ألا ينبعث أشقاها ليخضبن هذه من هذه ؟

و بالجملة إخباره عليه السلام بكون ابن ملجم قاتله متواتر ، كاخبار النبيّ صلّى اللّه عليه و آله له بذلك ، و من إخباره صلّى اللّه عليه و آله له بذلك في غزوة العشيرة ، ففي ( الطبري )١ عن عمار في خبر قال : نمنا في تلك الغزوة تحت صور من النخل في دقعاء من التراب ، فما أيقظنا إلاّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أتانا و قد تتربنا في ذلك التراب ، فحرّك عليّا عليه السلام برجله و قال له : قم أبا تراب ألا اخبرك بأشقى النّاس ؟ أحمر ثمود عاقر الناقة و الذي يضربك على هذا يعني قرنه فتخضب هذه و أخذ بلحيته منها .

و مقتضى الجمع بين الأخبار ما في خبر الصفار .

« هيهات علم مخزون » الظاهر كونه إشارة إلى قوله تعالى : . و ما تدري نفس بأي أرض تموت .٢ .

ــــــــــــ

 ( ١ ) تاريخ الطبري ٢ : ١٤ .

 ( ٢ ) لقمان : ٣٤ .

٣١

« أمّا وصيّتي فاللّه لا تشركوا به شيئا » إنّ اللّه لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء .١ .

و سئل الباقر عليه السلام عن أدنى ما يكون به العبد مشركا به ، فقال : من قال للنواة : إنّها حصاة و للحصاة هي نواة ثم دان به .

و قال الصادق عليه السلام : لو أنّ قوما عبدوا اللّه تعالى و أقاموا الصلوة و آتوا الزكاة و حجّوا البيت و صاموا شهر رمضان ، ثم قالوا لشي‏ء صنعه اللّه تعالى أو نبيه : ألا صنع بخلاف الذي صنع ؟ أو وجدوا ذلك في قلوبهم ، لكانوا بذلك مشركين ثم تلا : فلا و ربّك لا يؤمنون حتى يحكموك . و يسلّموا تسليما٢ .

« و محمّدا صلّى اللّه عليه و آله فلا تضيّعوا سنته » قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله : ليختلجنّ قوم من أصحابي دوني و أنا على الحوض ، فيؤخذ بهم ذات الشمال ، فانادي : يا رب أصحابي أصحابي فيقال : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك .

و في ( الكافي )٣ عن الصادق عليه السلام : ما نعلم حجّا للّه غير المتعة ، إنّا إذا لقينا ربّنا قلنا : ربّنا عملنا بكتابك و سنّة نبيّك و يقول القوم : عملنا برأينا .

فيجعلنا اللّه و إيّاهم حيث يشاء .

« أقيموا هذين العمودين » للدين .

« و أوقدوا هذين المصباحين » للإسلام ، إشارة إلى أنّ الملّة الإسلامية منحصرة في التزام كتاب اللّه تعالى و سنّة نبيّه فقط ، دون سنّة الشيخين كما يقول المخالفون و كان عليه السلام يقول ذلك أيّام حياته حتى ترك حقّه عليه السلام إتماما

ــــــــــــ

 ( ١ ) النساء : ٤٨ .

 ( ٢ ) النساء : ٦٥ .

 ( ٣ ) الكافي ٤ : ٢٩١ ح ٤ .

٣٢

للحجّة على بطلان سنتهما و عدم كونهما على الحقّ .

ففي ( الطبري )١ في الشورى : قال ابن عوف لعليّ عليه السلام : عليك عهد اللّه و ميثاقه لتعملن بكتاب اللّه و سنّة رسوله و سيرة الخليفتين من بعده .

فقال عليه السلام : أرجو أن أعمل بمبلغ علمي و دعا عثمان فقال له مثل ما قال لعليّ عليه السلام ، قال : نعم فبايعه ، فقال عليّ عليه السلام : حبوته حبوته ، ليس هذا أوّل يوم تظاهرتم علينا ، فصبر جميل .

و في ( الطبري )٢ أيضا في قصّة الخوارج : و لمّا خرجوا من الكوفة أتى عليّا عليه السلام أصحابه و شيعته فبايعوه و قالوا : نحن أولياء من واليت و أعداء من عاديت فشرط لهم فيه سنّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فجاءه ربيعة بن أبي شداد الخثعميّ و كان شهد معه الجمل و صفّين و معه راية خثعم فقال عليه السلام : بايع على كتاب اللّه و سنّة رسوله فقال ربيعة : على سنّة أبي بكر و عمر فقال له عليّ : ويلك لو أنّ أبابكر و عمر عملا بغير كتاب اللّه و سنّة رسوله لم يكونا على شي‏ء من الحق فبايعه فنظر إليه عليّ عليه السلام و قال له : أما و اللّه لكأني بك و قد نفرت مع هذه الخوارج فقتلت ، و كأنّي بك و قد وطئتك الخيل بحوافرها فقتل يوم النهروان مع خوارج البصرة .

و كذلك عترته ، ففي ( مقاتل أبي الفرج )٣ : أنّ معاوية أمر الحسن عليه السلام لمّا سلم الأمر إليه أن يخطب و ظنّ أنّه سيحصر ، فقال عليه السلام في خطبته :

إنّما الخليفة من سار بكتاب اللّه و سنّة نبيّه ، و ليس الخليفة من سار بالجور ،

ذلك ملك ملكا يتمتع فيه قليلا ثم تنقطع لذّته و تبقى تبعته و إن أدري لعلّه

ــــــــــــ

 ( ١ ) تاريخ الطبري ٤ : ٢٣٣ .

 ( ٢ ) تاريخ الطبري ٥ : ٧٦ .

 ( ٣ ) المقاتل لأبي الفرج : ٤٧ .

٣٣

فتنة لكم و متاع إلى حين١ .

و في ( الطبري )٢ : و في سنة ( ٤٠ ) بويع للحسن بالخلافة و قيل : إنّ أوّل من بايعه قيس بن سعد بن عبادة و قال له : ابسط يدك ابايعك على كتاب اللّه و قتال المحلين فقال له الحسن عليه السلام : على كتاب اللّه و سنّة نبيّه صلّى اللّه عليه و آله فإنّ ذلك يأتي من وراء كلّ شرط فبايعه و سكت و بايعه الحسن عليه السلام .

هذا ، و أمّا ولايته عليه السلام و امامته فمن أعظم أركان كتاب اللّه و سنّة نبيّه ،

قال تعالى : إنّما وليّكم اللّه و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون٣ و قد اجمع أنّه عليه السلام هو الذي أقام الصلاة و آتى الزكاة راكعا .

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في المتواتر بعد أن قرر النّاس على أنّه أولى بهم من أنفسهم : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللّهم وال من والاه و عاد من عاداه .

و في ( عيون ابن بابويه )٤ مسندا عن إسحاق بن راهويه و هو من علماء العامة ، روى عنه مسلم و البخاري و روي عنه من أقرانه أحمد بن حنبل ، قال :

لمّا وافي أبو الحسن الرضا عليه السلام نيسابور ، و أراد أن يخرج منها إلى المأمون اجتمع عليه أصحاب الحديث فقالوا له : يابن رسول اللّه ، ترحل عنّا و لا تحدّثنا بحديث نستفيده منك ؟ و كان قعد في العمارية فأطلع رأسه و قال : سمعت أبي موسى بن جعفر يقول : سمعت أبي جعفر بن محمّد يقول : سمعت أبي محمّد بن عليّ يقول : سمعت أبي عليّ بن الحسين يقول : سمعت أبي الحسين بن عليّ يقول : سمعت أبي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام يقول : سمعت

ــــــــــــ

 ( ١ ) الأنبياء : ١١١ .

 ( ٢ ) تاريخ الطبري ٥ : ١٥٨ .

 ( ٣ ) المائدة : ٥٥ .

 ( ٤ ) العيون لابن بابويه ٢ : ١٣٤ ح ٤ .

٣٤

النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقول : سمعت اللّه عز و جل يقول : « لا إله إلاّ اللّه حصني و من دخل حصني أمن من عذابي » قال : فلمّا مرت الراحلة نادانا : بشروطها و أنا من شروطها .

« و خلاكم ذم » مثل أول من قاله قصير حين أراد الاحتيال على الزباء لطلب ثأر جذيمة الأبرش منها ، فقال لابن اخته عمرو بن عدي : اجدع أنفي و اضرب ظهري و دعني و إيّاها فقال له عمرو و ما أنا بفاعل ذلك ، و لست أنت مستحقا لذلك : فقال له قصير : ( خلّ عنّي إذن و خلاك ذم .

ذكر ذلك الطبري١ و الكرماني قال : فذهبت مثلا و قال ابن ميثم٢ : قال قصير لعمرو : « اطلب الأمر و خلاكم ذم » و هو كما ترى .

« ما لم تشردوا » يقال : شرد البعير ، إذا نفر و المراد لا يحلّ بساحتكم ذم ما لم تتفرّقوا عن أهل بيت نبيّكم .

روى أبو الفرج في ( مقاتله )٣ بأسانيد عن سفيان بن الليل قال : أتيت الحسن عليه السلام حين بايع معاوية و قلت له : بأبي أنت و أمّي ، أذللت رقابنا حين أعطيت هذا الطاغية البيعة ، و سلّمت الأمر إلى اللعين ابن اللعين ابن آكلة الأكباد و معك مائة ألف كلّهم يموت دونك ، و قد جمع اللّه لك أمر النّاس فقال : يا سفيان إنّا أهل البيت إذا علمنا الحق تمسكنا به ، و إنّي سمعت أبي يقول : سمعت النبيّ يقول : لا تذهب الليالي و الأيّام حتى تجتمع أمر هذه الامّة على رجل ، واسع السرم ، ضخم البلعوم ، يأكل و لا يشبع ، و لا ينظر اللّه إليه و لا يموت حتى لا يكون له في السماء ناصر و في الأرض عاذر و إنّه لمعاوية و إنّي عرفت

ــــــــــــ

 ( ١ ) تاريخ الطبري ١ : ٦٢٣ .

 ( ٢ ) شرح ابن ميثم ٣ : ٢١٠ .

 ( ٣ ) المقاتل لأبي الفرج : ٤٤ .

٣٥

ان اللّه بالغ أمره .١ ثم قال : ما جاء بك يا سفيان ؟ قلت : حبّكم و الذي بعث محمّدا بالهدى و دين الحق قال : فأبشر يا سفيان ، فإنّي سمعت عليّا عليه السلام يقول :

سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول : « يرد عليّ الحوض أهل بيتي و من أحبّهم من امتي كهاتين يعني : السبابة و الوسطى أحدهما تفضل على الاخرى » أبشر يا سفيان فإنّ الدنيا تسع البرّ و الفاجر ، حتى يبعث اللّه إمام الحق من آل محمّد .

« حمل كلّ امرئ منكم مجهوده » لا يكلّف اللّه نفسا إلاّ وسعها .٢ .

« و خفف عن الجهلة » فعنهم عليهم السلام : يغفر للجاهل سبعين زلّة قبل أن يغفر للعالم زلّة و يحتمل أن يكون المراد بالجهلة في كلامه ضعفة العقول ، و في الخبر : أنّ اللّه تعالى إنّما يداق العباد على قدر ما آتاهم من العقول .

« ربّ رحيم » . و لا تقتلوا أنفسكم ان اللّه كان بكم رحيما٣ ، . يريد اللّه بكم اليسر و لا يريد بكم العسر .٤ .

« و دين قويم » قل إنّني هداني ربّي إلى صراط مستقيم دينا قيّما ملّة إبراهيم حنيفا .٥ ، . و ما جعل عليكم في الدين من حرج .٦ .

« و إمام عليم » في ( مقاتل أبي الفرج )٧ : استأذن صعصعة عليه عليه السلام عائدا ، فقال للاذن قل له عليه السلام : لقد كان اللّه في صدرك عظيما ، و لقد كنت بذات اللّه عليما فأبلغه عليه السلام الاذن مقالته ، فقال عليه السلام قل له : و أنت كنت خفيف

ــــــــــــ

 ( ١ ) الطلاق : ٣ .

 ( ٢ ) البقرة : ٢٨٦ .

 ( ٣ ) النساء : ٢٩ .

 ( ٤ ) البقرة : ١٨٥ .

 ( ٥ ) الأنعام : ١٦١ .

 ( ٦ ) الحج : ٧٨ .

 ( ٧ ) المقاتل لأبي الفرج : ٢٢ ٢٣ .

٣٦

المؤنة ، كثير المعونة .

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كما روى الخطيب و غيره : أنا مدينة العلم و عليّ بابها ، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها و كما روى ابن عساكر و غيره :

عليّ عيبة علمي و قال سلمان الفارسي له صلّى اللّه عليه و آله كما روى الطبراني في معجمه الكبير : يا رسول اللّه ، لكلّ نبي وصي فمن وصيّك ؟ فسكت عنه فلمّا كان بعد رآه قال : يا سلمان فأسرع إليه فقال : لبيك قال له : تعلم من وصيّ موسى ؟ قال : نعم ، يوشع قال له : لم ؟ قال : لأنّه كان أعلمهم يومئذ فقال له : فإنّ وصيي و موضع سرّي و خير من أترك بعدي ، ينجز عدّتي و يقضي ديني : عليّ بن أبي طالب .

و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله له كما روى الكنجي الشافعي : ليهنك العلم يا أبا الحسن لقد شربت العلم شربا و نهلته نهلا و قال ابن مسعود كما روى أيضا : انزل القرآن على سبعة أحرف ، ما منها حرف إلاّ و له ظهر و بطن ، و إنّ عليّا عليه السلام عنده علم الظاهر منه و الباطن .

و روى أيضا عن أبي الطفيل قال : قال عليّ بن أبي طالب عليه السلام : سلوني عن كتاب اللّه ، فإنّه ليس من آية إلاّ و قد عرفت بليل نزلت أم بنهار ، في سهل أم جبل .

و كان عليه السلام يقول : سلوني قبل أن تفقدوني ، فأنا أعلم بطرق السماء من طرق الأرض ، و لو ثنيت لي الوسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم ، و بين أهل الإنجيل بإنجيلهم ، و بين أهل الفرقان بفرقانهم ، حتى ينطق كلّ منها و يقول : حكم عليّ عليه السلام فيّ كما أنزل اللّه تعالى .

ثم العجب من إخواننا كيف رجّحوا الامام الجهول الذي لمّا أفحمته امرأة في أنفها فطس في صف النساء ، لمّا أوعد على الزيادة على مهر السنة

٣٧

بقوله تعالى : . و آتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا .١ قال : « ألا تعجبون من امرأة أصابت و إمام أخطأ » على ذلك الإمام العليم ؟ كيف خالفوا فطرة العقول ؟ . أفمن يهدي إلى الحق أحقّ أن يتّبع أمّن لا يهدّي إلاّ أن يهدى فمالكم كيف تحكمون٢ . هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون إنّما يتذكر اولو الألباب٣ .

كما أنّ العجب منهم كيف تولوا تلك المرأة التي شمتت بموت هذا الامام و سجدت شكرا لقتله ، و مدحت قاتله أشقى الآخرين ؟

روى أبو الفرج في ( مقاتله )٤ عن إسماعيل بن راشد في اسناده قال : لمّا أتى عايشة نعي أمير المؤمنين عليه السلام تمثّلت :

فألقت عصاها و استقرّت بها النوى

كما قرّ عينا بالإياب المسافر

ثم قالت : من قتله ؟ فقيل : رجل من بني مراد فقالت :

فإن يك نائيا فلقد بغاه

غلام ليس في فيه التراب

فقالت لها زينب بنت ام سلمة : ألعليّ عليه السلام تقولين هذا ؟ فقالت : إذا نسيت فذكروني ثم تمثّلت :

ما زال إهداء القصائد بيننا

شتم الصديق و كثرة الألقاب

حتى تركت كأنّ قولك فيهم

في كلّ مجتمع طنين ذباب

و رواه الطبري٥ مسندا عن أبي البختري قال : لمّا أن جاء عايشة قتل أمير المؤمنين عليه السلام سجدت .

ــــــــــــ

 ( ١ ) النساء : ٢٠ .

 ( ٢ ) يونس : ٣٥ .

 ( ٣ ) الزمر : ٩ .

 ( ٤ ) المقاتل لأبي الفرج : ٢٦ .

 ( ٥ ) تاريخ الطبري ٥ : ١٥٠ .

٣٨

قلت : يقال لها : إذا نسيت جميع أقوال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله له عليه السلام في ليله و نهاره إلى احتضاره ، كيف نسيت قوله صلّى اللّه عليه و آله فيه : « اللّهم وال من والاه و عاد من عاداه » فإن كان أنساها ضغن غلا في صدرها ، كيف نسيه إخواننا ، و أنّه لا يمكن تولّي من عاداه اللّه بمقتضى معاداتها له ، و دعائه صلّى اللّه عليه و آله على معاديه عليه السلام ؟

« أنا بالأمس صاحبكم » و سلطانكم .

« و اليوم عبرة لكم » بما نزلي بي .

« و غدا مفارقكم » بالموت ، و في ( وصايا أبي حاتم السجستاني ) :

و أخبرونا لمّا غيّب الحسن أباه عليه السلام صعد المنبر يريد الكلام فخنقته العبرة ،

قال رجل : فرأيته كذلك و أنا في أصل المنبر أنظر إليه ، و كنت أنزر النّاس دمعة ما أقدر أن أبكي من شي‏ء ، فلمّا رأيت الحسن عليه السلام يريد الكلام تخنقه العبرة صرت بعد من أغزر النّاس دمعة ، ما أشاء أن أبكي من شي‏ء إلاّ بكيت قال : ثم إنّ الحسن عليه السلام انطلق قلت : أي لسانه فقال : الحمد للّه ربّ العالمين و إنّا للّه و إنّا إليه راجعون ، نحتسب عند اللّه مصابنا بأبينا رسول اللّه فإنّا لن نصاب مثله أبدا ، و نحتسب عند اللّه مصابنا بخير الآباء بعد رسول اللّه ، ألا إنّي لا أقول فيه الغداة إلاّ حقّا ، لقد اصيبت به البلاد و العباد و الشجر و الدواب ، فرحم اللّه وجهه و عذّب قاتله .

هذا ، و في ( تاريخ بغداد )١ : لمّا احتضر الواثق جعل يردد هذين البيتين :

الموت فيه جميع الخلق مشترك

لا سوقة يبقى بينهم و لا ملك

ما ضر أهل قليل في تفاقرهم

و ليس يغني عن الأملاك ما ملكوا

ثم أمر بالبسط فطويت ، و ألصق خدّه بالأرض و جعل يقول : يا من

ــــــــــــ

 ( ١ ) تاريخ بغداد ١٤ : ١٩ .

٣٩

لا يزول ملكه ارحم من زال ملكه .

و فيه : قال محمّد الواثقي : كنت أحد من مرّض الواثق في علّته إذ لحقته غشية فما شككنا أنّه قد مات ، فقال بعضنا لبعض : تقدّموا فاعرفوا خبره فما جسر أحد منهم يتقدّم فتقدّمت ، فلمّا صرت عند رأسه و أردت أن أضع يدي على أنفه اعتبر نفسه لحقته إفاقة ففتح عينيه ، فكدت أموت فزعا من أن يراني قد مشيت في مجلسه إلى غير رتبتي ، فراجعت إلى خلف و تعلّقت قبيعة سيفي بعتبة المجلس و عثرت به ، فاتكأت عليه فاندق و كاد أن يدخل في لحمي و يجرحني ، ثم خرجت فلبست منطقة اخرى و سيفا ، و جئت حتى وقفت في مرتبتي ساعة ، فتلف الواثق تلفا لم نشك فيه ، فتقدمت فشددت لحيه و غمضته و سجيته و وجهته إلى القبلة ، و جاء الفراشون فأخذوا ما تحته ليردّوه إلى الخزائن ، لأنّ جميعه مثبت علهيم ، و ترك وحده في البيت ، و قال لي ابن أبي داود القاضي : إنّا نريد أن نتشاعل بعقد البيعة ، و لا بد أن يكون أحدنا يحفظ الميت إلى أن يدفن ، فاحبّ أن تكون ذلك الرجل و كنت من أخصهم به في حياته ، و ذلك أنّه اصطنعني و اختصني حتى لقبني الواثقي باسمه ، فقلت :

دعوني و امضوا فرددت باب المجلس و جلست في الصحن عند الباب احفظه ،

و كان المجلس في بستان عظيم أجربة و هو بين بساتين ، فحسست بعد ساعة في البيت بحركة أفزعتني ، فدخلت أنظر ما هي ؟ فإذا بجرذون من دوابّ البستان قد جاء حتى استلّ عين الواثق فأكلها ، فقلت : لا إله إلاّ اللّه ، العين التي فتحها منذ ساعة فاندق سيفي هيبة لها صارت طعمة لدابة ضعيفة و في ( تاريخ الجزري ) في وقايع سنة ( ٤٦٥ ) : في أوّل هذه السنة قصد ألب أرسلان ما وراء النهر ، فعقد على جيحون جسرا و عبر عليه في نيف و عشرين يوما ، و عسكره يزيد على مائتي ألف فارس ، فأتاه أصحابه

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501